تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310850 / تحميل: 6548
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

كتاب

تـفســير نـور الثـقـلين

ألجـزء الـرابع

لـمـؤلّـــفـه

المـحدّث الـجليل العلّامة الـخبير الشيخ عبد علي بن

جمعة العروسي الـحُويْزي قُدّس سرّه

المتوفّى سنة ١١١٢

صحّحه وعلّق عليه وأشرف على طبعه

الحاج السيّد هاشم الرسولي المحلّاتي

بنفقة

خادم الشريعة الحاج أبي القاسم المشتهر بسالك

رضوان الله تعالى عليه

١

ملاحظة

هذا الكتاب

طبع ونشر الكترونياً وأخرج فنِيّاً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلميّة في الشبكة


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: يا ابن عمّار لا تدع قراءة سورة( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ) فإنّ من قرأها في كل ليلة لم يعذّبه أبدا، ولم يحاسبه وكان منزله في الفردوس الأعلى.

٢ ـ في مجمع البيان أُبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرء سورة الفرقان بعث يوم القيامة وهو مؤمن،( أنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) .

٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام أنّه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له: لم سمّي الفرقان فرقانا؟ قال: لأنّه متفرق الآيات والسور أنزلت في غير الألواح وغير الصحف والتوراة والإنجيل والزبور أنزلت كلّها جملة في الألواح والورق، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال مؤلّف هذا الكتاب عفي عنه: نقلنا عنهمعليهم‌السلام في أوّل آل عمران ما فيه كفاية لمن أراد الوقوف على الفرق بين القرآن والفرقان فمن أراده فليطلبه هناك قال عزّ من قائل:( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً )

٤ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى حمدان بن سليمان قال: كتبت إلى الرضاعليه‌السلام أساله عن أفعال العباد أمخلوقة أم غير مخلوقة؟ فكتبعليه‌السلام : أفعال العباد مقدرة في علم الله قبل خلق العباد بألفي عام.

٥ ـ وفيه في باب ما كتبه الرضاعليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين وأنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، خلق تقدير لا خلق تكوين، والله خالق كل شيء ولا نقول بالجبر والتفويض.

٢

٦ ـ وفيه عن الرضاعليه‌السلام باسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ اللهعزوجل قدّر المقادير ودبّر التدبير قبل أنْ يخلق آدم بألفي عام.

٧ ـ في كتاب الخصال مرفوع إلى عليٍّعليه‌السلام قال: الأعمال على ثلاثة أحوال فرائض وفضائل ومعاصي، أمّا الفرائض فبأمر الله وبرضاء الله وبقضاء الله وتقديره ومشيته وعلمهعزوجل . وأمّا الفضائل فليس بأمر الله ولكن برضاء الله وبقضاء الله وبمشية الله وبعلم الله تعالى. وأمّا المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله وبقدر الله وبمشيته وبعلمه ثمّ يعاقب عليها.

قال مصنف هذا الكتابرحمه‌الله : المعاصي بقضاء الله معناه بنهي الله، لانّ حكمة الله تعالى فيها على عباده الانتهاء عنها ومعنى قوله: بقدر الله أي يعلم بمبلغها وتقديرها مقدارها، ومعنى قوله: وبمشيته فإنّهعزوجل شاء أنْ لا يمنع العاصي عن المعاصي إلّا بالزجر والقول والنهى، دون الجبر والمنع بالقوة والدفع بالقدر «انتهى».

٨ ـ الأعمش عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، والله خالق كل شيء ولا نقول بالجبر والتفويض.

٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن علي بن إبراهيم الهاشمي قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام يقول: لا يكون شيء إلّا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، قلت ما معنى شاء؟ قال: ابتدأ الفعل، قلت: ما معنى قدر؟ قال: تقدير الشيء من طوله وعرضه، قلت: ما معنى قضى؟ قال: إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مردّ له.

١٠ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن أبان عن أبي بصير قال: قلت: لأبي عبد اللهعليه‌السلام : شاء وأراد وقدّر وقضى؟ قال: نعم قلت: وأحبَّ؟ قال: لا، قلت: وكيف شاء وأراد وقدّر وقضى ولم يحبّ؟ قال: هكذا خرج إلينا.

٣

١١ ـ الحسين بن محمد عن معلّى بن محمد قال: سئل العالمعليه‌السلام كيف علم الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقضى وقدّر وأمضى فأمضى ما قضى وقضى ما قدر وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشية وبمشيته كانت الارادة، وبإرادته كان التقدير وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الإمضاء، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية والارادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء، فاذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشية في المنشأ؟ قبل عينه، والارادة في المراد قبل قيامه والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا بالإمضاء هو المبرم من المفعولات، ذوات الأجسام المدركات بالحواس، من ذوي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من انس وجن وطير وسباع، وغير ذلك مما يدرك بالحواس، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له، فاذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء، والله يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها وبالمشية عرف صفاتها وحدودها وانشئها قبل إظهارها، وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها، ودلهم عليها وبالإمضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.

١٢ ـ في كتاب التوحيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام لا حاجة به إلى شيء مما خلق، وخلقه جميعا يحتاجون إليه وانما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.

١٣ ـ وباسناده إلى عبد الرحمن العزرمي باسناده رفعه إلى من قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: قدر الله المقادير قبل أنْ يخلق السموات والأرضين بخمسين ألف سنة.

١٤ ـ وباسناده إلى عليّ بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ اللهعزوجل قدر المقادير ودبر التدابير قبل أنْ يخلق آدم بألفي عام.

٤

١٥ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، ومعنى ذلك أنّ الله تبارك وتعالى لم يزل عالما بمقاديرها قبل كونها.

١٦ ـ وباسناده إلى عبد الأعلى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل في آخره قالعليه‌السلام : الله خالق الأشياء لا من شيء كان.

١٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي إسحق الليثي عن الباقرعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شيء ومن زعم أنّ اللهعزوجل خلق الأشياء من شيء فقد كفر، لأنّه لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليّته وهويته كان ذلك الشيء أزليّا، بل خلقعزوجل الأشياء كلها لا من شيء.

١٨ ـ في أصول الكافي خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وفيها وكل صانع شيء فمن شيء صنع، والله لا من شيء صنع ما خلق.

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس قال: قال الرضاعليه‌السلام : تدري ما التقدير؟ قلت: لا قال: هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء والفناء، تدري ما القضاء؟ قلت: لا قال: هو اقامة العين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

ثم حكىعزوجل أيضا( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا ) يعنى القرآن( إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) قالوا: إنّ هذا الذي يقرأه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويخبرنا به اما يتعلمه من اليهود ويكتبه من علماء النصاري ويكتب عن رجل يقال له: قسطه ينقله عنه بالغداة والعشى، فحكى سبحانه وتعالى قولهم فرد عليهم، فقال جل ذكره:( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ ) إلى قوله( بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) فرد اللهعزوجل عليهم فقال: قل لهم يا محمد( أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ) .

٢٠ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( إِفْكٌ افْتَراهُ )

٥

قال: الافك الكذب( وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) يعنون أبا فهيكة وحبرا وعداسا وعابسا مولى خويطب، وقولهعزوجل :( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها ) فهو قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة.

٢١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله وعن أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام قال: قلت لأبي علي بن محمدعليهما‌السلام هل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال: مرارا كثيرة وذلك أنّ رسول الله كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة فابتدأ عبد الله بن أبي امية المخزومي فقال: يا محمد لقد ادعيت دعوي عظيمة وقلت مقالا هائلا: زعمت انك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أنْ يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا، تأكل كما نأكل وتمشي في الأسواق كما نمشي، فقال رسول الله: أللّهمّ أنت السامع لكل صوت والعالم بكل شيء، تعلم ما قاله عبادك فانزل الله عليه يا محمد و( قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ) إلى قوله مسحورا ثم قال الله تعالى:( انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ) ثم قال:( تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً ) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عبد الله أمّا ما ذكرت من أنّى آكل الطعام كما تأكلون وزعمت انه لا يجوز لأجل هذا أنْ أكون لله رسولا، فانما الأمر لله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهو محمود وليس لي ولا لأحد الاعتراض بلم وكيف، ألا تري أنّ الله كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا وأعزّ بعضا وأذلّ بعضا وأصحّ بعضا وأسقم بعضا وشرف بعضا ووضع بعضا، وكلهم ممن يأكل الطعام، ثم ليس للفقراء أنْ يقولوا: لم أفقرتنا وأغنيتهم، ولا للوضعاء أنْ يقولوا: لم وضعتنا وشرفتهم ولا للزمناء والضعفاء أنْ يقولوا لم أزمنتنا وأضعفتنا وصححتهم ولا للأذلاء أنْ يقولوا لم أذللتنا وأعززتهم، ولا لقباح الصور أنْ يقولوا: لم أقبحتنا وجملتهم، بل إنْ قالوا ذلك كانوا على ربهم رادين وله في أحكامه منازعين وبه كافرين، ولكن جوابه لهم: أنا الملك الخافض الرافع المغنى المفقر المعز المذل المصحح المسقم، وأنتم العبيد ليس لكم إلّا التسليم لي والانقياد لحكمي، فان سلمتم

٦

كنتم عبادا مؤمنين وإنْ أبيتم كنتم بي كافرين وبعقوباتي من الهالكين، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : واما قولك ما أنت إلّا رجل مسحور فكيف أكون كذلك وقد تعلمون انى في صحة التمييز والعقل فوقكم، فهل جربتم مذ نشأت إلى أنْ استكملت أربعين سنة خزية أو ذلة، أو كذبة أو خيانة أو خطأ من القول أو سفها من الرأي أتظنون أنّ رجلا يعتصم طول هذه المدة بحول نفسه وقوتها أو بحول الله وقوته؟ وذلك ما قال الله:( انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن عبد الله عن أبيه عن محمد بن الحسين عن ابن سنان عن عمار بن مروان عن منخل بن جميل الرقى عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام «نزل جبرئيل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذه الآية هكذا: وقال الظالمون لال محمد حقهم( إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ) إلى ولاية عليٍّعليه‌السلام » وعلى هو السبيل.

حدثني محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك قال: حدّثني محمد بن المثنى عن أبيه عن عثمان بن زيد عن جابر بن يزيد عن أبي جعفرعليه‌السلام بمثله.

٢٣ ـ في إرشاد المفيد باسناده إلى الأصبغ بن نباته عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ لله تعالى قصرا من ياقوت أحمر لا يناله إلّا نحن وشيعتنا وساير الناس منه بريئون.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا أحمد بن علي قال: حدّثني الحسين بن أحمد عن أحمد بن هلال عن عمرو والكلبي عن أبي الصامت قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الليل والنهار اثنا عشر ساعة، و إنّ عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه أشرف ساعة من اثنى عشر ساعة وهو قول اللهعزوجل :( بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً ) .

٢٥ ـ في مجمع البيان:( إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ) أي من مسيرة مأة عام عن السدي والكلبي وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من مسيرة سنة.

٢٦ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه: وتزفر النار

٧

بمثل الجبال شررا.

٢٧ ـ في مجمع البيان:( وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً ) وفي الحديث قالعليه‌السلام في هذه الآية. والذي نفسي بيده انهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط.

٢٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا أراد الله أنْ يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم.

وقال: أتى جبرئيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذه فأخرجه إلى البقيع، فانتهى به إلى قبر فصوّت بصاحبه فقال: قم بإذن الله، فخرج منه رجل أبيض الرأس واللحية يمسح التراب عن وجهه وهو يقول: الحمد لله والله أكبر، فقال جبرئيلعليه‌السلام : عد بإذن الله ثمّ انتهى به إلى قبر آخر فقال: قم بإذن الله: فخرج منه رجل مسوّد الوجه يقول: يا حسرتاه يا ثبوراه ثمّ قال له جبرئيلعليه‌السلام : إلى ما كنت فيه بإذن الله، فقال: يا محمّد هكذا يحشرون يوم القيامة، فالمؤمنون يقولون هذا القول، وهؤلاء يقولون ما تري.

٢٩ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى كثير بن طارق قال: سألت زيد بن عليّ بن الحسين عن قول الله تعالى:( لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً ) فقال: يا كثير إنّك رجل صالح ولست بمتهم وانى أخاف عليك أنْ تهلك، إنّ كل امام جائر فان اتباعهم إذا أمر بهم إلى النار نادوا باسمه فقالوا: يا فلان يا من أهلكنا هلم الآن فخلصنا مما نحن فيه، ثم يدعون بالويل والثبور فعندها يقال لهم:( لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً ) .

٣٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَإِذا أُلْقُوا مِنْها ) «أي فيها»( مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ ) قال: مقيدين بعضهم مع بعض( دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً ) .

٣١ ـ في مجمع البيان وروي أبو جعفر وزيد عن يعقوب أنْ نتخذ بضم النون وفتح الخاء وهو قراءة زيد وأبي الدرداء وروي عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام وروي

٨

عن عليٍّعليه‌السلام ( وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ ) بضم الياء وفتح الشين مشددة.

٣٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم واما قولهعزوجل :( وَقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) فانه حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: يبعث اللهعزوجل يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي(١) ثم يقول له: كن( هَباءً مَنْثُوراً ) ثم قال: اما والله يا أبا حمزة انهم كانوا يصومون ويصلون، ولكن كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه، وإذا ذكر لهم شيء من فضل أمير المؤمنينعليه‌السلام أنكروه، قال: والهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوة مثل شعاع الشمس.

٣٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي إسحق الليثي عن الباقرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه أبو إسحق بعد أنْ قال: وأجد من أعدائكم ومن ناصبيكم من يكثر من الصلوة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة، ويحض على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام، ويقضى حقوق إخوانه ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وساير الفواحش، وأرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحد ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أنْ يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى مولاتكم ما فعل، ولا زال ولو ضربت خياشيمه(٢) بالسيوف فيهم ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه ورئي كراهة ذلك في وجهه، وبغضا لكم ومحبة لهم؟ قال: فتبسم الباقرعليه‌السلام ثم قال: يا إبراهيم «هاهنا هلكت العاملة الناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية» ومن ذلك قالعزوجل :( وَقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) .

٣٤ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد بن علي بن الحكم عن منصور عن

__________________

(١) القباطي جمع القبطية ـ بضم القاف وقد تكسر ـ ثياب من كتان تنسج بمصر منسوبة إلى القبط.

(٢) خياشيم جمع الخيشوم: أقصى الأنف.

٩

سليمان بن خالد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إنّ أعمال العباد تعرض كل خميس على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاذا كان يوم عرفة هبط الرب تبارك وتعالى وهو قول الله تبارك وتعالى:( وَقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) فقلت: جعلت فداك أعمال من هذه؟ فقال: أعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا.

٣٥ ـ في أصول الكافي ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) فقال: أما والله كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي(١) ولكن كانوا إذا عرض لهم حرام لم يدعوه.

٣٦ ـ في الكافي علي بن محمد عن صالح بن أبي حمّاد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) قال: إنْ كانت أعمالهم لأشدّ بياضا من القباطي فيقول اللهعزوجل لها: كوني هباء، وذلك انهم كانوا إذا شرع لهم الحرام أخذوه.

٣٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا عن أبي جميلة مفضل بن صالح عن جابر عن عبد الأعلى وعلي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن إبراهيم ابن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الاخرة مثل له ماله وولده وعمله فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إنْ كنت عليك لحريصا شحيحا فما لي عندك؟ فيقول: خذ منى كفنك، قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله انى كنت لكم محبا وانى كنت عليكم محاميا فما ذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها، قال: فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إن ْكنت فيك لزاهدا وإنْ كنت عليِّ لثقيلا فما ذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك، قال: فان كان

__________________

(١) مر معناه في صفحة ٩.

١٠

لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا فيقول: أبشر بروح وريحان وجنة نعيم، ومقدمك خير مقدم، فيقول له: من أنت؟ فيقول: انا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله أنْ يعجله، فاذا دخل قبره أتاه ملكا القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأقدامهما، أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف، فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي وديني الإسلام ونبيي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقولان: ثبتك الله فيما تحبّ وترضى وهو قول اللهعزوجل :( يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي ) الحيوة الدنيا وفي الاخرة» ثمّ يفسحان له في قبره مدّ بصره ثمّ يفتحان له بابا إلى الجنة، ثمّ يقولان له: نم قرير ـ العين نوم الشاب الناعم، فانّ اللهعزوجل يقول:( أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ) فبلغنا والله أعلم انه إذا استوي أهل النار إلى النار لينطلق بهم قبل أنْ يدخلوا النار، فيقال لهم: ادخلوا إلى ظل ذي ثلاث شعب من دخان النار، فيحسبون انها الجنة، ثم يدخلون النار أفواجا وذلك نصف النهار، وأقيل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف النهار، فذلك قول اللهعزوجل :( أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ) .

٣٩ ـ في مجمع البيان وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

٤٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن همام قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك بن محمد بن حمدان عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ ) قال: الغمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وقوله:( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) قال أبو جعفرعليه‌السلام :( يَقُولُ: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) عليّا وليّا

١١

( يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ) يعنى الثاني( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ ) جائني يعنى الولاية وكان الشيطان وهو الثاني للإنسان خذولا.

٤١ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيهاعليه‌السلام : في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع، ولئن تقمّصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لا نفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا:( يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) فيجيبه الأشقى على رثوثة(١) ( يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً ) فانا الذكر الذي عنه ضل، والسبيل الذي عنه مال، والايمان الذي به كفر، والقرآن الذي إياه هجر، والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه نكب.

٤٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الزنادقة وقد قال: ثم وارى أسماء من اغتر وفتن خلقه وضل وأضل وكنى عن اسمائهم في قوله:( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي ) فمن هذا الظالم الذي لم يذكر من اسمه ما ذكر من أسماء الأنبياء ولم يكن عن أسماء الأنبياء تحيرا وتقررا بل تعريفا لأهل الاستبصار، إنّ الكناية عن أسماء ذوي الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن، ليست من فعله تعالى وانها من فعل المعيرين والمبدلين( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) واعتاضوا الدنيا من الدين.

٤٣ ـ في تفسير العياشي عن داود بن فرقد عمن أخبره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لو قُرئ القرآن كما انزل لألفيتنا فيه مُسمّين.

٤٤ ـ عن إبراهيم بن عمر قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، وانما الاسم الواحد منه في

__________________

(١) الرثاثة: البذاذة ومن اللباس: البالي، وفي الوافي «على وثوبه».

١٢

وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة ،

٤٥ ـ في مجمع البيان وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ليس رجل من قريش إلّا ونزلت فيه آية أو آيتان تقوده إلى الجنة أو تسوقه إلى النار، تجري فيه من بعده إنْ خيرا فخير وإنْ شرا فشر.

٤٦ ـ في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها انه سمعها عن الرضاعليه‌السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شيء: فان قال: فلم أمروا بالقراءة في الصلوة قيل: لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا. وليكون محفوظا فلا يضمحل ولا يجهل.

٤٧ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وذكر حديثا طويلا يقول فيه: فاذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فانه شافع مشفع وماحل مصدق ومن جعله امامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق له تخوم وعلى تخومه تخوم(١) لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه، مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل على المغفرة لمن عرف الصفة.

٤٨ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعله بكتاب الله وبأهل بيتي.

٤٩ ـ أبو على الاشعري عن بعض أصحابه عن الخشاب رفعه قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا والله لا يرجع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر وعمر أبدا ولا إلى بنى امية أبدا ولا في ولد طلحة والزبير أبدا، وذلك انهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطلوا الأحكام، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى، واستقالة من العثرة ،

__________________

(١) الانبق. الحسن المعجب. والتخوم جمع تخم ـ بالفتح ـ: منتهى الشيء.

١٣

ونور من الظلمة، وضياء من الاحداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا في الاخرة، وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد من القرآن إلّا إلى النار.

٥٠ ـ ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن يعقوب الأحمر قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ عليَّ دينا كثيرا وقد دخلني ما كان القرآن ينفلت(١) منى فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : القرآن القرآن إنّ الآية من القرآن والسورة لتجيء يوم القيامة حتى تصور ألف درجة يعنى في الجنة فتقول: لو حفظتني لبلغت بك هاهنا.

٥١ ـ أبو على الاشعري عن الحسن بن علي بن عبد الله عن العباس بن عامر عن الحجاج الخشاب عن أبي كهمس الهيثم بن عبيد قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل قرأ القرآن ثم نسيه فرددت عليه ثلاثا أعليه فيه حرج؟ قال: لا.

٥٢ ـ على عن أبيه عن حماد عن حريز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمسلم أنْ ينظر في عهده وأنْ يقرأ منه في كل يوم خمسين آية.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: قد سبق قريبا عن روضة الكافي من كلام أمير ـ المؤمنينعليه‌السلام تصريح بأن القرآن المهجور وهو صلوات الله عليه.

٥٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة: واما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والإزراء به والتأنيب له مع ما أظهره الله تبارك وتعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر أنبيائه، فان اللهعزوجل جعل لكل نبي عدوا من المشركين كما قال في كتابه بحسب جلالة منزلة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ربه، كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاد منه في حال شقاقه ونفاقه كل أذى ومشقة لدفع نبوته وتكذيبه إياه، وسعيه في مكارهه وقصده لنقض كل ما أبرمه، واجتهاده ومن ما له على كفره وعناده ونفاقه في ابطال دعواه، وتغيير ملته ومخالفة سنته، ولم ير شيئا أبلغ في

__________________

(١) تفلت الطائر من الصائد: تخلص. وكأنه أراد انه نسي حا حفظه من القرآن من شدة ما دخله من همِّ الدين.

١٤

تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه وإيحاشهم منه، وصدهم عنه وإغراءهم بعداوته والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به وإسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل، وكفر ذوي الكفر منه، ولقد علم الله ذلك منهم، فقال:( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ) إلى قولهعليه‌السلام وتركوا منه قدروا انه لهم وهو عليهم، وزادوا فيه ما ظهر تناكره وتنافره، والذي بدأ في الكتاب من الإزراء على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من فرية الملحدين.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: وهنا كلام يطلب في آل عمران عند قوله تعالى:( وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) الآية.

٥٤ ـ في مجمع البيان: ورتلناه ترتيلا وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يا ابن عباس إذا قرأت القرآن ترتله ترتيلا، قال: وما الترتيل؟ قال: بينه تبيانا ولا تنثره نثر الرمل، ولا تهذه هذا الشعر(١) فقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة(٢) .

٥٥ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن سعيد عن واصل بن سليمان عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : بينه تبيانا ولا تهذه هذا الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن افرغوا قلوبكم، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: نقلناها في مجمع البيان تبعا له وما في أصول الكافي تأييدا لذلك وان كان في النقل هنا بعض الخفاء.

٥٦ ـ في مجمع البيان:( الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إلى جَهَنَّمَ ) وروى أنس قال: إنّ رجلا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: ان

__________________

(١) هذا الشعر: أسرع في قراءته.

(٢) قد بسط الكلامرحمه‌الله في بيان الترتيل عند قوله تعالى:( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) ونقلنا أيضا طرفا شافيا من الاخبار في بيانه هناك (منه ـ ره)

١٥

الذي أمشاه على رجليه قادر أنْ يمشيه على وجهه يوم القيامة أورده البخاري في الصحيح

٥٧ ـ فدمرناهم تدميرا في الشواذ فدمرناهم تدميرا على التأكيد بالنون الثقيلة وروى ذلك عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وعنه(١) فدمّراهم وهذا كأنه أمر لموسى وهارونعليهما‌السلام أنْ يدمّرانهم.

٥٨ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى صالح الهروي قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: أتى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن أصحاب الرس في أيّ عصر كانوا، وأين كانت منازلهم، ومن كان ملكهم، وهل بعث الله تعالى إليهم رسولا أم لا، وبما ذا أهلكوا؟ فانّى أجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا أجد خبرهم فقال له عليٌّعليه‌السلام : لقد سألت عن حديث ما سألنى عنه أحد قبلك ولا يحدّثك به أحد بعدي إلّا عنّى، وما في كتاب الله تعالى آية إلّا وانا أعرفها وأعرف تفسيرها وفي أيّ مكان نزلت من سهل أو جبل، وفي أيّ وقت من ليل أو نهار، وانّ هنا لعلما جمّا وأشار إلى صدره ولكن طلّابه يسير، وعن قليل تندمون لو فقدتموني.

كان من قصصهم يا أخا تميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها دوشاب. كانت أنبطت(٢) لنوحعليه‌السلام بعد الطوفان، وانما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض وذلك بعد سليمان بن وداودعليهما‌السلام وكانت لهم اثنى عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق، وبهم يسمى ذلك النهر ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه ولا أعذب منه، ولا قرى أكثروا لا أعمر منها، تسمى إحداهن آبان و

__________________

(١) أي عن مسلم بن محارب المذكور في كتاب مجمع البيان.

(٢) نبط الماء ينبط: نبع، والبئر: استخرج ماؤها.

١٦

الثانية آذر والثالثة دِيْ والرابعة بهمن والخامسة إسفندار والسادسة فروردين والسابعة آذر بهشت والثامنة ارذار(١) والتاسعة مرداد والعاشرة تير والحادي عشرة مهر والثاني ـ عشرة شهريور وكانت أعظم مدائنهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمى تركوذ بن عابور بن يارش بن سار بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيمعليه‌السلام وبها العين والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة، وحرموا ماء العين والأنهار ولا يشربون منها ولا أنعامهم، ومن فعل ذلك قتلوه ويقولون هو حيوة آلهتنا، فلا ينبغي لأحد أنْ ينقص من حيوتها ويشربون هم وأنعامهم عن نهر الرس الذي عليه قراهم، وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة(٢) من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشياة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة، ويشتعلون فيها النيران بالحطب، فاذا سطع دخان الذبائح وقتارها(٣) في الهواء، وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خروا سجدا للشجرة يبكون ويتضرعون إليها أنْ ترضى عنهم، وكان الشيطان يجيء، فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبى: انى قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف(٤) ويأخذون الدست بند، فيكون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون، وانما سمت العجم شهورها بابان ماه وآذر ماه وغيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى، لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا، وعيد شهر كذا، حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع عليها صغيرهم وكبيرهم، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقات من ديباج عليه أنواع الصورة اثنى عشر بابا، كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «اردى بهشت» بدل «آذربهشت» و «خرداد» مكان «ارذار».

(٢) الكلة ـ بالكسر ـ: الستر الرقيق. غشاء رقيق يخاط كالبيت يتوقى به من البعوض ويقال له بالفارسية «پشه بند».

(٣) القتار ـ بالضم ـ: الدخان من المطبوخ.

(٤) المعازف: آلات الطرب كالطنبور والعود.

١٧

للصنوبرة خارجا من السرادق، ويقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة في قراهم، فيجيء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا فيتكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها، فيرفعون رؤسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف فيكونون على ذلك اثنى عشر يوما ولياليها بعد أعيادهم سائر السنة، ثم ينصرفون.

فلما طال كفرهم باللهعزوجل وعبادتهم غيره، بعث اللهعزوجل إليهم نبيا من بنى إسرائيل من ولد يهود ابن يعقوب، فلبث فيهم زمانا يدعوهم إلى عبادة اللهعزوجل ومعرفته وربوبيته فلا يتبعونه، فلما راى شدة تماديهم في الغى والضلال، وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح، وحضر عيد قريتهم العظمى قال: يا رب إنّ عبادك أبوا إلّا تكذيبي والكفر، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر، فأيبس شجرهم اجمع وأرهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم، فها لهم ذلك وفظع بهم وصاروا فرقتين، فرقة قال: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم انه رسول رب السماء والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه، وفرقة قالت: لا، بل غضب آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها، فحجبت حسنها وبهاءها لكي تغضبوا عليه فتنتصروا منه، فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب(١) طوالا من رصاص واسعة الأفواه، ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الاخرى مثل البرابخ(٢) ونزحوا فيها من الماء، ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم وألقموا فاها صخرة عظيمة، ثم أخرج الأنابيب من الماء وقالوا نرجو الآن أنْ ترضى عنها آلهتنا إذا رأت انا قد قتلنا من كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه، فيعود لنا نورها ونضرتها

__________________

(١) الأنابيب جمع الأنبوب: ما بين العقدتين من القعب أو الرمح ويستعار لكل أجوف مستدبر كالقصب، ومنه انبوب الماء لقناته.

(٢) البمرخ ـ بالبائين الموحدتين والخاء المحجمة ـ ما يعمل من لخزف للبئر ومجاري الماء.

١٨

كما كان، فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهمعليه‌السلام وهو يقول: سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي، وعجل بقبض روحي ولا تؤخر اجابة دعوتي حتى ماتعليه‌السلام فقال الله جل جلاله لجبرئيل: يا جبرئيل أيظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي وأمنوا مكري وعبدوا غيري وقتلوا رسولي أنْ يقوموا لغضبي ويخرجوا من سلطاني؟ كيف وانا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي، وانى حلفت بعزتي لا جعلناهم عبرة ونكالا للعالمين، فلم يرعهم وهم في عيدهم ذاك إلّا بريح عاصف شديدة الحمرة، فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد، وأظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار، فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم.

٥٩ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : اين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين وأطفئوا سنن المرسلين وأحيوا سنن الجبارين.

٦٠ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة وهشام وحفص عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق؟ فقال: حدها حد الزاني، فقالت المرأة: ما ذكره اللهعزوجل في القرآن؟ فقال: بلى، فقالت: واين هو؟ قال: هن الرس.

٦١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: دخلت امرأة مع مولاة لها على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقالت: ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟ قال: هن في النار، إذا كان يوم القيامة أتى بهن فالبسن جلبابا من نار وخفين من نار وقناعا من نار، وأدخل في أجوافهن وفروجهن أعمدة من نار وقذف بهن في النار، فقالت: ليس هذا في كتاب الله! قال: نعم، قالت: أين هو؟ قال: قوله:( وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِ ) فهن الراسيات.

٦٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن

١٩

على قال: أخبرنى سماعة بن مهران قال: أخبرنى الكلبي النسابة قال: صرت إلى منزل جعفر بن محمدعليهما‌السلام فقرعت الباب فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب فو الله لقد أدهشنى. فدخلت وانا مضطرب ونظرت فاذا شيخ على مصلى بلا مرفقة ولا بردعة(١) فابتدأني بعد أنْ سلّمت عليه، فقال لي: من أنت؟ فقلت في نفسي: يا سبحان الله غلامه يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى من أنت؟ فقلت له: انا الكلبي النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا، يا أخا كلب إنّ اللهعزوجل يقول:( وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً ) فتنسبها أنت؟ فقلت: لا، جعلت فداك والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٣ ـ في كتاب معاني الأخبار أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عمن ذكره عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل : وكلا تبرنا تتبيرا يعنى كسرنا تكسيرا ٦٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن خالد عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً ) يعنى كسرنا تكسيرا قال: هي لفظة بالنبطية.

٦٥ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: واما القرية التي أمطرت مطر السوء فهي سدوم قرية قوم لوط، أمطر الله عليهم حجارة من سجيل يعنى من طين.

٦٦ ـ وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى:( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ) قال: نزلت في قريش وذلك انه ضاق عليهم المعاش، فخرجوا من مكة وتفرقوا، فكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا هويه فعبده، وكانوا ينحرون لها النعم وو يلطخونها بالدم ويسمونها سعد صخرة، وكان إذا أصابهم داء في إبلهم وأغنامهم جاؤا

__________________

(١) المرفقة، المتكأ والمخدة، والبردعة: الحلس ويقال له بالفارسية «پلاس».

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

و قالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين . فأرسلنا عليهم الطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدّم آيات مفصّلات فاستكبروا و كانوا قوما مجرمين . و لمّا وقع عليهم الرّجز قالوا يا موسى ادع لنا ربّك بما عهد عندك لئن كشفت عنّا الرّجز لنؤمننّ لك و لنرسلنّ معك بني إسرائيل .

فلمّا كشفنا عنهم الرّجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون . فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليّم بأنّهم كذّبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين . و أورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض و مغاربها التي باركنا فيها و تمّت كلمة ربّك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا و دمّرنا ما كان يصنع فرعون و قومه و ما كانوا يعرشون ١ .

« و في دون » أي : أقلّ .

« ما استقبلتم من عتب » أي : العتاب .

« و ما استدبرتم » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( و استدبرتم ) كما في ( ابن ميثم و الخطّية ) ٢ .

« من خطب » أي : الامور العظيمة .

« معتبر » مبتدأ لقوله : « و في دون » . يقال لك : في هذا الأمر عبرة و معتبر .

و مراده عليه السّلام أنّ في الأقلّ ممّا استقبلهم هو عليه السّلام و زوجته سيّدة النساء صلوات اللّه عليها و باقي بني هاشم ، من العبّاس و الفضل بن عبّاس و غيرهما ، و شيعته من سلمان و أبي ذر و المقداد و عمّار و حذيفة و نظرائهم من عتابهم في ما فعلوا ، من تقديم الثلاثة عليه عليه السّلام و تركهم لمن هو بمنزلة نفس الرّسول صلى اللّه عليه و آله في العصمة و الطهارة و العلم بالكتاب و السنّة كما هو حقّه و الإرشاد إلى

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الأعراف : ١٢٧ ١٣٧ .

( ٢ ) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٣٣ ، و شرح ابن ميثم ٢ : ٣٠٥ مثل المصرية أيضا .

٥٤١

أحكام الشريعة كما شرعها النّبيّ صلى اللّه عليه و آله من اللّه تعالى ، و رفعهم للأجانب الّذين بالضدّ من ذلك ، و ممّا استدبرهم من مفاسد تقديم أولئك ، لا سيّما في أيّام ثالثهم ما يوجب عبرتهم و اعترافهم بخطئهم و رجوعهم عن عملهم .

« و ما كلّ ذي قلب بلبيب » صاحب لبّ يميّز بين القشر و اللبّ ، و لذا قال تعالى : . . . قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب ١ .

« و لا كلّ ذي سمع بسميع » يعمل بما سمع ، قال تعالى : و منهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصمّ و لو كانوا لا يعقلون ٢ ، أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلاّ كالأنعام بل هم أضلّ سبيلا ٣ .

« و لا كلّ ناظر » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( و لا كلّ ذي ناظر ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ٤ .

« ببصير » يفرّق بين الحقائق و غيرها ، قال تعالى : . . . فإنّها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصّدور ٥ . و مراده عليه السّلام أنّه و إن كان في دون ما استقبلوه و ما استدبروه ما يوجب اعتبارهم و فهمهم خطأهم ، في تركهم أهل بيت نبيّهم صلى اللّه عليه و آله إلاّ أنّه لمّا كان أكثر النّاس لا يعقلون و لا يميّزون بين الحقّ و الباطل كما قال تعالى : و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولنّ اللّه قال الحمد للّه بل أكثر هم لا يعلمون ٦ ، و قال عزّ و جلّ في موضع :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الزمر : ٩ .

( ٢ ) يونس : ٤٢ .

( ٣ ) الفرقان : ٤٤ .

( ٤ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٣٣ ، لكن في شرح ابن ميثم ٢ : ٣٠٥ « لا كل ناظر » أيضا .

( ٥ ) الحج : ٤٦ .

( ٦ ) لقمان : ٢٥ .

٥٤٢
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

و لكنّ أكثرهم لا يعلمون ١ ، و في آخر : . . . و هم لا يشعرون ٢ بقي أكثرهم في تيههم و لم يهتدوا لسبيلهم ، و إنّما رجع إليه عليه السّلام جمع معدود .

قال الكشي : قال الفضل بن شاذان : إنّ من السابقين الّذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أبا الهيثم بن التيهان ، و أبا أيّوب ، و خزيمة بن ثابت ( أي : ذو الشهادتين ) و جابر بن عبد اللّه ، و زيد بن أرقم ، و أبا سعيد الخدري ، و سهل بن حنيف ، و البراء بن مالك ، و عثمان بن حنيف ، و عبادة بن الصامت . ثمّ ممّن دونهم قيس بن سعد بن عبادة ، و عدي بن حاتم ، و عمرو بن الحمق ، و عمران بن الحصين ، و بريدة الأسلمي ، و بشر كثير ٣ .

« فيا عجبا و ما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها لا يقتصون » قال الجوهري : قصّ أثره : أي تتبّعه ٤ .

قال تعالى : . . . فارتدّا على آثارهما قصصا ٥ . و كذلك : ( اقتص أثره ،

و تقصص أثره ) .

« أثر نبيّ و لا يقتدون بعمل وصيّ » بل يتّبعون أهواءهم و آراءهم ، روى الأصبغ عنه عليه السّلام قال : ما بال أقوام غيّروا سنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و عدلوا عن وصيّة ، لا يتخوّفون أن ينزل بهم العذاب ؟ ثمّ تلا هذه الاية : ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة اللّه كفرا و أحلّوا قومهم دار البوار . . . ٦ . ثمّ قال عليه السّلام : نحن النّعمة التي أنعم اللّه بها على عباده ، و بنا يفوز من فاز يوم القيامة ٧ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الأنعام : ٣٧ .

( ٢ ) الزخرف : ٦٦ .

( ٣ ) معرفة الرجال للكشي اختياره : ٣٨ ح ٧٨ .

( ٤ ) صحاح اللغة للجوهري ٣ : ١٠٥١ مادة ( قصّ ) .

( ٥ ) الكهف : ٦٤ .

( ٦ ) إبراهيم : ٢٨ .

( ٧ ) الكافي للكليني ١ : ٢١٧ ح ١ .

٥٤٣

و روى أبو هارون عن أبي عقيل قال : كنّا عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال : لتفترقنّ هذه الأمّة على ثلاث و سبعين فرقة ، و الّذي نفسي بيده ، إنّ الفرق كلّها ضالّة إلاّ من اتّبعني و كان من شيعتي ١ .

و عن الصادق عليه السّلام قال لأحد أصحابه : أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامّة ؟ قال : لا . قال : إنى عليّا عليه السّلام لم يكن يدين اللّه بدين إلاّ خالف عليه الأمّة إلى غيره إرادة لابطال أمره ، و كانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السّلام عن الشي‏ء الذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم جعلوا له ضدّا من عند أنفسهم ليلبسوا على النّاس ٢ .

و عن الكاظم عليه السّلام قال : ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن و الحسين عليهما السّلام إلاّ الصلاة بعد العصر و بعد الغلاة في طواف الفريضة ٣ .

و عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة قال ابن عبّاس : و ايم اللّه ، أن لو قدّم من قدّم اللّه ، و أخّر من أخّر اللّه ما عالت فريضة ٤ .

و عن سعيد بن أبي الخضيب البجلي : كنت مع ابن أبي ليلى مزامله حتّى جئنا إلى المدينة ، فبينا نحن في مسجد الرسول صلى اللّه عليه و آله إذ دخل جعفر بن محمّد ،

فقلت لابن أبي ليلى : أما تقوم بنا إليه ؟ فقال : و ما نصنع عنده ؟ قلت : نسائله و نحدّثه . فقال : نعم . فقمنا إليه فسألني عن نفسي و أهلي ، ثمّ قال : من هذا معك ؟

فقلت : ابن أبي ليلى قاضي المسلمين . فقال له : تأخذ مال هذا فتعطيه هذا ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الأمالي للمفيد : ٢١٢ ح ٣ المجلس ٢٤ ، و الغارات للثقفي ٢ : ٥٨٥ ، و يأتي تخريجه من طرق أخرى في العنوان ١٧ من هذا الفصل .

( ٢ ) علل الشرائع للصدوق : ٥٣١ ح ١ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٤ : ٤٢٤ ح ٥ ، و التهذيب للطوسي ٥ : ١٤٢ ح ١٤٤ ، و الاستبصار ٢ : ٢٣٦ ح ٣ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٧ : ٧٩ ح ٣ ، و الفقيه للصدوق ٤ : ١٨٧ ح ٣ ، و علل الشرائع : ٥٦٨ ح ٤ ، و التهذيب للطوسي ٩ : ٢٤٨ ح ٦ ، و الفرائض لأبي الشيخ ، و سنن البيهقي عنهما منتخب كنز العمال ٤ : ٢٠٧ ضمن حديث طويل .

٥٤٤

و تقتل ، و تفرّق بين المرء و زوجه ، لا تخاف في ذلك أحدا ؟ قال : نعم . قال : فبأيّ شي‏ء تقضي ؟ قال : بما بلغني عن النّبيّ صلى اللّه عليه و آله و عن عليّ ، و عن أبي بكر و عمر .

قال : فبلغك عن النّبي صلى اللّه عليه و آله أنّه قال : إنّ أقضاكم عليّ ؟ قال : نعم . قال : فكيف تقضي بغير قضاء علي ، و قد بلغك هذا ؟ فما تقول إذا جي‏ء بأرض من فضة و سماء من فضّة ، ثمّ أخذ النّبي صلى اللّه عليه و آله بيدك فأوقفك بين يدي ربّك فقال : يا رب إنّ هذا قضى بغير ما قضيت . قال : فاصفرّ وجه ابن أبي ليلى حتّى عاد مثل الزّعفران ، ثمّ قال لي : التمس لنفسك زميلا ، و اللّه لا أكلّمك من رأسي كلمة أبدا ١ .

و ورد أنّ سفيان الثوري مع قرشي مكّي ذهبا إلى الصادق عليه السّلام فوجداه ركب دابّته ، فقال سفيان : يا أبا عبد اللّه حدّثنا بحديث خطبة النّبيّ صلى اللّه عليه و آله في مسجد الخيف . قال : دعني حتّى أذهب في حاجتي ، فإنّي قد ركبت ، فإذا جئت حدّثتك . فقال : أسألك بقرابتك من النّبي صلى اللّه عليه و آله لما حدّثتني . فنزل ، فقال سفيان :

مرلي بدواة و قرطاس حتى أثبته . فدعا به ، ثمّ قال : اكتب :

بسم اللّه الرحمن الرحيم .

خطبة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في مسجد الخيف .

نضّر اللّه عبدا سمع مقالتي فوعاها ، و بلّغها من لم تبلغه . يا أيّها الناس ليبلّغ الشاهد الغائب ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، و ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه . ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب امرى‏ء مسلم : إخلاص العمل للّه ، و النصيحة لأئمّة المسلمين ، و اللزوم لجماعتهم ، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم المؤمنون إخوة تتكافا دماؤهم ، و هم يد على من سواهم ، و يسعى بذمّتهم أدناهم .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الاحتجاج للطبرسي : ٣٥٣ .

٥٤٥

فكتبه سفيان و عرضه على أبي عبد اللّه عليه السّلام . قال القرشي : فركب أبو عبد اللّه ، و جئت أنا و سفيان ، فلمّا كنّا في بعض الطريق قال لي سفيان : كما أنت حتّى أنظر في هذا الحديث ، فقلت له : قد و اللّه ألزم أبو عبد اللّه رقبتك شيئا لا يذهب أبدا . فقال : و أيّ شي‏ء ذلك ؟ فقلت له : ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب امرى‏ء مسلم . . . « إخلاص العمل للّه » قد عرفناه ، « و النصيحة لأئمّة المسلمين » من هؤلاء الأئمّة الذين يجب علينا نصيحتهم ؟ معاوية بن أبي سفيان و يزيد بن معاوية و مروان بن الحكم ؟ و قوله « و اللزوم لجماعتهم » . فأي الجماعة ؟

مرجى‏ء يقول : من لم يصلّ ، و لم يصمّ ، و لم يغتسل من جنابة ، و هدم الكعبة و نكح أمّه فهو على إيمان جبرئيل و ميكائيل ، أو قدريّ يقول : لا يكون ما شاء اللّه تعالى و يكون ما شاء إبليس ، أو حروري يتبرأ من علي بن أبي طالب و يشهد عليه بالكفر ، أو جهمي يقول : إنّما هي معرفة اللّه وحده ليس الإيمان شي‏ء غيرها ؟ قال سفيان : و يحك ، فأيّ شي‏ء يقولون ؟ قلت : يقولون : إنّ عليّ ابن أبي طالب و اللّه الإمام الذي يجب علينا نصيحته ، و يقولون : « و لزوم جماعتهم » أهل بيته . قال : فأخذ سفيان الكتاب فخرقه . قال : لا تخبر به أحدا ١ .

و عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي : كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام بمكّة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد ، و واصل بن عطاء ، و حفص ابن سالم مولى ابن هبيرة ، و ناس من رؤسائهم ، و ذلك حدثان قتل الوليد و اختلاف أهل الشام بينهم ، فتكلّموا و أكثروا و خبطوا فأطالوا ، فقال أبو عبد اللّه : قد أكثرتم عليّ فأسندوا أمركم إلى رجل منكم يتكلّم بحجّتكم و يوجز .

فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد ، فتكلّم فأبلغ و أطال ، فكان في ما قال : إنّ

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ١ : ٤٠٣ ح ٢ ، و أخرج الخطبة بلا ذكر قصّة الكليني في الكافي ١ : ٤٠٣ ح ١ ، و القمي في تفسيره ٢ : ٤٤٧ ، و الصدوق في الخصال : ١٤٩ ح ١٨٢ باب الثلاثة ، و المفيد في أماليه : ١٨٦ ح ١٣ المجلس ٢٣ .

٥٤٦

أهل الشام قتلوا خليفتهم ، و ضرب اللّه بعضهم ببعض ، و شتّت أمرهم ، فنظرنا فوجدنا رجلاله دين و عقل و مروّة و موضع و معدن للخلافة ، و هو محمّد بن عبد اللّه بن الحسن ، فأردنا أن نجتمع عليه فنبايعه ثمّ نظهر معه ، فمن كان بايعنا فهو منّا و كنّا معه ، و من اعتزلنا كففنا عنه ، و من نصب لنا جاهدناه ،

و نصبنا له على بغيه ، و ردّه إلى الحقّ و أهله ، و قد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فتدخل معنا ، فإنّه لا غنى بنا عن مثلك لموضعك و كثرة شيعتك .

قال : فلمّا فرغ عمرو قال أبو عبد اللّه لهم : أكلّكم على مثل ما قال عمرو ؟

قالوا : نعم . فحمد اللّه تعالى و أثنى عليه ، و صلّي على النّبيّ صلى اللّه عليه و آله ثمّ قال : إنّما نسخط إذا عصي اللّه ، فأمّا إذا أطيع رضينا . أخبرني يا عمرو لو أنّ هذه الأمّة قلّدتك أمرها ، و ولّتكه بغير قتال و لا مؤونة ، و قيل لك : ولّها من شئت فمن كنت تولّيها ؟ قال : كنت أجعلها شورى بين المسلمين . قال : بين كلّهم ؟ قال : نعم . قال :

بين فقهائهم و خيارهم ؟ قال : نعم . قال : قريش و غيرهم ؟ قال : نعم . قال :

و العرب و العجم ؟ قال : نعم . قال : اخبرني يا عمرو أتتولّى أبا بكر و عمر أم تتبرأ منهما ؟ قال : أتولاّهما . قال : فقد خالفتهما ، فإن كنت تتبرّأ منهما فإنّه يجوز لك الخلاف عليهما ، و إن كنت تتولاّهما فقد خالفتهما ، قد عمد عمر إلى أبي بكر فبايعه ، و لم يشاور فيه أحدا ، ثمّ ردّها أبو بكر عليه و لم يشاور فيه أحدا ، ثمّ جعلها عمر شورى بين ستّة و أخرج منها جميع المهاجرين و الأنصار غير أولئك الستّة من قريش ، و أوصى فيهم شيئا لا أراك ترضى به أنت و لا أصحابك ، إذ جعلتها شورى بين جميع المسلمين . قال : و ما صنع ؟ قال : أمر صهيبا أن يصلّي بالنّاس ثلاثة أيّام ، و ان يشاور أولئك الستّة ليس معهم أحد إلاّ ابن عمر يشاورونه ، و ليس له من الأمر شي‏ء ، و أوصى من بحضرته من المهاجرين و الأنصار: إن مضت ثلاثة أيّام قبل أن يبايعوا رجلا منهم أن يضربوا أعناق أولئك الستّة جميعا ، فإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيّام

٥٤٧

و خالف اثنان أن يضربوا أعناق الاثنين . أفترضون بهذا أنتم في ما تجعلون من الشورى في جماعة المسلمين ؟ قالوا : لا .

ثمّ قال : يا عمرو دع ذا . أرأيت لو بايعت صاحبك الّذي تدعوني إلى بيعته ، ثمّ اجتمعت لكم الامّة فلم يختلف عليكم رجلان ، فأفضيتم إلى المشركين الذين لا يسلمون و لا يؤدّون الجزية ، أكان عندكم و عند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيه بسيرة النّبيّ صلى اللّه عليه و آله في المشركين في حروبه ؟ قال :

نعم . قال : فتصنع ماذا ؟ قال : ندعوهم إلى الاسلام ، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية . قال : و إن كانوا مجوسا ليسوا بأهل كتاب ؟ قال : سواء . قال : و إن كانوا مشركي العرب و عبدة الأوثان ؟ قال : سواء .

قال : أخبرني عن القرآن هل تقرؤه ؟ قال : نعم . قال : اقرأ قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه و لا باليوم الآخر و لا يحرّمون ما حرّم اللّه و رسوله و لا يدينون دين الحقّ من الذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون ١ ، فاستثناء اللّه تعالى و اشتراطه من الذين أوتوا الكتاب ، فهم و الذين لم يؤتوا الكتاب سواء ؟ قال : نعم . قال : عمّن أخذت ذا . قال : سمعت النّاس يقولون .

قال : فدع ذا . فإنّ هم أبوا الجزية فقاتلتهم فظفرت عليهم ، كيف تصنع بالغنيمة ؟ قال : أخرج الخمس ، و أقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليه . قال :

فأخبرني عن الخمس من تعطيه ؟ فقرأ و اعلموا انّما غنمتم من شي‏ء فإنّ للّه خمسه و للرّسول و لذي القربي و اليتامى و المساكين و ابن السبيل . . . ٢ . قال :

الّذي للرسول من تعطيه ؟ و من ذو القربى ؟ قال : قد اختلف فيه الفقهاء ، فقال

ـــــــــــــــــ

( ١ ) التوبة : ٢٩ .

( ٢ ) الأنفال : ٤١ .

٥٤٨

بعضهم : قرابة النّبيّ صلى اللّه عليه و آله و أهل بيته ، و قال بعضهم : الخليفة . و قال بعضهم :

قرابة الذين قاتلوا عليه من المسلمين . قال : فأيّ ذلك تقول أنت ؟ قال : لا أدري .

قال : فأراك لا تدري ، فدع ذا . أرأيت الأربعة الأخماس تقسمها بين جميع من قاتل عليها ؟ قال : نعم . قال : فقد خالفت النّبيّ صلى اللّه عليه و آله في سيرته ، بيني و بينك فقهاء المدينة و مشيختهم ، فسلهم فإنّهم لا يختلفون في أنّ النّبيّ صلى اللّه عليه و آله إنّما صالح الأعراب على أن يدعهم و لا يهاجروا على أن دهمه من عدوّهم أن يستفزّهم فيقاتل بهم ، و ليس لهم في الغنيمة نصيب ، و أنت تقول : بين جميعهم . فقد خالفت النّبي صلى اللّه عليه و آله في كلّ ما قلت في سيرته من المشركين .

و مع هذا ما تقول في الصدقات ؟ فقرأ : إنّما الصّدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها . . . ١ إلى آخر الآية . قال : فكيف تقسّمها ؟ قال :

أقسّمها على ثمانية أجزاء ، فأعطي كلّ جزء من الثمانية جزءا . قال : و إن كان صنف منهم عشرة آلاف ، و صنف رجلا أو رجلين أو ثلاثة ، جعلت لهذا الواحد ما جعلت للعشرة آلاف ؟ قال : نعم . قال : و تجمع صدقات أهل الحضر و أهل البوادي فتجعلهم فيها سواء ؟ قال : نعم . قال : فقد خالفت النّبيّ صلى اللّه عليه و آله في سيرته ،

فكان يقسّم صدقة أهل البوادي ، في أهل البوادي ، و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر ، و لا يقسّمه بينهم بالسّوية ، و إنّما يقسّمه على قدر ما يحضره منهم .

فإن كان في نفسك شي‏ء فالق فقهاء المدينة فإنّهم لا يختلفون في أنّ النّبي صلى اللّه عليه و آله كان كذا يفعل.

ثمّ أقبل عليه السّلام على عمرو فقال له : اتّق اللّه يا عمرو ، و أنتم أيّها الرّهط فاتّقوا اللّه ، فإنّ أبي حدّثني و كان خير أهل الأرض و أعلمهم بكتاب اللّه و سنّة نبيّه صلى اللّه عليه و آله أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : من ضرب النّاس بسيفه ، و دعاهم إلى نفسه ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) التوبة : ٦٠ .

٥٤٩

و في المسلمين من هو أعلم منه فهو ضالّ متكلّف ١ .

و روى الخطيب في ليث بن الفرج عن النّبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : ليضربنّ النّاس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة . . . ٢ و مراده صلى اللّه عليه و آله بعالم المدينة الأئمّة من أهل بيته ، و الدّليل عليه قوله صلى اللّه عليه و آله : « عالم المدينة » دون علماء المدينة ، و في كلّ زمان لم يكن أكثر من إمام .

و شاهد عدم اقتفائهم أثر النبي كما ذكره عليه السّلام ما قالوه في أبي الغادية الجهني قاتل عمّار ، قال ابن عبد البرّ في ( استيعابه ) : سمع من النّبيّ صلى اللّه عليه و آله قوله :

لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض . و كان محبّا في عثمان ،

و هو قاتل عمّار بن ياسر . و كان إذا استأذن على معاوية و غيره يقول : قاتل عمّار بالباب و كان يصف قتله له إذا سئل عنه لا يباليه ، و في قصّته عجب عند أهل العلم ، روى عن النّبي صلى اللّه عليه و آله ما ذكرنا أنّه سمعه منه ، ثمّ قتل عمّارا ٣ .

قلت : و أعجب من أمر أبي الغادية أمر جميع هؤلاء المدّعين للدّين ،

و العلم و اليقين ، يجمعون بين القول بجلالة عمّار ، و ولاية عثمان ، فالرّجل و إن اتّبع هواه إلاّ أنّه حمله محبّته لعثمان على ترك قول النّبيّ صلى اللّه عليه و آله سلما من الجمع من التّضاد و القول بالمحال .

و كذلك من قدّم منهم فعل عمر على قول النّبيّ صلى اللّه عليه و آله ، فرأى رجل منهم معاوية على منبر النّبي صلى اللّه عليه و آله يخطب فسلّ سيفه و ذهب إليه ليقتله ، فقيل له : لم ؟

قال : لأنّي سمعت النّبي صلى اللّه عليه و آله يقول : « إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه » ٤ .

فقالوا له : أتدري من ولاّه ؟ قال : لا . قالوا : عمر . قال : سمعا و طاعة لعمر .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ٥ : ٢٣ ح ١ ، و الاحتجاج للطبرسي : ٣٦٢ .

( ٢ ) تاريخ بغداد للخطيب ١٣ : ١٦ .

( ٣ ) الاستيعاب ٤ : ١٥١ .

( ٤ ) حديث النّبي صلى اللّه عليه و آله أورده من عدّة طرق الفيروز آبادي في السبعة من السلف : ١٩٩ ٢٠١ .

٥٥٠

و إذا كانوا لا يتّبعون أثر نبيّهم ، فلا غرو أن لا يقتدوا بعمل وصيّه و كونه عليه السّلام وصيّه صلى اللّه عليه و آله و أوّل مؤمن باللّه أمر متواتر ، و حاجّ به ابنه الحسين عليه السّلام يوم الطّف ففي ( الطبري ) قال الحسين عليه السّلام لهم : ألست ابن بنت نبيّكم و ابن وصيّه و ابن عمّه و أوّل المؤمنين باللّه و المصدّق لرسوله بما جاء به من عند ربّه ؟ ١ .

و مع تواتره أنكرته أمّهم ، روى مسلم و البخاري أنّه ذكر عند عايشة أنّ النّبيّ صلى اللّه عليه و آله أوصى إلى عليّ ، قالت : و متى أوصى ، و من يقول ذلك ؟ قيل : إنّهم يقولون . قالت : من يقوله ؟ لقد دعا بطست ليبول ، و أنّه بين سحري و نحري فمات و ما شعرت ٢ .

فتراها تدّعي موت النّبيّ صلى اللّه عليه و آله مكشوف العورة حين البول لتنكر جعله له وصيّا و يقال لها : و قولك : « متى أوصى أنّه مات بين سحري و نحري » هل يلزم أن تكون الوصاية حين خروج الرّوح حتّى يستلزم ما ادّعيت عدم وصايته ؟ مع أنّ قولها بموت النّبيّ صلى اللّه عليه و آله بين سحرها و نحرها من أكاذيبها و بهتانها ، فكون رأسه صلى اللّه عليه و آله حين موته في حجر أمير المؤمنين عليه السّلام متواتر ٣ ،

و لقد صرّح ابن عبّاس بافتراء عايشة في ادّعائها ذلك ٤ .

و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول : لو استطاعوا أن ينكروا قرابتي من النّبي صلى اللّه عليه و آله لأنكروها إلاّ أنّهم لا يستطيعون ذلك ٥ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٢٢ سنة ٦١ ضمن خطبة .

( ٢ ) صحيح البخاري بطريقين ٢ : ١٢٥ و ٣ : ٩٥ ، و صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧ ح ١٩ ، و سنن النسائي ٦ : ٢٤٠ ، و مسند أحمد ٦ : ٣٢ ، و طبقات ابن سعد ٢ ق ٢ : ٤٩ بطريقين .

( ٣ ) مسند أحمد ٦ : ٣٠٠ و خصائص النسائي : ١٣٠ بطريقين ، و أخرجه ابن عساكر بثلاث طرق في ترجمة علي عليه السّلام ٣ : ١٨ ، ١٩ ح ١٠٣٨ ٤٠ ه ١ عن أمّ سلمة ، و روى أيضا عن عائشة و علي عليه السّلام و ابن عباس و غيرهم .

( ٤ ) الطبقات لابن سعد ٢ ق ٢ : ٥١ .

( ٥ ) أخرجه الكليني في الرسائل عنه كشف المحجّة : ١٨٠ ضمن كتاب طويل له عليه السّلام ، و النقل بتصرف .

٥٥١

و أقول : إنّهم و إن لم يستطيعوا أن ينكروا ذلك تصريحا إلاّ أنّهم عبّروا عنه عليه السّلام و عن عترته بما جعلوهم كالأجنبي عنه صلى اللّه عليه و آله ، فقال أبو حمزة الخارجي و الخوارج إحدى الفرق التاركة للوصيّ تبعا للأوّل و الثاني في ذمّ شيعته و شيعة عترته في خطبته : « قد قلّدوا أهل بيت من العرب و زعموا أنّ موالاتهم تغنيهم » .

« و لا يؤمنون بغيب » في ( تفسير القمي ) في قوله تعالى : . . . هدى للمتّقين . الّذين يؤمنون بالغيب . . . ١ أي : بالبعث و النشور و الوعد و الوعيد ٢ .

و روى يحيى بن أبي القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : الغيب هو الحجّة الغائب ٣ .

و شاهد ذلك قوله تعالى : و يقولون لو لا أنزل عليه آية من ربّه فقل إنّما الغيب للّه فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين ٤ .

« و لا يعفّون عن عيب » قال ابن أبي الحديد : روي « يعفون » من العفو ،

و « يعفّون » من العفّة ٥ .

قلت : الصواب الثاني ، فإنّ عدم العفو ترك فضل ، و هو عليه السّلام في مقام بيان أنّ كلّ عملهم رذل ، فلا بدّ أن يراد أنّهم لا يكفّون عن الفحص عن العيوب .

و روى محمّد بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : إنّ أبا بكر و عمر أتيا أمّ سلمة فقالا لها : إنّك قد كنت عند رجل قبل النّبي ، فكيف هو من ذلك في

ـــــــــــــــــ

( ١ ) البقرة : ٢ ٣ .

( ٢ ) تفسير القمي ١ : ٣٠ .

( ٣ ) كمال الدين للصدوق : ٣٤٠ ح ٢٠ في ذيل حديث .

( ٤ ) يونس : ٢٠ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٣٣ .

٥٥٢

الخلوة ؟ فقالت : ما هو إلاّ كسائر الرّجال . ثمّ خرجا عنها ، فقامت إليه مبادرة فرقا أن ينزل أمر من السماء فأخبرته ، فغضب النّبيّ صلى اللّه عليه و آله حتّى تربّد وجهه و التوى عرق الغضب بين عينيه ، و خرج و هو يجرّ رداءه حتى صعد المنبر ،

و بادرت الأنصار بالسّلاح ، و أمر بخيلهم أن تحضر ، فحمد اللّه و أثنى عليه ، ثمّ قال : ما بال أقوام يتّبعون عيبي ؟ و اللّه لأكرمكم حسبا ، و أطهركم مولدا ، لا يسألني أحد منكم عن أبيه إلاّ أخبرته . فقال إليه رجل فقال : من أبي ؟ فقال : فلان الراعي . . . ١ .

« يعملون في الشّبهات » كما قال تعالى : . . . فأمّا الّذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله . . . ٢ .

« و يسيرون في الشّهوات » روى ( الكافي ) أنّه عليه السّلام قال : إنّ الناس آلوا بعد النّبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى ثلاثة إلى أن قال : و جاهل مدّع للعلم لا علم له ، معجب بما عنده ، قد فتنته الدّنيا . . . ٣ .

و قال تعالى : . . . أضاعوا الصّلاة و اتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا ٤ .

« المعروف عندهم » و الصواب : ( فيهم ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) ٥ .

« ما عرفوا ، و المنكر عندهم ما أنكروا » عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال النّبي صلى اللّه عليه و آله :

كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، و فسق شبابكم ، و لم تأمروا بالمعروف ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٦٥ ح ٤١ .

( ٢ ) آل عمران : ٧ .

( ٣ ) الكافي للكليني ١ : ٣٣ ح ١ .

( ٤ ) مريم : ٥٩ .

( ٥ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٣٣ ، لكن في شرح ابن ميثم ٢ : ٣٠٥ « عندهم » أيضا .

٥٥٣

و لم تنهوا عن المنكر ؟ فقيل له : و يكون ذلك يا رسول اللّه ؟ قال : نعم ، و شرّ من ذلك ، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف ؟ قيل : يا رسول اللّه و يكون ذلك ؟ قال : نعم ، و شرّ من ذلك ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا ؟ ١ .

« مفزعهم في المعضلات » أي : المشكلات .

« إلى أنفسهم ، و تعويلهم » أى : اعتمادهم .

« في المهمّات » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( في المبهمات ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) ٢ .

« إلى آرائهم » الباطلة ، و نظرياتهم الخاطئة ، و مع أنّهم رأوا فاروقهم يقول مرارا : « معضلة و لا أبا حسن لها » ٣ . حتّى صار كالمثل السائر ، و أقرّ عند وفاته بأنّه عليه السّلام لو ولّيها ليحملنّهم علي المحجّة البيضاء ٤ ، يعرضون عنه و يجعلون أنفسهم في قباله ، بل يسعون في اضمحلال أمره .

« كأنّ كلّ امرى‏ء منهم إمام نفسه » كان عند أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام جماعة فيهم هشام بن الحكم و هو شاب ، فقال عليه السّلام : ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد و كيف سألته ؟ قال : جعلت فداك ، إنّي أجلّك و لا يعمل لساني بين يديك . فقال عليه السّلام : إذا أمرتكم بشي‏ء فافعلوه . قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة ، و عظم ذلك عليّ ، فخرجت إليه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أخرجه الحميري في قرب الاسناد : ٢٦ عن الصادق عن أبيه عن الباقر عليه السّلام عن النّبيّ صلى اللّه عليه و آله ، و أخرجه رزين في الجمع عنه جامع الاصول ١٠ : ٤١٢ ح ٧٤٨٥ عن عليّ عليه السّلام عن النّبي صلى اللّه عليه و آله .

( ٢ ) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٢ : ١٣٣ و شرح ابن ميثم ٢ : ٣٠٥ مثل المصرية أيضا .

( ٣ ) هذا حديث مشهور أخرجه الخوارزمي في مناقبه : ٥١ ، و مقتل الحسين ١ : ٤٥ ، و جمع آخر بفرق بين الألفاظ مرّ تخريجه في شرح فقرة « و الفضائل الجمّة » من خطبة الرضي .

( ٤ ) رواه ابن عساكر بطريقين في ترجمة عليّ عليه السّلام ٣ : ١٠٦ ح ١١٣٦ ، ١١٣٧ و غيره بفرق بين الألفاظ .

٥٥٤

و دخلت البصرة في يوم الجمعة ، فإذا أنا بحلقة كبيرة ، و إذا أنا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء متّزربها من صوف ، و شملة مرتديا بها ، و الناس يسألونه ،

فاستفرجت النّاس فأفرجوا لي ، ثمّ قعدت في آخر القوم على ركبتي ، ثمّ قلت :

أيّها العالم أنا رجل غريب أتأذن لي أسألك عن مسألة ؟ فقال : نعم . قلت : ألك عين ؟ قال : أي شي‏ء هذا من السؤال ؟ فقلت : هكذا مسألتي . فقال : يا بني سل ،

و إن كانت مسألتك حمقاء . فقلت : أجبني فيها . فقال لي : سل . فقلت : ألك عين ؟

قال : نعم . قلت : فما ترى بها ؟ قال : الألوان و الأشخاص . فقلت : ألك أنف ؟ قال :

نعم . قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أشمّ بها الرائحة . قلت : ألك فم ؟ قال : نعم . قلت :

و ما تصنع به ؟ قال : أعرف به طعم الأشياء . قلت : ألك لسان ؟ قال : نعم . قلت : و ما تصنع به ؟ قال : أتكلّم به . قلت : ألك أذن ؟ قال : نعم . قلت : و ما تصنع بها ؟ قال :

أسمع بها الأصوات . قلت : ألك يد ؟ قال : نعم . قلت : و ما تصنع بها ؟ قال : أبطش بها . قلت : ألك قلب ؟ قال : نعم . قلت : و ما تصنع به ؟ قال : أميّز به كلّ ما ورد على هذه الجوارح . قلت : أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب ؟ قال : لا . قلت : و كيف ذلك ، و هي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني إنّ الجوارح إذا شكّكت في شي‏ء شمّمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته أو لمسته ردّته إلى القلب فيصحّح اليقين ،

و يبطل الشك . فقلت : إنّما أقام اللّه القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم . قلت : فلا بدّ من القلب ، و إلاّ لم تستقم الجوارح ؟ قال : نعم . فقلت : يا أبا مروان إنّ اللّه تعالى لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماما يصحّح الصحيح ، و ييقن ما شك فيه ،

و يترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم و شكّهم و اختلافهم لا يقيم لهم إماما يردّون إليه شكّهم و حيرتهم ؟ قال : فسكت و لم يقل شيئا . ثمّ التفت إليّ ، فقال :

أنت هشام ؟ قلت : لا . قال : أجالسته ؟ قلت : لا . قال : فمن أين أنت ؟ قلت : من الكوفة .

قال : فأنت إذن هو . ثمّ ضمّني إليه و أقعدني في مجلسه ، و ما نطق حتّى قمت .

فضحك أبو عبد اللّه عليه السّلام و قال : من علّمك هذا ؟ فقال : شي‏ء جرى على لساني .

٥٥٥

فقال : هذا و اللّه مكتوب في صحف إبراهيم و موسى ١ .

و قال أبو الحسن الرّفا لابن رامين الفقيه : إنّ النبي صلى اللّه عليه و آله لمّا خرج من المدينة ما استخلف عليها أحدا ؟ قال : بلى ، استخلف عليّا . قال : و كيف لم يقل لأهل المدينة اختاروا فإنّكم لا تجتمعون على الضلال ؟ قال : خاف عليهم الخلف و الفتنة . قال : فلو وقع بينهم فساد لأصلحه عند عودته ؟ قال : هذا أوثق .

قال : أفاستخلف أحدا بعد موته ؟ قال : لا . قال : فموته أعظم من سفره ، فكيف أمن على الأمّة بعد موته ما خافه في سفره و هو حيّ عليهم ؟ فقطعه ٢ .

و سأل بعض الإمامية يحيى بن أكثم عن قول النّبيّ صلى اللّه عليه و آله حيث أخذ بيد علي عليه السّلام و أقامه للنّاس ، فقال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » ٣ أبأمر من اللّه تعالى ذلك أم برأيه ؟ فسكت عنه ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن قلت : برأيه نصبه للناس خالفت قوله تعالى : و ما ينطق عن الهوى ٤ و إن قلت : بأمر اللّه تعالى ثبتت إقامته . قال : فلم خالفوه و اتّخذوا وليّا غيره ٥ .

و قال أبو عليّ المحمودي لأبي الهذيل : أليس من دينك أنّ العصمة و التوفيق لا يكونان لك من اللّه إلاّ بعمل تستحقه به ؟ قال : نعم . قال : فقوله تعالى : . . . اليوم أكملت لكم دينكم . . . ٦ ؟ قال : قد أكمل لنا الدّين . فقال : ما تصنع بمسألة لا تجدها في الكتاب و السنّة ، و قول الصحابة ، و حيلة الفقهاء ؟

قال : هات . قال : خبّرني عن عشيرة كلّهم عنّين و قعوا في طهر واحد بامرأة

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ١ : ١٦٩ ح ٣ و الاحتجاج للطبرسي : ٣٦٧ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٢٥٨ .

( ٣ ) هذا حديث الغدير ، يأتي تخريجه في شرح فقرة « و لهم خصائص » في العنوان ٤ من هذا الفصل.

( ٤ ) النجم : ٣ .

( ٥ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٢٥٢ ، و السائل هو حمران بن أعين .

( ٦ ) المائدة : ٣ .

٥٥٦

و هم مختلفو العنّة ، فمنهم من وصل إلى بعض حاجته ، و منهم من قارب بحسب الإمكان منه ، أفي خلق اللّه اليوم من يعرف حدّ اللّه في كلّ رجل منهم و مقدار ما ارتكب من الخطيئة فيقيم عليه الحدّ في الدّنيا و يطهّره منه في الآخرة ؟ فأفحم ١ .

« قد أخذ منها بعرى ثقات و أسباب محكمات » الأصل فيه قوله تعالى :

فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن باللّه فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها . . . ٢ .

٣

من الخطبة ( ١٢٩ ) وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اَلْوَالِي عَلَى اَلْفُرُوجِ وَ اَلدِّمَاءِ وَ اَلْمَغَانِمِ وَ اَلْأَحْكَامِ وَ إِمَامَةِ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْبَخِيلُ فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ وَ لاَ اَلْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ وَ لاَ اَلْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ وَ لاَ اَلْحَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ وَ لاَ اَلْمُرْتَشِي فِي اَلْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَ يَقِفَ بِهَا دُونَ اَلْمَقَاطِعِ وَ لاَ اَلْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ اَلْأُمَّةَ أقول : رواه ابن الجوزي في ( مناقبه ) و سمّاه الخطبة المنبريّة ، نقله البحار و في آخره : « و لا المعطّل للسّنن فيؤدّي ذلك إلى الفجور ، و لا الباغي فيدحض الحقّ ، و لا الفاسق فيشين الشّرع » ٣ . و كلامه عليه السّلام هذا دالّ على اشتراط العصمة في الإمام كما عليه الإماميّة ، قال المسعودي : قال أهل الإمامة : نعت الإمام في نفسه أن يكون معصوما من الذنوب ، لأنّه إن لم يكن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ٢٤٩ .

( ٢ ) البقرة : ٢٥٦ .

( ٣ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٧ : ٢٩٤ ح ٣ .

٥٥٧
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

معصوما لم يؤمن أن يدخل في ما يدخل فيه غيره من الذّنوب ، فيحتاج إلى أن يقام عليه الحدّ كما يقيمه هو على غيره ، فيحتاج الإمام إلى إمام إلى غير نهاية ،

و لم يؤمن عليه أيضا أن يكون في الباطن فاسقا فاجرا كافرا . و أن يكون أعلم الخليفة ، لأنّه إن لم يكن عالما لم يؤمن عليه أن يقلب شرائع اللّه و أحكامه ،

فيقطع من يجب عليه الحدّ و يحدّ من يجب عليه القطع ، و يضع الأحكام في غير المواضع التي وضعها اللّه تعالى . و أن يكون أشجع الخلق ، لأنّهم يرجعون إليه في الحرب ، فإن جبن و هرب يكون قد باء بغضب من اللّه . و أن يكون أسخى الخلق ، لأنّه خازن المسلمين و أمينهم ، فان لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم و شرهت إلى ما في أيديهم ، و في ذلك الوعيد الشديد بالنار . و ذكروا خصالا كثيرة ينال بها أعلى درجات الفضل لا يشاركه فيها أحد ، و أنّ ذلك كلّه وجد في عليّ بن أبي طالب و ولده ، في السّبق إلى الايمان و الهجرة و القرابة و الحكم بالعدل و الجهاد في سبيل اللّه و الورع و الزّهد ، و أنّ اللّه قد أخبر عن بواطنهم و موافقتها لظواهرهم بقوله عزّ و جلّ و وصفه لهم في ما صنعوه من الإطعام للمسكين و اليتيم و الأسير ، و إنّ ذلك لوجهه خالصا لا أنّهم أبدوه بألسنتهم فقط ، و أخبر عن أمرهم في المنقلب و حسن الموئل في المحشر ، ثمّ في إخباره عزّ و جلّ عمّا أذهب عنهم من الرّجس و فعل بهم من التطهير . . . ١ .

و قال هشام بن الحكم لمحمّد بن أبي عمير لمّا سأله عن وجه اشتراط عصمة الإمام : إنّ جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها : الحرص و الحسد و الغضب و الشهوة ، فهذه منفيّة عنه لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدّنيا و هي تحت خاتمه ، لأنّه خازن المسلمين ، فعلى ماذا يحرص ؟ و لا يجوز أن يكون حسودا ، لأنّ الإنسان إنّما يحسد من فوقه ، و ليس فوقه أحد ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب للمسعودى ٣ : ٢٢٤ .

٥٥٨

فكيف يحسد من هو دونه ؟ و لا يجوز أن يغضب لشي‏ء من أمور الدّنيا إلاّ أن يكون غضبه للّه عزّ و جلّ ، فإنّ اللّه تعالى قد فرض عليه إقامة الحدود و أن لا تأخذه في اللّه لومة لائم ، و لا رأفة في دينه حتّى يقيم حدود اللّه تعالى . و لا يجوز أن يتّبع الشهوات و يؤثر الدّنيا على الآخرة ، لأنّ اللّه عزّ و جلّ حبّب إليه الآخرة كما حبّب إلينا الدّنيا ، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدّنيا ، فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح ، و طعاما طيّبا لطعام مرّ ، و ثوبا ليّنا لثوب خشن ،

و نعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية ؟ ١ « و قد علمتم أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج و الدّماء و المغانم و الأحكام و إمامة المسلمين البخيل » إنّما قال عليه السّلام : قد علمتم أنّه لا ينبغي ما ذكر مع كون أكثر أصحابه غير مستبصر ، و غير متعبّد بطريقته و طريقة أهل بيته ،

من كون الإمام كالنّبيّ ، إحالة لهم على الفطرة التي فطر الناس عليها ، فقد كانوا قد يقرّون بمقتضى الفطرة اضطرارا ، ففي ( الأغاني ) عن حبيب المهلّبي عن عمر بن شبّة عن خلاّد الأرقط قال : كان الشّراة و المسلمون يتوافقون و يتساءلون بينهم عن أمر الدين و غير ذلك على أمان و سكون ، فتواقف يوما عبيدة بن هلال اليشكري و أبو حزابة التّميمي و هما في الحرب ، فقال عبيدة : يا أبا حزابة إنّي سائلك عن أشياء ، أفتصدّقني في الجواب عنها ؟ قال : نعم ، إن تضمّنت لي مثل ذلك . قال : قد فعلت . قال : سل عمّا بدا لك . قال : ما تقول في أئمّتكم ؟ قال : يبيحون الدّم الحرام و الفرج الحرام . قال : فكيف فعلهم في المال ؟

قال : يجبونه من غير حلّه و ينفقونه في غير حقّه . قال : فكيف فعلهم في اليتيم ؟

قال : يظلمونه ماله و ينيكون أمّه . قال : و يلك يا أبا حزابة ، أفمثل هؤلاء تتّبع ؟

ـــــــــــــــــ

( ١ ) رواه الصدوق في الخصال : ٢١٥ ح ٣٦ باب الأربعة ، و معاني الأخبار : ١٣٣ ح ٣ ، و علل الشرائع : ٢٠٤ ح ٢ و الأمالي : ٥٠٥ ح ٥ المجلس ٩٢ .

٥٥٩

قال : قد أجبت ، فاسمع سؤالي و دع عنك عتابي على رأيي . قال : قل . قال : أيّ الخمر أطيب ، خمر السّهل أم الجبل ؟ قال : ويلك أ تسأل مثلي عن هذا ؟ قال :

أوجبت على نفسك أن تجيب . . . ١ .

و قال المبرّد في ( كامله ) بعد ذكر قتال المهلّب للخوارج من قبل ابن الزّبير و قتل عبد الملك لمصعب بن الزبير : ثمّ أتى الخوارج خبر قتله بمسكن ،

و لم يأتى المهلّب و أصحابه ، فتوافقوا يوما على الخندق ، فناداهم الخوارج ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : إمام هدى . قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا :

ضالّ مضلّ . فلمّا كان بعد يومين أتى المهلّب قتل مصعب ، و أنّ أهل الشام اجتمعوا على عبد الملك ، و ورد عليه كتاب عبد الملك بولايته ، فلمّا توافقوا ناداهم الخوارج ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : لا نخبركم . قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : إمام هدى . قالوا : يا أعداء اللّه ، بالأمس ضالّ مضلّ و اليوم مام هدى يا عبيد الدّنيا عليكم لعنة اللّه . . . ٢ .

فيقال للخوارج : إنّ ما فعله أصحاب المهلّب و إن كان خلاف الفطرة التي فطر النّاس عليها إلاّ أنّه لازم تولّيكم صدّيقكم و فاروقكم ، فأنتم السفهاء حيث تجمعون بين ولايتهما و إنكار مثل ذلك .

و في ( كامل المبرّد ) كتب نافع إلى عبد اللّه بن الزّبير يدعوه إلى أمره : أمّا بعد ، فإنّي أحذّرك من اللّه يوم تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها و بينه أمدا بعيدا و يحذّركم اللّه نفسه . . . ٣ .

إلى أن قال : و قد حضرت عثمان يوم قتل ، فلعمري لئن كان قتل مظلوما فقد

ـــــــــــــــــ

( ١ ) لم أجده في الأغاني .

( ٢ ) الكامل للمبرد ٨ : ٥٢ .

( ٣ ) آل عمران : ٣٠ .

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652