المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٤

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة37%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 142

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 142 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41196 / تحميل: 4966
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٤

مؤلف:
العربية

المجالس السَّنيّة

في

مناقب ومصائب العترة النبويّة

تأليف :

المجتهد الأكبر السيّد محسن الأمين رضوان الله عليه

- الجزء الرابع -

الطبعة الخامسة

١٣٩٤ ه - ١٩٧٤ م

١

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا محمَّد وآله الطاهرين.

وبعد :

فهذا هو الجزء الثالث من كتاب : ( المجالس السَّنيّة ) في ذكرى مصائب ومناقب العترة النبويّة، تأليف أفقر العباد إلى عفو ربّه الغني ، محسن ابن المرحوم السيّد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي نزيل دمشق ، عفا الله عن جرائمه ، وحشره مع محمَّد وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

* * *

٢

المجلس الثّاني عشر بعد المئتين

قال الله تعالى في سورة القصص حكاية عن موسى (عليه‌السلام ) :( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) : أي ثلاثاً وثلاثين سنة( وَاسْتَوَى‏ ) : أي بلغ أربعين سنة( آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ) : أي عقلاً وفقهاً ، وذلك قبل النّبوّة , أو هي النّبوّة.( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ ) : وهي مصر أو بعض مدنها( عَلَى‏ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ) : أي نصف النّهار والنّاس قائلون ، أو ما بين المغرب والعشاء( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ ) : أي يختصمان( هذَا مِن شِيعَتِهِ ) إسرائيلي( وَهذَا مِنْ عَدُوّهِ ) قبطي , والقبطي يُريد أنْ يُسخّر الإسرائيلي ليحمل حطباً إلى مطبخ فرعون ,( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى ) : أي دفع في صدره بجميع كفّه , أو ضربه بعصاه ،( فَقَضَى‏ عَلَيْهِ ) فمات.

( قَالَ هذَا مِنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ إِنّهُ عَدُوّ مُضِلٌ مُبِينٌ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقّبُ فَإِذَا الّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى‏ إِنّكَ لَغَوِيّ مّبِينٌ ) : قاتلت بالأمس رجلاً ، وتُقاتل اليوم الآخر !( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ) : وهو حزقيل مؤمن آل فرعون( قَالَ يَا مُوسَى‏ إِنّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ ) من مصر( إِنّي لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَبُ قَالَ رَبّ نَجّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ وَلَمّا تَوَجّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ ) : ولمّا سلك في الطّريق الذي يلقى مدين فيها , ولم يكن له علم بالطّريق ؛ ولذلك قال :( عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيل ) .

وقال ابن عباس : خرج موسى (عليه‌السلام ) متوجّهاً نحو مَدين وليس له علم بالطّريق إل ّ ا حُسن ظنِّه بربِّه. وقيل : إنّه خرج بغير زاد ولا ماء ، ولا حذاء ولا ظهر ،

٣

وكان لا يأكل إلّا حشيش الصّحراء.

( وَلَمّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمّةً مِنَ النّاسِ ) : جماعة من الرّعاة يسقون مواشيهم.( وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ) غنمهما وتمنعانه من الورود , قال لهما موسى :( مَا خَطْبُكُمَا ) : ما شأنكما ؟ وما لكما لا تسقيان مع النّاس ؟( قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتّى‏ يُصْدِرَ الرّعَاءُ ) وينصرف النّاس ؛ فإنّا لا نُطيق السّقي ، فننتظر فضول الماء , فإذا انصرف النّاس سقينا مواشينا من فضول الحوض ,( وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ) لا يقدر أنْ يتولّى السّقي بنفسه - أبوهما هو شُعيب (عليه‌السلام ) -.( فَسَقَى‏ لَهُمَا ) غنمهما , وزحم القوم عن الماء حتّى أخرجهم عنه , وسقى أغنامهما حتّى رويت من دلوا واحد.

( ثمّ تَوَلّى إلى الظّلّ ) : إلى ظل شجرة , فجلس تحتها من شدّة الحَرِّ وهو جائع ,( فَقَالَ رَبّ إِنّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) . فرجعتا إلى أبيهما في ساعة كانتا لا ترجعان فيها , فأنكر شأنهما وسألهما , فأخبرتاه الخبر. فقال : عليّ به.( فَجاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا ) : وهي الكُبرى( تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ) : مستحيية مُعرضة على عادة النّساء الخفرات.( قَالَتْ إِنّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ) . فلمّا قالت : ليجزيك أجر ما سقيت لنا ، كره ذلك موسى (عليه‌السلام ) ؛ لأنّه لا يُريد أجراً على عمله إلّا من الله تعالى , وأراد أنْ لا يتبعها ، ولكنّه لم يجد بُدّاً من اتّباعها.

( فَلَمّا جَاءَهُ وَقَصّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ ) : حكى له قصته من قتل القُبطي وطلبهم إيّاه ليقتلوه وهربه , قال له شُعيب (عليه‌السلام ) :( لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ ) : فرعون وقومه ؛ فلا سلطان له بأرضنا. وإذا هو بالعشاء مُهيَّأً , فقال له شعيب (عليه‌السلام ) : اجلس يا شاب فتعشَّى. فقال موسى (عليه‌السلام ) : أعوذ بالله. قال شعيب (عليه‌السلام ) : ولِمَ ذاك , ألست بجائع ؟ قال : بلى , ولكن أخاف أنْ يكون هذا عِوضاً لِما سقيتُ لهما ؛ وأنا من أهل بيت لا نبيع شيئاً من عمل الآخرة بمِلك الأرض ذهباً. فقال له شُعيب (عليه‌السلام ) : لا والله يا شاب , ولكنّها عادتي وعادة آبائي ؛ نُقري

٤

الضّيف ونُطعم الطّعام. فأكل.

( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ) - واسمها صفورة أو صفراء , وهي التي تزوج بها , وهي التي قالت له : إنّ أبي يدعوك - :( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيّ الأَمِينُ قَالَ إِنّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى‏ ابْنَتَيّ هَاتَيْنِ عَلَى‏ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ) : تكون أجيراً لي إلى ثماني سنين.( فَإِنْ اتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ ) : أي ذلك تفضّل منك وليس بواجب عليك ,( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقّ عَلَيْكَ ) في هذه الثّمانية حجج فاُكلّفك غير الرّعي , أو بأنْ آخذك بإتمام عشر سنين،( سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللّهُ مِنَ الصّالِحِينَ ) في حسن الصّحبة والوفاء بالعهد.( قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) (١) .

سُئل الإمام الصّادق (عليه‌السلام ) : أي الأجلين قضى موسى (عليه‌السلام ) ؟ قال : (( أوفاهما وأبعدهما عشر سنين )).

وقد أشبهت حال موسى (عليه‌السلام ) في خروجه من مصر خائفاً يترقّب ، هارباً من فرعون مصر , حال الحسين (عليه‌السلام ) في خروجه من المدينة في جوف الليل خائفاً يترقب ، هارباً من فراعنة بني اُميّة ، وهو يقرأ :( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) . ودخل مكّة وهو يقرأ :( وَلَمّا تَوَجّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى‏ رَبّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السّبِيلِ ) . وذلك لـمّا دعاه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان في الليل وطلب منه البيعة ليزيد , فلم يرد الحسين (عليه‌السلام ) أنْ يُصارحه بالامتناع عن البيعة , فاعتذر إليه بأنّه لا يقنع ببيعته سرّاً حتّى يُبايعه جهراً فيعرف ذلك النّاس.

فقنع منه الوليد بذلك , فقال له مروان : والله , لئن فارقك الحسين السّاعة ولم يبايع , لا قدرت منه على مثلها أبداً حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه , ولكن احبس الرّجل فلا يخرج من عندك حتّى يُبايع أو تضرب عُنقه. فلمّا سمع الحسين (عليه‌السلام ) هذه المجابهة القاسية من مروان الوزغ بن الوزغ , صارحهما حينئذ بالامتناع من البيعة ، وأنّه لا يمكن أن يُبايع ليزيد أبداً.

فوثب

____________________

(١) سورة القصص / ١٤ - ٢٨.

٥

الحسين (ع ) عند ذلك , وقال لمروان : (( ويلي عليك يابن الزرقاء ! أنت تأمر بضرب عُنُقي ؟! كذبت والله ، ولؤمت )). ثمّ أقبل على الوليد ، فقال : (( أيها الأمير ، إنّا أهل بيت النّبوّة ومعدن الرّسالة ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النّفس المحترمة مُعلن بالفسق ، ومثلي لا يُبايع مثله. ولكن نُصبح وتُصبحون ، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة )).

ثمّ خرج يتهادى بين مواليه وهو يتمثّل بقول يزيد بن مفرّغ :

لا ذَعرتُ السّوامَ في فَلقِ الصُّبْـ

ـحِ مُغيراً ولا دُعيتُ يزيدَا

يومَ اُعطِي مخافةَ الموتِ ضَيماً

و المنايَا يَرصدْنَني أنْ أحيدَا

* * *

تمنَّعَ عِزَّاً أنْ يُصافحَ ضارِعاً

يزيداً ولو أنّ السّيوفَ تُصافحُهْ

المجلس الثّالث عشر بعد المئتين

كان هاشم بن عبد مناف أحد أجداد النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) سيّد رجال قريش وحكّامهم , وكان يحمل ابن السّبيل ويؤدّي الحقوق , وكان يُضرب بجوده المثل. وكان قد تولّى أمر مكّة بعد أبيه , وساد قومه بما كان عليه من محاسن الأخلاق وجليل الشّيم ، وكمال الشّجاعة ووافر الكرم ، وغاية الفصاحة وغير ذلك من الصّفات الفاضلة التي لم يطاوله بها أحد.

واسمه عمرو , ولُقّب هاشماً ؛ لأنّه أوّل مَن هشم الثّريد - وهو الخبز مع اللحم المطبوخ بالماء - وأطعمه النّاس بمكّة في سنة مجدبة رحل فيها إلى فلسطين ، فاشترى منها الدّقيق وقدم به إلى مكّة، ونحر الجزر وجعلها ثريداً عمّ به

٦

أهل مكّة.

وهو الذي كان يقوم بأمر النّاس في السّنين المُجدبة ويُطعمهم أحسن الطّعام ؛ ولذلك لهجت ألسنة العرب على اختلافهم في القبائل بالثّناء عليه.

وهو أوّل من سنّ الرّحلتين لقريش , رحلة الشّتاء إلى اليمن ورحلة الصّيف إلى الشّام , اللتين ذكرهما الله تعالى في القرآن الكريم بقوله :( لأَيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ) (١) . وفي ذلك يقول الشّاعر :

عَمرُو العُلا هشمَ الثَّريدَ لقومِهِ

و رجالُ مكَّةَ مُسْنتونَ عِجافُ

بَسطُوا إليهِ الرّحلَتينِ كليْهما

عند الشّتاءِ ورحلة الأصيافِ(٢)

وكان السّبب في سَنِّ هاشم الرّحلتين ما ذكره عطاء عن ابن عباس : إنّ قريشاً كانوا إذا أصاب واحداً منهم مخمصة , خرج هو وعياله إلى موضع وضربوا على أنفسهم خباءً حتّى يموتوا. وكان ذلك من عادات الجاهليّة ؛ كانوا يفعلونه ترفّعاً عن السّؤال ، إلى أنْ جاء هاشم بن عبد مناف , وكان سيّد قومه ، وله ابن يُقال له أسد ، وهو والد فاطمة بنت أسد اُمِّ أمير المؤمنين علي (ع ).

ولأسد تِرب ( أي : مقارن في السّن ) من بني مخزوم يُحبه ويلعب معه , فشكا المخزومي إلى أسد الضرَّ والمجاعة , فدخل أسد على اُمّه يبكي وأخبرها بذلك , فأرسلت إلى اُولئك بدقيق وشحم , فعاشوا فيه أيّاماً ، ثمّ أتى المخزومي إلى أسد مرّة ثانية وشكا إليه الجوع , فأخبر أسد أباه هاشماً بذلك , فقام هاشم خطيباً في قريش , فقال : إنّكم أجدبتم جدباً تقلّون فيه وتذلّون , وأنتم أهل حرم الله وأشراف ولد آدم , والنّاس لكم تبع. قالوا : نحن تبع لك فليس عليك منّا خلاف.

فجمع كلَّ بني أب على الرّحلتين ؛ في الشّتاء إلى اليمن وفي الصّيف إلى الشّام للتجارات , فما ربح الغنيُّ قسّمه بينه وبين الفقير حتّى كان فقيرهم كغنيهم , فجاء الإسلام وهم على ذلك ، فلم يكن في العرب بنو أب أكثر مالاً ولا أعزّ من قريش ، وهذا معنى قول الشّاعر :

____________________

(١) سورة قريش / ١ - ٢.

(٢) لا يخفى ما في البيتين من إقواء واضح. ( موقع معهد الإمامَين الحسنَين )

٧

يا أيُّها الرَّجلُ الـمُحوِّلِ رحْلَهُ

هلاَّ نزلتَ بآلِ عبدِ مَنافِ

هبلتكَ اُمّكَ لو نزلْتَ بحيِّهمْ

أمنوكَ منْ جُوعٍ ومنْ إقرافِ

الآخذونَ العهْدَ منْ آفاقِها

والرّاحلونَ لرحْلَةِ الإيلافِ

والرائشونَ وليس يوجدُ رائشٌ

والقائلون هلُمَّ للأضيافِ

والخالطونَ فقيرَهُمْ بغنيِّهمْ

حتّى يكونَ فقيرُهُمْ كالكافي

واستقرّت الرّياسة لهاشم , وصارت قريش له تابعة تنقاد لأمره وتعمل برأيه , وكانت الرّفادة والسّقاية في مكّة لأبيه عبد مناف , فملك هاشم بعد أبيه الرّفادة والسّقاية , ثمّ وليهما بعده ولده المطّلب ؛ لأنّ عبد المطّلب كان صغيراً , ثمّ وليهما عبد المطّلب.

والسّقاية : هي سقاية الحاجّ ، كانوا يسقون الحاجّ الماء والشّراب , كانوا يطرحون الزّبيب في الماء ويسقونه الحجيج. والرّفادة : هي إطعام الحجّاج ، فكان هاشم يعمل الطّعام للحجّاج , يأكل منه مَن لم يكن له سعة ولا زاد , ويُقال لذلك الرّفادة.

وكان هاشم إذا هلّ هلال ذي الحجّة , قام في صبيحة ذلك اليوم وأسند ظهره إلى الكعبة من تلقاء بابها , ويخطب ويقول في خطبته : يا معشر قريش , إنّكم سادة العرب ، أحسنها وجوهاً وأعظمها أحلاماً , وأوسط العرب أنساباً وأقرب العرب بالعرب أرحاماً.

يا معشر قريش , إنّكم جيران بيت الله , أكرمكم الله بولايته وخصّكم بجواره دون بني إسماعيل, وأنّه يأتيكم زوّار الله يُعظّمون بيته فهم أضيافه , وأحقّ مَنْ أكرم أضياف الله أنتم , فأكرموا ضيفه وزوّاره ؛ فإنّهم يأتون شُعثاً غُبراً من كلِّ بلد على ضوامر كالقدح , فأكرموا ضيفه وزوّار بيته. فوربِّ هذه البنيّة , لو كان لي مال يحتمل ذلك لكفيتكموه , وأنا مخرجٌ من طيب مالي وحلالي ما لم يُقطع فيه رحم ، ولم يُؤخذ بظلم ، ولم يدخل فيه حرام , فمَن شاء منكم أنْ يفعل مثل ذلك فعل.

وأسألكم بحرمة هذا البيت أنْ لا يُخرج رجل منكم من ماله - لكرامة زوّار بيت الله

٨

وتقويتهم - إلّا طيِّباً ؛ لم يُؤخذ ظُلماً ، ولم يقطع فيه رحم ، ولم يُؤخذ غصباً.

فكانوا يجتهدون في ذلك ويُخرجونه من أموالهم فيضعونه في دار النّدوة , وتنافرت قريش وخزاعة إلى هاشم ( أي : تخاصمت إليه وطلبت منه أنْ يحكم بينها ) ، فخطبهم بما أذعن له الفريقان بالطّاعة , فقال في خطبته : أيّها النّاس , نحن آل إبراهيم وذرّيّة إسماعيل ، وبنو النّضر بن كنانة ، وبنو قصي بن كلاب ، وأرباب مكّة وسكّان الحرم , لنا ذروة الحسب ومعدن المجد , ولكلٍّ في كلّ حلف يجب عليه نصرته وإجابة دعوته ، إلّا ما دعا إلى عقوقِ عشيرة وقطع رحم.

يا بني قصي , أنتم كغصني شجرة أيّهما كُسر أوحش صاحبه , والسّيف لا يُصان إلّا بغمده , ورامي العشيرة يُصيبه سهمه ، ومَن محكه اللجاج أخرجه إلى البغي.

أيّها النّاس , الحلم شرف والصّبر ظفر ، والمعروف كنز والجود سؤدد ، والجهل سفه , والأيّام دول والدّهر ذو غير ( أي : منقلب ) ، والمرء منسوب إلى فعله ومأخوذ بعمله. فاصطنعوا المعروف تكسبوا الحمد , ودعوا الفضول تُجانبكم السّفهاء , وأكرموا الجليس يعمرُ ناديكم , وحاموا الخليط يُرغب في جواركم , وأنصفوا من أنفسكم يُوثق بكم. وعليكم بمكارم الأخلاق فإنّها رفعة , وإيّاكم والأخلاق الدنية فإنّها تضع الشّرف وتهدم المجد ، وإنّ نهنهة الجاهل ( أي : زجره ) أهون من جريرته , ورأس العشيرة يحمل أثقالها , ومقام الحليم عِظة لِمَن انتفع به. فقالت قريش : رضينا بك أبا نضلة , وهي كُنيته.

فانظر إلى ما أمر به في هذه الخطبة من شريف الأخلاق , ونهى عنه من مساوئ الأفعال , هل صدر إلّا عن غزارة فضل ، وجلالة قدر ، وعلو همّة ؟

قال ابن الأثير وغيره : فحسده اُميّة بن عبد شمس على رئاسته

٩

و إطعامه , فتكلّف اُميّة أنْ يصنع صنيع هاشم فعجز عنه , فشمتت به ناس من قريش , فغضب ونال من هاشم ، ودعا إلى المنافرة ( أي : المخاصمة ) عند مَن يحكم بينهما أيّهما أكرم وأفضل, فكره هاشم ذلك ؛ لسنّه وقدره , فلم تدعه قريش حتّى نافره على خمسين ناقة والجلاء عن مكّة عشر سنين ، فرضي اُميّة وجعلا حكماً بينهما الكاهن الخُزاعي ، ومنزله بعسفان. فقال الكاهن : والقمرِ الباهر ، والكوكبِ الزّاهر ، والغَمام الماطرِ , وما بالجوِّ من طائر ، وما اهتدى بعلم مسافر من منجد وغائر , لقد سبق هاشم اُميّة إلى المآثر أوّل منه وآخر. فقضى لهاشم بالغلبة ، وأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعمها.

وغاب اُميّة عن مكّة بالشّام عشر سنين , وكانت هذه أوّل عداوة وقعت بين هاشم واُميّة , واستمرت هذه العداوة التي لم يكن لها سبب إلّا الحسد , فلمّا جاء الإسلام كان أعدى الأعداء لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أبو سفيان - صخر بن حرب بن اُميّة - وعشيرته , فحاربوه يوم بدر ، ولم يحضرها أبو سفيان , وقُتل ابنه حنظلة واُسر ابنه عمرو ، وهرب ابنه معاوية على رجليه حتّى ورمتا.

وجيّش أبو سفيان الجيوش على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يوم اُحد ؛ انتقاماً من يوم بدر , فقُتل عمّه الحمزة , اغتاله وحشي بحربة بتحريض هند زوجة أبي سُفيان عليه , وبقرت عن كبد حمزة ولاكتها, فلم تستطع أنْ تسيغها فلفظتها , وسُمّيت من ذلك اليوم : آكلة الأكباد ، وسُمّي ابنها : ابن آكلة الأكباد.

ثمّ جيش الجيوش على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يوم الخندق , فردّه الله بغيظه لم ينل خيراً , ثمّ أسلم يوم الفتح كُرهاً وخوفاً , ثمّ قام ابنه فشقّ عصا المسلمين وأثار حرب صفّين وفرّق كلمة الإسلام ، ثمّ قام ابنه يزيد فجيّش الجيوش على ابن بنت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) , ومنعه الذّهاب في بلاد الله العريضة حتّى قتله وأهل بيته وأنصاره عطشان ظامياً , وحمل رأسه ورؤوس أهل بيته وأنصاره ،

١٠

وحمل نساءه وأطفاله كالسّبي المجلوب حتّى وردوا عليه الشّام. فكانت سلسلة فجائع محزنة ، وفظائع مخزية ، سببها حسد بني اُميّة لهاشم على ما منحه الله من فضل.

وتوارث الحسد من اُميّة لبني هاشم بنو اُميّة , وتتابعت هذه الفجائع والفظائع جيلاً بعد جيل حتّى وصلت إلى أعظمها فجيعة ؛ قتل الحسين وسبي نسائه وذرّيّته , واُدخلوا على يزيد وهم مقرنون بالحبال , فقال له علي بن الحسين (عليه‌السلام ) : (( يا يزيد , ما ظنّك بجدّي رسول الله لو رآنا على هذه الحالة والصّفة ؟! )). فأمر بالحبال فقُطعت ، وأحضر رأس الحسين بين يديه , فجعل ينكته بالقضيب الخيزران ، ويعلن بالشّماتة والكفر , ويقول :

ليتَ أشياخي ببدرٍ شَهدُوا

جَزعَ الخزْرجِ منْ وقْعِ الأسلْ

لأهلّوا واسْتهلّوا فرحاً

ثمّ قالوا يا يزيدُ لا تشلْ

قد قتلنا القَرمَ منْ ساداتِهمْ

وعدلناه ببدرٍ فاعتَدلْ

لعبتْ هاشمُ بالـمُلكِ فلا

خبرٌ جاء ولا وحيٌ نَزلْ

لستُ من خِندفَ إنْ لم أنتقمْ

مِن بني أحمدَ ما كانَ فعلْ

* * *

بني اُميّةَ ما الأسيافُ نائمةٌ

عن ساهرٍ في أقاصي الأرضِ موتُورِ

تُسبى بناتُ رسولِ الله بينهُمُ

والدّينُ غضُّ المبادي غيرُ مستورِ

المجلس الرّابع عشر بعد المئتين

روى الصّدوق - عليه الرّحمة - في كتاب ( كمال الدّين وتمام النّعمة ) ، بسنده

١١

عن ابن عباس قال : كان يوضع لعبد المطّلب بن هاشم فراش في ظلِّ الكعبة لا يجلس عليه أحد إلّا هو ؛ إجلالاً له , وكان بنوه يجلسون حول الفراش حتّى يخرج عبد المطّلب , وكان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يخرج وهو غلام فيمشي حتّى يجلس على الفراش , فيعظّم ذلك أعمامه ويأخذونه ليؤخّروه, فيقول لهم عبد المطّلب إذا رأى ذلك منهم : دعوا ابني ، فوالله , إنّ له لشأناً عظيماً , إنّي أرى أنّه سيأتي عليكم يوم وهو سيّدكم , إنّي أرى غرّةً تسود النّاس.

ثمّ يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويُقبِّله ، ويقول : ما رأيت قبله أطيب منه ولا أطهر قط , ولا جسداً ألين منه ولا أطيب. ثمّ يلتفت إلى أبي طالب - وذلك أنّ عبد الله وأبا طالب لاُمٍّ واحدة - فيقول : يا أبا طالب , إنّ لهذا الغُلام لشأناً عظيماً فاحفظه واستمسك به ؛ فإنّه فرد وحيد ، وكن له كالاُمِّ لا يصل إليه شيء يكرهه.

فلمّا تمّت له ستُّ سنين , ماتت اُمّه آمنة بالأبواء بين مكّة والمدينة ، وكانت قدمت به على أخواله من بني عدي , فبقي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يتيماً لا أب له ولا اُمٌّ , فازداد عبد المطّلب له رقّة وحفظاً , وكانت هذه حاله حتّى أدركت عبد المطّلبَ الوفاة , فبعث إلى أبي طالب - ومحمَّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على صدره - وهو في غمرات الموت , وهو يبكي ويتلفّت إلى أبي طالب ويقول : يا أبا طالب , انظر أنْ تكون حافظاً لهذا الوحيد الذي لم يشم رائحة أبيه ، ولم يذق شفقة اُمّه.

انظر يا أبا طالب ، أنْ يكون من جسدك وبمنزلة كبدك , فإنّي قد تركتُ بنيَّ كلّهم وأوصيتك به ؛ لأنّك من اُمّ أبيه. يا أبا طالب , ما أعلم أحداً من آبائك مات عنه أبوه على حال أبيه ، ولا اُمّه على حال اُمّه , فاحفظه لوحدته. هل قبلت وصيتي ؟ قال : نعم قد قبلت ، والله عليّ بذلك شاهد. فقال عبد المطّلب : فمد يدك إليَّ. فمدَّ يده إليه , فضرب بيده على يده.

ثمّ قال عبد المطّلب : الآن خُفّف عليّ الموت. ثمّ لم يزل يُقبّله ، ويقول : أشهد أنّي لم اُقبّل أحداً من ولدي أطيب ريحاً منك

١٢

ولا أحسن وجهاً منك. فمات عبد المطّلب وهو ابن ثمان سنين فضمّه أبو طالب إلى نفسه , لا يُفارقه ساعة من ليل ولا نهار , وكان ينام معه حتّى بلغ لا يأمن عليه أحداً.

وما زال بنو هاشم معادن الوفاء وكرم الأخلاق ، وطيب الأفعال والعلم والحلم ، فما فعل عبد المطّلب في حق النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ممّا سمعت إلّا عن علم توارثه عن آبائه , وكانوا على بقيّةٍ من دين إبراهيم (عليه‌السلام ).

وقام أبو طالب بما وصّاه به أبوه من نصرة النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وحفظه خير قيام , وآمن به وصدّقه ولكنّه كان يكتُم إيمانه للمصلحة , ويجهر به أحياناً في مثل قوله :

ولقدْ علمتُ بأنَّ دينَ مُحمَّدٍ منْ خيرِ أديانِ البريّةِ دينَا

ولكن العداوة لولده عليٍّ (عليه‌السلام ) دعتْ قوماً إلى أنْ يقولوا زوراً وبُهتاناً إنّه لم يُسلم.

أمّا وفاء بني هاشم لذرّيّة أبي طالب , فمن مظاهره يوم عاشوراء , فقد استشهد مع الحسين (عليه‌السلام ) منهم سبعة عشر رجُلاً ما لهم على وجه الأرض شبيه , من ولد علي وجعفر وعقيل أولاد أبي طالب (عليهم‌السلام ) ، ومن ولد الحسن والحسين (عليهما‌السلام ). وقد خطبهم الحسين (عليه‌السلام ) وأذن لهم في الانصراف , فقال له إخوته وأبناؤه ، وبنو أخيه وأبناء عبد الله بن جعفر : ولِمَ نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ! لا أرانا الله ذلك أبداً. بدأهم بهذا القول العبّاس بن أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) ، واتّبعه الجماعة ، فتكلّموا بمثله ونحوه.

هكذا فليكن الوفاء ، وهكذا فلتكن النّفوس الكبيرة. وما قيمة الحياة الفانية التي يُشرى بها العزّ والإباء والحياة الباقية ؟ وكيف يمكن لإبناء هاشم وعبد المطّلب وأبي طالب أن يرضوا لأنفسهم الحياة بعد سيّدهم الحسين (عليه‌السلام ) , ويكونوا تحت إمرة سكّير بني اُميّة ودعيّها وابن دعيِّها سلالة الفحش والفجور ؟! كلاّ ثمّ كلاّ , إنّ العيش تحت إمرة هؤلاء لهو الموت الدّائم ،

١٣

والقتل في سبيل العزّ لهو الحياة الخالدة.

ثمّ نظر صاحب الشّفقة والرّأفة ، ومُعلّم الخَلق مكارم الأخلاق إلى بني عقيل , فقال : (( حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم , اذهبوا فقد أذنت لكم )). وانظروا إلى ما أجاب به هؤلاء الأعاظم , سلالة عبد المطّلب وفروع هاشم. قالوا : سبحان الله ! فماذا يقول النّاس لنا ، وما نقول لهم ؟ إنّا تركنا شيخنا وسيِّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام , ولم نرمِ معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح , ولم نضرب معهم بسيف ولا ندري ما صنعوا. لا والله , ما نفعل ولكنْ نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا , ونقاتل معك حتّى نرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك.

بخٍ بخٍ لهذه النّفوس العظيمة ! كيف يترك بنو عقيل وهم فرع من فروع الشّجرة الباسقة الهاشميّة , شيخ العشيرة وسيّدها ، ويتركون بني عمومتهم خير الأعمام ولا يُشاركونهم في شدائد الحرب ومكاره الطّعن والضّرب ؟! كلاّ , لا يفعلون ذلك. ولِمَ يفعلون ذلك ؟ حُبّاً بالحياة وطلباً للعيش بعد سيّد العشيرة ، وبعد بني أعمامهم نجوم العشيرة وبدورها ؟! إنّ العيش بعد هؤلاء لذميم. كلاّ , لن يختاروه ، فقبّح الله عيشاً مثله.

هذا هو الإباء والشّمم العظيم , وهذه هي النّفوس الكبيرة حقّاً , وهذه هي الأخلاق التي لا تماثل.

قومٌ كأوّلِهمْ في الفضلِ آخرُهُمْ

والفضلُ أنْ يتَساوى البدءُ والعَقَبُ

المجلس الخامس عشر بعد المئتين

روى ابن عيّاش في كتاب مقتضب الأثر في النّص على الأئمة الاثني عشر , بسنده عن الجارود بن المنذر العبدي - وكان نصرانياً فأسلم عام

١٤

الحُديبية وحسن إسلامه , وكان قارئاً للكتب عالماً بتأويلها ، بصيراً بالفلسفة والطّب , ذا رأي أصيل ووجه جميل - قال : وفدت على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في رجال من عبد القيس , ذوي أحلام وأسنان ، وفصاحة وبيان ، وحجّة وبرهان , فلمّا بصروا به (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , راعهم منظره ومحضره، واُفحموا عن بيانهم , فاستقدمت دونهم إليه فوقفت بين يديه ، وقلت : السّلام عليك يا نبيَّ الله , بأبي أنت واُمّي ! وأنشأت أقول :

يا نبيَّ الهُدى أتتك رجالٌ

قَطَعَتْ فَدْفَداً وآلاً فآلا

جابتِ البيدَ والمهامِهَ حتّى

غالَها منْ طُوى السُّرى ما غالا

قَطَعتْ دونَك الصحاصحَ تهْوِي

لا تعدُّ الكلالَ فيكَ كلالا

وطوتْها العِتاقُ تجْمحُ فيها

بكماةٍ مثل النُّجومِ تلالا

ثُمّ لمـّا رأتكَ أحسنَ مرءٍ

اُفحمتْ عنكَ هيبةً وجلالا

تتَّقي شرَّ بأسِ يومٍ عصيبٍ

هائلٍ أوجلَ القلوبَ وهالا

ونداءً لمحشرِ النّاسِ طُرَّاً

وحِساباً لمـَنْ تمادَى ضلالا

نحو نورٍ مِنَ الإلهِ وبرها

نٍ وبرٍّ ونعمةٍ أنْ تنالا

وأمانٍ منهُ لدَى الحشْرِ والنّشْـ

ـرِ إذِ الخلقُ لا يُطيق السؤالا

أنبأ الأوَّلون باسمك فينا

وبأسماءٍبَعدهُ تَتَتالا

قال : فأقبل عليّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بصفحة وجهه المبارك , وشمت منه ضياء لامعاً ساطعاً كومض البرق , فقال : (( يا جارود , لقد تأخّر بك وبقومك الموعد )). - وقد كنتُ وعدتهُ قبل عامي أنْ أفد إليه بقومي , فلم آته وأتيته في عام الحديبية - فقلت : يا رسول الله , بنفسي أنت ما كان إبطائي عنك إلّا أنّ جلّة قومي أبطؤوا عن إجابتي حتّى ساقها الله إليك ؛ لما أرادها به من الخير لديك , فأمّا مَن تأخر عنك , فحظه فات منك ، ولو

١٥

كانوا ممّن سمع بك أو رآك , لما ذهبوا عنك.

قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : (( فَدِنْ الآن بالوحدانية )). قلت : أشهد أنْ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّك عبده ورسوله.

والجارود بن المنذر العبدي هو من عبد القيس من أهل البصرة , وعبد القيس قبيلة من العرب من شيعة علي (ع ) كانت شديدة الإخلاص في ولائه , ولمـّا جاء أصحاب الجمل إلى البصرة قبل مجيء علي (عليه‌السلام ) , قام رجل من عبد القيس فانتصر لعلي (عليه‌السلام ) وردّ عليهم وحاجّهم , فهمّوا بقتله فمنعته عشيرته , فلمّا كان الغد , وثبوا عليه وعلى مَن معه فقتلوا منهم سبعين.

ومن عبد القيس زيد بن صوحان العبدي ، وأخوه صعصعة بن صوحان ، وأخوهما سيحان بن صوحان من أهل الكوفة , كانوا شديدي الإخلاص في ولاء علي (عليه‌السلام ).

قال زيد يوم الجمل – لمـّا كتبت إليه عائشة : أقدم في نصرنا أو فخذّل النّاس عن علي - : رحم الله اُمّ المؤمنين ، اُمرت أنْ تلزم بيتها واُمرنا أنْ نُقاتل , فتركت ما اُمرت به وأمرتنا به , وصنعت ما اُمرنا به ونهتنا عنه. فقُتل زيد يوم الجمل وأخوه سيحان وارتثّ صعصعة.

ومنهم حكيم بن جبّلة العبدي من أهل البصرة , كان من الأبطال الشّجعان ، صادق الولاء لعليٍّ (عليه‌السلام ). [ روي : أنه ] لمـّا بلغه ما صنع أصحاب الجمل بعثمان بن حُنيف , عامل علي (عليه‌السلام ) على البصرة من ضربه ، ونتف لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه ، وحبسه , قال : لستُ أخاف الله إنْ لم أنصره. فجاء في جماعة من عبد القيس ، فقال له عبد الله بن الزّبير : ما لك يا حكيم ؟ قال : اُريد أنْ تُخلّوا عن عثمان بن حُنيف , فيُقيم في دار الإمارة كما كتبتم بينكم وبينه. فقال ابن الزّبير : لا يُخلّى سبيله حتّى يخلع عليّاً. فأنشب حكيم القتال ومعه أربعة قوّاد ، وحكيم بحيال طلحة , فاقتتلوا قتالاً شديداً ، فزحف طلحة لحكيم وهو في ثلثمئة , فضرب رجل ساقَ حكيمٍ فقطعها , فأخذ حكيمٌ ساقه فرماه بها فأصاب عُنقه فصرعه ووقذه ( أي : تركه مسترخياً مُشرفاً على

١٦

الموت ) ، ثمّ حبا إليه فقتله واتكأ عليه , وقال :

يا فَخْذُ لا تُراعِي

إنّ معي ذِراعي

أحمي بها كِراعي

فأتى عليه رجلٌ وهو رثيث , فقال : ما لك يا حكيم ؟ قال : قُتلت. قال : مَن قَتلك ؟ قال: وسادتي. فاحتمله فضمّه في سبعين من أصحابه ، فخطبهم حكيم وأنّه لقائم على رجل واحدة ، وإنّ السّيوف لتأخذهم فما يتعتع , فقال : إنّا خلّفنا هذين وقد بايعا عليّاً (عليه‌السلام ) وأعطياه الطّاعة , ثمّ أقبلا مخالفين محاربين يطلبان بدم عثمان , ففرّقا بيننا. اللهمّ , إنّهما لم يُريدا عثمان. فقُتل حكيم والسّبعون الذين معه من عبد قيس , وقُتل معه ابنه الأشرف وأخوه الرّعل.

ومنهم مارية ابنة منقذ العبديّة من أهل البصرة , كانت تتشيع وكانت دارها مألفاً للشيعة يتحدثون فيها.

وكان مع الحسين (عليه‌السلام ) يوم الطّفِّ من عبد القيس سبعة فيهم مولى ، كلّهم من أهل البصرة, وهم : يزيد بن ثبيط العبدي البصري ، وابناه عبد الله وعبيد الله ، وعامر بن مسلم العبدي ومولاه سالم , وسيف بن مالك العبدي ، والأدهم بن اُميّة العبدي.

ولمـّا بلغ يزيد بن ثبيط مكاتبة أهل العراق للحسين (عليه‌السلام ) , عزم على الخروج إلى الحسين (عليه‌السلام ) ، وكان له بنون عشرة فدعاهم إلى الخروج معه ، فأجابه منهم اثنان ، وهما : عبد الله وعبيد الله. وقال لأصحابه في بيت مارية ابنة منقذ العبديّة : إنّي قد عزمت على الخروج فمَن يخرج معي ؟ فقالوا : إنّا نخاف أصحاب ابن زياد. فقال يزيد : إنّي والله , لو استوت أخفافها بالجدد - يعني ناقته - لهان عليّ طلب مَن طلبني.

ثمّ خرج وابناه وصحبه الأربعة الباقون حتّى انتهى إلى مكّة ، فاستراح ثمّ ذهب إلى منزل الحسين (ع ) , وكان الحسين (عليه‌السلام ) لمّا بلغه مجيئه , جاء إلى رحله وجلس ينتظره , فلمّا رجع يزيد ورأى الحسين (عليه‌السلام ) في رحله , قال :( بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ) (١) . السّلام عليك يابن

____________________

(١) سورة يونس / ٥٨.

١٧

رسول الله. ثمّ جلس إليه وأخبره بالذي جاء له , وما زال معه حتّى قُتل بين يديه بالطّفِّ مبارزة , وقُتل ابناه وقُتل الأربعة الباقون كلّهم , قُتلوا بين يدي الحسين (عليه‌السلام ).

وفي رثاء الحسين (ع ) ورثاء يزيد بن ثبيط وولديه , يقول ولده عامر بن ثبيط :

يا فروُ قومِي فاندُبِي

خيرَ البَريَّةِ في القبورِ

وابكِي الشّهيدَ بعَبٍرةٍ

منْ فيضِ دمعٍ ذي درُورِ

وارثِي الحُسينَ معَ التَّفجْـ

ـجُعِ والتَّأوهِ والزَّفيرِ

قتلوا الحرامَ من الأئمـ

ـمَةِ في الحرامِ منَ الشُّهورِ

وابكِي يزيدَ مُجدَّلاً

وابنيهِ في حرِّ الهجيرِ

مُتزمِّلين دماءَهُمْ

تجري على لببِ النُّحورِ

يا لهفَ نفْسِي لمْ تفُزْ

معهمْ بجنّاتٍ وحورِ

* * *

نصروا ابنَ بنتِ نبيِّهمْ طُوبى لهُمْ

نالُوا بنُصرتِهِ مراتبَ ساميهْ

المجلس السّادس عشر بعد المئتين

قال الصّدوق في كتاب كمال الدّين : كان قسُّ بن ساعدة بن حداق بن زهير بن إياد بن نزار الأيادي أوّل مَن آمن بالبعث من أهل الجاهليّة , وأوّل مَن توكأ على عصا , وكان يقول : إنّ لله ديناً هو خير من الدّين الذي أنتم عليه. وكان النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يترحّم عليه ، ويقول : (( يُحشر يوم القيامة اُمّة

١٨

واحدة )). ثمّ روى بسنده عن أبي جعفر الباقر (عليه‌السلام ) قال : (( بينا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ذات يوم بفناء الكعبة يوم افتتح مكّة , إذ أقبل إليه وفد بكر بن وائل فسلّموا عليه , فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : هل عندكم علمٌ من خبر قسِّ بن ساعدة الأيادي ؟ قالوا : نعم يا رسول الله. قال: فما فعل ؟ قالوا : مات. فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : فكأنّي أنظر إلى قسِّ بن ساعدة الأيادي وهو بسوق عكاظ على جمل له أحمر , وهو يخطب النّاس ويقول : اجتمعوا أيّها النّاس , فإذا اجتمعتم فأنصتوا , فإذا أنصتم فاستمعوا , فإذا استمعتم فعُوا , فإذا وعيتم فاحفظوا , فإذا حفظتم فاصدقوا. ألا أنّه مَن عاش مات , ومَن مات فات , ومَن فات ليس بآت. إنّ في السّماء خبراً وفي الأرض عِبراً , سقفٌ مرفوعٌ ومهادٌ موضوع , ونجومٌ تمور وليلٌ يدور , وبحارُ ماء لا تغور. يحلف قسٌّ ما هذا بلعب , وأنّ من وراء هذا لعجباً. مالي أرى النّاس يذهبون فلا يرجعون ؟! أرضَوا بالمقام فأقاموا , أم تُركوا فناموا ؟ يحلف قسٌّ يميناً غيرَ كاذبة : أنّ لله ديناً هو خير من الدّين الذي أنتم عليه.

ثمّ قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : رحم الله قسَّاً ، يُحشر يوم القيامة اُمّة واحدة. ثمّ قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : هل فيكم أحدٌ يُحسن من شعره شيئاً ؟ فقال بعضهم : سمعته يقول :

في الأوَّلينَ الذَّاهبيْـ

ـنَمنَ القُرونِ لنا بصائرْ

لـمَّا رأيتُ مَوارداً

للموتِ ليسَ لها مصادرْ

ورأيتُ قَوْمي نحوَها

تمضِي الأكابرُ والأصاغرْ

لا يرجِعُ الماضي إليـ

ـيَ ولا منَ الباقينَ غابرْ

أيقنتُ أنّي لا مَحا

لةَ حيثُ صارَ القومُ صائرْ ))

قال الصّدوقرحمه‌الله : وبلغ من حكمة قسِّ بن ساعدة ومعرفته ، إنّ النّبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كان يسأل مَن يقدم عليه من إياد عن حِكَمِهِ ، ويُصغي إليها سمعه.

١٩

ثمّ روى بسنده : إنّ وفداً من إياد قدموا على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) , فسألهم عن حِكَم قسِّ بن ساعدة , فقالوا : قال قسٌّ :

يا ناعيَ الموتِ والأمواتُ في جدثٍ

عليهمُ منْ بقايا بزِّهمْ خِرَقُ

دعْهُمْ فإنَّ لهم يوماً يُصاحُ بهمْ

كما يُنبَّهُ منْ نَوماتِهِ الصَّعقُ

حتّى يجيئُوا بحالٍ غيرِ حالِهمُ خلقٌ

مَضوا ثمَّ ماذا بعد ذاكَ لقوا

منهُمْ عُراةٌ ومنهُمْ في ثيابِهمُ

منها الجديدُ ومنها الأورقُ الخَلِقُ

مطرٌ ونبات ، وآباء واُمّهات ، وذاهبٌ وآت , وآياتٌ في إثر آيات ، وأمواتٌ بعد أموات. ضوءٌ وظلام ، وليالٌ وأيّام , وفقيرٌ وغني ، وسعيدٌ وشقي ، ومُحسنٌ ومُسيء. كلاّ بل هو الله واحدٌ ليس بمولود ولا والد , أعادَ وأبدى وإليه المآب غداً. وفي رواية : أمات وأحيا ، وخلق الذّكر والاُنثى ، وهو ربُّ الآخرة والاُولى.

ومن حِكم قسِّ بن ساعدة ، ما رواه الصّدوق في كمال الدّين , بسنده عن ابن عباس عن أبيه قال : جمع قسُّ بن ساعدة وُلده , فقال : إنّ المِعا تكفيه البقلة وتُرويه المذْقة , ومَن عيّرك شيئاً ففيه مثله , ومَن ظلمك وجد مَن يظلمه. متى عدلت على نفسك عدل عليك مَن فوقك , فإذا نهيتَ عن شيء فابدأ بنفسك , ولا تجمع ما لا تأكل ولا تأكل ما لا تحتاج إليه , وإذا ادّخرت فلا يكونن كنزُك إلّا فعلك. وكُنْ عفَّ العيلة(١) مشترك الغنى تسُدْ قومك , ولا تشاورنّ مشغولاً وإنْ كان حازماً , ولا جائعاً وإنْ كان فَهماً , ولا مذعوراً وإنْ كان ناصحاً. ولا تضعنَّ في عُنقك طوقاً لا يمكنك نزعه إلّا بشقِّ نفسك , وإذا خاصمت فاعدل ، وإذا قلت فاقتصد , ولا تستودعن أحداً

____________________

(١) يعني : كُنْ عند فقرك غنيّاً. - المؤلّف -

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ورويناه بإسنادنا إلى محمد بن يحيى الخثعمي، من غير كتاب معاوية بن حكيم.

[١٤٨٩٢] ٤ - وروينا باسنادنا إلى معاوية بن حكيم في كتاب أصله، حديثا آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « في السماء أربعة نجوم، ما يعلمها الا أهل بيت من العرب، وأهل بيت من الهند يعرفون منها نجما واحدا، فبذلك قام حسابهم ».

[١٤٨٩٣] ٥ - قال: روينا بأسانيد عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، ونقلته من خطه، من الجزء الثاني من كتاب الدلائل تأليف عبد الله بن جعفر الحميري، بإسناده عن بياع السابري قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ان لي في النظرة في النجوم لذة، وهي معيبة عند الناس، فإن كان فيها اثم تركت ذلك، وإن لم يكن فيها اثم فان لي فيها اللذة، قال: فقال: « تعد الطوالع » فقلت: نعم، فعددتها له، فقال: « كم تسقي الشمس القمر من نورها؟ قلت: هذا شئ لم اسمعه قط؟ قال: » وكم تسقي الزهرة(١) من نورها؟ قلت: ولا هذا، قال: « فكم تسقى الشمس من اللوح المحفوظ ( من نوره )(٢) ؟ » قلت: وهذا شئ لم أسمعه قط، قال: فقال: « هذا شئ إذا علمه الرجل، عرف أوسط قصبة في الأجمة - ثم قال - ليس يعلم النجوم إلا أهل بيت من قريش، وأهل بيت من الهند ».

[١٤٨٩٤] ٦ - وفيه: وجدت في كتاب عتيق اسمه كتاب التجمل: قال أبو أحمد: عن حفص بن البختري قال: ذكرت النجوم عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: « ما يعلمها الا أهل بيت بالهند، وأهل بيت من العرب ».

__________________

٤ - فرج المهموم ص ٩١.

(١) في المصدر: « فلذلك ».

٥ - المصدر السابق ص ٩٧.

(١) في المصدر زيادة: الشمس.

(٢) في المصدر: نورا.

٦ - فرج المهموم ص ٩٩.

١٠١

[١٤٨٩٥] ٧ - وفي الكتاب المذكور أيضا: عن محمد وهارون ابني سهل، وكتبا إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : ان أبانا وجدنا كان ينظر في النجوم، فهل يحل النظر فيها؟ قال: « نعم ».

[١٤٨٩٦] ٨ - وفيه: انهما كتبا إليهعليه‌السلام : نحن ولد بني(١) نوبخت المنجم [ وقد كتبنا إليك هل يحل النظر في علم النجوم فكتبت نعم، والمنجمون ] يختلفون في صفة الفلك - إلى أن قال - فكتبعليه‌السلام : « نعم، ما لم يخرج من التوحيد ».

[١٤٨٩٧] ٩ - ومن الكتاب المذكور: أبو محمد، عن الحسن بن عمر، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) (١) قال: « كان القمر منحوسا بزحل ».

[١٤٨٩٨] ١٠ - ومن كتاب نزهة الكرام وبستان العوام، تأليف محمد بن الحسين بن الحسن الرازي، في أواخر المجلد الثاني منه: روي أن هارون الرشيد بعث إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام فأحضره، فلما حضر عنده قال [ له ](١) : ان الناس ينسبونكم - يا بني فاطمة - إلى علم النجوم، وان معرفتكم بها معرفة جيدة، وفقهاء العامة يقولون: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إذا ذكروا(٢) أصحابي فاسكتوا، وإذا ذكروا(٣) القدر فاسكتوا، وإذا ذكر النجوم فاسكتوا » وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، كان اعلم الخلائق بعلم النجوم، وأولاده

__________________

٧ - فرج المهموم ص ١٠٠.

٨ - المصدر السابق ص ١٠٠.

(١) ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٩ - فرج المهموم ص ١٠٠، وعنه في البحار ج ٥٨ ص ٢٥١ ح ٣٧.

(١) القمر ٥٤ الآية ١٩.

١٠ - فرج المهموم ص ١٠٧ - ١٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « ذكر ».

(٣) في المصدر: « ذكر ».

١٠٢

وذريته الذين(٤) تقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها، فقال له الكاظمعليه‌السلام : « هذا حديث ضعيف، واسناده مطعون فيه، والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ولولا أن النجوم صحيحة، ما مدحها الله عز وجل، والأنبياءعليهم‌السلام كانوا عالمين بها، وقد قال الله تبارك وتعالى في حق إبراهيم خليل الرحمن ( صلوات الله عليه ):( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (٥) وقال في موضع آخر:( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (٦) فلو لم يكن عالما بعلم النجوم ما نظر فيها، وما قال:( إِنِّي سَقِيمٌ ) وإدريسعليه‌السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، والله تبارك وتعالى قد أقسم بها فقال:( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (٧) وقال في موضع آخر:( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا - إلى قوله -فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) (٨) ويعني بذلك اثني عشر برجا وسبع سيارات، والذي يظهر بالليل والنهار بأمر الله عز وجل، وبعد علم القرآن ما يكون(٩) أشرف من علم النجوم، وهو علم الأنبياء والأوصياء وورثة الأنبياء، الذين قال الله عز وجل:( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١٠) ونحن نعرف هذا العلم وما نذكره(١١) ».

فقال له هارون: بالله عليك يا موسى، لا تظهروه عند الجهال وعوام الناس، حتى لا يشنعوا(١٢) عليك، ونفس العوام به، وغط هذا العلم، وارجع إلى حرم جدك، ثم قال له هارون: وقد بقيت مسألة أخرى، بالله عليك أخبرني

__________________

(٤) في المصدر: « التي ».

(٥) الانعام ٦ الآية ٧٥.

(٦) الصافات ٣٧ الآية ٨٨ و ٨٩.

(٧) الواقعة ٥٦ الآية ٧٥ و ٧٦.

(٨) النازعات ٧٩ الآية ١ - ٥.

(٩) في المصدر: « لا يكون ».

(١٠) النحل ١٦ الآية ١٦.

(١١) في المصدر: « ننكره ».

(١٢) في المصدر: « لا يشيعوه عنكم ».

١٠٣

بها، فقال له: « سل » فقال له: بحق القبر والمنبر، وبحق قرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أخبرني أنت تموت قبلي، أم أنا أموت قبلك، لأنك تعرف هذا من علم النجوم؟ فقال له موسىعليه‌السلام : « آمني حتى أخبرك » فقال: لك الأمان، فقال: « أنا أموت قبلك، وما كذبت ولا أكذب، ووفاتي قريب ».

[١٤٨٩٩] ١١ - وفيه وجدت في كتاب عتيق، باسناد متصل إلى الوليد بن جميع قال: إن رجلا سأله عن حساب النجوم، فجعل الرجل يتحرج ان يخبره، فقال له عكرمة، سمعت ابن عباس يقول: علم عجز الناس عنه، وددت اني علمته.

[١٤٩٠٠] ١٢ - الصدوق في الخصال: عن إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة، عن سالم بن سالم وأبي عروبة معا، عن أبي الخطاب، عن هارون بن مسلم، عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين ابن عليعليهم‌السلام ، قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن خصال - إلى أن قال - وعن النظر في النجوم ».

[١٤٩٠١] ١٣ - أبو الفتح الكراجكي في معدن الجواهر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « العلوم أربعة: الفقه للأديان، والطب للأبدان، والنحو للسان، والنجوم للأزمان(١) ».

[١٤٩٠١] ١٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد ».

__________________

١١ - فرج المهموم ص ١١٠.

١٢ - الخصال ص ٤١٧ ح ١٠.

١٣ - معدن الجواهر ص ٤٠.

(١) في المصدر: « لمعرفة الأزمان ».

١٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨١ ح ٢٤٢.

١٠٤

قلت يحمل ما دل على النهي عن النظر بل تكفير المنجم، على من اعتقد قدم الأفلاك والكواكب، أو ان اختلاف حركاتها وأوضاعها علل تامة لصدور الحوادث، أو ان لها حياة ونفوسا تصدر عنهما الحوادث بالإرادة، والاختيار، وغير ذلك من العقائد الفاسدة، المباينة لأصول الملل وأساس الشرائع، وما دل على الجواز، على أنها امارات وعلامات على حدوث الحوادث منه تعالى، أو ما يقرب من ذلك، مما ليس فيه ما ينافي الشرع، ويرتفع شرها بالبر والدعاء والصدقة، والله العالم.

٢٢ -( باب تحريم تعلم السحر، واجره، واستعماله في العقد، وحكم الحل)

[١٤٩٠٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « لما هلك سليمان، وضع إبليس السحر، ثم كتبه في كتاب وطواه وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داودعليهما‌السلام من ذخائر كنوز العلم، من أراد كذا وكذا فليقل كذا وكذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان الا بهذا، وقال المؤمنون: هو عبد الله ونبيه، فقال الله في كتابه:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) (١) اي: السحر ».

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي بصير، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٤٩٠٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال:

__________________

الباب ٢٢

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٥٢ ح ٧٤.

(١) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٢) تفسير القمي ج ١ ص ٥٥.

٢ - الجعفريات ص ١٠٠.

١٠٥

حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أقبلت امرأة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت: يا رسول الله، ان لي زوجا به علي غلظة، واني صنعت شيئا لأعطفه علي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أف لك كفرت دينك، لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض، فصامت نهارها وقامت ليلها، ولبست المسوخ ثم حلقت رأسها، فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ان حلق الرأس لا يقبل منها ».

وروي في الفقيه(١) : مثله، وفيه: « كدرت البحار، وكدرت الطين، ولعنتك الملائكة ». إلى آخره.

[١٤٩٠٥] ٣ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الساحر(١) ». الخبر.

[١٤٩٠٦] ٤ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، فقيل: يا رسول الله، ولم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال: لان الشرك أعظم من السحر، لان الشرك والسحر طيران مقرونان ».

[١٤٩٠٧] ٥ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن التمائم والتول، فالتمائم: ما يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك، والتول ما تتحبب به النساء إلى أزواجهن، كالكهانة وأشباهها، ونهىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السحر.

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٨٢ ح ١٣٤٥.

٣ - الجعفريات ص ١٨٠

(١) في المصدر: الكاهن.

٤ - المصدر السابق ص ١٢٨.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٧.

١٠٦

[١٤٩٠٨] ٦ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، قيل: يا رسول الله، ولم ذاك؟ قال: لان الشرك والسحر مقرونان، والذي فيه من الشرك أعظم من السحر.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولذلك لم يقتل [ رسول الله ](١) ابن أعصم(٢) اليهودي الذي سحره.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : فإذا شهد رجلان عدلان على رجل من المسلمين انه سحر قتل(٣) ، والسحر كفر، وقد ذكر الله عز وجل ذلك فقال:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ - إلى قوله -فَلَا تَكْفُرْ ) (٤) فأخبر جل ذكره، ان السحر كفر، فمن سحر فقد كفر، فقتل(٥) ساحر المسلمين لأنه كفر، وساحر المشركين لا يقتل لأنه كافر بعد بما(٦) جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » .

[١٤٩٠٩] ٧ - روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي ( صلوات الله عليهم )، أنه قال: « سحر لبيد بن أعصم(١) وأم عبد الله اليهودية، رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في عقد خيوط من احمر واصفر، فعقدا فيه احدى عشرة

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٢ ح ١٧٢٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عاصم.

(٣) في المصدر زيادة: لأنه كفر.

(٤) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٥) في المصدر: فيقتل.

(٦) في المصدر: كما.

٧ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٨ ح ٤٨٧.

(١) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

١٠٧

عقدة، ثم جعلاه في جف(٢) طلع، ثم أدخلاه في بئر فجعلاه في مراقي(٣) البئر بالمدينة، فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يسمع ولا يبصر ولا يتفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب، فنزل جبرئيل بمعوذات، ثم قال: يا محمد ما شأنك؟ قال: لا أدري، انا بالحال التي تراني، قال: إن لبيد بن أعصم(٥) وأم عبد الله اليهودية سحراك، وأخبره بالسحر حيث هو، ثم قرأ عليه( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) (٦) فانحلت عقدة، ثم قرأ أخرى(٧) حتى قرأ احدى عشرة مرة، فانحلت الإحدى عشرة عقدة، وجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخبره جبرئيل الخبر، فقال: انطلق وائتني بالسحر، فجاء به ثم دعا بلبيد وأم عبد الله، فقال: ما دعاكما إلى ما صنعتماه؟ ثم قال للبيد: لا أخرجك الله من الدنيا سالما، وكان موسرا كثير المال، فمر به غلام في اذنه قرط، فجذبه فخرم اذن الصبي، فاخذ فقطعت يده فكوي منها فمات» .

ورواه مع اختلاف وزيادة فرات بن إبراهيم في تفسيره(٨) : عن عبد الرحمن ابن محمد العلوي، ومحمد بن عمر الخزاز، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عيسى بن محمد، عن جده، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

[١٤٩١٠] ٨ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن

__________________

(٢) الجف: وعاء الطلع وهو الغشاء الذي يكون فوق طلع النخل ( النهاية ج ١ ص ٢٧٨ ).

(٣) المراقي: جمع مرقاة، وهي الدرجة ومراقي البئر حفر صغار تكون على يمين البئر ويساره يستعان بها في الصعود والنزول ( انظر لسان العرب ج ١٤ ص ٣٣٢ ).

(٤) في المصدر زيادة: عليه.

(٥) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في المصدر زيادة: فقال رسول الله ذلك.

(٧) في المصدر زيادة: فانحلت عقدة أخرى.

(٨) تفسير فرات ص ٢٣٣.

٨ - طب الأئمة ص ١١٣.

١٠٨

عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ان جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: يا محمد، قال: لبيك، قال: إن فلانا اليهودي سحرك، وجعل السحر في بئر بني فلان » وذكر القصة.

[١٤٩١١] ٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه سئل عن المعوذتين انهما من القرآن، فقال الصادقعليه‌السلام : « هما من القرآن - إلى أن قال - وهل تدري ما معنى المعوذتين، وفي اي شئ نزلت(١) ؟ ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سحره لبيد بن أعصم(٢) اليهودي» فقال أبو بصير لأبي عبد اللهعليه‌السلام : وما ( كان ذا؟ وما )(٣) عسى ان يبلغ من سحره؟ قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : « بلى، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يرى أنه يجامع ولا(٤) يجامع وكان يريد الباب ولا يبصره يلمسه بيده، والسحر حق، وما سلط الحسر الا على العين والفرج» . الخبر.

[١٤٩١٢] ١٠ - وعن سهل بن محمد بن سهل، عن عبد ربه بن محمد بن إبراهيم، عن ابن أورمة، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النشرة للمسحور، فقال: « ما كان أبيعليه‌السلام يرى به بأسا ».

[١٤٩١٣] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان الله يرحم عصاة أمتي في الليلة المباركة، بعدد شعور أغنام بني كلب وربيعة ومضر، فيغفر لهم الا ثمانية نفر: المشرك، والكاهن، والساحر،

__________________

٩ - طب الأئمة ص ١١٤.

(١) في المصدر: نزلتا.

(٢) في الحجرية « عاصم » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: كاد، أو.

(٤) في المصدر: وليس.

١٠ - المصدر السابق ص ١١٤.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

١٠٩

والعاق، وآكل الربا، ومدمن الخمر، والزاني، والماجن» .

[١٤٩١٤] ١٢ - وروي: انه يخرج عنق من النار فيقول: أين من كذب على الله؟ وأين من ضاد الله؟ وأين من استخف بالله؟ فيقولون: ومن هذه الأصناف الثلاثة؟ فيقول: من سحر فقد كذب على الله، ومن صور التصاوير فقد ضاد الله، ومن تراءى في عمله فقد استخف بالله.

٢٣ -( باب تحريم اتيان العراف وتصديقه، وتحريم الكهانة والقيامة)

[١٤٩١٥] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الكاهن - إلى أن قال - واجر القافي(١) ». الخبر.

[١٤٩١٦] ٢ - وبهذا الاسناد، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بد من العريف والعريف في النار، ولا بد من الامرة برة كانت أو فاجرة ».

[١٤٩١٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « من جاء عرافا فسأله وصدقه بما قال، فقد كفر بما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يقول: [ إن ](١) كثيرا من الرقي وتعليق التمائم شعبة [ من الاشراك ](٢) ».

[١٤٩١٨] ٤ - وعن جعفر بن محمد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « كنا

__________________

١٢ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٢٣

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

(١) القائف: الذي يعرف آثار الاقدام، وكان ذا منزلة في الجاهلية. ( لسان العرب ( قوف ) ج ٩ ص ٢٩٣ ).

٢ - المصدر السابق ص ٢٤٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٣ ح ١٧٣٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٨.

١١٠

مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة، إذ رمي بنجم(١) فاستنار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للقوم: ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا؟ قالوا(٢) : كنا نقول: مات عظيم وولد عظيم، قال: فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش وقالوا: قضى ربنا بكذا، فتسمع ذلك أهل السماء التي تليهم، فيقولون ذلك، حتى يبلغ ذلك إلى السماء الدنيا، فيسرق(٣) الشياطين السمع، فربما اعتقلوا شيئا فأتوا به الكهنة، فيزيدون وينقصون فتخطئ الكهنة وتصيب، ثم إن الله عز وجل منع السماء بهذه النجوم فانقطعت الكهانة فلا كهانة، وتلا جعفر بن محمدعليهما‌السلام ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ) (٤) وقوله عز وجل:( أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ) (٥) » .

[١٤٩١٩] ٥ - كتاب درست بن أبي منصور: عن ابن مسكان وحديد، رفعاه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « ان الله أوحى إلى نبي في نبوته: أخبر قومك انهم قد استخفوا بطاعتي وانتهكوا معصيتي - ان قال - وخبر قومك انه ليس مني من تكهن أو تكهن له، أو سحر أو تسحر له » الخبر.

[١٤٩٢٠] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - انه عد من السحت اجر الكاهن الخبر.

[١٤٩٢١] ٧ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المانعات: عن عطية، عن أبي سعيد

__________________

(١) في المصدر: نجم.

(٢) كان في الأصل: ( قال ) وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: فتسترق.

(٤) الحجر ١٥ الآية ١٨.

(٥) الجن ٧٢ الآية ٩.

٥ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٧.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٦.

٧ - المانعات ص ٢.

١١١

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا ديوث، ولا كاهن ومن مشى إلى كاهن فصدقه بما يقول، فقد برئ مما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[١٤٩٢٢] ٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من صدق كاهنا، فقد كفر بما انزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٤٩٢٣] ٩ - نهج البلاغة: عن نوف البكالي قال: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ذات ليلة، وقد خرج من فراشه فنظر إلى(١) النجوم، فقال: « يا نوف، ان داود قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها ( عبد الا استجيب له )(٢) ، إلا أن يكون عشارا، أو عريفا، أو شرطيا »، الخبر.

[١٤٩٢٤] ١٠ - الصدوق في الخصال: عن الحسين، عن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن الحسين بن أبي الخطاب، عن المغيرة بن محمد، عن بكير بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن نوف البكالي قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا نوف، اقبل وصيتي: لا تكونن نقيبا، ولا عريفا، ولا عشارا، ولا بريدا ».

[١٤٩٢٥] ١١ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن حمدويه وإبراهيم، عن أيوب بن نوح، عن [ حنان، عن ](١) عقبة بن بشير الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: إني في الحسب الضخم من قومي، وإن قومي كان لهم عريف فهلك، فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فما ترى

__________________

٨ - لب اللباب: مخطوط.

٩ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٧٣ رقم ١٠٤.

(١) في المصدر: في.

(٢) كان في الحجرية: عبد ربه الا استحباب، وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - بل أمالي الصدوق ص ١٧٤ ح ٩، وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٣٨٢ ح ٩.

١١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٥٩ ح ٣٥٨.

(١) أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ٦ ص ٢٩٩ و ج ١١ ص ١٥١ ).

١١٢

لي؟(٢) فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « تمن علينا بحسبك! أن الله رفع بالايمان من كان الناس يسمونه(٣) وضيعا إذا كان مؤمنا، ووضع بالكفر من كان يسمونه شريفا إذا كان كافرا، وليس لاحد على أحد تفضل(٤) إلا بتقوى الله، وأما قولك: إن قومي كان لهم عريف فهلك فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فإن كنت تكره الجنة وتبغضها فتعرف على قومك، ويأخذ سلطان جائر بامرئ مسلم يسفك دمه، فتشركهم في دمه، وعسى أن لا تنال من دنياهم شيئا ».

٢٤ -( باب حكم الرقي)

[١٤٩٢٦] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا رقى إلا في ثلاث: في حية(١) ، أو في عين، أو دم لا يرقى ».

[١٤٩٢٧] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن أربع نفخات: في موضع السجود، وفي الرقي، وفي الطعام، والشراب ».

[١٤٩٢٨] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن الرقي بغير كتاب الله عز وجل، وما [ لا ](١) يعرف ( من ذكره(٢) وقال: « هذه

__________________

(٢) في المصدر زيادة: قال.

(٣) في المصدر: سموه.

(٤) في المصدر: فضل.

الباب ٢٤

١ - الجعفريات ص ١٦٧.

(١) في المصدر: جبة.

٢ - المصدر السابق ص ٣٨.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: بذكره.

١١٣

الرقي مما اخذه سليمان بن داودعليهما‌السلام ، [ على الانس و ](٣) الجن والهوام» .

[١٤٩٢٩] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا رقى إلا في ثلاث: في حمة أو عين، أو دم لا يرقى »، والحمة: السم.

[١٤٩٣٠] ٥ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أردت ترقي الجرح - يعني من الألم والدم وما يخاف منه - عليه فضع يدك على الجرح وقل: بسم الله أرقيك، بسم الله الأكبر، من الحديدة والحجر(١) ، والناب الأسمر، والعرق فلا ينعر(٢) والعين فلا تسهر، تردده ثلاث مرات ».

[١٤٩٣١] ٦ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه سئل عن رجل رقى ملذوعا بسورة من القرآن فشفي، فأعطاه على ذلك(١) ، فرخص له(٢) .

[١٤٩٣٢] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: رجعت مع عمي من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمررنا بقبيلة من قبائل العرب فقالوا: ظننا انكم تقدمون من عند هذا الذي يدعي النبوة، وعندنا رجل قد جن قد أوثقناه، فهل عندكم شئ فيه راحته؟ فقال عمي: نعم، فذهبوا بنا إلى عند المجنون، فقرأ عمي فاتحة الكتاب، وكان يجمع بصاقه في فمه

__________________

(٣) في الحجرية: « عن » بدل « على » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٤.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٦.

(١) في المصدر زيادة: الملبود.

(٢) كان في الحجرية: يفتر، وما أثبتناه من المصدر، ونعر الجرح: سال دمه ولم ينقطع « لسان العرب ج ٥ ص ٢٢١ ».

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ٧٤ ح ٢٠٨.

(١) في المصدر: الرقية أجرا.

(٢) في المصدر زيادة: في ذلك.

٧ - تفسير أبى الفتوح الرازي ج ١ ص ١٣.

١١٤

وكلما قرأه مرات ألقى بصاقه في فمه، فعل ذلك به ثلاثة أيام، فبرأ بإذن الله تعالى، فأعطوني شيئا، فقلنا: لا نأكله حتى نسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه حلال، فلما سألناه، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اكل برقية باطل، فهذا برقية حق ».

قلت: رواه مختصرا ابن الأثير في أسد الغابة فقال: روى يعلى بن عبيد، عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال: حدثني خارجة بن الصلت: ان عمه أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسلم ثم رجع، فمر باعرابي مجنون موثق في الحديد، فقال بعضهم: من عنده شئ يداويه به؟ فان صاحبكم جاء بالخير، فقلت: نعم، فرقيته بأم الكتاب كل يوم مرتين، فبرأ فأعطاني مائة شاة، فلم آخذها حتى اتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته فقال: « أقلت شيئا غير هذا؟ » قلت: لا، قال: « كلها بسم الله، فلعمري من اكل برقية باطل، فقد أكلت برقية حق ».

٢٥ -( باب حكم القصاص)

[١٤٩٣٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن ربعي، عمن ذكره، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قول الله تعالى:( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا ) (١) قال: « الكلام في الله والجدال في القرآن( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٢) قال: منه القصاص ».

[١٤٩٣٤] ٢ - الصدوق في العيون: عن عبد الواحد(١) بن محمد بن عبدوس، عن

__________________

(١) أسد الغابة ج ٢ ص ٧٤.

الباب ٢٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦٢ ح ٣١.

(١) الانعام ٦ الآية ٦٨.

(٢) الانعام ٦ الآية ٦٨.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣٠٧ ح ٦٩.

(١) في الطبعة الحجرية: « عبد الله » وما أثبتناه من المصدر، راجع « معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٦ - ٣٧ ».

١١٥

علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام - في حديث - قال: قلت: يا بن رسول الله، فقد روي لنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو ليقبل به وجوه الناس إليه، فهو في النار» فقالعليه‌السلام : « صدق جديعليه‌السلام ، أفتدري من السفهاء» ؟ فقلت: لا، يا بن رسول الله، فقال: « [ هم ](٢) قصاص مخالفينا» . الخبر.

٢٦ -( باب كراهة الأجرة على تعليم القرآن مع الشرط، دون تعليم غيره، ودون الهدية، وما يكون من غير شرط، واستحباب التسوية بين الصبيان)

[١٤٩٣٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن أجرة المعلم حرام إذا شارط في تعليم القرآن، أو معلم لا يعلمه الا قرآنا فقط، فحرام اجرته ان شارط أم لم يشارط(١) ».

[١٤٩٣٦] ٢ - وروي عن(١) ابن عباس في قوله: ( أكالون للسحت )(٢) قال: أجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن.

[١٤٩٣٧] ٣ - وروي ان عبد الله بن مسعود جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر: « يشرط ».

٢ - المصدر السابق ص ٣٤.

(١) في المصدر « ان ».

(٢) المائدة ٥ الآية ٤٢.

٣ - المصدر السابق ص ٣٤.

١١٦

يا رسول الله، أعطاني فلان الاعرابي ناقة بولدها، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم(١) يا بن مسعود؟ » فقال: اني كنت علمت له أربع سور من كتاب الله، فقال: « رد عليه - يا بن مسعود - فان الاجر(٢) على القرآن حرام ».

[١٤٩٣٨] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: قيل إن عبد الرحمن السلمي علم ولد الحسينعليه‌السلام ( الحمد ) فلما قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار، وألف حلة، وحشا فاه درا، فقيل له في ذلك، فقال: « وأين يقع هذا من عطائه! يعني تعليمه ».

[١٤٩٣٩] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القارئ الذي لا يقرأ القرآن الا بأجر، ولا بأس ان يجرى له من بيت المال ».

[١٤٩٤٠] ٦ - عوالي اللآلي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله ».

٢٧ -( باب عدم جواز اخذ الأجرة على الأذان والصلاة بالناس والقضاء، وسائر الواجبات كتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم)

[١٤٩٤١] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: « الأجرة ».

٤ - مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٦٦.

٥ - الجعفريات ص ١٨٠.

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٦ ح ٢١٥.

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

١١٧

السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القاضي، الا قاض يجرى عليه من بيت المال، وأجر المؤذن الا مؤذن يجرى عليه من بيت المال» .

٢٨ -( باب عدم جواز بيع المصحف، وجواز بيع الورق والجلد ونحوهما، واخذ الأجرة على كتابته)

[١٤٩٤٢] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس ببيع المصاحف وشرائها »، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ولا بأس ان يكتب بأجر، ولا يقع الشراء على كتاب الله، ولكن على الجلود والدفتين، يقول: أبيعك هذا بكذا ».

٢٩ -( باب تحريم كسب القمار حتى الكعاب والجوز والبيض، وإن كان الفاعل غير مكلف، وتحريم فعل القمار)

[١٤٩٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم - يرحمك الله - ان الله تبارك وتعالى نهى عن جميع القمار، وأمر العباد بالاجتناب منها، وسماها رجسا، فقال( رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (١) مثل اللعب بالشطرنج والنرد وغيرهما من القمار، والنرد أشر من الشطرنج» ، الخبر.

[١٤٩٤٤] ٢ - الصدوق في المقنع: اتق اللعب بالنرد، فان الصادقعليه‌السلام نهى عن ذلك، ان مثل من يعلب بالنرد قماراً، مثل من يأكل لحم الخنزير، ومثل من

__________________

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩ ح ٢٩.

الباب ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

(١) المائدة ٥ الآية ٩٠.

٢ - المقنع ص ١٥٤.

١١٨

يلعب بها من غير قمار، مثل الذي يضع يده في لحم الخنزير، أو في دمه واجتنب الملاهي كلّها واللعب بالخواتيم والأربعة عشر(١) ، فان الصادقينعليهم‌السلام نهوا عن ذلك.

[١٤٩٤٥] ٣ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حمدويه، عن محمد بن عيسى قال: سمعته يقول: كتب إليه إبراهيم بن عنبسة - يعني إلى علي بن محمدعليهما‌السلام -: ان رأى سيدي ومولاي ان يخبرني عن قول الله:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) (١) الآية فما المنفعة جعلت فداك؟ فكتب: « كلما قومر به فهو الميسر »، الخبر.

[١٤٩٤٦] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إياكم وهاتين الكعبتين الموشومتين، فإنهما من ميسر العجم ».

٣٠ -( باب تحريم اخذ ما ينثر في الأعراس، الا من يعلم اذن أربابه بانتهابه)

[١٤٩٤٧] ١ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق، عن آبائه قال: « قال أمير المؤمنينعليهم‌السلام : دخلت أم أيمن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي ملحفها شئ، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما معك يا أم أيمن؟ فقالت: ان فلانة أملكوها(١) فنثروا

__________________

(١) في المصدر زيادة: وكل قمار.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٥ ح ٣١١.

(١) البقرة ٢ الآية ٢١٩.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٦٥.

الباب ٣٠

١ - أمالي الصدوق ص ٢٣٦ ح ٣.

(١) الاملاك: التزويج. ( لسان العرب - ملك - ج ١٠ ص ٤٩٤ ).

١١٩

عليها، فأخذت من نثارهم، ثم بكت أم أيمن، وقالت: يا رسول الله، فاطمةعليها‌السلام زوجتها ولم تنثر عليها شيئا» الخبر.

[١٤٩٤٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه نهى عن القمار، والنهبة، والنثار، يعني بالنثار: ما ينثر على قوم لم يدعوا إليه، ولم تطب نفس ناثره به لمن صار إليه، وكان يؤخذ اخطافاً(١) وانتهاباً، فهو شبيه بالنهبة.

٣١ -( باب جواز بيع جلد غير مأكول اللحم إذا كان مذكى، دون الميتة)

[١٤٩٤٩] ١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي: قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن جلود السباع التي يجلس عليها، فقال: « ادبغوها » فرخص في ذلك.

[١٤٩٥٠] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن جلود السباع ».

ورواه في الجعفريات: بسنده عنهعليه‌السلام (١) .

قلت: يمكن حمل الخبر الأول على المذكى، والثاني على الميتة، أو حمل الأول على مجرد جواز الانتفاع بها، بناء على جواز الانتفاع بالمنافع المحللة من الميتة، كالاستقاء من جلودها، واطعام كلب الصيد من لحومها، وحرمة المعاوضة عليها، والانتفاع من ثمنها.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٦ ح ١٧٣٩.

(١) في المصدر: اختطافا.

الباب ٣١

١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) الجعفريات ص ١٨٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142