ديوان فوز الفائز

ديوان فوز الفائز14%

ديوان فوز الفائز مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 418

ديوان فوز الفائز
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84348 / تحميل: 14084
الحجم الحجم الحجم
ديوان فوز الفائز

ديوان فوز الفائز

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

من شيلتك قلبي غدا يشتعل نيران

شايل اخوانك يالاخو كلها ولبنين

ودّع عضيده اُوامر ابحث الظعينه

ما بين ماهم طالعين امن المدينه

إلا ابصيحة فاطم الكبرى الحزينه

اتنادي يبويه ريضوا لي ياضيا العين

اِتنادي يبويه اظعونكم لي ريّضوها

لجل الحزينة يا رجالي ودعوها

بيها اعملوا معروف ويّاكم اخذوها

خذني مع ايتامك يبويه والنساوين

بنتك يبويه فاطمة عبّى صبرها

امر ابتوقيف الظعينة من نظرها

حسرى اُوتصفق فوق هامتها عشرها

قلبه انكسر من زود صيحتها ولحنين

اتنادي يبويه ابداركم لا تتركوني

بالله عليكم داخله معكم اخذوني

وابطول غيبتكم يبويه تحزنوني

انا مع عمّي على افراقك حزينين

نادى عليها والدمع بالخد مسفوح

امر قضاه الله قبل واتكتب باللوح

وانا لاَرض الطفّ ابتعنا وباروح

طول الدهرباسكن ارضها اُو طول لسنين

قالت يبن طاها اُو ياسين اُو عمّه

خلوا الطفل عندي اِباقبله اُو بشمه

من ريحتك خلّه أبا ضمّه اُو وبلثمه

من ريحة اعمومي مع اخواني العليِّين

قلها يمحزونة الأمر كاين اُو مكتوب

ردّي أبوك اِمن العدى واليوم مطلوب

قالت على افراقك يبعد اَهلي اباذوب

اُوردت تودعهم اُو تذرف مدمع العين

الله ياهي امصيبة عظمى اُو فجيعه

يوم غدت اتودع البوها اُو رضيعه

ظلّت تودّعهم اِباحشاءٍ وجيعه

إلى دارها ردّت تنادي يا ضيا العين

* * *

بالعيد لا تهنونّي بالعيد لا تهنونّي

انا ابهلي مفجوعة بالعيد لا تهنونّي

يا سايلك ياداره وين الذي ايسكنونك

هذي الركايب تاخت معتادها يلفونك

شالوا هلي وارجالي ماظنتي يأتونك

ياللي لفيتوا لينا بالعيد لا تهنّوني

انا ابحزن في داري واعصابتي مشدوده

يا ليتني قبل الابوا يسافر انا مفقوده

هاللي طلع من داره طلبواعسى الله ايعوده

اُوتالي تعالوا داري بالعيد انا هنّوني

١٢١

انتو لبستوا الزينة وانا لبست اِسوادى

انتو فرح باقلوبكم وانا حزن بافّادي

عيد العظيم الأكبر يوم يرد اِسنادي

اُوتالي تعالوا ليّه بالعيد انا هنّوني

كل النسا ابولياتها واحنا بلا والينا

بالعيد مالي فرحه بالعيد مالي زينه

عيد الضحيّة اقبل واِحسين عيّد وينه

شال ابهله وارجاله بالعيد لا تهنّوني

منبر أبويه خالي يبكي على خطّابه

والمدرسة صكّوها يبكي العلم طلابه

واما اخوه محمّد النوح صاير دابه

دوبه يحن اُو ينتحب بالعيد لا تهنّوني

* * *

١٢٢

هذا فصل في أحوال لقاء عبد الله بن جعفر بالحسين (عليه‌السلام ).

خروجه من أرض مكّة :

باقي البقيّة بوعلي حثّ السرا اُوشال

اُوحث الظعينة من هله سبعين خيّال

يحسين لا تقصد الكوفة في هالمسير

هاتف هتف بك بالسما ينعى لك ايشير

تمشي المطايا والمنايا معكُم اتسير

معلوم يابن المصطفى قربت الآجال

والله فجيعة شيلتك يا حدا الفراقد

ويلاه من شمتت عدونا والحواسد

منهو لشدتنا يمذخور الشدايد

يامنقذ الاُمّة اُويا معطي السؤال

ماهو من خوف المنيّة عازم اتشيل

عن دار جدّك يا ولينا ابظلمة الليل

لكن عهد اللي عهدنا بيه جبريل

رايح بتقضى للعهد يا باقي الآل

يازين عرش الله اُو يا شمس المضيّه

باتشيل وانخلي منازلكم خليّه

او قبلك فلا اسمعنا ذكر للغاضريّه

واسمعت انا من قول هاتف بالسما قال

غوث الصريخ اِحسين باسنين المحيله

واللي جعله الله إلى الاُمّة وسيله

واشتق اسمه من أساميه الجليله

من بعض خدّام السبط جبريل اُو ميكال

يحسين كاتبنا اُولا تخفي علينا

وانكان هالغيبة بطيّة يا ولينا

رسل من الاُخوة لنا واحد يجينا

والله على فرقى اخواني مدمعي سال

* * *

يابوي ظعن اِحسين من مكّةمشى اُوشال

هذيك رايه بوالحسن خوّاض لهوال

١٢٣

هذا العلم منشور قدّام الظعينه

والناس في ضجه اُوهم متحاولينه

مدري يبويه هالظعينة اتريد وينه

استوفى العدو منا اِديونه والظعن نال

يا بوي ذا جاسم اُو هذا البطل عبّاس

واسمع زلازل بالظعن من ضجّة النّاس

والكُلّ يبكي اُو يلطم اِبأيده على الراس

وا ضيعة الإسلام وا ركن الهدى مال

يابوي قدّام الظعن خالي اشوفه

معلوم قاصد بالسري بلدة الكوفه

من سمع قول ابنه بكى واصفق اكفوفه

اُوظل يجدب الونّة اُومن عينه الدمع سال

شوف الظعن لا وين ماشي يا شفيّه

يمكن إلى طيبة الولي قصده الجيّه

قال الظعن قاصد أراضي الغاضريّه

يا ما بها اِيقاسي ولينا اِهموم واهوال

لكن يبويه زيد حسراتك ولحنين

والبس اثياب الحزن لجل افراق لحسين

ما تسمع الضجّة من احريمه ولبنين

اُوالكُل ينادي ليت ظعن اِحسين ما شال

يابني انا ما شوف بس اسمع الرنّه

هيا ابيجل لحسين سوقوا له ظعنّه

وانكان شال اِحسين شال العز عنّه

نطوي بيارقنا اُو عدونا فينا احتال

سرقوا الظعن يا بناي باوافي حبيبي

بس ما أوصّل له اُونشق يا بناي حبيبي

معلوم هذي طلعته من غير طيبي

باقي البقيّة اِحسين ظعنة قوّض اُوشال

* * *

لاوين شايل يا حبيب الهاشميّه

شايل ابها النسوه اُو بعيالك سويّه

باسايلك يا نور عرش الله الوهّاج

يا مأمن الخايف اُو مقصد كُلِّ محتاج

شنهو السبب تطلع اُو باكر موقف الحاج

قلي ولا تخفي يسلطان البريّه

إنكان ناوي للسفر يابن الأماجيد

اقضي لحجك برض مكّة اُوعيّد العيد

قله ابو السجّاد اُودمع العين تبديد

حجي اُوعيدي في اطفوف الغاضريّه

باحج فيها حج ماحجوا النبيين

من آدم الأوّل إلى سيّد الكونين

واتصير هي كعبة إلى الشيعة المحبّين

إلى وين يا زوّار قالوا الغاضريّه

حجي اهناك ابكربلا مذكور موصوف

ماهو بوادي عرفه في أرض الطفوف

١٢٤

فيها ابسعى وباهرول وباطوف

اما طوافي حول لخيام الخليّه

حجي ابوادي كربلا يذكر اُو يوصف

ماهوه في وادي مني في وادي الطف

فيها ابهرول وبا السعى وباوقف

على اجساد بالثرى ظلوا رميّه

باوقف على سبّعين جثّة بضّعوها

شربة اُمّيّة ويح قلبي ما سقوها

ويلي عليهم ساعة اللي ينحروها

وانا اناديهم اُودمعاتي جريّه

قوموا يفرسان الوغى سرجوا على الخيل

اُوحملوا على الرايه اُوواثبوا يا بهاليل

اوركبوا عوايدكم اُوسووا نهارها ليل

اُوردوا عداكم عن اخدور الهاشميّه

* * *

يحسين وادي عرفه يرقب مجيّك

اُوهذي المروة والصفا يرجون سعياك

والمسجد الأعظم صلوتك يرتجيها

اُو هذي الكعبة ترتجيك اتطوف بيها

اوكل المشاعر ترتجي اُوقوفك عليها

ايضاً اُوادي عرفة يرقب مجيّك

في ليلة العاشر بكى لجلك المشعر

واصبح عاشر لك بكى وادي محسّر

اوادي منّي لك بالأسف ناح اوتزفر

أيضاً اُو ثلاث العقبات تبكي لرميك

حتّى الضحايالك بكت مع مسجدالخيف

اُو تبكي لك الاجمار يا مؤوي كُل امخيف

كل المناسك والمشاعر دمعها اذريف

والناس كُلها يلتجون ابظل فيك

اُوحجر الذبيح اينوح كُل صبح اُوعشيّه

وأمّا الحطيم انحطم من عظم الرزيّه

والحجر الأسود تزلزل يا شفيّه

والبيت ينعى يوم ايس من مجيك

اُو تبكي لك العمره اُولبست ثوب لحداد

والحج والمحرم نعوك ابنوح تعداد

ايقولون وابدر طلع عنّا ولا عاد

اُوناحت صلوة العيد والخطبة ابنعيك

اُولبس المَخيط اينوح الك في يوم عاشور

اُوبكى لك التقصير يا نسل الأطاهر

١٢٥

وأمّا التحلّق ناح ليك اِبدمع ناثر

اُومكّة اُوطيبة بالأسف ناحت ابنعيك

اوأمّا المقام اينوح من بعدك اُوينعاك

اُو بير زمزم يرتجي يحسين ملقاك

اويبكيك وادي عرفه ويا ضحاياك

ايضاً طوافك وين يا لوالي اوسعيك

* * *

حجّي مهو بالحج حجّي يا شفيّه

حجّي اُو مطافي بادخره في الغاضريّه

حجّي مهو بالحج حجّي يوم عاشور

جسمي الكعبة والحجر نحري المنحور

اُوحجر النّبي اِسماعيل الأكبر المبرور

اُوأمّا مبيتي في منى في الغاضريّه

عندي ضحايا يا افضل الموجود في الكون

أفضل من اللي كان واللي بعد بيكون

قومي اُو ولدي اُو عزوتي كُلهم يذبحون

واتصير موطى اجسومهم بالأعوجيّه

عندي ضحايا ما أحد ضحّى مثلهم

عندي ضحايا كربلا شبّان كُلهم

الأرض ترجف والسما تبكي لجلهم

هاللي تعاينهم ضحايا الغاضريّه

ذولا ارجالي يابن عمّي والأضاحي

واسبوع حربي في الحريبة اُوهم اذباحي

وابقى اَنا كالطير مكسورٍ جناحي

من غير ناصر في اطفوف الغاضريّه

اُو فيها بهرول يوم حجي سبعة أشواط

اُوفيها المروّة المعركة والصفى الفسطاط

وانا الكعبة والحجر وانا المحتاط

اُواما مبيتي في منى في الغاضريّه

والحاج تنزع للحرام اُوتلبس امخيط

وانا اتعرى وانخبط بالخيل تخبيط

مالي امخيط غير فيض الدم لعبيط

اُو ظهري مكسور من اطراد الأعوجيّه

وأمّا امفيض الحاج شيل الحرم للشام

اُو أمّا الدعا والتلبية ضجّة الأيتام

فوق الهزل تنعى اُودمع العين سجّام

ضيّعتني يحسين بارض الغاضريّه

* * *

لاوين ناوي اليوم يا باقي البقيّه

رد الجواب اُوقال لارض الغاضريّه

حتّى اشوفك جاي ليه تبغي اتزور

اُو باتشوف كعبة كربلا نحري المنحور

وابقى ثلاثتيّام فيها غير مقبور

اُو صدري اِمكسّر من اِطراد الأعوجيّه

وادفن يبن عمّي بلا غسل اُو تكفين

اُو تقصدني الزوّار من كُلِّ البلادين

١٢٦

واتصير مقصد كربلا دون الأراضين

لاوين يا زوّار قالوا الغاضريّه

واحريمنا تبقى بلا اِمحامي ولا اكفيل

بين الأعادي تركب اظهور المهازيل

ما عندهم كافل يلوذوا به سوى اِعليل

مشغول باغلاله على ظهر المطيّه

دوبه يحن اعلى المطيّه ابدمع بادي

خليتني يا ياب ما بين الاعادي

زنجيل في صدري اُو مغلول الأيادي

وان قال يا بويه تشتمه بنو اُميّه

دوبه يحن ويقول قومي فارقوني

راحوا ابجمعهم ارجالي واَوحشوني

مالي امساعد بين أعدا ضيّعوني

لابقى عليهم طول عمري في عزيّه

ما ينقضي حزني عليهم ليل وانهار

دوبه يحن اُو ينتحب والدمع نثّار

اُو ينتخي ابجدّه المرتضى حيدر الكرّار

عود يبن عمي الدهر جاير عليه

* * *

اليوم ثامن باكر الموقف يلحسين

هيّد ظعونك يالولي اُوحج بالمسلمين

لا تفجع الإسلام يا شيخ العشيره

اخروجك ابهذا اليوم للشيعه كسيره

منهو إلى الخايف يبو سكنة يجيره

وا ذلة الإسلام بعدك يا ضيا العين

قلّه أمامي موقفي اُو موقف اُولادي

في وادي اعلا اُواشرف كُل وادي

اُو فيها بضحي باخوتي اُو جملة اُولادي

اُو جملة بني هاشم وانصاري المحبين

اُو هذي لبدور اللي يبن عمّي تراهم

ذولا اذباحي ليت لك عين تراهم

فوق الثرى صرعى اُوغسلهم من دماهم

تبقى ثلاثتّيام لا غسل اُولا تكفين

اُوأمّا الكعبة نحري اللي ينحرونه

والحجر صدري اُو بالعوادي ايقبّلونه

والهرولة يوم عضيدي يذبّحونه

ويّا اخواني اُو جملة اُولادي ولبنين

لو ما الدعاء والتلبيّة ضجّة يتاماي

في وسط خيمتهم عطاشى تطلب الماي

اُو زينب تنادي راحت ارجالي اوولياي

اُوأمّا المفيض إلى منى سير النساوين

١٢٧

من غير والي فوق اعجاف المطايا

من كربلا للشام ايسيروهم هدايا

قلّه يبن عمي صلتني هالرزايا

اشبيدي على افراقك يبن طاها اُو ياسين

هذي اُولادي خذهم ايروحون ويّاك

من جملة اُولادك يليت الأهل تفداك

يا ليت تسلم يالولي والعالم افداك

نغصت شربي اُو مطعمي يا قرة العين

* * *

١٢٨

هذا فصل في أحوال مسلم بن عقيل (عليه‌السلام ) وأحواله في الكوفة :

بالله يها لواقف اِبابي اُودمعك ايسيل

اسقيتك الماء روح لهلك هوّد الليل

قلها يحرمه ما إليّه اِبهالبلد دار

اُومالي عشيرة اُولا إلي اِمحامي ولا اَنصار

وحدي ابهالبلدة غريب اليوم محتار

داري ابعيدة اُوضعت في بلدة اراذيل

قالت اخبرني باسمك اُومن يا قبيله

قلها اُودمعاته على خدّه هطيله

والله يحرمه عزوتي عزوه جليله

من بيت هاللي نزل بيّه الروح جبريل

وانكان اردتين النسب من آل ياسين

انا ابن اخو حيدر الضيغم مظهر الدين

طبيّت هالبلدة رسول امن الولي احسين

اُوخانوا عهدي اُوتابعوا الفاجر الضلّيل

واريد من فضلك ابهاليلة الفيني

خايف ابهالبلده الاعادي طالبيني

ليت البطل عبّاس والأكبر يجوني

اُو جاسم اُوعون ايجون باسيوف مساليل

هلّت دمعها اُونادته بالله اِدخل الدار

تفديك روحي يابن اخو حيدر الكرّار

يا ليت عند اِحسين توصل عنّك أخبار

اِنكان جاك امن المدينة بهاليل

قلها أبو السجّاد سافر بالحموله

اُوظل بالمدينة محمّد اُوذيك العليله

هي تجدب الونّة اُوهو دمعه يسيله

واُمّ البنين اِعلى الحمولة اتصيح بالويل

* * *

١٢٩

سمعت صهيل الخيل طوعه اُوجات في الحين

تنظر إلى مسلم اُولنّه يهمل العين

قالت يمسلم ليتك ما صاحبك نوم

قلها صحيح من ابقلبه كثرة اهموم

في النوم شفت المصطفى الهادي ولعموم

اُوكُلهم يطوعه لجل أحزاني حزينين

قلي الهادي اليوم يا مسلم تجينه

ما تصبح إلّا القوم بيتك حايطينه

الهم ضغاين يالولد سابق علينه

واليوم أبدوا اللي ابخواطرهم امكتمين

إتجدّدت حسراتها امن الحزن طوعه

مسلم تشوفه يحكي اُو تهمل ادموعه

إفراق اَهله اُوحدته أحنت اِضلوعه

ويش حال من عنّه هله أمسوا بعيدين

قالت يمسلم لو يقبلوني فديتك

اِبمالي اُوروحي اُولا تجي يمّك منيتك

ما حاضرك مسلم أحد من اَهل بيتك

ايشوفونك امحيّر اُوعدوانك امسلحين

ودعتك الله يا غريب بأرض كوفان

جسمك من اَحزانك يمسلم صار وجعان

يا ليت عمّك حاضرك خيّال لحصان

ويشوف حالك ما إلك ناصر ولا اِمعين

ودّعتك الله يا غريب الأهل والدار

يا لخانته الكوفة أهلها اِصغار واِكبار

وامسى ابديرة غرب حاير يضرب أفكار

ليته درى ابحالك أبو السجّاد لحسين

قلنا يطوعه ما ابردتْ غلّة افادي

اراويك في هالكفر محمود الجهادي

عمّي عَليْ متهولني كثر الأعادي

بس في ضميري حسرةٌ من اجل لحسين

* * *

لحد يمسلم خانت ابعهدك الأنذال

لكن بديت المرجلة يا فحل لرجال

لولا الحفيرة والقضا وافق الحيله

ما صابك ابن ازياد بارجاله اُوخيله

لكنّهم يوم الحرب صابوك غيله

فعلة خمايم فيك ماهي فعلة اِرجال

والله لو حربك معاهم في سعة بر

ما كان صاروا بالحرايب منّك أظفر

يا حيّ ذاك الوجه منّك يا غضنفر

ليتك حشتهم في سعة مطراد خيال

١٣٠

اِتمنيت حاضر يوم حرب الغاضريّه

يوم تصك اجموعهم بالسمهريّه

اُو زينب تنادي راحت ارجالي سويّه

أفنى أهلنا السيف ما بقّى لنا ارجال

اُوحاز المراجل من ضرب بالسيف واروى

هاني طعن بالعود اُوحد السيف روى

يا راية البيضا على هاني بن عروه

محمودة اُوصافك يبن عروة ابهلفعال

* * *

مسلم على رأسه وقع مغلول ليدين

يبكي ويصعد زفرته لفراق الحسين

طلعوا ابهاني والبطل مسلم إلى السوق

اُوكُل واحد ابحلقة حبل مربوق

والله فعايلهم اِبها لأمجاد ميلوق

ويش الجنو للذبح صاروا مستحقين

اُوفي السكك والأسواق قاموا يسحبوهم

والخلق بالأحجار ظلّوا يضربوهم

اُو أمّا هل الكوفة مكنهم يعرفوهم

ولا روّعوا حرمه إلى الكرّار اَبو احسين

يا ليت اَبو السجّاد يحضرهم يراهم

ينظر جثثهم ما تواروا في ثراهم

مسلم اُوهاني أصبحوا ابولية اعداهم

واَمست نساهم من بعدهم مستعدّين

والروس فوق اِرماح ودّوهم إلى الشام

ويعايدوا في الشام اَهلها سبعة ايام

ويزيد امر بالفرح للخاص والعام

وامر يدوروا ابروسهم كُل البلادين

وارسل إلى ابن ازياد في خطه يخبره

ان حشت سبط المصطفى مهجة الزهرا

بعد الذبح بالخيل رض صدره اُو ظهره

وارفع كريمه ابرمحه واحرق للصياوين

ولا تبقى من بني حيدر بقيّه

اُوكسر اعضاهم بالخيول الأعوجيّه

اوفوق الهزل ركب نساء الهاشميّه

ثاراتنا ابصفّين ناخذها من احسين

لا بارك الله في زمان خان عهده

واخرج سليل المرتضى من وطن جدّه

١٣١

امسى ابمكّة حاير ابأهله اُوولده

ما حصل له ايتمم الحج دون المسلمين

* * *

جيّه يحيدر جيّه مسلم ذبح بالكوفه

يا ليت لنك حاظر واتعاينه واتشوفه

جيّه يحيدر جيّه مسلم ترى خانوا به

باحبال شدوا رجله قوم الخنا اُوداروا به

يا ليت لنّك حاظر واتشوف ما فعلوا به

لفقار سله عاجل اُو بالخيل طب الكوفه

يا ليت شفت اُولاده يوم الخبر وصلهم

ذبوا العمايم بالثرى وابكوا اُوبكوا عمهم

وامخدراتك بالخيم تبكي اُوزايد همهم

من حين سمعوا بالخبر مسلم ذبح بالكوفه

واِحسين قام اينادي اُوبالعجل دشّ اخيامه

حطّ الفتاة ابحجره وامدامعه سجّامه

حسّت ابذبحة بوها اُوقالت لقاه احمامه

اُوقالت يعمّي الكوفة هي بالغدر معروفه

ظلت تنوح البوها واخوانها لسعدوها

واحسويم آل المصطفى بامصابها ايعزوها

اُوقالت البيعة ياهلي نكثوا بها اوخانوها

يا ليت ابويه انظره ابعيني انا واشوفه

ضجوا النساء في ضجه وارتج ذاك الوادي

هذي تقول ياعمي اُوهذي تقول يسنادي

اوهذي تقول يامسلم شمتت علي حسادي

اُوصاحواعليه ابصيحه مسلم ذبح بالكوفه

عبّاس نادى ابصوته قوموا ادركوا والينا

احنا اُولاد المرتضى والكفر ما تولينا

يحسين اخويه هذي اُول مصيبه فينا

سور لنا غدروا به اُولاد الخنا بالكوفه

١٣٢

زينب تجر الحسرة وادموعها تتناثر

حيدر تثور ابهمه والسيف بيدك شاهر

مدري جبن لو ذله لو المقدر صاير

هذا عزيزك ينتحب وامدامعه مذروفه

جارت عليه الاُمّة اُونكثوا يبويه البيعه

وابن الخنا بالكوفة ابن ازياد صاد الشيعه

واحنا عقب والينا نرجى الهضم والضيعه

امصيبه اُوقعه اُوزلزله حلت ابأرض الكوفه

* * *

لولا القضا والحيلة لولا القضا والحيله

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

ليت القضا وخر له حربه معاهم ساعه

ولا اعملوا هالحيله ايشوفون طولة باعه

الله يهل الكوفة منكم ما واحد طاعه

مانتوا كفو اتقربونه لولا القضا والحيله

صوّل عليهم وحده يا حيّها من صوله

صولات عمّه حيدر ياليتهم ثبتوا له

إبوحدته ما فكّر والحيلة المعموله

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

في ساعة ميشومة حاطوه اباحفيرتهم

يوم وقع بالحفرة دارت عليه دولتهم

يا ليت عنده قومه ويعاينوا فعلتهم

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

ما هي شجاعة منهم ما هم كفو ايقربونه

لولا قضا بارينا خلّاهم ايقيدونه

مسلم ذبح بارجاله من ويش ما جيتونه

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

يا آل غالب ثوروا وابدولة حربيّه

اُوشيلوا جنازة مسلم فوق الترب مرميّه

١٣٣

حتّى اِنكم اتواروها عَجلوا لها بالجيّه

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

ليكم ترى بالكوفة اجنازة مطروحه

قوموا لمسلم هيا جيبوا دواء لجروحه

شوفوا ادمومه سايله فوق الترب مسفوحه

ماصاب مسلم صايب لولا القضا والحيله

* * *

يا آل غالب قوموا يا آل غالب قوموا

دفنوا جنازة مسلم يا آل غالب قوموا

مرمي ابترب الكوفة ميت ولا حد شاله

يهل الفخر والشيمه سرعوا له ابشياله

كيف نسيتوا مسلم يا عزوته اُويا ارجاله

دفنوا جنازة مسلم يا آل غالب قوموا

يحسين مسلم ميت شنهوالعذر ما تجي ليه

اُول ذبيح منكم ما جيتوا التغسيله

عن حر ترب الكوفة يحسين ماتجي اتشيله

دفنوا جنازة مسلم يا آل غالب قوموا

يحسين أهل الكوفة خانوا العهد والبيعه

أهل الغدر والحيلة ما هم ترى لك شيعه

سلوا عليك اسيوفهم بعد العهد والبيعه

دفنوا جنازة مسلم يا آل غالب قوموا

ليتك تعاين حاله بالجيش يوم جوله

اتنهض اُوباسم الله انتدب ياليتهم ثبتوا له

مثل القطاء المندعر من صال ذيك الصوله

اينادي ابهله وارجاله يا آل غالب قوموا

١٣٤

زعزع اجموع الكوفة من حين صول فيها

مثل الأسد باطراره والرعب حله بيها

واجموعهم ما راعته يوم توطى بيها

يا ليتكم جيتونه يا آل غالب قوموا

يا ولاد عبد المطلب يا ليتكم جيتونه

وضعوا حبل بارجوله اُوقاموا اله ايجرونه

مسلم جنازة امعطّلة ما جيتوا اتدفنونه

دفنوا اجنازة مسلم يا آل غالب قوموا

يهل الفخر والشيمة ماذا التواني منكم

ماجاتكم اخباره ما حد لفى خبّركم

مسلم ذبح بالكوفة شنهو الذي أخركم

ما جيتوا اتدفنونه يا آل غالب قوموا

يهل الفخر والشيمة يهل الفخر والشيمه

في ثار مسلم قوموا يهل الفخر والشيمه

ما هم اكفاية حربه يوم الفزع والصايح

يا ليتكم شفتونه وسط الحفيرة طايح

هيا دنصبوا الماتم على الغريب النازح

مرمي ولا جيتونه يهل الفخر والشيمه

ضاعت ادمومٌ ليكُم ما بين أهل الكوفه

أضحت عليكم للعدى متباشره اُومشغوفه

راياتهم منثورة اُوراياتكم ملفوفه

في ثار مسلم ثوروا يهل الفخر والشيمه

لولا الحفيرة اُوسابق امر قضاه الباري

جابوه عند الطاغي يبكي ابدمع جاري

وينه هلي ميجوني حتّى يدركوا ثادي

في ثار مسلم قوموا يهل الفخر والشيمه

عند اللعين الطاغي جابوا له ايقيدونه

امر عليه ابن الخنا امن اعلى القصر يرمونه

١٣٥

يهل الفخر والمرجلة يا ليتكم شفتونه

في ثار مسلم قوموا يهل الفخر والشيمه

ماجت لكم اخباره يا اَهل الفخر العالي

يوم العدى ايذبونه من فوق قصر عالي

طول الغيبه بالنجف هزاز لحصون

اُوخلا بناته ابلا ولي للشام يمضون

وابقى عفير ابدمه مرمي بليا اموالي

ماحدحضر له منكم يهل الفخر والشيمه

يهل الحميّة ثوروا واسيوفكم مسلوله

اُونار الحرب خلوها ابعدوانكم مشعوله

مدري الخبر ما جاكم قبل الحرب والصوله

وانتوا الحميّة فنكم يهل الفخر والشيمه

وا ضيعتي يابن اُمّي وا فجعتي ياسنادي

مسلم ذبح بالكوفة أوّل ذبيح اُوبادي

راح اُومضى اُوضيّعني واشمتت علي حسّادي

هيا ابعجل ردّونا يهل الفخر والشيمه

قلها السبط يا زينب أنّا لنا والرجعه

حن اُوبكى واتزفّر واجرى ابخده دمعه

يختي المدينة ليها هيهات مامن رجعه

في ثار مسلم قوموا يهل الفخر والشيمه

* * *

اِبمنزل زبالا خبر مسلم وصل اِحسين

من مجلسه قام ابعجل دشّ الصياوين

يبكي على مسلم اُودمع العين سجّام

في الحال قرّب طفلته واَمسح على الهام

قالت يبو سكنة يعمّي اُو خير لعمام

اشلون تفعل بيه فعل ليتام يحسين

معلوم اَبويه ذاق نحبه بأرض كوفان

قلها اَنا عزّك واُولادي الك اخوان

في الحال شقت جيبها اُونادت النسوان

قوموا اسعدوني راح عزي يا خواتين

التموا عليها الحرم كلهم يسعدوها

في النوح والضجه على ذبحة ابوها

فوق لخدود ادموعهم حسرى جروها

واظلم الوادي من مناح الهاشمين

ما تسمع إلّا في الخيم للحرم ضجّات

هذي تجر ونّة اُوهذي تصفق الراحات

١٣٦

اُوهذي تنادي وا ذبيح بالظما مات

لَحد يمسلم أضحت اُولادك يتيمين

اوهذي تنادي اُوتصفق ابكفهاعلى الراس

لَحد يمسلم قبل غيرك تشرب الكاس

ويش حال من صابوه عدوانه الأرجاس

في دار غربة اُو عزوته عنّه ابعيدين

او زينب مدامعها على خدها هتونه

واتقول مسلم ذبح ماحنا حاضرينه

يا ليت أهله عن اِشماله اُوعن يمينه

ويّا بني عدنان من حوله امدرعين

لحد يمسلم ما حضرنا لك ابيومك

يوم طحت مرمي عفير في ادموك

يا ليت تسمع بالبكا ضجّات قومك

لجلك أبو السجّاد صب امدامع العين

شد الظعينة اُوقوم ردنا للمدينه

من يوم جانا خبر مسلم ذابحينه

شد الظعينة اُوقوم ردنا ابلاد جدنا

خوفي نتم بعدك بلا والي وحدنا

يحسين بعدك من إلى طيبة يردنا

خوفي يخويه اتدور دنيانا علينا

مسلم تبدى بالشهادة اُوراح للجنان

اُوذبّوه من عالي القصر في أرض كوفان

ناحت على امصابه جميع الإنس والجان

والأرض ناحت والسما ضجّت حزينه

لحد يحيدر كيف تسكن في الغريّين

واتشوف مسلم منذبح بين الملاعين

لم لا تطر اللحد يابو الحسن واحسين

اُو تاخذ لثار الهل الكوفة قاتلينه

طاهر تزفر والدمع من مدمعه سال

هيهات ما نرجع إلى طيبة ابهالحال

حتّى نخوض ابحور عسكرهم ولهوال

وانموت لو ناخذ يعمي ابثار ابونا

اُو زينب تنادي والدمع بالخد مبدود

لَحد يمسلم تنذبح يا معدن الجود

والله حسافة ابدار غربة اتروح مفقود

ايحق لي انا لبقى على امصابك حزينه

اوساق الظعينة بوعلي للغاضريّه

يقدمهم العبّاس قيدوم السريّه

حين اتوها وقف مهر ابن الزكيّه

قلهم يفتيان تحطوا للضعينه

* * *

١٣٧

هذا فصل في أحوال وهب ومرور الحسين (عليه‌السلام ) على منزله ، ووصايا الحسين (عليه‌السلام ) لاُمِّ وهب :

أمست بني عدنان بالأظعان ماشين

اِيحثّون مسراهم قصدهم للعراقين

قدّامهم شيخ العشيرة حامي الجار

من حوله الشبّان وولاده ولنصار

والعلم في ايد البطل ذلك المغوار

والرمح فيه العلم واحسامه باليمين

اينادي ابصوته يابني عدنان هيا

حوطوا ظعينتكم بفرسان الضريّه

احنا ابسرانا قاصدين الغاضريّه

بارواحنا نفدي ابو السجّاد لحسين

كل ما مشى منزل ايتبعونه ابمسراه

سبعين الف لموا عن يمينه اُو يسراه

والعطش فت اقلوبهم والناحوا حداه

قالوا تلفنا العطش يا نور المسلمين

الناح سبط المصطفى الفسطاط فدا

جاله اُومن حوله بني هاشم ولقوام

ما شاف الا نسوة في ذيك لخيام

سلم اُوردوا للسلام اعليه في الحين

سايل عن الماء واخبروه ابصورة الحال

الوى لعند الماء اُوقام ايزيح لرمال

حفروا ولن صخره بدت من صخر لجبال

اُوعجزواعن الصخره اُوقلعهاالطاهراحسين

واتفجرت ما بين اصابيعه الأنهار

والماي يجري بلقفار اُو ظهر لزهار

اُو روى اَصحابه بالعجل جدالسر اُوسار

والتاح للخيمة يوصّي للنساوين

قالوا الوهب هاللي رايته ابلذة النوم

قاصد اراضي كربلا يا وهب معلوم

١٣٨

خلّه يشد الظعن لا يمهل ولا يوم

واحنا أمامه بالظعينة اليوم ماشين

شال الشهيداِحسين اُواقبل وهب في الحين

عاين الوادي اُوشاف للاَنهار جارين

احتار لمن شاف انهار جريّه

معلوم بالوادي اجتاز ابن الزكيّه

لو مر طاها المصطفى لومر وصيّه

ما يصبر هذا الا فعل احد النبيين

اقبل إلى الخيمة اُوهو يصفق اكفوفه

ايسايل امه اُودمعته ابخده ذروفه

قالت لفانا ابن النّبي قاصد الكوفه

اُوصاك يابني تلحقه يا خير لبنين

يا وهب مر الخيمتك ووصا علينا

قولوا لوهب بالعجل يلحقنا اويجينا

يابني اَصحابه عن اشماله وعن يمينه

ويّاه نسوه في هوادجهم حزينين

قدّام ظعنه يا وهب فارس ضرغام

ايقولون هذا ابن الوصي زرّاق لرخام

اِيقولون لك هذا ظعنهم سار قدّام

سايلت عن سلطانهم قالوا لي احسين

ياوهب كبدي اتفطرت من ضجت انساه

اُولدري ابهذا النوح والفرسان ويّاه

فرسان من حوله عن ايمينه اُويسراه

حول الظعينة يا وهب كُلهم اِمسلحين

قلها اعجل يا ولده في داعة الله

الفسطاط اباقشع له اُوباتو كُل على الله

بالحق ابو سكنه ايمامي حجة الله

لابد ما اتشوفين جسمي بالثرى اطعين

بقشع الخيمة اُوبلحق ابن الهاشمية

عندي خبر بيروح ارض الغاضريّه

بالنوم شفت المصطفى خير البريّه

جدّه اُوقال انصر عزيزي اُوقرّة العين

* * *

بدر طلع من يثرب تمشي وراه انجومه

ماظنني هالطلعه الا طلعة مشومه

١٣٩

مروا على وادينا وازهر اُوزاد ازهاره

واشجار ذيك اليابسه اينع لنا باثماره

يا رايحا من طيبة الله يعوده داره

اُوتاضى مرابع طيبة من غرته واعلومه

اوصى عليه اُوقلي يا وهب شد ارحالك

عمرك فداله بيعه واترك جميع اموالك

شد الظعينة يابني واحمل معاك اعيالك

يابني اُوسيل ادمومك قبل تسيل ادمومه

ان كان انته يابني في امري اُوفي طوعي

اطلب ثواب الباري ارجوعك اله وارجوعي

وانصر غريب الزهرا هاللي تصيح اضلوعي

مغصوبة ميراثها فوق الوجه ملطومه

باتجي ابيوم المحشر واتصيح يا اُولادي

امه ابويه بعده يارب حرقوا افادي

واحد قتيل ابسمه اُواحد ذبيح الوادي

ولا كفاهم قتله ابنار الخيم مضرومه

اوتالي البتولة اتسايل منهو نصر لجنيني

اُومنهو اللي قام المآتم وابذبحته ايعزيني

ليكون يابني ايفوتك نصره اُوتخيب اظنوني

قلها بعد يا والده اُوحق القتل مع قومه

وامه الزهرا اتسايل يوم الحشر لقيامه

انتو ذبحتوا جنيني وانتوا حرقتوا اخيامه

وانتوا رضضتوا صدره وانتوا سلبتوا ايتامه

وانتوا ذبحتوا اطفاله يا امة الميشومه

يا وهب شد ظعونك وانا معك شياله

والحق عزيز الزهرا يا ضيغم الخياله

بالأمس انا ضافوني يا وهب يابني ساعه

بالعجل شد ظعونك بانروح اله فزاعه

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

يثوروا في ناحية جانب عسكري ، ما لقيت من هذه الامة من الفرقة و طاعة أئمة الضلالة و الدعاة إلى النار(١) و نقلهما الخوئي أيضا .

و رواه عاصم بن حميد في أصله فيما وصل إلينا من الاصول الأربعمائة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : خطب عليعليه‌السلام الناس فقال : انما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و أحكام تبتدع يخالف فيها كتاب اللَّه يتولى فيها رجال رجالا ، فلو أنّ الباطل أخلص لم يخف على ذي حجى ، و لو أن الحق أخلص لم يكن اختلاف ، و لكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، هنا لك استولى الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم منه الحسنى(٢) .

و رواه اليعقوبي في ( تاريخه ) و زاد : إنّ خطبتهعليه‌السلام بها كانت بعد رجوعه من صفين و حكم الحكمين(٣) .

قول المصنّف : « و من كلام لهعليه‌السلام » هكذا في ( المصرية )(٤) و الصواب :

« و من خطبة لهعليه‌السلام » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) و كما يشهد له مداركه(٥) .

« إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع » كفتنة الاجتماع في السقيفة طلبا للرئاسة فقال المغيرة بن شعبة لأبي بكر و عمر : وسعوها في قريش تتسع ، أتريدون أن تجمعوا من أهل هذا البيت بيت هاشم خيل حلبة أي : بتصدي علي للأمر بعد محمّد

____________________

( ١ ) روضة الكافي للكليني ٨ : ٥٨ رواية ٢١ .

( ٢ ) بحار الأنوار ٢ : ٣١٥ رواية ٨٣ الباب ٣٤ .

( ٣ ) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٩١ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ١٥٢ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٠ الرواية ٥٠ ، و ابن ميثم ٢ : ١٣٣ ، و النسخة الخطية : ٣٦ .

١٨١

و كلامهعليه‌السلام و ان كان بعد وقوع فتنة الخوارج إلا انّه بيّن بدء فتنهم فلو لم يكن يوم السقيفة لم تحصل فتنة الخوارج ، لأنّها حصلت بسبب قيام معاوية في قبالهعليه‌السلام ، و قيام معاوية مع محاربته للَّه و لرسوله حتى اسر فأظهر إسلاما و أسرّ كفره كان بواسطة قيام عثمان بأمر الخلافة ، و قيام عثمان به مع عدم سابقة له أيام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا حمايته عن أعداء اللَّه و أعداء رسوله ذويه و بني أبيه كان بتدبير عمر له لما كان كتب في غشوة أبي بكر استخلافه لعمر ، و ان كان أبو بكر بعد إفاقته أمضاه له طوعا أو كرها .

« و أحكام تبتدع » فأوصياء الأنبياء في كلّ عصر كانوا في بيوتهم و من جنسهم ذريّة بعضها من بعض و أنكر الذين في قلوبهم مرض ذلك ، فقال عمر لابن عباس اعتذارا عن صرف الأمر عنهعليه‌السلام : إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة و النبوّة فتكونوا عليهم جحفا .

« يخالف فيها كتاب اللَّه » أليس تعالى قال( في كتابه و ربّك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللَّه و تعالى عمّا يشركون ) (١) ( أم لكم كتاب فيه تدرسون ان لكم فيه لما تخيرون ) (٢) .

و قد قضى اللَّه تعالى ولايتهعليه‌السلام في قوله جل و علا إنّما وليّكم اللَّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون .

( و من يتول اللَّه و رسوله و الذين آمنوا فإنّ حزب اللَّه هم الغالبون ) (٣) .

و قد قضى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولايتهعليه‌السلام بعد تقريرهم بأنّه أولى بهم من أنفسهم ، بأنّه من كان هو أولى به بنفسه فعليّ أولى به من نفسه في المتواتر

____________________

( ١ ) القصص : ٦٨ .

( ٢ ) القلم : ٣٧ ٣٨ .

( ٣ ) المائدة : ٥٥ ٥٦ .

١٨٢

عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و قد قال تعالى( و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى اللَّه و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم و من يعص اللَّه و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) (١) .

و أما قول فاروقهم « إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة و النبوّة » فهل كانت النبوة بأيديهم حتى تكون الخلافة بأيديهم فيكرهوا جمعهما لهم ، و قد أجابه ابن عباس عن قوله بقوله جل و علا( ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل اللَّه فأحبط أعمالهم ) (٢) .

« و يتولى عليها رجال رجالا على غير دين اللَّه » قال أبو بكر يوم السقيفة للناس : إنّما أدعوكم إلى أبي عبيدة أو عمر كلاهما قد رضيت لكم و لهذا الأمر و كلاهما له أهل فقالا له : ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك يا أبا بكر ، أنت صاحب الغار ثاني اثنين و أمرك النبي بالصلاة .

فهل هذا من دين اللَّه أن يجعلوا خلافة رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهبة بينهم ، أليس من قواعد أهل العالم أن يكون خليفة كلّ شخص أن يخرج عن عهدة ما خرج ذاك الشخص عنه و حينئذ و كما هو تعالى أعلم حيث يجعل رسالته يكون هو أعلم حيث يجعل خلافة رسوله ، و أين أولئك الأجلاف عن مقامهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

« فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحق » أي : من مزجه به .

« لم يخف » بفتح الفاء من الخفاء .

« على المرتادين » أي : الطالبين و الأصل فيه طلب الكلاء قال ابن قتيبة في ( خلفائه )(٣) بعد ذكر طلب الأنصار كون الأمر لهم لأن بواسطتهم تمكّن

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٣٦ .

( ٢ ) محمد : ٩ .

( ٣ ) الخلفاء لابن قتيبة : ٦ ٧ .

١٨٣

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من نشر الاسلام أو كون الأمر بينهم و بين قريش لئلا يبغي بعضهم على بعض قام أبو بكر و قال( : إنّ اللَّه بعث محمدا رسولا إلى خلقه و شهيدا على امته ليعبدوا اللَّه و يوحّدوه ، و هم إذ ذاك يعبدون آلهة شتى يزعمون أنّها شافعة و عليهم بالغة نافعة ، و انما كانت حجارة منحوتة و خشبا منجورة ، فاقرأوا إن شئتم إنّكم و ما تعبدون من دون اللَّه حصب جهنم ) .(١) ( و يعبدون من دون اللَّه ما لا يضرّهم و لا ينفعهم و يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللَّه ) .(٢) .( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللَّه زلفى ) .(٣) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم ، فخص اللَّه المهاجرين الأولين بتصديقه و الايمان به و المواساة و الصبر معه على الشدّة من قومهم و إذلالهم و تكذيبهم إيّاهم ، و كلّ الناس مخالف عليهم يزرؤهم فلم يستوحشوا من قلّة عددهم و إزراء الناس لهم و اجتماع قومهم عليهم ، فهم أول من عبد اللَّه في الأرض و أول من آمن باللَّه تعالى و رسوله ، و هم أولياؤه و عشيرته و أحقّ الناس بالأمر من بعده ، لا ينازعهم فيه إلاّ ظالم(٤) .

فترى مزج الباطل كونه ولي الأمر بحق أعمال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و عشيرته ، و لم يكن مصداق ذلك بتمام معنى الكلمة إلاّ أمير المؤمنينعليه‌السلام و أين كان هو و صاحبه يوم نزل( و أنذر عشيرتك الأقربين ) (٥) فجمع النبي بني عبد المطلب و هم أربعون و قال لهم : من يؤازرني حتى يكون خليفتي ؟ فلم يجبه إلاّ أمير المؤمنينعليه‌السلام .

____________________

( ١ ) الأنبياء : ٩٨ .

( ٢ ) يونس : ١٨ .

( ٣ ) الزمر : ٣ .

( ٤ ) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة : ٦ ٧ .

( ٥ ) الشعراء : ٢١٤ .

١٨٤

و لم يجبهم الأنصار بذلك لأنّهم لما شاهدوا الأحوال في مرض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و منعه من وصيته و مخالفته في تجهيز جيش اسامة و علموا بإرادة قريش تصديهم للسلطان ، و كانوا يعرفون عاقبة ذلك و ما يرد عليهم من الإذلال و المهانة كما كان النبي أيضا أخبرهم قبل بذلك ، و كانوا واترين لقريش المؤلفة الطلقاء الذين كان أبو بكر و عمر مستظهرين بهما و علموا أنهم لا يرضون بتأمير أمير المؤمنينعليه‌السلام أصلا ، أعرضوا عن جوابهم بذلك وجدوا أن يكونوا هم المتصدين أو شركاء .

و لم يحضر أمير المؤمنينعليه‌السلام لاشتغاله بتجهيز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و كانوا انتهزوا الفرصة في ذلك بأخذ البيعة من الناس و إتمام الأمر لهم ثم أحضروه للبيعة فقالعليه‌السلام كما في ( خلفاء ابن قتيبة ) لهم : أنا أحقّ بهذا الأمر منكم و أنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احججتم عليهم بالقرابة من النبي و تأخذوه منّا أهل البيت غصبا .

حتى أن بشير بن سعد الخزرجي والد النعمان بن بشير الذي كان أوّل من بايع أبا بكر حتى قبل عمر حسدا لابن عمه سعد بن عبادة لئلا ينال الرئاسة ، لما سمع كلامهعليه‌السلام بما مر قال له : لو كان هذا الكلام سمعه الأنصار منك قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلفت عليك فقالعليه‌السلام له : أفكنت أدع رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيته لا أدفنه و أخرج انازع الناس بسلطانه و قالت له فاطمة صلوات اللَّه عليها : ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، و لقد صنعوا ما اللَّه حسيبهم و طالبهم .

« و لو أنّ الحق خلص من الباطل » هكذا في ( المصرية )(١) ، و الصواب : « من

____________________

( ١ ) الطبعة المصرية المصححة ورد فيها لفظ « لبس الباطل » : ١٥٢ .

١٨٥

لبس الباطل » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(١) .

« انقطعت عنه ألسن المعاندين » رووا عن ابن عباس قال : كنت عند عمر فتنفس نفسا ظننت ان أضلاعه قد انفرجت ، فقلت له : ما أخرج هذا النفس منك إلاّ هم شديد قال : أي و اللَّه يابن عباس ، إني افتكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الأمر بعدي ثم قال : لعلّك ترى صاحبك لها أهلا قلت : و ما يمنعه من ذلك مع جهاده و سابقته و قرابته و علمه قال : صدقت و لكنه امرؤ فيه دعابة . .

و عن ( موفقيات الزبير بن بكار ) قال ابن عباس : إنّي لاماشي عمر إذ قال لي : ما أرى صاحبك إلاّ مظلوما فقلت في نفسي : و اللَّه لا يسبقني بها ، فقلت له :

فاردد إليه ظلامته فانتزع يده من يدي و مضى يهمهم ساعة ، ثم وقف فلحقته فقال : يابن عباس ما أظن منعهم إلاّ انّه استصغره قومه فقلت في نفسي : هذه شرّ من الاولى فقلت : و اللَّه ما استصغره اللَّه و رسوله حين أمره أن يأخذ ( براءة ) من صاحبك فأعرض عني و أسرع ، فرجعت .

و عن الكتاب عن ابن عباس قال : خرجت اريد عمر إلى أن قال فقال عمر : إنّ صاحبكم إن ولي هذا الأمر أخشى عجبه بنفسه أن يذهب به فليتني أراكم بعدي فقلت : إنّ صاحبنا من قد علمت إنّه ما غيّر و لا بدّل و لا أسخط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيام صحبته له فانقطع عليّ الكلام و قال : و لا في ابنة أبي جهل لما أراد أن يخطبها على فاطمة فقلت : قال اللَّه تعالى .( و لم نجد له عزماً ) (٢) إنّ صاحبنا لم يعزم على سخط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و لكن الخواطر التي لا يقدر أحد على دفعها عن نفسه و ربما كانت من الفقيه في دين اللَّه العالم العامل بأمر اللَّه فقال :

____________________

( ١ ) ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٠ رواية ٥٠ ، و ابن ميثم ٢ : ١٣٣ ليس فيه لفظ « لبس » ، أما الخطية فقد ورد فيها لفظ « لبس الباطل » .

( ٢ ) طه : ١١٥ .

١٨٦

يابن عباس من ظن أنّه يرد بحوركم فيغوص فيها معكم حتى يبلغ قعرها فقد ظنّ عجزا(١) .

و عن ابن عباس أيضا قال : دخلت على عمر في أول خلافته فقال : كيف خلفت ابن عمك ؟ فظننته يعني عبد اللَّه بن جعفر فقلت : خلفته يلعب مع أترابه .

قال : إنّما عنيت عظيمكم أهل البيت فقلت : خلّفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان و هو يقرأ القرآن قال : عليك دماء البدن إن كتمتنيها ، هل بقي في نفسه شي‏ء من أمر الخلافة ؟ قلت : نعم قال : أيزعم أنّ النبي نص عليه ؟ قلت : نعم و ازيدك ، سألت أبي عمّا يدّعيه فقال صدق فقال : لقد كان من النبي في أمره ذر و من القول لا يثبت حجّة و لا يقطع عذرا ، و لقد كان يربع في أمره وقتّا ما ، و لقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا و حيطة على الإسلام ، لا و ربّ هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا و لو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها ، فعلم رسول اللَّه أنّي علمت ما في نفسه فأمسك . .

فترى هذا المعاند ينسب تارة إليهعليه‌السلام الدعابة و اخرى صغر السن ، و تارة العجب بنفسه ، و اخرى عدم رضاء قريش به .

« و لكن يؤخذ من هذا » أي : الباطل .

« ضغث » أي : قبضة .

« و من هذا » أي : الحق .

« ضغث » أي : قبضة .

« فيخرجان » هكذا في ( المصرية )(٢) و الصواب : « فيمزجان » كما في ( ابن

____________________

( ١ ) أخبار الموفقيات : ٦١٩ .

( ٢ ) الطبعة المصرية المصححة « فيخرجان » ، و ليس « فيخرجان » راجع : ١٥٢ .

١٨٧

أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(١) .

« فهنالك » أي : فعند أخذ ضغث من الباطل و ضغث من الحق و مزجهما .

« يستولي الشيطان على أوليائه » لكونهم طالبي الشبهات و الشهوات .

« و ينجو الذين سبقت لهم من اللَّه الحسنى » و هم طالبوا الحق لا بالتقليد و العصبية قال جل و علا :( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) . .(٢) .

و قال ابن أبي الحديد : كلامهعليه‌السلام حق ، فإنّ الذين ضلّوا من مقلدة اليهود و النصارى و أرباب المقالات الفاسدة من أهل الملة الاسلامية إنّما ضلّ أكثرهم بتقليد الأسلاف ، و إنّما قلّدهم الاتباع لما شاهدوا من إصلاح ظواهرهم و رفضهم الدنيا و إقبالهم على العبادة و تمسكهم بالدين و أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر و صلابتهم في عقائدهم ، فاعتقد الأتباع و القرون التي جاءت بعدهم أنّ هؤلاء يجب اتباعهم و أنّ مخالفهم مبتدع ، و وقع الضلال و الغلط بذلك لأن الباطل استتر و انغمر بما مازجه من الحق الغالب الظاهر المشاهد عيانا و الحكم للظاهر و لولاه لما تروج الباطل و لا كان له قبول أصلا(٣) .

٧ الخطبة ( ٣٨ ) و من خطبة لهعليه‌السلام

 وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ اَلشُّبْهَةُ شُبْهَةً لِأَنَّهَا تُشْبِهُ اَلْحَقَّ فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اَللَّهِ فَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا اَلْيَقِينُ وَ دَلِيلُهُمْ سَمْتُ اَلْهُدَى وَ أَمَّا أَعْدَاءُ اَللَّهِ فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٠ ، و ابن ميثم بلفظ « يخرجان » خلاف ما ذكره العلاّمة التستري ، أما النسخة الخطية فيخرجان : ٣٦ .

( ٢ ) العنكبوت : ٦٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٢ .

١٨٨

اَلضَّلاَلُ وَ دَلِيلُهُمُ اَلْعَمَى فَمَا يَنْجُو مِنَ اَلْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ وَ لاَ يُعْطَى اَلْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ أقول : قول المصنّف : « و من خطبة لهعليه‌السلام » الظاهر أن « من » ههنا للتبعيض أي بعض خطبة لهعليه‌السلام غير « من » في قوله « و من خطبة لهعليه‌السلام » في باقي المواضع ، ففي الباقي للتقسيم بمعنى قسم من خطبةعليه‌السلام قلنا ذلك لأنّ قوله « و إنّما سميت الشبة إلى دليلهم العمى » ليس أول كلام ، و قوله بعد « فما ينجو من الموت إلى من أحبه » ليس بمربوط بالمذكور بل بسابقه المحذوف .

« و انما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق » أي : ليس بحق و إنّما هي شبيهة بالحق كقول الخوارج « لا حكم إلا للَّه » ، فإنّ أصله كلمة حق ، فقال تعالى( حكاية عن يوسف عليه‌السلام ) ( لصاحبي سجنه ما تعبدون من دونه إلاّ أسماء سميتموها أنتم و آباؤكم ما أنزل اللَّه بها من سلطان إن الحكم الا للَّه ) .(١) ( و عن يعقوب عليه‌السلام ) ( لبنيه و ادخلوا من أبواب متفرقة و ما اغنى عنكم من اللَّه من شي‏ء إنّ الحكم إلاّ للَّه ) .(٢) و إرشادا لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جواب المشركين .( ما عندي ما تستعجلون به ان الحكم الا للَّه ) .(٣) .

فإنّ لفظهم ذاك اللفظ مع تبديل حرف نفي بنفي ، إلاّ أنّ المعنى من المعنى بمراحل ، فإنّ المراد من الآيات من سابقها و لاحقها معلوم ، ففي الأوّل أنّ الحكم في العبادة ليس لغير اللَّه ، و في الثاني أنّ القضاء و القدر ليس إلاّ بيده تعالى و في الثالث أنّ الوقت الذي ينزل فيه العذاب ليس تعيينه لغير اللَّه .

____________________

( ١ ) يوسف : ٤٠ .

( ٢ ) يوسف : ٦٧ .

( ٣ ) الأنعام : ٥٧ .

١٨٩

و الخوارج أرادوا بكلامهم أنه لا يجوز أن يحكم غير اللَّه في مقتضى آيات القرآن بأنه هل يجب أن يكون المتصدي لأمر الخلافة عليّا أم يجوز ان يكون معاوية .

فإن قلت : كان ذلك أمرا واضحا ، فقوله تعالى .( هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون ) .(١) و قوله جل و علا( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقاً ) .(٢) يوجبان تعين عليّعليه‌السلام .

قلت : الأمر كذلك ، إلاّ أنّ المبنى أدّى إلى ذلك ، فلازم جواز تصدي الثلاثة كان وجوب تصدي معاوية حيث إنّه كان ولي عثمان و عثمان مدبر عمر و عمر منصوب أبي بكر .

هذا ، و في ( ملل الشهرستاني ) : اعلم أنّ أوّل شبهة وقعت في الخليقة شبهة إبليس ، و مصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص إلى أن قال في بيان أوّل شبهة وقعت في الملة الاسلامية و إن خفي علينا ذلك في الامم السالفة لتمادي الزمان فلم يخف أنّ شبهات الملة الاسلامية نشأت كلها من شبهات منافقي زمن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ لم يرضوا بحكمه فيما يأمر و ينهى و شرعوا فيما لا مسرح للفكر فيه و لا مسرى ، و سألوا عما منعوا من الخوض فيه و السؤال عنه ، و جادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه اعتبر حديث ذي الخويصرة التميمي إذ قال : اعدل يا محمّد فإنّك لم تعدل حتى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن لم أعدل فمن يعدل .

إلى أن قال : و أما الاختلافات الواقعة في حال مرض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و بعد وفاته بين الصحابة فهي اختلافات اجتهادية كما قيل إلى أن قال فأول تنازع

____________________

( ١ ) الزمر : ٩ .

( ٢ ) السجدة : ١٨ .

١٩٠

في مرضهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها رواه محمّد بن إسماعيل البخاري بأسناده عن عبد اللَّه بن العباس قال : لما اشتد بالنبي مرضه الذي مات فيه قال : إيتوني بدواة و قرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فقال عمر : إنّ رسول اللَّه قد غلبه الوجع حسبنا كتاب اللَّه و كثر اللغط فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع .

قال ابن عباس : الرزية كل الرزية ما حال بيننا و بين كتاب رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

إلى أن قال : الخلاف الثاني في مرضه قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : جهزوا جيش اسامة لعن اللَّه من تخلف عنها فقال قوم : يجب علينا امتثال أمره و اسامة قد برز من المدينة ، و قال قوم قد اشتد مرض النبي فلا تسع قلوبنا مفارقته و الحال هذه فنصبر حتى نبصر أي شي‏ء يكون من أمره(١) .

قال الشهرستاني : و إنّما أوردت هذين التنازعين لأنّ المخالفين ربما عدوا ذلك من المخالفات المؤثرة في أمر الدين ، و هو كذلك و إن كان الغرض كله اقامة مراسم الشرع في حال تزلزل القلوب(٢) .

قلت : هل كان الأول و الثاني و صاحبهما أبو عبيدة أحرق قلبا على الدين من أمير المؤمنينعليه‌السلام و نعم ما قيل بالفارسية :

ز مادر مهربان‏تر دايه خاتون

هب ذلك ، هل كانوا أحوط على الدين من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ و هل كانوا أعرف من اللَّه تعالى ؟ و هل كان قوله تعالى : .( اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته ) .(٣) غير صحيح و جزافا .

( و لعمر اللَّه لم يكن غرضهم إلاّ أمر دنياهم و استحكام أمر رياستهم

____________________

( ١ ) الملل للشهرستاني : ٢٣ .

( ٢ ) الملل للشهرستاني : ٢٩ .

( ٣ ) الأنعام : ١٢٤ .

١٩١

 و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنّما نحن مصلحون ألا إنّهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون ) (١) .

و أجابت سيدة نساء العالمين ادعاءهم بأنهم فعلوا ما فعلوا لئلا تكون فتنة : زعموا خوف الفتنة .( ألا في الفتنة سقطوا و إنّ جهنم لمحيطة بالكافرين ) (٢) .

ثم إنّ الشهرستاني لم يستقص جميع شبهاتهم و اعتراضاتهم على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و منها اعتراضهم في تأمير زيد بن اسامة مولاه عليهم أولا ، ثم تأمير ابنه اسامة عليهم ثانيا ، ففي ( طبقات كاتب الواقدي ) : لما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة ( ١١ ) أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالتهيؤ لغزو الروم ، فلما كان من الغد دعا اسامة بن زيد فقال : سر إلى موضع مقتل أبيك فلما كان يوم الأربعاء بدى‏ء بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فحم و صدع ، فلما أصبح يوم الخميس عقد لاسامة بيده لواء فخرج معقودا بلوائه فدفعه إلى بريدة بن الخصيب و عسكر بالجرف ، فلم يبق من وجوه المهاجرين الأولين و الأنصار الا انتدب في تلك فيهم أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب و أبو عبيدة بن الجراح و سعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد ، فتكلم قوم و قالوا : استعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين فغضب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غضبا شديدا فخرج و قد عصب على رأسه عصابة و عليه قطيفة ، فصعد المنبر فحمد اللَّه و أثنى عليه ثم قال : أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اسامة ، و لئن طعنتم في إمارتي اسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله ، و ايم اللَّه إن كان للإمارة

____________________

( ١ ) البقرة : ١١ ١٢ .

( ٢ ) التوبة : ٤٩ .

١٩٢

خليقا و إنّ بنه من بعد لخليق للإمارة(١) .

« فأما أولياء اللَّه فضياؤهم فيها اليقن » بحيث إنّ الشبهة باطل شبيه بالحق تكون كالظلمة ، فأولياء اللَّه لهم ضياء من اليقين يبصرون به الحق و الباطل و يميزون بينهما فيأخذون بالحق و يتركون الباطل .

« و دليلهم سمت الهدى » في ( صفين نصر ) : قال أبو نوح : كنت في خيل عليّعليه‌السلام و هو واقف بين جماعة من همدان و حمير و غيرهم من أفنان قحطان إذا أنا برجل من أهل الشام يقول : من دل على الحميري ؟ فقلنا : من تريد ؟ قال :

الكلاعي أبا نوح قلت : قد وجدته فمن أنت ؟ قال : أنا ذو الكلاع سر إلي فقلت :

معاذ اللَّه أن أسير إليك إلاّ في كتيبة قال : فسر فلك ذمة اللَّه و ذمة رسوله و ذمة ذي الكلاع حتى ترع إلى خيلك فإنّما اريد أن اسألكم عن أمر تمارينا فيه في حديث حدثناه عمرو بن العاص في إمارة عمر قال أبو نوح : و ما هو ؟ قال : ذو الكلاع حدّثنا أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « يلتقي أهل الشام و أهل الحق و في إحدى الكتيبتين الحق و إمام الهدى و معه عمار بن ياسر » قال أبو نوح : و اللَّه إنّه لفينا .

قال : أجاد هو في قتالنا ؟ قال أبو نوح : نعم و رب الكعبة لهو أشدّ على قتالكم مني ، و لوددت أنكم خلق واحد فذبحته و بدأت بك قبلهم و أنت ابن عمي إلى أن قال فسار أبو نوح معه حتى أتى عمرو بن العاص و هو عند معاوية و حوله الناس ، فقال ذو الكلاع لعمرو بن العاص : هل لك في رجل ناصح لبيب شفيق يخبرك عن عمار لا يكذبك قال : من هو ؟ قال : ابن عمي هذا و هو من أهل الكوفة فقال عمرو : إنّي لأرى عليك سيماء أبي تراب قال أبو نوح : علي سيماء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله و أصحابه و عليك سيماء أبي جهل و سيماء فرعون .(٢) .

____________________

( ١ ) الطبقات الكبرى لابن سعد ٢ : ١٣٦ طبع ليدن .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٣٣٢ .

١٩٣

« و أما أعداء اللَّه فدعاؤهم فيها الضلال و دليلهم العمى » في ( صفين نصر بن مزاحم ) : قال عمرو بن العاص لعمار بن ياسر : علام تقاتلنا ، أو لسنا نعبد إلها واحدا ، و نصلّي قبلتكم و ندعو دعوتكم و نقرأ كتابكم و نؤمن برسولكم ؟ قال عمار : الحمد للَّه الذي أخرجها من فيك ، إنّها القبلة و الدين و عبادة الرحمن و الكتاب ، لي و لأصحابي دونك و دون أصحابك ساخبرك على ما قاتلتك و أصحابك أمرني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن اقاتل الناكثين و قد فعلت ، و أمرني أن اقاتل القاسطين و أنتم هم ، و أما المارقين فما أدري ادركهم أم لا ، ألم تعلم أيّها الأبتر ألست تعلم أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّعليه‌السلام « من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم و ال من والاه و عاد من عاداه » و أنا مولى اللَّه و رسوله و علي بعده و ليس لك مولى .

قال له عمرو : و لم تشتمني و لست أشتمك قال عمار : بم تشتمني أتستطيع أن تقول إنّي عصيت اللَّه و رسوله يوما قال : إنّ فيك لمسبات غير ذلك فقال : ان الكريم من أكرمه اللَّه ، كنت وضيعا فرفعني و مملوكا فأعتقني و ضعيفا فقواني و فقيرا فأغناني قال عمرو : فما ترى في قتل عثمان ؟ قال : فتح لكم باب كل سوء قال عمرو : فعليّ قتله قال عمار : بل اللَّه رب علي قتله و علي معه قال عمرو : أكنت فيمن قتله ؟ قال : كنت مع من قتله و أنا اليوم اقاتل معهم قال عمرو : فلم قتلتموه ؟ قال عمار : أراد أن يغيّر ديننا فقتلناه قال عمرو : ألا تسمعون قد اعترف بقتل عثمان قال عمار : و قد قال قبلك فرعون لقومه « ألا تسمعون »(١) .

و روى ( صفين نصر أيضا ) عن السدي عن يعقوب بن الأوسط قال :

احتج رجلان بصفين في سلب عمار و في قتله ، فأتيا عبد اللَّه بن عمرو بن العاص فقال لهما : و يحكما اخرجا عني فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « مالهم و لعمار

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٣٤٢ .

١٩٤

يدعوهم إلى الجنة و يدعونه إلى النار قاتله و سالبه في النار » قال السدي :

فبلغني أنّ معاوية قال : إنّما قتله من أخرجه يخدع بذلك طغام أهل الشام(١) .

« فما ينجو من الموت من خافه » في ( الكافي )(٢) : عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ ملكا كان له عند اللَّه منزلة عظيمة ، فتعتب عليه فأهبطه إلى الأرض فأتى إدريسعليه‌السلام فقال له : ان لك من اللَّه منزلة فاشفع لي عنده فصلى ثلاث ليالي لا يفتر و صام أيامها لا يفطر ، ثم طلب إلى اللَّه تعالى في السحر في الملك فقال له الملك : قد اعطيت سؤلك و قد اطلق لي جناح و أنا احب أن اكافيك فاطلب مني حاجة فقال :

تريني ملك الموت لعلي آنس به فإنّه ليس يهنئني مع ذكره شي‏ء فبسط جناحه ثم قال : اركب فصعد به يطلب ملك الموت في السماء الدنيا فقيل له :

أصعد فاستقبله بين السماء الرابعة و الخامسة ، فقال الملك لملك الموت : مالي أراك قاطبا ؟ قال : العجب أنّي تحت ظل العرش حيث امرت أن أقبض روح آدمي بين السماء الرابعة و الخامسة فسمع إدريس صوته فامتعض فخرّ من جناح الملك فقبض روحه مكانه ، قال عزّ و جلّ( و رفعناه مكاناً علياً ) (٣) .

« و لا يعطي البقاء من أحبه » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : جاء جبرئيل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : عش ما شئت فإنّك ميت ، و احبب من شئت فإنّك مفارقه ، و اعمل ما شئت فإنّك لاقيه(٤) .

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٣٤٢ .

( ٢ ) الكافي ٣ : ٢٥٧ ح ٢٦ .

( ٣ ) مريم : ٥٧ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٥٥ الرواية ١٧ ، و أيضا من لا يحضره الفقيه ١ : ٤٧١ الرواية ١٣٦٠ .

١٩٥

الفصل الرابع و الخمسون في العقل

١٩٦

١ الحكمة ( ٢٣٥ ) وَ قِيلَ لَهُ صِفْ لَنَا اَلْعَاقِلَ

 فَقَالَ ع هُوَ اَلَّذِي يَضَعُ اَلشَّيْ‏ءَ مَوَاضِعَهُ فَقِيلَ فَصِفْ لَنَا اَلْجَاهِلَ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ قال الرضي : يعني ان الجاهل هو الذي لا يضع الشي‏ء مواضعه ، فكان ترك صفته صفة له إذ كان بخلاف وصف العاقل « و قيل لهعليه‌السلام صف لنا العاقل » في ( مطالب السؤول ) قالعليه‌السلام : « العقل عقلان : عقل الطبع و عقل التجربة ، و كلاهما يؤدّي إلى المنفعة ، و الموثوق به صاحب العقل و الدين ، و من فاته العقل و المروة فرأس ماله المعصية ، و صديق كلّ امرى‏ء عقله و عدوّه جهله ، و ليس العاقل من يعرف الخير من الشر و لكن العاقل من يعرف خير الشرّين ، و مجالسة العقلاء تزيد في الشرف ، و العقل الكامل قاهر للطبع السوء و على العاقل أن يحصي على نفسه مساوئها

١٩٧

في الدين و الرأي و الأخلاق و الأدب ، فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب و يعمل على إزالتها .

( و فيه ) : و قالعليه‌السلام : « الإنسان عقل و صورة ، فمن أخطأه العقل و لزمته الصورة لم يكن كاملا و كان بمنزلة من لا روح له ، و من طلب العقل المتعارف فليعرف صورة الاصول و الفضول ، فإن كثيرا من الناس يطلبون الفضول و يضيعون الأصول ، فمن أحرز الأصل اكتفى به عن الفضل(١) .

و في ( تحف العقول ) : قال راهب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبرني عن العقل ما هو ؟

و كيف هو ؟ و ما يتشعب منه ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « العقل عقال من الجهل ، و النفس مثل أخبث الدّوابّ ، فإن لم تعقل حارث (( حرنت ظ )) ، و إنّ اللَّه تعالى خلق العقل فقال له : أقبل ، فأقبل ، و قال له : أدبر ، فأدبر ، فقال تعالى : و عزّتي و جلالي ما خلقت خلقا أعظم منك و لا أطوع منك ، بك ابدى‏ء و بك اعيد ، لك الثواب و عليك العقاب ، فتشعب من العقل الحلم ، و من الحلم العلم ، و من العلم الرشد ، و من الرشد العفاف ، و من العفاف الصيانة ، و من الصيانة الحياء ، و من الحياء الرزانة ، و من الرزانة المداومة على الخير ، و من المداومة على الخير كراهيّة الشرّ ، و من كراهية الشرّ طاعة الناصح ، فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير ، و لكلّ واحد من هذه العشرة الأصناف عشرة أنواع . »(٢) .

« فقالعليه‌السلام : هو الذي يضع الشي‏ء مواضعه » في ( شعراء ابن قتيبة ) : رأى دريد بن الصمة الخنساء تهنأ الابل فقال :

ما ان رأيت و لا سمعت به

كاليوم هانى‏ء أنيق جرب

____________________

( ١ ) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلّى اللَّه عليه و آله : ٤٩ ، و نقله عنه المجلسي في البحار ٧٨ : ٦ ٧ .

( ٢ ) تحف العقول : ١٢ ١٣ .

١٩٨

متبذّلا تبدو محاسنه

يضع الهناء مواضع النّقب(١)

« فقيل : فصف لنا الجاهل فقالعليه‌السلام : قد فعلت » قيل لرجل : ما السّخاء ؟ قال :

جهد مقل قيل له : فما البخل ؟ قال : افّ و حوّل وجهه فقيل له : أجب فقال :

أجبت .

و في ( كنايات الجرجاني ) : تقول العرب في الكناية عن الجاهل : « لا يدري أيّ طرفيه أطول »(٢) .

« يعني أنّ الجاهل هو الذي لا يضع الشي‏ء مواضعه » قالوا : صعد ثابت بن قطنة منبر سجستان فأرتج عليه ، فلما نزل قال :

فان لم أكن فيهم خطيبا فإنّني

بسيفي إذا جدّ الوغى لخطيب

فقيل له : لو كنتها فوق المنبر لكنت أخطب الناس(٣) .

٢ الحكمة ( ٤٥٠ ) و قالعليه‌السلام :

مَا مَزَحَ اِمْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً أقول : قال ابن أبي الحديد قيل : إنّما سمّي المزاح مزاحا لأنّه ازيح عن الحق(٤) .

قلت : لا ريب في أن « مزاح » فعال من مزح ، لا مفعل من زاح(٥) حتى يحتمل ما قال ، إلاّ أنّ الأصل في كلامه خبر روي عن فاروقهم .

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٢٢ ، كذا ورد في ديوان دريد بن الصمّة : ٣٤ .

( ٢ ) الكنايات للجرجاني : ١١٣ .

( ٣ ) عيون الأخبار لإبن قتيبة ٢ : ٢٧٥ و فيه : « فإلاّ أكن بدلا من : « فإن لم أكن » .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ١٠٠ .

( ٥ ) يطبع هذا الهامش من ورقة الهوامش المرقمة ( ٢ ) و رقم الهامش فيها ( ٤ ) .

١٩٩

و قولهعليه‌السلام « إلاّ مجّ من عقله مجّة » استعارة من مجّ الشراب من فيه : إذا رمى به قال بعضهم : المزاج يجلب الشرّ صغيره و الحرب كبيره ، و لو كان المزاح فحلا لم ينتج إلاّ شرّا .

و في ( أخبار حكماء القفطي ) : عبث ابن حمدون النديم بابن ماسويه بحضرة المتوكّل ، فقال له ابن ماسويه : لو كان ما فيك من الجهل عقلا ثم قسّم على مئة خنفساء لكانت كلّ واحدة منهن أعقل من ارسطو طاليس .

إنّما السالم من ألجم فاه بلجام

ربما استفتحت بالمزح مغاليق الحمام

قد صار في الناس جدا ما مزحت به

كم مازح صار بين الناس مذموما(١)

٣ الحكمة ( ٤٠ ) و قالعليه‌السلام :

لِسَانُ اَلْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ وَ قَلْبُ اَلْأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ قال الرضي : و هذا من المعاني العجيبة الشّريفة ، و المراد به أنّ العاقل لا يطلق لسانه إلاّ بعد مشاورة الرّويّة و مؤامرة الفكرة ، و الأحمق تسبق حذفات لسانه و فلتت كلامه مراجعة فكره و مماخضة رأيه ، فكأنّ لسان العاقل تابع لقلبه ، و كأنّ قلب الاحمق تابع للسانه و قد روى عنهعليه‌السلام هذا المعنى بلفظ آخر ، و هو قوله :

____________________

( ١ ) أخبار العلماء و الحكماء للقفطي : ٢٤٩ ، و ابن ماسويه هو يوحنا كان نصرانيا سريانيا ، ولاّه الرشيد ترجمة الكتب الطبعة القديمة التي وحدها بأنقرا و عمّورية ، كان فاضلا متدما عند الملوك ، خدم المأمون و المغتصم و الواتق و المتوكل ( أخبار العلماء و الحكماء : القفطي في ترجمة يومنا ما سوية : ٢٤٨ .

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418