تفسير نور الثقلين الجزء ٤

تفسير نور الثقلين9%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 652

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 652 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310194 / تحميل: 6533
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

تقضي بنفي بنوة الحسنينعليهما‌السلام للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فراجع كلامهعليه‌السلام في ذلك(1) .

هذا ولهمعليهم‌السلام احتجاجات أخرى بآية المباهلة على خلافة أمير المؤمنين ، وعلى أفضليتهعليه‌السلام ، وغير ذلك ، لا مجال لذكرها هنا(2) .

مفارقة :

وبعد أن اتضح : أن السياسة الأموية كانت تقضي أن يستبعد اسم عليعليه‌السلام من جملة من باهل بهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم نفي بنوة الحسنينعليهما‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فإننا نجدهم يصرون على خؤولة معاوية للمؤمنين ، ويجعلون ذلك ذريعة للإنكار على من ذكر معاوية بسوء ، ولكنهم إذا ذكر محمد بن أبي بكر بسوء رضوا أو أمسكوا ومالوا مع ذاكره ، وخؤولته ظاهرة بائنة وقد نفرت قلوبهم من علي بن أبي طالب لأنه حارب معاوية وقاتله ، وسكنت قلوبهم عند قتل عمار ومحمد بن أبي بكر ، وله حرمة الخؤولة ، وهو أفضل من معاوية ، وأبوه خير من أبي معاوية ، وما ذلك إلا خديعة أو جهالة ، وإلا فلماذا لا يستنكرون قتل محمد بن أبي بكر ولا يذكرون خؤولته للمؤمنين؟(3) .

من مواقف الإمام الحسنعليه‌السلام :

نعم ولم يقتصر الائمة في تصديهم للمغرضين والحاقدين ، والوقوف في وجه سياساتهم تلك بحزم وصلابة ـ على مواقف الحجاج هذه ، بل تعدَّوا ذلك

__________________

1 ـ راجع ـ تفسير القمي ج 1 ص 209.

2 ـ لا بأس بمراجعة البحار ج 49 ص 188 وتفسير الميزان ج 2 ص 230 و 329 وتفسير البرهان ج 1 ص 286 و 287 وغير ذلك.

3 ـ مقتبس من كتاب : المعيار والموازنة ص 21.

٤١

إلى المناسبات الأخرى ، واستمروا يعلنون بهذا الأمر على الملأ ، ويؤكدون عليه في كثير من المناسبات والمواقف الحساسة ، وكشفوا زيف تلك الدعاوى بشكل لا يدع مجالاً لأي شك أو ريب

وقد صدع الإمام الحسنعليه‌السلام بهذا الأمر في أكثر من مناسبة ، وأكثر من موقف

ولم يكن يكتفي بإظهار وإثبات بنوَّته لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحسب وإنما كان يهتم في التأكيد على أن حق الإمامة والخلافة له وحده ، ولا تصل النوبة إلى معاوية وأضرابه ، لان معاوية ليس فقط يفقد المواصفات الضرورية لهذا الامر ، وإنما هو يتصف بالصفات التي تنافيها وتنقضها بصورة أساسية وكمثالٍ على كل ذلك نذكر :

1 ـ أنهعليه‌السلام يخطب فور وفاة أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيقول : « أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني ، فأنا الحسن بن علي ، وأنا ابن النبي ، وأنا ابن الوصي »(1) .

لاحظ كلمة : « الوصي » في هذه العبارة الأخيرة.

وفي نصٍ آخر أنه قال : « فأنا الحسن بن محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(2) .

وقال حينئذٍ أيضاً : « أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه ، انا ابن السراج المنير ، انا ابن من اذهب الله عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيراً ، انا من اهل بيت افترض الله طاعتهم في كتابه »

__________________

1 ـ مستدرك الحاكم ج3 ص 172 وذخائر العقبى ص 138 عن الدولابي ، وكشف الغمة للأربلي ج 2 ص 173 عن الجنابذي على ما يظهر.

2 ـ مقاتل الطالبيين ص 52 وتفسير فرات ص 72 و70 وفي مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 126 : انا ابن نبي الله الخ وحياة الصحابة ج 3 ص 526 ومجمع الزوائد ج 9 146 وقال ك ورواه احمد باختصار كثير ، وإسناد احمد وبعض طرق البزار والطبراني في الكبير حسان. وتيسير المطالب ص 179. وعن أمالي الطوسي ص 169 وعن إرشاد المفيد وعن طبقات ابن سعد ج 2 ص 25 ، وعن جمهرة الخطب ج 2 ص 7.

٤٢

الخ(1) ثم قام ابن عباس ، فقال : « هذا ابن بنت نبيكم ، ووثي إمامكم فبايعوه »(2) .

2 ـ وفي مناسبة اخرى في الشام ، طلب منه معاوية ـ بمشورة عمرو بن العاص ـ ان يصعد المنبر ، ويخطب ـ رجاء أن يحصر ـ فصعد المنبر ، فحمد الله ، واثنى عليه ، ثم اورد خطبة هامة ، تضمنت ما تقدم ، وسواه الشيء الكثير ، قال الراوي : « ولم يزل به حتى أظلمت الدنيا على معاوية ، وعرف الحسن من لم يكن عرفه من أهل الشام وغيرهم ، ثم نزل. فقال له معاوية : أما إنك يا حسن قد كنت ترجو ان تكون خليفة ، ولست هناك!

فقال الحسنعليه‌السلام : اما الخليفة فمن سار بسيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعمل بطاعة الله عز وجل. وليس الخليفة من سار بالجور، وعطل السنن ، واتخذ الدنيا أماً وأباً ، وعباد الله خولاً ، وماله دولاً ، ولكن ذلك أمر ملك أصاب ملكاً ، فتمتع منه قليلاً ، كَأَنْ قد انقطع عنه » إلى آخر كلامه عليه

__________________

1 ـ راجع : الفصول المهمة للمالكي ص 146 وتفسير فرات ص 70 و 72 وكشف الغمة للأربلي ج 2 ص 159 وينابيع المودة ص 225 و 302 و 270 و 479 و 482 عن أبي سعد في شرف النبوة ، والطبراني في الكبير ، والبزار ، والزرندي المدني ، وغيرهم ، وارشاد المفيد ص 207 وفرائد السمطين ج 2 ص 120 ومستدرك الحكام ج 3 ص 172 ومجمع الزوائد ج 9 ص 46 وحياة الصحابة ج 3 ص 526 وذخائر العقبى ص 138 و 140 وعن الدولابي في الذرية الطاهرة ، ونزهة المجالس ج 2 ص 186 ، والمحاسن والمساوي ج ا ص 132 / 133 والمناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 11 و 12 والاحتجاج ج 1 ص 419 والبحار ج 44 وامالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 12 واعلام الورى ص 208 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 30.

2 ـ ستأتي المصادر لذلك إن شاء الله تعالى

3 ـ البحار ج 43 ص 363.

٤٣

السلام(1) .

ونفس هذه القضية تذكر له مع معاوية ، حينما جرى الصلح بينهما في الكوفة(2) .

وهذا يؤيد ما ذكره البعض : من أن معاوية قد دس السم الى الإمام الحسنعليه‌السلام ، لأنه كان يقدم عليه الى الشام(3) .

3 ـ وفي نص آخر : أن معاوية طلب من الإمام الحسنعليه‌السلام : ان يصعد على المنبر ، ويخطب فصعد المنبر وخطب ، وصار يقول : أنا ابن ، أنا ابن إلى أن قال : « لو طلبتم ابناً لنبيكم ما بين لابتيها لم تجدوا غيري وغير أخي »(4) . ومن أراد الرواية بطولها فليراجع المصادر.

4 ـ وفي نص آخر : أن معاوية طلب منه : ان يصعد المنبر وينتسب ، فصعد ، وصار يقول : بلدتي مكة ومنى ، وانا ابن المروة والصفا ، وانا ابن النبي المصطفى الى ان قال : فاذن المؤذن ، فقال : اشهد ان محمداً رسول الله ، فالتفت الى معاوية ، فقال : أمحمد أبي؟ أم أبوك؟! فإن قلت : ليس بأبي ، كفرت ، وإن قلت : نعم ، فقد أقررت ثم قال : أصبحت العجم تعرف حق العرب بأنَّ محمداً منها ، يطلبون حقنا ، ولا يردون إلينا حقنا »(5) .

__________________

1 ـ الاحتجاج ج 1 ص 419 والخرائج والجرائح ص 218 والكلام الاخير موجود أيضاً في مصادر أخرى فراجع الهامش التالي.

2 ـ ذخائر العقبى ص 140 عن أبي سعد ، وراجع : مقتل الحسين للخوارزمي ج 1ص 126 لكن فيه : أن ذلك كان بالمدينة ، والبحار ج 44 ص 122 والمحاسن والمساوي ج 1 ص 133 وليراجع شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 49 ومقاتل الطالبيين ص 73 والإمام الحسن لآل يس ص 110 ـ 114 وتحف العقول ص 164.

3 ـ الغدير ج 11 ص 8 عن طبقات ابن سعد.

4 ـ المناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 12 عن العقد الفريد والمدائني. وليراجع : مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 126 والبحار ج 43 ص 355 / 356 وعيون الاخبار لابن قتيبة ج 2 ص 172.

5 ـ المناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 12 والبحار ج 43 ص 356 وليراجع ج 44 ص 121 و122 وعن تحف العقول ص 232 والخرايج والجرايح ص 217 / 218.

٤٤

5 ـ وفي مناسبة أخرى ، طلب منه معاوية أن يخطب ويعظهم ، فخطب وصار يقول : أنا ابن رسول الله ، أنا ابن صاحب الفضايل ، أنا ابن صاحب المعجزات والدلايل ، أنا ابن أمير المؤمنين ، أنا المدفوع عن حقي إلى أن قال : أنا إمام خلق الله ، وابن محمد رسول الله ، فخشي معاوية أن يتكلم بما يفتن به الناس ، فقال : إنزل ، فقد كفى ما جرى ، فنزل »(1) .

6 ـ بل لقد رأينا معاوية يعترف له بهذا الأمر ، فيقول له مرة في كلام له : « ولا سيما أنت يا أبا محمد ، فإنك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسيد شباب أهل الجنة »(2) .

ويدخل في هذا المجال أيضاً قول الإمام الحسنعليه‌السلام لأبي بكر ، وقول الإمام الحسينعليه‌السلام لعمر : انزل عن منبر أبي ، حسبما سيأتي ، إن كان المقصود بأبي : هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما يظهر من اعترافهما لهما. وإن كان المقصود به أباهما أمير المؤمنين ـ كما احتمله بعض المحققين ـ(3) فيدخل في مجال احتجاجاتهماعليهما‌السلام على أحقيتهم بالأمر ، دون كل أحد سواهم ويكونان قد انتزعا منهما اعترافاً صريحاً وهاماً في هذا المجال.

مواقف أخرى للأئمة وذريتهم الطاهرة :

وبعد ذلك ، فإنا نجد الإمام الحسينعليه‌السلام يخطب الناس ، ويقول : « أقررتم بالطاعة ، وآمنتم بالرسول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته ، تريدون قتلهم إلى أن قال : ألست أنا ابن بنت

__________________

1 ـ أمالي الصدوق ص 158.

2 ـ المحاسن والمساوي ج 1 ص 122.

3 ـ هو المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني حفظه الله

٤٥

نبيكم ، وابن وصيه ، وابن عمه »(1) .

ويقول في موضع آخر ،حينما اشتد به الحال : « ونحن عترة نبيك ، وولد نبيك ، محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي اصطفيته بالرسالة الخ »(2) .

ويقول في وصف جيش يزيد ، في يوم عاشوراء : « فإنما أنتم طواغيت إلى أن قال : وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيري عترة الأوصياء »(3)

وقد اعترفوا له بذلك حينما ناشدهم ، فقال : انشدكم الله ، هل تعرفوني؟. : نعم ، أنت ابن رسول الله وسبطه »(4) .

وللإمام السجاد موقف هام في الشام ، حينما ألقى خطبته الرائعة ، فقال : « أيها الناس ، انا ابن مكة ومنى ، انا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا إلى أن قال : أنا ابن من حُمِلَ على البراق ، وبلغ به جبرائيل سدرة المنتهى » إلى آخر الخطبة التي كان من نتيجتها : أن « ضجَّ الناس بالبكاء ، وخشي يزيد الفتنة ، فأمر المؤذن أن يؤذن للصلاة » ولكنهعليه‌السلام قد تابع خطبته ، واحتجاجاته الدامغة على يزيد ، وتفرق الناس ، ولم ينتظم لهم صلاة في ذلك اليوم(5) .

وبعد ذلك فإننا نجد العقيلة زينب تقف في وجه يزيد لتقول له : « أمن العدل يا ابن الطلقاء ، تخديرك حرائرك وإماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا؟ »

وفيها : « واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرية رسول الله صلى الله عليه

__________________

1 ـ مقتل الحسين للمقرم ص 274 عن مقتل محمد بن أبي طالب الحايري.

2 ـ المصدر السابق عن الإقبال ، ومصباح المتهجد ، وعنهما في مزار البحار ص 107 باب زيارته يوم ولادته.

3 ـ مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 7 وراجع : مقتل الحسين للمقرم ص 282 للاطلاع على مصادر أخرى.

4 ـ أمالي الصدوق ص 140.

5 ـ راجع مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 69 / 70 ومقتل الحسين للمقرم ص 442 /443 عنه ، وعن نفس المهموم ص 242.

٤٦

وآله وسلم » ، إلى أن قالت : « ولتردنَّ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته ، وانتهكت من حرمته ولحمته »(1) .

وفي خطبة لها لأهل الكوفة : « الحمد لله ، والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار ». وفي نص آخر : « والصلاة عن أبي رسول الله »(2) .

وتقول فاطمة بنت الحسين في خطبة لها في الكوفة أيضاً : « وأنَّ محمداً عبده ورسوله ، وأنَّ اولاده ذبحوا بشط الفرات »(3) .

على خطى النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وبعد بإنَّ ذلك لم يكن منهمعليهم‌السلام إلا أسوة منهم بالنبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذيكان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق ، وقد ورد عنه الثير مما يدل على إصراره صلى عليه وآله على تركيز فضية بنوة الحسنينعليهما‌السلام لهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ضمير الأمة ووجدانها ، بشكل لا يبقى معه أي مجال للشبهة ، أو الشك والترديد وكنموذج على ذلك نشير إلى :

1 ـ قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذان ابناي من أحبهما فقد أحبني(4) . وفي نص آخر : هذان ابناي ، وابنا ابنتي ، اللهم إني أحبهما ، وأحب

__________________

1 ـ بلاغات النساء ط دار النهضة ص 35 و 36 ومقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 64 و 65 ومتل الحسين للمقرم ص 450 / 451.

2 ـ راجع : الأمالي للشيخ الطوسي ج 1 ص 90 ومقتل الحسين للمقرم ص 385 عنه وعن أمالي ابنه ، وعن اللهوف ، وابن نما ، وابن شهر آشوب ، والاحتجاج للطبرسي.

3 ـ مقتل الحسين للمقرم ص 390.

4 ـ ذخائر العقبى ص 124 ، وصفة الصفوة ج 1 ص 763 ، وتاريخ ابن عساكر ج 4 ص 206 وكنز العمال ط 2 ج 6 ص 221 والغدير ج 7 ص 124 عن مستدرك الحكام ج 3 ص 166 ونقل عن الترمذي ، رقم 3772.

٤٧

من يحبهما(1) .

وفي رواية أخرى عن عائشة : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأخذ حسناً ، فيضمه إليه ، ثم يقول : اللهم إن هذا ابني ، وأنا أحبه ، فأحببه ، وأحب من يحبه(2) .

2 ـ كما أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمجرد ولادة أحدهما يقول لأسماء : هلمي ابني ، كما تقدم.

3 ـ وقول : إن ابني هذا سيد(3) .

4 ـ كما أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجلس في المسجد ، ويقول : أدعوا لي ابني ، قال : فأتى الحسن يشتد إلى أن قال : وجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفتح فمه في فمه ، ويقول : اللهم إني أحبه ، فأحبَّه ، وأحبَّ من يحبه ، ثلاث مرات(4) .

5 ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنه قال : كل ابن آدم ينتسبون إلى عصبة أبيهم ، إلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم ، وأنا عصبتهم(5) .

__________________

1 ـ ينابيع المودة ص 165 عن الترمذي ، وتاريخ الخلفاء ص 189 والمعجم الصغير للطبراني ج 1 ص 200 وخصائص الإمام علي للنسائي ص 124 ومجمع الزوائد ج 9 ص 180 وراجع : مستدرك الحاكم ج 3 ص 166 و 171 وذخائر العقبى ص 124 وفي هامش الخصائص للنسائي عن كفاية الطالب ص 200 وكنز العمال ج 6 ص 220 وعن الترمذي ج 2 ص 240 وغيرهم.

2 ـ كنز العمال ج 16 ص 262 ط 2 ومجمع الزوائد ج 9 ص 176 ، وترجمة الإمام الحسن بن علي عليهما لابن عساكر ، بتحقيق المحمودي ص 56 ، وفي هامشه عن المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 20 ط 1.

3 ـ مصادر ذلك كثيرة ، لايكاد يخلو منها كتاب ، ولذا فلا حاجة لتعدادها

4 ـ ذخائر العقبى ص 122 عن الحافظ السلفي

5 ـ الصواعق المحرقة ص 154 ومستدرك الحاكم ج 3 ص 164 ، وتاريخ بغداد ج 11 ص 285 ، وينابيع المودة ص 261 وفرائد السمطين ج 2 ص 69 ، ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 68 وإحقاق الحق ج 9 ص 644 ـ 655 عن مصادر كثيرة حداً وذخائر العقبى ص 121 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 3 ص 149 ، وعن كنز

٤٨

وحسبنا ما ذكرناه في هذا المجال ، فإن استقصاء ذلك مع مصادرة متعسر ، بل متعذر في هذه العجالة ، لا سيما وأن علينا أن نوفر الفرصة لبحوث أخرى عن الحياة السياسية للإمام الحسن المجتبى عليه الصلاة والسلام. ومن أراد المزيد من النصوص الداله على بنوة الحسنينعليهما‌السلام فليراجع الغدير ج 7 ص 124 ـ 129(1) .

ج : شهادة الحسنين على كتابٍ لثقيف :

وبعد كل ما تقدم فإننا نجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يكتب كتاباً لثقيف ، ويثبت فيه شهادة علي والحسنين صلوات الله وسلامه عليهم.

قال أبو عبيد : « وفي هذا الحديث من الفقه إثباته شهادة الحسن والحسين. وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين أن شهادة الصبيان تكتب ويستنسبون : فيستحسن ذلك. فهو الأن في سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(2) .

وقال الكتاني : « فيه من الفقه إثباتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهادة الصبيان ، وكتابة أسماهم قبل البلوغ. وإنما تقبل شهادتهم إذا أدوها بعد البلوغ. وفيها أيضاً شهادة الإبن أيضاً مع شهادة أبيه في عقد واحد 1 هـ نقله في نور النبراس » انتهى(3) .

__________________

= العمال ج 6 ص 216 و 215 وعن مجمع الزوائد ج 9 / 172.

1 ـ وليراجع أيضاً ـ على ما ذكره المحقق العلامة الاحمدي ـ : ينابيع المودة ص 259 و138 و 146 و 214 و 183 و 182 و 255 و 136 و 221 و 258 و 222 و 331 و 250 وإسعاف الراغبين ص 132 و 133 وكفاية الطالب ص 235 و 237 والفصول المهمة لابن الصباغ ص 158 و 159 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 126 وابن عساكر ج 4 ص 152 و 203 و 204.

2 ـ الاموال ص 289 /280 وراجع : التراتيب الإدارية ج 1 ص 274 ومكاتيب الرسول ج 1 ص 273 وراجع : طبقات ابن سعد ج 1 ص 33.

3 ـ التراتيب الإدارية ج 1 ص 274.

٤٩

وقال محمد خليل هراس في تعليقه له على الأموال : « ولا يجوز القول بأن تلك خصوصية لهما رضي الله عنهما : إذ لا دليل عليها ومادام الطفل مميزاً يجب أن تعتبر شهادته فإنه قد يحتاج إليها »(1) .

ونقول : ألم يجد النبي أحداً من الصحابة يستشهده على ذلك الكتاب الخطير الذي يرتبط بمصير جماعة كثيرة سوى هذين الصبيين؟! وهل كان وحيداً فريداً حينما جاءه وفد ثقيف ، وكتب لهم ذلك الكتاب حتى احتاج إلى استشهاد ولدين صغيرين لم يبلغا الخمس سنوات؟!

إن أدنى مراجعة للنصوص التاريخية لتبعد كل البعد هذا الاحتمال الأخير ، حيث إنها صريحة في أن رسول الله صلى عليه وآله وسلم قد ضرب لهم قبة في المسجد ليسمعوا القرآن ، ويروا الناس إذا صلوا وكان خالد بن سعيد بن العاص حاضراً وكان خالد بن الوليد هو الكاتب ، ومع ذلك لم يشهدا على الكتاب

أخيراً فقد نص ابن رشد على أن العدالة تشترط في الشاهد بإجماع المسلمين. ثم قال : « وأما البلوغ فإنهم اتفقوا على أنه يشترط حيث تشترط العدالة. واختلفوا في شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح وفي القتل : فردها جمهور فقهاء الأمصار لما قلناه من وقوع الإجماع على أن من شرط الشهادة العدالة ، ومن شرط العدالة البلوغ : ولذلك ليست في الحقيقة شهادة عند مالك ، وإنما هي قرينة حال »(2) .

وبعد كل ما تقدم فإننا نفهم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن يظهر امتيازاً للحسنينعليهما‌السلام ، وأنهما كانا على درجة عالية من التمييز والتعقل التام في هذا الوقت المبكر جداً من سنهما ، وأنهما مؤهلان لأن يتحملا مسؤوليات جسام حتى في المعاهدات السياسية الخطيرة كهذه المعاهدة بالذات ، وبالأخص بالنسبة لقبيلة ثقيف المعروفة بعدائها القوي للإسلام وللمسلمين.

__________________

1 ـ الأموال هامش ص 280.

2 ـ بداية المجتهد ج 2 ص 457.

٥٠

د : بيعة الرضوان :

1 ـ قال الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه ، عن الحسنين عليهما الصلاة والسلام : « وكان من برهان كمالهماعليهما‌السلام ، وحجة اختصاص الله تعالى لهما ، بعد الذي ذكرناه من مباهلة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بهما ، بيعة رسول الله لهما ، ولم يبايع صبياً في ظاهر الحال غيرهما ، ونزول القرآن بإيجاب ثواب الجنة لهما على عملهما ، مع ظاهر الطفولية فيهما ، ولم ينزل بذلك في مثلهما ، قال الله تعالى :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلَى حْبِّهِ مِسكيناً ، وَيَتِيماً وَأَسيراً ) (1) .

2 ـ وقال الخليفة المأمون العباسي ، في ضمن احتجاجاته على أهل بيته فيما يتعلق بالإمام الجوادعليه‌السلام :

« ويحكم ، إن أهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل. وإن صغر السن لا يمنعهم من الكمال. أما علمتم : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهو ابن عشر سنين ، وقبل منه الإسلام ، وحكم له به ، ولم يدعُ أحداً في سنه غيره؟ وبايع الحسن والحسينعليهما‌السلام وهما دون الست سنين ، ولم يبايع صبياً غيرهما؟ أو لا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم ، وأنهم ذرية بعضهما من بعض ، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم الخ »(2) .

وروي عن الصادق أيضاً : أنه « لم يبايع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يحتلم إلا الحسن والحسين ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن عباس رضي

__________________

1 ـ الإرشاد ص 219 وفدك للقزويني هامش ص 16عنه.

2 ـ الاحتجاج ج 2 ص 245 والبحار ج 50 ص 78 عنه ، والإرشاد للمفيد ص 363 ، وتفسير القمي ج 1 ص 184 / 185 وراجع : الحياة السياسية للإمام الجوادعليه‌السلام ، حين الكلام حول قضية تزويج المأمون ابنته للإمام ، فقد ذكرنا عنه مصادر كثيرة.

٥١

الله عنهم » قال : ولم يبايع صغيراً إلا منا(1) .

وذلك بكذِّب دعوى البعض : بايع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن الزبير ، وهو ابن سبع سنين(2) وقد كان انتحال الفضائل أمراً معروفاً عن الزبيريين وبني أمية.

ولكن ما تقدم عن المأمون ، وعن الشيخ المفيد يوضح : أن إضافة ابن عباس ، وابن جعفر إنما هي من تزيُّد الرواة ، حيث ينفي المأمون بشكل قاطع ـ وكذلك ينفي المفيد ـ أن يكونصلى‌الله‌عليه‌وآله قد بايع صبياً غيرهما ، وذِكر ذلك في مقام الاحتجاج ، يدل على التسالم على ذلك الأمر آنئذٍ. وأن ما ورد في هذا النص الأخير ، قد أضيف إليه بعد ذلك الزمان

وواضح : أنه إذا كانت البيعة تتضمن إعطاء التزام وتعهد للطرف الآخر ، بتحمل مسؤوليات معينة ، ترتبط بمستقبل الدعوة والمجتمع ، وحمايتهما من كثير من الأخطار التي ربما يتعرضان لها ، فإن معنى ذلك هو أن النبي صلى عليه وآله وسلم قد رأى في الحسنينعليهما‌السلام ـ على صغر سنهما ـ أهلية وقابلية لتحمل تلك المسؤوليات الجسام ، والوفاء بالالتزامات التي أخذا على عاتقهما الوفاء بها

وقد يتخيل البعض هنا : أن التكليف قد كان حينئذٍ منوطاً بالتمييز ، فأخذ البيعة منهما لا يعبر عن امتياز ذي شأن لهما ، سوى أنهما قد امتلكا صفة التمييز في وقت مبكر ، فتبعها تعلق التكليف بهما ...

والجواب عن ذلك :

__________________

1 ـ ينابيع المودة ص 375 عن فصل الخطاب لمحمد پارسا البخاري ، عن النووي على ما يبدو وترجمة الإمام الحسين لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص 150 وفي هامشه عن المعجم الكبير للطبراني ، ترجمة الإمام الحسين الحديث رقم 77 وحياة الصحابة ج 1 ص 250 ومجمع الزوائد ج 6 ص 40 عن الطبراني وقال : هو مرسل ورجاله ثقات والعقد الفريد ج 4 ص 384 من دون ذكر ابن عباس.

2 ـ التراتيب الإدارية ج 1 ص 222 عن القرطبي.

٥٢

أولاً : إن ما يقال من إناطة التكليف بالتمييز قد انتهى امده قبل ذلك بزمان وبالذات في عام الخندق ـ في السنة الخامسة أو الرابعة للهجرة النبوية(1) ـ في قضية قبول ابن عمر في الغزو ، حيث انيط التكليف بالسن منذئذ حسبما ذكروه

وثانياً : أننا لو سلمنا ذلك فيرد سؤال ، وهو : لماذا اختص ذلك بالحسنين صلوات الله عليهما ، دون غيرهما من سائر الناس؟. أم يعقل : أنه لم يكن ثمة مميز غيرهما؟ حتى ولو كان له من العمر إثنا عشر أو ثلاثة عشر سنة ، أونحو ذلك؟ إن ذلك يكشف ولا شك عن امتياز خاص لهما ، لم يشركهما فيه أحد من الخلق ، كما قرره المأمون ، والشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه

وثالثاً : إن التمييز ومجرد التكليف لا يكفي في أحيان كثيرة ، وذلك لأن طبيعة المسؤوليات التي يراد الاضطلاع بها في بعض المواضع تقتضي وجود قدرات وملكات وإمكانات إيمانية وفكرية معينة ، لا بد من توفرها في ذلك الشخص الذي يعدُّ لذلك ومورد بيعة الرضوان من هذا القبيل.

ومما يوضح ذلك : أننا نجد كثيرين ممن أظهروا قدرتهم على تحمل تلك المسؤوليات ، وقبلت منهم البيعة ـ كما كان الحال بالنسبة لبيعتهم لأمير المؤمنين يوم الغدير ، وحينما أصبح خليفة ، وغير ذلك ـ لم يفوا ببيعتهم ، واتضح أنهم لم يكونوا حائزين على تلك القدرات التي ينبغي توفرها في من يعطي التزاماً ، ويتحمل مسؤوليات كبيرة ذات طبيعة رسالية رائدة

الحسن والحسين إمامان :

وبعد كل ماتقدم ، فإننا نعرف المغزى العميق لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

1 ـ راجع : حديث الإفك ( تاريخ ودراسة ) ص 96 ـ 99.

٥٣

« الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ». أو ما هو بمعنى ذلك ، حسبما تقدم في أوائل هذه الدراسة ، رغم أنهماعليهما‌السلام ربما لم يكن عمرهما حينئذٍ قد تجاوز عدد اصابع اليد الواحدة ونجد الإمام الحسنعليه‌السلام يستدل بهذا القول على من يعترض عليه في صلحه مع معاوية(1) .

وإذا كان البعض يريد أن يدعي : أن خلافة الإمام الحسنعليه‌السلام إنما كانت باختيار من المسلمين وبيعتهم ، ولم تكن بوصية حتى من أبيه(2)

فإن هذا القول ، وسائر ما تقدم ، يدفع كل ذلك ويدحضه

ولدينا من النصوص التي تؤكد على وصاية أمير المؤمنينعليه‌السلام بالخلافة له من بعده الشيء الكثير

ويمكن أن نذكر منها هنا :

1 ـ قول الإمام الحسنعليه‌السلام في كتابه لمعاوية : « وبعد فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لما نزل به الموت ولاّني هذا الأمر بعده »(3) .

2 ـ وقال ابن عباس ، بعد استشهاد أمير المؤمنينعليه‌السلام : هذا ابن بنت نبيكم ، ووصي إمامكم ، فبايعوه »(4) .

__________________

1 ـ راجع علل الشرايع ج 1 ص 211.

2 ـ جاء ذلك في مجلة المجتمع الكويتية ، في بعض أعدادها قبل سنوات ، وفي مروج الذهب ج 2 ص 414 : إن أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يعهد..

3 ـ راجع : مقاتل الطالبيين ص 55 / 56 والفتوح لابن اعثم ج 4 ص 151 والمناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 31 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 36 ـ 40 والبحار ج 44 ص 64 هم كشف الغمة ، وحياة الحسن بن عليعليه‌السلام للقرشي ج 2 ص 29 ، وراجع : همش أنساب الأشراف ( بتحقيق المحمودي) ج 3 ص 31 وفي بعض المصادر « ولاَّني المسلمون الأمر ».

3 ـ الفصول المهمة للمالكي ص 46 وأعلام الورى ص 209 والإرشاد للمفيد ص 207 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج 16 ص 30 وكشف الغمة للأربلي ج 2 ص 164 ومقاتل الطالبيين ص 34 و 52 ، وحياة الحسن للقرشي ج 2 ص 10 وعن إثبات الهداة ج 5 ص 139 و 134 و 136 والبحار عن أبي مخنف.

٥٤

3 ـ عن الهيثم بن عدي ، قال « حدثني غير واحد ممن أدركت من المشايخ : أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام أصار الأمر إلى الحسن »(1) .

4 ـ وقال ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي عن أمر الخلافة : « وعهد بها إلى الحسنعليه‌السلام عند موته »(2) .

5 ـ « وذكروا : أن جندب بن عبد الله دخل على عليعليه‌السلام : فقال : ياأمير المؤمنين ، إن فقدناك فلا نفقدك ، فنبايع الحسن؟ قال : نعم »(3) .

6 ـ وقال ابن كثير : « الخلفاء الأربعة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي. خلافتهم محققة ، بنص حديث سفينة : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم بعدهم الحسن بن علي ، كما وقع ، لأن علياً أوصى إليه ، وبايعه أهل العراق الخ...»(4) .

7 ـ وعند أبي الفرج ، وغيره : أنه لما أتى أبا الأسود نعي أمير المؤمنين ، والبيعة للإمام الحسنعليه‌السلام ، قام أبو الأسود خطيباً ، فكان مما قال :

« وقد أوصى بالإمامة بعده إلى ابن رسول الله ، وابنه ، وسليله ، وشبيهه في خلقه وهديه الخ »(5) .

8 ـ وعند المسعودي : أن أمير المؤمنينعليه‌السلام « وإني أوصي إلى الحسن والحسين ؛ فاسمعوا لهما ، وأطيعوا أمرهما »(6) . هذا ، وقد ذكر وصية الإمام عليعليه‌السلام إلى ولده الإمام الحسنعليه‌السلام غير واحد من

____________

1 ـ العقد الفريد ج 4 ص 474 / 475.

2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 57.

3 ـ المناقب للخوارزمي ص 278.

4 ـ البداية والنهاية ج 6 ص 249.

5 ـ راجع : تيسير المطالب ص 179 وقاموس الرجال ج 5 ص 172 والأغاني ج 6 ص 121 وفي الخرائج والجرائح ما يدل على ذلك.

6 ـ إثبات الوصية ص 152.

٥٥

المؤلفين في كتبهم(1) فلتراجع.

9 ـ هذا كله عدا عما تقدم من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنتما الإمامان ولأمكما الشفاعة.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ، وعدا عن الأحاديث الكثيرة ، التي تنص على الأئمة بأسمائهم(2) .

وعدا عن نصوص كثيرة من طرق أهل البيت وشيعتهم ، لا مجال لذكرها هنا

10 ـ ولما مات أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جاء الناس إلى الحسنعليه‌السلام ، فقالوا : أنت خليفة أبيك ، وصيُّه(3) .

11 ـ وقال المسعودي : « وقد ذكرت طائفة من الناس : أن علياً رضي الله عنه أوصى إلى ابنه الحسن والحسين ، لأنهما شريكاه في آية التطهير. وهذا قول كثير ممن ذهب إلى القول بالنص »(4) .

12 ـ وعن عليعليه‌السلام : أنت يا حسن وصيي ، والقائم بالأمر بعدي(5) .

وفي نص آخر : يا بُنيَّ ، أنت وليُّ الأمر ، وولي الدم(6) .

__________________

1 ـ راجع : البحار ج 10 ص 89 ، وإثبات الهداة ج 5 ص 140 وراجع ص 121 حتى ص 143 ، وأنساب الأشراف ج 2 ص 502 ـ 504 بتحقيق المحمودي ، وصلح الحسنعليه‌السلام لآل يس والكافي ج 1 ص 297 ـ 300 ،

2 ـ راجع منتخب الأثر وكحديث أهل بيتي كسفينة نوح ، وحديث الثقلين وغير ذلك

3 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 135 والبحار ج 10 ط قديم ، باب مصالحة الحسن ، عن الخرائج والجرائح.

4 ـ مروج الذهب ج 2 ص 413.

5 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 140.

6 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 126 وكشف الغمة ، وأصول الكافي ج 1 ص 299 وصلح الحسن ج 1 ص 52.

٥٦

13 ـ وفي نصٍّ آخر : الحسن والحسين في عترتي ، وأوصيائي ، وخلفائي(1) .

14 ـ إن الشيعة أطبقت : على أن علياً نص على ابنه الحسن(2) .

15 ـ ويفهم من رواية ذكرها ابن سعد : أن أمر الوصاية قد اشتهر عن آل علي ، في عهد التابعين فراجع وكانوا يتَّقون الناس في إظهارها(3) .

إلى غير ذلك مما لا محال لتتبعه واستقصائه

وقد تقدم في أوائل هذا الكتاب بعض ما يدل على ذلك أيضاً.

وحسبنا ما ذكرنا هنا ، فيما يتعلق بالحياة السياسية للإمام الحسنعليه‌السلام ، في حياة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن استيفاء ذلك مما لا يمكن في هذه العجالة ولننتقل الآن إلى حياته السياسية في عهد الشيخين

فإلى الفصل التالي :

__________________

1 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 139.

2 ـ إثبات الهداة ج 5 ص 133و 135 و 138 عن الشافي للسيد المرتضى ، وكشف الغمة وأعلام الورى

3 راجع : الطبقات الكبرى ج 5 ص 239 ط ليدن.

٥٧
٥٨

الفصل الثاني :

في عهد الشيخين

٥٩
٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم، فيقول: وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم عليّ ولترون ما اصنع بكم اليوم فمن زود منكم في دار الدنيا معروفا فخذوا بيده وأدخلوه الجنة، قال: فيقول رجل منهم: يا رب إنّ أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ولبسوا الثياب اللينة، وأكلوا الطعام وسكنوا الدور وركبوا المشهور من الدواب، فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك وتعالى: لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى انقضت الدنيا سبعون ضعفا.

٣٨ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن إبراهيم بن عقبة عن إسماعيل بن سهل وإسماعيل بن عباد جميعا يرفعانه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلّا فقيرا ولا كافر إلّا غنيا حتى جاء إبراهيمعليه‌السلام فقال:( رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة، وفي هؤلاء أموالا وحاجة.

٣٩ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء رجل موسر(١) إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نقى الثوب فجلس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء رجل معسر درن الثوب(٢) فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أخفت أنْ يمسَّكَ من فقره شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أنْ يصيبه من غناك شيء؟ قال: لا، قال: فخفت أنْ يوسخ ثيابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله إنّ لي قرينا يزين لي كل قبيح، ويقبّح لي كلّ حسن(٣) وقد جعلت له نصف مالي، فقال رسول الله

__________________

(١) الموسر: الغنى.

(٢) قوله (ع): «الى رسول الله» قال الشيخ البهائى (قده) في المحكي عنه «الى» بمعنى مع كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى:( مَنْ أَنْصارِي إلى اللهِ ) أو بمعنى عند كما في قول الشاعر «أشهى إلى من الرحيق السلسل» ويجوزان يضمن جلس معنى توجه أو نحوه «انتهى» ودون الثوب درنا: وسخ.

(٣) قال المجلسي (ره): أي إنّ لي شيطانا يغوينى ويجعل القبيح حسنا في نظري

٦٠١

صلى‌الله‌عليه‌وآله للمعسر، أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: ولم؟ قال: أخاف أنْ يدخلني ما دخلك

٤٠ ـ وباسناده إلى حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في مناجاة موسىعليه‌السلام إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته.

٤١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى للمساكين بالصبر، وهم الذين يرون ملكوت السماوات [والأرض].

٤٢ ـ وباسناده قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر المساكين طيبوا نفسا وأعطوا الله الرضا من قلوبكم يثبكم اللهعزوجل على فقركم، فان لم تفعلوا فلا ثواب لكم.

٤٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن إبراهيم الحذاء عن محمد ابن صغير، عن جده شعيب عن مفضل قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لولا إلحاح هذه الشيعة على الله في طلب الرزق. لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق.

٤٤ ـ وباسناده إلى مفضل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه، فيقول: وعزتي وجلالي ما أحوجتك في الدنيا من هوان كان بك عليّ فارفع هذا السجف(١) فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا، فيرفع فيقول: ما ضرني ما منعتني مع ما عوضتني.

٤٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن مبارك غلام شعيب قال: سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول: إنّ اللهعزوجل يقول: إنّي لم أغن الغنى لكرامة به عليَّ، ولم أفقر الفقير لهوان به عليَّ، وهو مما ابتليت به الأغنياء بالفقراء، ولولا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنة.

٤٦ ـ عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عمّن ذكره عن أبي ـ

__________________

والحسن قبيحا وهذا الصادر منى من جملة اغوائه، ويمكن أنْ يراد به النفس المارة التي طغت وبغت بالمال.

(١) السجف: الستر.

٦٠٢

عبد اللهعليه‌السلام قال: الفقر الموت الأحمر، فقلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الفقر من الدنيا والدرهم؟ فقال: لا، ولكن من الدين.

٤٧ ـ في كتاب الخصال فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه من تصدى بالإثم أعشى عن ذكر الله تعالى(١) من ترك الأخذ عن أمر الله بطاعته قيض(٢) له شيطان( فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) .

٤٨ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيهاعليه‌السلام : ولئن تقمصها دوني إلّا شقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقلاها جهالة فلبئس ما عليه ورد أو لبئس ما لأ نفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا:( يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) فيجيب الأشقى على رثوثة(٣) ( يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً ) فانا الذكر الذي عنه صد.

٤٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم ابن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي ـ جعفرعليه‌السلام قال: نزلت هاتين الآيتين هكذا قول اللهعزوجل :( حَتَّى إِذا جاءَنا ) يعنى فلانا وفلانا يقول أحدهما لصاحبه حين يراه( يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) فقال اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «قل لفلان وفلان واتباعهما لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم حقهم( أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ ) ثم قال لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) يعنى من فلان وفلان.

٥٠ ـ حدّثني أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ) الآية يا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من مكة إلى

__________________

(١) أي أعرض عنه.

(٢) قيض له قدر وهيأ له. مأخوذ من المقايضة وهي المعاوضة ثم استعمل في الاستيلاء.

(٣) رث الشيء رثاثة ورثوثة: بلى يقال فلان رث الهيئة أي باليها وخلقها.

٦٠٣

المدينة فانا رادوك إليها ومنتقمون منهم بعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

٥١ ـ في مجمع البيان( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ) الآية روى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ارى ما تلقى أمته بعده فما زال منقبضا ولم ينبسط ضاحكا حتى لقى الله تعالى.

٥٢ ـ وروى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: إنّي لأدناهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع بمنى، حتى قال لألفينكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وايم الله لئن فعلتموها لتعرفنني في الكتيبة التي تضار بكم، ثم التفت إلى خلفه فقال: أو عليّ أو عليٌّ ثلاث مرات فرأينا أنّ جبرئيلعليه‌السلام غمزه، فانزل الله على إثر ذلك «فاما نذهبن( بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) بعليِّ بن أبي طالب».

٥٣ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن خالد بن ما عن محمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أوحى الله إلى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) قال: انك على ولاية عليٍّ وعلى هو الصراط المستقيم.

٥٤ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام : نحن قومه ونحن المسئولون.

٥٥ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : في قوله:( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) قال: إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسئولون.

٥٦ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذكر وأهل بيتهعليهم‌السلام المسئولون وهم أهل الذكر.

٥٧ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد عن ربعي عن الفضيل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ )

٦٠٤

قال: الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسئولون.

٥٨ ـ محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ونقل حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام : وسمى اللهعزوجل القرآن ذكرا وقال:( إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) .

٥٩ ـ علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال: سئلت أبا جعفرعليه‌السلام عن شهادة ولد الزنا تجوز؟ فقال: لا، فقلت: إنّ الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز؟ فقال: أللّهمّ لا تغفر ذنبه، ما قال الله للحكم( إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ) فليذهب الحكم يمينا وشمالا. فو الله لا يؤخذ العلم إلّا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيلعليه‌السلام .

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له قوله:( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) فقال: الذكر القرآن، ونحن قومه ونحن المسئولون.

٦١ ـ في بصائر الدرجات العباس بن معروف عن حماد بن عيسى عن عمر بن يزيد قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) قال: الذكر رسول الله، وأهل بيته أهل الذكر وهم المسئولون.

٦٢ ـ يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي ـ جعفرعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) قال: انما عنانا بها، نحن أهل الذكر ونحن المسئولون.

٦٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال: حججت مع أبي جعفرعليه‌السلام في السنة التي حج فيها هشام ابن عبد الملك وكان معه نافع بن الأزرق مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع إلى أبي جعفرعليه‌السلام في ركن البيت وقد اجتمع إليه الناس، فقال: يا أمير المؤمنين من

٦٠٥

هذا الذي تتكافى عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة محمد بن علي بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال نافع: لاتينه فلأسئلنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلّا نبي أو وصى نبي أو ابن وصى فقال هشام: فاذهب إليه فاسئله فلعلك أنْ تخجله فجاء نافع فاتكى على الناس ثم أشرف على أبي جعفرعليه‌السلام ، فقال: يا محمد بن علي انى قرأت التورية والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت حلالها وحرامها وقد جئتك أسئلك عن مسائل لا يجيبني فيها إلّا نبي أو وصى نبي أو ابن وصى نبي، فرفع إليه أبو جعفرعليه‌السلام رأسه فقال له: سل، فقال: أخبرنى كم بين عيسى ومحمد من سنة؟ فقال أخبرك بقولي أم بقولك؟ قال: أخبرنى بالقولين جميعا. قال: أما قولي فخمسمائة سنة، وأما قولك فستمائة سنة، قال: فأخبرنى عن قول اللهعزوجل :( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) من ذا الذي سأل محمد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟ قال: فتلا أبو جعفرعليه‌السلام هذه الآية:( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) فكان من الآيات التي أراها لله محمّدا حين أسري به إلى البيت المقدس أنْ حشر الله له الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثم أمر جبرئيلعليه‌السلام فأذن شفعا وأقام شفعا، ثم قال في إقامته: حي على خير العمل ثم تقدم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بالقوم، فأنزل الله عليه( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ فقالوا: نشهد أنْ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وانك رسول الله أخذت على ذلك مواثيقنا وعهودنا، قال نافع: صدقت يا بن رسول الله يا أبا جعفر أنتم والله أوصياء رسول الله وخلفاؤه في التورية، وأسماءكم في الإنجيل وفي الزبور وفي القرآن، وأنتم أحق بالأمر من غيركم.

في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي وأبى منصور عن أبي الربيع مثله إلى قوله قال نافع: صدقت من غير تغيير وحذف مغير للمعنى.

٦٠٦

٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وأما قوله:( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) فهذا من براهين نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله التي آتاه الله إياها وأوجب به الحجة على ساير خلقه، لأنه لـمّا ختم به الأنبياء وجعله الله رسولا إلى جميع الأمم وساير الملل خصه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج، وجمع له يومئذ الأنبياء، فعلم منهم ما أرسلوا به وحملوه من عزائم الله وآياته وبراهينه. فأقروا أجمعين بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده، وفضل شيعة وصيه من المؤمنين والمؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم ولم يستكبروا عن أمرهم وعرف من أطاعهم وعصاهم من أممهم وساير من مضى ومن غبر(١) أو تقدم أو تأخر.

٦٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: ولا يكاد يبين قال: لم يبين الكلام.

٦٦ ـ في نهج البلاغة ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارونعليهما‌السلام على فرعون وعليهما مدارع الصوف وبأيديهما العصى فشرطا له إنْ أسلم بقى ملكه ودوام عزه، فقال: ألآ تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز وبقاء الملك وهما مما ترون من حال الفقر والذل، فهلّا ألقى عليهما أساور من ذهب؟ إعظاما للذهب وجمعه، واحتقارا للصوف ولبسه ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أنْ يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان(٢) ومغارس الجنان وأن يحشر معهم طيور السماء ووحوش الأرضين لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الأنباء(٣) ولما وجب للقابلين أجور المبتلين، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء معانيها(٤) ولكن الله سبحانه جعل رسله أولى قوة في عزائمهم وضعفة فيما ترى الأعين

__________________

(١) غبر: ذهب ومضى. مكث وبقي. وهو من الاضداد.

(٢) العقيان بمعنى الذهب أيضا.

(٣) اضمحل الأنباء أي فنيت والأنباء جمع نبأ: الخبر أي لسقط الوعد والوعيد وبطلان.

(٤) أي من يسمى مؤمنا أو مسلما حينئذ فان تسميته مجاز لا حقيقة لأنه ليس بمؤمن ايمانا من فعله وكسبه بل يكون ملجئا إلى الايمان مما يشاهده من الآيات العظيمة.

٦٠٧

من حالاتهم، مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى، وخصاصة تملأ الأبصار والأسماع أذى، ولو كانت الأنبياءعليهم‌السلام أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام، وملك تمد نحوه أعناق الرجال وتشد إليه عقد الرحال لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار وأبعد لهم من الاستكبار، ولا منوا عن رهبة قاهرة لهم، أو رغبة مائلة بهم، وكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة، ولكن الله سبحانه أراد أنْ يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام لطاعته أمورا له خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة، وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل.

٦٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أحمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ ) قال: إنّ الله تبارك وتعالى لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون، وهم مخلوقون مدبرون، فجعل رضاءهم لنفسه رضى، وسخطهم لنفسه سخطا، وذلك لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك وليس أنّ ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه ولكن هذا معنى ما قال من ذلك، وقد قال أيضا: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها، وقال أيضا:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) وقال أيضا:( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ ) وكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك، ولو كان يصل إلى المكون الأسف والضجر وهو الذي أحدثهما وانشأهما لجاز لقائل أنْ يقول: أنّ المكون يبيد يوما، لأنه إذا دخله الضجر والغضب دخله التغيير، فاذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة(١) ولو كان ذلك كذلك لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور، ولا الخالق من المخلوقين، تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فاذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم ذلك إنشاء الله.

٦٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن عمه حمزة بن بزيع عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :

__________________

(١) الابادة: الإهلاك.

٦٠٨

( فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ ) فقال: إنّ الله جل وعز لا يأسف كأسفنا، ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون، وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه، وسخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة وذكر إلى آخر ما نقلنا عن كتاب التوحيد من غير تغيير وحذف مغير للمعنى المراد.

٦٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن أبي الصادق عن أبي الغر عن سلمان الفارسي رضى الله عنه قال: بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في أصحابه إذ قال: انه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم، فخرج بعض من كان جالسا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليكون هو الداخل، فدخل علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال الرجل: لبعض أصحابه اما رضى محمد أنْ فضل عليا علينا حتى يشبهه بعيسى بن مريم، والله لآلهتنا التي كنا نعبدها في الجاهلية أفضل منه، فأنزل الله في ذلك المجلس:( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ ) يضجون فحرفوها يصدون( وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) إنْ عليٌّ إلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل فمحى اسمه عن هذا الموضع.

٧٠ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله قال حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار عن العباس بن معروف عن الحسين بن يزيد النوفلي عن اليعقوبي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : في قولهعزوجل :( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: الصدود في العربية الضحك.

٧١ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا إذا أقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له رسول الله: إنّ فيك شبها من عيسى بن مريم، لولا أنْ تقول فيك طوائف من أمتى ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملاء من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة، قال: فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضى أنْ يضرب لابن عمّه مثلا

٦٠٩

الا عيسى بن مريم، فأنزل الله على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ* وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ ) يعنى من بنى هاشم( مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ في كتاب الخصال في احتجاج عليّعليه‌السلام على الناس يوم الشورى قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : احفظ الباب فان زوارا من الملائكة يزورني فلا تأذن لأحد فجاء عمر فرددته ثلاث مرات وأخبرته أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله محتجب وعنده زوار من الملائكة، وعدتهم كذا وكذا، ثم أذن له فدخل فقال: يا رسول الله انى قد جئتك ثلاث مرات غير مرة وكل ذلك يردني عليَّ ويقول: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله محتجب وعنده زوار من الملائكة وعدتهم كذا وكذا، فكيف علم بالعدة أعاينهم فقال: يا عليُّ كيف علمت بعدتهم؟ قلت: اختلفت عليّ التحيات وسمعت الأصوات فأحصيت العدد، قال: صدقت فان فيك شبها من أخى عيسى، فخرج عمر وهو يقول: ضربه لابن مريم مثلا فأنزل الله تعالى:( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال يضجون( وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ* وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) غيري؟ قالوا: أللّهمّ لا.

٧٣ ـ في مجمع البيان( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً ) الآية اختلف في المراد به على وجوه إلى قوله: ورابعا، ما رواه سادة أهل البيت عن عليٍّعليه‌السلام قال: جئت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فوجدته في ملاء من قريش فنظر إلى ثم قال: يا عليُّ انما مثلك في هذه الامة كمثل عيسى ابن مريمعليه‌السلام ، أحبه قوم فافرطوا في حبه فهلكوا وأبغضه قوم فأفرطوا في بغضه فهلكوا واقتصد فيه قوم فنجوا، فعظم ذلك عليهم وضحكوا وقالوا: يشبهه بالأنبياء والرسل، فنزلت هذه الآية.

٧٤ ـ في تهذيب الأحكام في الدعاء المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام بعد ركعتي صلوة الغدير: ربنا قد أجبنا داعيك النذير المنذر محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله عبدك ورسولك إلى

٦١٠

على بن أبي طالبعليه‌السلام الذي أنعمت عليه، وجعلته مثلا لبني إسرائيل انه أمير المؤمنين ومولاهم ووليهم إلى يوم القيمة يوم الدين، فانك قلت:( إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ ) .

٧٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يدخلون من هذا الباب رجل أشبه الخلق بعيسى فدخل عليّعليه‌السلام فضحكوا من هذا القول، فنزل:( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) الآيات.

٧٦ ـ في مجمع البيان: وانه لعلم الساعة يعنى أنْ نزول عيسىعليه‌السلام من أشراط الساعة يعلم به قربها فلا تمترون بها

قال ابن جريح أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صل بنا، فيقول: لا إنّ بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الامة، أورده مسلم في الصحيح، وفي حديث آخر: كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم.

٧٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ ) يعنى أمير ـ المؤمنينعليه‌السلام .

٧٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله محمد بن أبي عمير الكوفي عن عبد الله بن الوليد السمان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما يقول الناس في أولى العزم وصاحبكم أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ قال: قلت: ما يقدمون على أولى العزم أحدا قال: فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ الله تبارك وتعالى قال لموسىعليه‌السلام :( وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً ) ولم يقل كل شيء موعظة، وقال لعيسىعليه‌السلام :( وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ) ولم يقل كل شيء، وقال لصاحبكم أمير المؤمنينعليه‌السلام :( قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) وقالعزوجل :( وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) وعلم هذا الكتاب عنده.

٧٩ ـ في بصائر الدرجات علي بن إسماعيل عن محمد بن عمر والزيات عن عبد الله ابن وليد قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء يقول الشيعة في عيسى وموسى و

٦١١

أمير المؤمنين؟ قالت: يقولون: إنّ عيسى وموسى أفضل من أمير المؤمنين، قال: أيزعمون أنّ أمير المؤمنين قد علم ما علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قلت: نعم ولكن لا يقدمون على أولى العزم من الرسل أحدا، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فخاصمهم بكتاب الله، قلت: وفي أي موضع منه أخاصمهم؟ قال: قال الله تبارك وتعالى لموسى:( وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) علمنا أنه لم يكتب لموسى كل شيء وقال الله تبارك وتعالى لعيسى:( وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ) وقال تبارك وتعالى لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) .

٨٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) يعنى الأصدقاء يعادى بعضهم بعضا وقال الصادقعليه‌السلام : ألآ كل خلّة كانت في الدنيا في غير اللهعزوجل فانها تصير عداوة يوم القيامة، وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : وللظالم غدا يكفيه عضه يديه، وللرجل وشيك(١) وللاخلاء ندامة إلّا المتقين.

٨١ ـ أخبرنا محمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن الحسين بن سعيد عن حماد ابن عيسى عن شعيب بن يعقوب عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّعليه‌السلام قال: في الخليلين مؤمنين وخليلين كافرين ومؤمن غنى ومؤمن فقير، وكافر غنى وكافر فقير، فاما الخليلان المؤمنان فتخالا في حياتهما في طاعة الله تبارك وتعالى وتباذلا عليها وتوادا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله منزلته في الجنة يشفع لصاحبه فيقول: يا رب خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك ويعينني عليها، وينهاني عن معصيتك، فثبته على ما ثبتني عليه من الهدى حتى تراه ما أريتنى فيستجيب الله له حتى يلتقيا عند اللهعزوجل ، فيقول كل واحد منهما لصاحبه: جزاك الله من خليل خيرا، كنت تأمرنى بطاعة الله وتنهاني عن معصيته، وأما الكافران فتخالا بمعصية الله وتباذلا عليها وتوادا عليها، فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله تبارك وتعالى منزلته في النار، فقال: يا رب خليلي فلان كان يأمرني بمعصيتك وتنهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تراه ما أريتنى من العذاب ،

__________________

(١) الوشيك: السريع.

٦١٢

فيلتقيان عند الله يوم القيامة يقول كل واحد منهما لصاحبه: جزاك الله من خليل شرا كنت تأمرنى بمعصية الله وتنهاني عن طاعة الله، قال: ثم قرأ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٢ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال لأبي بصير: يا أبا محمد( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) والله أراد بهذا غيركم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٣ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : واطلب مواخاة الأتقياء ولو في ظلمات الأرض، وأن أفنيت عمرك في طلبهم، فان اللهعزوجل لم يخلق أفضل منهم على وجه الأرض بعد النبيين صلوات الله عليهم، وما أنعم الله تعالى على عبد بمثل ما أنعم به من التوفيق لصحبتهم، قال الله تعالى:( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) وأظن أنّ من طلب في زماننا هذا صديقا بلا عيب بقي بلا صديق.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في قولهعزوجل :( الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا ) يعنى الائمة صلوات الله عليهم( وَكانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ ) أي تكرمون.

٨٥ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال لأبي بصير: يا أبا محمد صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس وأنتم والله في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٦ ـ في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن عبد الله بن جبلة عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يا أبا محمد أنتم في الجنة تحبرون وبين أطباق النار تطلبون فلا توجدون والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن الحجة القائمعليه‌السلام وفيه أنه سئلعليه‌السلام عن أهل الجنة هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا؟ فأجابعليه‌السلام : إنّ الجنة

٦١٣

لا حمل فيها للنساء ولا ولادة ولا طمث ولا نفاس ولا شقاء بالطفولية(١) وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين كما قال الله سبحانه فاذا اشتهى المؤمن ولدا خلقه اللهعزوجل بغير حمل ولا ولادة على الصورة التي يريد كما خلق آدم (ع) عبرة.

٨٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنى أبي عن الحسن بن محبوب عن يسار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيام الدنيا ويأكل في أكلة واحدة بمقدار أكله في الدنيا.

قال مؤلف هذا الكتاب عفي عنه: قد كتبنا سابقا في حم السجدة أحاديث عند قولهعزوجل :( وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ) الاية فلتراجع(٢) .

٨٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر الله ما أعده لأعداء آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) أي آيسون من الخير، فذلك قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : وأما أهل النار فخلدهم(٣) في النار وأوثق منهم الاقدام، وغل منهم الأيدي إلى الأعناق، والبس أجسادهم سرابيل القطران، وقطعت لهم منها مقطعات من النار، هم في عذاب قد اشتد حره ونار قد أطبق على أهلها، فلا يفتح عنهم أبدا، ولا يدخل عليهم ريح أبدا، ولا ينقضي منهم عمر أبدا العذاب أبدا شديد والعقاب أبدا جديد، لا الدار زايلة فتفنى ولا آجال القوم تقضى.

٩٠ ـ في مجمع البيان وفي الشواذ «يا مال»(٤) وروى ذلك عن عليٍّعليه‌السلام .

٩١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم حكى نداء أهل النار فقال جل جلاله:( وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ ) : أي نموت فيقول ما لك: انكم ماكثون ثم قال اللهعزوجل :( لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ ) يعنى بولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ( وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ ) يعنى لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه والدليل على أن

__________________

(١) الشقاء ـ بالمد والصر ـ: العسر والشدة.

(٢) راجع صفحة ٥٤٧ من هذا الجزء.

(٣) وفي المصدر «أهل المعصية». وفي نسخة «الدار» بدل «النار» والظاهر انه تصحيفه.

(٤) أي قراءة «يا مال» بكسر اللام مرخما في قوله تعالى:( يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ ) .

٦١٤

الحق ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام قولهعزوجل :( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ) يعنى ولاية عليٍّعليه‌السلام ( فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ) يعنى ظالمي آل محمد صلوات الله عليه وعليهم «نارا» ثم ذكر على إثر هذا خبرهم وما تعاهدوا عليه في الكعبة أنْ لا يردوا الأمر في أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال جل ذكره:( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ) لي قوله تعالى: لديهم يكتبون.

٩٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة وعلى بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ) فلان وفلان وفلان ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام قلت: قوله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) قال: نزلت فيهما والله وفي أتباعهما وهو قول اللهعزوجل : الذي نزل به جبرئيلعليه‌السلام على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) في عليّعليه‌السلام ( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) قال: دعوا بنى امية إلى ميثاقهم ألّا يصيروا الأمر فينا بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا، وقالوا: إنْ أعطيناهم [إياه] لم يحتاجوا إلى شيء، ولم يبالوا أنْ لا يكون الأمر فيهم، فقالوا:( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس أنْ لا نعطيهم منه شيئا وقوله:( كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم، فأنزل الله:( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ ) الآية.

٩٣ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن علي بن الحسين عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) قال: نزلت هذه الاية في فلان وفلان وفلان وأبى عبيدة الجراح وعبد الرحمان بن عوف وسالم مولى أبى

٦١٥

حذيفة والمغيرة بن شعبة، حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتواثقوا لئن مضى محمد لا يكون الخلافة في بنى هاشم ولا النبوة أبدا، فأنزل اللهعزوجل فيهم هذه الاية، قال: قلت: قولهعزوجل :( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) قال: وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلّا يوم قتل الحسينعليه‌السلام وهكذا كان في سابق علم اللهعزوجل الذي أعلمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ إذا كتب الكتاب قتل الحسينعليه‌السلام وخرج الملك من بنى هاشم، فقد كان ذلك كله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل لـمّا أراد أنْ يخلق آدمعليه‌السلام أرسل الماء على الطين، ثم قبض قبضة فعركها ثم فرقها فرقتين بيده ثم ذرأهم فاذا هم يدبون ثم رفع لهم نارا فأمر أهل الشمال أنْ يدخلوها فذهبوا إليها فهابوها ولم يدخلوها، ثم أمر أهل اليمين أنْ يدخلوها فذهبوا فدخلوها، فأمر اللهعزوجل النار فكانت عليهم بردا وسلاما. فلما رأى ذلك أهل الشمال قالوا: ربنا أقلنا فأقالهم، ثم قال لهم: أدخلوها فذهبوا فقاموا عليها ولم يدخلوها، فأعادهم طينا وخلق منها آدمعليه‌السلام وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فلن يستطيع هؤلاء أنْ يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء أنْ يكونوا من هؤلاء، قال: فيرون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أول من دخل تلك النار فذلك قولهعزوجل :( قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ) .

٩٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل ويقول فيهعليه‌السلام قوله:( إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ) أي الجاحدين والتأويل في هذا القول باطنه مضاد لظاهره.

٩٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ) يعنى أول القائلين للهعزوجل أنْ يكون له ولد.

٦١٦

٩٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في حديث طويل ذكر فيه العرش وقال: إنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة له في كل سبب وضع في القرآن صفته على حده يقول فيه فمن اختلاف صفات العرش أنّه قال تبارك وتعالى:( رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) وهما وصف عرش الوحدانية لان قوما أشركوا كما قلت لك قال تبارك وتعالى: رب العرش رب الوحدانية عما يصفون، وقوم وصفوه بيدين فقالوا( يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ) وقوم وصفوه بالرجلين، فقال: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء وقوم وصفوه بالأنامل فقالوا: إنّ محمدا قال: إنّي وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال:( رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الأعلى.

٩٨ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم قال: قال أبو شاكر الديصاني: إنّ في القرآن آية هي قولنا: قلت: وما هي؟ فقال:( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) فلم أدر بما أجيبه، فحجت فخبرت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: هذا كلام زنديق خبيث إذا رجعت إليه فقل: ما اسمك بالكوفة فانه يقول: فلان، فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فانه يقول: فلان فقل كذلك الله ربنا( فِي السَّماءِ إِلهٌ، وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) ، وفي البحار إله وفي القفار إله، وفي كل مكان اله، قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته فقال: هذه نقلت من الحجاز.

٩٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني محمد بن جعفر قال: حدّثنا محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن منصور عن أبي أسامة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) فنظرت والله إليه وقد لزم الأرض وهو يقول: واللهعزوجل الذي هو والله ربي في السماء اله، وفي الأرض اله وهو اللهعزوجل .

١٠٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه وقوله:( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) وقوله:( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَما

٦١٧

كُنْتُمْ ) وقوله:( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ) فانما أراد بذلك استيلاء أمنائه بالقدرة التي ركبها فيهم على جميع خلقه، وان فعله فعلهم.

١٠١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ ) قال: هم الذين عبدوا في الدنيا لا يملكون الشفاعة لمن عبدهم. قال عز من قائل:( إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .

١٠٢ ـ فيمن لا يحضره الفقيه قال الصادقعليه‌السلام : القضاة أربعة، ثلاثة في النار وواحد في الجنة، رجل قضى بجور وهو يعلم انه جور فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم انه جور، فهو في النار ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة.

١٠٣ ـ في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا عن أبي هاشم الجعفري قال: سألت أبا جعفر الثانيعليه‌السلام ما معنى الواحد؟ فقال: إجماع الألسن عليه بالوحدانية، لقوله:( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) .

١٠٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن يزيع عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمد الجعفري عن أبي جعفرعليه‌السلام . قال: إنّ اللهعزوجل خلق الخلق فخلق ما أحب مما أحب، وكان ما أحب أنْ خلقه من طينة الجنة، وخلق ما أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أنْ خلقه من طينة النار ثم بعثهم في الظلال، فقلت: وأيّ شيء الظلال؟ قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شيء وليس بشيء، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعوهم إلى الإقرار بالله وهو قوله( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) ثم دعاهم إلى الإقرار بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثم دعاهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض وهو قوله:( فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ) ثم قال أبو جعفرعليه‌السلام كان التكذيب ثم.

١٠٥ ـ محمد بن الحسن وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو

٦١٨

عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في حديث طويل ثم أنزل الله جل ذكره: أنْ أعلم فضل وصيك فقال: رب إنّ العرب قوم جفاة لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي، ولا يعرفون فضل نبوات الأنبياء ولا شرفهم، ولا يؤمنون بي إنْ أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي؟ فقال الله جل ذكره:( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ) و( قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم.

١٠٦ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الصمد بن بشير قال: ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام بدو الأذان وقصته في أسراء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قال: حتى انتهى إلى سدرة المنتهى قال: فقالت السدرة: ما جازني مخلوق قبل، قال:( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ) قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، إلى قوله: وفتح صحيفة أصحاب الشمال فاذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، قال: فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ) ؟ قال الله تعالى:( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) .

١٠٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بما سبق من قوله: لمن عبدهم، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ) ؟ فقال اللهعزوجل :( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي حمزة قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : من أدمن قراء سورة الدخان في فرائضه ونوافله بعثه اللهعزوجل من الآمنين يوم القيمة وظلله تحت عرشه وحاسبه حسابا يسيرا، وأعطاه كتابه بيمينه.

٢ ـ في مجمع البيان وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرأ سورة الدخان في فرائضه ونقل مثل ما نقلنا عن ثواب الأعمال سواء، أبي بن كعب

٦١٩

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرء سورة الدخان في ليلة الجمعة غفر له.

٣ ـ أبو هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرأ سورة الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك.

٤ ـ وعنه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرأها في ليلة جمعة أصبح مغفورا له.

٥ ـ أبو أمامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأ سورة الدخان ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتا في الجنة.

٦ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل: يا بن رسول الله كيف أعرف أنّ ليلة القدر يكون في كل سنة قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرء سورة الدخان في كل ليلة مأة مرة، فاذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فانك ناظر إلى تصديق الذي سألت عنه.

٧ ـ في مجمع البيان:( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) أي أنزلنا القرآن، والليلة المباركة هي ليلة القدر، وهو المروي عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام .

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم «أنا أنزلناه» يعنى القرآن( فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) وهي ليلة القدر أنزل اللهعزوجل القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة ثمّ نزل من البيت المعمور على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في طول عشرين سنة، فيها يفرق يعنى في ليلة القدر( كُلُّ أمر حَكِيمٍ ) أي يقدر اللهعزوجل كل أمر من الحق والباطل وما يكون في تلك السنة، وله فيه البداء والمشية، يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والاعراض والأمراض، ويزيد فيه ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ويلقيه أمير المؤمنين إلى الائمةعليهم‌السلام ، حتى ينتهى ذلك إلى صاحب الزمانعليه‌السلام ، ويشترط له فيه البداء والمشية والتقديم والتأخير، قال: حدّثني بذلك أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن مسكان عن أبي جعفر وأبى عبد الله وأبى الحسنعليهم‌السلام .

٩ ـ قال: وحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن يونس عن داود بن فرقد عن أبي المهاجر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: يا أبا المهاجر لا تخفي علينا ليلة القدر إنّ الملائكة

٦٢٠

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652