سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ٢

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام21%

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 267

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 267 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 78873 / تحميل: 6053
الحجم الحجم الحجم
سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ولكنّه كان يعطي من قصده من ذوي الحاجات ولا يخيّب رجاء لمن استعان به على مروءة.

وفاء وشجاعة:

وقد اشتهر مع الجود بصفتين من أكرم الصفات الإنسانيّة وأليقهما ببيته وشرفه، وهُما الوفاء والشّجاعة؛ فمن وفائه أنّه أبى الخروج على معاوية بعد وفاة أخيه الحسن؛ لأنّه عاهد معاوية على المسالمة، وقال لأنصاره الذين حرّضوه على خلع معاوية: إن بينه وبين الرّجل عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه حتّى تمضي المدة. وكان معاوية يعلم وفاءه وجوده معاً، فقال لصحبه يوماً وقد أرسل الهدايا إلى وجوه المدينة من كسي وطيب وصلات: إن شئتم أنبأناكم بما يكون من القوم أمّا الحسن فلعلّه ينيل نساءه شيئاً من الطيب ويهب ما بقي مَن حضره ولا ينتظر غائباً، وأمّا الحُسين فيبدأ بأيتام من قُتل مع أبيه بصفّين، فإن بقي شيء نحر به الجزر وسقى به اللبن

وشجاعة الحُسين صفة لا تستغرب منه؛ لأنّها الشيء من معدنه كما قيل، وهي فضيلة ورثها عن الآباء وأورثها الأبناء بعده، وقد شهد الحروب في افريقية الشّمالية وطبرستان والقسطنطينية، وحضر مع أبيه وقائعه جميعاً من الجمل إلى صفّين. وليس في بني الإنسان مَن هو أشجع قلباً ممّن أقدم على ما أقدم عليه الحُسين في يوم كربلاء.

٦١

وقد تربّى للشجاعة كما تلقاها في الدم بالوراثة، فتعلّم فنون الفروسية كركوب الخيل والمصارعة والعدو من صباه، ولم تفته ألعاب الرياضة التي تتمّ بها مرانة الجسم على الحركة والنّشاط ومنها لعبة تشبه الجولف عند الأوروبيّين كانوا يسمونها المداحي ( جمع مدحاة ): وهي أحجار مثل القرصة يحفرون في الأرض حفرة ويرسلون تلك الأحجار، فمن وقع حجره في الحفيرة فهو الغالب.

* * *

أمّا عاداته في معيشته، فكان ملاكها لطف الحسّ وجمال الذوق والقصد في تناول كلّ مباح، كان يحبّ الطيب والبخور، ويأنق للزهر والريحان. وروى أنس بن مالك: أنّه كان عنده فدخلت عليه جارية بيدها طاقة من ريحان فحيّته بها، فقال لها:(( أنت حرّة لوجه الله تعالى )). فسأله أنس - متعجباً -: جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها؟! قال:(( كذا أدّبنا الله قال تبارك وتعالى: ( وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيّةٍ فَحَيّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدّوهَا ) (١) ...وكان أحسن منها عتقها )).

وكان يميل للفكاهة ويأنس في أوقات راحته لأحاديث أشعب وأضاحيكه، ولكنّه على شيوع الترف في عصره لم يكن يقارب منه إلاّ

____________________

(١) سورة النّساء / ٨٦.

٦٢

ما كان يجمل بمثله، حتّى تحدّث المتحدثون: أنّه لا يعرف رائحة الشّراب وكانت له صلوات يؤدّيها غير الصّلوات الخمس، وأيّام من الشّهر يصوم نهارها ويقوم ليلها

وقد عاش سبعاً وخمسين سنة بالحساب الهجري، وله من الأعداء من يصدقون ويكذبون فلم يعبه أحد منهم بمعابة ولم يملك أحد منهم أن ينكر ما ذاع من فضله، حتّى حار معاوية بعيبه حين استعظم جلساؤه خطاب الحُسين له، واقترحوا عليه أن يكتب إليه بما يصغّره في نفسه، فقال: إنّه كان يجد ما يقوله في عليّ، ولكن لا يجد ما يقوله في حُسين.

تلك جملة القول في سيرة أحد الخصمين

خُلق يزيد:

ويقف خصمه أمامه موقف المقابلة والمناقضة لا موقف المقارنة والمعادلة في معظم خلائقه وعاداته وملكاته وأعماله.

فيزيد بن معاوية عريق النّسب في بني عبد مُناف ثمّ في قريش، ولكن الأصدقاء والخصوم والمادحين والقادحين متّفقون على وصف الخلائق التي اشتهر بها أبناء هذا الفرع من عبد مُناف, وأشهرها الأثرة،

٦٣

وأحمد ما يُحمد منها أنّها تنفع النّاس من طريق النّفع لأصحابها، وندر من وجوه الاُمويّين في الجاهليّة أو الإسلام من اشتهر بخصلة تجلب إلى صاحبها ضرراً أو مشقّة في سبيل نفع النّاس

وبيت أبي سفيان بيت سيادة مرعية لا مراء فيها ولكن الحقيقة التي ينبغي أنْ نذكرها في هذا المقام: إنّ معاوية بن أبي سفيان لم يكن ليرث شيئاً من هذه السّيادة التي كان قوامها كلّه وفرة المال، لأنّ أبا سفيان - على ما يظهر - قد أضاع ماله في حروب الإسلام ولم يكن له من الوفر ما يبقى على كثرة الورّاث. وروي أنّ امرأة استشارت النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في التزوّج بمعاوية، فقال لها:(( إنّه صعلوك )).

كذلك ينبغي أنْ نذكر حقيقة اُخرى في هذا المقام، وهي أنّ معاوية لم يكن من كتّاب الوحي - كما أشاع خدّام دولته بعد صدر الإسلام -، ولكنّه كان يكتب للنبيعليه‌السلام في عامّة الحوائج وفي إثبات ما يُجبى من الصدقات وما يُقسّم في أربابها، ولم يُسمع عن ثقة قط أنّه كتب للنبي شيئاً من آيات القرآن الكريم.

وعُرفت لمعاوية خصال محمودة من خصال الجدّ والسّيادة؛ كالوقار والحلم والصبر والدهاء، ولكنّه على هذا كان لا يملك حلمه في فلتات تميد بالملك الرّاسخ، ومنها قتله حجر بن عدي وستة من أصحابه؛ لأنّهم كانوا

٦٤

ينكرون سبّ عليّ وشيعته، فما زال بقية حياته يندم على هذه الفعلة ويقول: ما قتلت أحّداً إلاّ وأنا أعرف فيم قتلته، ما خلا حجراً فإنّي لا أعرف بأيّ ذنب قتلته!

واُمّ يزيد هي ميسون بنت مجدل الكلبية من كرائم بني كلب المعرّقات في النّسب، وهي التي كرهت العيش مع معاوية في دمشق وقالت تتشوق إلى عيش البادية:

لـلبسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني

أحبُّ إليَّ منْ لبسِ الشّفوفِ

وبـيتٌ تخفق الأرواحُ فيه

أحبُّ إليَّ منْ قصرٍ منيفِ

ومن هذه الأبيات قولها:

وخِرقٌ منْ بني عمِّي فقيرٌ

أحبُّ إليَّ منْ علجٍ عنيفِ

فأرسلها وابنها يزيد إلى باديتها، فنشأ يزيد مع اُمّه بعيداً عن أبيه.

* * *

وقد أفاد من هذه النشأة البدوية بعض أشياء تنفع الأقوياء، ولكنّها على ما هو مألوف في أعقاب السّلالات القويّة تضيرهم وتجهز على ما بقي من العزيمة فيهم

٦٥

فكان ما استفاده من بادية بني كليب بلاغة الفُصحى، وحُبّ الصيد، وركوب الخيل، ورياضة الحيوانات ولا سيّما الكلاب.

وهذه صفات في الرّجل القوي تزينه وتشحذ قواه، ولكنّها في أعقاب السّلالات أو عكارة البيت - كما يُقال بين العامّة - مدعاة إلى الإغراق في اللهو والولع بالفراغ؛ لأنّها هي عنده كلّ شيء وليست مدداً لغيرها من كبار الهمم وعظائم الهموم.

وهكذا انقلبت تلك الصفات في يزيد من المزية إلى النّقيصة فكان كلفه بالشعر الفصيح مغرياً له بمعاشرة الشعراء والندماء في مجالس الشراب، وكان ولعه بالصيد شاغلاً يحجبه عن شواغل الملك والسّياسة، وكانت رياضته للحيوانات مهزلة تلحقه بأصحاب البطالة من القرادين والفهادين، فكان له قرد يدعوه ( أبا قيس )، يُلبسه الحرير ويطرّز لباسه بالذهب والفضّة ويحضره مجالس الشراب، ويركبه أتاناً في السّباق ويحرص على أن يراه سابقاً مجلياً على الجياد، وفي ذلك يقول يزيد كما جاء في بعض الرّوايات:

تـمسَّك أبـا قيسٍ بفضلِ عنانها

فـليسَ عليها إنْ سقطتَ ضمانُ

ألا منْ رأى القردَ الذي سبقتْ بهِ

جـيادَ أمـير الـمؤمنين أتـانُ

٦٦

وقد يكون عبد الله بن حنظلة مُبالغاً في المذمّة حين قال فيما نُسب إليه: والله، ما خرجنا مع يزيد حتّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السّماء، إنّ رجلاً ينكج الاُمّهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله، لو لم يكن معي أحد من النّاس، لأبليت الله فيه بلاء حسناً.

* * *

ولكن الرّوايات لم تجمع على شيء كإجماعها على إدمانه الخمر، وشغفه باللذات، وتوانيه عن العظائم وقد مات بذات الجنب وهو لما يتجاوز السّابعة والثلاثين، ولعلّها إصابة الكبد من إدمان الشراب والإفراط في اللذات. ولا يعقل أن يكون هذا كلّه اختلاقاً واختراعاً من الأعداء؛ لأنّ النّاس لم يختلقوا مثل ذلك على أبيه أو على عمرو بن العاص وهُما بغيضان أشدّ البغض إلى أعداء الاُمويّين ولأنّ الذين حاولوا ستره من خدّام دولته لم يحاولوا الثناء على مناقب فيه تحلّ عندهم محلّ مساوئه وعيوبه، كأن الاجتراء على مثل هذا الثناء من وراء الحسبان.

ولم يكن هذا التخلّف في يزيد من هزال في البنية أو سقم اعتراه كذلك السّقم الذي يعتري أحياناً بقايا السّلالات التي تهمّ بالانقراض والدثور، ولكنّه كان هزالاً في الأخلاق وسقماً في الطوية قعد به عن العظائم مع وثوق بنيانه وضخامة جثمانه واتصافه ببعض الصفات الجسدية

٦٧

التي تزيد في وجاهة الاُمراء كالوسامة وارتفاع القامة وقد اُصيب في صباه بمرض خطير - وهو الجدري - بقيت آثاره في وجهه إلى آخر عمره، ولكنّه مرض كان يشيع في البادية ولم يكن من دأبه أن يقعد بكلّ من اُصيب به عن الطموح والكفاح.

* * *

وعلى فرط ولعه بالطراد حين يكون الطراد لهواً وفراغاً، كانت همّته الوانية تفترّ به عن الطراد حين تتسابق إليه عزائم الفرسان في ميادين القتال ولو كان دفاعاً عن دينه ودُنياه.

فلمّا سيّر أبوه جيش سفيان بن عوف إلى القسطنطينية لغزو الرّوم ودفاعاً عن بلاد الإسلام - أو بلاد الدولة الاُمويّة -، تثاقل وتمارض حتّى رحل الجيش، وشاع بعد ذلك أنّه اُمتحن في طريقه ببلاء المرض والجوع، فقال يزيد:

ما أن أُبالي بما لاقتْ جُمُوعهم

بالفرقدُونةِ من حمّى ومنْ مُومِ

إذا اتكأتُ على الأنماطِ مرتفقاً

بـدَيرِ مـرّان عندي أُم كلثومِ

فأقسم أبوه حين بلغه هذان البيتان ليلحقن بالجيش؛ ليدرأ عنه عار

٦٨

النكول والشّماتة بجيش المسلمين بعد شيوع مقاله في خلواته

* * *

ومن أعجب عجائب المناقضة التي تمّت في كلّ شيء بين الحُسين ويزيد، أنّ يزيد لم يختصّ بمزية محمودة تقابل نظائرها من مزايا الحُسين، حتّى في تلك الخصال التي تأتي بها المصادفة ولا فضل فيها لأصحابها ومنها مزية السن وسابقة الميلاد فلمّا تنازعا البيعة كان الحُسين في السّابعة والخمسين مكتمل القوّة ناضج العقل وفي المعرفة بالعلم والتجربة، وكان يزيد في نحو الرّابعة والثلاثين لم يمارس من شئون الرّعاة ولا الرّعية ما ينفعه بين هؤلاء أو هؤلاء.

ومزيّة السن هذه قد يطول فيها الأخذ والرّد بين أبناء العصور الحديثة، ولكنّها كانت تقطع القول في اُمّة العرب، حيث نشأ الأسلاف والأخلاف على طاعة الشّيوخ ورعاية الأعمار وهذا على أنّ السّابعة والخمسين ليست بالسن التي تعلو بصاحبها في الكبر حتّى تسلبه مزيّة الفتوّة ومضاء العزيمة

كذلك لا يُقال أنّ الوراثة المشروعة في الممالك كان لها شأن يرجح بيزيد على الحُسين في ميزان العروبة والإسلام. فقد كان توريث معاوية ابنه على غير وصية معروفة من السّلف بدعة هرقلية كما سمّاها المسلمون

٦٩

في ذلك الزمان، ولم يكن معقولاً أنّ العرب في صدر الإسلام يوجبون طاعة يزيد لأنّه ابن معاوية وهّم لم يوجبوا طاعة آل النّبي في أمر الخلافة لأنّهم قرابة مُحمّدعليه‌السلام .

فقد شاءت عجائب التاريخ إذن أن تقيم بين ذينك الخصمين قضية تتضح فيها النزعة النفعية على نحو لم تتضحه قط في أمثالها من القضايا، وقد وجب أن ينخذل يزيد كلّ الخذلان لولا النزعة النفعية التي أعانته وهو غير صالح لأن يستعين بها بغير أعوان من بطانته وأهله، ولئن كان في تلك النزعة النفعية مسحة تشوبها من غير معدنها الوضيع لتكونن هي عصبية القبيلة من بني اُميّة، وهي هُنا نزعة مواربة تعارض الإيمان الصريح ولا تسلم من الختل والتلبيس.

* * *

لهذا شكّ بعض النّاس في إسلام ذلك الجيل من الاُمويّين، وهو شكّ لا نرتضيه من وجهة الدلائل التاريخية المتّفق عليها. فقد يخطر لنا الشكّ في صدق دين أبي سفيان؛ لأنّ أخباره في الإسلام تحتمل التأويلين، ولكن معاوية كان يؤدّي الفرائض ويتبرّك بتراث النّبي ويوصي أن تُدفن معه أظافره التي حفظها إلى يوم وفاته. وليس بيسير علينا أن نفهم كيف ينشأ معاوية الثاني على تلك التقوى وذلك الصلاح وهو ناشئ في بيت مدخول الإسلام، ويتصارح أهله أحياناً بما ينمّ على الكفر به أو التردّد فيه

٧٠

إنّما هي الأثرة، ثمّ الخرق في السّياسة، ثمّ التمادي في الخرق مع استثارة العناد والعداء. وفي تلك الأثرة ولواحقها ما ينشئ المقابلة من أحد طرفيها في هذه الخصومة، ويتمّ المناظرة في شتّى بواعثها بين ذينك الخصمين الخالدين، ونعني بهما هُنا المثالية والواقعية، وما الحُسين واليزيد إلاّ المثالان الشّاخصان منهما للعيان

* * *

٧١

٧٢

أعوان الفريقين

رجال المعسكرين:

كان الحُسين في طريقه إلى الكوفة - يوم دعاه شيعته إليها - يسأل من يلقاهم عن أحوال النّاس فينبئونه عن موقفهم بينه وبين بني اُميّة، وقلّما اختلفوا في الجواب

سأل الفرزدق وهو خارج من مكّة - والفرزدق مشهور بالتشيّع لآل البيتعليهم‌السلام - فقال له: قلوب النّاس معك وسيوفهم مع بني اُميّة، والقضاء ينزل من السّماء، والله يفعل ما يشاء.

وقال له مجمع بن عبيد العامري: أمّا أشراف النّاس فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائزهم فهم ألب واحد عليك، وأمّا سائر النّاس بعدهم فإنّ قلوبهم تهوى إليك وسيوفهم غداً مشهورة عليك.

وقد أصاب الفرزدق وأصاب مجمع بن عبيد، فإنّ النّاس جميعاً كانوا بأهوائهم وأفئدتهم مع الحُسين بن عليّ ما لم تكن لهم منفعة موصولة بمُلك بني اُميّة، فهم إذن عليه بالسّيوف التي تشهرها الأيدي دون القلوب.

٧٣

وقد أعظمت الرّشوة للرؤساء وأعظمت لهم من بعدها الوعود والآمال، فعلموا أنّ دوام نعمتهم من دوام مُلك بني اُميّة

فأمّا الرؤساء الذين كانت لهم مكانتهم بمعزل عن الملك القائم، فقد كانوا ينصرون حُسيناً ولا ينصرون الاُمويّين أو كانوا يصانعون الاُمويّين ولا يبلغون بالمصانعة أن يشهروا الحرب على الحُسين.

ومن هؤلاء؛ هانئ بن عروة من كبار الزعماء في قبائل كندة، وشريك بن الأعور، وسليمان بن صرد الخزاعي، وكلاهما من ذوي الشّرف والدين.

بل كان من العاملين لبني اُميّة من يخزه ضميره إذا بلغ العداء للحُسين أشدّه، فيترك معسكر بني اُميّة ليلوذ بالمعسكر الذي كتب عليه الموت والبلاء، كما فعل الحرّ بن يزيد الرّياحي في كربلاء وقد رأى القوم يهمّون بقتل الحُسين ولا يقنعون بحصاره، فسأل عمر بن سعد قائد الجيش: أمُقاتل أنت هذا الرّجل؟

فلمّا قال: نعم، ترك الجيش الأموي وذهب يقترب من الحُسين حتّى داناه، فقال له: جُعلت فداك يابن رسول الله! أنا صاحبك حبستك عن الرجوع وجعجعت بك في هذا المكان، وما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم. ووالله، لو علمت أنّهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت، وإنّي تائب إلى الله ممّا صنعت، فهل ترى لي من توبة؟

فقبل الحُسين توبته وجعل الرّجل يُقاتل من ساعتها حتّى قُتل،

٧٤

وآخر كلمة على لسانه فاه بها: السّلام عليك يا أبا عبد الله.

* * *

فمجمل ما يقال على التحقيق انه لم يكن في معسكر يزيد رجل يعينه على الحسين إلاّ وهو طامع في مال، مستميت في طمعه استماتة من يهدر الحرمات ولا يبالي بشيء منها في سبيل الحطام.

ولقد كان لمعاوية مشيرون من ذوي الرأي كعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد بن أبيه، وأضرابهم من اُولئك الدهاة الذين يسمّيهم التاريخ أنصار دول وبناة عروش وكان لهم من سمعة معاوية وذرائعه شعار يدارون به المطامع ويتحللون من التأثيم، لكن هؤلاء بادوا جميعاً في حياة معاوية، ولم يبقَ ليزيد مشير واحد ممّن نسمّيهم بأنصار الدول وبناة العروش، وإنّما بقيت له شرذمة على غراره أصدق ما توصف به أنها شرذمة جلادين، يقتلون من أمروا بقتله ويقبضون الأجر فرحين ...

فكان أعوان معاوية ساسة وذوي مشورة، وكان أعوان يزيد جلادين وكلاب طراد في صيد كبير، وكانوا في خلائقهم البدنية على المثال الذي يعهد في هذه الطغمة

٧٥

من النّاس، ونعني به مثال المسخاء المشوهين اُولئك الذين تمتلئ صدورهم بالحقد على أبناء آدم ولا سيّما مَن كان منهم على سواء الخلق وحسن الأحدوثة، فإذا بهم يفرغون حقدهم في عدائه وإن لم ينتفعوا بأجر أو غنيمة، فإذا انتفعوا بالأجر والغنيمة فذلك هو حقد الضراوة الذي لا تُعرف له حدود

وشرّ هؤلاء جميعاً هُم: شمر بن ذي الجوشن، ومُسلم بن عقبة، وعبيد الله بن زياد، ويلحق بزمرتهم على مثال قريب من مثالهم عمر بن سعد بن أبي وقاص؛ فشمر بن ذي الجوشن كان أبرص كريه المنظر قبيح الصورة، وكان يصطنع المذهب الخارجي ليجعله حجة يحارب بها عليّاً وأبناءه، ولكنّه لا يتخذه حجّة ليحارب بها معاوية وأبناءه كأنّه يتّخذ الدين حجّة للحقد، ثمّ ينسى الدين والحقد في حضرة المال.

* * *

ومُسلم بن عقبة مخلوق مسمم الطبيعة في مسلاخ إنسان، وكان أعور أمغر ثائر الرّأس، كأنّما يقلع رجليه من وحل إذا مشي. وقد بلغ من ضراوته بالشرّ وهو شيخ فانٍ مريض، أنّه أباح المدينة في حرم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أيّام، واستعرض أهلها بالسّيف جزراً كما يجزر القصّاب الغنم حتّى ساخت الأقدام في الدم، وقتل أبناء المهاجرين

٧٦

والأنصار وذرّيّة أهل بدر، وأخذ البيعة ليزيد بن معاوية على كلّ من استبقاه من الصحابة والتابعين على أنّه عبدٌ قنٌّ لأمير المؤمنين

وانطلق جنده في المدينة إلى جوار قبر النّبي يأخذون الأموال ويفسقون بالنّساء، حتّى بلغ القتلى في تقدير الزهري سبعمئة من وجوه النّاس وعشرة آلاف من الموالي، ثمّ كتب إلى يزيد يصف له ما فعل وصف الظافر المتهلل، فقال بعد كلام طويل:

فأدخلنا الخيل عليهم فما صلّيت الظهر أصلح الله أمير المؤمنين إلاّ في مسجدهم بعد القتل الذريع والانتهاب العظيم وأوقعنا بهم السّيوف وقتلنا من أشرف لنا منهم واتبعنا مدبرهم وأجهزنا على جريحهم وانتهبناها ثلاثاً كما قال أمير المؤمنين أعزّ الله نصره، وجعلت دور بني الشّهيد عثمان بن عفان في حرز وأمان، والحمد لله الذي شفا صدري من قتل أهل الخلاف القديم والنّفاق العظيم، فطالما عتوا وقديماً ما طغوا، أكتب هذا إلى أمير المؤمنين وأنا في منزل سعيد بن العاص مدنفاً مريضاً ما أراني إلاّ لما بي فما كنت أبالي متى متّ بعد يومي هذا

* * *

وكلّ هذا الحقد المتأجج في هذه الطوية العفنة إنّما هو الحقد في طبائع المسخاء الشّائهين يوهم نفسه أنّه الحقد من ثأر عثمان أو من خروج قوم على مُلك يزيد

وكان عُبيد الله بن زياد متّهم النّسب في قريش؛ لأنّ أباه زياداً كان

٧٧

مجهول الأب، فكانوا يسمونه زياد بن أبيه، ثمّ ألحقه معاوية بأبي سفيان؛ لأنّ أبا سفيان ذكر بعد نبوغ زياد، أنّه كان قد سكر بالطائف ليلة فالتمس بغياً فجاءوه بجارية تدعى سميّة، فقالت له بعد مولد زياد: أنّها حملت به في تلك الليلة. وكانت اُمّ عبيد الله جارية مجوسية تدعى مرجانة، فكانوا يعيرونه بها وينسبونه إليها.

ومن عوارض المسخ فيه - وهي عوارض لها في نفوس العرب دخلة تورث الضغن والمهانة - إنّه كان ألكن اللسان لا يقيم نطق الحروف العربيّة، فكان إذا عاب الحروري من الخوارج، قال: هروري. فيضحك سامعوه، وأراد مرّة أن يقول: اشهروا سيوفكم. فقال: افتحوا سيوفكم فهجاه يزيد بن مفرغ قائلاً:

ويومَ فتحتَ سيفكَ من بعيدٍ

أضعتَ وكلّ أمركَ للضّياعِ

ولم يكن أهون لديه من قطع الأيدي والأرجل والأمر بالقتل في ساعة الغضب لشبهة ولغير شبهة، ففي ذلك يقول مُسلم بن عقيل وهو صادق مؤيد بالأمثال والمثلات: ويقتل النّفس التي حرّم الله قتلها على الغضب وسوء الظن، وهو يلهو ويلعب كأن لم يصنع شيئاً.

وقد كانت هذه الضراوة على أعنفها وأسوئها يوم تصدّى عبيد الله بن زياد لمنازلة الحُسين؛ لأنّه كان يومئذ في شره الشباب لم يتجاوز

٧٨

الثامنة والعشرين، وكان يزيد يبغضه ويبغض أباه؛ لأنّه كان قد نصح لمعاوية بالتمهل في الدعوة إلى بيعة يزيد، فكان عبيد الله من ثمّ حريصاً على دفع الشّبهة والغلو في إثبات الولاء للعهد الجديد

والذين لم يمسخوا في جبلتهم وتكوينهم هذا المسخ من أعوان يزيد بن معاوية، كان الطمع في المناصب والأموال واللذات قد بلغ ما يبلغه المسخ من تحويل الطبائع وطمس البصائر ومغالطة النّفوس في الحقائق

* * *

ومن هذا القبيل عمر بن سعد بن أبي وقاص، الذي أطاع عبيد الله بن زياد في وقعة كربلاء، ولم يعدل بتلك الوقعة عن نهايتها المشئومة، وقد كان العدول بها عن تلك النّهاية في يديه.

فقد أغرى عمر بن سعد بولاية الرّي - وهي درّة التاج في مُلك الأكاسرة الأقدمين - وكان يتطلع إليها منذ فتحها أبوه القائد النبيل العزوف، ويُنسب إليه أنّه قال وهو يراود نفسه على مقاتلة الحُسين:

فوالله ما أدري وإني لحائرٌ

أُفكر في أمري على خطرينِ

٧٩

أأتـركُ مـلكَ الـريّ مـنيتي

أم أرجـعُ مـأثوماً بقتلِ حُسينِ

وفي قتلِهِ النّارُ التي ليسَ دونَها

حـجابٌ وملكُ الريّ قرةُ عيني

فإن لم تكن هذه الأبيات من لسانه فهي ولا شك من لسان حاله؛ لأنّها تسجّل الواقع الذي لا شبهة فيه

ومن الواقع الذي لا شبهة فيه أيضاً، أنّ عمر بن سعد هذا لم يخل من غلظة في الطبع على غير ضرورة ولا استفزاز، فهو الذي ساق نساء الحُسين بعد مقتله على طريق جثث القتلى التي لم تزل مطروحة بالعراء فصحن وقد لمحنها على الطريق صيحة أسالت الدمع من عيون رجاله، وهُم ممّن قاتل الحُسين وذويه

هؤلاء وأمثالهم لا يُسمون ساسة مُلك ولا تُسمى مهنتهم تدعيم سلطان، ولكنّهم يُسمون جلاّدين متنمرين يطيعون ما في قلوبهم من غلظة وحقد، ويطيعون ما في أيديهم من أموال ووعود وتُسمى مهمّتهم مذبحة طائشة لا يُبالي مَن يسفك فيها الدماء أي غرض يُصيب

* * *

ومنذ قضي على يزيد بن معاوية أن يكون هؤلاء وأمثالهم أعواناً له في

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ثواكل حسرى الوجه لا ساتر لها

سوى صونها نفسي الفدا للثواكل

فلولا الأسى أحيت مدامعها الثرى

ولكنها تذكو لفرط البلابل(١)

____________________

(١) - البلابل: الهموم.

١٢١

المجلس الرابع عشر

القصيدة: للشيخ إبراهيم حموزي النجفي

ت ١٣٧٠ه

لست أدري إذا استطار فؤادي

يومَ بعثي بجسميَ العُريانِ

ما اعتذاري وقد جنيتُ ذنوبا

أثقلتني وسودتْ ديواني

لهفَ نفسي إذا أخذت كتابي

بشِمالي وإبتُ بالخسران

فنجاتي بسيّدِ الرسل طه

وبكائي لسبطه الظمآن

أظمأته عِصابةُ الغدرِ ظلماً

وسقتْه الردى يدُ العُدوان

واستحفوا لحربه بثلاثٍ

بين سهمٍ وصارمٍ وسنان

حرَّ قلبي له وروحي فداه

من وحيد يجول في الميدان

بفؤادٍ مؤجَّجٍ يتلظّى

بين حرِّ الظما وحرِّ الطعان

قائلا فيهمُ أنا ابنُ عليٍّ

المرتضى وابنِ خيرةِ النسوان

فلماذا دمي يُحَلُّ ولحمي

من بني الهدى نما بلُبان

فأتاه من العدى سهمُ حتفٍ

ليته شقَّ مهجتي وجَناني

فهوى للصعيد خيرُ إمام

ساطعَ النورِ طَيِّبَ الأردان

ونحاه القضا بضربةِ سيفٍ

من خولّي وطعنَةٍ من سِنان(١)

____________________

(١) - أدب الطف ج١٠، ص٢٨.

١٢٢

(فائزي)

فرَّت ابدهشه امخدرة حيدر الكرار

يَمّ العليل اتقول دگعد وانظر اشصار

دنَّگ او عاين للفضا او بطل ونينه

او هلَّت دموعه اوصْفگ اشماله ابيمينه

گالت شصاير گال يا عمه انولينه

هذا العزيز احسين متجندل بالاوعار

طايح ابوي احسين والعالم غَضَبْ هاج

غابت انواره او لا بقى للعالم اسراج

وان صدق ظني والدي محزوز الأوداج

گومي يمحزونه استعدي الهتك الاستار

وصاچ ابويه احسين من بعده بالعيال

وهذي كريمه تنظرينه فوگ عسّال

او هسا يعمه الخيل تدهمنه والرجال

گومي اجمعيهم لا تفر وحده بلا اخمار

گومي يعمه او ادركي النسوه واليتام

عندي دخلِّيهم واتركوا باجي الاخيام

لحَّد يضل بيها ترى العدوان ظلَّام

معلوم من بعد النهب تضطرم بالنار

١٢٣

(أبوذية)

سكنه اتصيح ابوي حسين ونصار

وحيد او ما بگاله امعين ونصار

طاح او للحرم بالخيم ونصار

بچاهن من دمه اعله ابن الزچيه

كيفية قتال الإمام الحسينعليه‌السلام (قبل المصرع)

نقل المؤرخون - عن كيفية قتال أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام - بأنهعليه‌السلام كان يحمل عليهم ويحملون عليه وبينما هو بتلك الحال رماه رجل من القوم يكنى أبا الحتوف بسهم فوقع في جبهته فسالت الدماء على وجهه وليحته فقالعليه‌السلام : اللهم إنك ترى ما أنا فيه من هؤلاء العصاة اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ولا تغفر لهم أبدا، ثم حمل عليهم كالليث المغضِب فجعل لا يلحق أحدا منهم إلا بعجه بسيفه فيقتله وكانت السهام تأخذه من كل ناحية وهو يتقيها بنحره وصدره ويقول يا أمة السوء بئسما خلقتم محمدا في عترته أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله فتهابون قتله بل يهون عليكم عند قتلكم إياي وإيم الله إني لأرجو أن يكرمني ربي بالشهادة بهوانكم ثم ينتقم لي منكم ثم لم يزل يقاتل حتى أصابته جراحات عظيمة.

ورماه رامٍ بسهمٍ مشومٍ

جاء في نحرِه العزيزِ المثال

فملا من دمائِه راحتَيهِ

قائلا في سبيل ربِّ الجلال

وأتته النبال من كل وجهٍ

وهو لا يختشي لوقع النبال

حتى إذا ضعف عن القتال:

١٢٤

ترجل للموت عن سابق

له أخلتِ الخيلُ ميدانَها

فما أجلتِ الحربُ عن مثله

صريعا يجبّنُ شجعانها

فكان كلما أتاه رجل وانتهى إليه انصرف عنه، حتى جاءه رجل من كندة يقال له مالك بن اليسر - أو النسر - فشتم الحسينعليه‌السلام وضربه بالسيف على رأسه الشريف، وعليه برنس، فقطع البرنس ووصل السيف إلى رأسه، فامتلأ دما، فقالعليه‌السلام : لا أكلت بيمينك ولا شربت بها، وحشرك الله مع الظالمين(١) . وهكذا توالت الضربات الموجعة إلى جسد أبي عبد اللهعليه‌السلام .

ورمى الشمرُ صدرَه بحسامٍ

هدَّ ركنَ الهدى وصرحَ الأمانِ

ومضى يَقْطَعُ الوريدينِ بعَضْبٍ

سلَّه البغيُ في يَدَي شيطان

قتلوه وما رعوا فيه حقَّ الـ

ـمصطفى لا ولا عليِّ الشان

تركوه مرمَّلا بدماءٍ

فوق حرِّ الثرى بلا أكفان

(نصاري)

گطع بالسيف راسه او شاله بيده

او ظل احسين بس يشخب وريده

دگلي اشمالها بنت الصميده

لمـَّن شافته جثه بلا راس

عليه طاحت ابلوعه او بچي او ونه

او صاحت من بعد يحسين عدنه

هاي اعله الرمال اجسوم اهلنه

او ذاك اعله النهر مطروح عباس

(أبوذية)

يا هيبة بني هاشم يسدها

يخويه فيّتك ياهو يسدها

____________________

(١) - تظلم الزهراء.

١٢٥

تعال او عاين الزينب يسدها

تره بس الهدم صوره عليه

***

لهفَ قلبي لأمِّ كلثومَ تنعاه

بقلب بحُمرِ البَينِ صالي

بأبي جسمَك السليبَ لباسا

وعليه ملابسٌ مِن رمال

بأبي رأسَك المعلَّى يفوقُ البدرَ

في تمّه أوانَ الكمال

١٢٦

المجلس الخامس عشر

القصيدة: للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء

يا واحدا للشُهب من عزماتِه

تَسري لديه كتيبةٌ شهباء

ضاقت بها سعةُ الفضاءِ على العدى

فتيقنوا ما بالنجاة رجاء

فغدت رؤوسُهُمُ تخرُّ أمامَهم

فوق الثرى وجسومُهنَّ وراء

تَسَعُ السيوفُ رقابَهم ضربا وبا

لأجسام منهم ضاقتِ البيداء

ما زال يُفنيهم إلى أن كاد أنْ

يأتي على الإيجاد منه فناء

لكنما طلب الإلهُ لقاءَه

وجرى بما قد شاء فيه قضاء

فهوى على غبرائها فتضعضعت

لِهُويِّه الغبراءُ والخضراء

وعلا السنان برأسه فالصعدة

السمراء فيها الطلعة الغراء

ومكفن وثيابه قُصُدُ القَنا

ومغسَّلٌ وله المياهُ دماء

ظامِ تفطّر قلبُه ظمأً وبا

لحملات منه ترتوي الغبراء

وا لهفَ قلبي يا ابنَ بنتِ محمد

لك والعدى بك أدركوا ما شاءوا

فلخيلِها أجسامُكم ولنبلِها

أكبادُكم ولقُضْبِها الأعضاء

يا ابن النبيِّ أقول فيك معزّبا

نفسا وعزَّ على الثَكول عزاء

ما غضَّ من علياكَ سوءُ صنيعِهم

شراف وإن عَظُمَ الذي قد جاءوا

١٢٧

إنْ تُمسِ مغبرَّ الجبينِ معفَّرا

فعليك من نور النبيِّ بهاء

أو تبقَ فوق الأرضِ غيرَ مغسَّلٍ

فلك البسيطان الثرى والماء

فلو أن أحمد قد رآك على الثرى

لفُرشن منه لجسمِك الأحشاء

او بالطفوف رأت ظَماك سقتْك من

ماء المدامعِ أمُّك الزهراء

ياليت لا عَذُبَ الفراتُ لوارد

وقلوبُ أبناءِ النبيِّ ظِماء(١)

(مجردات) (٢)

يريت الفرات ايغور مايه

لجل احسين واصحابه الضمايه

الظلت ابوادي الطف عرايه

او نسوانهم راحت هدايه

وين الذي تحمي الثايه

ايلحگون علضلَّوا ضحايه

او يدركون من راحن سبايه

(أبوذية)

اشكثر شافت هضم زينب ولاجت

ومثلها ما انسبت حرمه ولاجت

ميته اتصيح يوم الطف ولاجت

ولا أسمع صريخ الغاضريه

عطش الإمام الحسينعليه‌السلام (قبل المصرع)

قال في كتاب تظلم الزهراء:

ان الحسينعليه‌السلام بقي مكبوبا على وجه الأرض ثلاث ساعات من النهار

____________________

(١) - مقتل الحسين ص٣٨٤ عبد الرزاق المقرم.

(٢) - للمؤلف.

١٢٨

متشحطا بدمه رامقا بطرفه إلى السماء وهو يقول صبرا على قضاءك يا رب لا معبود سواك يا غياث المستغيثين.

وعن هلال بن نافع: قال: اني لواقف مع أصحاب عمر بن سعد إذ صرخ صارخ أبشر أيها الأمير فهذا شمر قد قتل الحسين ، قال: فخرجت بين الصفين فوقفت عليه وانه ليجود بنفسه فو الله ما رأيت قتيلا مضمخا بدمه أحسن منه ولا أنور وجها ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفكرة في قتله. ولله در الكعبي:

فهوى في الثرى فكادت عليه

أرضها والسماء تهوي انقتلابا

بأبي من كُسي من النقع ثوبا

وكساهُ الجلال ملقىً ثيابا

(مجردات) (١)

حسنك يخويه ابد ما غاب

وانته جريح او دمك اخضاب

لابچي عليك ابدمع سكّاب

وانادي علي دحاي الابواب

ابنك طريح اموسد اتراب

قال هلال: فاستسقى في تلك الحالة ماء فسمعت رجلا يقول: والله لا تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها فسمعته يقول: انا أرد الحامية فأشرب من حميمها؟ بل أرد على جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر وأشكو إليه ما ارتكبتم مني وفعلتم بي. قال:

____________________

(١) - للمؤلف.

١٢٩

فغضبوا بأجمعهم حتى كأن الله لم يجعل في قلب أحد منهم من الرحمة شيئا(١) .

(نصاري)

يبس گلبي ولا جرعه امن الماي

ابرد الگلب واطفي جمرتي هاي

وحگ جدِّي العطش فت روحي واحشاي

او ما خله بعد كل حيل بيه

وقال بعضهم: قد أثر العطش بعينيه حتى صار لا يبصر بهما وأثر بلسانه حتى صار كالخشبة اليابسة.

أقول مع ذلك فإنهعليه‌السلام لما سمع صوت أخته زينبعليها‌السلام يابن أمي يا حسين حبيب قلبي يا حسين إن كنت حيا فأدركنا فهذه الخيل هذ هجمت علينا نادى برفيع صوته أنا الذي أقاتلكم وتقاتلونني والنساء ليس عليهن ذمام.

(نصاري) (٢)

خلوا الحرم لتروعون بيها

اگصدوني اولا اتگصدون ليها

آنه اوياكم او شلكم عليها

تخلوها اتّصارخ وسط الخيام

(تخميس)

أختاه يا بنت البتول وحيدرِ

قد فات عتبي والملام فاعذري

مهما تري بعدي عليه تصبَّري

وتكفلي حال اليتامى وانظري

ما كنت أصنع في حماهم فاصنعي

____________________

(١) - تظلم الزهراء ص٢٥٧/٢٥٨.

(٢) - للمؤلف.

١٣٠

المجلس السادس عشر

القصيدة: للملا علي الخيري البغدادي الحلي

ت ١٣٤٠ه

قُذيتْ لآلِ محمدٍ عينُ الهدى

والشركُ قد أمسى قريرَ عيونِ

فمخضَّبٌ بالسيفِ عند سجوده

في كف أشقى العالمينَ لعين

ومكابدٌ سمَّ العدوِّ بمهجةٍ

تُفدى النفوسُ لسرِّها المكنون

تا الله ما هذه الخطوبُ وان تكنْ

عظمت كيوم في الطفوف تريني

يومٌ به سبطُ النبيِّ محمدٍ

أضحى بقلبٍ مكمَدٍ محزون

نزل الطفوفَ بفتيةٍ من هاشمٍ

هم خيرُ أنصارٍ وخيرُ بنين

لله موقفُهم بعَرصةِ كربلا

فيه لعمري شابَ كلُّ جنين

وقفوا غداةَ الحربِ شبَّ لهيبُها

فكأنما هي من لظى سجِّين

حتى تناهبتِ الظُبا أشلاءَهم

وثووا ضحايا في وطيس منون

لم يبقَ بعدهمُ سوى ابنِ محمدٍ

يدعو ولا مِن ناصر ومعين

ظنت أميةُ أن يَخيبَ وينثني

يُعطي المقادةَ ظائعا بيمين

فاختار أنْ يلقى المنيةَ باذلا

للنفس دون الدين غير ضنين

وهوى فدُكدكتِ الجبالُ لأجلِه

والأرضُ مارت والسما برنين

وثوى صريعا في الصعيد ورهطُه

ما بين منحورٍ وبين طعين

١٣١

بأبي معرىَّ في محاني كربلا

ملقى بلا غسل ولا تكفين(١)

(بحر طويل)

تجلَّى الغيم من سيفه

او تموت العده من شوفه

خطفها او خطف منها الروح

او من الخوف مخطوفه

برض الغاضريه احسين

ابد ما ترك بالكوفه

بيت إلْها النوايح بيه

تنوح او مُكْدِر او مهموم

لكن لوله ما ينزل

امن الباري العهد لحسين

ناده الوعد وينه او گال

إن كان هذا الدين

ابد ما يستقيم إلَّه

ابقتلي اخذيني ابهلحين

يسيوف العده او دارت

عليه او كل كتر ملزوم

حاطت بيه اوشي ترميه

بحجار او نبل وسهام

هذا ايطعنه بالخطي

او ذاك ايضربه بالصمصام

حال العطش عن شوفه

او عن الماي بالطف حام

من كثر النبل والزان

ما يگدر يويلي ايگوم

ألف او تسعميت اصواب

والمثلث مرد گلبه

وگع للگاع ابو اليمه

او عليه الدنيه منجلبه

گطع راسه الشمر بالسيف

او فزعوا كلهم السلبه

او لامة حربه سلبوها

او عليه ما تركوا امن اهدوم

عليه ما تركوا من اثياب

وموسَّد على التربان

____________________

(١) - البابليات ج٤، ص٦٤.

١٣٢

او رضت خيلهم صدره

او راسه على اسنان (سنان)

ظل عاري ثلث تيام

ابلياليها او گضه عطشان

او ماي العذب مهر امه

او من عنده انكتل محروم

الإمام الحسين يخبر ولده الإمام السجاد (عليهما‌السلام )

بما جرى له مع القوم (قبل المصرع)

قال في الدمعة الساكبة: قد رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا: إنه لما ضاق الأمر بالحسينعليه‌السلام وقد بقي وحيدا فريدا التفت إلى خيم بني أبية فرآها خالية منهم ثم التفت إلى خيم بني عقيل فوجدها خالية منهم ثم التفت إلى خيم أصحابه فلم ير منهم أحدا فجعل يكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم ذهب إلى خيم النساء فجاء إلى خيمة ولده زين العابدينعليه‌السلام فرآه ملقى على نطع من الاديم فدخل عليه وعنده زينب تمرضه.

فلما نظر علي بن الحسينعليه‌السلام أراد النهوض فلم يتمكن من شدة المرض فقال لعمته سنديني إلى صدرك فهذا ابن رسول الله قد أقبل فجلست زينب خلفه وأسندته إلى صدرها فجعل الحسينعليه‌السلام يسأل ولده عن مرضه وهو يحمد الله ثم قال يا أبتاه ما صنعت اليوم مع هؤلاء المنافقين فقال له الحسينعليه‌السلام يا ولدي قد استحوذ عليه الشيطان فانساهم ذكر الله وقد شبَّت الحرب بيننا وبينهم حتى فاضت الأرض بالدم منا ومنهم فقال عليعليه‌السلام يا أبتاه وأين عمي العباس؟ فلما سأله عن عمه اختنقت زينب بعبرتها وجعلت تنظر إلى أخيها كيف يجيبه لأنه لم يخبره بشهادة عمه العباس خوفا عليه فقال له: يا بني

١٣٣

إن عمك العباس قد قتل وقطعوا يديه على شاطئ الفرات فبكى علي بن الحسين بكاء شديدا حتى غشي عليه فلما أفاق من غشوته جعل يسأل أباه عن أصحابه واحداً واحداً والحسينعليه‌السلام يقول له: قتل فقال: وأين أخي علي وحبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وزهير بن القين؟ فقال له: يا بني اعلم انه ليس في الخيام رجل حي إلا أنا وأنت أما هؤلاء الذين تسأل عنهم فكلهم صرعى على وجه الثرى فبكى علي بن الحسينعليه‌السلام بكاء شديدا.

ثم قال لعمته زينب: يا عمتاه علي بالسيف والعصا فقال له أبوه وما تصنع بهما؟ فقال أما العصا فأتوكأ عليها وأما السيف فأذب به بين يدي ابن رسول الله فإنه لا خير في الحياة بعده.

(نصاري)

أريدن يبويه ابروحي افديك

او لون تنشره بالعمر لشريك

اشلون اوحيد يا بويه اخلِّيك

وانته لهالحرم عين او تچيه

فمنعه الحسين من ذلك وضمه إلى صدره وقال له: يا ولدي انت أطيب ذريتي وأفضل عترتي وأنت خليفتي على هؤلاء العيال والأطفال فإنهم غرباء مخذولون قد شملتهم الذلة واليتم وشماتة الأعداء ونوائب الزمان سكتهم إذا صرخوا وآنسهم إذا استوحشوا وسل خواطرهم بلين الكلام فإنهم ما بقي من رجالهم من يستأنسون به غيرك ولا أحد عندهم يشكون إليه حزنهم سواك دعهم يشموك وتشمهم.

(نصاري)

يگله لا يبعد الكبد والروح

آنه ابگه على التربان مذبوح

١٣٤

او جسمي امخذم او منه الدمه مسفوح

وانته اتعاينه فوگ الوطيه

او چني بالحرم هاذي ولوها

او بالنار الخيمهم يحرگوها

او للشام السبيها ايركّبوها

او تظل تندب او دمعتها جريه

يبويه هلَّةٍ هلَّه بالعيال

سليها الخواطر هاي الاطفال

تراهي فاگده او رافگت چتال

ابوها او باجي ارباب الحميه

ثم لزمه بيده وصاح بأعلى صوته: يا زينب ويا أم كلثوم ويا سكينة ويا رقية ويا فاطمة: اسمعن كلامي واعلمن أن ابني هذا خليفتي عليكم وهو إمام مفترض الطاعة ثم قال له: يا ولدي بلِّغ شيعتي عني السلام فقل لهم إن أبي مات غريبا فأندبوه ومضى شهيدا فابكوه(١) .

(نصاري) (٢)

يبويه الشيعتي بلغ سلامي

او گِلهم مات أبوي احسين ظامي

اوياه اتكتلوا جملة اعمامي

او جثثها امطرحه فوگ الوطيه

***

ماذا أقول إذا التقيتُ بشامتٍ

إني سُبيتُ وإخوتي بأَزائي

حَكَم الحِمامُ عليكمُ أنْ تُعرِضوا

عني وإن طَرَقَ الهوانُ فِنائي

هذي يتاماكم تلوذ ببعضها

ولكم نساءٌ تلتجي بنساء

____________________

(١) - الدمعة الساكبة ج٤، ص٣٥٣.

(٢) - للمؤلف.

١٣٥

المجلس السابع عشر

القصيدة: للشيخ سالم الطريحي النجفي

أهاجتْك من ذي النخيلِ الديارُ

فهمَّتْ وشبَّتْ بأحشاك نارُ

أم البرقُ أَومضَ من بارقٍ

فبادرن منك الدموعُ الغِزار

أراك وقد غالبتْكَ الدموعُ

لها من مذاب حشاك انهمار

لعلك ممن شجتْه الديارُ

عَداك الحجازُ شجتْك الديار

فدعها ولا تكُ ذا مهجةٍ

أهاجت جواها الرسوم الدِثار

وقمْ باكيا مَن بكته السماءُ

وأظلم حزنا عليه النهار

غداة غدى ثاويا بالعَرى

يُكفِّنُه العِثْيَرُ المستثار

أيا ثاويا وزّعت شِلوَه

عوادي المِهار عُقِرْنَ المـِهار

لها الويلُ هل عَلمت في المـَغارِ

على صدره أيُّ صدرٍ يُغار

فوا لهفةَ الدينِ حتى الخيولُ

لها يا ابنَ طه عليك مَغار

وأعظمُ مَفجَعةٍ في الطفوف

لها في حنايا ضلوعي أَوار

ركوبُ بناتِك فوقَ الصِعابِ

اُسارى تَقاذفُ فيها القِفار

حواسرَ ليس عن الناظرين

لهنّ بغير الأكفِّ استتار(١)

____________________

(١) - أدب الطف ج٧، ص٢٤٧.

١٣٦

(فائزي)

ودعتك الله يا خليصي او گرَّت العين

عنك يخويه امسافره ويه الخواتين

غضبن عليه يا ولي يا لبَّة احشاي

امشي بلا والي يخويه ابولية اعداي

اشكي الجرالي او لا أحد يصغي الشكواي

او شمر الخنا جاير عليه او علنساوين

يا ليت عدوانك يخويه ينصفوني

او يم جثتك يا نور عيني يتركوني

بيدي أغسلنك أنه ابدمعة اعيوني

او لا تظل مرمي يا خليصي ابغير تكفين

مدري شلاگي من بله في سفرتي هاي

وآنه سبيه اويه العده من غير حمّاي

كلما شفت كتّال اخوي اتزيد بلواي

صبري خلص بس اصفگ اليسره على ايمين

واعظم مصيبه الزيدت حزني عليه

راسك اگبالي ايلوح فوگ السمهريه

كلساع ينظر للحريم الهاشميه

تكسر الخاطر من بعد عباس واحسين

١٣٧

بكاء الإمام الحسينعليه‌السلام (قبل المصرع)

قال التستري (ره) في الخصائص:

ان الحسينعليه‌السلام قد بكى في كربلاء في مواضع ستة:

١- حين كان يسلي أخته زينب عن البكاء والجزع - ليلة عاشوراء - وغلب عليه البكاء وقطرت من عينيه قطرات ثم أمسك نفسه عن البكاء.

٢- حين برز ولده علي الأكبر أرخى عينيه بالدموع وأخذ شيبته بيده ورفع رأسه ودعا ربه على القوم.

٣- لما رأى القاسم يبرز إلى الحرب اعتنقه وبكى حتى غشي عليه.

٤- لما وقف على جسد القاسم ورآه مفلوق الهامة بالسيف ومرضوض الجسد من سحق حوافر الخيل.

٥- حين وقف على جسد أخيه العباس فرآه صريعا مع قربة محزقة وكل يد منه مطروحة في طرف بكى بكاء شديدا.

٦- وهو فريد وحيد بعد كثرة الأصحاب والإخوان والأولاد وإذا هو مضطهد قد ضاقت عليه الأرض برحبها، محصور بين أهل الدنيا في خيام هو وعياله عطاشى وليس فيهم إلا أطفال ونساء وعليل، إذ رأى نفسه بهذه الحالة فريدا وحيدا ورأى أهله صرعى وعياله بهذه الحالة من المصائب وقد صرعهم العطش بين ميت ومحتضر وهو يريد أن يخليهم ويذهب عنهم ويقول لهم تهيئوا للأسر ويأمرهم بالصبر ويتعب في إسكاتهم عن البكاء والصراخ.

١٣٨

(نصاري) (١)

اشكثْر المصايب مالها احساب

النزلت ببن دحّاي الابواب

يشوف امخضبه كل ذيچ الأطياب

ابن والده واوليده الأكبر

بعد ذيچ الشباب المالها امثيل

الضلت ضحايه ابغير تغسيل

او ينظر للحرم تاره والعليل

غده يبچي او دمع عينه تحدر

قال الراوي: فبينما كانعليه‌السلام يريد الخروج إلى القتال إذ أقبلت إليه ابنته سكينة ودموعها جارية وهي تقول مهلا مهلا توقف حتى أتزود من النظر إليك فهذا وداع لا تلاقي بعده ثم أخذت تقبل يديه ورجليه فما كان منه إلا أن أجلسها في حجره وأخذ يبكي بكاء شديدا ثم مسح دموعه بكمه.

(نصاري) (٢)

شبچت فوگ ابوها ابگلب لهفان

تگله احنه حرم واطفال رضعان

وعلينه كل كتر حاطت العدوان

وين انروح بعدك يا مشكور

يگلها والدمع يجري امن العيون

لابچاچ الگب يا بوي محزون

يبويه انتو ابحمية الله تظلون

من تهجم على اخيمكم العسكر

صاحت يالابو واشلون فرگاك

(اشيصبرني يبويه اخلاف عيناك)

(عسانه انروح كل احنه فداياك)

او لا جسمك يظل عاري امعفر

يگلها يبويه لابد ايكون

امسي امطبر او بفادي مطعون

يبويه والحرم للشام يمشون

او راسي اعله الرمح ليها ايتفكر

____________________

(١) - للمؤلف.

(٢) - للمؤلف.

١٣٩

(أبوذية)

احلفت بالنمل والرحمن ونسه

آنه ابهلعمر ما شفت ونسه

ياهي الأغض عنها النظر وانسه

السبي لو فرحة الشمات بيه

***

إن أنس لا أنسى افتجاع نساهُ إذ

هجمت خيولُهُمُ على الفسطاط

أخرجن منه والهات تشتكي

بعد انتهاك الستر ضرب سياط

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267