المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٤

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 142

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 142
المشاهدات: 37051
تحميل: 3898


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 142 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37051 / تحميل: 3898
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 4

مؤلف:
العربية

إلي , وإنْ لم تعفني خرجتُ كما كان يخرج رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , وكما كان يخرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) )). فقال المأمون : اخرج كما تُحب.

وأمر المأمون القوّاد والنّاس أنْ يُبكّروا إلى باب الرضا (عليه‌السلام ) , فعدّ النّاس لأبي الحسن الرضا (عليه‌السلام ) في الطّرقات والسّطوح من الرجال والنّساء والصّبيان , واجتمع القوّاد على باب الرضا (عليه‌السلام ) , فلمّا طلعت الشّمس قام الرضا (عليه‌السلام ) فاغتسل وتعمّم بعمامةٍ بيضاء من قطن , وألقى طرفاً منها على صدره وطرفاً بين كتفيه وتشمّر , ثمّ قال لجميع مواليه : (( افعلوا مثلما فعلت )). فأخذ بيده عكّازه وخرج ونحن بين يديه , وهو حافٍ قد شمّر سراويله إلى نصف السّاق وعليه ثياب مشمّرة , فلمّا قام ومشينا بين يديه , رفع رأسه إلى السّماء وكبّر أربع تكبيرات , فخُيّل إلينا أنّ الهواء والحيطان تجاوبه ، والقوّاد والنّاس على الباب وقد تزيّنوا ولبسوا السّلاح وتهيَّؤوا بأحسن هيئة , فلمّا طلعنا عليهم بهذه الصّورة حفاة قد تشمّرنا ، وطلع الرضا (عليه‌السلام ) وقف وقفة على الباب , وقال : (( الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر على ما رزَقَنا من بهيمة الأنعام , والحمد لله على ما أبلانا )). ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا , فتزعزعت مرو من البكاء والصّياح , فقالها ثلاث مرّات , فسقط القوّاد عن دوابّهم ورموا بخفافهم لـمّا نظروا إلى أبي الحسن (عليه‌السلام ) , وصارت مرو ضجّةً واحدةً ، ولم يتمالك النّاس من البكاء والضجّة.

وكان أبو الحسن (عليه‌السلام ) يمشي ويقف في كلّ عشر خطوات وقفه , فيكبّر الله أربع مرّات , فيُخيّل إلينا أنّ السّماء والأرض والحيطان تجاوبه , فبلغ المأمون ذلك , فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين : إنْ بلغ الرضا الـمُصلّى على هذا السّبيل افتتن به النّاس ، وخفنا كلُّنا على دمائنا , فالرأي أنْ تسأله أنْ يرجع. فبعث إليه المأمون : قد كلّفناك شططاً وأتعبناك فارجع , وليصلِّ بالنّاس مَن كان يُصلّي بهم. فدعا بخُفِّه فلبسه ورجع.

ودخل دعبل بن علي الخُزاعي على الرضا (عليه‌السلام ) بمرو , فقال له : يابن رسول الله , إنّي قد

١٠١

قلت فيك قصيدة , وآليت على نفسي أنْ لا أنشدها أحداً قبلك. فقال (عليه‌السلام ) : (( هاتها )). فأنشده :

مَدارِسُ آياتٍ خَلَت مِن تِلاوَةٍ

وَمَنزِلُ وَحيٍ مُقفِرُ العَرَصاتِ

فلمّا بلغ إلى قوله :

أَرى فَيئَهُم في غَيرِهِم مُتَقَسَّماً

وَأَيديهُمْ مِن فَيئِهِمْ صَفِراتِ

بكى أبو الحسن الرضا (عليه‌السلام ) , وقال له : (( صدقت يا خُزاعي )).

فلمّا بلغ إلى قوله :

إذا وُتروا مَدّوا إِلى واتِريهِمُ

أَكُفّاً عَنِ الأَوتارِ مُنقَبِضاتِ

جعل أبو الحسن (عليه‌السلام ) يقلب كفيه ويقول : (( أجل والله منقبضات )).

فلمّا بلغ إلى قوله :

لَقَد خِفتُ في الدُّنيا وَأَيّامِ سَعيِها

وَإِنّي لأَرجو الأَمنَ بَعدَ وَفاتي

قال الرضا (عليه‌السلام ) : (( آمنك الله يوم الفزع الأكبر )).

فلمّا انتهى إلى قوله :

وَقَبرٌ بِبَغدادٍ لِنَفسٍ زَكِيَّةٍ

تَضَمَّنَها الرَحمَنُ في الغُرُفاتِ

قال له الرضا (عليه‌السلام ) : (( أفلا اُلحقُ لك بهذا الموضوع بيتين بهما تمامُ قصيدتك ؟ )). فقال : بلى يابن رسول الله. فقال (عليه‌السلام ) :

وَقَبرٌ بِطوسٍ يا لَها مِن مُصيبَةٍ

تُوقَّدُ في الأحشاءِ بالحُرقاتِ

إلى الحشرِ حتّى يبعثَ اللهُ قائماً

يُفرّجُ عنّا الهمَّ والكُرباتِ

فقال دعبل : يابن رسول الله , هذا القبر الذي بطوس قبر مَن هو ؟ فقال الرضا (عليه‌السلام ) : (( قبري , ولا تنقضي الأيّام واللّيالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري. ألا فَمنْ زارني في غُربتي بطوس كان معي في درجتي يوم

١٠٢

القيامة مغفوراً له )). وفي هذه القصيدة يقول دعبلرحمه‌الله :

أَفاطِمُ لَو خِلتِ الحُسَينَ مَجَدَّلاً

وَقَد ماتَ عَطشاناً بِشَطِّ فُراتِ

إِذاً لَلَطَمتِ الخَدَّ فاطِمُ عِندَهُ

وَأَجرَيتِ دَمعَ العَينِ في الوَجَناتِ

أَفاطِمُ قومي ياِبنَةَ الخَيرِ وَاِندُبي

نُجومَ سَماَواتٍ بِأَرضِ فَلاةِ

قُبورٌ بِجَنبِ النَّهرِ مِن أَرضِ كَربَلا

مُعَرَّسُهُم فيها بِشَطِّ فُراتِ

تُوُفّوا عِطاشاً بِالفُراتِ فَلَيتَني

تُوفِّيتُ فيهِم قَبلَ حينِ وَفاتي

المجلس التاسع والأربعون بعد المئتين

روى الصّدوق في عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) : أنّ المأمون لـمّا جعل علي بن موسى الرضا (عليهما‌السلام ) ولي عهده , قصده الشّعراء ، ووصلهم بأموال جمّة حين مدحوا الرضا (عليه‌السلام ) وصوّبوا رأي المأمون فيه دون أبي نَوّاس ؛ فإنّه لم يقصده ولم يمدحه , فدخل أبو نَوّاس على المأمون , فقال له : يا أبا نَوّاس , قد علمت مكان علي بن موسى الرضا منّي وما أكرمته به , فلماذا أخّرت مدحه وأنت شاعر زمانك وقريع دهرك ؟! فأنشأ يقول :

قيلَ ليْ أنتَ أوحدُ النَّاسِ طُرَّاً

في فنونٍ من الكلامِ النَّبيهِ

لكَ من جوهرِ الكلامِ بديعٌ

يُثمرُ الدُّرُ في يدَي مُجتنيِهِ

فعلامَ تركتَ مدحَ ابنِ موسَى

والخصالَ الّتي تجمَّعنَ فيِهِ

قلتُ لا أهتدِي لمدحِ إمامٍ

كان جبريلُ خادماً لأبيهِ

فقال له المأمون : أحسنت. ووصله من المال بمثل ما وصل به كافّة

١٠٣

الشّعراء ، وفضلّه عليهم.

وفي عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) أيضاً ، قال : نظر أبو نَوّاس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه‌السلام ) ذات يوم , وقد خرج من عند المأمون على بغلة له , فدنا منه أبو نَوّاس فسلّم عليه, وقال : يابن رسول الله , قد قلتُ فيك أبياتاً فاُحبّ أنْ تسمعها منّي. قال : (( هات )). فأنشأ يقول :

مطهَّرونَ نَقِيَّاتٌ ثيابُهُمْ

تجري الصَّلاةُ عليهِمْ أَينما ذُكِروا

مَن لَم يَكُنْ علويّاً حينَ تَنسُبُهُ

فمالَهُ في قديمِ الدَّهرِ مُفتخَرُ

فاللهُ لمـّا بدا خلقاً فأتْقَنهُ

صفاكُمُ واصطفاكُمْ أيُّها البشرُ

فأنتُمُ الـمَلأُ الأعلى وعندَكُمُ

علمُ الكتابِ وما جاءتْ بهِ السُّوَرُ

فقال الرضا (عليه‌السلام ) : (( قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد )). ثم قال : (( يا غُلام , هل معك من نفقتنا شيء ؟ )). فقال : ثلاثمئة دينار. فقال : (( اعطه إيّاها )). ثمّ قال : (( لعله استقلّها يا غلام , سقْ إليه البغلة )).

وفي العيون أيضاً بسنده عن أبي العبّاس محمَّد بن يزيد المُبرّد , قال : خرج أبو نَوّاس ذات يوم من دار , فبصر براكب قد حاذاه , فسأل عنه ولم يرَ وجهه , فقيل : إنّه علي بن موسى الرضا (عليه‌السلام ) , فأنشأ يقول :

إذا أبصرتكَ العينُ منْ بعدِ غايةٍ

وعارضَ فيكَ الشَّكُ أثبتكَ القلبُ

ولو أنّ قوماً أمَّموكَ لقادَهُمْ

نسيمُكَ حتّى يستدلُّ بكَ الرَّكبُ

وقال الرضا (عليه‌السلام ) : (( إنّي مقتولٌ ومسمومٌ ومدفونٌ بأرض غُربة , أعلمُ ذلك بعهد عهده إليَّ أبي عن آبائه عن علي بن أبي طالب عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ). ألا فمَنْ زارني في غُربتي كنتُ وآبائي شفعاءَه يوم القيامة , ومَنْ كُنَّا شُفعاءَه نجا ولو كان عليه وزرُ الثَّقلين )).

ولله درّ القائل :

حُفَرٌ بطيْبَةَ والغريِّ وكرْبلا

وبطوسَ والزَّورَا وسامَراءِ

ما جئْتهُمْ في حاجةٍ إلّا انْقَضتْ

وَتبَدَّل الضَّرّاءُ بِالسَّرّاءِ

١٠٤

بأبي واُمّي تلك الحفر ومَن فيها ! لقد تركتهم الأعداءُ شتّى مصارعهم ، متفرقة قبورهم ، متباعدة ضرائحهم :

بعضٌ بطيْبَةَ مدفونٌ وبعضُهُمُ

بكربلاءَ وبعضٌ بالغريَّينِ

وأرضُ طوسٍ وسامَرا وقدْ ضَمِنتْ

بغدادُ بدْرَينِ حلاّ وسطَ قبرينِ

يا سادَتي ألِمَنْ أنعي أسىً ولـمَنْ

أبكي بجَفْنينِ من عَينَيْ قرِيحَينِ

أبكي على الحسنِ المسمُومِ مُضْطَهدَاً

أمْ للحُسينِ لُقىً بينَ الخمِيسينِ

أبكي عليهِ خضيبَ الشَّيبِ منْ دَمهِ

مُوزَّعَ الجسْمِ محزوزَ الورِيدَينِ

* * *

مصائبٌ شتَّتْ شملَ النَّبيِّ فَفِي

قلبِ الهُدى أسْهُمٌ ينطقنَ بالتَّلَفِ

المجلس الخمسون بعد المئتين

روى المفيدرحمه‌الله في الإرشاد بسنده : أنّه لـمّا أراد المأمون أنْ يُزوّج ابنته اُمّ الفضل أبا جعفر محمَّد بن علي الجواد (عليه‌السلام ) , بلغ ذلك العباسيّين فعظم عليهم ، وخافوا أنْ ينتهي الأمر إلى ما انتهى إليه مع أبيه الرضا (عليه‌السلام ) , فاجتمع أهل بيته الأدنون وناشدوه الله أنْ يصرف نفسه عن تزويج ابن الرضا , وقالوا : نخاف أنْ تُخرج به عنّا أمراً قد ملّكنا الله إيّاه ؛ فقد عرفت ما كان بيننا وبين هؤلاء القوم قديماً وحديثاً , وما كان عليه الخلفاء قبلك من تبعيدهم , وقد كنّا في خوف من عملك مع الرضا حتّى كفانا الله المهم من ذلك , فاصرف رأيك عن ابن الرضا , وأعدل إلى مَن تراه من أهل بيتك يصلح لذلك.

فقال : أمّا ما بينكم وبين آل أبي طالب ، فأنتم السّبب

١٠٥

فيه ؛ وأمّا ما كان يفعله مَن كان قبلي بهم , فقد كان به قاطعاً للرحم , وأعوذ بالله من ذلك ؛ وأمّا أبو جعفر محمَّد بن علي فقد اخترتُه لتقدّمه على كافّة أهل العلم مع صُغر سنّه , والاُعجوبة فيه بذلك. فقالوا : إنّه وإنْ راقك منه هديه ، فإنّه صبيٌّ لا معرفة له ولا فقه , فأمهله ليتأدَّب ويتفقّه. فقال : إنّي أعرف به منكم , وإنّ هذا من أهل بيت علْمُهم من الله , فإنْ شئتم فامتحنوه.

فأجمع رأيهم أنْ يطلبوا من يحيى بن أكثم - وهو يومئذٍ قاضي القُضاة - أنْ يسأله مسألةً لا يعرف الجواب فيها , ووعدوه بأموال نفيسة. فحضر يحيى بن أكثم , وأمر المأمون أنْ يُفرش لأبي جعفر دست ويُجعل له فيه مسوّرتان ( أي : وسادتان ) , ففُعل ذلك , وخرج أبو جعفر - وهو يومئذ ابن سبع سنين وأشهر - فجلس بين المسوّرتين وجلس يحيى بن أكثم بين يديه , وقام النّاس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متّصل بدست أبي جعفر , فقال يحيى للمأمون : أتأذن لي أنْ أسال أبا جعفر ؟ قال : استأذنه في ذلك. فقال : أتأذن لي - جُعلت فداك - في مسألة ؟ قال (عليه‌السلام ) : (( سلْ إنْ شئت )). قال : ما تقول - جعلني الله فداك - في مُحرِمٍ قتلَ صيداً ؟

فقال أبو جعفر (عليه‌السلام ) : (( قتله في حلٍّ أمْ حَرَمْ ؟ عالماً أمْ جاهلاً ؟ عمداً أم خطأً ؟ حُرَّاً كان أمْ عبداً ؟ صغيراً أمْ كبيراً ؟ مُبتدِئاً بالقتل أمْ مُعيداً ؟ منْ ذواتِ الطّير كان الصّيدُ أمْ منْ غيرها؟ من صغار الصّيد أمْ من كباره ؟ مُصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟ مُحرماً بالعُمرة أمْ الحجِّ ؟ )). فتحيّر يحيى وبان في وجهه العجز.

فقال المأمون : الحمد لله على هذه النّعمة والتوفيق لي في الرأي. ثمّ قال لهم : أعرفتم الآن ما كنتم تُنكرونه ؟! ثمّ قال لأبي جعفر (عليه‌السلام ) : إنْ رأيت - جُعلت فداك - أنْ تذكر الفقه فيما فصّلته ؟ فقال (عليه‌السلام ) : إنّ الـمُحرِمَ إذا قتل صيداً في الحلِّ , وكان الصّيدُ من ذوات الطّير من كبارها , فعليه شاة , فإنْ أصابه في الحَرَمِ فعليه الجزاء مضاعفاً , فإذا قتل فرخاً في الحلِّ فعليه حملٌ قد فُطم من اللّبن , وإذا قتله في الحَرم فعليه الحملُ وقيمةُ الفرخ , وإنْ كان من الوحش

١٠٦

وكان حمار وحشٍ , فعليه بقرة , وإنْ كان نعامة فعليه بُدنة ( أي : بعير أو ناقة ) , وإنْ كان ظبياً فعليه شاة , فإنْ قتل شيئاً من ذلك في الحَرَم , فعليه الجزاء مُضاعفاً هدياً بالغ الكعبة. وإذا أصاب الـمُحرِم ما يجب عليه الهديُ فيه , وكان إحرامه بالحجِّ ، نحرَه بمنى , وإنْ كان إحرامُه بالعمرة نحره بمكّة. وجزاءُ الصّيد على العالم والجاهل سواء , وفي العمد عليه الإثم ، ولا إثم في الخطأ ، والكفّارة على الحُرِّ في نفسه , وعلى السيّد في عبده , والصّغير لا كفارة عليه , والنّادم يسقط عنه عقاب الآخرة , والـمُصرُّ عليه العقاب في الآخرة )). قال المأمون : أحسنت يا أبا جعفر , أحسن الله إليك بما رأى.

[ ثُمّ ] قال المأمون : إنّ أهل هذا البيت خُصّوا بما ترَون من الفضل , ولا يمنعهم صغر السّن من الكمال ؛ أما علمتم أنّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) افتتح دعوته بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو ابن عشر سنين , وقَبِل منه الإسلام وحكم له به , ولم يدعُ أحداً في سنِّه غيره ؟ وبايع الحسنَين وهما ابنا دون ستِّ سنين ولم يُبايع صبياً غيرهما ؟( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ) (١) . يجري لآخرهم ما يجري لأوّلهم. قالوا : صدقت يا أمير المؤمنين.

ألا قاتل الله مَنْ لم يعرف فضل أهل البيت (عليهم‌السلام ) , فدفعهم عن مقامهم وأزالهم عن مراتبهم التي رتَّبهم الله فيها , وظلمهم وقتلهم ونازعهم حقَّهم , كما فعل بنو اُميّة بالحسَنين (عليهما‌السلام ) ريحانتَي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , وولديه اللذين بايعهما وهما صغيران ، كما قاله المأمون.

قد دسوا السّمَّ إلى الحسن (عليه‌السلام ) حتّى أخرج كبده قطعة قطعة , وقتلوا الحسين (عليه‌السلام ) وسبعة عشر رجلاً من أهل بيته بكربلاء عطشان ظامياً ، غريباً وحيداً , لا ناصر له ولا معين :

يابنَ الذينَ توارَثُوا الْـ

ـعُليَا قبيلاً عنْ قَبيلِ

والسَّابقينَ بفضْلِهمْ

في كلِّ جيلٍ كلَّ جيلِ

إنْ تُمسِ مُنْكسرَ اللّوا

مُلقىً على وجهِ الرَّمولِ

فلقدْ قُتلتَ مُهذَّباً

منْ كُلِّ عيبٍ في القتيلِ

يُهدَى لكَ الذِّكرُ الجَميْـ

ـلُ على الزَّمانِ الـمُستَطيلِ

____________________

(١) سورة آل عمران / ٣٤.

١٠٧

المجلس الواحد والخمسون بعد المئتين

في مروج الذهب للمسعودي , قال : سُعي إلى المتوكّل بعليِّ بن محمَّد الجواد (عليهما‌السلام ) : إنّ في منزله كُتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم , وأنّه عازم على الوثوب بالدولة.

فبعث إليه جماعة من الأتراك , فهجموا على داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً , ووجدوه في بيت مُغلق عليه وعليه مدرعة من صوف , وهو جالس على الرَّمل والحصى , وهو متوجهٌ إلى الله يترنّم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد. فحُمل على حاله تلك إلى المتوكّل , وقالوا للمتوكّل : لم نجد في بيته شيئاً , ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة. وكان المتوكّل جالساً في مجلس الشّراب , فاُدخل عليه والكأس في يد المتوكّل ، فلمّا رآه هابه وأعظمه ، وأجلسه إلى جانبه , وقال له : أنشدني شعراً. فقال (عليه‌السلام ) : (( إنّي قليلُ الرّواية للشعر )). فقال : لا بُدَّ من ذلك. فأنشده (عليه‌السلام ) يقول :

باتُوا على قُلَلِ الأجبالِ تحرسُهُمْ

غُلبُ الرِّجالِ فما أغنتهُمُ القُلَلُ

واستَنْزَلوا بعد عزٍّ منْ معاقلِهمْ

واُسكنوا حُفراً يا بئسَ ما نَزلوا

ناداهُمُ صارخٌ منْ بعدِ دَفنِهمُ

أينَ الأسرَّةُ والتِّيجانُ والحُلَلُ

أينَ الوجوهُ الّتي كانتْ مُنعَّمةً

منْ دونِها تُضرب الأستارُ والكلَلُ

فأفصحَ القبرُ عنهُمْ حينَ ساءَلهُمْ

تلكَ الوجوهُ عليها الدُّودُ يقتتلُ

قدْ طالَما أكلُوا دهراً وما شَربوا

فأصبحوا بعدَ طُولِ الأكلِ قدْ اُكلُوا

قال : فبكى المتوكّل حتّى بلّت دموعه لحيته , وبكى الحاضرون , وأمر

١٠٨

برفع الشّراب ثمّ ردّه إلى منزله مُكرَّماً.

هذا إمام قد اُدخل إلى مجلس الشّراب ، وهو علي الهادي (عليه‌السلام ) , واُدخل إمام آخر إلى مجلس الشّراب ، وهو جدُّه علي بن الحسين زين العابدين (عليه‌السلام ) , ولكن شتّان ما بين الدّخولين؛ أمّا علي الهادي (عليه‌السلام ) فاُدخل على المتوكّل وحده ولم يكن معه نساء ولا أطفال , ولـمّا دخل على المتوكّل أعظمه وحيّاه ، وردّه إلى منزله مُكرَّماً ؛ وأمّا جدّه زين العابدين (عليه‌السلام ) فاُدخل على يزيد هو ونساؤه ومَن تخلّف من أهل بيته , وهم مُقرَّنون في الحبال ، وزين العابدين (عليه‌السلام ) مغلول بغلّ إلى عُنقه ، فلمّا وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال ، قال له علي بن الحسين (عليه‌السلام ) : (( أنشدك الله يا يزيد ، ما ظنّك برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، لو رآنا على هذه الصّفة؟! )). فلمْ يبقَ في القوم أحد إلّا وبكى ، فأمر يزيد بالحبال فقُطعت ، وأمر بفكّ الغُلّ عن زين العابدين (عليه‌السلام ).

ثمّ وضع رأس الحسين (عليه‌السلام ) بين يديه ، وأجلس النّساء خلفه لئلاّ ينظرنَ إليه , فجعلت فاطمة وسكينة يتطاولان لينظرا إلى الرأس , فلمّا رأين الرأس صحن ، فصاحت نساء يزيد وولولت بنات معاوية , فقالت فاطمة بنت الحسين على أبيها وعليها‌السلام : أبنات رسول الله سبايا يا يزيد ؟! فبكى النّاس وبكى أهل داره حتّى علت الأصوات , ورآه علي بن الحسين (عليه‌السلام ) فلم يأكل الرؤوس بعد ذلك أبداً.

يا رأسَ مُفترسِ الضَّياغمِ في الوغَى

كيفَ اغتَديتَ فريسةَ الأوغادِ

يا مُخمداً لَهبَ العِدى كيفَ انتحتْ

نُوبُ الخطوبِ إليكَ بالإخمادِ

المجلس الثاني والخمسون بعد المئتين

روى الشّيخ المفيد عليه الرحمة في الإرشاد بسنده : أنّه سعى رجل

١٠٩

بأبي الحسن (عليه‌السلام ) إلى المتوكّل , وقال : عنده أموال وسلاح. فتقدم المتوكّل إلى سعيد الحاجب أنْ يهجم عليه ليلاً , ويأخذ ما يجده عنده من الأموال والسّلاح ويحمله إليه.

قال سعيد الحاجب : صرت إلى دار أبي الحسن (عليه‌السلام ) بالليل ومعي سُلّم ، فصعدت منه إلى السّطح ونزلت من الدرجة في الظّلمة , فلم أدرِ كيف أصل إلى الدار , فناداني أبو الحسن (عليه‌السلام ) من الدار : (( يا سعيد , مكانك حتّى يأتوك بشمعة )). فلم ألبث أنْ أتوني بشمعة , فنزلت فوجدت عليه جُبّة صوف وقلنسوة منها , وسجادة على حصير بين يديه , وهو مقبلٌ على القبلة, فقال لي : (( دونك البيوت )). فدخلتها وفتّشتها فلم أجد فيها شيئاً , ووجدت بدرة من المال مختومة بخاتم اُمّ المتوكّل وكيساً مختوماً معها , فقال لي أبو الحسن : (( دونك الـمُصلّى )). فرفعته فوجدت سيفاً في جفن , فأخذت ذلك وصرت إليه.

فلمّا نظر إلى خاتم اُمّه على البدرة بعث إليها ، فخرجت إليه , فسألها عن البدرة , فقالت : كنتُ نذرت في علّتك إنْ عوفيت أنْ أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار , فحملتُها إليه , وهذا خاتمي على الكيس ما حرَّكه. وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمئة دينار , فأمر أنْ يضمَّ إلى البدرة بدرة اُخرى , وقال لي : احمل ذلك إلى أبي الحسن , وأردُد عليه السّيف والكيس بما فيه. فحملتُ ذلك إليه واستحييت منه , فقلت له : يا سيّدي ، عزّ عليّ دخولي دارك بغير إذنك , ولكنّي مأمور. فقال لي :( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (١) .

هذا فعل المتوكّل مع علي الهادي (عليه‌السلام ) , فإنّه لـمّا علم براءة ساحته ممّا نُسب إليه , أمر ببدرة فحُملت إليه , وردّ عليه السّيف والمال ؛ أمّا فعل يزيد مع جدّه علي بن الحسين (عليه‌السلام ) , فإنّه أمر بإدخاله عليه هو وثقل الحسين (عليه‌السلام ) ونساؤه ومَن تخلف من أهله , فاُدخلوا عليه وهم مُقرَّنون في الحبال ، وزين العابدين (عليه‌السلام ) مغلول ، فلمّا وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال ، قال له علي بن الحسين (عليه‌السلام ) : (( أنشدك

____________________

(١) سورة الشّعراء / ٢٢٧.

١١٠

الله يا يزيد ، ما ظنّك برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، لو رآنا على هذه الصّفة ؟! )). فلمْ يبقَ في القوم أحد إلّا وبكى ، فأمر يزيد بالحبال فقُطعت ، وأمر بفكّ الغُلّ عن زين العابدين (عليه‌السلام ).

ثمّ وضع رأس الحسين (عليه‌السلام ) بين يديه ، وأجلس النّساء خلفه لئلاّ ينظرنَ إليه , فجعلت فاطمة وسكينة يتطاولان لينظرا إلى الرأس , وجعل يزيد يتطاول ليستر عنهما الرأس ، فلمّا رأين الرأس صحن ، فصاحت نساء يزيد وولولت بنات معاوية , فقالت فاطمة بنت الحسين (عليهما‌السلام ): أبنات رسول الله سبايا يا يزيد ؟! فبكى النّاس وبكى أهل داره حتّى علت الأصوات , ورآه علي بن الحسين (عليه‌السلام ) فلم يأكل الرؤوس بعد ذلك أبداً.

يا رأسَ مُفترسِ الضَّياغمِ في الوغَى

كيفَ اغتَديتَ فريسةَ الأوغادِ

يا مُخمداً لَهبَ العِدى كيفَ انتحتْ

نُوبُ الخطوبِ إليكَ بالإخمادِ

المجلس الثّالث والخمسون بعد المئتين

قال ابن الأثير : كان المتوكّل شديد البغض لعلي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) ولأهل بيته , وكان يقصد مَن كان يبلغه عنه أنّه يتولّى عليّاً وأهله (عليهم‌السلام ) بأخذ المال والدّم , وكان يُبغض مَن تقدَّمه من الخلفاء - المأمون والمعتصم والواثق - في محبتهم لعلي وأهل بيته (عليهم‌السلام ) , وإنّما كان ينادمه ويجالسه جماعةٌ قد اشتهروا بالنّصب والبغض لعليٍّ (عليه‌السلام ).

وكان من جماعة ندمائه عبادة المخنّث , وكان يشدُّ على بطنه تحت ثيابه مخدّة ، ويكشف رأسه - وهو أصلع - ويرقص بين يدي المتوكّل ، والـمُغنُّون يُغنّون :

١١١

قد أقبلَ الأصلعُ البطينْ

خليفةُ الـمُسلمينْ !

يحكي بذلك عليّاً (عليه‌السلام ) والمتوكّل يشرب ويضحك , ففعل ذلك يوماً والـمُنتصر ولده حاضر, فأومأ إلى عبادة يتهدده ، فسكت خوفاً منه , فقال المتوكّل : ما حالك ؟ فقام وأخبره , فقال الـمُنتصر : يا أمير المؤمنين ، إنّ الذي يحكيه هذا الكلب ويضحك منه النّاس , هو ابن عمِّك وشيخُ أهل بيتك وبه فخرك , فكُلْ أنت لحمَه إذا شئت ، ولا تُطعم هذا الكلبَ وأمثاله منه.

فقال المتوكّل للمغنِّين : غنّوا جميعاً : غارَ الفتَى لابنِ عمّه. في كلام آخر قبيح.

فكان هذا من جملة الأسباب التي استحلّ بها المنتصر قتلَ المتوكّل.

من شدّة بغض المتوكّل لعلي وأهل بيته (عليهم‌السلام ) ؛ أنْ أمر بهدم قبر الحسين (عليه‌السلام ) وهدم ما حوله من المنازل والدور , وأنْ يُبذر ويُسقى موضع قبره ، وأنْ يمنع النّاس من إتيانه , فنادى بالنّاس في تلك النّاحية : مَن وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق. فهرب النّاس وتركوا زيارته , وحُرث وزُرع.

وفي كتاب جواهر المطالب لأبي البركات شمس الدِّين محمَّد الباغندي , قال : ذكر ابن الكلبي إنّ الماء اُجري على قبر الحسين (عليه‌السلام ) ليعفى قبرُه وأثره ، فنضب الماء أربعين يوماً , فجاء أعرابيٌّ من بني أسد فجعل يأخذ من التُّراب قبضةً قبضة ويشمُّها حتّى وقع على قبر الحسين (عليه‌السلام ) , فشمَّ رائحةً أزكى من المسك فبكي ، وقال : بأبي أنت واُمّي ! ما أطيبك وأطيب تربتك وما حوت ! ثمّ أنشد :

أرادوا ليُخفُوا قبرَهُ عنْ وليِّهِ

وطيبُ تُرابِ القبرِ دلَّ على القبرِ

ولم يكفِ ما جرى على الحسين (عليه‌السلام ) من طُغاة بني اُميّة حتّى جاء

١١٢

فراعنة بني العبّاس ، وقفوا على أعمال بني اُميّة , واقتدوا بهم في قبائح أفعالهم من أهل البيت (عليهم‌السلام ) , كما قال الشّريف الرضي :

أَلا لَيسَ فِعلُ الأَوَّلينَ وَإِن عَلا

عَلى قُبحِ فِعلِ الأَخَرينَ بِزائِدِ

ولله درّ القائل :

تاللَهِ إِنْ كانَتْ أُمَيَّةُ قَد أَتَتْ

قَتلَ اِبنِ بِنتِ نَبِيِّها مَظلوما

فَلَقَد أَتاهُ بَنو أَبيهِ بِمِثلِهِ

هذا لَعَمرُكَ قَبرُهُ مَهدوما

أَسِفوا عَلى أَن لا يَكونوا شارَكوا

في قَتلِهِ فَتَتَبَعوهُ رَميما

المجلس الرّابع والخمسون بعد المئتين

كان بنو حمدان من الشّيعة , وكانوا كما قال في ( يتيمة الدّهر ) : ملوكاً واُمراء ، وجوههم للصباحة وألسّنتهم للفصاحة ، وأيديهم للسماحة وعقولهم للرجاحة , منهم سيف الدولة ، ومنهم أبو فراس الذي قال في حقّه الصّاحب بن عباد : بدأ الشّعر بملك وخُتم بملك ( يعني : امرأ القيس وأبا فراس ).

وكان في عصره رجل شاعر من بني العبّاس يُقال له محمَّد بن سكرة الهاشمي , فقال قصيدة يفتخر بها على الطالبيّين , فلمّا وقف عليها أبو فراس , قال يردّ عليه ويذكر مناقب الطالبيّين ومثالب العباسيّين بهذه القصيدة :

الدِّينُ مُختَرَمٌ وَالحَقُّ مُهتَضَمُ

وَفَيءُ آلِ رَسولِ اللَهِ مُقتَسَمُ

يا لِلرِجالِ أَما لِلَّهِ مُنتَصِرٌ

مِنَ الطُّغاةِ أَما لِلدِّينِ مُنتَقِمُ

بَنو عَلِيٍّ رَعايا في دِيارِهِمُ

وَالأَمرُ تَملِكُهُ النِّسوانُ وَالخَدَمُ

١١٣

مُحلَّؤونَ فَأَصفى شُربِهِم وَشَلٌ

عِندَ الوُرودِ وَأَوفى وُردَهِم لَمَمُ

فَالأَرضُ إِلّا عَلى مُلاّكِها سَعَةٌ

وَالمالُ إِلّا عَلى أَربابِهِ دِيَمُ

لِلمُتَّقينَ مِنَ الدُّنيا عَواقِبِها

وَإِن تَعَجَّلَ فيها الظالِمُ الأَثِمُ

لايُطغِيَنَّ بَني العَبّاسِ مُلكُهُمُ

بَنو عَلِيٍّ مَواليهِم وَإِن زَعَموا

أَتَفخَرونَ عَلَيهِم لا أَباً لَكُمُ

حَتّى كَأَنَّ رَسولَ اللَهِ جَدُّكُمُ

وَما تَوازَنَ يَوماً بَينَكُم شَرَفٌ

وَلا تَساوَتْ بِكُمْ في مَوطِنٍ قَدَمُ

لَيسَ الرَشيدُ كَموسى في القِياسِ وَلا

مَأمونَكُم كَالرِّضا إِنْ أَنصَفَ الحَكمُ

قامَ النَّبِيُّ بِها يَومَ الغَديرِ لَهُمْ

وَاللَهُ يَشهَدُ وَالأَملاكُ وَالأُمَمُ

حَتّى إِذا أَصبَحَت في غَيرِ صاحِبِها

باتَت تَنازَعُها الذُؤبانُ وَالرَّخَمُ

وَصُيِّرَت بَينَهُم شورى كَأَنَّهُمُ

لا يَعلمونَ وُلاةُ الأمرِ أَينهُمُ

تَاللَهِ ما جَهِلَ الأَقوامُ مَوضِعَها

لَكِنَّهُم سَتَروا وَجهَ الَّذي عَلِموا

ثُمَّ ادَّعاها بَنو العَبّاسِ ملكَهُمُ

وَما لَهُمْ قَدَمٌ فيها وَلا قِدَمُ

أَمّا عَلَيٌّ فَقَد أَدنى قَرابَتَكُمْ

عِندَ الوِلايَةِ إِنْ لَم تُكفَرِ النِّعَمُ

هل يُنكرُ الحَبرُ عبدُ الله نِعمَتَهُ

أَبوكُمُ أَمْ عُبَيدُ اللَهِ أَمْ قثَمُ

بِئسَ الجَزاءَ جَزَيتُم في بَني حَسَنٍ

أَبوهُمُ العَلَمُ الهادي وَأُمُّهُمُ

لا بَيعَةٌ رَدَعَتكُمْ عَن دِمائِهِمُ

وَلا يَمينٌ وَلا قُربى وَلا ذِمَمُ

هَلاّ صَفَحتُمْ عَنِ الأَسرى بِلا سَبَبٍ

لِلصافِحينَ بِبَدرٍ عَن أَسيرِكُمُ

هَلاّ كَفَفتُمْ عَنِ الدِّيباجِ أَلسُنَكُمْ

وَعَن بَناتِ رَسولِ اللَهِ شَتمَكُمُ

ما نُزِّهَت لِرَسولِ اللَهِ مُهجَتُهُ

عَنِ السِّياطِ فَهَلاّ نُزِّهَ الحَرَمُ

ما نالَ مِنهُمْ بَنو حَربٍ وَإِنْ عَظُمَتْ

تِلكَ الجَرائِمُ إِلّا دونَ نَيلُكُمُ

يقول : جرائم بني اُميّة إلى آل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وإنْ كانت عظيمة ؛ كقتلهم حمزة يوم اُحد , ودسِّهم السّمَّ إلى الحسن بن علي (عليه‌السلام ) حتّى تقيّأ كبده قطعة قطعة , ومنعهم من دفنه عند جدِّه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , وقتلهم الحسين (عليه‌السلام ) بتلك الحالة

١١٤

الفظيعة , وسبيهم نساءه وأولاده , وقتلهم زيد بن علي (رضي‌الله‌عنه ) وصلبه عارياً ثلاث سنوات حتّى عششت الفاختة في جوفه , وقتلهم يحيى بن زيد , إلى غير ذلك من فظائعهم , إلّا أنّكم يا بني العبّاس قد اقتفيتم في ذلك آثار بني اُميّة وزدتم عليهم.

كَمْ غَدرَةٍ لَكُمُ في الدِّينِ واضِحَةٍ

وَكَمْ دَمٍ لِرَسولِ اللَهِ عِندَكُمُ

أَأَنتُمُ آلُهُ فيما تَرَونَ وَفي

أَظفارِكُمْ مِن بَنيهِ الطَّاهِرينَ دَمُ

فمن الدِّماء التي لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عند بني العبّاس ؛ دماء أولاد الحسن السّبط (عليه‌السلام ) الذي قتلهم المنصور , بعضهم بالسّيف كمحمَّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن المثنى , وبعضهم هدم عليهم الحبس كعبد الله بن الحسن وباقي أولاده , وكانوا ثلاثة عشر رجلاً.

ومن الدِّماء التي لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عند بني العبّاس ؛ دم موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) الذي سمّه الرشيد بعد ما حبسه سبع سنين , ودم ولده علي بن موسى الرضا (عليه‌السلام ) الذي سمّه المأمون , ودم الحسين صاحب فخ , وغيرهم ممّن قتلوه بالسّيف أو السّمِّ , أو بنوا عليهم الحيطان وهم أحياء.

هَيهاتَ لا قَرَّبَت قُربى وَلا رَحِمٌ

يَوماً إِذا أَقصَتِ الأَخلاقُ وَالشِيَمُ

كانَت مَوَدَّةُ سَلمانٍ لَهُ رَحِما

وَلَم يَكُن بَينَ نوحٍ وَاِبنِهِ رَحِمُ

باؤوا بِقَتلِ الرِّضا مِن بَعدِ بَيعَتِهِ

وَأَبصَروا بَعضَ يَومٍ رُشدَهُم فَعَموا

لَبِئسَ ما لَقِيَت مِنهُم وَإِنْ بَلِيَتْ

بِجانِبِ الطَّفِّ تِلكَ الأَعظُمُ الرِمَم

ما كفى ما فعله بنو اُميّة من قتل الحسين (عليه‌السلام ) وأهل بيته وأنصاره ، ورضِّ جسده الشّريف , وسبي نسائه وذراريه من بلد إلى بلد , وحمل رأسه ورؤوس أصحابه فوق الرّماح حتّى جاءت بنو العبّاس فبنت على ما أسّسته بنو اُميّة وزادت عليه , ورامت أنْ تدرس قبر الحسين (عليه‌السلام ) وتعفي

١١٥

أثره , فأدار المتوكّل الماء على القبر الشّريف , وأمر بحرثه وإعفاء أثره ، ومنع النّاس من زيارته :( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) (١) .

بَنى لَهُمُ الماضونَ آساسَ هَذِهِ

فَعَلّوا عَلى آساسِ تِلكَ القَواعِدِ

أَلا لَيسَ فِعلُ الأَوَّلينَ وَإِنْ عَلا

عَلى قُبحِ فِعلِ الأَخَرينَ بِزائِدِ

إلى أن يقول أبو فراسرحمه‌الله , مخاطباً لبني العبّاس :

خَلّوا الفَخارَ لِعَلاّمينَ إِنْ سُئِلوا

يَومَ السُؤالِ وَعَمّالينَ إِنْ عَلِموا

لا يَغضَبونَ لِغَيرِ اللَهِ إِنْ غَضِبوا

وَلا يُضيعونَ حُكمَ اللَهِ إِنْ حَكَموا

تَبدو التِّلاوَةُ مِن أَبياتِهِم أَبَداً

وَفي بُيوتِكُمُ الأَوتارُ وَالنَّغَمُ

مِنكُم عُلَيَّةُ أَمْ مِنهُم وَكانَ لَهُم

شَيخُ ال ـ مُغَنّينَ إِبراهيمُ أَمْ لَكُمُ

إذا تلَوا سورةً غنّى خطيبُكُم

قفْ بالدِّيارِ الّتي لمْ يعفِها القِدَمُ

ما في دِيارِهِمُ لِلخَمرِ مُعتَصَرٌ

وَلا بُيوتُهُمُ لِلسّوءِ مُعتَصَمُ

البيتُ والرُّكنُ وَالأَستارُ مَنزِلُهُم

وَزَمزَمٌ وَالصَّفا وَالخيفُ وَالحَرَمُ

وليس منْ قَسمٍ في الذِّكرِ نعرفُهُ

إلّا وهُمْ غيرُ شكٍّ ذلكَ القَسمُ

صَلّى الإِلَهُ عَلَيهِم أَينَما ذُكِروا

لأنَّهُمُ لِلوَرى كَهفٌ وَمُعتَصَم

يقول أبو فراسرحمه‌الله :

البيتُ والرُّكنُ وَالأَستارُ مَنزِلُهُم

وَزَمزَمٌ وَالصَّفا وَالخيفُ وَالحَرَمُ

ألا لعن الله مَن أزعجهم عن منازلهم وطردهم منها , وأخاف أبا عبد الله الحسين (عليه‌السلام ) حتّى أخرجه عن مدينة جدِّه وهو يتلو :( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) (٢) . ولم يكتفِ بذلك حتّى أخافه وأخرجه عن البيت والركن ، وزمزم والصّفا ، والخيف والحرم ، ومنعه من إكمال الحجِّ وكان قد أحرم بالحجِّ

____________________

(١) سورة الصّف / ٨.

(٢) سورة القصص / ٢١.

١١٦

فتحلّل بعمرة مفردة , وخرج من مكّة إلى العراق يوم التروية لـمّا علم أنّ يزيد دسَّ مع الحاجّ ثلاثين رجلاً من شياطين بني اُميّة , وأمرهم بقتل الحسين (عليه‌السلام ) على أي حال اتّفق , وأنفذ عمرو بن سعيد بن العاص إلى مكّة في عسكر عظيم , وأمره بقبض الحسين (عليه‌السلام ) سرّاً , وإنْ لم يتمكن يقتله غيلة.

وقدْ انجلَى عنْ مكَّةٍ وهو ابنُها

وبهِ تشرَّفتِ الحطيمُ وزَمْزمُ

لمْ يدرِ أينَ يُريحُ بُدنَ ركابهِ

فكأنَّما المأوَى عليهِ مُحرَّمُ

* * *

ولـمّا رأوا بعضَ الحياةِ مَذلَّة

عليهمْ وعزَّ الموتِ غيرَ مُحرَّمِ

أبَوا أنْ يذوقوا العيشَ والذّلُّ واقع

عليه وماتُوا ميتةً لمْ تُذمَمِ

المجلس الخامس والخمسون بعد المئتين

في كتاب عمدة الطّالب ، وكتاب الفرج بعد الشّدة للقاضي التّنوخي : حدثنا أبو الفرج علي المعروف بالأصبهاني , إملاء من حفظه ، قال : كان محمَّد بن زيد العلوي الحسيني الدّاعي بطبرستان ، الذي ملك بلاد طبرستان بعد أخيه الحسن بن زيد الـمُلقّب بالدَّاعي إلى الحقِّ والدّاعي الكبير , ويُلقّب هو بالدّاعي الصّغير ، إذا افتتح الخراج نظر إلى ما في بيت المال من خراج السّنة الماضية , ففرّقه في قبائل قريش ثمّ في الأنصار ، والفقهاء وأهل القرآن ، وسائر طبقات النّاس حتّى لا يبقى معه درهم.

فجلس في بعض السّنين يفرّق فبدأ ببني هاشم ، فلمّا فرغ منهم , دعا سائر بني عبد مناف , فقام إليه رجل فقال له الدّاعي : من أي بني عبد مناف أنت ؟ قال : من بني اُميّة. قال : من أيِّهم ؟ فسكت , قال : لعلّك من ولد معاوية ؟ قال : نعم. قال : من أيِّ

١١٧

ولده ؟ فسكت , قال : لعلّك من ولد يزيد ؟ قال : نعم. قال : بئسما اخترت لنفسك ! تقصد ولاية آل أبي طالب وعندك ثأرهم ؟! فإنْ كنت جئت جاهلاً بهذا , فما بعد جهلك جهل ، وإنْ كنت جئت مستهزئاً بهم , فقد خاطرت بنفسك. فنظر إليه العلويون نظراً شزراً , فصاح بهم محمَّد الدّاعي وقال : كفّوا عنه ، كأنّكم تظنّون أنّ في قتله إدراكاً لثأر الحسين جدِّي ! إنّ الله قد حرّم أنْ تطالب نفس بغير ما اكتسبت. والله , لا يعرض له أحد بسوء إلاّ جازيته بمثله. ثمّ أمر له بمثل ما أمر به لسائر بني عبد مناف , وبعث معه مَن يُوصله إلى مأمنه.

وقال لـمَن حضره : اسمعوا حديثاً اُحدّثكم به يكون لكم قدوة : حدثني أبي عن أبيه قال : عرض على المنصور جوهر فاخر وهو بمكّة فعرفه , وقال : هذا جوهر كان لهشام بن عبد الملك , وقد بلغني أنّه عند ابنه محمَّد ولم يبقَ منهم غيره. ثمّ قال للربيع حاجبه : إذا كان غداً وصلّيت بالنّاس في المسجد الحرام , فأغلق الأبواب كلَّها إلّا باباً واحداً وقف عليه , ولا تُخرج إلّا مَن تعرفه حتّى تظفر بمحمَّد بن هشام , فتأتيني به.

ففعل الربيع ذلك , وعرف محمَّد بن هشام أنّه هو المطلوب فتحيّر , وأقبل محمَّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم‌السلام ) فرآه مُتحيّراً وهو لا يعرفه , فقال له : يا هذا , أراك متحيّراً فمَن أنت ؟ قال : ولي الأمان ؟ قال : لك أمان الله التّام والعام , وأنت في ذمّتي حتّى اُخلّصك. قال : أنا محمَّد بن هشام بن عبد الملك , فمَن أنت ؟ قال : أنا محمَّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فقال : عند الله أحتسب نفسي إذاً ! فقال : لا بأس عليك , ولكن تعذرني في مكروه أنا لك به ، وقبيح اُخاطبك به يكون فيه خلاصك بمشيئة الله تعالى. قال: افعل ما تُريد.

فطرح رداءه على رأسه ووجهه ، وشدّه به وأقبل يجرّه , فلمّا أقبل على الربيع لطمه لطمات ، وقال للربيع : يا أبا الفضل , إنّ هذا الخبيث جمّال من أهل الكوفة ، أكراني جماله ذاهباً وراجعاً وقد هرب منّي ,

١١٨

وأكرى جماله بعض قوّاد الخراسانية , ولي عليه بذلك بيّنة , فابعث معي حَرسيّين يصيران به معي إلى القاضي لئلاّ يهرب مني.

فبعث معه حرسيّين ، فلمّا بعد عن المسجد قال له : يا خبيث , تُؤدّي إليَّ حقِّي ؟ قال : نعم يابن رسول الله. فقال للحرسيّين : انصرفا. فانصرفا , فلمّا رجعا أطلقه ، فقبّل محمَّد بن هشام رأسه ، وقال : بأبي أنت واُمّي !( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) (١) . ثمّ أخرج جوهراً نفيساً فدفعه إليه , وقال : شرّفني بقبول هذا. فقال : إنّا أهل بيت لا نقبل على المعروف ثمناً , فانصرف راشداً.

وآل أبي طالب معادن العفو والحلم ، والصّفح وكرم الأخلاق , وعادتُهم - خلفاً عن سلفٍ - مقابلةُ الإساءة بالإحسان ، فكم قابلوا بني اُميّة على أعظم الإساءة بأعظم الحلم والإحسان في مواضع لا تُحصى ؛ بدأهم بذلك جدّهم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , وبهُداه اهتدوا ، وعلى منهاجه نهجوا.

فقد كان من أشدِّ النّاس عليه بمكّة أبو سفيان بن حرب , فهو الذي جيّش الجيوش عليه يوم اُحد والأحزاب , وسَعتْ زوجته هند في قتل عمّه حمزة أسد الله وأسد رسوله , وبقرتْ بطنه عن كبده لتأكل منها فسُمّيت آكلة الأكباد , ووقف عليه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , فقال : (( ما وقفت موقفاً أغيظ عليَّ منْ هذا الموقف )). ومع ذلك لـمّا فتح مكّة حلم وصفح ، وزاد بأنْ قال : (( مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن )).

فجازى بنو اُميّة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على إحسانه هذا إليهم ؛ بأنْ أخافوا سبطه وريحانته الحسين بن علي (عليه‌السلام ) في بلد يأمن فيه الطّير والوحش , وهي مكّة بلد الله الحرام , فخرج منها يوم التروية خائفاً يترقّب , وكان قد أحرم للحجِّ فجعلها عمرة مفردة وأحلَّ من إحرامه , فكان النّاس يخرجون إلى منى والحسين خارج إلى العراق ؛ لأنّ يزيد دسّ إليه مع الحاجّ ثلاثين رجلاً من شياطين بني اُميّة ليقبضوا عليه أو يقتلوه , ثمّ جهّز عليه ابن زياد الجيوش بأمر يزيد , فأحاطوا به ومنعوه التَّوجه في بلاد الله العريضة , ومنعوه وأهله من ماء الفرات الجاري

____________________

(١) سورة الأنعام / ١٢٤.

١١٩

حتّى قتلوه عطشانَ ضامياً , وقتلوا أنصاره وأهله وأولاده , وسبوا نساءه من بلد إلى بلد , وأتوا بعلي بن الحسين زين العابدين (عليه‌السلام ) - وهو عليل - مُقيَّداً مُغلّلاً حتّى أدخلوه على يزيد.

ومع ذلك ، لـمّا طرد أهل المدينة بني اُميّة منها في أيّام يزيد ؛ لِما رأوا من قبح أفعال يزيد وكفره وطغيانه ، وفي جملة المطرودين مروان بن الحكم , عرض مروان على جماعة من أهل المدينة أنْ يجعل أهله وعياله عندهم فأبوا , فعرض ذلك على علي بن الحسين (عليه‌السلام ) فأجابه إليه , وجعل عيال مروان مع عياله وحماهم وأكرمهم , ولكنْ الطّينة الاُمويّة أبت أنْ تُقابل الإحسان إلّا بالإساءة ، كما قال الشّاعر :

ومَنْ يصنعُ المعروفَ مَعْ غيرِ أهلِهِ

يُجازَى كما جُوزي مُجيرُ اُمِّ عامرِ

وقال الآخر :

ملكنَا فكان العفوُ منَّا سجيَّة

فلمّا ملكتُمْ سالَ بالدَّمِ أبطحُ

وحَلَّلْتُمُ قتلَ الأسارَى وطالَما

غَدوْنا عن الأسْرى نَعفُّ ونصفَحُ(١)

فحسْبُكُمُ هذا التَّفاوتُ بيْنَنا

وكلُّ إِناءٍ بالذي فيهِ يَنْضَحُ

فجازى بنو مروان زين العابدين (عليه‌السلام ) على إحسانه هذا ؛ بأنْ جفوا ولده زيد الشّهيد واهتضموه حتّى ظهر بالكوفة فقُتل , فنبشوه وصلبوه عارياً على جذعٍ بالكوفة أربع سنين ، ثمّ أنزلوه وأحرقوه. لبئسما جزوا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في آله وذرّيّته ! ولبئسما جزته اُمّة تواليهم !

فلا بلَّ أجداثاً لآلِ اُميَّةٍ

سُقيتْ ولا صَوبُ الغمامِ أصابَها

* * *

ليس هذا لرسولِ اللهِ يا

اُمّةَ الطُّغيانِ والبغي جزَا

____________________

(١) ورد البيت في مصدره الأساس بغير هذا النّحو ، والتغيير من ديوان الشاعر. ( موقع معهد الإمامَين الحسنَين )

١٢٠