سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام28%

سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام مؤلف:
تصنيف: مكتبة الفقه وأصوله
الصفحات: 135

  • البداية
  • السابق
  • 135 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19502 / تحميل: 5701
الحجم الحجم الحجم
سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

سلسلة زاد المبلغ زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

٢- الحَطيم : وهو من البقاع الّتي يستحبّ الدعاء والصلاة فيها، وقد سُئِل الإمام الصادقعليه‌السلام عن الحطيم فقالعليه‌السلام : هوَ ما بينَ الحجرِ الأسود وبابِ البيتِ، قال اسحقُ بن عُمّارٍ: قلْتُ له: لِمَ سمِّيَ الحطيمُ؟ فقالعليه‌السلام : "لأنَّ النّاس يُحَطِّمُ بعضُهُم بعضاً"(١) .

٣- مقام إبراهيم : وقد ورد استحباب الصلاة فيه بصريح القرآن، قال تعالى:﴿ وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى .(٢)

سأل داود الحضرميّ أبا الحسنعليه‌السلام عن الصلاة بمكّة: "في أيّ موضعٍ أفضل؟ فقالعليه‌السلام : عندَ مقامِ إبراهيمَ الأوّلِ، فإنّه مقامُ إبراهيمَ واسماعيلَ ومحمّد"صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣)

٤- حِجْرُ إسماعيل : وهو جدار صغير على شكل قوس بين الركنين الشامييَّن، وأفضل مكان فيه مقابل ميزاب الرحمة، وهو من الأماكن التي يستحبّ المكوث فيها طويلاً وأنّه موطن الدعاء، وأنّه جزء من البيت، ولذا لو دخله أحد أثناء الطواف لم يُجَزِّئه.

٥- الركن اليمانيّ : ويسمّى ركن الولاية، وهو الذي انشقّ لفاطمة بنت أسد، فدخلته لـمّا وضعت مولودها أمير المؤمنينعليه‌السلام .

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة،ص١٠٨.

٢- البقرة، ١٢٥.

٣- الوسائل، ج٥، ص٢٧٥.

٢١

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إنّه بابُنا الّذي نَدْخُلُ مِنْهُ الجنّة"(١) .

٦- المتعوَّذ : وهو بين الركن اليمانيّ، والباب الثاني المغلقَ من الكعبة، ويسمّى الملتزم أيضاً، وهو المكان الذي وقف فيه آدم واعترف بذنبه، ويستحبّ إتيانه بعد الفراغ من الطواف السابع.

وروي أن الإمام الصادقعليه‌السلام كان إذا انتهى إلى الملتزم قال لمواليه: "أَميطُوا عَنِّي حتَّى أُقِرَّ لِرَبّي بذنوبي في هذا المكانِ، فإنَّ هذا مكانٌ لَمْ يقرَّ عبدٌ لربِّه بذنوبِهِ، ثُمَّ استغفَر اللهَ إلّا غفرَ لَهُ"(٢) .

____________________

١- الوسائل، ج١٣، ص٣٣٩.

٢- الوسائل، ج١٣، ص٣٤٦.

٢٢

٢٣

المحاضرة الثالثة:

التوحيد خلاصة الحجّ الإبراهيميّ

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"... وَأَنَّ الكعبةَ بيتٌ للتوحيدِ، بُنِيَ بأيدي أنبياءِ اللهِ العظامِ لِلْمُوَحِّدينَ مِنْ أهلِ الأرضِ، وَلا يسبقُهِ بهذا القِدَمِ أيُّ معبدٍ آخرَ"

الهدف

بيان الدلالات الروحيّة، لأهمّ المناسك الّتي تجسّد مبدأ التوحيد، وتتمحور حوله، وتقوّي انقطاع الإنسان إلى الله، دون سواه.

تصدير الموضوع

قال تعالى:﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا (١) .

____________________

١- الحجّ، ٢٦.

٢٤

وقال تعالى:﴿ وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النّاس يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (١) .

محاور الموضوع

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "........ وَأَنَّ الكعبةَ بيتٌ للتوحيدِ، بُنِيَ بأيدي أنبياءِ اللهِ العظامِ لِلْمُوَحِّدينَ مِنْ أهلِ الأرضِ، وَلا يسبقُهِ بهذا القِدَمِ أيُّ معبدٍ آخرَ".

بعض مظاهر التوحيد في الحجّ

١- رجم الجمرات: وينوي الحاجّ أثناء الرجم، طرده لكافّة شياطين الإنس والجنّ، أي رجم كافّة أنواع الشّرك بالله، فالرجم يستبطِنُ البراءة من المشركين، وعدم التودّد إليهم، فضلاً عن إعانتهم، أو الولاء لهم.

٢- الطواف حول البيت: ويعني أنّ الإنسان لا يدور في وجوده، وحركته، إلّا وفق إرادة الله ورِضاه، وأن يكون طوافه حول الكعبة التي ترمز إلى الحضرة الربوبيّة بقلبه لا بجسده، متشبِّهاً بالملائكة الذين يطوفون بإزاء العرش حول البيت المعمور، كأنّه يعاهد الله أن يكون كالملائكة التي عبّر عنهم الله بقوله:﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٢) .

____________________

١- التوبة، ٣.

٢- التحريم:٦.

٢٥

٣- التلبية: وتعني أن يعاهد الإنسان ربّه على الإستجابة لنداء الله دون سواه، ولذلك فإنّ التلبية تستوجب الإجابة الخالصة، والانقطاع الـمُطْلَق لله تعالى.

وتجدر الإشارة إلى أنّ التلبية الواجبة، هي:"لبّيك اللَّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك". وهذه التلبيات الأربع تجسد التوحيد.

٤- استلام الحجر الأسود وتقبيله: لما يعني ذلك من البيعة والعهد بالوفاء لكلّ ما أمر الله به، فهو يد الله التي يصافح بها خلقه كما ورد في الحديث الشريف.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "وَقُلْ عِنْدَ استِلامِكَ الحجرَ: أَمانَتي أَدَّيْتَها وَميثاقي تَعاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لي بِالْمُوافاةِ"(١) .

فإيّاك أن تصافح يدَ الله ثمّ تخونها أو تنقلب عليها، فإنّ هذا الحجر يشهد يوم القيامة على الذين نكثوا بيعتهم مع الله، واتّبعوا سبل الضلال والغيّ والتّيه.

٥- الأضحِية: وترمز إلى استعداد الإنسان إلى التضحية بكلّ ما يُطلبه الله منه، وأنّ الأضحِية سبيل إلى التقوى، ويظهر هذا في قوله تعالى:﴿ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُم (٢) .

____________________

١- كشف اللثام، الفاضل الهندي، ج٥، ص٤٦٠.

٢- الحجّ ٣٧.

٢٦

وعن الإمام الكاظمعليه‌السلام : "استفرِهُوا ضحاياكُمْ، فَإِنّها مَطاياكُم عَلى الصِّراطِ"(١) .

وعندَ ذبح الأضحية يستحبّ قراءة الدعاء التالي:

"وجَّهْتِ وجهي لِلَّذي فَطَرَ السّمواتِ والأرضَ مسلِماً حنيفاً وَما أنا مِنَ الْمُشرِكينَ، إنَّ صلاتي وَنُسُكي وَمَحْيايَ وَمماتي لِلَّهِ ربِّ العالمينَ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنا أَوَّلُ الْمُسَلِمينَ، اللَّهُمّ مِنْكَ وَلَكَ، بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي"(٢) .

نموذج من التوحيد الإبراهيميّ

ويتمثّل التوحيد بالتسليم المُطْلَق لإرادة الله، والانقطاع التامّ إليه، كما يحدّثنا القرآن الكريم عن قِصّةِ نبيَ الله إبراهيمعليه‌السلام مع ولده إسماعيلعليه‌السلام ، في قوله تعالى:﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ *وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (٣) .

____________________

١- الحدائق الناضرة، المحقّق البحراني، ج١٧.

٢- سنن الإمام علي، لجنة الحديث معهد باقر العلوم، ص٣٨٤.

٣- الصافات، ١٠٢ - ١٠٧.

٢٧

المحاضرة الرابعة:

آداب السفر الى الحجّ

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :في سفرٍ خَرَجَ فيه للحجّ:

"مَنْ كانَ سيءَ الخُلُقِ والجِوارِ، فلا يَصْحَبُنا".

الهدف:

التنبيه إلى جملة من الأمور التي تساعد الحاجّ على المحافظة على الأجواء الروحيّة والعباديّة أثناء السفر.

تصدير الموضوع:

ورد في الحديث الشريف: "إنَّ الحاجَّ مِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ بِمَنَزْلَةِ الطائِفِ في الكَّعْبَةِ"(١) .

____________________

١- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج٨، ص٤٣.

٢٨

محاور الموضوع:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "الـمُرُوَّةُ في السَّفَرِ، كَثْرَةُ الزادِ وَطيبُهُ، وَبَذْلُه لِمَنْ كانَ مَعَكَ، وَكِتْمانُكَ عَلَى الْقَوْمِ سِرَّهُمْ بَعْدَ مُغَادَرَتِهِم، وَكَثْرَةُ الْمُزاحِ في غيرِ ما يُسْخِطُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ -"(١) .

أشارت الروايات إلى مجموعة من الآداب التي ينبغي على الحاجّ الوافد إلى ضيافة الله أن يؤدِّب نفسه بها، ونشير هنا إلى بعضها بعد البقاء على طهارة، والإكثار من التهليل، والتحميد، والتكبير، والتقديس.

١- التصدّق: عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "إِذا أَرَدْتَ سَفَراً فَاشْتَرِ سَلامَتَكَ مِنْ رَبِّكَ بِما طابَتْ بِهِ نَفْسُكَ"(٢) .

٢- حَمْلُ الزاد: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ما مِنْ نَفَقَةٍ أَحَبُّ إِلى اللهِ مِنْ نَفَقَةِ قَصْدٍ، وَيُبْغَضُ الإِسْرافُ إلّا في الحَجِّ وَالْعُمْرَةِ"(٣) .

فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "كانَ عليُّ بنُ الحسينِعليه‌السلام إذا سافرَ إِلى مكّة لِلْحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ تَزَوَّدَ مِنْ أَطْيَبِ الزّادِ"(٤) .

٣- حسن الصحبة: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفرٍ خرج فيه للحجّ: "مَنْ كانَ سَيِّءَ الخُلُقِ وَالجِوارِ فَلا يَصْحَبُنا"(٥) .

____________________

١- مستدرك سفينة البحار، الشيخ الشاهرودي، ج٩، ص٣٦٥.

٢- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص٢٤٤.

٣- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج١١، ص١٤٩.

٤- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج٨، ص٣١٠.

٥- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص٢٥١.

٢٩

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "ما اصْطَحَبَ إثنانِ إلّا كانَ أَعْظَمُهُما أَجْراً وَأَحَبُّهُما إِلى اللهِ أَرْفَقُهُما بِصاحِبِهِ"(١) .

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لَيْسَ مِنّا مَنْ لَمْ يَكُنْ يُحَسِنُ صُحْبَةَ مَنْ صَحِبَهُ، وَمُرافَقَةَ مَنْ رافَقَهُ، وَمَمالَحَةَ مَنْ مالَحَهُ، وَمُخالَفَةَ مَنْ خالَفَهُ"(٢) .

٤- تهيئة النفقة وحفظها: حتّى لا يكون كَلّاً وعِبْئاً على غيره من الحجيج، فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مِنَ السُنَّة إِذا خرجَ قومٌ في سفرٍ أن يُخْرِجَوا نَفَقَتَهُمْ، فإِنَّ ذلِكَ أَطْيَبُ لأَنْفُسِهِمْ وَأَحْسَنُ لأخلاقِهِمْ"(٣) .

عن صفوان الجمّال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : "إنّ معي أهلي وأنا أريد الحجّ، أَأَشُدُّ نفقتي في حقويْ؟ قالعليه‌السلام : نَعَمْ إِنَّ أَبي كانَ يقول: مِنْ فِقْهِ الـمُسافِرِ حِفْظُ نَفَقَتِهِ"(٤) .

٥- خدمة الحجاج: عن إسماعيل الخثعميّ قال: "قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّا إذا قدمنا مكّة ذهب أصحابي يطوفون ويتركوني أحفظ أمتعتهم، قالعليه‌السلام : أَنْتَ أَعْظَمُهُمْ أَجْراً"(٥) .

وعن مرازم بن حكيم قال: "زامَلْتُ محمّد بن مصادف، فلمّا دخلنا المدينة اعتلَلْتُ، وكان يمضي إلى المسجد ويدعني وحدي،

____________________

١- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج١١، ص٤١٢.

٢- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج٨، ص٣١٦.

٣- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج١١، ص٤١٣.

٤- مستدرك سفينة البحار، الشيخ الشاهرودي، ج٥، ص٥٩.

٥- وسائل الشيعة، ج١٣، ص٣١٣، ب١١، طواف، ح١.

٣٠

فشَكَوْتُ ذلك إلى مصادف فأخبر به أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فأرسل إليَّ: قُعودُكَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ صلاتِكَ في الـمَسْجِدَ"(١) .

وفي الروايات أنّ الإمام السجادعليه‌السلام كان يلتحق في مسير الحجّ بقافلةٍ لا يعرفه أحد فيها وذلك ليخدمهم، وكان إذا عرفوه تركهم إلى قافلةٍ أخرى.

٦- المداومة على الذكر: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِذا كُنْتَ في سَفَرٍ فَقُلْ "اللَّهُمّ اجْعَلْ سَيْري عِبَراً وَصَمْتي تَفَكُّراً وَكَلامي ذِكْراً"(٢) .

____________________

١- ن.م. ج١٣، ص٣١٣، باب ١١، طواف، ح٢.

٢- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص٢٥٤.

٣١

المحاضرة الخامسة:

الآداب العامة للحجّ

عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال:

"ما يُعْبَؤُ بِمَنْ يَؤُمُّ هذا الْبَيْتَ إِذا لَمْ يَكُنْ فيهِ ثَلاثُ خِصالٍ: وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعاصي اللهِ، وَحِلْمٌ يَمْلِكَ بِهِ غَضَبَهَ، وَحُسْنُ الصَّحابَةِ لِمَنْ صَحِبَه".

الهدف

إلفات النظر إلى الحالة الروحيّة التي ينبغي على الحاجّ المحافظة عليها طيلة فترة أداء العبادات والمناسك.

تصدير الموضوع

قال تعالى:﴿ الحَجُّ أشهرٌ معلوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ في الْحَجِّ (١) .

____________________

١- البقرة، ١٩٧.

٣٢

محاور الموضوع

حقّ فريضة الحجّ

روي عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام أنّ حقّ فريضة الحجّ يتمثّل في أمورٍ أربعة:

أوّلاً: "حَقُّ الحَجِّ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ وِفادَةٌ إِلى رَبِّك".

ثانياً: "وَفِرارٌ إِلَيْهِ مِنْ ذُنوبِك".

ثالثاً: "وَفيهِ قَبُولُ تَوْبَتِك".

رابعاً: "وَقَضاءُ الفَرْضِ الَّذي أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْك"(١) .

ومن هنا، فلا ينبغي الغفلة عن التأدّب بآداب الوفادة، والتخلّق بأخلاق الله، أثناء أداء هذه الفريضة التي أوجبها الله تعالى، وذلك من خلال التقيّد بالأمور التالية:

١- الورع والحلم وحسن الصحبة: عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال: "ما يُعْبَؤُ بِمَنْ يَؤُمُّ هذا الْبَيْتَ إِذا لَمْ يَكُنْ فيهِ ثَلاثُ خِصالٍ: وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعاصي اللهِ، وَحِلْمٌ يَمْلِكَ بِهِ غَضَبَهَ، وَحُسْنُ الصَّحابَةِ لِمَنْ صَحِبَهُ"(٢) .

٢- الذكر وحفظ اللّسان: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِذا أَحْرَمْتَ فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ وذِكْرِ اللهِ كَثيراً، وَقِلَّةِ الْكَلامِ إلّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ مِنْ تَمامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنْ يَحْفَظَ الْمَرْءُ لِسانَهُ إلّا مِنْ خَيْرٍ، فَإِنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - يَقولُ﴿ فَمَنْ فَرَضَ عَلَيْهِنّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ (٣) .

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص١٥٩.

٢- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٢٨٦.

٣- البقرة، ١٩٧.

٣٣

٣- التذلَّل والتواضع: فقد ورد: "ما عُبِدَ اللهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْمَشْي"(١) ، ولذا "حجّ الحسن بن عليّعليه‌السلام عشرين حجّةً ماشياً على قدميه"(٢) .

ويستحبّ للحاجَّ أن يُكَفَّنَ بِثَوْبَيْ إِحرامِهِ، كما كُفِّنَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) .

٤- الإعراض عن حاجات الدنيا: فإنّ سفر الحجّ سفر إلى الله ووفاده عليه، وطلب حاجات الدنيا يتناقض مع هذا الهدف، ففي الرواية: "إذا كانَ آخرُ الزمانِ، خَرَجَ النّاس لِلْحَجِّ أَرْبَعَةَ أَصْنافٍ: سلاطينُهُم لِلنُّزَهَةِ، وَأغْنِياؤُهُمْ لِلتّجارَةِ، وَفُقَراؤُهُمْ لِلْمَسْأَلَةِ، وَقُرَّاؤُهُمْ لِلسُّمْعَةِ"(٤) .

٥- الذكر: كثرة الذكر أثناء أداء المناسك، وقد ورد في الكتب الخاصّة بأعمال الحجّ أدعية مختلفة عند عزم الحاجّ على الخروج وركوب الراحلة، والنزول منها، ودخول أيّ مكان، والخروج منه، وأداء أيّ عمل، وأثناء الحركة، والإنتقال فضلاً عن الأدعية الخاصّة بالسفر، حتّى يبقى الحاجّ على حالة من الذكر الدائم ما استطاع.

____________________

١- موسوعة أحاديث أهل البيت، الشيخ هادي النجفي، ج٤، ص٢٥٣.

٢- الوسائل، ج٨، ص٥٥.

٣- الوسائل، ج٩، ص٣٧.

٤- كنز العمّال، المتّقي الهندي، ج٥، ص١٣٣.

٣٤

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "كانَ رسولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سَفَرِهِ إِذا هَبَطَ سَبَّحَ، وَإِذا صَعَدَ كَبَّرَ"(١) .

وعنهعليه‌السلام في حديث: "فَإِذا جَعَلْتَ رِجْلَكَ في الرِّكابِ فَقُلْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ"(٢) .

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٢٧٨.

٢- الوسائل، ج١١، ص٣٨٧.

٣٥

المحاضرة السادسة:

الإحرام والتلبية

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"...وَأَحْرِم من كلِّ شيءٍ يَمنَعُكَ عن ذِكرِ الله ويَحْجِبُكَ عن طاعَتِهِ ولبِّ بِمعنى إجابَةٍ صافيةٍ زاكيةٍ للهِ عزّ وجلّ في دعوتك له متمسّكاً بعُروتِهِ الوثقى".

الهدف:

التنبيه الى ضرورة مراقبة النفس ومحاسبتها، وأنّ الغفلة عنها تخرجها عن مسار الطاعة الى الإنحراف والضياع.

تصدير الموضوع:

ورد في دعاء أمير المؤمنين الذي يُقرأ في المناجاة الشعبانية: "اللَّهُمَّ وَاجْعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ"(١) .

____________________

١- إقبال الأعمال، السيّد ابن طاووس، ج٣، ص٢٩٨.

٣٦

محاور الموضوع:

لعلّ أهمّ دلالات الإحرام أن يستحضِرَ الإنسان نفسه على أنّه في يوم الحشر، وأنّه خرج من قبره مؤتزِراً كَفَنَهُ، وأنّه لن ينفعه ماله ولا ولده إلّا أن يأتِيَ اللهَ بعملٍ صالحٍ وقلبٍ سليمٍ، وأنّ التلبية، هي استجابة المخلوق لخالقه في كافَّة أموره وشؤونه.

حضور القلب عند التلبية

روى ابن أبي عامر أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام لمّا استوت به راحلته عند الإحرام، كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يَخِرّ عن راحلته، فقلت: قل يا بن رسول الله ولا بدّ لك أن تقول، فقالعليه‌السلام : "يا بْنَ أّبي عامِرٍ كَيْفَ أَجْسُرُ أَنْ أَقولَ "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ" وَأَخْشى أَنْ يَقولَ عَزَّ وَجَلَّ لي لا لَبَّيْكَ وَلا سَعْدَيْكَ"(١) .

كان الإمام السجادعليه‌السلام : "إِذا أَرادَ أَنْ يُلَبّي اصفرَّ لونُه وانتفضَ ووقعَت عليهِ الرّعدَةُ، فَإِذا لَبّى غُشِيَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ عَنْ راحِلَتِه"(٢)

معنى التلبية

التلبية هي الإستجابة لنداء الله والعزم على الالتزام بما أمرنا به من أوامر ونواهي، وهي أحد أبرز المناسك التي تجسّد التوحيد.والتلبية الواجبة هي: "لبّيك اللَّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص١٨٢.

٢- شرح إحقاق الحقّ، السيّد المرعشي، ج٢٨، ص٣٩.

٣٧

لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبّيك". وهذه التلبيات الأربع تجسّد الاستجابة العمليّة، وتمام الانقطاع إلى الله.

ضرورة الاستجابة

لقد أكّد الله تعالى على ضرورة الاستجابة الكاملة لتعاليم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك في قوله جلّ وعلا:( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا (١) ، وأن عدم الإستجابة ليست سوى اتباع للهوى، قال تعالى:﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ (٢) .

بركات الاستجابة لله وللرّسول

١- حياة النفوس: قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ (٣) .

٢- غفران الذنوب: قال تعالى:﴿ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ (٤) .

٣- الحسنى والنعيم: قال تعالى:﴿ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى .(٥)

____________________

١- الحشر: ٧.

٢- القصص، ٥٠.

٣- الأنفال، ٢٤.

٤- الأحقاف، ٣١.

٥- الرعد، ١٨.

٣٨

٤- الأجر العظيم: قال تعالى:﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١) .

٥- البصيرة والفهم: قال تعالى:﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ (٢) .

٦- الوعي والرشد: قال تعالى:﴿ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (٣) .

____________________

١- آل عمران، ١٧٢.

٢- الأنعام، ٣٦.

٣- البقرة، ١٨٦.

٣٩

المحاضرة السابعة:

بركات البيت العتيق

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"إِنّ للَه تَباركَ وَتَعَالى حَوْلَ الْكَعْبَةِ مئةً وَعِشْرينَ رَحْمَةً، مِنْها سِتّونَ لِلطّائِفيَنَ، وَأَرْبَعونَ لِلْمُصلِّين،َ وَعِشْرونَ للِنّاظِرين".َ

الهدف:

شرح بركات البيت العتيق الذي يؤمُّه الحجيج لمحاولة التبرّك والانتفاع من البقاء هناك بشكل كامل.

تصدير الموضوع:

قال تعالى:﴿ وَأَذِّن فِي النّاس بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ (١) .

____________________

١- الحجّ، ٢٧-٢٨.

٤٠

محاور الموضوع:

اعلم أيّها الواقف على أعتاب البيت العتيق، أنّك دنوت من البقعة المباركة، والّتي انفرَدَت بميزات ثمانية، هي:

١- مكان لقبول الأعمال: فينبغي تصفية النيّة والوجه الخالص لله تعالى، حيث قال:﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا (١) .

في موضعٍ آخر:﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢) .

٢- مكان للعبادة والطاعة: قال تعالى:﴿ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٣) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِنّ لِلَّهِ تَباركَ وَتَعَالى حَوْلَ الْكَعْبَةِ مئةً وَعِشْرينَ رَحْمَةً، مِنْها سِتّونَ لِلطّائِفيَنَ، وَأَرْبَعونَ لِلْمُصلِّينَ، وَعِشْرونَ للِنّاظِرينَ"(٤) .

٣- مكانٌ مبارك: قال تعالى:﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ (٥) .

عن الإمام الصّادقعليه‌السلام : "إنّ اللهَ اختارَ مِنَ كُلِّ شَيْءٍ شَيْئاً،

____________________

١- البقرة، ١٢٧.

٢- المائدة ٢٧.

٣- البقرة، ١٢٥.

٤- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٢٤٠.

٥- آل عمران، ٩٦-٩٧.

٤١

اختارَ مِنَ الأَرْضِ مَوْضِعَ الْكَعْبَةِ"(١) .

٤- مكان لقيام النّاس: قال تعالى:﴿ جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ (٢) ، سئل أبو عبد الله عن الآية فقال: "جَعَلَها اللهُ لِدينِهِمْ وَمَعايِشِهِمْ"(٣) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لا يزالُ الدّينُ قائِماً ما قامَتِ الْكَعْبَةُ"(٤) .

وعن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : "فَرَضَ اللهُ الإيمانَ تَطْهيراً مِنَ الشّركِ........... والْحَجَّ تَقْوَيِةً للدّينِ"(٥) .

وجاء في خطبة السيّدة الزهراءعليها‌السلام : "..... وَالْحَجَّ تَشْييداً للدّينِ"(٦) .

٥- مكانٌ لكتابة الحسنات ومَحْو السيئات: فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "مَنْ نَظَرَ إِلى الْكَعْبَةِ لَمْ يَزَلْ يُكْتَبُ لَهُ حَسَنَةٌ وَيُمْحَى عَنْهُ سَيِّئَةٌ حَتَّى يَصْرِفَ بِبَصَرِهِ"(٧) .

وعنه أيضاًعليه‌السلام أنّه قال: "هَيْهُنا يُخْسَفُ بِالأَخابِث"(٨) .

٦-مكان لاختبار النّاس: عن الإمام عليِّعليه‌السلام : "ألّا تَرَوْنَ

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٧٧.

٢- المائدة، ٩٧.

٣- الوسائل، ج١١، ص٦٠.

٤- الكافي، ج٤، ص٢٧١.

٥- عيون الحكم والمواعظ، ص٣٦١.

٦- وسائل الشيعة، ج١، ص١٤.

٧- الكافي، ج٤، ص٢٤٠.

٨- الوسائل، ج٩، ص٤٩.

٤٢

اللهَ سُبْحانَهَ اخْتَبَرَ الأَوّلينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ وَالآخِرينَ مِنْ هذا العالَمِ بِأَحْجارٍ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ وَلا تُبْصِرُ وَلا تَسْمَعُ فَجَعَلَها بَيْتَهُ الحرامَ الّذي جَعَلَهُ للنّاسِ قِياماً"(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "هذا البيتُ اسْتَعْبَدَ اللهُ بِهِ خَلْقَهُ لِيَخْتَبِرَ طاعَتَهُمْ في إتيانه، فَحَثَّهُمْ عَلى تَعْظيمِهِ وَزِيارَتِهِ، وَجَعَلَهُ مَحَلّ أَنْبِيائِهِ وَقْبِلَةً لِلْمُصَلّينَ إِلَيْهِ، فَهُوَ شُعْبَةٌ مِنَ رِضْوانِهِ، وَطَريقٌ يُؤَدّي إِلى غُفْرانِهِ......."(٢) .

٧- مكان للرحمة: "....... جَعَلَهُ اللُه سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَوَصْلَةً إِلى جَنَّتِهِ"(٣) .

٨- مكان مثابة وآمان: قال تعالى:﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً (٤) .

وفي آية أخرى:﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا (٥) .

____________________

١- نهج البلاغة، الخطبة القاصعة، ١٩٢.

٢- الكافي، ج٤، ص١٩٨.

٣- موسوعة أحاديث أهل البيت، ج١، ص٤٣٣.

٤- البقرة، ١٢٥.

٥- البقرة، ١٢٦.

٤٣

٤٤

المحاضرة الثامنة:

الطواف في الحجّ

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"وَطُفْ بِقَلْبِكَ مَعَ الْمَلائِكَةِ حَوْلَ الْعَرْشِ، كَطَوافِكَ مَعَ الْمُسْلِمينَ بِنَفْسِكَ حَوْلَ الْبَيْتِ".

الهدف

تعريف الحجيج بأسرار منسك الطواف حول البيت، وثوابه، ومضامين أدعيته، ودلالات صلاة ركعتين بعده.

تصدير الموضوع

قال تعالى:﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (١)

____________________

١- الحجّ ٢٩.

٤٥

محاور الموضوع

طوافك بالبيت الحرام عزيزي الحاجّ، ينبغي أن يكون طوافاً بقلبك، لا بجسدك حول الحضرة الربوبيّة المتمثّلة بالكعبة الشريفة. وأن تبدأ بالذكر، وتختم به، مقرّاً بأنّ الله هو المبدأ والمعاد، والأوّل والآخر، وإليه تُرجع كلّ الأمور.

ثواب الطواف

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "وَطُفْ بِقَلْبِكَ مَعَ الْمَلائِكَةِ حَوْلَ الْعَرْشِ، كَطَوافِكَ مَعَ الْمُسْلِمينَ بِنَفْسِكَ حَوْلَ الْبَيْتِ"(١) .

وعنه سلام الله عليه أيضاً، قوله: "مَنْ طافَ في الْبَيْتِ طَوْفاً واحِداً كَتَبَ اللهُ لَهُ سِتَّةَ آلافٍ حَسَنَةٍ وَمَحا عَنْهُ سِتَّةَ آلافِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ سِتَّةَ آلافِ دَرَجَةٍ"(٢) .

وقفةٌ مع مضامين أدعية الأشواط

لعلّ ما ينبغي على الحاجّ استحضارُه، والتوجُّه إليه، وطلبه من الله تعالى، مستخلصٌ من مضامينِ أدعيةِ الأشواط، والّتي هي كالآتي:

- دعاء الشوط الأوّل: الإقرار بالربوبيّة لله تعالى، فقد ورد في الدّعاء: "اللَّهُمَّ أَسْأَلَكَ باسمِكَ الّذي يُمْشى بِهِ عَلَى طَلَلِ الماءِ

____________________

١- عبدالله شبّر، الأخلاق، ص٧١.

٢- الكافي، ج٤، ص٤١٢.

٤٦

كَما يُمشَى بِهِ على جَدَدِ الأَرضِ، وأسألك باسمك الّذي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الّذي تَهْتَزُّ لَهُ أَقْدامُ مَلائِكَتِكَ..."(١) .

- دعاء الشوط الثاني: الإقرار بالعبوديّة، حين يقول: "اللَّهُمَّ إنّي إِلَيْكَ فَقيرٌ، وَإِنّي خائِفٌ مُسْتَجيرٌ، فَلا تُغَيِّرْ جِسْمي وَلا تُبَدِّلْ اسِمْي، سائِلُكَ فَقيرُكَ مِسْكينُكَ بِبابِكَ..."(٢) .

- دعاء الشوط الثالث: طلب الجنّة والعافية، والرزق الحلال، حيث نقول: "اللَّهُمَّ أَدْخِلْني الجنّة وَأَجِرْني مِنَ النّارِ بِرَحْمَتِكَ، وَعافِني مِنَ السَّقَمِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنَ الرّزْقِ الْحَلالِ..."(٣) .

- دعاء الشوط الرابع: وفيه طلب العافية في الدّنيا والآخرة، حيث تردّد: "... وارْزُقَنا العافِيَةَ، وتَمَامَ العافِيَةِ، وَشُكْرَ العافِيَةِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ"(٤) .

- دعاء الشوط الخامس: حيث الإقرار بالنبوّة والإمامة. "...الْحَمْدُ لِلَّهِ الّذي بَعَثَ مُحَمّداً نَبِيّاً وَجَعَلَ عَلِيّاً إِماماً..."(٥) .

- دعاء الشوط السادس: ستطلب قبول الأعمال وغفران معصية السرّ في دعائك: "اللَّهُمَّ إِنّ عَمَلي ضَعيفٌ فَضاعِفْهُ لي

____________________

١- المقنع، الشيخ الصدوق، ص٢٥٦.

٢- الهداية، الشيخ الصدوق، ص٢٢٦.

٣- التحفة السنيّة، السيّد عبد الله الجزائري، ص١٨٧.

٤- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج١، ص١٩٠.

٥- منتهى المطلب العلّامة الحلّي، ج٢، ص ٦٩٥.

٤٧

وَاغْفِرْ لي ما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنّي وَخَفِيَ عَلَى خَلْقِكَ..."(١) .

- دعاء الشوط السابع: وفيه نختم بطلب الرحمة والمغفرة: "اللَّهُمَّ إنّ عِنْدي أَفْواجاً مِنْ ذُنوبِ وأفواجاً مِنْ خَطايا، وَعِنْدَكَ أَفْواجٌ مِنْ رَحْمَةٍ وَأَفْواجٌ مِنْ مَغْفِرَةٍ..."(٢) .

صلاة الطواف

لعلّ السرّ في الصلاة ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ، والتي أشار إليها القرآن بقوله:﴿ وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى (٣) ، في عدّة أمور:

١- الوفاء لتضحياته العظيمة في تشريع الحجّ: قال تعالى:﴿ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٤)

٢- الإعتقاد بنبوّته وصوابيّة النهج الذي كان عليه: قال تعالى:﴿ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إلّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٥) .

٣- إثبات الترابط بين دعوات الأنبياء: وبالأخصّ مع أبي الأنبياء إبراهيمعليه‌السلام ، وأنّ الرسالات كلّها رسالة واحدة هي رسالة

____________________

١- كتاب الحجّ، السيّد الخوئي، ج٥، ص٤٨٧.

٢- كلمة التقوى، الشيخ محمّد أمين زين الدين، ج٣، ص٣٦٩.

٣- البقرة، ١٢٥.

٤- إبراهيم، ٣٧.

٥- البقرة، ١٣٠.

٤٨

الإسلام. قال تعالى:﴿ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النّاس (١) .

٤- جهاده ضد المشركين وتحطيمه للأصنام: قال تعالى:﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إلّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٢) .

____________________

١- الحجّ، ٧٨.

٢- الأنبياء، ٥٧ - ٥٨.

٤٩

المحاضرة التاسعة:

الصفا والمروة

عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام :

"وهرول هرولةَ من هواك وتبرِّيَاً من حولك وقوّتك".

الهدف:

بيان البعد الروحيّ لحركة السعي بين الصفا والمروة، وعلّة تشريع هذا المنسك، والنيّة التي ينبغي أن يعقدها الحاجّ.

تصدير الموضوع:

قال تعالى:﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (١) .

____________________

١- البقرة، ١٥٨.

٥٠

محاور الموضوع:

السعي بين الصفا والمروة في فناء البيت، يضاهي تردّد العبد بفناء الدار جائياً وذاهباً، إظهاراً للخلوص في الخدمة، ورجاءً للملاحظة بعين الرحمة، وليتذكّر في تردّده التردّد بين الكّفتين، ناظراً إلى الرجحان والنقصان، مردَّداً بين العذاب والغفران(١) .

علّة تشريع السعي

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "جُعِلَ السّعْيُ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مَذَلَّةً لِلْجَبَّارينَ"(٢) . فالمراد من هرولة الحاجّ بين الصفا والمروة أن يقتل في نفسه الكِبَرَ والتّجَبُّرَ والغرور، وسواها من الأخلاق الذميمة التي تحول بينه وبين القرب من الله عزّ وجلّ.

وعنهعليه‌السلام : "الجبّارونَ أَبْعَدُ النّاس عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ"(٣) .

أجر السعي بين الصفا والمروة

عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: "قالَ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ: إِذا سَعَيْتَ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوةَ كانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ أَجرُ مَنْ حَجَّ ماشِياً مِنْ بِلادِهِ، وَمِثْلَ أَجْرِ مَن أعَتَقَ سَبْعينَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ"(٤) .

____________________

١- جامع السعادات، ج٣، ص٣٩٢.

٢- الوسائل، ج٩، ص٥٥.

٣- ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص٢٢٢.

٤- الوسائل، ج١٣، ص٤٧١، باب١، ح١٥.

٥١

نيّة السعي (بين الخوف والرجاء)

فقد ورد في رواية الشلبيّ: ثمّ قالعليه‌السلام له: "أَسَعَيْتَ بَيْنَ الصّفا وَالْمَرْوَةَ، وَمَشَيْتَ وَتَرَدَّدْتَ بَيْنَهُما؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ لَهُ: نَوَيْتَ أَنَّكَ بَيْنَ الرّجاءِ وَالْخَوْفِ؟ قالَ: لا، قالَ: فَما سَعَيْتَ، وَلا مَشَيْتَ، وَلا تَرَدَّدْتَ بَيْنَ الصّفا وَالْمَرْوَةِ!"(١) .

فإشعار الحاجّ قلبه هاتين النيّتين، أي نيّة الخوف ونيّة الرجاء، بحيث لا يَقْنَطُ من رحمة الله، ولا يستهين بعقابه من الأمور، التي ينبغي أن تبقى ملازمةً للإنسان المتديّن، لا سيّما للحاجّ أثناء أدائه لفريضة الحجّ.

وعن الحسين بن أبي سارة قال: سمعت أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام يقول: "لا يكونُ العَبدُ مُؤمِناً حَتَّى يَكونَ خائِفاً راجِياً، وَلاَ يكونَ خَائِفاً راجِياً حَتَّى يَكونَ عامِلاً لِما يُحِبُّ وَيَرْجو"(٢) . فملاك الخوف من الله أن يحذر الإنسان المعصية ويجتنبها، كما أن ملاك الرجاء أن يعمل لما يحبّ، ويرجو من الله.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "أُرْجُ اللهَ رَجاءً لا يُجَرِّئُكَ عَلى مَعْصِيَتِهِ، وَخَفِ اللهَ خَوْفاً لا يُؤْيِسْكَ مِنْ رَحْمَتِهِ"(٣) .

وَعَنْهَعليه‌السلام في روايةٍ يؤكِّد فيها أنّ المؤمن يسير مُتوازِناً بين

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٢٦٢.

٢- ميزان الحكمة، ج١- ص٨٢٧.

٣- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص٦٥.

٥٢

الخوف والرجاء، قال: "كانَ أبي يقولُ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إلّا وَفي قَلْبِهِ نورانِ، نورُ خيفةٍ ونورُ رَجاءٍ، لَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلَى هذا، وَلَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلى هذا"(١) .

____________________

١- مشكاة الأنوار، الطبرسي، ص٢١٥.

٥٣

المحاضرة العاشرة:

الوقوف بعرفة

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"واعترف بالخطايا بعرفات، وجدّد عهدَكَ عندَ الله بوحدانِيّته".

الهدف:

بيان سرّ الوقوف بعرفة، وفضائل هذا اليوم، وبعض المستحبّات التي ينبغي على الحاجّ القيام بها.

تصديرالموضوع:

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "الحَجُّ عَرَفَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ"(١) .

____________________

١- تذكرة الفقهاء، العلّامة الحلّي، ج٨، ص١٧١.

٥٤

محاور الموضوع:

إنّ سرَّ الوقوف بعرفة، يكمن في أنّ الحاجّ عندما يرى اجتماع الخلق على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وطوائفهم وسعيهم، أن يذكر ازدحام الخلق يوم القيامة، فيخلص النيّة، ويبتهل الى الله بقلب خاشع، ونفس خاضعة لله تعالى.

فضائل يوم عرفة:

ليوم عرفة فضائل عديدة، نذكر أهمّها:

١- يوم للإقرار بالذنوب: فإنّ الإقرار بالذنب يستبطن العبوديّة لله، والاعتراف بالتقصير، والخروج عن الصراط المستقيم. فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "لا واللهِ ما أرادَ اللهُ مِنَ العبدِ إلّا خُصْلَتَيْنِ: أَنْ يُقِرُّوا بِالنِّعَمِ فَيِزيدَهُمْ، وَبِالذُّنوبِ فَيَغْفُرها لَهُمْ"(١) .

وعنهعليه‌السلام : "واللهِ ما يَنْجو مِنَ الذّنْبِ إلّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ"(٢) .

٢- يوم للتوبة والاستغفار: ورد في الروايات، أنّ وجه تسمية صحراء عرفات بهذا الاسم، يعود إلى أنّ آدم اعترف فيها بذنبه، وتاب إلى ربّه، واستغفره فتاب عليه(٣) .

٣- عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إنّ الله - عزّ وجلّ - يفرحُ بتوبةِ

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص ٤٢٦.

٢- شرح أصول الكافي،المازندراني، ج١٠، ص١٥٧.

٣- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص٢٤٩.

٥٥

عبدِهِ المؤمنِ إِذا تابَ كَما يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِضالَّتِهِ إِذا وَجَدَها"(١) .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "التَائِبُ مِنَ الذّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ"(٢) .

٤- يوم مشهود: عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى:﴿ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النّاس وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (٣) ، قالعليه‌السلام : "المشهودُ يومُ عرفةَ والمجموعُ لهُ النّاس يومَ القيامةِ"(٤) .

٥- يوم لاستجابة الدعاء: عن الإمام الرّضاعليه‌السلام : قال: "كان أبو جعفرٍعليه‌السلام يقولُ: ما مِنْ برٍّ وَلا فاجِرٍ يَقِفُ بِجِبالِ عَرَفاتُ فَيَدْعو اللهَ إلّا اسْتَجابَ اللهُ لَهُ، أَمّا البرُّ فَفِي حَوائِجِ الدّنْيا وَالآخِرَةِ، وَأَمّا الفاجِرُ فَفي أَمْرِ الدُّنْيا"(٥) .

٦- يومٌ للغفران: "عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عندما سُئِلَ أيُّ أَهلِ عرفاتَ أعظمُ جُرْماً؟، قال: الـمُنْصَرِفُ من عرفاتَ وَهَوَ يَظُنُّ أَنَّ اللهَ لَمْ يْغَفْرَ لَهُ"(٦) .

٧- يوم لتعميم الفضل: روي أنّ الإمام عليَّ بن الحسينعليه‌السلام سمع في يوم عرفة سائلاً يسأل النّاس، فقال له: "وَيْحَكَ أَغَيْرُ اللهِ تَسْأَلُ في هذا الْيَوْمِ، إِنَّه لَيُرْجى ما في بُطونِ الحَبالَى في هذا الْيَوْمِ أَنْ يَكونَ سَعيداً"(٧) .

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٣٦.

٢- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٣٥.

٣- هود ١٠٣.

٤- الوسائل، ج١٠، ص٢٣.

٥- مستدرك الوسائل، ج١٠، ص٦٤، ح٦.

٦- وسائل الشيعة، ج١٣، ص٥٤٧، باب١٨،إحرام الحجّ، ح٢.

٧- جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج١٩، ص٦٠.

٥٦

عن الإمام عليّعليه‌السلام : "إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: العُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفّارَةُ ما بَيْنَهُما، والحجَّةُ الـمُتَقَبَّلَةُ ثَوَابُها الجنّة، وَمِنَ الذُّنوبِ ذُنوبٌ لا تُغْفَرُ إلّا بِعَرفاتَ"(١) .

٨- يومُ عيد: ورد في مفاتيح الجنان: "وهو عيد من الأعياد العظيمة، وإن لم يسمّى عيداً، وهو يومٌ دعا الله فيه عباده إلى طاعته وعبادته، وبسط لهم موائدَ إحسانه وجوده، والشيطانُ فيه ذليلٌ حقيرٌ طريدٌ غضبان أكثرُ من أيِّ وقتٍ سواه".

مستحبّات الوقوف بعرفة

١- الطهارة طيلة الوقت.

٢- الغسل عند الزوال.

٣- التفرّغ للدعاء والإبتهال.

٤- الجمع بين صلاتي الظهرين بأذانين وإقامتين.

٥- الدعاء بالمأثور خاصّةً دعاء الإمام الحسينعليه‌السلام يوم عرفة.

٦- الصوم.

٧- أن يصلّي ركعتين بعد فريضة العصر وقبل أن يبدأ بأدعية يوم عرفة.

____________________

١- دعائم الإسلام، القاضي المغربي، ج١، ص٢٩٤.

٥٧

المحاضرة الحادية عشرة:

ذكر الله

قال تعالى:

﴿ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ

الهدف

التركيز على استحباب الذكر أثناء القيام بكافّة المناسك، وثوابه لا سيّما في منى والمشعر الحرام.

تصدير الموضوع

قال تعالى:﴿ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ (١) .

____________________

١- البقرة، ١٩٨.

٥٨

محاور الموضوع

الذكر

الذكر إحدى أهمّ وسائل الإرتباط بالله تعالى، وقد أكدّت الروايات أنّه لذّة المحبيّن وشيمة المتّقين، وسجيّة كلّ محسن، ومسرّة كلّ متّقً، ولذلك ينبغي إيلاؤه اهتماماً خاصّاً، والإكثار منه. قال تعالى:﴿ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا (١) .

حقيقة الذكر

ورد عن الإمام عليّعليه‌السلام : "وَاذْكُرْهُ ذِكَراًكامِلاً يُوافِقُ فيه قَلْبُكَ لِسانَكَ، وَيُطابِقُ إِضْمارُكَ إْعِلانَكَ، وَلَنْ تَذْكَرَهُ حَقيقَةَ الذِّكْرِ حَتَّى تَنْسَى نَفْسَكَ في ذِكْرِكَ وَتَفْقِدَها في أَمْرِكَ"(٢) .

بركات الذكر

١- محبّة الله: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللهِ أَحَبّهُ".

٢ - السعادة في الحياة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "اذكرُوا اللهَ ذِكْراً خالِصاً تَحْيوُا بِهِ أفضلَ الحياةِ وَتَسْلُكُوا بِهِ طُرُقَ النَّجاةِ".

٣- طُمَأنينة النفس: قال تعالى:﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٣) .

هذه الطمأنينة التي تؤدّي إلى الفوز بالجنّة: قال تعالى:﴿ يَا

____________________

١- الأحزاب: ٤١.

٢- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٣.

٣- الرعد، ٢٨.

٥٩

أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي (١) .

موانع ذكر الله

١- الأموال والأولاد: قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٢) .

٢- الشيطان: قال تعالى:﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (٣) .

٣ - عدم غضّ البصر: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "لَيْسَ في الجَوارِحِ أَقَلُّ شُكْراً مِنَ العَيْنِ فَلا تُعْطوها سُؤْلَها فَتَشَغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللِهِ"(٤) .

٤ - اتّباع الشهوة: عن الإمام عليٍّعليه‌السلام : "لَيْسَ في المعاصي أَشَدُّ مِنَ اتِّباعِ الشَّهْوَةِ فَلا تَطيعوها فَتَشْغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ"(٥) .

٥ - التحدّث عن النّاس: عن الإمام عليعليه‌السلام : "مَنِ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ النّاس قَطَعَهُ اللهُ سُبْحانَهُ عَنْ ذِكْرِهِ"(٦) .

____________________

١- الفجر: ٢٧.

٢- المنافقون: ٩.

٣- المائدة:٩١.

٤- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٥- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج١١، ص٣٤٧.

٦- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135