تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين6%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 311015 / تحميل: 6555
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

عليها غلمة من آل فهر

شمائلها أرقّ من الشمال

تمدّ إلى الطعان طوال أيد

إذا قصرت عن الطعن العوالي

تسابق للمنية كالعطاشى

قد استبقت إلى الورد الزلال

وما برحت تحيي البيض حتى

هوت مثلَ البدور على الرمال

تساقط عن متون الخيل صرعى

كما سقطت من السلك اللئالي

غدت أشلاؤهم قطعاً وأضحت

صدورهم جفيراً للنبال

وأصبح مفرداً فرد المعالي

يُثني عضبه جمع الضلال

عدا فأطار قلب الجيش رعباً

ثنى قلب اليمين على الشمال

يكاد الرمح يورق في يديه

لما في راحتيه من النوال

فما بأس ابن غيلٍ وهو طاوٍ

رأى شبليه في أيدي الرجال

بأشجع من حسين حين أضحى

بلا صحب يدير رحى القتال

سطا فاقتضّها بالرمح بكراً

والقحها عوانا عن حيال

ولما اشتاق للاخرى ووفى

بحدّ حسامه حق المعالي

هوى للترب ظامي القلب نهباً

لبيض القضب والأسل الطوال

وثاوٍ في هجير الشمس عارٍ

تظلله أنابيب العوالي

أبى إلا الإبا فقضى عزيزاً

كريم العهد محمود الفعال

قضى عطر الثياب يفوح منها

أريج العزّ لا أرج الغوالي

وأرخص في فداء الدين نفساً

يفدّيها القضاء بكل غالي

وما سلبت عداه منه إلا

رِداً أبلته غاشية النبال

وسيفاً فلّ مضربه قراع

الطلى ومحزّق الدرع المذال

لهيف القلب تُروى من دماه

ـ برغم الدين ـ صادية النصال

تفطر قلبه وعداه ظلماً

تحلئه عن الماء الحلال

صريعاً والعتاق الجرد تقفو

الرعال بجسمه إثر الرعال

٣٢١

وثاكلة تناديه بصوت

يزلزل شجوه شمّ الجبال

عزيز يا بن امّ عليّ تبقى

ثلاثاً في هجير الشمس صال

أخي انظر نساءك حاسرات

تستّر باليمين وبالشمال

سرت أسرى كما اشتهت الأعادي

حواسر فوق أقتاب الجمال

* * *

الشيخ حسن الحمود أديب موهوب يتحدر نسبه من اسرة عربية تنتمي إلى قبيلة ( طفيل ) ووالده العالم الجليل والفقيه الكبير الشيخ علي هاجر من الحلة إلى النجف وهو علي بن الحسين بن حمود توجه وهو في سنّ الكهولة وأكبّ على طلب العلم حتى نال درجة الاجتهاد مضافاً الى تقاه وورعه وموضع ثقة المجتمع على اختلاف طبقاته فكان يقيم الصلاة وتأتم به في الصحن العلوي الشريف مختلف الطبقات إلى أن توفي 7 شوال 1344 بعد مرض ألزمه الفراش أعواماً ولقد رزقه الله ولدين فاضلين هما الحسن والحسين أما الثاني وهو الأصغر فكان من المجتهدين العظام وممن يشار اليهم بالبنان وقد توفي قريباً وهو من المعمرين، وأما الأول وهو المترجم له فقد كان من نوابغ عصره ومولده كان حوالي سنة 1305 في النجف ونشأ بها في كنف والده، ومن أشهر أساتذته الذين اتصل بهم واستفاد منهم في العربية وآدابها هو الشيخ محمد رضا الخزاعي والشيخ عبد الحسين بن ملا قاسم الحلي والسيد مهدي الغريفي البحراني ثم هو من خلال ذلك شديد الملازمة لحضور نادي العلامة الجليل السيد محمد سعيد الحبوبي وقد كتب بخطه الجميل ديوان الشيخ محمد رضا الخزاعي وهناك مخطوطات أدبية كتبها بخطه، توفاه الله يوم الثلاثاء 11 ربيع الثاني سنة 1337 الموافق 1 كانون الثاني 1919 ودفن في الصحن الحيدري أمام الإيوان الذهبي وجزع عليه أبوه جزعاً شديداً بان عليه أثره كما أسف عليه عارفوه وأقام له مجلس العزاء الفاضل الأديب السيد علي سليل العلامة الجليل السيد محمد سعيد الحبوبي ورثاه بقصيدة مطلعها:

أو بعد ظعنك تستطاب الدار

فيقرّ فيها للنزيل قرار

٣٢٢

وظهرت شجاعته الأدبية يوم دعي إلى بغداد لأداء الامتحان في عهد الدولة العثمانية بدل من أن يساق لخدمة الدفاع المصطلح عليها ب‍ ( القرعة ) وكان رئيس اللجنة السيد شكري الألوسي وعندما استجوب بمسائل دينية وعربية نحوية وصرفية أكبره الرئيس الالوسي فمنحه ساعة ذهبية فارتجل المترجم له قصيدة أولها.

يا فكر دونك فانظمها لنا دررا

من المدائح تتلوها لنا سورا

ويا لساني فصّلها عيون ثنى

تزان فيه عيون الشعر والشعرا

ويا قريحة جودي في مديح فتى

تجاوز النيرين الشمس والقمرا

خلف آثاراً منها رسالة في علم الصرف وهي اليوم عند ولده الشيخ أحمد وديوان شعره الذي جمعه ولده المشار اليه يقارب 1500 بيتاً وهو مرتب على حروف الهجاء ومن أشهر قصائد رائعته التي نظمها في الصديقة الطاهرة فاطمة بنت النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وملاؤها شجاء وأولها:

سل أربعا فطمت أكنافها السحب

عن ساكنيها متى عن افقها غربوا

وهي مشهورة محفوظة وقد ترجم له الكاتب المعاصر علي الخاقاني في شعراء الحلة ترجمة ضافية وذكر طائفة من أشعاره ونوادره وغزلياته ومراسلاته أما قصائده الحسينية فاليك مطالعها:

1 ـ هنّ المنازل غيّرت آياتها

أيدي البلى وطوت حسان صفاتها

69 بيتاً

2 ـ لست ممن قضى بحبّ الملاح

لا ولا هائماً بذات الوشاح

54 بيتاً

3 ـ ما شجاني هوى الحسان الغيد

لا ولا همتُ في غزال زرود

58 بيتاً

4 ـ من هاشم العلياء جبّ سنامها

خطب أحلّ من الوجود نظامها

42 بيتاً

٣٢٣

5 ـ ألا دع عيوني لهتانها

وخلّ حشاي لنيرانها

50 بيتاً

وله من قصيدة في الإمام الحسين (ع):

خلت أربع اللذات واللهو والانس

ولم يبق منها غير أطلالها الدرسِ

وقفت بها والوجد ثقّف أضلعي

ومن حرقي كادت تفيض بها نفسي

اسائلها اين الذين عهدتهم

تضيئين فيهم كنت يا دار بالأمس

فلم تطق التعبير عمّا سألتها

لتخبرني آثار أطلالها الخرس

فأجريتُ دمعي في ثراها تذكراً

لأربع طه سيد الجنّ والانس

لقد أقفرت مذ غاب عنها ابن فاطم

وأضحت مزار الوحش خاوية الاسّ

سرى نحو أرجاء العراق تحوطه

أسودٌ لورد الموت أظما من الخمس

أفاعي قناهم تنفث الموت في العدا

إذا اعتقلوها وهي ليّنة اللمس

وبيض ضباهم يدهش الحتف ومضها

ويترك أسد الغاب خافتة الحسّ

تهادى كأمثال النشاوى إلى الردى

إذا غنّت البيض الرقاق على الترس

أباحوا جسوم القوم بيض سيوفهم

فلم تر غير الكف في الأرض والرأس

ولما دعاهم ربهم للقائه

هلموا أحبائي إلى حضرة القدس

هووا للثرى نهب الصفاح جسومهم

عراة على البوغاء تصهر بالشمس

تجول عليها العاديات نهارها

وتأتي عليها الوحش تنحب إذ تمسي

كرام تفانوا دون نصر ابن أحمد

وأقصى سخاء المرء أن يسخ بالنفس

وله في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومصرعه قصيدة مطلعها:

عج بسفح اللوى وحيّ الربوعا

وأذل قلبك المعنّى دموعا

واخرى في الصديقة فاطمة الزهراء (ع) أولها:

لا رعى الله قيلة وعراها

سخط موسى وحلّ منها عراها

٣٢٤

وله من قصيدة في مدح السيد محمد القزويني وهذا غزلها:

أتى زائراً والليل شابت ذوائبه

يرنحه غصن الصبا ويلاعبه

تزرّ على البدر المنير جيوبه

وتضفو على الغصن النضير جلاببه

يقابل ليلاً صدره افق السما

فترسم فيه كالعقود كواكبه

على وجنتيه أنبت الحسن روضة

حمتها أفاعي فرعه وعقاربه

وفي فمه ماء الحياة الذي به

يعيش ـ إلى أن ينقضي الدهر ـ شاربه

( ولعت به غضّ الشبيبة ناشئاً )

جرى الماء في خديه واخضرّ شاربه

فغادرني ( قوساً ) مثقّف قدّه

وصيّرني رهن الكآبة ( حاجبه )

وقلت له زر. قال يفضحني السنا

فقلت له ذا ليل شعرك حاجبه

فقال ظلام الليل لم يخف طلعتي

فقلت له أردى الكرى مَن تراقبه

فجاء وقد مدّ الظلام رواقه

تمانعه أردافه وتجاذبه

فبتنا وأثواب العفاف تلفّنا

وسادته زندي وطوقي ذوائبه

ونروي أحاديث الصبابة بيننا

فيعذلني طوراً وطوراً اعاتبه

إلى أن أغار الصبح في نوره على

دجى الليل وانجابت برغمي غياهبه

فودعني والدمع يغلب نطقه

وقد غمر الأرض البسيطة ساربه

وفارقته لكن قلي من جوى

جرى أدمعاً من غرب عيني ذائبه

بديع جمال عن معانيه قاصر

بياني وقد ضاقت عليّ مذاهبه

غدائره سودٌ وحمر خدوده

وصفر تراقيه وبيض ترائبه

وخطّ يراع الحسن لاماً بخده

فسبحان باريه ويا عزّ كاتبه

رقيق أديم الوجه يجرح خده

إذا ما النسيم الغضّ هبّت جنائبه

إذا مرّ في وادي الأراك تغارُ من

محاسنه أغصانه ورباربه

٣٢٥

الحاج مصطفى ميرزا

المتوفى 1338

يا راكب القود تجوب الفلا

وتقطع الأغوار والأنجدا

عرّج على الطف وعرّس بها

عني وقف في أرضها مكمدا

وانشد بها من كل ترب العلا

من هاشم مَن شئت أن تنشدا

فكم ثوت فيها بدور الدجى

وكم هوت فيها نجوم الهدى

وكم بها للمجد من صارم

عضبٍ على رغم العلى أغمدا

كل فتى يعطي الردى نفسه

ولم يكن يعطي لضيم يدا

يخوض ليل النقع يوم الوغى

تحسبه في جنحه فرقدا

يصدع قلب الجيش إما سطا

ويصدع الظلماء إما بدا

تلقاء مثل الليث يوم الوغى

بأساً ومثل الغيث يوم الندى

إن ركع الصارم في كفه

خرّت له هام العدى سجّدا

لم يعترض يوم الوغى جحفلاً

إلا وثنّى جمعه مفردا

سامهم الذل بها معشر

والموت أحلى لهم موردا

ومذ رأوا عيشهم ذلة

والموت بالعز غدا أرغدا

خاضوا لظى الهيجاء مشبوبة

واقتحموا بحر الردى مزبدا

وقبّلوا خدّ الظبا أحمراً

وعانقوا قدّ القنا أغيدا

وجرّدوا من عزمهم مرهفاً

أمضى من السيف إذا جرّدا

يفدون سبط المصطفى أنفساً

قلّ بأهل الأرض أن تفتدى

٣٢٦

عجبت من قوم دعوه إلى

جند عليه بذله جنّدا

وواعدوه النصر حتى إذا

وافى اليهم أخلفوا الموعدا

وأوقدوا النار على خيمة

وتّدها بالشهب مَن وتّدا

يا بأبي ظمآن مستسقياً

وما سقوه غير كأس الردى

ويا بروحي جسمه ما الذي

جرى عليه من خيول العدا

وذات خدر برزت بعده

في زفرات تصدع الأكبدا

وقومها منها بمرأىً فما

أقربهم منها وما أبعدا

فلتبك عين الدين من وقعة

أبكت دماً في وقعها الجلمدا

وقال من قصيدة في الامام الحسين (ع):

وقائلة لي عزّ قلبك بعدهم

فقلت أصبت القول لو كان لي قلبُ

فقد أرخصت مني الدموع ولم أزل

اغالي بدمعي كلما استامه خطب

رزية قوم يمموا أرض كربلا

فعاد عبيراً منهم ذلك الترب

أكارم يروي الغيث والليث عنهم

إذا وهبوا ملأ الحقائب أوهبّوا

إذا نازلوا الأعداء أقفر ربعها

وإن نزلوا في بلدة عمّها الخصب

تخفّ بهم يوم اللقاء خيولهم

فتحسبها ريحاً على متنها الهضب

إذا انتدبوا يوم الكريهة أقبلوا

يسابق ندباً منهم ما جد ندب

يكلفهم أبناء هند مذلة

وتوصيهم بالعزّ هندية قضب

فيا لهفة الاسلام من آل هاشم

ووا حرباً للدين مما جنت حرب

فأضحى إمام المسلمين مجرداً

وحيداً فلا آل لديه ولا صحب

وظلّ وليل النقع داجٍ تحفه

نصول القنا كالبدر حفّت به الشهب

وقد ولي الهنديّ تفريق جمعهم

فصحّ ( لتقسيم ) الجسوم به الضرب

إلى أن قضى ظمآن والماء دونه

( مباح على الرواد منهله العذب )

بنفسي يا مولاي خدك عافر

وجسمك مطروح أضرّ به السلب

* * *

٣٢٧

الشيخ اغا مصطفى ابن الاغا حسن ابن الميرزا جواد ابن الميرزا أحمد التبريزي من اسرة مجتهد الشهيرة بتبريز، ولد سنة 1295 وتوفي فيها في أواسط شهر رمضان 1337 وجاءت جنازته إلى النجف الاشرف سنة 1338 درس بالنجف مدة حتى نال حظاً وافراً من العلم ورجع لمسقط رأسه.

كان كما يقول الشيخ الأميني في ( شهداء الفضيلة ) أحد أفذاذ الامة وعباقرة العصر الحاظر. ولد بتبريز سنة 1297 وتخرّج على الخراساني وشيخ الشريعة الأصبهاني وآية الله الطباطبائي اليزدي. له حاشية على الكفاية في الاصول لم تتم. رسالة في اللباس المشكوك، أرجوزة في علمي العروض والقافية، رسائل مختلفة في الفلكيات والرياضيات، اما في الأدب فكان فارس ميدانه، ولقد قال فيه الحجة المصلح الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء:

تركت سيوف الهند دونك في الفتك

على العرب العربا وأنت من الترك

تبرّزت من تبريز رب فصاحة

بها مدنياً قد حسبناك أو مكي

فكم لك من نثر ونظم تزيّنت

بنفسهما المسكيّ كافورة المسك

سبكتَ مياه الحسن في حسن سبكها

فيها لأبيك الخير من حسن السبك

لو الملك الضليل يهدى لمثلها

لظلّ يفاديها وإن عزّ بالمسك

وتسليه عن ( ذكرى حبيب ومنزل )

ويضحك إعجاباً بها من ( قفا نبك )

إذا رحت تتلوها غداً وهو قائل

فديتك واللسن الأعاريب يا تركي

لباب معان يسحر اللب لفظها

فيحسبه نظم اللئالي بلا سلك

ولكن آي المصطفى آية العلى

أثارت فآثرت اليقين على الشك

فتى زاد أيام الصبا سمك رفعة

تقاصر شأو الشيب عن ذلك السمك

وتلقاه قبل الاختبار مهذباً

مخائله تغني اللبيب عن المسك

وللعلامة الشيخ محمد رضا الأصبهاني هذه الأبيات كتبها اليه:

علوت في الفضل السهى والسماك

فأنت بدر والمعالي سماك

لاغرو إن فقت الثريا علاً

فأنت في ذلك تقفو أباك

ومذ حللت القلب أكرمته

وكيف لا يكرم مثلي حماك

٣٢٨

وله من الشعر معارضاً قصيدة الشيخ محمد السماوي التي أولها:

وجهك في حسنه تفنن

أنبت حول الشقق سوسن

قال في أولها:

سبحان من صاغه وكوّن

في غصنٍ وردةً وسوسن

أحنّ من ثغره ومَن ذا

رأيته لليتيم ما حن

شطّر بالوجد بيت قلبي

وفيه كل الغرام ضمّن

الله كم من دقيق معنى

للحسن ذاك الوشاح بيّن

ضمّن قلبي الأسى وعهدي

بمتلف الحب لا يضمّن

لولا ثناياه ما حسبنا

أن صغار الجمان أثمن

وكانت بينه وبين الشيخ اغا رضا الأصبهاني والشيخ جواد الشبيبي مراسلات ومما أرسل اليهما قصيدة أولها:

شهدت ليس الشهد غير ريقها

ما ذاقها سواك يا سواكها

وغير أخلاق الرضا فهي التي

ما أدركت أو لو النهى إدراكها

المرتدي ببردة العلم التي

سدى التقى لحمتها وحاكها

تعوّدت أنمله البسط فلو

همّ ببخل لم يطق إمساكها

يابن الاولى قد وطأت أقدامهم

هام السما فشرّفوا أملاكها

وترجم له في ( الحصون المنيعة ) فقال: كان شاباً ظريفاً حسن الأخلاق طيب الاعراق، جميل المعاشرة، عالماً فاضلاً مهذباً كاملاً، أديباً لبيباً، شاعراً ماهراً، وله شعر جيد السبك رائق اللفظ وله مطارحات ومراجعات مع شعراء عصره من شعراء النجف وغيرهم، وكان من أصدقاء الشيخ اغا رضا الأصفهاني فكم دارت بينهما من مطارحات ومراسلات شعرية وأدبية. انتهى

٣٢٩

السيد عبد المطلب الحي

المتوفى 1339

قم بنا ننشد العيس الطلاحا

عن بلاد الذلّ نأياً وانتزاحا

الى ان يتخلص لموقف الحسين وبطولته فيقول:

بأبي الثابت في الحرب على

قدم ما هزّها الخوف براحا

كلما خفّت بأطواد الحجا

زاد حلماً خفّ بالطود ارتجاحا

مسعر إن تخبو نيران الوغى

جرّد العزم وأوراها اقتداحا

لم يزل يرسي به الحلم على

جمرها صبراً وقد شبّت رماحا

كلما جدّت به الحرب رأى

جدّها في ملتقى الموت مزاحا

إن يخنه السيف والدرع لدى

ملتقى الخيل إتقاءً وكفاحا

لم يخنه الصبر والعزم إذا

صرّت الحرب إدّراعاً واتشاحا

رب شهباء رداح فلّها

حين لاقت منه شهباء رداحا

كلما ضاق به صدر الفضا

صدره زاد اتساعاً وانشراحا

فمشى قدماً لها في فتية

كأسود الغاب يغشون الكفاحا

يسيقون الجرد في الهيجا إذا

صائح الحي بهم في الروع صاحا

ويمدّون ولكن أيدياً

للعدى تسبق بالطعن الرماحا

أيدياً في حالة تنشي الردى

وبأخرى تمطر الجود سماحا

فهي طوراً بالندى تحيي الورى

وهي طوراً أجلٌ كان متاحا

بأبي أفدي وجوهاً منهم

صافحوا في كربلا فيها الصفاحا

٣٣٠

أوجهاً يشرقن بشراً كلما

كلح العام ويقطرن سماحا

تتجلى تحت ظلماء الوغى

كالمصابيح التماعاً والتماحا

أرخصوا دون ابن بنت المصطفى

أنفساً تاقت إلى الله رواحا

فقضوا صبراً ومن أعطافهم

أرج العز بثوب الدهر فاحا

لم تذق ماءً سوى منبعثٍ

من دم القلب به غصت جراحا

أنهلت من دمها لو أنه

كان من ظامي الحشا يطفي التياحا

أعريت فهي على أن ترتدي

بنسيج الترب تمتاح الرياحا

وتبقّوا أجدلاً من عزّه

لسوى الرحمن لم يخفض جناحا

يتلقى مرسل النبل بصد

رٍ وسع الخطب وقد سدّ البطاحا

فقضى لكن عزيزاً بعدما

حطم السمر كما فلّ الصفاحا

ثاوياً ما نقمت منه العدى

صرعة قد أفنت الشعر امتداحا

ونواعيها مدى الدهر شجى

يتجاوبن مساءً وصباحا

وآ صريعاً نهبت منه الضبا

مهجة ذابت من الوجد التياحا

يتلظى عطشاً فوق الثرى

والروى من حوله ساغ قراحا

هدموا في قتله ركن الهدى

واستطاحوا عمد الدين فطاحا

بكت البيض عليه شجوها

والمذاكي يتصاهلن نياحا

أيّ يوم ملأ الدنيا أسىً

طبّق الكون عجيجاً وصياحا

يوم أضحى حرم الله به

للمغاوير على الطف مباحا

أبرزت منه بنات المصطفى

حائرات يتقارضن المناحا

أيها المدلج في زيافة

تنشر الأكم كما تطوي البطاحا

فإذا جئت الغريين أرح

فلقد نلتَ بمسراك النجاحا

صل ضريح المرتضى عني وخذ

غرب عتب يملأ القلب جراحا

قل له يا أسد الله استمع

نفثةً ضاق بها الصدر فباحا

٣٣١

كم رضيع لك بالطفى قضى

عاطشاً يقبض بالراحة راحا

أرضعته حُلُم النبل دماً

من نجيع الدم لا الدرّ القراحا

ولكم ربة خدر ما رأى

شخصها الوهم ولا بالظن لاحا

أصبحت ربّة كور وبها

ترقل العيس غدواً ورواحا

سلبت أبرادها فالتحفت

بوقار صانها عن أن تباحا

واكتست برداً من الهيبة قد

ردّ عنها نظر العين التماحا

لو تراها يوم أضحت بالعرى

جزعاً تندب رحلاً مستباحا

حيث لا من هاشم ذو نخوة

دونها في كربلا يدمي السلاحا

* * *

السيد عبد المطلب الحسيني، ابن السيد داود بن المهدي بن داود بن سليمان الكبير. علم من أعلام الأدب، كريم الحسب والنسب، فجدّه لأبيه السيد مهدي بن داود وقد مرت ترجمته وعمّه السيد حيدر بن سليمان الذائع الصيت، تجد مسحة حيدرية على شعره اكتسبها منه، يقول الشيخ اليعقوبي في ترجمته: كان فصيح البيان جري اللسان كثير الحفظ ذكي الخاطر خصب القريحة مرهف الحس، كان يعرض شعره على عمّه في حياته ورثاه بعد وفاته بثلاث قصائد، وقد أطراه الشيخ محمد الجواد الشبيبي ـ شيخ الأدب في العراق ـ واليك نص ما قاله:

وقد أغرب مذ أعرب سيد بطحائها ( عبد المطلب ) عن رثاء لو وعته الخنساء لأذهلها عن صخر. ولد المترجم في الحلة حوالي سنة 1280 ونشأ فيها وكان جلّ تحصيله الادبي من عمه السيد حيدر وخاض المعارك السياسية وكان صوته يجلجل بشعره وخطبه داعياً لجمع الكلمة والوحدة الإسلامية وأثار حماسة العشائر الفراتية بنظمه باللغتين الفصحى والدارجة حتى احرقت داره بعد ما نهبت، وهذه قصائد الوطنية المنشورة يومذاك في صحف بغداد تشهد بذلك.

٣٣٢

آثاره الادبية:

1 ـ جمع ديوان عمه السيد حيدر ووضع له مقدمة ضافية طبعت مع الديوان سنة 1313.

2 ـ جمع ديوان جده السيد مهدي في جزئين كبيرين.

3 ـ ديوانه الذي يجمع مجموعة أشعاره.

4 ـ شرح ديوان المهيار الديلمي بثلاثة أجزاء، وهو من أسمى شروح ديوان المهيار.

اليك نبذة من روائعه فهذه قصيدته التي أنشأها سنة 1331 في الحرب الايطالية:

أيها الغرب منك ماذا لقينا

كل يوم تثير حرباً طحونا

تظهر السلم للأنام وتخفي

تحت طيّ الضلوع داء دفينا

أجهلتم بأننا مذ خلقنا

عرب ليس ينزل الضيم فينا

ولنا نبعة من العزّ يأبى

عودها أن يلين للغامزينا

قد قفونا آباءنا للمعالي

واليها أبناؤنا تقتفينا

علّمونا ضرب الرقاب دراكا

وعلى الطعن في الكلى درّبونا

نحن قوم إذا الوغى ضرستنا

لم نبدّل بشدة البأس لينا

وإذا ما رحى الحروب استدارت

نحن كنا أقطابها الثابتينا

ما شربنا على القذا مذ وردنا

وسوى الصفو لم نكن واردينا

لاندي الوتر للعدا إن وترنا

وعلى الوتر لا نغضّ الجفونا

وإذا ما نسبتنا يوم روع

لوغىً فهي أمّنا وأبونا

شمل الجور شعبنا فائتلفنا

لدفاع العدو متحدينا

قل لايطاليا التي جهلتنا

بثبات الاقدام هل عرفونا

كيف ترجو كلاب ( رومة ) منا

أن ترانا لحكمها خاضعينا

دون أن تفلق الجماجم والهام

بضرب يأتي على الدارعينا

٣٣٣

نبحونا مهوّلين فلما

ان زأرنا عاد النباح أنينا

حيث لم تجدها المناطيد نفعاً

كلما حلّقوا بها معتدينا

سائلوها بنا غداة التقينا

والمنايا يخطرن فيهم وفينا

كيف رعناهم الغداة بضرب

جعل الشك في المنايا يقينا

زاحفونا بجيشهم فزحفنا

وقلبنا على الشمال اليمينا

كشلما صلّت القواضب خروا

للضبا لا لربهم ساجدينا

ملأوا البرّ بالجيوش كما قد

شحنوا مثلها البحور سفينا

كلما صاحت المدافع ثُبنا

بصليل الضبا لها مسكتينا

ونقضنا صفوفهم بطعان

لم يدع للطليان صفاً مكينا

أنكرونا أنا بنو تلكم الأسد

فلما ثرنا لها عرفونا

سل ( طرابلسا ) التي نزلوها

كيف ذاقوا بها العذاب المهينا

كلما بالفرار جدّوا ترانا

بالضبا في رؤوسهم لاعبينا

يا رسولي للمسلمين تحمّل

صرخة تملأ الوجود رنينا

وتعمّد بطحاء مكة واهتف

ببني فاطم ركينا ركينا

وعلى الحي من نزار وقحطان

فعج وامزج الهتاف حنينا

الحراك الحراك يا فئة الله

إلى الحرب لا السكون السكونا

أبلغا عني الخليفة قولاً

غثّه في المقال كان سمينا

أبجدٍّ بالصلح نرضى فنمسي

نقرع السن بعده نادمينا

كيف ترضى على ( الهلال ) نراهم

وهُم في صليبهم باذخونا

فارفض الصلح يابن مَن دوخوها

بشبا المرهفات روماً و ( صينا )

يا بن ودي عرّج بإيران فينا

إنها اليوم نهزة الطمعينا

قف لنبكي استقلالها بعيون

ننزف الدمع في الخدود سخينا

وعلى مشهد الرضا عج ففيه

فَعلَ الروس ما أشاب الجنينا

تركوا المسلمين فيه حصيداً

واستباحوا منه الرواق المصونا

لا تحدّث بما جرى فيه إعلا

ناً فإن الحديث كان شجونا

٣٣٤

وشعره بهذا المستوى العالي سواءاً نظم في السياسة أو في الغزل أو المدح والرثاء، ودّع الحياة بضواحي الحلة يوم 13 ربيع الأول سنة 1339 وعمره قد قارب الستين ونيران الثورة العراقية لم تخبو بعد في الفرات الأوسط. وحمل نعشه إلى النجف ودفن بوادي السلام، كتب عنه السيد محمد علي كمال الدين في كتابه ( الثورة العراقية الكبرى ) وذكر قصيدة عبد الكريم العلاف في رثائه وهنا نورد رائعة اخرى من روائعه في رثاء جده الإمام الحسين (ع):

أيقظته نخوة العزّ فثارا

يملأ الكون طعاناً ومغارا

مستميتاً للوغى يمشي على

قدم لم تشك في الحرب عثارا

يسبق الطعنة بالموت الى

أنفس الأبطال في الروع ابتدارا

ساهراً يرعى ثنايا غزّه

بعيون تحتسي النوم غرارا

مفرداً يحمي ذمار المصطفى

وأبيّ الضيم من يحمي الذمارا

منتضٍ عزماً إذا السيف نبا

كان أمضى من شبا السيف عرار

ثابت إن هزت الأرض به

قال قِريّ تحت نعليّ قرارا

طمعت أبناء حرب أن ترى

فيه للضيم انعطافاً وانكسارا

حاولت تصطاد منه أجدلاً

نفض الذل على الوكر وطارا

ورجت للخسف أن تجذبه

أرقماً قد ألف العزّ وِجارا

كيف يعطي بيد الهون إلى

طاعة الرجس عن الموت حذارا

فأبى إلا التي إن ذكرت

هزّت الكون اندهاشاً وانذعارا

تخلق الأيام في جدّتها

وهي تزداد علاءً وفخارا

فأتى من بأسه في جحفل

زحفه سدّ على الباغي القفارا

وليوث من بني عمرو العلى

لبسوا الصبرَ لدى الطعن دثارا

كل مطعام إذا سيل القرى

يوم محل نَحرَ الكوم العشارا

وطليق الوجه يندى مشرقاً

كلما وجه السما جفّ اغبرارا

هو ترب الغيث إن عامٌ جفا

وأخو الليث إذا ما النقع ثارا

أشعروا ضرباً بهيجاء غدا

لهم في ضنكها الموت شعارا

٣٣٥

غامروا في العز حتى عبروا

للعلى من لجج الموت غمارا

وعلى الأحساب غاروا فقضوا

بالضبا صبراً لدى الهيجا غيارى

فقضوا حق المعالي ومضوا

طاهري الأعراض لم يدنسن عارا

قصرت أعمارهم حين غدا

لهم القتل على العزّ قصارا

عقدوا الاخرى عليهم ولها

فارقوا الدنيا طلاقاً وظهارا

جعلوا أنفسهم مهراً لها

والرؤوس الغالبيات نثارا

والمصابيح التي تجلى بها

صيروهنّ رماحاً وشفارا

يا له عقداً جرى في كربلا

بجزيل الأجر لم يعقب خسارا

أقدموا في حيث آساد الشرى

نكصت عن موكب الضرب فرارا

وتدانوا والقنا مُشرعة

يتلمظنّ إلى الطعن انتظارا

بذلوها أنفساً غالية

كبرت بالعز أن ترضى الصغارا

أنفساً قد كضّها حرّ الظما

فاسالوها عن الطعن حرارا

تاجروا لله بها في ساعة

لم تدع فيه لذي بيع خيارا

أيها المرقل فيها جسرة

كهبوب الريح تجتاب القفارا

صل إلى طيبة وأعقلها لدى

أمنع الخلق حريماً وجوارا

وأنخها عنده موقرةً

بالشجا قد خلعت عنها الوقارا

وله لا تعلن الشكوى وإن

كبر الفادح أن يغدو سرارا

حذراً من شامت يسمعها

كان بالرغم لخير الرسل جارا

فلقد أضرم قدماً فتنة

كربلا منها غدت تصلى شرارا

قل له عن ذي حشاً قد نفذت

أدمعاً سال بها الوجد انهمارا

يا رسول الله ما أفضعها

نكبةً لم تبق للشهم اعتذارا

كم لكم حرّ دم في كربلا

ذهبت فيه المباتير جُبارا

يوم ثار الله في الأرض به

آلُ حربٍ أدركت بالطف ثارا

والذي أعقب كسراً في الهدى

ليس يلقى أبد الدهر انجبارا

حرم التنزيل والنور الذي

بسناه غاسق الشرك استنارا

٣٣٦

وصفاياك اللواتي دونها

ضرب الله من الحجب ستارا

أبرزت حاسرةً لكن على

حالةٍ لم تبق للجلد اصطبارا

لا خمارٌ يستر الوجهَ وهل

لكريمات الهدى أبقوا خمارا

لا ومن ألبسها من نوره

أُزراً مذ سلبوا عنها الأزارا

لم تدع أيدي بني حرب لها

من حجاب فيه عنهم تتوارى

لو تراها يوم فرّت وعلى

خدرها في خيله الرجس أغارا

يتسابقن إلى الحامي وهل

يملك الثاوي على الترب انتصارا

تربط الأيدي من الرعب على

مهجٍ طارت من الرعب انذعارا

تتوارى بثرى الرمضا أسىً

لقتيل بالعرا ليس يوارى

وهو ملقى بثرى هاجرة

يصطلى من وهج الرمضا أوارا

كلما صعّدت الوجدَ أبى

دمعها من لوعةٍ إلا انحدارا

لم تجد من كافل إلا فتى

مضّه السقم وأطفالا صغارا

بالظما أعينها غارت وما

ذاقت الماء فليت الماء غارا

تحرق البوغاء منهم أرجلاً

أنعلتها أرؤوس النجم فخارا

أفزعتها هجمة الخيل فرا

حت تتعادى بثرى الرمضا فرارا

كل مذعور كبا رعباً على

حرّ وجهٍ كسنا البدر أنارا

كلما كضّ الظما أحشاءها

ألصقت بالترب أكباداً حراراً

كلما يلذعها حرّ الثرى

راوحت فيها يميناً ويسارا

يا لها فاقرة قد قصمت

من نبيّ الله ظهراً وفقارا

بكر خطبٍ كل آنٍ ذكرها

للورى يبتكر الحزن ابتكارا

وله مرثية من غرر الشعر جاء في أولها:

لتبق الضبا مغمودة آل هاشم

فما هي بعد الطف منها لقائم

وتلقي القنا منزوعة النصل عن يد

ستقرع منها حسرة سنّ نادم

ومجموعها 77 بيتاً.

٣٣٧

السيد ميرزا آل سليمان

المتوفى 1339

حتى مَ هاشم لا يرف لواها

فالسيل قدبلغ الزبى وعلاها

والخيل من طوال الوقوف قد اشتكت

فبأي يوم هاشم ترقاها

سل اسرة الهيجاء من عمرو العلى

مَن يوقد الحرب العوان سواها

ما نومها عن كربلا وعميدها

نهبته بيض امية وقناها

في يوم حرب فيه حرب ألّبت

أو غادها واستنهضت حلفاها

واستنفرت جيش الضلال وقصدها

يوم النفير تذكرت آباها

وسرت به للطف حتى قابلت

فيه الحسين وضاق فيه فضاها

وعلى الشريعة خيّمت بجموعها

كي لا تذيق بني النبي رواها

ظنت بعدة جيشها وعديدها

والماء في يدها بلوغ مناها

يلوي الحسين على الدنية جيده

لطليقها خوف الردى ولقاها

فأبى أبيّ الضيم أن يعطي يداً

للذل أو يهوي صريع ثراها

وسطا بعزم ما السيوف كحدّه

يوم اللقا هو في الطلى أمضاها

وترى الكماة تساقطت من سيفه

فوق البسيطةقبل أن يغشاها

وأمات شمس نهارها بقتامها

وبسيفه ليل القتام ضحاها

وثنى الخيول على الرجال ولفّها

ورجالها فوق الخيول رماها

يسطو ونيران الظما في قلبه

ما بين جنبيه تشبّ لظاها

حتى دعاه الله أن يغدو له

ويجيب داعيه لأمر قضاها

فهوى على وجه الثرى لرماحها

وسهامها نهباً وطعم ظباها

ومضى الجواد إلى المخيم ناعياً

لبنات فاطم كهفها وحماها

٣٣٨

فبكت بنات المصطفى مذ جاءها

وبكت ملائكة السما لبكاها

وفررن للسجاد من خوف العدى

تشكو فصدّعت الصفا شكواها

( دع عنك نهباً صيح في أبياتها )

والنارلما أضرمت بخباها

لكن لزينب والنساء تلهفي

من خدرها من ذا الذي أبداها

أُبرزن من حجب النبوة حاسراً

( وتناهبت أيدي العدو رداها )

لهفي لربة خدرها مذعورة

أنى تفرّ إذ العدى تلقاها

إن تبكي أطفال لها أو تشتكي

بالسوط زجر في المتون علاها

مَن مخبر عني بني عمرو العلى

أين الشهامة يا ليوث وغاها

نهضاً فآل الوحي بين عداكم

لا كافل من قومها يرعاها

تحدو حداة اليعملات بثقلكم

للشامتين بها وهم طلقاها

وإلى أبن هند للشئام سروا بها

أفهل علمتم كيف كان سراها

ويزيد يهتف تارة في أهله

ويسب اخرى قومها وأباها

* * *

السيد مرزه ابن السيد عباس مشهور بشرف النسب والحسب، ولد حوالي سنة 1265 بالحلة وتدرج على الكمال والأدب، واسرة آل سليمان الكبير يتوارثون الشعر والنبوغ. كان ابوه العباس من وجوه هذه الاسرة وأعيان ساداتها، وأبو السيد عباس هو السيد علاوي ـ جدّ المترجم له ـ زعيم مطاع في الحلة وأطرافها، ترأس فيها بعد عمه وأبيه السيدين: علي والحسين ولدي السيد سليمان الكبير. وله مكانة سامية عند حكام الحلة وولاة بغداد وخاصة في عهد الوزير داود باشا، وشاعرنا الذي نتحدث عنه نبعة من تلك الدوحة فهو أبو مضر مثال الاباء والسيادة حيث أنه من تلك القادة، محترم الجانب له مكانة عالية في الأوساط، يسحرك بحديثه ويعجبك بطلعته وهندامه، شديد المحافظة على تقاليده ومعتقداته، ساهم مساهمة كبرى في الثورة العراقية وجاهد الانكليز بيده ولسانه، في طليعة الثوار المحاربين، وعندما تدرس الثورة العراقية تعرف الموقف البطولي للسيد ميرزا حتى احرقت داره ونهب

٣٣٩

ما فيها وهو يواصل الهتاف بخطابه وبشعره باللغتين الفصحى والدارجة فقد كان فيهما وفي الخطابة المنبرية له القدح المعلّى، يقول الشيخ اليعقوبي: وله باللغة العامية مطولات في أهل البيت بأوزان شتى من البحور الدارحة التي لا يكاد يجاريه فيها احد من معاصريه فقد كان يجيد فيها إجادة ابن عمه السيد حيدر الحلي في الفصحى. مدحه الحاج عبد المجيد المشهور بالعطار بأبيات يهنيه فيها بولادة ولده الأصغر محمد سنة 1329 ويؤرخ ذلك العام، قال:

أبا مضر لا يلحق اللوم من دعا

أبا مضر عند الحفيظة والندا

لأنت وإن طالت قصار معاصم

لأطولها باعاً وأبسطها يدا

وأمنعها جاراً وأبذلها ندى

واقربها رحماً وأبعدها مدى

من الآل آل المصطفى خير معشر

جلت ظلمات الغي بالبأس والهدى

تهنّ به شبلاً نمته ضراغم

تخرّ له الاساد في الحرب سجدا

وفرحاً أصاب المجد أيمن طائر

بميلاده مذ جاور النسر مصعدا

سلالة فخر الكائنات محمد

وأكرم مَن في الكون يدعى محمدا

فما جهلت أعوامه حين أَرخوا

وليلة ميلاد الرسول تولدا

تغيب المترجم له عن وطنه وكان أكثر سكناه في ( الحصين ) قرب الحلة ولما عاد وذلك سنة 1339 علم بوفاة ابني عمّيه: السيد عبد المطلب الحلي الحسيني والسيد حسين ابن السيد حيدر جزع لفقدهما فاختار الله له اللحاق بهما فودّع الحياة وعمره 74 سنة على التقريب. وتأتي في جزء آتٍ من هذه الموسوعة ترجمة ولده السيد مضر، وكل آتٍ قريب.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

أبوه انظر فيقول: لا، ثم مروا عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال: هذا أحدهما وأشار بيده اليه، ثم مروا أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال: وهذا الآخر قال: فقال النبي صاحب الرجلين اما انا فقد آمنت بإلهكما وعلمت أنّ ما جئتما به هو الحق. قال: فقال الملك: وانا أيضا وآمن من أهل مملكته كلهم.

٣١ ـ في مجمع البيان قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسولين إلى انطاكية فأتياها ولم يصلا إلى ملكها وطالت مدة مقامهما، فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكر الله، فغضب وأمر بحبسهما وجلد كل واحد منهما مأة جلدة، فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسىعليه‌السلام شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما، فدخل شمعون البلدة متنكرا، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به، فرفعوا خبره إلى الملك فدعاه فرضي عشرته وانس به وأكرمه، ثم قال له ذات يوم: ايها الملك بلغني انك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل سمعت قولهما؟ قال الملك: حال الغضب بيني وبين ذلك قال: فان رأى الملك دعاهما حتى نطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون: ما أرسلكما إلى هاهنا؟ قالا: الله الذي خلق كل شيء لا شريك له، قال: وما آيتكما؟ قالا: ما تتمناه، فأمر الملك حتى جاؤا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة، فما زالا يدعوان الله حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين(١) من الطين فوضعاهما في حدقتيه، فصارا مقلتين(٢) يبصر بهما، فتعجب الملك فقال شمعون للملك: رأيت لو سألت إلهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك ولإلهك شرفا فقال الملك: ليس لي عنها سر إنّ إلهنا الذي نعبده لا يضر ولا ينفع، ثم قال الملك للرسولين: إنْ قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به وبكما، قالا: إلهنا قادر على كل شيء، فقال الملك: إنَّ هنا ميتا مات منذ سبعة أيام لم ندفنه حتى يرجع أبوه وكان غائبا، فجاؤا بالميت وقد تغير وأروح(٣) فجعلا

__________________

(١) البندقة: كل ما يرمى به من رصاص كروى وسواه.

(٢) المقلة: شحمة العين أو هي السواد والبياض منها.

(٣) من أروح الماء: تغير ريحه وأنتن.

٣٨١

يدعوان ربهما علانية وجعل شمعون يدعو ربه سرا، فقام الميت وقال لهم: انى قد متُّ منذ سبعة أيام وادخلت في سبعة اودية من النار، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله، فتعجب الملك، فلما علم شمعون أنّ قوله أثر في الملك دعاه إلى الله فآمن وآمن من أهل مملكته قوم وكفر آخرون، وقد روى مثل ذلك العياشي باسناده عن الثمالي وغيره عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام إلّا أنّ في بعض الروايات: بعث الله الرسولين إلى انطاكية ثم بعث الثالث، وفي بعضها أنّ عيسى اوحى الله إليه أنْ يبعثهما ثمّ بعث وصيه شمعون ليخلصهما، وإنّ الميت الذي أحياه الله بدعائه كان ابن الملك، وأنه قد خرج من قبره ينفض التراب عن رأسه فقال: يا بنيّ ما حالك؟ قال: كنت ميتا فرأيت رجلين ساجدين يسألان الله أنْ يحييني، قال: يا بنيّ فتعرفهما إذا رأيتهما؟ قال: نعم، فأخرج الناس إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل بعد رجل فمر أحدهما بعد جمع كثير، فقال: هذا أحدهما، ثمّ مرّ الاخر فعرفهما وأشار بيده إليهما فآمن الملك وأهل مملكته.

قال عزّ من قائل:( قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ ) إلى قوله مسرفون.

٣٢ ـ في كتاب الخصال فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الأربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه في كل أمر واحدة من ثلث: الكبر والطيرة والتمني، فاذا تطير أحدكم فليمض على طيرته وليذكر اللهعزوجل ، وإذا خشي الكبر فليأكل مع عبده وخادمه وليحلب الشاة، وإذا تمنى فليسأل اللهعزوجل وليبتهل إليه ولا تنازعه نفسه إلى الإثم.

٣٣ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن عمرو بن حريث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : الطيرة على ما تجعلها إنْ هوّنتها تهوّنت، وإنْ شددتها تشددت، وان لم تجعلها شيئا لم يكن شيئا.

٣٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كفارة الطيرة التوكل.

٣٥ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب قالوا: أخبرنا النضر بن قرواش الحمال قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا

٣٨٢

عدوى ولا طيرة ولا شوم، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٦ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي ـ الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: الشوم للمسافر في طريقه في خمسة: الغراب الناعق عن يمينه، والكلب الناشر لذنبه، والذئب العاوي الذي يعوى في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه يعوى ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا، والظبي السانح من يمين إلى شمال، والبومة الصارخة والمرأة الشمطاء(١) تلقى فرجها، والأتان العضباء يعنى الجذعاء(٢) فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل: اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك قال: فيعصم من ذلك.

٣٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ ) قالوا بأسمائكم، وقولهعزوجل :( وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) قال: نزلت في حبيب النجار إلى قوله تعالى:( وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) .

٣٨ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين: مؤمن آل ياسين، وعلى بن أبي طالب، وآسية امرأة فرعون.

٣٩ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي طالب، وصاحب ياسين، ومؤمن آل فرعون، فهم الصديقون وعلى أفضلهم.

٤٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن مالك بن عطية عن يونس بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك إنَّ هذا الذي قد ظهر بوجهي(٣) يزعم الناس أنّ اللهعزوجل لم يبتل به عبدا له فيه حاجة ،

__________________

(١) الشمطاء: التي خالط بياض أسها سواد.

(٢) الجذءاء: مقطوعة الاذن.

(٣) الآثار التي ظهرت بوجهه كان برصا ويحتمل الجذام. قاله المجلسي (ره)

٣٨٣

فقال لي: [لا] لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع(١) فكان يقول هكذا ـ ويمد بيده ـ ويقول:( يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤١ ـ في أمالي الصدوق باسناده إلى عبد الرحمان بن أبي ليلى رفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي يقول:( اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلى ابن أبي طالب وهو أفضلهم.

٤٢ ـ في جوامع الجامع:( قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) وورد في حديث مرفوع أنه نصح قومه حيا وميتا.

٤٣ ـ وروى عن علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام ( يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ) على الاضافة إليهم لاختصاصها بهم من حيث انها موجهة إليهم.

٤٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ) قال: فانه حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ النطفة تقع من السماء إلى الأرض على النبات والثمر والشجر، فيأكل الناس منه والبهائم فيجري فيهم.

٤٥ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: فضرب الله مثل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الشمس ومثل الوصي القمر، وهو قول اللهعزوجل :( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) وقوله:( وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ ) وقولهعزوجل :( ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ ) يعنى قبض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا أفضل أهل بيته، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ في الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن أبي ولاد قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الله خلق حجابا من ظلمة مما يلي

__________________

(١) المكنع: هو الذي وقعت أصابعه.

٣٨٤

المشرق ووكل به ملكا، فاذا غابت الشمس اغترف ذلك الملك غرفة بيده ثم استقبل بها المغرب تتبع الشفق، ويخرج من بين يديه قليلا قليلا، ويمضى فيوافي المغرب عند سقوط الشمس فيسرح الظلمة ثم يعود إلى المشرق، فاذا طلع الفجر نشر جناحيه واستاق الظلمة من المشرق إلى المغرب حتى يوافي بها المغرب عند طلوع الشمس.

٤٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي ذر الغفاري رحمة الله عليه قال: كنت آخذا بيد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت: يا رسول الله أين تغيب؟ قال: في السماء، ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابغة العليا حتى تكون تحت العرش فتخر ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب من أين تأمرنى أنْ اطلع؟ امن مغربي أم من مطلعي؟ فذلك قولهعزوجل :( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) يعنى بذلك صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه قال: فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف، وفي قصره في الشتاء أو ما بين ذلك في الخريف والربيع، قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كأنى بها قد حبست مقدار ثلاث ليال، ثم لا تكسى ضوءا وتؤمر أنْ تطلع من مغربها، فذلك قولهعزوجل :( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) والقمر كذلك من مطلعه ومجراه في أفق السماء ومغربه، وارتفاعه إلى السماء السابعة، ويسجد تحت العرش ثم يأتيه جبرئيل بالحلة من نور الكرسي، فذلك قولهعزوجل :( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) .

٤٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال سأل العالمعليه‌السلام كيف علم الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقدر وقضى وامضى، فأمضى ما قضى وقضى ما قدر وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشية وبمشية كانت الارادة وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء وبقضائه كان الإمضاء، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية والارادة ثالثة

٣٨٥

والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد، لتقدير الأشياء، فاذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشية في المنشأ قبل عينه، والارادة في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكيل، وما دب ودرج من انس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له فاذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء والله يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها، وبالمشية عرف صفاتها وحدودها، وانشأها قبل إظهارها وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها، وبالإمضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.

٤٩ ـ في مجمع البيان وروى عن علي بن الحسين زين العابدين وأبى جعفر الباقر وجعفر الصادقعليهم‌السلام «لا مستقر لها» بنصب الراء.

٥٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن داود بن محمد النهدي قال: دخل أبو سعيد المكاري على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقال له: أبلغ من قدرك أنْ تدعى ما ادعاه أبوك؟ فقال له الرضاعليه‌السلام : ما لك اطفأ الله نورك وادخل الفقر بيتك، أما علمت أنّ اللهعزوجل أوحى إلى عمران انى واهب لك ذكرا، فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى فعيسى من مريم ومريم من عيسى، ومريم وعيسى واحد، وأنا من أبي وأبى منى وانا وأبي شيء واحد، فقال له أبو سعيد: فاسئلك عن مسئلة؟ قال: سل ولا إخالك تقبل منى ولست من غنمي ولكن هاتها، فقال له: ما تقول في رجل قال عند موته كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله؟ قال: نعم ما كان لستة أشهر فهو قديم حر، لان اللهعزوجل يقول( وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) فما كان لستة أشهر فهو قديم حر، قال: فخرج من عنده وافتقر وذهب بصره ثم مات لعنه الله وليس عنده مبيت ليلة.

٥١ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله وقضى عليّعليه‌السلام في رجل وصى فقال: أعتقوا عنى كل عبد قديم في ملكي، فلما مات لم يعرف الوصي ما يصنع فسأله عن ذلك، فقال: يعتق عنه كل

٣٨٦

عبد له في ملكه ستة أشهر، وتلا قوله:( وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) .

٥٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) يقول: الشمس سلطان النهار، والقمر سلطان الليل، لا ينبغي للشمس أنْ تكون مع ضوء القمر، ولا يسبق الليل النهار، يقول: لا يذهب الليل حتى يدركه النهار( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) يقول يجيء وراء (يجرى ذاخ ل) الفلك الاستدارة.

٥٣ ـ في مجمع البيان وروى العياشي في تفسيره بالإسناد عن الأشعث بن حاتم قال كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا والفضل بن سهل والمأمون في الإيوان بمرو، فوضعت المائدة، فقال الرضاعليه‌السلام : إنَّ رجلا من بنى إسرائيل سألنى بالمدينة فقال: النهار خلق قبل أم الليل فما عندكم؟ قال: وأداروا الكلام فلم يكن عندهم في ذلك شيء فقال الفضل للرضاعليه‌السلام : أخبرنا بها أصلحك الله، قال: نعم من القرآن أم من الحساب؟ قال له الفضل: من جهة الحساب، فقال: قد علمت يا فضل أنّ طالع الدنيا السرطان والكواكب في موضع شرفها فزحل في الميزان والمشترى في السرطان والشمس في الحمل والقمر في الثور، فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل في العاشر من الطالع في وسط الدنيا، فالنهار خلق قبل الليل وفي قوله تعالى:( لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ ) أي قد سبقه النهار.

٥٤ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل خلق الشمس قبل القمر وخلق النور قبل الظلمة.

٥٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل: فخلق النهار قبل الليل، قال: نعم خلق النهار قبل الليل والشمس والقمر والأرض قبل السماء.

٥٦ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال: فما التسعون؟ قال: الفلك المشحون، اتخذ نوحعليه‌السلام فيه تسعين بيتا للبهائم.

٥٧ ـ في مجمع البيان:( ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ ) وروى الحلبي عن أبي ـ

٣٨٧

عبد اللهعليه‌السلام قال: معناه اتقوا ما بين أيديكم من الذنوب، وما خلفكم من العقوبة.

٥٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم، قولهعزوجل :( وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ) قال ذلك في آخر الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون، فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع أحد منهم إلى منزله، ولا يوصى بوصية، وذلك قولهعزوجل :( فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) .

٥٩ ـ في مجمع البيان وفي الحديث تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان فما يطويانه حتى تقوم الساعة والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم، والرجل يليط حوضه(١) ليسقى ماشيته فما يسقيها حتى تقوم.

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ) قال: من القبور، وفي رواية أبي الجارود عن أبي ـ جعفرعليه‌السلام في قوله:( يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ) فان القوم كانوا في القبور فلما قاموا حسبوا أنهم كانوا نياما،( قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ) قالت الملائكة( هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) .

٦١ ـ في جوامع الجامع وروى عن عليٍّعليه‌السلام انه قرأ «من بعثنا» على مِن الجارة والمصدر.

٦٢ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى عن محمد بن سالم عن أبي سلمة عن الحسن بن شاذان الواسطي قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أشكو جفاء أهل واسط وحملهم على، وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني، فوقع بخطه: إنّ الله جل ذكره أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل فاصبر لحكم ربك، فلو قد قام سيد الخلق لقالوا( يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) .

٦٣ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أبو ذر،رحمه‌الله يقول في خطبته وما بين الموت والبعث إلّا كنومة نمتها ثم استيقظت منها

__________________

(١) لاط الحوض: ماره لئلا ينشف الماء.

٣٨٨

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن زيد النرسي عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله صلوات الله عليه يقول: إذا أمات الله أهل الأرض لبث كمثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أماتهم وأضعاف ذلك، ثم أمات أهل سماء الدنيا ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل سماء الدنيا وأضعاف ذلك ثم أمات أهل السماء الثانية ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية وأضعاف ذلك، ثم أمات أهل السماء الثالثة ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية والثالثة وأضعاف ذلك، في كل سماء مثل ذلك وأضعاف ذلك، ثم أمات ميكائيل ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك، ثم أمات جبرئيلعليه‌السلام ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات إسرافيلعليه‌السلام ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم أمات ملك الموتعليه‌السلام ، ثم لبث مثل ما خلق الله الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ثم يقول اللهعزوجل :( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) ؟ فيرد على نفسه( لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) أين الجبارون؟ وأين المتكبرون؟ وأين الذين ادعوا معى إلها آخر ونحوهم؟ ثمّ يبعث الخلق قال عبيد بن زرارة: فقلت: إنَّ هذا الأمر كائن طولت ذلك؟ فقال: أرأيت ما كان هل علمت به؟ فقال: لا، قال: فكذلك هذا، وقولهعزوجل :( إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ ) قال: في افتضاض العذارى فاكهون، قال: يفاكهون النساء ويلاعبونهن.

٦٥ ـ في مجمع البيان( فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ ) وقيل: شغلوا بافتضاض العذارى عن ابن عباس وابن مسعود وهو المروي عن الصادقعليه‌السلام ، قال: وحواجبهن كالاهلة(١) وأشفار أعينهن كقوادم النسور.

٦٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ ) متكئون الأرائك السرر عليها الحجال

__________________

(١) جمع الهلال.

٣٨٩

٦٧ ـ حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن إسحق عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر حديثا طويلا يذكر فيه حال المؤمن إذا دخل الجنة: فاذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا، فاذا استقرت بولي الله منازله في الجنة استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله إياه، فيقول له خدام المؤمن ووصفاؤه: مكانك فان ولي الله قد اتكى على أرائكه فزوجته الحوراء العيناء قد هيئت فاصبر لولى الله حتى يفرغ من شغله، قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة وحولها وصفائها تحجبنها، عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن بمسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفي رجلها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فاذا دنت من ولي الله وهم يقوم إليها شوقا تقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب، لا تقم، انا لك وأنت لي، فيعتنقان قدر خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، قال: فينظر إلى عنقها فاذا عليها قلادة من قضيب ياقوت أحمر، وسطها لوح مكتوب: أنت يا ولي الله حبيبي وانا الحوراء حبيبتك إليك تتأهب نفسي والى تتأهب نفسك، ثم يبعث الله ألف ملك يهنونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء.

٦٨ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونقل عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله حديثا طويلا يقول فيه حاكيا حال أهل الجنة: والمؤمن ساعة مع الحوراء، وساعة مع الادمية، وساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئا ينظر بعض المؤمنين إلى بعض.

٦٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) قال: السلام منه هو الامان، وقوله:( وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) قال: إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق فينادون: يا رب حاسبنا ولو إلى النار، قال: فيبعث اللهعزوجل رياحا فتضرب بينهم وينادى مناد:( امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) فيميز بينهم فصار المجرمون في النار ومن كان في قلبه الايمان صار إلى الجنة.

٣٩٠

قال عز من قائل( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ) الآية.

٧٠ ـ في كتاب الاعتقادات الامامية للصدوقرحمه‌الله وقالعليه‌السلام : من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وان كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.

٧١ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام بعد أنْ قال إنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها، وقال فيها شهدت الأيدي والأرجل على أنفسهما وعلى أربابهما من تضييعهما لما أمر اللهعزوجل وفرضه عليهما( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين وعلى الرجلين وهو عملهما وهو من الايمان.

٧٢ ـ علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام : وليست تشهد الجوارح على مؤمن انما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال اللهعزوجل :( فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) .

٧٣ ـ في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصيته لابنه محمد ابن الحنفية رضى الله عنه: وقال اللهعزوجل :( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) فأخبر عنها انها تشهد على صاحبها يوم القيامة.

٧٤ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام عن جده قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة يصف هول يوم القيامة: ختم على الأفواه فلا نكلم وتكلمت الأيدى وشهدت الأرجل ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا.

٧٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ ) إلى قوله تعالى:( بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) قال: إذا جمع اللهعزوجل الخلق يوم القيامة

٣٩١

دفع إلى كل إنسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا فتشهد عليهم الملائكة فيقولون: يا رب ملائكتك يشهدون لك ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من ذلك شيئا وهو قول اللهعزوجل :( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ ) فاذا فعلوا ذلك ختم الله على ألسنتهم وتنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون.

٧٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وقوله:( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) قال: ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة. يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا والكفر في هذه الآية بالبراءة يقول يتبرأ بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان:( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ) وقول إبراهيم خليل الرحمان: «كفرنا بكم يعنى تبرأنا منكم ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه فيقولون:( وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ) وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد فلم ينفعهم ايمانهم مع مخالفتهم رسله، وشكهم فيما أتوا به من ربهم، ونقضهم عهوده في أوصيائه، واستبدالهم( الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) ، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله:( انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ) فيختم الله على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود، فتشهد بكل معصية كانت منه، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم:( لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) .

٧٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ) فانه رد على الزنادقة الذين يبطلون التوحيد ويقولون إنّ الرجل إذا نكح المرأة وصارت النطفة في رحمها تلقيه الاشكال من الغذاء ودار عليه الفلك، ومر عليه الليل والنهار [فيولد الإنسان بالطبايع من الغذاء ومرور الليل والنهار] فنقض اللهعزوجل عليهم قولهم في حرف واحد فقال جل ذكره:( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ) قال: لو كان هذا كما يقولون لكان ينبغي أنْ يزيد الإنسان أبدا ما دامت الاشكال قائمة والليل والنهار قائمان والفلك يدور، فكيف صار يرجع إلى النقصان كلما ازداد في الكبر

٣٩٢

الى حد الطفولية ونقصان السمع والبصر والقوة والعلم والمنطق حتى ينتقص وينتكس في الخلق، ولكن ذلك من خلق العزيز العليم وتقديره، وقولهعزوجل :( وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ) قال: كانت قريش تقول إنّ هذا الذي يقوله محمّد شعر، فرد اللهعزوجل عليهم فقال:( وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ) ولم يقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شعرا قط.

٧٨ ـ في مجمع البيان روى عن الحسن أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتمثل بهذا البيت «كفي الإسلام والشيب للمرء ناهيا» فقال له أبو بكر: يا رسول الله انما قال: «كفي الشيب والإسلام للمرء ناهيا» وأشهد انك رسول الله وما علمك الله الشعر وما ينبغي لك.

٧٩ ـ وعن عائشة انها قالت: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتمثل ببيت أخي بنى قيس: ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا* ويأتيك بالاخبار من لم تزود فجعل يقول: «وما يأتيك من لم تزود بالاخبار» فيقول أبو بكر: ليس هكذا يا رسول الله فيقول: انى لست بشاعر وما ينبغي لي، فأما قولهعليه‌السلام .

انا النبي لا كذب* انا ابن عبد المطلب فقد قال: قوم أنّ هذا ليس بشعر، وقال آخرون: انما هو اتفاق منه وليس يقصد إلى قول الشعر، وقد صح انهعليه‌السلام كان يسمعه ويحثّ عليه، وقال للحسّان بن ثابت: لا تزال يا حسّان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.

٨٠ ـ في أصول الكافي ـ علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن الحسين بن زيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن إبراهيم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وقال اللهعزوجل :( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ) فالحي المؤمن الذي تخرج طينته من طينة الكافر، والميت الذي يخرج من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن، فالحي المؤمن، والميت الكافر، وذلك قولهعزوجل :( أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ ) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر، وكان حيوته حين فرق اللهعزوجل بينهما بكلمته، كذلك يخرج الله جل وعز المؤمن في

٣٩٣

الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة بعد دخوله إلى النور، وذلك قولهعزوجل :( لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ )

٨١ ـ في مجمع البيان ويجوز أنْ يكون المراد بمن كان حيا عاقلا وروى ذلك عن علىعليه‌السلام .

٨٢ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى جابر بن راشد عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: بينما هو في سفر إذ نظر إلى رجل عليه كآبة وحزن، فقال له: ما لك؟ قال: دابتي حرون(١) قال: ويحك اقرء هذه الآية في أذنه( وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ )

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ) يقول: لا تستطيع الآلهة لهم نصرا وهم للآلهة جند محضرون.

٨٤ ـ في تفسير العياشي عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء أبي بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط ففته ثم قال: يا محمد( إِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً ) فأنزل الله( مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) .

٨٥ ـ في من لا يحضره الفقيه حديث طويل وفيه قالوا وقد رممت يا رسول الله يعنون صرت رميما؟ فقال: كلا إنّ اللهعزوجل حرم لحومنا على الأرض أن تطعم منها شيئا.

٨٦ ـ وقال الصادقعليه‌السلام : إنّ اللهعزوجل حرم عظامنا على الأرض وحرم لحومنا على الدواب أنْ تطعم منها شيئا.

٨٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله في احتجاج أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : قال السائل: أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟ قال: بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس، ثم أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها، وذلك أربع مأة سنة يسبت فيها الخلق وذلك بين ـ النفختين، قال: وانى له بالبعث والبدن قد بلى والأعضاء قد تفرقت فعضو ببلدة يأكله

__________________

(١) الحرون: الذي لا ينقاد.

٣٩٤

سباعها، وعضو بأخرى تمزقة هو أمها، وعضو قد صار ترابا يبنى به مع الطير في حائط؟ قال: إنّ الذي انشأه من غير شيء وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أنْ يعيده كما بدأه قال: أوضح لي ذلك، قال: إنّ الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة، وروح المسيء في ضيق وظلمة، والبدن يصير ترابا كما منه خلق، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها، فما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء ووزنها، وان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب، فاذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور، فتربوا الأرض ثم يمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء، والزبد من اللبن إذا مخض، فيجتمع تراب كل قالب إلى قالبه. فينتقل بإذن الله تعالى القادر إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذن الله المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فاذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا.

٨٨ ـ وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام أنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين: فان إبراهيمعليه‌السلام قد بهت الذي كفر ببرهان على نبوته؟ قال له عليّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه مكذب بالبعث بعد الموت وهو أبي بن خلف الجمحي معه عظم نخر ففركه(١) ثم «قال»: يا محمد( مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فأنطق الله محمدا بمحكم آياته وبهته ببرهان نبوته، فقال:( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) فانصرف مبهوتا.

٨٩ ـ وفيه أيضا قال أبو محمد العسكريعليه‌السلام : قال الصادقعليه‌السلام : وأما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أنْ يجادل به من جحد البعث بعد الموت وأحياه له فقال حاكيا عنه:( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فقال الله في الرد عليه: «قل» يا محمد( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) فأراد من نبيه أنْ يجادل

__________________

(١) نخر العظم: بلى وتفتت. وفرك الشيء: دلكه وفرك ـ بالتشديد: بالغ في فركه.

٣٩٥

المبطل الذي قال كيف يجوز أنْ يبعث هذه العظام وهي رميم؟ قال:( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أفيعجز من ابتدئ به لا من شيء أنْ يعيده بعد أنْ يبلى، بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته، ثم قال:( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً ) أي إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فصرفكم انه على اعادة من بلى أقدر.

٩٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن سعد بن أبي سعيد عن إسحاق ابن جرير قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء يقول أصحابك في قول إبليس( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) ؟ قلت: جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه، قال: كذب إبليس يا إسحاق ما خلقه إلّا من طين، ثمّ قال: قال الله( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) خلقه الله من ذلك النار ومن تلك الشجرة، والشجرة أصلها من طين.

٩١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله متصل بقوله سابقا انه على إعادة من بلى أقدر ثم قال:( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) أي إذا كان خلق السموات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أنْ تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من اعادة البالي، قال الصادقعليه‌السلام : فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر الكافرين وازالة شبههم، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا يمكنك أنْ تفرق بينه وبين باطل من تجادله، وانما تدفعه عن باطله بأن يجحد الحق، فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا وجحدت أنت حقا آخر، قال أبو محمدعليه‌السلام : فقام إليه رجل آخر فقال: يا بن رسول الله أيجادل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال الصادقعليه‌السلام : مهما ظننت برسول الله من شيء فلا تظنن به مخالفة الله تعالى، أليس الله قال:( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) و( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) لمن ضرب الله مثلا، فتظن أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خالف ما أمرته الله به فلم يجادل ما أمره الله به، ولم يخبر عن أمر الله بما أمره أنْ يخبر

٣٩٦

به، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٢ ـ وعن يعقوب بن جعفر عن أبي إبراهيمعليه‌السلام أنّه قال: ولا أحده بلفظ بشق فم ولكن كما قال اللهعزوجل :( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) بمشيته من غير تردد في نفس!

٩٣ ـ في نهج البلاغة يقول لما أراد كونه: كن فيكون لا بصوت يقرع ولا نداء يسمع، وانما كلامه سبحانه فعل منه انشأه ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا.

٩٤ ـ وفيه أيضا يقول ولا يلفظ ويريد ولا يضمر.

٩٥ ـ وفيه أيضا يريد بلا همة.

٩٦ ـ في كتاب الاهليلجة المنقول عن الصادق عليه الصلوة والسلام إنّ الارادة من العباد الضمير وما يبد وبعد ذلك من الفعل، واما من اللهعزوجل فالارادة للفعل احداثه انما يقول له كن فيكون بلا تعب ولا كيف.

٩٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري عن الحسين بن سعيد الأهوازي عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت: لم يزل الله مريدا؟ قال: إنّ المريد لا يكون إلّا المراد معه لم يزل عالما قادرا، ثمّ أراد.

٩٨ ـ أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : أخبرنى عن الارادة من الله ومن الخلق؟ قال: فقال: الارادة من الخلق الضمير وما يبد ولهم بعد ذلك من الفعل واما من الله فإرادته احداثه لا غير ذلك لأنه لا يروى ولا يهم ولا يتفكر وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق، فارادة الله الفعل لا غير ذلك( يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) بلا لفظ ولا نطق بلسان، ولا همة ولا تفكر، ولا كيف لذلك كما أنه لا كيف له.

٩٩ ـ في عيون الأخبار في باب مجلس الرضاعليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد كلام الرضاعليه‌السلام مع عمران يقول فيه: واعلم أنّ الإبداع والمشية والارادة

٣٩٧

واحدة، وأسماءها ثلاثة، وكان أول ابداعه وإرادته ومشيته الحروف التي جعلها أصلا لكل شيء، ودليلا على كل مدرك، وفاصلا لكل مشكل، وتلك الحروف تعرف كل شيء من اسم حق وباطل، أو فعل أو مفعول، أو معنى أو غير معنى، وعليها اجتمعت الأمور كلها، ولم يجعل للحروف في ابداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا وجود لها لأنها مبدعة بالإبداع، والنور في هذا الموضع أول فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض، والحروف هي المفعول بذلك الفعل، وهي الحروف التي عليها الكلام والعبارات كلها من اللهعزوجل علمها خلقه وهي ثلاثة وثلاثون حرفا، فمنها ثمانية وعشرون حرفا تدل على لغات العربية، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على لغات السريانية والعبرانية، ومنها خمسة أحرف متحرفة في ساير اللغات من العجم الأقاليم اللغات كلها(١) وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين حرفا من اللغات، فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفا، وأما الخمسة المختلفة «فتجحخ»(٢) لا يجوز ذكرها أكثر مما ذكرناه، ثم جعل الحروف بعد إحصائها وأحكام عدتها فعلا منه كقولهعزوجل «كن فيكون» وكن منه صنع وما يكون به المصنوع، فالخلق الاول من اللهعزوجل : الإبداع، لا وزن له ولا حركة ولا سمع ولا لون ولا حس، والخلق الثاني حروف لا وزن لها ولا لون، وهي مسموعة موصوفة غير منظور إليها، والخلق الثالث ما كان من الأنواع كلها محسوسا ملموسا ذا ذوق منظورا اليه، والله تبارك وتعالى سابق بالإبداع لأنه ليس قبلهعزوجل ولا كان معه شيء، والإبداع سابق للحروف والحروف لا تدل على غير نفسها، قال المأمون: كيف لا تدل على غير نفسها؟ قال الرضاعليه‌السلام لان الله تبارك وتعالى لا يجمع منها شيئا بغير معنى أبدا فاذا ألف منها أحرفا أربعة أو خمسة أو ستة أو أكثر من ذلك أو أقل

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «من العجم والأقاليم واللغات كلها».

(٢) والمراد بها الفاء، والتاء، والجيم، والحاء المهملة، والخاء المعجمة، وقد اختلفت النسخ في ضبط هذه الكلمة وقال المجلسي (ره): الظاهر أنّ العبارة قد صحفت ولم تكن بهذه الصورة.

٣٩٨

لم يؤلفها لغير معنى. ولم يك إلّا لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئا، قال عمران: فكيف لنا بمعرفة ذلك؟ قال الرضاعليه‌السلام : اما المعرفة فوجه ذلك وبيانه انك تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير نفسها، ذكرتها فردا [فقلت] أب ت ث ج ح خ حتى تأتى على آخرها، فلم تجد لها غير أنفسها وإذا ألفت وجمعت منها وجعلتها اسما وصفة لمعنى ما طلبت ووجه ما عنيت كانت دليلة على معانيها، داعية إلى الموصوف بها، أفهمته؟ قال: نعم.

١٠٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم قالعزوجل :( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) إلى قوله تعالى:( كُنْ فَيَكُونُ ) قال: خزائنه في كاف والنون.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء سورة الصافات في كل يوم جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة مدفوعا عنه كل بلية في الحيوة الدنيا مرزوقا في الدنيا في أوسع ما يكون من الرزق، ولم يصبه الله في ماله وولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم، ولا من جبار عنيد، وان مات في يومه أو ليلته بعثه الله شهيدا وأماته شهيدا، وأدخله الجنة مع الشهداء في درجة من الجنة.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن قرء سورة الصافات أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد كل جنى وشيطان، وتباعدت عنه مردة الشياطين، وبرىء من الشرك، وشهد له حافظاه يوم القيامة انه كان مؤمنا بالمرسلين.

٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن سليمان الجعفري قال: رأيت أبا الحسنعليه‌السلام يقول لابنه القاسم: قم فأقرأ عند رأس أخيك( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ) حتى تستتمها، فقرأه فلما بلغ( أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا ) قضى الفتى، فلما سجي(١) وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر، فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ

__________________

(١) قال في الصحاح: سجيت الميت تسجية: إذا مددت عليه ثوبا.

٣٩٩

عنده( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) فصرت تأمرنا بالصافات؟ فقال: يا بنى لم تقرأ عند(١) مكروب من موت قطّ إلّا عجل الله راحته.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم والصافات صفا قال: الملائكة والأنبياءعليهم‌السلام ، ومن وصف اللهعزوجل عبده فالزاجرات زجرا الذين يزجرون الناس فالتاليات ذكرا الذين يقرؤن الكتاب من الناس فهو قسم وجوابه( إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ )

٥ ـ قال: وحدثني أبي ويعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إنّ هذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المداين التي في الأرض مربوطة كل بعمود من نور، طول ذلك العمود في السماء مسيرة مأتين وخمسين سنة.

٦ ـ وقولهعزوجل ( وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ ) : المارد الخبيث.

٧ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: عذاب واصب أي دائم موجع قد وصل إلى قلوبهم.

٨ ـ وفيه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال: فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى سماء الدنيا، وعليها ملك يقال له اسمعيل، وهو صاحب الخطفة التي قال اللهعزوجل :( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ ) وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك، فقال: يا جبرئيل من هذا معك؟ قال: محمد، قال وقد بعث؟ قال: نعم، ففتح الباب فسلمت عليه وسلم عليّ واستغفرت له واستغفر لي، وقال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح.

٩ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن عن النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله خلق المؤمن من طينة الجنة، وخلق الكافر من طينة النار، قال: وسمعته يقول: الطينات ثلاثة: طينة الأنبياء، والمؤمن من تلك الطينة، إلّا أنّ الأنبياء هم من صفوتها هم الأصل ولهم فضلهم ،

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر «عبد» مكان «عند».

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652