مقتل الحسين للخوارزمى الجزء ١

مقتل الحسين للخوارزمى0%

مقتل الحسين للخوارزمى مؤلف:
المحقق: الشيخ محمد السماوي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-6223-01-X
الصفحات: 360

مقتل الحسين للخوارزمى

مؤلف: الموفق بن أحمد بن محمّد المكي الخوارزمي
المحقق: الشيخ محمد السماوي
تصنيف:

ISBN: 964-6223-01-X
الصفحات: 360
المشاهدات: 16991
تحميل: 3869


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16991 / تحميل: 3869
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين للخوارزمى

مقتل الحسين للخوارزمى الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-6223-01-X
العربية

وقصدت أن احلي هذا المصنف المشنّف بما لا يرده جمع الإجماع ، وأردت أن يرتفع مستطير الشعاع ، مكشوف القناع ، ولم المظه ما يرويه الغلاة ، ولم احبّره بما يستلذه الغواة ، وختمت مجموعي هذا بقصة المختار ، الذي شفى صدور الأبرار ، من تلك الأوتار ، وبمقتل عبيد الله بن زياد الأبتر ، بصمصام إبراهيم بن الأشتر ، لا طفئ من قلوب أهل الإسلام نائرة أرثتها عصابة لا تنطفي في الآجلة نارها ، واسترحض عار باغية لا يرحض في العاجلة عارها ، حين استهانوا برد المعقول ، وعصوا دواعي العقول ، وباءوا من الله بالغضب والمقت ، واستحقوا منه ما استحق أصحاب السبت ، وإن استمرت في خلال ذلك للأشقياء جولة على السعداء ، واستفحلت للبغاة وطأة على الشهداء ، ليكرم الله تعالى منقلب ذريه الرسول ومآبهم. ويجزل لهم بالشهادة ثوابهم ، ثمّ إنّ الله تعالى أرسل على عبيد الله بن زياد ، صاعقة ابراهيم بن الأشتر الكمي ابن الكمي ، والسري ابن السري ، فأزهق نفسه ، وكوّر شمسه ؛ فاذاقه شطر وبال ما احتطب ، وجزاء ما اكتسب ، وجعل الذي بجبينه معصوبا ، والسيف على رأسه مصبوبا ، وسلّ عليه وعلى من انحاز إليه ؛ من تلك الفرقة اللعينة ، وضامه من تلك الجثث الخبيثة ، سيفا دامي الغرار ، يحكم على رقاب هؤلاء الأغرار ، ومد يده الطويلة الباع الى اجتياحهم ، وأشرع رمحا مسبوكا من ريقة الرقشاء الى انتهاكهم ، وطهر أديم الأرض من أدناس هؤلاء العارمين الالمين ، وتركهم في مصابهم جاثمين ،( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) الأنعام / ٤٥.

٢١
٢٢

الفصل الاول

في ذكر شيء من فضائل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

٢٣
٢٤

١ ـ انبأني شيخ الدّين أبو الحسن عليّ بن أحمد بن حمويه الجويني ، أخبرنا أحمد بن قتيبة الحروجردي ، أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله العبدي ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن أبي العوام ، أخبرنا بهلول بن المورق ، أخبرنا موسى بن عبيدة ، أخبرنا عمرو بن عبد الله بن نوفل ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «قال لي جبرائيلعليه‌السلام : قلبت الأرض مشارقها ومغاربها ، فلم أجد رجلا أفضل من محمّد ، وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها ، فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم».

٢ ـ وأخبرنا الشيخ الصالح العالم العدل أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروخي الهروي ، عن مشايخه الثلاثة : القاضي أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي ؛ وأبي نصر عبد العزيز بن محمّد الترياقي ؛ وأبي بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي (رحمهم‌الله ) ثلاثتهم ، عن أبي محمّد عبد الجبار بن محمّد الجراحي ، عن أبي العبّاس محمّد بن أحمد

٢٥

المحبوبي ، عن الإمام الحافظ عيسى بن محمّد بن عيسى الترمذي ، أخبرنا الحسين بن زيد الكوفي ، أخبرنا عبد السلم بن حرب ، عن ليث ، عن الرّبيع ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا أوّل النّاس خروجا إذا بعثوا ، وأنا خطيبهم إذا وفدوا ، وأنا مبشرهم إذا يئسوا ، لواء الحمد يومئذ بيدي ، وأنا أكرم ولد آدم على ربّي ولا فخر».

٣ ـ وبهذا الإسناد عن أبي عيسى الترمذي ، أخبرنا الحسين بن يزيد ، أخبرنا عبد السلم بن حرب ، عن يزيد بن أبي جالد ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبد الله بن الحرث ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا أوّل من تنشق عنه الأرض فأكسى الحلّة من حلل الجنّة ، ثمّ أقوم عن يمين العرش وليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري».

٤ ـ وبهذا الإسناد عن أبي عيسى الترمذي ، أخبرنا محمّد بن بشار ، أخبرنا أبو عاصم ، أخبرنا سفيان الثوري ، عن ليث ـ وهو ابن أبي سليم ـ حدّثني كعب ، حدّثني : أبو هريرة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «سلوا الله لي الوسيلة» قالوا : يا رسول الله! وما الوسيلة؟ قال : «أعلى درجة في الجنّة لا ينالها إلّا رجل واحد أرجو أن أكون أنا».

٥ ـ وبهذا الإسناد عن أبي عيسى الترمذي ، أخبرنا ابن أبي عمر ، أخبرنا سفيان ، عن ابن جدعان ، عن أبي نصرة ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، وما من نبيّ يومئذ ، آدم فمن سواه إلّا تحت لوائي ، وأنا أوّل من تشقّ عنه الأرض ولا فخر».

٦ ـ وبهذا الإسناد عن أبي عيسى الترمذي ، أخبرنا عليّ بن نصر بن عليّ الجهضمي ، أخبرنا عبد الله بن عبد المجيد ، أخبرنا رفعة بن صالح ، عن

٢٦

سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : جلس ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينتظرونه ، قال : فخرج حتّى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم ، فقال بعضهم : عجبا انّ الله اتّخذ من خلقه خليلا اتّخذ إبراهيم خليلا! وقال آخر : ما ذا بأعجب من كلام موسى كلمه تكليما! وقال آخر : فعيسى كلمة الله وروحه! وقال آخر : آدم اصطفاه الله!

فخرج عليهم فسلّم وقال : «قد سمعت كلامكم وعجبكم ان ابراهيم خليل الله وهو كذلك ، وموسى نجي الله وهو كذلك ، وعيسى روح الله وكلمته وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أوّل شافع وأوّل مشفع يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أوّل من يحرك حلق الجنّة فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وأنا أكرم الأوّلين والآخرين ولا فخر».

٧ ـ أخبرنا العلّامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ره) ، أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام أبو عليّ الحسن بن علي بن أبي طالب الفرزادي ـ بالري ـ ، أخبرنا الشيخ الفقيه الزاهد أبو بكر طاهر بن الحسين بن عليّ السّمان ، أخبرنا عمّي الشيخ الزاهد الحافظ أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين السّمان الرّازي ، أخبرنا أبو عمر ؛ وعبد الواحد ابن محمّد بن عبد الله الفارسي ، أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري ، أخبرنا الرّبيع بن سليمان المرادي ، أخبرنا عبد الله بن وهب ، أخبرني سليمان بن بلال ، حدّثني العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «فضلت على الأنبياء بست : اعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، واحلّت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهورا

٢٧

ومسجدا ، وأرسلت إلى النّاس كافة ، وختم بيّ الأنبياء».

٨ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي سعد السّمان هذا ، أخبرنا أبو نصر محمّد ابن عليّ بن الحسين الخفاف ، وعليّ بن محمّد بن أحمد بن يعقوب ـ قراءة عليهما ـ قالا : حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن خالد ، أخبرنا أبو سهل موسى ابن نصر ، أخبرنا يعلى بن عبيد ، عن أبي سنان ، عن عبد الله بن مالك ، عن مكحول ، قال : كان لعمر على رجل من اليهود حق فأتاه فطلبه ، فقال عمر : لا ، والّذي اصطفى محمّدا على البشر لا افارقك وأنا أطلبك بشيء ، فقال اليهودي : ما اصطفى محمّدا على البشر.

فلطمه عمر ، فقال : بيني وبينك أبو القاسم ، فجاءه فقال : إنّ عمر قال : والّذي اصطفى محمّدا على البشر ، فقلت : ما اصطفى محمّدا على البشر فلطمني ، فقال (صلّى الله عليه) : «أنت يا عمر! فارضه من لطمه. بلى يا يهودي! آدم صفي الله ؛ وإبراهيم خليل الله ؛ وموسى نجي الله ؛ وعيسى روح الله ؛ وأنا حبيب الله. بلى يا يهودي! تسمى الله باسمين سمى بهما امتي : هو السّلام وسمى أمّتي المسلمين ، وهو المؤمن وسمى أمّتي المؤمنين. بلى يا يهودي! طلبتم يوما ذخر لنا اليوم ، وغد لكم ، وبعد غد للنصارى. بلى يا يهودي! أنتم الأوّلون ونحن الآخرون السّابقون يوم القيامة. بلى يا يهودي! إنّ الجنّة محرمة على الأنبياء حتّى أدخلها ، وهي محرمة على الامم حتّى تدخلها امتي».

٩ ـ قال : وفي «المراسيل» عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ : «إذا كان يوم القيامة فأوّل من يقوم من قبره الصّادق النّاطق النّاصح المشفق محمّدعليه‌السلام فيأتيه جبرائيل بالبراق ، وميكائيل بالتاج ، وإسرافيل بالقضيب ، ورضوان بالحلتين ، ثمّ ينادي جبرائيل : أين قبر

٢٨

محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فتقول الأرض : حملتني الرياح مع الجبال فدكتا دكة واحدة ، فلا أدري أين قبر محمّدعليه‌السلام ؟ فيرتفع من قبره عمود من نور إلى عنان السماء ، فيبكي جبرائيل بكاء شديدا ، فيقول له ميكائيل : ما يبكيك؟ فيقول : وما يمنعني من البكاء وهذا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم من قبره ويسألني عن امته ، وأنا لا أدري أين أمّته؟

قال : ثم ينصدع القبر فإذا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله قاعد ينفض التراب من رأسه ولحيته ، ثمّ يلتفت يمينا وشمالا ، فلا يرى من العمران شيئا ، فيقول : يا جبرائيل! بشرني ، فيقول ابشّرك بالبراق السباق الطائر في الآفاق ، فيقول : بشرني ، فيقول : ابشرك بالتاج ، فيقول بشّرني ، فيقول : ابشرك بالقضيب والخلتين ، فيقول : بشّرني بامتي لعلّك خلفتهم بين أطباق النيران ، أو لعلّك تركتهم على شفير جهنم ، أو لعلّك تركتهم في أيدي الزبانية ، فيقول : ما رأيتهم؟ ولكنّهم بعد في لحودهم ، وما انشقّت الأرض عن آدمي قبلك؟ فيقوم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويخرج من قبره ، ويمسح جبرائيل التراب من رأسه ولحيته ، ويضع التّاج على رأسه ، ويأخذ القضيب بيده ، فيدنو الى البراق ليركبها فتفرّ عنه ، فيقول جبرائيل : أما تستحين أيّتها البراق ، فهذا محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟! فتقول البراق : وعزة ربّي وجلاله ، لا يركبني حتّى يضمن لي أن أكون في شفاعته ، فإنّ ربّي غضب اليوم غضبا لم يغضبه فيما مضى ، ولا يغضبه فيما بقي ، فيضمن لها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله شفاعته فتخضع برأسها ثمّ يركبها ، فإذا هو ـ بيت المقدس ـ على درّة بيضاء ، والكعبة بجنبها ، والمساجد حولها.

قال : فيسجد النبيّعليه‌السلام ، ويثني على الله بما لم يثن عليه أحد قبله ، فيقول له الجبّار: يا محمّد! فيقول : لبيك وسعديك ، والخير بين يديك ؛

٢٩

والمهدي من هديت ، عبدك بين يديك ، لا ملجأ ولا منجأ إلّا إليك ، تباركت ربّنا وتعاليت ، وهذا هو المقام المحمود في قوله تعالى :( عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) الاسراء / ٧٩ ، فيقول تعالى : ارفع رأسك ، سل تعط واشفع تشفع ، وإذا نداء : يا رضوان! زخرف الجنان ، ويا مالك! سعر النيران ، ويا محمّد! قرب امتك الى الميزان ، فيقولعليه‌السلام : هلموا إلى العرض على الرحمن ، فيقولون : دعنا نشبع من النظر إلى وجهك فقد عشنا في حبّك ومتنا في حبّك وبعثنا في حبّك ؛ وإذا اكتحلنا من عزتك فسقنا الى من شئت ، فإنّ شوقنا إليك أكبر من شوقنا إلى الجنان والجواري والغلمان.

فينظرون إلى وجهه ساعة ثمّ يسوقهم سوق الراعي الشفيق غنمه ، وهو مع الملائكة جاث بين يدي الجبّار ، فيتعلّق بإزاء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة من الرّسل : إبراهيم خليل الرّحمن ؛ فيقول : لا أسألك ولدي ؛ وموسى كليم الله ، فيقول : لا أسألك أخي هارون ؛ وداود صفي الله ، ويقول : لا أسألك سليمان ؛ وعيسى روح الله ، ويقول : لا أسألك مريم ؛ ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول : لا أسألك نفسي أسألك المذنبين من أمّتي.

فتقول جهنم : من هذا الّذي يشفع كلّ إنسان لنفسه وهو يشفع لامته؟ فيقول جبرائيل : هذا محمّد المصطفى ، فتقول جهنم : يا ربّي وإلهي وسيّدي! نج محمّد وامّته من حرّي وبردي وهوامي وسلاسلي وأغلالي وألوان عذابي» ـ والقصة طويلة.

١٠ ـ وقال أهل التذكر : فضل الحبيب على الخليل ، لأن الخليل طلب الطهارة لنفسه ولأهل بيته على ما قال :( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ) ابراهيم / ٣٥ ، والحبيب اعطي ذلك من غير مسألة على ما قال تعالى :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) الأحزاب / ٣٣.

٣٠

والخليل طلب الذكر على ما قال :( وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) الشعراء / ٨٤ ، والحبيب كفي ذلك على ما قال تعالى :( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) الشرح / ٤.

والخليل سأله الجنّة على ما قال :( وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ) الشعراء / ٨٥ ، والحبيب اعطي ذلك من غير مسألة على ما قال :( إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) الكوثر / ١.

والخليل يحتسب الله عند المحنة فيقول :( حَسْبُنَا اللهُ ) آل عمران / ١٧٣ ، والحبيب كفي ذلك على ما قال :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ ) الأنفال / ٦٤.

والخليل يقتدى به في خصلة من خصاله على ما قال تعالى :( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) البقرة / ١٢٥. والحبيب يقتدى به في جميع خصاله على ما قال تعالى :( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) الأحزاب / ٢١.

والخليل يطلب الهداية على ما قال :( إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) الصافات / ٩٩ ، والحبيب كفي ذلك على ما قال تعالى :( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ) الضحى / ٧ ،( وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً ) الفتح / ٢.

والخليل يقول :( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) الشعراء / ٨٢ ، والحبيب يقال له :( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) الفتح / ٢.

والخليل سأل الرؤية للمناسك على ما قال :( وَأَرِنا مَناسِكَنا ) البقرة / ١٢٨ ، والحبيب أري الآيات من غير مسألة على ما قال :( لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) الإسراء / ١.

وقالوا أيضا : فضل الحبيب على الكليم ؛ لأن الكليم سأل شرح الصدر على ما قال:( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) طه / ١٢٥ ، والحبيب اعطي ذلك من غير مسألة على ما قال تعالى :( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) الشرح / ١.

٣١

والكليم سجدت السحرة لعصاه ؛ والحبيب سجدت الأوثان لقضيبه.

والكليم قال في حقّ قومه( فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ) المائدة / ٢٥ ؛ والحبيب قال : «اللهمّ اهد قومي فإنّهم لا يعلمون».

والكليم حصل عند ضرب عصاه على ما قال :( فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) الشعراء / ٦٣ ؛ والحبيب حصل عند تفرق أصابعه على ما قال :( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) القمر / ١.

والكليم طلب رضى الله على ما قال :( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى ) طه / ٨٤ ؛ والحبيب يطلب رضاه على ما قال :( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) الضحى / ٥.

والكليم معراجه الى الطور ؛ والحبيب معراجه الى البيت المعمور وإلى بساط النور.

والكليم ضرب الحجر فانفجر منه الماء ؛ والحبيب انفجر من أصابعه الماء.

ونوح له السفينة على الماء ؛ ومحمّد له البراق الطيار في الهواء (صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم‌السلام ).

١١ ـ أخبرنا عين الأئمة أبو الحسن عليّ بن أحمد الكرباسي ، أخبرنا عماد الدّين محمّد بن إبراهيم الوتري ، أخبرنا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد البخاري ، أخبرنا إسحاق الرّازي ، أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد ابن محمّد بن إبراهيم ـ بخوارزم الري ـ ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن حمويه النيشابوري بها ، أخبرنا محمّد بن الوليد البغدادي ـ بمكة ـ ، أخبرنا إبراهيم ابن صرمة ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «فضلت على آدم بخصلتين : كان شيطاني كافرا فأعانني الله تعالى

٣٢

عليه حتى أسلم ، وأزواجي كنّ عونا لي ، وكان شيطان آدم كافرا وزوجته كانت عونا له على خطيئته».

١٢ ـ وفي رواية أبي سعيد الخدري ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : جاء جبرائيل إلى النبيّعليه‌السلام وقال : إنّ ربّك يقرؤك السّلام ، ويقول : أتدري بما رفعت ذكرك؟ قال : «لا أدري» ، قال : يقول : إذا ذكرت ذكرت معي.

١٣ ـ أخبرنا الشيخ الإمام فخر الأئمّة أبو الفضل بن عبد الرّحمن الحفر بندي إجازة ، أخبرنا الشيخ الإمام أبو محمّد الحسن بن أحمد السمرقندي ، أخبرنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن أحمد بن محمّد بن عبدان العطار ؛ وإسماعيل بن أبي نصر عبد الرّحمن الصابوني ؛ وأحمد بن الحسين البيهقي ، قالوا : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا عليّ بن حمّاد العدل إملاء ، أخبرنا هارون بن العبّاس الهاشمي ، أخبرنا جندل بن والق ، أخبرنا عمرو ابن أوس الأنصاري ، أخبرنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن سعيد بن المسيّب ، عن ابن عبّاس ، قال : أوحى اللهعزوجل إلى عيسى : يا عيسى! آمن بمحمّد ، ومر من أدركه من أمّتك أن يؤمنوا به ؛ فلولا محمّد ما خلقت آدم ، ولو لا محمّد ما خلقت الجنّة والنّار ، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه : لا إله إلا الله مح ـ أي نصف اسم محمّد ـ فسكن.

قال أبو عبد الله الحافظ : هذا حديث صحيح الإسناد ؛ ولم يخرجه الشيخان.

١٤ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو سعد عمرو ابن محمّد بن منصور العدل ، أخبرنا أبو الحسن محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري ، أخبرنا إسماعيل بن مسلمة ، أخبرنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن

٣٣

جدّه ، عن عمر بن الخطّاب قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لما اقترف آدم الخطيئة ، قال : يا ربّ! أسألك بمحمّد لما غفرت لي ، فقال الله تعالى : يا آدم! كيف عرفت محمّدا ولم أخلقه؟ قال : يا ربّ! لأنّك لمّا خلقتني بيدك ، ونفخت فيّ من روحك ؛ رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، فعلمت أنّك لم تضف لاسمك إلّا أحبّ الخلق إليك.

فقال اللهعزوجل : صدقت يا آدم! إنّه لا حبّ الخلق إليّ إذا سألتني بحقّه فقد غفرت لك ، ولو لا محمّد ما خلقتك.

قال أبو عبد الله الحافظ : وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجه الشيخان.

١٥ ـ أخبرنا الثقة أبو بكر محمّد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني ـ بمدينة السّلام ـ ، أخبرنا محمّد بن إسحاق أبو الحسن الباقرحي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ، أخبرنا أبي أحمد بن عامر ، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن موسى الرّضا ، حدّثني أبي موسى بن جعفر ، حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، حدّثني أبي محمّد بن عليّ الباقر ، حدّثني أبي عليّ بن الحسين ، حدّثني أبي الحسين بن عليّ ، حدّثني أبي عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ موسى سأل ربّه فقال : يا ربّ! اجعلني من أمّة أحمد؟ فأوحى الله إليه : يا موسى! إنّك لا تصل إلى ذلك».

١٦ ـ أخبرنا عين الأمّة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي ، أخبرنا عماد الدّين أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم التوبري ، أخبرنا الشيخ الإمام شمس الأئمّة أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد الحلواني (ره) ، حدّثنا الشيخ

٣٤

الحافظ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد ، أخبرنا الشيخ الفقيه أبو نصر أحمد بن سهل ، أخبرنا ابن شهاب قال : قال عليّ بن إبراهيم ، قال مقاتل ابن سليمان ـ رفعه ـ :

إنّما فضل الله تعالى نبيّه محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله على النبيّينعليهم‌السلام ، وفضل امّته على جميع الامم لفضل منزلته عنده : إنّه من أسرع النّاس خروجا من الارض يوم القيامة إذا بعثوا ، وسيّد النبيين إذا حشروا ، وإمامهم إذا سجدوا ، وخطيبهم إذا وفدوا ، وشافعهم إذا جنوا ، وقائدهم إلى الجنّة إذا دخلوا ، وأقربهم مجلسا من الله تعالى إذا اجتمعوا ، يتكلّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الربّ تعالى فيصدقه ، ويسأله فيعطيه ، ويشفع فيشفعه ، ويعطيه الحوض المورود ، والشفاعة المقبولة ، ويبعثه المقام المحمود ، والكرم يومئذ له ، ومفاتيح الجنّة بيده ، وقد اتّخذه الله خليلا ، وكلّمه تكليما ، وجعله حكيما ، وبعثه نبيّا ، واتخذه شهيدا ، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، وغفر له ما لم يعلم ومما هو عامل ، وعلّمه الأسماء ، وزينه بالتقوى ، ودنا إليه فتدلّى عند سدرة المنتهى ، وأعطاه مكان التوراة السبع المثاني ، ومكان الزبور المئين ، وفضله ربّه بالحواميم والمفصل ، وأعطاه جوامع الخير وفواتحه ، وأعطاه اسمه الأعظم ، وخواتيم سورة البقرة ـ وهو كنز الرّحمن ـ ، وأعطاه الكوثر ـ وهو نهر في الجنّة حافتاه قباب الدر ـ فيها أزواجه ، وذلك النهر يطرّد مثل الشهد أشدّ بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، طينته مسك أذفر ورضراضه الدر.

ومما فضله الله تعالى به أنّ ليلة أسرى به مثل له النبيّونعليه‌السلام فصلّى بهم وهم خلفه يقتدون به ، وممّا فضله الله تعالى به أنّه عاين تلك الليلة الجنّة والنّار فلما عرج الى السّماء وسلّمت عليه الملائكة عاين قوم موسى فآمنوا به وهم الّذين من وراء الصين ، وذلك أنّ بني إسرائيل حين عملوا بالمعاصي ،

٣٥

وقتلوا الّذين يأمرون بالقسط ، دعا قوم موسى وهم بالأرض المقدّسة ، فقالوا : اللهم! اخرجنا من بين أظهرهم ، فاستجاب الله لهم فجعل لهم سربا في الأرض فدخلوا فيه ، وجعل لهم نهرا يجري ، وجعل لهم مصباحا من نور بين أيديهم فساروا فيه سنة ونصفا وذلك من بيت المقدس إلى مجلسهم الّذي هم فيه ، فأخرجهم الله تعالى إلى الأرض الّتي يجتمع فيها الهوام والبهائم والسباع مختلطين فيها ليست لهم ذنوب ولا معاصي ، فأتاهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تلك الليلة ومعه جبرائيل فآمنوا به وصدقوه ، فعلمهم الصّلاة ثم قالوا : إنّ موسى قد بشرهم به.

ومما فضله الله تعالى به أنّه بعث إليه ملكا يخبره بملك من كان قبله ، وملك من يكون بعده الى يوم القيامة ، وملك الآخرة ، فقال : «اللهمّ! اجمعهما لي في الآخرة».

وممّا فضله الله تعالى به أنّ ملك الموت أتاه ليقبض روحه فلم يدخل عليه إلا بإذنه ، وأمر ملك الموت أن يخيره بين تركه وقبض روحه ، فاستنظره النبيّ حتّى يلقى أخاه جبرائيل ـ صلوات الله عليهما ـ ، فعرج ملك الموت ولقي جبرائيل ، فخيره جبرائيل : إما ميتة طيبة ، واما حياة لا هرم فيها.

وممّا فضله الله تعالى به أنّ اسرافيل هبط عليه ولم يهبط على أحد من الرّسل قبله ولا بعده ، وميكائيل عن يساره فعرض عليه : إمّا أن يكون نبيّا عبدا ، وإمّا أن يكون ملكا ، فأوما إليه جبرائيل بالتواضع ، فقال نبيّا عبدا ، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله «فرأيت بين عيني إسرافيل كلّ شيء نزل عليّ قبل نزوله».

ومما فضله الله به أنّه أعطاه خمسا لم يعطهن أحد قبله : أنّه بعث إلى الجن والإنس الى يوم القيامة ، وإنما كان يبعث الأنبياء إلى قومهم والى أرضهم ، وأنّه جعلت له الأرض طهورا ومسجدا ، وأنّه حلت له الغنائم ولم

٣٦

تكن للأنبياء والرّسل حلالا ، وأنّه نصر على عدوه بالرعب مسيرة شهر ، وأنّه اعطي الشفاعة دون النبيّين في الآخرة وتلك الشفاعة العامة ، وذلك أنّ الله جعل لكلّ نبيّ دعوة في الدّنيا والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أخّرها في الآخرة لامته.

وهذه الخصال لم تكن لأحد من ولد آدم.

ومما فضله الله به ان السماء لم تحرس ولم ترم بالكواكب قبل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا بعث حرست الملائكة السماء ، ورمت الشياطين بالشهب.

ومما فضله الله بن أنّه أخذ الله ميثاقه قبل النبيّين وأخذ له ميثاق النبيين بالتسليم والرضا والتصديق به.

وممّا فضله الله به في الآخرة أنّه أوّل من يسأل ، وأوّل من يدعى ، وأوّل من يشفع ، وأوّل من يأخذ بحلقة الجنّة.

ومما فضله الله به أنّ في الجنّة درجة تسمى ـ الوسيلة ـ في أعلى عليين من الجنان فهي له خاصة. وكانعليه‌السلام كثيرا ما يقول : «إنّ في الجنّة درجة لا ينالها إلا رجل واحد ـ يعني نفسه ـ وهي الوسيلة.

وممّا فضله الله به انّه جعل نساءه معه في الجنّة في خير البقاع ، ورفع ذكره في العالمين ، فكلما ذكر اللهعزوجل ذكر النبيعليه‌السلام معه في : يوم الجمعة ، وفي العيدين ، وفي مواقف الحج والعمرة ، وحول البيت والصفا والمروة ، وعند الجهاد ، وفي كل خطبة ـ حتّى خطبة النساء عند النكاح ـ ، وفي الأذان والإقامة والصلاة ، فكلّما ذكر الله تعالى ذكرعليه‌السلام معه ، وهو قوله :( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) الشرح / ٤.

وممّا فضله الله به أنّ الشيطان لم يسلط عليه في شيء.

وممّا فضله الله به أنّه أمر جبرائيل أن يأمر خازن النّار أن يكشف عن باب من أبواب النّار لينظر إليها.

٣٧

ومما فضله الله تعالى به أنّ ابليس أمر ماردا من الجن يقال له : «الأبيض» أن يأتيه فأتى ، وتمثل بصورة كأنّه يوحى إليه وهو يصلي ، فبعث الله جبرائيل ، فلمّا انصرف النبيّ إذا جبرائيل بينه وبين الشيطان فدفعه جبرائيل بيده ، فوقع من «مكّة» إلى «الهند» فانزل الله فيه :( ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) التكوير / ٢١ ، فتلك قوة جبرائيلعليه‌السلام .

وممّا فضله الله تعالى به أنّ جبرائيل أتاه بسورة الأنعام ، ومعه سبعون ألف ملك ـ لهم زجل من التسبيح والتحميد ـ حتّى كادت الأرض ترج فخر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ساجدا.

ومما فضله الله تعالى به أنّ الله تعالى أمر ملائكته يحفظونه من بين يديه ومن خلفه.

ومما فضله الله تعالى به أنّ الشياطين كانوا يختلسون من الأنبياء عند الوحي ، ثمّ تلقي الشياطين على ألسن الكهنة والعرافين ممّا يستمعون من السّماء ، ثمّ يخبرون النّاس بما هو كائن ، فإذا قال نبيّهم : يكون كذا وكذا ، قالوا : قد سمعنا هذا قبل هذا ، فعصم الله تعالى نبيّه (صلواته عليه وآله) وآمنه ، وحرست السماء بالملائكة ، ورميت الشياطين بالشهب ، وحفظت الملائكة محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الوحي فلا يستمعون.

وممّا فضله الله تعالى به أنّه لا يدخل جنّة عدن احد قبله ـ وهي دار الرّحمن وموضع عرشه ـ ، وجنّة عدن قصبة الجنّة وهي مشرفة على الجنان ، وباب جنّة عدن لها مصراعان من زمرد من نور بينهما كما بين المشرق والمغرب.

ومما فضله الله تعالى به أنّه جعلت له ليلة القدر خيرا من ألف شهر يستبشر بها حملة العرش.

٣٨

ومما فضله الله تعالى به أنّه غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، وفتح له فتحا يسيرا ، ونصره نصرا عزيزا ، وهداه صراطا مستقيما.

١٧ ـ أخبرنا سيّد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي ـ فيما كتب إليّ من همدان ـ ، قال : سمعت في «مسند» أحمد بن حنبل ، و «معجم» الطبراني ، باسنادهما عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا محمّد النبيّ الأمين ـ ثلاث مرات ـ ولا نبيّ بعدي ، اوتيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه ، وعلمت كم خزنة النّار؟ وكم حملة العرش؟ ومحو ربّي ، وعوفيت امتي ، فاسمعوا واطيعوا ما دمت فيكم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله ، أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه.

١٨ ـ قال : وسمعت في «المفاريد» برواية ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا حبيب الله ولا فخر ، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر ، إنّي لا افتخر بالعطاء والنعم ، وإنّما أفتخر بالمعطي والمنعم».

١٩ ـ قال : وفي ـ رواية عائشة ـ قالت : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا أشبه بأبي آدم ، وكان إبراهيم خليل الرّحمن أشبه النّاس بيّ خلقا وخلقا».

٢٠ ـ قال : وفي ـ رواية أنس ـ قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا أوّل من يأخذ بحلقة الجنّة فاقعقعها».

٢١ ـ قال : وفي ـ رواية ابن عمر ـ وهو في «جامع» أبي عيسى ، و «معجم» الطبراني ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا أوّل من تنشق عنه الأرض فأجلس جالسا في قبري فينفتح لي باب الى السماء بحيال رأسي حتّى أنظر إلى العرش ، ثمّ ينفتح لي باب من تحتي إلى الأرض السّابعة فأنظر إلى الثرى ، ثمّ ينفتح لي باب عن يميني فأنظر إلى الجنّة ومنازل أصحابي ، وأنّ الأرض تحرّكت تحتي ، فقلت لها : مالك ، أيتها الأرض؟

٣٩

قالت : إنّ ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي فأكون كما كنت إذ لا شيء فيّ».

٢٢ ـ قال : وفي ـ رواية أبي هريرة ؛ وأبي سعيد ـ قالا : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا أوّل من يوضع له الصراط على النّار فأمر عليه فأدخل الجنّة».

وفضائل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر من أن نحيط بها ، وإنّما أشرنا إلى نبذ منها ليتبرك بيداءة الكتاب ، فمن أراد الاكثار من ذلك فعليه بمجموعي في فضائل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتابي الموسوم «بالأربعين» ، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم.

٤٠