المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) الجزء ١

المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)18%

المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 220

الـمُنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 220 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37665 / تحميل: 5449
الحجم الحجم الحجم
المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري)

المنتخب للطريحي المنتخب في جمع المراثي والخطب المشتهر بـ (الفخري) الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ولعن الله أمّة قتلتکم ف ولعن الله الممهدين لهم

بالتمکين من قتالکم

الظاهر من القاتل من باشر القتل، ويمکن ان يندرج فيه مطلق من يسعی فيه بل مطلق من يرضي به کما في بعض الاخبار.

والممهد علی بنائ الفاعل المهيئ للاسباب والمسهل للامور في کل باب واصله من المهد وهو موضوع يهيا للصبي ويوطا(١) ، والتمکين اعطاء المکنة والتمکين من الفعل وعدم المنع منه بل المساعدة عليه، والمراد بهم هنا رؤساء الجور الذين نصبوا العداوة لاهل بيت وحرضوا اتباعهم علی قتالهم وهيئوا لهم اسباب قتلهم ببذل الاموال واعداد الرجال والحث علی القتال، ويحتمل ان يراد بهم الاتباع والراعية فانه لولا اجتماعهم علی متابعة هؤلاء الطواغيت الفجرة الکفرة وملازمتهم لانقياد اوامرهم لمل حصلت لهم هذه المکنة والسلطنة والقدرة علی مقاتله آل الله المعصومين المخصوصين برسول الله، وفي حديث الخيط وجابر عن الباقر عليه السلام قال : (يا جابر ما ظنک بقوم اماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا ووالوا اعدئنا وانتهکوا حرمتنا وظلمونا حقنا وغصبونا ارثنا واعانوا الظالمين علينا واحيوا سنتهم وساروا بسيرة الفاسقين الکافرين في فساد الدين واطفاء نور الحق)(٢) .

__________________

١ ـ راجع المصباح امنير للفيومي ص ٥٨٢.

٢ ـ هذا مقطع من حديث الخيط الذي رواه جابر بن عبدالله الانصاري واخرجه الطبري في نوادر المعجزات ص١٣٥، ح١٢، وفي مدينة المعاجز ج٤، ص٤٣٢، ح١٥٧، والمجلسي في البحار ج٢٦، ص ١٢، والبرسي في مشارق انوار اليقين ص ٨٩، واليک ملخصه :

٦١

برئت إلى الله وإليکم منهم، وأشياعهم وأتباعهم وأوليائهم

للايمان جناحان : موالاة أهل بيت النبوة ومعاداة اعدائهم وهي المعتبر عنها بالبراءة، فکما لا يکون ايمان بدون الولاية کذلک لايکون بدون البراءة(١) .

ويحتمل ان يراد بها مطلق الخلو عن محبة اعدائهم فان مع محبتهم لا يتم الولاية کما قال : (صديق عدوي داخل في عداوتي)(٢) .

وفي التنزيل : (ومن يتولهم منکم فانه منهم)(٣) ، وفي حديث المختار : (والذي بعث محمّداً بالحق لو ان جبرئيل وميکائيل کان في قلبهما شيء ـ أي من محبة الشيخين ـ لاکبهما الله في النار علی وجوههما)(٤) ، ومن في منهم

__________________ ـ

(ان بنب مروان لما کثر استقصاهم بشيعة علي بن الحسين عليهم السلام شکو اليه حالهم فدعا الباقرعليه السلام واخرج اليهم حقا فيه خيط اصفر وامره ان يحر تحريکا لطيفا فصعد السطح وحرکه، واذا بالارض ترجف وبيوت المدينة تساقطت حتی هوی من المدينة ستمائه دار، واقبل الناس هاربين اليه يقولون : اجرنا يابن رسول الله، اجرنا يا ولي الله، فقال : هذا دابنا ودابهم يستنقصون بنا ونحن نفنيهم ...).

١ ـ قال السيد عبدالله شبر في شرح الزيارة الجامعة ص ١٥٢، ط : مکتبة الامين : (... ان الايمان بهم عليهم السلام لا يتم الامع الکفر بعدوهم والبراءة منه، وان حبهم لا يجتمع مع حب اعدائهم، فان المحب من يحب اولياء المحبوب ويبغض اعدائه، وقد اشار الله تعالی إلى ذلك بقوله : (فمن يکفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسک بالعروة الوثقي).

٢ ـ اشارة إلى حديث الامام علي عليه السلام المروي في نهج البلاغة، قال : (اعداؤک ثلاثة : عدوک، وعدو صديقک، وصديق عدوک).

٣ ـ سورة المائدة : اية (٥١).

٤ ـ راجع السرائر لابن ادريس ج٣، ص ٥٦٧، والبحار ج٤٥، ص ٣٣٩، ح٥، والعوالم ص ٦٥٣، ح١٢.

٦٢

للمجاوزة کما في قوله تعالی : (فويل للقاسية قلوبهم من ذکر الله)(١) أي البراء من محبتهم مجاوزا عنهم إلى محبة الله ومحبتکم فتامل، ومن في قوله تعالی : (براءة من الله ورسوله)(٢) لابتداء الغاية أي هذه الايات براءة صدرت من الله تعالی. والاشياع : جمع الشيعة(٣) .

قال في (ق)(٤) : وشيعة الرجل بالکسر اتباعه وانصاره والفرقة علی حده وتقع علی الواحد والاثنين والجمع والمذکر والمؤنث إلى أنْ قال : والجمع اشياع وشيع کعنب، فاشياعهم واتباعهم مرادفان، ويمکن تخصيص الاول بالخواص والمتابعين لهم حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، کما ان اشياع أهل البيت واتباعهم واوليائهم اولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون(٥) .

وکيف کان فالمؤمن هو المؤمن بمقام آل الرسول المحب لهم بالسر والعلانية ومن کان کذلک فهو لا محالة محب من خالفکم، موال لکم ولاوليائکم، مبغض لاعدائکم)(٦) .

__________________

١ ـ سورة الزمر : اية (٢٢).

٢ ـ سورة برائة : اية(١) .

٣ ـ لسان العرب لابن منظور ج٧، ص ٢٥٨، وکذلک مختار الصحاح ص ٣٥٣.

٤ ـ قاموس المحيط للفيروز ابادي.

٥ ـ هذه شارة إلى الاية الکريمة في سورة يونس اية (٦٢) : (الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

روی علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ج٢، ص ٥١، عن الامام الباقر عليه السلام قال : (رسول الله صلی الله عليه وآله علي عليه السلام وشيعته علی کثبان من المسک الاذفر علی منابر من نور، يحزن الناس ولا يحزنون، ويفزع الناس ولا يفزعون).

٦ ـ هذا مقطع من زيارة الجامعة المروية عن الامام الهادي عليه السلام.

٦٣

يا اباعبد الله، انّي سلمٌ لمن سالمکم، وحربٌ لمن حاربکم إلى

يوم القيامة

خص النداء بالحسين عليه السلام وعمم الخطاب لسائر أهل البيت لکونه سيد الشهداء والمظلومين مع احتمال الاختصاص في الخطاب أيضا تعضيما وتفخيما لشانه کما في قوله تعالی : (وانا له لحافظون)(١) وقوله تعالی : (يا ايها الذين امنو کلوا من طيبات ما رزقناکم)(٢) فان عادة العرب خطاب الواحد بالجمع لذلک. والسلم بالکسر المسالم المصالح الراضي بالحکم(٣) ، کما ان الحرب هو المحارب الذي لا يرضي بالحکم، وإلی هذا المعنی يرجع يرجع سائر المعاني کالمحبة والولاية والانقياد.

وکيف کان فهذا أيضا من الشرائط الايمان کما قال : (يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم کافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لکم عدو مبين)(٤) روی أبو بصير عن الصادق عليه السلام انه قال له : اتدري ما السلم؟ قال : لا اعلم، قال : ولاية علي والائمة الاوصياء من بعده، قال : وخطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان(٥) .

__________________

١ ـ سورة الحجر : اية(٩) .

٢ ـ سورة البقرة : الاية (١٧٢). في الخطية والمطبوعةما ذکر الاية بدقة وانما قال : (يا ايها الرسل کلوا ...).

٣ ـ اشار إلى هذا المعنی أحمد بن فارس بن زکريا في کتابه اللغوي، معجم مقاييس اللغة.

٤ ـ سورة البقرة : اية (٢٠٨).

٥ ـ راجع تفسير علي بن إبراهيم القمي ج١، ص ٧٩، ط : الاعلمي.

٦٤

وفي کثير من الأخبار ان النبي صلی الله عليه وآله قال للحسين وابيه واخيه : (اني سلم لمن سالمکم وحرب لمن حاربکم)(١) .

قوله : إلى يوم القيامة أي أبدا دائما، فالغاية داخلة في حکم المغيا فالمسالمة مع المسالم، والمحاربة مع المحارب مستمرتان إلى آخر زمن [مع](٢) الامکان، هذا لو فسّرنا اللفظين بما يؤول إلى المحبة والعدوة، والا فلا سلم ولا حرب يوم القيامة.

__________________

١ ـ روی الحافظ رجب البرسي في مشارق انوار اليقين في اسرار أمير المؤمنين ص ٣١ وص ٥٣، ط : الاعلمي عن النبي صلی الله عليه وآله : (ياعلي حربک حربي وحرب علي حرب الله).

وروی الترمذي في ج٥، ص ٣٦٠ ط : بيروت دار الفکر، قال الرسول صلی الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين : (انا حرب لمن حاربتم).

وايضا رواه الشيخ المفيد في الامالي ص ٢١٣.

٢ ـ بين المعقوفتين في النسخة الخطية غير موجود.

٦٥

ولعن الله آل زياد وآل مروان، ولعن الله بني أميّة قاطبة ،

ولعن الله ابن مرجانة، ولعن الله عمر بن سعدا، ولعن الله شمرا

انما استحقوا اللعن فهو البعد عن رحمة الله الواسعة والطرد(١) عن ساحة القرب لظلمهم آل محمّد الذين هم أبواب الرحمة(٢) ، وبعدهم عن مقام محبتهم عليهم السّلام الموجبة للقرب وابتلائهم بعداوتهم الداعية إلى صورته الجحيم والعذاب الدائم کما ان القرب صورته الجنة والثواب الدائم، وبعبارة اخری محبة آل محمّد حقيقتها النور وعداوتهم الظلمة المستلزمة للبعد عن مقام حقيقتهم التي هي صرف النور ونور النور، کما ان حقيقة اعدائهم ظلمات بعضها فوق بعض لا يشوبها نور.

وفي اضافة الاول إلى زياد، ومروان اشارة إلى کونهما المنشا لطغيانهم وظلمهم، والمربين لهم في ذلك کما قيل :

__________________

١ ـ قال الرازي في الصحاح : الاعن : هو الطرد والبعاد من الخير.

٢ ـ بل هم عليهم السلام أبواب الايمان أي لا يعرف الايمان الا منهم ولا يحصل بدون ولايتهم، بل هم امناء الرحمن، بل هم اولياء النعم الظاهرة والباطنة والدنيوية والخروية فان بهم تنزل البرکات وتمطر السماوات، وروی الاصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : (ما بال اقوام غيروا سنة رسول الله صلی الله عليه وآله وعدلوا عن وصيته لا يتخوفون ان ينزل بهم العذاب ثم تلا هذه الاية (الم تری إلى الذين بدلوا نعمة الله کفرا واحلوا قومهم دار البوار * جهنم) ثم قال : نحن النعمة التي انعم الله بها علی العباد وبنا يفوز من فاز). (راجع اصول الکافي ج ١، کتاب الحجة ح ١).

وعن أبي يوسف البزاز قال : هي اعظم نعم الله علی خلقه وهي ولايتنا) نفس المصدر ح٣.

٦٦

اذا کان رب الدار بادف مولعا(١)

فعادة أهل البيت کلهم رقص)

فهما(٢) داخلان في حکم اللعن بهذا اللفظ ايضا، کما ان فرعون داخل في حکم آل فرعون بلفظه، قوله قاطبة أي جميعا والاضافة للعهد فلا يردان منکم من کان متشبثا بولاية آل محمد صلی الله عليه وآله ومستحقا للرحمة قططعا علی ان المراد ببني امية يحتمل ان يکون کل من عادي أهل البيت وان لم ينتموا اليهم بحسب النسب الظاهري.

(وابن مرجانة) هو ابد زياد(٣) اللعين وتخصيصه بالذکر مع دخوله في العموم المتقدم(٤) لاکثيرية ظلمه وطغيانه کما لا يخفی علی من تتبع في وقائعه من معاداته لاهل بيت الرسول وحثه علی قتل الحسين واصحابه وبعثه عمر بن سعد(٥) ، وشمرا واشباههما إلى کربلاء لذلک، وهکته عترة الرسول في مجلسه بمکالمات فضيحة ومقالات قبيحة(٦) لعنه الله لعنا وبيلا أبدا دائما، ويعرف

__________________

١ ـ في بعض المصادر (راقصا).

٢ ـ (زياد ومروان).

٣ ـ هو عبيد الله بن زياد، ولده في البصرة سنة (٣١هـ). (راجع البيان والتبيان للجاحظ ج٢، ص١٣٠).

٤ ـ وهو (ال زياد).

٥ ـ ومن افعاله حاول ابن زياد اغراء عمر بن سعد لقيادة الجيش ضد الامام الحسين عليه السلام حيث وعده بملک الري، وامر بتوزيع الرواتب علی الجيوش التي خرجت لحرب الامام الحسين عليه السلام، وقتل ابن زياد مسلم بن عقيل وسبی نساء الحسين وفعل ما فعل ...) وللتفصيل راجع (الارشاد، واللهوف لابن طاووس، والخصائص الحسينية للشوشتري، ومقتل الحسين للمقرم).

٦ ـ ومن اقواله القبحية التي خاطب بها السيدة زينب عليها السلام :

٦٧

بالدعي فان أباه زياد بن سمية کانت امه سمية مشهورة بالزناء(١) ، وولد علی فراش أبي عبيد عبد بني علاج من ثقيف(٢) ، فادعی معاوية ان أبا سفيان زنا بام زياد فاولدها زيادا(٣) وانه اخوه فصار اسمه الدعی، وکانت تسمية زياد

__________________ ـ ـ ـ ـ

الحمى الله الذي فضحکم واکذب احدوثتکم!

فقالت زينب عليها السلام لابن زياد : إنّما يفتضح الفاسق ويکذب الفاجر وهوغيرنا.

وبعد الکلام قال لها ابن زياد : (لفد شفي الله قلبي من طاغيتک الحسين والعصاة المردة من أهل بيتک)!

(وللتفصيل راجع اللهوف ص ٢٠٠).

١ ـ ذکر ابن الاثير في الکامل ج٣، ص ٣٠٠، ط ١٩٧٨ بيروت : (ان سمية ام زياد کانت لدهقان زندورد بکسکر فمرض الدهقان فدعا الحارث بن کلدة الطبيب الثقفي فعالجه فبرئ فوهبه سمية فولدت عند الحارث ابابکرة واسمعه نفيع فلم يقر به ثم ولدت نافعا فلم يقر به ايضا، فلما نزل أبو بکرة إلى النبي صلی الله عليه وآله حين حضر الطائف قال الحارث لنافع : أنت ولدي وکان قد زوج سمية من غلام له اسمه عبيد وهو رومي فولدت له زيادا).

وقال المسعودي في مروج الذهب ج٣، ص٦ : (وکانت سمية من ذوات الرايات بالطائف وکانت تنزله= في محلة يقال لها حارة البغايا).

٢ ـ (قيل : اسمه عبيد الرومي).

٣ ـ وايضا قال ابن الاثير في نفس المصدر السابق : (کان أبو سفيان بن حرب سار في الجاهلية إلى الطاائف فنزل علی خمار يقال له أبو مريم السلولي فقال أبو سفيان لاي ميم : قد اشتهيت النساء فالتمس لي بغيا، قال له : هل لك في سمية؟ فقال : هاتها علی طول ثديها وذفر بطنها. فاتاه بها فوقع عليها فعلقت بزياد ثم وضعته، وهي کانت في ذمة زوجها الرومي، واراد معاوية بن أبي سفيان استلحاق زياد بأبي سفيان حيث اقام الشهود علی انه من أبي سفيان، وشهد أبو مريم السلولي علی انه شهد أبا سفيان وهو يتغشی سمية أيام الجاهلية).

٦٨

ابن ابيه، لانه ليس له اب معروف(١) .

قال صاحب کتاب الزام النواصب(٢) قال : وامّا عمر بن سعد فقد نسبوا أباه سعدا إلى غير ابيه، وانه رجل من بني عذرة وکان خدنا لامه(٣) ، ويشهد بذلك قول معاوية حين قال سعد له : انا احق بهذا الامر منک، فقال معاوية له : يابي عليك بنو عذرة وضرط له(٤) .

__________________

(وللزيادة راجع مروج الذهب ج٣، ص ٧، وکتاب الفرقة الناجية لسلطان الواعظين، ترجمة الاخ الفراتي).

١ ـ والبعض يسمونه ابن سمية، والبعض ابن عبيد، والبعض ابن ابيه.

٢ ـ الزام النواصب بامامة علي بن أبي طالب عليه السلام من المؤلفات المنسوبة إلى الشيخ مفلح بن الحسين بن راشد بن صلاح البحراني من اعلام القرن التاسع الهجري. وهذا الکتاب من مصادر بحار الانوار.

٣ ـ صاحبا لامه. لاحظ معجم مقاييس اللغة.

٤ ـ الزام النواصب ص ١٧١ وص ١٧٢، ط ١٤٢٠ تحقيق الشيخ عبدالرضا النجفي.

٦٩

ولعن الله أمّة أسرجت وألجمت وتنقّبت(١) وتهيات لقتالك

السرج(٢) واللجام(٣) معروفان واسرجت والجمت أي جعلوا السرج واللجام علی خيولهم ومراکبهم، والنقاب(٤) أيضا معروف هو الذي يبدو منه محجر العين، ومن عادة العرب التنقب أي اخذ النقاب عند المحاربات، وتهيات أي استعدت باعداد اسلحة الحرب ف والظاهر ان المراد بهم الاتباع من الجيوش والعساکر فانهم مستحقون اللعن کالرؤساء المشار اليهم(٥) ، ويحتمل التعميم للمبالغة، والتوفير في اللعن.

__________________

١ ـ في کامل الزيارات (تنقبت) غير موجودة.

٢ ـ قال الفيومي في المصباح ص ٢٧٢ : (سرج الدابة ف وتصغيره سريج، وجمعه (سروج) مثل فلس وفلوس، واسرجت والفرس بالالف شددت عليه سرجه أو عملت له سرجا).

٣ ـ قال الفيومي في المصباح ص ٥٤٩ : (اللجام للفرس قيل عربي وقيل معرب والجمع (لجم) مثل کتاب وکتب، وتلجمت المراة شدت اللجام في وسطها والجمت والفرس الجاما جعلت اللجام في فيه).

٤ ـ قال الثعالبي في فقه اللغة : (اذا دنت المراة نقابها إلى عينيها، فتلک : الوصوصة فاذا انزلته دون ذلك إلى الحجر، فهو النقاب).

٥ ـ في قوله : (لعن الله آل زياد وآل مروان وابن مرجانة وعمر بن سعد، وشمرا).

٧٠

(١) بأبي أنت وأمّي لقد عظم مصابي بك

هذا الترکيب مشتمل علی خبر مقدم ومبتدا مؤخر(٢) ، والباء للتفدية والمتعلق مفدي المحذوف، أو المستفاد من الحرف علی ما قيل، ولکن الظاهر ان الباء للتعدية کما يقال فديتک بنفسي حيث عدي إلى المفعول الاخر بالباء، فالفعل متعد إلى أحد المفعولين بالنفس وإلی النفس بالحرف، ومن هنا ربما يقال: إنّ هذا الترکيب في الاصل جملة فعلية أي (افديتک)(٣) بأبي وأمّي يعني اجعلهما فداء لك ووقاية لنفسک، فجعلت اسمية قصدا إلى الدوام والاستمرار کما في (الحمدالله)، فانت نائب عن الضمير المنصوب فالمراد بالمفدي المفدي له لانفس الفداء، ولا يلزم في الفداء ان يکون المفدي له أفضل منه کما في قوله : (وفديناه بذبح عظيم)(٤) حيث فسر الذبح العظيم بالحسين عليه السلام(٥) أي جعلنا قتله عليه السلام عوضا عن قتل إسماعيل عليه السلام، فلا يرد اشکال علی قوله عليه السلام في زيارة سائر الشهداء بأبي انتم وامي، علی ان هذا الترکيب کثير ما يستعمل في حق من يراد تعظيمه، واحترامه مطلقا من باب الکناية من غير ملاحظة معناه الوضعي کما في کثير الرماد(٦) وطويل النجاد(٧) .

__________________

١ ـ في زيارة عاشوراء المروية في کتاب کامل الزيارات لابن قولويه فيه قبل هذه الفقرة کلمة وهي (يا اباعبدالله).

٢ ـ المبتدا المؤخر هو (انت)، والخبر المقدم هو (بابي) يعني هکذا تکون (انت بأبي ...).

٣ ـ في النسخة الخطية (افديک) بدل افديتک.

٤ ـ سورة الصافات : اية (١٠٧).

٥ ـ راجع عيون اخبار الرضا عليه السلام باب ١٧، ص ٢٠٩، وراجع کتاب حول البکاء علی الامام الحسين عليه السلام للشيخ محمد علي دانيشار.

٦ ـ کثير الرماد : کناية عن کثرة الکرم والوجود.

٧ ـ طويل النجاد : کناية عن الشجاعة، کما قالت الخنساء في رثاء اخيها صخر :

٧١

وقد روي ان النبي صلی الله عليه وآله تکلم بهذه المقالة لبعض اصحابه في بعض غزاوة، هذا مع احتمال التعليم لشيعة في الزيارة، أو ارادة ان اولياء الحق يتحملون البلايا والزرايا لوقاية اشياعهم عن المکاره في الدنيا والاخرة. کما ورد في بعض الکلمات ان الحسين عليه السلام صار فداء للامة أي لتخليصهم عن النار بالشفاعة التي هي اجر الشهادة وتقديم الاب علی الام من باب تقديم الاعز الاشرف في مقام البذل کما في حديث علي عليه السلام في انفاقه الذهب قبل التبن(١) . وفي الفصل بين المعطوف عليه(٢) بالفدي له اشارة إلى کمال الاهتمام به، وعدم الغفلة عنه، هذا مع المحب وان لم تعظم في نفسها فکيف إذا عظمت في نفسها مثل مصيبة الحسين عليه السلام التي يصغر دونها جميع المصائب، ولذا ورد ان مصيبة اعظم المصائب، کيف وقد بکت فيها السماوات السبع وعامروها والارضون السبع وساکنوها وارتج لها العرش وضجت الحافون حوله(٣) .

__________________ ـ

(طويل النجاد رفيع العماد

کثير الرماد إذا ما شتا)

١ ـ تاريخ دمشق ج٤٢، ص ٤١٤، جواهر المطالب ج ١، ص ٢٩٧. وهذه شهادة من خصمه معاوية بن أبي سفيان الذي قال : «لو ملک علي بيتا من تبر وبيتا من تبن لانفد تبره قبل تبنه» راجع صوت العدالة الانساية لجورج جرداق ج١ ص ٩٣.

٢ ـ فصل بين المعطوف عليه وهو (ابي) والمعطوف وهو (امي) بالضمير (انت).

٣ ـ راجع کامل الزيارات لابن قولويه القمي ص ٨٨، ط : النجف ١٣٥٦.

وروی ابن قولويه في نفس المصدر عن أبي عبدالله عليه السلام قال : (ان الحسين عليه السلام بکت لقتله السماء والارض واحمرتا ولم تبکيا علی أحد قط الاعلی يحيی بن زکريا والحسين بن علي عليهم السلام).

وايضا روی معنعنا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال الراوي : (نحن کنا جلوس عند امير

٧٢

فاسئل الله الذي اکرم مقامك، واکرمني بك أن يرزقتي طلب

ثارك مع امام منصور من أهل(١)

بيت محمّد صلّی الله عليه وآله

الاکرام : الاعظام والاعزاز(٢) ، اکرم مقامک أي بالشهادة الکلية واکرمني بك أي بمعرفتك ومحبتك وتصديقك، ان يرزقني أي في زمان الرجعة التي هي من ضروريات مذهب الامامية المدلول عليها بالايات الکثيرة(٣) والاخبار

__________________

المؤمنين عليه السلام بالرحبة اذ طلع الحسين عليه السلام قال : فضحک علي عليه السلام حتي بدت نواجده، ثم قال : ان الله ذکرا قوما فقال : فما بکت عليهم السماء والارض وماکانوا منظرين، والذي فلق الحبة وبرا النسمة ليقتلن هذا ولتبکين عليه السماء والارض).

١ ـ في کامل الزيارات (ال) بدل (اهل).

٢ ـ راجع لسان العرب لابن منظور والمصباح.

٣ ـ ومن الايات التي تدل علی الرجعة :

أ ـ قوله تعالی في سورة النمل اية (٨٣) : (ويوم نحشر من کل أمّة فوجا ممن يکذب باياتنا فهم يوزعون).

ب ـ وقوله تعالی في سورة النور اية (٥٥) : (وعبدالله الذين امنوا منکم وعملوالصالحات ليستخلفنهم في الارض کما استخلف الذين من قبلهم وليمکنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلهم من بعد خوفهم امنا يعبدوننی لا يشرکون بی شيئا ومن کفر بعد ذلك فاولئک هم الفاسقون).

جـ ـ وقوله تعالی في سورة القصص اية (٥ ـ ٦) : (ونريد ان نمن علی الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين * ونمکن لهم في الارض ونری فرعون وهامان وجنودهما منهم هم الفاسقون).

وکثير من الايات التي تدل علی الرجعة منها اية (٢٤٣) في سورة البقرة، واية (٢٥٩) في سورة البقرة، ومن اراد الزيادة عليه بمراجعة تفسير القمي، وتفسير البرهان.

٧٣

المتواترة(١) ففي بعضها أن الصادق عليه السلام سئل عن الرجعة أحق هي؟ قال : نعم، فقيل له : من أول من یخرج؟ قال : الحسين عليه السلام علی أثر القائم، فقلت : ومعه الناس کلهم؟ قال : لا، بل کما ذکره الله في کتابه : (يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا)(٢) .(٣)

مع إمام منصور؛ أي بالايات والجنود من الملائکة والشيعة من الجن والإنس، والمراد به القائم المنتظر الذي سيظهر بالضرورة من مذهبنا، وهو محمد بن الحسن العسکري عليهما السلام کما ورد في الأخبار المتواترة(٤) ، فالتنکير للتعظيم والتفخيم کما في قوله تعالی : (فقد کذبت رسل من قبلک)(٥) أي رسل عظام لا لعدم التعيين والنکارة، فالقائل بالمهدوية النوعية منکر للضرورة من مذهب الاثني عشرية.

__________________

١ ـ ومن الأخبار التي تنص علی الرجعة : (عن الامام الصادق عليه السلام قال : اول من تنشق الارض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليهما السلام، وان الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع الا من محض الايمان محضا أو محض الشرک محضا). (راجع البحار ج٣٥، باب الرجعة).

ـ وعن الصادق عليه السلام قال : (اول من يرجع إلى الدنيا الحسين بن علي عليهم السلام فيملک حتی يسقط حاجباه علی عينيه من الکبر). (نفس المصدر)

وللتفصيل راجع : مختصر بصائر الدرجات، وکتاب الرجعة للاسترابادي، والبحار

٢ ـ النبا : ١٨.

٣ ـ هذه الرواية اخرجها الشيخ حسن بن سليمان الحلي في مختصر بصائر الدرجات ص ٤٨، والميرزا الاسترابادي في کتابه الرجعة ص ٩٣.

٤ ـ في هذا الخصوص وردت روايات کثيرة، ومن اراد فليراجع کتاب مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي ص ١٥٣ ج٢، تحقيق الاخ ماجد العطية.

٥ ـ سورةَ فاطر، اية(٤) .

٧٤

اللهم اجعلني عندك وجيها(١) بالحسين عليه السّلام

في الدنيا والآخرة

الوجيه رو الجاه والعز، قال في النهاية(٢) : وفي حديث عائشة کان لعلي عليه السذم وجه من الناس حياة فاطمة أي جاه وعز فقدهما بعدها(٣) . وجيها أي مقربا عندك بالحسين أي بمحبدته ومعرفته، أو بشفاعته أو برجعتي في رجعته التي تبلغ مدة سلطنته فيها خمسين ألف سنة علی ما ورد في بعض الروايات(٤) ، فالمؤمن العارف بحقه عزيز في الدنيا لما يعطی من الکرامة، والدولة بسبب تقربه إلى الحسين عليه السلام وفي الآخرة لما يناله من الدرجات الرفيعة في الجنة ببرکته والحشر في زمرته، وقد ورد أن شيعتهم معهم، وفي وداع الجامعة(٥) : (السلام عليکم حشرني الله في زمرتکم وأوردني حوضکم وجعلني في حزبکم وأرضاکم عني ومکنني في دولتکم وأحياني في رجعتکم وملکني في أيامکم ...)، ومن کلام الصادق عليه السلام : (اللهم أحيي شيعتنا في دولتنا وأبقهم في

__________________

١ ـ وفي زيارة عاشوراء المروية في کامل الزيارات حيث قدم فيها وجيها علی عندک، يعني هکذا تکون : (اللهم اجعلني وجيها عندک).

٢ ـ النهاية لابن الاثير ج٥، ص ١٣٩، ط : دار الکتب العلمية.

٣ ـ نفس المصدر، وصحيح مسلم باب الجهاد.

٤ ـ راجع کتاب الرجعة، وفي بعض الروايات عن الامام الباقر عليه السلام يقول : (والله ليملکن منا أهل البيت رجل بعد موته ثلاثمائة سنة، ويزداد تسعا).

٥ ـ زيارة الجامعة، وللفائدة رجع شرح الزيارة الجامعة لعبد الله شبر رحمه الله بتحقيق الاخ فاضل الفراتي، ط : مکتبة الامين.

٧٥

ملکنا ومملکتنا)(١) ، وفي قوله : (عندک) إشارة إلى أنه لا اعتناء بالعزة والجاه عند الخلق بل العز الحقيقي هو العز عند الخالق.

__________________

١ ـ اخرجه البرسي في مشارق انوار اليقين ص ١٩٩، والمنتخب للطريحي ص ٢٦٨.

وايضا ورد عن الامام الحسين عليه السلام لما وصله خبر استشهاد أحد اصحابه قال : (اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلا کريما، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتک انّك علی کل شيء قدير). (راجع ادب الحسين وحماسته ص ١١٥).

٧٦

يا أبا عبد الله، إني أتقرّب إلى الله، وإلی رسوله ،

وإلی أمير المؤمنين، وإلی فاطمة، وإلی الحسن واليك

بموالاتک، وبالبراءة ممن قاتلك ونصب لك الحرب ،

وبالبراءة ممن أسس أساس الظلم والجور عليکم ،

قد أشار بالترتيب الذکري إلى الترتيب الواقعي النفس الأمري کما هو الصحيح فيما ذکروه من ترتيب مراتب المعصومين. نعم، رتبة فاطمة عليها السلام دون رتبة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام علی الأظهر(١) ، کما أن رتبة القائم عليه السلام بعد رتبة الحسين عليه السلام علی ما يظهر من کثير من الروايات(٢) ، واختصاص الحسين عليه السلام بجملة من الأمور للشهادة لا ينافي أفضلية الحسن عليه السلام في رتبة الإمامة والولاية. ويظهر من هذه الفقرة ما قدمنا اليه الإشارة من أن الإيمان لا يستکمل إلا بالولاية والبراءة(٣) ، ولا يتقرب إلى الله إلا بالإيمان الکامل علی حسب مراتب الاستعدادات في المعرفة. وفي التکرار إشارة إلى أنْ تجديد ما في الجنان(٤)

__________________

١ ـ تقدمت الادلة علی ان فاطمة الزهراء عليها السلام أفضل من سائر الائمة علهم السلام في ص ٤١ وهذا عليه الاکثر، ولکن هذا غريب من الشارح مع وجود روايات تصرح بافضيلة مولاتنا الزهراء عليها السلام. والشارح نفسه رحمه الله يصرح بهذا وتقدم قوله في ص ٤١ حيث قال : (وقد يقال ان فاطمة بعد رسول الله وامير المؤمنين عليه السلام أفضل من سائر الائمة وهو کما تري).

٢ ـ في هذا الخصوص راجع شرح الزيارة الجامعة للشيخ أحمد الاحسائي ج٣، ص ١٦، ط : بيروت، دار المفيد.

٣ ـ راجع علل الشرائع للصدوق ج١، ص ١٦٩، باب ١١٩، ط : الاعلمي.

٤ ـ أي في القلب وفي الضمير.

٧٧

وإظهاره باللسان مطلوب في مقام الإيمان، ليکون الظاهر عنوان الباطن، والتصدير بندائه عليه السلام(١) مع إظهار التقرب بالجميع لکون المقام مقام زيارته عليه السلام خاصة. ويستفاد من هذه الفقرة أيضا التقرب إلى الله وإلی رسوله وإلی ابنته(٢) وابنها(٣) إلا بمولاة الحسين عليه السلام. ونصب الحرب(٤) : إقامتها وايقاد نارها والعکوف عليها(٥) والوقوف علی لوازمها من القتل والاسر، قال عليه السلام :

قتل القوم عليا وابنه

حسن الخير کريم الأبوين

خنقا منهم وقالوا أجمعوا

واحشروا النسا علی قتل الحسين

وابن سعد قد رماني عنوة

بجنود کوکوف الهاطلين

__________________

١ ـ أي ابتداء الجملة بالنداء وهو (يا اباعبدالله).

٢ ـ الزهراء سيدة النساء عليها السلام.

٣ ـ الامام الحسن المجتبی عليه السلام.

٤ ـ راجع المصباح المنير ص ٦٠٧.

٥ ـ العکوف أي الوقوف ـ الشارح ـ.

٧٨

وابرا إلى الله وإلی رسوله ممن اسس اساس ذلك ، وبنی عليه

بنيانه، وجری في ظلمه وجوره عليکم، وعلی اشياعکم، برئت الی

الله واليکم منهم، واتقرب إلى الله ثم إليکم بموالاتکم، وموالاة

وليّکم، وبالبراءة من أعدائکم، والناصبين لکم الحرب، وبالبراءة من

أشياعهم وأتباعهم، إنّي سلم لمن سالمکم، وحرب لمن حاربکم ،

ووليّ لمن والاکم، وعدو لمن عاداکم

وجه التکرير والتجديد هو الوجه في تکرير العبادة لله، فکما نحن محتاجون إلى الله في کل ان نظرا إلى أنْ الممکن(١) کما هو مفتقر في حدوثه إلى الباري کذلک مفتقر في بقائه اليه، لتحقق علة الافتقار وهو الامکان في تمام الاطوار فينبغي عدم انفکاکه عن العبادة، کذلک نحن محتاجون إلى أهل البيت عليهم السلام نظرا إلى کونهم عليهم السلام أبواب رحمته ووسائل نعمه(٢) ، والادلاء علی مرضاته فلا يمکن عبادة الله علی الوجه المرضي له الا بارشادهم ودلالتهم(٣) ، ولا يکون ذلك الا بتصديقهم واتباعهم ولا يحصل ذلك الا بموالاتهم وموالاة

__________________

١ ـ الممکن : أي المحتاج والمفتقر إلى غيره کالانسان بالنسبة إلى الله تعالی.

٢ ـ کما ورد في الزيارة الجامعة : (.. معدن الرحمة الرحمة واولياء النعم ...) وانهم عليهم السلام بهم ينزل الغيث وبهم نرزق وبهم نثاب وبهم نعاقب.

٣ ـ ورد عن الامام الصادق عليه السلام قال : (... وبعبادتنا عبد الله عزّ وجل ولولانا ما عبد الله). (راجع اصول الکافي ج١، کتاب الحجة).

وعن سليم بن قيس عن امير المرمنين عليه السلام قال : (ان الله تبارک وتعالی طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء علی خلقه وحجته في ارضه وجعلنا مع القران معنا لا نفارقه ولا يفارقنا).

٧٩

اوليائهم ومعاداة اعدائهم والبراءة من محاربيهم ومبغضيهم(١) ، فيجب ان يکون ذلك مستمرا في جميع الاحوال.

قال محمد بن مسلم فيما رواه عن احدهما عليهم السّلام قلت : انّا نری الرجل من المخالفين عليکم له عبادة واجتهاد وخشوع فهل ينفعه ذلك ؟ فقال : يا محمد إنّما مثلنا أهل البيت مثل أهل بيت کانوا في بني اسرائيل فکان لا يجتهد أحد منهم اربعين ليلة الا فاجيب وان رجلا منهم اجتهد اربعين ليلة ثم دعا فلم يستجب له فاتی عيسی عليه السلام يشکو اليه ويساله الدعاء له فتطهر عيسی عليه السلام وصلی ثم دعا فاوحي الله اليه : يا عيسی ان عبادي اتاني من غير الباب الذي اوتي منه، دعاني وفي قلبه شک منک، فلو دعاني حتی ينقطع عنقه وتنتشر انامله ما استجيب له، فالتفت عيسی عليه السلام اليه وقال : تدعو وفي قلبک شک من

__________________

١ ـ هذا المعنی ورد في الزيارة الجامعة الشريفة قال عليه السلام :

(اني مؤمن بکم وبما امنتم به، کافر بعدوکم وبما کفرتم به، مستبصر بشانکم وبضلالة من خالفکم، موال لکم ولاوليائکم، مبغض لاعدائکم ومعاد لهم ف سلم لمن سالمکم وحرب لمن حاربکم ...) ؛ لان موالاتهم عليهم السلام هي موالاة الله سبحانه، وحبهم عليهم السلام حبه تعالی، وهذا ماصرحت به الزيارة الجامعة : (... من والاکم فقد وإلی الله، ومن عاداکم فقد عادي الله، ومن احبکم فقد احب الله، ومن ابغضکم فقد ابغض الله، ومن اعتصم بکم فقد اعتصم بالله).

ويؤکد هذا ما قاله الرسول صلی الله عليه وآله في الامام علي عليه السلام : (يا علي حربک حربي وحرب علي حرب الله).

وقوله صلی الله عليه وآله لفاطمة الزهراء عليها السلام : (فاطمة بضعة مني من اذاها فقد اذاني ومن اذاني فقد اذی الله).

(راجع ينابيع المودة للقندوزي ف والامالي للشيخ المفيد ص ٣١٣، المجلس الرابع والعشرون، وتفسير الکبير للفخر الرازي ج٢٧، ص ١٦٦).

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

يكفيه عند الأعراف علمكم

يوماً بسيماه يعرف الرجل

ما عنكم لابن حرة عوض

وليس منكم لعارف بدل

وأين عنكم بالولاء لكم

تمحى الخطايا ويغفر الزلل

الباب الثّاني

يا إخواني , لو فكّر الـمُحب الولهان فيما جرى على سادات الزّمان , وما أصابهم من البلاء والمحن , لقال لروحه أن تخرج من البدن , تُقطّع منهم الأوصال ويجدّلون على الرّمال , ويتجرّعون الحتوف بأرض الطّفوف ، على أيدي أهل الفساد وأشرّ العباد فكم وكم من نفس معصومة أزهقوها , وكم من دماء محرّمة أراقوها , وكم من رؤوس شريفة فوق الأسنّة رفعوها , وأخذوها بالأسنّة الحداد كما يُفعل بأهل الإلحاد ، هذا مع علمهم بأنّهم الذرّيّة النّبويّة والعترة الهاشميّة فيا لها من مُصيبة ما أعظمها في الإسلام وأعظم رزيتها بين سائر الأنام , فإنّا لله ولا حول ولا قوة إلّا بالله :

الشّعر للشافعي مُحمّد بن إدريس

تأوب همي والفؤاد كئيب

وأرق نومي فالرقاد غريب

ومما نعى جسمي وشيب لمتى

تصاريف ايام لهن خطوب

فرى كبدي من حزن آل مُحمّد

ومن زفرات ما لهن طبيب

فمن مبلغ عني الحُسين رسالة

وإن كرهتها أنفس وقلوب

قتيل بلا جرم كأن قميصه

صبيغ بماء الأرجوان خضيب

فللسيف أعوال وللرمح رنة

وللخيل من بعد الصهيل نحيب

تزلزلت الدنيا لآل مُحمّد

فكادت لهم صم الجبال تذوب

وغابت نجوم واقشعرت كواكب

وهتك أستار وشق جيوب

يصلّي على المهدي من آل هاشم

ويغزي بنوه إن ذا لعجيب

لئن كان ذنبي حُبّ آل مُحمّد

فذلك ذنب لست عنه أتوب

روي عن الصّادق (عليه‌السلام ) , أنّه قال : (( لـمّا حضرت الحسن بن عليّ الوفاة , أوصى إلى أخيه الحُسين , فقال له : يا أخي , إذا أنا مت فاحملني على سريري وادفني في

٢٠١

البقيع ، وستعلم يا ابن اُمّ , إنّ القوم إذا علموا أنّكم تريدون دفني عند جدّي , يجدّون في منعكم , فبالله عليك , لا تهرق في أمري محجمة دم )) قال : (( فلمّا غسّله وكفّنه وحمله على سريره وتوجه به إلى قبر جدّه ؛ ليجدد به عهداً عند جدّه , أتى مروان بن الحكم ومعه جمع من بني اُميّة , وقالوا : يُدفن عثمان في أقصى المدينة ويُدفن الحسن مع جدّه ؟! لا يكون ذلك أبداً ثمّ أقبلت عائشة راكبة على بغل , وهي تقول : أتريدون أن تدفنوا ببيتي مَن لا أحبّ ؟! فقال لها ابن عبّاس : ارجعي إلى منزلك واستعملي الحياء , فنحن ندفنه في البقيع كما أوصى (عليه‌السلام ) , وإنّما جئنا لنجدد به العهد عند جدّه فقالت : إنّي لا أنصرف حتّى تخرجوا به إلى البقيع فقال لها ابن عبّاس : وا سوأتاه لك يا عائشة ! يوماً تجمّلت ويوماً تبغّلت وإن عشت تفيّلت )) وفي هذا المعنى قال بعض محبّيهم فيهم :

يعظمون له أعواد منبره

وتحت أرجلهم أولاده وضعوا

بأي وجه بنوه يتبعونكم

وفخركم أنكم صحب له تبع

وكيف ضاقت عن الأهلين تربته

وللأجانب عن جنبيه متسع

وكيف صيرتم الإجماع حجتكم

والقوم ما اتفقوا فيه ولا اجتمعوا

أمر عليّ بعيد من مشورته

مسكوه فيه والعباس يمتنع

وتدعيه قريش بالقرابة

لا رفعوا فيه ولا وضعوا

فأي خلف كخلف كان بينكم

لو لا تلفق أخبار وتصطنع

هذي وصايا رسول الله مهملة

غدراً وشمل رسول الله منصدع

فيا حرّ قلبي لما جرى للآل أهل الجود والمجد والافضال من الكفرة الفجرة الأنذال ، حسدوهم على معاليهم حيث عجزوا عن إدراك الفضل الذي أودعه الله فيهم , فحملتهم تلك الأحقاد على الكفر والإرتداد ، وإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصّدور.

روي : أنّ الحُسين (عليه‌السلام ) كان جالساً بمسجد جدّه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , وذلك بعد وفاة أخيه الحسن (عليه‌السلام ) , وكان عبد الله بن الزّبير جالساً في ناحية المسجد , وعتبة بن أبي سفيان في ناحية اُخرى , فجاء أعرابي على ناقة حمراء , فعلقها بباب المسجد ودخل , فوقف على عتبة بن أبي سفيان وسلّم عليه , فردّعليه‌السلام , فقال له الأعرابي : اعلم , إنّي قتلت ابن عمّ لي عمدا وطولبنا بالدّية , فهل لك أن تعطيني شيئاً ؟ فرفع رأسه إلى غلامه , وقال : ادفع إليه

٢٠٢

مائة درهم فقام الأعرابي مغضباً وانتهره وقال : ما أريد إلّا الدّية تماماً ثمّ تركه وأتى عبد الله بن الزّبير , وقال له : إنّي قتلت ابن عمّ لي وقد طولبت بالدّية , فهل لك أن تعطيني شيئاً ؟ فقال لغلامه : ادفع إليه مائتي درهم فقام الأعرابي مغضباً وقال : ما أريد إلّا الدّية تماماً ثمّ تركه وأتى إلى الحُسين فسلّم عليه , وقال له : يابن رسول الله , إنّي قتلت ابن عمّ لي وقد طولبت بالدّية , فهل لك أن تعطيني شيئاً ؟ فقال له : (( يا أعرابي , نحن قوم لا نعطي المعروف إلّا قدر المعرفة )) فقال له : سل ما تريد يابن رسول الله فقال له الحُسين (عليه‌السلام ) : (( ما النّجاة من الهلكة ؟ )) قال : التّوكل على الله عزّ وجلّ فقال له : (( ما أروع الهمّة ؟ )) قال : الثّقة بالله فقال له : (( وما يتحصن به العبد ؟ )) قال : محبّتكم أهل البيت فقال : (( ما أزين ما يتزين به الرّجل ؟ )) قال : عِلم وعمل يزيّنه حلم فقال له : (( فإن أخطأ ذلك كلّه ؟ )) قال : فعقل يزيّنه تقاء فقال له : (( فإن أخطأ ذلك كلّه ؟ )) قال : سخاء يزيّنه حسن خلق فقاله له : (( فإن أخطأ ذلك ؟ )) قال شجاعة يزيّنها ترك عجب قال : (( فإن أخطأ ذلك ؟ )) قال : والله يابن رسول الله , إن أخطأ هذه الخصال , فالموت له خير من الحياة فأمر الحُسين له بعشرة آلاف درهم , وقال له : (( هذه لقضاء دينك , وعشرة آلاف درهم اُخرى , تلمّ بها شعثك وتحسن بها حالك وتنفق بها على عيالك )) فأنشأ الأعرابي يقول :

طربت وما هاج لي مغبق

ولا بي مقام ولا معشق

ولكن طربت لآل الرسول

فلذ لي الشعر والمنطق

هم الأكرمون هم الأنجبون

نجوم السّماء بهم تشرق

سبقت الأنام إلى المكرمات

وأنت الجواد فلا تلحق

أبوك الذي ساد بالمكرمات

فقصر عن سبقه السبق

بكم فتح الله باب الرشاد

وباب العثار بكم تغلق

فيا إخواني , كيف لا يحقّ لِمَن فارقته ساداته الذين بهم سعاداته , أن يجري عليهم الدّموع الهاطلة , ويزيد في الحرق المتواصلة , ويكثر النّوح والعويل على هذا الرّزء الجليل ؟! سارعوا بالإساءة إليهم بعدما اختبروهم , وعجّلوا بالدّموع فيهم بعدما عرفوهم ، كأنّهم أنكروهم , فأولئك عليهم لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين.

روى الشّيخ الصّدوق , عن الهيثم بن عدي بن أرطأة : قال معاوية

٢٠٣

لعمرو بن العاص : يا أبا عبد الله أينا أدهى ؟ فقال عمرو : أنا للبديهة وأنت للرواية فقال له معاوية : قد قضيت لي على نفسك , فأنا أدهى منك للبديهة أيضاً فقال له عمرو : أين كان دهاؤك يوم رفعت المصاحف على الرّماح ؟ فقال : بها غلبتني , أفلا أسألك عن شيء تصدقني فيه ؟ فقال : والله , وإن الكذب لقبيح , فسل عمّا بدا لك فإنّي أصدقك فقال له : أغششتني مذ نصحتني ؟ قال : لا قال : بلى والله قد غششتني , أمّا إنّي لا أقول في كلّ المواطن ولكن في موطن واحد قال : وأيّ موطن هذا ؟ قال : يوم دعاني عليّ بن أبي طالب للمبارزة إلى الحرب فاستشرتك , فقلت لك : ما ترى يا عمرو ؟ فقلت : كفو كريم فأشرت عليّ بمبارزته وأنت تعلم مَن هو , فعلمت أنّك غششتني فقال عمرو : يا معاوية , دعاك للمبارزة رجل عظيم الشّأن جليل القدر , فكنت من مبارزته على إحدى الحسنيين ؛ إمّا أن تقتله فتكون قد قتلت قاتل الفرسان وقاهر الشّجعان , وتزداد شرفاً إلى شرفك في طول الزّمان , وتخلو بملكك وتقهر عدوّك ، وإمّا أن تعجل إلى مرافقة الشّهداء في دار الجنان , وحسُن أولئك رفيقاً فقال معاوية : هذه الكلمة أشرّ من الأولى , والله , إنّي أعلم إنّي لو قتلته دخلت النّار وإن قتلني دخلت النّار فقال له عمرو : يا معاوية , إذا كنت تعلم هذا , فما الذي حملك على قتاله ؟! فقال : ويلك ! إنّ الملك عقيم , ولن يسمعها منّي أحد بعدك , فلا تخبر النّاس بما سمعت منّي.

فانظروا يا إخواني إلى صنيع الكفرة الفجرة مع العترة الكرام البررة , أترونهم ماذا يقولون حين يعرضون على الله ؟ وبكى الرّسول لمصاب عترته في ذلك الزّمان , وبكى لبكائه ؛ آدم ونوح , وعيسى وموسى , وإبراهيم خليل الرّحمن :( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمْ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) (١) :

رأس ابن بنت مُحمّد ووصيه

للمسلمين على قناة يرفع

والمسلمون بمنظر وبمسمع

لا جازع منهم ولا متوجع

أيقظت أجفاناً وكنت لها كرى

وأنمت عيناً لم تكن بك تهجع

كحلت بمنظرك العيون عماية

وأصم رزءك كلّ أذن تسمع

ما روضة إلّا تمنت أنها

لك مضجع ولخط قبرك موضع

حُكي : أنّ امرأة ذات فحش كانت معهودة بالمدينة , ولها جار وكان مواظباً

____________________

(١) سورة يونس / ٣٠.

٢٠٤

على مأتم الحُسين (عليه‌السلام ) , وكان عنده ذات يوم رجال ينشدون ويبكون على الحُسين (عليه‌السلام ) , وأمر لهم باصطناع طعام , فدخلت المرأة الفاحشة تريد ناراً , وإذا بالنّار قد انطفت من غفلتهم عنها , فعالجتها تلك الفاحشة بالنّفخ ساعة طويلة , حتّى اتسخت يداها وذرفت عيناها , فلمّا اتقدت , أخذت منها ومضت لقضاء مآربها ، فلمّا صار الظّهر وكان الوقت صيفاً , فوقدت وكان لها عادة بالقيلولة ساعة , وإذا هي ترى طيفاً : كأنّ القيامة قامت , وإذا بزبانية جهنّم يسحبونها بسلاسل من نار وهم يقولون : يا زانية , غضب الله عليك وأمرنا نلقيك في قعر جهنّم وهي تستغيث وتستجير فلا تُجار ، قالت : والله , لقد صرت على شفير جهنّم , وإذا برجل أقبل يصيح بهم : (( خلّوها )) قالوا : يابن رسول الله وما سببه ؟ قال : (( نعم , دخلت على قوم يعملون عزائي , وقد أوقدت لهم ناراً يعملون بها طعاماً )) فقالوا : كرامة لك يابن الشّافع والسّاقي قالت , فقلت : مَن أنت الذي منّ الله عليّ بك ؟ قال : (( أنا الحُسين بن عليّ )) فانتبهت وأنا مذهولة , ومضيت إلى المجلس قبل أن يتفرّقون , فحكيت لهم فتعجّبوا ، وقام البكاء والعويل , وتبت على أيديهم من فعل القبيح فعلى الأطائب من أهل البيت فليبك الباكون , وإيّاهم فليندب النّادبون , ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون ، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان وتتابعت عليه الأشجان , فنظم وقال فيهم :

القصيدة للشيخ الخ ليعي (رحمه‌ الله تعا لى)

هجرت مقلتي لذيذ كراهاً

لمصاب الشهيد من آل طه

واستعدت في شهر عاشور أجفاني

لطول البكاء على مولاها

وقيل لمصرع السبط مجراها

ولو أن دمعها من دماها

لقتيل ساءت رزيته الأملاك

واستعبرت عليه سماها

لقتيل أضحت له البضعة الزهرا

ثكل والوجد حشو حشاها

كاتبته العصابة الغدر والتبديل

تشكوا اُميّة وأذاها

وتوالت عهودها والمواثيق

وآلت أن تحل عراها

وأتاها للحكم بالعدل فارتدت

وجدت بالغدر لـمّا أتاها

٢٠٥

بأبي ركبة المجد تجوب البيد

وخدا وهادها ورباها

بأبي الفتية الميامين تسري

حوله والردى أمام سراها

بأبي حين حل في كربلا يسأل

عنها مستشقاً لثراها

قائلاً : ههنا تراق دماها

وتنال الطغاة فينا مناها

ههنا تهتك الكرائم منا

وتذل الآبطال من آل طه

لهف قلبي له وقد خطب القوم

وكأن البليغ من خطباها

ثم قال : ارجعوا سلمتم أكباد

الأعادي مرضى وقتلى وشفاها

فأجابوا لا سلم الله نفساً في

غد من قلاك يوم لقاها

حاش لله بل نموت كراماً

ونروي من السيوف ظماها

فجزاهم خيراً ومرّ ينادي

أخته زينباً بكسر خباها

أخت يا زينب احفظي القول عني

زادك الله يقظة وانتباها

إن نعاني إليك ناع فبالصبر

ينال المصاب أجراً وجاها

لا تشقي جيباً ولا تلطمي خداً

ولا تندبي بحلم سفاها

ومضى مسرعاً يقيم قناة الدين

من بعد ميلها والتواها

مستعداً للحرب حتّى إذا كسر

خطبها وقل ظباها

فرمته أيدي الطغاة بسهم

البغي عن قوس غدرها وجفاها

ومضى المهر ناعياً فاستغاثت

زينب وغدت تطيل بكاها

وأتت وهو في السباق تناديه

بشجو ولا يجيب نداها

حر قلبي لها تضج وتدعو

من جوى الثكل أمها وأباها

أم يا أم عجلي وانظري فاطم

في السبي تستجير عداها

أم قد خمرت سكينة منها

الرأس بالردن بعد سلب رداها

أين جدّي أين البتول ألا أين

عليّ ، وا ذلها وا سباها

لهف قلبي لأم كلثوم خوف

السبي تبكي وتستغيث أخاها

يا أخي كيف حال من سلب

الناصر منها وخاف فيه رجاها

ثم تشكو إلى النّبي وقد كان

لدى الطف سامعاً شكواها

جد هل أمة هداة نبي

اشترت بعد العمى بهداها

٢٠٦

فأقام النّبي فيها فشقت

حين غاب العصي على مولاها

وسبت بعده الذراري واضحى

المال نهباً والآل من قتلاها

وسرت تقطع البلاد سروراً

وبنوه الأدنون من أسراها

لا رعى الله أمة نقضت عهدك

فينا ومن بنا أغراها

كيف صبر أمرئ يود ذوي القربى

ورأس الحُسين فوق قناها

ويزيد اللعين يقرع بالعود

ثنايا ذاق النّبي لماها

قتلته عصابة الكفر عطشاناً

فلا بل ذو الجلال ثراها

ليست لناقة التي دمدم الله

على معشر أبو سقياها

كحسين وسوف ينتقم الله

له عند بعثه أشقاها

قبحت أنفس أطاعت هواها

وعصت من بلطفه سواها

ألهمت رشده وعلمها الله

فجور انفوس من تقواها

وعداها نهج السبيل وقد

أفلح من بالولاء قد زكاها

مؤمناً عارفاً وجوه البر أمن

كلّ باغ وخاب من دساها

يابن بنت النّبي يومك أذكى

في الحشا جمرة تشب لظاها

ليت إنّي لك الفدا يابن مولاي

قليل لو صح منك رضاها

كم لمملوكك الخليعي فيكم

مدحاً يهتدي بها رواها

فتجلى بها عقول ذوي اللب

وتجلو عن القلوب صداها

ومراث قد اكمن الطيب فيها

كلما أنشدت بطيب شذاها

راجياً منكم الأمان إذا عد

ذنوباً يخاف من عقباها

الباب الثّالث

أيّها المؤمنون , لو علمتم أيّ أجر تؤجرون وأيّ ثواب تحرزون , لتمنيتم دام هذا الحال إلى يوم يُبعثون ، فأنشدكم يا إخواني , أتدرون لِمَن تعزّون ؟ ولأيّ شيء أنتم مجتمعون ؟ والله بعين ديّان الدّين أنتم , والله في عزيّة مُحمّد خاتم النّبيين , وعليّ أمير المؤمنين , وفاطمة الزّهراء سيدة نسوة العالمين , وجميع الأئمة المعصومين , وعيونهم ناظرة إليكم , وهُم الشُهداء عليَّ وعليكم ، وتصديق ذلك ما

٢٠٧

روي عن الإمام عليّ بن موسى الرّضا (عليه‌السلام ) , حيث قال : (( أيّها النّاس ، اعلموا وتيقّنوا , أنّ لنا مع كلّ وليّ لنا أعيناً ناظرة لا تشبه أعين النّاس , وفيها نور من نور الله وحكمة من حكم الله تعالى , ليس للشيطان فيها نصيب , وكلّ بعيد قريب ، وإنّ لنا مع وليّ لنا أعيناً ناظرة , وألسناً ناطقة وقلوباً وافية , وليس يخفى علينا شيء من أعمالكم وأقوالكم وأفعالكم , بدليل قوله تعالى :( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) (١) ولو لم يكن كذلك ما كان لنا على النّاس فضل )).

ومما يدلّ على ذلك أيضاً , ما روي عن أبي سدير الصّيرفي , قال : كنت نائماً ليلة الجُمُعة , فرأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في منامي وبين يديه طبقاً مغطّى , فدنوت منه وسلّمت عليه , فردّ عليّ السّلام , فكشف لي عن الطّبق , وإذا فيه رطب جني , فقلت : يا رسول الله , ناولني من هذا الطّبق رطبة ؟ فناولني رطبة فأكلتها , ثمّ طلبت منه اُخرى , فناولني اُخرى فأكلتها , ولم يزل يناولني رطبة بعد رطبة حتّى أكلت ثمان رطبات , ثمّ طلبت منه اُخرى , فقال : (( حسبك )) فانتبهت وأنا مسرور بنومي , فلمّا أصبحت على الإمام جعفر بن مُحمّد (عليه‌السلام ) لأقصّ عليه رؤياي , وإذا بين يديه طبق مُغطّى كأنّه الطّبق الذي رأيته قدّام النّبي في منامي وهو مغطّى , فلمّا استقرّ بي المجلس عنده , التفت إليّ وكشف عن الطّبق , وإذا فيه رطب , فقلت : يا مولاي , ناولني رطبة فناولنيها فأكلتها , ثمّ سألته اُخرى فأعطانيها حتّى ناولني ثمان رطبات فأكلتها , ثمّ سألته اُخرى فقال لي : (( حسبك يا أحمد , فلو زادك جدّي لزدتك )) فقلت : يا سبحان الله مَن أخبرك برؤياي يا سيّدي ؟ فقال (عليه‌السلام ) : (( والله , لا يخفى علينا شيء من أفعالكم وأعمالكم , قال الله عزّ وجلّ :( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) )).

ومن ذلك أيضاً ما رواه الثّقاة عن أبي مُحمّد الكوفي , عن دعبل بن مُحمّد الخزاعيرحمه‌الله , قال : لـمّا انصرفت عن أبي الحسن الرّضا (عليه‌السلام ) بقصيدتي التّائية , نزلت في الرّي ، وإنّي في ليلة من الليالي وأنا أصيغ قصيدة وقد ذهب من الليل شطره , فإذا طارق يطرق الباب , فقلت : مَن هذا ؟ فقال : أخ لك فبدرت إلى الباب ففتحته , فدخل شخص اقشعر منه بدني وذهلت منه نفسي , فجلس ناحية , وقال لي : لا ترع أنا أخوك من الجنّ , ولدت في الليلة التي ولدت فيها ونشأت معك , وأنّي جئت أحدّثك بما يسرّك ويقوّي نفسك وبصيرتك قال : فرجعت نفسي وسكن قلبي ,

____________________

(١) سورة التّوبة / ١٠٥.

٢٠٨

فقال : يا دعبل , إنّي كنت من أشدّ خلق الله بُغضاً وعداوة لعلي بن أبي طالب , فخرجت في نفر من الجن المردة العتاة , فمررنا بنفر يريدون زيارة قبر الحُسين (عليه‌السلام ) قد جنّهم الليل , فهممنا بهم , وإذا ملائكة تزجرنا من السّماء وملائكة من الأرض تزجر عنهم هوامها , فكأنّي كنت نائماً فانتبهت أو غافلاً فتيقظت , وعلمت أنّ ذلك لعناية بهم من الله تعالى لمكان من قصدوا له وتشرّفوا بزيارته , فأحدثت توبة وجددت نية ، زرت مع القوم ووقفت بوقوفهم ودعوت بدعائهم , وحججت بحجّهم تلك السّنة , وزرت قبر النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ومررت برجل حوله جماعة , فقلت : مَن هذا ؟ فقالوا : هذا ابن رسول الله الصّادق قال : فدنوت منه وسلّمت عليه , فقال لي : (( مرحباً بك يا أهل العراق , اتذكر ليلتك ببطن كربلاء وما رأيت من كرامة الله تعالى لأوليائنا ؟ إنّ الله قد قبل توبتك وغفر خطيئتك )). فقلت : الحمد لله الذي منّ عليّ بكم , ونوّر قلبي بنور هدايتكم , وجعلني من المعتصمين بحبل ولايتكم , فحدّثني يابن رسول الله بحديث أنصرف به إلى أهلي وقومي فقال : (( نعم , حدّثني أبي مُحمّد بن عليّ , عن أبيه عليّ بن الحُسين , عن أبيه الحُسين , عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام ) , قال : قال لي رسول الله : يا عليّ , الجنّة مُحرّمة على الأنبياء حتّى أدخلها أنا ، وعلى الأوصياء حتّى تدخلها أنت , وعلى الاُمم حتّى تدخلها اُمّتي حتّى يقرّوا بولايتك ويدينوا بإمامتك يا عليّ , والذي بعثني بالحقّ , لا يدخل الجنّة أحد إلّا مَن أخذ منك بنسب أو سبب )). ثمّ قال : خذها يا دعبل , فلن تسمع بمثلها من مثلي أبداً ثمّ ابتلعته الأرض فلم أره ولله درّ الشّاعر البرسي حيث قال :

هم القوم آثار النبوة فيهم

تلوح وأنوار الإمامة تلمع

مهابط وحي الله خزان علمه

وعندهم سر المهيمن مودع

إذا جلسوا للحكم فالكل أبكم

فإن نطقوا فالدهر ، أذن ومسمع

وإن ذكروا فالكون ند ومندل

له أرج من طيبهم يتضوع

وإن بارزوا فالدهر يخفق قلبه

لسطوتهم والأسد بالغاب تجزع

وإن ذكر المعروف والجود في الورى

فبحر نداهم زاخر يتدفع

أبوهم سماء المجد والأم شمسه

نجوم لها برج الجلالة مطلع

فيا نسباً كالشمس أبيض مشرق

ويا شرفاً من هامة المجد أرفع

٢٠٩

فمن مثلهم إن عد في النّاس مفخر

أعد نظراً يا صاح إنكنت تسمع

ميامين قوامون عز نظيرهم

هداة ولاة للرسالة منبع

فلا فضل إلّا حين يذكر فضلهم

ولا علم إلّا علمهم حين يرفع

ولا عمل ينجي غداً غير حبهم

إذا قام يوم البعث للخلق مجمع

ولو أن عبداً جاء في الله عابداً

بغير ولا (آل العبا) ليس ينفع

فيا عترة المختار يا راية الهدى

إليكم غداً في موقفي أتطلع

خذوا بيدي يا آل بيت مُحمّد

فمن غيركم يوم القيامة بشفع

روي في بعض الأخبار عن حذيفة اليماني , قال : مرّ ابن عبّاس على قوم من بني اُميّة , فسمعهم يسبّون عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام ) - وكان ابن عبّاس مكفوف البصر كبير السّن - فقال لقائده : ما يقولون هؤلاء الأنذال ؟ فقال : إنّهم يسبّون علياً فقال له : يا غلام قرّبني إليهم فلمّا صار بالقرب منهم , قال : أيّكم السّاب الله عزّ وجلّ ؟ فقالوا : معاذ الله ! فمَن يسبّ الله فقد كفر وخلد في سقر فقال : أيّكم السّاب رسول الله ؟ فقالوا : معاذ الله أن نُسب رسول الله ! فمَن سبّه فقد افترى إثماً كبيراً فقال : أيّكم السّاب عليّ بن أبي طالب ؟ فنكّسوا رؤوسهم حياء منه , وقالوا : قد كان ذلك منّا فقال لهم : يا أشرّ الاُمم ! ويا أهل جهنّم ! وحقّ ربّ الكعبة , إنّي سمعت رسول الله يقول : (( مَن سبّ عليّاً فقد سبّني ، ومَن سبّني فقد سبّ الله , ومَن سبّ الله تعالى , أكبّه الله على منخريه في نار جهنّم مُخلداً فيها )) فأبشروا بالعذاب الأليم في أسفل درك الجحيم فلم يردّوا له جواباً , فتركهم وانصرف لشأنه , فقال : يا غلام , كيف رأيت وجوههم حين أوردت الحديث ؟ فقال : اسمع يا مولاي منّي الشّعر :

نظروا إليك بأعين مزورة

نظر التيوس إلى شفار الجازر

فقال له : يا غلام , زدني بارك الله فيك ! فقال :

خزر الحواجب ناكسوا أذقانهم

نظر الذليل إلى العزيز القاهر

فقال : زدني فداك أبوك يا غلام ! فقال :

أحباؤهم خزى على أمواتهم

والميتون فضيحة للغابر

٢١٠

فقال : زدني بارك الله فيك ! فقال :

يوم القيامة يسكنون جهنما

بئس المصير لكلّ عبد فاجر

فقاله له : زدني بارك الله فيك ! فقال :

وكذا النّبي خصيمهم مع حيدر

نعم الخصيم غداً وخير الناصر

فقال له : بارك الله فيك يا غلام ! وأنت حرّ لوجه الله تعالى.

فانظروا يا إخواني إلى أهل الضّلال , كيف يبالغون في سبّ الآل وسبّ عليّ محكّ أولاد الحلال , ولا يخشون من الله ذي الجلال , ولا يحذرون من المرجع والمآل ، ولله درّ من قال بعض من الرّجال :

إذا ما التبر حك على محك

تبين غشه من غير شك

وفينا الدر والذهب المصفى

وحيدر بيننا شبه المحك

روي عن ابن عبّاس , أنّه قال : والله , لقد رايت جابر الأنصاري (رض) وهو يمشي في سكك المدينة , ويقف عند بيوت المهاجرين والأنصار وهو يقول : معاشر النّاس , أدّبوا أولادكم على حُبّ عليّ بن أبي طالب , فمَن أبى فانظروا في شأن اُمّه.

وفي خبر آخر ، عن الصّادق (عليه‌السلام ) , قال : (( مَن وجد برد حبّنا أهل البيت في قلبه , فليكثر الدّعاء لاُمّه حيث أنّها لم تخن أباه فيه )) ولله درّ صاحب الكشكول :

إليك جميع الكائنات تشير

بأنك هاد منذر وبشير

وإنك من نور الإله مكون

على كلّ نور من جلالك نور

وروحك روح القدس فيها منزل

وقلبك في قلب الوجود ضمير

وشخصك قطب الكائنات فسر بها

على سره في العالمين تدور

نزلت من الله العظيم بمنزل

يسير إليه الطرف وهو حسير

قال الله تعالى :( وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ ) (١) قال الثّعلبي ورواه ابن عبّاس ، أنّها نزلت في عليّ لـمّا خرج النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من مكّة خائفاً من الـمُشركين إلى الغار , خلّفه لقضاء ديونه ورد ودائعه , فبات عليّ على

____________________

(١) سورة البقرة / ٢٠٧.

٢١١

فراشه وأحاط المشركون بالدّار , فأوحى الله تعالى إلى جبرائيل وميكائيل : (( إنّي قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر , فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ )) فاختار كلّ منهما الحياة ، فأوحى الله تعالى إليهما : (( ألا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب , آخيت بينه وبين مُحمّد , فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره الحياة ؟! اهبطا إلى الأرض , فاحفظاه من عدوّه )) فنزلا , فكان جبرائيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه , فقال : بخ بخ مَن مثلك يابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ! هذا في تفسير هذه الآية ، وأمّا آية المباهلة , فأجمع المفسّرون منهم على أنّ أبناءنا إشارة إلى الحسن والحُسين ، ونساءنا إشارة إلى فاطمة ، وأنفسنا إشارة إلى عليّ فجعله الله نفس مُحمّد، المراد المساواة ومساوي الأكمل , الأولى بالتّصرف أكمل وأولى بالتّصرف فهذه الآية أدلّ دليل على علو مرتبته (عليه‌السلام ) ؛ لأنّه تعالى حكم بمساواته لنفس الرّسول , وأنّه تعالى عيّنه في استعانة النّبي به في الدّعاء , وأيّ فضيلة أعظم من أن يأمر الله نبيّه بأن يستعين به على الدّعاء إليه والتّوسل به , مع ما ورد فيه ما يزيد على هذا , مثل قوله تعالى :( إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرّيَتِي ) (١) روى الجمهور عن ابن مسعود , قال رسول الله: (( انتهت الدّعوى إليّ وإلى عليّ , لم يسجد أحدنا لصنم قط , فاتخذني نبيّاً واتخذ عليّاً وصيّاً )).

ومثل قوله تعالى :( إِنّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ ) (٢) نقل الجمهور عن ابن عبّاس , قال : قال رسول الله (ص) : (( أنا الـمُنذر وعليّ الهادي , وبك يا عليّ يهتدي المهتدون )).

ومثل قوله تعالى :( وَقِفُوهُمْ إِنّهُم مّسْؤُولُونَ ) (٣) روى الجمهور عن ابن عبّاس وأبي سعيد الخدري , عن النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , أنّه قال : (( عن ولاية عليّ بن أبي طالب )).

ومثل قوله تعالى :( وَلَتَعْرِفَنّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) (٤) روى الجمهور عن أبي سعيد الخدري , قال : ببغضهم عليّاً (عليه‌السلام ).

ومثل قوله تعالى :( وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرّبُونَ ) (٥) روى الجمهور عن ابن عبّاس , قال : سابق هذه الاُمّة عليّ بن أبي طالب.

وروي من طرقهم في قوله تعالى :( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُسُلِنَا ) (٦) قال : إنّ النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ليلة اُسري به , جمع الله بينه وبين الأنبياء , ثمّ قال : (( سلهم يا مُحمّد على ماذا بعثتم ؟ )) فقالوا : بعثنا على شهادة أن لا إله إلّا الله , وعلى الإقرار بنبوّتك , والولاية لعلي بن أبي طالب.

ومن طرقهم أيضاً في قوله تعالى :

____________________

(١) سورة البقرة / ١٢٤.

(٢) سورة الرّعد / ٧.

(٣) سورة الصّافات / ٢٤.

(٤) سورة مُحمّد / ٣٠.

(٥) سورة الواقعة / ١٠ - ١١.

(٦) سورة الزّخرف / ٤٥.

٢١٢

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١) روى الجمهور عن ابن عبّاس , قال : لـمّا نزلت هذه الآية , قال رسول الله لعلي : (( هُم أنت وشيعتك يا عليّ ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين , ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين )).

وعن الحسن البصري(٢) في تفسير قوله تعالى :( مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ . ) (٣) فقال : المشكاة فاطمة ، والمصباح الحسن والحُسين , و( الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) قال : كانت فاطمة كوكباً درّياً بين نساء العالمين( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ) قال : الشّجرة المباركة إبراهيم( لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ) لا يهودية ولا نصرانية( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ) قال : يكاد العلم أن ينطق منها( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ ) قال : فيها إمام بعد إمام( يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) قال : يهدي الله لولايتنا من يشاء , فهنيئاً للمحبّين والشّيعة الموالين أولئك الذين أنعم الله عليهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

ولنذكر في آخر هذا الجزء طرفاً من أنساب ما يجري على الحُسين (عليه‌السلام ) , وذراريه وأصحابه ومواليه ؛ ليعلم النّاظر أنّه لا يُفعل بهم ذلك - كما جاء في الخبر عن سيّد البشر - إلاّ من خبث مولده , وكان مطعوناً عليه في أصله ونسبه.

أمّا يزيد (عليه اللعنة) فإنّه كان جبّاراً عنيداً خبيث الولادة :( وَالّذِي خَبُثَ لاَيَخْرُجُ إِلّا نَكِداً ) (٤) وقد مرّ قول الحُسين (عليه‌السلام ) فيه وفي أبيه , أنّهما شُركاء الشّيطان.

وأمّا عُبيد الله بن زياد , اُمّه مرجانة وأبوه زياد دعيّ لأبي سفيان , وكان يُسمّى بين النّاس زياد بن أبيه ؛ لأنّه لا يُعرف له أب , وكانت اُمّه سوداء نتنة الرّائحة يُقال لها سميّة , وكانت عاهرة ذات علم تُعرف به , وقد وطأها أبو سفيان وهو سكران , فعلقت منه بزياد على فراش بعلها , فدعاها أبو سفيان سرّاً ، فلمّا آل الأمر إلى معاوية , قرّبه إليه وأدناه ورفع منزلته , وعلاه واستخلفه في بلاد الأهواز , وأمّره على ثلاثمئة ألف فارس وأمره بحرب الحسن (عليه‌السلام ) , ولم يزل يحاربه زماناً طويلاً حتّى دسّ إليه سمّاً فقتله , فمات مسموماً رحمة الله عليه.

ولـمّا آل الأمر إلى يزيد بن معاوية لعنه الله تعالى , جعل عُبيد الله بن زياد أميراً على الكوفة وأمره بقتل الحُسين (عليه‌السلام ) , فجهّز العساكر والجنود وحالوا بينه وبين ماء الفرات حتّى أنّهم قتلوه عطشاناً مظلوماً , وذبحوا أطفاله وسبوا عياله , ففعل ابن زياد لعنه الله أضعاف ما فعل يزيد عليه اللعنة( وَالَّذِي خَبُثَ لَا

____________________

(١) سورة البيّنة / ٧.

(٢) هكذا ورد التّفسير في الأصل ، والصّحيح أنّ التّفسير ورد عن أبي الحسن (ع) ، كما في أغلب المصادر ( موقع معهد الإمامين الحسنَين)

(٣) سورة النّور / ٣٥.

(٤) سورة الأعراف / ٥٨.

٢١٣

يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ) (١) .

وأمّا هند بنت عتبة , عتبة عليه اللعنة قتله حمزة عمّ رسول الله , وكان عتبة أميراً في زمن الجاهلية , وهو الذي حارب النّبي في وقعة اُحد حرباً عظيماً , حتّى إنّه أنكسر عسكر النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وشاع الخبر إلى المدينة بقتل النّبي , ورفع الصّراخ بالمدينة أنّه قُتل النّبي , فانخشعت القلوب وبكت العيون , وحزن الأقرباء وبكت السّماء وفرح الأعداء ، وكانت هند - جدّة يزيد - واقفة تضرب بالدّف من شدّة فرحتها بقتل النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :( وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (٢) .

وكان عتبة لعنه الله تعالى , وهو الذي رمى النّبي بحجر ؛ فكسر رباعيته , وشقّ شفتيه , وشج رأسه الشّريف , فوثب حمزة عمّ النّبي فقتل عتبة , فجاءت هند بنت عتبة لوحشي بهبة على أن يقتل لها رسول الله , أو أن يقتل عليّاً أو حمزة ، فقال لها وحشي : أمّا رسول الله فلا سبيل لي عليه ؛ لأنّ أصحابه حافّين من حوله ، وأمّا عليّ بن أبي طالب , فإنّه إذا حارب , فهو أحذر من الذّئب وأروغ من الثّعلب , ولا طاقة لي به ، وأمّا حمزة , فإنّي أقدر عليه ؛ لأنّه إذا حارب وهاج في الحرب , لم يعد يبصر ما بين يديه وما خلفه قال : فلمّا هاج حمزة في الحرب , كمن وحشي وضربه على اُمّ رأسه فقتله , فخرّ صريعاً إلى الأرض , فجاءت هند بنت عتبة عليهما اللعنة , ووقفت على جسد حمزة , وجذعت أذنيه وأنفه , وشقت بطنه , وقطعت أصابعه ونظمتها بخيط وجعلتها قلادة في عنقها , ثمّ أخرجت كبد حمزة وأخذت منه قطعة بأسنانها ومضغتها ؛ حنقاً منها عليه , وأرادت بلعها فلم تقدر على بلعها فقذفتها ؛ لأنّ الله تعالى صان كبد حمزة أن يحل في معدة تُحرق بالنّار فهل سمعتم أو رأيتم امرأة أكلت كبد إنسان غير هند لعنها الله تعالى ؟! :( وَالّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلّا نَكِداً ) .

وأمّا عمر بن سعد , فهو الذي ولاه ابن زياد حرب الحُسين (عليه‌السلام ) , وأمّره على سبعين ألف فارس , وأمره بقتل الحُسين وأصحابه وأطفاله وأهل بيته وسبي نسائه , ففعل ما أمره.

فجرى كلّ واحد من هؤلاء الملاعين على عرقه الخبيث :( وَالّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلّا نَكِداً ) ولقد اختبروا قتلة الحُسين (عليه‌السلام ) , فوجدوهم كلّهم أولاد زنا لصحة قول النّبي فيهم.

فيا إخواني , انظروا إلى هؤلاء الكفرة الفجرة , كيف بالغوا في ظلم الآل ونهب الأموال , وذبح الأطفال وقتل الرّجال وأيّ رجال ، أولئك عليهم لعنة الله

____________________

(١) سورة الأعراف / ٥٨.

(٢) سورة التّوبة / ٣٢.

٢١٤

تعالى والملائكة والنّاس أجمعين ، فعلى الأطائب من أهل بيت الرّسول فليبك الباكون , وإيّاهم فليندب النّادبون , ولمثلهم تذرف الدّموع من العيون ، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان والأشجان , فنظم وقال فيهم:

القصيدة للشيخ داود البحراني

هلموا نبك أصحاب العباء

ونرثي سبط خير الأنبياء

هلموا نبك مقتولاً بكته

ملائكة الإله من السماء

هلموا نبك مقتولاً عليه

بكى وحش المهامة في الفلاء

ألا فابكوا قتيلاً قد بكته

البتولة فاطم ست النساء

ألا فابكوا لثاوي الطف حزناً

ألا فابكو لمذبوح القفاء

ألا فابكوا لمن أضحت عليه

تنوح الجن حزناً بالبكاء

ألا فابكوا المعفر ذبيح

على الرمضاء شلو بالثراء

ألا فابكوا قتيلاً مستباحاً

ألا فابكوا المرمل بالدماء

بنفسي جسم منطرح جريح

على حر الصعيد بلا وطاء

بنفسي من تجول الخيل ركضاً

عليه وهو مسلوب الرداء

بنفسي هاشميات سبايا

يقدن وهن في ذل السباء

بنفسي نسوة جاءت إليه

وهن مولولات بالشجاء

أخي ودع يتامى قد أهينوا

وقد أضحوا باسر الأدعياء

أخي هل بعد بعدك لي محام

لقد أخذ الزمان بكم حماء

أخي أصبحت رهن الطف شلوا

عليك الدهر مشقوق الرداء

أخي أضحى كريمك فوق رمح

يشال كبدر تم في السماء

يعز على أبينا أن يرانا

بأرض الطف نسبى كالإماء

يعز على البتول بأن ترانا

ونحن نضج حولك بالبكاء

وزين العابدين تراه يكبو

يقيد وهو في ضر البلاء

أخي هذي سكينة من حناها

تجرر بامتحان وابتلاء

وتسلب قرطها ظلماً وتدعو

أبي وا ذل حالي يا بلائي

أبي هذي اُميّة ذات صون

ونحن نساق جهراً بالفلاء

٢١٥

تصان اُميّة ولها خدور

ونبرز من خبانا للسباء

كأنا من بنات الزنج نسبى

ونضرب بالسياط بلا خطاء

أيا حصني أيا ذخري وفخري

فقدتك يا سنادي يا رجائي

ألا وأبذل وجهي بعد صون

وضعفي وانتهاكي في الوراء

أخي يابن الرسول أذاب جسمي

حلولك في الثراء بلا وطاء

تدوس الخيل منك قفاك حتّى

وضضن الصدر ظلماً بافتراء

الا يا سيّدي أمسيت أبكي

ويسعدني الحمام على بكائي

ألا يا آل أحمد يا حماتي

وعوني في الشدائد والرخاء

مصابكموا يوقد نار قلبي

ويغريني على كثر البكاء

وهد قواي رزؤكموا وأضحى

نحولي لا يزول ولا عزائي

لقد أمسيت بعدكم حزيناً

قريح الجفن مشغول بداء

إليكم من عبيدكم نظاماً

به أرجو من الباري جزائي

بها يرجو الفتى داود فوزاً

بمحو الذنب يا أهل العباء

وسامعها ومنشدها بشجو

ومن يبكي بحزن لا مراء

وصلّى الله والأملاك طراً

على الهادين من أهل الهداء

ذكر أهل التأريخ , أنّ سبط بن الجوزي كان يعظ على الكرسي بجامع دمشق , فطلب منه أهل المجلس أن يذكر شيئاً في مصرع الحُسين بن عليّ (عليه‌السلام ) , فعند ذلك أنشد يقول :

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

والصور في نشر الخلائق ينفخ

لا بد أ، ترد القيامة فاطم

وقميصها بدم الحُسين ملطخ

ثمّ إنّه وضع المنديل على رأسه واستعبر طويلاً ونزل عن الكرسي وبذلك ختم.

قال بعضهم :

الا عج يوم الطف لا زلت واريا

وللقلب لم تبرح على الصعب لاويا

كم انصدعت أمعاء مهجة أنفس

فليس لها من جرحك الدهر آسيا

٢١٦

وما زال زند الغيض للوجد مضرماً

وضلعي على جمر الغضا منه حانيا

بك انطمست آثار دين مُحمّد

وأصبح فيك الكون بالحزن داجيا

وهد م المجد الأثيل قوامه

فقوض للعليا قباباً رواسيا

وفاضت عيون المكرمات كآية

وجفن العلا ما أنفك بالدمع جاريا

وقامت لحشر الأنبياء قيامة

نرى لكلّ فيها للجريمة جاثيا

بها صور صعق الخلق حرك للفنا

فأصبح فيها حجّة الله ثاويا

ألا أيّها اليوم المشؤوم على الورى

تركت جفون المكرمات دواميا

ضربت بسيف الجور كيوان عزها

فغودر فيه العدل أجدر ضاحيا

سرت منكفي جنح الظلام قوائم

فكورن من ضوء النهاء الدراريا

وسعرن نيران الحروب فزعزعت

قوى العرش حتّى قد برحن الثوانيا

قضت فيك جوراً آل حرب ذحولها

وساءت بآل الأكرمين التقاضيا

وشقت على آل النّبي ستورها

وثجت لها بحراً من الدم ساجيا

لقد أثكل الدنيا لواعجك التي

صببن على كلّ الأنام الدواهيا

وقدّ لها طود الهداية قلبه

وأصبح من ثكل لرزئك واهيا

غداة قضى سبط النّبي مُحمّد

على سغب طاوي الحشاشة ظاميا

حمى حوزة المجد المؤثل وانثنى

يجلي عن الدين الحنيف الغواشيا

قد تمّ الجزء الأول من كتاب (الـمُنتخب)

وسيتلوه (الجزء الثّاني) إن شاء الله تعالى

٢١٧

الفهرس

كلمةُ المؤلّف : ٤

المجلس الأوّل ٥

في الليلة الأولى من عشر المُحرّم ٥

وفيه أبواب ثلاثة ٥

البابُ الأوّل ٥

الباب الثّاني ١٣

المجلس الثّاني ٢٦

في أوّل يوم من عشر الـمُحرّم ٢٦

وفيه أبواب ثلاثة ٢٦

الباب الأوّل ٢٦

الباب الثّاني ٣١

الباب الثّالث ٣٦

المجلس الثّالث ٤٢

في الليلة الثّانية من عشر الـمُحرّم ٤٢

وفيه أبواب ثلاثة ٤٢

الباب الأوّل ٤٢

الباب الثّاني ٤٧

الباب الثّالث ٥٣

المجلس الرّابع ٦١

في اليوم الثّاني من عشر الـمُحرّم ٦١

٢١٨

وفيه أبواب ثلاثة ٦١

الباب الأوّل ٦١

الباب الثّاني ٦٧

الباب الثّالث ٧٥

المجلس الخامس ٨٢

في الليلة الثّالثة من عشر الـمُحرّم ٨٢

وفيه أبواب ثلاثة ٨٢

الباب الأوّل ٨٢

الباب الثّاني ٨٩

الباب الثّالث ٩٧

المجلس السّادس ١٠٤

في اليوم الثّالث من عشر الـمُحرّم ١٠٤

وفيه أبواب ثلاثة ١٠٤

الباب الأوّل ١٠٤

الباب الثّاني ١١١

الباب الثالث ١٢٠

المجلس السّابع ١٢٧

في الليلة الرّابعة من عشر الـمُحرّم ١٢٧

وفيه أبواب ثلاثة ١٢٧

الباب الأوّل ١٢٧

الباب الثّاني ١٣٦

الباب الثّالث ١٤٤

المجلس الثّامن ١٥٠

٢١٩

في اليوم الرّابع من عشر الـمُحرّم ١٥٠

وفيه أبواب ثلاثة ١٥٠

الباب الأول ١٥٠

الباب الثّاني ١٥٦

الباب الثّالث ١٦٢

المجلس التّاسع ١٧٠

في الليلة الخامسة من عشر الـمُحرّم ١٧٠

وفيه أبواب ثلاثة ١٧٠

الباب الأوّل ١٧٠

الباب الثّاني ١٧٩

الباب الثّالث ١٨٧

المجلس العاشر ١٩٤

في اليوم الخامس من عشر الـمُحرّم ١٩٤

وفيه أبواب ثلاثة ١٩٤

الباب الأوّل ١٩٤

الباب الثّاني ٢٠١

الباب الثّالث ٢٠٧

٢٢٠