سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء ٣

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام0%

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 340

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمَّد الهنداوي
تصنيف: الصفحات: 340
المشاهدات: 99501
تحميل: 5537


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 340 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99501 / تحميل: 5537
الحجم الحجم الحجم
سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام

سلسلة مجمع مصائب أهل البيت عليهم السلام الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يكون إلا لنبي، أو ولد وصي، ثم قال: وا عجباه من أمة قتلت ابن بنت نبيها وابن وصيه(١) .

(مجردات)

راس احسين والله يسطع ابنور

او كل الملايك حوله اتدور

والنوب اجته محزنه الحور

او منها الدمع غدران ويفور

واتگول راسه ليش مشهور

والجسم منه اشسبب معفور

والله يساعد أم الخدور

الچانت تشوفه البدر البدور

فوگ الرمح وهي على الكور

***

وبناتٍ لفاطمٍ خفراتٍ

هُتكتْ بين أعيُنِ الأوغادِ

يتجاوبن بالبكا وُلَّهِ الأحـ

ـشاءِ بُحِّ الأصواتِ غَرثى صَوادِ

ورؤوسُ القتلى أمامَ السبايا

تتهادى على القنا الـمّيادِ

ليتَ عيناً رنت لها بالتشفِّي

كُحِلَتْ بالعمى وطولِ السهاد

____________________

(١) - المنتخب ص٤٨١.

١٢١

المجلس الرابع

القصيدة: للسيد صالح القزويني

للهِ آلُ اللهِ تُسرعُ بالسرى

وإلى الجنان بها المنايا تُسرِعُ

مُنعوا الفراتَ وقد طمى متدفعاً

يا ليت غاض عُبابُه المتدفِّع

أتَرى يسوغ به الورودُ ودونه

آلُ الهدى كاسَ المنونِ تجرعوا

أم كيف تُنقَعُ غُلَّةٌ بنميرهِ

والسبطُ غلتُه به لا تُنفَع

تَرَحَاً لنهرِ العلقميِّ فإنه

نهرٌ بأمواج النوائبِ مُتْرَع

ما أحدث الحدثانِ خطبا مُفظِعا

إلا وخطبُ السبطِ منه أفظع

دمُه يًباح ورأسُه فوقَ الرما

ح وشلُوه بشَبا الصفاحِ موزع

يا كوكبَ العرشِ الذي من نورهِ

الكرسيُّ والسبعُ العلى تتشعشع

كيف اتخذتَ الغاضريةَ مضجعا

والعرشُ ودَّ بأنه لك مضجع

لهفي لآلِك كلَّما دَمِعَتْ لها

عينٌ بأطرافِ الأسنةِ تُقرَع

وإلى يزيدَ حواسرا تُهدى على

الأقتاب تحملها العجافُ الضٌلَّع

لهفي على زينِ العابدِ مصفَّدا

مُضنىً يُقاد على بعير يَضلِع

أيُضامُ بينهُم الإمامُ ولم يُطِقْ

منعَ الطَغامِ ولم يجد من يمنع

لم أدر أيَّ رزيةٍ أبكي لها

أم أيَّ نائبةٍ لها أتوجع(١)

____________________

(١) - الدر النضيد ص٢١٨.

١٢٢

(فائزي)

يللي تناشدني عليمن تهمل العين

كل البچه والنوح والحسره على احسين

حبه ابگلبي او تظهره ابصبها ادموعي

مجبور في حبه ولا شوفه ابطوعي

ياليت گبل اضلوعه انرضت اضلوعي

او من دون خده اتعفرت مني الخدين

أبچي على امصابه كل صبح او مسيه

ابچي وساعد عالبچه الزهره الزچيه

لا زال تندب يا غريب الغاضريه

يحسين وين اللي يواسيني عله احسين

(أبوذية)

ابگلبي ما تملك يحسين ينصاب

او ذكرك من يمر الدمع ينصاب

گلبي دون گلبك ريت ينصاب

او خدي دون خدك علوطيه

أيات الحسينعليه‌السلام في طريق الشام

قال في نفس المهموم: فساروا على الفرات وأخذوا على أول منزل فنزلوا، وكان المنزل خرابا، فوضعوا الرأس بين أيديهم والسبايا معه، وجعلوا يشربون ويتبجحون بالرأس فيما بينهم، فخرجت عليهك كف من الحائط معها قلم من حديد فكتبت أسطرا بالدم وهي هذه:

١٢٣

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعةَ جدهِ يومَ الحسابِ

فلا واللهِ ليسَ لهم شفيع

وهم يوم القيامة في العذاب

ففزعوا وارتاعوا ورحلوا من ذلك المنزل فساروا إلى أن وصلوا إلى دير في الطريق فنزلوا به فوجدوا أيضا مكتوبا على بعض جدرانه:

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

فسألوا الراهب عن المكتوب ومن كتبه فقال: إنه مكتوب هاهنا من قبل أن يبعث نبيكم بخمسمائة عام، ففزعوا من ذلك ورحلوا من ذلك المنزل وتركوا الطريق خوفا من قبائل العرب أن يخرجوا عليهم ويأخذوا الرأس منهم، وكلما صاروا إلى قبيلة طلبوا منهم العلوفة وقالوا: معنا رأس خارجي، فلما وصلوا إلى تكريت كتبوا إلى صاحبها بأن تلقانا: فإن معنا رأس الحسينعليه‌السلام .

فلما قرأ الكتاب أمر البوقات فضربت والأعلام فنشرت والمدينة فزينت ودعا الناس من كل جانب ومكان من جميع القبائل فتلقاهم، كان حاملوا الرأس الشريف يقولون لمن سألهم: هذا رأس خارجي خرج علينا بأرض العراق بأض يقال لها كربلاء فقتله عبيد الله بن زياد.

هذا والناس يتفرجون على بنات رسول الله، أقول هذه بلدة نظر الناس فيها إلى بنات رسول الله وهن مكشفات الوجوه على نياق هزل بغير غطاء ولا وطاء وبلدة أخرى هي الشام حتى قالت إحدى السبايا لقد خزينا من كثرة النظر إلينا(١) .

____________________

(١) - نفس المهموم. معالي السبطين ج٢.

١٢٤

(نصاري)

خوات احسين يسره الله اكبر

مشت للشام تطوي البر الأگفر

مشت للشام يا ويلي سبايه

اوياهه امنشره ذيچ الروايه

تمنت لن تجي ليها المنايه

ولا تمشي ابيسر للشام الأگشر

فوگ اجمال عجَّف مشت للشام

وياها بيارغ حمر واعلام

وهي كلها حرم وأطفال وايتام

وعليها الگوم ما تشفج او تنغر

بتات المصطفى ابيا حال سارت

او بالبلدان بيها الگوم دارت

عن نظَّارها بالستر حارت

مَظَل الها ستر بيه اتّستر

طلعوا كل أهالي الشام ليهن

ابحالة فرح تتفرج عليهن

او علي السجاد وياهن وليهن

ابگيد او جامعه وبالحبل ينجر

***

والعليلُ السجادُ في القيد يبكي

أنحلَ الغلُّ والسُقامُ العظاما

١٢٥

المجلس الخامس

القصيدة: للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء

خذوا الماءَ من عينَيَّ والنارَ من قلبي

ولا تحملوا للبرق منّا ولا السحبِ

ولا تحسبوا نيرانَ وجديَ تنطفي

بطوفانِ ذاك المدمعِ السافحِ الغرب

رزاياكمُ يا آلَ بيتِ محمدٍ

أغصّ لذكراهنّ بالمنهل العذب

عمىً لعيونٍ لا تفيض دموعُها

عليكم وقد فاضت دماكم على الترب

وتعسا لقلب لا يمزّقُه الأسى

لحرب بها قد مزّقتكم بنو حرب

أأنسى وهل يُنسى رزاياكمُ التي

ألبتْ على دين الهداية ذو لب

أأنساكم حرّى القلوبِ على الظما

تذادون دون الخمص عن سائغ الشرب

أأنسى بأطرافِ الرماح رؤوسكم

تطلّع كالأقمار في الأنجم الشهب

أأنسى طرادَ الخيلِ فوق جسومِكم

وما وطأتْ من موضع الطعن والضرب

أأنسى دماءً قد سُفكن وادمعا

سُكبن وأحرارا هُتكن من الحجب

أأنسى بيوتا قد نُهبن ونسوةٌ

سُلبن وأكبادا اُذبن من الرعب

أأنسى اضطرامَ النار فيه وما بها

سوى صبيةٍ فرّت مذعّرةَ السرب

فأنتم به للقتلِ والنبلِ والقَنا

ونسوتكم للأسرِ والسبي والسلب(١)

____________________

(١) - مقتل الحسين ص٣٨٨ عبد الرزاق المقرم.

١٢٦

لكنّ الذي يهون الخطب يا مؤمنون ان تلك النساء:

(مجردات)

گامت باليريده حسين منها

او لا همها شدهَّه او لا حزنها

تباري العايله او هيَّه اعله ونها

او بچاهه او نوحها اليالم اوحنها

او حتى الشافها والنشد عنها

اتگله أنه إلمن زغرسنها

رماني الزمان ابكل محنها

(أبوذية)

وحگ من نزّل افروضه وسنها

الدهر هد عگلي بسيوفه وسنها

شدهني او حاربت عيني وسنها

بالطف تالي ابهاي الرزيه

الراهب ورأس الحسينعليه‌السلام في طريق الشام

قال في معالي السبطين: وهم في طريقهم إلى الشام: نزلوا منزلا في دير راهب فرفعوا الرأس على قناة طويلة إلى جانب دير الراهب، فلما عسعس الليل سمع الراهب للرأس دويا كدوي الرعد، وتسبيحا وتقدسيا. فنظر إلى الرأس وإذا هو يسطع نورا قد لحق النور بعنان السماء، ونظر إلى باب قد فتح من السماء والملائكة ينزلون كتائب كتائب ويقولون:

السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يابن رسول الله.

فجزع الراهب جزعا شديدا وقال للعسكر: وما الذي معكم؟ فقالوا: رأس خارجي خرج بأرض العراق فقتله عبيد الله بن زياد.

فقال: ما اسمه؟ قالوا: الحسين بن علي.

١٢٧

فقال الراهب: ابن فاطمة بنت نبيكم وابن ابن عم نبيكم؟ قالوا: نعم.

قال: تبا لكم!! والله لو كان لعيسى ابن مريم ابن لحملناه على أحداقنا، وأنتم قتلتم ابن بنت نبيكم، ثم قال: صدقت الأخبار في قولها: إذا قتل هذا الرجل تمطر السماء دما عبيطا.

اللهُ أيُّ دمٍ في كربلا سُفكا

لم يجر في الأرض حتى أوقف الفلكا

ويواصل الراهب قائلا: ولا يكون هذا إلا في قتل نبي أو وصي نبي، ثم قال - للقوم - لي إليكم حاجة قالوا: وما هي؟

قال: قولوا لرئيسكم عندي عشرة آلاف درهم ورثتها عن آبائي يأخذها مني ويعطيني الرأس يكون عندي إلى وقت الرحيل، فإذا حل رددته إليه؟ فوافق عمر بن سعد فأخذ الرأس وأعطاهم الدراهم، وأخذ الرأس فغسله ونظفه وطيبه بمسك ثم جعله في حريرة ووضعه في حجره، ولم يزل ينوح ويبكي وهو يقول: أيها الراس المبارك كلمني، بحق الله عليك فتكلم الرأس وقال: ما تريد مني؟ قال: من أنت؟

قال: أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا المقتول بكربلاء، أنا الغريب العطشان بين الملا، فبكى الراهب بكاء شديدا وقال: سيدي يعز والله عليّ أن لا أكون أول قتيل بين يديك، فلم يزل يبكي حتى نادوه وطلبوا منه الرأس فقال: يا رأس والله لا أملك إلا نفسي فإذا كان غدا فاشهد لي عند جدك محمد اني، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أسلمت على يدك وأنا مولاك.

١٢٨

أقول: عندما عرف هذا الرجل أن هذا الرأس رأس الحسينعليه‌السلام وعرف حقيقة الحسين بكى ذلك البكاء الشديد(١) . أقول إذن ساعد الله شقيقة الحسين وحبيبته العارفة بفضل أخيها ومقامه كيف حالها وقد رأته مقطوع الرأس تارة، وأخرى تجول الخيل على صدره وأخرى ترى رأسه يضرب بالسياط وأخرى تراه أمامها على رأس السنان.

وسرَوا برأسِك في القنا وقلوبُها

تسموا إليه ووجدُها يُضنيها

إنْ أخّروه شجاهُ رؤيةِ حالِها

أو قدموه فحالُه يُشجيها

(نصاري)

شالوا راس أهلها ابروس الارماح

او وراهه الناس طلعت والهم اصياح

راس احسين لـمَّن للحرم لاح

غدت عالروس واعله الوجه تلطم

زينب نادته والدمع همال

عنه اشغيبك واخفاك يهلال

فك عينه اعله زينب والدمع سال

او بآيات الصبر گام ايتكلم

(نصاري)

يگللها يزينب يبت حيدر

احفظي لي اليتامه مع الخدر

لتخلين وحده اتضيع بالبر

غيرچ مالها اليرعه غربها

گالتله يخويه الماله امثيل

لفيي على احريمك والمداليل

او سور الهم بعد لو خيم الليل

اهي اتحاچيه او دمعتها تصبها

***

____________________

(١) - معالي السبطين ج٢. وبنفس المضمون في كتاب الدمعة الساكبة ج٥، ص٦٥/٦٦.

١٢٩

وقضى الحسينُ لُقىً بعرصةِ كربلا

وسناؤُه حسرى تجوبُ البيدا

يتلو على رأس المثقَّفِ رأسُه

القرآنَ والتهليلَ والتمجيدا

١٣٠

المجلس السادس

القصيدة: للشيخ الحافظ البرسي

آلُ النبيِّ بنو الوحي ومنبعُ الشر

فِ العليِّ وللعلومِ مفاتحُ

طُرُقُ الهدى سُفُنُ النجاةِ محبُّهم

ميزانُه يومَ القيامةِ راجحُ

الجدُّ خيرُ المرسلين محمدُ

الهادي الأمينُ أخو الخِتامِ الفاتحُ

والأمُّ فاطمةُ البتولةُ بضعةُ الهادي

الرسولِ لها المهيمنُ مانح

حوريةٌ إنسيةٌ لجلالِها

وجمالِها الوحيُ المنزَّلُ شارح

والوالدُ الطهرُ الوصيُ المرتضى

عَلَمُ الهدايةِ والمنارُ الواضح

مولىً له النبأُ العظيمُ وحبُّه

النهجُ القويمُ به المتاجر رابح

أسدُ الإلهِ وسيفُه ووليُّه

وشقيقُ أحمدَ والوصيِّ الناصح

يا ناصرَ الإسلامِ يا بابَ الهدى

يا كاسرَ الأصنامِ فهي طوامح

يا ليت عينَك والحسينُ بكربلا

بين الطُغاةِ عن الحريمِ يكافح

أفديهِ محزوزَ الوريدِ مرمَّلا

ملقىً عليه التربُ سافٍ سافح

والطاهراتُ حواسرٌ وثواكلٌ

بين العدى ونوادبٌ ونوائح

يسترن بالأردانِ نورَ محاسنٍ

صونا وللأعداء طَرفٌ طامح

١٣١

يا فاطمُ الزهراءُ قومي وانظري

وجهَ الحسينِ له الصعيدُ مصافح

أكفانُه نسجُ الغُبارِ وغُسلُه

بدمِ الوريدِ ولم تنحْهُ نوائح

وعلى السِنِان (سنانُ) رافع رأسِه

ولجسمِه خيلُ العِداةِ روامح(١)

(موشح )

وين هاشم تحضر الزينب تشوف

يوم مشوها العده امن ارض الطفوف

عدها رضعان او حرم بين الصفوف

امسلبه او عافت اجسوم اخوانها

وين هاشم وين حماية الجار

خل تشوف احريمها الشبعت مرار

ركبوها اعله الهزل والظعن سار

بين گوم الما تعرف اديانها

وين يا هاشم حميتكم صفت

من حرمكم عد يزيد اتوگفت

اشلون ذاك اليوم عين الكم غفت

ما بذلتوا ارواحكم وابدانها

ليش تغفه اعيونكم ما ساهرت

ما سمعتوا ابوگعة الطف الجرت

ذبحة احسين او حريمه اتيسرت

او سلبوا زينب عگب وليانها

(أبوذية)

حرت يحسين بعيالك ولمها

امصايب شفت ما يبره ولمها

درت بالطف بني هاشم ولمها

تسل اسيوفها او تنغر عليه

السيدة سكينة بنت الحسينعليها‌السلام تتخلف عن القافلة

قال في معالي السبطين: عثرت على رواية في كتاب مصباح الحرمين وهي:

____________________

(١) - أدب الطف ج٤، ص٢٤١.

١٣٢

بينما القوم يسيرون في دجى الليل، أخذت سكينة بالبكاء لأنها ذكرت أيام أبيها وماعليه من العز والإكرام، ثم رأت نفسها ذليلة بعد أن كانت أيام أبيها عزيزة فاشتد بكاؤها، فقال لها الحادي: اسكتي يا جارية فقد آذيتني ببكائك، فما سكتت بل غلب عليها الحزن والبكاء، وأنَّت أنَّة متوجعة، وزفرت زفرة كادت روحها أن تطلع، فقال لها: اسكتي يا بنت الخارجي، فقالت سكينة: وا أسفاه عليك يا أبتاه قتلوك ظلما وعدوانا وسموك بالخارجي، فغضب اللعين من قولها وأخذ بيدها وجذبها ورمى بها على الأرض، فلما سقطت غشي عليها وكأني بها تنادي:

(أبوذية)

يحادي ارد اتلف اعيوني وعمها

فجع كل الورى امصابي وعمها

اشحال الفگدت اخوتها وعمها

وبوها احسين عز الهاشميه

قال الراوي: فما أفاقت إلا والقوم قد مضوا، فقامت وجعلت تمشي حافية في سواد الليل، تارة تقوم وتارة تقعد وتارة تستغيث بالله وتارة بأبيها وأخرى تنادي عمتهاو وتقول: أبتاه مضيت عني وخلفتني وحيدة غريبة فإلى من ألتجي وبمن ألوذ في ظلمة هذه الليلة في هذه البيداء.

(مجردات) (١)

راح الأبو يا ناس عني

واسياط عدواني ولنّي

آه الزمان اشگد هظمني

فركضت ساعة من الليل في غاية الوحشة فلم تر أثرا للقافلة فخرت

____________________

(١) - للمؤلف.

١٣٣

مغشياً عليها، فعند ذلك اقتلع الرمح الذي كان عليه رأس الحسينعليه‌السلام من يد حامله، وانشقت الأرض ونزل الرمح في الأرض إلى نصفه، وكلما اجتهد أن يقلع الرمح ويخرجه من الأرض لم يتمكن ولم يستطيع!! اجتمع خلق كثير وكلما اجتهدوا لم يستطيعوا.

(مجردات)

يوم المشوا بالظعن للشام

والروس فوگ ارماح جدام

والحرم تنعه ابدمع سجام

او راس السبط نوماس الإسلام

اوچب او شافه الخاص والعام

يتلفت ابوجهه لليتام

او للطفله العگبت بالأهيام

ظلت يويلي اتخط بالأجدام

فأخبروا بذلك عمر بن عسد، فقال: اسألوا علي بن الحسينعليه‌السلام عن ذلك، فما سألوا الإمام، قال: قولوا لعمتي زينب تنفقد الأطفال فلربما قد ضاع منهم طفل.

(مجردات)

گال الهم او شبَّت نار چبده

او دمعه جره او سال اعله خده

امن الأطفال خاف اعگبت وحده

يو طفل ماذي الحبل زنده

هاي اعله بوي اتصير شده

اطفاله كلها اعزاز عنده

اولن سكنه اتصوّت مجهده

يتيمه الظعن ذبني او تعده

فلما قيل لزينب الكبرىعليها‌السلام جعلت تنفقد الأيتام وتنادي كل واحد منهم باسمه، فلما نادت سكينة فلم تجبها فرمت زينب بنفسها من على الناقة وجعلت تنادي: وا غربتاه، وا ضيعتا، وا رجالاه، وا حسيناه، بنيه سكينة في

١٣٤

أي أرض طرحوك، وفي أي واد ضيعوك، فرجعت إلى وراء القافلة وهي تعدو في البوادي حافية، والشوك يدخل في رجليها، وتصرخ وتنادي، حتى عثرت عليها وأوصلتها إلى القافلة، هذا ودموعها جارية وحسراتها وارية(١)

(مجردات)

چاوين عني وعنچ احسين

الچنه ابفيه مستظلين

والنه الخلگ كلها مذعنين

امن الدهر ما چنه امخطرين

تچتل زلمنه انظل نساوين

حياره يساره اندير بالعين

بالذله عگب احسين تمسين

***

يا حرَّ قلبي لآلِ اللهِ قد حُملت

بين الأجانب فوقَ الأنُيقِ الهُزُلِ

وبينها السيّدُ السجادُ ممتَحنا

قد أوثقوه على عُجفٍ من الإبل

____________________

(١) - معالي السبطين ج٢. وقريب منه ما في الدمعة الساكبة ج٥، ص٧٥/٧٦.

١٣٥

المجلس السابع

القصيدة: للشيخ علي بن حماد البصري توفي في حدود

سنة ٤٠٠ ه

أرى الصبرَ يَفنى والهمومُ تزيدُ

وجسميَ يَبلى والسُقامُ جديدُ

وذكَّرني بالحزن والنوحِ والبكا

غريبٌ باكتافِ الطفوفِ فريد

يودِّع أهليه وَداع مفارقٍ

لهم أبدَ الأيامِ ليس يعود

كأني بمولايَ الحسينِ وصحبهِ

كأنّهم تحت الوطيسِ اُسود

عُطاشى على شاطي الفراتِ فمالَهم

سبيلٌ إلى قُربِ المياه ورود

لقد صبروا لا ضيَّع اللهُ صبرَهم

إلى أن قُتِّلوا من حولِه واُبيدوا

وقد خرَّ مولايَ الحسينُ مجدَّلا

قتيلا عفيرا في التراب وحيد

وأقبل شمرُ الرجسِ واحتزَّ رأسَه

بقلبٍ مشومٍ فارقتْه سُعود

وساقوا السبايا من بناتِ محمدٍ

يسوقُهمُ قاسي الفؤادِ عنيد

وفاطمةُ الصغرى تقول لأختِها

وقد كضَّها جُهدٌ هناك جَهيد

أيا أختُ قد ذابتْ من السير مهجتي

سَلِي سائقَ الأضعانِ أينَ يريد

تنادي وقد أبدتْ من الثَكل صبرَها

بصوتٍ تكادُ الأرضُ منه تَميد

بكى رحمةً لي حاسدي ومعاندي

فيا سوءَ حالي إذ بكاء حسود(١)

____________________

(١) - المنتخب ص١٦٧.

١٣٦

(مجردات)

ياريت لن شخصك فلا غاب

عن كربله يا داحي الباب

انته الذي سدَّرت الأحزاب

ابسيفك البيه اتگطع ارگاب

انصرت النبي من دون الأصحاب

ولكن يا أمير المؤمنين:

(مجردات)

على احسين ما خلوه تره اثياب

وساده الرمل واكفانه احراب

واعتب واكثر لك بالاعتاب

بناتك سبوهن گوم الاجناب

لا خدر ضل او لا بگه احجاب

السيدة سكينة بنت الإمام الحسينعليها‌السلام تتخلف عن القافلة

(رواية ثانية)

نقل البهبهاني في الدمعة الساكبة عن الشيخ المفيد قال: لما رحلوا بالسبايا والرؤوس إلى دمشق وعدل بهم عى الطريق إلى قصر بني مقاتل وكان ذلك اليوم يوما شديد الحر وكانت القربة التي معهم نزفت وأريق ماؤها فاشتد بهم العطش وأمر ابن سعد عدة من قومه في طلب الماء وأمر بفسطاط فضرب على أربعين ذراعا فجلس وأصحابه ورموا السبايا والأطفال على وجه الأرض تصهرهم الشمس فأتت زينبعليها‌السلام إلى ظل جمل هناك وفي حضنها علي بن الحسينعليه‌السلام وقد أشرف على الهلاك من شدة العطش وبيدها مروحة تروحه بها من الحر وهي تقول يعز علي أن أراك بهذا الحال يا ابن أخي، ثم ذهبت سكينة إلى شجرة هناك وعملت لها وسادة من التراب ونامت عليها فما كان

١٣٧

إلا قليل وإذا بالقوم قد رحلوا وكان عديلتها على الجمل أختها فاطمة الصغرى فقالت للحادي: أين أختي سكينة؟ والله لا أركب حتى تأتي بأختي فقال لها: وأين هي؟ قالت: لا أدري أين ذهبت فصاح السائق بأعلى صوته هلمي واركبي مع النساء يا سكينة فلم تنتبه من التعب وبقيت نائمة فلما أضرّ بها الحر انتبهت وجعلت تمشي خلفهم وتصيح: أخيه يا فاطمة ألست عديلتك في المحمل وأنت على الجمل؟ وأنا حافية فعطفت عليها أختها وقالت للحادي: والله لئن لم تأتي بأختي لأرمينَّ بنفسي عن هذه الجمل وأطالبك بدمي عند جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم القيامة. فقال لها: من تكون أختك؟ قالت: سكينة التي كان يحبها الحسينعليه‌السلام حبا شديدا. قال - الحادي - : التي كان يقول فيها:

لعمرك إني لأُحبُّ دارا

تَحِلُ بها سُكينةُ والربابُ؟

قالت: نعم فرّق لها الحادي - فعاد إليها - وأركبها مع أختها(١) .

(مجردات)

سكنه تحن والدمع نثار

تدري يبويه بيَّه اشصار

خذونه يبويه فوگ الأكوار

آنه او خواتي ازغار واكبار

او عگب الضعن ضليت بگفار

اصيحن بسم حيدر الكرار

يا جد ولونه گوم الأشرار

(تخميس)

صبرا على قَدَرِ الإلهِ وما حَتَمْ

وبما أراد من المشيئةِ والحِكَمْ

____________________

(١) - الدمعة الساكبة ج٥، ص٧٥/٧٦.

١٣٨

يا مَن مضي عنِّي وأودعني الأَلَمْ

يا غائبا عن أهلِه أتعودُ أمْ

تبقى إلى يوم الـمَعاد مغيبا

(تخميس)

بعدا لربعٍ ساءنا في فعلِهِ

وأراعَنا فيمن نلوذُ بظلِّهِ

هيهات يسمح دهرُنا في مثلِهِ

يا ليتَ غائبَنا يعود لأهلِهِ

فنقولُ أهلا بالحبيب ومرحبا

١٣٩

١٤٠