تفسير نور الثقلين الجزء ٣

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 643

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 643 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 271625 / تحميل: 8938
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ويذكر الحج، فقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هو أحد الجهادين، هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء، أما إنّه ليس شيء أفضل من الحج إلّا الصلوة، وفي الحج هاهنا صلوة، وليس في الصلوة قبلكم حج، لا تدع الحج وأنت تقدر عليه، أما ترى أنّه يشعث رأسك ويقشف فيه جلدك(١) وتمتنع فيه من النظر إلى النساء، وانا نحن هاهنا ونحن قريب، ولنا مياه متصلة، ما نبلغ الحج حتّى يشق علينا فكيف أنتم في بعد البلاد، وما من ملك ولا سوقة(٢) يصل إلى الحج إلّا بمشقة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها، وذلك قولهعزوجل :( وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) .

ـفي كتاب علل الشرائع أبي (ره) قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن القاسم الكاهلي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يذكر الحج وذكر مثل ما نقلناه عن الكافي سواء

١٦ ـ في تفسير العيّاشي عن زرارة عن أحد هماعليهما‌السلام قال: سألته عن أبوال الخيل والبغال والحمير؟ قال فكرهها، فقلت: أليس لحمها حلال؟ قال: فقال: أليس قد بين الله لكم:( وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ) وقال في الخيل:( وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً ) فجعل الاكل من الانعام التي قصَّ الله في الكتاب، وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها(٣)

١٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن غير واحد عن أبان عن زرارة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الخيل كانت وحوشا في بلاد العرب، فصعد

__________________

(١) شعث رأسه: تفرق شعره وجلده. والقشف ـ محركة ـ: رثاثة الهيئة وسوء الحال ورجل قشف ـ ككتف ـ: لوحته الشمس أو الفقر فتغير.

(٢) السوقة الرعية يستوي فيه الواحد والجمع والمذكور والمؤنث.

(٣) عاف الرجل الطعام والشراب وغيرها عيفا: كرهه فلم يأكله أو لم يشربه.

٤١

إبراهيم واسمعيلعليهما‌السلام على جبل جياد ثم صاحا: ألآ هلّا(١) قال: فما بقي فرس إلّا أعطاهما بيده، وأمكن من ناصيته.

١٨ ـ عنه عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيمة.

١٩ ـ عنه عن ابن فضال عن ثعلبة عن معمر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: الخير كله معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيمة.

٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبدوس بن أبي عبيدة قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: أول من ركب الخيل اسمعيل، وكانت وحشية لم تركب، فحشرها اللهعزوجل على إسمعيل من جبل منى، وانما سميت الخيل العراب، لان أول من ركبها اسمعيل.

٢١ ـ في كتاب الخصال عن الحسين بن زيد قال: بلغني ان الله تعالى خلق الخيل من أربعة أشياء، من البحر الأعظم المحدق بالدنيا، ومن النار، ومن دموع ملك يقال له إبراهيم، ومن بين طيبة.

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع وباسناده إلى محمد بن يعقوب عن علي بن محمد باسناده رفعه قال: قال عليٌّعليه‌السلام لبعض اليهود وقد سئله عن مسائل: أول من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل، وأول من ركب البغل ابن آدمعليه‌السلام وذلك كان له ابن يقال له معد، وكان عشوقا للدواب، وأول من ركب الحمار حوا.

٢٣ ـ في كتاب الخصال عن أم الدرداء قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه(٢) عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا، يا ابن آدم يكفيك من الدنيا ما سد جوعتك، ووارى عورتك، فان يكن بيت يكنك فذاك، وان يكن دابة تركبها فبخ بخ، والخير وما الخير وما بعد ذلك حساب عليك

__________________

(١) جياد: جبل بمكة وقيل: إنّ المعروف في كتب اللغة «أجياد» وهلا: رجز للخيل أي أقربي.

(٢) السرب هنا بمعنى الحرم والعيال.

٤٢

أو عذاب.

٢٤ ـ عن نافع بن عبد الحارث قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سعادة المسلم سعة المسكن، والجار الصالح، والمركب الهنيء.

٢٥ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لا أدعهن حتّى الممات: ركوب الحمار مردفا الحديث.

٢٦ ـ وعن الامام الباقرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لست بتاركهن حتّى الممات: ركوبي الحمار موكفا(١) الحديث.

٢٧ ـ عن يعقوب بن سالم رفع الحديث إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يرتدف ثلثة على دابة فان أحدهم ملعون وهو المقدم.

٢٨ ـ عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّهعليهم‌السلام ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما خلق الله خلقا إلّا وقد أمر عليه آخر يغلب به، وذلك ان الله تبارك وتعالى لما خلق البحار في السماء فخرّت وزخرت وقالت: أيّ شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الفلك فأدارها به وذلّلها، ثمّ إنَّ الأرض فخرت وقالت: أيّ شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الجبال فأثبتها في ظهرها أوتادا منها من أن تميد بما عليها، فذلت الأرض واستقرت.

٢٩ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: واما «ق» فهو الجبل المحيط بالأرض، وخضرة السماء منه، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها.

٣٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن عليّ ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام باب الله الذي لا يؤتى إلّا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجرى لائمة الهدى واحدا بعد واحد. جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها.

__________________

(١) أي الذي وضع عليها الاكاف وهو برذعة الحمار.

٤٣

الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور العمى عن محمد بن سنان قال: حدّثنا المفضل قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وذكر كالحديث السابق سواء.

على بن محمد ومحمد بن الحسين عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي قال: حدّثنا سعيد الأعرج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا.

محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا عن محمد بن الحسن عن علي بن حسان قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفرعليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا بتغيير يسير، وهذه الأحاديث الاربعة طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

٣١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي هراسة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لو أن الامام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٢ ـ وباسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضاعليه‌السلام : ولا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف، ولو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٣ ـ وبإسناد له آخر إلى أبي هراسة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لو ان الامام رفع من الأرض لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٤ ـ وباسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن أبيه علي بن الحسينعليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه: وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها.

٣٥ ـ وباسناده إلى الحسين بن علي بن أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال في آخره بعد ان ذكر خلفاءه الاثنى عشر صلوات الله عليه وعليهم: بهم يمسك اللهعزوجل السماء ان تقع على الأرض إلّا باذنه، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.

٣٦ ـ وقال الصدوق رضى الله عنه في هذا الكتاب: ويروى في الاخبار الصحيحة عن أئمتناعليهم‌السلام ان من رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو واحدا من الائمةعليهم‌السلام قد

٤٤

دخل مدينة أو قرية في منامه فانه أمن لأهل المدينة أو القرية مما يخافون ويحذرون، وبلوغ لما يأملون ويرجون.

٣٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال: حدّثنا داود الجصاص قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٣٨ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أسباط بن سالم قال: سأل الهيثم أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده عن قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فقال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النجم، والعلامات الائمة.

٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن العلامات والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الورد عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن النجم.

٤١ ـ الهيتى وداود الجصاص عن الصادق، والوشا عن الرضاعليهما‌السلام : النجم رسول الله، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٤٢ ـ أبو المضا عن الرضاعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى: أنت نجم بنى هاشم.

٤٣ ـ وعنه قالعليه‌السلام : أنت أحد العلامات.

٤٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فانه

حدثني أبي عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٤٥ ـ حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت:( النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد سماه الله في غير موضع، فقال:( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) وقال:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فالعلامات الأوصياء، والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥

في مجمع البيان ( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قيل: أراد به الاهتداء في القبلة قال ابن عباس: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون في بر كم وبحر كم.

٤٧ ـ وروى أبو الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض. قال مؤلف هذا الكتاب عفى الله عنه: تأمل في مناسبة حديث أبي الجارود في هذا المقام وموقعه منه.

٤٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة من بعده عليه وعليهم‌السلام .

٤٩ ـ في تفسير العيّاشي عن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهماعليهما‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: هو أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٥٠ ـ عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول الله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن العلامات والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥١ ـ عن إسمعيل بن ابى زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: هو الجدي لأنه نجم لا يزول، وعليه بناء القبلة وبه يهتدون أهل البر والبحر.

٥٢ ـ عن إسمعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: ظاهر وباطن، الجدي عليه تبنى القبلة وبه يهتدى أهل البحر والبر، لأنه لا يزول(١) .

٥٣ ـ عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن هذه الآية:( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ )

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره): يعنى معناه الظاهر الجدي والباطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٦

يبعثون قال:( الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) الاول والثاني والثالث، كذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله: وآلوا عليّا واتبعوه، فعادوا عليّا ولم يوالوه، ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم، فذلك قول الله:( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) قال: وأما قوله:( لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً ) فانه يعنى لا يعبدون شيئا( وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) فانه يعنى وهم يعبدون، وأما قوله:( أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ ) يعنى كفار غير مؤمنين، واما قوله:( وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) فانه يعنى انهم لا يؤمنون، انهم يشركون إلهكم اله أحد فانه كما قال الله واما قوله:( فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) فانه يعنى لا يؤمنون بالرجعة انها حق، واما قوله: قلوبهم منكرة فانه يعنى قلوبهم كافرة واما قوله: وهم مستكبرون فانه يعنى عن ولاية عليّعليه‌السلام مستكبرون، قال الله لمن فعل ذلك وعيد منه( لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) عن ولاية عليّعليه‌السلام . عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله سواء.

٥٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن عليّ عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: في قوله:( فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) يعنى انهم لا يؤمنون بالرجعة انها حق( قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ ) يعنى انها كافرة( وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ) يعنى عن ولاية عليّ مستكبرون( لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) عن ولاية عليّعليه‌السلام ».

٥٥ ـ في تفسير العيّاشي عن مسعدة قال: مر الحسين بن عليّعليهما‌السلام لمساكين قد بسطوا كساء لهم فألقوا كسرا فقالوا: هلم يا بن رسول الله فأكل معهم(١) ثم تلا «ان الله لا يحب المستكبرين».(٢)

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر: «فثنى وركه فأكل معهم» والورك ـ ككتف ـ ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد.

(٢) وتمام الحديث أنّهعليه‌السلام بعد ما أكل معهم، ثم قال: قد أجبتكم فأجيبونى قالوا: نعم يا ابن رسول الله، فقاموا معه حتّى أتوا منزله، فقال للرباب: أخرجى ما كنت تدخرين.

٤٧

٥٦ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: ومن ذهب يرى ان له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت: إنّما يرى ان له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال: هيهات هيهات! فلعله ان يكون قد غفر له ما أتى، وأنت موقوف تحاسب؟ أما تلوت قصة سحرة موسى صلوات الله عليه؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٧ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزل جبرئيلعليه‌السلام هذه الآية هكذا:( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) في على( قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ لِيَحْمِلُوا ) يعنى بنى إسرائيل.

٥٨ ـ عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) في على( قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم فذلك قوله:( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) واما قوله( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) فانه يعنى ليستكملوا الكفر ليوم القيمة واما قوله:( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يعنى يتحملون كفر الذين يتولونهم، قال الله:( أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) .

٥٩ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) يعنى ليستكملوا الكفر يوم القيمة( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يعنى كفر الذين يتولونهم قال الله:( أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) .

٦٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقال عليّ بن إبراهيم في قوله:( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) قال: يحملون آثامهم يعنى الذين غصبوا أمير المؤمنين وآثام كل من اقتدى بهم، وهو قول الصادقعليه‌السلام والله ما أهريقت محجمة من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حل إلّا ووزر ذلك في أعناقهم(١) من غير ان ينقص من أوزار العاملين شيء.

__________________

(١) وفي نسخة «في أعناقهما» على لفظ التثنية.

٤٨

٦١ ـ حدثني أبي عن ابن ابى عمير عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال، خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعد ما بويع له بخمسة أيام خطبة، فقال فيها: واعلموا ان لكل حق طالبا، ولكل دم ثائرا، والطالب كقيام الثائر بدمائنا، والحاكم في حق نفسه هو العادل الذي لا يجور، وهو الله الواحد القهار، واعلموا ان على كل شارع بدعة وزره ووزر كل مقتديه من بعده، من غير أن ينقص من أوزار العالمين شيء، وسينتقم الله من الظلمة مأكل بمأكل ومشرب بمشرب، من لقم العلقم ومشارب الصبر الأدهم(١) فليشربوا بالصلب من الراح السم المذاق، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا، ولهم بكل ما أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا، اما إنّه لم يبق إلّا الزمهرير شتائهم، وما لهم من الصيف إلّا رقدة وتحسبهم ما زودوا وحملوا على ظهورهم من الآثام فيا مطايا الخطايا ويا زور الزور، أوزار الآثام مع الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون اسمعوا واعوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم فسيعلم الذين ظلموا فاقسم ثم اقسم لتحملنها بنو امية من بعدي وليعرفنها في دارهم عما قليل فلا يبعد الله إلّا من ظلم وعلى البادي يعنى الاول وما سهل لهم من سبل الخطايا مثل أوزارهم، وأوزار كل من عمل بوزرهم إلى يوم القيمة( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ )

٦٢ ـ في مجمع البيان ( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ ) روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: أيما داع دعا إلى الهدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير ان ينقص من أجورهم شيء وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع عليه فان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.

٦٣ ـ في تفسير العيّاشي عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

سمعته يقول:( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) ولم يعلم الذين آمنوا( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ ) قال محمد بن كليب عن أبيه قال: إنّما شاء.

٦٤ ـ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) قال: كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشر.

٦٥ ـ عن أبي السفاتج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [وعنه بيتهم] من القواعد يعنى بيت

__________________

(١) العلقم: الحنظل وكل شجر مر. والصبر: عصارة شجر مر.

٤٩

مكرهم.

٦٦ ـ عن كليب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) قال: لا فأتى الله بنيانهم من القواعد، وانما كان بيتا.

٦٧ ـ في مجمع البيان وروى عن أهل البيتعليهم‌السلام «فأتى الله بنيانهم من القواعد»

٦٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ) قال: بيت مكر هم أي ماتوا فألقاهم هم الله في النار، وهو مثل لأعداء آل محمدعليهم‌السلام .

٦٩ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وكذلك إتيانه بنيانهم وقالعزوجل ( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) فاتيانهم من القواعد إرسال العذاب.

٧٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قام رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقالعليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار، ويوم الأربعاء( فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) (الحديث) وفي عيون الاخبار مثله سواء.

٧١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: ثم يوم القيمة( يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ قالَ: الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) الائمةعليهم‌السلام يقولون لأعدائهم: اين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا.

٧٢ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) وقوله:( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وقوله:( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) وقوله:( الذين

٥٠

تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وقوله:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصته بمن يشاء من خلقه ويوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لأن فيهم القوى والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله، إلّا لمن سهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه، وانما يكفيك ان تعلم ان الله المحيي والمميت، وانه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة وغيرهم.

٧٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال أجد الله تعالى يقول:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) و( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) وما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه، ومرة لملك الموت، ومرة للملائكة، فاما قول اللهعزوجل :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وقوله:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ) و( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) و( تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعلمون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم:( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة، يصدرون عن أمره، وفعلهم وفعله وكل ما يأتونه منسوب إليه وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت، وفعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء وان فعل امنائه فعله كما قال:( وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) .

٧٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وعن قول اللهعزوجل :( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) وعن قول اللهعزوجل :( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وعن قول اللهعزوجل ( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) وعن قوله

٥١

عزوجل ( وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ ) وقد يموت في الدنيا في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلّا اللهعزوجل فكيف هذا؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس، يبعثهم في حوائجه فتتوفيهم الملائكة، ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.

٧٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : إنّه ليس من أحد من الناس تفارقه روحه جسده حتّى يعلم إلى أي منزلين يصير، إلى الجنة أم إلى النار، أعد وهو الله أو ولى، فان كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة، وشرع طرقها ونظر إلى ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل، وان كان عدو لله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه ونزل كل شرور، كل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين، قال الله تعالى:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ويقول،( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) ويقول فيهعليه‌السلام أيضا، عليكم بتقوى الله فانها تجمع الخير ولا خير غيرها، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا والآخرة، قال اللهعزوجل :( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الآخرة خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ) .

٧٦ ـ في تفسير العيّاشي عن ابن مسكان عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ) قال: الدنيا.

٧٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله: «طيبين» قال: هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم.

٥٢

٧٨ ـ وفيه قوله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) قال: في الحيوة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن، وفي الآخرة عند الموت وهو قوله:( تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ) . قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق لهذه الآية قريبا بيان غير مرة فليراجع.

٧٩ ـ في تفسير العيّاشي عن خطاب بن مسلمة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام : ما بعث الله نبيا قطُّ إلّا بولايتنا والبراءة من عدوّنا، وذلك قول الله في كتابه:( وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً ) منهم( أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) بتكذيبهم آل محمد ثم قال:( فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ ) المكذبين.

٨٠ ـ عن صالح بن ميثم(١) قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله:( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ) قال: ذلك حين يقولعليه‌السلام انا أولى الناس بهذه الآية(٢) .( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) إلى قوله: كاذبين.

٨١ ـ عن سيرين(٣) قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ قال: ما يقول الناس في هذه الآية( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) ؟ قال: يقولون: لا قيامة ولا بعث ولا نشور، فقال: كذبوا والله إنّما ذلك إذ قام القائم وكر معه المكرون فقال أهل خلافكم: قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم، يقولون رجع فلان وفلان لا والله( لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) ، ألا ترى أنّه قال:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ) كانت المشركون أشد تعظيما للات والعزى من أن يقسموا بغيرها، فقال الله:( بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ

__________________

(١) وفي المصدر: «عبد الله بن صالح بن ميثم» لكن الظاهر هو المختار.

(٢) وفي المصدر: «قال ذلك بهذه الآية اه».

(٣) واستظهرنا في هامش المصدر ان يكون مصحف السري وهو مشترك بين جمع من أصحاب الصادق (ع) من معلوم الحال وغيره.

٥٣

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) .

٨٢ ـ عن الفضيل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : [أعلمنى] آية كتابك، قال: اكتب بعلامة كذا وكذا، وقل آية(١) من القرآن، قلت لفضيل: وما تلك الآية؟ قال: ما حدثت أحدا بها غير بريد، قال زرارة: أنا أحدثك بها:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ) إلى آخر الآية، قال: فسكت الفضيل ولم يقل لا ولا نعم.

٨٣ ـ في روضة الكافي سهل عن محمد عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قوله: تبارك وتعالى:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) قال: فقال لي: يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟ قال: قلت: إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله:صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله لا يبعث الموتى، قال: فقال: تبا لمن قال هذا، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال: قلت: جعلت فداك فأوجدنيه، قال: فقال: يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا قباع سيوفهم(٢) على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم، فيبلغ ذلك قوما من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبتم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيمة، قال: فحكى الله قولهم فقال:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) .

٨٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) فانه حدّثني أبي عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما يقول الناس فيها؟ قال: يقولون نزلت في الكفار، قال: إنّ الكفار لا يحلفون بالله وانما نزلت في قوم من امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قيل لهم: ترجعون بعد الموت قبل القيامة؟ فيحلفون انهم لا يرجعون، فرد الله عليهم فقال:( لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ )

__________________

(١) وفي المنقول عن نسخة البرهان «وقرء آية اه».

(٢) قباع السيف: ما على طرف مقبضه.

٥٤

يعنى في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفى صدور المؤمنين منهم. قال عز من قائل: إنّما أمرنا( لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) .

٨٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى صفوان بن يحيى قال: قلت لأبى الحسنعليه‌السلام : أخبرنى عن الارادة من اللهعزوجل ومن الخلق؟ فقال: الارادة من الله تعالى احداثه الفعل لا غير ذلك، لأنه جل اسمه لا يهم ولا يتفكر.

٨٦ ـ في مجمع البيان: ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ) وروى عن عليٍّعليه‌السلام لنثوئنهم بالثاء: والقراءة لنبوئنهم.

٨٧ ـ في بصائر الدرجات الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال: الذكر القرآن، وآل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أهل الذكر وهم المسئولون.

٨٨ ـ في أصول الكافي محمد عن أحمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن حمزة بن الطيار أنّه عرض على أبي عبد الله بعض خطب أبيه حتّى إذا بلغ موضعا منها فقال له: كف واسكت، ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلّا الكف عنه والتثبت والرد على الائمة الهدى، حتّى يحملوكم فيه على القصد ويجلو عنكم فيه العمى، ويعرفوكم فيه الحق، قال الله تعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .

٨٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الذكر أنا، والائمةعليهم‌السلام أهل الذكر.

٩٠ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا ـ تَعْلَمُونَ ) قال: أهل الذكر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن المسئولون.

٩١ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضاعليه‌السلام فقلت جعلت فداك( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فقال: نحن أهل الذكر ونحن المسئولون، فقلت: فأنتم المسئولون ونحن السائلون؟ قال: نعم. قلت: حقا

٥٥

علينا أن نسئلكم؟ قال: نعم، قلت: حقا عليكم ان تجيبونا، قال: [لا] ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) .

٩٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) فرسول الله الذكر: وأهل بيته المسئولون وهم أهل الذكر.

٩٣ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسمعيل عن منصور بن يونس عن أبي بكر الحضرمي قال: كنت عند أبى جعفرعليه‌السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال: جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسئلة ما يحضرني منها مسئلة واحدة قال ولا واحدة يا ورد قال: بلى قد حضرني منها واحدة قال: وما هي؟ قال: قول الله تبارك وتعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) من هم؟ قال: نحن، قال: قلت علينا ان نسألكم، قال: نعم، قلت: عليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا.

٩٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أنّ مَن عندنا يزعمون ان قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) انهم اليهود والنصارى؟ قال: إذا يدعونكم إلى دينهم ثم قال بيده(١) إلى صدره: ونحن أهل الذكر، ونحن المسئولون.

٩٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين: على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم، وعلى شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم اللهعزوجل أن يسألونا قال:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فأمرهم ان يسألونا وليس علينا الجواب، ان شئنا أجبنا وان شئنا أمسكنا.

٩٦ ـ أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال: كتبت إلى الرضاعليه‌السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت قال اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )

__________________

(١) أي أشار.

٥٦

وقال اللهعزوجل :( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) فقد فرضت عليهم المسئلة ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال: قال الله تبارك وتعالى:( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ إنّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ ) (١) .

٩٧ ـ محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد ابن أبى الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ونقل حديثا طويلا وفيه يقولعليه‌السلام وقال الله جل ذكره:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال الكتاب الذكر وأهله آل محمدعليهم‌السلام أمر اللهعزوجل بسؤالهم، ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى اللهعزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: وأنزلنا عليك( الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) .

٩٨ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس ذكر الرضاعليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضاعليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك قولهعزوجل إلى أن قال: واما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله تعالى،( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فنحن أهل الذكر فاسئلونا ان كنتم لا تعلمون، فقالت العلماء: إنّما عنى بذلك اليهود والنصارى، فقال أبو الحسن: سبحان الله وهل يجوز ذلك إذا يدعونا إلى دينهم ويقولون إنّه أفضل من دين الإسلام؟ فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟ فقال: نعم الذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن أهله، وذلك بين في كتاب اللهعزوجل حيث يقول في سورة الطلاق:( فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ ) فالذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و

__________________

(١) قال في الوافي: ولم يفرض عليكم الجواب استفهام استبعاد، كأنه استفهم السر فيه فأجابه الامام بالاية، ولعل المراد أنّه لو كنا نجيبكم عن كل ما سئلتم فربما يكون في بعض ذلك مالا تستجيبونا فيه فتكونون من أهل هذه الآية.

٥٧

نحن أهله، فهذه التاسعة.

٩٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا عبد الله بن محمد عن داود وسليم بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) من المعنون بذلك؟ فقال: نحن والله، فقلت: فأنتم المسئولون؟ قال: نعم، قلت: ونحن السائلون؟ قال: نعم، قلت: فعلينا ان نسألكم؟ قال: نعم، قلت: وعليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا، ثم قال:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) .(١)

١٠٠ ـ في روضة الكافي حدثني عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص المؤذن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في رسالة طويلة إلى أصحابه: واعلموا أنّه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأى ولا مقايس، فقد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا لا يسمع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأى ولا مقايس، أغناهم الله عن ذلك بما أتاهم من علمه، وخصهم به ووضعه عند هم كرامة من الله، أكرمهم بها، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين من سألهم، وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم، أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدى به إلى الله باذنه إلى جميع سبل الحق، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمه الذين أكرمهم الله به وجعله عندهم إلّا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر، والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم، وأمر بسؤالهم، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم ومقاييسهم حتّى دخلهم الشيطان، لأنهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند الله كافرين، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين، وحتّى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما، وجعلوا ما حرم الله

__________________

(١) «في بصار الدرجات محمد بن الحسن عن أبي داود عن سليمان بن سعيد عن ثعلبة عن منصور عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (ع): قول الله تبارك وتعالى: «فاسئلوا» وذكر مثل ما في تفسير عليّ بن إبراهيم منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٥٨

في كثير من الأمر حلالا، فذلك أصل ثمرة أهوائهم.

١٠١ ـ وفيها خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وهي الخطبة الطالوتية قال فيهاعليه‌السلام : إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر، فاذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه؟.

١٠٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب محمد بن مسلم وجابر الجعفي في قوله تعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال الباقرعليه‌السلام : نحن أهل الذكر.

١٠٣ ـ في تفسير العيّاشي عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: كتب إلى إنّما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا، وإذا خفنا خاف، وإذا امنا أمن، قال الله:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ) الآية فقد فرض عليكم المسئلة والرد إلينا ولم يفرض علينا الجواب.

١٠٤ ـ عن إبراهيم بن عمر عمّن سمع أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ عهد نبي الله صار عند عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، ثمّ صار عند محمّد بن عليٍّ، ثمّ يفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء فاذا خرج رجل منهم معه ثلثمائة رجل، ومعه راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عامدا إلى المدينة حتّى يمير بالبيداء، فيقول: هذا مكان القوم الذين خسف بهم، وهي الآية التي قال الله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ ) .

١٠٥ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام سئل عن قول الله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ ) قال: هم أعداء الله، وهم يمسخون ويقذفون ويسيخون في الأرض.

١٠٦ ـ في روضة الكافي كلام لعليّ بن الحسينعليه‌السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيهعليه‌السلام : ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا( الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ ) فان الله يقول في محكم كتابه:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ

٥٩

يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ ) فاحذروا ما حذر كم الله بما فعل بالظلمة في كتابه، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب، والله لقد وعظكم الله في كتابه بغير كم فان السعيد من وعظ بغيره.

١٠٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ ) يا محمّد وهو استفهام( أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ ) قال: إذا جاؤا وذهبوا في التجارات وفي أعمالهم فيأخذهم في تلك الحالة( أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ ) قال: على تيقظ( فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) ١٠٨ ـ قوله:( أَوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ ) قال: تحويل كل ظل خلقه الله فهو سجود لله لأنه ليس شيء إلّا له ظل يتحرك بتحريكه وتحويله وسجوده.

١٠٩ ـ قوله:( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) قال: الملائكة ما قدر الله لهم يمرون فيه(١) .

١١٠ ـ في مجمع البيان ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) الآية وقد صح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إنّ لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيمة ترعد فرائصهم من مخافة الله، لا تقطر من دموعهم قطرة إلّا صار ملكا، فاذا كان يوم القيامة رفعوا رؤسهم وقالوا: ما عبدناك حق عبادتك أورده الكلبي في تفسيره.

١١١ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: و( لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إنّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ ) يعنى بذلك ولا تتخذوا إمامين إنّما هو امام واحد. قال عز من قائل:( وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ) .

١١٢ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة إلّا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنى عذابه.

__________________

(١) وفي المصدر: «يأمرون فيه».

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فلا يمكن الالتزام بتسلسل الإضافات والتعلّقات دون العلوم.

وأمّا الجواب بتسلسل العلوم الاعتبارية ، فلأنّه ـ بعد فرض أنّ علمه تعالى صفة وجودية ـ لم يدرك العقل فرقا بين علمه تعالى ، و [ بين ](١) علمه بعلمه ، حتّى يقال : إنّ الأوّل حقيقي وغيره اعتباري ، فإنّ الجميع علمه ، وعلمه صفة وجودية عندهم ، والتحكّمات الباردة لا أثر لها عند ذي المعرفة.

ولا يرد النقض علينا بعلمه تعالى على مذهبنا ؛ لأنّ علمه تعالى عندنا عين ذاته ، وليس هناك إلّا انكشاف المعلومات له ، فلا يتصوّر اعتبار مطابقة ذاته للمعلومات.

نعم ، يمكن فرض مطابقة علمه لها بمجرّد الاعتبار الذي لا تضرّ معه المطابقة ، لأمور غير متناهية ، في مراتب غير متناهية.

وأمّا ما أجاب [ به ] (٢) عن المحال الرابع ، فغير منطبق بكلا شقّي الترديد فيه على مراد المصنّف ; ، فإنّه أراد أنّه لو كانت الصفات زائدة على ذاته تعالى لزم التركيب في حقيقة الإله ؛ لأنّ الذات في نفسها ـ مع قطع النظر عن الحياة والعلم والقدرة ، وغيرها من الصفات ـ خالية عن مقتضيات الإلهية ، فإذا كان الإله هو المركّب من الذات والصفات ، ولا إله إلّا الله ، كان الله سبحانه مركّبا ، والتركيب ينفي الوجوب

مع إنّ القول بإلهية المركّب ـ لا الذات ـ في نفسها كفر بالإجماع والضرورة.

وأمّا تخصيصه لكلام أمير المؤمنين ٧ بصفات هي غير الذات

__________________

(١) أضفنا ما بين القوسين المعقوفتين لضرورة السياق.

(٢) أضفنا ما بين القوسين المعقوفتين لضرورة السياق.

٢٨١

بالكلّيّة ، فتخصيص بلا شاهد ، مع إنّه إنّما ينفع إذا كان القول بأنّ صفاته ليست عين ذاته ولا غيرها رافعا لإشكال التركيب والخروج عن الوجوب ، وهو بالضرورة ليس كذلك ؛ لأنّه اعتذار لفظي فقط لا يغيّر قولهم بزيادة الصفات على الذات الذي جاء الإشكال من قبله.

هذا ، ويمكن أن يشير أمير المؤمنين ٧ بكلامه المذكور إلى المحال الثاني ، ويكون حاصله :

من وصف الله سبحانه فقد قرنه بغيره ؛ وهو صفاته

ومن قرنه بغيره فقد ثنّاه بواجب آخر ؛ لما عرفت من أنّ صفاته تعالى لا يمكن أن تصدر عنه بالاختيار أو الإيجاب ، فتكون واجبة الوجود بنفسها ، أو منتهية إلى واجب آخر صفاته عين ذاته ، فيتعدّد الواجب

ومن عدّده وثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد صيّره ممكنا وجهله.

والله ووليّه أعلم.

وأمّا ما أجاب به عن المحال الخامس ، فحاصله :

إنّ قولنا : « الصفات ليست عين الذات ، ولا غيرها » اصطلاح لفظي ناشئ من اعتبارين.

وفيه : إنّا رأيناهم يجيبون به عن الإلزامات الحقيقية المبنيّة على مغايرة الذات للصفات حقيقة ـ كما سمعت بعضها ـ ، فكيف يكون اصطلاحا واعتبارا مجرّدا؟!

وبالجملة : إن أرادوا به الحقيقة ، فهو غير معقول ، كما بيّنه المصنّف ;.

وإن أرادوا به الاعتبار والاصطلاح ، فلا مشاحّة.

٢٨٢

لكن ما بالهم يجيبون به عن الأمور المبنيّة على الحقائق؟! فلا بدّ أنّهم أخطأوا على أحد الوجهين!

* * *

٢٨٣
٢٨٤

البقاء ليس زائدا على الذات

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

المبحث التاسع

في البقاء

وفيه مطلبان :

[ المطلب الأوّل

إنّه ليس زائدا على الذات

وذهب الأشاعرة إلى أنّ الباقي إنّما يبقى ببقاء زائد على ذاته ، وهو عرض قائم بالباقي ، وأنّ الله تعالى باق ببقاء قائم بذاته(٢) .

ولزمهم من ذلك المحال ـ الذي تجزم الضرورة ببطلانه ـ من وجوه :

الأوّل : إنّ البقاء إن عني به الاستمرار ، لزمهم اتّصاف العدم بالصفة الثبوتية ؛ وهو محال بالضرورة.

بيان الملازمة : إنّ الاستمرار كما يتحقّق في جانب الوجود ، كذا

__________________

(١) نهج الحقّ : ٦٥ ـ ٦٧.

(٢) الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٢٥٩ وما بعدها ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٥٢ ، شرح المقاصد ٤ / ١٦٤ ـ ١٦٨ ، شرح المواقف ٨ / ١٠٦ ، شرح التجريد : ٤٢٢ ـ ٤٢٣.

٢٨٥

يتحقّق في جانب العدم ؛ لإمكان تقسيم المستمرّ إليهما ، ومورد القسمة مشترك ؛ ولأنّ معنى الاستمرار كون الأمر في أحد الزمانين كما كان في الزمان الآخر.

وإن عني به صفة زائدة على الاستمرار ، فإن احتاج كلّ منهما إلى صاحبه ؛ دار

وإن لم يحتج أحدهما إلى الآخر ، أمكن تحقّق كلّ منهما بدون صاحبه ، فيوجد بقاء من غير استمرار وبالعكس ؛ وهو باطل بالضرورة

وإن احتاج أحدهما [ إلى صاحبه ] خاصة ، انفكّ الآخر عنه ؛ وهو ضروري البطلان.

الثاني : إنّ وجود الجوهر في الزمان الثاني لو احتاج إلى البقاء لزم الدور ؛ لأنّ البقاء عرض يحتاج في وجوده إلى الجوهر

فإن احتاج إلى وجود هذا الجوهر ـ الذي فرض باقيا ـ كان كلّ من البقاء ووجود الجوهر محتاجا إلى صاحبه ؛ وهو عين الدور المحال.

وإن احتاج إلى وجود جوهر غيره ، لزم قيام الصفة بغير الموصوف ؛ وهو غير معقول.

أجابوا بمنع احتياج البقاء إلى الجوهر ، فجاز أن يقوم بذاته لا في محلّ ، ويقتضي وجود الجوهر في الزمان الثاني ، وهو خطأ ؛ لأنّه يقتضي قيام البقاء بذاته فيكون جوهرا [ مجرّدا ] ، والبقاء لا يعقل إلّا عرضا قائما بغيره.

وأيضا : يلزم أن يكون هو بالذاتية أولى من الذات ، وتكون الذات بالوصفيّة أولى منه ؛ لأنّه مجرّد مستغن عن الذات ، والذات محتاجة إليه

والمحتاج أولى بالوصفيّة من المستغني ، والمستغني أولى بالذاتية من

٢٨٦

المحتاج ؛ ولأنّه يقتضي بقاء جميع الأشياء ؛ لعدم اختصاصه بذات دون أخرى.

الثالث : إنّ وجود الجوهر في الزمان الثاني هو عين وجوده في الزمان الأوّل ، ولمّا كان وجوده في الزمان الأوّل غنيا عن هذا البقاء ، كان وجوده في الزمان الثاني كذلك ؛ لامتناع كون بعض أفراد الطبيعة محتاجا بذاته إلى شيء وبعض أفرادها غنيا عنه.

* * *

٢٨٧

وقال الفضل(١) :

اتّفق المتكلّمون على إنّه تعالى باق ، لكن اختلفوا في كونه صفة ثبوتيّة زائدة أو لا؟

فذهب الشيخ أبو الحسن الأشعري وأتباعه ، وجمهور معتزلة بغداد(٢) إلى أنّه صفة ثبوتية زائدة على الوجود ، إذ الوجود متحقّق دونه [ أي دون البقاء ] كما في أوّل الحدوث ، بل يتجدّد بعده صفة هي البقاء(٣) .

ونفى كون البقاء صفة موجودة زائدة كثير من الأشاعرة ، كالقاضي أبي بكر ، وإمام الحرمين ، والإمام الرازي(٤) ، وجمهور معتزلة

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٢٤٧ ـ ٢٤٩.

(٢) منهم : بشر بن المعتمر الهلالي ( ت ٢١٠ ه‍ ) ، وثمامة بن الأشرس البصري ( ت ٢١٣ ه‍ ) ، وأبو جعفر محمّد بن عبد الله الإسكافي ( ت ٢٤٠ ه‍ ) ، وعيسى بن الهيثم الصوفي الخيّاط ( ت ٢٤٥ ه‍ ) ، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد البلخي الكعبي ( ت ٣١٩ ه‍ ).

(٣) انظر : الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٢٥٩ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٥٢ ، شرح المواقف ٨ / ١٠٦.

(٤) أمّا القاضي أبو بكر فهو : محمّد بن الطيّب بن محمّد بن جعفر بن القاسم البصري الباقلّاني ، المتكلّم ، المالكي مذهبا ، الأشعري اعتقادا وطريقة.

ولد سنة ٣٣٨ ه‍ ، وسكن بغداد وتوفّي بها سنة ٤٠٣ ه‍ ، من تصانيفه : إعجاز القرآن ، الملل والنحل ، وهداية المسترشدين في الكلام ، وتمهيد الأوائل ، والإنصاف.

انظر في ترجمته : ترتيب المدارك ٢ / ٥٨٥ ، وفيات الأعيان ٤ / ٢٦٩ رقم ٦٠٨ ، سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٩٠ رقم ١١٠ ، شذرات الذهب ٣ / ١٦٨ ، هديّة العارفين ٦ / ٥٩.

٢٨٨

البصرة(١) ، وقالوا : البقاء هو نفس الوجود في الزمان الثاني ، لا أمر زائد عليه(٢) .

ونحن ندفع ما أورده هذا الرجل على مذهب الشيخ الأشعري ، فنقول : أورد عليه ثلاث إيرادات :

الأوّل : إنّ البقاء إن عني به الاستمرار ، لزم اتّصاف العدم بالصفة الثبوتية إلى آخر الدليل.

__________________

وأمّا إمام الحرمين فهو : ضياء الدين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني ، الفقيه الشافعي.

ولد سنة ٤١٩ ه‍ ، قدم بغداد ثمّ سافر وجاور مكّة والمدينة ، ورجع إلى نيسابور يدرّس العلم ، ويعظ ، إلى أن توفّي بها سنة ٤٧٨ ه‍ ؛ من تصانيفه : الإرشاد في علم الكلام ، البرهان في الأصول ، غياث الأمم ، نهاية المطلب.

انظر في ترجمته : وفيات الأعيان ٣ / ١٦٧ رقم ٣٧٨ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٦٨ رقم ٢٤٠ ، طبقات الشافعية ـ للسبكي ـ ٥ / ١٦٥ رقم ٤٧٧ ، شذرات الذهب ٣ / ٣٥٨ ، هديّة العارفين ٥ / ٦٢٦.

وأمّا الرازي فهو : أبو عبد الله فخر الدين محمّد بن عمر بن الحسين بن الحسن ، الفقيه الشافعي ، المعروف بابن الخطيب.

ولد بالريّ سنة ٥٤٣ ه‍ أو ٥٤٤ ه‍ ، وتوفّي بمدينة هراة سنة ٦٠٦ ه‍ ، له تصانيف كثيره في فنون عديدة ، منها : تفسير القرآن الكريم ، المطالب العالية ، نهاية العقول ، الأربعين في أصول الدين ، المحصّل ، إبطال القياس.

انظر في ترجمته : وفيات الأعيان ٤ / ٢٤٨ رقم ٦٠٠ ، سير أعلام النبلاء ٢١ / ٥٠٠ رقم ٢٦١ ، طبقات الشافعية ـ للسبكي ـ ٨ / ٨١ رقم ١٠٨٩ ، شذرات الذهب ٥ / ٢١ ، هديّة العارفين ٦ / ١٠٧.

(١) منهم : واصل بن عطاء ( ت ١٣١ ه‍ ) ، وعمرو بن عبيد ( ت ١٤١ ه‍ ) ، وأبو بكر الأصمّ ( ت ٢٠٠ ه‍ ) ، وإبراهيم النظّام ( ت ٢٣١ ه‍ ) ، وأبو الهذيل العلّاف ( ت ٢٣٥ ه‍ ) ، وأبو علي الجبّائي ( ت ٣٠٣ ه‍ ) ، وأبو هاشم الجبّائي ( ت ٣٢١ ه‍ ).

(٢) انظر : الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٢٥٩ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٥٢ ، شرح المواقف ٨ / ١٠٦.

٢٨٩

والجواب : إنّ البقاء عني به استمرار الوجود ، لا الاستمرار المطلق حتّى يلزم اتّصاف العدم بالصفة الثبوتية ، فاندفع ما قال.

الثاني : إنّ وجود الجوهر في الزمان الثاني لو احتاج إلى البقاء لزم الدور

ثمّ ذكر أنّ الأشاعرة أجابوا بمنع احتياج البقاء إلى الجوهر ، ورتّب عليه أنّه حينئذ جاز أن يقوم بذاته لا في محلّ

وهذا الجواب افتراء عليهم!(١) .

بل أجابوا بمنع احتياج الذات إليه ، وما قيل [ من ] أنّ وجوده في الزمان الثاني معلّل به ، ممنوع ؛ غاية ما في الباب أنّ وجوده فيه لا يكون إلّا مع البقاء ، وذلك لا يوجب أن يكون البقاء علّة لوجوده فيه ، إذ يجوز أن يكون تحقّقهما معا على سبيل الاتّفاق(٢) .

فاندفع كلّ ما ذكر من المحذور.

الثالث : إنّ وجود الجوهر في الزمان الثاني هو عين وجوده في الزمان الأوّل ، ولمّا كان وجوده في الزمان الأوّل غنيا ، كان في الثاني كذلك.

والجواب : إنّ جميع أفراد الوجود محتاج إلى البقاء في الزمان الثاني ، غنيّ عنه في الزمان الأوّل ، فلا يختلف أفراد الطبيعة في الاحتياج والغنى الذاتيّين

وهو حسب أنّ الوجود في الزمان الأوّل فرد ، وفي الزمان الثاني فرد آخر ، وهذا غاية جهله وعدم تدرّبه في شيء من المعقولات!

__________________

(١) بل حكاه الفخر الرازي في : الأربعين في أصول الدين ١ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٥٣.

(٢) انظر : شرح المواقف ٨ / ١٠٨.

٢٩٠

وأقول :

ما نقله عن الأشعري وأتباعه من أنّ تحقّق الوجود في أوّل الحدوث دون البقاء ، يدلّ على تجدّد صفة ثبوتية زائدة على الوجود هي البقاء ، ضروري البطلان ؛ لجواز أن يكون البقاء عين الوجود المستمرّ لا صفة زائدة متجدّدة.

ولو سلّم ، فلا يدلّ على كونها وجودية ، بل يجوز أن تكون اعتبارية ـ كما هو الحقّ ـ كمعيّة الباري سبحانه مع الحوادث المتجدّدة بتجدّد الحوادث.

وذكر شارح « المواقف » الجواب الأخير وعلم به الخصم(١) ، فإنّ ما ذكره من كيفية الخلاف قد أخذه من « المواقف » وشرحها(٢) ، فكان الأحرى به تركه.

وأمّا ما أجاب به عن الإيراد الأوّل ، ففيه :

إنّ حقيقة البقاء هي الاستمرار ، لكن إذا كان البقاء صفة للوجود ، كان عبارة عن استمرار الوجود من باب تعيين المورد ، لا أنّ حقيقة البقاء هي خصوص استمرار الوجود ، فإنّه لا يدّعيه عاقل ، وذلك نظير الوجود ، فإنّه عبارة عن الثبوت ، فإذا كان وصفا لزيد ، كان عبارة عن ثبوته ، ولا يصحّ أن يقال : إنّ معنى الوجود ثبوت زيد ؛ فحينئذ يتمّ كلام المصنّف.

__________________

(١) شرح المواقف ٨ / ١٠٧.

(٢) المواقف : ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، شرح المواقف ٨ / ١٠٦ ـ ١٠٨.

٢٩١

وأمّا ما نقله عن الأشاعرة في الجواب عن الإيراد الثاني ، ففيه : إنّه لو لم تحتج الذات إلى البقاء ، وجاز أن يكون تحقّقهما على سبيل الاتّفاق ، لجاز انفكاك كلّ منهما عن صاحبه ؛ وهو غير معقول ؛ لا من طرف الذات ؛ لاستلزامه جواز أن لا تبقى ، فتكون ممكنة ؛ ولا من طرف البقاء ؛ لأنّ افتقار العرض إلى المعروض ضروري.

وأيضا : لو جاز أن يكون تحقّقهما اتّفاقيا ، لكان البقاء مستغنيا في نفسه عن الذات ، فيكون جوهرا ، وهو غير معقول ؛ ويكون واجبا إن استغنى عن غيرها أيضا ؛ أو ممكنا إن احتاج إليه ؛ ولا بدّ أن ينتهي إلى واجب آخر ، فيكون مع الذات واجب آخر ، ويلزم التركيب ويخرجان عن الوجوب.

وأيضا : لو استغنى البقاء عنها ، لكانت نسبته إلى جميع الأشياء على حدّ سواء ، فيثبت لجميع الأشياء ولا يختصّ بالذات.

فظهر أنّ ما نقله الخصم مشتمل على أكثر المفاسد التي ذكرها المصنّف وزيادة ـ وإن كان بعض ما زدناه واردا أيضا على ما نقله المصنّف عنهم ـ فأيّ حاجة للمصنّف في تغيير الجواب؟!

لكنّ الخصم لمّا لم يعرف غير « المواقف » ، يرى أنّ كلّ ما ليس فيها كذب ، على إنّ جواب « المواقف » وشرحها ـ الذي ذكره ـ مشتمل على ما نقله المصنّف ؛ لأنّهما إذا أجازا أن يكون اجتماع الذات والبقاء اتّفاقيا ، فقد قالا بعدم حاجة البقاء إلى المحلّ.

وأمّا ما أجاب به عن الإيراد الثالث ، فأجنبيّ عن الإشكال لأنّ صريح كلام المصنّف هو أنّ الوجود المستمرّ لا يصحّ أن يكون في الزمن الأوّل غنيا عن البقاء ، وفي الزمن الثاني محتاجا إليه

٢٩٢

وقد تخيّل أنّ مراد المصنّف هو اختلاف أفراد الوجود ، فبعضها غني عن البقاء في الزمن الأوّل ، محتاج إليه في الزمن الثاني ، والبعض الآخر ليس كذلك ، فأشكل عليه بعدم اختلاف أفراد الوجود بالغنى والاحتياج.

نعم ، مبنى الإشكال في كلام المصنّف على كون الوجود المستمرّ فردين للوجود : أحدهما : الوجود في الزمن الأوّل ، وثانيهما : الوجود في الزمن الثاني

فإنّه حينئذ لا يمكن احتياج ثانيهما إلى البقاء مع غنى أوّلهما عنه ؛ لامتناع كون بعض أفراد الطبيعة محتاجا بذاته إلى شيء ، وبعض أفرادها مستغنيا عنه ، وإنّما بنى الإشكال على كونهما فردين ؛ لأنّ التعدّد مقتضى قول الأشاعرة باختلاف الوجود في الزمانين بالغنى والحاجة إلى صفة البقاء ذاتا(١) ، فيكونان فردين من طبيعة واحدة حسب الفرض.

ولو بنى المصنّف ; الإشكال على القول بأنّ الوجود المستمرّ فرد واحد لا تزايد فيه ولا اشتداد ، لكان بطلان مذهب الأشعري أظهر ، إذ يمتنع أن يكون الفرد الواحد مختلفا بذاته بالاستغناء والحاجة في زمانين.

وقد كان الأولى بالمصنّف أن يذكر بطلان مذهب الأشعري على كلا الوجهين.

* * *

__________________

(١) انظر مؤدّاه في شرح المواقف ٨ / ١٠٦ ـ ١٠٧.

٢٩٣
٢٩٤

إنّه تعالى باق لذاته

قال المصنّف ـ نوّر الله ضريحه ـ(١) :

المطلب الثاني

في أنّ الله تعالى باق لذاته

الحقّ ذلك ؛ لأنّه لو احتاج في بقائه إلى غيره كان ممكنا ، فلا يكون واجبا ؛ للتنافي الضروري بين الواجب والممكن.

وخالفت الأشاعرة في ذلك ، وذهبوا إلى أنّه تعالى باق بالبقاء(٢) .

وهو خطأ لما تقدّم(٣) ؛ ولأنّ البقاء إن قام بذاته تعالى لزم تكثّره واحتياج البقاء إلى ذاته تعالى ، مع إنّ ذاته محتاجة إلى البقاء ، فيدور.

وإن قام بغيره كان وصف الشيء حالّا في غيره ؛ ولأنّ غيره محدث.

وإن قام البقاء بذاته كان مجرّدا.

وأيضا : بقاؤه تعالى باق لامتناع تطرّق العدم إلى صفاته تعالى ؛ ولأنّه يلزم أن يكون محلّا للحوادث ، فيكون له بقاء آخر ، ويتسلسل.

__________________

(١) نهج الحقّ : ٦٧.

(٢) شرح المواقف ٨ / ١٠٦ ـ ١٠٨.

(٣) راجع : المبحث التاسع ، الصفحة ٢٨٥ وما بعدها.

٢٩٥

وأيضا : صفاته تعالى باقية ، فلو بقيت بالبقاء لزم قيام المعنى بالمعنى.

* * *

٢٩٦

وقال الفضل(١) :

قد عرفت في ما سبق أكثر أجوبة ما ذكره في هذا الفصل

قوله : « لو احتاج في بقائه إلى غيره كان ممكنا ».

قلنا : الاحتياج إلى الغير الذي لم يكن من ذاته يوجب الإمكان ، ومن كان صفاته من ذاته لم يكن ممكنا.

قوله : « ولأنّ البقاء إن قام بذاته لزم تكثّره ».

قلنا : لا يلزم التكثّر ؛ لأنّ الصفات الزائدة ليست غيره مغايرة كلّيّة.

قوله : « احتاج البقاء إلى ذاته ، وذاته محتاجة إلى البقاء ، فيلزم الدور ».

قلنا : مندفع بعدم احتياج الذات إلى البقاء ، بل هما متحقّقان معا كما سبق(٢) ، فهو قائم بذاته من غير احتياج الذات إليه ، بل هما متحقّقان معا.

قوله : « بقاؤه باق ».

قلنا : مسلّم ، فالبقاء موصوف ببقاء هو عين ذلك البقاء ، كاتّصاف الوجود بالوجود.

قوله : « ولأنّه يلزم أن يكون محلّا للحوادث ».

قلنا : ممنوع ؛ لأنّا قائلون بقدمه.

قوله : « يكون له بقاء آخر ، ويتسلسل ».

قلنا : مندفع بما سبق من أنّ بقاء البقاء نفس البقاء.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٢٥٢.

(٢) تقدّم في الصفحة ٢٩٠ من هذا الجزء.

٢٩٧

قوله : « صفاته تعالى باقية ، فلو بقيت بالبقاء لزم قيام المعنى بالمعنى ».

قلنا : قد سبق أنّ الصفات ليست مغايرة للذات بالكلّيّة ، فيمكن أن يكون البقاء صفة للذات ، وتبقى الصفات ببقاء الذات ، فلا يلزم قيام المعنى بالمعنى.

٢٩٨

وأقول :

ما أجاب به عن لزوم إمكان الواجب مبنيّ على قولهم : إنّ صفاته ليست غير ذاته بالكلّيّة.

وقد عرفت أنّه لا طائل تحته ، إذ لا يرجع إلّا لإصلاح لفظي ، فإنّهم يقولون بزيادة الصفات في الوجود ، فتغاير الذات بالكلّيّة ، فيلزم إمكان الذات ، لحاجتها في الوجود إلى غيرها ، وهو البقاء ، ويلزم التكثّر.

وأمّا ما أجاب به عن لزوم الدور ، من عدم احتياج الذات إلى البقاء ، بل هما متحقّقان على سبيل الاتّفاق ، فقد عرفت في المبحث السابق ما فيه من المفاسد الكثيرة.

وأمّا ما أجاب به عن قول المصنّف : « بقاؤه باق » ، من أنّ بقاء البقاء عينه ، ففيه :

إنّه لو ساغ ذلك فلم لا يكون بقاء الذات عينها؟! مع إنّه باطل على مذهبهم ؛ لأنّهم زعموا أنّ القول بالعينية راجع إلى النفي المحض(١) ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن يكون تعالى عالما لا علم له ، وقادرا لا قدرة له ، وباقيا لا بقاء له ، وهكذا

فإذا قالوا : إنّ بقاء البقاء عينه ، كان البقاء باقيا لا بقاء له ، وهو باطل بزعمهم(٢) .

__________________

(١) المواقف : ٢٨٠.

(٢) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، المواقف : ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، شرح المواقف ٨ / ١٠٦ ـ ١٠٨.

٢٩٩

وأيضا : دليلهم السابق الذي استدلّوا به على إنّ البقاء صفة ثبوتية زائدة على الذات وارد مثله في بقاء البقاء

فيقال : تحقّق البقاء في أوّل حدوثه دون بقاء البقاء ، دليل على تجدّد صفة بقاء البقاء وزيادتها على البقاء ، فيلزمهم أيضا أن يكون بقاء البقاء أيضا صفة ثبوتية متجدّدة زائدة على البقاء ، لا أنّها عينه.

وأمّا ما أجاب به عن قول المصنّف : « ولأنّه يلزم أن يكون محلّا للحوادث »

فهو دالّ على إنّه لم يفهم مراده ، فإنّه لم يدّع أنّ البقاء حادث حتّى يجيب بأنّا قائلون بقدمه ، بل أراد أن يستدلّ على قوله : « بقاؤه باق » بأمرين :

الأوّل : امتناع طرق العدم إلى صفاته.

الثاني : إنّه لو جاز عدم بقاء البقاء ، لكان البقاء حادثا ؛ لأنّ ما يجوز عدمه حادث ، ولو كان البقاء حادثا لكان الواجب محلّا للحوادث ، فلا بدّ أن يكون البقاء باقيا ، وهكذا ويتسلسل.

وغرض الخصم في ما أجاب به عن التسلسل أنّه تسلسل في الاعتباريات ، وهو ليس بمحال ؛ لأنّ بقاء البقاء نفس البقاء واقعا وإن خالفه اعتبارا.

وفيه : إنّه مستلزم لكون البقاء أيضا اعتباريا ، فلم قالوا : إنّه صفة وجوديّة؟!(١) وذلك لأنّ التماثل في الأفراد المتسلسلة يستدعي وحدة حقيقتها.

__________________

(١) انظر : شرح المواقف ٨ / ١٠٦.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643