تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 363427 / تحميل: 5064
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

٦١ ـ في مجمع البيان( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) أي جماعة من الأمم الماضية التي كانت قبل هذه الامة وجماعة من مؤمني هذه الامة، وهذا قول مقاتل وعطا وجماعة من المفسرين، وذهب جماعة منهم إلى أنّ الثلتين، جميعا من هذه الأمّة، وهو قول مجاهد والضحاك واختاره الزجاج، وروى ذلك مرفوعا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: جميع الثلتين من أمتي، ومما يؤيد القول الاول ويعضده من طريق الرواية ما رواه نقلة الأخبار بالإسناد عن ابن مسعود قال: تحدثنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة حتى أكثرنا الحديث ثم رجعنا إلى أهلنا فلما أصبحنا غدونا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: عرضت على الأنبياء الليلة بأتباعها من أممها فكان النبي يجيء معه الثلة من أمته والنبي معه العصابة من أمته والنبي معه النفس من أمته، والنبي معه الرجل من أمته، والنبي ما معه من أمته أحد حتى أتى أخي موسى في كبكبة من بنى إسرائيل، فلما رأيتهم أعجبونى فقلت: أي رب من هؤلاء؟ فقال: أخوك موسى بن عمران ومن معه من بني إسرائيل فقلت: رب فأين أمتي؟ فقال: انظر عن يمينك فاذا ظراب مكة(١) قد سدت بوجوه الرجال فقلت: من هؤلاء فقيل: هؤلاء أمتك أرضيت؟ قلت: رب رضيت فقيل: إنّ مع هؤلاء سبعين ألفا من أمّتك يدخلون الجنة لا حساب عليهم، قال: فأنشأ عكاشة بن محصن من بنى أسد بن خزيمة فقال: يا نبي الله ادع ربك أنْ يجعلني منهم، فقال: أللّهم اجعله منهم، ثمّ أنشأ رجل آخر فقال: يا نبي الله ادع ربك أنْ يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فداكم أبي وأمّي إنْ استطعتم أنْ تكونوا من السبعين فكونوا، وانْ عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب، فانْ عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق، وانى قد رأيت ثمَّ ناسا كثيرا يتهاوشون(٢) كثيرا فقلت: هؤلاء السبعون ألفا فاتفق رأينا على انهم ناس ولدوا

__________________

(١) ظراب جمع ظرب ـ ككتف ـ الجبال المنبسطة على الأرض وقيل: الروابي الصغار.

(٢) تهاوش القوم: اختلطوا.

٢٢١

في الإسلام، فلم يزالوا يعملون به حتى ماتوا عليه، فانتهى حديثهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: ليس كذلك ولكنهم الذين لا يسرفون ولا يتكبرون ولا يبطرون(١) وعلى ربهم يتوكلون ؛ ثمّ قال: إني لأرجو أنْ يكون من تبعني ربع الجنة قال: فكبرنا، ثمّ قال: إني لأرجو أنْ يكونوا ثلث أهل الجنة فكبرنا، ثمّ قال: إني لأرجو أنْ يكونوا شطر أهل الجنة ثمّ تلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) .

٦٢ ـ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : والكتاب الامام، ومن أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله:( ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ) إلى آخر الاية.

٦٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ) قال: أصحاب الشمال أعداء آل محمد وأصحابه الذين والوهم( فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ) قال: السموم اسم النار( وَحَمِيمٍ ) ماء قد حمى( وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ) قال: ظلمة شديدة الحر لا بارد ولا كريم قال: ليس بطيب.

٦٤ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن هاشم عمن أخبره عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال له الأبرش الكلبي: بلغنا انك قلت في قول الله:( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ ) انها تبدل خبزة فقال أبو جعفرعليه‌السلام : صدقوا تبدل الأرض خبزة نقية في الموقف يأكلون منها، فضحك الأبرش وقال: أما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز؟ فقال: ويحك أي المنزلتين هم أشد شغلا وأسوء حالا؟ إذا هم في الموقف أو في النار يعذبون؟ فقال: لا في النار، فقال ويحك وان الله يقول:( لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: فسكت.

٦٥ ـ وفيه في خبر آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام والشراب.

٦٦ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن القاسم بن

__________________

(١) بطر: تكبر.

٢٢٢

عروة عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل خلق ابن آدم أجوف لا بد له من الطعام والشراب، وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٧ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن جبرئيلعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال النار وفيه يقول مخاطبا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولو أنّ قطرة من الزقوم والضريع قطرت في شراب أهل الدنيا مات أهل الدنيا من نتنها.

٦٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: من الزقوم، والهيم الإبل.

٦٩ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن علي الكوفي بإسناد رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام انه قيل له: الرجل يشرب بنفس واحد؟ قال: لا بأس ؛ قلت: فان من قبلنا يقول ذلك شرب الهيم؟ فقال: انما شرب الهيم ما لم يذكر اسم الله عليه.

٧٠ ـ وباسناده إلى عثمان بن عيسى عن شيخ من أهل المدينة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل يشرب فلا يقطع حتى يروى؟ فقال: وهل اللذة إلّا ذاك؟ قلت: فإنهم يقولون: انه شرب إليهم؟ فقال: كذبوا انما شرب الهيم ما لم يذكر اسم الله عليه.

٧١ ـ وباسناده إلى عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من نفس واحد في الشرب، وقال: كان يكره أنْ يشبه بالهيم قلت: وما إليهم قال: الرمل(١) وفي حديث آخر هي الإبل.

٧٢ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن النضر بن سويد عن هشام عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يشرب بنفس واحد قال: يكره ذلك، ويقال: ذلك شرب الهيم، قلت: وما الهيم؟ قال: الإبل.

٧٣ ـ عنه عن ابن محبوب عن معاوية بن وهب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته

__________________

(١) وفي المنقول عن بعض نسخ المصدر «الزمل» بالمعجمة وهو بمعنى الدابة.

٢٢٣

عن الشرب بنفس واحد فكرهه، وقال ذلك شرب الهيم، قلت: وما الهيم؟ قال: الإبل.

٧٤ ـ عنه عن ابن فضال عن غالب بن عيسى عن روح بن عبد الرحيم قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام يكره أنْ يتشبه بالهيم، قال: وما الهيم؟ قال الكثيب(١) .

٧٥ ـ عن أبي أيوب المدائني عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه كان يكره أنْ يتشبه بالهيم، قلت: وما الهيم؟ قال: الرمل ٧٦ ـ في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يشرب بالنفس الواحد؟ قال: يكره ذلك وذلك شرب الهيم قال: وما الهيم؟ قال: الإبل.

٧٧ ـ عنه عن النضر بن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ثلاثة أنفاس أفضل في الشرب من نفس واحد ؛ وكان يكره أنْ يتشبه بالهيم، وقال: الهيم النيب(٢) .

٧٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ) قال: هذا شرابهم يوم المجازاة.

٧٩ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن ابن بكير قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا أردت أنْ تزرع زرعا فخذ قبضة من البذر واستقبل القبلة وقل:( أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) ثلاث مرات، ثمّ تقول: بل الله الزارع ثلاث مرات، ثمّ قل: أللّهم اجعله مباركا وارزقنا فيه السلامة ثمّ انشر القبضة التي في يدك في القراح(٣)

٨٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن سدير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ بني إسرائيل أتوا موسىعليه‌السلام فسألوه أنْ يسأل اللهعزوجل أنْ يمطر السماء عليهم إذا أرادوا ويحبسها إذا أرادوا فسأل اللهعزوجل : لهم ذلك فقال اللهعزوجل ذلك لهم، فأخبرهم موسى فحرثوا ولم يتركوا

__________________

(١) الكثيب: التل من الرمل.

(٢) النيب جمع الناب: الناقة المسنة.

(٣) القراح: الأرض التي ليس عليها بناء ولا فيها شجرة.

٢٢٤

شيئا إلّا زرعوه، ثم استنزلوا المطر على إرادتهم وحبسوه على إرادتهم، فصارت زروعهم كأنها الجبال والاجام(١) ثم حصدوا وداسوا وذروا فلم يجدوا شيئا، فضجوا إلى موسىعليه‌السلام وقالوا: انما سألناك أنْ تسأل الله أنْ يمطر السماء علينا إذا أردنا فأجابنا ثم صيرها علينا ضررا، فقال: يا ربِّ إنّ بني إسرائيل ضجوا مما صنعت بهم، فقال: وهم ذاك يا موسى؟ قال: سألونى أنْ أسألك أنْ تمطر السماء إذا أرادوا وتحسبها إذا أرادوا فأجبتهم ثمّ صيرتها ضررا فقال: يا موسى انا كنت المقدر لبني إسرائيل فلم يرضوا بتقديري فأجبتهم إلى إرادتهم فكان ما رأيت.

٨١ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن إبراهيم بن عقبة عن صالح بن علي بن عطية عن رجل ذكره قال: مر أبو عبد اللهعليه‌السلام بناس من الأنصار وهم يحرثون فقال لهم: احرثوا فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ينبت الله بالريح كما ينبت بالمطر قال: فحرثوا فجاءت زروعهم.

٨٢ ـ علي بن محمد رفعه قال: قال عليٌّعليه‌السلام :(٢) إذا غرست غرسا ونبتا فاقرأ على كل عود أو حبة: سبحانه الباعث الوارث، فانه لا يكاد يخطى إنْ شاء الله.

٨٣ ـ في مجمع البيان وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: لا يقولن أحدكم زرعت وليقل: حرثت.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ ) قال: من السحاب( نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً ) لنار يوم القيامة ومتاعا للمقوين قال: المحتاجين.

٨٥ ـ وفيه قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، وقد أطفيت سبعين مرة بالماء ثم التهبت، ولو لا ذلك ما استطاع آدمي أنْ يطفيها، وانها ليؤتى بها يوم القيامة حتى توضع على النار فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلّا جثى على ركبتيه(٣) فزعا من صرختها.

__________________

(١) الاجام جمع الاجمة: الشجر الكثير الملتف.

(٢) كذا في النسخ وتوافقها المصدر أيضا.

(٣) جثى على ركبتيه: جلس.

٢٢٥

٨٦ ـ فيمن لا يحضره الفقيه لـمّا أنزل الله سبحانه:( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اجعلوها في ركوعكم.

٨٧ ـ وروى عن جويرية بن مسهر في خبر رد الشمس على أمير المؤمنينعليه‌السلام ببابل انه قال: فالتفت إلى وقال: يا جويرية بن مسهر إنّ اللهعزوجل يقول:( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) وانى سألت اللهعزوجل باسمه العظيم فرد عليَّ الشمس.

٨٨ ـ في مجمع البيان فقد صح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه لـمّا نزلت هذه الآية فقال: اجعلوها في ركوعكم.

٨٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ) قال: معناه فأقسم بمواقع النجوم.

٩٠ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي جعفر وأبى عبد اللهعليهما‌السلام أنّ مواقع النجوم رجومها للشياطين، فكان المشركون يقسمون بها، فقال سبحانه: فلا اقسم بها.

٩١ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ) قال: كان أهل الجاهلية يحلفون بها، فقال اللهعزوجل :( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ) قال: عظم أمر من يحلف بها.

٩٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن بعض أصحابنا قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ) قال: عظم اثم من يحلف بها.

٩٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في قول اللهعزوجل :( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) يعنى به اليمين بالبرائة من الائمةعليهم‌السلام ، يحلف بها الرجل يقول: إنّ ذلك عند الله عظيم، وهذا الحديث في نوادر الحكمة «انتهى»

٩٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبدالرحيم القصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن( ن وَالْقَلَمِ ) قال: إنّ الله خلق القلم من

٢٢٦

شجرة في الجنة يقال لها الخلد، ثم قال النهر في الجنة: كن مدادا، فجمد النهر وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد، ثم قال للقلم: اكتب، قال: يا رب وما اكتب؟ قال: أكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة وأصفى من الياقوت، ثم طواه فجعله في ركن العرش، ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ولا ينطق أبدا، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها أو لستم عربا؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام وأحدكم يقول لصاحبه: انسخ ذلك الكتاب؟ أو ليس انما ينسخ من كتاب آخر من الأصل؟ وهو قوله:( إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

٩٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله لـمّا استخلف عمر سأل عليّاعليه‌السلام أنْ يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم، فقال: يا أبا الحسن إنْ جئت بالقرآن الذي كنت جئت به إلى أبي بكر حتى يجتمع عليه فقالعليه‌السلام : هيهات ليس إلى ذلك سبيل، انما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا ما جئتنا به، فانّ القرآن الذي عندي لا يمسّه إلّا المطهّرون، والأوصياء من ولدي، فقال عمر: فهل وقت لإظهاره معلوم؟ قال عليٌّعليه‌السلام : نعم إذا قام القائم من ولدي يظهره، ويحمل الناس عليه فتجرى السنة به.

٩٦ ـ في الاستبصار علي بن الحسن بن فضال عن جعفر بن محمد بن حكيم وجعفر بن محمد بن أبي الصباح جميعا عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: المصحف لا تمسه على غير طهر، ولا جنبا ولا تمس خطه ولا تعلّقه إنّ الله تعالى يقول:( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) .

٩٧ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن التعويذ يعلّق على الحائض؟ قال: نعم لا بأس، قال: وقال: تقرء وتكتبه ولا تصيبه يدها.

٩٨ ـ في مجمع البيان( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) وقيل: من الاحداث والجنايات وقال: لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مس المصحف، عن محمد بن على

٢٢٧

الباقرعليه‌السلام وهو مذهب مالك والشافعي، فيكون خبرا بمعنى النهى، وعندنا أنّ الضمير يعود إلى القرآن، فلا يجوز لغير الطاهر مس كتابة القرآن.

٩٩ ـ وقرأ عليّعليه‌السلام وابن عباس ورويت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتجعلون شكركم.

١٠٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال: حدّثنا الحسن بن محمد بن سماعة وأحمد بن الحسن القزاز جميعا عن صالح بن خالد عن ثابت بن شريح قال: حدّثني أبان بن تغلب عن عبد الأعلى التغلبي ولا أرانى إلّا وقد سمعته من عبد الأعلى قال: حدّثني أبو عبد الرحمان السلمي أنّ عليّاعليه‌السلام قرأ بهم الواقعة فقال: «تجعلون شكركم انكم تكذبون» فلما انصرف قال: إني قد عرفت انه سيقول قائل له من قرأ هكذا قراءتها، إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرء كذلك وكانوا إذا امطروا قالوا أمطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله «وتجعلون شكركم انكم تكذبون».

١٠١ ـ حدّثنا علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن داود عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) فقال: بل هي «وتجعلون شكركم انكم تكذبون» وقال علي بن إبراهيم في قوله:( فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ) الآية يعنى النفس، قال: معناه فاذا( بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ) ، إلى قوله:( غَيْرَ مَدِينِينَ ) قال: معناه فلو كنتم غير مجازين على أفعالكم ترجعونها يعنى به الروح إذا بلغت الحلقوم تردونها في البدن إنْ كنتم صادقين.

١٠٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن سليمان بن داود عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قولهعزوجل :( فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ ) إلى قوله:( إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) فقال: انها إذا بلغت الحلقوم ثم أرى منزله من الجنة، فيقول: ردوني إلى الدنيا حتى أخبر أهلى بما أرى، فيقال له: ليس إلى ذلك سبيل ،

٢٢٨

١٠٣ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله باسناده إلى موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام انه قال: إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلى قبره، فاذا أدخل قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه ويقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله ومحمد نبيي والإسلام ديني، فيفسحان له في قبره مد بصره، ويأتيانه بالطعام من الجنة ؛ ويدخلان عليه الروح والريحان، وذلك قول اللهعزوجل :( فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ ) يعنى في قبره وجنة نعيم يعنى في الاخرة.

١٠٤ ـ وباسناده إلى الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام قال: نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا وأهل عداوتنا( فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ ) يعنى في قبره( وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) يعنى في الاخرة.

١٠٥ ـ في مجمع البيان قرأ يعقوب «فروح» بضم الراء وهو قراءة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبى جعفر الباقرعليه‌السلام .

١٠٦ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا عن أبي جميلة مفضل بن صالح عن جابر عن عبد الأعلى وعلي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأوّل يوم من أيام الاخرة مُثّل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إني كنت فيك لزاهد ؛ وانْ كنت عليَّ لثقيلان، فما ذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك قال: فان كان الله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا، فيقول: أبشر بروح و( رَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) ، ومقدمك خير مقدم، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة.

١٠٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عمير عن إسحق بن عبد العزيز عن أبي بصير قال: سمعت

٢٢٩

أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:( فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ ) في قبره( وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) في الاخرة.

١٠٨ ـ وفيه وقوله: فأمّا إنْ كان من أصحاب اليمين يعنى من كان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ( فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ ) أنْ لا يعذبوا.

١٠٩ ـ في روضة الكافي الحسين بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن معاوية بن حكيم عن بعض رجاله عن عنبسة بن بجاد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ ) فقال علىٌّعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليٍّعليه‌السلام : هم شيعتك فسلم ولدك منهم أنْ يقتلوهم.

١١٠ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وأنزل في الواقعة:( وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) فهؤلاء مشركون.

١١١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) في أعداء آل محمد.

١١٢ ـ وفيه متصل بآخر ما نقلنا عنه اولا أعنى قوله في الاخرة:( وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ) في قبره( وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) في الآخرة.

١١٣ ـ في أمالي الصدوقرحمه‌الله متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى قولهعليه‌السلام : يعنى في الاخرة ثم قالعليه‌السلام : إذا مات الكافر شيعة سبعون ألفا من الزبانية إلى قبره، وانه ليناشد حامليه بقول يسمعه كل شيء إلّا الثقلان، ويقول:( لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ) المؤمنين، ويقول:( رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ) فتجيبه الزبانية:( كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ ) أنت قائلها» ويناديهم ملك: لو ردوا لعادوا لـما نهى عنه فاذا أدخل قبره وفارقه الناس أتاه منكر ونكير في أهول صورة، فيقيمانه ثم يقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيتلجلج لسانه ولا يقدر على الجواب، فيضربانه

٢٣٠

ضربة من عذاب الله يذعر لها كل شيء، ثم يقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: لا أدرى فيقولان له: لا دريت ولا هديت ولا أفلحت، ثم يفتحان له بابا إلى النار وينزلان إليه الحميم من جهنم وذلك قول الله جل جلاله:( وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ) يعنى في القبر( وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) يعنى في الاخرة.

١١٤ ـ وفيه أيضا متصل بآخر ما نقلنا عنه بعد ذلك أعنى قوله: يعنى في الاخرة باسناده إلى الصادقعليه‌السلام قال:( وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ) يعنى في قبره( وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) يعنى في الاخرة.

١١٥ ـ في الكافي متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى قوله: ارتحل من الدنيا إلى الجنة وإذا كان لربه عدوا فانه يأتيه أقبح من خلق الله زيا ورؤيا وأنتنه ريحا فيقول له: أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١١٦ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : حتى انصرف المشيع ورجع المتفجع أقعد في حفرته نجيا لبهتة السؤال وعثرة الامتحان، وأعظم ما هنالك بلية نزول الحميم وتصلية جحيم وفورات السعير وسورات الزفير ولا دعة مزيحة ولا قوة حاجزة ولا موتة ناجزة ولا سنة مسلية بين أطوار الموتات وعذاب الساعات(١)

__________________

(١) الحميم: الماء الحار. وتصلية النار تسخينها. والسورة: الحدة والشدة. وزفر النار: تسمع لتوقدها صوت. والدعة: السعة في العيش والسكون. والازاحة، الازالة والسنة: النوم الخفيف وهو النعاس. والمراد بالموتات في قوله (عليه السلام)«أطوار الموتات» الآلام العظيمة لان العرب تسمى المشقة العظيمة موتا كما قال الشاعر «انما الميت ميت الأحياء» أو كما قال في الفارسية :

«زندگى كردن من مردن تدريجي بود

هر چه جان كند تنم عمر حسابش كردم»

فلا ينافي قوله (عليه السلام)«ولا موتة ناجزة» فان المراد به الحقيقة.

٢٣١

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة الحديد والمجادلة في صلوة فريضة أدمنها لم يعذبه الله حتى يموت أبدا ولا يرى في نفسه ولا أهله سوءا أبدا ولا خصاصة في بدنه.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: وقال: من قرأ سورة الحديد كتب من الذين آمنوا بالله ورسله.

٣ ـ العرباض بن سارية قال: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقرأ المسبحات قبل أنْ يرقد ويقول: إنّ فيهن آية أفضل من ألف آية.

٤ ـ وروى عمرو بن شمر عن الجابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرء المسبحات كلها قبل أنْ ينام لم يمت حتى يدرك القائم، وان مات كان في جوار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد قال: سئل عليّ بن الحسينعليهما‌السلام عن التوحيد فقال: إنّ اللهعزوجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى:( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) والآيات من سورة الحديد إلى قوله:( عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) فمن رام وراء ذلك فقد هلك.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) قال: هو قوله: أعطيت جوامع الكلام وقوله: هو الاول قال: أي قبل كل شيء والاخر قال: يبقى بعد كل شيء( وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ) قال: بالضماير.

٧ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن فضيل بن عثمان عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام

٢٣٢

عن قول اللهعزوجل :( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ) وقلنا: أمّا الاول فقد عرفناه وأمّا الاخر فبين لنا تفسيره، فقال: انه ليس شيء إلّا يبدأ ويتغير أو يدخله التغير والزوال، وينتقل من لون إلى لون، ومن هيئة إلى هيئة، ومن صفة إلى صفة ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة إلّا رب العالمين فانه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة، هو الاول قبل كل شيء وهو الاخر على ما لم يزل ولا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة ومرة لحما ودما ومرة رفاتا ورميما، وكالبسر الذي يكون مرة بلحا ومرة بسرا ومرة رطبا ومرة تمرا(١) فتتبدل عليه الأسماء والصفات ؛ واللهعزوجل بخلاف ذلك.

٨ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن حكيم عن ميمون البان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام وقد سئل عن الاول والاخر فقال: الاول لا عن أول قبله وعن بدء سبقه، وآخر لا عن نهاية، كما يعقل من صفة المخلوقين ولكن قديم أول قديم، آخر، لم يزل ولا يزول بلا مدى ولا نهاية، لا يقع عليه الحدوث ولا يحول من حال إلى حال، خالق كل شيء.

٩ ـ علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قال: اعلم علمك الله الخير إنّ الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفته التي دلت العاقل على انه لا شيء قبله ولا شيء قبله ولا شيء معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة انه لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه، وبطل قول من زعم انه كان قبله أو كان معه شيء، وذلك انه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أنْ يكون خالقا له لأنه لم يزل معه، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه، ولو كان قبله شيء كان الاول ذلك الشيء لا هذا، وكان الاول اولى بأن يكون خالقا للأول.

١٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه قال: اجتمعت

__________________

(١) قال الجوهري: البسر أوله طلع، ثم خلال، ثم بلح، ثم بسر، ثم رطب، ثم تمر.

٢٣٣

اليهود إلى رأس الجالوت فقالوا له: إنّ هذا الرجل عالم يعنون أمير المؤمنين فانطلق بنا إليه نسأله فأتوه فقيل لهم: هو في القصر فانتظروه حتى خرج، فقال له رأس الجالوت: جئناك نسألك قال: سل يا يهودي عما بدا لك، فقال: أسئلك عن ربك متى كان؟ فقال: كان بلا كينونية، كان بلا كيف، كان لم يزل بلا كم وبلا كيف، كان ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل، ولا غاية ولا منتهى انقطعت عنه الغاية، وهو غاية كل غاية، فقال رأس الجالوت: امضوا بنا فهو أعلم مما يقال فيه.

١١ ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الموصلي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء حبر من الأحبار إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير ـ المؤمنين متى كان ربك؟ فقال له: ثكلتك أمك ومتى لم يكن حتى متى كان؟ كان ربي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى لغايته، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية، فقال: يا أمير المؤمنين أفنبي أنت؟ فقال: ويلك انما أنا عبد من عبيد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٢ ـ وروى انه سئلعليه‌السلام أين كان ربنا قبل أنْ يخلق سماء أو أرضا؟ فقالعليه‌السلام :أين سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان.

١٣ ـ علي بن محمد عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن يحيى عن محمد بن سماعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رأس الجالوت لليهود: إنّ المسلمين يزعمون أنّ عليّا من أجدل الناس(١) وأعلمهم، اذهبوا بنا إليه لعلّي أسأله عن مسألة وأخطّئه فيها، فأتاه فقال له: يا أمير المؤمنين إني أريد أنْ أسئلك عن مسألة قال: سل عما شئت، قال: متى كان ربنا؟ قال له: يا يهودي انما يقال متى كان لمن لم يكن فكان متى كان، هو كائن بلا كينونة كائن، كان بلا كيف يكون، بلى يا يهودي ثمّ بلى يا يهودي كيف يكون له قبل؟ هو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى غاية ولا غاية إليها، انقطعت الغايات عنده، هو غاية كل غاية، فقال: أشهد أنّ دينك الحق وأنّ من خالفه باطل.

__________________

(١) أي أقواهم في المخاصمة والمناظرة وأعرفهم بالمعارف اليقينية.

٢٣٤

١٤ ـ علي بن محمد رفعه عن زرارة قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أكان الله ولا شيء؟ قال: نعم كان ولا شيء، قلت: فأين كان يكون؟ قال: وكان متكئا فاستوى جالسا وقال: أحلت(١) يا زرارة وسألت عن المكان إذ لا مكان.

١٥ ـ علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قال: اعلم علمك الله الخير إنّ الله تبارك وتعالى قديم إلى قوله: وأمّا الظاهر فليس من أجل انه علا الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها، وتسنم لذراها(٢) ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها، كقول الرجل ظهرت على أعدائى وأظهرنى الله على خصمي يخبر عن الفلج والغلبة، فهكذا ظهور الله على الأشياء، ووجه آخر انه الظاهر لمن أراده، ولا يخفى عليه شيء ؛ وانه مدبر لكل ما برأ قال: فأى ظاهر أظهر وأوضح من الله تبارك وتعالى، لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت، وفيك من آثاره ما يغنيك ؛ والظاهر منا البارز لنفسه والمعلوم بحده، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى، وأمّا الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها، ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا، كقول القائل: أبطنته يعنى خبرته، وعلمت مكتوم سره، والباطن منا الغائب في الشيء المستتر، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

١٦ ـ وفيه خطبة مروية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وفيها: الاول قبل كل شيء ولا قبل له ؛ والاخر بعد كل شيء ولا بعد له. الظاهر عل كل شيء بالقهر له.

وفيها: الذي بطن من خفيات الأمور وظهر في العقول بما يرى في خلقه، من علامات التدبير.

وفيها الذي ليست لا وليته نهاية، ولا لآخريته حد ولا غاية.

١٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي جعفر الثانيعليه‌السلام فسأله رجل فقال: أخبرنى عن الرب تبارك وتعالى أله أسماء

__________________

(١) أي تكلمت بالمحال.

(٢) الذري جمع الذروة: المكان المرتفع. وتسنم الشيء: علاه وركبه.

٢٣٥

وصفات في كتابه؟ وأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : أنّ لهذا الكلام وجهين إنْ كنت تقول: هي هو انه ذو عدد وكثرة، فتعالى الله عن ذلك، وان كنت تقول: لم تزل هذه الصفات والأسماء، فان «لم تزل» يحتمل معنيين، قال: قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها فنعم، وان كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجائها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أنْ يكون معه شيء غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها إليه ويعبدونه، فهي ذكره وكان الله ولا ذكر والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل، والأسماء والصفات مخلوقات المعاني، والمعنى بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف والائتلاف، وإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصور والهجاء، ولا ينقطع ولا يزال من لم يزل عالما، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨ ـ وباسناده إلى أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه صفة الرب جل جلاله وفيه: كان أو لا بلا كيف، ويكون آخرا بلا اين.

١٩ ـ وفيه عن الرضاعليه‌السلام كلام طويل في التوحيد وفيه: الباطن لا باجتنان،(١) الظاهر لا بمجاز.

٢٠ ـ وباسناده إلى عبد الله بن جرير العبدي عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام انه كان يقول: الحمد لله الذي كان قبل أنْ يكون كان، لم يوجد لوصفه كان بل كان أو لا كائنا لم يكونه مكون جل ثناؤه ؛ بل كون الأشياء قبل كونها، وكانت كما كونها علم ما كان وما هو كائن، كان إذ لم يكن شيء ولم ينطق فيه ناطق فكان إذ لا كان.

٢١ ـ وباسناده إلى ابن أبي عمير عن موسى بن جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه: وهو الاول الذي لا شيء قبله، والاخر الذي لا شيء بعده.

٢٢ ـ وفيه خطبة لعليٍّعليه‌السلام يقول فيها: الذي ليست له في أوليته نهاية، ولا في آخريته حد ولا غاية الذي لم يسبقه وقت، ولم يتقدمه زمان، الاول قبل كل

__________________

(١) الاجتناب بمعنى الاستتار.

٢٣٦

شيء والاخر بعد كل شيء، الظاهر على كل شيء بالقهر له.

٢٣ ـ وفيه خطبة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيها: الحمد لله الذي كان في أوليته وحدانيا، وفي أزليته متعظما بالالهية، وهو الكينون أو لا والديموم أبدا.

٢٤ ـ وفيه خطبة للحسن بن عليعليهما‌السلام وفيها: الحمد لله الذي لم يكن فيه أول معلوم. ولا آخر متناه، ولا قبل مدرك ولا بعد محدود، فلا تدرك العقول أوهامها ولا الفكر وخطراتها ولا الألباب وأذهانها صفته، فتقول: متى ولا بدئ مما، ولا ظاهر على ما، ولا باطن فيما.

٢٥ ـ وباسناده إلى علي بن مهزيار قال: كتب أبو جعفرعليه‌السلام إلى رجل بخطه وقراءته في دعاء كتب أنْ يقول: يا ذا الذي كان قبل كل شيء ثم خلق كل شيء ثم يبقى ويفنى كل شيء.

٢٦ ـ وفيه خطبة لعليٍّعليه‌السلام يقول فيها: وهو البدء الذي لم يكن شيء قبله والاخر الذي ليس شيء بعده.

٢٧ ـ وفيه حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام وفيه: سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده والابتداء، أزله، ظاهر لا بتأويل المباشرة.

٢٨ ـ وباسناده إلى عبد الرحيم القصير قال: كتب إلى أبو عبد اللهعليه‌السلام على يدي عبد الملك بن أعين: كان اللهعزوجل ولا شيء غير الله، معروف ولا مجهول، كان اللهعزوجل ولا متكلم ولا متحرك ولا مريد ولا فاعل، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩ ـ وباسناده إلى جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره والحديث طويل.

٣٠ ـ وفيه خطبة لعليٍّعليه‌السلام وفيها: إنْ قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود، وإنْ قيل: لم يزل فعلى تأويل نفى العدم.

٣١ ـ في نهج البلاغة وكل ظاهر غيره غير باطن: وكل باطن غيره غير ظاهر.

٢٣٧

٣٢ ـ وفيه: الاول الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله، والاخر الذي ليس له بعد فيكون شيء بعده.

٣٣ ـ وفيه: الحمد لله الاول فلا شيء قبله، والاخر فلا شيء بعده، والظاهر فلا شيء فوقه ؛ والباطن فلا شيء دونه.

٣٤ ـ وفيه: الاول قبل كل أول، والاخر بعد كل آخر، بأوليته وجب أنْ لا أوّل له، وبآخريته وجب أنْ لا آخر له.

٣٥ ـ وفيه: والظاهر لا برؤية، والباطن لا بلطافة.

٣٦ ـ وفيه: هو الاول لم يزل، الظاهر لا يقال مما ؛ والباطن لا يقال فيما.

٣٧ ـ وفيه: لم يزل اولا قبل الأشياء بلا اولية، وآخرا بعد الأشياء بلا نهاية.

قال عز من قائل:( وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .

٣٨ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعليٍّعليه‌السلام وفيها: أحاط بالأشياء علما قبل كونها. فلم يزده بكونها علما علمه بها قبل أنْ يكون كعلمه بعد تكوينها.

٣٩ ـ وباسناده إلى منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال: لا من قال هذا فأخزاه الله، قال: قلت: أرايت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى قبل أنْ يخلق الخلق.

٤٠ ـ وفيه عن العالمعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : بالعلم علم الأشياء قبل كونها.

٤١ ـ وباسناده إلى أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله يقول: لم يزل اللهعزوجل ربنا، والعلم ذاته ولا معلوم، فلما أحدث الأشياء وقع العلم منه على المعلوم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٢ ـ وباسناده إلى أبان بن عثمان الأحمر قال: قلت للصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أخبرني عن الله تبارك وتعالى لم يزل سميعا بصيرا عليما قادرا! قال: نعم فقلت له: إنّ رجلا ينتحل(١) موالاتكم أهل البيت يقول: إنّ الله تبارك

__________________

(١) انتحل القول: ادعاه لنفسه وهو لغيره.

٢٣٨

لم يزل سميعا بسمع وبصيرا ببصر وعليما بعلم وقادرا بقدرة؟ فغضبعليه‌السلام ثم قال: من قال ذلك ودان به فهو مشرك، وليس من ولايتنا على شيء، إنّ الله تبارك وتعالى ذات علامة سميعة بصيرة قادرة.

٤٣ ـ وباسناده إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: كان الله ولا شيء غيره، ولم يزل عالما بما كون، فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد ما كونه.

٤٤ ـ وباسناده إلى أيوب بن نوح انه كتب إلى أبي الحسنعليه‌السلام يسأله عن اللهعزوجل أكان يعلم الأشياء قبل أنْ يخلق الأشياء وكونها أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها، فعلم ما خلق عند ما خلق، وما كون عند ما كون؟ فوقععليه‌السلام بخطه: لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أنْ يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء.

٤٥ ـ وباسناده إلى منصور بن حازم قال: سألته يعنى أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم اللهعزوجل ؟ قال: لا بل كان في علمه قبل أنْ ينشئ السموات والأرض.

٤٦ ـ وباسناده إلى عبد الأعلى عن العبد الصالح موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: علم الله لا يوصف الله منه بأين، ولا يوصف العلم من الله بكيف، ولا يفرد العلم من الله، ولا يبان الله منه، وليس بين الله وبين علمه حد.

٤٧ ـ وفيه خطبة لعليٍّعليه‌السلام وفيها: وعلمها لا بأداة لا يكون العلم إلّا بها ؛ وليس بينه وبين معلومه علم غيره.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قولهعزوجل :( هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) قد تقدم بيانه في مواضعه.

٤٨ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى الحسين بن زيد قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام يقول: يخرج رجل من ولد إبني موسى، اسمه اسم أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أرض طوس وهي بخراسان، يقتل فيها بالسم، فيدفن فيها

٢٣٩

غريبا، من زرارة عارفا بحقه أعطاه اللهعزوجل أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل.

٤٩ ـ في أصول الكافي أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي المغراء عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) . قال: نزلت في صلة الامام.

٥٠ ـ وباسناده إلى معاذ صاحب الاكسية قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ الله لم يسأل خلقه ما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك، وما كان لله من حق فانما هو لوليه.

٥١ ـ في كتاب الخصال عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الله تعالى: إني أعطيت الدنيا بين عبادي فيضاعفه فمن أقرضني قرضا أعطيته بكل واحدة منهن عشرا إلى سبعمائة ضعف، وما شئت من ذلك، الحديث.

٥٢ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى يقول: ابن آدم تطولت عليك بثلاث: سترت عليك ما لو يعلم به أهلك ما واروك(١) وأوسعت عليك فاستقرضت منك فلم تقدم خيرا الحديث.

٥٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال الصادقعليه‌السلام : على باب الجنة مكتوب: القرض بثمانية عشر، والصدقة بعشرة، وذلك أنّ القرض لا يكون إلّا لمحتاج، والصدقة ربما وقعت في يد غير المحتاج.

٥٤ ـ في روضة الكافي محمد بن أحمد عن عبد الله بن الصلت عن يونس وعن عبد العزيز بن المهتدى عن رجل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام في قوله تعالى:( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) قال: صلة الامام في دولة الفساق.

٥٥ ـ في نهج البلاغة واتقوا أموالكم وخذوا من أجسادكم تجودوا بها

__________________

(١) وارى الشيء: أخفاه.

٢٤٠

المقالة هم جمهور النصارى من الملكانية واليعقوبية، والنسطورية والمقصود أنّه أحد الثلاثة: الأب والإبن وروح القدس أي أنّه ينطبق على كل واحد من الثلاثة وهذا لازم قولهم: إنّ الأب إله، والإبن إله، والروح إله، وهو ثلاثة وهو واحد، ويمثّلون لذلك بقولهم: إنّ زيد بن عمرو إنسان فهناك اُمور ثلاثة هي زيد، وابن عمرو والإنسان، وهناك أمر واحد وهو المنعوت بهذه النعوت.

ويلاحط عليه: أنّ هذه الكثرة إن كانت حقيقية غير اعتبارية أوجبت الكثرة في المنعوت حقيقة، وإنّ المنعوت إن كان واحداً حقيقة أوجب ذلك أن تكون الكثرة إعتباريّة غير حقيقيّة، فالجمع بين هذه الكثرة العددية والوحدة العددية كما في المثال بحسب الحقيقة ممّا يستنكف العقل عن تعقله.

ولأجل ذلك التجأ دعاة النصارى في الآونة الأخيرة إلى القول بأنّ مسألة التثليث من المسائل المأثورة من مذاهب الأسلاف وهي لا تخضع للموازين العلميّة(١) .

وقد ردّ الذكر الحكيم على ذلك بقوله:( وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إلّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ) ببيان أنّ الله سبحانه لا يقبل بذاته المتعالية، الكثرة بوجه من الوجوه، فهو تعالى ذاته واحد وإذا اتّصف بصفاته الكريمة وأسمائه الحسنى لم يزد ذلك على ذاته الواحدة شيئاً، ولا الصفة إذا اُضيفت إليها أورثت كثرة وتعدّداً، فهو تعالى أحديّ الذات لا ينقسم لا في خارج ولا في وهم ولا في عقل.

ويستفاد من قوله:( وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) بحكم الإتيان بلفظ ( منهم ) المشعرة بالتبعيض ـ، أنّ هناك طائفة لا يعتقدون بالتثليث ولا يقولون في المسيح إلّا إنّه عبد الله ورسوله كما عليه مسيحيّة الحبشة بعضهم أو جلّهم.

__________________

(١) الميزان: ج ٤ ص ٧٠.

٢٤١

مشكلة الجمع بين التوحيد والتثليث:

إنّ المسيحيّين يعتبرون أنفسهم موّحدين وإنّهم من المقتفين أثر التوحيد الذي جاءت به جميع الشرائع السماوية، ومن جانب آخر يعتقدون بالتثليث اعتقاداً جازماً، وهذان لا يجتمعان إلّا أن يكون أحد الوصفين حقيقيّاً والآخر مجازيّاً ولكنّهم ياللأسف يقولون بكونهما معاً حقيقيين، ولأجل ذلك أصبحت عندهم: ١ = ٣ وهو محال ببداهة العقل.

والقرآن الكريم ينسب التثليث إلى أقوام آخرين كانوا قبل المسيح والمسيحيّة وهؤلاء إنّما اتّبعوا اُولئك، ولعلّ الثالوث الهندي هو الأصل حيث يعتقدون بأنّ الإله الواحد له مظاهر ثلاثة: « برهما »: « الموجد »، و « فيشفو »: « الحافظ »، و « سيفا »: « المميت » فقد دان بتلك العقيدة المسيحيّون بعد رفع المسيح آماداً متطاولة، ولـمـّا جاء المتأخّرون منهم ورأوا أنّ الوحدة الحقيقية لا تخضع للكثرة كذلك حاولوا أن يصحّحوه بوجهين:

الأوّل: تفكيك المسائل الدينية عن المسائل العلميّة وأنّ الدين فوق العلم وأن مسألة ١ = ٣ وإن كانت باطلة حسب القوانين الرياضية المسلّمة ولكن الدين قبلها ونحن نعتقد بها. ولكنّه عذر أقبح من ذنب فكيف نعتنق ديناً يتصادم مع أوضح الواضحات وأبده البديهيّات.

الثاني: إنّ المعادلة الرياضية السابقة ليست باطلة وذلك لوجود نظائرها في الخارج، فإنّ الشمس بها جرم ولها نور ولها حرارة ومع ذلك فهي شيء واحد.

وهذا الإستدلال يكشف عن جهل مطبق بحقيقة الوحدة المعتبرة في حقه سبحانه فإنّ المقصود منها في حقّه هو الوحدة الحقيقية التي لا كثرة فيها لا خارجاً ولا ذهناً ولا وهماً وأين هو من وحدة الشمس التي هي وحدة إعتبارية لا حقيقية حيث تتركّب من جرم ونور وحرارة وكل منها ينقسم إلى انقسامات.

وعلى كلّ تقدير فماذا يريدون من قولهم ( إنّه إِله واحد ) وفي الوقت نفسه

٢٤٢

ثلاثة، فهل يريدون أنّ هناك أفراداً متميّزة ومتشخّصة من الإله الصادق هو عليهم صدق الكلي على الأفراد ؟

أو يريدون أنّ هناك فرداً واحداً ذا أجزاء وليس لكل واحد منها إستقلال ولا تشخّص وإنّما يتشكّل الإله من تلك الأجزاء ؟

فالفرض الأوّل يستلزم تعدّد الإله تعدّداً حقيقيّاً وهو لا يجتمع مع التوحيد بحال من الحالات.

والفرض الثاني لا يخلو إمّا أن يكون كل واحد من هذه الأجزاء واجبة الوجود أو ممكنة، فعلى الأوّل يلزم منه كثرة الإله ( واجب الوجود ) وهم يدّعون الفرار منه.

وعلى الثاني يلزم أن يكون واجب الوجود محتاجاً في تحقّقه وتشخّصه إلى أجزاء ممكنة وهو كما ترى.

ولأجل ذلك نرى أنّ الذكر الحكيم ينادي ببطلان التثليث بأيّ نحو يمكن أنّ يتصوّر بقوله:( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إلّا الحَقَّ إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَىٰ بِاللهِ وَكِيلاً ) ( النساء / ١٧١ ).

إنّ الآية تركّز على أنّ نسبة الإلوهيّة إلى المسيح من آثار الغلوّ في حقّه فلو تنزّه القوم عن هذا التمادي الفكريّ المفرط لوقفوا على سمة المثالية فيه ونفوا عنه مقام الإلوهية.

والآية تصف المسيح بالصّفات الخمس:

١ ـ عيسى بن مريم ٢ ـ رسول الله ٣ ـ كلمته ٤ ـ ألقاها إلى مريم ٥ ـ روح منه. إنّ بعض هذه الصفات المسلّمة في حق المسيح تشهد بعبوديّته وتنفي الوهيّته وإليك مزيد من التوضيح حولها:

٢٤٣

١ ـ عيسى بن مريم: وقد ورد في الذكر الحكيم ذكره عشر مرّات وبنوّته لمريم التي لا تنفك عن كونه جنيناً رضيعاً في المهد صبيّاً يافعاً و لدليل واضح على بشريّته.

٢ ـ رسول الله: ومعناه مبعوثه ومرسله وليس نفسه.

٣ ـ كلمة الله: وقد أطلق القرآن لفظ الكلمة على المسيح كما أطلقه على جميع الموجودات الإمكانية وقال:( قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ) ( الكهف / ١٠٩ ).

وأمّا إطلاق الكلمة على الموجودات الإمكانية لأجل وجود التشابه بين الكلمة والموجود الإمكاني فإنّ الكلمة تكشف عمّا يقوم في ذهن المتكلّم من المعاني فهكذا الموجودات الإمكانية عامّة، وخلقة المسيح على وجه الإعجاز خاصّة تكشف هي الاُخرى عن علم وقدرة وسيعين وكمال لا متناه يكمن في ذاته سبحانه ولأجل ذلك يعد القرآن المسيح وجميع العوالم الإمكانية كلمات الله سبحانه.

٤ ـ ألقاها إلى مريم: إنّ الإلقاء إلى رحم الاُم آية كونه مخلوقاً وقد ذكر تفصيله في سورة مريم، الآية ١٦ إلى ٣٦ واختتمها بقوله:( ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ) ( مريم / ٣٤ ).

٥ ـ وروح منه: إنّ هذا التعبير ربّما وقع دليلاً على تطرّف فكرة الاُلوهيّة في حق المسيح وهم يتخيّلون أنّ ( منه ) تبعيضية ولكنّها إبتدائية مثل قوله سبحانه:( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ) ( الجاثية / ١٣ ) والمعنى أنّ السموات وما في الأرض جميعاً ناشئ منه وحاصل من عنده، ومبتدأ منه، فذوات الأشياء تبتدئ منه بإيجاده لها من غير مثال سابق وكذلك خواصّها وآثارها. قال تعالى:( اللهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ( الروم / ١١ ).

أضف إلى ذلك أنّ ذلك التعبير لا يفوق في حقّ آدم حيث قال:( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ( الحجر / ٢٩ ).

٢٤٤

فقد وصف آدمعليه‌السلام بلفظة « من روحي » ولم يقل أحد بأنّه جزء من الإله.

ثمّ إنّه سبحانه ختم تلك الصفات بقوله:( فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ) .

سمات العبودية في المسيح:

إنّ الذكر الحكيم يستدل على عبوديته بوجوه ثلاثة:

١ ـ كيفيّة خلق المسيح واُمّه.

٢ ـ طبيعة عيشهما في المجتمع.

٣ ـ تصريح المسيح بعبوديّته.

هذه هي الوجوه التي يستدلّ بها القرآن الكريم على عبوديّته، أمّا الأوّل فقد بسط الذكر الحكيم في تناولها في سورة مريم كما مرّ وهذه الآيات تلقي الضوء على كيفيّة خلقه إلى أن توّج بالرسالة، فيقول سبحانه:

( فَأَجَاءَهَا المَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ) إلى أن يقول:( ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ) .

ولو تمّسك الخصم على عدم بشريته بأنّه ولد من غير أب فهو محجوج بخلقة آدم فقد خلق من غير اُمٍّ ووالد، قال سبحانه:( إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ( آل عمران / ٥٩ ).

وأمّا الثاني فيلمح إليه ما ورد بأنّ المسيح واُمّه كانا يعيشان شأنهما كشأن سائر بني آدم ولا يحيدان عنها قيد شعرة، قال سبحانه:( مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ

٢٤٥

الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) ( المائدة / ٧٥ ) فمن الممتنع أن يكون آكل الطعام إله العالمين.

وأمّا الثالث فيشير إليه قوله سبحانه:( لَّن يَسْتَنكِفَ المَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا للهِ وَلا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ) ( النساء / ١٧٢ ).

وليس بوسع إنسان أن ينكر عبادة المسيح وهي آية وجود المعبود له وهناك كلمة قيّمة للإمام الطاهر عليّ بن موسى الرضا في مناظرته مع الجاثليق، قال الإمام: يا نصراني والله إنّا لنؤمن بعيسى الذي آمن بمحمّد وما ننقم على عيسى شيئاً إلّا ضعفه وقلّة صيامه وصلاته.

قال الجاثليق: أفسدت والله علمك وضعفت أمرك وما كنت أظن إلّا أنّك أعلم أهل الإسلام.

قال الرضا: وكيف ذلك ؟

قال الجاثليق: من قولك إنّ عيسى كان ضعيفاً قليل الصيام والصلاة وما أفطر عيسى يوم قطّ وما نام بليل قطّ وما زال صائم الدهر قائم الليل.

قال الرضا: فلمن كان يصوم ويصلّي ؟

فخرس الجاثليق وانقطع(١) الحديث.

إنّ الذكر الحكيم يصرّح بأنّ المسيح سوف يعترف يوم البعث بعبوديته على رؤوس الأشهاد وانّه لم يأمر قطّ الناس بعبادة نفسه:

( وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ( المائدة / ١١٦ ).

__________________

(١) الاحتجاج: ج ٢ ص ٢٠٣ و ٢٠٤.

٢٤٦

وقال عزّ اسمه حاكياً عنه:( مَا قُلْتُ لَهُمْ إلّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ( المائدة / ١١٧ ).

ج ـ المسيح ابن الله:

قد طرأت أزمة حادّة على خط التوحيد من قبل المشركين واليهود والنّصارى بزعم وجود الابن أو البنت لله سبحانه، فتارة جعلوا بينه وبين الجِنَّة نسباً، واُخرى اتّهموه بأنّه اتّخذ من الملائكة إناثاً، وثالثة نسبوا إليه الولد بصورة مطلقة، وقد جاء الجميع في الذكر الحكيم مشفوعاً بالردّ والنقض:

١ ـ الجن:( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَبًا ) ( الصافّات / ١٥٨ ).

وأمّا ما هذا النسب، فيحتمل أن يكون المراد نسب البنوّة والاُبوّة ولأجل ذلك كان جماعة من العرب يعبدون الجن، كما ورد في قوله سبحانه:( قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ ) ( سبأ / ٤١ ).

٢ ـ الملائكة:( أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا ) ( الإسراء / ٤٠ ) ولأجل ذلك كان جماعة أيضاً من العرب تعبد الملائكة، وبما أنّهم كانوا يتخيّلون الملائكة على أنّهم خلقوا بصور جذّابة جميلة خالوا إنّهم اُناثاً قال سبحانه:( وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ) ( الزخرف / ١٩ ).

٣ ـ المسيح: وقد اشتهر النصارى بأنّهم جعلوا « المسيح » إبناً لله تعالى، وهذه الفكرة الخاطئة وإن لم تكن منحصرة فيهم، بل كان لليهود أيضاً مثل تلك الفكرة في حقّ « عزير » لكن النصارى أكثر، اشتهاراً بهذه النسبة، غير نافين عن أنفسهم هذا العار، واليهود يؤوّلون الفكرة بأنّه ولد فخري لا حقيقي.

والقرآن الكريم يندّد بتلك الفكرة في غير واحد من الآيات مشيراً إلى براهين

٢٤٧

عقلية محتاجة إلى التوضيح، وإليك نقل الآيات مع توضيح مضامينها:

١ ـ البقرة / ١١٦ ـ ١١٧:

( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ *بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) .

تريك هذه الآية كيف أنّهم نسبوا إلى الله ولداً من غير فرق بين أن يكون الناسب يهوديّاً أو مسيحيّاً، ولكنّ الآيتين تتضمّنان ردّاً لهذه النسبة، يستفاد من الإمعان في الجمل التالية:

١ ـ سبحانه. ٢ ـ بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون.

٣ ـ بديع السموات والأرض. ٤ ـ وإذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون.

وإليك شرح هذه الجمل التي يعد كل واحد منها بمثابة ردّ ونقض للفكرة الخاطئة المصرّحة بالبنوّة لله عزّ وجلّ.

أ ـ « سبحانه »: وهذه الكلمة تفيد تنزيه الله سبحانه من كل نقص وعيب وشائنة، ولأجل ذلك يأتي هذا اللفظ في آية اُخرى بعد بيان تلك النسبة الخاطئة، قال تعالى:( قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) ( يونس / ٦٨ ).

واللفظة تفيد أنّ اتّخاذ الولد نقص وعيب على الله تعالى، يجب تنزيهه عنه، وذلك لأنّ اتّخاذ الولد إمّا لغاية إشباع الغريزة الجنسية أو لأجل الإستعانة من الولد أيّام الهرم والكهولة، أو لأجل إبقاء النسل وإدامته التي تعد نوع بسط وجود للشخصية، والكل غير لائق بساحته سبحانه.

ويمكن أن يكون اللفظ مشيراً إلى أمر آخر وهو أنّ اتّخاذ الابن فرع التوالد والتناسل وهو من شؤون الموجودات المادية حيث ينتقل جزءً من الأب إلى رحم الاُم فتتّحد نطفة الأب مع البويضة في رحم الاُمّ فتخصّبها فينتج عن ذلك نشأة الجنين والله سبحانه أعلى وأجل وأنبل عن أن يكون جسماً أو جسمانيّاً.

٢٤٨

ب ـ( بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) :

إنّ هذه الجملة مشعرة ببرهان دامغ وهو أنّ كل ما في الكون قانت لله وخاضع لسلطته ومسخّر ومقهور له ومن هذا شأنه لا يتصوّر أن يكون له ولد وذلك لأنّ الولد يكون مماثلاً للوالد، فكما هو واجب الوجود يكون الولد مشاطراً له في ذلك، وما هو كذلك لا يمكن أن يكون مقهوراً ومسخّراً لموجود من الموجودات.

ج ـ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) :

أي انّه سبحانه خالق مبدع لهما وما فيهما والمراد من الإبداع هو خلقهما بلا مثال سابق ولا مادّة متقدّمة، فيكون المجموع مسبوقاً بالعدم، وما هو كذلك كيف يمكن أن يكون ولداً لله سبحانه ؟ لما عرفت من أنّ الولد يماثل الوالد في الالوهيّة ووجوب الوجود، وهو لا يجتمع مع كون السموات والأرض وما فيهما مخلوقاً حادثاً مسبوقاً بالعدم.

د ـ( وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) :

وهذه الآية تفيد أنّ سنّة الله تبارك وتعالى في الإيجاد والإنشاء والخلق، وأنّه لو أراد إيجاد شيء فإنّه يوجد بلا تريّث أو تلبّث، ولكنّ الولد إنّما يتكوّن من إلتقاء النطفتين في رحم الاُم ثمّ يتكامل تدريجيّاً على إمتداد أمد بعيد وهذا لا يجتمع مع ما مرّ ذكره في السنّة الحكيمة.

ثمّ إنّ العلّامة الطباطبائي جعل الجمل الثلاث مشيرة إلى برهانين ( لا إلى ثلاثة براهين كما أوضحناه ) فقال:

إنّ قوله:( بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) يشتمل على برهانين ينفي كلّ منهما الولادة وتحقّق الولد منه سبحانه، فإنّ اتّخاذ الولد هو أن يجزي موجود طبيعي، بعض أجزاء وجوده ويفصله عن نفسه فيصيّره بتربية تدريجية فرداً من نوعه مماثلاً لنفسه، وهو سبحانه منزّه عن المثل بل كل شيء ممّا في السموات والأرض مملوك له قائم الذات به قانت ذليل عنده ذلّة وجودية فكيف يكون شيء من الأشياء ولداً له

٢٤٩

مماثلاً نوعيّاً بالنسبة إليه ؟ وهو سبحانه بديع السموات والأرض، إنّما يخلق ما يخلق على غير مثال سابق فلا يشبه شيء من خلقه خلقاً سابقاً ولا يشبه فعله فعل غيره في التقليد والتشبيه ولا في التدريج والتوّصل بالأسباب إذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون من غير مثال سابق ولا تدريج، فكيف يمكن أن ينسب إليه اتّخاذ الولد ؟ وتحقّقه يحتاج إلى تربية وتدريج فقوله:( لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) برهان تام، وقوله:( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) برهان آخر تام(١) .

٢ ـ الأنعام / ١٠٠ ـ ١٠٢:

( وَجَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ الجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ ) ( الأنعام / ١٠٠ ).

( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( الأنعام / ١٠١ ).

( ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ خَالِقُ كُلَّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) ( الأنعام / ١٠٢ ).

وفي هذه الآيات إشارات إلى بطلان النظرية القائلة بكون الجن شركاء لله سبحانه وخرق بنين وبنات له بغير علم، وإليك بيانها:

أ ـ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ ) : وقد مرّ توضيح تلك الجملة في القسم الأوّل من الآيات.

ب ـ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) : وقد تقدّم معناه أيضاً.

ج ـ( أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ) : وهذه الجملة تشير إلى أنّ إتّخاذ الإبن يستلزم اتّخاذ الزوجة حتى يقع جزء من الزوج في رحم الزوجة والله

__________________

(١) الميزان: ج ١ ص ٢٦١.

٢٥٠

سبحانه منزّه، عن أن تكون له زوجة.

د ـ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) : فإذا كان هو خالق كل شيء، والكل مخلوق له فلا يتصوّر كون المخلوق ولداً، لأنّ الولد يشاطر الوالد في الطبيعة والنوعيّة فإذا كان سبحانه واجب الوجود لاستغنى عن العلّة والخالق ولترفّع عن حيز الإمكان، والمفروض خلافه.

٣ ـ يونس / ٦٨:

( قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) .

وهذه الآية تشتمل على مثل ما اشتملت عليه الآيات السابقة وإليك تفصيل جملها.

أ ـ( سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) : وقد عرفت أنّ إتّخاذ الولد إمّا لغاية إشباع الغريزة الجنسية أو لاستعانة به في أيّام الكهولة أو لبسط نفوذ الشخصية، والله غني عن الجميع.

ب ـ( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ) : وفيه إشارة إلى أنّ كل ما في الكون مقهور ومسخّر فكيف يكون شيء منه ولداً له مع لزوم المماثلة بين الولد والوالد.

ج ـ( إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) : وهو إشارة اُخرى إلى أنّه إنّما تبنّوا هذه الفكرة تقليداً بلا علم وبرهان، وقد تقدّم في الآيات السابقة ( بغير علم سبحانه ).

٤ ـ الكهف / ٤ و ٥:

( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا *مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إلّا كَذِبًا ) .

٢٥١

وفي هذه الآية إكتفاء ببرهان واحد وهو أنّ القوم يتفوّهون بذلك بلا علم لهم ولا لآبائهم.

٥ ـ مريم / ٣٥:

( مَا كَانَ للهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) وفي الآية إشارة إلى برهانين أحدهما قوله( سُبْحَانَهُ ) والثاني( إِذَا قَضَىٰ ) ، وقد مرّ تفسيرهما فلا نعيد.

٦ ـ مريم / ٨٨ ـ ٩٥:

( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ) .

( لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ) .

( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدًّا ) .

( أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا ) .

( وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ) .

( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إلّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا ) .

( لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ) .

( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) .

وقد ركّزت الآيات على برهانين:

أحدهما قولهُ:( وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ) وهذه الجملة واقعة مكان لفظة( سُبْحَانَهُ ) في الآيات السابقة.

وثانيهما: قوله:( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إلّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا ) وهو يفيد نفس ما يفيده قوله:( بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) في الآيات السابقة والمعنى بعد التطبيق واضح ومحصّله أنّ من في الكون عبد

٢٥٢

مسخّر لله سبحانه، وهو لا يجتمع مع كون واحد منهم ولداً له، لأنّه يقتضي المماثلة والمشاركة في الوجوب والإستغناء عن العلّة مع أنّ المفروض كونه ممكناً.

٧ ـ الأنبياء / ٢٦ و ٢٧:

( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) .

( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) .

فلفظة( سُبْحَانَهُ ) مشيرة إلى أنّ اتّخاذ الولد ملازم للنقص والعيب وهو سبحانه منزّه عنه.

وقوله:( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) إشارة إلى ما مرّ من أنّ العبودية لا تجتمع مع البنوّة لأنّ مقتضى البنوّة، المشاركة والمسانخة مع الوالد في الطبيعة، والمفروض وجوب وجود الوالد فيكون الولد واجباً وهو محال.

٨ ـ المؤمنون / ٩١:

( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ) .

والآية تشير إلى أنّ اتّخاذ الولد ينافي التوحيد والوحدانية لأنّ الولد يجب أن يكون مماثلاً للوالد على نحو ما مرّ ذكره وعندئذ يكون إلهاً مثله، والمفروض أنّه ليس معه إله.

٩ ـ الزمر / ٤:

( لَّوْ أَرَادَ اللهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) .

وفي الآية إشارة إلى دحض تلك العقيدة المنحرفة باُمور ثلاثة:

أ ـ( سُبْحَانَهُ ) .

٢٥٣

ب ـ( الْوَاحِدُ ) .

ج ـ( الْقَهَّارُ ) .

أمّا الأوّل: فدلالته على نفي البنوّة مثل الآيات السابقة.

وأمّا الثاني: أعني كونه واحداً، فهو يدلّ على نفي البنوّة لأنّ اتّخاذ الإبن يستلزم المماثلة بين الأب والولد، فيلزم تعدّد الإله وواجب الوجود.

وأمّا الثالث: أعني كونه قهّاراً وغيره مقهوراً عليه فدلالته مثل دلالة قوله:( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إلّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا ) وقوله:( بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) وقوله:( بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ) وذلك لأنّ اتّخاذ الإبن يستلزم أن يكون له مماثل من ذاته لأنّ الولد يماثل الوالد في النوعية والطبيعة فيلزم أن يكون الولد واجب الوجود، والمفروض أنّه مقهور ومسخّر لله سبحانه.

وأنت إذا قارنت هذه الآيات بعضها ببعض لوقفت على أنّ الجميع في المادة والمعنى وكيفيّة الإستدلال مصبوب في قالب واحد بينها كمال الإئتلاف والتناسب، والعبارات الواردة في المقام وإن كانت مختلفة المواضع ولكنّ المؤدّى والمعنى واحد، وتلك الآيات نزلت على النبيّ في ظروف مختلفة وأجواء متباينة والنبيّ لم يزل بين كونه منهمكاً في الحرب وهادئ البال في الصلح والسلم ومع ذلك يتكلّم على نسق واحد مع كونه أمّيّاً لم يقرأ قطّ ولم يكتب. صدق الله العليّ العظيم حيث قال:( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ) ( النساء / ٨٢ ).

قسمة ضيزي:

ومن عجائب اُمورهم أنّهم اتّخذوا لأنفسهم البنين ونسبوا إلى الله عزّ وجلّ الإناث من الملائكة، قال سبحانه:( أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إِنَاثًا ) ( الإسراء / ٤٠ ).

٢٥٤

وقال تعالى:( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ ) ( الزخرف / ١٦ ).

وقال تعالى:( أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَىٰ *تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ) ( النجم / ٢١ ـ ٢٢ ).

ثمّ إنّه سبحانه أبطل ادّعاءهم بكون الملائكة إناثاً وقال:( وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) ( الزخرف / ١٩ ) فكيف يدّعون ما لم يشهدوه ؟!

إلى هنا تمّ حوار القرآن مع اليهود والنّصارى في اتّخاذه سبحانه ولداً من الإنس والجنّ والملائكة، وقوّة البرهان القرآني وإتقانه وتعاضد بعضه بعضاً يدلّ على أنّه وحي إلهي نزل به الروح الأمين على قلبه، وأنّى للإنسان الغارق في الحياة البدائيّة أن يأتي بمثل ذلك لولا كونه مسدّداً بالوحي، مؤيّداً بالمدد الغيبي منه سبحانه.

وإليك بقية المناظرات الواردة في القرآن الكريم.

اليهود ونقض المواثيق والعهود

حطّ النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله رحاله بالمدينة، والتفّ حوله الأوس والخزرج، ففشى أمر الإسلام وشاع خبره وذكره بين الناس والقبائل القاطنة بأطراف المدينة، وكان ذلك بمثابة جرس إنذار لليهود ينبئ عن إقتراب اُفول شوكتهم في المدينة وما والاها بل في شبه الجزيرة العربية برمّتها.

وكانت اليهود في سابق عهدها تفتخر على سائر الاُمم بأنّها تقتفي أثر التوحيد وأنّ لهم كتاباً سماويّاً يجمع بين دفّتيه الأحكام الإلهية، ولكنّ تلك المفخرة أوشكت أن تذهب أدراج الرياح بدعوة النبيّ الأكرم الناس كافّة إلى التوحيد الأصيل ونزول القرآن عليه، فما كانت لهم بعد إذ ذاك ميزة يمتازون بها على العرب.

وكانت اليهود لفرط حبّهم للدنيّا وزبرجها تمكّنوا من السيطرة على مقاليد أزّمة

٢٥٥

إدارة التجارة، وكان وجود الشّقة السحيقة بين الأوس والخزرج، والنزاعات القبلية بينهما، خير معين للإنفراد بإدارة دفّة القوافل التجارية، غير أنّ تلك الأرضية التي فسحت لهم المجال لتسلّم زمام التجارة فيما مضىٰ كادت تنعدم بالاُخوّة الإسلامية التي جاء بها الإسلام، فصار المتصارعان متصافيين متآخيين متآلفين في مقابل اليهود وأطماعهم.

كلّ ذلك صار سبباً لتحفيز اليهود لإثارة الشبهات حول رسالة الرسول الأكرم وبثّ السموم وتشوية معالم الرسالة الجديدة ليضعضعوا أركان الإيمان الفتي في قلوب المؤمنين بالإسلام، وقد غاب عن خلدهم أنّ سنّة الله الحكيمة تتكفّل بنصر رسله. قال سبحانه:

( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) ( غافر / ٥١ ).

وإليك نماذج من أسئلتهم وشبهاتهم التي أثاروها حول الرسالة النبويّة:

١ ـ إفشاء علائم النبوّة:

إنّ أوّل خطوة خطوها لأجل إيقاف مدّ الصحوة الدينية والإيمان برسالة النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله هو إصدار مرسوم يقضي بكتمان علائم نبوّته التي وردت في التوراة حتى لا تقع للمسلمين ذريعة يتمسّكون بها ضدّهم في عزوفهم عن قبول الدعوة، وهذا ما يحكي عنه الذكر الحكيم بقوله:

١ ـ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ( البقرة / ٧٦ ).

وروي عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال: كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين إذا لقوا المسلمين حدّثوهم بما في التوراة من صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فنهاهم كبراؤهم عن ذلك وقالوا: لاتخبروهم بما

٢٥٦

في التوراة من صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيحاجّوكم به عند ربّكم(١) .

وردّ سبحانه عليهم بقوله:( أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ) ( البقرة / ٧٧ ) فالله سبحانه يحتجّ بكتابهم عليهم سواء تفوّهوا بسمات النبيّ الأكرم المذكورة في التوراة أم لم يتفوّهوا بها على الرّغم من أنّهم كانوا يستفتحون ويستنصرون على الأوس والخزرج برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل مبعثه فلمّا بعثه الله من بين العرب ولم يكن من بني إسرائيل، كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء ابن معرور: يا معشر اليهود اتّقوا الله واسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمّد ونحن أهل الشرك، وتصفونه وتذكرون أنّه مبعوث، فقال سلام بن مثكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنّا نذكر لكم، فأنزل الله تعالى قوله:

( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ( البقرة / ٨٩ ).

٢ ـ السؤال عن الروح الأمين:

إنّ نفراً من أحبار اليهود جاءوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: يا محمداً أخبرنا عن أربع نسألك عنهنّ، فإن فعلت ذلك اتّبعناك وصدّقناك وآمنّا بك، فقال لهم رسول الله: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم بذلك لتصدّقنّني ؟ قالوا: نعم، قال: فسألوا عمّا بدا لكم وممّا سألوا عنه نوم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: كيف نومك ؟ فقال: تنام عيني وقلبي يقظان. قالوا: فأخبرنا عمّا حرّم إسرائيل على نفسه ؟ قال: حرّم على نفسه لحوم الإبل وألبانها، فصدّقوه في الإجابة عن هذاين السؤالين، ثمّ قالوا له: فأخبرنا عن الروح ،

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٢٨٦ ( طبع بيروت ).

٢٥٧

قال: أنشدكم بالله وبأيّامه عند بني إسرائيل هل تعلمونه جبرئيل وهو الذي يأتيني ؟ قالوا: أللّهم نعم، ولكنّه يا محمد لنا عدوّ وهو ملك إنّما يأتي بالشدّة وسفك الدماء ولولا ذلك لاتّبعناك، فأنزل الله عزّ وجلّ فيهم:( قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ *مَن كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ ) ( البقرة / ٩٧ و ٩٨ )(١) .

وما ذكرنا من شأن النزول يؤيّد ما ذكرناه سابقاً من أنّ المقصود من الروح في قوله سبحانه:( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ) ( الإسراء / ٨٥ ) هو الروح الأمين لا الروح الإنسانية، وأنّ ما اُثير حولها في التفاسير المختلفة مبني على تفسير الروح بالروح الإنسانية وهو غير صحيح.

وعلى أيّ تقدير فنصب العداء لجبرئيل نصب للعداء له سبحانه، لأنّ جبرئيل مأمور من جانبه ومبلّغ عنه هو وجميع الملائكة:( لاَّ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ( التحريم / ٦ ).

٣ ـ إنكار نبوّة سليمانعليه‌السلام :

إنّ رسول الله لـمّا ذكر سليمان بن داود في المرسلين، قال بعض أحبارهم: ألا تعجبون من محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يزعم أنّ سليمان بن داود كان نبيّاً، والله ما كان إلّا ساحراً، فأنزل الله تعالى في ذلك:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) ( البقرة / ١٠٢ )(٢) .

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ١ ص ٥٤٣. مجمع البيان: ج ٢ ص ٣٢٤ ( طبع بيروت ).

(٢) السيرة النبوية: ج ١ ص ٥٤٠. مجمع البيان: ج ٢ ص ٣٣٦ ( طبع بيروت ).

٢٥٨

٤ ـ كتابه إلى يهود خيبر:

كتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يهود خيبر بكتاب جاء فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صاحب موسى وأخيه والمصدّق لما جاء به موسى على أنّ الله قد قال لكم يا معشر أهل التوراة، وأنّكم لتجدون ذلك في كتابكم:( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) .

وإنّي انشدكم بالله، وانشدكم بما أنزل عليكم وانشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسباطكم المنّ والسلوى، وانشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاهم من فرعون وعمله إلّا أخبرتموني: هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمّد ؟ فإن كنتم لا تجدوني ذلك في كتابكم فلا كره عليكم( قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) فادعوكم إلى الله وإلى نبيّه(١) .

٥ ـ إنكار أخذ الميثاق منهم:

إنّ أحد أحبار اليهود قال لرسول الله: يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل الله عليك من آية بيّنة فنتّبعك لها، وقد كانوا ينكرون العهد الذي أخذه الأنبياء عليهم أن يؤمنوا بالنبيّ الاُمّي، فأنزل الله سبحانه في ردّهم:( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إلّا الْفَاسِقُونَ *أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) ( البقرة / ٩٩ و ١٠٠ ).

__________________

(١) السيرة النبويّة: ج ١ ص ٥٤٤ ـ ٥٤٥.

٢٥٩

ولفظة « كلّما » تفيد التكرّر فيقتضي تكرّر النقض منهم(١) .

٦ ـ الإقتراحات التعجيزيّة:

وقد كان اليهود قد تقدّموا بإقتراحات تعجيزيّة على غرار ما بدر من المشركين فقد سألت العرب محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأتيهم بالله فيروه جهرة، فنزل قوله سبحانه:( أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) ( البقرة / ١٠٨ ).

وقال رافع بن حريملة لرسول الله: يا محمد إن كنت رسولاً من الله كما تقول فقل لله فيكلّمنا حتى نسمع كلامه، فنزل قوله سبحانه:( وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) (٢) .

٧ ـ تنازع اليهود والنصارى عند الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

لـمـّا قدم أهل نجران من النصارى على رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أتتهم أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء، وكفر بعيسىٰ وبالإنجيل، فقال رجل من أهل نجران من النصارىٰ لليهود: ما أنتم على شيء، وجحد نبوّة موسى وكفر بالتوراة، فأنزل الله في ذلك قولهم:

( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) ( البقرة / ١١٣ ).

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٣٢٧.

(٢) السيرة النبوية: ج ١ ص ٥٤٩.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749