تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 363458 / تحميل: 5064
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الذي ثار في أيام المتوكل وقُتِل في أيام المستعين ( 250 ه‍ ) ، وذكر في تلك القصيدة ظلم بني العباس لأهل البيتعليهم‌السلام ، وقارن بين النهجين ، وهي طويلة ، يقول في مطلعها :

إمامك فانظر أي نهجيك تنهجُ

طريقان شتى مستقيم وأعوج(1)

عمره ومدة إمامته عليه‌السلام :

عمره يوم وافاه الأجل (28) عاماً ، فقد ولد في سنة 232 ه‍ واستشهد سنة 260 ه‍ ، وهو بذلك يعدّ أصغر آبائه المعصومينعليه‌السلام عمراً ، وعاش 22 عاماً في ظلّ أبيه الإمام أبي الحسن الهاديعليه‌السلام الذي استشهد سنة 254 ه‍ ، ووصفه بقوله :« أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجة ، وهو الأكبر من ولدي ، وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرى الإمامة وأحكامها » (2) .

ومدّة إمامته ست سنوات ( 254 ـ 260 ه‍ ) عاصر فيها من سلاطين بني العباس المعتز ( 251 ـ 255 ه‍ ) والمهتدي ( 255 ـ 256 ه‍ ) والمعتمد ( 256 ـ 279 ه‍ )(3) .

__________________

(1) ديوان ابن الرومي 2 : 492 / 365 تحقيق الدكتور حسين نصار ، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

(2) أصول الكافي : 327 / 11 ـ باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) راجع : تاج المواليد : 134 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، دلائل الإمامة : 423 ، إعلام الورى 2 : 31 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 142 ، بحار الأنوار 50 : 236 / 5 و 238 / 8.

١٠١

زوجته عليه‌السلام :

وهي اُمّ ولد يقال لها نرجسعليها‌السلام ، وكان الإمام أبو الحسن الهاديعليه‌السلام قد أعطاها إلى أخته حكيمة بنت محمد الجوادعليه‌السلام وقال لها :« يا بنت رسول الله ، اخرجيها إلى منزلك ، وعلميها الفرائض والسنن ، فإنها زوجة أبي محمد واُمّ القائم » (1) .

وكما اختلفت الروايات في اسم أم الإمام العسكريعليه‌السلام كما مرّ ، فقد اختلفت أيضاً في اسم زوجته ، ويستفاد من أخبار أسرها وجلبها إلى بغداد وابتياعها(2) ، أنّ اسمها مليكة بنت يشوعا بن قصير ملك الروم ، واُمّها من ولد الحواريين ، تنسب إلى شمعون وصيّ المسيحعليه‌السلام ، ولما اُسرت سمّت نفسها نرجس لئلا يعرف الشيخ الذي وقعت في سهمه من الغنيمة أنّها من سلالة الملوك.

وقد تعدّدت أسماؤها ، فجاء في رواية : أنها ريحانة ، ويقال لها نرجس ويقال لها صقيل ، ويقال لها سوسن ، إلا أنه قيل لها بسبب الحمل صقيل(3) .

ويستفاد من الأخبار أنه بعد شهادة الإمام العسكريعليه‌السلام هجم جند السلطان لتفتيش دار الإمامعليه‌السلام طلباً للولد ، ولما لم يعثروا على شيء وجّه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل ، وحملوها إلى داره ، فطالبوها بالولد فانكرته

__________________

(1) إكمال الدين : 423 / 1 ـ باب 41.

(2) راجع : إكمال الدين : 417 / 1 ـ باب 41 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 472 الغيبة للشيخ الطوسي : 208 / 178 ، روضة الواعظين : 252 ، دلائل الإمامة : 489 / 488.

(3) إكمال الدين : 432 / 12 ـ باب 42 ، الغيبة للشيخ الطوسي : 393 / 362.

١٠٢

وادّعت الحبل تغطية على حاله ، فجعلت نسوة وخدم المعتمد والموفق والقاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كلّ وقت ، إلى أن دهمهم أمر يعقوب بن الليث الصفار ، وصاحب الزنج ، وموت عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، فشغلوا عنها ، وخرجت عن أيديهم(1) .

وُلْدُه عليه‌السلام :

ذكر بعض النسابة والمؤرخين أنهعليه‌السلام لم يخلف ولداً غير الإمام الحجة القائم المهديعليه‌السلام (2) .

قال الشيخ المفيد : كان الإمام بعد أبي محمدعليه‌السلام ابنه المسمّي باسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المكّني بكنيته ، ولم يخلف ولداً غيره ظاهراً ولا باطناً ، وخلفه غائباً مستتراً ، وكانت سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين ، أتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب ، وجعله آية للعالمين ، وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبياً ، وجعله إماماً في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسىٰ بن مريمعليه‌السلام في المهد نبياً(3) .

وقال الطبرسي وغيره : خلّف ولده الحجة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان قد أخفى مولده لشدّة طلب سلطان الوقت له ، واجتهاده في البحث عن أمره ،

__________________

(1) راجع : إكمال الدين : 43 ـ مقدمة المصنف ، 476 / 25 باب 42 ، دلائل الإمامة : 425 ، بحار الأنوار 50 : 331 / 3.

(2) راجع : المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، كفاية الطالب / الكنجي : 458 ـ دار إحياء تراث أهل البيت ـ طهران ـ 1404 ه‍ ، دلائل الإمامة : 425 ، نور الأبصار : 341.

(3) الإرشاد 2 : 339.

١٠٣

فلم يره إلا الخواص من شيعته(1) .

وقيل : إنّ للإمام العسكري ذكراً واُنثي(2) ، وجاء في رواية للشيخ الصدوق أن له ولدين هما محمدعليه‌السلام وموسى(3) ، وعدّ بعضهم سبعة أولاد للإمام العسكريعليه‌السلام وهم : القائمعليه‌السلام وهو الإمام بعد أبيه ، وموسى ، وجعفر ، وإبراهيم ، وعائشة ، وفاطمة ، ودلالة(4) .

واذا سلّمنا بصحة هذه الأقوال فلا بدّ أن نفترض كونهم ممن درجوا في حياة أبيهمعليه‌السلام ، ويدلّ عليه ما رواه الشيخ الطوسي بالاسناد عن إبراهيم بن إدريس ، قال : « وجّه إلىّ مولاي أبو محمدعليه‌السلام بكبش ، ثمّ لقيته بعد ذلك فقال لي :المولود الذي ولد لي مات ، ثمّ وجّه إلي بكبشين ، وكتب :بسم الله الرحمن الرحيم ، عقّ هذين الكبشين عن مولاك ، وكُل هنأك الله ، واطعم إخوانك ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فما ذكر لي شيئاً »(5) .

اخوته عليه‌السلام :

ذكر المؤرخون أن له ثلاثة اخوة ، وهم : محمد المتوفّي في حياة أبيه ، والحسين ، وجعفر المعروف بالكذاب ، وقيل : إن له من الإخوة اثنين وحسب وهما : جعفر وإبراهيم ، وهذا غلط واضح لشهرة السيد محمد بن الإمام الهاديعليه‌السلام في كتب الانساب والتاريخ والحديث. وله اخت واحدة مختلف في

__________________

(1) إعلام الورى 2 : 151 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455.

(2) مصباح الكفعمي : 523.

(3) راجع : إكمال الدين : 446 / 19 باب 43 و 467 / 21 من نفس الباب.

(4) التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 143.

(5) الغيبة للشيخ الطوسي : 245 ـ 246 / 214.

١٠٤

اسمها فقيل : حكيمة ، أوعائشة ، أو علية ، أو عالية.

وقيل : له اختان وهما : عائشة ودلالة(1) .

السيد محمد :

وهو أبو جعفر محمد بن الإمام أبي الحسن الهادي ، المتوفي نحو سنة 252 ه‍(2) ، وقال السيد محسن الأمين : جليل القدر ، عظيم الشأن ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لما اُتي به إلى العراق ، ثم قدم عليه في سامراء ، ثمّ أراد الرجوع إلى الحجاز ، فلمّا بلغ القرية التي يقال لها ( بلد ) على تسعة فراسخ من سامراء ، مرض وتوفّي ودفن قريباً منها ، ومشهده هناك معروف مزور ، ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمد ثوبه ، وقال في جواب من لامه على ذلك :« قد شق موسى على أخيه هارون » (3) .

وجاء في الرواية : « أن أبا الحسنعليه‌السلام قد بسط به في صحن دار ، يوم توفي محمد ابنه ، والناس جلوس حوله يعزّونه ، من آل أبي طالب وبني هاشم

__________________

(1) راجع : الإرشاد 2 : 312 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 433 ، دلائل الإمامة : 412 ، إعلام الورى 2 : 127 ، الفصول المهمة 2 : 1076 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 138.

(2) ورد في حديث أن عمر الإمام العسكريعليه‌السلام يوم وفاة أخيه السيد محمد نحو عشرين سنة ، وبما أنهعليه‌السلام ولد سنة 232 ، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة 252 هـ. راجع : أصول الكافي 1 : 327 / 8 ـ باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) أعيان الشيعة 14 : 291 ـ دار التعارف للمطبوعات.

١٠٥

وقريش ومواليه ومن سائرالناس »(1) .

جعفر الكذاب :

أما جعفر الكذاب ، فكان صاحب فتنة وضلالة ، وقد أخبر أئمة أهل البيتعليهم‌السلام عنه قبل ولادته ، وحذّروا شيعتهم من فتنته ، ففي حديث عن أبي خالد الكابلي« أنه سأل الإمام علي بن الحسين صلوات الله عليه : من الحجة والإمام بعدك ؟ فقال :ابني محمد ، واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقراً ، وهو الحجة والإمام بعدي ، ومن بعد محمد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له : يا سيدي ، كيف صار اسمه الصادق ، وكلكم صادقون ؟ فقال :حدّثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فسمّوه الصادق ، فإنّ للخامس من ولده ولداً اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراءً على الله وكذباً عليه ، فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله عزوجل والمدّعي لما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه ، والحاسد لأخيه ، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة ولي الله عزوجلّ ... ثم قال :كاني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، والمغيب في حفظ الله ، والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته ، وحرصاً على قتله إن ظفر به ، طمعاً في ميراث أبيه حتى

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 326 / 8 باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٠٦

يأخذه بغير حقّه »(1) .

وحينما ولد جعفر فرح أهل الدار بولادته ، ولم يروا أثراً للسرور على أبي الحسن الهاديعليه‌السلام ، فقيل له في ذلك ، فقال :« يهون عليك أمره ، فإنّه سيضلّ خلقاً كثيراً » (2) .

وقد تحقق ما قاله أهل البيتعليهم‌السلام عن فتنته وضلالته ، حيث كانت له بعد شهادة أخيه الإمام العسكريعليه‌السلام ثلاثة أدوار سيئة :

1 ـ ادعاء الإمامة بعد أخيه الحسنعليه‌السلام كذباً وزوراً ، ولهذا خرجت عن الإمام المهديعليه‌السلام عدّة تواقيع تنبه الشيعة على بطلان ادعائه وكذبه وعصيانه وظلمه ، وجهله بالأحكام وتركه الواجبات ، منها على يد أحمد بن إسحاق الأشعري ، وعلى يد محمد بن عثمان العمري(3) ، فجفته الشيعة بعد أن بان كلّ ما ذكره ، ممّا اضطره إلى التوسل برجال الدولة ومنهم الوزير عبيد الله بن يحيى ابن خاقان في أن يجعلوا له مرتبة أخيه فزبره بالقول « يا أحمق ، السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردّهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة لك إلى السلطان ليرتبك

__________________

(1) علل الشرائع / الصدوق 1 : 234 / 1 ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف ـ 1385 ه‍ ، إكمال الدين : 319 / 2 باب 31.

(2) إكمال الدين : 321 / آخر الحديث 2 باب 31 ، الغيبة / للشيخ الطوسي : 226 / 193.

(3) راجع : إكمال الدين : 483 / 4 ـ باب 45 ، الغيبة / للشيخ الطوسي : 290 / 247 ، بحار الأنوار 50 : 230 / 3 عن احتجاج الطبرسي : 162 ـ 163.

١٠٧

مراتبهم ولا غير السلطان ، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا »(1) .

وحمل عشرين ألف دينار إلى المعتمد ، طالباً منه أن يجعل له مرتبة أخيه ومنزلته. فأجابه بنحو جواب ابن خاقان(2) .

2 ـ ادعاؤه التركة وبالتالي حيازته إياها مناصفة مع اُم العسكريعليه‌السلام بإذن من السلطات الحاكمة.

3 ـ افشاء سر أخيه العسكريعليه‌السلام إلى الدولة من خلال الايعاز لهم بولادة الإمام المهديعليه‌السلام ، ومن هنا بدأت سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الإمامعليه‌السلام ، ولم يتمكنوا من العثور على الإمام المهديعليه‌السلام ، وبذلك يكون جعفر قد كشف ما أوجب الله تعالى ستره وكتمانه.

وقد أجمل الشيخ المفيدرحمه‌الله جملة هذه الأدوار المشينة وغيرها التي قام بها جعفر الكذاب تعد شهادة أخيه الحسنعليه‌السلام بقوله : « تولّى جعفر بن علي أخو أبي محمدعليه‌السلام أخذ تركته ، وسعى في حبس جواري أبي محمدعليه‌السلام واعتقال حلائله ، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بإمامته ، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم ، وجرى على مخلّفي أبي محمدعليه‌السلام بسبب ذلك كلّ عظيمة ؛ من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ ، ولم يظفر السلطان منهم بطائل.

وحاز جعفر ظاهر تركة أبي محمدعليه‌السلام ، واجتهد في القيام عند الشيعة

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 505 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتال الحجة ، الإرشاد 2 : 324.

(2) راجع : إكمال الدين : 479 ، الخرائج والجرائح 3 : 1109.

١٠٨

مقامه ، فلم يقبل أحد منهم ذلك ، ولا اعتقده فيه ، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه ، وبذل مالاً جليلاً ، وتقرّب بكلّ ما ظنّ أنه يتقرّب به ، فلم ينتفع بشيء من ذلك »(1) .

وهكذا كان جعفر كإخوة يوسف الصديقعليه‌السلام يوم قالوا لأبيهم كذباً :( يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) (2) .

__________________

(1) الإرشاد 2 : 336 ـ 337 ، ونحوه في المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، إعلام الورى 2 : 151 ـ 152 ، الفصول المنهمة 2 : 1093.

(2) سورة يوسف : 12 / 17.

١٠٩
١١٠

الفصل الرابع

امامته عليه‌السلام

قال الشيخ المفيد : كان الإمام بعد أبي الحسن علي بن محمدعليه‌السلام ابنه أبا محمد الحسن بن علي لاجتماع خلال الفضل فيه ، وتقدّمه على كافة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة ويقتضي له الرئاسة ، من العلم والزهد وكمال العقل والعصمة والشجاعة والكرم وكثرة الأعمال المقربة إلى الله ، ثمّ لنصّ أبيهعليه‌السلام عليه وإشارته بالخلافة إليه(1) . وفيما يلي نذكر طرفاً من النصوص الواردة في إمامتهعليه‌السلام وكما يلي :

أولاً : نص آبائه عليه عليه‌السلام

وردت المزيد من النصوص عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والآل المعصومينعليهم‌السلام تصرح بتعيين أوصياء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفائه من عترته واحداً بعد واحد باسمائهم وأوصافهم ، بشكل يجلو العمى عن البصائر وينفي الشك عن القلوب ، وسنذكر هنا حديثين عن آبائه المعصومينعليهم‌السلام كنموذج على تلك النصوص ، ونحيل القارئ إلى مظانّ بقيتها(2) .

__________________

(1) الإرشاد 2 : 313.

(2) راجع : أصول الكافي 1 : 286 ـ باب ما نص الله عزوجل ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على

١١١

1 ـ عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : « سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : أنشدت مولاي الرضا علي بن موسىعليه‌السلام قصيدتي التي أولها :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارج

يـقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كلّ حـقّ وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضاعليه‌السلام بكاءً شديداً ، ثم رفع رأسه إليّ فقال لي :يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم ؟ فقلت : لا يا مولاي ، إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ، ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً.

فقال :يا دعبل ، الإمام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ... »(1) .

2 ـ وعن الصقر بن أبي دلف ، قال : « سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول :إن الإمام بعدي ابني علي ، أمره أمري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والامام بعده ابنه الحسن ، أمره أمر أبيه ، وقوله قول أبيه ،

__________________

الائمةعليهم‌السلام واحداً فواحداً ، إكمال الدين : 250 ـ 378 ـ الأبواب 23 ـ 36 ، بحار الأنوار 36 : 192 ـ 418 ـ باب 40 ـ 48.

(1) إكمال الدين : 372 / 6 باب 35.

١١٢

وطاعته طاعة أبيه ... »(1) .

ثانياً : نص أبيه عليه عليه‌السلام

فيما يلي نعرض أهم النصوص الواردة عن أبيهعليه‌السلام في النص عليه والإشارة إليه بالإمامة من بعده.

1 ـ روى ثقة الإسلام الكليني بالإسناد عن يحيى بن يسار القنبري ، قال : « أوصى أبو الحسنعليه‌السلام إلى ابنه الحسنعليه‌السلام قبل مضيه بأربعة أشهر ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي »(2) .

2 ـ وعن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كنت مع أبي الحسنعليه‌السلام في صحن داره ، فمرّ بنا محمد ابنه ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال :لا ، صاحبكم بعدي الحسن »(3) .

3 ـ وعن عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قال : « قال أبو الحسنعليه‌السلام :صاحبكم بعدي الذي يصلّي عليّ. قال : ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك. قال : فخرج أبو محمد فصلى عليه »(4) .

4 ـ وعن علي بن مهزيار ، قال : « قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إن كان كون ـ وأعوذ بالله ـ فإلى من ؟ قال :عهدي إلى الأكبر من ولدي » (5) . وكان الإمام العسكريعليه‌السلام أكبر وُلد الإمام الهاديعليه‌السلام .

__________________

(1) إكمال الدين : 378 / 3 باب 36.

(2) أصول الكافي 1 : 325 / 1 ـ باب الإشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) أصول الكافي 1 : 325 / 2 من نفس الباب المتقدم.

(4) أصول الكافي 1 : 326 / 3 من نفس الباب المتقدم.

(5) أصول الكافي 1 : 326 / 6 من نفس الباب المتقدم.

١١٣

5 ـ وعن علي بن عمرو العطار ، قال : « دخلت على أبي الحسن العسكريعليه‌السلام وأبو جعفر ابنه في الأحياء ، وأنا أظنّ أنه هو ، فقلت له : جعلت فداك ، من أخصّ من ولدك ؟ فقال :لا تخصوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري. قال : فكتبت إليه بعد : فيمن يكون هذا الأمر ؟ قال : فكتب إليّ :في الكبير من ولدي. قال : وكان أبو محمد أكبر من أبي جعفر »(1) .

6 ـ وعن أبي بكر الفهفكي قال : « كتب إليّ أبو الحسنعليه‌السلام :أبو محمد ابني انصح آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجة ، وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرىٰ الإمامة وأحكامها ، فما كنت سائلي فسله عنه ، فعنده ما يحتاج إليه »(2) .

7 ـ وعن داود بن القاسم ، قال : « سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول :الخلف من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ فقلت : ولم جعلني الله فداك ؟ فقال :إنكم لا ترون شخصه ولايحلّ لكم ذكره باسمه »(3) .

8 ـ وروى الشيخ الصدوق بالاسناد عن عبد العظيم الحسني قال : « دخلت على سيدي علي بن محمدعليه‌السلام ، فلمّا بصر بي قال لي :مرحباً بك يا أبا القاسم ، أنت وليّنا حقاً. قال. فقلت له : يابن رسول الله ، إنّي اُريد أن أعرض عليك ديني فإن كان مرضياً ثبتُّ عليه حتى ألقى الله عزوجل. فقال :هات يا أبا القاسم ، فقلت : إنّي أقول : إنّ الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء وإن

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 326 / 7 من نفس الباب المتقدم.

(2) أصول الكافي 1 : 327 / 11 من نفس الباب المتقدم.

(3) أصول الكافي 1 : 328 / 13 من نفس الباب المتقدم.

١١٤

محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبده ورسوله وإن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ أنت يا مولاي. فقالعليه‌السلام :ومن بعدي الحسن ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ قال : فقلت : وكيف ذاك يا مولاي ؟ قال :لأنه لا يرى شخصه ولا يحلّ ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً . قال : فقلت : أقررت »(1) .

9 ـ وعن علي بن عبد الغفار ، قال : إن الإمام الهاديعليه‌السلام كتب إلى شيعته :« الأمر لي مادمت حياً ، فإذا نزلت بي مقادير الله عزوجل آتاكم الله الخلف مني ، وأنّى لكم بالخلف بعد الخلف ؟ » (2) .

10 ـ وعن الصقر بن أبي دلف قال : « سمعت علي بن محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول :إنّ الإمام بعدي الحسن ابني ، وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً »(3) .

11 ـ وروى شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي بالإسناد عن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كنت مع أبي الحسن العسكريعليه‌السلام في داره ، فمرّ عليه أبو جعفر ، فقلت له : هذا صاحبنا ؟ فقال :لا ، صاحبكم الحسن »(4) .

__________________

(1) إكمال الدين : 379 / 1 ـ باب 37.

(2) إكمال الدين : 382 / 8 ـ باب 37.

(3) إكمال الدين : 383 / 10 ـ باب 37.

(4) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 198 / 163.

١١٥

12 ـ وعن أحمد بن محمد بن رجاء صاحب الترك ، قال : « قال أبو الحسنعليه‌السلام :الحسن ابني القائم [ أي بأمر الإمامة ]من بعدي »(1) .

13 ـ وعن أحمد بن عيسىٰ العلوي من ولد علي بن جعفر ، قال : « دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام بصريا فسلمنا عليه ، فإذا نحن بأبي جعفر وأبي محمد قد دخلا ، فقمنا إلى أبي جعفر لنسلم عليه ، فقال أبو الحسنعليه‌السلام :ليس هذا صاحبكم ، عليكم بصاحبكم ، وأشار إلى أبي محمد »(2) . إلى غير هذا من النصوص الكثيرة التى انتخبنا منها تلك الأحاديث.

مزاعم بعض المرتابين بإمامة العسكري عليه‌السلام :

أصّر بعض المرتابين بإمامة أبي محمدعليه‌السلام على تبنّي اعتقادهم حتى بعد سماعهم النص عليه ووفاة أبي جعفر في حياة أبيه ، فقالوا بإمامة أبي جعفر المعروف بالسيد محمد بن الإمام الهاديعليه‌السلام وتوقفوا عنده ، واعتقد بعضهم بغيبته وهم المحمدية ، واعتقد آخرون بوفاته وإمامة جعفر بن علي بعده. وهم لم يعتمدوا في ذلك سوى الأراجيف والأباطيل التي كان يبثها ضعاف النفوس والمتربصين بالتشيع ، ولم تكن لديهم في أقوالهم تلك أدنى حجة أو برهان ، ومما يدل على فساد قولهم أمور عديدة ، وهي :

1 ـ عدم وجود النص الذي يثبت مدّعاهم.

2 ـ ثبوت النص على أبي محمدعليه‌السلام وولده الإمام المهديعليه‌السلام ، كما في الأحاديث التي قدمناها ، ومنها ما يصرح بالنص على إمامة الإمام الحسن

__________________

(1) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 199 / 164.

(2) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 199 / 165.

١١٦

العسكريعليه‌السلام في حياة أبي جعفر ، والملاحظ أن النص على أبي محمدعليه‌السلام كان في فترات تاريخية تستغرق معظم الاعوام الاثنين والعشرين التي قضاها مع أبيه ، فقد نص عليه بصريا ولمّا يزل صغيراً في المدينة كما مرّ ، ونص عليه بعد وفاة أبي جعفر أي نحو سنة 252 ه‍ ، كما تقدم في جملة من الأحاديث ، ونص عليه قبل وفاته بأربعة أشهر كما في الحديث الأول ، وأخبر بعض أصحابه أن الإمام هو الذي يصلي عليه ، فصلى عليه أبو محمدعليه‌السلام ، ونحو هذا مما تقدم في أحاديث النص عليه بالإمامة.

3 ـ ثبوت موت أبي جعفر في حياة أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام موتاً ظاهراً معروفاً ، وقد ورد خبر موتهرضي‌الله‌عنه متواتراً(1) . ومن هنا قال : شيخ الطائفة : وأما المحمدية الذين قالوا بإمامة محمد بن علي العسكري وأنه حي لم يمت ، فقولهم باطل لما دللنا به على إمامة أخيه الحسن بن علي أبي القائمعليه‌السلام ، وأيضاً فقد مات محمد في حياة أبيهعليه‌السلام موتاً ظاهراً ، كما مات أبوه وجده ، فالمخالف في ذلك مخالف في الضرورات(2) ، ثم أورد ما يدلّ على وفاته من الحديث.

4 ـ شهادة المخالفين بإمامة أبي محمد العسكريعليه‌السلام وإقرارهم بفضله ، ومنهم المعتمد الذي قصده جعفر الكذاب بعد وفاة أبيهعليه‌السلام ملتمساً دعم السلطة له في دعواه الإمامة ، فقال له المعتمد : « إن منزلة أخيك لم تكن بنا ، إنّما كانت

__________________

(1) راجع علي سبيل المثال : أصول الكافي 1 : 326 ـ 328 الأحاديث رقم 5 و 6 و 7 و 8 و 9 و 12 باب الاشارة والنص علي أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة ، وإكمال الدين : 328 / 8 باب 37 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 203 / 170 وغيرها كثير.

(2) الغيبة / الشيخ الطوسي : 198 و 200 ، وراجع ص : 83.

١١٧

بالله ، ونحن كنا نجتهد في حط منزلته والوضع منه ، وكان الله يأبى إلا أن يزيده كلّ يوم رفعة لما كان فيه من الصيانة ، وحسن السمت ، والعلم والعبادة ، فان كنت عند شيعة أخيك بمنزلته ، فلا حاجة بك إلينا ، وإن لم تكن عندهم بمنزلته ، ولم يكن فيك ما كان في أخيك ، لم نغن عنك في ذلك شيئاً »(1) .

ومن رجال البلاط عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، الذي كان للإمام العسكريعليه‌السلام مجلس معه ، فتعجب ابنه أحمد بن عبيد الله لمظاهر الحفاوة والإكرام والتبجيل التي حظي بها الإمام عند أبيه عبيد الله فقال له : « يا أبه من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وأبيك ؟ فقال عبيد الله ابن خاقان : يا بني ذاك إمام الرافضة ، ذاك الحسن ابن علي المعروف بابن الرضا. فسكت ساعة ، ثم قال : يا بني لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا ، وإن هذا ليستحقّها في فضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً.

قال أحمد : فازددت قلقاً وتفكراً وغيظاً على أبي وما سمعت منه واستزدته في فعله وقوله فيه ما قال : فلم يكن لي همة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره والبحث عن أمره ، فما سألت أحداً من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس ، إلا وجدته عنده في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه ، فعظم قدره

__________________

(1) إكمال الدين : 479 ـ آخر باب 43 ، الخرائج والجرائح 3 : 1109.

١١٨

عندي إذ لم أر له ولياً ولا عدواً إلا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه »(1) .

5 ـ انقراض هذه الفرقة وكذلك تلك التي تفرّعت عنها ، في وقت متقدم من نشأتها ، وفي هذا دليل على بطلانها ، وفي هذا قال الشيخ المفيد : « فلما توفي [ الإمام أبو الحسنعليه‌السلام ] تفرّقوا بعد ذلك ، فقال الجمهور منهم بامامة أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام ونقلوا النص عليه وأثبتوه.

وقال فريق منهم : إن الإمام بعد أبي الحسن ، محمد بن علي أخو أبي محمدعليه‌السلام ، وزعموا أن أباه علياًعليه‌السلام نص عليه في حياته ، وهذا محمد كان قد توفي في حياة أبيه ، فدفعت هذه الفرقة وفاته ، وزعموا أنه لم يمت ، وأنه حيّ ، وهو الإمام المنتظر.

وقال نفر من الجماعة شذوا أيضاً عن الأصل : إن الإمام بعد محمد بن علي ابن محمد بن علي بن موسىعليه‌السلام ، أخوه جعفر بن علي ، وزعموا أن أباه نص عليه بعد مضي محمد ، وأنه القائم بعد أبيه.

فيقال للفرقة الاولى : لم زعمتم أن الإمام بعد أبي الحسنعليه‌السلام ابنه محمد. وما الدليل على ذلك ؟ فإنّ ادّعوا النص طولبوا بلفظه والحجة عليه ، ولن يجدوا لفظاً يتعلقون به في ذلك ، ولا تواتر يعتمدون عليه ، لأنهم في أنفسهم من الشذوذ والقلّة على حدّ ينفي عنهم التواتر القاطع للعذر في العدد ، مع أنّهم قد انقرضوا ولا بقية لهم ، وذلك مبطل أيضاً لما ادّعوه.

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 504 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، إكمال الدين : 42 مقدمة المؤلف ، الإرشاد 2 : 322 ، روضة الواعظين : 250 ، إعلام الورى 2 : 147.

١١٩

ويقال لهم في ادعاء حياته ، ما قيل للكيسانية والناووسية والواقفة ، ويعارضون بما ذكرناه ، ولا يجدون فصلاً ، فأما أصحاب جعفر فإنّ أمرهم مبني على إمامة محمد ، وإذا سقط قول هذا الفريق لعدم الدلالة على صحّته وقيامها على إمامة أبي محمدعليه‌السلام ، فقد بان فساد ما ذهبوا إليه »(1) .

موقف الإمام العسكري عليه‌السلام تجاه المدعيات الباطلة

يمكن تلخيص موقف الإمام العسكريعليه‌السلام حيال تلك الشرذمة القليلة التي حاولت عبثاً التشكيك بإمامته ، بأمرين وهما :

الأول : الرسائل والتوقيعات التوجيهية

بعث الإمام العسكريعليه‌السلام عن طريق وكلائه المزيد من الرسائل والوصايا التوجيهية إلى شيعته ومواليه في مختلف ديار الإسلام ، وبعضها مفصلة نسبياً ، وهي تحمل في طياتها الدعوة إلى التمسك بمبادئ الاسلام والعمل بشريعته السامية ، والتعلّق بسبيل الحق المتمثل بولاية أهل البيتعليهم‌السلام ، واعتقاد إمامتهعليه‌السلام (2) . وكان لتلك الرسائل دور فاعل في ازالة شكوك من كان يبحث عن الحجة والبرهان من المرتابين في إمامتهعليه‌السلام ، وحيثما التقوا بالحجة والبرهان في عمق بصيرتهم ، انفتحوا على نتائج الحقيقة ، فزال شكّهم ، والتحقوا بركب التشيع العريض الواسع.

عن أحمد بن إسحاق ، قال : « دخلت على مولانا أبي محمد الحسن بن علي

__________________

(1) الفصول المختارة / السيد المرتضي : 317 ، دار المفيد ـ 414 ه‍.

(2) راجع : تحف العقول : 258 وما بعدها ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 458 ـ 459 بحار الأنوار 78 : 370 باب 29.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

ويعاقب على يد من يشاء، وان فعل امنائه فعله، كما قال:( وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من قرء هاتين السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلوة الفريضة والنافلة( إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ) و( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ) لم يحجبه الله من حاجبة، ولم يحجزه من الله حاجز، ولم يزل ينظر إلى الله وينظر الله إليه حتى يفرق من حساب الناس.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن قرأها أعطاه الله من الأجر بعدد كل قبر حسنة، وبعدد كل قطرة ماء حسنة، وأصلح له شأنه يوم القيامة.

٣ ـ في مصباح شيخ الطائفةقدس‌سره في دعاء مروي عن الصادقعليه‌السلام واسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت، ووضعته على السماء فانشقت، وعلى النجوم فانتشرت.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ) قال: تنشق فيخرج الناس منها( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) أي ما عملت من خير وشر.

٥ ـ في مجمع البيان( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) هذا كقوله:( يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) وقد مر ذكره وعن عبد الله بن مسعود قال: ما قدمت من خير أو شر وما أخرت من سنة حسنة استن بها بعده فله أجر من اتبعه من غير ان ينقص من أجورهم، أو سنة سيئة عمل بها بعده فعليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء، ويؤيد هذا القول ما جاء في الحديث ان سائلا قام(١)

__________________

(١) وفي نسخة الأصل «قدم» بدل «قام».

٥٢١

على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأل، فسكت القوم ثمّ إنّ رجلا أعطاه فأعطاه القوم، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من استن خيرا فله اجره ومثل اجوره من اتبعه غير منتقص من أجورهم ومن استن شرا فاستن فعليه وزره ومثل أوزار من اتبعه غير منتقص من أوزارهم.

قال: فتلا حذيفة بن اليمان( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) أي أى شيء غرك بخالقك وخدعك وسول لك الباطل حتى عصيته وخالفته، وروى أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا تلا هذه الآية قال: غره جهله.

٦ ـ وقال أمير المؤمنين: كم من مغرور بالستر عليه ومستدرج بالإحسان اليه.

٧ ـ في نهج البلاغة من كلامهعليه‌السلام قال عند تلاوته( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) ادحض مسئول حجة وأقطع مغتر معذرة لقد أبرح جهالة بنفسه إياه يا ايها الإنسان ما جرأك على ذنبك وما غرك بربك، وما آنسك بهلكة نفسك، اما من دائك بلول أم ليس من نومتك يقظة؟ أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك فلربما ترى الضاحي من حر الشمس فتظله أو ترى المبتلى بألم يمض جسده فتبكى رحمة له فما صبرك على دائك، وجلدك على مصابك، وعزاك عن البكاء على نفسك وهي أعز الأنفس عليك، وكيف لا يوقظك خوف بيات نقمة، وقد تورطت بمعاصيه مدارج سطواته.(١)

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) قال: لو شاء ركبك على غير هذه الصورة.

٩ ـ في مجمع البيان وروى عن الرضا عن آبائه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لرجل ما ولد لك؟ قال: يا رسول الله وما عسى أن يولد لي إمّا غلام وإمّا جارية، قال: فمن يشبه؟ قال: يشبه امه أو أباه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله . لا تقل هكذا ان النطفة إذا استقرت

__________________

(١) يقال هذا الأمر أبرح من هذا أي أشد. و «جهالة» منصوب على التميز. والبلول مصدر بل الرجل من مرضه إذا برىء والضاحي لحر الشمس: البارز. ومض بمعنى أحرق. وبيات نقمة ـ بفتح الباء ـ: طروقها ليلا. وتورط: وقع في الورطة وهي الهلاك. والمدارج: الطرق والمسالك.

٥٢٢

في الرحم أحضر الله كل نسب بينها وبين آدمعليه‌السلام ، اما قرأت هذه الآية( فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) ؟ أي فيما بينك وبين آدم.

١٠ ـ وقال الصادقعليه‌السلام : لو شاء ركبك على غير هذه الصورة.

١١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الشيرازي في كتابه باسناده إلى الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال في قوله:( فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) قال: صور اللهعزوجل عليّ بن أبي طالب في ظهر أبي طالب على صورة محمّد، فكان عليّ بن أبي طالب أشبه الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان الحسين بن عليّ أشبه الناس بفاطمة وكنت أشبه الناس(١) بخديجة الكبرى.

١٢ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي جعفر الباقرعليه‌السلام حديث طويل وفيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليٍّعليه‌السلام : قل: ما أول نعمة أبلاك اللهعزوجل وأنعم عليك بها؟ قال: إنّ خلقني جل ثناؤه ولم أك شيئا مذكورا، قال: صدقت إلى قوله: فما الثالثة قال: إنّ أنشأنى فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب قال: صدقت.

١٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ) قال برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنينعليه‌السلام و( إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ) قال: الملكان الموكلان بالإنسان.

١٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول السائل: فما علة الملكين الموكلين بعباده يكتبون ما عليهم ولهم، والله عالم السر وما هو أخفى؟ قال: استعبدهم بذلك وجعلهم شهودا على خلقه ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله مواظبة وعن معصيته أشد انقباضا، وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهما فارعوى وكف، فيقول: ربي يراني وحفظنى على بذلك تشهد، وان الله برأفته ولطفه وكلهم بعباده يذبون عنهم مردة الشياطين وهو أم الأرض وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله إلى ان يجيء أمر اللهعزوجل .

١٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن محمد بن قيس عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما واضعا

__________________

(١) كذا في الأصل ولم أقف على الحديث في المصدر.

٥٢٣

يده على كتف العباس فاستقبله أمير المؤمنين صلوات الله عليه فعانقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقبل بين عينيه ثم سلم العباس على عليٍّ فرد عليه ردا خفيا فغضب العباس فقال: يا رسول الله لا يدع على زهوه(١) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقل ذلك في عليٍّ فإنّي لقيت جبرئيل آنفا فقال: لقيني الملكان الموكلان بعلى الساعة فقالا: ما كتبا عليه ذنبا منذ يوم ولدا لي هذا اليوم.

١٦ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله فصل فيما يذكر من كتاب قصص القرآن وأسباب نزول آثار القرآن تأليف الهيصم بن محمد بن الهيصم النيشابوري فصل في ذكر الملكين الحافظين دخل عثمان بن عفان على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ قال: ملك على يمينك على حسناتك وواحد على الشمال، فاذا عملت حسنة كتب عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب، قال: لعله يستغفر الله ويتوب فاذا قال ثلاثا قال نعم أكتب أراحنا الله منه فلبئس القرين ما أقل مراقبته للهعزوجل وأقل استحيائه منا يقول الله تعالى:( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) وملكان بين يديك ومن خلفك يقول الله سبحانه( لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ) وملك قابض على ناصيتك فاذا تواضعت للهعزوجل رفعك. وإذا تجبرت لله فضحك، وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلّا الصلوات على محمّد، وملك قائم على فيك لا يدع أن تدب الحية في فيك، وملكان على عينيك فهذا عشرة أملاك في كل آدمي يعد ان ملائكة الليل على ملائكة النهار لان ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملائكة على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل قال الله سبحانه( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ) الآية وقالعزوجل :( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ ) الاية.

١٧ ـ وفي كتاب سعد السعود أيضا بعد أن ذكر ملكي الليل وملكي النهار وفي رواية انهما يأتيان المؤمن عند حضور صلوة الفجر، فاذا هبطا صعد الملكان الموكلان بالليل، فاذا غربت الشمس نزل إليه الموكلان بكتابة الليل، ويصعد

__________________

(١) الزهو: الكبر والفخر.

٥٢٤

الملكان الكاتبان بالنهار بديوانه إلى اللهعزوجل ، فلا يزال ذلك دأبهم إلى وقت حضور اجله، فاذا حضر اجله قالا للرجل الصالح: جزاك الله من صاحب عنا خيرا فكم من عمل صالح أريتناه، وكم من قول حسن أسمعتناه، وكم من مجلس خير أحضرتناه، فنحن اليوم على ما تحبه وشفعاء إلى ربك، وان كان عاصيا قالا له: جزاك الله من صاحب عنا شرا فلقد كنت تؤذينا، فكم من عمل سيئ أريتناه وكم من قول سيئ أسمعتناه، ومن مجلس سوء أحضرتناه، ونحن اليوم لك على ما تكره وشهيدان عند ربك.

١٨ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن موسى بن جعفر عن أبيه قال: سألته عن الملكين هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله أو الحسنة؟ فقال: ريح الكنيف والطيب سواء؟ قلت: لا قال: إنّ العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال: قم فانه قد هم بالحسنة، فاذا فعلها كان لسانه قلمه، وريقه مداده، وأثبتها له وإذا هم بالسيئة خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين: قف فانه قد هم بالسيئة فاذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده وأثبتها عليه.

١٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن فضيل بن عثمان المرادي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن إلّا هالك، يهم العبد بالحسنة فيعملها فان هو لم يعملها أجل سبع ساعات، وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فان اللهعزوجل يقول: «إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ .» أو الاستغفار فان هو قال: استغفر الله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذا الجلال والإكرام وأتوب اليه، لم يكتب عليه شيء وان مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: أكتب على الشقي المحروم(١) .

٢٠ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن

__________________

(١) لهذا الحديث بيان في أصول الكافي ج ٢ ص ٤٢٩.

٥٢٥

زرارة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ العبد إذا أذنب ذنبا أجل من غدوة إلى الليل، فان استغفر الله لم يكتب عليه.

٢١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وابو على الأشعري ومحمد بن يحيى جميعا عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن فضالة بن أيوب عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا اجله الله سبع ساعات فان استغفر لم يكتب عليه شيء، وان مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيئة، وان المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وان الكافر لينساه من ساعته.

٢٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد عن أحمد بن محمد بن قيس أبي نصر عن درست قال: سمعت أبا إبراهيمعليه‌السلام يقول: إذا مرض المؤمن اوحى اللهعزوجل إلى صاحب الشمال: لا تكتب على عبدي ما دام في حبسي ووثاقي ذنبا ويوحى إلى صاحب اليمين: ان أكتب لعبدي ما كنت تكتب له في صحته من الحسنات.

٢٣ ـ وباسناده إلى سدير عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: من أحب ان يمشى مشى الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير.

٢٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العلة التي من أجلها وجب التسليم في الصلوة؟ قال: لأنه تحليل الصلوة، قلت: فلأي علة يسلم على اليمين ولا يسلم على اليسار؟ قال: لان الملك الموكل يكتب الحسنات على اليمين، والذي يكتب السيئات على اليسار، والصلوة حسنات ليس فيها سيئات، فلهذا يسلم على اليمين دون اليسار، قلت: فلم لا يقال: السلام عليك والملك على اليمين واحد، ولكن يقال: السلام عليكم؟ قال: ليكون قد سلم عليه وعلى مَن على اليسار، وفضل صاحب اليمين عليه بالإيماء اليه، قلت: فلم لا يكون الإيماء في التسليم بالوجه كله ولكن كان بالأنف لمن يصلّي وحده وبالعين لمن يصلّي بقوم؟ قال: لان مقعد الملكين من ابن آدم الشدقين(١) فصاحب

__________________

(١) الشدق ـ بالكسر والفتح ـ: زاوية الفم من باطن الخدين.

٥٢٦

اليمين على الشدق الأيمن، وتسليم المصلى عليه ليثبت له صلوته في صحيفته، قلت: فلم يسلم المأموم ثلاثا؟ قال: يكون واحدة ردا على الامام، ويكون عليه وعلى ملائكته، ويكون الثانية على يمينه والملكين الموكلين به، ويكون الثالثة على مَن على يساره والملكين الموكلين به، ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلم على يساره إلّا أن يكون يمينه إلى الحائط ويساره إلى مصلي معه خلف الامام فيسلم على يساره قلت: فتسليم الامام على من يقع؟ قال: على ملائكته(١) والمأمونين، يقول لملائكته: اكتبا سلامة صلاتي لـما يفسدها ويقول لمن خلفه: سلمتم وامنتم من عذاب اللهعزوجل ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥ ـ وباسناده إلى محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ان حافظي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ليفتخران على جميع الحفظة لكينونتهما مع ذلك انهما لم يصعدا إلى اللهعزوجل بشيء يسخط الله تبارك وتعالى.

٢٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن بعض أصحابنا عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن واصل عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى أبي ذر فقال له: يا أبا ذر كيف ترى حالنا عند الله؟ قال: اعرضوا أعمالكم على الكتاب ان الله يقول:( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) فقال الرجل فأين رحمة الله؟ قال: رحمة الله قريب من المسلمين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب بالإسناد عن الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: كل ما في كتاب اللهعزوجل من قوله:( إِنَّ الْأَبْرارَ ) فو الله ما أراد به إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين، لأنا نحن أبرار آبائنا وأمهاتنا، وقلوبنا علمت بالطاعات والبر وتبرأت من الدنيا وجيها، وأطعنا الله في جميع فرائضه، وآمنا بوحدانيته، وصدقنا برسوله.

__________________

(١) وفي المصدر «على ملكيه» بصيغة التثنية.

٥٢٧

٢٨ ـ في مجمع البيان: والأمر يومئذ لله وحده أي الحكم له في الجزاء والثواب والعفو والانتقام ؛ وروى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال:( وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) والأمر كله لله، يا جابر إذا كان يوم القيامة بادت(١) الحكام فلم يبق حاكم إلّا الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء في فرائضه( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) أعطاه الله الأمن يوم القيامة من النار ولم تره ولم يرها، ولم يمر على جسر جهنم ولا يحاسب يوم القيامة.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأها سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: ويل للمطففين قال: الذين يبخسون المكيال والميزان. وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزلت على نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قدم المدينة، وهم يومئذ أسوء الناس كيلا فأحسنوا الكيل فأما الويل فبلغنا والله أعلم انه بئر في جهنم.

٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد عن بعض أصحابنا عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وانزل في الكيل( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) ولم يجعل الويل لأحد حتى يسميه كافرا، قال اللهعزوجل :( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) .

٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وانه رب شيء من كتاب اللهعزوجل يكون تأويله على تنزيله، ولا يشبه تأويل كلام البشر ولا فعل البشر، وسأنبئك بمثال لذلك تكتفى به ان شاء الله ،

__________________

(١) باد: هلك.

٥٢٨

الى قوله:( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى ) فسمى فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله؟ ومثل قوله:( بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ) فسمى البعث لقاء وكذلك قوله:( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ) أي يوقنون( أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ) ومثله قوله:( أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ) أي أليس يوقنون انهم مبعوثون.

٦ ـ وفيه أيضا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام وأمّا قوله:( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ) يعنى تيقنوا انهم دخلوها وكذلك قوله( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وأمّا قوله للمنافقين( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهو ظن شك وليس ظن يقين ؛ والظن ظنان ظن شك وظن يقين فما كان من أمر المعاد من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو على الشك.

٧ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث انهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا قرء( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) قال يقومون حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى انصاف أذنيه.

٨ ـ في مجمع البيان( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) وجاء الحديث انهم يقومون في رشحهم إلى انصاف آذانهم، وفي حديث آخر يقومون حتى يبلغ الرشح إلى أطراف آذانهم.

وفي الحديث عن سليم بن عامر عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون الشمس بمقدار ميل أو ميلين، قال سليم: فلا أدري أمسافة الأرض أم الميل الذي يكحل به العين؟ ثم قال: صهرتهم الشمس فيكونون في العرق بمقدار أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبه ومنه من يلجمه الجاما، قال: فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشير بيده إلى فيه قال: يلجمه الجاما أورده مسلم في الصحيح.

٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن حفص عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: مثل الناس يوم القيامة إذا قاموا لرب العالمين مثل السهم في القرب، ليس له من الأرض إلّا موضع

٥٢٩

قدرته كالسهم في الكنانة، لا يقدر أن يزول هاهنا ولا هاهنا.

١٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن أبي نهشل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) وخلق عدونا من سجين، وخلق قلوب شيعتهم، مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك، قلوبهم تهوى إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم تلا هذه الآية( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ ) .

١١ ـ محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد وغيره عن محمد بن خلف عن أبي نهشل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ اللهعزوجل خلقنا من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك، وذكر إلى آخر ما سبق وزاد( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) .

١٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن إسماعيل رفعه إلى محمد ابن سنان عن زيد الشحام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلقنا من نور مبتدع من نور سنخ ذلك النور في طينة من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلق منه، ثم قرء( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) وان الله تبارك خلق قلوب أعدائنا من طينة من سجين وخلق أبدانهم من طينة دون ذلك، وخلق قلوب شيعتهم مما خلق منه أبدانهم قلوبهم تهوى إليهم، ثم قرء( إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) .

١٣ ـ في مجمع البيان عن البراء بن عازب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سجين أسفل سبع أرضين، وقيل: ان سجين جب في جهنم مفتوح، والفلق جب

٥٣٠

في جهنم مغطى، رواه أبو هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٤ ـ وروى عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انه قال: اما المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم إلى السماء، فتنفتح لهم أبوابها، وأمّا الكافر فيصعد بعلمه وروحه حتى إذا بلغ إلى السماء نادى مناد: اهبطوا به إلى سجين، وهو واد بحضر موت يقال له برهوت.

١٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) قال: ما كتب الله لهم من العذاب لفي سجين وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: السجين الأرض السابعة وعليون السماء السابعة.

١٦ ـ وباسناده إلى الكلبي عن جعفر بن محمدعليه‌السلام في قوله:( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) قال: هو فلان وفلان.

١٧ ـ وفيه عن الامام الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ويزلف المعتبر، وتصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة وفيها الفلق والسجين.

١٨ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) قال: هم الذين فجروا في حق الائمة واعتدوا عليهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به، فاذا صعد بحسناته يقول اللهعزوجل : اجعلوها في سجين انه ليس إياي أراد فيها.

٢٠ ـ باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: مر عيسى بن مريم على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها: فقال: اما انهم لم يموتوا إلّا بسخط، ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: يا روح الله وكلمته ادع الله ان يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت

٥٣١

أعمالهم فنجتنبها فدعا عيسىعليه‌السلام ربه فنودي من الجو: أن نادهم، فقام عيسىعليه‌السلام بالليل على شرف من الأرض، فقال: يا أهل هذه القرية، فأجابه منهم مجيب: لبيك يا روح الله وكلمته، فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت وحب الدنيا مع خوف قليل وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب، فقال: كيف كان حبكم للدنيا؟ قال: كحب الصبى لامه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا، وإذا أدبرت بكينا وحزنا. قال: كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ فقال سجين قال: وما سجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه من الرواية قريبا اعنى قوله: فلان وفلان( وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ ) إلى قوله:( الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ) الاول والثاني( وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) وهو الاول والثاني كانا يكذبان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٢ ـ في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيوب عن علي بن مهزيار عن القاسم بن عروة عن ابن بكير عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء، فاذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة نكتة سوداء، فان تاب ذهب ذلك السوداء، وان تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطى البياض فاذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا، وهو قول اللهعزوجل ( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .

٢٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الله بن محمد الحجال عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تذاكروا وتلا قوا وتحدثوا، فان الحديث جلاء للقلوب، ان القلوب لترين كما يرين السيف وجلاءه الحديث.

٢٤ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال الباقرعليه‌السلام : ما من شيء أفسد للقلب من الخطيئة، ان القلب لتواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أسفله

٥٣٢

أعلاه وأعلاه أسفله، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فان تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منه وان ازداد زادت فذلك الران الذي ذكره الله تعالى في كتابه( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .

٢٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وقال الحسنعليه‌السلام لحبيب بن مسلمة الفهري: رب مسير لك في غير طاعة، قال: اما مسيري إلى أبيك فلا، قال: بلى ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة فلئن قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك فلو كنت إذا فعلت شرا قلت خيرا كنت كما قال اللهعزوجل :( خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) ولكنك كما قال( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .

٢٦ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن الحسين بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) فقال: إنّ الله تعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده، ولكنه يعنى انهم عن ثواب ربهم محجوبون.

٢٧ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول: فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وأمّا قوله:( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) فانما يعنى يوم القيامة انهم عن ثواب ربهم محجوبون.

٢٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بما نقلنا من قوله: كانا يكذبان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى قوله:( إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ ) هما( ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعنى هما ومن تبعهما.

٢٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) قال: يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قلت: تنزيل؟ قال: نعم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد وغيره عن محمد بن خلف عن أبي نهشل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت

٥٣٣

أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ اللهعزوجل خلقنا من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك وقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) .

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن أبي نهشل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا وخلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا، ثم قرأ هذه الآية( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن إسماعيل رفعه إلى محمد بن سنان عن زيد الشحام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلقنا من نور مبتدع من نور سنخ ذلك النور في طينة من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلق منه أبداننا، وخلق أبدانهم من طينة دون ذلك، فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه، ثم قرء( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في كتابه بالإسناد عن الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: كلّما في كتاب اللهعزوجل من قوله:( إِنَّ الْأَبْرارَ ) فو الله ما أراد به إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة وانا والحسين، وقد تقدم في سورة الانفطار.

٣٤ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن عليٍّعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصيته له يا عليُّ إنّ الله تبارك وتعالى أعطانى فيك سبع خصال إلى قوله: وأنت أول من يشرب من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك.

٣٥ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن إبراهيم عن أبى

٥٣٤

حمزة عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال: من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم.

٣٦ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حسين بن نعيم عن مسمع أبي سيار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من نفس عن مؤمن كربة إلى قوله: ومن سقاه شربة سقاه الله من الرحيق المختوم.

٣٧ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليٍّعليه‌السلام : يا عليُّ من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم، فقال على: لغير الله؟ قال: نعم والله صيانة لنفسه فيشكره الله تعالى على ذلك.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ ) قال: ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه، وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم، قال: يا ابن رسول الله من تركه لغير الله؟ قال: نعم صيانة لنفسه.

٣٩ ـ في مجمع البيان وفي الحديث من صام لله في يوم صائف سقاه الله من الظمأ من الرحيق المختوم.

٤٠ ـ وفي وصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا عليُّ من ترك الخمر لله سقاه الله من الرحيق المختوم.

٤١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: وفي ذلك فليتنا فس المتنافسون قال: فيما ذكرناه من الثواب الذي يطلبه المؤمن.

٤٢ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن علي بن أسباط عنهمعليهم‌السلام قال: فيما وعظ اللهعزوجل به عيسىعليه‌السلام : يا ابن مريم ولو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقا(١) فليس كدار الاخرة دار تجاور فيها الطيبين، ويدخل عليهم فيها الملائكة المقربون مما يأتى يوم القيامة من أهوالها آمنون، دار لا يتغير فيها النعيم، ولا يزول عن أهلها، يا ابن مريم نافس فيها

__________________

(١) زهقت نفسه: خرجت.

٥٣٥

مع المتنافسين فانها امنية المتمنين حسنة المنظر. طوبى لك يا ابن مريم ان كنت لها من العاملين مع آبائك آدم وإبراهيم في جنات ونعيم لا تبغي بها بدلا ولا تحويلا، كذلك افعل بالمتقين، وفي هذا الحديث أيضا: فنافس في الصالحات جهدك وفيه فنافس في العمل الصالح.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ) وهو مصدر سنمه إذا رفعه لأنها أرفع شراب أهل الجنة، أو لأنها تأتيهم من فوق، أشرف شراب أهل الجنة يأتيهم من عال يتسنم عليهم في منازلهم، وهي عين( يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) وهم آل محمد صلوات الله عليهم يقول الله:( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) رسول الله وخديجة وعلي بن أبي طالب وذرياتهم تلحق بهم يقول الله( أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) والمقربون يشربون من تسنيم بحتا صرفا، وساير المؤمنين ممزوجا.

٤٤ ـ وفيه( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) إلى قوله:( عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) وهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والائمةعليهم‌السلام .

٤٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الباقرعليه‌السلام في قوله:( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ ) إلى قوله:( الْمُقَرَّبُونَ ) وهو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) الاول والثاني ومن تابعهما( كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ) قيل نزلت في عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وذلك انه كان في نفر من المسلمين جاؤا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا، ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع(١) فضحكنا منه، فنزلت الآية قبل أن يصل على وأصحابه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن مقاتل والكلبي. وذكر الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفضيل باسناده عن أبي صالح عن ابن عباس قال:( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) منافقوا

__________________

(١) الأصلع هو الذي انحسر مقدم شعر رأسه.

٥٣٦

قريش «والذين آمنوا» عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

٤٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) إلى قوله:( فَكِهِينَ ) قال: يسخرون.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من قرء هاتين السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلوة الفريضة والنافلة( إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ) و( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ) لم يحجبه الله من حاجة، ولم يحجزه من الله حاجز، ولم يزل ينظر إلى الله وينظر الله إليه حتى يفرغ من حساب الناس.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرء «انشقت» أعاذه الله أن يعطيه كتابه وراء ظهره.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ) قال: يوم القيامة.

٤ ـ في مصباح شيخ الطائفةقدس‌سره في دعاء مروي عن الصادقعليه‌السلام : واسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت، ووضعته على السماء فانشقت.

٥ ـ في جوامع الجامع والاذن الاستماع قال عدى :

وسماع يأذن الشيخ له

وحديث مثل ما ذي مشار(١)

ومنه قولهعليه‌السلام : ما اذن الله لشيء كاذنه لنبي يتغنى بالقرآن.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ ) قال: تمد الأرض فتشق فيخرج الناس منها.

٧ ـ في مجمع البيان وروى أبو هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال:( تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ) فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي(٢) ( لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) .

__________________

(١) الماذي: العسل الأبيض. والمشار بمعنى الأبيض.

(٢) مر الحديث بمعناه قريبا فراجع.

٥٣٧

٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال القيامة وفيه يقول: والناس يومئذ على طبقات ومنازل، فمنهم من يحاسب حسابا( وَيَنْقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً ) ومنهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب، لأنهم لم يلبسوا من أمر الدنيا بشيء، وإنّما الحساب هناك على من تلبس بها هاهنا ومنهم من يحاسب على النقير والقطمير ويصير إلى عذاب السعير.

٩ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن ابن سنان عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كل محاسب معذب، فقال له قائل: يا رسول الله فأين قول اللهعزوجل ( فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) قال ذلك العرض يعنى التصفح.

١٠ ـ في مجمع البيان( فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) يريد انه لا يناقش في الحساب ويوقف على ما عمل من الحسنات، وما له عليها من الثواب وما حط عنه من الأوزار، اما بالتوبة أو بالعفو، وقيل: الحساب اليسير التجاوز عن السيئات والاثابة على الحسنات، ومن نوقش الحساب عذب، في خبر مرفوع.

١١ ـ وفي رواية اخرى يعرف بعلمه ثم يتجاوز عنه.

١٢ ـ وفي حديث آخر: ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنة برحمته، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: تعطى من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك.

١٣ ـ في محاسن البرقي عن الحسن بن علي بن يقطين عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: انما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا.

١٤ ـ في جوامع الجامع: حسابا يسيرا أي سهلا مهينا لا تناقش فيه وروى أن الحساب اليسير هو الاثابة على الحسنات والتجاوز عن السيئات ومن نوقش الحساب عذب.

١٥ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن

٥٣٨

الحسن بن محبوب عن سدير الصيرفي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : في حديث طويل: إذا بعث اللهعزوجل المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه امامه، كلّما رأى المؤمن هو لا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله جل وعز، حتى يقف بين يدي الله جل وعز فيحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به إلى الجنة والمثال امامه، فيقول له المؤمن: رحمك الله نعم الخارج خرجت معى من قبري وما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من ربي حتى رأيت ذلك، فيقول: من أنت؟ فيقول: انا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله جل وعز منه لا بشرك انتهى.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله: وأمّا من اوتى كتابه بيمينه فهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسود بن هلال المخزومي وهو من بنى مخزوم.( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ ) فهو اخوه الأسود بن عبد الأسود بن هلال المخزومي فقتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر.

١٧ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وانزل في «( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَيَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ) بلى فهذا مشرك.

١٨ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى صفوان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيلعليه‌السلام : يا جبرئيل أرنى كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة، قال: نعم فخرج إلى مقبرة بنى ساعدة فأتى قبرا فقال له اخرج بإذن الله، فخرج رجل ينفض رأسه من التراب، وهو يقول: والهفاه واللهف الثبور ثم قال: ادخل فدخل، الحديث وهو بتمامه مذكور في الحج عند قوله تعالى:( يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) .

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً ) والثبور الويل( إِنَّهُ

٥٣٩

ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلى ) يقول: ظن ان لن يرجع بعد ما يموت قوله:( فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ) والشفق الحمرة بعد غروب الشمس والليل وما وسق يقول: إذا ساق كل شيء من الخلق إلى حيث يهلكوا بها( وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ) إذا اجتمع( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) يقول: حالا بعد حال يقول: لتركبن سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة(١) لا تخطون طريقهم، ولا يخطى شبر بشبر وذراع بذراع وباع بباع(٢) حتى أن لو كان من دخل حجر ضب لدخلتموه، قالوا: اليهود والنصارى تعنى يا رسول الله؟ قال: فمن أعنى لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الامامة وآخره الصلوة.

٢٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حنان عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ للقائم غيبة يطول أمدها فقلت له: ولم ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: لان اللهعزوجل أبي أنّ لا يجرى فيه سير الأنبياءعليهم‌السلام في غيباتهم، وانه لا بد له يا سدير من انتهاء مدة غيباتهم، قال الله تعالى:( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) أي سير من كان قبلكم.

٢١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) قال: يا زرارة أو لم تركب هذه الامة بعد نبيها( طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) في أمر فلان وفلان وفلان؟ ٢٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا ان المنافقين كانوا يشهدون ان لا إله إلّا الله وان محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدفعون عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما عهد به من دين الله، وعزائمه وبراهين نبوته إلى وصيه، ويضمرون من الكراهية لذلك، والنقض لـما أبرمه عند إمكان الأمر لهم فيه ما قد بينه

__________________

(١) القذة: ريش السهم. يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.

(٢) الباع: قدر مدالدين وما بينهما من البدن.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749