ديوان فوز الفائز

ديوان فوز الفائز14%

ديوان فوز الفائز مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 418

ديوان فوز الفائز
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84296 / تحميل: 14037
الحجم الحجم الحجم
ديوان فوز الفائز

ديوان فوز الفائز

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

اِمع السلامة يا سنادي الله ويّاك

قلبي فلا يسلي ولا يصبر بليّاك

تخلِي المنابر يا لولي واتعوف مرْباك

اُو بتروح اُو تخلي منابرنا خليّه

- تمّت -

صبح محمّد ناصب المآتم على احسين

يصفق اِبراحاته اُو منّه تذرف العين

اِمن النُّوح بطّل قال ما بطِّل مناحي

واَعمي اِعيوني اِمن البكى واصفق لراحى

واَنصب المآتم في مسائي وفي صباحي

معذور لو أنتلف من حزني على احسين

معذور لو أنا أصب الدمع سكّاب

والجيب أشقّه اُوفوق راسي أحثي اِتراب

متفطّرة كبدي ترى اِمن افراق لحباب

واَعظم على قلبي اِفراقي اِسنادي احسين

اِمن اَهلي ثمنتعشر بدر غابوا بساعه

والقمر هاللي تزهو الدنيا اِبشعاعه

راعي الحميّة والرّياسة والشجاعه

اُوحاوي الكرم والفخر واِخصال الحميدين

كُلهم اِبليل دامس ساقوا الضعينه

اُوعافوا جواري اُو صحبتي اُوعافوا المدينه

يا ليتني في الضعن أمشي عنْ يمينه

واَصير منهم وألزم اِركابات لحسين

ألزم اِركابه حين يركب للمطيّه

واَخدم عضيدي في صباحي والعشيّه

واَصير منهم من اِذباح الغاضريّه

وافوز معهم بالشهادة عندِ لحسين

واَفوز مَعْهم بالشهادة يومُ لطرادْ

مثل البطل عبّاس والأكبر ولمجادْ

واِتصير معهم جثّتي من فوق لوهادْ

فوق الثرى من غير تغسيلٍ اُو تكفين

واِتدوس صدري مثلهُم خيل الدعيّه

اُوينشال راسي مثلهُم بالسمهريّه

والشمس تصهر جثّتي اشوى عليّه

أهون علَيْ من أسمع النّاعي على اِحسين

ويلاه ما ليّه قبر في ذيك لقبور

ويلاه ما ليَّه صدر بالخيل مكسور

٨١

اُويلاه مانا من ضحايا يوم عاشور

ويلي على اِخواني اُوا حزني على اِحسين

- تمّت -

يحسين ردْ اِبها الضعينة للمدينه

لا تروح وادي الغاضريّة با ولينا

شالوا بني عدنان من مكّة اُوطيبَه

مثل الاُسود النازلة اِبيوم الحريبَه

واِحسين قدّام الضَّعن الله يجيبَه

يمتى ترد يحسين ياخويه علينا

يحسين بعدك دوركُم ظلّت خرايب

قلبي ينور العين ذاب اِمن المصايب

يمتى تجي يحسين يا سبع الحرايب

يوم السّعد من يلفيِ المندوب لينا

يمتى يجي المندوب قوموا وصل الحسين

أقبل ابقومه اُو عزّوته اُوكُلّ النّساوين

سالم عسى الله يرجعَك يا قرّة العين

يا ليتني ويّاك قدّام الضعينَه

يحسين بعدك منزلي ظلْمه نواديه

لو من لفانا الليل واَبدانا اِبهواديه

أذكر مزايا بوعلي خويه اُو نواديه

يهل الحميّة والشّيم عُودوا علينا

ما حد غدرْ بيِه الدّهر مثلي ولا خان

في يوم واحد فارقتْ شيباً اُوشبّان

عبّاس والجاسم اُوعون اُوكُل لخوان

اُوكُل الحمولة فارقت أرض المدينه

واَعظم عليّه يوم هل اِهلال عاشور

يومٌ نظرته سال دمع العين منثور

عندي عِلم مثل الوحي في اللوح مسطور

أبداً ولا غيّابنا ترجع علينا

- تمّت -

لَحَد يخويه ما طلعنا لك اِبمفزاع

ولا حضرنا اِطرادكم خويه يمنّاع

شدّوا جَوادي والمطيّة باَلحق اِحسين

ويلي على ذاك الاُخو مدري نزلْ وين

مادري الكوفة لو خْلفَت الدرب يحسين

ما هي الكوفة كربلا عندي اِستطلاعْ

يحسين ما هي بالحميّة والمفازيع

والأسد ما يصبر اُوهو يسمع زعازِيع

لولا القضا واللهِ ما نرضى ولا نطيع

وآنا غرامي نازلة بساعة المفزاع

بالأمس يوم المرتضى والعلَم منشور

يا ما على العدوان حمنا حوم لصقور

٨٢

يا ما هدمنا اِصفوف أعظم من بنا السّور

والأرض ما نشفت ولا طير الفلا جاع

يحسين متفيد التماني والتزافير

طيرٌ بلا جنحان ما له مقْدَرة اِيطير

بيني اُو بين ابن النّبي حالت مقادير

وآنا الذي بالزلزلة ما قلبي ارتاع

نصرك علينا يا لولي معلوم واجب

وابنصْرتك يحسين أولى امن الأجانب

وآنا الذي معروف في كُلّ الحرايب

معروف فعلي أبد ما يقربني اِشجاع

خلّوا البكى والنوح لي يَهلِ المدينه

كُلْ حين أزور المصطفى واَسمع ونينَه

في وسط قبره ِيصيح سبطي ذابحينه

في كربلا مذبوح واِمْكسّر الأضلاع

في داعَة الله اُوفي أمان اللهِ يحسين

ما هيّه شيلة سفر هذي شيلة البين

واِنْ سايلوني اَهل المدينة قاصد الوين

شاقول يا ذخري اُو يا عزّي يمنّاع

- تمّت -

طول الغيبة اِحسين باَراض الغاضريّه

يمتى يجى المرسول منّك يا شفيّه

والله اِفراقك يا عضيدي فتّت اِحشاي

من يوم وفّادك لفت يا حامي اِحماي

عيشي تكدّر يا عضيدي وازاد بلواي

دابي أنوح اُوأجدب الونّة خفيّه

من شِلت عنّي ما هنا عيشى اُوزادي

اُو كثْر الحنين امن النّسا ذوّب اُفّادي

اُو هذي الوفد يحسين جت من كُلِّ وادي

جتْ لك على المُعتاد يبغون العطيّه

بعدك يخويه اليوم ينعى في المنازل

اُوجوفي نحيل اِمن المرض والدّمع سايل

وا ضيعة الوفّاد بعدَك والأرامل

الله يعود اِحسين للدّور الخليّه

يمتى يخويه تلتقي عيني اِبعينَك

ويّاك قومي اُو عزوتي اُو جملة بنيّك

اِتمنّيت أشيل العَلَم قدّامك وَعينَك

يا حَيِّ ذاك الوجه منّك ياشفيّه

يمتى تجي يحسين يا نور المدينه

حتّى يزول الضيم عنّا يا ولينا

٨٣

هذي المنازل خاليه اُوبنْتك حزينَه

بعدك يخويه أظلم المنزل عليّه

إربيت بظلالك اُوزال اليوم عنّي

واليوم بعدك ما بِسَم بالفرح سنّي

اُو لديار بعدك يا عضيدي توحّشني

ما أوحش الدّنيا عقب عينك عليّه

- تمّت -

٨٤

الفصل الثاني

في وداع الحسين (عليه‌السلام ) لجدّه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :

في داعَة الله يا قبر جدّي يمبرور

عنّك اِمسافر بالحمولة اُو غالق الدُّور

ما هو اِبطيبي سفرتي غصباً عليّه

طيبة أخلّيها واَروح الغاضريّه

اُو تبقى مدارسنا اُو منابرنا خليّه

من عقب ما هي مزهوة اِبزهرة هلبدور

أوّل تبدَّ بالظلم حبتر يمختار

للدار جانا بالحطبْ والجزل والنّار

اُو حرقوا يجدّي دارنا اُوقادَوا الكرّار

يا ليت عينك تنظره بالحبل مجرور

واِتواثبوا الشنّين يا جدّي علينه

إقطام بالكوفة اُوجعدة في المدينه

اُونالوا مناهم والذي راموه فينه

اُوخلّوا علينا يبتهج جوّاب لحمور

والْلي وصّيت ابها البتولة روّعوها

بالباب والحايط يجدّي اَعصروها

اُومنْ شدّة العصْرة يجدّي اَسقطوها

ليتك تراها والضلع بالباب مكسور

واِبقيت أنا حاير وصب اِدموع عيني

واشوف ميراثي الأعادي غاصبيني

أبكي على ذيكِ الحمولة اِمفارقيني

ضمني اِبقبرك يا رسول الله يمبرور

اِقعد يجدّي شوف من باِبنك فديته

خارج من اِجوارك بجملة أهل بيتَه

لأرض المنايا والقدر حانتْ منيته

ضاقت بنا البلدان اُوضاقت كُل البرور

قلّه اِتروح إلكربلا واتِخْذَّها دار

حتّى لشيعنا تنجّيهم من النار

اُوكُل مِن بكا ابحسرة اُو تعنّى اِلقبرك اُوزار

الزاير إله حقٌّ على مِن جاله اِيزور

اُو يوم الحشر يا بني تجي جثّه بلا رأس

والدّم من نحْرك يثور اُو حولك الناس

٨٥

واِتجي البتولة اُوفي يديها اِكفوف عبّاس

واتصيح وا حزني الذبايح يوم عاشور

- تمّت -

إنصدع قلب المُصطفى اُوناداه يحسين

خفّ البواكي يالولد يا قرّة العين

إنصدع قلب المُصطفى قلّه يمظلوم

خلّيت دمعي يالولد بالخدِّ مسجوم

كنّي أشوفك بالثرى عاري بلا هدوم

والنّحر مبري اِمن القفا اُو مقطوع ليدين

كنّي أشوفك في فيافي الغاضريّه

مرمي على الرمضا تدوسَك لعوجيّه

والراس منّك فوق راس اِلسّمهريّه

اُوجثتك تظلْ من غير تغسيلٍ اُو تكفين

كنّي أعاين صحبتَك صرعى مطاعين

واُولاد اُخوك الحسن واِخوانك ولبْنين

حتّى رضعيك يذبحونَه يا ضيا العين

محسوب منْكم يا لولد يا قرّة العين

اُوكنّي أشوف اِمخيّمك محروق بالنّار

اُوكنّي أشوف اِمخدّراتك فوق لكوار

من غير أقنعه يالولد في أيد الفجار

من بعد عزّوتها تظلْ بيد الملاعين

وأمّا العليل اِيركّبونه فوق ناقه

مكشوف رأسه والحبل يجرح لساقه

تبكي صخور الصُّم من شدّة وثاقه

وجعان فاقد عزّوته ما تم له اِمعين

يا بني لوادي كربلا شدّ الضعينه

ما لك قبر يحسين في أرض المدينه

قبرك باَراضي الغاضريّة حافرينه

مكتوب تُدفن يا لولد من غير تكفين

في داعَة الله يا غريب الغاضريّه

والله اِفراقك يا لولد يصعَب عليّه

لَنصب إلك يحسين في قبري عزيّه

واَبكي ونادي يا شهيد الطفِّ يحسين

* * *

إقعد يهادي الاُمّة لحسين عاين حاله

إمن المدينة شايل ويّا هَله واِرجال

وسْطِ اللحد ضمّوني يا مصطفى ويّاكُم

لا حاجة لي في البقا يا جدّ بين اِعداكُم

يا جدْ أنا يَردوني أشيل من ملجاكُم

هذي كتبهُم بيدي أهل الغدر محتالَه

بس غاب عنّا شخصك ثارت علينا الاُمّه

اُو غصبوا الخلافة منّا والكُلّ يطلب دمّه

٨٦

واِتفرّقت لمّتنا من عقب ذيك اللمّه

من بعد ذيك العزّة صرنا اِبأسوء حاله

يا جدّ اُمّي الزهرا باِسياطهم ضربوها

لضلوع منهااِتكسّرت اُومن الإرث غصبوها

اُوشيبةأبويه المرتضى اِبفيض الدماخضبوها

في وسط فرضه اُوفرّقوا بينه اُوبين اِعياله

واِبقيت أناواعضيدي من عِقب ذيك الدّولَه

بين العدى واِسيوفهم باِرقابنا مسلولَه

اُودسّوا اللعينة اِجعيدة اُوسمّت عضيدي غيلَه

واِبقيت ما لي ناصر ألوذ تحت اِظلاله

ولا صديقٌ جاني إلّا عدوٌّ جاير

متحيّر يا جدّي والله دليل الحاير

خُذني يجدّي عندك وسط القبر بالحاير

لا حاجة لي أنْ أبقى في دنيةٍ ميّاله

ما زال يبكي الجدّه ممّا جنته الاُمّه

واَلا اِبجدّه جا له واَحنا عليه اُوضمّه

قبّل جبينه اُو نحره اُو ظلّ الأمين اِيشمّه

ويخاطبه واِدموعه مثل المطر همّاله

اُو قال الشهادة يا بني ما لك مناصٌ منها

واَرض البلا والكربه لا بدّ ما تسْكنها

اُوجثّة رببتها(١) كفّ العدى تطعنها

اُو تبقى رميّه اِعلى الثرى واِتدوسها الخيّاله

ويجيك سهمٌ نافذ واِنته على ميمونك

من كفِّ رجس ماردٍ فوق الثرى يرمونك

واتحوط بيك العسكر يبغون باينحرونك

واتفر منّك خيفة واِتصير في زلزاله

ويجيك شمر الطاغي اُو يُوطي اِبنعله صدرك

ويسل سيفه ابغيّه ويمكّنه في نحرك

ويحزّ رأسك منّك ويصير أخر عمرك

اُوينشال راسك بالرمح واِسنان اِله شيّاله

* * *

____________________

(١) هكذا وردت المفردة في أصل المصدر وفيها تصحيف واضح. ( موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٨٧

يحسين روح الغاضريّة اُو غلّق الدور

يحسين ما لك في المدينة قبر محفور

غلِّق منازلنا اُوروح الغاضريّه

ولا تْخلّي إبطيبة اِمن اُولادك بقيّه

وآنا عليكُم في القبر بانصب عزيّه

اُو باصيح وا سبطي بأرض الطفِّ منحور

غلِّق منازلكُم اُوشيل اِمن المدينَه

يحسين هذي شيلتَك غصبَن علينه

قبرك بأرض الغاضريّة حافرينه

يوم انّجي لك بعد ذبحك يا بني اِنزور

ضمّه لحتّى لصق صدر اِحسين صدره

واَحنى عليه اُو قبّله اُو شمّه اِبنحره

اُونادى على المظلوم اُوهو يجذب الزَّفره

يبني ترى اَنّك تنذبح في شهر عاشور

يحسين كُلنا نجتمع بالحشر ويّاك

واِنته بليّا رأس من حولك الأملاك

اُو تبدي الشكاية اِمن النَّحر يا بني لمولاك

يا ربِّ خلّونا بنو اُميّة بلا اقبور

واُمّك تنادي في الحشر في وين لحسين

اِيجيها الندا اِمن الله يزهرا دنظري زين

هاللي تشوفينه بلا رأسٍ ولا اِيدين

هذا الشهيد اِللي اِنذبح بالطفِّ منحور

واِتجي لك اتظمّك اُومنهاالقلب ملهوفْ

واِتشمّك اِبنحرك اُومنها الدَّمع مَذروفْ

يا نور عيني منْ قطع منّك هلكفوفْ

يحسين ميّت بالظّما اُو بالسيف منحور

اُو تصرخ لحتى الحشر يرتج من بكُاها

اُو تصرخ العالم بالحشر كُلهم معاها

تلطم على الهامة ولا تْبطّل نعاها

اُولادي يربِّي ذبِّحوهم يوم عاشور

* * *

٨٨

الفصل الثالث

في وداع الحسين لقبر اُمّه الزهراء (عليهما‌السلام ) :

ودّع قبر جدّه اُومنّه تهمل العين

واَقبل الرّوضة إلى قبر ستِّ النّساوين

اُو روّى ضريح الهاشميّة منِ دموعه

واِمن الحزن والهم ِّمحنيّة اِضلوعه

اُومِن جور عدْوانه نفى عنّه اِهجوعه

اُو كُلّ زفرته اُو نوحه على ما حلّ بالدِّين

اُو نادى دقعدي يا زكيّة ودّعيني

عنّك يزهرا شايل بجملة بنيني

اُولاد الجنا(١) عن دار جدّي طارديني

اِيريدون منّي اِمبايعة نسل الدعيِّين

قعدي من الحودِك يزهرا يا زكيّه

ماشي عن جوارِك لأرض الغاضريّه

شايل اِرجالي اُو عزوتي كُلهم سويّه

ليتِك ترينا في ظلام الليلِ ماشين

ما هو اِبطيبي سفرتي يا هاشميّه

إفراق طاها المُصطفى غصبن عليّه

الله كاتب حفرتي في الغاضريّه

نُذبح عطاشى اُو نندفن من غير تكفين

من بعدكم قوم الضلالة اِستوحدوني

اُوسمّوا خليصي والأرث منّه اِغصبوني

اِيريدون يا زهرا عقيبه يذبحوني

ليهم أحقادٌ من بدر واَيّام صفّين

جاروا عليّه من بعدكُم والدَّهر خان

واِستوحدوني من بعدكُم آلُ سفيان

خويه قضى مسموم وآنا اِبقيت حيران

أصفق اِكفوفي واَجدب الحسرة ولحنين

____________________

(١) هكذا وردت المفردة ولعلّها ( الزّنا ). ( موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٨٩

بلْغي سلامي جدّي الهادي اُو حيدر

اُو قولي ولدكُم من بلا دهره تمرمَر

جسمه اِنتحل والقلب من همّه تفطّر

جار الدهر فينا اُو خلّانا طريدين

أمست الزهرا في قبرها زايدة اُونين

واِتقول وا حزني على اِفراق اِبني احسين

يحسين يا بني هيَّجت حزني عليّه

لجلك اِبقبري لابِسه ثوب الرزيّه

أبكي عليكُم يا ضحايا الغاضريّه

الله كاتب كربلا تحويك يحسين

فطّرت كبدي من اُوداعك يا حبيبي

يحسين هذي طلعتَك من غير طِيبي

لَعمي اِعيوني بالبكا واشقّ جيبي

واَلطم على راسي ونادي يا ضيا العين

حزني عليكُم يا ذبايح شهر عاشور

اُو حزني على أجساد تبقى ما لها اِقبور

بانصب المأتم ليك يا بني طول الدّهور

ليلي اُو نهاري واَنتحب واَصيح يحسين

والله مصايب من عظمّه اِتضيق لنفاس

مادري على مَن أنتحب واَلطم على الرّاس

لبنَك علي لو حقّ أبو فاضل العبّاس

يبقى على لمسنّات جثّة ما لهه اِيدين

لو للذي بالغاضريّة اتعرّسونه

يا عرس لَكشر يوم عرسه يذْبحونَه

عرّيس ما شفنا إبدمّه اِيخضّبونه

اُو يبقى جنازة بالعرا من غير تكفين

- تمّت -

* * *

٩٠

الفصل الرابع

في وداع الحسين لقبر أخيه الحسن (عليهما‌السلام ) :

ودّع الزهرا وقام حاوي المفخر اِحسين

واَقبل إلى قبر الحسن يصفق الكفّين

واَنكب على قبر الحسن والدَّمع يجريه

اُوروّى ضريح اِخليصه من دمع عينيه

اُو زعْزع ضريح الحسن من كثرة بواكيه

يا خوي من بعدك علَيْ جاروا الملاعين

اُو نادى بصوت اِيفتّ قلب اللي يسمعَه

إيدٍ على راسه اُوإيدٍ فوق ضلعَه

في داعَة الله ما أظن يا خوي رجعَه

لرض المدينة في جمعنا يحدِي البين

[فرضك](١) قضيته يا خليصي ابسمِّ قتّال

واِبقيت من بعدك أقاسي اِهموم واَهوال

وعن وطن جدِّي زاعجيني قوم لنذال

ثاروا عليّه اُو طالبوني اِبثار صفّين

ودّي أجاوركم ولا حاصل بديّه

جدّي محمّد قال روح الغاضريّه

موضع ضريحك والأهل كُلهم سويّه

واليوم عنّك بالأهل ياخوي ماشين

بلّغ سلامي اُمّي الزهرا يمسموم

قلها تركتْ اِخليصي في الدهر مغموم

يبكي على فرقه هَله والدمع مسجوم

محتار وحده ظلّ ما بين الملاعين

قاصد أراضي كربلا باَهلي ولولادْ

حاشا لمثلي يختلف منّه الميعاد

اُو عندي الخبر أبقى رميّه فوق لوهادْ

واَبقى ثلاثتيّام لا غسلٌ اُو تكفين

* * *

____________________

(١) لم تكن المفردة واضحة في الطبعة التي اعتمدناها ، ولعلّ ما أثبتناه موافقاً للأصل. ( موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٩١

اِتزعزع ضريح الحسن لجل اُوداع لحسين

واتزعزعتْ لاملاك من نوح الميامين

اُوماج البقيع اِبساكنه مثل السفينه

والجوّ أظلم والحسن زايد ونينَه

نسِّيتني تقطيع كبدي يبو اِسكينه

إلى وين ها لسفرة يبو سكْنة إلى وين

قلي تعود وبالاُخو لو ما تُعودون

يا ليت ما تسري بكُم يحسين الظعون

بعدك يخويه [ الوفد ] بالخيبة يردّون

منهو إلى الوفّاد بعدك والمساكين

إتفطّرت كبدي من اُوداعك يا عضيدي

دفع القضا يابن الوصي ما هو ابئيدي

يا ليتني ويّاك في يوم الوعيدي

يوم اِبوادي كربلا اِتحطّون يحسين

اِتمنّيت أنا ويّاك يوم الحرب قدّام

يومٌ تجيك الخيل بالرّايات ولعلام

يا هو يومٌ ما جرى مثله بليّام

يوم مشوم فيه يحدي حادي البين

عندي وصيّة لك يبن طاها المبرور

لامّن نزلتْ الغاضريّة ابذاك لبدور

زوّج اِسكينة بالولَد جاسم يمشكور

قبل يخون الدهر بيكُم يا ميامين

لبسه اِثياب العرس في صورة الأكفان

واُخضبوه من دمّه اُودم خوته الشبّان

يا يوم عرسه يوم أهوال اُو أحزان

واِتزيد ضجّات النسا وسط الصواوين

ويصير عرْسه للقيامة يُوصفونَه

اِمْعرس شباب اِبدمِّ نحره ايخضبونَه

اُوفي ساعة اِزفافه للحده اِيشيعونه

الله يثيبك يا شهيد الطفِّ يحسين

* * *

ودَّع أخوه اُو جمع اِخواته ولبنين

اُونادى اِعليهم زيّنو اِخدور النّساوين

اُو نادى على العبّاس خويه يا شفيّه

ستّر هوادج للحريم الهاشميّه

الله يدومَك يا لاُخو ليهم تكيّه

يا سيفي المشهور يا عَمِّ العليِّين

اُوعينك على هودج عزيزَتنا يعبّاس

خلّوه في وسط الظعينَه يا قوي الباس

خوفي على هودج الحوري تنظره النّاس

ما تقبل الغيرة تراه الأجنبيين

يا ولاد حيدر حطّوا الهودج يشجعان

تدرون هذي اِمخدّرة خيّال لحصان

أخشى على الحوري تراها أطفال رضعان

خلّوا مطيّتها وسط هذي البعارين

٩٢

يولاد حيدر حوّطوا حول الظعينه

اُوكُل من يخلّي السيف مشهور اِبيمينه

اُوكلنا بِنطلع فرد طلعة اِمن المدينه

ما نترك اِبطيبة لنا نسوة ولا اِبنين

أعلامكم يولاد هاشم نشّروها

واُسيوفكم حول الظعينة شهّروها

اُوهَيدوا المطايا بالسُّرى لا تزْجعوها

خوفي اِتروّع في السّري اِقلوب الخواتين

إمشوا اشويّة اُوريّض اِشويّة يجسّام

خلف الظعينة اِمشوا وبعض اِيصير قدّام

اُو لسيوف مسلولة اُو منشورة الأعلام

حُوطوا ظعينتكم يَخوتي يا شياهين

حواطوا ظعينتكُم اُومشّوها على هون

يسيوف حربي عن حرمكُم لا تغفلون

خُوفي الهوادج يا بني هاشم يميلون

اُو ترتاع من ميل الهوادع هالنساوين

* * *

إتقدّم أبو فاضل اُونادى اِبصوت يحسينْ

آمر علينا كُلّنا الأمرك مُطيعينْ

آمر علينا كُلّنا في طوع آمرك

أعمارنا فدوة يبو سكنة لعُمرك

واِحنا الذخيرة اِمن الوصي ليّام نصرك

باتشوفنا يوماً نثور اِعلى المُضلّينْ

إنْ خضتْ بحراً يا لولي خضناه ويّاك

واِجبال إنْ تصعد صعدنا أرواحنا اِفداك

في الدهر عِيشتنا مَهي حلوة بليّاك

إنته حمانا والرّجا يابن الميامينْ

واِتقدّمت اُولاد حيدر من حواليه

هذا يحبْ إيده اُو هذا يحبْ رجليه

اُو هذا بترجّى العلم منه اليوم ينطيه

اُو نشرَوا ذوايبهم على الأكتاف في الحينْ

واِتلامعت بانوارها اُوجوه العشيره

واِحسين مولاهم مثل شمسِ المنيره

إسم الله على ذيك لوجوه المستنيره

الله اُولحّد تبقى على الغبرة مَطاعينْ

واِتقدّم العرّيس والأكبر ابجنبَه

اُوطاحوا على المولى السّبط كُلٌّ يحبّه

٩٣

من شافهم شيخ العشيرة زاد نحْبه

اُوهلّت اِدموعه واَصفق اليسرى بليمينْ

واِتذكّر المظلوم ما يجري عليهم

في يوم عاشر والذي اِيفعلون بيهم

يومٌ تجول الخيل في العركة عليهم

يبقوا ثلاثتيّام في الغبرة مطاعينْ

اُوهلّت اِدموع السبط لمَّن شاف لوالادْ

واِتجدِّدتْ له زفرته محروق لفّادْ

عنده الخبر لنهُم يظلّوا فوق لوهادْ

يا عين هلّي الدمع لفراقِ الميامينْ

- تمّت -

٩٤

اُمّ سلمة زوج النّبيِّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله )

لا وين تمضي يا عديل الرُّوح يحسينْ

لا تروح وادي كربلا يابن الميامينْ

يحسين يابني لا تروح الغاضريّه

غيِّر النيّة يا عزيز الهاشميّه

إنْ رحتْ وادي كربلا ما ليك جيّه

عندي خبرمن جدّك الهادي اِبني اِحسينْ

لا تروح وادي كربلا يا نور عيني

خُوفي يُطول السّفر يا بني اُو لا تجيني

اِسمعتْ الخبر اُوجيت ليك أمشي اِبحيني

لا تروح واِتخلّي منابركُم خليّه

عندي اِترابٌ منْ عهد جدّك يمظلومْ

أوصى اُوقلّي هالترب ينفطرْ بادمومْ

يومٌ تسافر كربلا يا بحر العلومْ

تنذبح فيها اُو تندفن من غير تكفينْ

قلها مثلْ ما أوعدك آنا اَوعدوني

لازم ابوادي الغاضريّة يذبحوني

أعرف محلّي والذي هم ينصروني

عندي اَسماهم بالعَدد نيف اُو سبّعينْ

عندي اَخبار الغاضريّة يا حزينَه

واِنكان ودّك لا محالة تنظرينَه

يومٌ أراها الطفّ صاحتْ وا ولينه

وا ضيعة الإسلام بعدَك يا حمى الدِّينْ

لا تروح وادي الغاضريّة يا حبيبي

غيّر النيّة لو ترى باشقِّ جيبي

والله يا بني سفرتَك من غير طيبي

غصباً علينا سفرتك يا نور كُلْ عينْ

لَتروح وادي الغاضريّة يذبحونك

عندي خبر لن هل الكوفة اِيكاتبونك

لو من وصلتْ إلهم يعيني يغدرونَك

واِتروح من بعدك سبايا ها لخواتينْ

* * *

٩٥

من دار جدّه بو علي حثّ الظعينه

شال اِبحريمه واِخوته من اَرض المدينَه

شبّان طلعوا من المدينة بالسويّه

شالوا اُوخلّوا دُورهم تنعى خليّه

ما خلّفوا إلّا محمّد اِبن الحنفيّه

ما فنّه إلّا النوح واِمجاذب ونينَه

ما يبرح إلّا اِيقول شيلوني يغلمانْ

قوموا طرحوني في الدّرب باسأل الرّكبانْ

باسأل عن اِخواني بقيّة آل عدنانْ

من شال عنّه بوعلي متْنام عينَه

باسأل عن اِخواني اُوقوم الْلي جفوني

من سافروا للغاضريّة ما اَذكروني

ما عوّدوني بالجفا ما عوّدوني

إتمنّيت أخويه تلتقي عيني اِبعينه

شبّان محلاهُم اُو رَكْبتهُم على الخيل

يومَن طلعوا من المدينة تالي اللّيل

اُوساروا بجمعهُم بين تكبيرٍ اُو تهليل

مثل الصقور اِتحوم من حول الظعينَه

ويلي لزينب تنتحبْ والدَّمع همّال

تبكي على ذِيك الحمولة اُوذيك لرجال

اِتمنّيت أرجع للمدينة مَعْ هلبطال

ما ظنّتي اِرجالي يعودون المدينَه

ويلي العبّاس يقدم ظعن لحسينْ

ويقول يا زينب يخيّه لا تخافينْ

تخسى الأعادي ما يقربون الصواوين

واُخوك عبّاس البطل ما ينكرونَه

قالت يخويه اليوم في اِحصونٍ مشيدَه

وأبطال من حولي اُو فرسانٍ عديدَه

بس خايفة أبقى مع النّسوة وحيدَه

واَرجع بليّا اِرجال يا خويه المدينه

* * *

إمن المدينة شالت اِظعون الميامينْ

والدُّور ظلّت موحشة من سافر اِحسينْ

ظلمَه المدارس والمجالس بعد لبدور

يا حيف غابوا باللّحود اِبيوم عاشور

واَهل الكرم شالوا طبقْهم واَغلقوا الدُّور

اُو لفراقهم تنعى العلوم اُو يصرخ الدِّينْ

والدُّور والدّنيا اِمظلمة منْ فَقدهُمْ

والدِّين والتدريس دارسْ من بعدهُمْ

اُودحّاي المنايا ساقْ لظعون اُوحداهُمْ

لاَرض المنايا كربلا سافر لها اِحسينْ

اُوحامي الظعينة والعرينة البطل عبّاس

بيده العَلم قدّام وجهه اِشديد لمراس

٩٦

يبرى الظعينة اِيذود عنها مفرّع الرّاس

اُومن حول زينب كُل بني هاشم اِمسلحينْ

محلا بني عدنان لطلعتهم ابفزعها

لو صاح صايحهُم اُولعمامة نزعها

صوته اِيزلْزل للعدا اُو يكثر جمعها

خصّه علي لكبر اُوعمّه فادي الدينْ

شبّان ويلي بعد ما نبتتْ اِلحاهُم

بالغاضريّة اِيزيد باجيوشه رماهُم

اُو بالسّيف لَحد كُل بني هاشم محاهُم

اُوخدّامهم من عقبهم صاروا سلاطينْ

يا حيف راحت ذيكِ لوجوه المزهْراتْ

كانت مصابيح الورى واَمستْ مُظلماتْ

ركبتْ الخيل الشفايا اِبجنب لفراتْ

مثل الضحايا اِمطرّحة حول الولي اِحسينْ

* * *

ساقوا ظعنهم من أرض طيبة السلاطينْ

واَضحتْ منازلهُم مُظلماتٍ خليّينْ

شالوا فرد شيلة بني هاشم جمعهُم

ساقوا مطاياهم اُو عرفوا وطن جدهُم

الله يعينِك يا منازلهُم بعدهُم

صرتين وحش مُظلمة بعد السلاطينْ

شالوا بني هاشم جمعهُم فرد شيله

ما خلّفوا في دُورهم غير العليلَه

أضحت تحن في الدّار والمدمعْ تسيلَه

واِتقول خبروني مشى من اَي صوب لحسينْ

طلعتْ معاها اِتصيح والنسوة معاها

نوبٌ تطيح اُونوب تسرع في خُطاها

تكثر الحسرة والبُكا الشيلتْ أباها

أضحت غريبة والأهل عنها اِبعيدينْ

أضحتْ غريبة بعد عزوتها الجليله

من بعد عزوتها بقتْ حرمة ذليلَه

وصلت أبوها اِتعلّقت باَطراف ذيلَه

اُوطاحتْ على راسه تقلّه بوي يحسينْ

اِخذوني معاكُم يا بني هاشم خذوني

حرمة غريبة اِبدوركُم لا تتركوني

من دون كُلّ الحرم بويه اِتخلفوني

يا بوي خذني بالظعن ويّاك يحسينْ

والله يبويَه عيشتي كشرة بليّاك

والله ما أسلو ولا أهجع ولا انْساك

يا بوي خذني في السفر يحسين ويّاك

ما [ تنسني ] يحسين يا نور المسلمينْ

٩٧

والله يبو السجّاد ما بطِّل من النّوح

ليلي اُو نهاري مدمعي بالخدِّ مسفوح

قلبي اِتقطّع من رأيت اِلظعنك اِيلوح

من حولَه العبّاس واِخواني العليّينْ

* * *

فاطم اِتنادي في أمان اللهِ يحسينْ

باتروح وآني أتم في الدّور الخليّينْ

قلها اِرجعي دارك ولا يصفّر لونك

لو من نزلنا في بلد أهلك يجونك

لكْبر مع العرّيس إنخلّيهم يجونك

إنتي اِبعيده والأهلْ عنّك بعيدينْ

تبقى خليّة دُورنا يا بنتِ لطهار

بانعوف طيبة اُو قاصدين أوحش الأوعار

بلغِي سلامي جدِّي الهادي المختار

اُو قولي عزيزَك شال باِخوانه ولبنينْ

اُو ردّتْ إلى طيبة اُولبست ثوب لسواد

واِتقول وا حزني على السافر ولا عاد

يمتى تجي يحسين باِخوانك ولُولاد

واَسمع مُنادي اِيقول قوموا جاكُم اِحسينْ

وصلّى أبوك اِحسين يا فاطم ولعمام

اُوصلّتِ اِخوانك واَقبل العبّاس قدّام

اِنكان أنشر في المدينة سبعة اَعلام

واَقول جوا اِمن السفر أهلي السلاطينْ

يا دُورهم لَحلف يمين الشرع ما جيك

حتّى يُعودوا من السّفر يا دار واليك

واَترك مناحي مِن يرد والِك أهاليك

يا هوّة يوم اِيصير عيداً للمسلمينْ

يا دار ما لك موحشة صرتي خليّه

في وين اَبويه اِحسين أبو نفس الأبيّه

قالت يفاطمْ سافروا للغاضريّه

واَصبحت وحشة مُظلمة من سافراِحسينْ

* * *

يا راحلين اِمن المدينة تسيرونْ

ريضوا سويعة من قبل ما تبعدونْ

رحتوا اُوخلّفتوا وراكُم يتيمَه

والْلي بلا والي ينال الهضيمَه

وبعيش في ذلّة ولا ليّه قيمَه

وآنا أناديكُم ولا لي تسمعونْ

ظلّتْ تنادي واَسمع الصوت أبوها

نادى على نسوانه اُواَهله تعرفوها

قالوا له الكبرى اُو قال اِلتقوها

وآمر أبو فاضل يريّض بلظعونْ

٩٨

في الحال أبو فاضل أناخ الركايب

من حين ما وصلتْ دعت بالمصايب

فرقة الأحبّة اِيصيّر الطفل شايب

راسه اُو يجري الدمع من جفن لعيونْ

دارتْ عليهم قبلّتْ منهم الرُّوس

اُو صار التحسّر والتلهّف بلنفوس

من شافت الشبّان تزهر كلشموس

واَنوارهم تاضي اُو عليها اِيدورون

من عاينتهم طاحت اُو وقعت اِتصيح

واَنوارهم تاضي كمثلِ المصابيح

صاحت اُوهي حسرى تروحوا مذابيح

لَنذر عليكُم صوم عام اِللي تلفونْ

واِحسين ناداها اِسكتي يا حزينَه

قومي اِرجعي للبيت وسط المدينه

لو من وصلنا للخبر تسمعينَه

ما قدّر الباري لنا لازم اِيكونْ

دارتْ على النّسوان اُومدّت بصرها

مقصودها التوديع تقضي وطرها

شافتْ رباب والطفل في حجرها

واَهوت عليه اُوشالتَه فوق لمتونْ

اُونادتْ ينور العين يا بدر سعدي

إنكان تامر اِرجع البيت وحدي

بارجع ولكنْ بآخذ الطفل عندي

ما قدر على الرجعة واِنتوا تشيلونْ

نادى عليها اِحسين والدمع همّال

هذا الطفل ما بيننا شبه لهلال

في كربلا معدود من عدّ الرجال

من حرملة ايموت اِبسهم كان مسنونْ

قالت عَجل كُلكم تروحوا مهو زين

واَهل البلد يدرون آنا بنت لحسين

شاَقول لو جو يطلبون المساكين

وفّادكم هاللي على الباب يلفونْ

* * *

بدر الدجى جسام يا ضنوة المسمومْ

إنته اِبكفالة هودجي يا شاب ملزومْ

لا تصدْ عنِّي يا ضيا عيني يضرغام

يسرور قلب المجتبى يا بني يجسّام

حصّن الهودج يا عزيزي اُوقود لزمام

لتشوف شخصي النّاس يا مدلّل يقيدومْ

إنتخى الشاب اُوصارمه اِمن الغمد سلّه

اُوشال العمامة والشَّعر على المتن فلّه

اُوقلها ييمّه لا تخافين المذلّه

عندك بطل ترتاع من حملاته القومْ

ما دام أنا موجود خلّي الخوف عنّك

بالسيف والخطِّي لزيل الضّيم عنّك

لكنْ عقب ذبحي يصير النّوح فنّك

من تنظريني بالعرا اِمخضّب بلدمومْ

٩٩

صاحتْ يراعي المرجلة يا نور عِيناي

دهري اِبحياتي في فَرح يا مهجة اِحشاي

كُلما شفتْ شخصك ينور العين ويّاي

زالتْ اَتراحي واِنجلى قلبي اِمن لهمومْ

نُورك يزيح اِمن القلب همّه ولحزان

محلاك تفتَر بالظعن كنّك غصن بان

خوفِي على هالنّور يا شمعة الشبّان

ينحمل كنّه اِهلال فوق الرّمح مزمومْ

غرّد اِبصوته اُوصاح يا ناس اغمضوا العين

لمَّن تجوز اِمخدّرات الطّهر ياسين

ذولا الودايع من عليْ خير الوصيّين

واحنا فدى حرّات حيدر بحر العلومْ

نادتْ به اُمّه وين هالسفرة يلبدور

قلها لأرض الغاضريّة يمّ لخدور

صِبري اُوتشوفين العجايب يوم عاشور

حرب اُو ضرب واِحنا انتذبّح في فردْ يومْ

في يوم واحد تنذبح جملة هلبطال

ميظلّ ويّاكم اِبذيك الخيم رجال

إلّا عليلٌ لو مبتلي باِقياد واَغلال

إتشيلون وبالرّوس واِعلى التُّرب لجسومْ

* * *

زينب اِبهودجها تصيح اُو تهمل العينْ

واِتخاطب الدُّور اِللي ظلّت خليّينْ

تبكي اِبهودجها اُوتصبْ الدمع همّال

في داعة الله يا منازل داحِي الباب

عنّك مشيتْ اِبعزوتي واِجميع لحباب

الله [ اِيعينك ] من اِفراقك هالسلاطينْ

في داعة الله يا منازلنا مشينه

غصبن علينا اِنروح من أرض المدينَه

بانروح وادي كربلا ويّا ولينه

بانعمّر اِبرور!! اُو منازلنا خليّينْ

يا دورنَا عنّك مشينا اِبليل دامس

صرتين قفرة ما إلك منّا موانس

حتّى المدارس أصبحت قفرة دوارس

ما أوحشك يا دار بعد الطاهر اِحسينْ

ما أوحشك يا دار من بعد العشيره

يا دورنا صرتين في أعظم كسيره

الله يعوّد ليك هلبدور المنيره

ويعود أخويه اِحسين عزّ لهاشميِّينْ

في داعة الله يا منازلنا ولديار

بلغي سلامي للنَّبي جدِّي المختار

اُوقولي اُولادك ضاقت بيهم كُلّ الاَمصار

في داعة الله يا منازل آل ياسينْ

أشوف هالسفرة مشومة دون لسفار

القلب يرجف والدمع بالخدِّ همّال

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

ولكن ابن عطية كان أقعد بالعربية والمعاني من هؤلاء وأخبر بمذهب سيبويه والبصريين، فعرف تطفيف الزجاج مع علمهرحمه‌الله بالعربية وسبقه ومعرفته بما يعرفه من المعاني والبيان! وأولئك لهم براعة وفضيلة في أمور يبرزون فيها على ابن عطية، لكن دلالة الألفاظ من جهة العربية هو بها أخبر، وإن كانوا هم أخبر بشيء آخر من المنقولات أو غيرها!!

وقد بين سبحانه وتعالى أن المسيح وإن كان رسولاً كريماً فإنه عبد الله، فمن عبده فقد عبد ما لا ينفعه ولا يضره!

قال تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم، إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار، وما للظالمين من أنصار. انتهى.

مناقشة تفسيرهم للآيات

يلاحظ على تفسيرهم للآيات:

أولاً: أنهم ابتعدوا عن سياق الآية ومصبها، وهو المقابلة بين المشركين الذين يدعون من يزعمون، وبين المؤمنين الذين يدعون ربهم ويبتغون اليه الوسيلة!!

فقد قال سبحانه لرسوله ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ).

ثم مدح الذين يقابلونهم فقال ( أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه )...

فالسياق تحدٍ للمشركين بأن آلهتهم المزعومة لا تستطيع أن تكشف الضر عنهم وأنهم بالحقيقة لايدعون من دون الله شيئاً، بل أوهاماً..

ثم قابلهم بالذين يدعون الله تعالى ويتوسلون اليه، فهؤلاء الذين يدعون الحق بحق، وعبر عنهم بأولئك تعظيماً لهم.

٣٤١

وبذلك تتم المقابلة وتكون ( أولئك ) استئنافاً جديداً تاماً، والضمير فيها للشأن، ولا ربط له بالآية السابقة، حتى يعود على شيء منها، كما تمحلوا!!

أما هم فقد جعل التقابل بين المشركين وبين بعض من يعبدونهم من الأنبياء.. وهو تقابلٌ ضعيفٌ بعيدٌ!! لو سلم من الاشكالات لا يتبادر الى الذهن.

وقول الجبائي إن المقصود ب ( أولئك ) هم الأنبياء المذكورون في الآية السابقة، أقرب من أقوالهم الى الصحة، ولكن لفظ ( أولئك ) مطلقٌ شاملٌ لكل العابدين لله، ولا دليل على حصره بالأنبياءعليهم‌السلام ، وإن كانوا سادتهم.

ثانياً: إرجاعهم ضمير ( أولئك ) الى المعبودين المزعومين من دون الله خلاف الظاهر، لأن ضمير هؤلاء المزعومين خفي، والضمير البارز فيها ضمير العابدين المخاطبين، فلو كان يريد المزعومين لقال ( أولئك الذين تدعونهم أو تزعمونهم ) أو ذكر إشارةً تدل على قصدهم، وعدم قصد العابدين المخاطبين!

ثالثاً: أن المعبودين المزعومين فيهم الصالح والطالح والجماد، ففيهم الأنبياء مثل عزير وعيسى، وفيهم الملائكة والجن، والشمس والقمر والنجوم والأصنام، وبقية المعبودات.. وصفات المدح لـ ( أولئك ) تمنع رجوع الضمير الى المعبودين جميعاً! وكيف يصح عود الضمير على بعض العام المعهود بدون قرينة؟!

ولعمري إن هذا الضعف في إرجاع الضمائر لا وجود له في القرآن، ولا في كلام فصحاء العرب!! وهو كاف لتضعيف ما روي عن ابن مسعود وغيره!

رابعاً: ما رووه عن ابن مسعود وغيره من أن قوماً من العرب كانوا يعبدون الجن فآمن الجن وبقي عبَّادهم مشركين.. الخ.. فنزلت الآية..

هذه الوجوه ليست حديثاً بل هي أقوالٌ لو تم سندها لبقي تعارضها!

ولو سلمنا ارتفاع تعارضها، فهي سببٌ لنزول الآية لا أكثر، والسبب الخاص لا يخصص الوارد العام، وصيغة الآية عامة ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه.. ) وهو يشمل كل الذين زعموا، فلا مبرر لتخصيصها ببعضهم!

٣٤٢

خامساً: إن ضمير العاقل في ( أيهم أقرب ) ينقض تفسيرهم، فقد جعلوا أيهم بدل جزء من كل من الفاعل، ليبعدوه عن المتوسل بهم ويجعلوه صفةً للمتوسلين، فصار المعنى عندهم: يبتغي الوسيلة منهم من كان أقرب وسيلةً الى ربه، فكيف بالأبعد وسيلة!!

وذلك كمن يقول ( أولئك يقاتلون عدوهم حقاً أيهم أشجع من غيره! ) ويقصد القائل أن الأشجع منهم يقاتل، فكيف بالأضعف!! وهو كلام بعيدٌ عن البلاغة بل عن الفصاحة حتى في كلام المخلوقين، فكيف نسبوه الى كلام الخالق سبحانه؟ !!

ولعل هذا هو السبب في أن بعض مفسريهم كالفخر الرازي هرب من تفسير ( أيهم أقرب ) ومر عنها كأنها لا وجود لها!!

سادساً: أن ضمير ( أيهم ) يعود على ( أولئك ) وما داموا أرجعوا ضمير أولئك على المعبودين المزعومين، فيجب أن يرجعوا ضمير أيهم اليهم!

فيكون المعنى عندهم: أن المتوسل بهم الممدوحين هم من بين المعبودين المزعومين، فيكون التوسل بالإشخاص ممدوحاً، ويكون منحصراً بالأنبياء المعبودين كعيسى وعزيراً! وهذا خلاف مذهبهم!!

سابعاً: أن فعل ( يبتغون ) ينقض تفسيرهم، لأنه يدل على البحث والتحري، ويطلب مفعولاً! و( أيهم أقرب ) هو أقرب مفعول اليه، فحق ( أي ) أن تكون منصوبة على المفعولية، لا مرفوعة بدلاً عن الفاعل بدل جزء من كل كما زعموا!

ولكنهم أغمضوا عيونهم عن ( يبتغون ) وتركوها بلا مفعول، ليحصروا التوسل بالأعمال دون الذوات!!

وهكذا.. يتضح لك أن التفسير الذي قدمناه هو الوحيد الخالي عن الإشكال.. وهو نصٌّ في مشروعية التوسل بالأشخاص الأقرب وسيلة الى ربهم، وأنه من صفات المؤمنين عبر التاريخ وسيرتهم.. وهذا إقرارٌ شرعي له في الإسلام.

٣٤٣

وهو يتفق مع أحاديثنا الصحيحة التي تنص على أن الله تعالى جعل الوسيلة اليه في هذه الأمة بل قبلها، محمداً وآله صلى الله عليهم.

علي أقرب الخلق وسيلة الى الله

أقرب الخلق وسيلة الى الله تعالى هو سيد المرسلين محمدٌ، ومعه آله الذين أمرنا بالصلاة عليهم معه، صلى الله عليه وعليهم.

ولذلك لا تجد في جميع مصادر الحديث السنية والشيعية أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وصف أحداً بأنه أقرب الخلق وسيلةً الى الله تعالى بعده، إلا علياًعليه‌السلام ، وهي حقيقةٌ مهمة شاء الله تعالى أن ترويها عائشة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

قال القاضي النعمان في شرح الأخبار: ١/ ١٤١:

عن مسروق، قال: دخلت على عائشة فقالت لي: يا مسروق: إنك من أبرِّ ولدي بي، وإني أسألك عن شيء فأخبرني به.

فقلت: سلي يا أماه عما شئت.

قالت: المخدج من قتله؟

قلت: علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

قالت: وأين قتله؟

قلت على نهر يقال لأعلاه تامرا، ولأسفله النهروان بين أحافيف ( أخافيق ) وطرق .

فقالت: لعن الله فلاناً، تعني عمرو بن العاص فإنه أخبرني أنه قتله على نيل مصر!

قال مسروق: يا أماه فإني أسألك بحق الله وبحق رسوله وبحقي فإني ابنك، لما أخبرتني بما سمعت من رسول الله فيهم.

قالت: سمعته يقول فيهم ( أهل النهروان ): هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم الى الله وسيلة.

٣٤٤

قال مسروق: وكان الناس يومئذ أخماساً، فأتيتها بخمسين رجلاً عشرة من كل خمس، فشهدوا لها أن علياً قتله!!

وقال في هامشه:

وفي المناقب لابن شهر آشوب ٣/٦٧: عن الدارمي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة وعن جميع التميمي كليهما عن عائشة: أنها لما روت هذا الخبر، قيل لها: فلم حاربتيه؟ قالت: ما حاربته من ذات نفسي إلا حملني طلحة والزبير. وفي رواية: أمرٌ قدر وقضاءٌ غلب.

وذكر فضل بن شاذان المتوفي ٢٦٠ هـ في الإيضاح/٨٦: عن أبي خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: لعن الله عمرو بن العاص ما أكذبه! لقوله: أنه قتل ذا الثدية بمصر.

وروى البحراني في غاية المرام/٤٥١ الباب الأول الحديث ٢١ نقلاً من كتاب صفين للمدائني عن مسروق: أن عائشة قالت له - لما عرفت -: من قتل ذي الثدية؟ لعن الله عمرو بن العاص، فإنه كتب إليَّ يخبرني أنه قتله بالاسكندرية، إلا أنه ليس يمنعني ما في نفسي أن أقول ما سمعته من رسول الله، سمعته يقول: يقتله خير أمتي من بعدي.

ورواه في شرح الأخبار: ١/٤٣٠، وفي هامشه:

رواه ابن المغازلي في المناقب/٥٥ عن أحمد بن محمد بن عبدالوهاب بن طاوان، عن الحسين بن محمد العلوي، عن أحمد بن محمد الجواربي، عن أحمد بن حازم، عن سهل بن عامر البجلي، عن أبي خالد الأحمر، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت عائشة: يا مسروق إنك من ولدي، وإنك من أحبهم إليّ، فهل عندك علم من المخدج؟

قال قلت: نعم، قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تامرا ولأسفله النهروان، بين أحفاق وطرفاء.

٣٤٥

قالت: إبغني على ذلك بينة، فأتيتها بخمسين رجلاً من كل خمسين بعشرة - وكان الناس إذ ذاك أخماساً - يشهدون أن علياًعليه‌السلام قتله على نهر يقال لأعلاه تأمرا ولأسفله النهروان بين أخفاق وطرقاء.

فقلت: يا أمه، أسألك بالله وبحق رسول الله وبحقي فإني من ولدك، أي شيء سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه؟

قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم الى الله وسيلة. انتهى.

ورواه في شرح الأخبار: ٢/٥٩، وفيه:

قال: ثم ذكرت لها أن علياًعليه‌السلام استخرج ذا الثدية من قتلى أهل النهروان الذين قتلهم، فقالت: أذا أتيت الكوفة فاكتب إليّ بأسماء من شهد ذلك ممن يعرف من أهل البلد.

قال: فلما قدمت الكوفة، وجدت الناس أسباعاً، فكتبت من كل سبع عشرة ممن شهد ذلك ممن نعرفه، فأتيتها بشهادتهم.

فقالت: لعن الله عمرو بن العاص، فإنه زعم هو قتله على نيل مصر. انتهى.

وقال المفيد في الارشاد: ١/٣١٧:

وقالعليه‌السلام وهو متوجه الى قتال الخوارج: لولا أني أخاف أن تتكلوا وتتركوا العمل لأخبرتكم بما قضاه الله على لسان نبيه فيمن قاتل هؤلاء القوم مستبصراً بضلالتهم. وإن فيهم لرجلاً مودون اليد له ثدي كثدي المرأة، وهم شر الخلق والخليقة وقاتلهم أقرب خلق الله الى الله وسيلة.

ولم يكن المخدج معروفاً في القوم، فلما قتلوا جعلعليه‌السلام يطلبه في القتلى ويقول: والله ما كذبت ولا كذبت! حتى وجد في القوم وشق قميصه، وكان على كتفه سلعة كثدي المرأة عليها شعرات، إذا جذبت انجذبت كتفه معها، وإذا تركت رجع كتفه الى موضعه، فلما وجده كبَّر وقال: إن في هذا لعبرةً لمن استبصر.

٣٤٦

وفي بحار الأنوار: ٣٨/٩:

تاريخ الخطيب: روى الأعمش، عن عدي، عن زر، عن عبيدالله، عن عليعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يقل علي خير البشر فقد كفر.

وعنه في التاريخ بالاسناد عن علقمة عن عبدالله قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير رجالكم علي بن أبي طالب، وخير شبابكم الحسن والحسين، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد. الطبريان في الولاية والمناقب بإسنادهما الى مسروق عن عائشة: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة وأقربهم الى الله وسيلة. أي المخدج وأصحابه.

وفي هامش اختيار معرفة الرجال: ١/ ٢٣٩:

ومن المتفق عليه لدى الجميع أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في المخدج ذي الثدية: يقتله خير الخلق والخليفة.

وفي رواية يقتله خير هذه الأمة، وفي روايات جمة عن عائشة قالت: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: هم - أي المخدج وأصحابه - شر الخلق والخليقة، يقتله خير الخلق والخليقة، وأقربهم الى الله وسيلة.

رواه الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد ٦/٢٣٩، راجع في ذلك:

إحقاق الحق: ٨/٤٧٥ - ٥٢٢، ومسلم في صحيحه ٣/١١٢ طبعة محمد علي، وأحمد بن حنبل في مسنده ٣ /٥٦، والبخاري في صحيحه ٤/٢٠٠ الطبعة الأميرية، والنسائي في الخصائص: ٤٣ طبعة مصر.

ومن طرق عديدة عنها عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هم شر الخلق والخليقة يقتلهم سيد الخلق والخليقة، وفي أخبار كثيرة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : وإنك أنت قاتله يا علي.

ثم قد أطبقت الأمة على أن علياًعليه‌السلام قد قتله يوم النهروان، وأخبر الناس بذلك، وقد كانعليه‌السلام يخبر به وبصفته من قبل، ثم استخرجه من تحت القتلى فوجدوه على ما كان يذكر فيه من صفته، فكبر الله وقال: صدق الله ورسوله وبلغ رسوله.

٣٤٧

وفي صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من صحاحهم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال فيه: إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون الكتاب لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، يخرجون على خير فرقة من الناس.

وكان أبو سعيد الخدري يقول: أشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وقتلهم وأنا معه، ثم من بعد القتال استخرجوا من بين القتلى من هذه صفته فجاؤوا به اليه، فشاهدت فيه تلك الصفات. انتهى.

الترابط بين الوسيلة والوصية

في بصائر الدرجات/٢١٦:

حدثنا أبو الفضل العلوي قال: حدثني سعيد بن عيسى الكربزي البصري، عن ابراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي تمام، عن سلمان الفارسيرحمه‌الله ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى: قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب، فقال: أنا هو الذي عنده علم الكتاب، وقد صدقه الله وأعطاه. والوسيلة في الوصية ولا تخلو أمةٌ من وسيلة الى الله، فقال: يا أيها الذين آمنو اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة.

الشيعة وسيلة الى الله يوم القيامة

في علل الشرائع: ٢/٥٦٤:

باب العلة التي من أجلها يكره تكليف المخالفين للحوائج:

حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن ادريس، عن حنان، قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: لا تسألوهم فتكلفونا قضاء حوائجهم يوم القيامة.

وبهذا الاسناد قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : لا تسألوهم الحوائج، فتكونوا لهم الوسيلة الى رسول الله يوم القيامة. انتهى. ورواه في بحار الأنوار: ٨/٥٥

٣٤٨

ما ورد في مصادرهم من تشويش على الأحاديث المتقدمة

وفي مقابل رواية عائشة عن شهادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حق عليعليه‌السلام نلاحظ وجود رواية أكثرت من نقلها المصادر السنية، تصف عبد الله بن مسعود بأنه أقرب الناس أو من أقربهم وسيلة الى الله!

ولكنها والحمد لله ليست رواية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل عن حذيفة!!

وحتى لو صحت عن حذيفة وفسرناها بأي تفسير، فهي لا ترقى الى معارضة حديث عائشة وغيرها في عليعليه‌السلام .

وإذا أحسنا الظن بهذه الرواية فهي تدل على أن مصطلح ( الأقرب وسيلة الى الله تعالى ) كان معروفاً بين المسلمين من عصر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن حذيفة أو واضع الحديث على لسانه، أراد أن يمدح به عبد الله بن مسعود.

وإن أسأنا الظن بها قلنا إنها محاولةٌ للتعتيم على الحديث النبوي البليغ في عليعليه‌السلام ، وإعطاء هذه الصفة لعبد الله بن مسعود! وطالما فعلوا ذلك!

روى أحمد في مسنده: ٥/٣٩٤:

عن شقيق قال كنت قاعداً مع حذيفة فأقبل عبدالله بن مسعود، فقال حذيفة: إن أشبه الناس هدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من حين يخرج من بيته حتى يرجع، فلا أدري ما يصنع في أهله كعبد الله بن مسعود. والله لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله من أقربهم عند الله وسيلةً يوم القيامة.

وروى نحوه الحاكم في: ٢/٣١٢، ورواه في: ٣/٣١٥، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى.

ومن الملفت في الموضوع أن الراوي نفى العبارة التي فيها الوسيلة من النص وقال إنه لم يسمعها من عبد الرحمن بن يزيد!

وأن عبد الله بن مسعود كان قصيراً صغير الجثة جداً!! فكيف يكون شبيهاً سمتاً ودلاً بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٤٩

قال أحمد في مسنده: ٥/٣٩٥:

ولم نسمع هذا من عبد الرحمن بن يزيد لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد من أقربهم الى الله عز وجل وسيلة!!

وفي الغدير: ٩/٩:

أخرج الترمذي بإسناد رجاله ثقات، من طريق حذيفة بن اليمان: أن أشبه الناس هدياً ودلاً وسمتاً بمحمد صلى الله عليه وسلم عبد الله.

وفي لفظ البخاري: ما أعرف أحداً أقرب سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد.

وزاد الترمذي: ولقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابن ام عبد أقربهم الى الله زلفى.

وفي لفظ أبي نعيم: أنه من أقربهم وسيلة يوم القيامة.

وفي لفظ أبي عمر: سمع حذيفة يحلف بالله ما أعلم أحداً أشبه دلاً وهدياً برسول الله من حين يخرج من بيته الى أن يرجع اليه من عبدالله بن مسعود، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه من أقربهم وسيلة الى الله يوم القيامة.

وفي لفظ علقمة: كان يشبه بالنبي في هديه ودله وسمته.

راجع صحيح البخاري كتاب المناقب. مسند أحمد ٥: ٣٨٩، المستدرك ٣: ٣١٥، ٣٢٠

حلية الأولياء ١: ١٢٦، ١٢٧،

الإستيعاب ١: ٣٧٢،

مصابيح السنة ٢: ٢٨٣،

صفة الصفوة ١: ١٥٦، ١٥٨،

تاريخ ابن كثير ٢: ١٦٢،

تيسير الوصول ٣: ٢٩٧

٣٥٠

الإصابة ٢: ٣٦٩،

كنز العمال ٧: ٥٥. انتهى.

وقد ذكرنا أن هذا النص حتى لو صح عن حذيفة، فهو لا يصلح معارضاً ولا مقللاً من قيمة الحديث الشريف الذي روته عائشة وغيرها في أن علياًعليه‌السلام أقرب الخلق وسيلةً الى الله بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

**

آيات مؤيدة لآيات التوسل:

وردت آيات متعددة في طلب المؤمنين من الأنبياءعليهم‌السلام أن يتوسطوا لهم عند الله تعالى، ويدعوه لهم بالمغفرة وبالخير.. وهذا نوعٌ من التوسيط يدل على أن باب الطلب من الله تعالى بواسطة الغير أمرٌ طبيعي في دين الله تعالى وشرائعه!

وأنه لو كان التوسيط منافياً للتوحيد كما يزعم ابن تيمية، لوجب أن يطلب كل إنسان لنفسه بنفسه مباشرة، ووجب تحريم كل طلب من الله تعالى بواسطة!! إذ لا فرق في أصل الواسطة بين التوسط والتوسل بدعاء الغير، وبين أنواع التوسيط الأخرى!

منها، قوله تعالى:

( قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ، قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) . يوسف ٩٧ - ٩٨

وروى الصدوق في علل الشرائع: ١/ ٥٤:

حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقانيرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم الخزاز، عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: قلت لجعفر بن محمدعليه‌السلام : أخبرني عن يعقوب لما قال له بنوه: يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين، قال سوف أستغفر لكم ربي، فأخر الاستغفار لهم.

٣٥١

ويوسفعليه‌السلام لما قالوا له: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين؟ قال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.

قال: لأن قلب الشاب أرق من قلب الشيخ، وكانت جناية ولد يعقوب على يوسف، وجنايتهم على يعقوب إنما كانت بجنايتهم على يوسف، فبادر يوسف الى العفو عن حقه، وأخر يعقوب العفو، لأن عفوه إنما كان عن حق غيره، فأخرهم الى السحر ليلة الجمعة.ورواه وغيره في تفسير نور الثقلين: ٢/٤٦٥

وفي تفسير التبيان: ٦/١٩٥:

وروي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: أخرهم الى ليلة الجمعة. وقال ابن مسعود وابراهيم التيمي، وابن جريج وعمر وبن قيس: إنه أخرهم الى السحر، لأنه أقرب الى إجابة الدعاء. انتهى.

وروى نحوه الترمذي في سننه: ٥ /٢٢٣، عن ابن عباس، والحاكم: ١/٣١٦، والدر المنثور: ٤/٣٦، وكنز العمال: ٢/٥٩، وغيرها.

ومنها، قوله تعالى:

( وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) . الأعراف - ١٣٤

وقد قبل موسىعليه‌السلام طلبهم، ودعا الله لهم، فدل ذلك قبوله على أنه طلبهم بواسطته أمرٌ مشروع، الى آخر الآيات والأحاديث التي تدل على توسيط الغير الى الله تعالى.

٣٥٢

الفصل الخامس

شذوذ الوهابيين عن إجماع المسلمين في التوسل والاستشفاع

من المسائل التي شذ فيها ابن تيمية وتبعه ابن عبد الوهاب، تحريم السفر لزيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل تحريم الزيارة التي نوي لها السفر!

وكذلك تحريم التوسل والإستشفاع بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بحجة أنه ميتٌ ولا يجوز التوسل بالميت.

وكذا تحريم الاستغاثة بهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأن المستغيث بزعمه يعبد المستغاث به.. الخ.!!

قال الشيخ محمود سعيد ممدوح في كتابه ( رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة ) المطبوع في دار الإمام النووي بعمان - سنة ١٤١٦:

وهو - التوسل - السؤال بالنبي أو بالولي أو بالحق أو بالجاه أو بالحرمة أو بالذات وما في معنى ذلك.

وهذا النوع لم ير المتبصر في أقوال السلف من قال بحرمته أو أنه بدعةٌ ضلالة، أو شدد فيه وجعله من موضوعات العقائد، كما نرى الآن.

٣٥٣

لم يقع هذا إلا في القرن السابع وما بعده! وقد نقل عن السلف توسلٌ من هذا القبيل.

قال ابن تيمية فيالتوسل والوسيلة ص ٩٨: هذا الدعاء ( أي الذي فيه توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ) ونحوه قد روي أنه دعا به السلف، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء. اهـ، ونحوه في ص ١٥٥ من الكتاب المذكور.

وقال في ص ٦٥ : ( والسؤال به ( أي بالمخلوق ) فهذا يجوزه طائفة من الناس ونقل في ذلك آثار عن بعض السلف، وهو موجود في دعاء كثير من الناس. ) اهـ.

وذكر أثراً فيه التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لفظه: ( اللهم إني أتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما. يا محمد إني أتوجه بك الى ربك وربي يرحمني مما بي ).

قال ابن تيمية: فهذا الدعاء ونحوه روى أنه دعا به السلف، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء. اهـ.

وهذا هو نص عبارة أحمد بن حنبل، فقال في منسك المروزي بعد كلام مانصه: وسل الله حاجتك متوسلاً اليه بنبيه صلى الله عليه وسلم، تقض من الله عز وجل. اهـ. هكذا ذكره ابن تيمية في الرد على الأخنائي ص ١٦٨!!

والتوسل به صلى الله عليه وسلم معتمدٌ في المذاهب ومرغبٌ فيه، نص على ذلك الأئمة الأعلام، وكتب التفسير والحديث والخصائص ودلائل النبوة والفقه طافحةٌ بأدلة ذلك بدون تحريم وهي بكثرة...

كان ابن تيمية يرى منع التوسل بالأنبياء والملائكة والصالحين، وقال: التوسل حقيقته هو التوسل بالدعاء - دعاء الحي فقط - وذكر ذلك في مواضع من كتابهالتوسل والوسيلة ص ١٦٩ . انتهى كلام الممدوح.

٣٥٤

وقال ابن تيمية في كتابه زوار المقابر/٤٣٣:

قال عامة المفسرين كابن عباس ومجاهد وعطاء والفراء: الوسيلة القربة، قال قتادة: تقربوا الى الله بما يرضيه.

قال أبو عبيدة: توسلت اليه أي تقربت.

وقال عبد الرحمن بن زيد: تحببوا الى الله.

والتحبب والتقرب اليه إنما هو بطاعة رسوله، فالايمان بالرسول وطاعته هو وسيلة الخلق الى الله، ليس لهم وسيلة يتوسلون بها البتة إلا الايمان برسوله وطاعته.

وليس لأحد من الخلق وسيلة الى الله تبارك وتعالى إلا بوسيلة الايمان بهذا الرسول الكريم وطاعته.

وهذه يؤمر بها الانسان حيث كان من الأمكنة وفي كل وقت. وما خص من العبادات بمكان كالحج، أو زمان كالصوم والجمعة، فكل في مكانه وزمانه.

وليس لنفس الحجرة من داخل فضلاً عن جدارها من خارج اختصاص بشيء في شرع العبادات ولا فعل شيء منها، فالقرب من الله أفضل منه بالبعد عنه باتفاق المسلمين! والمسجد خص بالفضيلة في حياته صلى الله عليه وسلم، قبل وجود القبر. فلم تكن فضيلة مسجده لذلك، ولا استحب هو صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، ولا علماء أمته أن يجاور أحد عند قبر ولا يعكف عليه، لا قبره المكرم ولا قبر غيره، ولا أن يقصد السكنى قريباً من قبر أي قبر كان.

وسكنى المدينة النبوية هو أفضل في حق من تتكرر طاعته لله ورسوله فيها أكثر كما كان الأمر لمَّا كان الناس مأمورين بالهجرة إليها فكانت الهجرة إليها والمقام بها أفضل من جميع البقاع مكة وغيرها.

بل كان ذلك واجباً من أعظم الواجبات، فلما فتحت مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وكان من أتى من أهل مكة وغيرهم ليهاجر ويسكن المدينة يأمره أن يرجع! انتهى.

٣٥٥

وخلاصة كلامه: أن التوسل محصورٌ بالايمان بالرسول وطاعته، وبدعائه في حال حياته.

أما التوسل به في حياته وبعد موته، ومجاورة قبره الشريف والعكوف عنده، فليس من الطاعة، لأن الصحابة لم يفعلوه، والأصل في كل ما لم يفعلوه عدم المشروعية، حتى يقوم عليه دليل!!

وهو كما ترى تحكم لا دليل عليه:

فحصره التوسل المأمور به في القرآن بالايمان بالرسول وطاعته، لا دليل عليه! وميزانه فيما جعله جزءً من الايمان بالرسول أو نفى جزئيته عنه، لا دليل عليه!

وكذا ما جعله طاعة للرسول، أو نفى كونه طاعة له!

فلماذا لا يكون التوسل بزيارة قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله والتبرك به والسكنى عنده من الايمان به، ومن طاعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ !!

ثانياً، دعوى أن القاعدة والأصل في الأشياء الحرمة حتى تثبت حليتها، لا دليل عليه أيضاً. بل الأصل في الأشياء الحلية حتى يثبت دليل الحرمة ويصل الى المكلف، فقد قال الله تعالى ( وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ).

ثالثاً، دعوى أن كل ما لم يفعله الصحابة فهو حرامٌ حتى يقوم عليه دليل، تحكمٌ بلا دليل أيضاً، فإن كثيراً من الأمور لم يفعلها الصحابة وهي حلال حتى بفتوى ابن تيمية، كالوسائل المعيشية المتجددة!!

وقد ألف الحافظ الصديق المغربي رسالة في عدم دلالة الترك على التحريم، كما ذكر تلميذه الممدوح.

أما عندنا فإن فعل الصحابي ليس حجة إذا لم يكن معصوماً، فضلاً عن تركه!

تلبيس ابن تيمية من أجل تحريم التوسل والاستشفاع

يفترض ابن تيمية مسبقاً أن المتوسل أو المستغيث بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( يدعوه ) أي يطلب منه، لا من الله تعالى!

٣٥٦

وهذا مصادرةٌ على المطلوب وتبطينٌ للحكم المتنازع فيه في لفافة، على أنه جزء من مقدمة مسلمة عند الطرف الآخر!

فابن تيمية يقول للمتوسل أو المستغيث: إنك اعترفت أنك دعوت الرسول أو الولي بدل الله!! فأنت إذن كافر!!

مع أن المتوسل لم يدع النبي بدل الله تعالى! بل توسل به واستغاث به واستشفع به الى الله تعالى!!

ومثال ذلك في أمور الدنيا: أن يتوسل شخص الى رئيس مكتب الملك، ليتوسط له عند الملك!

فيقول له ابن تيمية: إنك تعديت على شرعية الملك، وجعلت الملك الشرعي رئيس مكتبه! وهذا خروج على الملك ونظامه، تستحق به الاعدام!!

وقد حاول ابن تيمية أن يستدل على هذه المصادرة المفضوحة فقال إن المستغيث يطلب من الرسول أو الولي مالا يقدر عليه إلا الله تعالى، وهذا يستلزم أنه يؤلهه!!

ولكن هذا اللزوم ممنوع.

بل هو على مذهبهم ممنوعٌ حتى لو صحت الملازمة، لأنهم يزعمون أن لازم المذهب ليس بمذهب!!

قال الشيخ سليمان حفيد ابن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد ص ٢٠٩:

فحديث الأعمى شيء، ودعاء غير الله تعالى والاستغاثة به شيء آخر.

فليس في حديث الأعمى شيء غير أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له ويشفع له، فهو توسل بدعائه وشفاعته، ولهذا قال في آخره: اللهم فشفعه فيَّ، فعلم أنه شفع له. وفي رواية أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له فدل الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم شفع له بدعائه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره هو أن يدعو الله، ويسأله قبول شفاعته.

فهذا من أعظم الأدلة أن دعاء غير الله شرك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره

٣٥٧

أن يسأل قبول شفاعته، فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعى، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يقدر على شفائه إلا بدعاء الله له. فأين هذا من تلك الطوام؟!

والكلام إنما هو في سؤال الغائب أو سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله.

أما أن تأتي شخصاً يخاطبك فتسأله أن يدعو لك فلا إنكار في ذلك على ما في حديث الأعمى.

فالحديث سواء كان صحيحاً أو لا، وسواء ثبت قوله فيه يا محمد أو لا، لا يدل علي سؤال الغائب ولا على سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، بوجه من وجوه الدلالات. ومن ادعى ذلك فهو مفتر على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم!! انتهى.

فتراه يشكك في حديث الأعمى الذي صححه علماء المذاهب، وقبله إمامه ابن تيمية، ثم تراه يفترض أن المستشفع ( يدعو ) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويطلب من النبي نفسه ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى..!! كل ذلك ليثبت أن المسلم المستغيث الى الله برسوله قد كفر واستبدل عبادة الله بعبادة الرسول! ويستحل بذلك دمه وماله!!

وإن سألته عن دليله على أن المتوسلين والمستشفعين يدعون الرسول من دون الله.. فإنك تطلب منهم ما لايقدر عليه إلا الله تعالى، وتكون على مذهبه عبدته من دونه تعالى!!!

هدف ابن تيمية من نقل التوسل من فروع الفقه الى أصول العقائد!

ماذا يحدث لو نقلنا مادةً جزائية من القانون التجاري الى مواد القانون الجنائي، أو الى مواد مخالفات الدستور، ومحكمة أمن الدولة؟

طبعاً سيكون الفرق على مرتكبها كبيراً، لأن التهمة الجنائية أصعب من التهمة الجزائية، وأصعب منهما تهمة الاخلال بالدستور!!

إن ما فعله ابن تيمية من اتهام المتوسلين بمخالفة الشرع، شيء لا يذكر أمام نقله تهمتهم الى الاخلال بأصول الدين وارتكاب الشرك!! فبذلك حكم عليهم بالكفر واستحل دماءهم وأعراضهم وأموالهم!!!

٣٥٨

فبدل أن يقول مثلاً إنهم مخلصون ولكنهم يتخيلون أنهم يتقربون الى الله بالتوسل بالنبي الميت، فهم مخطئون يرتكبون معصية! قال إنهم يشركون بالله ويستحقون القتل!!

وهكذا.. فقد كانت مسألة التوسل والاستشفاع والاستغاثة لمدة ثمانية قرون مسألةً فقهية، وكان فقهاء المذاهب الأربعة، والخمسة والستة، يبحثونها في باب الحج والزيارة وغيرهما، فيذكرون صورها، ويفتي مفتيهم بجواز بعض فروعها وحرمة بعضها، أو التوقف فيه.. حتى جاء عالم حراني نصبه الحاكم الشركسي المصري لمدة قليلة شيخاً للاسلام في الشام، فأبدع في عمله أيما إبداع، وقدم للأجيال أكبر خدمة، فكفر مسلمي عصره والعصور المتقدمة، لأنهم يتوسلون بنبيهم الميت!!!

هل تراجع ابن تيمية أمام القاضي أو في سجنه عن تحريم التوسل؟!

المعروف عن ابن تيمية أنه تراجع عن تحريم التوسل، عندما عقدوا له مجلس علماء لمحاكمة آرائه الشاذة، ومنها تحريم التوسل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

وقد اعتمد الذين نسبوا اليه هذا القول على أمرين:

الأول، ما اعترف به في مصر، حيث شاع اعتقاده بعدم جواز التوسل والاستشفاع بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستنكر المسلمون ذلك، وعقد القضاة مجلساً للنظر في قوله..

قال السقاف في كتابه ( البشارة والاتحاف بما بين ابن تيمية والألباني في العقيدة من الاختلاف )

١٣ - فصل: أما مسألة التوسل فقد اختلف آراء دعاة السلفية فيه بشكل ملحوظ مع أن الموجودين في الساحة منهم اليوم يقولون بأن هذه المسألة من مسائل العقائد وليست كذلك قطعاً.

أما ابن تيمية فقد أنكر في كتابه ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) التوسل - ومرادنا التوسل بالذوات - ثم رجع عن ذلك كما نقل تلميذه ابن كثير فيالبداية

٣٥٩

والنهاية ١٤/٤٥ حيث قال: قال البرزالي ( هو الحافظ ابو محمد القاسم بن البهاء محمد الدمشقي البرزالي ترجمفي طبقات الحفاظ للسيوطي ص ٢٥٦ ): وفي شوال منها شكى الصوفية بالقاهرة على الشيخ تقي الدين - وكلموه في ابن عربي وغيره - الى الدولة فردوا الأمر في ذلك الى القاضي الشافعي، فعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء فلم يثبت عليه منها شيء، لكنه قال: لا يستغاث إلا بالله، لا يستغاث بالنبي استغاثة بمعنى العبارة - ولعلها العبادة - ولكن يتوسل به ويتشفع به الى الله، فبعض الحاضرين قال ليس عليه في هذا شيء، ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب ) انتهى. فتأمل!!

وأما الشوكاني فقد أجاز التوسل في كتابه ( تحفة الذاكرين ) كما يعلم ذلك القاصي والداني، ففي صحيفة ٣٧ من كتاب الشوكاني ( تحفة الذاكرين ) ( طبع دار الكتب العلمية ) عقد باباً سماه: ( وجه التوسل بالأنبياء وبالصالحين ) ثم قال: ) ( قوله ويتوسل الى الله سبحانه بأنبيائه والصالحين ) أقول: ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذي. انتهى.

وأصرح من هذا ما ذكرهالشوكاني ص ١٣٨ في ( باب صلاة الضر والحاجة ) حيث قال ما نصه: ( وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله الى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى ) انتهى.

وقد نص الشوكاني أيضاً على جواز التوسل، ورد على ابن تيمية في كتابه ( الدر النضيد في اخلاص كلمة التوحيد ) فليرجع اليه من شاء.

وأما الألباني فمنع ذلك واعتبره من الضلال في كتابه ( التوسل أنواعه وأحكامه ) كما هو مشهور ومعلوم، مع أنه قال في مقدمة (شرح الطحاوية ص ٦٠ الطبعة ٨ ) إن مسألة التوسل ليست من مسائل العقيدة، وهذا خلاف ما يقوله كثير من أدعياء السلفية. فتأملوا ياذوي الأبصار!! انتهى كلام السقاف.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418