تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 363421 / تحميل: 5064
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

جاء إلى خاتمه فنزعه يقول اللهعزوجل :( فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ ) قال: وكان نجرها في وسط مسجدكم، ولقد نقص عن ذرعه سبعمائة ذراع(١) .

١٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان نوحا دعا ربه فهطلت السماء(٢) بماء منهمر، قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك وكانت دعوته دعوة غضب ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله هطلت له السماء بماء منهمر رحمة، انهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا هاجر إلى المدينة أتاه أهلها في يوم جمعة فقالوا له: يا رسول الله احتبس القطر واصفر العود وتهافت الورق(٣) فرفع يده المباركة إلى السماء حتى راى بياض إبطيه وما يرى في السماء سحابة ؛ فما برح حتى سقاهم الله، حتى ان الشاب المعجب بشبابه لتهمه نفسه في الرجوع إلى منزله فما يقدر من شدة السيل، فدام أسبوعا فأتوه في الجمعة الثانية، فقالوا: يا رسول الله لقد تهدمت الجدر واحتبس الركب والسفر؟ فضحكعليه‌السلام وقال: هذه سرعة ملالة ابن آدم ثم قال: أللّهم حوالينا ولا علينا، أللّهم في أصول الشيخ(٤) ومراتع البقر فرأى حول المدينة المطر يقطر قطرا، وما يقع بالمدينة قطرة لكرامته على اللهعزوجل .

١٩ ـ وعن الأصبغ بن نباتة قال: قال ابن الكوا لأمير المؤمنينعليه‌السلام :

__________________

(١) قال المجلسي (ره): لعل الغرض رفع الاستبعاد عن عمل السفينة في المسجد مع ما اشتهر من عظمها أي نقصوا المسجد عما كان عليه في زمن نوح سبعمائة ذراع ويدل على أصل النقص أخبار أخر.

(٢) هطل المطر: نزل متتابعا عظيم القطر.

(٣) أي تساقط.

(٤) الشيخ ـ بالكسر ـ: نبت تنبت بالبادية وفي نسخة البحار «مراتع البقع» وذكر المجلسي (ره) في معناه وجوها ثمّ قال في آخر كلامه والظاهر أنّ فيه تصحيفا.

١٨١

أخبرنى يا أمير المؤمنينعليه‌السلام عن المجرة(١) التي تكون في السماء قال: هي شرح في السماء وأمان لأهل الأرض من الغرق، ومنه أغرق الله قوم نوح بماء منهمر.

٢٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم. وقوله:( فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ ) قال: صب بلا قطر( وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ ) قال: ماء السماء وماء الأرض( عَلى أمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْناهُ ) يعنى نوحا( عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ ) قال: الألواح السفينة، والدسر المسامير، وقيل: الدسر ضرب من الحشيش تشد به السفينة.

٢١ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب وهشام بن سالم عن أبي بصير قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : إذا أراد الله عز ذكره أنْ يعذب قوما بنوع من العذاب أوحى إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد أنْ يعذّبهم بها قال: فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب، قال: ولكل ريح منهم إسم أما تسمع قوله:عزوجل ( كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عثمان بن عيسى رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الأربعاء( يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) ، لأنّه أوّل يوم وآخر يوم من الأيّام التي قال اللهعزوجل :( سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ) .

٢٣ ـ في مجمع البيان( يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) قيل: انه كان في [أول] يوم الأربعاء في آخر الشهر لا تدور. ورواه العياشي بالإسناد عن أبي جعفرعليه‌السلام .

٢٤ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: توقوا الحجامة والنورة يوم الأربعاء فان يوم الأربعاء( يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) ، وفيه خلقت جهنم.

٢٥ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي و

__________________

(١) المجرة: منطقة في السماء قوامها نجوم كثيرة لا يميزها البصر فيراها كبقعة بيضاء وبالفارسية «كهكشان».

١٨٢

ما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه ثم قال إليه رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله وأى أربعاء هو؟ قال: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى أنْ قالعليه‌السلام : ويوم الأربعاء أرسل اللهعزوجل الريح على قوم عاد.

٢٦ ـ في من لا يحضره الفقيه عن أبي نصر عن أبي جعفرعليه‌السلام حديثا وفيه يقولعليه‌السلام : إنّ اللهعزوجل جنودا من الريح يعذّب بها من عصاه، موكّل بكل ريح منهنّ ملك مطاع، فاذا أراد اللهعزوجل أنْ يعذّب قوما بعذاب أوحى إلى الملك بذلك النوع من الريح الذي يريد أنْ يعذبهم به، فيأمر بها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب، ولكل ريح منهنّ إسم أما تسمع لقول اللهعزوجل :( إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) .

أقول: وفي الخصال مثله(١) إلّا أنّ فيه: أما تسمع قوله تعالى:( كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ) .

٢٧ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له:( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ) .

قال: هذا كان بما كذبوا صالحا وما أهلك اللهعزوجل قوما قط حتى يبعث إليهم قبل ذلك الرسل فيحتجوا عليهم، فبعث الله إليهم صالحا فدعاهم فلم يجيبوه، وعتوا عليه عتوا وقالوا: لن نؤمن لك حتى تخرج لنا من هذه الصخرة الصماء(٢) ناقة عشراء وكانت الصخرة يعظمونها ويعبدونها ويذبحون عندها في رأس كل سنة، ويجتمعون عندها، فقالوا له: إنْ كنت كما تزعم نبيا رسولا فادع لنا إلهك حتى يخرج لنا من هذه الصخرة الصمّاء ناقة عشراء، فأخرجها الله كما طلبوا منه ،

__________________

(١) وقد مر عن كتاب روضة الكافي أيضا مثله راجع رقم ٢١ من الأحاديث.

(٢) الصماء: الغليظة.

١٨٣

ثم أوحى الله تبارك وتعالى اليه: يا صالح قل لهم: إنّ الله قد جعل لهذه الناقة شرب يوم ولكم شرب يوم(١) فكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم فيحلبونها، فلا يبقى صغير ولا كبير إلّا شرب من لبنها يومهم ذلك ؛ فاذا كان الليل وأصبحوا غدوا إلى مائهم فشربوا منه ذلك اليوم ولم تشرب الناقة ذلك اليوم، فمكثوا بذلك ما شاء الله، ثمّ انهم عتوا على الله ومشى بعضهم إلى بعض، وقالوا: اعقروا هذه الناقة واستريحوا منها لا نرضى أنْ يكون لنا شرب يوم ولها شرب يوم، ثمّ قالوا: من ذا الذي يلي قتلها ونجعل له جُعْلاً ما أحب؟ فجاءهم رجل أحمر أشقر(٢) أزرق ولد زنا لا يعرف له أب، يقال له قدار(٣) شقي من الأشقياء، مشئوم عليهم فجعلوا له جعلا، فلما توجهت الناقة إلى الماء الذي كانت ترده تركها حتى شربت الماء وأقبلت راجعة، فقعد لها في طريقه فضربها بالسيف ضربة فلم يعمل شيئا ؛ فضربها ضربة اخرى فقتلها، فخرت إلى الأرض على حينها وهربت فصيلها، حتى صعد إلى الجبل فرغا(٤) ثلاث مرات إلى السماء وأقبل قوم صالح فلم يبق أحد إلّا شركه في ضربته واقتسموا لحمها فيما بينهم، فلم يبق صغير ولا كبير إلّا أكل منها، فلما رأى ذلك صالح أقبل إليهم فقال: يا قوم ما دعاكم إلى ما صنعتم أعصيتم ربكم؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إلى صالحعليه‌السلام : أنّ قومك قد طغوا وبغوا وقتلوا ناقة بعثها الله إليهم حجة عليهم، ولم يكن عليهم منها ضرر، وكان لهم أعظم المنفعة فقل لهم: إني مرسل إليكم عذابي إلى ثلثة أيام، فان هم تابوا ورجعوا قبلت توبتهم وصددت عنهم، وان هم لم يتوبوا ولم يرجعوا بعثت إليهم عذابي في اليوم الثالث، فأتاهم صالح صلى الله عليه فقال لهم: يا قوم إني رسول ربكم إليكم، وهو يقول لكم: إنْ أنتم تبتم ورجعتم واستغفرتم غفرت لكم وتبت عليكم، فلما قال لهم ذلك كانوا أعتا ما كانوا وأخبث وقالوا:( يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ

__________________

(١) الشرب ـ بالكسر ـ: النصيب من الماء.

(٢) الأشقر من الناس: من تعلو بياضه حمرة.

(٣) قدار: بضم القاف وتخفيف الدال كما في القاموس.

(٤) رغا البعير: صوّت وضجّ.

١٨٤

مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) قال قال: يا قوم انكم تصبحون غدا ووجوهكم مسوّدة، واليوم الثاني ووجوهكم محمّرة، واليوم الثالث ووجوهكم مسوّدة فلما كان أوّل يوم أصبحوا ووجوههم مصفرة فمشى بعضهم إلى بعض، وقالوا: قد جاءكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم: لا نسمع قول صالح، ولا نقبل قوله وان كان عظيما، فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرة فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: يا قوم قد جاءكم ما قال لكم صالح، فقال العتاة منهم: لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها ولم يتوبوا ولم يرجعوا، فلما كان اليوم الثالث أصبحوا ووجوههم مسودة فمشى بعضهم إلى بعض وقال: يا قوم أتاكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم: قد أتانا ما قال لنا صالح، فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم وفقلت قلوبهم وصدعت أكبادهم ؛ وقد كانوا في تلك الثلاثة أيام قد تحنّطوا وتكفّنوا وعلموا أنّ العذاب نازل بهم فماتوا أجمعين في طرفة عين، صغيرهم وكبيرهم، فلم يبق لهم ناعقة ولا راغية(١) ولا شيء إلّا أهلكه الله فأصبحوا في ديارهم ومضاجعهم موتى أجمعين، ثمّ أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقهم أجمعين، وكانت هذه قصتهم.

٢٨ ـ في بصائر الدرجات علي بن حسان عن جعفر بن هارون الزيات قال: كنت أطوف بالكعبة فرأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقلت في نفسي: هذا هو الذي يتبع والذي هو امام وهو كذا وكذا؟ قال: فما علمت به حتى ضرب يده على منكبى ثمّ قال: أقبل عليَّ وقال:( فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) .

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: فنادوا صاحبهم قال: قدار الذي عقر الناقة، وقوله: كهشيم المحتظر قال: الحشيش والنبات.

٣٠ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن فرقد عن أبي يزيد الحمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه قصة

__________________

(١) مر الحديث بمعناه في ج ٢: ٥٧٣ فراجع.

١٨٥

قوم لوط ومجيئ الملائكة إليهم وفيه يقولعليه‌السلام : فكابروه حتى دخلوا البيت فصاح به جبرئيل فقال: يا لوط دعهم يدخلون، فلما دخلوا أهوى جبرئيلعليه‌السلام بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم وهو قول اللهعزوجل : فطمسنا على أعينهم

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن سعيد قال: أخبرني زكريا بن محمد عن أبيه عن عمرو عن أبي جعفرعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يذكر فيه قصة قوم لوط ومجيئ الملائكة إليهم وفيه يقولعليه‌السلام : فقال له جبرئيل( إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ) فأخذ كفا من بطحاء فضرب بها وجوههم وقال: شاهت الوجوه فعمي أهل المدينة كلهم، والحديثان بتمامهما مذكوران في هود عند القصة.

٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي بصير وغيره عن أحدهماعليهما‌السلام حديث طويل يذكر فيه قصة قوم لوط ومجيئ الملائكة إليهم وفيه يقولعليه‌السلام فأشار إليهم جبرئيل بيده فرجعوا عميانا يلتمسون الجدار بأيديهم، يعاهدون اللهعزوجل : لئن أصبحنا لا نستبقى أحدا من آل لوط.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: شرح قصة قوم لوط على التفصيل مذكور في سورة هود في قصتهم.

٣٣ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن موسى بن محمد العجلي عن يونس بن يعقوب رفعه عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل ( كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها ) يعنى الأوصياء كلهم.

٣٤ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى علي بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الرقى(١) أتدفع من القدر شيئا؟ فقال: هي من القدر وقالعليه‌السلام : إنّ القدريّة مجوس هذه الأمّة، وهم الذين أرادوا أنْ يصفوا الله بعدله، فأخرجوه من سلطانه، وفيهم نزلت هذه الاية:( يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

__________________

(١) الرقى: العوذة.

١٨٦

٣٥ ـ وباسناده إلى عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عن عليٍّعليهم‌السلام انه سئل عن قول اللهعزوجل : انا كل شيء خلقناه بقدر فقال: يقولعزوجل : انا كل شيء خلقناه لأهل النار بقدر أعمالهم

٣٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) قال: له وقت وأجل ومدة.

وباسناده إلى اسمعيل بن مسلم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : وجدت لأهل القدر أسماء في كتاب الله:( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) فهم المجرمون.

٣٧ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: إنّ أرواح القدرية يعرضون على النار غدوا وعشيا حتى تقوم الساعة، فاذا قامت الساعة عذبوا مع أهل النار بأنواع العذاب، فيقولون: يا ربنا عذبتنا خاصة وتعذبنا عامة؟ فيرد عليهم:( ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

٣٨ ـ عن يونس عمن حدثه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما أنزل اللهعزوجل هذه الآيات إلّا في القدرية:( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

٣٩ ـ حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدّثني عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزلت هذه في القدرية:( ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

٤٠ ـ وباسناده إلى ابن بكير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ في جهنم لواديا للمنكرين يقال له سقر: شكا لي الله شدة حره وسأله أنْ يأذن له أن يتنفس فتنفس فأحرق جهنم ،

٤١ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام بعد أنْ ذكر التقوى وفيه جماع كل عبادة صالحة، وبه وصل من وصل إلى الدرجات العلى، وبه عاش من عاش بالحيوة الطيبة، والانس الدائم، قال اللهعزوجل :( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) .

١٨٧

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لا تدعوا قراءة سورة الرحمن والقيام بها فانها لا تقر في قلوب المنافقين ويؤتى بها في يوم القيامة في صورة آدم في أحسن صورة وأطيب ريح حتى تقف من الله موقفا لا يكون أحد أقرب إلى الله منها، فيقول لها: من ذا الذي كان يقوم بك في الحيوة الدنيا ويدمن قراءتك؟ فتقول: يا رب فلان وفلان فتبيض وجوههم، فيقول لهم: اشفعوا فيمن أحببتم فيشفعون حتى لا يبقى لهم غاية ولا أحد يشفعون له، فيقول لهم: ادخلوا الجنة واسكنوا فيها حيث شئتم.

٢ ـ وباسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة الرحمن فقال عند كل( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) لا بشيء من آلاءك رب أكذب، فان قرء ليلا ثم مات مات شهيدا، وان قرأها نهارا ثم مات مات شهيدا.

٣ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرء سورة الرحمن رحم الله ضعفه وأدى شكر ما أنعم الله عليه.

٤ ـ وعن الصادقعليه‌السلام قال: من قرأ سورة الرحمن ليلا يقول عند كل.( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) : لا بشيء من آلائك يا ربّ أُكذّب، وكّل الله به ملكا إنْ قرأها من أوّل الليل يحفظه حتّى يصبح، وانْ قرأها حين يصبح وكّل الله به ملكا يحفظه حتّى يمسى.

٥ ـ في الكافي الحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر عن علي بن مهزيار عن محمد بن يحيى عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: يستحب ان يقرء في دبر الغداة يوم الجمعة الرحمن كلها، ثم تقول كلّما قلت:( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) : لا بشيء من آلائك رب أكذب.

٦ ـ وروى محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: لـمّا قرء رسول الله

١٨٨

صلى‌الله‌عليه‌وآله الرحمن على الناس سكتوا فلم يقولوا شيئا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الجن كانوا أحسن جوابا منكم لـمّا قرأت عليهم( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) قالوا: لا ولا بشيء من آلاء ربنا نكذب.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قولهعزوجل :( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ ) قال: جوابه( الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) .

٨ ـ في مجمع البيان «علمه البيان» قال الصادقعليه‌السلام البيان الاسم الأعظم الذي به علم كل شيء.

٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسن بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام في قوله:( الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) قال: الله علم محمدا القرآن قلت:( خَلَقَ الْإِنْسانَ ) قال: ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام قلت:( عَلَّمَهُ الْبَيانَ ) قال: علمه بيان كل شيء تحتاج إليه الناس، قلت:( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) قال: هما يعذبان قلت: الشمس والقمر يعذبان؟ قال: سألت عن شيء فأتقنه، إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله تجريان بامره مطيعان له، وضوؤهما من نور عرشه وحرمها(١) من جهنم، فاذا كانت القيامة عاد إلى العرش نورهما وعاد إلى النار حرهما فلا يكون شمس ولا قمر، وإنّما عناهما لعنهما الله أو ليس قد روى الناس أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّ الشمس والقمر نوران في النار؟ قلت: بلى قال: اما سمعت قول الناس: فلان وفلان شمسي هذه الامة ونوريهما، فهما في النار، والله ما عنى غيرهما قلت:( النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد سماه الله في غير موضع،( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) وقال:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فالعلامات الأوصياء والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلت: يسجدان قال: يعبدان وقوله:( وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ ) قال: السماء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفعه الله اليه، والميزان أمير المؤمنين صلوات الله عليه نصبه لخلقه، قلت:( أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ ) قال: لا تعصوا

__________________

(١) وفي المصدر «جرمهما» في الموضعين والظاهر هو المختار.

١٨٩

الامام، قلت:( وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ ) قال: وأقيموا الامام بالعدل قلت: ولا تخسروا الميزان قال: لا تبخسوا الامام حقه ولا تظلموه وقوله:( وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ ) قال: للناس( فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ ) قال: يكبر ثمر النخل في القمع(١) ثم يطلع منه، قوله: والحب ذوالعصف والريحان قال: الحب الحنطة والشعير والحبوب والعصف التين، والريحان ما يؤكل منه.

١٠ ـ في كتاب الخصال عن عليٍّعليه‌السلام قال: خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون وبهم يمطرون وبهم ينصرون: أبو ذر وسلمان والمقداد وعمار وحذيفة وعبد الله بن مسعود، قال عليٌّعليه‌السلام : وانا امامهم وهم الذين شهدوا الصلوة على فاطمةعليها‌السلام .

١١ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام انه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين: عليَّ بعاصم بن زياد فجيء به فلمّا رآه عبس في وجهه فقال له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحلّ لك الطيبات وهو يكره أخذك منها أنت أهون على الله من ذلك، أو ليس الله يقول:( وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ ) الحديث وستقف على تتمة هذا الحديث عند قولهعزوجل :( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ) الآية إنشاء الله تعالى.

١٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: وقوله( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) قال: في الظاهر مخاطبة الجن والانس، وفي الباطن فلان وفلان.

حدثنا أحمد بن علي قال: حدّثنا محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله :

__________________

(١) القمع: ما التزق بأسفل التمرة والبسرة ونحوهما.

١٩٠

( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) قال: قال الله تبارك وتعالى: فبأى النعمتين تكفران؟ بمحمد أم بعلى صلوات الله عليهما.

١٣ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد رفعه في قول اللهعزوجل :( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) بالنبي أم بالوصي نزلت في الرحمن.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد تقدم في بيان فضل هذه السورة وقراءتها على الجن(١) ما يستحب أنْ يقال عند قوله تعالى:( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) ،

١٤ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل: وفيه سأله عن إسم أبي الجن، فقال: شومان وهو الذي خلق من مارج من نار.

أقول: وقد تقدم لقولهعزوجل :( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ) بيان عند قوله تعالى:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ ) الآية في الحجر(٢) .

١٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه وأمّا قوله:( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) فان مشرق الشتاء على حده ومشرق الصيف على حده أما تعرف ذلك من قرب الشمس وبعدها؟ وأمّا قوله:( بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ) فان لها ثلاثة وستين برجا تطلع كل يوم من برج وتغيب في آخر، فلا تعود إليه إلّا من قابل في ذلك اليوم.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم في قوله:( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) قال: مشرق الشتاء ومشرق الصيف، ومغرب الشتاء ومغرب الصيف.

وفي رواية سيف بن عميرة عن إسحق بن عمار عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) قال: المشرقين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما، والمغربين الحسن والحسينعليهما‌السلام و

__________________

(١) راجع رقم ٥ و ٦ من أحاديث هذه السورة.

(٢) راجع ج ٢ صفحة ٧.

١٩١

أمثالهما تجري.

١٧ ـ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) قال: محمد وعلىعليهما‌السلام ، حدّثنا محمد بن أبي عبد الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد العطار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى:( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ) قال: عليّ وفاطمة بحران عميقان لا يبغى أحدهما على صاحبه( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) قال: الحسن والحسين.

١٨ ـ في أصول الكافي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل ذكرنا أوله عند قوله تعالى:( وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ ) ويتصل بآخر ما نقلنا هناك أعنى قوله تعالى:( ذاتُ الْأَكْمامِ ) أو ليس يقول:( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ ) إلى قوله:( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) فبأي الله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذاله لها بالمقال، وقد قال اللهعزوجل :( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) فقال عاصم: يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة(١) وفي ملبسك على الخشونة؟ فقال: ويحك إنّ اللهعزوجل فرض على أئمة العدل أنْ يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره(٢) فالقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء.

١٩ ـ في مجمع البيان وقد روى عن سلمان الفارسي وسعيد بن جبير وسفيان الثوري أنّ البحرين عليٌّ وفاطمةعليهما‌السلام ( بَيْنَهُما بَرْزَخٌ ) محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) الحسن والحسينعليهما‌السلام ،

٢٠ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي البختري عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن عليٍّعليهم‌السلام قال:( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) قال: من السماء ومن ماء البحر، فاذا أمطرت فتحت الاصداف أفواهها في البحر فيقع فيها من ماء المطر فتخلق اللؤلؤ الصغيرة من القطرة الصغيرة، واللؤلؤ الكبيرة من القطرة الكبيرة.

__________________

(١) جشب الطعام: خشن وغلظ.

(٢) مر الحديث بمعناه في صفحة ١٧ فراجع.

١٩٢

٢١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب بعد أنْ ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّا وفاطمةعليهما‌السلام وروى انه قال: مرحبا ببحرين يلتقيان ونجمين يقترنان.

٢٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ ) قال: كما قالت الخنساء ترثى أخاها صخرا :

وان صخرا لمولانا وسيدنا

وان صخرا إذا يستوقد النار

وان صخرا لتأتم الهداة به

كأنه علم في رأسه نار

وقوله:( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ) قال: مَن على وجه الأرض.( وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ) قال: دين ربك، وقال علي بن الحسينعليهما‌السلام : نحن الوجه الذي يؤتى الله منه.

٢٣ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام في التوحيد حديث طويل وفيه: فقلت: يا ابن رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه أنّ ثواب لا إله إلّا الله النظر إلى وجه الله تعالى؟ فقالعليه‌السلام : يا أبا الصلت من وصف اللهعزوجل بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله أنبياءه وحججه صلوات الله عليهم ؛ الذين بهم يتوجه إلى اللهعزوجل والى دينه ومعرفته، وقال اللهعزوجل :( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ) وقالعزوجل :( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) فانظر إلى أنبياء الله تعالى ورسله وحججهعليهم‌السلام في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة، وقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أبغض أهل بيتي وعترتي لم يرنى ولم أره يوم القيامة.

٢٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثاني حديث طويل وفيه يقول: وإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصور والهجاء، ولا ينقطع ولا يزال من لم يزل عالما.

٢٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب قوله:( وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ) قال الصادقعليه‌السلام : نحن وجه الله.

٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه: وأمّا قوله:( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) فالمراد كل شيء هالك إلّا دينه لان

١٩٣

من المحال أنْ يهلك الله كل شيء ويبقى الوجه هو أجل وأعظم من ذلك وإنّما يهلك من ليس منه، ألآ ترى أنّه قال( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ) ففصّل بين خلقه ووجهه،

٢٧ ـ في مصباح شيخ الطائفةقدس‌سره في دعاء إدريس النبيعليه‌السلام : يا بديع البدائع ومعيدها بعد فنائها بقدرته.

٢٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يحيى ويميت ويرزق ويزيد وينقص.

٢٩ ـ في أصول الكافي خطبة مروية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وفيها: الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه، لأنه كل يوم هو في شأن من احداث بديع لم يكن.

٣٠ ـ في مجمع البيان وعن أبي الدرداء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله:( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: من شأنه أنْ يغفر ذنبا ويفرج كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين.

٣١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وقال المسيب بن نجية الفزاري وسليمان بن صرد الخزاعي للحسن بن عليٍّعليهما‌السلام : ما ينقضي تعجبنا منك، بايعت معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من الكوفة سوى أهل البصرة والحجاز؟ فقال الحسنعليه‌السلام : قد كان ذلك فما ترى الآن؟ قال: والله ارى أنْ ترجع لأنه نقض. فقال: يا مسيب إنّ الغدر لا خير فيه ولو أردت لـما فعلت، فقال حجر بن عدى: أما والله لوددت انك مت في ذلك اليوم ومتنا معك ولم نر هذا اليوم، فانا رجعنا راغبين بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبوا، فلما خلا به الحسنعليه‌السلام قال: يا حجر قد سمعت كلامك في مجلس معاوية وليس كل إنسان يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك، وانى لم أفعل ما فعلت إلّا إبقاء عليكم، والله تعالى( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) .

٣٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: سنفرغ لكم ايها الثقلان قال: نحن وكتاب الله والدليل على ذلك قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

٣٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله باسناده إلى الامام محمد بن علي الباقرعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل وفيه خطبة الغدير وفيها يقول

١٩٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : معاشر الناس إني ادعها إمامة ووراثة في عقبى إلى يوم القيامة، وقد بلغت ما أمرت بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب، وعلى كل أحد من شهد أو لم يشهد، ولد أو لم يولد فليبلغ الحاضر الغائب، والوالد الولد إلى يوم القيامة، وسيجعلونها ملكا واغتصابا، ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين، وعندها( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ ) .

٣٤ ـ في عيون الأخبار في باب آخر فيما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ لله تعالى ديكا عرفه(١) تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرضين السابعة السفلى، إذا كان في الثلث الأخير من الليل سبح الله تعالى ذكره بصوت يسمعه كل شيء ما خلا الثقلين الجن والانس، فيصيح عند ذلك ديكة الدنيا.

٣٥ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعليٍّعليه‌السلام يقول فيها: وأنشأ ما أراد إنشاء على ما أراد من الثقلين الجن والانس ليعرف بذلك ربوبيته، ويمكن فيهم طواعيته.

٣٦ ـ وفيه عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه: فمن المبلغ عن اللهعزوجل إلى الثقلين الجن والانس.

٣٧ ـ في مجمع البيان وقد جاء في الخبر يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثمّ ينادون:( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ) إلى قوله:( يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ ) .

٣٨ ـ روى مَسْعَدَة بن صَدَقَة عن كليب قال: كنّا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فانشأ يحدّثنا فقال: إذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد وذلك أنّه يوحى إلى السماء الدنيا أنْ اهبطى بمن فيك، فتحبط أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والانس والملائكة، فلا يزالون كذلك حتى يهبط أهل سبع سماوات فتصير الجن والانس في سبع سرادقات من الملائكة، فينادى مناد:( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ) الآية فينظرون فاذا قد أحاط بهم سبعة أطواق

__________________

(١) العرف: لحمة مستطيلة في أعلى رأس الديك.

١٩٥

من الملائكة.

٣٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول ابتداء منه: أنّ الله إذا بدا له أنْ يبين خلقه ويجمعهم لـما لا بد منه أمر مناديا ينادى فاجتمع الجن والانس في أسرع من طرفة عين ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس، واذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضعف التي تليها، فاذا رآها أهل سماء الدنيا قالوا: جاء ربنا؟ قالوا: لا وهو آت، يعنى أمره، تنزل كل سماء يكون كل واحدة منها من وراء الاخرى وهي ضعف التي تليها، ثم ينزل أمر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الأمر والى ربكم ترجع الأمور، ثم يأمر الله مناديا ينادى:( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ ) . والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن سعدان بن مسلم عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا كان يوم القيامة دعا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكسى حلقة وردية، فقلت: جعلت فداك وردية؟ قال: نعم اما سمعت قول اللهعزوجل :( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ ) .

٤١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ ) قال: منكم يعنى من الشيعة( إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) قال: معناه من توالى أمير المؤمنينعليه‌السلام وتبرء من أعدائه وآمن بالله وأحل حلاله وحرم حرامه ثم دخل في الذنوب ولم يتب في الدنيا عذب بها في البرزخ، ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسئل عنه يوم القيامة.

٤٢ ـ في مجمع البيان وروى عن الرضاعليه‌السلام انه قال:( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) إنّ من اعتقد الحقّ ثمّ أذنب ولم يتب في الدنيا عذّب عليه في البرزخ ويخرج يوم القيامة، وليس له ذنب يسأله عنه.

٤٣ ـ في بصائر الدرجات إبراهيم بن هاشم عن سليمان الديلمي أو عن سليمان

١٩٦

عن معاوية الدهني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ ) قال: يا معاوية ما يقولون في هذا؟ قلت: يزعمون أنّ الله تبارك وتعالى يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة فيأمرهم فيأخذوا بنواصيهم وأقدامهم فيلقون في النار، فقال لي: وكيف يحتاج تبارك وتعالى إلى معرفة خلق أنشأهم وهو خلقهم؟ فقلت: جعلت فداك وما ذلك؟ فقال: ذلك لو قام قائمنا أعطاه الله السيماء، فيأمر بالكافر فيؤخذ بنواصيهم واقدامهم، ثم يخبط بالسيف خبطا(١) .

٤٤ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار في التوحيد حديث طويل وفيه قال: قلت له: يا ابن رسول الله أخبرنى عن الجنة والنار أهما مخلوقتان؟ فقال: نعم وان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل الجنة ورأى والنار لـمّا عرج به إلى السماء قال: فقلت له: إنّ قوما يقولون انهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين؟ فقالعليه‌السلام : لا هم منّا ولا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذّبنا وليس من ولايتنا على شيء، ويخلد في نار جهنم، قال الله تعالى:( هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ) .

٤٥ ـ وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا عرج بى إلى السماء أخذ بيدي جبرئيلعليه‌السلام فأدخلنى الجنة، الحديث.

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقرء أبو عبد اللهعليه‌السلام : «هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان* تصليانها ولا تموتان فيها ولا تحييان» يعنى الأولين.( يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ) قال: أنين من شدة حرها.

٤٧ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام «هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان* اصلياها فلا تموتان فيها ولا تحييان».

٤٨ ـ في أصول الكافي عنه عن أحمد بن محمد بن محبوب عن داود الرقى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ) قال: من

__________________

(١) خبطه. ضربه ضربا شديدا.

١٩٧

علم أنّ الله يراه ويسمع ما يقول ويقول ويعلم ما يعلمه من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال، فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى.

٤٩ ـ في من لا يحضره الفقيه في مناهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالعليه‌السلام : ومن عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة اللهعزوجل حرم عليه النار، وآمنه من الفزع الأكبر ؛ وأنجز له ما وعده في كتابه.

وقولهعزوجل :( وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ) .

٥٠ ـ في كتاب التوحيد خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وفيها: ايها الناس من خاف ربه كف ظلمه.

٥١ ـ في كتاب الخصال عن الحسن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لا اجمع على عبدي خوفين. ولا أجمع له أمنين، فاذا أمنني في الدنيا أخفته في الاخرة يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا أخفته في الاخرة يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة.

٥٢ ـ عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليه‌السلام قال: ثلاث درجات وثلاث كفارات وثلاث موبقات وثلاث منجيات، إلى أنْ قالعليه‌السلام : وأمّا المنجيات فخوف الله في السر والعلانية، الحديث.

٥٣ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصية له: يا عليُّ ثلاث درجات وثلاث كفارات وذكر كالسابق سواء

٥٤ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله نقلا عن تفسير محمد بن العباس بن مروان باسناده إلى جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله مخاطبا للمقداد بعد أنْ ذكر شيعة عليٍّعليه‌السلام وكرامتهم عند الله: فلا يزالوا يا مقداد ومحبي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في العطايا والمواهب حتى أنّ المقصر من شيعة عليٍّ يتمنى في أمنيته مثل

١٩٨

جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة، قال لهم ربهم تبارك وتعالى: لقد قصر في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم، فانظروا إلى مواهب ربكم، فاذا بقباب(١) وقصور في أعلى عليين من الياقوت الأحمر والأخضر والأبيض والأصفر يزهر نورها، فلو لا انه مسخر إذا للمعت الأبصار منها، فما كان من تلك القصور من الياقوت الأحمر مفروش بالسندس الأخضر، وما كان منها من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالرياط الصفر(٢) مبثوثة بالزبرجد الأخضر والفضة البيضاء، والذهب الأحمر قواعدها وأركانها من الجواهر ينور من أبوابها وأعراضها، ونور شعاع الشمس عنده مثل الكواكب الدري في النهار المضيء، وإذا على باب كل قصر من تلك القصور جنتان( مُدْهامَّتانِ فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ ) وفيهما( مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ ) .

٥٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله:( فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ ) قال: الحور العين يقصر الطرف عنها من ضوء نورها.

٥٦ ـ في مجمع البيان( قاصِراتُ الطَّرْفِ ) قصرت طرفهن على أزواجهن لم يردن غيرهم وقال أبو ذر: انها تقول لزوجها: وعزة ربي ما ارى في الجنة أخير منك فالحمد لله الذي جعلني زوجك وجعلك زوجي،( كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ ) وفي الحديث أنّ المرأة من أهل الجنة يرى مخ ساقها وراء سبعين حلّة من حرير

٥٧ ـ( هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ) وجاءت الرواية من أنس بن مالك قال: قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية فقال: هل تدرون ما يقول ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فان ربكم يقول: هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلّا الجنة.

٥٨ ـ وروى العياشي باسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن

__________________

(١) القباب جمع القبة.

(٢) الرياط جمع الريطة: كل ملاءة ليست ذات لفقين أي قطعتين متضامتين كلها نسج واحد وقطعة واحدة.

١٩٩

على بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: آية في كتاب الله مسجلة: قلت وما هي؟ قال: قول اللهعزوجل :( هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ) جرت في الكافر والمؤمن والبر والفاجر، ومن صنع إليه معروف فعليه أنْ يكافئ به. وليس المكافاة أنْ يصنع كما صنع حتى يربى، فان صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء.

٥٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ) قال: ما جزاء من أنعمت عليه بالمعرفة إلّا الجنة.

٦٠ ـ في كتاب التوحيد حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن حمران القشيري قال: حدّثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكلابي قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب سنة خمسين ومأتين قال: حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن عليٍّعليهم‌السلام في قول اللهعزوجل :( هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ) قال عليٌّعليه‌السلام : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّ اللهعزوجل قال: ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلّا الجنة.

٦١ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل في تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، وفيه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وأمّا قوله: لا إله إلّا الله فثمنها الجنة، وذلك قول اللهعزوجل :( هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ ) قال: هل جزاء من قال لا إله إلّا الله إلّا الجنة.

٦٢ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: اربعة أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه وكافاك بالإحسان إليه إساءة، الحديث.

٦٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال الصادقعليه‌السلام : لعن الله قاطعي سبيل المعروف قيل: وما قاطعي سبيل المعروف؟ قال: الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره، فيمنع صاحبه من أنْ يصنع ذلك إلى غيره.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

ألا ترى إلى قوله( الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ ) وقوله( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) فهذه الوجوه كلها تقتضي تفضيلها وقوله تعالى( فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ ) الآية يدل على أن كثرة المعاصي ومساكنتها وألفها تقسى القلب وتبعد من التوبة وهو نحو قوله( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) وقوله تعالى( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) روى البراء بن عازب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن كل مؤمن شهيد لهذه الآية وجعل قوله( وَالشُّهَداءُ ) صفة لمن تقدم ذكره من المؤمنين وهو قول عبد الله ومجاهد وقال ابن عباس ومسروق وأبو الضحى والضحاك هو ابتداء كلام وخبره( لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ) وقوله تعالى( وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ) الآية قال أبو بكر أخبر عما ابتدعوه من القرب والرهبانية ثم ذمهم على ترك رعايتها بقوله( فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها ) والابتداع قد يكون بالقول وهو ما ينذره ويوجبه على نفسه وقد يكون بالفعل بالدخول فيه وعمومه يتضمن الأمرين فاقتضى ذلك أن كل من ابتدع قربة قولا أو فعلا فعليه رعايتها وإتمامها فوجب على ذلك أن من دخل في صلاة أو صوم أو حج أو غيرها من القرب فعليه إتمامها إلا وهي واجبة عليه فيجب عليه القضاء إذا أفسدها وروى عن أبى أمامة الباهلي قال كان ناس من بنى إسرائيل ابتدعوا بدعا لم يكتبها الله عليهم ابتغوا بها رضوان الله فلم يرعوها حق رعايتها فعابهم الله بتركها فقال( وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ) الآية آخر سورة الحديد.

سورة المجادلة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله عز وجل( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ـ إلى قوله ـوَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) روى سفيان عن خالد عن أبى قلابة قال كان طلاقهم في الجاهلية الإيلاء والظهار فلما جاء الإسلام جعل الله في الظهار ما جعل فيه وجعل في الإيلاء ما جعل فيه وقال عكرمة كانت النساء تحرم بالظهار حتى أنزل الله( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ) الآية وأما المجادلة التي كانت في المرأة فإن عبد الله بن محمد حدثنا قال حدثنا الحسن بن أبى الربيع قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أبى إسحاق في قوله( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ) في امرأة تقال لها خويلة وقال عكرمة بنت ثعلبة زوجها أوس بن

٣٠١

الصامت قالت إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ما أراك إلا قد حرمت عليه وهو يومئذ يغسل رأسه فقالت انظر جعلني الله فداك يا نبي الله قال ما أراك إلا قد حرمت عليه فأعادت ذلك مرارا فأنزل الله( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ـ إلى قوله ـثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) قال قتادة حرمها ثم يريد أن يعود لها فيطأها فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا قال أبو بكر قولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ما أراك إلا قد حرمت عليه يحتمل أن يريد به تحريم الطلاق على ما كان عليه حكم الظهار ويحتمل أن يريد به تحريم الظهار والأولى أن يكون المراد بجميع الطلاق لأن حكم الظهار مأخوذ من الآية والآية نزلت بعد هذا القول فثبت أن مراده تحريم الطلاق ورفع النكاح وهذا يوجب أن يكون هذا الحكم قد كان ثابتا في الشريعة قبل نزول آية الظهار وإن كان قبل ذلك من حكم أهل الجاهلية فإن قيل إن كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد حكم فيها بالطلاق بقوله ما أراك إلا قد حرمت فكيف حكم فيها بعينها بالظهار بعد حكمه بالطلاق بذلك القول بعينه في شخص بعينه وإنما النسخ يوجب الحكم في المستقبل بخلاف الأول في الماضي قيل له لم يحكم النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالطلاق وإنما علق القول فيه فقال ما أراك إلا قد حرمت فلم يقطع بالتحريم وجائز أن يكون الله تعالى قد أعلمه قبل ذلك أنه سينسخ هذا الحكم وينقله من الطلاق إلى تحريم الظهار الآن فجوز النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن ينزل الله الآية فلم يثبت الحكم فيه فلما نزلت الآية حكم فيها بموجبها وقوله تعالى( وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ) يعنى والله أعلم في تشبيهها بظهر الأم لأن الاستمتاع بالأم محرم تحريما مؤبدا وهي لا تحرم عليه بهذا القول تحريما مؤبدا فكان ذلك منكرا من القول وزورا وقوله تعالى( الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ) وذلك خطاب للمؤمنين يدل على أن الظهار مخصوص به المؤمنون دون أهل الذمة فإن قيل فقد قال الله تعالى( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) ولم يخصص المذكورين في الثانية قيل له المذكورون في الآية الثانية هم المذكورون في الآية الأولى فوجب أن يكون خاصا في المسلمين دون غيرهم وأما قوله( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) فقد اختلف الناس فيه فروى معمر عن طاوس عن أبيه( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) قال الوطء فإذا حنث فعليه الكفارة وهذا تأويل مخالف للآية لأنه قال( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) وقد روى سفيان عن ابن أبى نجيح عن طاوس قال إذا تكلم بالظهار لزمه وروى عن ابن عباس

٣٠٢

أنه إذا قال أنت على كظهر أمى لم تحل له حتى يكفر وروى عن ابن شهاب وقتادة إذا أراد جماعها لم يقربها حتى يكفر وقد اختلف فقهاء الأمصار في معنى العود فقال أصحابنا والليث ابن سعد الظهار يوجب تحريما لا يرفعه إلا الكفارة ومعنى العود عندهم استباحة وطئها فلا يفعله إلا بكفارة يقدمها وذكر بشر بن الوليد عن أبى يوسف لو وطئها ثم ماتت لم يكن عليه كفارة وقال الثوري إذا ظاهره بها لم تحل له إلا بعد الكفارة وإن طلقها ثم تزوجها لم يطأها حتى يكفر وهذا موافق لقول أصحابنا وقال ابن وهب عن مالك إذا أجمع بعد الظهار على إمساكها وإصابتها فقد وجبت عليه الكفارة فإن طلقها بعد الظهار ولم يجمع على إمساكها وإصابتها فلا كفارة عليه وإن تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة الظهار وذكر ابن القاسم عنه أنه إذا ظاهر منه ثم وطئها ثم ماتت فلا بد من الكفارة لأنه وطئ بعد الظهار وقال أشهب عن مالك إذا أجمع بعد الظهار على إمساكها وإصابتها وطلب الكفارة فماتت امرأته فعليه الكفارة وقال الحسن إذا أجمع رأى المظاهر على أن يجامع امرأته فقد لزمته الكفارة وإن أراد تركها بعد ذلك لأن العود هو الإجماع على مجامعتها وقال عثمان البتى فيمن ظاهر من امرأته ثم طلقها قبل أن يطأها قال أرى عليه الكفارة راجعها أو لم يراجعها وإن ماتت لم يصل إلى ميراثها حتى يكفر وقال الشافعى إن أمكنه أن يطلقها بعد الظهار فلم يطلق فقد وجبت الكفارة ماتت أو عاشت وحكى عن بعض من لا يعد خلافا أن العود أن يعيد القول مرتين قال أبو بكر روت عائشة وأبو العالية أن آية الظهار نزلت في شأن خولة حين ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعتق رقبة فقال لا أجد فقال صم شهرين متتابعين قال لو لم آكل في اليوم ثلاث مرات كاد أن يغشى على بصرى فأمره بالإطعام وهذا يدل على بطلان قول من اعتبر العزم على إمساكها ووطئها لأنه لم يسئله عن ذلك وبطلان قول من اعتبر إرادة الجماع لأنه لم يسئله وبطلان قول من اعتبر الطلاق لأنه لم يقل هل طلقتها وبطلان قول من اعتبر إعادة القول لأنه لم يسئله هل أعدت القول مرتين فثبت قول أصحابنا وهو أن لفظ الظهار يوجب تحريما ترفعه الكفارة ومعنى قوله تعالى( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) يحتمل وجهين أحدهما ذكر الحال الذي خرج عليه الخطاب وهو أنه قد كان من عادتهم في الجاهلية الظهار فقال( الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ) قبل هذه الحال( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) والمعنى ويعودون

٣٠٣

بعد الإسلام إلى ذلك كما قال تعالى( فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ ) ومعناه والله شهيد فيكون نفس القول عود إلى العادة التي كانت لهم في ذلك كما قال( حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) والمعنى حتى صار كذلك وكما قال أمية بن أبى الصلت :

هذى المكارم لا قعبان من لبن

شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

معناه صارا كذلك لأنهما في الثدي لم يكونا كذلك وكما قال لبيد :

وما المرء إلا كالشهاب وضوئه

يحور رمادا بعد إذ هو ساطع

ويحور يرجع وإنما معناه هاهنا يصير رمادا كذلك( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) إنهم يصيرون إلى حال الظهار الذي كان يكون مثله منهم في الجاهلية والوجه الآخر أنه معلوم أن حكم الله في الظهار إيجاب تحريم الوطء موقتا بالكفارة فإذا كان الظهار مخصوصا بتحريم الوطء دون غيره ولا تأثير له في رفع النكاح وجب أن يكون العود هو العود إلى استباحة ما حرمه بالظهار فيكون معناه يعودون للمقول فيه كقولهعليه‌السلام العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه وإنما هو عائد في الموهوب وكقولنا اللهم أنت رجاؤنا أى من رجونا وقال تعالى( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) يعنى الموقن به وقال الشاعر :

أخبر من لاقيت إن قد وفيتم

ولو شئت قال المنبئون أساؤا

وإنى لراجيكم على بطء سعيكم

كما في بطون الحاملات رجاء

يعنى مرجوا وكذلك قوله( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) معناه لما حرموا فيستبيحونه فعليهم الكفارة قبل الاستباحة ويبطل قول من اعتبر البقاء على النكاح من وجهين أحدهما أن الظهار لا يوجب تحريم العقد والإمساك فيكون العود إمساكها على النكاح لأن العود لا محالة قد اقتضى عودا إلى حكم معنى قد تقدم إيجابه فلا يجوز أن يكون للإمساك على النكاح فيه تأثير والثاني إنه قال( ثُمَّ يَعُودُونَ ) وثم يقتضى التراخي ومن جعل العود البقاء على النكاح فقد جعله عائدا عقيب القول بلا تراخ وذلك خلاف مقتضى الآية وأما من جعل العود العزيمة على الوطء فلا معنى لقوله أيضا لأن موجب القول هو تحريم الوطء لا تحريم العزيمة والعزيمة على المحظور وإن كانت محظورة فإنما تعلق حكمها بالوطء فالعزيمة على الانفراد لا حكم لها وأيضا لا حظ للعزيمة في سائر الأصول ولا

٣٠٤

تتعلق بها الأحكام ألا ترى أن سائر العقود والتحريم لا يتعلق بالعزيمة فلا اعتبار بها وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إن الله عفا لأمتى عما حدثت أنفسها ما لم يتكلموا به أو يعملوا به فإن قيل هلا كان العود إعادة القول مرتين لأن اللفظ يصلح أن يكون عبارة عنه كما قال الله تعالى( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ) ومعناه لفعلوا مثل ما نهوا عنه قيل له هذا خطأ من وجهين أحدهما أن إجماع السلف والخلف جميعا قد انعقد بأن هذا ليس بمراد فقائله خارج عن نطاق الإجماع والثاني أنه يجعل قوله( ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) تكرارا للقول واللفظ ولا يجوز أن يكون عبارة عنه وإن حملته على أنه عائد لمثل القول ففيه إضمار لمثل ذلك القول وذلك لا يجوز إلا بدلالة فالقائل بذلك خارج عن الإجماع ومخالف لحكم الآية ومقتضاها فإن قيل وأنت إذا حملته على تحريم الوطء وأن تقديم الكفارة لاستباحة الوطء فقد زلت عن الظاهر قيل له إذا كان الظهار قد أوجب تحريم الوطء فالذي يستبيحه منه هو الذي حرمه بالقول فجاز أن يكون ذلك عودا لما قال إذ هو مستبيح لذلك الوطء الذي حرمه بعينه وكان عودا لما قال من إيجاب التحريم ومن جهة أخرى أن الوطء إذا كان مستحقا بعقد النكاح وحكم الوطء الثاني كالأول في أنه مستحق بسبب واحد ثم حرمه بالظهار جاز أن يكون الإقدام على استباحته عودا لما حرم فكان هذا المعنى مطابقا للفظ فإن قيل إن كانت الاستباحة هي الموجبة للكفارة فليس يخلو ذلك من أن يكون العزيمة على الاستباحة وعلى الإقدام على الوطء أو إيقاع الوطء فإن كان المراد الأول فهذا يلزمك إيجاب الكفارة بنفس العزيمة قبل الوطء كما قال مالك والحسن ابن صالح وإن كان المراد إيقاع الوطء فواجب أن لا تلزمه الكفارة إلا بعد الوطء وهذا خلاف الآية وليس هو قولك أيضا قيل له المعنى في ذلك هو ما قد بينا من الإقدام على استباحة الوطء فقيل له إذا أردت الوطء وعدت لاستباحة ما حرمته فلا تطأ حتى تكفر لا أن الكفارة واجبة ولكنها شرط في رفع التحريم كقوله تعالى( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) يعنى فقدم الاستعاذة قبل القراءة وقوله( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) والمعنى إذا أردتم القيام وأنتم محدثون فقدموا الغسل وكقوله( إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) وكقوله( إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ )

«20 ـ أحكام مس»

٣٠٥

والمعنى إذا أردتم ذلك قال أبو بكر قد ثبت بما قدمنا أن الظهار لا يوجب كفارة وإنما يوجب تحريم الوطء ولا يرتفع إلا بالكفارة فإذا لم يرد وطأها فلا كفارة عليه وإن ماتت أو عاشت فلا شيء عليه إذ كان حكم الظهار إيجاب التحريم فقط موقتا بأداء الكفارة وأنه متى لم يكفر فالوطء محظور عليه فإن وطئ سقط الظهار والكفارة وذلك لأنه علق حكم الظهار وما أوجب به من الكفارة بأدائها قبل الوطء لقوله( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) فمتى وقع المسيس فقد فات الشرط فلا تجب الكفارة بالآية لأن كل فرض محصور بوقت أو معلق على شرط فإنه متى فات الوقت وعدم الشرط لم يجب باللفظ الأول واحتيج إلى دلالة أخرى في إيجاب مثله في الوقت الثاني فهذا حكم الظهار إذا وقع المسيس قبل التكفير إلا أنه قد ثبت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن رجلا ظاهر من امرأته فوطئها قبل التكفير ثم سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له استغفر الله ولا تعد حتى تكفر فصار التحريم الذي بعد الوطء واجبا بالسنة وقد اختلف السلف فيمن وطأ ما الذي يجب عليه من الكفارة بعده فقال الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم وابن المسيب ليس عليه إلا كفارة واحدة وكذلك قول مجاهد وطاوس وابن سيرين في آخرين وقد روى عن عمرو بن العاص وقبيصة بن ذؤيب والزهري وقتادة عليه كفارتان قال وروى عن ابن عباس أن رجلا قال يا رسول الله ظاهرت من امرأتى فجامعتها قبل أن أكفر فقال استغفر الله ولا تعد حتى تكفر فلم يوجب عليه كفارتين بعد الوطء واختلف الفقهاء في توقيت الظهار فقال أصحابنا والثوري والشافعى إذا قال أنت على كظهر أمى اليوم بطل الظهار بمضى اليوم وقال ابن أبى ليلى ومالك والحسن بن صالح هو مظاهر أبدا قال أبو بكر تحريم الظهار لا يقع إلا موقتا بأداء الكفارة فإذا وقته المظاهر وجب توقيته لأنه لو كان مما لا يتوقت لما انحل ذلك التحريم بالتكفير كالطلاق فأشبه الظهار اليمين التي يحلها الحنث فوجب توقيته كما يتوقت اليمين وليس كالطلاق لأنه لا يحله شيء فإن قيل تحريم الطلاق الثلاث يقع مؤقتا بالزوج الثاني ولا يتوقت بتوقيت الزوج إذا قال أنت طالق اليوم قيل له إن الطلاق لا يتوقت بالزوج الثاني وإنما يستفيد الزوج الأول بالزوج الثاني إذا تزوجها بعد ثلاث تطليقات مستقبلات والثلاث الأول واقعة على ما كانت وإنما استفاد طلاقا غيرها فليس في الطلاق توقيت بحال والظهار موقت لا محالة بالتكفير فجاز توقيته بالشرط واختلفوا في الظهار هل يدخل

٣٠٦

عليه إيلاء فقال أصحابنا والحسن بن صالح والثوري في إحدى الروايتين والأوزاعى لا يدخل الإيلاء على المظاهر وإن طال تركه إياها وروى ابن وهب عن مالك لا يدخل على حر إيلاء في ظهار إلا أن يكون مضارا لا يريد أن يفيء من ظهاره وأما العبد فلا يدخل على ظهاره إيلاء وقال ابن القاسم عنه يدخل الإيلاء على الظهار إذا كان مضارا ومما يعلم به ضراره أن يقدر على الكفارة فلا يكفر فإنه إذا علم ذلك وقف مثل المولى فإما كفر وإما طلقت عليه امرأته وروى عن الثوري أن الإيلاء يدخل على الظهار قال أبو بكر ليس الظهار كناية عن الطلاق ولا صريحا فلا يجوز إثبات الطلاق به إلا بتوقيف وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من أدخل على أمرنا ما ليس منه فهو رد ومن أدخل الإيلاء على المظاهر فقد أدخل عليه ما ليس منه وأيضا نص الله على حكم المولى بالفيء أو عزيمة الطلاق ونص على حكم المظاهر بإيجاب كفارة قبل المسيس فحكم كل واحد منهما منصوص عليه فغير جائز حمل أحدهما على الآخر إذ من حكم المنصوصات أن لا يقاس بعضها على بعض وإن كل واحد منها مجرى على بابه ومحمول على معناه دون غيره وأيضا فإن معنى الإيلاء وقوع الحنث ووجوب الكفارة بالوطء في المدة ولا تتعلق كفارة الظهار بالوطء فليس هو إذا في معنى الإيلاء ولا في حكمه وأيضا فإن المولى سواء قصد الضرار أو لم يقصد لا يختلف حكمه وقد اتفقنا أنه متى لم يقصد الضرار بالظهار لم يلزمه حكم الإيلاء بمضى المدة فوجب أن لا يلزمه وإن قصد الضرار فإن قيل لم يعتبر ذلك في الإيلاء لأن نفس الإيلاء ينبئ عن قصد الضرار إذ هو حلف على الامتناع من الوطء في المدة قيل له الظهار قصد إلى الضرار من حيث حرم وطؤها إلا بكفارة يقدمها عليه فلا فرق بينهما فيما يقتضيانه من المضارة واختلف السلف ومن بعدهم فقهاء الأمصار في الظهار من الأمة فروى عبد الكريم عن مجاهد عن ابن عباس قال من شاء باهلته أنه ليس من أمة ظهار وهذا قول إبراهيم والشعبي وابن المسيب وهو قول أصحابنا والشافعى وروى عن ابن جبير والنخعي وعطاء وطاوس وسليمان بن يسار قالوا هو ظهار وهو قول مالك والثوري والأوزاعى والليث والحسن بن صالح وقالوا يكون مظاهرا من أمته كما هو من زوجته وقال الحسن إن كان يطأها فهو مظاهر وإن كان لا يطأها فليس بظهار قال أبو بكر قال الله تعالى( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) وهذا اللفظ ينصرف من الظهار إلى الحرائر دون الإماء والدليل

٣٠٧

عليه قوله تعالى( أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ ) فكان المفهوم من قوله( أَوْ نِسائِهِنَ ) الحرائر لولا ذلك لما صح عطف قوله( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ ) عليه لأن الشيء لا يعطف على نفسه وقال تعالى( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ ) فكان على الزوجات دون ملك اليمين فلما كان حكم الظهار مأخوذا من الآية وكان مقتضاها مقصورا على الزوجات دون ملك اليمين لم يجز إيجابه في ملك اليمين إذ لا مدخل للقياس في إثبات ظهار في غير ما ورد فيه ووجه آخر ما بينا فيما سلف أنهم قد كانوا يطلقون بلفظ الظهار فأبدل الله تعالى به تحريما ترفعه الكفارة فلما لم يصح طلاق الأمة لم يصح الظهار منها ووجه آخر وهو أن الظهار يوجب تحريما من جهة القول يوجب الكفارة والأمة لا يصح تحريمها من جهة القول فأشبه سائر المملوكات من الطعام والشراب متى حرمها بالقول لم تحرم ألا ترى أنه لو حرم على نفسه طعاما أو شرابا لم يحرم ذلك عليه وإنما يلزمه إذا أكل أو شرب كفارة يمين فكذلك ملك اليمين وجب أن لا يصح الظهار منها إذ لا يصح تحريمها من جهة القول.

في الظهار بغير الأم

واختلفوا فيمن قال لامرأته أنت على كظهر أختى أو ذات محرم منه فقال أصحابنا هو مظاهر وإن قال كظهر فلانة وليست بمحرم منه لم يكن مظاهرا وهو قول الثوري والحسن بن صالح والأوزاعى وقال مالك وعثمان البتى يصح الظهار بالمحرم والأجنبية وللشافعي قولان أحدهما أن الظهار لا يصح إلا بالأم والآخر أنه يصح بذوات المحارم قال أبو بكر لما صح الظهار بالأم وكانت ذوات المحارم كالأم في التحريم وجب أن يصح الظهار بهن إذ لا فرق بينهن في جهة التحريم ألا ترى أن الظهار بالأم من الرضاعة صحيح مع عدم النسب لوجود التحريم فكذلك سائر ذوات المحارم وروى نحو قول أصحابنا عن جابر بن زيد والحسن وإبراهيم وعطاء وقال الشعبي إن الله تعالى لم ينس أن يذكر البنات والأخوات والعمات إنما الظهار من الأم وأيضا لما قال تعالى( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) اقتضى ظاهره الظهار بكل ذات محرم إذ لم يخصص الأم دون غيرها ومن قصرها على الأم فقد خص بلا دليل فإن قيل لما قال تعالى( ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ) دل على أنه أراد الظهار بالأم قيل له إنما ذكر الأمهات لأنهن مما اشتمل عليهن حده الآية وذلك لا ينفى أن يكون قوله( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ )

٣٠٨

عموما في سائر من أوقع التشبيه بظهرها من سائر ذوات المحارم وأيضا فإن ذلك يدل على صحة الظهار من سائر ذوات المحارم لأنه قد نبه على المعنى الذي من أجله ألزمه حكم الظهار وهو قوله( ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ) فأخبر أنه ألزمهم هذا الحكم لأنهن لسن بأمهاتهم وإن قولهم هذا منكر من القول وزور فاقتضى ذلك إيجاب هذا الحكم في الظهار بسائر ذوات المحارم لأنه إذا ظاهر بأجنبية فليست هي أخته ولا ذات محرم منه وهذا القول منكر من القول وزورا لأنه يملك بضع امرأته وهي مباحة له وذوات المحارم محرمات عليه تحريما مؤبدا فإن قيل يلزمك على هذا إيجاب الظهار بالأجنبية لعموم الآية ولدلالة فحواها على جواز الظهار بسائر ذوات المحارم إذ لم تفرق الآية بين شيء منهن ولأن تشبيهها بالأجنبية منكر من القول وزور قيل له لا يجب ذلك لأن الأجنبية لما كانت قد تحل له بحال لم يكن قوله أنت على كظهر الأجنبية مفيدا للتحريم في سائر الأوقات لجواز أن يملك بضع الأجنبية فتكون مثلها وفي حكمها وأيضا لا خلاف أن التحريم بالأمتعة وسائر الأموال لا يصح بأن يقول أنت على كمتاع فلان أو ولا كمال فلان لأن ذلك قد يملكه بحال فيستبيحه واختلفوا في الظهار بغير الظهر فقال أصحابنا إذا قال أنت على كيد أمى أو كرأسها أو ذكر شيئا يحل له النظر إليه منها لم يكن مظاهرا وإن قال كبطنها أو كفخذها ونحو ذلك كان مظاهرا لأنه لا يحل له النظر إليه كالظهر وقال ابن القاسم قياس قول مالك أن يكون مظاهرا بكل شيء من الأم وقال الثوري والشافعى إذا قال أنت على كرأس أمى أو كيدها فهو مظاهر لأن التلذذ بذلك منها محرم قال أبو بكر نص الله تعالى على حكم الظهار وهو أن يقول أنت على كظهر أمى والظهر مما لا يستبيح النظر إليه فوجب أن يكون سائر ما لا يستبيح النظر إليه في حكمه وما يجوز له أن يستبيح النظر إليه فليس فيه دلالة على تحريم الزوجة بتشبيهها به إذ ليس تحريمها من الأم مطلقا فوجب أن لا يصح الظهار به إذ كان الظهار يوجب تحريما وأيضا لما جاز له استباحة النظر إلى هذه الأعضاء أشبه سائر الأشياء التي يجوز أن يستبيح النظر إليها مثل الأموال والأملاك واختلفوا فيما يحرمه الظهار فقال الحسن للمظاهر أن يجامع فيما دون الفرج وقال عطاء يجوز أن يقبل أو يباشر لأنه قال( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) وقال الزهري وقتادة

٣٠٩

( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) الوقاع نفسه وقال أصحابنا لا يقرب المظاهر ولا يلمس ولا يقبل ولا ينظر إلى فرجها لشهوة حتى يكفر وقال مالك مثل ذلك وقال لا ينظر إلى شعرها ولا صدرها حتى يكفر لأن ذلك لا يدعوه إلى خير وقال الثوري يأتيها فيما دون الفرج وإنما نهى عن الجماع وقال الأوزاعى يحل له فوق الإزار كالحائض وقال الشافعى يمنع القبلة والتلذذ احتياطا قال أبو بكر لما قال تعالى( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ) كان ذلك عموما في حظر جميع ضروب المسيس من لمس بيد أو غيرها وأيضا لما قال( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) فألزمه حكم التحريم لتشبيهه بظهرها وجب أن يكون ذلك التحريم عاما في المباشرة والجماع كما أن مباشرة ظهر الأم ومسه محرم عليه وأيضا حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا زياد بن أيوب قال حدثنا إسماعيل قال حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة أن رجلا ظاهر من امرأته ثم واقعها قبل أن يكفر فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره قال فاعتزلها حتى تكفر ورواه معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس عن النّبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم نحوه وقال لا تقربها حتى تكفر وذلك يمنع المسيس والقبلة

. في ظهار المرأة من زوجها

قال أصحابنا لا يصح ظهار المرأة من زوجها وهو قول مالك والثوري والليث والشافعى وذكر الطحاوي عن ابن أبى عمران عن على بن صالح عن الحسن بن زياد أنها إذا قالت لزوجها أنت على كظهر أمى أو كظهر أخى كانت مظاهرة من زوجها قال على فسئلت محمد ابن الحسن فقال ليس عليها شيء فأتيت أبا يوسف فذكرت له قوليهما فقال هذان شيخا الفقه أخطأ هو تحريم عليها كفارة يمين كقولها أنت على حرام وقال الأوزاعى هي يمين تكفرها وقال الحسن بن صالح تعتق رقبة وتكفر بكفارة الظهار فإن لم تفعل وكفرت يمينا رجونا أن يجزيها وروى مغيرة عن إبراهيم قال خطب مصعب بن الزبير عائشة بنت طلحة فقالت هو عليها كظهر أبيها إن تزوجته فلما ولى الإمارة أرسل إليها فأرسلت تسئل والفقهاء يومئذ بالمدينة كثير فأفتوها أن تعتق رقبة وتتزوجه وقال إبراهيم لو كانت عنده يعنى عند زوجها يوم قالت ذلك ما كان عليها عتق رقبة ولكنها كانت تملك نفسها حين قالت ما قالت وروى عن الأوزاعى أنها إذا قالت إن تزوجته فهو على كظهر أبى كانت مظاهرة ولو قالت وهي تحت زوج كان عليها كفارة يمين قال أبو بكر لا يجوز أن

٣١٠

تكون عليها كفارة يمين لأن الرجل لا تلزمه بذلك كفارة يمين وهو الأصل فكيف يلزمها ذلك كما أن قول الرجل أنت طالق لا يكون غير طالق كذلك ظهارها لا يلزمها به شيء ولا يصح منها ظهار بهذا القول لأن الظهار يوجب تحريما بالقول وهي لا تملك ذلك كما لا تملك الطلاق إذ كان موضوعا لتحريم يقع بالقول واختلفوا فيمن قال أنت على كظهر أبى فقال أصحابنا والأوزاعى والشافعى ليس بشيء وقال مالك هو مظاهر قال أبو بكر إنما حكم الله تعالى بالظهار فيمن شبهها بظهر الأم ومن جرى مجراها من ذوات المحارم التي لا يجوز له أن يستبيح النظر إلى ظهرها بحال وهو يجوز له النظر إلى ظهر أبيه والأب والأجنبى في ذلك سواء ولو قال أنت على كظهر الأجنبى لم يكن شيئا فكذلك ظهر الأب واختلفوا فيمن ظاهر مرارا فقال أصحابنا والشافعى عليه لكل ظهار كفارة إلا أن يكون في مجلس واحد وأراد التكرار فتكون عليه كفارة واحدة وقال مالك من ظاهر من امرأته في مجالس متفرقة فليس عليه إلا كفارة واحدة وإن ظاهر ثم كفر ثم ظاهر فعليه الكفارة أيضا وقال الأوزاعى عليه كفارة واحدة وإن كان في مقاعد شتى قال أبو بكر الأصل أن الظهار لما كان سببا لتحريم ترفعه الكفارة إن تجب بكل ظهار كفارة إلا أنهم قالوا إذا أراد التكرار في مجلس واحد فعليه كفارة واحدة لاحتمال اللفظ لما أراد من التكرار فإن قيل قوله( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ) يقتضى إيجاب كفارة واحدة وإن ظاهر مرارا لأن اللفظ لا يختص بالمرة الواحدة دون المرار الكثير قيل له لما كانت الكفارة في رفع التحريم متعلقة بحرمة اللفظ أشبه اليمين فمتى حلف مرارا لزمته لكل يمين كفارة إذا حنث ولم يكن قوله( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ ) موجبا للاقتصار بالأيمان الكثيرة على كفارة واحدة واختلفوا في المظاهر هل يجبر على التكفير فقال أصحابنا لا ينبغي للمرأة أن تدعه يقربها حتى يكفر وذكر الطحاوي عن عباد بن العوام عن سفيان بن حسين قال سألت الحسن وابن سيرين عن رجل ظاهر من امرأته فلم يكفر تهاونا قال تستعدي عليه قال وسألت أبا حنيفة فقال تستعدي عليه وقال مالك عليها أن تمنعه نفسها ويحول الإمام بينه وبينها وقول الشافعى يدل على أنه يحكم عليه بالتكفير قال أبو بكر قال أصحابنا يجبر على جماع المرأة فإن أبى ضربته رواه هشام وهذا يدل على أنه يجبر على التكفير ليوفيها حقها من الجماع واختلفوا في الرقبة الكافرة عن الظهار فقال

٣١١

عطاء ومجاهد وإبراهيم وإحدى الروايتين عن الحسن يجزى الكافر وهو قول أصحابنا والثوري والحسن بن صالح وروى عن الحسن أنه لا يجزى في شيء من الكفارات إلا الرقبة المؤمنة وهو قول مالك والشافعى قال أبو بكر ظاهر قوله( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) يقتضى جواز الكافرة وكذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم للمظاهر أعتق رقبة ولم يشترط الإيمان ولا يجوز قياسها على كفارة القتل لامتناع جواز قياس المنصوص بعضه على بعض ولأن فيه إيجاب زيادة في النص وذلك عندنا يوجب النسخ واختلفوا في جواز الصوم مع وجود رقبة للخدمة فقال أصحابنا إذا كانت عنده رقبة للخدمة ولا شيء له غيرها أو كان عنده دراهم ثمن رقبة ليس له غيرها لم يجزه الصوم وهو قول مالك والثوري والأوزاعى وقال الليث والشافعى من له خادم لا يملك غيره فله أن يصوم قال الله( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ) فأوجب الرقبة بديا على واجدها ونقله إلى الصوم عند عدمها فلما كان هذا واجدا لها لم يجزه غيره فإن قيل هو بمنزلة من معه ماء يخاف على نفسه العطش فيجوز له التيمم قيل له لأنه مأمور في هذه الحال باستبقاء الماء وهو محظور عليه استعماله وليس بمحظور عليه عند الجميع عتق هذه الرقبة فعلمنا أنه واجد واختلفوا في عتق أم الولد والمدبر والمكاتب ونحوهم في الكفارة فقال أصحابنا لا يجوز عتق أم الولد والمدبر والمكاتب إذا كان قد أدى شيئا عن الكتابة ولا المدبر فإن لم يكن أدى شيئا أجزأه وإن اشترى أباه ينوى به عن كفارته جاز وكذلك كل ذي رحم محرم ولو قال كل عبد أشتريه فهو حر ثم اشترى عبدا ينويه عن كفارته لم يجزه وقال زفر لا يجزى المكاتب وإن لم يكن أدى شيئا وقال مالك لا يجزى المكاتب ولا المدبر ولا أم الولد ولا معتق إلى سنين عن الكفارة ولا الولد والوالد وقال الأوزاعى لا يجزى المكاتب ولا المدبر ولا أم الولد وقال عثمان البتى يجزى المدبر وأم الولد في كفارة الظهار واليمين وقال الليث يجزى أن يشترى أباه فيعتقه بالكفارة التي عليه وقال الشافعى لا يجزى من إذا اشتراه عتق عليه ويجزى المدبر ولا يجزى المكاتب وإن لم يؤدى شيئا ويجزى المعتق إلى سنين ولا تجزى أم الولد قال أبو بكر أما أم الولد والمدبر فإنهما لا يجزيان من قبل أنهما قد استحقا العتق من غير جهة الكفارة ألا ترى أن ما ثبت لهما من حق العتاق يمنع بيعهما ولا يصح فسخ ذلك عنهما فمتى أعتقهما فإنما عجل عتقا مستحقا وليس كذلك من قال له المولى أنت حر

٣١٢

بعد شهر أو سنة لأنه لم يثبت له حق بهذا القول يمنع بيعه ألا ترى أنه يجوز له أن يبيعه وأما المكاتب فإنه وإن لم يجز بيعه فإن الكتابة يلحقها الفسخ وإنما لا يجوز بيعه كما لا يجوز بيع الآبق والعبد المرهون والمستأجر فلا يمنع ذلك جواز عتقه عن الكفار فإذا أعتق المكاتب قبل أن يؤدى شيئا فقد أسقط المال فصار كمن أعتق عبدا غير مكاتب وإن كان قد أدى شيئا لم يجز من قبل أن الأداء لا ينفسخ بعتقه فقد حصل له عن عتقه بدل فلا يجزى عن الكفارة وأما إذا اشترى أباه فإنه يجزى إذا نوى لأن قبوله للشرى بمنزلة قوله أنت حر والدليل عليه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يجزى ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ومعلوم أن معناه يعتقه بشرائه إياه فجعل شراه بمنزلة قوله أنت حر فأجزأ بمنزلة من قال لعبده أنت حر واختلفوا في مقدار الطعام فقال أصحابنا والثوري لكل مسكين نصف صاع بر أو صاع تمر أو شعير وقال مالك مد بمد هشام وهو مدان إلا ثلثا بمد النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وذلك من الحنطة وأما الشعير فإن كان طعام أهل بلده فهو مثل الحنطة وكذلك التمر وإن لم يكونا طعام أهل البلد أطعمهم من كل واحد منهما وسطا من شبع الشعير والتمر وقال الشافعى لكل مسكين مد من طعام بلده الذي يقتات حنطة أو شعير أو أرز أو تمر أو أقط وذلك بمد النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا يعتبر مد أحدث بعده حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان ابن أبى شيبة ومحمد بن سليمان الأنبارى قالا حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد ابن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال كنت امرأ أصيب من النساء وذكر قصة ظهاره من امرأته وإنه جامع امرأته وسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال حرر رقبة فقلت والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي قال فصم شهرين متتابعين قال وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام قال فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا قلت والذي بعثك بالحق نبيا لقد بتنا وحشين وما لنا طعام قال فانطلق إلى صاحب صدقة بنى زريق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها فإن قيل روى إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبى حرملة عن عطاء بن يسار أن خولة بنت مالك بن ثعلبة ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مريه فليذهب إلى فلان فإن عنده شطر وسق فليأخذه صدقة عليه ثم يتصدق به على ستين مسكينا وروى عبد الله ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن

٣١٣

سلام عن خولة أن زوجها ظاهر منها فذكرت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمره أن يتصدق بخمسة عشر صاعا على ستين مسكينا قيل له قد روينا حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء وأنه أمره بأن يطعم وسقا من تمر ستين مسكينا وهذا أولى لأنه زائد على خبرك وأيضا فجائز أن يكون النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أعانه بهذا القدر ولا دلالة فيه على أن ذلك جميع الكفارة وقد بين ذلك في حديث إسرائيل عن أبى إسحاق عن يزيد بن زيدان زوج خولة ظاهر منها وذكر الحديث فأعانه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بخمسة عشر صاعا وهذا يدل على أنه أعانه ببعض الكفارة وقد روى ذلك أيضا في حديث يوسف بن عبد الله بن سلام رواه يحيى بن زكريا عن محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال حدثتني خولة بنت مالك بن ثعلبة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أعان زوجها حين ظاهر منها بعذق من تمر وأعانته هي بعذق آخر وذلك ستون صاعا فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم تصدق به واختلفوا في المظاهر هل يجامع قبل أن يطعم فقال أصحابنا ومالك والشافعى لا يجامع حتى يطعم إذا كان فرضه الطعام روى زيد بن أبى الزرقاء عن الثوري أنه إذا أراد أن يطأها قبل أن يطعم لم يكن آثما وروى المعافى والأشجعى عن الثوري أنه لا يقربها حتى يطعم قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم للمظاهر بعد ما ذكر عجزه عن الصيام ثم لا يقربها حتى يكفر وأيضا لما اتفق الجميع على أن الجماع محظور عليه قبل عتق الرقبة وجب بقاء حظره إذا عجز إذ جائز أن يجد الرقبة قبل الإطعام فيكون الوطء واقعا قبل العتق.

باب كيف يحيى أهل الكتاب

قال الله تعالى( وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ ) روى سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم يهودي فسلم عليهم فردوا عليه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم هل تدرون ما قال قالوا سلم يا نبي الله قال قال اسم عليكم أى تسامون دينكم وقال نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليكم أى عليك ما قلت وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا إسحاق بن الحسين قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا لقيتم المشركين في الطريق فلا تبدؤهم بالسلام واضطروهم إلى أضيقه قال أبو بكر قد روى في حديث أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنهم يريدون بقولهم السام إنكم تسامون دينكم وروى أنهم

٣١٤

يريدون به الموت لأن السام اسم من أسماء الموت قال أبو بكر ذكر هشام عن محمد عن أبى حنيفة قال نرى أن نرد على المشرك السلام ولا نرى أن نبدأه وقال محمد وهو قول العامة من فقهائنا وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا معاذ بن المثنى قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال حدثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال صحبنا عبد الله في سفر ومعنا أناس من الدهاقين قال فأخذوا طريقا غير طريقنا فسلم عليهم فقلت لعبد الله أليس هذا تكره قال إنه حق الصحبة قال أبو بكر ظاهره يدل على أن عبد الله بدأهم بالسلام لأن الرد لا يكره عند أحد وقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم قال أبو بكر وإنما كره الابتداء لأن السلام من تحية أهل الجنة فكره أن يبدأ به الكافر إذ ليس من أهلها ولا يكره الرد على وجه المكافأة قال الله تعالى( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا الحسن بن المثنى قال حدثنا عثمان قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا سليمان الأعمش قال قلت لإبراهيم اختلف إلى طبيب نصراني أسلم عليه قال نعم إذا كانت لك إليه حاجة فسلم عليه وقوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا ) قال قتادة كانوا يتنافسون في مجلس النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقيل لهم تفسحوا وقال ابن عباس هو مجلس القتال قال قتادة وإذا قيل انشزوا قال إذا دعيتم إلى خير وقيل انشزوا أى ارتفعوا في المجلس ولهذا ذكر أهل العلم لأنهم أحق بالرفعة وهذا يدل على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد كان يرفع مجلس أهل العلم على غيرهم ليبين للناس فضلهم ومنزلتهم عنده وكذلك يجب أن يفعل بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال تعالى( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) وكذلك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم فرتب أولى الأحلام والنهى في أعلى المراتب إذ جعلهم في المرتبة التي تلى النبوة وقوله تعالى( إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) روى ليث عن مجاهد قال قال على إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي كان عندي دينار فصرفته فكنت إذا ناجيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم تصدقت بدرهم وروى على بن أبى طلحة عن ابن عباس قال إن المسلمين أكثروا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المسائل حتى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن نبيه فلما نزلت( إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) كف كثير من المسلمين عن المسألة فأنزل الله( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ )

٣١٥

الآية فوسع لهم قال أبو بكر قد دلت الآية على أحكام ثلاثة أحدها تقديم الصدقة أمام مناجاتهم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لمن يجد والثاني الرخصة في المناجاة لمن لا يجد الصدقة بقوله( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فهذا يدل على أن المسألة كانت مباحة لمن لم يجد الصدقة والثالث وجوب الصدقة أمام المسألة بقوله( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ ) حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا الحسن بن أبى الربيع قال أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن مجاهد في قوله( إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) الآية قال على رضى الله عنه ما عمل بها أحد غيرى حتى نسخت وما كانت إلا ساعة وقوله تعالى( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) قال أبو بكر المحادة أن يكون كل واحد منهما في حد وحيز غير حد صاحبه وحيزه فظاهره يقتضى أن يكون المراد أهل الحرب لأنهم في حد غير حدنا فهو يدل على كراهة مناكحة أهل الحرب وإن كانوا من أهل الكتاب لأن المناكحة توجب المودة قال الله تعالى( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) آخر سورة المجادلة.

سورة الحشر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ) قال مجاهد وقتادة أول الحشر جلاء بنى النضير من اليهود فمنهم من خرج إلى خيبر ومنهم من خرج إلى الشام وقال الزهري قاتلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى صالحهم على الجلاء فأجلاهم إلى الشام وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من شيء إلا الحلقة والحلقة السلاح قال أبو بكر قد انتظم ذلك معنيين أحدهما مصالحة أهل الحرب على الجلاء عن ديارهم من غير سبى ولا استرقاق ولا دخول في الذمة ولا أخذ جزية وهذا الحكم منسوخ عندنا إذا كان بالمسلمين قوة على قتالهم على الإسلام أو أداء الجزية وذلك لأن الله قد أمر بقتال الكفار حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية قال الله تعالى( قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ـ إلى قوله ـحَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ) وقال( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) فغير جائز إذا كان بالمسلمين قوة على قتالهم وإدخالهم في الذمة أو الإسلام أن يجلوهم ولكنه لو عجز

٣١٦

المسلمون عن مقاومتهم في إدخالهم في الإسلام أو الذمة جاز لهم مصالحتهم على الجلاء عن بلادهم والمعنى الثاني جواز مصالحة أهل الحرب على مجهول من المال لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم صالحهم على أراضيهم وعلى الحلقة وترك لهم ما أقلت الإبل وذلك مجهول وقوله تعالى( فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ ) فيه أمر بالاعتبار والقياس في أحكام الحوادث ضرب من الاعتبار فوجب استعماله بظاهر الآية وقوله تعالى( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) قال ابن عباس وقتادة كل نخلة لينة سوى العجوة وقال مجاهد وعمرو بن ميمون كل نخلة لينة وقيل اللينة كرام النخل وروى ابن جريج عن مجاهد ما قطعتم من لينة النخلة نهى بعض المهاجرين عن قطع النخل وقال إنما هي مغانم المسلمين فنزل القرآن بتصديق من نهى وبتحليل من قطعها من الإثم قال أبو بكر صوب الله الذين قطعوا والذين أبوا وكانوا فعلوا ذلك من طريق الاجتهاد وهذا يدل على أن كل مجتهد مصيب وقد روى عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد قال أمرنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن أغر على ابني صباحا وحرق وروى قتادة عن أنس قال لما قاتل أبو بكر أهل الردة قتل وسبى وحرق وروى عبد الله بن أبى بكر بن عمرو بن حزم قال لما تحصن بنو النضير أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بقطع نخلهم وتحريقه فقالوا يا أبا القاسم ما كنت ترضى بالفساد فأنزل الله( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ) الآية وروى عثمان بن عطاء عن أبيه قال لما وجه أبو بكر الجيش إلى الشام كان فيما أوصاهم به ولا تقطع شجرة مثمرة قال أبو بكر تأوله محمد بن الحسن على أنهم قد علموا أن الله سيغنمهم إياها وتصير للمسلمين بوعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لهم بفتح الشام فأراد عليهم أن تبقى للمسلمين وأما جيش المسلمين إذا غزوا أرض الحرب وأرادوا الخروج فإن الأولى أن يحرقوا شجرهم وزروعهم وديارهم وكذلك قال أصحابنا في مواشيهم إذا لم يمكنهم إخراجها ذبحت ثم أحرقت وأما ما رجوا أن يصير فيأ للمسلمين فإنهم إن تركوه ليصير للمسلمين جاز وإن أحرقوه غيظا للمشركين جاز استدلالا بالآية وبما فعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في أموال بنى النضير وقوله تعالى( وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ) الآية الفيء الرجوع ومنه الفيء في الإيلاء في قوله( فَإِنْ فاؤُ ) وأفاءه عليه إذا رده عليه والفيء في مثل هذا الموضع ما صار للمسلمين من أموال أهل الشرك فالغنيمة فيء والجزية فيء والخراج فيء لأن جميع ذلك مما ملكه الله المسلمين من أموال أهل الشرك والغنيمة وإن كانت فيأ فإنها تختص بمعنى لا يشاركها فيه

٣١٧

سائر وجوه الفيء لأنها ما أخذ من أموال أهل الحرب عنوة بالقتال فمنها ما يجرى فيه سهام الغانمين بعد إخراج الخمس لله عز وجل وروى الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب قال كانت أموال بنى النضير فيئا مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصة وكان ينفق منها على أهله نفقة سنة وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله قال أبو بكر فهذا من الفيء الذي جعل الأمر فيه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يكن لأحد فيه حق إلا من جعله له النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق منها على أهله ويجعل الباقي في الكراع والسلاح وذلك لما بينه الله في كتابه وهو أن المسلمين لم يوجفوا عليه بخيل ولا ركاب ولم يأخذوه عنوة وإنما أخذوه صلحا وكذلك كان حكم فدك وقرى عرينة فيما ذكره الزهري وقد كان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من الغنيمة الصفي وهو ما كان يصطفيه من جملة الغنيمة قبل أن يقسم المال وكان له أيضا سهم من الخمس فكان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من الفيء هذه الحقوق يصرفها في نفقة عياله والباقي في نوائب المسلمين ولم يكن لأحد فيها حق إلا من يختار هوصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يعطيه وفي هذه الآية دلالة على أن كل مال من أموال أهل الشرك لم يغلب عليه المسلمون عنوة وإنما أخذ صلحا أنه لا يوضع في بيت مال المسلمين ويصرف على الوجوه التي يصرف فيها الخراج والجزية لأنه بمنزلة ما صار للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من أموال بنى النضير حين لم يوجف المسلمون عليه وقوله تعالى( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) الآية قال أبو بكر بين الله حكم ما لم يوجف عليه المسلمون من الفيء فجعله للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم على ما قدمنا من بيانه ثم ذكر حكم الفيء الذي أوجف المسلمون عليه فجعله لهؤلاء الأصناف وهم الأصناف الخمس المذكورون في غيرها وظاهره يقتضى أن لا يكون للغانمين شيء منه إلا من كان منهم من هذه الأصناف وقال قتادة كانت الغنائم في صدر الإسلام لهؤلاء الأصناف ثم نسخ بقوله( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ) قال أبو بكر لما فتح عمر رضى الله عنه العراق سأله قوم من الصحابة قسمته بين الغانمين منهم الزبير وبلال وغيرهما فقال إن قسمتها بينهم بقي آخر الناس لا شيء لهم واحتج عليهم بهذه الآية إلى قوله( وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ ) وشاور عليا وجماعة من الصحابة في ذلك فأشاروا عليه بترك القسمة وأن يقر أهلها عليها ويضع عليها الخراج ففعل ذلك ووافقته الجماعة عند احتجاجه بالآية وهذا

٣١٨

يدل على أن هذه الآية غير منسوخة وأنها مضمومة إلى آية الغنيمة في الأرضين المفتتحة فإن رأى قسمتها أصلح للمسلمين وأرد عليهم قسم وإن رأى إقرار أهلها عليها وأخذ الخراج منهم فيها فعل لأنه لو لم تكن هذه الآية ثابتة الحكم في جواز أخذ الخراج منها حتى يستوي الآخر والأول فيها لذكروه له وأخبروه بنسخها فلما لم يحاجوه بالنسخ دل على ثبوت حكمها عندهم وصحة دلالتها لديهم على ما استدل به عليه فيكون تقدير الآيتين بمجموعهما واعلموا أن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه في الأموال سوى الأرضين وفي الأرضين إذا اختار الإمام ذلك وما أفاء الله على رسوله من الأرضين فلله وللرسول إن اختار تركها على ملك أهلها ويكون ذكر الرسول هاهنا لتفويض الأمر عليه في صرفه إلى من رأى فاستدل عمر رضى الله عنه من الآية بقوله( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ) وقوله( وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ ) وقال لو قسمتها بينهم لصارت دولة بين الأغنياء منكم ولم يكن لمن جاء بعدهم من المسلمين شيء وقد جعل لهم فيها الحق بقوله( وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ ) فلما استقر عنده حكم دلالة الآية وموافقة كل الصحابة على إقرار أهلها عليها ووضع الخراج بعث عثمان بن حنيف وحذيفة بن اليمان فمسحا الأرضين ووضعا الخراج على الأوضاع المعلومة ووضعا الجزية على الرقاب وجعلاهم ثلاث طبقات اثنى عشر وأربعة وعشرين وثمانية وأربعين ثم لم يتعقب فعله هذا أحد ممن جاء بعده من الأئمة بالفسخ فصار ذلك اتفاقا واختلف أهل العلم في أحكام الأرضين المفتتحة عنوة فقال أصحابنا والئورى إذا افتتحها الإمام عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمها وأهلها وأموالهم بين الغانمين بعد إخراج الخمس وإن شاء أقر أهلها عليها وجعل عليها وعليهم الخراج ويكون ملكا لهم ويجوز بيعهم وشراؤهم لها وقال مالك ما باع أهل الصلح من أرضهم فهو جائز وما افتتح عنوة فإنه لا يشترى منهم أحد لأن أهل الصلح من أسلم منهم كان أحق بأرضه وماله وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن أسلم منهم أحرز له إسلامه نفسه وأرضه للمسلمين لأن بلادهم قد صارت فيأ للمسلمين وقال الشافعى ما كان عنوة فخمسها لأهله وأربعة أخماسها للغانمين فمن طاب نفسا عن حقه للإمام أن يجعلها وقفا عليهم ومن لم يطب نفسا فهو أحق بما له قال أبو بكر لا تخلوا الأرض المفتتحة عنوة من أن تكون للغانمين لا يجوز للإمام صرفها عنهم بحال إلا بطيبة من أنفسهم أو أن

٣١٩

يكون الإمام مخيرا بين إقرار أهلها على أملاكهم فيها ووضع الخراج عليها وعلى رقاب أهلها على ما فعله عمر رضى الله عنه في أرض السواد فلما اتفق الجميع من الصحابة على تصويب عمر فيما فعله في أرض السواد بعد خلاف من بعضهم عليه على إسقاط حق الغانمين عن رقابها دل ذلك على أن الغانمين لا يستحقون ملك الأرضين ولا رقاب أهلها إلا بأن يختار الإمام ذلك لهم لأن ذلك لو كان ملكا لهم لما عدل عنهم بها إلى غيرهم ولنازعوه في احتجاجه بالآية في قوله( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ) وقوله( وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ ) فلما سلم له الجميع رأيه عند احتجاجه بالآية دل على أن الغانمين لا يستحقون ملك الأرضين إلا باختيار الإمام ذلك لهم وأيضا لا يختلفون أن للإمام أن يقتل الأسرى من المشركين ولا يستبقيهم ولو كان ملك الغانمين قد ثبت فيهم لما كان له إتلافه عليهم كما لا يتلف عليهم سائر أموالهم فلما كان له أن يقتل الأسرى وله أن يستبقيهم فيقسمهم بينهم ثبت أن الملك لا يحصل للغانمين بإحراز الغنيمة في الرقاب والأرضين إلا أن يجعلها الإمام لهم ويدل على ذلك أيضا ما روى الثوري عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبى حثمة قال قسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خيبر نصفين نصفا لنوائبه وحاجته ونصفا بين المسلمين قسمها بينهم على ثمانية عشر سهما فلو كان الجميع ملكا للغانمين لما جعل نصفه لنوائبه وحاجته وقد فتحها عنوة ويدل عليه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فتح مكة عنوة ومن على أهلها فأقرهم على أملاكهم فقد حصل بدلالة الآية وإجماع السلف والسنة تخيير الإمام في قسمة الأرضين أو تركها ملكا لأهلها ووضع الخراج عليها ويدل عليه حديث سهل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم منعت العراق قفيزها ودرهمها ومنعت الشام مداها ودينارها ومنعت مصر أردبها ودينارها وعدتم كما بدأتم شهد على ذلك لحم أبى هريرة ودمه فأخبرصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن منع الناس لهذه الحقوق الواجبة لله تعالى في الأرضين وإنهم يعودون إلى حال أهل الجاهلية في منعها وذلك يدل على صحة قول عمر رضى الله عنه في السواد وإن ما وضعه هو من حقوق الله تعالى التي يجب أداؤها فإن قيل ليس فيما ذكرت من فعل عمر في السواد إجماع لأن حبيب بن أبى ثابت وغيره قد رووا عن ثعلبة بن يزيد الحماني قال دخلنا على على رضى الله عنه بالرحبة فقال لولا أن يضرب بعضكم وجوه بعض لقسمت السواد بينكم قيل له الصحيح عن على رضى الله عنه أنه أشار على عمر

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749