تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 363560 / تحميل: 5068
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

يسطو فتصعق من بوارقه

وبعزمه كف الردى يسطو

يا روضة الدنيا وبهجتها

ودليلها إن راعها خبط

تقضي ظماً والماء تشربه

عصب الشقا والوحش والرط

الله أكبر أيّ نازلة

بالدين قام بعبئها السبط

سلبت من الدنيا أشعتها

وبها السماء اغتالها الشط

يقضي ابن فاطمة ولا رفعت

سوداء ملؤ إهابها سخط

وهذا نموذج من شعره في الغزل ـ وهذه القطعة من الروضة:

سل عن جوى كبدي لظى أنفاسي

تخبرك عنه وما له من آس

سفك الغرام دمي ولا من ثائر

كمهلهل فيه على جساس

سيان حدّ السيف والمقل التي

بسوادها يبيض شعر الراس

سرّ الهوى أودعت قلبا واثقاً

لولا الدموع وحرقة الأنفاس

سأقول إن عدنا وعاد حديثنا

واها لقلبك من حديد قاسي

ومن غزله قوله:

أهلاً بها بعد الصدود

هيفاء واضحة الخدود

بكر كغصن البان

باكره الصبا بربى زرود

تختال في برد الصبا

أحبب بهاتيك البرود

فسكرتُ في نغماته

وطربت فيه بغير عود

حتى إذا صال الصبا

ح على الدجنّة في عمود

ألوى فقمتُ معانقا

شغفا به جيداً بجيد

مضنى الحشاشة قائلاً

حذر القطيعة والصدود

عُدلي بوصلك وادّكر

يا ظبي ( أوفوا بالعقود )

حتى تريح من الجوى

قلباً به ذات الوقود

فرنا إليّ بمقلة

تصطاد هاصرة الاسود

١٤١

متلفتاً كالريم حلأ

ه الرماة عن الورود

حذر الوشاة فليتهم

فزعوا لقاطعة الوريد

وتذكر العهد القديم

فجاد بالوصل الجديد

ترجم له صاحب الحصون المنيعة ترجمة ضافية وقال: جمع ديوانه بنفسه وبخطه الجيد ويبلغ خمسة عشر الف بيت كله من الرصين المحكم وأكثره في مدايح ومراثي أهل البيتعليهم‌السلام كما ضمّنه مفاكهات ومراسلات مع العلماء من أحبابه والادباء والاشراف من أترابه، أقول وكان الشيخ السماوي يحتفظ بنسخة من الديوان ويقول البعض أنها مستنسخة من نسخة المرحوم الحاج مهدي الفلوجي الحلي، وترجم له الشيخ اغا بزرك الطهراني في ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر ) وترجم له البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الحلة.

جاء في ( طبقات أعلام الشيعة ) ج 2 صفحة 430: الشيخ حسين الحلي، هو الشيخ حسين بن مصبح الحلي النجفي فاضل جليل. كان من فضلاء عصره في النجف، ويظهر من بعض الخصوصيات أنه كان من الأجلاء. استعار بعض الكتب العلمية في حدود (1240) كما على ظهر ( إثبات الهداة ) في النصوص والمعجزات في مكتبة السيد اغا التستري في النجف، فالظاهر أن وفاته بعد التاريخ، وهو جد الشاعر الشهير الشيخ حسن مصبح الحلي ابن حسين ابن المترجم، المولود في حدود (1246) المتوفى في 1317 ه‍ كما ترجمناه في ( نقباء البشر ) م 1 صفحة 429.

١٤٢

الشيخ محمد نظر علي

المتوفى 1317

قال من قصيدة يرثي بها الحسين (ع):

لهفي لزينب بعد الصون حاسرة

بين اللئام ومنها الخدر مبتذل

تقول وآضيعتا بعد الحسين أخي

من لي وقد خاب مني الظن والأمل

وأخرجوا السيد السجاد بينهم

يساق قسراً وبالاغلال يعتقل

إذا وَنى قنّعوه بالسياط وإن

مشى أضرّ به من قيده ثقل

وقد سروا ببنات المصطفى ذللا

تسرى بها في الفيافي الأنيق البزل

ما بين باكية للخدّ لاطمة

وبين ثاكلة أودى بها الثكل

وبين قائلة يا جدنا فعلوا

بنا علوج بني مروان ما فعلوا

وقال:

يا قلب ذب كمداً لما

قد ناب أبناء النبيّ

أيلومني الخالي بهم

أين الخليّ من الشجيّ

قد جرعتني علقما

أرزاء نهر العلقميّ

أجسامهم فوق الثرى

ورؤوسهم فوق القنيّ

وعقائل المختار تسبى

بعدهم لابن الدعيّ

وحملن من بعد الخدور

سوافراً فوق المطيّ

* * *

هو ابن الشيخ جعفر بن نظر علي، وبجده هذا يعرف بين الحليين فيعبرون عنه ب‍ ( الشيخ محمد بن نظر علي ) ويلقبونه بالمحدث أيضاً لطول باعة وسعة

١٤٣

أطلاعه في علم الحديث، فقد كان ذا إحاطة واسعة بأحاديث النبي وأهل بيته الأطهار خصوصاً ما ورد منها في صحاح الإمامية وما ألف بعدها من الكتب المعتبرة وقد استفاد كثيراً في هجرته من الحلة إلى النجف من منبر العلامة المتأله الشيخ جعفر التستري ومن ثمة اشتهر أمره بالصلاح والورع وحسن الأساليب في مواعظه وخطابته المنبرية، ودرس عنده جماعة منهم الشيخ محمد حسين بن حمد الحلي، وقد ترك جملة من الاثار والمجاميع المخطوطة كان قد دوّن فيها ما وعاه من مشايخه وما انتخبه من أُمهات الكثب في سيرة أهل البيت وآثارهم وقد تلف قسم منها وبقي بعضها عند صهريه على كريمتيه، الأول منهما خطيب الفيحاء الشيخ محمد آل الشيخ شهيب ( والد الدكتور محمد مهدي البصير ) والثاني السيد جعفر ابن السيد محمد حسن آل السيد ربيع ـ من أطباء العيون في النجف ـ وكان المترجم لهرحمه‌الله يحب العزلة ولا يغشى أندية الفيحاء على كثرتها يوم ذاك عدا نادي آل السيد سلمان في عهد المرحوم السيد حيدر وعمه السيد مهدي بن السيد داود لقرب بيته من بيوتهم. وما زال منقطعاً إلى التهجد والاذكار في مسجدهم الواقع تجاه داره وهو المعروف بمسجد ( أبو حواض ). كانت ولادة المترجم له في الحلة سنة 1259 على التقريب ونشأ وتأدب فيها وكان يقضي شهري المحرم وصفر في البصرة للوعظ والارشاد في المحافل الحسينية كغيره من الخطباء فعاد في آخر سنيّ حياته منها وقد أُصيب فيها بمرض الحمى النافضة ( الملاريا ) فلم تمهله إلا أياماً حتى أجاب داعي ربه سنة 1317 ه‍ أو قبلها بسنة، ورثاه جماعة من شعراء الفيحاء الذين كانوا معجبين بفضله ونسكه منهم الأديب الحاج عبد المجيد الشهير بالعطار والشاعر الفحل الحاج حسن القيم ـ فمن قصيدة القيم قوله:

بادرا في بردة النسك أدرجاه

واعقدا اليوم على التقوى رداه

لي بقايا كبد بينكما

بالبكا يا ناظريّ اقتسماه

وهذا الشيخ وان كان ذا موهبة شعرية ولكنه لا ينظم إلا في اهل البيتعليهم‌السلام . ( انتهى عن البلابليات )

١٤٤

الشيخ محمد العوّامي

المتوفى 1318

مصائب عاشورا تهيج تضرمي

فلله من يوم بشهر محرم

بها المجد ينعى مصدر الفيض إذ غدا

بلا قيّم يأوى إليه وينتمى

ومن قصيدة أخرى:

فيا مضر الحمرا ويا أُسد الشرى

ويا غوث مَن يبغي الندا ويريد

وأمنع مَن في الأرض جاراً وجانبا

وأمنتح مَن أمّت اليه وفود

فيا مطعمي الأضياف يوم مجاعة

ويا خير مَن يبنى العلا ويشيد

ويا مخمدي نار الوغى إن تضرّمت

وشبّ إلى الحرب العوان وقيد

وبدر واحد يشهدان لهاشم

ورب السما من فوق ذاك شهيد

ولما بدت من آل حرب ضغائن

لثارات بدر أظهرت وحقود

وأخرجت المولى الحسين مروّعاً

وقد سبقت منكم اليه عهود

فلهفي عليه من وحيد مضيّع

على الماء يقضي وهو عنه بعيد

بني مضر ماذا القعود عن العدا

وفي كربلا مولى الوجود فريد

وكيف بقى ملقى ثلاثاً على الثرى

تواريه من نسج الرياح برود

١٤٥

الشيخ محمد بن عز الدين الشيخ عبد الله العوامي القطيفي. اشتهر بأبي المكارم لمكارم أخلاقه، ولدرحمه‌الله سنة 1255 ه‍ ثالث شهر شعبان وبدت طلائع النبوغ على أساريره ونمت مداركه ومعارفه فأصبح منهلاً ينتهل منه وبحراً يغترف السائلون من عبابه، حج سنة 1317 ه‍ فأبهر الحاج بعلمه وكرمه وسخائه وعطائه، وعندما تشرف بزيارة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستقرّ بالمدينة المنورة فاجأه السقام فمكث أياماً والمرض يلازمه حتى قبضه الله اليه في عصر يوم السابع والعشرين من شهر محرم الحرام سنة 1318 وعمره ثلاث وستون سنة فدفع بالبقيع، وأولاده أربعة كلهم من أهل الفضل، أما آثاره العلمية فهي:

1 ـ أجوبة المسائل النحوية، كتاب مختصر.

2 ـ المناظرات في مسائل متفرقة.

3 ـ المسائل الفقهية.

4 ـ ديوان شعره يحتوي على: منظومة في عقائد الاصول، من توحيد وعدل ونبوة وإمامة ومعاد.

شكوى وعتاب:

ترجمت في هذه الموسوعة بأجزائها الثمانية لمجموعة كبيرة من ادباء البحرين والاحساء والقطيف ممن كانوا في زوايا النسيان ذلك لأن بلاد البحرين من أقدم بلاد الله في العلم والأدب والتشيع لأهل البيت وعريقة في الشعر. وأمامنا ردم من القصائد لم نقف بعد على ترجمة أربابها وكم كتبنا واستنجدنا بعلمائها وادبائها ليزودونا بمعلومات عن تراثهم وحياة أسلافهم، ولكن لا حياة لمن تنادي.

١٤٦

الشيخ حسن القيِّم

المتوفى 1318

قال يرثي الامام الحسين (ع):

إن تكن جازعاً لها أو صبورا

فلياليك حكمها أن تجورا

تصحبنك الضدين ما دمت حياً

نوبا تارة وطوراً سرورا

ربما استكثر القليل فقير

وغنيٌ بها استقل الكثيرا

فكأن الفقير كان غنياً

وكأن الغني كان فقيرا

فحذاراً من مكرها في مقام

ليس فيه تحاذر المحذورا

نذرت أن تسيء فعلاً فأمست

في بني المصطفى تقضّي النذورا

يوم عاشور الذي قد أرانا

كل يوم مصابه عاشورا

يوم حفت بابن النبي رجال

يملؤن الدروع بأساً وخيرا

عمروها في الله أبيات قدس

جاورت فيه بيته المعمورا

ما تعرّت بالطف حتى كساها

الله في الخلد سندساً وحريرا

لم تعثّر أقدامها يوم أمسى

قدم الموت بالنفوس عثورا

بقلوب كأنما البأس يدعو

هالقرع الخطوب كوني صخورا

رفعت جرد خيلهم سقف نقع

ألف الطير في ذراه الوكورا

حاليات يرشحن بالدم مرجاناً

ويعرقن لؤلؤاً منثورا

عشقوا الغادة التي أنشقتهم

من شذاها النقع المثار عبيرا

فتلقوا سهامها بصدور

تركوهن للسهام جفيرا

١٤٧

لازموا الوقفة التي قطّرتهم

تحت ظل القنا عفيراً عفيرا

فخبوا أنجماً وغابوا بدوراً

وهووا أجبلا وغاضوا بحورا

من صريع مرمل غسّلته

من دماء السيوف ماء طمورا

ومعرى على الثرى كفنته

أُمّه الحرب نقعها المستثيرا

عفّر الترب منهم كل وجه

علّم البدر في الدجا أن ينيرا

ونساء كادت بأجنحة الرعب

شظايا قلوبها أن تطيرا

قد أداروا بسوطهم فلك الضرب

عليهنّ فاغتدى مستديرا

صرن في حيث لو طلبن مجيراً

بسوى السوط لم يجدن مجيرا

لو يروم القطا المثار جناحاً

لأعارته قلبها المذعورا

يا لحسرى القناع لم تلف إلا

آثماً من أمية أو كفورا

أوقفوها على الجسوم اللواتي

صرن للبيض روضة وغديرا

فغمرن النحور دمعاً ولو لم

يك قانٍ غسلن تلك النحورا

علّ مستطرقاً يرى الليل درعاً

وعلى نسجه النجوم قتيرا

يبلغن المهديّ عني شكوى

قلّ في أنها تضيق الصدورا

قل له إن شممت تربة أرض

وطأت نعله ثراها العطيرا

وتزودت نظرة من محيّا

تكتسي من بهائه الشمس نورا

قم فأنذر عداك وهو الخطاب

الفصل أن تجعل الحسام نذيرا

كائناً للمنون هارون في البعث

لموسى عوناً له ووزيرا

قد دجا في صدورهم ليل غي

فيه يهوى نجم القنا أن يغورا

أو ما هزّ طود حلمك يوم

كان للحشر شره مستطيرا

يوم أمسى الحسين منعفر الخد

ين فيه ونحره منحورا

أفتديه مخدّراً صار يحمي

بشبا السيف عن نساء الخدورا

ليس تدري محبوكة الدرع ضمّت

شخصه في ثباته أم ثبيرا

١٤٨

أعدت السيف كفه في قراها

فغدا في الوغى يضيف النسورا

صار موسى وآل فرعون حرباً

والعصى السيف والجواد الطورا

وأصريعاً بثوب هيجاء مدرو

جاً وفي درع صبره مقسورا

كيف قرت في فقد مسكنها الأر

ض وقد آذنت له أن تمورا

وقضى في الهجير ظام ولكن

بحشى حرها يذيب الهجيرا

صار سدراً لجسمه ورق البيض

ونقع الهيجا له كافورا

أحسين تقضي بغير نصير

مستظاماً فلا عدمت النصيرا

بأبي رأسك المشهرّ أمسى

يحمل الرمح منه بدراً منيرا

* * *

الشيخ حسن ابن الملا محمد القيّم الحلي أحد نوابغ عصره. كان شاعراً بارعاً من اسرة كانوا قوّاماً في بعض المشاهد فلذلك لقّب بالقيّم، في شعره يحذو حذو المهيار ويعارض قصائده. كان أبوه أيضاً شاعراً خفيف الروح. والشيخ حسن القيم عارض قصيدة المهيار التي أولها:

لمن الطلول كأنهنّ رقوم

تصحو لعينك تارة وتغيم

بقصيدة شهيرة يرويها أكثر خطباء المنبر الحسيني وأولها:

عطن بذات الرمل وهو قديم

حنّت بواديه الخماص الهيم

ولد سنة 1278 ه‍ فاحتضنه أبوه، وهو يومئذ استاذ الخطابة في بغداد والحلة، حتى إذا نشأ وترعرع كان السيد حيدر الحلي، والشيخ حمادي نوح من أوائل مَن تلقفوه وتعاهدوا ملكاته الأدبية. ثم كان له من حانوته الضيق الذي إذا أراد أن يدخله ينحني مع شدة قصره وضآلة جسمه ما يغنيه عن أن يمدّ يد الارتزاق لأحد، حيث احترف فيه حياكة المناطق الحريرية المعروفة ب‍ ( الحُيُص ) ولعلّ هذه المهنة المتواضعة هي الباعث على الاعتقاد بأنه أُميّ لا يقرأ ولا يكتب رغم أن الشيخ محمد علي اليعقوبي يعلق على هذا الزعم بقوله:

١٤٩

وقد رأينا كثيراً من مسودات قصائده بخط يده عند ولده المرحوم عبد الكريم ولقد توفق الاستاذ الخطيب الشيخ اليعقوبي لجمع وتحقيق ديوان الشاعر القيم ونشره في مطابع النجف الأشرف سنة 1385 ه‍ وعثرت أخيراً على مخطوطة للخطيب السيد عباس البغدادي وفيه مرثية نظمها شاعرنا في رثاء سيدة من آل القزويني في سنة 1317 ويعزي العلامة الكبير السيد محمد القزويني قال:

هي نفس تقدست فحباها

محض تقديسها عُلا لا يُضاهى

كيف منها الردى استطاع دنواً

وبأسد الشرى يُحاط خباها

يا لنفس لها نفائس أوصاف

بها الله للملائك باهى

سكنت خدرها المنيع إلى أن

سكنت خير مرقد واراها

فهب اللحد في ثراه طواها

أفهل يستطيع طيّ علاها

شكرت أجرها صحيفتها الملآى

بما قدمت فيا بشراها

فمضت والعفاف يتبعها بالنوح

والنسك ثاكلا ينعاها

يا خطوب الزمان إن خلت أن لا

عاصم اليوم للعلى من أساها

فقد استعصمت ببأس ( أبي

القاسم ) من كل معضل يغشاها

بدر علم وطودُ حلم ولجيّ

صفات جلّت فلا تتناهى

نير المحتد الذي تتجلى الشمس

فيه فيستشف ضياها

طاهر البرد معدن الرشد سامي

المجد غوث الأنام في بأساها

فالقوافي بنعته انشقتنا

نفحات يحيى النفوس شذاها

جمع الله فيه شمل المعالي

وأعزّ الاله فيه حماها

سادة العالمين آل معز الدين

فيكم سمت شريعة طه

فبكم تكشف الحوادث عنا

وتنال النفوس أقصى مُناها

ولنا تُرسل السحائب من أنملكم

حفّلا يفيض نداها

والينا شوارق العلم منكم

تتجلّى فنهتدي بهداها

١٥٠

وجميل اصطباركم بشّر الله

به الصابرين في أُخراها

قدس الله تربة عطّرتها

بنت خير الورى بنشر تقاها

لا عداها صوب الغوادي لأني

قلت أرخ ( صوب الغوادي سقاها )

وفي المخطوطة قصيدة اخرى يرثي بها السيد علي الموسوي ويعزي ولده السيد عباس الخطيب سنة 1316 وأولها:

تخطّى الردى في فيلق منه جرار

اليه فأخلى أُجمة الأسد الضاري

كتب عنه الدكتور البصير في مؤلفه ( نهضة العراق الأدبية في القرن التاسع عشر ) فقال: أخبرني شاهد عيان ثقة أن حانوته الصغير كان ندوة أدب خطيرة الشأن ـ ذلك لأنه كان يطلع تلاميذه من صغار الحاكة على خير ما يقرأ وخير ما ينظم ويرشدهم الى ما في هذا كله من سحر وجمال وفن وصناعة. وكان عارفو فضله من أهل العلم والأدب يختلفون إلى حانوته دائماً يستمتعون بحديثه العذب وأدبه الغض.

توفيرحمه‌الله سنة 1319 ولم يتجاوز الخامسة والأربعين. أما صفاته فقد كان أبيّاً وفياً ذكيّ القلب خفيف الروح بارع النكتة شديد التأمل في شعره كثير التنقيح له، قرض الشعر وهو عامل بسيط فلم تحدثه نفسه في يوم من الأيام أن يتخذه وسيلة لجرّ المغانم وكسب الجوائز ولو أراد هذا لكان ميسوراً سهلاً، ولكنه أبى إلا أن يصطنع الأدب للأدب وأن يقرض الشعر للشعر. ولذلك كان شعره رثاءً لأهل البيت أو غزلاً أو تهنئة لصديق أو مديحاً أو رثاء له، أو نكتة تستدعيها مناسبة طريفة، وللتدليل على ذلك نذكر إحدى طرفه وذلك أنه عاده في مرضه جمع من الأصدقاء وجاء أحد الثقلاء يهمّه أن يتكلم ولا يهمه أن يكون كلامه مفيداً ام غير مفيد مقبولاً أم غير مقبول، فأكثر من الهذيان إلى أن قال: أكثر ما يؤذيك شدّة الحر ـ وكان الفصل صيفاً ـ فأجابه شاعرنا قائلاً: وكثرة الهذيان.

١٥١

ومن درره هذه المرثية الحسينية التي أشرنا اليها:

عطن بذات الرمل وهو قديم

حنت بواديه الخماص الهيم

وتذكرت بالأنعمين مرابعاً

خضر الأديم ونبتهن عميم

أيام مرتبع الركائب باللوى

خضل وماء الواديين جميم

ومن العذيب تخب في غلس الدجى

بالمدلجات مسومات كوم

والركب يتبع ومضة من حاجر

فكأنه بزمامها مخطوم

سل أبرق الحنّاء عن أحبابنا

هل حيهم بالأبرقين مقيم

والثم ثرى الدار التي بجفونها

يوم الوداع ترابها ملثوم

واحلب جفونك ان طفل نباتها

عن ضرع غادية الحيا مفطوم

عجباً لدار الحي تنتجع الحيا

وأخو الغوادي جفني المسجوم

ومولّع باللوم ما عرف الجوى

سفهاً يعنف واجداً ويلوم

فأجبته والنار بين جوانحي

دعني فرزئي بالحسين عظيم

أنعاه مفطور الفؤاد من الظما

وبنحره شجر القنا محطوم

جمّ المناقب منه يضرب للعلا

عرق بأعياص الفخار كريم

فلقد تعاطى والدماء مدامة

ولقد تنادم والحسام نديم

في حيث أودية النجيع يمدّها

بطل بخيل الدارعين يعوم

يغشى الطريد شبا الحسام ورأسه

قبل الفرار أمامه مهزوم

لبّاس محكمة القتير مفاضة

يندق فيها الرمح وهو قويم

يعدو وحبات القلوب كأنها

عقد بسلك قناته منظوم

ومضى يريد الحرب حتى أنه

تحت اللواء يموت وهو كريم

واختار أن يقضي وعمّته الضبا

فيها وظِلته القنا المحطوم

وقضى بيوم حيث في سمر القنا

قِصدٌ وفي بيض الضبا تثليم

ثاوٍ بظل السمر يشكر فعله

في الحرب مصرعه بها المعلوم

١٥٢

فدماؤه مسفوكة وحريمه

مهتوكة وتراثه مقسوم

عجباً رأى النيران بابن قسيمها

برداً خليل الله ابراهيم

وابن النبي قضي بجمرة غلة

منها يذيب الجامدات سموم

وكريمة الحسبين بابن زعيمها

هتفت عشية لا يجيب زعيم

هتكوا الحريم وأنت أمنع جانباً

بحميةٍ فيها تصان حريم

ترتاع من فزع العدو يتيمة

ويأن من ألم السياط يتيم

تطوي الضلوع على لوافح زفرة

خرساء تقعد بالحشا وتقوم

في حيث قدر الوجد يوقد نارها

ملؤ الجوانح زفرة وهموم

فتعج بالحادي ومن أحشائها

جمعت شظايا ملؤهن كلوم

إما مررت على جسوم بني أبي

دعني ولولوث الأزار أقيم

وأرواح ألثم كل نحرٍ منهم

قبلي بأفواه الضبا ملثوم

وأشمّ من تلك النحور لطائماً

فيهن خفاق النسيم نموم

وبرغمهم أسري وأترك عندهم

كبداً ترف عليهم وتحوم

أنعى بدوراً تحت داجية الوغى

يطلعن فيها للرماح نجوم

أكل الحديد جسومهم ومن القنا

صارت لأرؤوسهم تنوب جسوم

ماتوا ضرباً والسيوف بوقفة

فيها لأظفار القنا تقليم

ومشوا لها قدماً وحائمة الردى

لهم بأجنحة السيوف تحوم

وقضوا حقوق المجددون مواقف

رعفت بهنّ أسنة وكلوم

* * *

١٥٣

وله في الامام الحسينعليه‌السلام :

بأيّ حمى قلب الخليط مولع

وفي أي واد كاد صبرك ينزع

وقفن بها لكنها أيّ وقفة

وجدن قلوباً قد جرت وهي ادمع

ترجّع ورقاء الصدى في عراصها

فتنسيك مَن في الأيك باتت ترجّع

مضت ومضى قلب المشوق يؤمها

فلا نأيها يدنو ولا القلب يرجع

فأسرعت دمعي فيهم حيث أسرعوا

وودعت قلبي فيهم حيث ودعوا

كأن حنيني وانصباب مدامعي

زلازل إرعاد به الغيث يهمع

جزعت ولكن لا لمن كان ركبهم

ولولاك يوم الطف ما كنت أجزع

قضت فيك عطشى من بني الوحي فتية

سقتها العدى كأس الردى وهو مترع

بيوم أهاجوا للهياج عجاجة

تضيّع وجه الشمس من حيث تطلع

بفيض نجيع الطعن والسمر شرّع

ويسود ليل النقع والبيض لمّع

بخيل سوى فرسانها ليس تبتغي

وقوم سوى الهيجاء لا تتوقع

تجرد فوق الجرد في كل غارة

حداد سيوف بينها الموت مودع

عليها من الفتيان كل ابن بجدة

يردّ مريع الموت وهو مروع

أحب اليها في الوغى ما يضرها

إذا كان من مال المفاخر ينفع

وما خسرت تلك النفوس بموقف

يحافظ فيها المجد وهي تضيع

تُدفّع من تحت السوابق للقنا

نفوساً بغير الطعن لا تتدفع

كأن رماح الخط بين أكفهم

أراقم في أنيابها السمّ منقع

ولما أبت إلا المعالي بمعرك

به البيض لا تحمي ولا الدرع تمنع

هوت في ثرى الغبرا ولكن سما لها

على ذروة العلياء عزٌ مرفّع

فبين جريح فهو للبيض أكلة

وبين طعين وهو للسمر مرتع

ثوت حيث لا يدري بيوم ثوائها

اصيبت اسود ام بنو الوحي صرّع

فمنعفر خداً وصدر مرضض

ومختضبٌ نحراً وجسم مبضع

١٥٤

كأني بها في كربلا وهي كعبة

سجود عليها البيض والسمر ركع

فيا لوجوه في ثرى الطف غيبت

ومن نورها ما في الأهلة يسطع

ولما تعرّت بالعراء جسومها

كساها ثياباً مجدها ليس ينزع

وظمآنة كادت تروي غليلها

بأدمعها لو كان يروي وينقع

فذا جفنها قد سال دمعاً وقلبها

بكف الرزايا بات وهو موزع

هوت فوق أجساد رأت في هوّيها

حشاشتها من قلبها فهي وقّع

تبيت رزايا الطف تأسر قلبها

وتطلقه أجفانها وهي أدمع

فيا منجد الاسلام إن عز منجد

ويا مفزع الداعي إذا عزّ مفزع

حسامك من ضرب الرقاب مثلّمٌ

ورمحك من طعن الصدور مصدّع

فما خضت بحر الحتف إلا وقد طغى

بهام الأعادي موجه المتدفع

إذا حسرت سود المنايا لثامها

وللشمس وجه للغبار مقنع

ولم أدر يوم الطعن في كل موقف

قناتك ام طير القرى فيه اطمع

فجمعت شمل الدين وهو مفرق

وفرقت شمل الشرك وهو مجمع

إذا لم تفدهم خطبة سيفك اغتدى

خطيباً على هاماتهم وهو مصقع

له شعلة لو يطلب الأفق ضوءها

لأبصرت شمساً لم تغب حين تطلع

ولو كان سمعٌ للصوارم لاغتدى

مجيباً إلى داعي الوغى وهو مسرع

وقفتَ وقد حمّلتَ ما لو حملنَه

الجبال الرواسي أوشكت تتصدع

ورحّبتَ صدراً في امور لو أنها

سرت بين رحب ضاق وهو موسّع

بحيث الرماح السمهريات تلتوي

عليك وبيض المشرفيات تلمع

فلا عجب من هاشم حيث لم تكن

تذب بيوم الطف عنك وتدفع

إذا ضيعوا حتى الوصي ولم تقم

بنصرته فاليوم حقك أضيع

تشيّع ذكر الطف وقعتك التي

بقيت لديها عافراً لا تشيّع

لقد طحنت أضلاعك الخيل والقنا

بجنبك يوم الطعن فيهن ضلّع

١٥٥

فنحرك منحور وصدرك موطأ

ورأسك مشهور وجسمك مودع

إذا لم تضيّع حق عهد جفوننا

عليك فعهد الصبر منا مضيع

وإن جف صوب الدمع باتت قلوبنا

لهن عيون في مصابك تدمع

وإن أدركت بالطف وترك هاشم

فلا المجد منحط ولا الأنف أجدع

تروّي القنا الخطار وهي عواطش

وتشبع ذؤبان الفلا وهي جوّع

تدافع عن خدر التي قد تقنعت

بسوط العدى اذلا حماة تقنّع

أموقع يوم الطف أبقيت حرقة

لها كل آن بين جنبيّ موضع

سأبكيك دهري ما حييت وإن أمت

فلي مقلة عبرى وقلب مفجّع

بنفسي أوصال المكارم واصلت

سيوف العدى حتى انحنت تتقطع

مصارعها في كربلا غير أنها

لها كل آنٍ نصب عينيّ مصرع

* * *

١٥٦

الشيخ محمد سعيد السكافي

المتوفى 1319

يقلّ لدمعي دماً أن يصوبا

وللقلب مني أسىً أن يذوبا

لما قد ألمّ بآل النبي

فأجرى الدموع وأورى القلوبا

ولا مثل يومهم في الطفوف

فقد كان في الدهر يوماً عصيبا

غداة حسين وخيل العدى

تسدّ عليه الفضاء الرحيبا

دعته لينقاد سلس القياد

وتأبى حميته أن يجيبا

فهبّ لحربهم ثائراً

بفتيان حرب تشبّ الحروبا

فمن كل ليث وغىً تتقي

له في الوغى الاسد بأساً مهيبا

وأروع يغشى الوغى باسما

ووجه المنية يبدي قطوبا

فكم ثلمت للمواضي شبا

وكم حطمت للعوالي كعوبا

إلى أن ثوت في الثرى جثّما

تضوّع من نشرها الترب طيبا

وأضحى فريداً غريب الديار

بنفسي أفدي الفريد الغريبا

فراح يخوض غمار الحتوف

ونار حشاه تشبّ لهيبا

وأضحى بجنب العرى عاريا

كسته الأعاصير برداً قشيبا

وسيقت حرائره كالإماء

تجوب حزونا وتطوي سهوبا

ويا رب نادبة والحشى

يكاد بنار الجوى أن يذوبا

أريحانة المصطفى هل ترى

درى المصطفى بك شلواً سليبا

يعز على المصطفى أن يرى

على الترب خدك أمسى تريبا

١٥٧

يعزّ على المصطفى أن يرى

بقاني الدما لك شيباً خضيبا

يعزّ على المصطفى أن يرى

بأيدي العدى لك رحلاً نهيبا

ألانت قناتي يد الحادثا

ت وقد كان عود قناتي صليبا

فهل لليالي بهم أوبة

وهيهات ما قد مضى أن يؤوبا

* * *

الشيخ محمد سعيد الاسكافي ابن الشيخ محمود بن سعيد النجفي الشهير بالاسكافي شاعر مبدع وأديب له شهرته في عصره، ولد في النجف الأشرف 14 رجب 1250 ه‍ ترجم له صاحب الحصون المنيعة نقلاً عن ( كنز الأديب في كل فن عجيب ) تأليف الشيخ أحمد بن الحاج درويش علي الحائري البغدادي المتوفى 1322 فقال: الشيخ محمد سعيد ابن الشيخ محمود الشاعر، الجامع لاشتات المفاخر، كانت لابائه نيابة التولية والنظارة في الحضرة المنورة الحيدرية حينما كان الخازن لها هو المتولي للحكومة السنية في النجف برهة من الزمن وهو الملا يوسف، ثم تغيرت الأحوال بعد وفاة أبيه وابن عم أبيه فصرفت عنهم هذه التولية. توفي والده الشيخ محمود بعد ولادة المترجم له بسنتين وشبّ الصبي وترعرع وتدرج على الأدب والعلم باللغتين الفارسية والعربية ومن أوائل نظمه قوله:

وأخ وفيٌ لا أُطيق فراقه

حكم الزمان بأن أراه مفارقي

بان الأسى مذبان وابيضت أسى

لنواه سود نواظري ومفارقي

ومما يجدر ذكره أنه من اسرة تعرف ب‍ ( آل الحاج علي هادي ) ولم يكن من آل السكافي ( البيت النجفي المعروف ) وإنما يتصل بالقوم من طريق الخؤلة، ومما يتحدث به المعمرون من أسرته التي أشرنا اليها أن أصلهم يرجع إلى الملوك البويهيين الذين ملكوا العراق في غرة القرن الرابع وأنشأوا العمارات الضخمة في النجف وغيرها من العتبات المقدسة، وإذا صحّ ذلك فهم من أقدم البيوت

١٥٨

التي تقطن النجف زهاء الف عام، وتوجد عند بقيتهم صكوك رسمية ( فرامين ) يتوارثونها خلفاً عن سلف قد صودق عليها من قبل الشاهات الصفويين والسلاطين العثمانيين تدل على قدمهم في النجف ورسوخ قدمهم في خدمة الروضة العلوية.

وشاعرنا المترجم له نال هذه الملكة الأدبية بحكما لتربية وأثرها من خاله الذي نشأ في حجره وهو الشاعر المعروف الشيخ عباس بن الملا علي المتوفى سنة 1276 ومن ثمة تجد شاعرنا هذا يسلك في شعره طريقة خاله في الرقة والجزالة وحسن السبك وسرعة البديهة ومن غزله قوله متغزلاً ومتحمساً وقد كتبه بخطه الجيد فانه خطاط مليح الخط قال:

تذكرت عهداً بالحمى راق لي دهرا

فهاجت تباريح الغرام لي الذكرى

وأومض من وادي الغضا لمع بارق

فأذكى لنيران الغضا في الحشا جمرا

فيا حبذا تلك المغاني وإن نأت

وياما أُحيلى العيش فيها وإن مرّا

فيا طالما بالانس كانت أواهلا

وان هي أمست بعد موحشة قفرا

عشية عاطاني المدامة شادن

أغنّ غضيض الطرف ذو غرة غرا

حكى الغصن قداً والجأذر لفتة

وعين ألمها عيناً وبيض الضبا نحرا

فبتنا وقد مدّ الظلام رواقه

علينا وأرخى من جلابيبه سترا

وقد هدأت عنا العيون وهوّمت

سوى أن عين النجم ترمقنا شزرا

من العدل يا ظبي الصريمة أن ترى

وصالي حراماً في الهوى ودمي هدرا

لقد هنت قدراً في هواك وإنني

لأعلى الورى كعباً وأرفعهم قدرا

ويا رب لاح قط ما خامر الهوى

حشاه ولا فاضت له مقلة عبرى

يلوم فلم أرع المسامع عذله

كأن باذني عند تعنيفه وقرا

وهيهات يصغى للملامة وامق

معنّى الحشى مضنى أخو كبد حرى

وقائلة مالي أراك مشمراً

لجوب القفار البيد توسعها مسر

تجوب الفلا أو تركب البحر جاهداً

فلم تتئد أن تقطع البر والبحرا

١٥٩

فقلت لها كفيّ الملامة إنما

هلال الدجى لولا السرى لم يكن بدرا

سأفرى نحور البيد شرقاً ومغربا

وأقطع من أجوازها السهل والوعرا

لأمنية أحظى بها أو منية

فان لم تك الاولى فيا حبذا الاخرى

وللشاعر ديوان جمعه في حياته وروى لنا الأخ الخاقاني في ( شعراء الغرى ) طائفة من روائعه، أقول واختار شاعرنا لنفسه أن يسكن في إحدى المدارس الدينية ويعيش عيشة طلاب العلم الروحيين فقضى شطراً من حياته في مدرسة ( البقعة ) بكربلاء المقدسة حتى استأثرت بروحه الرحمة الالهية وحيداً لا عقب له ودون أن يتزوج وذلك ليلة الاربعاء سلخ ربيع الأول سنة 1319 ه‍ ودفن في صحن الإمام الحسين (ع) وكان عمره 69 عاماً.

ومن رثائه للحسين (ع):

معاهدهم بالسفح من أيمن الحمى

سقاهن وجافّ الغمام إذا همى

وقفت بها كيما أبثّ صبابتي

فكان لسان الدمع عنها مترجما

دهتها صروف الحادثات فلم تدعد

بها أثراً إلا طلولاً وأرسما

بلى إنها الأيام شتى صروفها

إذا ما رمت أصمت ولم تخط مرتمى

وليس كيوم الطف يوم فإنه

أسال من العين المدامع عندما

غداة استفزت آل حرب جموعها

لحرب ابن من قد جاء بالوحي معلما

فلست ترى إلا أصمّ مثقفاً

وأبيض إصليتا وأجرد أدهما

أضلّت عداها الرشد والهدي والحجى

وباعت هداها يوم باعته بالعمى

أتحسب أن يستسلم السبط ملقياً

اليها مقاليد الامور مسلّما

ليوث وغىً لم تتخذ يوم معرك

بها أجماً إلا الوشيج المقوّما

ولم ترض غير الهام غمداً إذا انتضت

لدى الروع مشحوذ الغرارين مخذما

ومذ عاد فرد الدهر فرداً ولم يجد

له منجداً إلا الحسام المصمما

رمى الجيش ثبت الجأش منه بفيلق

يردّ لُهام الجيش أغبر أقتما

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: قد فعل هذا النبي فعلا ان تم لم يعص الله أبدا فقالوا: يا سيدهم أنت كنت لآدم؟ فلما قال المنافقون: انه ينطق عن الهوى وقال أحدهما لصاحبه: اما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون؟ ـ يعنون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ صرخ إبليس صرخة يطرف فجمع أوليائه فقال: أما علمتم انى كنت لادم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٥ ـ في مجمع البيان( لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ ) أي ليزهقونك أي ليقتلونك ويهلكونك عن ابن عباس وكان يقرءها كذلك وقيل ليصرعونك عن الكلبي، وقيل يصيبونك بأعينهم عن السدي والكل يرجع في المعنى إلى الاصابة في العين، والمفسرون كلهم على انه المراد في الاية، وأنكر الجبائي ذلك وقال: ان اصابة العين لا تصح، قال علي بن عيسى الرماني: وهذا الذي ذكره غير صحيح لأنه غير ممتنع أن يكون الله تعالى اجرى العادة بصحة ذلك لضرب من المصلحة، وعليه إجماع المفسرين، وجوزه العقلاء فلا مانع منه، وجاء في الخبر ان أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله ان بنى جعفر تصيبهم العين فاسترقى لهم؟(١) قال: نعم لو كان شيء يسبق القدر لسبقه العين.

٦٦ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن القداح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنين: رقى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حسنا وحسينا فقال: أعيذكما بكلمات الله التامة وأسمائه الحسنى كلها عامة من شر السامة والهامة، ومن شر كل عين لامة ومن شر حاسد إذا حسد، ثم التفت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلينا فقال: هكذا كان يعوذ إبراهيم إسماعيل وإسحاقعليهم‌السلام .

__________________

(١) الرقية: العوذة وهي التي تكتب وتعلق على الإنسان من العين والفزع والجنون واسترقاه: طلب ان يرقيه.

٤٠١

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أكثر من قراءة الحاقة فان قراءتها في الفرائض والنوافل من الايمان بالله ورسوله، لأنها انما نزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام ومعاوية ولم يسلب قاريها دينه حتى يلقى اللهعزوجل .

٢ ـ في مجمع البيان وروى جابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أكثروا من قراءة الحاقة في الفرائض والنوافل فان قراءتها في الفرائض والنوافل من الايمان بالله ورسوله، ولم يسلب قاريها دينه حتى يلقى الله.

٣ ـ أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرء سورة الحاقة حاسبه الله حسابا يسيرا.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ ) قال: الحاقة الحذر بنزول العذاب( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ ) قال: قرعهم بالعذاب( وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ) أي باردة عاتية قال: خرجت أكثر مما أمرت به

٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما خرجت ريح قط إلّا بمكيال إلّا زمن عاد فانها عتت على خزانها، فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد.

٦ ـ في روضة الكافي باسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه: وأمّا الريح العقيم فانها ريح عذاب لا تلقح شيئا من الأرحام ولا شيئا من النبات، وهي ريح تخرج من تحت الأرضين السبع وما خرجت منها ريح إلّا على قوم عاد حين غضب الله عليهم، فأمر الخزان ان يخرجوا منها على مقدار سعة الخاتم، قال: فعتت على الخزان فخرج منها على مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، قال: فضج الخزان إلى اللهعزوجل من ذلك فقالوا: ربنا انها قد عتت عن أمرنا انا نخاف أن يهلك من لم يعصك من خلقك

٤٠٢

وعمار بلادك قال: فبعث اللهعزوجل إليها جبرئيلعليه‌السلام فاستقبلها بجناحه فردها إلى موضعها وقال لها: أخرجى على ما أمرت به، قال: فخرجت على ما أمرت به وأهلكت قوم عاد وكل من حضرتهم.

٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عثمان بن عيسى رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الأربعاء يوم نحس مستمر لأنه أول يوم وآخر يوم من الأيام التي قال اللهعزوجل ( سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ ) .

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ) قال: كان القمر منحوسا بزحل( سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ ) حتى هلكوا، قوله: و( جاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ ) المؤتفكات البصرة والخاطئة فلانة وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً ) والرابية التي أربيت على ما صنعوا.

وقوله:( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ) يعنى أمير المؤمنين وأصحابه

٩ ـ في كتاب معاني الأخبار خطبة لعليٍّعليه‌السلام يذكر فيها نعم اللهعزوجل عليه وفيها يقولعليه‌السلام : ألآ وانى مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، إلى قوله: وانا الاذن الواعية يقول اللهعزوجل :( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) .

١٠ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة وباسناده عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قول اللهعزوجل :( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَة ) قال: دعوت اللهعزوجل ان يجعلها اذنك يا عليُّ.

١١ ـ في مجمع البيان( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) روى الطبري باسناده عن مكحول انه لـمّا نزلت هذه الآية قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أللّهم اجعلها اذن على ثم قالعليه‌السلام : فما سمعت شيئا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنسيته.

١٢ ـ وروى باسناده عن عكرمة عن بريدة الأسلمي ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليٍّعليه‌السلام : يا عليُّ إنّ الله تعالى أمر في أن أدنيك ولا أقصيك، وان أعلمك وتعى وحق

٤٠٣

على الله ان تعى، فنزل:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) .

١٣ ـ وأخبرنى بما كتب إلى بخطه المفيد أبو الوفاء عبد الجبار إلى قوله: قال: سمعت أبا عمر وعثمان بن الخطاب المعمر المعروف بأبي الدنيا الأشج قال: سمعت عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: لـمّا نزلت( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سألت اللهعزوجل ان يجعلها اذنك يا عليُّ.

١٤ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعليٍّعليه‌السلام عند نزول هذه الاية: سألت اللهعزوجل ان يجعلها اذنك يا عليُّ ، قال: فما نسيت شيئا بعد، وما كان لي ان انسى.

١٥ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس (ره) بعد أن ذكر علياعليه‌السلام فان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: انه المراد بقوله تعالى:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) .

١٦ ـ في بصائر الدرجات محمد بن عيسى عن أبي محمد الأنصاري عن صباح المزني عن الحارث بن حضيرة المزني عن الأصبغ بن نباتة عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال في حديث طويل: انا الذي انزل الله في( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) فانا كنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيخبرنا بالوحي فأعيه ويفوتهم، فاذا خرجنا «قالوا ماذا قال آنفا».

١٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم و( حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ ) قال: وقعت فدك بعضها على بعض.

١٨ ـ في أصول الكافي باسناده إلى يحيى بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لـمّا نزلت( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هي اذنك يا عليُّ.

١٩ ـ في إرشاد المفيد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إنّ الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت إلّا نشر، ولا حي إلّا مات إلّا ما شاء الله، ثم يصاحب بهم صيحة اخرى فينشر من مات، ويصفون جميعا وينشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال وتزفر النار بمثل الجبال شررا

، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة قال عز من قائل:( وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها ) .

٢٠ ـ في نهج البلاغة وليس في أطباق السموات موضع إهاب إلّا وعليه ملك

٤٠٤

ساجد أو ساع حافد(١)

٢١ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود علياعليه‌السلام عن الواحد إلى المأة قال له اليهودي: فربك يحمل أو يحمل؟ قال: إنّ ربي يحمل كل شيء بقدرته، ولا يحمله شيء، قال: فكيف قولهعزوجل :( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) قال: يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، فكل شيء على الثرى، والثرى على القدرة، والقدرة، تحمل كل شيء.

٢٢ ـ عن حفص بن غياث النخعي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ حملة العرش لكل واحد منهم ثمانية أعين كل عين طباق الدنيا.

٢٣ ـ وعن الصادقعليه‌السلام قال: إنّ حملة العرش أربعة: أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لبني آدم، والثاني على صورة الديك يسترزق الله للطير، والثالث على صورة الأسد يسترزق الله للسباع، والرابع على صورة الثور يسترزق الله للبهائم، ونكس الثور رأسه منذ عبد بنو إسرائيل العجل، فاذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية.

٢٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى زاذان عن سلمان الفارسي انه قال: سأل بعض النصارى أمير المؤمنينعليه‌السلام عن مسائل فأجابه عنها، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرنى عن ربك أيحمل أو يحمل؟ فقالعليه‌السلام : ربنا جل جلاله يحمل ولا يحمل، قال النصراني: وكيف ذلك ونحن نجد في الإنجيل:( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) ؟ فقال علىعليه‌السلام : ان الملائكة تحمل العرش وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ولكنه شيء محدود مخلوق مدبر، وربكعزوجل مالكه، لا انه عليه ككون الشيء على الشيء، وامر الملائكة بحمله يحملون العرش بما أقدرهم عليه، قال النصراني: صدقت رحمك الله.

٢٥ ـ عن علي بن الحسينعليهما‌السلام حديث طويل في صفة خلق العرش وفيه يقول

__________________

(١) الإهاب: الجلد. والحافد. المسرع.

٤٠٥

عليه‌السلام : له ثمانية أركان على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم إلّا اللهعزوجل ،( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ) .

٢٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له: أخبرني عن قوله:( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) فكيف قال ذاك وقلت: انه يحمل العرش والسماوات والأرض؟ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ان العرش خلقه الله تعالى من أنوار اربعة، نور أحمر منه احمرت الحمرة، ونور أخضر منه اخضرت الخضرة، ونور اصفر منه اصفرت الصفرة، ونور ابيض منه ابيض البياض، وهو العلم الذي حمله الله الحملة، وذلك نور من عظمته فبعظمته ونوره ابصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماء والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المتشتتة(١) فكل محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياتا ولا نشورا، فكل شيء(٢) محمول، والله تبارك وتعالى الممسك لهما ان تزولا والمحيط بهما من شيء وهو حياة كل شيء ونور كل شيء سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا، فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه، وليس يخرج عن هذه الاربعة شيء خلق الله في ملكوته، وهو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليلهعليه‌السلام ، فقال:( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) وكيف يحمل حملة عرش الله وبحياته حييت قلوبهم، وبنوره اهتدوا إلى معرفته؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧ ـ أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه قال له أبو قرة ـ وقد قالعليه‌السلام : والمحمول ما سوى الله ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه: يا محمول ـ فانه قال:( وَيَحْمِلُ عَرْشَ

__________________

(١) وفي المصدر «والأديان المشتبهة».

(٢) ضمائر التثنية ـ على ما قيل ـ ترجع إلى السماوات والأرض.

٤٠٦

رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) وقال:( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ) فقال أبو الحسنعليه‌السلام : العرش ليس هو الله والعرش اسم علم وقدرة، وعرش فيه كل شيء ثم أضاف الحمل إلى غيره: خلق من خلقه(١) لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه وهم حملة علمه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٨ ـ محمد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: حملة العرش ـ والعرش: العلم ـ ثمانية: اربعة منا واربعة ممن شاء الله.

٢٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) قال: حملة العرش ثمانية لكل واحد ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا.

وفي حديث آخر قال: حملة العرش ثمانية اربعة من الأولين واربعة من الآخرين، فاما الاربعة من الأولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وأمّا الآخرون فمحمّد وعليٌّ والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ومعنى يحملون يعنى العلم.

٣٠ ـ في مجمع البيان( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) من الملائكة عن ابن زيد وروى ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انهم اليوم أربعة. فاذا كان يوم القيامة أيدهم بأربعة اخرى فيكونون ثمانية.

٣١ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) وروى من طريق المخالفين في قوله( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) قال: ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلّا لله، لكل ملك منهم أربعة وجوه، لهم قرون كقرون الوعلة من أصول القرون إلى منتهاها مسيرة خمسمائة عام، والعرش على قرونهم، وأقدامهم في الأرض السفلى، و

__________________

(١) قال المجلسي (عليه السلام): قوله «خلق» بالجر بدل من غيره وأشار بذلك إلى ان الحامل لـمّا كان من خلقه فيرجع الحمل إليه تعالى، قوله: «وهم حملة علمه» أي وقد يطلق حملة العرش على حملة العلم أيضا، أو حملة العرش في القيامة هم حملة العلم في الدنيا.

٤٠٧

رؤسهم في السماء العليا ودون العرش سبعون حجابا من نور.

٣٢ ـ في محاسن البرقي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ان حملة العرش لـمّا ذهبوا ينهضون بالعرش لم يستقلوه فألهمهم الله: لا حول ولا قوة إلّا بالله فنهضوا به.

٣٣ ـ في كتاب التوحيد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل فيه وقد ذكر عظمة العرش ما تحمله الاملاك إلّا بقول لا إله إلّا الله ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

٣٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وأمّا قوله:( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ) فانه قال الصادقعليه‌السلام كل امة يحاسبها امام زمانها ويعرف الائمة أوليائهم وأعداهم بسيماهم وهو قوله( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ ) وهم الائمة( يَعْرِفُونَ «كُلًّا بِسِيماهُمْ ) فيعطوا أوليائهم كتابهم بيمينهم، فيمروا إلى الجنة بلا حساب، ويعطوا أعداءهم كتابهم بشمالهم فيمروا إلى النار بلا حساب ؛ فاذا نظر أولياؤهم في كتابهم يقولون لإخوانهم( هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) .

٣٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وأمّا قوله:( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ) يعنى يتيقنوا انهم داخلوها وكذلك قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وأمّا قوله للمنافقين( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهو ظن شك وليس ظن يقين.

٣٦ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وأمّا قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وقوله:( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) وقوله للمنافقين:( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فان قوله:( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) يقول. انى ظننت انى ابعث فأجاب وقوله للمنافقين:( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهذا الظن ظن شك، وليس الظن ظن يقين، والظن ظنان ظن شك وظن يقين، فما كان من أمر معاد من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك فافهم ما فسرت لك.

٣٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ) أي مرضية فوضع الفاعل مكان المفعول.

٤٠٨

٣٨ ـ في مجمع البيان:( فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ ) وقد ورد الخبر عن عطاء بن يسار عن سلمان قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يدخل الجنة أحد إلّا بجواز( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه( جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها دانِيَةٌ ) .

قال عز من قائل:( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ ) .

٣٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن مرة عن ثوبان قال: قال يهودي للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها؟ قال: كبد الحوت قال: فما شرابهم على اثر ذلك؟ قال: السلسبيل قال: صدقت. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٠ ـ وباسناده إلى أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال لعبد الله بن سلام وقد سأله عن مسائل: وأمّا أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت.

٤١ ـ في مجمع البيان وعن زيد بن أرقم قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا أبا القاسم تزعم ان أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال: والذي نفسي بيده ان الرجل منهم ليؤتى قوة مأة رجل في الاكل والشرب والجماع، قال: فان الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة؟ فقال: عرق يفيض مثل ريح المسك فاذا كان ذلك ضمر له بطنه.

٤٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وانزل في الحاقة:( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ: يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ ) إلى قوله( إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ) فهذا مشرك.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا جعفر بن محمد بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم قال: انى لأعرف ما في كتاب أصحاب اليمين وكتاب أصحاب الشمال، وأمّا كتاب أصحاب اليمين بسم الله الرحمن الرحيم وقوله:( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ ) قال: نزلت في معاوية فيقول: «( يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ

٤٠٩

ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ) يعنى الموت( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ ) يعنى ماله الذي جمعه هلك عنى سلطانية أي حجته فيقال:( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ) أي أسكنوه( ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ ) قال: معنى السلسلة السبعون ذراعا في الباطن هم الجبابرة السبعون.

٤٤ ـ حدّثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا ؛ وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال اللهعزوجل :( فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ) وكان فرعون هذه الامة.

٤٦ ـ في بصائر الدرجات على عن العباس بن عامر عن أبان عن بشير النبال عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال كنت خلف أبي وهو على بغلة فنفرت بغلته فاذا شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه، فقال: يا عليّ بن الحسين اسقني، فقال الرجل: لا تسقه لا سقاه الله وكان الشيخ م ع وى ه.

٤٧ ـ الحجال عن الحسن بن الحسين عن ابن سنان عن عبد الملك القمّي عن إدريس أخيه قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: بينا أنا وابى متوجهان إلى مكة وأبى قد تقدمني في موضع يقال له ضجنان، إذ جاء رجل في عنقه سلسلة يجرها، فقال لي: اسقني قال: فصاح بي أبي لا تسقه لا سقاه الله، ورجل يتبعه حتى جذب سلسلة جذبه وطرحه في أسفل درك من النار.

٤٨ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن علي بن المغيرة قال: نزل أبو جعفرعليه‌السلام بوادي ضجنان فقال ثلاث مرات: لا غفر الله لك، ثم قال لأصحابه: أتدرون لم قلت ما قلت؟ قالوا: لم قلت جعلنا الله فداك؟ قال: مر معاوية يجر سلسلة قد ادلى لسانه يسألني ان استغفر له وانه ليقال: ان هذا واد من اودية جهنم.

٤١٠

٤٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ) حقوق آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله التي غصبوها قال اللهعزوجل :( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ ) أي قرابة( وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ) قال: عرق الكفار

٥٠ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قال:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) يعنى جبرئيل عن الله في ولاية عليٍّ قلت:( وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ ) قال قالوا: ان محمدا كذب وما أمره الله بهذا في عليٍّ فأنزل الله بذلك قرآنا فقال: إنّ ولاية عليٍّ( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا ) محمد( بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ) ثم عطف فقال: «إنّ ولاية عليٍّ لتذكرة للمتقين للعالمين( وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) * وان علينا( لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ) * وان ولايته( لَحَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ ) يا محمد( بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) يقول: اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥١ ـ في تفسير العياشي عن زيد بن الجهم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال لي: لـمّا أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علىعليه‌السلام فأظهر ولايته قالا جميعا: والله ما هذا من تلقاء الله ولا هذا إلّا شيء أراد أن يشرف به ابن عمه، فأنزل الله عليه:( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ) فلانا وفلانا( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ) يعنى عليا( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) يعنى عليا( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) .

٥٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقوله:( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ ) يعنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) قال: انتقمنا منه بقوة( ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ) قال: عرق في الظهر يكون منه الولد ثم قال:( فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ) يعنى لا يحجز الله عنه أحد ولا يمنعه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقوله:( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ) يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ )

٤١١

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أكثروا من قراءة سأل سائل فان من أكثر قراءتها لم يسأل الله تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله وأسكنه الجنة مع محمد إنْ شاء الله.

٢ ـ في مجمع البيان وعن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من أدمن قراءة سأل سائل لم يسأله الله يوم القيامة عن ذنب عمله وأسكنه جنته مع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ومن قرء سورة سأل سائل أعطاه الله ثواب( الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ، وَالَّذِينَ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ ) .

٤ ـ وأخبرنا السيد أبو الحمد إلى قوله: عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال: لـمّا نصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليا يوم غدير خم قال: من كنت مولاه فعلى مولاه طار ذلك في البلاد، فقدم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لنعمان بن الحارث الزهري فقال: أمرتنا عن الله ان نشهد أنْ لا إله إلّا الله وانك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلوة والزكاة فقبلناها ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فعلى مولاه، فهذا شيء منك أو أمر من عند الله؟ فقال: لا والله الذي لا إله إلّا هو ان هذا من الله فولى النعمان بن الحارث وهو يقول:( اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ) ، فرماه الله بحجر على رأسه فقتله وانزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) .

٥ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى: «( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ ) بولاية على( لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيلعليه‌السلام على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٦ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان

٤١٢

عن أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان فيك شبها من عيسى بن مريم إلى قوله: قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهدي فقال أللّهم ان كان هذا هو الحق من عندك ان بنى هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل(١) «فأرسل( عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ثم قال له: يا عمرو إمّا تبت وإمّا رحلت؟ فقال: يا محمد بل تجعل لساير قريش شيئا مما في يديك فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس ذلك إليَّ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى فقال: يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن ارحل عنك فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت هامته(٢) ثم أتى الوحي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: «( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ ) بولاية على( لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ) قال: قلت: جعلت فداك انا لا نقرءها هكذا؟ فقال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمةعليها‌السلام فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به، والحديث طويل مذكور في الزخرف عند قوله تعالى:( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً ) الاية.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) قال: سئل أبو جعفرعليه‌السلام عن معنى هذا فقال: نار تخرج من المغرب، وملك يسوقها من خلفها حتى تأتى دار بنى سعد بن همام عند مسجدهم فلا تدع دارا لبني امية إلّا أحرقتها وأهلها، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمّد إلّا أحرقتها وذلك المهديعليه‌السلام .

٨ ـ وفي حديث آخر لـمّا اصطفت الخيلان يوم بدر رفع أبو جهل يده فقال: أللّهم أقطعنا للرحم وآتنا بما لا نعرفه فاجئه العذاب، فأنزل الله تبارك وتعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) .

__________________

(١) هرق: اسم ملك الروم أراد بنى هاشم يتوارثون ملك بعد ملك.

(٢) الجندلة واحدة الجندل ـ: الحجارة، ورضه: دقه. والهامة: رأس كل شيء.

٤١٣

٩ ـ أخبرنا أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الله عن محمد بن علي عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي الحسنعليه‌السلام في قوله( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) قال: سأل رجل عن الأوصياء وعن شأن ليلة القدر وما يلهمون فيها، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سالت عن عذاب واقع ثم كفر بان ذلك لا يكون فاذا وقع فليس( لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ) قال:( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ ) في صبح ليلة القدر إليه من عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والوصي.

١٠ ـ في روضة الكافي باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في حديث طويل: قال فان للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقداره ألف سنة ثم تلا:( فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) مما تعدون.

١١ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : ألآ فحاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا، فانّ في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة مما تعدّون، ثمّ تلا هذه الاية:( فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) .

١٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسينعليهم‌السلام ان أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: وقد ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه أسرى به( مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) مسيرة شهر وعرج به( فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ ) مسيرة خمسين الف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من آيات الكتاب وأمّا قوله: «( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ ) وقال صوابا» وقوله: «و( اللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ) وقوله «و( يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) وقوله:( إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) وقوله:( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ) وقوله:( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) : فان ذلك في مواطن

٤١٤

غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة يجمع اللهعزوجل الخلائق في مواطن يتفرقون ويكلم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء والاتباع ويلعن بعض أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء وتعاونوا على الإثم والعدوان في دار الدنيا المستكبرين والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا والكفر في هذه الآية البرائة يقول: فيبرأ بعضهم من بعض ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان( إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ) وقول إبراهيم خليل الرحمن:( كَفَرْنا بِكُمْ ) أي تبرأنا منكم ثم يجتمعون في موطن آخر يبكون فلو ان تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، ولتصدعت قلوبهم إلّا ما شاء الله، فلا يزالون يبكون الدم، ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون:( وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ) فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود، فنشهد بكل معصية كانت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم:( لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض، فذلك قولهعزوجل :( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ) فيستنطقون( لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً ) فيقوم الرسل صلوات الله عليهم فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى:( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) ثم يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو المقام المحمود، فيثنى على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثمّ يثنى على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلّا اثنى عليه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ يثنى على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثمّ يثنى على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين ثمّ الشهداء ثمّ الصالحين، فيحمده أهل السماوات وأهل الأرض وذلك قولهعزوجل :( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حق، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب، ثم يجتمعون في موطن آخر ويدان بعضهم من بعض ؛ وهذا كله قبل الحساب فاذا أخذ في الحساب شغل كل إنسان بما لديه، نسأل الله

٤١٥

بركة ذات اليوم.

١٤ ـ وباسناده إلى زيد بن علي عن أبيه سيد العابدينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه سيد العابدينعليه‌السلام : وان لله تبارك وتعالى بقاعا في سمواته فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به اليه، ألا تسمع اللهعزوجل يقول:( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) . وفي الفقيه مثله سواء.

١٥ ـ في مجمع البيان( فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) وروى أبو سعيد الخدري قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أطول هذا اليوم؟ فقال: والذي نفس محمد بيده انه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلوة مكتوبة يصليها في الدنيا.

١٦ ـ وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لو ولي الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا، والله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة.

١٧ ـ وعنهعليه‌السلام أيضا قال: لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقبل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.

١٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً ) أي لتكذيب من كذب ان ذلك يكون، قوله:( يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ) قال: الرصاص الذائب والنحاس، كذلك تذوب السماء وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله يبصرونهم يقول: يعرفونهم ثم لا يتساءلون.

١٩ ـ وقوله:( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ ) وهي امه التي ولدته قوله: نزاعة للشوى قال: تنزع عينيه وتسود وجهه تدعو( مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ) قال: تجره إليها( إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ) قال الشر هو الفقر والفاقة( وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ) قال: الغنى والسعة وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ثمّ استثنى فقال: إلّا المصلين فوصفهم بأحسن أعمالهم الذين هم على صلوتهم دائمون يقول: إذا فرض على نفسه شيئا من النوافل دام عليه.

٤١٦

٢٠ ـ في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: لا يصلّي الرجل نافلة في وقت فريضة إلّا من عذر، ولكن يقضى بعد ذلك إذا امكنه القضاء، قال الله تعالى:( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) يعنى الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار، وما فاتهم من النهار بالليل، لا تقضى النافلة في وقت فريضة، ابدء بالفريضة ثم صل ما بدا لك.

٢١ ـ في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد ومحمد بن يحيى عن أحمد عن حماد بن عيسى عن حريز عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) قال: هي الفريضة، قلت:( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) قال: هي النافلة.

٢٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وانا شاب فوصف لي التطوع والصوم، فرأى ثقل ذلك في وجهي، فقال لي: ان هذا ليس كالفريضة من تركها هلك، انما هو التطوع ان شغلت عنه أو تركته قضيته، انهم كانوا يكرهون ان ترفع أعمالهم يوما تاما ويوما ناقصا، ان اللهعزوجل يقول:( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) وكانوا يكرهون ان يصلوا حتى يزول النهار، ان أبواب السماء تفتح إذا زال النهار.

٢٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تعالى فرض للفقراء في اموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلّا بأدائها وهي الزكاة، بها حقنوا دماءهم وبها سموا مسلمين، ولكن الله تعالى فرض في اموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة، فقال سبحانه وتعالى و( الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ) فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ما له يجب عليه ان يفرضه على قدر طاقته وسعة ما له فيؤدى الذي فرض على نفسه ان شاء في كل يوم وان شاء في كل جمعة وان شاء في كل شهر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن

٤١٧

ابى المعزاء عن أبي بصير قال: كنا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ومعى بعض أصحاب الأموال فذكروا الزكاة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ان الزكاة ليس يحمد بها صاحبها انما هو شيء ظاهر انما حقن بها دمه وسمى بها مسلما ولو لم يؤدها لم تقبل له صلوة وان عليكم في أموالكم غير الزكاة فقلت: أصلحك الله وما علينا في أموالنا غير الزكاة فقال: سبحان الله اما تسمع اللهعزوجل يقول في كتابه:( وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) قال: قلت ما ذا الحق المعلوم الذي علينا؟ قال: هو الشيء يعمله الرجل في ماله يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو في الشهر قل أو كثر غير انه يدوم عليه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥ ـ علي بن محمد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) أهو سوى الزكاة؟ فقال: هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال، فيخرج منه الالف والألفين والثلاثة الآلاف والأقل والأكثر فيصل به رحمه، ويحمل به الكل عن قومه.

٢٦ ـ عنه عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الرحمان بن الحجاج عن القاسم بن عبد الرحمان الأنصاري قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ رجلا جاء إلى أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام وقال له: أخبرني عن قول اللهعزوجل : «و( فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) ما هذا الحق المعلوم؟ فقال له علي بن الحسينعليهما‌السلام : الحق المعلوم الشيء يخرجه من ما له ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين، فقال: وإذا لم يكن من الزكاة ولا من الصدقة فما هو؟ فقال: هو الشيء الذي يخرجه من ما له أن شاء أكثروا ان شاء أقل على قدر ما يملك، فقال له الرجل: فما يصنع به؟ قال: يصل به رحما ويقوى به ضعيفا ويحمل به كلا أو يصل به أخا له في الله، أو النائبة تنوبه فقال الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالاته.

٢٧ ـ عنه عن ابن فضال عن صفوان بن الجمال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول

٤١٨

اللهعزوجل : للسائل والمحروم قال: المحروم المحارف(١) الذي قد حرم كدّيده في الشراء والبيع.

٢٨ ـ وفي رواية اخرى عن أبي جعفر وابى عبد اللهعليهما‌السلام انهما قالا: المحروم الرجل الذي ليس بعقله بأس ولم يبسط له في الرزق وهو محارف.

٢٩ ـ علي بن محمد بن بندار وغيره عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن رجل من أهل ساباط قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لعمار: يا عمار أنت رب مال كثير؟ قال: نعم جعلت فداك قال: فتؤدي ما افترض عليه من الزكاة؟ قال: نعم قال: فتخرج المعلوم من مالك؟ قال: نعم، قال: فتصل قرابتك؟ قال: نعم، قال فتصل إخوانك؟ قال: نعم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ في مجمع البيان وروى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه قال: الحق المعلوم ليس الزكاة وهو الشيء تخرجه من مالك ان شئت كل جمعة وان شئت كل يوم، ولكل ذي فضل فضله.

٣١ ـ وروى عنه أيضا انه قال: هو ان تصل القرابة وتعطى من حرمك، وتصدق على من عاداك.

٣٢ ـ في محاسن البرقي وروى محمد بن علي عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام إذا أتاه رجل من الشيعة ليودعه بالخروج إلى العراق، فأخذ أبو جعفرعليه‌السلام بيده ثم قال حدثه عن أبيه بما كان يصنع قال: فودعه الرجل ومضى فأتى الخبر بأنه قطع عليه فأخبرت بذلك أبا جعفرعليه‌السلام فقال: سبحان الله أو لم أعظه؟ فقلت: بلى، ثم قلت: جعلت فداك إذا أنا فعلت ذلك اعتد به من الزكاة؟ قال: لا ولكن ان شئت ان يكون ذلك من الحق المعلوم.

٣٣ ـ في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمان عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قولهعزوجل :

__________________

(١) المحارف: المحروم المحدود الذي طلب فلا يرزق وهو خلاف قولك مبارك.

٤١٩

( وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ) قال: بخروج القائمعليه‌السلام .

٣٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمر والزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيهعليه‌السلام بعد ان قال: وفرض على البصر ان لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وان يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له وهو عمله، وهو من الايمان وذكر قوله تعالى:( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ) إلى قوله: «ويحفظن فروجهن» وفسرها وكل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلّا هذه الآية فانها من النظر.

٣٥ ـ في الكافي باسناده إلى إسحاق بن أبي سارة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عنها يعنى المتعة فقال لي: حلال فلا تتزوج إلّا عفيفة، إنّ اللهعزوجل يقول:( الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ) فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك.

٣٦ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : تحل الفروج بثلاثة وجوه: نكاح بميراث، ونكاح بلا ميراث ونكاح بملك يمين.

٣٧ ـ في الكافي باسناده إلى الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل : الذين هم على صلوتهم يحافظون قال: هي الفريضة قلت:( الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ) قال: هي النافلة.

٣٨ ـ في مجمع البيان( وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ) وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسنعليه‌السلام انه قال: أولئك أصحاب الخمسين صلوة من شيعتنا.

٣٩ ـ وروى زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: هذه الفريضة، من صلاها لوقتها عارفا بحقها لا يؤثر عليها غيرها كتب الله له برارة لا يعذبه، ومن صلاها لغير وقتها مؤثرا عليها غيرها، فان ذلك إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه.

٤٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل و

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749