مقتل الحسين للخوارزمى الجزء ١

مقتل الحسين للخوارزمى16%

مقتل الحسين للخوارزمى مؤلف:
المحقق: الشيخ محمد السماوي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-6223-01-X
الصفحات: 360

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18226 / تحميل: 4808
الحجم الحجم الحجم
مقتل الحسين للخوارزمى

مقتل الحسين للخوارزمى الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٦٢٢٣-٠١-X
العربية

مقتل الحسين للخوارزمى

المؤلف: أبي المؤيّد بن أحمد المكّي أخطب خوارزم [ خوارزمي ]

تحقيق الشيخ محمّد السماوي

١
٢

مقدمة الناشر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله خير الخلق أجمعين وعلى آله الطيبين الطاهرين.

إن مأساة الامام الحسينعليه‌السلام هزّت الوجدان الانساني ، وتوهجت في أحاسيس المسلمين ووعيهم الجماعي ، وأحرقت ضمائرهم وأدمت قلوبهم ، وجرحت مشاعرهم النبيلة ، وأسالت قنوات دموعهم المتدفقة بغزارة وحرقة ، وأقضّت مضاجع آل بيت الوحي والرسالة وأثارت هواجسهم ، وأرقت محبيهم من كل الطوائف الاسلامية من مختلف الملل والنحل ، المؤمنة برسالة جدهم المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد أحدثت هذه الواقعة الشجية ـ ولا زالت ـ جروحا في النفوس النقية لا تندمل ، وكلما تجدد سقف الزمن تزداد مساحة هذه المأساة أسى ولوعة ، وآفاقها سموا وفخرا. وسبق لجده طه الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله منقذ البشرية وقائد الأمّة الاسلامية الأعلى ان قلّده وسام استحقاق النسب الشريف والجهاد المقدس حينما قال : «حسين مني وأنا من حسين» وهذا الحديث شهادة البداية

٣

والديمومة للدين الاسلامي الحنيف ، حيث بدايته بالرسالة المحمدية المقدّسة وديمومته بالشهادة الحسينية المباركة ومآسيها والتي بعثت بتضحيته بكيانه الانساني المقدسعليه‌السلام وأهل بيته وخيرة أصحابه سر حياة الاسلام وبقائه. ولسان حاله يردد مع دورة الزمن (إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي إلا بقتلي فيا سيوف خذيني) لأن الحسينعليه‌السلام حمل هموم أمنه وأوجاع الناس ومعاناتهم في قلبه ووجدانه وأحلامه وآماله الناظرة الى واقعهم السيئ ، والمتطلعة الى مستقبل الاسلام المشرق وإقامة حكومة العدل الإلهي ، حيث عبّر عن ذلك أصدق تعبير عند ما قال : (إنّي لم أخرج أشرا ولا بطرا ، وإنّما خرجت لطلب الاصلاح في أمّة جدّي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ). وكانت تجربة الطف الرائدة تحمل حرارة صدق الجهاد ووضوح رؤيته النضالية فكان لهذه التجربة صداها الواسع على امتداد مراحل التاريخ والتي التصقت بالحدود العالمية للجهاد الصادق واستحقت أن تتصدر عناوينه العالمية أيضا.

إنّ كتاب مقتل الامام الحسينعليه‌السلام لمؤلفه الموفق محمد بن أحمد المؤيد أبي سعيد اسحاق المكي الحنفي الخوارزمي يعتبر بحق وثيقة تأريخية ترصد أحداث الرزيّة الكربلائية وتؤرخ وقائعها المفجعة بموضوعية متميزة ، لا سيما وقد سجلت بقلم مؤرخ قدير ولغوي بارع ، وان القدر المتيقن في التراجم التي ترجمت له من قبل رجال الحديث المشهورين ، تشهد بنزاهته وإنصافه بهذا الصدد.

وقد تضمن هذا الكتاب مآثر أهل البيت الأطهارعليهم‌السلام وفضائلهم في قسمه الأول وتفاصيل موجزة عن سيرتهم العطرة ، وتضمن القسم الآخر صور مروّعة من مقتل السبط الشهيد وأنصاره ، والذي رافق مسيرته التأريخية وخروجه من مدينة الوحي المنورة الى ساعة استشهاده على رمضاء

٤

الألم الكربلائي التي تعبق بأريج الشهادة الفواح ، والمطرزة بدماء الأحرار الأبرار ، والندبة بفيض دموع الولاء والانتماء ، والتي تقبع تحت خيمة الحزن السرمدي حتى قيام الساعة.

ونظرا لفضاعة المأساة وشموليتها ، وأهمية هذا المقتل الجليل وإلحاح جمهور من محبي سيد الشهداءعليه‌السلام والمتلهفين الى طلب الاستزادة من الاغتراف من مصادر تأريخ الحدث الحسيني الجلل ليكون لهم عبرة وعبرة وذكرى ، وينهلوا من معين الواقعة الفارحة معاني التضحية والبطولة والفداء والاصلاح الاجتماعي والوقوف بوجه الطغاة ومقارعة الظالمين في كل زمان ومكان كل هذه العوامل وغيرها وندرة المطبوع من نسخة السابقة في المكتبات ، وبغية إظهاره بحلّة قشيبة تتناسب وأهمية هذا الكتاب التأريخية وتيسيره للدارسين والخطباء وعشاق المنبر الحسيني المقدس ، فقد بادرت دار (أنوار الهدى) الى طبعه بعد بذل الجهود الفنية في خبط نصوصه ومقابلتها مع النسخ المطبوعة سابقا وتصحيح الأخطاء اللغوية والتأريخية قدر المستطاع وطباعته بحروف جديدة ، وقد أخذت على عاتقها طبع هذا الكتاب ، والذي يعتبر إضافة نوعية جديدة الى مكتبة أهل البيتعليهم‌السلام ، والتي ما انفكت هذه الدار عن نشر كل ما يتعلّق بتأريخهم وفضائلهم وعلومهم وآدابهم ، أفراحهم وأتراحهم.

وستبقى هذه المأساة المؤلمة حلمنا الآتي ليوم الخلاص العظيم والآمال المتجددة للتحرير من الظلم تحت راية صاحب الأمر والزمان (عج) ، والله من وراء القصد وهو المستعان في كل الأمور إنّه أرحم الراحمين.

دار

أنوار الهدى

رمضان المبارك ١٤١٨ ه‍ ق

٥
٦

مقدمة المحقق

بقلم : العلامة الجليل والمحقق الكبير

الشيخ محمد الشيخ طاهر السماوي

أما نفس الكتاب فهو غني عن التعريف لشهرته ، نقل عنه جماعة منهم ابن حجر في لسان الميزان ، وابن الوزير اليماني في الروض الباسم ، وقال فيه : وهو عندي في جزءين ، واستقصى السيد العلامة صاحب العبقات في المجلد السادس ذكر حاله ومن نقل عنه ، وكل هذه الكتب مطبوعة في حيدرآباد ومصر والهند.

وأمّا نسخته فإني استجلبتها من تبريز للاستنساخ عليها وكان كتبها السيد الفاضل السيد محمد المهدي بن علي بن يوسف الحسني الطباطبائي سنة ست وثلاثمائة وألف من الهجرة على نسخة بخط السيد العالم الفاضل محمد بن الحسين العميدي النجفي ، كتبها سنة ست وثمانين وتسعمائة في قزوين وكانت هذه النسخة التي بخط محمد المهدي الطباطبائي سمعت بها قبل عشر سنين وأنّها موجودة في تبريز ، فكلفت جملة من الأفاضل باستنساخها لقلّة وجودها أو لعدمه في العراق فلم يتهيأ لي ذلك فبقيت

٧

مشغوفا بها حتى هيأ الله تعالى لي العلامة الفاضل الجليل الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ أحمد الأميني التبريزي صاحب شهداء الفضيلة والغدير وغيرهما سلّمه الله ، فذاكرته بهذا الكتاب فوعدني أن يكلّف من يستنسخه على يد والده الفاضل الشيخ أحمد الأميني سلّمه الله ، ولتقاه وحبه آل بيت الله كتب إلى أبيه وأكد فما هو إلا أن استعاره أبوه للاستنساخ ثم عزم على زيارة النجف فاستأذن من صاحبه أن يصحبه ذهابا وإيابا وضمن له سلامته فأتى به وتفضل علي بأن استنسخه بيدي ويبقى مدة الاستنساخ ثم يعود به إلى صاحبه.

فاستنسخته في شهر بحمد الله ومنه فجاءت هذه النسخة صحيحة كاملة وذلك لأن الكاتب الثاني السيد محمد المهدي كان حسن الخط والمعرفة فزاد فيها بعض أخبار نقلها من كتب ولكن كان يكتب على الخبر المزيد في أوله : قال الكاتب ، ويذكر الزيادة ثم يقول انتهى ، ويذكر الأصل بسنده ، على أنه لو لم ينبه هذا التنبيه لعلم ، فإنّه يروي عن كتب معلومة لم يكن فيها سند ، والمقتل مذكور بأخبار أسندها الموفق ، فمن حصل له هذا الكتاب فهو مدين بالفضل لمن جاء به من تبريز والله يجزيه الجزاء الأوفى عن سعيه وما ذلك على الله بعزيز.

وأمّا التعريف بمصنف هذا الكتاب فهو أبو المؤيد الملقب بصدر الأئمة ، وبأخطب خوارزم ، وبخليفة الزمخشري ، الموفق محمّد بن أحمد المؤيد بن أبي سعيد إسحاق المؤيد المكي الخوارزمي ، كما ذكر صاحب كتاب الفوائد البهية في طبقات الحنفية وصاحب التعليقات عليها المطبوعين بمطبعة الخانجي في مصر قالا فيهما : ولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، وقرأ على ابيه وغيره وطاف في طلب الحديث بلاد فارس والعراق والحجاز ومصر والشام وكاتب

٨

العلماء فأجازوه وأجازهم ـ كما ستطلع عليه من سند حديثه ـ وخطب في خوارزم ، وتلمذ على الزمخشري في العربية ، وتضلّع فيها فكان يقال له خليفة الزمخشري ، وتلمذ عليه جماعة منهم : ولده أحمد المؤيد ، ومنهم ناصر الدين المطرزي صاحب المغرب في اللغة المطبوع في حيدرآباد ، وشرح مقامات الحريري المطبوع في إيران ، وذكر في الثاني في ترجمة أويس رواية عنه مفخما له غاية التفخيم ، وكما ذكره السيوطي في البلغة المطبوعة في مطبعة الخانجي بمصر باسم الموفق.

ونقل عن القفطي والصفدي له مديحا وإعجابا بفضله.

ونقل عن كتابه هذا صاحب الروض الباسم ، وصاحب كفاية الطالب ، وصاحب الفصول المهمة ، وصاحب الصواعق ، وكل مطبوع متلقى بالقبول وصاحب لسان الميزان في ضمن بعض مشايخه مضعفا له ، ومن الغريب أنه يضعف مثل راوي حديث الطير ، والتشبيه بالأنبياء ، وباب مدينة العلم ، وهذه الأحاديث يرويها كثير بطرق متعدّدة ، وأغرب من هذا أنه يجعل سبب التضعيف الرواية نفسها.

وللموفق من المصنفات :

١ ـ كتاب الأربعين في أحوال سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكر في هذا الكتاب.

٢ ـ مناقب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، مطبوع في إيران.

٣ ـ مناقب أبي حنيفة ، مطبوع في الهند في جزءين.

٤ ـ مقتل الحسينعليه‌السلام في جزءين ، وهو هذا الكتاب الذي بين يديك.

٥ ـ مسانيد على البخاري وغيره ، ذكرت ولم أقف عليها.

وكل من ذكر الموفق ذكره بالشعر ، وأنا أذكر لك من شعره الذي ذكره هو في المناقب الأولى والثانية في مديح أمير المؤمنينعليه‌السلام وفي مديح أبي

٩

حنيفة النعمان بن ثابت ، وما ذكره ياقوت الحموي في ترجمة بعض مشايخه منتخبا أبياتا تستدل بها على منهجه ، فمن ذلك قوله في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام ذكره في آخر مناقبه من قصيدة طويلة :

هل أبصرت عيناك في المحراب

كأبي تراب من فتى محراب

لله در أبي تراب أنه

أسد الحراب وزينة المحراب

هو ضارب وسيوفه كثواقب

هو مطعم وجفانه كجواب

لو لا علي ما اهتدى في مشكل

عمر ولا أبدى صواب جواب

وقوله في مديحهعليه‌السلام أيضا من قصيدة طويلة :

ألا هل من فتى كأبي تراب

إمام طاهر فوق التراب

إذا ما مقلتي رمدت فكحلي

تراب مس نعل أبي تراب

هو البكاء في المحراب لكن

هو الضحاك في يوم الحراب

هو المولى المفرق في الموالي

خزائن قد حواها بالحراب

ونازع صهره الطير المهادي

وكاد يرد منه عند باب

وقال في مديحهعليه‌السلام من قصيدة طويلة أيضا :

لقد تجمع في الهادي أبي حسن

ما قد تفرق في الأصحاب من حسن

ولم يكن في جميع الناس من حسن

ما كان في المرتضى الهادي أبي الحسن

هل سابق مثله في السابقين فقد

جلى إماما وما صلى إلى وثن

وقال في مديح أبي حنيفة النعمان بن ثابت من قصيدة طويلة ، ذكرها في مناقبه :

١٠

ما لنعمان في الأنام نظير

دوح فتيه ذو ثمار نضير

كل ذي إمرة أسير هواه

وهواه له أسير اسير

علم فتواه والهجد منه

في لياليه روضة وغدير

وقال في مديح أستاذه الحسن بن أحمد الهمداني من قصيدة ذكرها ياقوت الحموي في ترجمة الحسن المذكور :

حفظ الإمام أبي العلاء الحافظ

بالرجل ينكت هام حفظ الجاحظ

ما أن رأينا قبل بحر الشيخ من

بحر طفوح باللئالئ لامظ

كم واعظ لي أن أجاوز مدحه

لو كان ينفع في وعظ الواعظ

وله شعر كثير ، وتوفي في خوارزم سنة ثمان وستين وخمسمائة أو تسع كما نقله صاحب التعليقات ، ومن أراد استقصاء حاله فعليه بالعبقات فإنّها استغرقت من صفحة (٢٧٨ إلى ٣١٢). أو بكتاب الغدير فإن العلامة الأميني في آخر المجلد الرابع قد ترجمه هنالك بما لا مزيد عليه فذكره وذكر مشايخه وتلامذته ، وفصل في ذلك تفصيلا لا يستغنى عنه ، فليراجعه من شاء يجد ترجمته مذكورة من صفحة (٣٤٠ إلى ٣٤٩).

وأمّا ناشره بالطبع فجماعة مقدمهم الشريف الفاضل الذكي الزكي المحامي السيد محمد رضا آل السيد سلمان النجفي العريق نسبا وحسبا فإنّه من ذريّة السيد العلامة المقدّس السيد هاشم الشهير بالحطاب من سلالة السيد النقيب فخار بن معد العلوي ، والشيخ الفاضل الشيخ هادي نجل العالم الشيخ عباس من سلالة الشيخ أسد الله صاحب المقاييس ، وصاحب مطبعة الزهراء النجفيّة الفاضل ميرزا الخليلي من سلالة الميرزا خليل الرازي النجفي المشتهرة بعلمي الأديان والأبدان ، فجزاهم الله عن مودّة القربى خير جزاء المحسنين وجعل ذلك العمل الصالح ذخيرة لهم في العقبى يوم الدين

١١

وحق لهم أن ينشروا مثل هذا المقتل المفصّل فإنّ المقاتل القديمة المفصلة كمقتل أبي مخنف لم يبق منها شيء إلا ما نقله الطبري والجزري وأمثالهما في ضمن كتبهم ، فأمّا أعيانها فلم يبق منها لأن مقتل أبي مخنف لم يوجد منذ خمسة أو ستة قرون وكذلك أمثاله.

وأمّا هذا المقتل القديم ، المفصل المروي بالإسناد المعنعن عن الأفضل فالأفضل ، فلم يوجد بالأيدي مثله ، فهو الكنز الدفين أثاروه ، والكوكب الخفي أظهروه وأناروه ، وهذه يد لهم على كل من احب النبي المصطفى وآله الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين) ، ونعمة أسدوها على محبي الحسينعليه‌السلام ، والمتعطشين إلى ذكره على الكمال والتمام ، فلنشكر يدهم البيضاء ، وليدع محب الحسين لهم بأحسن الجزاء ، على إسداء هذه النعماء ، وقد قلت في تاريخ طبع هذا الكتاب الثمين ، وأسماء ناشريه للمحبين :

أبهج قلب المصطفى والمرتضى

وفاطم الزهراء محمد الرضا

بطبع تأليف الموفق الذي

حاز به الفضل وأدرك الرضا

في مقتل الحسين سبط المصطفى

ومهجة الزهراء وقلب المرتضى

واشترك الهادي وميرزا معه

فنهضا بما له قد نهضا

فقل لمن يسأل عن تاريخه

(طبعه ميرزا وهاد ورضا)

سنة ١٣٦٧ ه‍. ق

النجف الأشرف

الشيخ محمد السماوي

١٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مقدمة المؤلف

الحمد لله ، وسلام على عباده الّذين اصطفى ، وأخصّ بالصّلاة والسّلام نبيّه المصطفى ، واوجّه الرّضوان إلى ذريّته أولاد فاطمة البتول ، وعليّ المجالد الصؤول ، يوم نطاح الكباش والوعول ، الّذين لحمهم لحم الرّسول ، قد جعل الله سيرهم حججه على كافه الأنام ، وصيّرهم أسنمة أئمّة الإسلام ، الداعين الى دار السّلام ، ورحض عنهم الدّنس ووقّرهم توقيرا ، وأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا ، وافترض مودّتهم على الخلق وجعلها من جملة الإيمان ، وأمرنا بها من تأرج بقدمه الحرمان ، ونزلت الملائكة لنصرته يوم التقى الجمعان ، كما في سورة «الشورى» من القرآن على ما قال عزّ من قائل حكاية عنهم :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) الشورى / ٢٣.

روي : أنّه لمّا نزلت هذه الآية ، قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجب علينا مودّتهم؟ فقالعليه‌السلام : «عليّ وفاطمة وابناهما».

١٣

وحديث «المباهلة» يؤكدها ويعضدها ويؤيدها ، وهو ما أخبرنا الشيخ الصالح العالم الأوحد عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروخي الهروي ـ ببغداد ـ منصرفي من السفرة الحجازية على شط دجلة ، عن مشايخه الثلاثة : القاضي أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي ؛ وأبي نصر عبد العزيز بن محمّد الترياقي ؛ وأبي بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي (رحمهم‌الله) ثلاثتهم ، عن أبي محمّد عبد الجبار بن محمّد الجراحي ، عن أبي العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبي ، عن الإمام الحافظ أبي عيسى محمّد ابن عيسى الترمذي ، قال : أخبرنا قتيبة ، قال : أخبرنا حاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه ، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا(١) فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟

قال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلن أسبّه لئن يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ وخلفه في بعض مغازيه ، فقال له عليّعليه‌السلام : «يا رسول الله! أتخلفني مع النساء والصبيان»؟ فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبوة بعدي» ، وسمعته يوم خيبر يقول : «لاعطين الراية رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله» فتطاولنا لها فقال: «ادعوا لي عليّا» فأتى وبه رمد ، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ، وانزلت هذه الآية :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) آل عمران / ٦١ ، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا (عليهم الصلاة والسّلام)

__________________

(١) هكذا في جامع الترمذي وفيه اجمال وتفصيله أمر معاوية بسبّ علي فامتنع سعد فقال له ، الخ.

١٤

فقال : «اللهمّ! هؤلاء أهلي».

وأخبرنا الشيخ الثقة العدل الحافظ أبو بكر محمّد بن عبد الله بن نصر الزاغوني ـ بمدينة السّلام ـ ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمّد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلف الباقرحي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن عليّ بندار ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمّد بن شاذان ، قال : أخبرنا : أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ، قال : أخبرني أبي أحمد بن عامر بن سليمان ، قال : حدّثني أبو الحسن عليّ بن موسى الرّضاعليه‌السلام قال : «حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ ابن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسين بن عليّ ، قال : حدّثني أبي علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي! إنّ الله قد غفر لك ولأهلك وشيعتك ، ومحبّي شيعتك ومحبّي محبّي شيعتك ، فابشر فإنّك الأنزع البطين ، منزوع من الشرك ، بطين من العلم».

وأخبرنا الإمام الأجل الكبير أخي سراج الدين ركن الإسلام شمس الأئمة إمام الحرمين أبو الفرج محمّد بن أحمد المكي (رحمة الله عليه) ، قال : أخبرنا الإمام الزاهد أبو محمّد إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل ، قال : أخبرنا السيّد الإمام الأجل المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الموفق بالله ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمّد بن علي بن محمّد بن يوسف الواعظ ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن محمّد بن حمّاد المعروف ب ـ ابن ميثم ـ ، قال : أخبرنا أبو محمّد القاسم بن جعفر بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد ، عن أبيه محمّد ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ

١٥

الباقر ، عن أبيه عليّ بن الحسين زين العابدين ، عن أبيه الحسين بن عليّ الشهيدعليهم‌السلام ، قال : «سمعت جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أحبّ أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي ، فليتولّ عليّ بن أبي طالب وذرّيته الطّاهرين ، أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده ، فإنّهم لن يخرجوك من باب الهدى الى باب الضلالة».

وأخبرنا العلّامة فخر خوارزم محمود بن عمر الزمخشري ، قال : أخبرني الأستاذ الأمين عليّ بن مردك الرّازي ، قال : أخبرنا الشيخ الزّاهد الحافظ أبو سعد احمد بن محمّد المالني ـ بقراءتي عليه ـ ، قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن حيان الديرعاقولي ، قال : أخبرنا محمّد بن الحسين بن حفص الأشناني ، قال : أخبرنا محمّد بن يحيى الفارسي ، عن سليمان بن حرب ، عن يونس بن سليمان التيمي ، عن أبيه ، عن زيد بن يثيع ، قال : سمعت أبا بكر الصدّيق قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خيّم خيمة ، وهو يتّكئ على قوس عربية ، وفي الخيمة عليّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، فقال : «معشر المسلمين! أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة ، وحرب لمن حاربهم ، ولي لمن والاهم ، لا يحبّهم إلّا سعيد الجد طيب المولد ، ولا يبغضهم إلّا شقي الجد رديء الولادة».

فقال رجل : يا زيد! أأنت سمعت منه؟ قال : إي ، وربّ الكعبة.

وأنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن عليّ الهمداني ـ نزيل بغداد ـ ، قال : أنبأنا محمّد بن الحسين بن عليّ المقري ، قال : أخبرنا محمّد ابن محمّد بن أحمد الشّاهد ، قال : أخبرنا هلال بن محمّد بن جعفر ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الحلواني ، قال : أخبرنا محمّد بن إسحاق المقري ، قال : أخبرنا عليّ بن حمّاد الخشّاب ، قال : أخبرنا عليّ بن المديني ،

١٦

قال : أخبرنا وكيع بن الجرّاح ، قال : أخبرنا سليمان بن مهران ، قال : أخبرنا جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لمّا عرج بي الى السّماء رأيت على باب الجنّة : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، عليّ حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على مبغضهم لعنة الله».

وممّا قلته في أهل البيتعليهم‌السلام :

يزيد لظى(١) قد رام أن يتسفلوا

وأن يتردوا في مهاوي المعاطب

وقد رشح العدل المهيمن حالهم

بمنزلة قعساء فوق الكواكب

فضائلهم ليست تعد فتنتهي

وإن عددت يوما قطار السحائب

ومن خذلان مبغضيهم المستحكم القواعد ، وادبارهم المستحصف المقاعد ، وغوايتهم التي حشرتهم الى دار البوار ، وشقاوتهم التي كبّتهم على مناخرهم في دركات النار ، أن حملهم بغض أحباء الله وأحباء رسول الله ، على أن أنكروا أولاد عليّ من فاطمة أولاد الرّسول ، فمن أولئك الحجاج المحجوج ، الحقود اللجوج ، على ما أخبرنا الشيخ الإمام الزّاهد الحافظ زين الدّين والأئمّة عليّ بن أحمد العاصمي ، قال : أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل ابن أحمد ، قال : أخبرنا والدي ـ شيخ السنّة ـ أحمد بن الحسين البيهقي ، قال : أخبرنا أبو الحسين ابن بشران العدل ـ ببغداد ـ ، قال : أخبرنا أبو عمرو ابن السماك ، قال : أخبرنا حنبل بن إسحاق ، قال : أخبرنا داود بن عمرو ، قال : أخبرنا صالح بن موسى ، قال : أخبرنا عاصم بن بهدلة ، عن يحيى ابن يعمر العامري ، قال : بعث إليّ الحجاج فقال : يا يحيى! أنت الّذي تزعم أنّ ولد عليّ من فاطمة ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قلت له : إن أمنتني تكلّمت،

__________________

(١) بالاضافة أي يزيد النار.

١٧

قال : فأنت آمن.

قلت : أقرأ عليك كتاب اللهعزوجل إنّ الله يقول :( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا ) إلى قوله :( وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) الأنعام / ٨٤ ـ ٨٥ ؛ وعيسى كلمة الله وروحه ألقاها إلى البتول العذراء ، وقد نسبه الله تعالى إلى إبراهيم ، قال : ما دعاك إلى نشر هذا وذكره؟ قلت : ما أوجب الله تعالى على أهل العلم في علمهم :( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) آل عمران / ١٨٧.

قال : صدقت ، لا تعودن لذكر هذا ولا نشره.

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول : «كل بني أم ينتمون إلى عصبتهم إلّا ولد فاطمة فإنّي أنا أبوهم وعصبتهم» ، والأخبار في أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسمي ـ الحسن والحسين ـ ابنيه ، كالحصا لا تعد ولا تحصى ، وقد ابتلي المكابر الحجاج ، بالمحجاج ـ يحيى بن يعمر ـ المؤيّد من الله بالجواب الصواب ، الّذي اوتي عند سؤاله فصل الخطاب ، ومن ثقابة فهمه ، وغزارة علمه ، أن أخذ بكظمه ، حين تلا عليه آية فيها : أنّ عيسى من ذرية إبراهيم ، وهو يدلي إليه بامّه ، فألقمه جندلة حجته ، فدمت(١) مجرى أنفاسه ، وأوضح له الحجة مثل موضحة رأسه ، وتركه يهيم في وادي وسواسه ، لعن الله الحجاج وكل ملعون من نسله ، وكل من انضوى الى حفله ، واحتطب في حبله ، من مبغضي أهل البيت ، ولعن الله من لم يلعن مبغضيهم ، وقاتليهم ، وسافكي دمائهم ، والّذين أعانوا على قتلهم ، وأشاروا إليه ، ودلّوا عليه ، أليس قد عرف من دين الإسلام ، أنّ من دلّ على قتل صيد الحرام ، كمن قتل صيد الحرم في الأحكام فهذا حكم الله في الدّال على صيد الحرم ، فكيف يكون

__________________

(١) لعله فكظمت.

١٨

حكم الله في من انتهك حرمة رسوله في الحرم ، وسفك من دم سبط شفيع يوم العرض ، ولم يكن حينئذ ابن بنت نبي غيره في بسيط الأرض.

وأنا لمّا عجزت لتأخير زماني عن المناضلة دونه وإراقة دمي والمثول بين يديه على قدمي ، أحببت أن أجمع مقتله بلعباب قلمي ، واطاعن دونه ودون ذريته باللسان ، إذ لم أطاعن دونهم بالسنان ، واضارب قراهم(١) بالبيان المساعد ؛ إذ لم اضارب دونهم بالبنان والساعد ، ليجدد مطالع مجموعي اللعن على قاتليهم ، ويوجه اللائمة الى خاذليهم وخاتليهم ؛ وليكون لي حظ في شفاعة جدّهم محمّد المجتبى من بريته ، مع الأولياء من ذريته ، يوم ينادي المنادي من وراء حجب العرش : «يا أهل الموقف! غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمّد فتمضي في عرصات القيامة متلففة بثوب مخضوب بدم الحسين ؛ فتحتوي على ساق العرش ، ثمّ تقول : أنت الجبار العدل اقض بيني وبين قتلة ولدي ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فيقضي الله لبنتي ورب الكعبة ، ثم تقول : شفعني فيمن بكى على مصيبتي ، فيشفعها الله تعالى فيهم».

وكسرت هذا المجموع على خمسة عشر فصلا :

الفصل الأوّل : في ذكر شيء من فضائل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الفصل الثاني : في فضائل خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إيمانا بالله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الفصل الثالث : في فضائل فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف أم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

الفصل الرابع : في انموذج من فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام

__________________

(١) لعله عداهم.

١٩

ومن فضائل ذريته الطاهرين.

الفصل الخامس : في فضائل فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الفصل السادس : في فضائل الحسن والحسينعليهما‌السلام .

الفصل السابع : في فضائل الحسينعليه‌السلام خاصة.

الفصل الثامن : في إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الحسين وأحواله فكان كما أخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الفصل التاسع : في بيان ما جرى بينه وبين الوليد بن عتبة ؛ ومروان بن الحكم ، حال حياة معاوية وبعد وفاته.

الفصل العاشر : في بيان أحواله ، مدة مقامه بمكة ، وبيان ما ورد عليه من كتب أهل الكوفة ، وإرسال مسلم بن عقيل إلى الكوفة ومقتله بها.

الفصل الحادي عشر : في خروجه من مكّة إلى العراق ، وما جرى عليه في طريقه ، ونزوله بالطف من كربلاء ومقتله بها (صلى الله عليه) ورزقنا شفاعته.

الفصل الثاني عشر : في بيان عقوبة قاتليه وخاذليه (صلّى الله عليه) ولعن قاتليه.

الفصل الثالث عشر : في ذكر المصيبة به ومرثيتهعليه‌السلام .

الفصل الرابع عشر : في زيارة تربته وفقنا الله لزيارته.

الفصل الخامس عشر : في انتقام المختار بن أبي عبيد الثقفي (رحمه‌الله) من قاتليه وخاذليه (صلّى الله عليه) ولعنهم لعنة يستحقونها.

وتوخيت أن اودع هذا المؤلّف المعرف ، ما لا يمجه سمع السماع ،

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

يا بنت موسى إن في قم التي

ضمتك عزا شامخا وسناما

من قم يبتدئ الكلام وبعدها

تغدوا الحروف أسنة وسهاما

ويسجل التاريخ بالدم صفحة

حمراء تقطر نهضة وقياما

خسأت فراعنة الزمان، وكم هوى

عرش لنرفع فوقه الإسلاما!(1)

* * *

____________________

(1) بلون الغار... بلون الغدير ص 179 - 183.

٢٠١

٢٠٢

من عشق المستجدين(1)

سعدت لياليه بخير هيام

في مدح من ولدت لخير إمام

في مدح من برقت بهاجرة الجوى

أنعامها فهدت إلى إنعامي

ما بال من ندعو يلم بغيرنا

وكأننا من ليس للإبرام

يرجى ويعطي الساع خير عطية

من خير ما عزبت عن الأوهام

المم بنا يا صاح إن عطاءنا

ما ليس يعلوه ذوو الإنعام

نحن الأولى عقدات كل عصيبة

حلت بنا هيهات لست بعامي

أنا بنت من؟ أدعوك إيت جوارنا

فتروح ثم تحال للأقزام

____________________

(1) للسيد محمد بن حمود بن أحمد العمدي، وهو من مواليد عام 1975 في مدينة ذمار باليمن، اتجه لطلب العلم منذ صغره في مدينتي ذمار وصعدة، اعتنق مذهب أهل البيتعليهم‌السلام الإمامي الاثني عشري سنة 1413 هـ، له من الكتب والأبحاث « رحلة عقل » دراسة موضوعية مقارنة لمباني نظرية الإمامة عند الزيدية والإمامية، « الزيدية والإمامية جنبا لجنب » « إلى الله » ديوان شعر « واستقر بي النوى ».

٢٠٣

كم معدم قد جاء كاد لحرقة

أن يسلم الأعناق للإعدام

حدرت على خديه دمعة فاقد

لمناه حتى الحلم في الأحلام

لم يرتفع طرفاه حتى حملت

أرزاقنا بيديه من إكرام

كم سائل قد جاء يطلب منزلا

فمننت بالإسكان خير مقام

كم ذي هموم جاء يطلب كشفها

فمضى قرير العين صاحب هام

كم ذي حشي يلتاع جاء وناره

شبت بجسم طاح في الإضرام

لم يبق - طرف العين - إلا وانبرى

في برده يختال بعد سلام

* * *

أنا بنت موسى الكاظم الغيظ الذي

ما انفك في عنت من الظلام

باب الحوائج ذاك والدي الذي

يعطي الفقير نوال كل مرام

أرن بطرفك نحو كاظمة ترى

نورا يشع إليك يا متعامي

أنا فاطم هاتيك قالت إيتنا

إن شئت في حرم ومنزل سامي

٢٠٤

حرم لعترتنا، لأهل البيت من

يقدمه يلق الطهر صدق كلام

يا بنت خير الناس إني ضارع

وأنا غريب الدار في الآطام

سبعا عكفت بباب مرة وانقضت

كالطيف، لا يرجوه ذو الأفهام

وأتيت وا ويلاه بعد عصيبة

أرجو الورى، أواه أي منام

* * *

أنا عبد، الشيطان ألقى منية

في قلبه التيهان شر لجام

وتقاذفت أيديه فكرتي التي

شطحت بمدح اللات والأزلام

ويحي ألست إليك أدعى منتسبا

فلم انحدرت لتيهة من طام

ولم قصدت البيد ضلة غافل

متدهده ألهاه طيف جهام

فأتى على واديه ألفي قفره

قد ضج من إقفاره المترامي

وأتى سرابا ثم عل رماله

آه له ما كان من قحام

ترك الذرى العلياء مثل مشكك

في أمرها في العقد والإبرام

٢٠٥

* * *

وهم الأولى ملأوا بذكرهم الدنا

وبعزهم والفخر والإعظام

من مثل فاطمة كريمة بيتها

بيت الإله الخالق العلام

روحي فداها اليوم يوم ولادة

سعدت بها الدنيا مدى الأيام

يا يوم مولدها ويوم تنزل

الأملاك للتطواف والإحرام

يا خير يوم فيك سيدتي لها

هبة، وكم وهبت مدى الأعوام

يوم تكشف فيه غمي كله

وهمومي انفرجت وفك زمامي

مولاة أمري أنت سيدة الدنا

ومليكة الدنيا وكل ذمام

حياك رب الكون ما طلعت بها

شمس وما قمر عفى بظلام

* * *

حياك ما نفرت لقم فرقة

دعيت لدين الله والإسلام

حياك ما علم تلألأ في سما

حكم لأهل البيت بالإعلام

٢٠٦

حياك ما رجعت لقم أمة

لهداية الأفذاذ والأعلام

حياك ما عرفت بأرضك فرقة

هوت الحقيقة ليس أي ركام

كم منحة تهدين، ليس لمنحها

أحد يرجى اليوم يومي الدامي

وأتيت اليوم بعد التيه أسأل منحتي

وأقر أني الأمس في أوهامي

لكن أتيت اليوم بعد تيقظي

لعطاك للأيتام والأرحام

وهباتك، الإحصاء يقصر عندها

وهباتك، الرحمات لا كلمام

* * *

يا خير من أدعوه ينجز طلبتي

وتقر عيني، عند بيت كرام

يا بنت من ولدوا لخير مسود

علم الهدى الأواه والمقدام

يا أخت مولى الكون مولانا الرضا

سلطان طوس، آه يالإمام

يا عمة المولى الجواد المقتدى

سمح العطايا القرم يالهمام

آل السما أنتم أئمة قلبي

المضنى من الأعيان والأقوام

٢٠٧

مولاتي العليا ورؤيا جلوتي

ومليكة الأبيات والإلهام

* * *

يا قم لو تدرين من تيك التي

سكنت ببيت النور عند همام

لبرزت هذي الأرض عمرك كله

وظللت تفتخرين عند عظام

هذيك بنت الطهر طاهرة اللوا

وسليلة الأطهار والعلام

هذيك من عصمت فليس تنفل

مهما يكن تنساه عند جسام

هذيك نور الله أشرق في ربى

قم فما للنور والإظلام

يهناك يا من هام قلبك عندها

هذا هو الإغماس في استغرام

هذا هيام الروح صفوك فاطم

الله يا الله يالهيام

العاشقون « ألست فاطم » ثلة

من خير هذا الناس والهيام

في قبة صفراء حطت فوقها

الأملاك في الأشكال مثل حمام

* * *

٢٠٨

يا داخل الحجرات سلم هاهنا

جبريل حتى هو أتى بسلام

واخفض فثم النور يبهر طرفك

الحيران وادع الله باستعظام

وقل السلام عليك مولاتي أنا

تيهان، لا يأويه بيت حامي

* * *

صلى عليك الله مولاتي أنا

التيهان والعمدي اسمي الظامي(1)

____________________

(1) ديوان « إلي الله » مخطوط.

٢٠٩

٢١٠

عش آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

تتميز مدينة قم المقدسة اليوم عن سائر المدن الإيرانية بأنها الحاضرة العلمية الكبرى للشيعة، وقد ازدهرت الحركة العلمية فيها بعد هجرة أكثر العلماء إليها من النجف الأشرف خلال الثلاثين عاما الماضية.

وعلى الرغم من أن لمدينة مشهد قدسية خاصة في نفوس الشيعة تتجاوز ما لمدينة قم من القداسة والمكانة لأنها تتضمن المرقد الشريف للإمام الثامن من أئمة أهل البيتعليهم‌السلام إلا أن الحركة العلمية في مدينة قم أكثر نشاطا وازدهارا. فإنها تضم عشرات الآلاف من طلاب العلوم الدينية في مختلف المراحل العلمية، ومن مختلف أنحاء العالم، كما استوطنها كثير من الإيرانيين وانتقلوا إليها من مدنهم وقراهم المختلفة.

ويعود تأسيس الحوزة العلمية إلى أكثر من سبعين عاما على يد المرحوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري المتوفى عام 1355 هـ، وكانت الحوزات العلمية آنذاك تتوزع بين طهران وأصفهان وشيراز

٢١١

ومشهد وبعض مدن المنطقة الجنوبية وبعض المدن الأخرى.

ومنذ تأسيس الحوزة في قم أخذت الحركة العلمية تضعف في غيرها حتى أصبحت هي الكبرى، واتجهت إليها الأنظار وصارت تالية للحوزة الأم النجف الأشرف.

أما اليوم فهي المهجر العلمي الكبير للدراسات الدينية العليا لمذهب أهل البيتعليهم‌السلام ولا سيما بعد أن انحسر أكثر العلماء عن النجف الأشرف واضطرتهم الظروف للرحيل عنها، وغادرها أكثرهم إلى قم.

ولكن تبقى للنجف الأشرف خصوصياتها وآثارها فهي الحوزة الأم حتى أن الكوفة الكبيرة أصبحت إحدى نواحيها، وأما قم فهي الكوفة الصغيرة.

وتعود شهرة النجف الأشرف العلمية إلى اليوم الذي استوطنها شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره)، وأسس فيها حوزته العلمية الكبرى فأصبحت منطلق الفكر الشيعي، ومركز المرجعية الشيعية عبر القرون، وقد تخرج منها مئات الآلاف من العلماء، وإلى يوم الناس هذا، فإن القائمين على الدروس العليا في حوزة قم إنما هم خريجو مدرسة النجف الأشرف، حتى أن مؤسس الحوزة في قم هو أحد خريجي مدينة النجف الأشرف.

ولو أن النجف الأشرف تعود إلى سالف عهدها لما بقي في قم

٢١٢

وغيرها من المدن الأخرى من أهل العلم وطلابه إلا القليل ممن يقعده العجز، أو ينقصه العزم، أو لا يجد في نفسه الطموح.

وكم سمعنا آهات الحسرة والاشتياق إلى النجف ومرابعها ممن قهرته الظروف وأرغمته على مغادرتها.

وحسبك أن في النجف باب مدينة العلم، ومنبع الفيض والعطاء، وإمام المتقين أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإن في جوار المرتضى معنى لا يحوم حوله البيان.

وأما اختصاص مدينة قم عما عداها من سائر المدن باحتضان العلم والعلماء فلعله يعود إلى خصوصية في أرض قم كما كشفت عنها الروايات الواردة عن أئمة أهل البيتعليهم‌السلام - كما سيأتي - إضافة إلى ما تتمتع به هذه المدينة المقدسة من الأصالة والعراقة في ولاء أهل البيتعليهم‌السلام ، فإنها كانت إحدى قلاع التشيع عبر القرون.

ويرجع الوجود الشيعي في هذه المدينة إلى الربع الأخير من القرن الهجري الأول يوم استوطنها الأشعريون فرارا من ظلم بني أمية في الكوفة ونواحيها.

جاء في دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: وقصة ذلك أنه بعد أن قتل الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق، محمد بن سائب الأشعري، وكان عميدا لقبيلة الأشاعرة، أخذت النكبات (تنزل) تترى على هذه القبيلة من قبل الحجاج وسائر عمال الدولة الأموية، فاعتزم رؤساؤها

٢١٣

ورجال الفكر فيها على ترك أرض العراق بأفراد قبيلتهم قاصدين ناحية أصفهان من إيران.

ولما كان من أكبر رؤساء هذه القبيلة الشقيقان عبد الله والأحوص ابنا سعد بن مالك الأشعري، وكانا في سجن الحجاج الذي أضطر إلى إطلاق سراحهما تحت ظروف سياسية قاهرة، ملزما إياهما البقاء في الكوفة.

ولما كان هذان الشقيقان يشعران بأن مصيرهما سيكون مصير بقية رجال الشيعة، فقد تركا الكوفة تحت جنح الظلام متنكرين، واتجها نحو أصفهان يرافقهما شطر كبير من رجال قبيلتهما الأشاعرة، ونزلوا على ضفاف نهر قم.

وفي اليوم الثاني من نزولهما هذه الأرض شاهد بعض رجال قبيلة الأشاعرة أن سكان هذه المنطقة الأصليين يدخلون مواشيهم في قلاع عالية الجدران ويغلقون عليها أبواب القلاع ومنافذها.

ولما سألوهم عن سبب ذلك أجابوهم خوفا من غزو عشائر الديلم التي تغزوهم كل سنة في مثل هذا الموسم فتنهب وتقتل، وقد وصلت هذه العشائر في غزوها الآن إلى بضعة فراسخ من هذه القرية.

وحينما سمع الأحوص ذلك نادى في رجال قبيلته برد غزو عشائر الديلم، وأن على رجال القبيلة الدفاع عن مواشيهم ونسائهم وأطفالهم الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ولا قلعة لهم يصونون بها

٢١٤

أعراضهم وأموالهم، وحينما اقتربت عشائر الديلم من الأحوص وقبيلته بادرها الأشعريون بهجوم عنيف قضى على تلك العشائر وردها على أعقابها بعد أن تركت عددا كبيرا من القتلى والجرحى، واستطاع الأحوص بذلك إنقاذ قبيلته ورد العادية عن المتحصنين في القلعة من السكان الأصليين.

أما عشائر الديلم فنكصوا على أعقابهم ولم يعودوا بعد ذلك إلى غزو هذه الناحية وقراها.

وقد اتصل رؤساء السكان الأصليين بكل من الشقيقين عبد الله والأحوص شاكرين لهما ولأفراد قبيلتهما صنيعهم، ومقدمين لهم الهدايا، وملتمسين منهم عدم النزوح عن هذه الأرض والاستيطان فيها كمزارعين مستغلين لها، مستفيدين من مراتعها، فتقبل الشقيقان هذا الاقتراح واستوطنت قبيلتهما هذه الناحية التي عرفت فيما بعد بقم.

وبمرور الزمان التحق بقية رجال قبيلة الأشاعرة بهؤلاء مهاجرين من العراق، ومستوطنين هذه الناحية.

وهكذا تم سكن قبيلة الأشاعرة ضفاف نهر قم، وأخذوا ينشرون فيها التشيع.

وقد تم ذلك كله خلال عشر سنوات بدأت سنة 73 هـ وانتهت سنة 83 هـ.

ثم تفرق بعض أفخاذ هذه القبيلة في المناطق المتاخمة لقم

٢١٥

ككاشان، وآوه، وساوه، والقرى الممتدة بين قم وأصفهان.

وقد دلت الروايات على أنه كان لطلحة بن الأحوص دور هام في تمصير مدينة قم بعد أن استوطنها رجال قبيلته، وإنه أول من شرع ببناء العمارة فيها بالآجر بعد الإسلام.

إن مدينة قم التي يعود الفضل لتأسيسها على شكل مدينة شيعية عامرة بمكان قصبة صغيرة لبني سعد الأشعري وخاصة لابن عبد الله بن سعد الأشعري ابن عم طلحة المذكور، الذي كان من أجلة فضلاء الشيعة في الكوفة ثم انتقل إليها مع أبيه.

إن هذه المدينة أخذت بعد سنة 83 هـ تتسع، وينتشر فيها العمران، وتشاد على أرضها المساجد، والمدارس الدينية، والمعاهد العلمية، وقبور الأولياء والملوك والعظماء والأمراء والعلماء، وأصبحت تدريجا من المدن الإسلامية الشيعية المقدسة، وخاصة بعد دفن فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام المعروفة (معصومة قم) فيها(1) .

وقد نص الحموي في معجمه على أن مدينة قم شيعية إمامية خالصة فقال... وكان متقدم هؤلاء الأخوة عبد الله بن سعد، وكان له ولد قد ربي بالكوفة فانتقل منها إلى قم، وكان إماميا فهو الذي نقل التشيع إلى أهلها فلا يوجد بها سني قط.

ثم نقل حكاية لطيفة تدل على صدق تشيع أهل هذه المدينة

____________________

(1) دائرة المعارف الإسلامية الشيعية ج 3 ص 230.

٢١٦

فراجع(1) .

النماذج الخيرة في العلم والعمل:

هذا، وقد نبغ من أحفاد الأحوص أفذاذ من الرجال حملوا العلم والمعرفة والأدب والتقوى والفضيلة، وكان لهم دور عظيم في حفظ التشيع ونشره والدفاع عنه، وكانت لهم صلاة وثيقة بأئمة أهل البيتعليهم‌السلام ولبعضهم منزلة خاصة عندهمعليهم‌السلام وقد حملوا كنوزا ثمينة من العلوم والمعارف أخذوها عن الأئمةعليهم‌السلام ، وسعوا في طلبها حتى أصبح لهم في قم شأنا عظيما، وقصدهم طلاب الحديث، وصنفوا الكتب الكثيرة وسارت بعلومهم الركبان، ولا يبعد أن يكونوا هم ونظائرهم المعنيين بما روي عن الأئمةعليهم‌السلام : لولا القميون لضاع الدين(2) .

وكان من أشهرهم:

عمران بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي وأخوه عيسى بن عبد الله، وهما من أجلاء أهل قم، ومن أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام وأحبائه، فقد كان يحبهما كثيرا، وكلما قدما المدينة سأل عنهما وعن حالهما وتفقدهما، وسأل عن حال أقربائهما(3) .

روى الكشي بسنده عن حماد الناب، قال: كنا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ونحن جماعة، إذ دخل عليه عمران بن عبد الله القمي، فسأله وبره

____________________

(1) معجم البلدان ج 4 ص 451.

(2) بحار الأنوار ج 60 ص 217.

(3) منتهى الآمال ج 2 ص 273.

٢١٧

وبشه، فلما أن قام قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : من هذا الذي بررت به هذا البر؟ فقال: من أهل البيت النجباء - يعني أهل قم - ما أرادهم جبار من الجبابرة إلا قصمه الله(1) .

وروى بسنده عن أبان بن عثمان، قال: دخل عمران بن عبد الله القمي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقربه أبو عبد الله، فقال له: كيف أنت؟

وكيف ولدك؟ وكيف أهلك؟ وكيف بنو عمك؟ وكيف أهل بيتك؟ ثم حدثه مليا، فلما خرج قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : من هذا؟ قال: هذا نجيب قوم النجباء، ما نصب لهم جبار إلا قصمه الله(2) .

وفي رواية أن الإمامعليه‌السلام دعا له وقال وهو قابض على يده: أسأل الله أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يظلك وعترتك يوم لا ظل إلا ظله(3) .

ولعمران ابن يسمى المرزبان من أصحاب الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام وروي عنه أنه قال: قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : أسألك عن أهم الأمور إلي أمن شيعتك أنا؟ فقال: نعم، قال: قلت: اسمي مكتوب عندك؟ قال: نعم(4) .

وروى الكشي بسنده عن أبي محمد أخي يونس بن يعقوب، قال:

كنت بالمدينة فاستقبلني جعفر بن محمدعليهما‌السلام في بعض أزقتها، قال:

قال: اذهب يا يونس فإن بالباب رجلا منا أهل البيت، قال: فجئت إلى

____________________

(1) رجال الكشي ج 2 ص 624.

(2) رجال الكشي ج 2 ص 624 - 625.

(3) رجال الكشي ج 2 ص 623 - 624.

(4) رجال الكشي ج 2 ص 794.

٢١٨

الباب فإذا عيسى بن عبد الله القمي جالس، قال: فقلت له: من أنت؟

فقال له: أنا رجل من أهل قم، قال: فلم يكن بأسرع من أن أقبل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، قال: فدخل على الحمار الدار، ثم التفت إلينا فقال: ادخلا، ثم قال: يا يونس بن يعقوب أحسبك أنكرت قولي لك إن عيسى بن عبد الله منا أهل البيت، قال: قلت: أي والله جعلت فداك، لأن عيسى بن عبد الله رجل من أهل قم، فقال: يا يونس، عيسى بن عبد الله هو منا حي وهو منا ميت(1) .

وروى أيضا بسنده عن يونس بن يعقوب، قال: دخل عيسى بن عبد الله القمي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فأوصاه بأشياء، ثم ودعه وخرج عنه، فقال لخادمه: ادعه، فانصرف إليه فأوصاه بأشياء، ثم ودعه وخرج عنه، فقال لخادمه: ادعه فانصرف إليه فأوصاه بأشياء، ثم قال له: يا عيسى بن عبد الله إن الله عز وجل يقول:( وَأْمُرْ‌ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ ) وإنك منا أهل البيت، فإذا كانت الشمس من ها هنا من العصر فصل ست ركعات، قال ثم ودعه، وقبل ما بين عيني عيسى فانصرف، قال يونس بن يعقوب: فما تركت الست ركعات منذ سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ذلك لعيسى بن عبد الله(2) .

ومنهم: زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي الذي كان جليلا عظيم الشأن والمنزلة، وقد أرجع الإمام الرضاعليه‌السلام بعض أصحابه

____________________

(1) رجال الكشي ج 2 ص 624.

(2) رجال الكشي ج 2 ص 625.

٢١٩

إليه لأخذ معالم الدين منه.

روى الكشي بسنده عن محمد بن حمزة بن اليسع عن زكريا بن آدم، قال: قلت للرضاعليه‌السلام : إني أريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء فيهم، فقال: لا تفعل، فإن أهل بيتك يدفع عنهم بك، كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن الكاظمعليه‌السلام (1) .

وروى بسنده عن علي بن المسيب، قال: قلت للرضاعليه‌السلام : شقتي بعيدة، ولست أصل إليك في كل وقت، فعمن آخذ معالم ديني؟ فقال:

من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا، قال علي بن المسيب: فلما انصرفت قدمت على زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليه(2) .

وروى الكشي بسنده عن زكريا بن آدم أنه قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام من أول الليل في حدثان موت أبي جرير، فسألني عنه وترحم عليه، ولم يزل يحدثني وأحدثه حتى طلع الفجر، فقام فصلى الفجر(3) .

وقال العلامة: وحج الرضاعليه‌السلام سنة من المدينة وكان زكريا بن آدم زميله إلى مكة(4) .

ولما توفي زكريا بن آدم بعث الإمامعليه‌السلام بكتاب ضمنه دعاءه له

____________________

(1) رجال الكشي ج 2 ص 857 - 858.

(2) رجال الكشي ج 2 ص 858.

(3) رجال الكشي ج 2 ص 873.

(4) الخلاصة (رجال العلامة) ص 75.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360