ديوان فوز الفائز

ديوان فوز الفائز14%

ديوان فوز الفائز مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 418

ديوان فوز الفائز
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84366 / تحميل: 14099
الحجم الحجم الحجم
ديوان فوز الفائز

ديوان فوز الفائز

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

من شيلتك قلبي غدا يشتعل نيران

شايل اخوانك يالاخو كلها ولبنين

ودّع عضيده اُوامر ابحث الظعينه

ما بين ماهم طالعين امن المدينه

إلا ابصيحة فاطم الكبرى الحزينه

اتنادي يبويه ريضوا لي ياضيا العين

اِتنادي يبويه اظعونكم لي ريّضوها

لجل الحزينة يا رجالي ودعوها

بيها اعملوا معروف ويّاكم اخذوها

خذني مع ايتامك يبويه والنساوين

بنتك يبويه فاطمة عبّى صبرها

امر ابتوقيف الظعينة من نظرها

حسرى اُوتصفق فوق هامتها عشرها

قلبه انكسر من زود صيحتها ولحنين

اتنادي يبويه ابداركم لا تتركوني

بالله عليكم داخله معكم اخذوني

وابطول غيبتكم يبويه تحزنوني

انا مع عمّي على افراقك حزينين

نادى عليها والدمع بالخد مسفوح

امر قضاه الله قبل واتكتب باللوح

وانا لاَرض الطفّ ابتعنا وباروح

طول الدهرباسكن ارضها اُو طول لسنين

قالت يبن طاها اُو ياسين اُو عمّه

خلوا الطفل عندي اِباقبله اُو بشمه

من ريحتك خلّه أبا ضمّه اُو وبلثمه

من ريحة اعمومي مع اخواني العليِّين

قلها يمحزونة الأمر كاين اُو مكتوب

ردّي أبوك اِمن العدى واليوم مطلوب

قالت على افراقك يبعد اَهلي اباذوب

اُوردت تودعهم اُو تذرف مدمع العين

الله ياهي امصيبة عظمى اُو فجيعه

يوم غدت اتودع البوها اُو رضيعه

ظلّت تودّعهم اِباحشاءٍ وجيعه

إلى دارها ردّت تنادي يا ضيا العين

* * *

بالعيد لا تهنونّي بالعيد لا تهنونّي

انا ابهلي مفجوعة بالعيد لا تهنونّي

يا سايلك ياداره وين الذي ايسكنونك

هذي الركايب تاخت معتادها يلفونك

شالوا هلي وارجالي ماظنتي يأتونك

ياللي لفيتوا لينا بالعيد لا تهنّوني

انا ابحزن في داري واعصابتي مشدوده

يا ليتني قبل الابوا يسافر انا مفقوده

هاللي طلع من داره طلبواعسى الله ايعوده

اُوتالي تعالوا داري بالعيد انا هنّوني

١٢١

انتو لبستوا الزينة وانا لبست اِسوادى

انتو فرح باقلوبكم وانا حزن بافّادي

عيد العظيم الأكبر يوم يرد اِسنادي

اُوتالي تعالوا ليّه بالعيد انا هنّوني

كل النسا ابولياتها واحنا بلا والينا

بالعيد مالي فرحه بالعيد مالي زينه

عيد الضحيّة اقبل واِحسين عيّد وينه

شال ابهله وارجاله بالعيد لا تهنّوني

منبر أبويه خالي يبكي على خطّابه

والمدرسة صكّوها يبكي العلم طلابه

واما اخوه محمّد النوح صاير دابه

دوبه يحن اُو ينتحب بالعيد لا تهنّوني

* * *

١٢٢

هذا فصل في أحوال لقاء عبد الله بن جعفر بالحسين (عليه‌السلام ).

خروجه من أرض مكّة :

باقي البقيّة بوعلي حثّ السرا اُوشال

اُوحث الظعينة من هله سبعين خيّال

يحسين لا تقصد الكوفة في هالمسير

هاتف هتف بك بالسما ينعى لك ايشير

تمشي المطايا والمنايا معكُم اتسير

معلوم يابن المصطفى قربت الآجال

والله فجيعة شيلتك يا حدا الفراقد

ويلاه من شمتت عدونا والحواسد

منهو لشدتنا يمذخور الشدايد

يامنقذ الاُمّة اُويا معطي السؤال

ماهو من خوف المنيّة عازم اتشيل

عن دار جدّك يا ولينا ابظلمة الليل

لكن عهد اللي عهدنا بيه جبريل

رايح بتقضى للعهد يا باقي الآل

يازين عرش الله اُو يا شمس المضيّه

باتشيل وانخلي منازلكم خليّه

او قبلك فلا اسمعنا ذكر للغاضريّه

واسمعت انا من قول هاتف بالسما قال

غوث الصريخ اِحسين باسنين المحيله

واللي جعله الله إلى الاُمّة وسيله

واشتق اسمه من أساميه الجليله

من بعض خدّام السبط جبريل اُو ميكال

يحسين كاتبنا اُولا تخفي علينا

وانكان هالغيبة بطيّة يا ولينا

رسل من الاُخوة لنا واحد يجينا

والله على فرقى اخواني مدمعي سال

* * *

يابوي ظعن اِحسين من مكّةمشى اُوشال

هذيك رايه بوالحسن خوّاض لهوال

١٢٣

هذا العلم منشور قدّام الظعينه

والناس في ضجه اُوهم متحاولينه

مدري يبويه هالظعينة اتريد وينه

استوفى العدو منا اِديونه والظعن نال

يا بوي ذا جاسم اُو هذا البطل عبّاس

واسمع زلازل بالظعن من ضجّة النّاس

والكُلّ يبكي اُو يلطم اِبأيده على الراس

وا ضيعة الإسلام وا ركن الهدى مال

يابوي قدّام الظعن خالي اشوفه

معلوم قاصد بالسري بلدة الكوفه

من سمع قول ابنه بكى واصفق اكفوفه

اُوظل يجدب الونّة اُومن عينه الدمع سال

شوف الظعن لا وين ماشي يا شفيّه

يمكن إلى طيبة الولي قصده الجيّه

قال الظعن قاصد أراضي الغاضريّه

يا ما بها اِيقاسي ولينا اِهموم واهوال

لكن يبويه زيد حسراتك ولحنين

والبس اثياب الحزن لجل افراق لحسين

ما تسمع الضجّة من احريمه ولبنين

اُوالكُل ينادي ليت ظعن اِحسين ما شال

يابني انا ما شوف بس اسمع الرنّه

هيا ابيجل لحسين سوقوا له ظعنّه

وانكان شال اِحسين شال العز عنّه

نطوي بيارقنا اُو عدونا فينا احتال

سرقوا الظعن يا بناي باوافي حبيبي

بس ما أوصّل له اُونشق يا بناي حبيبي

معلوم هذي طلعته من غير طيبي

باقي البقيّة اِحسين ظعنة قوّض اُوشال

* * *

لاوين شايل يا حبيب الهاشميّه

شايل ابها النسوه اُو بعيالك سويّه

باسايلك يا نور عرش الله الوهّاج

يا مأمن الخايف اُو مقصد كُلِّ محتاج

شنهو السبب تطلع اُو باكر موقف الحاج

قلي ولا تخفي يسلطان البريّه

إنكان ناوي للسفر يابن الأماجيد

اقضي لحجك برض مكّة اُوعيّد العيد

قله ابو السجّاد اُودمع العين تبديد

حجي اُوعيدي في اطفوف الغاضريّه

باحج فيها حج ماحجوا النبيين

من آدم الأوّل إلى سيّد الكونين

واتصير هي كعبة إلى الشيعة المحبّين

إلى وين يا زوّار قالوا الغاضريّه

حجي اهناك ابكربلا مذكور موصوف

ماهو بوادي عرفه في أرض الطفوف

١٢٤

فيها ابسعى وباهرول وباطوف

اما طوافي حول لخيام الخليّه

حجي ابوادي كربلا يذكر اُو يوصف

ماهوه في وادي مني في وادي الطف

فيها ابهرول وبا السعى وباوقف

على اجساد بالثرى ظلوا رميّه

باوقف على سبّعين جثّة بضّعوها

شربة اُمّيّة ويح قلبي ما سقوها

ويلي عليهم ساعة اللي ينحروها

وانا اناديهم اُودمعاتي جريّه

قوموا يفرسان الوغى سرجوا على الخيل

اُوحملوا على الرايه اُوواثبوا يا بهاليل

اوركبوا عوايدكم اُوسووا نهارها ليل

اُوردوا عداكم عن اخدور الهاشميّه

* * *

يحسين وادي عرفه يرقب مجيّك

اُوهذي المروة والصفا يرجون سعياك

والمسجد الأعظم صلوتك يرتجيها

اُو هذي الكعبة ترتجيك اتطوف بيها

اوكل المشاعر ترتجي اُوقوفك عليها

ايضاً اُوادي عرفة يرقب مجيّك

في ليلة العاشر بكى لجلك المشعر

واصبح عاشر لك بكى وادي محسّر

اوادي منّي لك بالأسف ناح اوتزفر

أيضاً اُو ثلاث العقبات تبكي لرميك

حتّى الضحايالك بكت مع مسجدالخيف

اُو تبكي لك الاجمار يا مؤوي كُل امخيف

كل المناسك والمشاعر دمعها اذريف

والناس كُلها يلتجون ابظل فيك

اُوحجر الذبيح اينوح كُل صبح اُوعشيّه

وأمّا الحطيم انحطم من عظم الرزيّه

والحجر الأسود تزلزل يا شفيّه

والبيت ينعى يوم ايس من مجيك

اُو تبكي لك العمره اُولبست ثوب لحداد

والحج والمحرم نعوك ابنوح تعداد

ايقولون وابدر طلع عنّا ولا عاد

اُوناحت صلوة العيد والخطبة ابنعيك

اُولبس المَخيط اينوح الك في يوم عاشور

اُوبكى لك التقصير يا نسل الأطاهر

١٢٥

وأمّا التحلّق ناح ليك اِبدمع ناثر

اُومكّة اُوطيبة بالأسف ناحت ابنعيك

اوأمّا المقام اينوح من بعدك اُوينعاك

اُو بير زمزم يرتجي يحسين ملقاك

اويبكيك وادي عرفه ويا ضحاياك

ايضاً طوافك وين يا لوالي اوسعيك

* * *

حجّي مهو بالحج حجّي يا شفيّه

حجّي اُو مطافي بادخره في الغاضريّه

حجّي مهو بالحج حجّي يوم عاشور

جسمي الكعبة والحجر نحري المنحور

اُوحجر النّبي اِسماعيل الأكبر المبرور

اُوأمّا مبيتي في منى في الغاضريّه

عندي ضحايا يا افضل الموجود في الكون

أفضل من اللي كان واللي بعد بيكون

قومي اُو ولدي اُو عزوتي كُلهم يذبحون

واتصير موطى اجسومهم بالأعوجيّه

عندي ضحايا ما أحد ضحّى مثلهم

عندي ضحايا كربلا شبّان كُلهم

الأرض ترجف والسما تبكي لجلهم

هاللي تعاينهم ضحايا الغاضريّه

ذولا ارجالي يابن عمّي والأضاحي

واسبوع حربي في الحريبة اُوهم اذباحي

وابقى اَنا كالطير مكسورٍ جناحي

من غير ناصر في اطفوف الغاضريّه

اُو فيها بهرول يوم حجي سبعة أشواط

اُوفيها المروّة المعركة والصفى الفسطاط

وانا الكعبة والحجر وانا المحتاط

اُواما مبيتي في منى في الغاضريّه

والحاج تنزع للحرام اُوتلبس امخيط

وانا اتعرى وانخبط بالخيل تخبيط

مالي امخيط غير فيض الدم لعبيط

اُو ظهري مكسور من اطراد الأعوجيّه

وأمّا امفيض الحاج شيل الحرم للشام

اُو أمّا الدعا والتلبية ضجّة الأيتام

فوق الهزل تنعى اُودمع العين سجّام

ضيّعتني يحسين بارض الغاضريّه

* * *

لاوين ناوي اليوم يا باقي البقيّه

رد الجواب اُوقال لارض الغاضريّه

حتّى اشوفك جاي ليه تبغي اتزور

اُو باتشوف كعبة كربلا نحري المنحور

وابقى ثلاثتيّام فيها غير مقبور

اُو صدري اِمكسّر من اِطراد الأعوجيّه

وادفن يبن عمّي بلا غسل اُو تكفين

اُو تقصدني الزوّار من كُلِّ البلادين

١٢٦

واتصير مقصد كربلا دون الأراضين

لاوين يا زوّار قالوا الغاضريّه

واحريمنا تبقى بلا اِمحامي ولا اكفيل

بين الأعادي تركب اظهور المهازيل

ما عندهم كافل يلوذوا به سوى اِعليل

مشغول باغلاله على ظهر المطيّه

دوبه يحن اعلى المطيّه ابدمع بادي

خليتني يا ياب ما بين الاعادي

زنجيل في صدري اُو مغلول الأيادي

وان قال يا بويه تشتمه بنو اُميّه

دوبه يحن ويقول قومي فارقوني

راحوا ابجمعهم ارجالي واَوحشوني

مالي امساعد بين أعدا ضيّعوني

لابقى عليهم طول عمري في عزيّه

ما ينقضي حزني عليهم ليل وانهار

دوبه يحن اُو ينتحب والدمع نثّار

اُو ينتخي ابجدّه المرتضى حيدر الكرّار

عود يبن عمي الدهر جاير عليه

* * *

اليوم ثامن باكر الموقف يلحسين

هيّد ظعونك يالولي اُوحج بالمسلمين

لا تفجع الإسلام يا شيخ العشيره

اخروجك ابهذا اليوم للشيعه كسيره

منهو إلى الخايف يبو سكنة يجيره

وا ذلة الإسلام بعدك يا ضيا العين

قلّه أمامي موقفي اُو موقف اُولادي

في وادي اعلا اُواشرف كُل وادي

اُو فيها بضحي باخوتي اُو جملة اُولادي

اُو جملة بني هاشم وانصاري المحبين

اُو هذي لبدور اللي يبن عمّي تراهم

ذولا اذباحي ليت لك عين تراهم

فوق الثرى صرعى اُوغسلهم من دماهم

تبقى ثلاثتّيام لا غسل اُولا تكفين

اُوأمّا الكعبة نحري اللي ينحرونه

والحجر صدري اُو بالعوادي ايقبّلونه

والهرولة يوم عضيدي يذبّحونه

ويّا اخواني اُو جملة اُولادي ولبنين

لو ما الدعاء والتلبيّة ضجّة يتاماي

في وسط خيمتهم عطاشى تطلب الماي

اُو زينب تنادي راحت ارجالي اوولياي

اُوأمّا المفيض إلى منى سير النساوين

١٢٧

من غير والي فوق اعجاف المطايا

من كربلا للشام ايسيروهم هدايا

قلّه يبن عمي صلتني هالرزايا

اشبيدي على افراقك يبن طاها اُو ياسين

هذي اُولادي خذهم ايروحون ويّاك

من جملة اُولادك يليت الأهل تفداك

يا ليت تسلم يالولي والعالم افداك

نغصت شربي اُو مطعمي يا قرة العين

* * *

١٢٨

هذا فصل في أحوال مسلم بن عقيل (عليه‌السلام ) وأحواله في الكوفة :

بالله يها لواقف اِبابي اُودمعك ايسيل

اسقيتك الماء روح لهلك هوّد الليل

قلها يحرمه ما إليّه اِبهالبلد دار

اُومالي عشيرة اُولا إلي اِمحامي ولا اَنصار

وحدي ابهالبلدة غريب اليوم محتار

داري ابعيدة اُوضعت في بلدة اراذيل

قالت اخبرني باسمك اُومن يا قبيله

قلها اُودمعاته على خدّه هطيله

والله يحرمه عزوتي عزوه جليله

من بيت هاللي نزل بيّه الروح جبريل

وانكان اردتين النسب من آل ياسين

انا ابن اخو حيدر الضيغم مظهر الدين

طبيّت هالبلدة رسول امن الولي احسين

اُوخانوا عهدي اُوتابعوا الفاجر الضلّيل

واريد من فضلك ابهاليلة الفيني

خايف ابهالبلده الاعادي طالبيني

ليت البطل عبّاس والأكبر يجوني

اُو جاسم اُوعون ايجون باسيوف مساليل

هلّت دمعها اُونادته بالله اِدخل الدار

تفديك روحي يابن اخو حيدر الكرّار

يا ليت عند اِحسين توصل عنّك أخبار

اِنكان جاك امن المدينة بهاليل

قلها أبو السجّاد سافر بالحموله

اُوظل بالمدينة محمّد اُوذيك العليله

هي تجدب الونّة اُوهو دمعه يسيله

واُمّ البنين اِعلى الحمولة اتصيح بالويل

* * *

١٢٩

سمعت صهيل الخيل طوعه اُوجات في الحين

تنظر إلى مسلم اُولنّه يهمل العين

قالت يمسلم ليتك ما صاحبك نوم

قلها صحيح من ابقلبه كثرة اهموم

في النوم شفت المصطفى الهادي ولعموم

اُوكُلهم يطوعه لجل أحزاني حزينين

قلي الهادي اليوم يا مسلم تجينه

ما تصبح إلّا القوم بيتك حايطينه

الهم ضغاين يالولد سابق علينه

واليوم أبدوا اللي ابخواطرهم امكتمين

إتجدّدت حسراتها امن الحزن طوعه

مسلم تشوفه يحكي اُو تهمل ادموعه

إفراق اَهله اُوحدته أحنت اِضلوعه

ويش حال من عنّه هله أمسوا بعيدين

قالت يمسلم لو يقبلوني فديتك

اِبمالي اُوروحي اُولا تجي يمّك منيتك

ما حاضرك مسلم أحد من اَهل بيتك

ايشوفونك امحيّر اُوعدوانك امسلحين

ودعتك الله يا غريب بأرض كوفان

جسمك من اَحزانك يمسلم صار وجعان

يا ليت عمّك حاضرك خيّال لحصان

ويشوف حالك ما إلك ناصر ولا اِمعين

ودّعتك الله يا غريب الأهل والدار

يا لخانته الكوفة أهلها اِصغار واِكبار

وامسى ابديرة غرب حاير يضرب أفكار

ليته درى ابحالك أبو السجّاد لحسين

قلنا يطوعه ما ابردتْ غلّة افادي

اراويك في هالكفر محمود الجهادي

عمّي عَليْ متهولني كثر الأعادي

بس في ضميري حسرةٌ من اجل لحسين

* * *

لحد يمسلم خانت ابعهدك الأنذال

لكن بديت المرجلة يا فحل لرجال

لولا الحفيرة والقضا وافق الحيله

ما صابك ابن ازياد بارجاله اُوخيله

لكنّهم يوم الحرب صابوك غيله

فعلة خمايم فيك ماهي فعلة اِرجال

والله لو حربك معاهم في سعة بر

ما كان صاروا بالحرايب منّك أظفر

يا حيّ ذاك الوجه منّك يا غضنفر

ليتك حشتهم في سعة مطراد خيال

١٣٠

اِتمنيت حاضر يوم حرب الغاضريّه

يوم تصك اجموعهم بالسمهريّه

اُو زينب تنادي راحت ارجالي سويّه

أفنى أهلنا السيف ما بقّى لنا ارجال

اُوحاز المراجل من ضرب بالسيف واروى

هاني طعن بالعود اُوحد السيف روى

يا راية البيضا على هاني بن عروه

محمودة اُوصافك يبن عروة ابهلفعال

* * *

مسلم على رأسه وقع مغلول ليدين

يبكي ويصعد زفرته لفراق الحسين

طلعوا ابهاني والبطل مسلم إلى السوق

اُوكُل واحد ابحلقة حبل مربوق

والله فعايلهم اِبها لأمجاد ميلوق

ويش الجنو للذبح صاروا مستحقين

اُوفي السكك والأسواق قاموا يسحبوهم

والخلق بالأحجار ظلّوا يضربوهم

اُو أمّا هل الكوفة مكنهم يعرفوهم

ولا روّعوا حرمه إلى الكرّار اَبو احسين

يا ليت اَبو السجّاد يحضرهم يراهم

ينظر جثثهم ما تواروا في ثراهم

مسلم اُوهاني أصبحوا ابولية اعداهم

واَمست نساهم من بعدهم مستعدّين

والروس فوق اِرماح ودّوهم إلى الشام

ويعايدوا في الشام اَهلها سبعة ايام

ويزيد امر بالفرح للخاص والعام

وامر يدوروا ابروسهم كُل البلادين

وارسل إلى ابن ازياد في خطه يخبره

ان حشت سبط المصطفى مهجة الزهرا

بعد الذبح بالخيل رض صدره اُو ظهره

وارفع كريمه ابرمحه واحرق للصياوين

ولا تبقى من بني حيدر بقيّه

اُوكسر اعضاهم بالخيول الأعوجيّه

اوفوق الهزل ركب نساء الهاشميّه

ثاراتنا ابصفّين ناخذها من احسين

لا بارك الله في زمان خان عهده

واخرج سليل المرتضى من وطن جدّه

١٣١

امسى ابمكّة حاير ابأهله اُوولده

ما حصل له ايتمم الحج دون المسلمين

* * *

جيّه يحيدر جيّه مسلم ذبح بالكوفه

يا ليت لنك حاظر واتعاينه واتشوفه

جيّه يحيدر جيّه مسلم ترى خانوا به

باحبال شدوا رجله قوم الخنا اُوداروا به

يا ليت لنّك حاظر واتشوف ما فعلوا به

لفقار سله عاجل اُو بالخيل طب الكوفه

يا ليت شفت اُولاده يوم الخبر وصلهم

ذبوا العمايم بالثرى وابكوا اُوبكوا عمهم

وامخدراتك بالخيم تبكي اُوزايد همهم

من حين سمعوا بالخبر مسلم ذبح بالكوفه

واِحسين قام اينادي اُوبالعجل دشّ اخيامه

حطّ الفتاة ابحجره وامدامعه سجّامه

حسّت ابذبحة بوها اُوقالت لقاه احمامه

اُوقالت يعمّي الكوفة هي بالغدر معروفه

ظلت تنوح البوها واخوانها لسعدوها

واحسويم آل المصطفى بامصابها ايعزوها

اُوقالت البيعة ياهلي نكثوا بها اوخانوها

يا ليت ابويه انظره ابعيني انا واشوفه

ضجوا النساء في ضجه وارتج ذاك الوادي

هذي تقول ياعمي اُوهذي تقول يسنادي

اوهذي تقول يامسلم شمتت علي حسادي

اُوصاحواعليه ابصيحه مسلم ذبح بالكوفه

عبّاس نادى ابصوته قوموا ادركوا والينا

احنا اُولاد المرتضى والكفر ما تولينا

يحسين اخويه هذي اُول مصيبه فينا

سور لنا غدروا به اُولاد الخنا بالكوفه

١٣٢

زينب تجر الحسرة وادموعها تتناثر

حيدر تثور ابهمه والسيف بيدك شاهر

مدري جبن لو ذله لو المقدر صاير

هذا عزيزك ينتحب وامدامعه مذروفه

جارت عليه الاُمّة اُونكثوا يبويه البيعه

وابن الخنا بالكوفة ابن ازياد صاد الشيعه

واحنا عقب والينا نرجى الهضم والضيعه

امصيبه اُوقعه اُوزلزله حلت ابأرض الكوفه

* * *

لولا القضا والحيلة لولا القضا والحيله

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

ليت القضا وخر له حربه معاهم ساعه

ولا اعملوا هالحيله ايشوفون طولة باعه

الله يهل الكوفة منكم ما واحد طاعه

مانتوا كفو اتقربونه لولا القضا والحيله

صوّل عليهم وحده يا حيّها من صوله

صولات عمّه حيدر ياليتهم ثبتوا له

إبوحدته ما فكّر والحيلة المعموله

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

في ساعة ميشومة حاطوه اباحفيرتهم

يوم وقع بالحفرة دارت عليه دولتهم

يا ليت عنده قومه ويعاينوا فعلتهم

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

ما هي شجاعة منهم ما هم كفو ايقربونه

لولا قضا بارينا خلّاهم ايقيدونه

مسلم ذبح بارجاله من ويش ما جيتونه

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

يا آل غالب ثوروا وابدولة حربيّه

اُوشيلوا جنازة مسلم فوق الترب مرميّه

١٣٣

حتّى اِنكم اتواروها عَجلوا لها بالجيّه

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

ليكم ترى بالكوفة اجنازة مطروحه

قوموا لمسلم هيا جيبوا دواء لجروحه

شوفوا ادمومه سايله فوق الترب مسفوحه

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

* * *

يا آل غالب قوموا يا آل غالب قوموا

دفنوا جنازة مسلم يا آل غالب قوموا

مرمي ابترب الكوفة ميت ولا حد شاله

يهل الفخر والشيمه سرعوا له ابشياله

كيف نسيتوا مسلم يا عزوته اُويا ارجاله

دفنوا جنازة مسلم يا آل غالب قوموا

يحسين مسلم ميت شنهوالعذر ما تجي ليه

اُول ذبيح منكم ما جيتوا التغسيله

عن حر ترب الكوفة يحسين ماتجي اتشيله

دفنوا جنازة مسلم يا آل غالب قوموا

يحسين أهل الكوفة خانوا العهد والبيعه

أهل الغدر والحيلة ما هم ترى لك شيعه

سلوا عليك اسيوفهم بعد العهد والبيعه

دفنوا جنازة مسلم يا آل غالب قوموا

ليتك تعاين حاله بالجيش يوم جوله

اتنهض اُوباسم الله انتدب ياليتهم ثبتوا له

مثل القطاء المندعر من صال ذيك الصوله

اينادي ابهله وارجاله يا آل غالب قوموا

١٣٤

زعزع اجموع الكوفة من حين صول فيها

مثل الأسد باطراره والرعب حله بيها

واجموعهم ما راعته يوم توطى بيها

يا ليتكم جيتونه يا آل غالب قوموا

يا ولاد عبد المطلب يا ليتكم جيتونه

وضعوا حبل بارجوله اُوقاموا اله ايجرونه

مسلم جنازة امعطّلة ما جيتوا اتدفنونه

دفنوا اجنازة مسلم يا آل غالب قوموا

يهل الفخر والشيمة ماذا التواني منكم

ماجاتكم اخباره ما حد لفى خبّركم

مسلم ذبح بالكوفة شنهو الذي أخركم

ما جيتوا اتدفنونه يا آل غالب قوموا

يهل الفخر والشيمة يهل الفخر والشيمه

في ثار مسلم قوموا يهل الفخر والشيمه

ما هم اكفاية حربه يوم الفزع والصايح

يا ليتكم شفتونه وسط الحفيرة طايح

هيا دنصبوا الماتم على الغريب النازح

مرمي ولا جيتونه يهل الفخر والشيمه

ضاعت ادمومٌ ليكُم ما بين أهل الكوفه

أضحت عليكم للعدى متباشره اُومشغوفه

راياتهم منثورة اُوراياتكم ملفوفه

في ثار مسلم ثوروا يهل الفخر والشيمه

لولا الحفيرة اُوسابق امر قضاه الباري

جابوه عند الطاغي يبكي ابدمع جاري

وينه هلي ميجوني حتّى يدركوا ثادي

في ثار مسلم قوموا يهل الفخر والشيمه

عند اللعين الطاغي جابوا له ايقيدونه

امر عليه ابن الخنا امن اعلى القصر يرمونه

١٣٥

يهل الفخر والمرجلة يا ليتكم شفتونه

في ثار مسلم قوموا يهل الفخر والشيمه

ماجت لكم اخباره يا اَهل الفخر العالي

يوم العدى ايذبونه من فوق قصر عالي

طول الغيبه بالنجف هزاز لحصون

اُوخلا بناته ابلا ولي للشام يمضون

وابقى عفير ابدمه مرمي بليا اموالي

ماحدحضر له منكم يهل الفخر والشيمه

يهل الحميّة ثوروا واسيوفكم مسلوله

اُونار الحرب خلوها ابعدوانكم مشعوله

مدري الخبر ما جاكم قبل الحرب والصوله

وانتوا الحميّة فنكم يهل الفخر والشيمه

وا ضيعتي يابن اُمّي وا فجعتي ياسنادي

مسلم ذبح بالكوفة أوّل ذبيح اُوبادي

راح اُومضى اُوضيّعني واشمتت علي حسّادي

هيا ابعجل ردّونا يهل الفخر والشيمه

قلها السبط يا زينب أنّا لنا والرجعه

حن اُوبكى واتزفّر واجرى ابخده دمعه

يختي المدينة ليها هيهات مامن رجعه

في ثار مسلم قوموا يهل الفخر والشيمه

* * *

اِبمنزل زبالا خبر مسلم وصل اِحسين

من مجلسه قام ابعجل دشّ الصياوين

يبكي على مسلم اُودمع العين سجّام

في الحال قرّب طفلته واَمسح على الهام

قالت يبو سكنة يعمّي اُو خير لعمام

اشلون تفعل بيه فعل ليتام يحسين

معلوم اَبويه ذاق نحبه بأرض كوفان

قلها اَنا عزّك واُولادي الك اخوان

في الحال شقت جيبها اُونادت النسوان

قوموا اسعدوني راح عزي يا خواتين

التموا عليها الحرم كلهم يسعدوها

في النوح والضجه على ذبحة ابوها

فوق لخدود ادموعهم حسرى جروها

واظلم الوادي من مناح الهاشمين

ما تسمع إلّا في الخيم للحرم ضجّات

هذي تجر ونّة اُوهذي تصفق الراحات

١٣٦

اُوهذي تنادي وا ذبيح بالظما مات

لَحد يمسلم أضحت اُولادك يتيمين

اوهذي تنادي اُوتصفق ابكفهاعلى الراس

لَحد يمسلم قبل غيرك تشرب الكاس

ويش حال من صابوه عدوانه الأرجاس

في دار غربة اُو عزوته عنّه ابعيدين

او زينب مدامعها على خدها هتونه

واتقول مسلم ذبح ماحنا حاضرينه

يا ليت أهله عن اِشماله اُوعن يمينه

ويّا بني عدنان من حوله امدرعين

لحد يمسلم ما حضرنا لك ابيومك

يوم طحت مرمي عفير في ادموك

يا ليت تسمع بالبكا ضجّات قومك

لجلك أبو السجّاد صب امدامع العين

شد الظعينة اُوقوم ردنا للمدينه

من يوم جانا خبر مسلم ذابحينه

شد الظعينة اُوقوم ردنا ابلاد جدنا

خوفي نتم بعدك بلا والي وحدنا

يحسين بعدك من إلى طيبة يردنا

خوفي يخويه اتدور دنيانا علينا

مسلم تبدى بالشهادة اُوراح للجنان

اُوذبّوه من عالي القصر في أرض كوفان

ناحت على امصابه جميع الإنس والجان

والأرض ناحت والسما ضجّت حزينه

لحد يحيدر كيف تسكن في الغريّين

واتشوف مسلم منذبح بين الملاعين

لم لا تطر اللحد يابو الحسن واحسين

اُو تاخذ لثار الهل الكوفة قاتلينه

طاهر تزفر والدمع من مدمعه سال

هيهات ما نرجع إلى طيبة ابهالحال

حتّى نخوض ابحور عسكرهم ولهوال

وانموت لو ناخذ يعمي ابثار ابونا

اُو زينب تنادي والدمع بالخد مبدود

لَحد يمسلم تنذبح يا معدن الجود

والله حسافة ابدار غربة اتروح مفقود

ايحق لي انا لبقى على امصابك حزينه

اوساق الظعينة بوعلي للغاضريّه

يقدمهم العبّاس قيدوم السريّه

حين اتوها وقف مهر ابن الزكيّه

قلهم يفتيان تحطوا للضعينه

* * *

١٣٧

هذا فصل في أحوال وهب ومرور الحسين (عليه‌السلام ) على منزله ، ووصايا الحسين (عليه‌السلام ) لاُمِّ وهب :

أمست بني عدنان بالأظعان ماشين

اِيحثّون مسراهم قصدهم للعراقين

قدّامهم شيخ العشيرة حامي الجار

من حوله الشبّان وولاده ولنصار

والعلم في ايد البطل ذلك المغوار

والرمح فيه العلم واحسامه باليمين

اينادي ابصوته يابني عدنان هيا

حوطوا ظعينتكم بفرسان الضريّه

احنا ابسرانا قاصدين الغاضريّه

بارواحنا نفدي ابو السجّاد لحسين

كل ما مشى منزل ايتبعونه ابمسراه

سبعين الف لموا عن يمينه اُو يسراه

والعطش فت اقلوبهم والناحوا حداه

قالوا تلفنا العطش يا نور المسلمين

الناح سبط المصطفى الفسطاط فدا

جاله اُومن حوله بني هاشم ولقوام

ما شاف الا نسوة في ذيك لخيام

سلم اُوردوا للسلام اعليه في الحين

سايل عن الماء واخبروه ابصورة الحال

الوى لعند الماء اُوقام ايزيح لرمال

حفروا ولن صخره بدت من صخر لجبال

اُوعجزواعن الصخره اُوقلعهاالطاهراحسين

واتفجرت ما بين اصابيعه الأنهار

والماي يجري بلقفار اُو ظهر لزهار

اُو روى اَصحابه بالعجل جدالسر اُوسار

والتاح للخيمة يوصّي للنساوين

قالوا الوهب هاللي رايته ابلذة النوم

قاصد اراضي كربلا يا وهب معلوم

١٣٨

خلّه يشد الظعن لا يمهل ولا يوم

واحنا أمامه بالظعينة اليوم ماشين

شال الشهيداِحسين اُواقبل وهب في الحين

عاين الوادي اُوشاف للاَنهار جارين

احتار لمن شاف انهار جريّه

معلوم بالوادي اجتاز ابن الزكيّه

لو مر طاها المصطفى لومر وصيّه

ما يصبر هذا الا فعل احد النبيين

اقبل إلى الخيمة اُوهو يصفق اكفوفه

ايسايل امه اُودمعته ابخده ذروفه

قالت لفانا ابن النّبي قاصد الكوفه

اُوصاك يابني تلحقه يا خير لبنين

يا وهب مر الخيمتك ووصا علينا

قولوا لوهب بالعجل يلحقنا اويجينا

يابني اَصحابه عن اشماله وعن يمينه

ويّاه نسوه في هوادجهم حزينين

قدّام ظعنه يا وهب فارس ضرغام

ايقولون هذا ابن الوصي زرّاق لرخام

اِيقولون لك هذا ظعنهم سار قدّام

سايلت عن سلطانهم قالوا لي احسين

ياوهب كبدي اتفطرت من ضجت انساه

اُولدري ابهذا النوح والفرسان ويّاه

فرسان من حوله عن ايمينه اُويسراه

حول الظعينة يا وهب كُلهم اِمسلحين

قلها اعجل يا ولده في داعة الله

الفسطاط اباقشع له اُوباتو كُل على الله

بالحق ابو سكنه ايمامي حجة الله

لابد ما اتشوفين جسمي بالثرى اطعين

بقشع الخيمة اُوبلحق ابن الهاشمية

عندي خبر بيروح ارض الغاضريّه

بالنوم شفت المصطفى خير البريّه

جدّه اُوقال انصر عزيزي اُوقرّة العين

* * *

بدر طلع من يثرب تمشي وراه انجومه

ماظنني هالطلعه الا طلعة مشومه

١٣٩

مروا على وادينا وازهر اُوزاد ازهاره

واشجار ذيك اليابسه اينع لنا باثماره

يا رايحا من طيبة الله يعوده داره

اُوتاضى مرابع طيبة من غرته واعلومه

اوصى عليه اُوقلي يا وهب شد ارحالك

عمرك فداله بيعه واترك جميع اموالك

شد الظعينة يابني واحمل معاك اعيالك

يابني اُوسيل ادمومك قبل تسيل ادمومه

ان كان انته يابني في امري اُوفي طوعي

اطلب ثواب الباري ارجوعك اله وارجوعي

وانصر غريب الزهرا هاللي تصيح اضلوعي

مغصوبة ميراثها فوق الوجه ملطومه

باتجي ابيوم المحشر واتصيح يا اُولادي

امه ابويه بعده يارب حرقوا افادي

واحد قتيل ابسمه اُواحد ذبيح الوادي

ولا كفاهم قتله ابنار الخيم مضرومه

اوتالي البتولة اتسايل منهو نصر لجنيني

اُومنهو اللي قام المآتم وابذبحته ايعزيني

ليكون يابني ايفوتك نصره اُوتخيب اظنوني

قلها بعد يا والده اُوحق القتل مع قومه

وامه الزهرا اتسايل يوم الحشر لقيامه

انتو ذبحتوا جنيني وانتوا حرقتوا اخيامه

وانتوا رضضتوا صدره وانتوا سلبتوا ايتامه

وانتوا ذبحتوا اطفاله يا امة الميشومه

يا وهب شد ظعونك وانا معك شياله

والحق عزيز الزهرا يا ضيغم الخياله

بالأمس انا ضافوني يا وهب يابني ساعه

بالعجل شد ظعونك بانروح اله فزاعه

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الابتعاد عن إيذاء المؤمنين

يقول الحسين بن أبي العلاء: كنَّا في نحو عشرين نفراً عزمنا على الحَجِّ إلى بيت الله الحرام في مصاريف مُشتركة. وكنت أذبح لهم شاة في كل منزل ننزل فيه. وفي يوم، ونحن في السفر، زرت الإمام الصادق (عليه السلام)، فقال لي: (يا حسين، أُتذلُّ المؤمنين؟!).

قلت: أعوذ بالله مِن ذلك.

فقال (عليه السلام): (بلغني أنَّك تذبح لهم في كلِّ منزل شاةً).

فقلت: يا مولاي، والله ما أردت بذلك غير وجه الله تعالى.

فقال (عليه السلام): (أما كنت ترى أنَّ فيهم مَن يُحبُّ أنْ يفعل مثل أفعالك فلا يبلغ مقدرته ذلك، فيتقاصر إليه نفسه؟!).

قلت: يا ابن رسول الله، أستغفر الله ولا أعود.

لم يكن الحسين بن العلاء يرى مِن عمله سوى قرى رفاق سفره، دون أنْ ينتبه لما في ذلك في تحقير للآخرين، فبيَّن له الإمام الصادق عيبه الأخلاقي، فتنبَّه الرجل إلى ذلك فوراً، ولم يعد لمثله (1) .

____________________

(1) الأخلاق، ج1.

٣٢١

اتَّق الله ولا تَعجل

عن جرير بن مرزام قال:

قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): إنِّي أُريد العُمرة، فأوصني.

قال: (اتَّق الله ولا تَعجل).

فقلت: أوصني. فلم يزد على هذا.

إنَّ العجلة والتسرُّع كانا واضحين في أُسلوب تفكيره، فهو في أول منزل مِن منازل سفره يُصادف مجهولاً ويسمع منه ما لا يُحبُّ أن يسمع. وبدلاً مِن أنْ يُناقش الرجل ويُصحِّح له خطأه، يُقرِّر مُنازلته وقتله، ولكنَّه يلتزم وصية الإمام الصادق (عليه السلام) ويُمسك نفسه عن تنفيذ قراره.

كان مُعلِّم الأخلاق الإسلاميَّة يعرف عيب جرير الخلقي، فاستثمر فرصة طلبه النصح فأوصاه بعدم التسرّع الذي كان مِن أهمِّ عُيوبه، وبذلك نجَّاه مِن خطر السقوط.

٣٢٢

الإسراف مذموم

كان منصور بن عمّار مارَّاً قرب بيت قاضي بغداد، وكان باب البيت مفتوح، فوقف منصور أمام الباب وأخذ ينظر إلى داخل البيت واسع وضخم، ولفت نظره الغرف المفروشة والأواني الفاخرة، وتعدُّد الغُلمان والخُدَّام، وتعجَّب مِن هذه الزخارف والزينة.

طلب منصور ماءً للوضوء، فملأ أحد الغُلمان إبريقاً كبيراً وجاء به إليه، وعندما جلس ليتوضَّأ أراق ماء الإبريق كلَّه، وشاهده قاضي بغداد فقال له:

يا منصور، لماذا هذا الإسراف في الماء؟

أجاب منصور: أيَّها القاضي، أنت تُحاسبي في الماء المُباح للوضوء، ولا تُحاسب نفسك على هذا الإسراف العجيب في البناء!

والله يعلم مِن أين جاءتك هذه الأموال، ولم تكتف بمنزل صغير وخادم؟!

لماذا كلُّ هذا الإسراف وتحمُّل المعصية؟!

انتبه قاضي بغداد مِن غفلته بسبب كلام منصور، واعتدل بعد ذلك في صرف الأموال (1) .

____________________

(1) الأخلاق، ج1.

٣٢٣

الشيطان لن ينصح مُسلماً

هناك حديث مرويٌّ عن الإمام الصادق (عليه السلام) يدور حوله حوار يجري بين النبي يَحيى (عليه السلام)، وإبليس العدوِّ اللدود لبني آدم، فيُمعن النبيُّ يحيى (عليه السلام) النظر في أقوال إبليس ويستفيد منها.

قال يحيى: (فهل ظفرت بيَ ساعة قطُّ؟).

قال: لا، ولكنْ فيك خِصلة تُعجبني.

قال يحيى: (فما هي؟).

قال: أنت رجل أكول، فإذا أفطرت أكلت وبشمت، فيمنعك ذلك مِن صلاتك وقيامك بالليل.

قال يحيى: (فإنِّي أُعطي الله بهذا (عهداً) أنِّي لا أشبع مِن الطعام حتَّى ألقاه).

قال له إبليس: وإنِّي أُعطي الله عهداً أنِّي لا أنصح مسلماً حتَّى ألقاه (1) .

____________________

(1) الأخلاق، ج1.

٣٢٤

لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ

أرسل الخليفة العباسي عبد الله بن طاهر والياً على خراسان، فدخل هذا بجنوده مدينة نيسابور، واستقرَّ بهم في المواضع المُخصَّصة لهم، إلا أنَّها لم تتَّسع لهم جميعاً، فوزَّع بعض جنوده على الأهالي وأجبرهم على استضافتهم، فأثار فيهم موجة مِن السخط والتذمُّر.

واتَّفق لأحد الجنود أنْ يسُكن مع رجل غيور زوجته جميلة، فاضطرَّ الرجل إلى أنْ يترك عمله ليبقى في البيت رقيباً لئلا تتعرَّض زوجه لاعتداء مِن الجنديِّ الشابِّ.

في أحد الأيَّام طلب الجندي من صاحب البيت أنْ يأخذ فرسه ليورده الماء غير أنَّ الرجل الذي لم يكن - مِن جِهة - يجرؤ على ترك زوجه مع الجنديِّ وحدهما في البيت، ويخاف - مِن جِهة أُخرى - رفض طلب الجندي، قال لزوجه أنْ تأخذ هي الفرس إلى الماء، ويبقى هو للمُحافظة على أثاث البيت، فأخذت الزوجة بزمام الفرس واتَّجهت نحو موضع الماء.

وفي تلك اللحظة اتَّفق أنْ مَرَّ عبد الله بن طاهر مِن ذلك المكان، فرأى امرأة وقوراً جميلة تقود فرساً نحو الماء، فعُجب مِن ذلك، واستدعى المرأة وقال لها: لا أراك مِن اللواتي يوردن الخيل، فما الذي دعاك إلى هذا؟!

قالت المرأة بغضب: هذا نتيجة عمل عبد الله بن طاهر الظالم، ثمَّ شرحت له الأمر.

تأثَّر عبد الله مِن قول المرأة وغَضب على نفسه؛ لأنَّه كان سبباً في أنْ يَشعر أهل نيسابور بالتعاسة والشقاء، فأمر المُنادين أنْ ينادوا في البلدة أنْ على جميع الجنود الخروج مِن المدينة حتَّى الغروب مِن ذلك اليوم، ومَن بات منهم في المدينة يُهدر

٣٢٥

ماله ودمه.

وترك هو المدينة إلى (شادياخ) القريبة مِن نيسابور حيث لحق به جنوده، فبنى في تلك المنطقة الواسعة لنفسه قصراً ولجنوده مقرَّات يسكنونها.

هذه المرأة التي كانت حياتها عُرضة للخطر ذكرت عبد الله بن طاهر بالسوء، فكان مِن أثر هذا الكلام والذَّمِّ الموجع أنْ حلَّ العُقدة ورفع الظلم، لا عن نفسها وزوجها فحسب، بلْ إنَّه قد أنقذ سائر الناس مِن التعسُّف والجور، وَوُضِع حَدٌّ للحالة المُزرية التي مَرَّت بها مدينة نيسابور.

وهذا هو مصداق الآية القرآنيَّة: ( لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ... ) (النساء: 148) (1) .

____________________

(1) الأخلاق، ج1.

٣٢٦

اللَّهمَّ إنِّي أمسيت عنه راضياً فارضَ عنه

ومثلما يسعى الناس بدافع مِمَّا فيهم مِن أنانيَّة ورغبة في الحياة، إلى مُعالجة أمراضهم الجسميَّة، ويبحثون عن الدواء والعلاج، كذلك يسعى الذين يتمسَّكون بالحياة الإنسانيَّة والمعنويَّة بدافع مِن حُبِّ الذات وعِشق السموِّ والكمال، مِن أجل إصلاح أفكارهم وأخلاقهم، ويُباشرون بإرادة قويَّة بمُعالجة أنفسهم، فيقومون بواجباتهم، دون أنْ يُبالوا بالمشقَّات والصعاب. هؤلاء يستطيعون تزكية أنفسهم بما يبذلونه مِن سَعي وجُهد، ويتخلَّقون بمكارم الأخلاق والسجايا الإنسانيَّة، ليبلغوا في النهاية الكمال اللائق بمقام الإنسان.

أمثال هؤلاء كثيرون بين المسلمين، مُنذ عهد الرسول حتَّى العصر الحاضر، مِن الرجال والنساء مِن ذوي الإرادة القويَّة والعزم الراسخ، وعلى الرغم مِن أنْ أكثريَّة هؤلاء مجهلون، إلاَّ أنَّ التاريخ احتفظ لنا ببعض الأسماء، وفيها اسم عبد الله ذي البِجادَين.

كان عبد الله مِن قبيلة (هزينة) وكان اسمه عبد العُزَّى - والعُزَّى هو أحد أصنام عرب الجاهليَّة - مات أبوه وهو صغير، فكفله عَمُّه العابد للأصنام فعَني به وربَّاه حتَّى بلغ سِنَّ الشباب، فوهب له بعض أمواله وأغنامه. يومئذ كان الإسلام قد بدأ يُثير الحماس والتحرُّك في الناس، وكان كلام يدور في كلِّ مكان على هذا الدين الجديد، فكان أنْ أخذ عبد العُزَّى الشابّ يبحث عن حقيقة أمر هذا الدين بكلِّ حَماس وعِشق، مُتابعاً جميع الشؤون الإسلاميَّة، وعلى أثر سماعه كلام نبيِّ الإسلام والتعرُّف على التعاليم الإلهيَّة، أدرك فساد المُعتقدات التي كان هو وقبيلته يتَّبعونه، فعافت نفسه الأصنام وعبادتها والعادات الجاهليَّة، وآمن في قلبه بدين الله ولكنَّه لم يُظهر ذلك علانيَّة رعاية لعَمِّه.

٣٢٧

ظلَّت الحال على هذا المنوال بعض الوقت. وبعد فتح مَكَّة قال يوماً لعمِّه: ظللت أنتظرك طويلاً أنْ تعود إلى نفسك فتُسلِم وأُسلم معك، ولكنِّي أراك لا تُريد أنْ تترك عبادة الأصنام، وما تزال تُصرُّ على دينك الباطل، فاسمح لي أنْ أعتنق أنا الإسلام وألتحق بركب المسلمين. كان عَمُّه قد طرق سمعه مِن قِبل ميول ابن أخيه إلى الإسلام؛ لذلك غضب عند سماع كلامه غضباً شديداً، وقال: إنَّه لن يسمح له أبداً بذلك، وأقسم أنَّه إذا خالفه واعتنق الإسلام فسوف يسترجع منه كلَّ ما كان قد وهبه له.

كان الرجل يظنُّ أنَّ ابن أخيه الشابَّ سوف يرجع عن رأيه في الإسلام إذا هدَّده بانتزاع كلِّ شيء منه، وأنَّه سوف يطرد فكرة اعتناق الإسلام مِن رأسه، ويبقى عاكفاً على عبادة الأصنام. ولكنَّ الشابَّ كان مسلماً حقيقيَّاً، لا يُمكن أنْ تتزلزل عقيدته بالتهديد والوعيد، ولا أنْ يرجع عمَّا عزم عليه، فأعلن إسلامه بكلِّ جُرأة وصراحة، ولم يعبأ بالتهديدات الماليَّة.

عند ذلك لم يجد العمُّ إزاء مقالة الشابِّ إلاّ أنْ يُنفِّذ تهديده، فاسترجع منه كلَّ الأموال التي كان قد أعطاها له، ونزع عنه حتَّى الثوب الذي كان يرتديه، فانطلق الشابُّ عارياً إلى أُمِّه وقال لها: أحمل هوى الإسلام، ولا أطلب منك سوى إكساء العُريان. فأعطته أُمُّه قطعة مِن قماش كتَّان عندها، فشقَّها نِصفين كسا عُريِّه بهما واتَّخذ سبيله في الطريق إلى المدينة للتشرّف برؤية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

كان الفتى قد فُتِن بالحقيقة التي اكتشفها، فامتلأ قلبه بالثورة والحماس، والطهارة والخلوص، والصدق والصفاء. كان يغذُّ السير، كطائر أُطلق مِن سجنه وأصبح حُرَّاً يُحلِّق حيث يشاء، يُريد أنْ يرى رسول الإسلام بأسرع ما يستطيع؛ ليعُبَّ مِن عذب نمير تعاليمه الإلهيَّة المُحيية؛ ليصنع نفسه كما يليق به، ولينال السعادة الحقيقية والكمال الإنسانيِّ المنشود.

دخل المسجد بين الطلوعين عندما كان المسلمون قد اجتمعوا لأداء فريضة

٣٢٨

صلاة الصبح، فأدَّاها جماعة معهم بإمامة رسول الله. وبعد الصلاة استدعاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسأله عمَّن يكون، فقال له: اسمي عبد العُزَّى.

ثمَّ سرد عليه ما جرى له. فقال الرسول: (اسمك عبد الله).

وإذ رآه يلفُّ نفسه بتينك القطعتين مِن القماش لقَّبه بذي البِجادَين. ومُنذ ذلك اليوم عرفه الناس باسم عبد الله ذي البِجادَين.

وخرج عبد الله ذو البِجادَين مع المسلمين في حرب تبوك مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتوفَّاه الله في هذه الغزوة. وعند دفنه قام النبي بنفسه بإنزال جسده إلى القبر. وبعد الانتهاء مِن مراسم الدفن، اتَّجه إلى القبلة، ورفع يديه نحو السماء ودعا له قائلاً: (اللَّهمَّ، إنِّي أمسيت عنه راضياً فارضَ عنه).

٣٢٩

التضرُّع إلى الله وأسباب الانتصار

في إحدى الحروب الإسلاميَّة حاصر جُند الإسلام إحدى قِلاع العدوِّ، بهدف الاستيلاء عليها بالقوَّة العسكريَّة، غير أنَّ القلعة كانت حصينة وطالت أيَّام الحصار. وعلى الرغم مِن أنَّ جُند الإسلام بذلوا خلال تلك المُدَّة جهوداً جبَّارة ومساعي حميدة؛ فإنَّهم لم ينجحوا في اقتحام الحِصن، فأخذت معنويَّات الجيش تهبط شيئاً فشيئاً، ويضعف عزمهم على الاستمرار .

وإذ وجد قائد الجيش أنَّ انتصاره في تلك الظروف مُستبعَد جِدَّاً، توجَّه إلى الله تعالى واستعاذ به مِن ذِلِّ النكوص فصام أيَّاماً، ورفع يديه بالدعاء إلى الله مُخلصاً صادقاً، طالباً الانتصار على العدوِّ، فتقبَّل الله تعالى دعواته، وسُرعان ما استجاب له .

كان القائد في أحد الأيَّام جالساً، فشاهد كلباً أسود يركض بين المُعسكر فشدَّ ذلك انتباهه وراح يُدقِّق فيه. وبعد ساعات وجد الكلب نفسه على حائط القلعة، فأدرك أنَّ للقلعة طريقاً إلى الخارج، وأنَّ الكلب يأتي مِن القلعة إلى المُعسكر بحثاً عن طعام ويعود إليه. فكلَّف بعض الجُند بتقصِّي مسير الكلب لمعرفة الطريق الذي يسلكه، ولكنَّهم لم يوفَّقوا للعثور على الطريق. فأمر بجراب أنْ يلوَّث بالسمن لإغراء الكلب به، ويملأ بالدفن ويُثقب في عِدَّة مواضع لينساب منه الحَبُّ فيما يجرُّ الكلب الجراب إلى حيث يُريد. ففعلوا ما أمر به، وألقوا بالجراب في المُعسكر في طريق الكلب .

وفي اليوم التالي خرج الكلب مِن القلعة مُتَّجهاً إلى المُعسكر حتَّى وصل إلى الجراب المدهون، فعضَّ عليه بأسنانه وكَرَّ راجعاً إلى القلعة، مُخلِّفاً وراءه حبَّات الدفن التي كانت تسقط مِن ثقوب الجراب. وبعد ساعة تتبَّع الجُند آثار الدفن على الأرض حتَّى وصلوا في النهاية إلى نقب كبير كان

٣٣٠

يسمح بالدخول إلى القلعة بيُسر وسهولة. فعيَّن القائد موعداً لجنده فاجتازوا النقب إلى داخل القلعة، وهاجموا العدوَّ الذي لم يجد بُدَّاً مِن الاستسلام، وانتهى الحصار بانتصار الإسلام .

لقد كان هذا الكلب دائم التردُّد على المُعسكر، ولكنَّ أحداً مِن الضباط والجنود لم يلتفت إليه؛ لأنَّ أحداً منهم لم يخطر له أنْ يكون هذا الحيوان سبباً لفتح القلعة ولانتصار المسلمين، ولكنَّ الله سبحانه وتعالى عندما استجاب دعوة القائد، أوقع في قلبه أنْ يتنبَّه إلى الكلب كسبب مِن أسباب الانتصار، وبذلك أخرج المسلمين مِن مُشكلتهم الكُبرى، وفتح أمامهم باب الظفر، وأنقذهم مِن ذِلِّ الهزيمة والانكسار (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣١

يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ

إنَّ الله تعالى قد يشاء أنْ يصون المؤمنين مِن الأخطار والبلايا، بطُرق خارقة للعادة عن طريق إزالة العِلَّة التي تتهدَّدهم بالخطر، ومِن ذلك صيانة خليل الرحمان مِن الاحتراق بنيران عَبدة الأصنام .

لقد حطَّم النبي إبراهيم (عليه السلام) أصنام المُشركين، فأثار غضبهم، فقرَّروا أنْ يُحرقوه دفاعاً عن أصنامهم، فأوقدوا ناراً عظيمة وألقوا به فيها .

في مثل هذه الحالة لم يكن أمام إبراهيم الخليل مفرٌّ مِن الاحتراق في تلك النيران ليستحيل رماداً، ولكنَّ الله لم يُرِدْ له ذلك، بلْ أراد أنْ يصونه مِن نيرانهم، فقال للنار: ( ... يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) (الأنبياء: 69 ).

فانقلبت النار المُحرقة برداً وسلاماً عليه بمشية الله تعالى الخاصَّة، وتبدَّل ذلك السعير المُلتهب إلى جوٍّ مِن السلامة خالٍ مِن كلِّ خطرٍ، وانهارت خُطَّة المُشركين في إحراق نبيِّ الله، وظلَّ سليماً في حفظ الله وصيانته (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٢

لا يَخرج الرجل عن مَسقط رأسه بالدَّين

إنَّ محمد بن أبي عمير كان رجلاً بزَّازاً فذهب ماله وافتقر، وكان له على رجل عشرة آلاف درهم، فباع داراً له كان يسكنها بعشرة آلاف درهم، وحمل المال إلى بابه، فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال: ما هذا؟

قال: هذا مالك الذي عليَّ .

قال: ورثته؟

قال: لا .

قال: وهِبَ لك؟

قال: لا .

قال: فهل هو ثمن ضيعة بعتها؟

قال: لا .

قال: فما هو؟

قال: بعت داري التي أسكنها لأقضي دَيني .

فقال محمد بن أبي عمير: حدَّثني ذريح المُحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (لا يخرج الرجل عن مَسقط رأسه بالدَّين) (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٣

أذلُّ الناس مَن أهان الناس

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (أذلُّ الناس مَن أهان الناس ).

روي أنَّ عمر بن عبد العزيز دخل إليه رجل، فذكر عنده عن رجلٍ شيئاً .

فقال عمر: إنْ شئتَ نظرنا في أمرك، فإنْ كنت كاذباً فأنت مِن أهل هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ) (الحجرات: 6)، وإنْ كنت صادقاً فأنت مِن أهل هذه الآية: ( هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ ) (القلم: 11)، وإنْ شئتَ عَفونا عنك؟

فقال: العفو، لا أعود إلى مثل ذلك أبداً (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٤

البادئ أظلم

كان مُعاوية بن أبي سفيان مِن بني أُميَّّة، وعقيل مِن بني هاشم، وكان آل هاشم سادات قريش، مُكرَّمين ومُحترمين، بينما كان آل أُميَّة يشعرون قِبالهم بالصِّغار والضِّعة، فكان ذلك مُدعاة لحِقدهم على آل هاشم، والسعي لمُعاداتهم والانتقام منهم .

كان مجلس مُعاوية في الشام يوماً مُكتظَّاً بالحاضرين، ومنهم عقيل، فأراد مُعاوية أنْ ينتهز الفرصة لينتقص منه، فالتفت إلى الحاضرين وسألهم، أتدرون مَن أبو لهب؟ الذي قال عنه القرآن: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ... ) (المسد: 1) إنَّه عَمُّ عقيل هذا .

فبادر عقيل قائلاً: أتدرون مَن كانت زوج أبي لهب؟ التي قال عنها القرآن: ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ) (المسد: 4 - 5) إنَّها عَمَّة مُعاوية هذا .

كان مُعاوية يومئذ في أوج سُلطانه وفي يده أزمَّة الأُمور في البلاد الإسلاميَّة الشاسعة، فلم يكن أحد ليجرؤ على إهانته، ولكنَّه بكلامه المُهين الذي قاله في عقيل، مزَّق ستار الاحترام عن نفسه وجرَّأ عقيلاً على أنْ يُكلِّمه بغِلظة، وأنْ يردَّ إهانته بمِثلها ويُحقِّره أمام الحاضرين (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٥

لعنة الله على الظالمين

كان الحَكم مِن ألدِّ أعداء الإسلام، وساهم مع مُشركي مَكَّة في إيذاء الرسول والمسلمين، وبعد هِجرة الرسول إلى المدينة، ظلَّ الحَكم في صفوف أعداء الإسلام ولم يترك إيذاء المسلمين، وعندما فتح جُند الإسلام مَكَّة تظاهر باعتناق الإسلام، وترك مَكَّة إلى المدينة، ولكنَّه لم يكفَّ هناك عن أعماله القبيحة، فاضطرَّ الرسول إلى نفيه إلى الطائف حيث ظلَّ حتَّى حُكم عثمان .

بعد موت يزيد بن مُعاوية، تسلَّم مروان بن الحَكم كرسيَّ الخلافة في الشام، وراح يدير شؤون البلاد، غير أنَّ أهل مَكَّة والمدينة لم يُبايعوه؛ لأنَّهم كانوا قد بايعوا عبد الله بن الزبير بالخلافة على نجد والحِجاز .

وبعد موت مروان خَلَفه ابنه عبد الملك، فصمَّم هذا على القضاء علىخلافة عبد الله بن الزبير عن طريق الحرب؛ ليبسط سُلطانه على تلك البلاد أيضاً، فأرسل الحَجَّاج بن يوسف على رأس جيش إلى مَكَّة، حيث اندلعت حرب ضَروس، انتصر فيها الحَجَّاج، وقتل عبد الله بن الزبير، ودخلت منطقة نجد والحِجاز الواسعة في مُلك عبد الملك القويِّ .

كان لعبد الله بن الزبير ولد اسمه ثابت اشتهر بالخطابة، حتَّى سمَّوه بلسان آل الزبير، وفي أحد الأيَّام دخل ثابت على عبد الملك، خليفة بني مروان المُقتدر مبعوثاً مِن قبل شخصٍ ما. فبادر عبد الملك إلى تحقيره وذكر مثالب آل الزبير، وقال له: إنَّ أباك كان يعرفك يوم سبَّك وشتمك .

فغضب ثابت مِن كلامه، وقال له: يا خليفة، أتدري لِمَ كان أبي يسبُّني؟

قال: كلا .

قال ثابت: لأنِّي كنت أنصحه بألاَّ يدخل الحرب اعتماداً على مُساندة أهل مَكَّة؛ لأنَّ الله لا ينصر بهم أحد؛ ولأنَّ أهل مَكَّة هُمْ الذين آذوا الرسول وأخرجوه منها،

٣٣٦

ثمَّ جاؤوا إلى المدينة واستمرُّوا في فسادهم وقبيح أعمالهم، حتَّى نفاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منها عقاباً لهم .

كان هذا تعريفاً مِن ثابت بن عبد الله بالحَكم بن أبي العاص، جَدِّ عبد الملك قصد به رَدَّ إهانته والانتقام منه لما تفوّه به عنه، فغضب عبد الملك، وقال: لعنة الله عليك .

فردَّ ثابت في الحال: لعنة الله على الظالمين، كما لعنهم الله في القرآن الكريم .

وكان هذا تعريفاً آخر بعبد الملك، فاشتدَّ غضبه وأمر بسجن ثابت .

عبد الملك بن مروان، الخليفة القويُّ المُقتدر، بذكره مثالب ثابت بن عبد الله عرَّض نفسه لإهانته وتحقيره، وبلعنه زاد مِن جُرأة ثابت على رَدِّ اللعنة، وإنْ كان مِن دون تصريح، وبسجنه دلَّ على ضعفه وكَشف عن عجزه، وكأنَّه في الحقيقة قد اعترف بهزيمته (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٧

ما كان أحسن ترتيبه لنفسه ولصاحبه

كان ليزيد بن أبي مسلم مقامٌ رفيعٌ في حكومة الحَجَّاج، إذ كان كاتبه الخاصَّ، ولكنَّه كان يتدخَّل في كلِّ أمر. وفي أيَّام خلافة سليمان بن عبد الملك طُرِد مِن وظيفته وأصبح غير مرغوب فيه .

وفي يوم مِن الأيَّام أُدخل على سليمان بن عبد الملك وهو مُكبَّل بالحديد، فلمَّا رآه ازدراه، فقال :

ما رأيت كاليوم قطُّ. لعنَ الله رجلاً أجرك رَسنه وحَكَّمك في أمره .

فقال له يزيد: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنَّك رأيتني والأمر عنِّي مُدبر، وعليك مُقبل، ولو رأيتني والأمر مُقبل عليَّ لأستعظمت منِّي ما استصغرت، ولأستجللت منِّي ما استحقرت .

قال: صدقت، فاجلِس، لا أُمَّ لك .

فلمَّا استقرَّ به المجلس، قال سليمان: عزمت عليك لتُخبرني عن الحَجَّاج، ما ظنُّك به؟ أتراه يهوي في جهنَّم، أمْ قد استقرَّ فيها؟

قال: يا أمير المؤمنين، لا تقلُ هذا في الحَجَّاج، فقد بذل لكم نصَفه وأحقن دونكم دمه، وأمَّن وليكم، وأخاف عدوَّكم، وإنَّ يوم القيامة لعن يمين أبيك عبد الملك ويسار أخيك الوليد، فاجعله حيث شئت .

فصاح سليمان: أُخرج عنِّي إلى لعنة الله .

ثمَّ التفت إلى جلسائه فقال: قبَّحه الله! ما كان أحسن ترتيبه لنفسه ولصاحبه، ولقد أحسن المُكافأة، خلُّوا سبيله (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٨

لا تذيعَنَّ شيئاً على أخيك تَهدم به مروَّته

محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الأوَّل (عليه السلام)، قال :

قلت له: الرجل مِن إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه، فأسأله ذلك فيُنكره، وقد أخبرني قوم ثقات .

قال لي: (يا محمد، كَذِّب سمعك وبصرك على أخيك، فإنْ شهد عندك قَسَّامة قالوا لك قولاً فصدِّقه وكذِّبهم، ولا تُذيعن عليه شيئاً تُشينه به وتهدم به مروَّته، فتكون مِن الذين قال الله تعالى فيهم: ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ... ) ) (النور: 19) (1) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٩

مُروءة قائدٍ

كان إسماعيل بن أحمد الساماني يحكُم بلاد ما وراء النهر، فعزم عمرو بن الليث الصفاري على أنْ يُحاربه، ويُخرجه مِن ما وراء النهر، ويضمَّ أرضه إلى أرض بلدته التي يحكمها، فجهَّز جيشاً كبيراً في نيسابور، ثمَّ انطلق نحو بلخ، فبعث إليه إسماعيل بن أحمد برسالة قائلاً:

إنَّك تحكم أرضاً واسعة بينما لا أحكم أنا إلاَّ على منطقة صغيرة مِن ما وراء النهر، فاقنع بما عندك واترك لي ما عندي. ولكن عمرو بن الليث لم يلتفت إلى قوله، وواصل سيره وعبر نهر جيحون وطوى المنازل حتَّى بلغ بلخ.

هناك اختار مكاناً لجيشه، حيث حفر الخنادق وأعدَّ المراصد وقضى بضعة أيَّام يتهيَّأ للقتال، بينما ظلَّت فرق جيشه تتوافد وتستقرُّ في المكان المُخصَّص لها.

أمَّا قوَّاد إسماعيل بن أحمد وحاشيته، الذين كانوا قد سمعوا بشجاعة عمرو بن الليث، فعندما شاهدوا كثرة جنوده المُدجَّجين بالسلاح ارتعبوا وتشاوروا فيما بينهم قائلين: إنَّنا إنْ دخلنا الحرب مع عمرو وجنوده الأشدَّاء فإمَّا أنْ نُقتل عن آخرنا، وإمَّا أنْ نولِّي الأدبار عندما يَحمى وطيس الحرب ونرضى بذِلِّ الفرار، وكلا هذين الأمرين ليس فيهما عقل ولا صلاح، فمِن الخير - إذنْ - أنْ نغتنم الفرصة فنتقرَّب إليه ونطلب منه الأمان قبل أنْ تقع الهزيمة المُحتَّمة فهو رجل عاقل وقويٌّ، ولا يُنتظر منه أنْ تشوَّه سمعته بقتل هذا وذاك وهو سلاح العجزة والحَمقى.

فقال أحد الحاضرين: هذا كلام معقول ونصحُ شفوق فلا بُدَّ مِن العمل به.

فتقرَّر أنْ يجتمعوا في ليلة مُعيَّنة؛ لينفذُّوا ما عزموا عليه، وفي الليلة المُعيَّنة اجتمعوا وكتب كلٌّ منهم رسالة إلى عمرو يَعرضون عليه إخلاصهم ووفاءهم له طالبين منه الأمان، ووصلت الرسائل إلى يد عمرو، فقرأها واطّلع على مضامينها، ووضعها في خُرجه وختمه بختمه وأرسل إليهم بالأمان الذي طلبوه.

ودارت رَحى الحرب وانتصر إسماعيل بن أحمد بخلاف ما كان قوَّاده يتوقَّعون،

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418