تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310912 / تحميل: 6551
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات، ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات، وجلال الله ووجه الله إنّ هذا لمن عدله وانصافه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو السميع العليم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وحدثني أبي عن جعفر وإبراهيم عن أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه قال: إذا كان يوم القيامة أوقف اللهعزوجل المؤمن بين يديه وعرض عليه عمله فينظر في صحيفته، فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه وترتعد فرائصه، ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه فيقول اللهعزوجل : بدلوا سيئاتهم(١) حسنات وأظهروها للناس، فيبدل الله لهم فيقول الناس: اما كان لهؤلاء سيئة واحدة؟ وهو قوله تعالى:( إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ) إلى قوله:( فَإِنَّهُ يَتُوبُ إلى اللهِ مَتاباً ) يقول: لا يعود إلى شيء من ذلك بإخلاص ونية صادقة.

١٢٧ ـ وقولهعزوجل ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) قال: الغناء ومجالسة أهل اللهو.

١٢٨ ـ في الكافي أبو على الاشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي الصباح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قولهعزوجل :( لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) قال: الغنا.

١٢٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم وأبى الصباح الكناني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله اللهعزوجل :( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) قال: الغنا.

١٣٠ ـ في جوامع الجامع( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) أي مجالس الفساق ولا يحضرون الباطل وقيل: هو الغنا وروى ذلك عن السيدين الباقر والصادقعليهما‌السلام . وفي مواعظ عيسى بن مريمعليه‌السلام : إياكم ومجالس الخطائين.

١٣١ ـ في مجمع البيان( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) وقيل: هو الغنا وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

__________________

(١) وفي بعض النسخ «سيئاته».

٤١

١٣٢ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه عن سليمان ابن خالد قال: كنت في محملي اقرأ إذ نادانى أبو عبد اللهعليه‌السلام : اقرء يا سليمان فانا في هذه الآيات التي في آخر تبارك إلى قوله: قال: ثم: قرأت حتى انتهيت إلى قوله:( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) فقال: هذه فينا.

١٣٣ ـ في مجمع البيان( وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) وقيل: هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا عنه عن أبي جعفرعليه‌السلام .

١٣٤ ـ في الكافي سهل بن زياد عن سعيد بن جناح عن حماد عن أبي أيوب الخزاز قال: نزلنا المدينة فأتينا أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال لنا: اين نزلتم؟ قلنا على فلان صاحب القيان(١) فقال: كونوا كراما فو الله ما علمنا ما أراد به وظننا انه يقول: تفضلوا عليه، فعدنا إليه فقلنا: انا لا ندري ما أردت بقولك: كونوا كراما، فقال: اما سمعتم قول اللهعزوجل في كتابه:( وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً )

١٣٥ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى محمد بن أبي عباد وكان مشتهرا بالسماع ويشرب النبيذ، قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن السماع فقال: لأهل الحجاز رأى فيه وهو في حيز الباطل واللهو أما سمعت اللهعزوجل يقول:( وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) .

١٣٦ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام : وفرض الله على السمع أنْ يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى اللهعزوجل عنه، والإصغاء إلى ما أسخط الله فقال في ذلك.( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ ) إلى أنْ قالعليه‌السلام : وقال:( وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) فهذا ما فرض على السمع من الايمان أنْ لا يصغي إلى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان.

١٣٧ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن محمد بن زياد

__________________

(١) القيان جمع القينة: الجارية المغنية.

٤٢

عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل ( وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً ) قال مستبصرين ليسوا بشكاك.

١٣٨ ـ في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه عن سليمان بن خالد قال: كنت في محملي اقرأ إذ نادانى أبو عبد اللهعليه‌السلام اقرأ يا سليمان فانا في هذه الآيات التي في آخر تبارك إلى قوله: ثم قرأت:( وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً ) فقال: هذه فيكم إذا ذكرتم فضلنا لم تشكوا، ثم قرأت:( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ، رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) إلى آخر السورة. فقال: هذه فينا.

١٣٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال: وقرئ عند أبي عبد اللهعليه‌السلام : «والذين يقولون:( هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) فقال: قد سألوا الله عظيما أنْ يجعلهم للمتقين أئمة، فقيل له: كيف هذا يا ابن رسول الله؟ قال: انما انزل الله: «الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرت أعين واجعل لنا المتقين إماما.

١٤٠ ـ حدّثنا محمد بن أحمد قال: حدّثنا الحسن بن محمد عن حماد عن أبان ابن تغلب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) قال: نحن هم أهل البيت.

١٤١ ـ وروى غيره أنّ «أزواجنا» خديجة «وذرياتنا» فاطمة و «قرة أعين» الحسن والحسين( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) عليّ بن أبي طالب والائمة صلوات الله عليهم. انتهى.

١٤٢ ـ في جوامع الجامع وعن الصادقعليه‌السلام في قوله:( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) فقالعليه‌السلام : إيانا عنى.

١٤٣ ـ وروى عنهعليه‌السلام أنّه قال: هذه فينا.

١٤٤ ـ وعن أبي بصير قال:( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) فقالعليه‌السلام : سألت

٤٣

ربك عظيما انما هي واجعل لنا من المتقين له إماما.

١٤٥ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حفّت الجنّة بالمكاره، وحفّت النار بالشهوات، قال الله تعالى لداودعليه‌السلام : حرام على كل قلب عالم محب للشهوات أنْ اجعله إماما للمتقين.

١٤٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الفضل بن دكين عن سفيان عن الأعمش عن مسلم بن البطين عن سعيد بن جبير في قوله تعالى:( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا ) الآية قال: هذه الآية والله خاصة في أمير المؤمنين علىعليه‌السلام ، كان أكثر دعائه يقول:( رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا ) يعنى فاطمة «وذرياتنا» الحسن والحسين «قرة أعين» قال أمير المؤمنين والله ما سألت ربي ولدا نضير الوجه ولا سألته ولدا حسن القامة، ولكن سألت ربي ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه، حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت به عيني قال:( وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) قال: نقتدي بمن قبلنا من المتقين فيقتدى المتقون بنا من بعدنا، وقال:( أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا ) يعنى علي بن أبي طالب والحسن والحسين وفاطمة( وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً ) .

١٤٧ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى جعفر بن محمد عن آبائه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام أنّه قال: أربع للمرء لا عليه إلى قوله: والدعاء فانه قال: قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم.

١٤٨ ـ في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام : كثرة القرائة أفضل أو كثرة الدعاء؟ قال كثرة الدعاء أفضل وقرء هذه الآية.

١٤٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل : «قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم» يقول: ما يفعل ربي بكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما.

٤٤

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سور الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفي جواره وكنفه، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبدا واعطى في الاخرة من الجنة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مأة زوجة من الحور العين.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ سورة الشعراء كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل من صدق بنوح وكذب به، وهود وشعيب وصالح وإبراهيم، وبعدد كل من كذب بعيسى وصدق بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ وروى أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة وذكر مثل ما نقلنا.

٤ ـ عن كتاب ثواب الأعمال وزاد بعد قوله من الحور العين وأسكنه الله في جنة عدن وسط الجنة مع النبيين والمرسلين والوصيين الراشدين وعن ابن عباس قال: قال رسول الله وذكر حديثا طويلا وفيه: وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى.

٥ ـ وروى عن ابن الحنفية عن عليٍّعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا نزلت طسم قال: الطاء طور سيناء والسين الاسكندرية والميم مكة وقال: الطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ) قال: طسم هو حروف من حروف اسم الله الأعظم.

٧ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : واما طسم فمعناه انا الطالب السميع المبدئ المعيد.

٤٥

٨ ـ في إرشاد المفيدرحمه‌الله وهب بن حفص عن أبي بصير قال: سمعت أباجعفرعليه‌السلام يقول في قوله تعالى:( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ) قال: سيفعل الله ذلك بهم قلت: من هم قال: بنو امية وشيعتهم، قلت: وما الآية؟ قال: ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر، وخروج صدر ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه، وذلك في زمان السفياني وعندها يكون بواره وبوار قومه.

٩ ـ في الكافي وروى أنَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال في خطبة له: ولو أراد الله جل ثناؤه حيث بعثهم أنْ يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن البلدان ومغارس الجنان، وأن يحشر طير السماء ووحش الأرض معهم لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحل الابتلاء، ولما وجب للقائلين أجور المبتلين، ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين ولا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين، ولذلك لو أنزل الله( مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ) ، ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عليٍّ ابن الحكم عن أبي أيوب الخزاز عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة والسفياني والخسفة وقتل النفس الزكية واليماني، فقلت: جعلت فداك إنْ خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: لا فلما كان من الغد تلوت هذه الآية:( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ) فقلت له: أهي الصيحة فقال: أما لو كانت خضعت أعناق أعداء اللهعزوجل .

١١ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفةرحمه‌الله باسناده إلى الحسن بن زياد الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: إنّ القائم لا يقوم حتى ينادى مناد من السماء يسمع الفتاة في خدرها ويسمع أهل المشرق والمغرب ،

٤٦

وفيه نزلت هذه الآية:( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ )

١٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ) فانه حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: تخضع رقابهم يعنى بنى امية، وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر صلوات الله عليه.

١٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين ابن خالد قال: قال علي بن موسى الرضاعليه‌السلام لا دين لمن لا ورع له، ولا أمان لمن لا تقية له، وان أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية. فقيل له: يا بن رسول الله إلى متى؟ قال:( إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) وهو يوم خروج قائمنا، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا فقيل له: يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال: الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء يطهر والله به الأرض من كل جور، ويقدسها من كل ظلم، وهو الذي يشك الناس في ولادته وهو صاحب الغيبة قبل خروجه فاذا خرج أشرقت الأرض بنوره ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحدا، وهو الذي تطوى له الأرض ولا يكون له ظل، وهو الذي ينادى مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول: ألآ إنّ حجة الله قد ظهرت عند بيت الله فاتبعوه، فإنّ الحق معه وفيه، وهو قول اللهعزوجل :( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ) .

١٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) فانه حدّثني أبي عن الحسن بن علي بن فضال عن أبان بن عثمان عن أبي ـ عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا بعث اللهعزوجل موسىعليه‌السلام إلى فرعون فأتى بابه فاستأذن عليه فلم يؤذن له، فضرب بعصاه الباب فاصطكت الأبواب ففتحت، ثم دخل على فرعون فأخبره انه رسول الله وسأله أنْ يرسل معه بنى إسرائيل فقال له فرعون كما حكى اللهعزوجل :( أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ) إلى آخره.

١٥ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: فلما رجع موسى الى

٤٧

امرأته قالت: من أين جئت؟ قال: من عند رب تلك النار، قال: فغدا إلى فرعون فو الله لكأنى انظر إليه طويل الباع(١) ذو شعر أدم، عليه جبة من صوفف عصاه في كفه مربوط حقوه بشريط(٢) نعله من جلد حمار شراكها من ليف، فقيل لفرعون: إنّ على الباب فتى يزعم انه رسول رب العالمين فقال فرعون لصاحب الأسد: خل سلاسلها وكان إذا غضب على رجل خلاها فقطعته، فخلاها فقرع موسى الباب الاول وكانت تسعة أبواب فلما قرع الباب الاول انفتحت له الأبواب التسعة، فلما دخل جعلن يبصبصن تحت رجليه كأنهن جراء(٣) فقال فرعون لجلسائه: رأيتم مثل هذا قط؟ فلما أقبل إليه قال: ألم نريك فينا وليدا إلى قوله:( وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) فقال فرعون لرجل من أصحابه: قم فخذ بيده وقال للآخر: اضرب عنقه، فضرب جبرئيل السيف حتى قتل ستة من أصحابه فقال: خلوا عنه، قال: فأخرج يده فاذا هي بيضاء قد حال شعاعها بينه وبين وجهه والقى العصا فاذا هي حية فالتقمت الأبواب بلحييها، فدعاه أنْ يا موسى: أقلني إلى غد ثم كان من أمره ما كان.

١٦ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضاعليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياءعليهم‌السلام باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضاعليه‌السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك أنَّ الأنبياء معصومون قال: بلى قال: فما معنى قول اللهعزوجل إلى أنْ قال: فما معنى قول موسى لفرعون:( فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) ؟ قال الرضاعليه‌السلام : إنّ فرعون قال لموسى لـمّا أتاه:( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ ) قال موسى فعلتها و( أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) عن الطريق بوقوعي إلى مدينة من مدائنك( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً ) وجعلنى من المرسلين وقد قال الله تعالى لنبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً

__________________

(١) فلان طويل الباع أي كريم واسع الخلق.

(٢) الحقو: موضع الإزار وهو الحفر. والشريط: الخوص المفتول يشرط به.

(٣) بصبص الكلب: تحرك ذنبه والجراء جمع الجرو: أولاد السباع.

٤٨

فَآوى ) يقول: ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس( وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) يعنى عند قومك «فهدى» أي فهداهم إلى معرفتك( وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى ) يقول: أغناك بان جعل دعاك مستجابا قال المأمون: بارك الله فيك يا ابن رسول الله.

١٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله بجعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام عن أبيه محمد قال: إذا قام القائم قال:( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً ) وجعلنى من المرسلين.

١٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا: ما بال أمير المؤمنينعليه‌السلام لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية؟ فبلغ ذلك علياعليه‌السلام فامر أنْ ينادي الصلوة الجامعة، فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا؟ قالوا: صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك، قال: إنّ لي بسنة الأنبياء أسوة فيما فعلت، قال الله تعالى في محكم كتابه:( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) قالوا: ومن هم يا أمير ـ المؤمنين؟ قال: أولهم إبراهيمعليه‌السلام إلى أنْ قال: ولي بموسىعليه‌السلام أسوة إذا قال:( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ ) فان قلتم إنّ موسى فر من قومه بلا خوف كان له منهم فقد كفرتم، وان قلتم: إنّ موسى خاف منهم فالوصى أعذر.

قال عز من قائل:( قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ) إلى قوله:( إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) .

١٩ ـ في أصول الكافي في باب جوامع التوحيد خطبة لأمير المؤمنين وفيها يقولعليه‌السلام : الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض، بل وصفته بفعاله ودلت عليه بآياته

٢٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال موسى:( أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ قالَ ) فرعون( فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ ) فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلّا هرب، ودخل فرعون من الرعب ما لم يملك نفسه، فقال فرعون: يا موسى أنشدك بالله وبالرضاع إلّا ما كففتها عنّي ثمّ( نَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ ) فلما أخذ موسىعليه‌السلام العصا رجعت إلى فرعون نفسه وهم بتصديقه فقام إليه هامان فقال

٤٩

له: بينما أنت إله تعبد إذ صرت تابعا لعبد.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: قد سبق قريبا فيما نقلنا من مجمع البيان عن أبي جعفرعليه‌السلام بيان لقولهعزوجل ( فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ ) .

٢١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعليّعليه‌السلام : فان موسى قد اعطى اليد البيضاء فهل فعل لمحمد شيء من هذا؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، إنّ نورا كان يضيء عن يمينه حيثما جلس وعن يساره أينما جلس، وكان يراه الناس كلهم، قال له اليهودي: فان هذا موسى بن عمران قد أعطى العصا وكانت تحول ثعبانا؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، إنّ رجلا كان يطالب أبا جهل بن هشام بدين ثمن جزور(١) قد اشتراه فاشتغل عنه وجلس يشرب، فيطلبه الرجل فلم يقدر عليه فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟ قال: عمرو بن هشام يعنى أبا جهل لي عليه دين، قال فأدلك على من يستخرج الحقوق؟ قال: نعم فدله على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان أبو جهل يقول: ليت لمحمد إليَّ حاجة فأسخر به وأرده؟ فأتى الرجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له: يا محمد بلغني أنّ بينك وبين عمرو بن هشام حسن وانا(٢) استشفع بك اليه، فقام معه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى به فقال له: قم يا أبا جهل فاذا إلى الرجل حقه وانما كنى أبا جهل ذلك اليوم، فقام مسرعا فأدى إليه حقه، فلما رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه: فعلت ذلك فرقا من محمد؟ قال: ويحكم أعذرونى انه لـمّا أقبل رأيت عن يمينه رجالا بأيديهم حراب تتلألأ، وعن يساره ثعبانين تصطك بأسنانهما وتلمع النيران من أبصارهما ،

__________________

(١) الجزور: الناقة التي تنحر.

(٢) كذا في النسخ وكذا في البحار وفي المصدر «حسن صداقة» واستظهر في هامش البحار انّ الأصل «خشن» بالشين.

٥٠

لو امتنعت لم آمن أنْ يبعجوا(١) بالحراب بطني ويقضمني الثعبانان، هذا أكبر مما اعطى موسى ثعبان بثعبان موسى، وزاد الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ثعبانا وثمانية أملاك معهم الحرب.

٢٢ ـ في مجمع البيان( وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ ) إليها أي اخرج من كمه أو جيبه عاما على ما روى.

٢٣ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهرانرحمه‌الله عن محمد بن علي عن الحسن بن منصور عن أخيه قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام في بيت داخل في جوف بيت ليلا، فرفع يده فكانت كأن في البيت عشرة مصابيح، واستأذن عليه رجل فخلا يده ثم اذن له.

٢٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: ثم قال فرعون( لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ ) إلى قوله تعالى:( لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) فكان فرعون وهامان قد تعلما السحر، وانما غلبا الناس بالسحر، وادعى فرعون الربوبية بالسحر، فلما أصبح بعث في المدائن حاشرين، مدائن مصر كلها وجمعوا الف ساحر، واختار من الف، مأة ومن المأة ثمانين، فقال السحرة لفرعون قد علمت انه ليس في الدنيا أسحر منا، فان غلبنا موسى فما يكون لنا عندك؟ قال( إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) عندي أشارككم في ملكي قالوا: فان غلبنا موسى وأبطل سحرنا علمنا أنّ ما جاء به ليس من قبل السحر ولا من قبل الحيلة آمنا به وصدقناه، قال فرعون: إنْ غلبكم موسى صدقته انا أيضا معكم، ولكن اجمعوا كيدكم أي حيلتكم قال: وكان موعدهم يوم عيد لهم، فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم وجمع فرعون الخلق والسحرة وكانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا، وقد كانت لبست الحديد والفولاد المصقول. فكانت إذا وقعت الشمس عليها لم يقدر أحد أنْ ينظر إليها من لمع الحديد ووهج الشمس(٢) وجاء فرعون وهامان وقعدا عليها ينظران، وأقبل موسىعليه‌السلام ينظر إلى السماء فقالت السحرة لفرعون: انا نرى رجلا ينظر إلى السماء ولن يبلغ سحرنا

__________________

(١) بعج بطنه بالسكين: شقه.

(٢) وهج الشمس: حرها.

٥١

الى السماء، وضمنت السحرة من في الأرض، فقالوا لموسى:( إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ* فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ) فأقبلت تضرب وسالت مثل الحيات وهاجت فقالوا( بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ ) .

٢٥ ـ في جوامع الجامع( وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ ) أقسموا بعزة فرعون وهي من أقسام الجاهلية، وفي الإسلام لا يصح الحلف إلّا بالله تعالى أو بعض أسمائه وصفاته، وفي الحديث: لا تحلفوا إلّا بالله ولا تحلفوا بالله إلّا وأنتم صادقون.

٢٦ ـ في أصول الكافي باسناده إلى محمد بن زيد الطبري قال: كنت قائما على رأس الرضاعليه‌السلام بخراسان وعنده عدة من بنى هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي، فقال: يا إسحاق بلغني أنّ الناس يقولون انا نزعم أنّ الناس عبيد لنا، وقرابتي من رسول الله ما قلته قط ولا سمعته من أحد من آبائي قاله، ولا بلغني أحد من آبائي قاله ولكني أقول: الناس عبيد لنا في الطاعة موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب.

٢٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم،( فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ ) فذابت في الأرض مثل الرصاص، ثم طلع رأسها وفتحت فاها ووضعت شدقها(١) العليا على رأس قبة فرعون ثم دارت وأرخت شفقتها السفلى، والتقمت عصى السحرة وحبالهم وغلب كلهم، وانهزم الناس حين رأوها وعظمها وهولها مما لم تر العين ولا وصف الواصفون مثله، قيل: فقتل في الهزيمة من وطء الناس بعضهم بعضا عشرة آلاف رجل وامرأة وصبي، ودارت على قبة فرعون قال: فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما وشاب رأسهما وغشي عليهما من الفزع ومر موسىعليه‌السلام في الهزيمة مع الناس فناداه اللهعزوجل :( خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى ) فرجع موسىعليه‌السلام ولف على يده عباء كانت عليه ثم أدخل يده في فمها فاذا هي عصا كما كانت، فكان كما قال اللهعزوجل :( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ) لـمّا رأو ذلك( قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ ) فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا و( قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ) يعنى موسىعليه‌السلام ( الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ

__________________

(١) الشدق: جانب الغم.

٥٢

فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) فقالوا له كما حكى اللهعزوجل :( لا ضَيْرَ إِنَّا إلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ) فحبس فرعون من آمن بموسىعليه‌السلام في السجن حتى أنزل اللهعزوجل ( عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ ) فأطلق عنهم، فأوحى اللهعزوجل إلى موسى( أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ) فخرج موسى ببني إسرائيل ليقطع بهم البحر وجمع فرعون أصحابه وبعث في المدائن حاشرين، وحشر الناس وقدم مقدمته في ستمائة ألف وركب هو في ألف، الف، وخرج كما حكى اللهعزوجل .

٢٨ ـ وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل : لشرذمة قليلون يقول: عصبة قليلة.

٢٩ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقولعليه‌السلام في آخره: إنّ الله خلق أقواما لجهنم والنار، فأمرنا أنْ نبلغهم كما بلغناهم واشمأز من ذلك، ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به، وقالوا: ساحر كذاب فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثم أطلق الله لسانهم ببعض الحق فهم ينطقون وقلوبهم منكرة ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته ولولا ذلك ما عبد الله في أرضه، فأمرنا بالكف عنهم والستر والكتمان فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه واستروا عمن أمر الله بالستر والكتمان عنه، قال: ثم رفع يده وبكى وقال: أللّهمّ( إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ) ، فاجعل محيانا محياهم. ومماتنا مماتهم ولا تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم، فانك إنْ فجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك وصلى الله على محمّد وآله وسلّم.

٣٠ ـ في الخرائج والجرائح أنّ عليّاعليه‌السلام قال: لـمّا خرجنا إلى خيبر فاذا نحن بواد ملان ماء فقدرناه فاذا هو أربعة عشر قامة فقال الناس: يا رسول الله العدو من ورائنا والوادي أمامنا فكان كما( قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) فنزلعليه‌السلام ثم قال أللّهمّ انك جعلت لكل مرسل علامة فأرنا قدرتك، ثم ركب وعبرت الخيل والإبل لا تندى حوافرها ولا أخفافها.

٥٣

٣١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم فلما قرب موسىعليه‌السلام من البحر وقرب فرعون من موسى( قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) قال موسى( كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ) أي سينجين فدنا موسىعليه‌السلام من البحر فقال له أنْ افرق فقال البحر له: استكبرت يا موسى أنْ تقول لي أنْ انفرق لك ولم أعص اللهعزوجل طرفة عين، وقد كان فيكم العاصي، فقال له موسىعليه‌السلام : فاحذر أنْ تعصى وقد علمت أنّ آدمعليه‌السلام اخرج من الجنة بمعصية وانّما لعن إبليس بمعصيته، فقال البحر: ربي عظيم مطاع أمره ولا ينبغي لشيء أنْ يعصيه، فقام يوشع بن نون فقال لموسىعليهما‌السلام : يا نبي الله ما أمر ربك قال: بعبور البحر فأقحم يوشع فرسه في الماء وأوحى اللهعزوجل ( إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ ) الحجر فضربه( فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) أي كالجبل العظيم، فضرب له في البحر اثنى عشر طريقا فأخذ كل سبط في طريق، وكان الماء قد ارتفع على رؤسهم مثل الجبال، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسىعليه‌السلام في طريقه، فقالوا يا موسى اين إخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر فلم يصدقوه، فأمر اللهعزوجل البحر فصار طاقات حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدثون، وأقبل فرعون وجنوده فلما انتهى إلى البحر قال لأصحابه: ألآ تعلمون انى ربكم الأعلى قد فرج لي البحر فلم يجسر أحد أنْ يدخل البحر وامتنعت الخيل منه لهول الماء، فتقدم فرعون حتى جاء إلى ساحل البحر فقال له منجمه: لا تدخل البحر وعارضة فلم يقبل منه، وأقبل على فرس حصان(١) فامتنع الحصان أنْ يدخل فعطف عليه جبرئيلعليه‌السلام وهو على ماديانة، فتقدمه ودخل فنظر الفرس إلى الرمكة(٢) فطلبها ودخل البحر واقتحم

__________________

(١) الحصان: الفرس العتيق ثم كثر حتى سمى به كل ذكر من الخيل.

(٢) الرمكة: الفرس والبرذونة تتخذ للنسل.

٥٤

أصحابه خلفه، فلما دخلوا كلهم حتى كان آخر من دخل من أصحابه وآخر من خرج من أصحاب موسىعليه‌السلام ، أمر اللهعزوجل الرياح فضربت البحر بعضه ببعض فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال.

٣٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن محمد بن هشام عمن أخبره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ قوما ممن آمن بموسى قالوا: لو أتينا عسكر فرعون وكنا فيه ونلنا من دنياه فاذا كان الذي نرجوه من ظهور موسىعليه‌السلام صرنا إليه ففعلوا، فلما توجه موسى ومن معه هاربين من فرعون ركبوا دوابهم وأسرعوا في السير ليلحقوا بموسى وعسكره فيكونوا معهم، فبعث اللهعزوجل ملكا فضرب وجوه دوابهم فردهم إلى عسكر فرعون فكانوا فيمن غرق مع فرعون.

٣٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب إبراهيم بن أدهم وفتح الموصلي قال( كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما ) : كنت أسيح في البادية مع القافلة فعرضت لي حاجة فتنحيت عن القافلة وإذا انا بصبي يمشى، فدنوت منه وسلمت عليه فرد على السلام فقلت له: إلى أين؟ قال: أريد بيت ربي، فقلت: حبيبي انك صغير ليس عليك فرض ولا سنة، فقال يا شيخ ما رأيت من هو أصغر منى سنامات، فقلت: اين الزاد والراحلة؟ فقال: زادي تقواي وراحلتي رجلاي وقصدي مولاي، فقلت: ما أدرى معك شيئا من الطعام؟ فقال يا شيخ هل تستحسن أنْ يدعوك إنسان إلى دعوة فتحمل من بيتك الطعام؟ قلت: لا قال: الذي دعاني إلى بيته( هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ) .

قال مؤلّف هذا الكتاب عفي عنه: هذا الكلام طويل وقد ذكر في أواسطه أنّ الصبى كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام .

٣٤ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من ظهرت صحته على سقمه فتعالج بشيء فمات فانا إلى الله منه برىء.

٣٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن مسعود أنّه قال: بينا نحن عند

٥٥

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ تبسم فقلت له: مالك يا رسول الله؟ قال: عجبت من المؤمن وجزعه من السقم، ولو يعلم ماله في السقم من الثواب لأحب ألّا يزال سقيما حتى يلقى ربهعزوجل .

٣٦ ـ في الكافي باسناده إلى جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال اللهعزوجل : من مرض ثلاثا فلم يشك إلى أحد من عواده أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، فان عافيته عافيته ولا ذنب له، وان قبضته قبضته إلى رحمتي.

٣٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: ما من عبد ابتليته ببلاء فلم يشك إليَّ عواده إلّا أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، فان قبضته قبضته إلى رحمتي، وانْ عاش، عاش وليس له ذنب.

٣٨ ـ وباسناده عن بشير الدهان عن أبي عبد الله قال: قال اللهعزوجل : أيما عبد ابتليته ببلية فكتم ذلك عواده ثلاثا أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خير من دمه وبشرا خيرا من بشره فان أبقيته أبقيته ولا ذنب له، وان مات مات إلى رحمتي.

٣٩ ـ وباسناده إلى الحسن الميثمي عن رجل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من مرض ليلة فقبلها بقبولها كتب الله له عبادة ستين سنة، قلت: ما معنى قبولها؟ قال: لا يشكوا ما أصابه فيها إلى أحد.

٤٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن العرزمي عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها وأدى إلى الله شكرها كانت كعبادة ستين سنة، قال أبي: فقلت له: ما قبولها؟ قال: يصبر عليها ولا يخبر بما كان فيها، فاذا أصبح حمد الله على ما كان.

٤١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من مرض ثلاثة أيام فكتمه ولم يخبر به أحدا أبدل اللهعزوجل له لحما

٥٦

خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، وبشره خيرا من بشرته، وشعرا خيرا من شعره، قال: قلت: جعلت فداك وكيف يبدله؟ قال: يبدله لحما وشعرا ودما وبشرة لم يذنب فيها.

٤٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل عن حد الشكاة للمريض، فقال: إنّ الرجل يقول: حممت اليوم وسهرت البارحة وقد صدق وليس هذا شكاة، وانما الشكوى أنْ يقول: ابتليت بما لم يبتل به أحد، ويقول: لقد أصابنى ما لم يصب أحدا وليس الشكوى أنْ يقول: سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا.

٤٣ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : ألآ وان اللسان الصالح يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال يورثه من لا يحمده.

٤٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل ( وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) قال هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

٤٥ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى بن يحيى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خيرا من المال يأكله ويورثه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في بيان ما جرى منهعليه‌السلام أيام تزويج فاطمة من عليّعليهما‌السلام وفيه: فسأل عليا كيف وجدت أهلك؟ قال: نعم العون على طاعة الله وسأل فاطمة؟ فقالت: خير بعل، فقال: أللّهمّ اجمع شملهما واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم.

٤٧ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن سفيان بن عيينة قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه، قال: وكل قلب فيه شرك أوشك فهو ساقط ،

٥٧

وانما أراد بالزهد في الدنيا لتفزع قلوبهم إلى الاخرة.

٤٨ ـ وباسناده إلى الحسن بن الجهم عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: قال: التواضع أنْ تعطى الناس ما تحب أنْ تعطاه.

٤٩ ـ وفي آخر قال: قلت: ما حد التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟ فقال: التواضع درجات، منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم لا يحب أنْ يأتى إلى أحد إلّا مثل ما يؤتى اليه، إنْ راى سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ عاف عن الناس والله يحب المحسنين.

٥٠ ـ ـ في مجمع البيان وروى عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: هو القلب الذي سلم من حب الدنيا، ويؤيده قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : حسب الدنيا رأس كل خطيئة.

٥١ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم، لان سلامة القلب من هواجس المذكورات. تخلص النية لله في الأمور كلها قال الله تعالى:( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) .

٥٢ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وانزل في طسم( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ) جنود إبليس ذريته من الشياطين( وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ) يعنى المشركين الذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتبعوهم على شركهم، وهم قوم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد، وتصديق ذلك قول اللهعزوجل :( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ) .( كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ ) .( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ) ليس هم اليهود الذين قالوا:( عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ) ، ولا النصارى الذين قالوا( الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ) ، سيدخل الله اليهود والنصارى النار، ويدخل كل قوم بأعمالهم، وقولهم:( وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ) إذ دعونا إلى سبيلهم ذلك قول اللهعزوجل فيهم حين جمعهم إلى النار( قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً

٥٨

ضِعْفاً مِنَ النَّارِ ) وقوله:( كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً ) برىء بعضهم من بعض، ولعن بعضهم بعضا يريد بعضهم أنْ يحج بعضا رجاء الفلج فيفلتوا جميعا من عظم ما نزل بهم، وليس بأوان بلوى ولا اختبار، ولا قبول معذرة ولا حين نجاة.

٥٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر ابن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي سعيد المكاري عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ ) قال: هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره.

٥٤ ـ محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحق عن علي بن مهزيار عن عبد الله بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في قول اللهعزوجل :( فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ ) قال: يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره.

٥٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ ) قال الصادقعليه‌السلام : نزلت في قوم وصفوا عدلا ثم خالفوه إلى غيره، وفي خبر آخر قال: هم بنو امية والغاوون بنو العباس(١) .

٥٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو ذر في خبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أبا ذر يؤتى بجاحد على أعمى أبكم يتكبكب في ظلمات يوم القيامة، ينادى: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وفي عنقه طوق من النار.

٥٧ ـ في محاسن البرقي وفي رواية عثمان بن عيسى وغيره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ ) قال: من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره.

٥٨ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعليّعليه‌السلام يقول فيها: ايها السائل اعلم أنّ من

__________________

(١) وفي بعض النسخ «بنو فلان».

٥٩

شبه ربنا الجليل بتباين أعضاء خلقه، وبتلاحم أحقاق(١) مفاصله المحتجبة بتدبير حكمته، انه لم يعقد غيب ضميره على معرفته، ولم يشاهد قلبه اليقين بأنه لا ندَّ له، وكأنه لم يسمع بتبرى التابعين من المتبوعين وهم يقولون:( تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ ) فمن ساوى ربنا بشيء فقد عدل به، والعادل به كافر بما تنزلت به محكمات آياته ونطقت به شواهد حجج بيناته، لأنه الله الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهب فكرها مكيفا، وفي حواصل هويات همم النفوس محدودا مصرفا، المنشئ أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها، ولا قريحة غريزة أضمر عليها، ولا تجربة أفادها من موجودات الدهور، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور.

٥٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي اسامة عن أبي عبد الله وأبي جعفرعليهما‌السلام انهما قال: والله لنشفعن في المذنبين من شيعتنا حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك:( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) .

٦٠ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن عمر بن أبان عن عبد الحميد الوابشي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال في حديث طويل: وان الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وان المؤمن ليشفع لجاره وماله حسنة، فيقول: يا رب جاري كان يكف عنى الأذى فيشفع فيه، فيقول الله تبارك وتعالى: انا ربك وانا أحق من كافي عنك فيدخله الله الجنة وما له من حسنة، وان ادنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك يقول أهل النار:( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) .

٦١ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى الحسن بن صالح بن حي قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: لقد عظمت منزلة الصديق حتى أهل النار ليستغيثون به ويدعون به في النار قبل القريب الحميم قال الله مخبرا عنهم:( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) .

__________________

(١) الاحقاق جمع الحق ـ بالضم ـ: النقرة في رأس الكنف.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

جعل يطلب شربة من ماء البئر فلم يسق ، ثم أدخلوه سرباً وجصصوا عليه ، فأصبح ميتاً ، وأشهدوا عليه جماعة من الأعيان أنه مات وليس به أثر(1) .

ما قاله الإمام العسكري بعد هلاك المعتز :

حينما قتل المعتز خرج توقيع من الإمام العسكريعليه‌السلام يؤكد عزم المعتز على قتل الإمامعليه‌السلام قبل أن يُولَد له ، وفي ذلك دلالة واضحة على اعتقاد بني العباس بأن المولود هو صاحب الزمانعليه‌السلام الذي يقصم الجبّارين ويقيم دولة الحق.

عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، قال : « خرج عن أبي محمدعليه‌السلام حين قتل الزبيري :هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه ، يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب ، فكيف رأى قدرة الله فيه ؟ وولد له ولد سمّاه محمداً »(2) .

خامساً ـ المهتدي ( 255 ـ 256 ه‍ )

هو محمد بن الواثق بن المعتصم ، بويع بالخلافة في رجب سنة 255 ه‍ ، وقد نقل المؤرخون في ترجمته أنه كان من أحسن خلفاء بني العباس مذهباً ، وأجودهم طريقة ، وأكثرهم ورعاً وعبادة وزهادة ، وأنه اطّرح الغناء والشراب ، ومنع أصحاب السلطان من الظلم ، وكان يجلس للمظالم ، ويتقلّل في مأكوله وملبوسه(3) .

__________________

(1) الكامل في التاريخ 6 : 200 ، الفخري في الآداب السلطانية : 243 ، البداية والنهاية 11 : 16 ، سير أعلام النبلاء 12 : 533.

(2) أصول الكافي 1 : 329 / 5 ـ باب الاشارة والنص إلى صاحب الدارعليه‌السلام ، إكمال الدين : 430 / 3 ـ باب 42.

(3) راجع : تاريخ الخلفاء / السيوطي : 281 ، الكامل في التاريخ 6 : 223 ـ 224 ،

٨١

وهو بهذا التصرف استطاع الترفع على سيرة أسلافه العباسيين المعروفين بالترف والاسراف والمجون ومعاقرة الخمور وغيرها من مظاهر الانحراف ، لكن ثمة فرقاً بين السيرة الصالحة التي تكون واعزاً للحق والعدل والانصاف وتمنع صاحبها عن الظلم والجور ، والسيرة التي يفتعلها صاحبها أو يتصنّعها لأجل الخروج عن الاطار الشكلي الحاكم على الخلفاء المتقدمين ، وقد صرح بعض المؤرخين بأن المهتدي كان يتشبّه بعمر بن عبد العزيز(1) ، والتشبه غير التطبّع.

ونقل آخر عنه أنه قال لأحد جلسائه حين سأله عما هو فيه من التقشف في الأكل ، فقال : « انّي فكرت في أنه كان في بني اُمية عمر بن عبد العزيز ، وكان من التقلّل والتقشف على ما بلغك ، فغرت على بني هاشم ، فأخذت نفسي بما رأيت »(2) .

فالتزهّد هنا ناتج عن غيرة لا عن طبيعة وفطرة سليمة ، وبنوهاشم هنا خصوص بني العباس لا عمومهم ، لأن فيهم من قال فيه تعالي :( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (3) وفيهم آل البيت المعصومونعليهم‌السلام ، ويبين ذلك الخصوص في تصريحة بقول آخر : « أما تستحي بنو العباس أن لا يكون فيهم مثل عمر بن عبد العزيز ؟! »(4) ، فكانوا يطلقون لفظ بني هاشم على العباسيين في مقابل بني

__________________

البداية والنهاية 11 : 23 ، سير أعلام النبلاء 12 : 535 ، الفخري في الآداب السلطانية : 246.

(1) الفخري في الآداب السلطانية : 246.

(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي : 281.

(3) سورة القلم : 68 / 4.

(4) `الكامل في التاريخ 6 : 224.

٨٢

اُمية.

ولو كان المهتدي محمود السيرة لخالف أسلافه في التعامل مع الإمامعليه‌السلام وأصحابه وشيعته ، لكنه انتهج نفس أساليبهم ، وكما يلي :

1 ـ مواقفه من الطالبيين :

تعرض نحو عشرين من العلويين للقتل صبراً أو الأسر أو السجن أو الترشيد خلال فترة حكومة المهتدي التي كانت أقلّ من سنة واحدة ، على ما نقله أبو الفرج وحده.

فقد قتل صبراً في أيام المهتدي محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وطاهر بن أحمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقُتل أيضاً الحسين بن محمد بن حمزة بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

وَقَتل أصحاب عبد الله بن عبد العزيز ، يحيى بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد ، قُتل بقرية من قري الري في ولاية عبد الله بن عبد العزيز.

واُسِر محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ، أسره الحارث بن أسد وحمله إلى المدينة فتوفّي بالصفراء ، فقطع الحارث رجيلة وأخذ قيدين كانا فيهما ورمى بهما.

وقتل جعفر بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ، قتله سعيد الحاجب بالبصرة.

٨٣

وقتل بالسمّ موسى بن عبد الله بن موسى بن عبيد الله بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ، وكان رجلاً صالحاً ، راوياً للحديث ، قد روي عنه عمر ابن شبّة ، ومحمد بن الحسن بن مسعود الزرقي ، ويحيى بن الحسن بن جعفر العلوي وغيرهم. وكان سعيد الحاجب حمله وحمل ابنه إدريس وابن أخيه محمد ابن يحيى بن عبد الله بن موسى ، وأبا الطاهر أحمد بن زيد بن الحسين بن عيسىٰ ابن زيد بن علي بن الحسين ، إلى العراق ، فعارضه بنو فزارة بالحاجز ، فأخذوهم من يده فمضوا بهم ، وأبى موسى أن يقبل ذلك منهم ، ورجع مع سعيد الحاجب ، فلما كان بزبالة دسّ إليه سمّاً فقتله(1) وأخذ رأسه وحمله إلى المهتدي في المحرم سنة 256 ه‍.

وأُسِرَ عيسىٰ بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله ابن جعفر ، أسره عبد الرحمن خليفة أبي الساج بالجار(2) ، وحمله فمات بالكوفة.

وقُتل محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، قتله عبد الله بن عزيز بين الري وقزوين.

ومات في الحبس علي بن موسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، حبسه عيسىٰ بن محمد المخزومي بمكة ، فمات في حبسه. ومات في الحبس أيضاً محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، حمله عبد الله بن عبد العزيز عامل طاهر

__________________

(1) ذكر ذلك المسعودي أيضاً في مروج الذهب 4 : 429 وجعله في زمان المعتز.

(2) الجار : بلدة على البحر الأحمر.

٨٤

إلى سر من رأى ، وحمل معه علي بن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فحبسا جميعاً حتى ماتا في الحبس.

وكذلك إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، حبسه محمد بن أحمد بن عيسىٰ بن المنصور عامل المهتدي على المدينة ، فمات في حبسه ، ودفن في البقيع.

وكذلك عبد الله بن محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن الحسن ، حبسه أبو الساج بالمدينة ، فبقي بالحبس إلى ولاية محمد بن أحمد بن المنصور ، ثم توفي في حبسه ، فدفعه إلى أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن داود بن الحسن فدفنه بالبقيع(1) .

ولم تكفّه سيرته الصالحة عن التصدي لشيعة الإمام والنكاية بهم ، بل كان مصداقاً للحقد التقليدي الذي يكنّه أسلافه العباسيون تجاهم ، فقد ذكر السيوطي أنه نفى جعفر بن محمود إلى بغداد ، وكره مكانه ، لأنّه نسب عنده إلى الرفض(2) .

2 ـ سيرة المهتدي مع الإمام العسكري عليه‌السلام :

حاول ( المهتدي ) العباسي التضييق على الإمام العسكريعليه‌السلام بشتى الوسائل ، وكان عازماً على قتل الإمامعليه‌السلام ، وهناك جملة من الروايات التي تؤيد ذلك :

__________________

(1) مقاتل الطالبيين : 435 ـ 439.

(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي : 281.

٨٥

عن أبي هاشم الجعفري ، قال : « كنت محبوساً مع أبي محمدعليه‌السلام في حبس المهتدي ، فقال لي :يا أبا هاشم ، إن هذا الطاغية أراد أن يعبث بأمر الله في هذه الليلة ، وقد بتر الله عمره وجعله للمتولي بعده وليس لي ولد ، وسيرزقني الله ولداً بكرمه ولطفه ، فلما أصبحنا شغبت الأتراك على المهتدي وأعانهم العامة لما عرفوا من قوله بالاعتزال والقدر ، فقتلوه ونصبوا مكانه المعتمد وبايعوا له ، وكان المهتدي قد صحّح العزم على قتل أبي محمدعليه‌السلام ، فشغله الله بنفسه حتى قُتل ومضى إلى أليم العذاب »(1) .

ويبدو أن تاريخ اعتقال الإمامعليه‌السلام في أول حكم المهتدي ، لأنّهعليه‌السلام ذكر في هذا الحديث أنه ليس له ولد وسيرزقه الله ولداً بكرمه ولطفه ، وقد ولد الحجةعليه‌السلام في النصف من شعبان سنة 255 ه‍ ، وتولّى المهتدي في أول رجب سنة 255 ه‍.

وتتشابه أجواء هذا الحديث وتاريخه مع حديث عيسىٰ بن صبيح(2) الذي اعتقل مع الإمامعليه‌السلام قال : « دخل الحسن العسكريعليه‌السلام علينا الحبس ، وكنت به عارفاً إلى أن قال : قلت : ألك ولد ؟ قال :إي والله ، سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، فاما الآن فلا »(3) . فلعلّ الجملة المعترضة في حديث أبي هاشم الجعفري المتقدّم « وليس لي ولد » هي جواب للإمامعليه‌السلام عن سؤال

__________________

(1) إثبات الوصية : 252 ، مهج الدعوات : 343 ، بحار الأنوار 50 : 313 ، ونحوه في المناقب لابن شهرآشوب 4 : 463 ، الغيبة للشيخ الطوسي : 205 / 173 و 223 / 187 ، بحار الأنوار 50 : 303 / 79.

(2) في الفصول المهمة : عيسىٰ بن الفتح.

(3) الفصول المهمة 2 : 1087 ، بحار الأنوار 50 : 275 / 48 عن الخرائج والجرائح.

٨٦

عيسى بن صبيح الذي كان معهم في السجن.

وكان قبل ذلك قد تهدّد الإمامعليه‌السلام بالقتل وتوعّد شيعته ، فكتب أحمد بن محمد إلى الإمام العسكريعليه‌السلام حين أخذ المهتدي في قتل الموالي : يا سيدي ، الحمد لله الذي شغله عنّا ، فقد بلغني أنه يتهددك ويقول : والله لأجلينّهم عن جديد الأرض(1) . فوقّععليه‌السلام بخطه :ذلك أقصر لعمره ، عد من يومك هذا خمسة أيام ، ويُقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخاف يمرّ به ، وكان كما قال »عليه‌السلام (2) .

هلاك المهتدي :

لقد تنكّر المهتدي للاتراك ، وعزم على تقديم الأبناء ، فلمّا علموا بذلك استوحشوا منه وأظهروا الطعن عليه ، فأحضر جماعة منهم فضرب أعناقهم ، فاجتمع الأتراك وشغبوا ، فخرج إليهم المهتدي في السلاح ، واستنفر العامة ، وأباحهم دماء الأتراك وأموالهم ونهب منازلهم ، فتكاثر الأتراك عليه ، وافترقت العامة عنه حتى بقي وحده ، فسار إلى دار أحمد بن جميل صاحب الشرطة ، فلحقوه وأخذوه وحملوه على بغل وجراحاته تنطف دماً ، فحبسوه في الجوسق عند أحمد بن خاقان ، وقبّل المهتدي يده مراراً عديدة ، فدعوه إلى أن يخلع نفسه فأبى ، فقالوا : إنّه كتب بخطه رقعة لموسى بن بغا وبابكيال وجماعة من القواد أنه لا يغدر بهم ولا يغتالهم ولا يفتك بهم ولا يهمّ بذلك ، وأنه متى فعل ذلك فهم في

__________________

(1) جديد الأرض : وجهها.

(2) أصول الكافي 1 : 510 / 16 ، الإرشاد 2 : 333 ، إعلام الورى 2 : 144 ، بحار الأنوار 50 : 308 / 5.

٨٧

حلّ من بيعته والأمر إليهم يُقعِدون من شاءوا.

فاستحلوا بذلك نقض أمره ، فداسوا خصييه وصفعوه وقيل : خلعوا أصابع يديه من كفيّه ورجليه من كعبيه حتى ورمت كفاه وقدماه وفعلوا به غير شيء حتى مات في رجب سنة 256 ه‍(1) ، فكان تنكّره للأتراك أقصر لعمره ، وكان قتله بعد هوان واستخفاف كما قال الإمامعليه‌السلام .

سادساً ـ المعتمد ( 256 ـ 279 ه‍ )

وهو أحمد بن المتوكل بن المعتصم ، بويع سنة 256 ه‍ ، وكان هو وأخوه الموفق طلحة كالشريكين في الخلافة ، فله الخطبة والسكة والتسميّ بامرة المؤمنين ، ولأخيه طلحة الأمر والنهي وقيادة العساكر ومحاربة الأعداء وترتيب الوزراء والامراء ، وكان المعتمد مشغولاً عن ذلك بلذّاته(2) .

1 ـ مواقفه من الطالبيين :

لم تخرج سياسة المعتمد عن إطار السياسة العباسية القاضية بمراقبة أهل البيتعليهم‌السلام ومطاردة شيعتهم والقسوة على الطالبيين ، ففي أيام المعتمد قُتل علي بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي ، قُتل بسرّ من رأى على باب جعفر بن المعتمد ولا يدري من قتله ، وكذلك محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي ، ضَرَب عبد العزيز ابن أبي دلف عنقه صبراً بآبة ، وهي قرية بين قم وساوة.

وقُتل حمزة بن الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله

__________________

(1) راجع : تاريخ اليعقوبي 2 : 506 ، الكامل في التارخ 6 : 221 ـ 223.

(2) الفخري في الآداب السلطانية : 250.

٨٨

ابن جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام ، قتله صلاب التركي صبراً ومثّل به.

وقتل في أيام المعتمد أيضاً إبراهيم ومحمد ابنا الحسن بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، والحسن بن محمد بن زيد بن عيسىٰ بن زيد الحسين ، وإسماعيل بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

وتوفّي في السجن بسرّ من رأى محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن ابن القاسم بن الحسن بن زيد الأكبر بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وتوفي أيضاً في السجن بسرّ من رأى موسى بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي ، وكان حمل من مصر في أيام المعتز فبقي إلى هذا الوقت ثم مات ، وحمل سعيد الحاجب محمد بن أحمد بن عيسىٰ بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي ، وحمل ابنيه أحمد وعلياً ، فتوفي محمد وابنه أحمد في الحبس.

وحُبس الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي ، حبسه يعقوب بن الليث الصفار لما غلب على نيسابور ، ثمّ حمله معه حين خرج إلى طبرستان ، وتوفي في الطريقرضي‌الله‌عنه .

وتوفي في حبس يعقوب بنيسابور محمد بن عبد الله بن زيد بن عبيد الله بن زيد بن عبد الله بن الحسن بن زيد بن الحسن(1) .

وفي سنة 258 ه‍ اخرج أحمد بن طولون الطالبيين من مصر إلى المدينة ، ووجه معهم من ينفذهم ، وكان خروجهم في جمادي الآخرة ، وتخلف بعضهم حيث أراد أن يتوجه إلى المغرب ، فأخذه أحمد بن طولون وضربه مائة وخمسين

__________________

(1) مقاتل الطالبيين : 440 ـ 443.

٨٩

سوطاً وأطافه بالفسطاط(1) .

2 ـ موقفه من الإمام العسكري عليه‌السلام :

وفي زمان المعتمد اعتقل الإمام العسكريعليه‌السلام عدّة مرات ، فقد روي أنه سُلّم إلى نحرير ، وكان يضيق عليه ويؤذيه ، فقالت له امرأته : ويلك اتقي الله ، لا تدري من في منزلك ! وعرّفته صلاحه ، وقالت : إنّي أخاف عليك منه. فقال : لأرمينّه بين السباع ، ثم فعل ذلك به ، فرئيعليه‌السلام قائماً يصلي والسباع حوله(2) .

وحُبس عند علي بن جرين سنة 260 ه‍ ، وروي « أنه لما كان في صفر من هذه السنة جعلت اُم أبي محمدعليه‌السلام تخرج في الأحايين إلى خارج المدينة وتجسّ الأخبار ، حتى ورد عليها الخبر حين حبسه المعتمد في يدي علي بن جرين ، وحبس أخاه جعفراً معه ، وكان المعتمد يسأل علياً عن أخباره في كلّ مكان ووقت ، فيخبره أنه يصوم النهار ويصلي الليل ، فسأله يوماً من الأيام عن خبره فأخبره بمثل ذلك ، فقال له : أمضِ الساعة إليه وأقرئه مني السلام ، وقل له : انصرف إلى منزلك » إلى آخر الرواية وفيها أنهعليه‌السلام أبى أن يخرج من السجن حتى أخرجوا أخاه معه(3) ، رغم أن جعفراً كان يسيء إليه ويتربّص به.

وروى ابن حجر الهيتمي وغيره أنهعليه‌السلام أخرج بسبب حادثة الاستسقاء ، قال : « لمّا حبسعليه‌السلام قحط الناس بسرّ من رأى قحطاً شديداً ، فأمر المعتمد بن المتوكل بالخروج للاستسقاء ثلاثة أيام فلم يسقوا ، فخرج النصاري ومعهم

__________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2 : 510.

(2) أصول الكافي 1 : 513 / 26 ـ باب مولد أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام من كتاب الحجة ، بحار الأنوار 50 : 309 / 7.

(3) إثبات الوصية : 253 ، مهج الدعوات : 343 ، بحار الأنوار 50 : 313 ـ 314 و 330 / 2.

٩٠

راهب كلما مدّ يده إلى السماء هطلت ، ثمّ في اليوم الثاني كذلك ، فشكّ بعض الجهلة وارتدّ بعضهم ، فشقّ ذلك على المعتمد ، فأمر بإحضار الحسن الخالصعليه‌السلام وقال له : أدرك اُمّة جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن يهلكوا. فقال الحسن :يخرجون غداً وأنا أزيل الشكّ إن شاء الله ، وكلّم الخليفة في إطلاق أصحابه من السجن فأطلقهم.

فلمّا خرج الناس للاستسقاء ، ورفع الراهب يده مع النصاري غيّمت السماء ، فأمر الحسنعليه‌السلام بالقبض على يده ، فإذا فيها عظم آدمي ، فأخذه من يده وقال :استسق ، فرفع يده فزال الغيم وطلعت الشمس ، فعجب الناس من ذلك ، فقال المعتمد للحسنعليه‌السلام : ما هذا يا ابا محمد ؟ فقال :هذا عظم نبي ، ظفر به هذا الراهب من بعض القبور ، وما كشف من عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر ، فامتحنوا ذلك العظم فكان كما قال ، وزالت الشبهة عن الناس ، ورجع الحسنعليه‌السلام إلى داره »(1) .

وهكذا كان ديدن الحكام العباسيين مع أهل البيتعليهم‌السلام حينما تضيق بهم السبل وتوصد أمامهم الأبواب ، يضطرون إلى اللجوء نحو معدن العلم وثاني الثقلين وباب حطّة وسفينة نوح ، يلتمسون النجاة مما يهدّد عروشهم ويبدّد عرى دولتهم.

لقد شدّد المعتمد على حصار الإمامعليه‌السلام واعتقاله ، لأنه يعلم أنه الإمام

__________________

(1) الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيتمي : 124 ـ مكتبة القاهرة ـ مصر ـ 1385 ه‍ ، الفصول المهمة 2 : 1085 ـ 1087 ، نور الأبصار : 337 ، وأخرجه في إحقاق الحق 12 : 464 و 19 : 620 و 625 و 29 : 64 عن عدة مصادر ، وراجع : الخرائج والجرائح 1 : 441 / 23 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 458 ، بحار الأنوار 50 : 270 / 37.

٩١

الحادي عشر ، وأن ما بعده هو آخر أئمة أهل البيتعليهم‌السلام الذي يقضي على دعائم الظلم والجور ، ويطيح بدولة الظالمين ، وينشر العدل والقسط ، لهذا أراد أن يطفئ النور الثاني عشر ، ولكن الله أبي إلا أن يتمّ نوره.

روى الصيمري بالاسناد عن المحمودي ، قال : « رأيت بخطّ أبي محمدعليه‌السلام لما خرج من حبس المعتمد( يُرِيدُون لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بأَفوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ) »(1) .

وذكر نصر بن علي الجهضمي في ( مواليد الأئمةعليهم‌السلام ) أن الحسن بن علي العسكريعليه‌السلام قال عند ولادة محمد بن الحسنعليه‌السلام :« زعمت الظلمة أنّهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل ، كيف رأوا قدرة القادر ؟ » (2) .

وانتهت قصة صراع الإمام العسكريعليه‌السلام مع خلفاء بني العباس بشهادته مسموماً في الثامن من ربيع الأول سنة 260 ه‍ ، على المشهور من الأقوال في وفاته(3) ، وهو في الثامنة والعشرين أو التاسعة والعشرين من عمره الشريف ، ليبدأ بعد هذا التاريخ فصلاً جديداً من المأساة الكبري على يد المعتمد وجهازه الحاكم لم تزل آثاره باقية ولن تزول إلى أن يأذن الله بفرج وليه القائم المؤمّل والعدل المنتظرعليه‌السلام ليملأها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

* * *

__________________

(1) مهج الدعوات : 334 ، إثبات الوصية : 255 ، بحار الأنوار 50 : 314 ، والآية من سورة الصف : 61 / 8.

(2) مهج الدعوات : 334.

(3) سنأتي على ذكر الأقوال في الفصل الأخير من هذا كتاب.

٩٢

الفصل الثّالث

الهوية الشخصية للإمام العسكري عليه‌السلام

نسبه عليه‌السلام

هو أبو محمد الحسن العسكري بن علي النقي بن محمد الجواد بن علي الرضا ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد باقر العلم بن علي زين العابدين ابن الحسين السبط الشهيد بن علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات الله عليهم أجمعين.

نَسَبٌ عليه من شَمْسِ الضُّحىٰ

نورٌ ، ومِنَ فَلَقِ الصَّباحِ عمودُ

اُمّه رضي الله تعالى عنها :

أمّ ولد ، يقال لها سوسن ، وتكنى أمّ الحسن ، وتعرف بالجدّة ، أي جدّة الإمام صاحب الزمانعليه‌السلام ، ولها أسماء اُخرى ، فيقال لها : حُديث ، وحُديثة ، وسليل ، وسمانة ، وشكل النوبية وغيرها(1) .

__________________

(1) راجع : أصول الكافي 1 : 503 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، التهذيب / الشيخ الطوسي 6 : 92 ـ باب 42 من كتاب المزار ، الإرشاد 2 : 313 ، إكمال الدين : 307 آخر باب 27 خبر اللوح ، إثبات الوصية : 244 ، دلائل الإمامة : 424 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، روضة

٩٣

ورجّح صاحب عيون المعجزات أن اسمها سليل ، حيث قال : « اسم اُمّهعليه‌السلام ـ على ما رواه أصحاب الحديث ـ سليل ( رضي الله عنها ) وقيل : حديث ، والصحيح سليل ، وكانت من العارفات الصالحات »(1) .

ولعلّ ذلك مبني على الحديث الوارد عن المعصوم ، وهو يشيد بفضلها وعفتها وصلاحها ، رواه المسعودي عن العالمعليه‌السلام أنه قال :« لمّا اُدخلت سليل اُمّ أبي محمد على أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والأنجاس » (2) .

وبعثها الإمام العسكريعليه‌السلام إلى الحج سنة 259 ه‍ ، وأخبرها عما يناله سنة60 ، فأظهرت الجزع وبكت ، فقالعليه‌السلام :« لابد من وقوع أمر الله فلا تجزعي » وفي صفر سنة 260 ه‍ كانت في المدينة ، فجعلت تخرج إلى خارجها تتجسّس الأخبار وقد أخذها الحزن والقلق(3) .

وحينما اتصل بها خبر شهادة الإمامعليه‌السلام عادت إلى سامراء ، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع أخيه جعفر من مطالبته إياها بالميراث ، وسعايته

__________________

الواعظين : 251 ، تاريخ مواليد الأئمةعليهم‌السلام / ابن الخشاب : 199 ـ مطبوع ضمن مجموعة نفيسة ـ مكتبة السيد المرعشي ـ قم ، الفصول المهمة 2 : 1080 ، تذكرة الخواص : 324 ، كشف الغمة 3 : 271 ، إعلام الورى 2 : 131 ، تاج المواليد : 133 ، بحار الأنوار 50 : 235 / 2 ، 236 / 5 و 7 ، 238 / 11.

(1) بحار الأنوار 50 : 238 / 11.

(2) إثبات الوصية : 244.

(3) راجع : إثبات الوصية : 253 ، مهج الدعوات : 343 ، بحار الأنوار 50 : 313 ، 330 / 2.

٩٤

بها إلى سلطان ، وكشف ما أمر الله عزوجل ستره(1) .

وتوفيت في سامراء وكانت قد أوصت أن تدفن في الدار إلى جنب ولدها الإمام العسكريعليه‌السلام ، فنازعهم جعفر وقال : الدار داري لا تدفن فيها(2) .

ولادته : عليه‌السلام

ولد الإمام العسكريعليه‌السلام يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الآخر سنة 232 ه‍ في مدينة جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو القول المشهور في ولادتهعليه‌السلام (3) .

ويؤيد ما رواه الطبري الإمامي بالاسناد عن الإمام العسكريعليه‌السلام ، أنه قال :« كان مولدي في ربيع الآخر سنة 232 من الهجرة » (4) .

ووقع اختلاف في تاريخ الولادة ومكانها ، فقيل : سنة 230 ه‍ ، أو 231 ، أو 233 ، وقيل : في شهر رمضان من سنة 232 ه‍ ، وقيل : يوم الاثنين الرابع من

__________________

(1) إكمال الدين : 474 / 25 ، بحار الأنوار 50 : 331 / 3.

(2) إكمال الدين : 442 / 15.

(3) إعلام الورى 2 : 131 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، الفصول المهمة 2 : 1079 ، نور الأبصار : 338 ، روضة الواعظين / ابن الفتال : 251 ـ منشورات الرضي ـ قم ، وذكرت سنة الولادة مع الشهر في المصادر التالية : اُصول الكافي 1 : 503 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، والارشاد 2 : 313 ، والتهذيب للشيخ الطوسي 6 : 92 ـ باب 42 من كتاب المزار ـ دار الكتب الاسلامية ـ طهران ، واقتصر كثيرون على ذكر السنة ، ومنهم ابن الأثير في الكامل 6 : 250 ـ آخر حوادث سنة 260 ه‍ ، وابن خلكان في الوفيات 2 : 94 ـ منشورات الرضي ـ قم ، وابن حجر في الصواعق المحرقة : 124 ، والسويدي في سبائك الذهب : 342 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

(4) دلائل الإمامة : 423 / 384.

٩٥

شهر ربيع الآخر ، أو السادس ، أو العاشر ، من سنة 232 ه‍ ، وقيل : في السادس من شهر ربيع الأول ، أو الثامن منه(1) .

وذكر الشيخ الحرّ العاملي أهمّ هذه الأقوال في بيتين من منظومته ، أشار فيهما إلى المشهور من الأقوال ، يقول :

مولده شهـر ربيع الآخر

وذاك في اليوم الشريف العاشر

في يوم الاثنين وقيل الرابعُ

وقيل في الثامـن وهو الشائعُ(2)

هذا من حيث تاريخ الولادة ، أما من حيث مكانها فقد ذكر بعضهم أنه ولدعليه‌السلام في سامراء سنة 231 ه‍(3) ، أو في ربيع الآخر سنة 232(4) ، وهذا لا يصح لأنّ الثابت في التاريخ أنّ المتوكل هو الذي استدعى الإمام أبا الحسن الهاديعليه‌السلام إلى سامراء ، وقد تولّى المتوكل ملك بني العباس في ذي الحجة سنة

__________________

(1) راجع : أصول الكافي 1 : 503 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، دلائل الإمامة : 423 ، الهداية الكبري / الخصيبي : 327 ـ مؤسسة البلاغ ـ بيروت ـ 1406 ه‍ ، روضة الواعضين : 251 ، الأئمة الاثنا عشر لابن طولون : 113 ، مصباح الكفعمي : 523 ـ طبعة اسماعيليان ـ قم ، المنتظم / ابن الجوزي 12 : 158 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ، تذكرة الخواص : 324 ، تاريخ أهل البيت لكبار المحدثين والمؤرخين : 87 ـ مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام ـ 1410 ه‍ ، الانساب / للسمعاني 4 : 194 ـ دار الجنان ـ بيروت ، احقاق الحق / للتستري بشرح السيد المرعشي 29 : 59 عن تاريخ الأحمدي ، بحار الأنوار 50 : 236 ـ 238.

(2) الأنوار البهية / الشيخ عباس القمي : 250 ـ نشر الشريف الرضي ـ قم.

(3) تذكرة الخواص : 324.

(4) روضة الواعظين : 251 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، بحار الأنوار 50 : 236 / 5.

٩٦

232 ه‍ ، فكيف تكون ولادة الإمام العسكريعليه‌السلام في سامراء سنة 231 ه‍ أو في ربيع الآخر سنة 232 ه‍ ، وكلا التاريخين في زمان الواثق ، وهوعليه‌السلام لمّا يزل في المدينة.

ويعارض هذا أيضاً ما قدّمناه في الفصل الثاني من أنهعليه‌السلام غادر المدينة مع أبيهعليه‌السلام سنة 236 ه‍ على رواية المسعودي ، أو سنة 233 ه‍ على رواية الطبري ، أو سنة 243 ه‍ على رواية الشيخ المفيد ، أو سنة 234 ه‍ على ما حققه بعض الباحثين.

ولدينا بعض الأحاديث الصريحة بولادته في المدينة منها حديث أبي حمزة نصير الخادم(1) ، وحديث أحمد بن عيسىٰ العلوي الذي يصرح برؤيته بصريا وهي قرية على ثلاثة أميال من المدينة(2) ، كما نصّ المؤرخون والمحدثون الذين قدمنا ذكرهم في ولادته على أنهعليه‌السلام ولد في المدينة ومنهم : الشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، وابن الفتال ، وابن الصباغ ، والشبلنجي ، والكنجي ، والسويدي وغيرهم(3) ، وقال ياقوت : « ولد بالمدينة ونقل إلى سامراء »(4) .

ألقابه : عليه‌السلام

أشهر ألقاب الإمام أبي محمدعليه‌السلام هو العسكري ، وقد اُطلق عليه وعلى

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 509 / 11 ـ باب ميلاد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، الإرشاد 2 : 331 ، إثبات الوصية : 251 ، الخرائج والجرائح 1 : 436 / 814 ، إعلام الورى 1 : 145 ، بحار الأنوار 50 : 268 / 28.

(2) الغيبة / الشيخ الطوسي : 199 / 165.

(3) راجع : إحقاق الحق 12 : 458 ، 19 : 619 ، 29 : 59 عن عدة مصادر.

(4) معجم البلدان ـ المجلد الثالث : 328 ـ عسكر سامراء.

٩٧

أبيهعليه‌السلام ، لأنهما سكنا عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه ، وهو اسم سرّ من رأى(1) .

وقيل : هو اسم محلّة في سامراء ، قال الشيخ الصدوق : سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون : إنّ المحلّة التي يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن ابن عليعليه‌السلام بسرّ من رأى كانت تسمّى عسكر ، فلذلك قيل لكلّ واحدٍ منهما العسكري(2) .

وكان هو وأبوه وجدهعليه‌السلام يعرف كلّ منهم في زمانه بابن الرضا(3) .

وهناك ألقاب اُخرى تطلق على الإمام العسكريعليه‌السلام وفي كلّ منها دلالة علي كمال من كمالاته أو مظهر من مظاهر شخصيته ، منها : الخالص ، الشافي ، الزكي ، المرضي ، الصامت ، الهادي ، الرفيق ، النقي ، المضيء ، المهتدي ، السراج ، وغيرها(4) من الألقاب التي تحكي مكارم أخلاقه وخصائصه السامية وصفاته الزكية.

__________________

(1) راجع : الانساب / للسمعاني 4 : 194 ـ 196 ، معجم البلدان ـ المجلد الثالث : 328 ، القاموس المحيط / الفيروز آبادي ـ عسكر ـ 2 : 92 ـ دار الجيل ـ بيروت ، الأئمة الاثنا عشر / لابن طولون : 113.

(2) علل الشرائع / الصدوق 1 : 230 ـ باب 176 ، معاني الأخبار / الصدوق : 65 ، بحار الأنوار 50 : 113 / 1 و 235 / 1.

(3) المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، الفصول المهمة 2 : 1080 ، إعلام الورى 2 : 131.

(4) دلائل الإمامة : 423 ـ 424 ، إعلام الورى 2 : 131 ، مناقب ابن شهر آشوب 4 : 455 ، الفصول المهمة 2 : 1080 ، إكمال الدين : 307 باب 27 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 142 ، بحار الأنوار 50 : 238.

٩٨

كنيته عليه‌السلام :

اشتهر الإمام العسكريعليه‌السلام بكنية واحدة عرف بها عند سائر المؤرخين والمحدثين ، هي أبو محمد ، وذكر الطبري الامامي أنهعليه‌السلام يكني أيضاً أبا الحسن(1) ولم أجده في غيره ، بل هي كنية أبيهعليه‌السلام .

حليته عليه‌السلام :

وصفه أحد معاصريه من رجال البلاط العباسي ، وهو أحمد بن عبيد الله بن خاقان(2) بقوله : « انه أسمر أعين ـ أي واسع العين ـ حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، له جلالة وهيئة حسنة »(3) .

وقال ابن الصباغ : « صفته بين السمرة والبياض »(4) .

وجاء في صفة لباسه : « أنه كان يلبس ثياباً بيضاء ناعمة ، ويلبس مسحاً أسود خشناً على جلده ، ويقول :هذا لله ، وهذا لكم »(5) .

__________________

(1) دلائل الإمامة : 424.

(2) ترجم له النجاشي في رجاله : 87 / 213 وقال : ذكره أصحابنا في المصنفين ، وأن له كتاباً يصف فيه سيدنا أبا محمدعليه‌السلام ، ولم أر هذا الكتاب ، وقال الشيخ الطوسي : له مجلس يصف فيه أبا محمد الحسن بن عليعليه‌السلام ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، الفهرست : 81 / 102 ـ مكتبة المحقق الطباطبايي ـ قم ـ 1420 ه‍.

(3) أصول الكافي 1 : 503 / 1 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، الإرشاد 2 : 321 ، إكمال الدين 1 : 40 مقدمة المصنف ، إعلام الورى 2 : 147 ، الخرائج والجرائح 2 : 901.

(4) الفصول المهمة 2 : 1081 ، نور الأبصار : 338.

(5) الغيبة / للشيخ الطوسي : 247 / 216.

٩٩

نقش خاتمه عليه‌السلام :

كان نقش خاتمه :سبحان من له مقاليد السماوات والأرض (1) . وقيل : أنا لله شهيد(2) . وفي نسخة من البحار : إنّ الله شهيد(3) .

وقال الطبري الإمامي : « كان له خاتم فصّه : الله وليي »(4) .

بوابه عليه‌السلام :

المشهور أنّ بوابه هو وكيلة الثقة الجليل ، العظيم الشأن عثمان بن سعيد العمريرضي‌الله‌عنه . وقيل : ابنه محمد بن عثمان. وقال ابن شهر آشوب : الحسين بن روح النوبختي ، وقيل : محمد بن نصير ، ورجّح الطبري صحّة الأول(5) .

شاعره عليه‌السلام :

قيل : هو أبو الحسن علي بن العباس ، المعروف بابن الرومي ( 221 ـ 283 ه‍ )(6) ولم أجد قصيدة لابن الرومي في الإمامعليه‌السلام ، نعم توجد له قصيدة رائعة في مدح أبي الحسين يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن عليعليه‌السلام ،

__________________

(1) الفصول المهمة 2 : 1081 ، نور الأبصار : 338 ، بحار الأنوار 50 : 238 / 9.

(2) مصباح الكفعمي : 523 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 142.

(3) بحار الأنوار 50 : 238 / 12.

(4) دلائل الإمامة : 425.

(5) راجع : تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج : 33 ـ مكتبة السيد المرعشي ـ قم ـ ضمن مجموعة نفيسة ، مصباح الكفعمي : 523 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، دلائل الإمامة : 425 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 143.

(6) الفصول المهمة 2 : 1081 ، نور الأبصار : 338.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652