المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 86400
تحميل: 4377


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86400 / تحميل: 4377
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

ادعج(١) العينين سهل الخدين(٢) دقيق المسربة(٣) كث اللحية(٤) ذا وفرة(٥) وكان عنقه ابريق فضة عظيم الكراديس(٦) بعيد ما بين المنكبين ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير مليحا من احسن الناس وجها وكان يخضب بالسواد وكان جعد الشعر(٧) حسن البدن (وقال) المفيد في الارشاد كان الحسن اشبه الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلقا وهيئة وهديا وسؤددا (وجاءت) فاطمةعليها‌السلام بابنيها الحسن والحسينعليهما‌السلام الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شكواه التي توفي فيها فقالت يا رسول الله هذا نابناك فورثهما شيءا فقال ام الحسن فان له هيبتي وسؤددي واما الحسين فان له جودي وشجاعتي (قال الطبرسي) ويصدق هذا الخبر ما رواه محمد بن اسحاق قال ما بلغ احد من الشرف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما بلغ الحسن بن علي كان يبسط له على باب داره فاذا خرج وجلس انقطع الطريق فما يمر احد من خلق الله اجلالا له فاذا علم قام

____________________

(١) الدعج شدة سواد العين مع سعتها.

(٢) صلتهما اي سائل الخدين غير مرتفع الوجنتين.

(٣) بفتح الميم وضم الراء الشعر المستدق الذي ياخذ من الصدر الى السرة.

(٤) كثير شعرها.

(٥) الوفرة الشعر الى شحمة الاذن.

(٦) كل عظمين التقيا في مفصل فهو كردوس مثل المنكبين والركبتين.

(٧) الجعودة ضد السبوطة وتحمد الجعودة في الشعر لان السبوطة اكثرها في شعور العجم.

٣٤١

ودخل بيته فيمة الناس (قال الراوي) ولقد رايته في طريق مكة نزل عن راحلته فمشى فما من خلق اله احد الا مزل ومشى حتى رايت سعد بن ابي وقاص قد نزل ومشى الى جنبه وعن واصل بن عطاء كان الحسن بن عليعليهما‌السلام عليه سيماء الانبياء وبهاء الملوك (وعن) انس بن مالك لم يكن احد اشبه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حسن بن عليعليهما‌السلام (وقال) انس ايضا في حق اخيه الحسين «ع» كان اشبههم برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك لما رأى رأس الحسين «ع» بين يدي ابن زياد(١) وعن الغزالي في الاحياء والمكي في قوت القلوب قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسن «ع» اشبهت خلقي وخلقي (وعن) علي كان الحسن اشبه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما بين الصدر الى الرأس والحسينم اشبهبه فيما كان اسفل من ذلك (وكانت) الزهراءعليها‌السلام ترقص الحسن «ع» وتقول :

اشبه اباك يا حسن واخلع عن الحق الرسن(٢)

واعبد الها ذا منن ولا توال ذا الاحسن

____________________

(١) الجمع بينم هذين الحديثين يقتضي انيكون الحين اشبه الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما عدا الحسين والحسين اشبه الناس به ما عدا الحسنم ويمكن ان يكون وجه الجمع ما يأتي عن عليعليه‌السلام ولكن الابيات الاتية عن الزهراء «ع» قد تنافي ذلك والله اعلم.

(٢) اجعله ظاهرا حرا مطلقا غير مأسور لاحد.

٣٤٢

وقالت للحسين «ع» :

انت شبيه بابي لست شبيها بعلي

(ومما جاء) في عبادة الحسن بن عليعليهما‌السلام وزهده وفضله وفصاحته وسخائه ما رواه الصدوق في الامالي باسناده عن الصادق «ع» قال حدثني ابي عن ابيهعليهما‌السلام ان الحسن ابن عليبنم ابي طالبعليهما‌السلام كان اعبد الناس في زمانه وازهدهم وافضلهم وكان «ع» اذا حج حج ماشيا وربما مشى حافيا وكانعليه‌السلام اذا ذكر الموت بكى واذا ذكر الممر على السراط بكى واذا ذكر العرض على للالله تعالى ذكره شهق شهقة يغشي عليه منها واذا قام في صلاته ترتعد فرائضه بين يدي ربه عز وجل وكانعليه‌السلام اذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم وسأل الله الجنة وتعوذ به من النار وكان لا يقرأ من كتاب الله عز وجل يا ياايها الذين آمنوا الا قال لبيك لبيك اللهم لبيك ولا يمر في شيء من احواله الا ذكر الله سبحانه (وكان) اصدق الناس لهجة وافصحهم منطقا (ولقد) قيل لمعاوية ذات يوم لو امرت الحسن بن علي فصعد المنبر فخطب ليتبين للناس نقصه فدعاه فقال له اصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال ايها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا الحسن بن علي بن ابي طالب

٣٤٣

وابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انا ابن خير خلق الله انا ابن رسول الله انا ابن صاحب الفضائل انا ابن صاحب المعجزات والدلائل انا ابن امير المؤمنين انا المدفوع عن حقي انا واخي سيدا شباب اهل الجنة انا ابن الركن والمقام انا ابن مكة ومنى انا ابن المشعر وعرفات (فقال) له معاوية يا يابا محمد خذ في نعت الرطب ودع هذا فقالعليه‌السلام الريح تنفخه والحر ينضجه والبرد يطيبه ثم عاد في كلامه (فقال) انا ابن امام خلق الله وابن محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخشي معاوية ان يتكلم بعد ذلك بما يفتتن به الناس فقال يا ابا محمد انزل فقد كفى ما جرى فنزل (وفي) امالي الصدوق ايضا باسناده عن الرضا عن آبائهعليهم‌السلام قال لما حضرت الحسن بن عليعليهما‌السلام الوفاة بكى فقيل له يا ابن رسول الله اتبكي ومكانك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي انت في ه وقد قال فيك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قال وقد حججت عشرين حجة فقال ابكي لخصلتين لهول المطلع وفراق الاحبة (وفي مطالب السؤول) انه قد صح النقل فيما رواه الحافظ ابو نعيم في حليته بسنده انهعليه‌السلام خرج من ماله مرتين وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات وتصدق به حتى كان يعطي نعلا ويمسك نعلا (ونقل) الحافظ ابو نعيم المذكور في حلية الاولياء بسنده انهعليه‌السلام قال اني لاستحي من ربي ان الهاه ولم امش الى بيته فمشى عشرين مرة من المدينة الى مكة على رجليه (وروى) صاحب كتاب الصفوة

٣٤٤

بسنده ان الحسنعليه‌السلام حج خمسا وعشرين حجة ماشيا وان النجائب لتقاد معه (وعن) الصادقعليه‌السلام قريب منه (وفي روضة الواعظين) انهعليه‌السلام كان اذا توضأ ارتعدت مفاصله واصفر لونه فقيل له لفي ذلك فقالعليه‌السلام حق على كل من وقف بين يدي رب العرش ان يصفر لونه وترتعد مفاصله وكان اذا بلغ المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم (وذكر) غير واحد من العلماء ان الحسنعليه‌السلام كان من اوسع الناس صدرا واسجحهم خلقا (وعن) صحيحي مسلم والبخاري عن البراء بن عازب قال رايت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحسن بن علي على عاتقه وهو يقول اللهم اني احبه فاحبه (وفي رواية) عن حلية الاولياء من احبني فاليحبه (وعن) كتاب بشارة المصطفى بسنده عن يعلى بنم مرة قال خرجنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد دعينا الى طعام فاذا الحسنعليه‌السلام يلعب في الطريق فاسرع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم امام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة ها هنا ومرة ها هنا يضاحكه حتى اخذه فجعل احدى يديه في رقبته والاخرى على رأسه ثم اعتنقه فقبله ثم قال حسن مني وانا منه احب الله من احبه (بابي) انت وامي يا ابا محمد يا حبيب رسول الله وريحانته وسبطه الذي كان يحملك على عاتقه وعلى ظهره ويلاطفك ويلاعبك ليته يرى ما فعله معك بنو امية اعداء الله واعداء رسوله واعداء الاسلام فجرعوك الغصص والغيظ حتى ازالوك عن مقامك الذي احلك الله فيه

٣٤٥

ودسوا اليك السم حتى تقطعت منه كبدك ومنعوا هم واشياعهم من دفنك عند جدك الذي انت حبيبه وريحانته واولى بقربه حيا وميتا من كل احد.

بابي الذي قد عاش في غصص توهي الجبال وتوهن الجلدا

حتى قضى بالسم محتسبا ومصى الى باريه مضطهدا

لم يكفهم من قبل ما فعلوا بغيا وما جاؤا به حسدا

حتى ابوا مان دفن جثته عند النبي فكان منفردا

* * *

المجلس الثالث

(جملة من الحكم والاداب النتقولة عنهعليه‌السلام )

(في حلية الاولياء) بسنده سأل عل ابنه الحسن عن اشياء من امر المروءة فقال : يا بني ما السداد قال دفع المنكر بالمعروفقال فما الشرف قال اصطناع العشيرة وحمل الجريرة. قال فما المروءة قال العفاف واصلاح المال. قال فما السماح قال البذل في العسر واليسر. قال فما السح قال ان ترى ما في يديك شرفا زما انفقته تلفا. قال فما الاخاء قال المواساة في الشدة والرخاء. قال فما الجبن قال الجراة على الصديق والنكول عن العدو. قال فما

٣٤٦

الغنيمة قال الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا. قال فما الحلم قال كظم الغيظ زملك النفس. قال فما الغنى قال رضى النفس بما قسم الله وان قل وانما الغنى غنى النفس , قال فما الفقر قال شره النفس الى كل شيء قال فما الكلفة قال كلامك فيما لا يعبيك قال فما المجد قال ان تعطي في الغرم وتعفو عن الجرم. قال طول الاناة والرفق بالولاة. قال فما الحرمان قال تركك حقك رقد عرض عليك.

(وفي تحف العقول) روي عن الحسن في اجوبته عن مسائل لقيل فما المروءة قالحفظ الدين واعزاز النفس ولين الكتف وتعهد الصنيعة واداء الحقوق والتحبب الى الناس (وفي رواية) : سئل عن المروءة فقال شح الرجل على دبنه واصلاحه ماله وقيامه بالحقوق قيل فما الكرم قال الابتداء بالعطاء قبل المسألة واطعام الطعام في المحل قيل لفما الحزم قال طول الاناة والاحتراس من جميع الناس قيل فما الشرف قال موافقة الاخوان وحفظ الجيران

(وفي تحف العقول ايضا) قالعليه‌السلام : ما تشاور قوم الا هدوا الى رشدهم. اللؤم ان لا تشكر النعمة.

وقال لبعض ولده : يا بني لا تؤاخ احدا حتى تعرف موارده ومصادره. القريب من قربته الموده وان بعد نسبه والبعيد من

٣٤٧

باعدته المودة وان قرب نسبة. الخير الذي لا شر فيه الشكر مع النعمة والصبر على النازلة. العار اهون من النار. قال في وصف اخ صالح كان له : كان من اعظم الناس في عيني وكان وراس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه كان لا يشتكس ولا يسخط ولا يتبرم كان اكثر دهره صامتا فاذا قال بذ القائلين كان اذا جالس العلماء على ان يسمع احرص منه على ان يقول واذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت لايقول ما لا يفعل ويفعل ما لايقول واذا عرض له امر ان لايدري ايهما اقرب الى ربه نظر اقربهما من هواه فخالفه. لا يلوم احدا على ما قد يقع العذر في مثله. وقيل له فيك عظمة فقال في عزة ، قال الله تعالى : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وسأله رجل ان يجالسه فقال اياك ان تمدحني فنا اعلم بنفسي منك او تكذبني فانه لا رأي لمكذوب او تغتاب عندي احدا فقال له الرجل ائذن لي في الانصراف قال نعم اذا شئت.

(وفي الفصول المهمة) : هلاك المرء في ثلاث الكبر والحرص والحسد. فالكبل هلاك الدين وبه لعن ابليس. والحرص عدو النفس وبه اخرج آدم من الجنة. والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل.

(وفي كشف الغمة) : لا ادب لمن لا عقل له. ولا مروءة لمن لاهمة له. ولا حياء لمن لا دين له. ورأس العقل معاشرة الناس

٣٤٨

بالجم ي ل. وبالعقل تدرك الداران جميعا. ما رأيت ظالما اشبه بمظلوم من حاسد. يا ابن ادم عف عن محارم الله تكن عابدا وارص بما قسم الله تكن غنيا. واحسن جوار من جاورك تكن مسلما. وصاحب الناس بمثل ما تحب ان يصاحبوك به تكن عدلا. با ابن ادم انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن امك فخذ مما في يديك لما بين يديك وقالعليه‌السلام ما فتح الله عز وجل باب عمل فخزن عنه باب القبول ولافتح لعبد باب شكر فخزن عند باب المزيد. وقالعليه‌السلام المعروف ما لم يتقدمه مطل ولا يتبعه من. والاعطاء قبل السؤال من اكبر السؤدد. وقالعليه‌السلام لا تعاجل الذنب بالعقوبة واجعل بينهما للاعتذار طريقا. المزاح ياكل الهيبة وقد اكثر من الهيبة الصامت. المسؤول حر حتى يعد ومسترق حتى ينجز. الفرصةسريعة الفوت بطيئة العود. تجهل النعم ما اقامت فاذا ولت عرفت.

المجلس الرابع

مما ينسب الى الحسن بنم عليعليهما‌السلام من الشعر على ما اورده ابن شهراشرب في المناقب قوله:

ذري كدر الايام ام صفاءها تولى بأيام السرور الذواهب

٣٤٩

وكيف يغر الدهر من كان بينه وبين الليالي محكمات التجارب

وقولهعليه‌السلام :

قل لمقيم بغير دار اقامة حان الرحيل فودع الاحبابا

ان الذين لقيتهم وصحبتهم صاروا جميعا في القبور ترابا

وقولهعليه‌السلام :

لكسرة من خسيس الخبز تشبعني وشربة من قراح الماء تكفيني

وطمرة من رقيق الثوب تسترني حيا وان مت تكفيني لتكفيني

(ومما جاء) في سخاء الحسنعليه‌السلام ما ذكره ابن شهر اشوب في النماقب ان رجلا ساله فاعطاه خمسين الف درهم وخمسمائة دينار وقال ائت بحمال يحمل لك فأتى بحمال فاعطى طيلسانه وقال هذا كرى الحمال (وجاءه) بعض الاعراب فقال اعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون الف درهم فدفعها الى الاعرابي فقال الاعرابي يا مولاي الا تركتني ابوح بحاجتي وانشر مدحتي فانشا الحسنعليه‌السلام يقول :

٣٥٠

نحن أناس نوالنا خضل

تجود قبل السؤال أنفسنا

لو علم البحر فضل نائلنا

يرتع فيه الرجاء والأمل

خوفاً على ماء وجه من يسل

لغاض من بعد فيضه خجل

(وعن المدائني) قال خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر حجاجاً ففاتهم أثقالهم فجاعوا وعطشوا فرأوا عجوزاً في خباء فاستسقوها فقالت هذه الشوية احلبوها وامتذقوا لبنها ففعلوا واستطعموها فقالت ليس الا هذه الشاة فليذبحها أحدكم فذبحها أحدهم وكشطها ثم شوت لهم من لحمها فأكلوا وقالوا عندها فلما نهضوا قالوا نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه فاذا عدنا فالمي بنا فانا صانعون بك خيراً ثم رحلوا فلما جاء زوجها أخبرته فقال ويحك تذبحين شاتي لقوم لا تعرفينهم ثم تقولين نفر من قريش ثم مضت الأيام فأضرت بها الحال فرحلت حتى اجتازت بالمدينة فرآها الحسن (ع) فعرفها فقال لها اتعرفيني قالت لا قال أنا ضيفك يوم كذا وكذا فأمر لها بألف شاة وألف دينار وبعث معها رسولا إلى الحسين (ع) فاعطاها مثل ذلك ثم بعثها إلى عبد الله بن جعفر فاعطاها مثل ذلك (وما جاء) في تواضع الحسن (ع) ما ذكره ابن شهراشوب في المناقب أيضاً عن كتاب الفنون وكتاب نزهة الأبصار انه مر على فقراء وقد وضعوا كسيرات على الأرض وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها فقالوا له هلم يا ابن بنت رسول الله

٣٥١

إلى الغداء فنزل وقال فان الله لا يحب المستكبرين وجعل يأكل معهم حتى اكتفوا ثم دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم وكساهم (أقول) أمثل هذا الإمام في سخائه وتواضعه وكرم أخلاقه وجليل صفاته يغصب حقه ويخان عهده وتنكث بيعته وينحى عن خلافة أبيه وجده ولم يكتفوا بذلك حتى دسوا إليه السم فلفظ كبده قطعة قطعة من شدة السم ولم يكتفوا بذلك حتى منعوا من دفنه عند جده ومن هو أولى بمجاورته وقربه واجلبوا في ذلك وأشهروا الحرب على بني هاشم حتى اضطروا إلى دفنه بالبقيع.

وجاشت لنأبي دفنه عند جده

اتدني لها الويلات مستوجب النوى

تثير على أشياعه رهج الحرب

إليه وتقصي عنه مستوجب القرب

المجلس الخامس

قال المفيد في الارشاد كان الحسن بن علي وصي أبيه أمير المؤمنينعليهما‌السلام ووصاه بالنظر في وقوفه وصداقته وكتب إليه عهداً مشهوراً ووصية ظاهرة في معالم الدين وعيون الحكمة والآداب وقد نقل هذه الوصية جمهور العلماء واستبصر بها في دينه ودنياه كثير من الفقهاء (وعن صحيح الترمذي) عن ابن

٣٥٢

عباس قال كان رسول الله (ص) حامل الحسن بن علي (ع) على عاتقه فقال رجل نعم المركب ركبت يا غلام فقالا النبي (ص) ونعم الراكب هو (وعن صحيح مسلم والبخاري) عن ابي هريرة ان النبي (ص) قال أثم لُكّع أثم لكع يعني حسنا فظننا انما تحبسه امه لأن تغله أو تبسه سخاباً (وهو خيط ينظم فيه خرز يلبسه الصبيان) فلم يلبث ان جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه فقال رسول الله (ص) اللهم اني احبه واحب من يحبه (وفي رواية) اللهم اني أحبه فأحبه واحب من يحبه (وفي رواية عن أبي هريرة) ادع لي لكع فاتى حسن يشتد حتى وقع في حجره فجعل يدخل يده في لحية رسول الله (ص) وجعل رسول الله (ص) يفتح فمه ويدخل فمه في فمه ويقول اللهم اني احبه واحب من يحبه ثلاثا (واتي) النبي (ص) بتمر من تمر الصدقة فأخذ الحسن (ع) تمرة فوضعها في فيه فادخل النبي (ص) أصبعه في فمه وقال كخ كخ أي بني أما شعرت ان آل محمد لا يأكلون الصدقة

٣٥٣

(وفي رواية) انه جعل يدخل أصبعه ليخرجها كأنه يمتنع عليه ويكره أن يؤذيه (بابي) أنت وأمي يا رسول الله ليتك ترى ما صنع بنو أمية وأشياعهم وأمتك من بعدك منعوه عن حقه ودسوا له الدسائس وبغوه الغوائل وجر وه الغيظ وبايعوه وخذلوه وضربوه بمول في فخذه انتهى إلى العظم وقتلوا شيعته وشيعة أبيه وشردوهم وأخافوهم وسبوا أباه أمير المؤمنين على رؤوس المنابر وهو يسمع ولا يستطيع ان يدفع حتى ادى الحال ببني أمية إلى أن دسوا له السم فمات مه بعد أربعين يوماً شهيداً مسموماً صابراً محتسباً فليتك تراه يا رسول الله وهو يقذف كيده قطعة قطعة من السم الذي دسه إليه معاوية وليتك تراه وقد منع من الدفن في جوارك وابعد عن قبرك ونحي عن قربك ظلماً وعدوانا وعداوة لله تعالى ولك يا رسول الله.

ليس هذا لرسول الله يا

فعلتم بابناء النبي ورهطه

أمة الطغيان والغي جزا

أفاعيل أدناها الخيانة والغدر

المجلس السادس

مما جاء في كرم أخلاق الحسن والحسينعليهما‌السلام انهما مرا على شيخ يتوضأ ولا يحسن الوضوء فاظهرا تنازعا يقول كل منهما للآخر أنت لا

٣٥٤

تحسن الوضوء وقالا ايها الشيخ كن حكما بيننا فتوضآ وقالا اينا يحسن الوضوء فقال الشيخ كلاكما تحسنان الوضوء ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن وقد تعلم الآن منكما وتاب على يديكما ببر كتكما وشفقتكما على امة جدكما (ومما) جاء في فضلهما ما روي عن الصادق (ع) انه اصطرع الحسن والحسين بين يدي رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) ايها حسن خذ حسيناً فقالت فاطمة يا رسول الله أتستنهص الكبير على الصغير فقال رسول الله (ص) هذا جبرئيل يقول ايها حسين خذ حسناً (ورؤي) الحسن والحسينعليهما‌السلام يمشيان إلى الحج فلم يمرا براكب الا نزل يمشي فثقل ذلك على بعضهم فقالوا لسعد بن أبي وقاص قد ثقل علينا المشي ولا نستحسن ان نركب وهذان السيدان يمشيان فقال سعد للحسن يا أبا محمد ان المشي قد ثقل على جماعة ممن معك والناس اذا رأوكما تمشيان لم تطب أنفسهم على أنفسنا المشي إلى بيت الله الحرام على أقدامنا ولكنا نتنكب الطريق فاخذا جانباً من الناس (وقال) مدرك بن أبي زياد لابن عباس وقد أمسك للحسن ثم للحسين بالركاب وسوى عليهما ثيابهم أنت أسن منهما تمسك لهما بالركاب فقال يا لكع وما تدري من هذان هذان ابنا رسول الله (ص) أو ليس مما أنعم الله علي به أن

٣٥٥

أمسك لهما وأسوي عليهما (قال المفيد عليه الرجمة) وكان من برهان كمالهما وحجة اختصاص الله لهما بيعة رسول الله (ص) لهما ولم يبايع صبياً في ظاهر الحال غيرهما (قال) وقد صرح رسول الله (ص) بالنص على إمامتهما بقوله ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا ودلت وصية الحسن (ع) إلى الحسين (ع) على امامته كما دلت وصية أمير المؤمنين (ع) إلى الحسن (ع) على إمامته بحسب ما دلت وصية رسول الله (ص) إلى أمير المؤمنين (ع) على إمامته من بعده (قال) وقد كانا حجة الله لنبيه (ص) في المباهلة وحجة الله من بعد أبيها أمير المؤمنين (ع) على الامامة في الدين والإسلام (قال) وكانا حبيبي رسول الله (ص) بين جميع أهله وولده (وعن) صحيح الترمذي بسنده قال رسول الله (ص) الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (وفي رواية) ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة (وزاد) في رواية وأبوهما خير منهما (وفي الاستيعاب) روي عن النبي (ص) من وجوده انه قال في الحسن والحسين أنهما سيدا شباب أهل الجنة (أقول) أمثل هذين السيدين الامامين سبطي رسول الله (ص) وريحانتيه وسيدي شباب أهل الجنة اللذين بلغ من كرم أخلاقهما انهما لم يصرحا للشيخ بانه لا يحسن الوضوء بل توضا أمامه لينبهاه واللذين بلغ من كرامتها على الله أن يستنهض أحدهما رسول الله (ص) والآخر جبرئيل عند تصارعهما واللذين بلغ من عبادتها أن حجا ماشيين على أقدامهما من المدينة إلى مكة مراراً عديدة واللذين بلغ من فضلهما وعلو مقامهما ان يخدمهما مثل

٣٥٦

ابن عباس مع جلالة قدره فيمسك لهما بالركاب عند ركوبهما ويسوي عليهما ثيابهما يظلمان ويقهران ويقتلان فيقتل الحسن بالسم حتى تقيأ كبده قطعة قطعة ومضى إلى ربه شهيداً مسموماً صابراً محتسباً ويقتل أخوه الحسين بالسيف أفجع قتلة وأفظعها ولا يجد له ناصراً ولا معيناً بين أمة تزعم انها على دين الإسلام.

ولسبطين تابعين فمسمو

وشهيد بالطف أكبى السماوا

يا غليلي له وقد حرم الما

قطعت وصلة النبي بان تق ـ

لهف نفسي يا آل طه عليكم

م عليه ثرى البقيع يهال

ت وكادت له تزول الجبال

ء عليه وهو الشراب الحلال

طع من أهل بيته الأوصال

لهفة كسبها جوى وخبال

المجلس السابع

مما جاء في شدة محبة النبي (ص) للحسن والحسينعليهما‌السلام ووجوب محبتهما على كل أحد ما (ن صحيح الترمذي) عن انس ابن مالك قال سئل رسول الله (ص) أي أهل بيتك أحب اليك قال الحسن والحسين وكان يقول لفاطمة ادعي لي ابني فيشمهما ويضمهما إليه (وعن) ابن عمر سمعت رسول الله (ص) يقول هما ريحانتاي من الدنيا (وعن) صحيح الترمذي عن أسامة بن زيد

٣٥٧

انه قال طرقت النبي (ص) ذات ليلة فخرج (إلى أن قال) فاذا حسن وحسين على وركية فقال هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم اني احبهما فاحبهما وأحب من يحبهما (وعن) كتاب اليواقيت لأبي عمرو الزاهد عن زيد بن أرقم قال كنت عند النبي (ص) في مسجده فمرت فاطمة صلوات الله عليها خارجة من بيتها إلى حجرة رسول الله (ص) ومعها الحسن والحسينعليهما‌السلام ثم تبعها علي (ع) فرفع رسول الله (ص) رأسه إليّ فقال من أحب هؤلاء فقد أحبني ومن أبغض هؤلاء فقد ابغضني (وعن جابر) قال رسول الله (ص) ان الجنة لتشتاق إلى أربعة من أهلي قد أحبهم الله وأمرني بحبهم علي بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي صلى الله عليهم الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم (ع) (وفي الاصابة) وعند أحمد من طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة قال خرج علينا رسول الله (ص) ومعه الحسن والحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى الينا فقال من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني (وقال ع) من أحب الحسن والحسين أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن احبه الله أدخله الجنة ومن ابغضهما ابغضته ومن ابغضته ابغضه الله ومن ابغضه الله أدخله النار (وعن زيد بن أرقم) ان النبي (ص) قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين أنا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم (وروي) أحمد بن حنبل ان النبي (ص) قال وقد نظر إلى الحسن والحسين (ع) من أحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة

٣٥٨

(وعن صحيح الترمذي والنسائي) بالاسناد إلى بريدة قال كان رسول الله (ص) يخطب فجاء الحسن والحسين (ع) وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله (ص) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله انما أموالكم وأولادكم فتنه نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما (وعن جابر) انه دخل على النبي (ص) والحسن والحسين (ع) على ظهره وهو يقول نعم الجمل جملكما ونعم الحملان أنتما (وفي رواية) ونعم العدلان انتما (وفي رواية) نعم المطي مطيكما ونعم الراكبان أنتما وأبوكما خير منكما (وعن أسلم) رأيت الحسن والحسينعليهما‌السلام على عاتق رسول الله (ص) فقلت نعم الفرس لكما فقال رسول الله (ص) ونعم الفارسان هما (وفي ارشاد المفيد) عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال كان النبي (ص) يصلي فجاء الحسن والحسين (ع) فارتدفاه فلما رفع رأسه أخذهما أخذاً رفيقاً فلما عادا فلما انصرف أجلس هذا لى فخذه الأيمن وهذا على فخذه الأيسر ثم قال من أحبني فليحب هذين (وفي الاصابة) عن مسند ابي يعلى بسنده كان رسول الله (ص) يصلي فاذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فاذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما فاذا قضى الصلاة وضعهما في حجره فقال من أحبني هذين (وعن) كتاب الآل لابن خالويه عن ابن عباس قال رسول الله (ص) حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة من أحبهما أحبني ومن أبغضهما أبغضني (وفي الاستيعاب)

٣٥٩

روي عن النبي (ص) من وجوه انه قال في الحسن والحسين (ع) اللهم اني أحبهما فاحبهما وأحب من يحبهما (أقول) أمثل هذين السيدين الفاضلين الامامين ريحانتي رسول الله (ص) وسبطيه وسيدي شباب أهل الجنة ومن تشتاق الجنة اليهما ومن انحصرت ذرية رسول الله (ص) فيهما اللذين قد بلغا أعلى درجات الفضل والشرف وكرم الأخلاق وطيب الاعراق شبيهي رسول الله (ص) في هيبته وسؤدده وجوده وشجاعته وخَلقه وخُلقه واللذين أوجب الله حبهما على كل مسلم ومن أحبهما أحبه الله ورسوله ومن أبغضهما أبغضه الله ورسوله أحب الناس إلى رسول الله (ص) بحيث بلغ من حبه لهما ان ينزل من على منبره ويقطع خطبته لأجلهما ويحملهما تارة على ظهره وأخرى على عاتقه وتارة على وركيه ولا يمنعهما على ركوب ظهره وهو في الصلاة ولا يدع أحداً ان ينزلهما ويأخذهما أخذاً رفيقاً خوفاً من انزعاجهما يظلمان بعده ويقهران ويدفعان عن حقهما من خلافة جدهما وتجتمع أمته الا من عصمه الله على ظلمهما وحربهما وغصب حقهما فمن بين خاذل ومقاتل حتى مات الحسن (ع) شهيداً بالسم وقض الحسين (ع) شهيداً بالسيف بعد ما بايع أهل الكوفة ابن عمه مسلم بن عقيل وضمنوا له النصرة ثم نكثوا بيعته وخذلوه واسلموه فقتل بينهم ولم يمنعوه وخرجوا إلى حرب الحسين (ع) وحاصروه ومنعوه المسير في بلاد الله واضطروه إلى حيث لا يجد ناصراً ولا ملجأ وحالوا بينه وبين ماء الفرات حتى تمكنوا منه فقتلوه فمضى (ع) ظمآن مجاهداً

٣٦٠