تفسير نور الثقلين الجزء ٥

تفسير نور الثقلين7%

تفسير نور الثقلين مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 749

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 749 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 362860 / تحميل: 5048
الحجم الحجم الحجم
تفسير نور الثقلين

تفسير نور الثقلين الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

من هنا نفهم ما قاله ابن عباس بشأن ضرورة قراءة سورة الأنعام لمن شاء أن يدرك مدى تخلف الأقوام الجاهليين.

ثمّ يذكر القرآن أنّ هؤلاء قد حرموا على أنفسهم ما رزقهم الله وأحله لهم وكذبوا على الله ونسبوا هذه الحرمة له سبحانه :( وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِراءً عَلَى اللهِ ) .

في هذه العبارة إدانة أخرى لأعمالهم ، فهم ـ أوّلا ـ حرموا على أنفسهم النعمة التي «رزقهم» إيّاها وأباحها لهم وكانت ضرورية لحياتهم ، فنقضوا بذلك قانون الله.

وهم ـ ثانيا ـ «افتروا» على الله قائلين إنّه هو الذي أمر بذلك.

في ختام الآية وفي جملتين قصيرتين إدانة أخرى لهم ، فهم :( قَدْ ضَلُّوا ) ، ثمّ إنّهم لم يسلكوا يوما الطريق المستقيم :( وَما كانُوا مُهْتَدِينَ ) .

* * *

٤٨١

الآية

( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) )

التّفسير

درس عظيم على درب التوحيد :

لقد جاءت الإشارة في هذه الآية إلى عدّة مواضيع ، كل واحد منها متفرع عن الآخر ، ونتيجة عنه.

فهو تعالى يقول أوّلا : إنّ الله تعالى هو الذي خلق أنواع البساتين والمزارع الحاوية على أنواع الأشجار والنباتات ، فمنها ما يعتمد في موقفه على الأعمدة والعروش حيث تحمل ما لذّ وطاب من الفواكه والثمار ، وتخلب بمنظرها الساحر العيون والألباب ، ومنها ما لا يحتاج إلى عريش ، بل هو قائم على سوقه يلقي بظلاله الوارفة على رؤوس الآدميّين ، ويسدّ بثماره المتنوعة حاجة الإنسان إلى الغذاء :( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ ) .

٤٨٢

لقد ذهب المفسّرون في تفسير كلمة «معروش» و «غير معروش» إلى ثلاثة احتمالات :

1 ـ ما أشرنا إليه قبل قليل ، فالمعروش هو الأشجار والنباتات التي لا تقوم على سوقها بل تحتاج إلى عروش وسقف ، وغير المعروش هو الأشجار والنباتات التي تقوم على سوقها ولا تحتاج إلى عروش وسقف ، (لأنّ العرش يدلّ على ارتفاع في شيء ، ولهذا يقال لسقف البيت عرش ، ويقال للسرير المرتفع عرش).

2 ـ إنّ المراد من «المعروش» هو الأشجار المنزلية وما يزرعه الناس ويحفظ بواسطة الحيطان في البساتين ، ومن «غير المعروش» الأشجار البرّية والنباتات الصحراوية والجبلية وما ينبت في الغابات.

3 ـ «المعروش» هو ما يقوم على ساقه من الأشجار أو يرتفع على الأرض ، و «غير المعروش» هو الأشجار التي تمتد على الأرض.

ولكن يبدو أنّ المعنى الأوّل أنسب ، هنا ، ولعلّ ذكر «المعروشات» في مطلع الحديث إنّما هو لأجل بنيان هذا النوع من الأشجار وتركيبها العجيب ، فإنّ نظرة عابرة إلى شجرة الكرم وقضبان العنب وسيقانها الملتوية العجيبة ، والمزوّدة بكلاليب ومقابض خاصّة ، وكيفية التفافها بكل شيء حتى تستطيع أن تنمو ، وتثمر ، خير شاهد على هذا الزعم.

ثمّ إنّ الآية تشير إلى نوعين من البساتين والمزارع إذ تقول :( وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ ) .

وذكر هذين النوعين بالخصوص إنّما هو لأهميتهما الخاصّة في حياة البشر ، ودورهما في نظامه الغذائي (ولا بدّ أن تعرف أن الجنّة كما تطلق على البستان ، كذلك تطلق على الأرض التي غطّاها الزرع).

ثمّ إنّه تعالى يضيف قائلا : إنّ هذه الأشجار مختلفة ومتنوعة من حيث الثمر

٤٨٣

والطعم. فمع أنّ جميعها ينبت من أرض واحدة ويسقى بماء واحد فإن لكل واحدة منها رائحة خاصّة ، ونكهة معينة ، وخاصية تختص بها ، ولا توجد في غيرها :( مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ ) (1) .

ثمّ يشير سبحانه إلى قسمين آخرين من الثمار عظيمي الفائدة ، جليلي النفع في مجال التغذية البشرية إذ يقول :( وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ ) .

إن إختيار هاتين بالذكر من بين أشجار كثيرة إنّما هو لأجل أن هاتين الشجرتين : (شجرة الزيتون وشجرة الرمان) رغم تشابههما من حيث الظاهر والمظهر تختلفان اختلافا شاسعا من حيث الثمرة ، ومن حيث الخاصية الغذائية ، ولهذا عقّب على قوله ذلك بهاتين الكلمتين :( مُتَشابِهاً ، وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ ) (2) .

وبعد ذكر كلّ هذه النعم المتنوّعة يقول سبحانه :( كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ ، وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) .

ثمّ ينهى في نهاية المطاف عن الإسراف إذ يقول تعالى :( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) .

«الإسراف» تجاوز حدّ الاعتدال في كل فعل يفعله الإنسان. وهذه الجملة يمكن أن تكون إشارة إلى عدم الإسراف في الأكل ، أو عدم الإسراف في الإنفاق والبذل ، لأنّ البعض قد يسرف في البذل والإنفاق إلى درجة أنّه يهب كل ما عنده إلى هذا وذاك ، فيقع هو وأبناؤه وأهله في عسر وفقر وحرمان!!

بحوث

1 ـ ارتباط هذه الآية بالآيات السابقة

في الآيات السابقة من هذه السورة جرى حديث عن الأحكام الخرافية التي

__________________

(1) الأكل : بضم الألف وضم أو سكون الكاف يعني ما يؤكل.

(2) تقدم لنا توضيح في هذا المجال عند تفسير الآية (99) من نفس هذه السورة.

٤٨٤

كانت سائدة بين الوثنيين ، الذين كانوا يجعلون نصيبا من الزرع والأنعام لله ، وكانوا يعتقدون بأنّ ذلك النصيب يجب أن يصرف على نحو خاص ، كانوا يحرّمون ركوب بعض الأنعام ، ويقدّمون أولادهم قرابين إلى بعض الأصنام والأوثان!!

إنّ الآية الحاضرة ، والآية اللاحقة تحملان ردّا على جميع هذه الأحكام والمقررات الخرافيّة الجاهلية إذ تقولان بصراحة ، إنّ الله تعالى هو خالق جميع هذه النعم ، فهو الذي أنشأ جميع هذه الأشجار والأنعام والزروع ، كما أنّه هو الذي أمر بالانتفاع بها ، وعدم الإسراف فيها ، وعلى هذا الأساس فليس لغيره أي حق لا في «التحريم» ، ولا في «التحليل».

2 ـ ماذا تعني جملة

( إِذا أَثْمَرَ ) مع ذكر «ثمره» قبل ذلك؟ فقد وقع فيه كلام بين المفسّرين ، ولكن الظاهر أن هذه الجملة تهدف إلى تقرير وبيان أنّ بمجرد ظهور الثمار على هذه الأشجار ، وظهور سنابل القمح ، والحبوب في الزرع يجوز الانتفاع بها حتى إذا لم يعط منها حقوق الفقراء بعد ، وإنما يجب إيتاء هذا الحق لأهله حين حصاد الزرع ، وقطاف الثمر(يوم الحصاد) كما يقول تعالى :( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) .

3 ـ ما هو المراد من الحقّ الذي يجب إعطاؤه؟

يرى البعض أنّها هي الزّكاة الواجبة المفروضة ، أي عشر أو نصف عشر المحصول البالغ حدّ النصاب الشرعي.

بيد أنه مع الالتفات إلى أنّ هذه السورة قد نزلت في مكّة ، وأن حكم الزّكاة نزل في السنة الثانية من الهجرة أو بعد ذلك في المدينة المنورة ، يبدو مثل هذا الاحتمال بعيدا.

٤٨٥

وقد عرّف هذا الحق في روايات عديدة وصلتنا من أهل البيتعليهم‌السلام ، وكذا في روايات عديدة وردت في مصادر أهل السنة بغير الزّكاة.

وجاء فيها أنّ المراد منه هو يعطى من المحصول إلى الفقير عند حضوره عملية الحصاد أو القطاف ، وليس له حدّ معين ثابت(1) .

وفي هذه الحالة ، هل هذا الحكم وجوبي أم استحبابي؟

يرى البعض أنه حكم وجوبي ، أي أنّ إعطاء هذا الحق كان واجبا على المسلمين قبل تشريع حكم «الزّكاة» ولكنّه نسخ بعد نزول آية الزّكاة ، فحلّت الزّكاة بحدودها الخاصّة محل ذلك الحق.

ولكن يستفاد من أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام أن هذا الحكم لم ينسخ ، بل هو باق في صورة الحكم الاستحبابي ، وهذا يعني أنه يستحبّ الآن إعطاء شيء من المحاصيل الزراعية إلى من يحضر عند حصادها وقطافها من الفقراء.

4 ـ يمكن أن يكون التعبير بكلمة «يوم» إشارة إلى أنه يحبّذ أن يوقع حصاد الزرع ، وقطاف الثمر في النهار حتى إذا حضر الفقراء يعطي إليهم شيء منها ، لا في الليل كما يفعل بعض البخلاء لكيلا يعرف أحد بهم.

وقد أكّدت الرّوايات الواصلة إلينا من أهل البيتعليهم‌السلام على هذا الأمر أيضا(2) .

* * *

__________________

(1) الأحاديث المذكورة ذكرها صاحب الوسائل في كتاب الزّكاة في أبواب زكاة الغلات في الباب 13 ، والبيهقي في كتاب السنن ، ج 4 ، ص 132.

(2) راجع بهذا الصدد كتاب وسائل الشيعة كتاب الزّكاة ، أبواب زكاة الغلات ، باب كراهة الحصاد والجذاذ بالليل ، ج 6 ، ص 136.

٤٨٦

الآيات

( وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) )

التّفسير

إنّ هذه الآيات ـ كما أشرنا إلى ذلك ـ بصدد إبطال أحكام خرافيّة جاهليّة كان المشركون يدينون بها في مجال الزراعة والأنعام.

ففي الآية المتقدمة جرى الحديث حول أنواع المزروعات والثمار التي

٤٨٧

أنشأها الله ، وفي هذه الآيات يدور الحديث حول الحيوانات المحلّلة اللحم ، وما تؤديه من خدمات ، وما يأتي منها من منافع.

يقول أوّلا : إنّ الله هو الذي خلق لكم حيوانات كبيرة للحمل والنقل ، وأخرى صغيرة :( وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً ) (1) .

و «حمولة» جمع وليس لها مفرد ـ كما قال علماء اللغة ـ وتعني الحيوانات الكبيرة التي تستخدم للحمل والنقل كالإبل والفرس ونظائرها.

و «فرش» هو بنفس المعنى المتعارف ، ولكن فسّر هنا بالغنم وما يشابهه من الحيوانات الصغيرة ، والظاهر أنّ العلة في ذلك هو أنّ هذا النوع من الأنعام لصغرها واقترابها من الأرض كالفراش في مقابل الأنعام والحيوانات الكبيرة الجثة ـ التي تقوم بعملية الحمل والنقل ، كالإبل ـ فعند ما نشاهد قطعيا من الأغنام وهي مشغولة بالرعي في الصحاري والمراعي بدت لنا وكأنّها فرش ممدودة على الأرض ، في حين أن قطيع الإبل لا يكون له مثل هذا المنظر.

ثمّ إنّ تقابل «الحمولة» «الفرش» أيضا يؤيد هذا المعنى.

وقد ذهب بعض المفسّرين إلى احتمال آخر أيضا ، وهو أن المراد من هذه الكلمة هي الفرش التي يتخذها الناس من هذه الأنعام والحيوانات ، يعني أن الكثير من هذه الحيوانات تستخدم للحمل والنقل ، كما يستفاد منها في صنع الفرش. ولكن الاحتمال الأوّل أقرب إلى معنى الآية.

ثمّ إنّ الآية الشريفة تخلص إلى القول بأنه لمّا كانت جميع هذه الانعام قد خلقها الله تعالى وحكمها بيده ، فإنّه يأمركم قائلا :( كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ) .

أمّا أنّه لماذا لا يقول : كلوا من هذه الأنعام والحيوانات ، بل يقول :( كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ) ؟ فلأن الحيوانات المحلّلة اللحم لا تنحصر في ما ذكر في هذه الآيات ، بل هناك حيوانات أخرى محلّلة اللحم أيضا ولكنّها لم تذكر في الآيات

__________________

(1) الواو في صدر الآية هي واو العاطفة وما بعدها عطف على الجنات في الآية السابقة.

٤٨٨

السابقة.

ولتأكيد هذا الكلام وإبطال أحكام المشركين الخرافية يقول :( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) فهو الذي أعلن الحرب على آدم منذ بداية الخلق.

وهذه العبارة إشارة إلى أن هذه الأحكام والمقررات العارية عن الدليل ، والتي تنبع فقط من الهوى والجهل ، ما هي إلّا وساوس شيطانية من شأنها أن تبعدكم عن الحق خطوة فخطوة ، وتؤدي بكم إلى متاهات الحيرة والضلالة.

هذا وقد مرّ توضيح أكثر لهذه العبارة عند تفسير الآية (168) من سورة البقرة.

الآية الثانية تبيّن قسما من الحيوانات المحلّلة اللحم ، وبعض الأنعام التي يستفاد منها في النقل ، كما يستفاد منها في تغذية البشر وطعامهم أيضا فيقول : إنّ الله خلق لكم ثمانية أزواج من الأنعام : زوجين من الغنم (ذكر وأنثى) ، وزوجين من المعز :( ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ (1) مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ) .

وبعد ذكر هذه الأزواج الأربعة يأمر تعالى نبيّه فورا بأن يسألهم بصراحة : هل أن الله حرّم الذكور منها أم الإناث :( قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ) ؟! أم أنّه حرّم عليهم ما في بطون الإناث من الأغنام ، أم ما في بطون الإناث من المعز؟ :( أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ ) ؟!

ثمّ يضيف قائلا : إذا كنتم صادقين في أنّ الله حرّم شيئا ممّا تدعونه ، وكان لديكم ما يدلّ على تحريم أي واحد من هذه الأنعام فهاتوا دليلكم على ذلك :

__________________

(1) أزواج جمع «زوج» تعني في اللغة ما يقابل الفرد ، ولكن يجب الانتباه إلى أنّه ربّما يراد منه مجموع الذكر والأنثى ، وربّما يطلق على كل واحد من الزوجين ، ولهذا يطلق على الذكر والأنثى معا : زوجين ، واستعمال لفظ الأزواج الثمانية في الآية إشارة إلى الذكور الأربعة من الأصناف الأربعة ، والإناث الأربع من تلك الأصناف.

ويحتمل أيضا أن يكون المراد من الأزواج الثمانية في الآية : الأليف من تلك الأصناف الأربعة وما يقابلها من الوحشي ، أي الذكر والأنثى من الغنم الأليف ، والذكر والأنثى من الغنم الوحشي ، وهكذا فتكون الأزواج حينئذ الأزواج حينئذ ثمانية.

٤٨٩

نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) .

ثمّ في الآية اللاحقة يبيّن الأزواج الأربعة الأخرى من الأنعام التي خلقها الله للبشر ، إذ يقول : وخلق من الإبل ذكرا وأنثى ، ومن البقر ذكرا وأنثى ، فأي واحد من هذه الأزواج حرّم الله عليكم : الذكور منها أم الإناث؟ أم ما في بطون الإناث من الإبل والبقر :( وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ، أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ ) ؟!

وحيث أن الحكم بتحليل هذه الأنعام وتحريمها إنّما هو بيد الله خالقها وخالق البشر وخالق العالم كله ، من هنا يتوجّب على كلّ من يدّعي تحليل أو تحريم شيء منها ، إمّا أن يثبت ذلك عن طريق شهادة العقل ، وإمّا أن يكون قد أوحي له بذلك ، أو يكون حاضرا عند النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صدور هذا الحكم منه.

ولقد صرّح في الآية السابقة بأنّه لم يكن لدى المشركين أي دليل علميّ أو عقليّ على تحريم هذه الأنعام ، وحيث أنّهم لو يدّعوا أيضا نزول الوحي عليهم ، أو النبوة ، فعلى هذا يبقى الاحتمال الثالث فقط ، وهو أن يدّعوا أنّهم حضروا عند أنبياء الله ورسله يوم أصدروا هذه الأحكام ، ولهذا يقوم الله لهم في مقام الإحتجاج عليهم : هل حضرتم عند الأنبياء وشهدتم أمر الله لهم بتحليل أو تحريم شيء من هذه الأنعام :( أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بها ) ؟!

وحيث إنّ الجواب على هذا السؤال هو الآخر بالنفي والسلب ، يثبت أنّهم ما كانوا يمتلكون في هذا المجال إلّا الافتراء ، ولا يستندون إلّا إلى الكذب.

ولهذا يضيف في نهاية الآية قائلا :( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ، لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (1) .

فيستفاد من هذه الآية أن الافتراء على الله من أكبر الذنوب والآثام ، إنّه ظلم

__________________

(1) ثمّة احتمالات عديدة حول ما هو متعلق بالجار والمجرور في قوله : «بغير علم» ، ولكن لا يبعد أن يكون هذا الظرف متعلقا بفعل : «يضل» يعني أنّهم بسبب جهلهم يضلون الناس.

٤٩٠

لله تعالى ولمقامه الربويّ العظيم ، وظلم لعباد الله ، وظلم النفس ، وللتعبير بـ «أظلم» في مثل هذه الموارد كما قلنا سابقا ، جانب نسبيّ ، وعلى هذا فلا مانع من استعمال نفس هذا التعبير بالنسبة إلى بعض الذنوب الكبيرة الأخرى.

كما ويستفاد من هذه الآية أيضا أن الهداية والإضلال الإلهيين لا يكونان بالجبر ، بل إن لهما مقدمات وعللا تبدأ من الإنسان نفسه وتتحقق بفعله هو ، فعند ما يعمد أحد باختياره إلى ممارسة الظلم والجور يحرمه الله حينئذ من عنايته وحمايته ، ويتركه يضيع في متاهات الحيرة والضلالة.

* * *

٤٩١

الآية

( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) )

التّفسير

بعض الحيوانات المحرّمة :

ثمّ إنّه تعالى ـ بهدف تمييز المحرمات الإلهية عن البدع التي أحدثها المشركون وأدخلوها في الدين الحق ـ أمر نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الآية بأن يقول لهم بكل صراحة ، ومن دون إجمال أو إبهام :( لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ ) من الشريعة أي شيء من الأطعمة يكون( مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ ) من ذكر أو أنثى ، وصغير أو كبير.

اللهم( إِلَّا ) عدّة أشياء ، الأوّل :( أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً ) .

أو يكون( دَماً مَسْفُوحاً ) وهو ما خرج من الذبيحة عند التزكية بالقدر المتعارف (لا الدّماء التي تبقى في جسم الذبيحة في عروقها الشعرية الدقيقة ، بعد

٤٩٢

خروج قدر كبير منها بعد الذبح).

( أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ ) .

لأنّ جميع هذه الأشياء رجس ومنشأ لمختلف الأضرار( فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) .

إنّ الضمير في «فإنّه» وإن كان ضمير الإفراد ، إلّا أنّه يرجع ـ حسب ما يذهب إليه أكثر المفسّرين ـ إلى الأقسام الثلاثة المذكورة في الآية (الميتة ، الدم ، لحم الخنزير) فيكون معنى الجملة الأخيرة هي : فإنّ كل ما ذكر رجس(1) . وهذا هو المناسب لظاهر الآية وهو عودة الضمير إلى جميع تلك الأقسام ، إذ لا شك في أن الميتة والدم هما أيضا رجس كلحم الخنزير.

ثمّ أشار تعالى إلى نوع رابع فقال :( أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ) (2) أي التي لم يذكر اسم الله عليها عند ذبحها.

والجدير بالتأمل أنّه ذكرت لفظة «فسقا» بدلا عن كلمة «الحيوان».

و «الفسق» كما أسلفنا يعني الخروج عن طاعة الله وعن رسم العبودية ، ولهذا يطلق على كل معصية عنوان الفسق.

وأمّا ذكر هذه اللفظة في هذا المورد في مقابل الرجس الذي أطلق على الموارد الثلاثة المذكورة سابقا ، فيمكن أن يكون إشارة إلى أنّ اللحوم المحرمة على نوعين :

اللحوم المحرّمة لخباثتها بحيث تنفر منها الطباع ، وتوجب أضرارا جسدية ، ويطلق عليها وصف الرجس (أي النجس).

اللحوم التي لا تعدّ من الخبائث ، ولا تستتبع أضرارا جسميّة وصحيّة ، ولكنّها ـ من الناحية الأخلاقية والمعنوية ـ تدلّ على الابتعاد عن الله وعن جادة التوحيد ،

__________________

(1) وفي الحقيقة يكون معنى كلمة «فإنّه» هو «فإن ما ذكر».

(2) «أهلّ» أصله «الإهلال» ، وهو مأخوذ في الأصل من الهلال ، والإهلال يعني رفع الصوت عند رؤية الهلال ، ثمّ استعمل لكل صوت رفيع ، كما أنّه يطلق على بكاء الصبي عند الولادة الاستهلال ، وحيث أنّهم كانوا يذكرون أسماء أصنامهم بصوت عال عند ذبح الأنعام عبرّ عن فعلهم هذا بالإهلال.

٤٩٣

ولهذا حرّمت أيضا.

وعلى هذا الأساس لا يجب أن نتوقع أن تنطوي اللحوم المحرمة دائما على أضرار صحيّة ، بل ربّما حرّمت لأجل أضرارها المعنوية والأخلاقية ، ومن هنا يتضح أنّ الشروط الإسلامية المقرّرة في الذبح على نوعين أيضا :

بعضها ـ مثل قطع الأوداج الأربعة ، وخروج القدر المتعارف من دم الذبيحة ـ لها جانب صحّي.

وبعضها الآخر ـ مثل توجيه مقاديم الذبيحة نحو القبلة عند الذبح ، وذكر اسم الله عنده ، وكون الذابح مسلما ـ لها جانب معنويّ.

ثمّ إنّه سبحانه استثنى ـ في آخر الآية ـ من اضطر إلى تناول شيء ممّا ذكر من اللحوم المحرّمة ، كما لو لم يجد أيّ طعام آخر وتوقفت حياته على تناول شيء من تلك اللحوم ، إذ قال :( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (1) يعني أنّ من اضطرّ إلى أكل شيء ممّا ذكر من المنهيّات فلا إثم عليه ، بشرط أن يكون للحفاظ على حياته ، لا للذة ، ولا مستحلّا لما حرّمه الله ، أو متجاوزا حدّ الضرورة ، ففي هذه الصورة( فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

وإنّما اشترط هذان الشرطان لكي لا يتذرع المضطرون بهذه الإباحة فيتعدّوا حدود ما قرّره الله بحجة الاضطرار ، ويتخذوا من ذلك ذريعة لتجاهل حمى القوانين الإلهية.

ولكنّنا نقرأ في بعض الأحاديث الواردة عن آل البيتعليهم‌السلام ، مثل الحديث المنقول عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «الباغي : الظالم ، والعادي : الغاصب»(2) .

كما نقرأ في حديث آخر منقول عن الإمامعليه‌السلام أنّه قال : «الباغي : الخارج على

__________________

(1) «الباغي» من «البغي» وهو يعني الطلب ، «والعادي» من «العدو» وهو يعني التجاوز.

(2) بحار الأنوار ، ج 65 ، ص 136 و 137.

٤٩٤

الإمام ، والعادي : اللص»(1) .

هذه الرّوايات ونظائرها تشير إلى أنّ الاضطرار إلى تناول اللحوم المحرمة يتفق عادة في الأسفار ، فإذا أقدم أحد على السفر في سبيل الظلم أو الغصب أو السرقة ثمّ فقد الطعام الحلال في خلال السفر لم يجز له تناول اللحوم المحرّمة ، وإن كانت وظيفته ـ للحفاظ على حياته من التلف ـ هو التناول من تلك اللحوم ، ولكنّه يعاقب على إثمه هذا ، لأنّه أوجد بنفسه المقدمات لمثل هذا السفر الحرام ، وعلى كل حال فإنّ هذه الرّوايات تنسجم مع المفهوم الكليّ للآية انسجاما كاملا.

جواب على سؤال :

وهنا ويطرح سؤال هو : كيف حصرت جميع المحرمات الإلهية ـ في مجال الأطعمة ـ في أربعة أشياء ، مع أنّنا نعلم بأنّ الأطعمة المحرمة لا تنحصر في هذه الأشياء ، مثل لحوم الحيوانات المفترسة ، ولحوم الحيوانات البحرية (إلّا ما كان له فلس من الأسماك) وما شابه ، فهذه كلّها حرام ، في حين لم يجيء في الآية أي ذكر عن تلك اللحوم ، بل حصرت المحرمات في هذه الأشياء الأربعة؟!

قال البعض في مقام الإجابة على هذا السؤال ، بأنّ هذه الآيات نزلت في مكّة وحكم الأطعمة المحرمة الأخرى لم ينزل بعد.

غير أنّ هذه الإجابة تبدو غير صحيحة ، والشاهد على ذلك أنّ نفس هذا التعبير أو نظيره قد ورد في السور المدنية مثل الآية (173) من سورة البقرة.

والظاهر أنّ هذه الآية ناظرة ـ فقط ـ إلى نفي الأحكام الخرافية التي كانت شائعة وسائدة في أوساط المشركين ، فالحصر «حصر إضافي» لا حقيقيّ.

وبعبارة أخرى : كأنّ الآية تقول : المحرمات الإلهية هذه ، وليس ما نسجته أوهامكم.

__________________

(1) بحار الأنوار ، ج 65 ، ص 136 و 137.

٤٩٥

ولكي تتضح هذه الحقيقة لا بأس بأنّ نضرب لذلك مثلا.

يسألنا أحد : لها جاء الحسن والحسين كلاهما ، فنجيب : كلا بل جاء الحسن فقط ، لا شك أننا هنا نريد نفي مجيء الشخص الثاني (أي الحسين) ولكن لا مانع من أن يكون آخرون ـ ممن لم يكونوا محور حوارنا أصلا ـ قد جاؤوا أيضا ، وهذا هو ما يسمى بالحصر الإضافي (أو النسبيّ).

نعم ، لا بدّ من الانتباه إلى نقطة مهمّة ، وهي أنّ ظاهر الحصر عادة ـ الحصر الحقيقي إلّا في الموارد التي يوجد فيها قرائن صارفة عن مدلول الظاهر مثل ما نحن فيه الآن.

* * *

٤٩٦

الآيتان

( وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا )

( اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (146) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) )

التّفسير

ما حرّم على اليهود :

في الآيات السابقة حصرت المحرمات من الحيوان في أربعة ، غير أنّ هاتين الآيتين تشيران إلى بعض ما حرم على اليهود ليتبيّن أن أحكام الوثنيين الخرافية والمجهولة لا تنطبق لا على أحكام الإسلام ، ولا على دين اليهود (بل ولا على دين المسيح الذي يتبع في أكثر أحكامه الدين اليهودي).

ثمّ إنّه قد صرح في هذه الآيات أن هذا النوع من المحرمات على اليهود كان له طابع المعاقبة وصفة المجازاة ، ولو أنّ اليهود لم يرتكبوا الجنايات والمخالفات لما حرّم عليهم هذه الأمور ، وعلى هذا الأساس لسائل أن يسأل الوثنيين : من أين

٤٩٧

أتيتم بهذه الأحكام المصطنعة؟

ولهذا يقول سبحانه في البداية :( وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ) .

و «الظفر» هو في الأصل المخلب ، ولكنّه يطلق أيضا على ظلف الحيوانات من ذوات الأظلاف (من الحيوانات التي لها أظلاف غير منفرجة الأصابع كالحصان لا كالغنم والبقر التي لها أظلاف منفرجة) لأنّ أظلافها تشبه الظفر ، كما أنّه يطلق على خف البعير الذي يكون منتهاه مثل الظفر ، ولا يكون فيه انشقاق وانفراج مثل انفراج الأصابع.

وعلى هذا الأساس فإنّ المستفاد من الآية المبحوثة هو أنّ جميع الحيوانات التي لا تكون ذات أظلاف ـ دوابا كانت أو طيورا ـ كانت محرّمة على اليهود.

ويستفاد هذا المعنى ـ على نحو الإجمال أيضا ـ من سفر اللاويين من التّوراة الحاضرة الإصحاح 11 حيث يقول : «وأمر الربّ موسى وهارون : أوصيا بني إسرائيل : هذه هي الحيوانات التي تأكلونها من جميع بهائم الأرض : تأكلون كل حيوان مشقوق الظّلف ومجتر ، أمّا الحيوانات المجترة فقط ذو المشقوقة الظلف فقط ، فلا تأكلوا منها ، فالجمل غير طاهر لكم لأنّه مجتر ولكنّه غير مشقوق الظلف»(1) .

كما أنّه يمكن أن يستفاد من العبارة التّالية في الآية المبحوثة التي تحدثت عن خصوص البقر والغنم فقط حرمة لحم البعير على اليهود بصورة كلية أيضا.(تأمل بدقّة).

ثمّ يقول سبحانه :( وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما ) .

ثمّ يستثني بعد هذا ثلاثة موارد : أوّلها الشحوم الموجودة في موضوع الظهر من هذين الحيوانين إذ يقول :( إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما ) .

__________________

(1) الكتاب المقدس ، سفر اللّاويين ، الاصحاح 11 ، ص 142.

٤٩٨

وثانيا : الشّحوم الموجودة على جنبيها ، أو بين أمعائها :( أَوِ الْحَوايا ) (1) .

وثالثا : الشحوم التي امتزجت بالعظم والتصقت به( أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ) .

ولكنّه صرّح في آخر الآية بأنّ هذه الأمور لم تكن محرّمة على اليهود ـ في الحقيقة ـ ولكنّهم بسبب ظلمهم وبغيهم حرموا ـ بحكم الله وأمره ـ من هذه اللحوم ولشحوم التي كانوا يحبّونها( ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ) .

ويضيف ـ لتأكيد هذه الحقيقة ـ قوله :( وَإِنَّا لَصادِقُونَ ) وإن ما نقوله هو عين الحقيقة.

بحثان

1 ـ ماذا كان يقترف بنو إسرائيل؟

لا بدّ أن نرى هنا أي ظلم كان يقترفه بنو إسرائيل أوجب أن يحرّم الله تعالى عليهم هذه النعم التي كانوا يحبّونها؟!

هناك مذاهب متباينة للمفسّرين في هذا الصعيد ، ولكن ما يستفاد من الآية (160 و 161) من سورة النساء ، هو أنّ علّة التحريم المذكور كان عدة أمور : ظلمهم للضعفاء ، ومعارضتهم للأنبياء ، ومنعهم من هداية الناس ، وأكل الربا ، وأكل أموال الناس بالباطل ، إذ يقول :( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ، وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا ، وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ ) .

2 ـ ما معنى «إنّا لصادقون»؟

إنّ عبارة( وَإِنَّا لَصادِقُونَ ) التي جاءت في آخر الآية يمكن أن تكون إشارة إلى هذه النقطة وهي : أنّ الصدق والحق في مسألة تحريم هذه الأطعمة هو ما قلناه لا ما قاله اليهود في بعض كلامهم ، وهو أنّ تحريم هذه الأطعمة واللحوم إنّما

__________________

(1) «الحوايا» جمع «حاوية» وهي مجموعة ما يوجد في بطن الحيوان والتي تكون على هيئة كرة تتضمّن الأمعاء.

٤٩٩

كان من جانب إسرائيل (يعقوب) ، لأن يعقوب ـ كما جاء في الآية (93) من سورة آل عمران ـ لم يحكم بحرمة هذه الأشياء أبدا ، وليس هذا سوى تهمة ألصقتها اليهود به.

* * *

ولما كان عناد اليهود المشركين أمرا بيّنا ، وكان من المحتمل أن يتصلّبوا ويتمادوا في تكذيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمر الله تعالى نبيّه في الآية الاخرى أنّهم إن كذّبوه يقول لهم : إنّ ربّكم ذو رحمة واسعة فهو لا يسارع إلى عقوبتكم ومجازاتكم ، بل يمهلكم لعلكم تؤوبون إليه ، وترجعون عن معصيتكم ، وتندمون من أفعالهم وتعودون إلى الله ،( فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ ) .

ولكن إذا أساؤوا فهم أو استخدام هذا الإمهال الإلهي ، واستمروا في كيل التهم فيجب أن يعلموا أنّ عقاب الله إيّاهم حتميّ لا مناص منه ، وسوف يصيبهم غضبه في المال :( وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) .

إنّ هذه الآية تكشف ـ بوضوح ـ عن عظمة التعاليم القرآنية ، فإنّه بعد شرح وبيان كل هذه المخالفات التي ارتكبها اليهود والمشركون لا يعمد إلى التهديد بالعذاب فورا ، بل يترك طريق الرجعة مفتوحا ، وذلك بذكر عبارات تفيض بالحب مثل قوله : «ربّكم» «ذو رحمة» «واسعة» أوّلا. حتى إذا كان هناك أدنى استعداد للرجوع والإنابة في نفوسهم شوّقتهم هذه العبارات العاطفية على العودة إلى لطريق المستقيم.

ولكن حتى لا تبعث سعة الرحمة الإلهية هذه على التمادي في غيهم ، وتتسبّب في تزايد جرأتهم وطغيانهم ، وحتى يكفوا على العناد واللجاج هدّدهم في آخر جملة من الآية بالعقوبة الحتمية.

* * *

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

ويعاقب على يد من يشاء، وان فعل امنائه فعله، كما قال:( وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من قرء هاتين السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلوة الفريضة والنافلة( إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ) و( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ) لم يحجبه الله من حاجبة، ولم يحجزه من الله حاجز، ولم يزل ينظر إلى الله وينظر الله إليه حتى يفرق من حساب الناس.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن قرأها أعطاه الله من الأجر بعدد كل قبر حسنة، وبعدد كل قطرة ماء حسنة، وأصلح له شأنه يوم القيامة.

٣ ـ في مصباح شيخ الطائفةقدس‌سره في دعاء مروي عن الصادقعليه‌السلام واسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت، ووضعته على السماء فانشقت، وعلى النجوم فانتشرت.

٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ) قال: تنشق فيخرج الناس منها( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) أي ما عملت من خير وشر.

٥ ـ في مجمع البيان( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) هذا كقوله:( يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ ) وقد مر ذكره وعن عبد الله بن مسعود قال: ما قدمت من خير أو شر وما أخرت من سنة حسنة استن بها بعده فله أجر من اتبعه من غير ان ينقص من أجورهم، أو سنة سيئة عمل بها بعده فعليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء، ويؤيد هذا القول ما جاء في الحديث ان سائلا قام(١)

__________________

(١) وفي نسخة الأصل «قدم» بدل «قام».

٥٢١

على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأل، فسكت القوم ثمّ إنّ رجلا أعطاه فأعطاه القوم، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من استن خيرا فله اجره ومثل اجوره من اتبعه غير منتقص من أجورهم ومن استن شرا فاستن فعليه وزره ومثل أوزار من اتبعه غير منتقص من أوزارهم.

قال: فتلا حذيفة بن اليمان( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) أي أى شيء غرك بخالقك وخدعك وسول لك الباطل حتى عصيته وخالفته، وروى أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا تلا هذه الآية قال: غره جهله.

٦ ـ وقال أمير المؤمنين: كم من مغرور بالستر عليه ومستدرج بالإحسان اليه.

٧ ـ في نهج البلاغة من كلامهعليه‌السلام قال عند تلاوته( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) ادحض مسئول حجة وأقطع مغتر معذرة لقد أبرح جهالة بنفسه إياه يا ايها الإنسان ما جرأك على ذنبك وما غرك بربك، وما آنسك بهلكة نفسك، اما من دائك بلول أم ليس من نومتك يقظة؟ أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك فلربما ترى الضاحي من حر الشمس فتظله أو ترى المبتلى بألم يمض جسده فتبكى رحمة له فما صبرك على دائك، وجلدك على مصابك، وعزاك عن البكاء على نفسك وهي أعز الأنفس عليك، وكيف لا يوقظك خوف بيات نقمة، وقد تورطت بمعاصيه مدارج سطواته.(١)

٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) قال: لو شاء ركبك على غير هذه الصورة.

٩ ـ في مجمع البيان وروى عن الرضا عن آبائه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لرجل ما ولد لك؟ قال: يا رسول الله وما عسى أن يولد لي إمّا غلام وإمّا جارية، قال: فمن يشبه؟ قال: يشبه امه أو أباه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله . لا تقل هكذا ان النطفة إذا استقرت

__________________

(١) يقال هذا الأمر أبرح من هذا أي أشد. و «جهالة» منصوب على التميز. والبلول مصدر بل الرجل من مرضه إذا برىء والضاحي لحر الشمس: البارز. ومض بمعنى أحرق. وبيات نقمة ـ بفتح الباء ـ: طروقها ليلا. وتورط: وقع في الورطة وهي الهلاك. والمدارج: الطرق والمسالك.

٥٢٢

في الرحم أحضر الله كل نسب بينها وبين آدمعليه‌السلام ، اما قرأت هذه الآية( فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) ؟ أي فيما بينك وبين آدم.

١٠ ـ وقال الصادقعليه‌السلام : لو شاء ركبك على غير هذه الصورة.

١١ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الشيرازي في كتابه باسناده إلى الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال في قوله:( فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ) قال: صور اللهعزوجل عليّ بن أبي طالب في ظهر أبي طالب على صورة محمّد، فكان عليّ بن أبي طالب أشبه الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان الحسين بن عليّ أشبه الناس بفاطمة وكنت أشبه الناس(١) بخديجة الكبرى.

١٢ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى أبي جعفر الباقرعليه‌السلام حديث طويل وفيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليٍّعليه‌السلام : قل: ما أول نعمة أبلاك اللهعزوجل وأنعم عليك بها؟ قال: إنّ خلقني جل ثناؤه ولم أك شيئا مذكورا، قال: صدقت إلى قوله: فما الثالثة قال: إنّ أنشأنى فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب قال: صدقت.

١٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ) قال برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنينعليه‌السلام و( إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ) قال: الملكان الموكلان بالإنسان.

١٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول السائل: فما علة الملكين الموكلين بعباده يكتبون ما عليهم ولهم، والله عالم السر وما هو أخفى؟ قال: استعبدهم بذلك وجعلهم شهودا على خلقه ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله مواظبة وعن معصيته أشد انقباضا، وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهما فارعوى وكف، فيقول: ربي يراني وحفظنى على بذلك تشهد، وان الله برأفته ولطفه وكلهم بعباده يذبون عنهم مردة الشياطين وهو أم الأرض وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله إلى ان يجيء أمر اللهعزوجل .

١٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن محمد بن قيس عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما واضعا

__________________

(١) كذا في الأصل ولم أقف على الحديث في المصدر.

٥٢٣

يده على كتف العباس فاستقبله أمير المؤمنين صلوات الله عليه فعانقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقبل بين عينيه ثم سلم العباس على عليٍّ فرد عليه ردا خفيا فغضب العباس فقال: يا رسول الله لا يدع على زهوه(١) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقل ذلك في عليٍّ فإنّي لقيت جبرئيل آنفا فقال: لقيني الملكان الموكلان بعلى الساعة فقالا: ما كتبا عليه ذنبا منذ يوم ولدا لي هذا اليوم.

١٦ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله فصل فيما يذكر من كتاب قصص القرآن وأسباب نزول آثار القرآن تأليف الهيصم بن محمد بن الهيصم النيشابوري فصل في ذكر الملكين الحافظين دخل عثمان بن عفان على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ قال: ملك على يمينك على حسناتك وواحد على الشمال، فاذا عملت حسنة كتب عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب، قال: لعله يستغفر الله ويتوب فاذا قال ثلاثا قال نعم أكتب أراحنا الله منه فلبئس القرين ما أقل مراقبته للهعزوجل وأقل استحيائه منا يقول الله تعالى:( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) وملكان بين يديك ومن خلفك يقول الله سبحانه( لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ) وملك قابض على ناصيتك فاذا تواضعت للهعزوجل رفعك. وإذا تجبرت لله فضحك، وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلّا الصلوات على محمّد، وملك قائم على فيك لا يدع أن تدب الحية في فيك، وملكان على عينيك فهذا عشرة أملاك في كل آدمي يعد ان ملائكة الليل على ملائكة النهار لان ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملائكة على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل قال الله سبحانه( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ) الآية وقالعزوجل :( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ ) الاية.

١٧ ـ وفي كتاب سعد السعود أيضا بعد أن ذكر ملكي الليل وملكي النهار وفي رواية انهما يأتيان المؤمن عند حضور صلوة الفجر، فاذا هبطا صعد الملكان الموكلان بالليل، فاذا غربت الشمس نزل إليه الموكلان بكتابة الليل، ويصعد

__________________

(١) الزهو: الكبر والفخر.

٥٢٤

الملكان الكاتبان بالنهار بديوانه إلى اللهعزوجل ، فلا يزال ذلك دأبهم إلى وقت حضور اجله، فاذا حضر اجله قالا للرجل الصالح: جزاك الله من صاحب عنا خيرا فكم من عمل صالح أريتناه، وكم من قول حسن أسمعتناه، وكم من مجلس خير أحضرتناه، فنحن اليوم على ما تحبه وشفعاء إلى ربك، وان كان عاصيا قالا له: جزاك الله من صاحب عنا شرا فلقد كنت تؤذينا، فكم من عمل سيئ أريتناه وكم من قول سيئ أسمعتناه، ومن مجلس سوء أحضرتناه، ونحن اليوم لك على ما تكره وشهيدان عند ربك.

١٨ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن موسى بن جعفر عن أبيه قال: سألته عن الملكين هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله أو الحسنة؟ فقال: ريح الكنيف والطيب سواء؟ قلت: لا قال: إنّ العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال: قم فانه قد هم بالحسنة، فاذا فعلها كان لسانه قلمه، وريقه مداده، وأثبتها له وإذا هم بالسيئة خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين: قف فانه قد هم بالسيئة فاذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده وأثبتها عليه.

١٩ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن فضيل بن عثمان المرادي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن إلّا هالك، يهم العبد بالحسنة فيعملها فان هو لم يعملها أجل سبع ساعات، وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فان اللهعزوجل يقول: «إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ .» أو الاستغفار فان هو قال: استغفر الله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذا الجلال والإكرام وأتوب اليه، لم يكتب عليه شيء وان مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: أكتب على الشقي المحروم(١) .

٢٠ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن

__________________

(١) لهذا الحديث بيان في أصول الكافي ج ٢ ص ٤٢٩.

٥٢٥

زرارة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ العبد إذا أذنب ذنبا أجل من غدوة إلى الليل، فان استغفر الله لم يكتب عليه.

٢١ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه وابو على الأشعري ومحمد بن يحيى جميعا عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن فضالة بن أيوب عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا اجله الله سبع ساعات فان استغفر لم يكتب عليه شيء، وان مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيئة، وان المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له، وان الكافر لينساه من ساعته.

٢٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد عن أحمد بن محمد بن قيس أبي نصر عن درست قال: سمعت أبا إبراهيمعليه‌السلام يقول: إذا مرض المؤمن اوحى اللهعزوجل إلى صاحب الشمال: لا تكتب على عبدي ما دام في حبسي ووثاقي ذنبا ويوحى إلى صاحب اليمين: ان أكتب لعبدي ما كنت تكتب له في صحته من الحسنات.

٢٣ ـ وباسناده إلى سدير عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: من أحب ان يمشى مشى الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير.

٢٤ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العلة التي من أجلها وجب التسليم في الصلوة؟ قال: لأنه تحليل الصلوة، قلت: فلأي علة يسلم على اليمين ولا يسلم على اليسار؟ قال: لان الملك الموكل يكتب الحسنات على اليمين، والذي يكتب السيئات على اليسار، والصلوة حسنات ليس فيها سيئات، فلهذا يسلم على اليمين دون اليسار، قلت: فلم لا يقال: السلام عليك والملك على اليمين واحد، ولكن يقال: السلام عليكم؟ قال: ليكون قد سلم عليه وعلى مَن على اليسار، وفضل صاحب اليمين عليه بالإيماء اليه، قلت: فلم لا يكون الإيماء في التسليم بالوجه كله ولكن كان بالأنف لمن يصلّي وحده وبالعين لمن يصلّي بقوم؟ قال: لان مقعد الملكين من ابن آدم الشدقين(١) فصاحب

__________________

(١) الشدق ـ بالكسر والفتح ـ: زاوية الفم من باطن الخدين.

٥٢٦

اليمين على الشدق الأيمن، وتسليم المصلى عليه ليثبت له صلوته في صحيفته، قلت: فلم يسلم المأموم ثلاثا؟ قال: يكون واحدة ردا على الامام، ويكون عليه وعلى ملائكته، ويكون الثانية على يمينه والملكين الموكلين به، ويكون الثالثة على مَن على يساره والملكين الموكلين به، ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلم على يساره إلّا أن يكون يمينه إلى الحائط ويساره إلى مصلي معه خلف الامام فيسلم على يساره قلت: فتسليم الامام على من يقع؟ قال: على ملائكته(١) والمأمونين، يقول لملائكته: اكتبا سلامة صلاتي لـما يفسدها ويقول لمن خلفه: سلمتم وامنتم من عذاب اللهعزوجل ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٥ ـ وباسناده إلى محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ان حافظي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ليفتخران على جميع الحفظة لكينونتهما مع ذلك انهما لم يصعدا إلى اللهعزوجل بشيء يسخط الله تبارك وتعالى.

٢٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن بعض أصحابنا عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن واصل عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى أبي ذر فقال له: يا أبا ذر كيف ترى حالنا عند الله؟ قال: اعرضوا أعمالكم على الكتاب ان الله يقول:( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) فقال الرجل فأين رحمة الله؟ قال: رحمة الله قريب من المسلمين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب بالإسناد عن الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: كل ما في كتاب اللهعزوجل من قوله:( إِنَّ الْأَبْرارَ ) فو الله ما أراد به إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين، لأنا نحن أبرار آبائنا وأمهاتنا، وقلوبنا علمت بالطاعات والبر وتبرأت من الدنيا وجيها، وأطعنا الله في جميع فرائضه، وآمنا بوحدانيته، وصدقنا برسوله.

__________________

(١) وفي المصدر «على ملكيه» بصيغة التثنية.

٥٢٧

٢٨ ـ في مجمع البيان: والأمر يومئذ لله وحده أي الحكم له في الجزاء والثواب والعفو والانتقام ؛ وروى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال:( وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) والأمر كله لله، يا جابر إذا كان يوم القيامة بادت(١) الحكام فلم يبق حاكم إلّا الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرء في فرائضه( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) أعطاه الله الأمن يوم القيامة من النار ولم تره ولم يرها، ولم يمر على جسر جهنم ولا يحاسب يوم القيامة.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من قرأها سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: ويل للمطففين قال: الذين يبخسون المكيال والميزان. وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزلت على نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قدم المدينة، وهم يومئذ أسوء الناس كيلا فأحسنوا الكيل فأما الويل فبلغنا والله أعلم انه بئر في جهنم.

٤ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن محمد عن بعض أصحابنا عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وانزل في الكيل( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) ولم يجعل الويل لأحد حتى يسميه كافرا، قال اللهعزوجل :( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) .

٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه وانه رب شيء من كتاب اللهعزوجل يكون تأويله على تنزيله، ولا يشبه تأويل كلام البشر ولا فعل البشر، وسأنبئك بمثال لذلك تكتفى به ان شاء الله ،

__________________

(١) باد: هلك.

٥٢٨

الى قوله:( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى ) فسمى فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فعلا له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله؟ ومثل قوله:( بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ) فسمى البعث لقاء وكذلك قوله:( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ) أي يوقنون( أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ) ومثله قوله:( أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ) أي أليس يوقنون انهم مبعوثون.

٦ ـ وفيه أيضا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام وأمّا قوله:( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ) يعنى تيقنوا انهم دخلوها وكذلك قوله( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وأمّا قوله للمنافقين( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهو ظن شك وليس ظن يقين ؛ والظن ظنان ظن شك وظن يقين فما كان من أمر المعاد من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو على الشك.

٧ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث انهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا قرء( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) قال يقومون حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى انصاف أذنيه.

٨ ـ في مجمع البيان( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) وجاء الحديث انهم يقومون في رشحهم إلى انصاف آذانهم، وفي حديث آخر يقومون حتى يبلغ الرشح إلى أطراف آذانهم.

وفي الحديث عن سليم بن عامر عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون الشمس بمقدار ميل أو ميلين، قال سليم: فلا أدري أمسافة الأرض أم الميل الذي يكحل به العين؟ ثم قال: صهرتهم الشمس فيكونون في العرق بمقدار أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبه ومنه من يلجمه الجاما، قال: فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشير بيده إلى فيه قال: يلجمه الجاما أورده مسلم في الصحيح.

٩ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن حفص عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: مثل الناس يوم القيامة إذا قاموا لرب العالمين مثل السهم في القرب، ليس له من الأرض إلّا موضع

٥٢٩

قدرته كالسهم في الكنانة، لا يقدر أن يزول هاهنا ولا هاهنا.

١٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن أبي نهشل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) وخلق عدونا من سجين، وخلق قلوب شيعتهم، مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك، قلوبهم تهوى إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم تلا هذه الآية( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ ) .

١١ ـ محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد وغيره عن محمد بن خلف عن أبي نهشل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ اللهعزوجل خلقنا من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك، وذكر إلى آخر ما سبق وزاد( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) .

١٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن إسماعيل رفعه إلى محمد ابن سنان عن زيد الشحام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلقنا من نور مبتدع من نور سنخ ذلك النور في طينة من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلق منه، ثم قرء( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) وان الله تبارك خلق قلوب أعدائنا من طينة من سجين وخلق أبدانهم من طينة دون ذلك، وخلق قلوب شيعتهم مما خلق منه أبدانهم قلوبهم تهوى إليهم، ثم قرء( إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) .

١٣ ـ في مجمع البيان عن البراء بن عازب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سجين أسفل سبع أرضين، وقيل: ان سجين جب في جهنم مفتوح، والفلق جب

٥٣٠

في جهنم مغطى، رواه أبو هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٤ ـ وروى عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام انه قال: اما المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم إلى السماء، فتنفتح لهم أبوابها، وأمّا الكافر فيصعد بعلمه وروحه حتى إذا بلغ إلى السماء نادى مناد: اهبطوا به إلى سجين، وهو واد بحضر موت يقال له برهوت.

١٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) قال: ما كتب الله لهم من العذاب لفي سجين وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: السجين الأرض السابعة وعليون السماء السابعة.

١٦ ـ وباسناده إلى الكلبي عن جعفر بن محمدعليه‌السلام في قوله:( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) قال: هو فلان وفلان.

١٧ ـ وفيه عن الامام الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ويزلف المعتبر، وتصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة وفيها الفلق والسجين.

١٨ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) قال: هم الذين فجروا في حق الائمة واعتدوا عليهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به، فاذا صعد بحسناته يقول اللهعزوجل : اجعلوها في سجين انه ليس إياي أراد فيها.

٢٠ ـ باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: مر عيسى بن مريم على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها: فقال: اما انهم لم يموتوا إلّا بسخط، ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: يا روح الله وكلمته ادع الله ان يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت

٥٣١

أعمالهم فنجتنبها فدعا عيسىعليه‌السلام ربه فنودي من الجو: أن نادهم، فقام عيسىعليه‌السلام بالليل على شرف من الأرض، فقال: يا أهل هذه القرية، فأجابه منهم مجيب: لبيك يا روح الله وكلمته، فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت وحب الدنيا مع خوف قليل وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب، فقال: كيف كان حبكم للدنيا؟ قال: كحب الصبى لامه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا، وإذا أدبرت بكينا وحزنا. قال: كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ فقال سجين قال: وما سجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه من الرواية قريبا اعنى قوله: فلان وفلان( وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ ) إلى قوله:( الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ) الاول والثاني( وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) وهو الاول والثاني كانا يكذبان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٢ ـ في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيوب عن علي بن مهزيار عن القاسم بن عروة عن ابن بكير عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء، فاذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة نكتة سوداء، فان تاب ذهب ذلك السوداء، وان تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطى البياض فاذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا، وهو قول اللهعزوجل ( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .

٢٣ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الله بن محمد الحجال عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تذاكروا وتلا قوا وتحدثوا، فان الحديث جلاء للقلوب، ان القلوب لترين كما يرين السيف وجلاءه الحديث.

٢٤ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) قال الباقرعليه‌السلام : ما من شيء أفسد للقلب من الخطيئة، ان القلب لتواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أسفله

٥٣٢

أعلاه وأعلاه أسفله، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فان تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منه وان ازداد زادت فذلك الران الذي ذكره الله تعالى في كتابه( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .

٢٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وقال الحسنعليه‌السلام لحبيب بن مسلمة الفهري: رب مسير لك في غير طاعة، قال: اما مسيري إلى أبيك فلا، قال: بلى ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة فلئن قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك فلو كنت إذا فعلت شرا قلت خيرا كنت كما قال اللهعزوجل :( خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) ولكنك كما قال( كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .

٢٦ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن الحسين بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) فقال: إنّ الله تعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده، ولكنه يعنى انهم عن ثواب ربهم محجوبون.

٢٧ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول: فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وأمّا قوله:( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) فانما يعنى يوم القيامة انهم عن ثواب ربهم محجوبون.

٢٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بما نقلنا من قوله: كانا يكذبان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى قوله:( إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ ) هما( ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعنى هما ومن تبعهما.

٢٩ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت:( ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) قال: يعنى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قلت: تنزيل؟ قال: نعم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠ ـ محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد وغيره عن محمد بن خلف عن أبي نهشل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت

٥٣٣

أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ اللهعزوجل خلقنا من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك وقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) .

٣١ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن أبي نهشل قال: حدّثني محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا وخلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا، ثم قرأ هذه الآية( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن إسماعيل رفعه إلى محمد بن سنان عن زيد الشحام عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى خلقنا من نور مبتدع من نور سنخ ذلك النور في طينة من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلق منه أبداننا، وخلق أبدانهم من طينة دون ذلك، فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه، ثم قرء( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب في كتابه بالإسناد عن الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: كلّما في كتاب اللهعزوجل من قوله:( إِنَّ الْأَبْرارَ ) فو الله ما أراد به إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة وانا والحسين، وقد تقدم في سورة الانفطار.

٣٤ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن عليٍّعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في وصيته له يا عليُّ إنّ الله تبارك وتعالى أعطانى فيك سبع خصال إلى قوله: وأنت أول من يشرب من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك.

٣٥ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن إبراهيم عن أبى

٥٣٤

حمزة عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال: من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم.

٣٦ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حسين بن نعيم عن مسمع أبي سيار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من نفس عن مؤمن كربة إلى قوله: ومن سقاه شربة سقاه الله من الرحيق المختوم.

٣٧ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليٍّعليه‌السلام : يا عليُّ من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم، فقال على: لغير الله؟ قال: نعم والله صيانة لنفسه فيشكره الله تعالى على ذلك.

٣٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ ) قال: ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه، وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم، قال: يا ابن رسول الله من تركه لغير الله؟ قال: نعم صيانة لنفسه.

٣٩ ـ في مجمع البيان وفي الحديث من صام لله في يوم صائف سقاه الله من الظمأ من الرحيق المختوم.

٤٠ ـ وفي وصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا عليُّ من ترك الخمر لله سقاه الله من الرحيق المختوم.

٤١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: وفي ذلك فليتنا فس المتنافسون قال: فيما ذكرناه من الثواب الذي يطلبه المؤمن.

٤٢ ـ في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن علي بن أسباط عنهمعليهم‌السلام قال: فيما وعظ اللهعزوجل به عيسىعليه‌السلام : يا ابن مريم ولو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقا(١) فليس كدار الاخرة دار تجاور فيها الطيبين، ويدخل عليهم فيها الملائكة المقربون مما يأتى يوم القيامة من أهوالها آمنون، دار لا يتغير فيها النعيم، ولا يزول عن أهلها، يا ابن مريم نافس فيها

__________________

(١) زهقت نفسه: خرجت.

٥٣٥

مع المتنافسين فانها امنية المتمنين حسنة المنظر. طوبى لك يا ابن مريم ان كنت لها من العاملين مع آبائك آدم وإبراهيم في جنات ونعيم لا تبغي بها بدلا ولا تحويلا، كذلك افعل بالمتقين، وفي هذا الحديث أيضا: فنافس في الصالحات جهدك وفيه فنافس في العمل الصالح.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ) وهو مصدر سنمه إذا رفعه لأنها أرفع شراب أهل الجنة، أو لأنها تأتيهم من فوق، أشرف شراب أهل الجنة يأتيهم من عال يتسنم عليهم في منازلهم، وهي عين( يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) وهم آل محمد صلوات الله عليهم يقول الله:( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) رسول الله وخديجة وعلي بن أبي طالب وذرياتهم تلحق بهم يقول الله( أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) والمقربون يشربون من تسنيم بحتا صرفا، وساير المؤمنين ممزوجا.

٤٤ ـ وفيه( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) إلى قوله:( عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) وهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والائمةعليهم‌السلام .

٤٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب الباقرعليه‌السلام في قوله:( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ ) إلى قوله:( الْمُقَرَّبُونَ ) وهو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٤٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) الاول والثاني ومن تابعهما( كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ) قيل نزلت في عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وذلك انه كان في نفر من المسلمين جاؤا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا، ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع(١) فضحكنا منه، فنزلت الآية قبل أن يصل على وأصحابه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن مقاتل والكلبي. وذكر الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفضيل باسناده عن أبي صالح عن ابن عباس قال:( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) منافقوا

__________________

(١) الأصلع هو الذي انحسر مقدم شعر رأسه.

٥٣٦

قريش «والذين آمنوا» عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

٤٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) إلى قوله:( فَكِهِينَ ) قال: يسخرون.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من قرء هاتين السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلوة الفريضة والنافلة( إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ ) و( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ) لم يحجبه الله من حاجة، ولم يحجزه من الله حاجز، ولم يزل ينظر إلى الله وينظر الله إليه حتى يفرغ من حساب الناس.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرء «انشقت» أعاذه الله أن يعطيه كتابه وراء ظهره.

٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ ) قال: يوم القيامة.

٤ ـ في مصباح شيخ الطائفةقدس‌سره في دعاء مروي عن الصادقعليه‌السلام : واسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت، ووضعته على السماء فانشقت.

٥ ـ في جوامع الجامع والاذن الاستماع قال عدى :

وسماع يأذن الشيخ له

وحديث مثل ما ذي مشار(١)

ومنه قولهعليه‌السلام : ما اذن الله لشيء كاذنه لنبي يتغنى بالقرآن.

٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ ) قال: تمد الأرض فتشق فيخرج الناس منها.

٧ ـ في مجمع البيان وروى أبو هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال:( تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ) فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي(٢) ( لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) .

__________________

(١) الماذي: العسل الأبيض. والمشار بمعنى الأبيض.

(٢) مر الحديث بمعناه قريبا فراجع.

٥٣٧

٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال القيامة وفيه يقول: والناس يومئذ على طبقات ومنازل، فمنهم من يحاسب حسابا( وَيَنْقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً ) ومنهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب، لأنهم لم يلبسوا من أمر الدنيا بشيء، وإنّما الحساب هناك على من تلبس بها هاهنا ومنهم من يحاسب على النقير والقطمير ويصير إلى عذاب السعير.

٩ ـ في كتاب معاني الأخبار حدّثنا أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن ابن سنان عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كل محاسب معذب، فقال له قائل: يا رسول الله فأين قول اللهعزوجل ( فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) قال ذلك العرض يعنى التصفح.

١٠ ـ في مجمع البيان( فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) يريد انه لا يناقش في الحساب ويوقف على ما عمل من الحسنات، وما له عليها من الثواب وما حط عنه من الأوزار، اما بالتوبة أو بالعفو، وقيل: الحساب اليسير التجاوز عن السيئات والاثابة على الحسنات، ومن نوقش الحساب عذب، في خبر مرفوع.

١١ ـ وفي رواية اخرى يعرف بعلمه ثم يتجاوز عنه.

١٢ ـ وفي حديث آخر: ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنة برحمته، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: تعطى من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك.

١٣ ـ في محاسن البرقي عن الحسن بن علي بن يقطين عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: انما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا.

١٤ ـ في جوامع الجامع: حسابا يسيرا أي سهلا مهينا لا تناقش فيه وروى أن الحساب اليسير هو الاثابة على الحسنات والتجاوز عن السيئات ومن نوقش الحساب عذب.

١٥ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن

٥٣٨

الحسن بن محبوب عن سدير الصيرفي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : في حديث طويل: إذا بعث اللهعزوجل المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه امامه، كلّما رأى المؤمن هو لا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله جل وعز، حتى يقف بين يدي الله جل وعز فيحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به إلى الجنة والمثال امامه، فيقول له المؤمن: رحمك الله نعم الخارج خرجت معى من قبري وما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من ربي حتى رأيت ذلك، فيقول: من أنت؟ فيقول: انا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله جل وعز منه لا بشرك انتهى.

١٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله: وأمّا من اوتى كتابه بيمينه فهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسود بن هلال المخزومي وهو من بنى مخزوم.( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ ) فهو اخوه الأسود بن عبد الأسود بن هلال المخزومي فقتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر.

١٧ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وانزل في «( إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَيَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ) بلى فهذا مشرك.

١٨ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى صفوان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيلعليه‌السلام : يا جبرئيل أرنى كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة، قال: نعم فخرج إلى مقبرة بنى ساعدة فأتى قبرا فقال له اخرج بإذن الله، فخرج رجل ينفض رأسه من التراب، وهو يقول: والهفاه واللهف الثبور ثم قال: ادخل فدخل، الحديث وهو بتمامه مذكور في الحج عند قوله تعالى:( يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) .

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله:( فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً ) والثبور الويل( إِنَّهُ

٥٣٩

ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلى ) يقول: ظن ان لن يرجع بعد ما يموت قوله:( فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ) والشفق الحمرة بعد غروب الشمس والليل وما وسق يقول: إذا ساق كل شيء من الخلق إلى حيث يهلكوا بها( وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ) إذا اجتمع( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) يقول: حالا بعد حال يقول: لتركبن سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة(١) لا تخطون طريقهم، ولا يخطى شبر بشبر وذراع بذراع وباع بباع(٢) حتى أن لو كان من دخل حجر ضب لدخلتموه، قالوا: اليهود والنصارى تعنى يا رسول الله؟ قال: فمن أعنى لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الامامة وآخره الصلوة.

٢٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حنان عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ للقائم غيبة يطول أمدها فقلت له: ولم ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: لان اللهعزوجل أبي أنّ لا يجرى فيه سير الأنبياءعليهم‌السلام في غيباتهم، وانه لا بد له يا سدير من انتهاء مدة غيباتهم، قال الله تعالى:( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) أي سير من كان قبلكم.

٢١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) قال: يا زرارة أو لم تركب هذه الامة بعد نبيها( طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) في أمر فلان وفلان وفلان؟ ٢٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا ان المنافقين كانوا يشهدون ان لا إله إلّا الله وان محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدفعون عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما عهد به من دين الله، وعزائمه وبراهين نبوته إلى وصيه، ويضمرون من الكراهية لذلك، والنقض لـما أبرمه عند إمكان الأمر لهم فيه ما قد بينه

__________________

(١) القذة: ريش السهم. يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.

(٢) الباع: قدر مدالدين وما بينهما من البدن.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749