المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 86424
تحميل: 4377


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86424 / تحميل: 4377
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

انهما لن يفترقا حتى يلقياني وسالت ربي ذلك فاعطانيه الا واني قد تركتهما فيكم كتاب الله وعترتي اهل بيتي فلا تسبقوهم فتفرقوا ولا تقصوا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم يا ايها الناس لاالفينكم بعدي ترجعون كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فتلقوني في كتيبة كمجر السيل الجرار الا ان علي بن ابي طالب اخي ووصي يقاتل بعدي على تاويل القران كما قاتلت على تنزيله (وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقوم مجلس بعد مجلس بمثل هذا الكلام ونحوه.

ثم انه عقد لاساة بن زيد بن حارثة الامرة وامره ان يخرج الى جمهور الامة الى حيث اصيب ابره من لبلاد الروم وجعل في جيشه اعيان المهاجرين ووجوه الانصار وفيهم ابو بكر وعمر وابو عبيدة حتى لايبقى في المدينة عند وفاته من يختلف في الامامة ويطمع في الامارة ويستتم الامر لمن استخلفه من بعده وامر اسامة ان يعسكر في الجرف (وهو معسكر المدينة) وحث الناس على الخروج اليه والمسير معهم وحذرهم من التاخر والابطاء عنه فبينما هو كذلك اذ عرضت له الشكاة التي توفي فيها. فلما احس بالمرض الذي عراه وذلك يوم السلت او يوم الاحد ليال بقين من صفر اخذ بيد علي وتبعه جماعة من الناس وتوجه الى البقيع فقال اني قد امرت بالاستغفار لاهل البقيع ثم قال : السلام عليكم اهل القبور ليهنكم ما اصبحتم فيه مما فيه الناس اقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع اخرها اولها ثم استغفر لاهل البقيع طويلا ثم اقبل على امير المؤمنين «ع» فقال ان

٢١

جبرئيل كان يعرض علي القران في كل سنة مرة ولا اراه الا لحضور اجلي ثم عاد الى منزله فمكث ثلاثة ايام موعوكا ثم خرج الى المسجد يوم الاربعاء معصوب الراس متكا على علي بيده اليمنى وعلى الفضل بن العباس باليد الاخرى حتى صعد المنبر فجلس عليه فحمد الله واثنى عليه (ثم قال) : اما بعد ايها الناس انه قد حان مني خفوق(١) من بين اظهركم فمن كان له عندي عدة فليات اعطه اياها ومن كان له علي دين فلييخبرني به قال الطبرسي في اعلام الورى فقام رجل فقال يا رسول الله لي عندك عدة اني تزوجت فوعدتني بثلاث اواق فقال انحلها اياه يا فضل فلبث الاربعاء والخميس ولما كان يوم الجمعة جلس على المنبر فخطب (ثم قال) : معاشر الناس انه ليس بين الله وبين احد شيء يعطيه خيرا ا يصرف عنه به شرا الا العمل. ايها الناس لايدع مدع ولايتمن متمن والذي لعثني بالحق نبيا لايتجي الا عمل مع رحمة ولو عصيت لهويت (ثم قال) اللهم بلغت (ثلاثا) وفي رواية المفيد اللهم هل بلغت (قال المفيد) ثم نزل فصلى بالناس صلاة خفيفة ثم دخل بيته وكان اذ ذلك بيت ام سلمة فاقام به يوما لو يومين فجائت عائشة تسالها ان تنقله الى بيتها لتتولى تعليله وسالت ازواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

____________________

(١) في انهاية خفوق اي حركة وقرب ارتحال.

٢٢

في ذلك فاذن لها فانتقل الى البيت الذي تسكنه عائشة ةاستمر به المرض اياما وثقل فجاء بلال عتد صلاة الصبح ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مغمورا بالمرض فنادى الصلاة يرحمكم الله فاوذن رسول الله (ص) بتدائه فقال يصلي بالناس بعضهم اني مشغول بنفسي فقالت عائشة مروا ابا بكر يصلي بالناس وقالت حفصة مروا عمر فقال رسول الله (ص) حين سمع كلامهما وحرص كل واحدة منهما على التنويه بابيها وافتتانهما بذلك ورسول الله (ص) حي اكففن فانكن صويحات يوسف ثم قام مبادرا خوفا من اقدم احد الرجلين وقد كان امرهما بالخروج مع اسامة ولم يكن عنده علم انهما قد تخلفا فلما سمع من عائشة وحفصة ما سمع علم انهما متاخران عن امره فبدر لكف الفتنة وازالة الشبهة فقام (ص) وانه لايستقل على الارض من الضعف فاخذ بيد علي بن ابي طالب والفضل بن العباس فاعتمد عليهما ورجلاه يخطان الارض من الضعف فلما خرج من المسجد وجد ابا بكر قد سبق الى المحراب فاوما اليه بيده ان تاخر عنه فتاخر ابو بكر وقام رسول الله (ص) مقامه وكبر وابتدا بالصلاة التي كان ابتدا بها ابو بكر ولم يبن على ما مضى من فعاله فلما سلم وانصرف الى منزله استدعى ابا بكر وعمر وجماعة ممن حضرالمسجد ثم قال الم امركم ان تنفذوا جيش اسامة فقالوا بلى يا رسول الله قال فلم تاخرتم عن امري فقال ابو بكر انني كنت قد خرجت ثم رجعت لاجدد امري بك عهدا وقال عمر يا رسول الله اني لم اخرج لانني لم احب ان

٢٣

اسال عنك الركب فقال النبي (ص) نفذوا جيش اسامة يكررها ثلاث مرات ثم اغمي عليه من التعب الذي لحقه والاسف فمكث هنيئة مغمى عليه فبكى المسلمون وارتفع النحيب من ازواجه وولده ومن حضره من النساء المسلمات فافاق فنظر اليهم ثم قال ائتوني بدواة وكتف(١) لاكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا ثم اغمي عليه فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفا فقال له عمر : ارجع فانه يهجر فرجع. وندم من حضر على ما كان منهم من التقصير في احضلر الدواة والكتف فتلاوموا بينهم وقالوا انا لله وانا اليه راجعون لقد اشفقنا من خلاف رسول الله (ص) فلما افاق قال بعضهم : الا ناتيك بكتف ودواة يا رسول الله فقال ابعد الذي قلتم ولكني اوصيكم باهل بيتي خيرا. (وفي رواية) ولكن احفظوني في اهل بيتي واعرض بوجهه عن القوم فنهضوا وهم يبكون قد يئسوا من رسول الله (ص). فلما كان من الغد حجب الناس عنه وثقل في مرضه وكان امير المؤمنين «ع» لا يفرقه الا لضرورة فقام في بعض شؤونه ففاق رسول الله (ص) فافتقد عليا فقال وازواجه حوله ادعو لي اخي وصاحبي وعاوده الضعف فاصمت(٢) فقالت عائشة : ادعوا له ابا بكر

____________________

(١) الكتف عظم عريض يكون في اصل كتف الحيوان كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس عندهم.

(٢) اصمت العليل اعتقل لسانه.

٢٤

فدعي ودخل وقعد عند راسه فلما فتح عينيه نظر اليه فاعرض عنه بوجهه فقام وقال لو كان له حاجة لافضى بها الي. فلما خرج اعاد رسول الله (ص) القول ثانيا وقال ادعوا لي اخي وصاحبي فقالت حفصة : ادعو له عمر ، فدعي فلما حضر وراه رسول الله (ص) اعرض عته فانصرف. ثم قال : ادعوا لي اخي وصاحبي فقالت ام سلمة : ادعوا له عليا فانه لا يريد غيره فدعي امير المؤمنين «ع» فلما دنا منه اوما اليه فاكب عليه فناجاه رسول الله طويلا ثم قام فجلس ناحية حتى اغفى رسول الله (ص) فلما اغفى خرج فقال له الناس يا ابا الحسن ما الذي اوعز اليك ؟ فقال : اوصاني بما انا قائم به انشاء الله تعالى ثم ثقل وحضر الموت وامير المؤمنين «ع» حاضر عنده فاخذ علي «ع» راسه فوضعه في حجره فاغمي عليه ، فاكبت فاطكمةعليها‌السلام تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول :

وابيض يستسقي الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للارامل

ففتح رسول الله (ص) عينيه وقال صوت ضئيل يا بنية هذا قول عمك ابي طالب لا تقوليع ولكن قولي : (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم) فبكت طويلا فاوما اليها بالدنو منه فدنت منه فاسر اليها شيئا تهلل له وجهها فقيل لفاطمة «ع» ما الذي اسر اليك

٢٥

رسول الله (ص) فسري(١) عنك به ما كنت عليه من الخوف والقلق بوفاته قالت اخبرني انني اول اهل بيته لحوقا بهوانه لن تطول المدة لي بعده حتى ادركه فسري بذلك عني.

وهل عدلت يوما رزية هالك

رزية يوم مات فيه محمد

وما فقد الماضون مثل محمد

ولا مثله حتى القيامة يفقد

المجلس الخامس

في ارشاد المفيد عليه الرحمة ما خلاصته انه لما مرض رسول الله (ص) مرضه الذي توفي فيه كان عنده عمه العباس وابنه الفضل وعلي بن ابي طالب واهل بيته خاصة فقال النبي : يا عباس يا عم رسول الله تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي ديني ؟ فقال العباس : يا رسول الله عمك شيخ كبير ذو عيال كثير وانت تبلري الريح سخاء وكرم وعليك وعد لا ينهض بك عمك. فاقبل على علي وقال يا اخي تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي ديني وتقوم بامر اهلي من بعدي فقال نعم يا رسول الله (وروي) الشيخ في الامالي ان العباس قال يا رسول الله انا شيخ ذو عيال كثير غير ذي مال

____________________

(١) سري عنهم الهم مجهولا انكشف.

٢٦

ممدود وانت اجود من السحاب الهاطل والريح المرسلة فلو صرفت ذلك عني الى من هو اطوق لي منه. (قال المفيد) : فقال : رسول الله (ص) اما اني ساعطيها من ياخذها بحقها ومن لا يقول مثلما تقول. ياعلي هاكها خالصة لا يحاقك احد يا علي اقبل وصيتي وانجز عدتي واد ديني يا علي اخلفني في اهلي وبلغ عني من بعدي. قال علي (ع) لما نعى الي نفسه رجف فؤادي والقي علي لقوله البكاء فلم اقدر ان اجيبه بشيء. ثم قال يا علي او تقبل وصيتي ولقد خنقتني العبرة ولم اكد ابين : نعم يا رسول الله (قال) المفيد في الارشاد والصدوق في العلل والشيخ في الامالي وغيرهم دخلت زوايات بعضهم في بعض : فقال رسول الله (ص) ادنو مني يا علي فدنا منه علي «ع» فضمه اليه ثم نزع خاتمه من يده فقال خذ هذا فضعه في يدك وقال يا بلال ائتني بسفي ذي الفقار ودرعي ذات الفضول ومنطقتي التي اشدها على درعي ومغرفي ذي الجبين ورايتي العقاب وعمامتي السحاب والاتحمية(١) والبرد والعنزة(٢) والقضيب الممشوق فاتى بلال بذلك كله الا درعه كانت يومئذ مرتهنة (ثم) دعا بزوجي نعال عربيين احدهما مخصوفة والقميص الذي اخرج فيه

____________________

(١) ضرب من البرود.

(٢) بالتحريك قال في القاموس رميح بين العصا والرمح فيه زج.

٢٧

يوم احد والقلانس الثلاث قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين وقلنسوة كان يلبسها ويقعد مع اصحابه (ثم قال) يا بلال علي بالبغلتين الشهباء والدلدل(١) (وفي رواية) هلم بغلتي وسرجها ولجامها والناقتين العضباء والصهباء والفرسين حيزم وذا الجناح الذي كان يوقف بباب المسجد لحوائج الناس يبعث رسول الله (ص) الرجل الى حاجة فيركبه (ثم قال) ائتني بالمرتجز(٢) والحمار الغفور فاتي بها فاوقفها بالباب فلم يزل يدعو بشيء حتى اته افتقد عصابة كان يشدها على بطنه اذا لبس سلاحه وخرج الىالحرب فجيء بها فدفعها الى امير المؤمنين «ع» (ثم قال) والبيت يومئذ غاص بمن فيه من المهاجرين والانصار : قم يا علي فاقبض هذا ومد اصبعه وقال في حياة مني زشهادة من في البيت لئلا ينازعك احد من بعدي قال علي «ع» فقمت وما اكاد امشي على قدم حتى استودعت ذلك جميعا منزلي. (اقول) ولما دنت وفاة امير المؤمنين «ع» سلم ذلك الى ابنه الحسن فلما دنت وفاة الحسن سلم ذلك الى اخيه الحسينعليهما‌السلام . فلما كان يوم عاشوراء لبس الحسين «ع» عمامة رسول الله (ص) وتقلد بسيفه ذي الفقار ولما اجمع اهل الكوفة على قتاله وضيقوا عليه ومنعوه من الماء

____________________

(١) بوزن قنفذ القنفذ العظيم وبه سميت بغلة النبي (ص).

(٢) بوزن اسم الفاعل فرس للنبي (ص).

٢٨

حتى نال العطش منه ومن اصحابه خطب فيهم خطبة طويلة قال من جملتها انشدكم الله هل تعلمون ان هذا سيف رسول الله (ص) انا متقلده ؟ قالوا اللهم نعم. قال انشدكم الله هل تعلمون تن هذه عمامة رسول الله (ص) انا لابسها ؟ قالوا اللهم نعم (الى ان قال) : فبم تستحلون دمي وابي الذائد عن الحوض يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصاد(١) عن الماء ولواء الحمد في يد ابي يوم القيامة قالوا قد علمنا ذلك كله ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشنا فلما خطب هذه الخطبة وسمع بناته واخته زينب كلامه بكين وارتفعت اصواتهن فوجه اليهن اخاه العباس وعليا ابنه وقال لهما سكناهن فلعري لسكثر بكاؤهن.

يتلو لهم حججا كالشمس واضحة

فعافها كل قلب منهم وقسا

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي اجلسني (قال) علي «ع» فاجلسته واسندته الى صدري فلقد رايت رسول الله (ص) وان راسه ليثقل ضعفا وهو يقول ويسمع اقصى اهل البيت وادناهم ان اخي ووصيي ووزيري وخليفتي في اهلي علي بن ابي طالب يقضي ديني وينجز وعدي يا بني هاشم يا بني عبد المطلب لا تبغضوا عليا

____________________

(١) عن الزمخشري في الفاتق ان النبي (ص) قال لعلي انت الذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه الرجال كما يذاد البعير الصاد اي الذي به الصيد وهو داء يلوي العنق.

٢٩

ولا تخالفوا عن امره فتضلوا ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفروا اضجعني يا علي فاضجعته (فقال) يا بلال ائتني بولدي الحسن والحسين فانطلق بلال وجاء بهما فاسندهما الى صدره وجعل يشمهما (قال) علي فظننت انهما قد غماه يعني اكرباه فذهبت لاخذهما عنه فقال دعهما يا علي يشماني واشمهما ويتزودا مني واتزود منهما فسيلقيان من بعدي زلزالا وامر عضالا لعن الله من يخيفهما الله اني استودعكما وصالح المؤمنين.(اتدري) يا رسول الله ما فعلوا بوديعتيك الحسنين من بعدك انا اخبرك بما فعلوا وان كنت تدري (اما) ولدك الحسن فقد جرعوه الغصص ونازعوه مقامك وحاربوه وخذلوه وضربوه في معول في فخذه وصل الى العظم حتى اغمي عليه ونهبوا رحله وال امرهم الى ان سقوه السم فمات شهيدا مسموما ومنعوا من دفنه عندك (واما) ولدك الحسين فاخافوه ومن حرمك وحرم الله طردوه بايعه اهل الكوفة وخذلوه وقتلوه ومن شرب الماء منعوه وبالخيل داسوا جسده ورضوه زراسه قطعوه وعلى راس الرمح رفعوه ومن بلد الى بلد حملوه وقتلوا اهله وانصاره وسبوا نساءه واطفاله وعياله.

يسار بها عنفا بلا رفق محرم

بها غير مغلول يحن على صعب

ويوقفها الطاغي بناديه شامتا

بما نال اهل البيت من فادح الخطب

ويسمع ال الله شتم خطبيه

با الحسن الممدوح في محكم الكتب

يصلي عليه الله جل وتجتري

على يبه من خصها الله بالسب

٣٠

المجلس السادس

في امالي الصدوق عليه الرحمة باسناده الى ابن عباس قال لما مرض رسول الله (ص) يعني مرضه الذي توفي فيه قال يا بلال علي بالناس فاجتمع الناس فخرج رسول الله (ص) متعصباا بعممامته متوكئا بقوسه حتى صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال معاشر اصحابي اي نبي كنت لكم الم اجاهد بين اظهركم الم تكسر رباعيتي الم يعفر جبيني الم تسل الدماء على حر وجهي حتى لثقت لحيتي (اي ابتلت) الم اكابد الشدة والجهد مع جهال قومي الم اربط حجر المجاعة على بطني قالوا بلى يا رسول الله لقد كنت على بلاء الله صابرا وعن المنكر ناهيا فجزاك الله عنا افضل الجزاء قال وانتم فجزاكم الله (ثم قال) ان ربي عز وجل حكم واقسم ان لايجوزه ظلم ظالم فناشدتكم بالله اي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة الا قام فليقتص منه في دار الدنيا فهو احب الي من

٣١

القصاص في دار الاخرة على رؤس الملائكة والانبياء فقام اليه رجل من اقصى القوم يقال له سواء بن قيس فقال فداك ابي وامي يارسول الله انك لما اقبلت من الطائف استقبلتك وانت على ناقتك العضباء وبيدك القضيب الممشوق فرفعته وانت تريد الراحلة فاصاب بطني فلا ادري عمدا او خطا فقال معاذ الله ان اكون تعمدت (ثم قال) يا بلال قم الى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة معاشر الناس من ذا الذي يعطني القصاص من نفسه قبل يوم القيامة وطرق بلال الباب على فاطمة «ع» وهي تقول يا بلال وما يصنع والدي بالقضيب وليس هذا يوم القضيب فقال بلال يا فاطمة اما علمت ان والدك قد صعد المنبر وهو يودع اهل الدين والدنيا ، فصاحت فاطمة «ع» وقالت واغماه لغمك يا ابتاه من للفقراء والمساكين وابن السبيل يا حبيب الله وحبيب القلوب ثم ناولت بلال القضيب فخرج حتى ناوله رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) اين الشيخ فقال ها انا ذا يا رسول الله بابي انت وامي قال فاقتص مني حتى ترضى فقال الشيخ فاكشف لي عن بطنك يا رسول الله فكشف عن بطته فقال الشيخ بابي انت وامي يا رسول الله اتاذن لي ان اضع فمي على بطنك فاذن له فقال اعوذ بموضع القصاص من بطن رسول الله (ص) من النار يوم النار فقال رسول الله (ص) يا سواء بن قيس اتعفو ام تقتص فقال بل اعفو

٣٢

يا رسول الله فقال (ص) الهم اعف عن سواء بن قيس كما عفا عن نبيك محمد (ثم) قام رسول الله (ص) فدخل بيت ام سلمة وهو يقول رب سلم امة محمد من النار ويسر عليهم الحساب فقالت ام سلمة مالي اراك مغموما متغير اللون فقال نعيت الي نفسي هذه الساعة فسلام لك في الدنيا مني فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد ابدا لافقالت ام سلمة واحزناه حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمد ثم قال (ص) ادعي لي حبيبة قلبي وقرة عيني فاطمة تجيء فجاءت فاطمة وهي تقول نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء يا ابتاه الاتكلمني كلمة فاني انظر اليك واراك مفارق الدنيا فقال لها يا بنية اني مفرقك فسلام عليك مني ثم اغمي على رسول الله (ص) فدخل بلال وهو يقول الصلاة رحمك الله فخرج رسول الله (ص) وصلى بالناس وخفف الصلاة ثم قال ادعوا لي علي بن ابي طالب واسامة بن زيد(١) فجاء فوضع يده على عاتق علي والاخرلاى على اسامة ثم قال انطلقا بي الى منزل فاطمة فجاء به حتى وضع راسه في حجرها فاذا الحسن

____________________

(١) قد ينافي هذا ما ورد من انه (ص) كان قد اخرج اسامة وامره ان يعسكر بالجرف الا ان يكون اخرجه بعد ذلك فان اخراجه كان بعد ان احس بالمرض.

٣٣

(المجالس الخامس)

والحسينعليهما‌السلام يبكيان ويصطرخان وهما يقولان انفسنا لنفسك الفداء ووجوهنا لوجهك الوقاء فقال رسول الله (ص) من هذان يا علي ابناك الحسن والحسين فعانقهما وقبلهما وكان الحسن اشد بكاء فقال له علي «ع» كف يا حسن فقد شققت على رسول الله (ص).

قال ابن عباس ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول في ذلك المرض ادعوا لي حبيبي فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه فقيل لفاطمة «ع» امضي الى علي فما نرى رسول الله(ص) يريد غيره فبعثت فاطمة الى علي «ع» فلما دخل فتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه وتهلل وجهه ثم قال الي يا علي الي يا علي فما زال يدنيه حتى اخذه بيده واجلسه عند راسه ثم اغمي عليه فجاء الحسن والحسينعليهما‌السلام يصيحان ويبكيان حتى وقعا عل رسول الله (ص) فاراد علي «ع» ان ينحيهما عنه فافاق رسول الله (ص) قثال يا علي دعني اشمهما ويشماني واتزود منهما ويتزودا مني اما انهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما فلعنة الله على من يظلمهما يقول ذلك ثلاثا ثم مد يده الى علي «ع» فجذبه اليه حتى ادخله تحت ثوبه الذي كان عيه ووضع فاه على فيه وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت روحه الطيبة فانسل علي «ع» من تحت ثيابه وقال اعظم الله اجوركم في نبيكم فقد قبضه الله اليه فارتفعت الاصوات بالضجة والبكاء.(قال الطبرسي) وصاحت فاطمة وصلح المسلمون وصاروا يضعون الترب على رؤسهم (وروى)

٣٤

غير واحدان فاطمةعليها‌السلام جعلت تندبه (ص) وتقول يا ابتاه الى جبرئيل ننعاه يا ابتاه من ربه ما ادناه يا ابتاه اجاب ربا دعاه يا ابتاه من ربه ناداه يا ابتاه جنان الفردوس ماواه (قال) ابن شهر اشوب ان الزهرءعليها‌السلام تمثلت بهذه الابيات :

قد كنت لي جبلا الوذ بضله

فاليوم تسلمني لاجرد ضاحي

قد كنت جار حميتي ما عشت لي

واليوم بعدك من يريش جناحي

وباغض من طرفي واعلم انه

قد مات خير فوارسي وسلاحي

حضرت منيته فاسلمني العزا

وتمكنت ريب المنون جراحي

(وقال) المفيد واصبحت فاطمة تنادي وا سوء صبحاه فسمعها رجل فقال ان صباحك لصباح سوء.

لقد عظمت مصيبتنا وجلت

عشية قيل قد قبض الرسول

واضحت ارضنا مما عراها

تكاد بنا جوانبها تزول

فقثدنا الوحي والتنزيل فينا

يروح به ويغدو جبريئل

٣٥

المجلس السابع

مما جاء في وصية النبي (ص) انه لما رجع من حجة الوداع وتحقق دنو اجله جعل يقوم في الناس مقام بعد مقام يوصيهم باهل بيته فما اوصاهم به ما رواه مسلم في صحيحه واحمد بن حنبل في مسنده ان رسول الله (ص) خطب الناس بماء يدعى خما بين مكة والمدينة (فقال) في خطبته : ايها الناس انما انا بشر يوشك ان ياتيني رسول ربي فاجيب واني تارك ثقلين اولهما كتاب الله فيه الهدى والنورفخذوا كتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال واهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي (وروى) احمد في مسنده ايضا اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر كتاب الله حبل الله ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (وفي خبر اخر) رواه احمد والترمذي. وان الطيف الخبير اخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا بم تخلفوني فيهما (وروي) الثعلبي في تفسيره اني تكركت فيكم الثقلين خليفتين ان اخذتم بهما لن تضلوا بعدي احدهما اكبر من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض

٣٦

(وممن) روى حديث الثقلين منة ائمة اهل السنة ابن الغازلي الشافعي و صاحب الجمع بين الصحاح السته والحميدي والسمعاني وموفق بن احمد والحموئي وغيرهم (قال) ابن حجر في صواعقه وفي رواية في صحيحه اني تارك فيكم امرين لن تضلوا ان تبعتوهما وهما كتاب الله وعترتي اهل بيتي زاد الطبراني اني سالت ذلك لهما فلا تقدموعهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلمواهم فانهم اعلم منكم (وعن) كشف الغمة بسندة الى ام سلمة «رض» قالت سمعت رسول الله «ص» في مرضه الذي قبض فيه يقول وقد امتلات الحجرة من اصحابه ايها الناس يوشك ان اقبض قبضا سريعا وقد قدمت اليكم القول نعذرة اليكم الا اني مخلف فيكم كتاب الله ربي عز وجل وعترتي اهل بيتي ثم اخذ بيد علي «ع» فرفعها فقال هذا علي مع القران والقران مع علي خليفتان لاييفترقان حتى يردا علي الحوض فاسالهما ماذا خلفت فيهما.

«وروى» فرات بن ابراهيم بسنده عن جابر الانصاري قال قال رسول الله «ص» في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة بابي وامي ارسلي الى بعلك فادعيه لي فقالت للحسين انطلق الى ابيك فقل يدعوك جدي فاقبل امير المؤمنين «ع» حتى دخل على رسول الله «ص» وفاطمة عنده وهي تقول وا كرباه لكربك يا ابتاه فقال لها رسول الله «ص» لا كرب على ابيك بعد اليوم يا فاطمة ان النبي لا يشق عليه الجيب ولا يخمش عليه الوجه ولايدعى عليه بالويل ولكن قولي كما قال ابوك على ابراهيم تدمع

٣٧

العينان ويوجع القلب ولا يقول ما يسخط الرب وانا بك يا براهيم لمحزون «ثم قال» يا علي ادنو مني فدنا منه فقال يا اخي الم تسمع قول الله في كتابه ان الذين امنوا وعملوا الصالحات لولئك هم خير البرية قال بلى قال هم انت وشيعتك تجيئون غرا محجلين شباعا مرويين او لم تسمع قول الله في كتابه ان الذين كفروامن اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية قال بلى قال هم عدوك وشيعتهم يجوزون يوم القيامة ظماء مظمئين اشقياء معذبين كفار منافقين(١) «وروى» ابن شهر اشوب في المناقب ان النبي (ص) اوصى الى علي «ع» بالصبر عن الدنيا وبحفظ فاطمة وبجمع القران ةقضاء دينه وبغسله وان يعمل حول قبره حائطا وبحفظ الحسن والحسين «ع» (وروى) صاحب النصوص انه لما حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا بعلي فساره طويلا ثم قال يا علي انت وصيي ووارثي قد اعطاك الله علمي وفهمي الى ان قال فبكت فاطمة وبكى الحسن والحسينعليهم‌السلام فقال لفاطمة يا سيدة النسوان مم بكاؤك قالت يا ابت اخشى الضيعة بعدك قال ابشري يا فاطمة فانك اول من يلحقني من اهل بيتي لا تبكي ولا تحزني فانت سيدة نساء اهل الجنة وابوك سيد الانبياء وابن عمك خير الاوصياء وابناك سيدا اهل الجنة. (وروى) ابن طاووس في كتاب

____________________

(١) لعل المراد انهم بمنزلتهم.

٣٨

الطرف بسنده عن عيسى الضرير في كتاب الوصيه عن الكاظم عن ابيهعليهما‌السلام ان رسول الله (ص) اوصى عليا لما حضرته الوفاة فقال يا علي تغسلني ولا يغسلني غيرك (و في رواية) لا يلي عسلي وتكفيني غيرك. (وروى) ابن طاووس في الطرف بسنده عن ابن عيسى الضرير انه كان فيما اوصى به رسول الله (ص) ان يدفن في بيته الذي قبض فيه ويكفن بثلاث اثواب احدهما يمان ولا يدخل قبره غير علي(١) ثم قال يا علي كن انت وابنتي فاطمة والح سن والحسين وكبروا خمسا وسبعين تكبيرة وكبر خمسا وانصرف ثم من جاء من اهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا ثم نساؤهم ثم الناس بعد ذلك (وعن) الخرائج بسنده عن امير المؤمنين «ع» انه فال امرني رسول الله (ص) ان استقي سبع قرب من بئر غرس فاغسله بها ( وفي السيرة الحلبية ) عن ابن ماجة انه (ص) قال لعلي اذا انا مت فاغسلني بسبع قرب من بئري بئر غرس(٢) (وفي رواية) البصائر ست قرب (وروى) الكليني

____________________

(١) هذا ينافي ما سياتي من قول عليعليه‌السلام لاوس بن خولي انزل القبر الا ان يكون المراد لايتولى دفنه غير علي لا مجرد نزول القبر.

(٢) في السيرة الحلبية هي بئر بقا قال «ص» نعم البئر بئر غرس هي من عين الجنة وماؤها اطيب الماء وكان «ص» يشرب منها ويؤتي له بالماء منها.

٣٩

بسنده عن الباقر «ع» ان النبي «ص» قال لعلي يا علي ادفني في هذا المكان وارفع قبري من الارض اربع اصابع(١) ورش عليه من الماء اقول (اقول) وكان مما اوصى به رسول الله «ص» عليا «ع» ان ينجز عداته ويقضي دينه ويقوم بامر اهله من بعده (وقال) النبي «ص» من اصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فانها من اعظم المصائب.

فاذا ذكرت مصيبة تشجي لها

فاذكر مصابك بالنبي محمد

المجلس الثامن

«قال المفيد عليه الرحمة» لما توفي رسول الله «ص» وجهه علي «ع» وغمضه ومد عليه ازاره واشتغل بالنظر فلما اراد غسله استدعى الفضل بن العباس فامره ان يناوله الماء لغسله بعد

____________________

(١) سياتي في بعض الروايات ان عليا «ع» رفعه قدر شبر واربع اصابع فلعله كان مخيرا فالاقل اربع اصابع والاكثر شبر واربع اصابع او كلمة شبر سقطت من هذه الرواية.

٤٠