المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة7%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94436 / تحميل: 6009
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وتُوفّي في جمادى الآخرة سَنة ٣٩٦ه-(١) .

٧٢ - محمّد بن عمر الكشّي: تُوفّي قبل ٣٦٩ه-(٢) .

قال النجاشي ( ١٠١٩ ): محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي، أبو عمرو. كان ثقة، عيناً، وروى عن الضُعفاء كثيراً، وصحب العياشي وأخذ عنه، وتخرج عليه، وفي داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العِلم، له كِتاب الرجال، كثير العِلم، وفيه أغلاط كثيرة.

وقال الطوسي ( ٦١٥ ): ثقة، بصير بالأخبار وبالرجال، حَسن الاعتقاد، له كِتاب الرجال.

وقال في رجاله: محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي، يُكنّى أبا عمرو الكشّي، صاحب كِتاب الرجال، مِن غُلمان العياشي، ثقة بصير بالرجال والأخبار، مستقيم المذهب.

روى عن جماعة كثيرة منهم: حمدويه بن نصر الكشّي، وجبرائيل بن محمّد الفاريابي وغيرهما.

وروى عنه أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري المُتوفّى ٣٨٥ه-، وأبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه المُتوفّى ٣٦٩ه-.

وله كِتاب الرجال الموسوم ب- معرفةالناقلين عن الأئمّة الصادقين ، كان فيه العامّة والخاصّة، وفيه أغلاط كثيرة، وقد تصدّى الشيخ

____________________

(١) تاريخ بغداد ج٥ ص٢٨٢ رقم ٢٧٨٠.

(٢) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي (١٠١٩)، الفهرست للطوسي (٦١٥)، رجال الطوسي ص٤٩٧ رقم ( ٣٨ )، طبقات أعلام الشيعة/ القرن الرابع ص٢٩٥، مصفى المقال ص٣٧٥، الأُصول الأربعة في عِلم الرجال للسيد الخامنئي، قاموس الرجال ج٩ ص٤٨٦ رقم ( ٧١٢٠ ).

١٠١

الطوسي؛ فجرّد منه الخاصّة، وهذّبه، وسمّاه اختيار الرجال، هكذا اشتهر، ولكنّ المُحقّق التستري لم يقبل ذلك، ويقول: إنّ الأصل في ذاك الكلام القهبائي، وإنّه توهّم، وإنّه كان كباقي كُتب رجال الإماميّة مُختصّاً بالخاصّة ومَن صنّف لهم، أو روى لهم مِن غيرهم، وأوّل رجال: علم رجال الشيخ(١) ، وهو المطبوع الآن المُنتشر، وهو ما اختاره الطوسي.

تُوفّي في حدود مُنتصف القرن الرابع، لأنّه تُوفّي قبل أبي القاسم ابن قولويه المُتوفّى ٣٦٩ه- بسنوات عديدة.

٧٣- أحمد الجوهري: المُتوفّى ٤٠١ه-/ ١٠١١م(٢) .

أحمد بن محمّد بن عبيد الله بن الحسن بن عيّاش بن إبراهيم بن أيّوب الجوهري، أبو عبد الله.

قال الطوسي ( ٩٩ ): كان سَمِع الحديث وأكثر، وأختل في آخر عُمره، وكان جَدّه وأبوه وجهين ببغداد(٣) .

كُتبه في الرجال:

له عدّة كُتب في مُختلف المواضيع، ومنها في الرجال وهي:

١ - مُقتضب الأثر في عَدَد الأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام . مطبوع.

٢ - أخبار أبي هاشم الجعفري.

____________________

(١) قاموس الرجال ج٩ ص٤٨٧.

(٢) ترجمته: فهرست كُتُب الشيعة للطوسي رقم٩٩، رجال النجاشي ج١ رقم٢٠٥، قاموس الرجال ج١ ص٦٢٢ رقم ٥٦١، الأعلام للزركلي ج١ ص٢١٠.

(٣) فهرست كُتُب الشيعة ص٧٨ رقم ٩٩.

١٠٢

٣ - شِعر أبي هاشم الجعفري.

٤ - أخبار جابر الجُعفي.

٥ - الاشتمال على مَعرفة الرجال. فيه مَن روى عن إمام وإمام. مُختصَر.

٦ - أخبار السيّد أبي السيّد الحميري المُتوفّى ١٧٣ه-.

٧ - ذكر مَن روى الحديث مِن بني ناشرة.

٨ - أخبار وُكلاء الأئمّةعليهم‌السلام الأربعة. مُختصَر.

هذه الكُتب ذكرها الطوسي في الفهرست، والنجاشي في ترجمته.

وكان مِن أصدقاء النجاشي، لكنّه لا يَعتمد عليه، ولم يروِ عنه شيئاً، ونقل تضعيفه.

وقد نقل عنه الشيخ في مصباح المُتهجِّد في أدعية شهر رجب دعاء:

( اللهُمَّ إنّي أسألُكَ بِمعاني جَميعِ ما يدعوكَ بهِ وُلاة أمرِك ) (١) .

قال المُحقِّق التستري: وهو دعاء مُختل الألفاظ والمعاني، وفيه فقرة مُنكرة: لا فرق بينك وبينها إلاّ أنّهم عبادك(٢) .

٧٤- الغضائري: تُوفّي ٤١١ه-(٣) .

الحسين بن عبيد الله الغضائري.

قال الطوسي في رجاله: الحسين بن عبيد الله الغضائري، يُكنّى أبا عبد الله،

____________________

(١) مصباح المُتهجِّد ص ٧٣٩ - ٧٤١.

(٢) قاموس الرجال ج١ ص ٦٢٣.

(٣) رجال النجاشي ( ١٦٤ )، رجال الطوسي ص٤٧٠، رياض العلماء ج٢ ص١٢٩، أعيان الشيعة ج٦ ص٨٥، الميزان للذهبي ج٢ ص٢٩٧، لسان الميزان ج٢ ص٢٨٩ و ٢٩٧ رقم ١٢١٣ و١٢٣٠.

١٠٣

كثير السُماع، عارف بالرجال، وله تصانيف ذكرناها في الفهرست، سمعنا منه، وأجاز لنا بجميع رواياته، مات سَنة إحدى عشر وأربعمائة(١) .

ولكن النُسَخ الموجودة فِعلاً لم توجَد فيها ترجمته، وكذلك ما نَقله عنها العُلماء المُتقدّمون كالعلاّمة، وابن داود، وابن طاوس، لم ينقلوا ترجمته عن الفهرست، فلعلّه سهوٌّ مِن قَلم الشيخ الطوسي، أو أنّ الترجمة كانت في المسودّة، ولم تُبيّض أو أنّها سقطت مِن نُسخ الفهرست.

وقال النجاشي ( ١٦٤ ): الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري، أبو عبد الله. شيخنارحمه‌الله . ثمّ ذكر كُتبه.

وهو مِن الث-قات؛ لأنّه مِن مشايخ النجاشي، حيث نَصّ على وثقة مشايخه في ترجمة ابن الجُنيد، رقم ( ١٠٤٨ ).

ووثّقه أيضاً ابن طاوس في كِتاب النجوم(٢) .

وقال صاحب الرياض: الفاضل، العالِم، الفقيه، المعروف بالغضائري(٣) .

وقال الذهبي: شيخ الرافضة، يروي عن الجعابي، صنّف كِتاب الغدير. مات سَنة إحدى عشر وأربعمائة. كان يحفظ شيئاً كثيراً(٤) .

وقال ابن حجر: مِن كبار شيوخ الشيعة، كان ذا زُهد، وورع، وحِفظ، ويُقال كان مِن أحفظ الشيعة لحديث أهل البيت(٥) .

وهو والد أحمد بن الحسين الغضائري الآتي، صاحب الكُتب في الرجال.

____________________

(١) رجال الطوسي ص٤٧٠.

(٢) رياض العُلماء ج٢ ص١٣١ رقم ٢٠٢٦.

(٣) رياض العُلماء ج٢ ص١٢٩ رقم ٢٠٢٦.

(٤) الميزان للذهبي ج٢ ص٢٩٧.

(٥) لسان الميزان ج٢ ص٢٨٩ رقم ١٢١٣.

١٠٤

مَن هو صاحب كِتاب الرجال؟

هل هو المُترجَم، أو ابنه أحمد الآتي؟

لا إشكال أنّ لابنه أحمد أكثر مِن كِتاب في عِلم الرجال، كما سوف يأتي في ترجمته، والمُترجَم كم يظهر مِن أحواله له أيضاً كِتاب في أحوال الرجال، كما ذكر ذلك الشهيد الثاني(١) ، وأشار إليه الشيخ الطوسي مِن أنّه كان عارفاً بالرجال - كما تقدّم -.

وفاته:

تُوفّي في ١٥ صفر سَنة ٤١١ه-، كما ذكره النجاشي والطوسي.

٧٥- ابن الغضائري

أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري، أبو الحسين، مِن مشايخ النجاشي، ومِن المعاصرين للشيخ الطوسي.

روى عن أبيه الحسين بن عبيد الله، وعن ابن عبدون وغيرهما.

وروى عنه النجاشي وغيره.

له في عِلم الرجال:

١ - فهرست كُتب الأصحاب.

٢ - فهرست أُصول الأصحاب.

٣ - كِتاب الممدوحين.

____________________

(١) اُنظر ترجمته في رياض العلماء.

١٠٥

٤ - كِتاب المذمومين. المعروف بكتاب الضُعفاء لابن الغضائري. توجد نُسخة مِن كِتاب الضعفاء في المكتبة المركزيّة لجامعة طهران، في ٣٦ ورقة، تحت رقم عام هو ١٠٧١(١) .

وقد نقل الطوسي في مُقدّمة الفهرست: فإني لمّا رأيت جماعة مِن شيوخ طائفتنا مِن أصحاب الحديث عَملوا فهرست كُتب أصحابنا، وما صنّفوه مِن التصانيف وروه مِن الأُصول، ولم أجد منهم أحداً استوفى ذلك، ولا ذَكر أكثره، بل كلٌّ مِنهم كان غرضه أن يَذكر ما اختصّ بروايته، وأحاطت به خُزانته مِن الكُتب، ولم يتعرّض أحدٌ منهم لاستيفاء جميعه، إلاّ ما كان قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد اللهرحمه‌الله ، فإنّه عمل كتابين: أحدهما ذَكر فيه المُصنَّفات، والآخر ذَكر فيه الأُصول، واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقَدِر عليه، غير أنّ هذين الكتابين لم يَنسخهما أحد مِن أصحابنا، واخترم هورحمه‌الله ، وعَمِد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما مِن الكُتب. على ما يحكي بعضهم عنهم(٢) .

قال المحقّق التستري مُعلّقاً على هذه الحكاية: فالحقّ عدم تحقّق الحكاية، وأنّ كُتبه الأربعة بقيت بعده، ووصلت إلى النجاشي، أمّا فهرستاه، فلأنّه قال في صالح أبي مُقاتل: ذكره أحمد بن الحسين، وقال: صنّف كتاباً في الإمامة.

وقال في الحسين بن محمّد الأزدي - بعد ذكر كُتبه -: ذكر ذلك أحمد بن الحسين.

____________________

(١) ذَكر ذلك البقّال في هامش الرعاية في عِلم الدراية للشهيد الثاني ص١٧٧.

(٢) الفهرست للطوسي ص٢ بتحقيق الطباطبائي.

١٠٦

وقال في أبي الشداخ: ذكر أحمد بن الحسين، أنّه وقعَ إليه كِتاب في الإمامة.

وقال في جعفر بن أحمد بن أيّوب: ذكر أحمد بن الحسين، أنّ له كِتاب الرد.

وقال في خالد بن يحيى بن خالد: ذكره أحمد بن الحسين، وقال: رأيت له كتاباً - إلى أن قال - وأمّا كتابا ممدوحِيه ومذمومِيه فلأنّه - النجاشي - وثّقَ سُماعةَ، وقال: ذكره أحمد بن الحسين، وضعّف خيبريّاً، وقال: ذَكر - أي ذلك - أحمد بن الحسين، ومثله في سهل الآدمي.

وله كِتاب آخر غير الأربعة، وهو كِتابُ التاريخ، وموضوعه وَفَيات الرجال، وقد وصل أيضاً إلى النجاشي، فقال في أحمد البرقي: قال أحمد بن الحسين في تاريخه، تُوفّي أحمد بن أبي عبد الله إلخ. لكن ضاع الفهرستان والتاريخ بعد النجاشي، كضياع أكثر كُتب القُدماء التي عدّها الشيخ والنجاشي في فهرستهما. ووصل مجروحوه إلى ابن طاوس والعلاّمة وابن داود. ووصل جزء مِن ممدوحه إلى العلاّمة كما يظهر منه في عمر بن ثابت. وإلى ابن داود فقال في فصل مَن وثّق-ه النجاشي مرّتين: إنّ ابن الغضائري زاد عليهم خمسة(١) .

٧٦- السيرافي

أحمد بن محمّد بن نوح، يُكنّى أبا العبّاس السيرافي، سَكن البصرة، واسع الراوية، ثقة في روايته - رواياته خ ل - …

____________________

(١) قاموس الرجال ج١ ص٤٤١ - ٤٤٢.

١٠٧

وله تصانيف، منها:

١ - كِتاب الرجال الذين رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وزاد على ما ذكره ابن عُقدة كثيراً، وابن عقدة ذَكر قرابة أربعة آلاف راويٍ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أمّا هذا فلا يُعلم كمْ زاد على ابن عُقدة(١) .

٢ - أخبار الأبواب.

٧٧- عبد العزيز بن إسحاق

له كِتاب في طبقات الشيعة. ذكره الطوسي في فهرست كُتُب الشيعة ص٣٤١ رقم ( ٥٣٧ ).

ولم يُعلم طبقته.

٧٨- أحمد القلاّء السوّاق:(٢) .

أحمد بن محمّد بن عليّ بن عمر بن رباح القلاّء السوّاق، أبو الحسن. مولى آل سعد بن أبي وقاص.

قال النجاشي ( ٢٢٧ ): وكان أبو الحسن أحمد بن محمّد، ثقة في الحديث، صنّف كُتباً، فمنها: …

كِتاب ما روي في أبي الخطّاب محمّد بن أبي زينب، وهو شِركة بينه وبين أخيه عليّ بن محمّد.

____________________

(١) الفهرست للطوسي رقم ١١٧ ص٨٦.

(٢) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي ج١ ص٢٣٦ رقم ٢٢٧، فهرست كُتُب الشيعة ص٦٥ رقم ٨٢.

١٠٨

وكذلك قال الطوسي في فهرست كُتُب الشيعة ص٦٥ رقم ٨٢ مِثل الذي قاله النجاشي.

والقلاّء مِن الواقفيّة.

٧٩- غياث بن إبراهيم

له كِتاب مَقتل أمير المؤمنين ( ع )(١) .

يروي عنه محمّد بن يحيى الخزّاز.

٨٠- سلمة بن الخطاب

سلمة بن الخطّاب البراوستاني الأزدورقاني - قرية مِن سواد الري -

له كِتاب مقتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام (٢) .

وقال النجاشي ( ٤٩٦ ): كان ضعيفاً في حديثه.

له مولد الحسين بن عليّعليهما‌السلام ومقتله. ذكره النجاشي.

٨١- أبو عبد الله الحسني

قال الطوسي: له كُتب منها: كِتاب أخبار المحدِّثين، كِتاب أخبار معاوية، كِتاب الفضائل، كِتاب الكشف(٣) .

____________________

(١) فهرست كُتُب الشيعة رقم ( ٥٦١ ).

(٢) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم رقم ( ٣٣٤ ).

(٣) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٥٣٦ رقم ٨٧٤، الفهرست لابن النديم ص٣٣١.

١٠٩

الأُصول الأربعة

وبعد أن انتهى القرن الرابع الهجري ودخل القرن الخامس، وفيه كَثُر التأليف في عِلم الرجال، وفي النصف الأوّل منه صدرت الأُصول الأربعة لعِلم الرجال:

١- اختيار الرجال. للشيخ الطوسي.

٢- الرجال. المعروف برجال الشيخ الطوسي.

٣- فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم، وأسماء المصنّفين، وأصحاب الأُصول للشيخ الطوسي، المشتهر بالفهرست.

٤- فهرس أسماء مُصنّفي الشيعة. المعروف ب-- رجال النجاشي.

والكُتب الثلاثة الأُولى كلّها للشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي المُتوفّى ٤٦٠ه-، ومِن مُراجعتنا لأسماء ما تقدّمت مِن كُتب في عِلم الرجال في القرون الأربعة المتقدّمة، وإنّ أكثرها قد بادت وذهبت، ولم يبقَ لها إلاّ الاسم، وإنّ مجرّد صدور هذه الكُتب المتأخّرة للشيخ الطوسي أصبحت مَحطّ البحث، والتنقيب، والتحقيق.

كلّ ذلك يُنبّهنا إلى أهميّة هذه الكُتب الثلاثة، وما أحدثت مِن تطوّر في عِلم الرجال، فلنتعرّف على هذه الكُتب الثلاثة بصورة مختصرة، ثمّ نُعقّبه بدراسة لرجال النجاشي.

الأوّل: اختيار الرجال:

أصل هذا الكتاب هو كِتاب ( الرجال ) للكشّي المتقدّم ذِكره وترجمته، والكِتاب معروف عند المُتقدّمين كالنجاشي والطوسي وغيرهما بعنوان: الرجال،

١١٠

أو مَعرفة الرجال، أو معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقينعليهم‌السلام . كما أشار إلى الأخير ابن شهرآشوب فيمَعالم العُلماء .

واختُلِف أنّ الواصل إلينا منه، هل هو أصله، أو اختيار الشيخ منه؟

ظاهر تعبير أحمد بن طاوس، والعلاّمة، وابن داود الأوّل.

والصواب الثاني، كما صرّح به عليّ بن طاوس في كتابهفرج المهوم ناقلاً له عن نُسخة الأصل الواصل إليه بخطّ الشيخ(١) .

وقد نَقل النجاشي بعض العناوين، وبعض الكلمات عن كِتاب الكشّي، ولم يوجد ذلك في اختيار الشيخ له عين ولا أثر، فهذا يَدلّ أنّ الواصل إلينا هو اختيار الشيخ، وليس الأصل(٢) .

هل رجال الكشّي يشمل الخاصّة والعامّة، أم لا؟

توهّم القهبائي - الذي رتّب اختيار الشيخ منه على حروف التهجّي في الأوائل والثواني، الذي كان أساسه مِن ابن داود منّا - أنّ أصله كان في رجال العامّة والخاصّة، فاختار الشيخ منه الخاصّة.

واستند في ذلك إلى ما فيه في البرّاء بن عازب، قال أبو عمرو الكشّي: هذا بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنينعليه‌السلام في ما رُوي مِن جهة العامّة.

فقال: هذا صريحٌ في أنّ هذا الكِتاب مُنتخب مِن كِتاب الكشّي، وهو كان مُشتملاً على رجال العامّة والخاصّة، والشيخ اختار مِن هذا الكتاب رجال الشيعة(٣) .

____________________

(١) قاموس الرجال ج١ ص٤٦.

(٢) قاموس الرجال ج١ ص٤٧.

(٣) قاموس الرجال ج١ ص٢٥.

١١١

فدعوى أن رجال الكشّي مُشتمل على الخاصّة والعامّة كانت مِن القهبائي في كتابه مَجمع الرجال، ولكن المُحقّق التستري لم يقبل ذلك، وردّ عليه بعدّة أُمور:

١ - إنّ الكلام الّذي نقله القهبائي لا يوجد فيه دلالة على المُدّعى، غاية ما يدلّ عليه أنّ رجوع البرّاء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام إنّما كان بعد دعائه عليه.

٢ - إنّ قوله: ( مِن جهة العامّة ) مُحرَّف ( مِن جهة عماه ). والدليل على ذلك أنّه نقل قصّه عماه برجال الخاصّة.

٣ - إنّ اختيار الشيخ يشتمل على الخاصّة، وبعض العامّة الّذين رووا عن أئمّتناعليهم‌السلام (١) .

وإنّ هذا الكتاب كان فيه أغلاط كثيرة واشتباهات، وحينئذ فقد تصدّى الشيخ الطوسي إلى تهذيب هذا الكتاب، وتجريده عن الزوائد، وتلخيصه، وقد سَمّى هذا التلخيص: اختيار الرجال.

وقد أملاه الشيخ الطوسي على تلامذته ابتداء مِن ٢٦ في صفر سَنة٤٥٦ه-.

وهذا لا يعني أنّ اختيار الرجال كان خالياً مِن الملاحظات والانتقادات، وأوّل ما فيه أنّه لم يُرتّب ترتيباً يسهل التناول، فلذلك تصدّى جماعة بعده إلى ترتيبه(٢) .

وقد طُبع الكتاب عدّة طبعات في بومباي، والنجف الأشرف، وآخرها في مشهد مع تحقيق دقيق، وترتيب لطيف بعنوان: اختيار مَعرِفة الرجال.

____________________

(١) قاموس الرجال ج١ ص٢٥.

(٢) اُنظر تفصيل ذلك في الذريعة ج١ ص٣٦٥، والأُصول الأربعة في عِلم الرجال للقائد السيّد علي خامنئي ص٢٥ - ٤٤ فيه تفصيل حول الموضوع.

١١٢

الثاني: الفهرست للشيخ الطوسي.

واسمه: فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم وأسماء المصنِّفين وأصحاب الأُصول، واشتهر ب- الفهرست.

والفهرست: يعني سرد أسماء الكُتب سواء كُتب خاصّة لشخص، أو لمكتبة، أو لطائفة، أو لأُمّة مع أسماء مؤلِّفيها، وقد تقدّمت بعض الفهارس على هذا المنوال، وإن كان بعضها أو أكثرها كان محدوداً في مجال ضيّق.

والفهرست للطوسي يُعدّ مِن أثمن الكُتب العِلميّة للشيعة، التي اعتمد عليها عُلماء الرجال في الجرح والتعديل، ونسبة الكتاب إلى مؤلِّفه.

وقد رأى الشيخ الطوسي الحاجة الماسّة إلى مِثل هذا الكِتاب على حَسب ما ذكره في مقدّمة كتابه فقال: فإنّي لمّا رأيت جماعة مِن شيوخ طائفتنا مِن أصحاب الحديث عَمِلوا فهرست كُتب أصحابنا، وما صنّفوه مِن التصانيف، ورووه مِن الأُصول، ولم أجد أحداً استوفى ذلك، ولا ذَكر أكثره، بل كلّ مِنهم كان غَرَضه أن يذكر ما اختصّ بروايته، وأحاطت به خزانته مِن الكُتب، ولم يَتعرّض أحدٌ منهم لاستيفاء جميعه(١) .

ثمّ بعد ذلك استثنى مِن ذلك ابن الغضائري، حيث ألّف كتابين في هذا الموضوع، وأتلفهما ورثته.

ثمّ وَعَدَ هو أن لا يقتصر في كتابه الفهرست على ذكر المُصنّفات والأُصول، بل وَعَد أن يذكر المصنِّفين ويُعَيِّنهم مِن العامّة أو الخاصّة، والوثقة أو عدمها، فقال: وإذا ذكرت كلّ واحد مِن المصنِّفين وأصحاب الأُصول، فلا بُدَّ مِن أن أُشير

____________________

(١) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم، المُقدِّمة ص٢.

١١٣

إلى ما قيل فيه مِن التعديل والتجريح، وهل يعول على روايته أو لا؟ وأُبيّن عن اعتقاده، وهل هو موافق للحقّ، أو هو مُخالف له، لأنّ كثيراً مِن مُصنِّفي أصحابنا، وأصحاب الأُصول ينتحلون المذاهب الفاسدة، وإن كانت كُتُبهم مُعتمدة(١) .

وبالرغم مِن وعده هذا إلاّ أنّه في داخل الكِتاب وعند التراجم لم يتمكّن مِن الالتزام بذلك فأهمل الكثير مِن أهل التراجم حيث لم ينصّ عليهم بالوثقة أو عدمها.

وممّا يُلاحظ على الشيخ في الفهرست أيضاً اعتماده كثيراً على الفهرست لابن النديم، وقد نقل تراجم عديدة منه دون أن يشير إلى كون المُترجَم إماميّاً أو عاميّاً.

وهذا ممّا قلَّل مِن أهميّته في قِبال رجال النجاشي.

وقد شرح هذا الكتاب الشيخ سلمان البحراني الماحوزي المُتوفّى ١١٢١ه- بشرح سمّاه:معراج الكمال إلى معرفة الرجال . ذَكر في أوّله أنّ هذا الفهرست: مِن أحسن كُتب الرجال أُسلوباً، وأعمّها فائدة، وأكثرها نفعاً فقد جَمَع مِن نفائس هذا الفن خلاصتها، وحاز مِن دقائقه ومعرفة أسرارها نقاوتها إلخ(٢) .

وقد طُبع الكتاب عِدّة طبعات، آخرها في النجف مع تحقيق، وتعليق العلاّمة السيّد محمّد صادق بحر العلوم. وطبعة أخيرة بتحقيق العلاّمة السيّد عبد العزيز الطباطبائي، طُبعت في قُم، وهي جيدة اعتمد فيها على عشر نُسخ.

____________________

(١) مُقدّمة فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٣-٤ بتحقيق الطباطبائي.

(٢) مقدّمة الفهرست، طبع النجف للسيّد بحر العلوم.

١١٤

الثالث: رجال الشيخ الطوسي:

وهو مُرتَّب على حَسب الطبقات، فيبدأ بأصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبعده أصحاب كلّ واحد مِن الأئمّة، وفي آخره باب مَن لم يروِ عنهم.

ويبدو مِن مطاوي هذا الكتاب أنّه ألّفه بعد تأليف كِتاب الفهرست، حيث إنّه يُحيل في بعض التراجم إلى كِتاب الفهرست، كما في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى صاحب ( نوادر الحكمة )، ونقل عنه، وعن الفهرست ابن حجر في لسان الميزان كثيراً في تراجم عِدّة.

ومسلك الشيخ في رجاله أراد أن يستقصي أصحاب النبيّ والأئمّةعليهم‌السلام ، مؤمناً كان أو مُنافقاً، إماميّاً كان أو عاميّاً.

فالاستناد إليه ما لم يُحرز إماميّة رجل غير جائز، حتّى في أصحاب النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله - وأمير المؤمنين -عليه‌السلام - فكيف في أصحابهم؟

وغيرُ الإمامي فيه مِن أوّله إلى باب أصحاب الصادقعليه‌السلام ، أكثرُ مِن الأمامي، وبعده ليس غير الإمامي فيه بتلك الكثرة، بل بابه الأخير - باب مَن لم يروِ عنهمعليهم‌السلام - لم يُعلم ذِكر غير الإمامي فيه؛ لعدم المُناسبة(١) .

____________________

(١) قاموس الرجال ج١ ص٢٩.

١١٥

١١٦

١١٧

البابُ الثاني

أهميّةُ النجاشي ورجاله

١١٨

أهمّ كتاب صَدر في القرن الخامس مِن كُتُب الرجال للشيعة الإماميّة هو رجال النجاشي.

للشيخ أبي العبّاس أحمد بن عليّ بن أحمد بن العبّاس النجاشي الكوفي الأسدي المولود ٣٧٢ه-، والمُتوفّى ٤٥٠ه-.

وهو الثقة، الصدوق، العارف بأحوال الرجال مِن أهل الحديث وغيرهم في وثاقتهم وعدمها، بل لأجل خبرته التامّة في الجرح والتعديل، وضبطه وإتقانه قُدِّم قولُه على قول غيره عند التعارض في الجرح والتعديل، بل ظاهر كلامه يُقَدم على تصريح غيره.

قال العلاّمة السيّد بحر العلوم المُتوفّى ١٢١٢ه-: هو أحد المشايخ الث-قات والعدول الأثبات، مِن أعظم أركان الجرح والتعديل، وأعلم علماء هذا السبيل، أجمع علماؤنا على الاعتماد عليه، وأطبقوا على الاستناد في أحوال الرجال إليه(١) .

وقال تلميذه الشيخ الصهرشتي في وصفه سَنة ٤٤٢ه-: وكان شيخاً بهيّاً ثقة، صدوق اللسان عند الموافق والمخالف،رضي‌الله‌عنه (٢) .

وقال الميرزا النوري في خاتمة المُستَدرَك:

العالِم النَقّاد، البصير، المضطلع الخبير، الذي هو أفضل مَن خطّ في فنّ

____________________

(١) الفوائد الرجالية ( رجال بحر العلوم ) ج٢ ص٣٥ ط النجف.

(٢) رياض العلماء ج٢ ص٤٤٥.

١١٩

الرجال بقلم، أو نطق بِفَم، فهو الرجل كلّ الرجل، لا يُقاس بسواه، ولا يُعدل به مَن عداه، كلّما ازددّت به تحقيقاً ازددّت به وثوقاً، وهو صاحب الكتاب المَعروف، الدائر، الّذي اتّكل عليه كافّة الأصحاب.

وبالجُملة فجلالة قدره، وعِظم شأنه في الطائفة أشهر مِن أن يحتاج إلى نقل الكلمات، بل الظاهر منهم تقديم قوله ولو كان ظاهراً على قول غيره مِن أئمّة الرجال في مقام المُعارضة في الجرح والتعديل، ولو كان نصّاً.

وقال الشهيد في المسالك: وظاهر حال النجاشي، أنّه أضبط الجماعة، وأعرفهم بحال الرواة.

وغير ذلك مِن التصريحات حول مقام النجاشي، وثباته، وإتقانه، ومعرفته بحال الرواة.

أهميّةُ رِجالِ النجاشي:

ومِن ذلك يظهر أهميّة كتابه في الرجال، وكونه أحسن كُتب الرجال، حيث إنّه يُعتبر عُمدة الكُتب الأربعة في علم الرجال، وهو كَكِتاب الكافي بالنسبة إلى الكُتب الأربعة الحديثيّة. والحقيقة تشهد لذلك، فإنّ الدارس لهذا الكتاب، وعند مقارنته بالكُتب الأُخرى، وبالأخص كُتب الشيخ الطوسي التي كانت صدرت مع كتابه في أزمنة متقاربة، يرى أهميّته على بقيّة الكُتب المؤلَّفة في هذا الفن.

مُميِّزات النجاشي:

١ - ومِن مُمّيزات النجاشي أنّه لا يروي إلاّ عن الثقة كما استظهره

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

لا يقلاأ منهم امره بالذكر وكان اذا ضحك قال اللهم لا تمقتني واذا راى مبتلى اهفى الاستعاذة وكان لا يسمع من داره يا سائل بورك فيك ولا ياسائل خذ هذا وكان يقول سموهم باحسن اسمائهم ورؤي عليه جبة خز صفراء ومطرف خز اصفر.

ذرية مثل ماء المزن قد ظهروا وطهروا فصفت اخلاق ذاتهم

المجلس الثالث

ومن ادلة امامة الباقر نص ابيهعليه‌السلام ودفعه اليه سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتب العلم وميراث الانبياء (روى) الكليني بسنده عن الباقر «ع» انه لما حضرت علي بن الحسين «ع» الوفاة اخرج سفطا او صندوقا عنده فقال يا محمد احمل هذا الصندوق فحمل بين اربعة فلما توفي جاء اخوته فقالوا اعطنا نصيبا في الصندوق فقال والله ما لكم فيه شيء ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه الي وكان في الصندوق سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سولم وكتبه (وفي رواية) انه التفت علي بن الحسين «ع» الى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده ثم التفت الى ولده محمد الباقر عليه والسلام فقال يا محمد هذا الصندوق اذهب به الى بيتك قال اما انه لم يكن فيه دينار ولا درهم ولكن كان مملوء علما.

٤٤١

ومن ادلة امامتهعليه‌السلام تفوقه في الفضل والعلم على سائر اخوته وجميع اهل زمانه (قال المفيد عليه الرحمة) كان الباقرعليه‌السلام من بين اخوته خليفة ابيه ووصيه والقائم بالامامة من بعده وبرز على جماعته بالفضل في العلم والزهد والسؤدد وكان انبههم ذكرا واجلهم في العامة والخاصة واعظمهم قدرا ولم يظهر من احد ولد الحسن والحسينعليهما‌السلام من علم الدين والاثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وعنون الاداب ما ظهر عن ابي جعفر الباقرعليه‌السلام ورورى انه معالم الدبن بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين (قال) وقد روى ابو جعفر الباقرعليه‌السلام اخبار المبتدا واخبار الانبياء وكتب عنه العلماء المغازي واثروا عنه السنن واتمدوا عليه في مناسك الحج التي رواها عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتبوا عنه تفسير القرآن وروت عنه الخاصة والعامة كثيرا من علم الكلام وصار بالفضل علمنا لاهله تضرب به الامثال وتسير بوصفه الاثار والاشعار قال مالك بن اعين الجهني من قصيدة يمدحه بها :

اذا طلب الناس علم القرآن كانت قريش عليه عيالا

وان قيل اين ابن بنت النبي تلقت يدراه فروعا طوالا

نجوم تهلل للمدلجين جبال تورث علما جبالا

وفيه يقول القوطبي :

يا باقر العلم لاهل التقى وخير من لبى على الاجبل

٤٤٢

(قال) وقد روى الناس من فضائله ومناقبه ما يكثر به الخطب ان اثبتناه (وعن) ابن سعد في الطبقات كان محمد الباقر عالما عايدا ثقة روى عنه الائمة ابو حنيفة وغيره (سئل) الباقرعليه‌السلام عن الحديث يرسله ولا يسنده فقال اذا حدثت الحديث ولم اسنده فسندي في ه ابي عن جدي عن ابيه عن جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عن الله تعالى.

ومما جاء في تعظيم العلماء للامام محمد الباقرعليه‌السلام ورجوعهم اليه في احكام الدين (ما رواه المفيد) بسنده عن عطاء المكي قال ما رايت العلماء عند احد قط اصغر منهم عند ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين ولقد رايت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كانه صبي بين يدي معلمه (وفي رواية) كانه عصفور مغلوب (قال) سبط بن الجوزي كان الحكم عالما نبيلا جليلا في زمانه (وكان) جابر بن يزيد الجعفي اذا روى عنه شيئا يقول حدثني وصي الاوصياء ووارث علوم الانبياء محمد بن علي بن الحسين (وسأل) قيس بن الربيع ابا اسحاق عن المسح عل الخفين فقال ادركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا من بني هاشم لم ار مثله قط محمد بن علي بن الحسين فسألته فنهاني عنه وقال لم يكن على امير المؤمنين يمسح عليهما وكان يقول سبق الكتاب المسح على الخفين (قال) ابو اسحاق فما مسحت منذ نهاني (قال) قيس بن الربيع وما مسحجت انا مذ سمعت ابا اسحاق (وروي) عنه في قوله تعالى فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون انه قال نحن

٤٤٣

هل الذكر (قال الراوي ) فسالت محمد بن مقاتل عن هذا فتكلم فيه برايه وقال اهل الذكر العلماء كافة فذكرت ذلك لابي زرعة فتعجب من قوله فذكرت له ما فاله الباقرعليه‌السلام فقال صدق انهم اهل الذكر ولعمري ان ابا جعفر لمن اكبر العلماء (وعن) ابي نعيم في الحيلة انه سال رجل ابن عمر عن مسألة فلم يدر ما يجيبه فقال اذهب الى ذلك الغلام فسله واعلمني بما يجيبك واشار الى الباقر «ع» فساله فاجابه فاخبر ابن عمر فقال انهم اهل بيت مفهمون (وقال ) محمد بن مسلم سالت الباقر «ع» عن ثلاثين الف حديث.

ومما جاي عن الامام محمد الباقر «ع» في الاحتجاج والمناظرة ما رواه المفيد بسنده قال حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكئا على يد سالم مولاه ومحمد بن علي بن الحسين جالس في المسجد فقال له سالم يا امير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين في المسجد فقال هشام : المفتون به اهل العراق. قال نعم اذهب اليه فقل له يقول لك امير المؤمنين ما الذي ياكل الناس ويشربون الى ان يفصل بينهم يوم القيامة فقال يحشر الناس على مثل قرص النقي(١) فيها انهار نتفجرة ياكلون ويشربون حتى يفرغ من

____________________

(١) النقي كغني الخبز الحوارى بالقصر وضم الحاء وتشديد الواو وهو الخبز البيض الذي نخل مرة بعد مرة من التحوير وهو التبييض (قال في النهاية) في الحديث يحشر الناس يوم القيامة على ارض بيضاء كقرصة النقي يعني الخبز الحوارى

- المؤلف -

٤٤٤

الحساب فراى هشام انه قد ظفر به فقال الله اكبر اذهب اليه فقل له يقول لك ما اشغلهم عن الاكل والشرب يومئذ فقال له ابو جعفر هم في النار اشغل ولم يشغلوا عن ان قالوا افيضوا علينا من الماء ومما رزقكم الله فسكت هشام ولم يرجع لاما (وفي تذكرة الخواص) عن ابن سعد في الطبقات قال قال ابو يوسف قلت لابي حنيفة لقيت محمد بن علي الباقر فقال نعم وسالته يزما فقلت له اراد الله المعاصي فقال افيفصى قهرا قال ابو حنيفة فما رايت جوابا افحم منه.

ومما جاء عن الباقر «ع» في التفيسير ما ذكره المفيد عليه الرحمة (قال) روى العلماء ان عمرا بن عبيد وفد على محمد بن علي ابن الحسين ليمتحنه بالسؤال فقال له جعلت فداك ما معنى قوله تعالى او لم ير الذين كفروا السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما ما هذا الرتق والفتق فقال له ابو جعفر «ع» كانت السماء رتقا لا تنزل القطر والارض رتقا لا تخرج النبات فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضا ومضى ثم عاد اليه (فقال) اخبني جعلت فداك عن قوله عز وجل ونم يحلل عليه غصبي فقد هونى ما غضب الله عز وجل فقال ابو جعفر «ع» غضب الله عقابه يا عمرو ومن ظن ان الله يغيره شيء فقد كفر.

ومما جاء في كرم الباقر «ع» وجوده وسخائه وتفضله واحسانه مع كثرة عياله وتوسط حاله (ما رواه المفيد) بسنده عن الحسن بن كثير قال شكوت الى ابي جعفر محمد بن علي «ع»

٤٤٥

الحاجة وجفاء الاخوان فقال بئس الاخ اخ يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا ثم امر غلامه فاخرج كيسا فيه سبعمائة درهم وقال استعن بهذه او استنفق هذه فاذا نفدت فاعلمني (وروى) المفيد ايضا عن عمرو بن دينار وعبد الله بن عبيد بن عميرانهما قالا ما لقينا ابا جعفر محمد بن علي «ع» الا وحمل الينا النفقه والصلة والكسوة ويقول هذه معدة لكم قبل ان تلقوني (وروى المفيد ايضا) قال كان ابو جعفر محمد بن علي يجيز بالخمسمائة الدرهم الى الستمائة الى الالف الدرهم وكان لا يمل من صلة اخوانه وقاصديه ومؤمليه وراجيه (وحكت) مولاة له انه كان يدخل عليه بعض اخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب الحسنة في بعض الاحيان ويهب لهم الدراهم فكانت تقول له في ذلك فيقول ما حستة الدنيا الا صلة الاخوان والمعارف (وقال) لبعض اصحابه يدخل احدكم يده كم صاحبه فياخذ منه ما يريد قالوا لا قال اذهبوا فلستم اخوانا كما تزعمون.

ومما جاء في عبادة الباقر «ع» وشدة خوفه من الله تعالى وبكائه من خشيته ما حكي عن افلح مولاه قال حججت مع ابي جعفر محمد ابن علي الباقر «ع» فلما دخل المسجد ونظر البيت بكى فقلت بابي انت وامي الناس ينظرون اليك فلو رفقت بصوتك قليلا فقال لي ويحك يا افلح ولم ارفع صوتي بالبكاء لعل الله تعالى ينظر الي برحمة منه فافوز بها غدا ثم اطاف بالبيت وجاء حتى صلى خلف المقام فلما فرغ اذا موضع سجوده مبتل من دموع عينيه

٤٤٦

(وروى) عنه ولده الصادق قال كان ابي يقوم جوف الليل فيقول في تضرعه : امرتني فلم ائتمر ونهيتني فلم انزجر فها انا عبدك بين يديك مقر لا اعتذر.

مناقب تجلى سافرات وجوهها ويجلو سناها مدلهم الغياهب

ومع هذه الدلائل الواصحة والبراهين اللائحة على امامة الباقر «ع» وهذه الفضائل التي اعترف بها الخاص والعام فقد غصبته بنو امبة خلافة جده واخرته عن مقامه الذي اقامه الله فيه وهي عارفة بفضله غير جاهلة لقدومه واعانتها على ذلك امة جده ولم تحفظ وصيته في اهل بيته من بعده حتى عاش بينها مغصوبا حقه مغلوبا على امره الى ان قبض ولحق بربه.

يا اماما آيتاته كرزايا ه جسام لا تنتهي بعداد

وفقيدا اجرى العيون واورى ابدا في القلوب قدح زناد

المجلس الرابع

مما اثر عن الباقرعليه‌السلام من الحكم والمواعظ والاداب ونفائس الكلام ما رواه عن ابائهعليهم‌السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول اشد الاعمال ثلاثة مواساة الاخوان في المال وانصاف الناس من نفسك وذكر الله على كل حال (وقالعليه‌السلام ) ما شيب شئ

٤٤٧

بشيء احسن من حلم بعلم (وقالعليه‌السلام ) وما ينقم الناس منا نحن اهل بيت الرحمة وشجرة النبوة ومعدن الحكمة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي (وقالعليه‌السلام ) ما من عبادة افضل من عفة بطن او فرج ومنا من شيء احب الى الله من ان يسأل ولا يدفع القضاء الا الدعاء. اسرع الخير ثوابا البر واسرع الشر عقوبة البغي. كفى بالمرء عيبا ان بنظر من الناس الىلا ما يعمى عنه من نفسه وان يامر الناس بما لا يفعله وان ينهي الناس عمنا لا يستطيع التحول عنه وان يؤذي جليسه بما لا يعنيه (وقالعليه‌السلام ) ما اغرورقت عين يمائها من خشية الله الا حرم الله وجه صاحبها على النار فان سالت على الخدين دموعه لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ومنا من شيء الا وله جزاء الا الدمعة فان الله تعالى يكفر بها بحور الخطايا ولو ان باكيا بكى في امة لحرم الله تلك الامة على النار (وقال «ع» ان اهل التقى ايسر الناس مؤونة واكثرهم معونة ان نسيت ذكروك وان ذكرت اعانوك قوالين للحق قوامين بامر الله فاجعل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت عنه او كمال اصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء (وقال «ع») والله لموت عالم احب الى ابليس من موت سبعين عابد (وقال «ع») عالم ينتفع بعلمه خير من الف عابد (وقال «ع») لبعض ولده اياك والكسل والضجر فانهما مفتاحا كل شر انك اذا

٤٤٨

كسلت لم تؤد حقا وان ضجرت لم تصبر على حق (وقال «ع») اعرف المودة في قلب اخيك بما له في قلبك. وقال لجابر الجعفي اوصيك بخمس ان ظلمت فلا تظلم وان خانوك فلا تخن وان كذبت فلا تغضب وان مدحت فلا تفرح وان ذممت فلا تجزع وفكر فيما قيل فيك فان كان حقا فسقوطك من عين الله جل وعز فند غضبك من الحق اعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك من اعينم الناس وان كنت على خلاف ما قيل فيك فثواب اكنسبته من غير ان تتعب بدنك. واياك والتسويف فانه بحر يغرق فيه الهلكى وبادر بانتهاز البغية عند امكان الفرصة. واياك والثقة بغير المأمون واعلم انه لا عقل كمخالفة الهوى ولا غنى كغنى النفس ولا زهد كقصر الامل ولا مصيبة كستهانتك بالذنب ورضاك بالحالة التي انت عليها ولا جهاد كمجاهدة الهوى ولا قوة كرد الغضب ولاذل كذل الطمع. كل الكمال التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة. المتكبر ينازع الله رداءه. اعتزل ما لايعنيك وتجنب عدوك واحذر صديقك ولا تصحب الفاجرولا تطلععه على سرك واستشر في امرك الذين يخشون الله. ان استطعت ان لا تعامل احدا الا ولك الفضل عليه فافعل. الظلم ثلاثة ظلم لا يغفره الله وظلم يغفره الله وظلم لا يدعه الله فالاول الشرك بالله والثاني ظلم الرجل نفسه فيما يبنه وبين الله والثالث المداينة بين العباد. ما من عبد يمتنع من معونة اخيه المسلم والسعي

٤٤٩

في حاجته قضيت أو لم تقض الا ابتلي بالسعي في حاجة فيما يؤثم عليه ولا يؤجر وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله الا ابتلي بان ينفق أضعافها فيما أسخط الله. من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه. ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة. البشر الحسن وطلاقة الوجه مكسبة للمحبة وقربة من الله وعبوس الوجه وسوء البشر مكسبة للقمت وبعد من الله. من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئاً ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئاً. وقال الجاحظ في كتاب البيان والتبيين : جمع محمد بن علي الباقر صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال صلاح شأن المعاش والتعاشر ملء مكيال ثلثان فطنة وثلث تغافل(١)

هم أبحر العلم التي قذفت لنا جوداً بكل يتيمة عصماء

فاض الكمال عليهم من جدهم وسنا الكواكب من سناء ذكاء

فالويل كل الويل لمن غصبهم حقهم وأزالهم عن مراتبهم التي رتبهم اله فيها وظلمهم وقهرهم حتى قضوا بين مضرج بالدم وشهيد

____________________

(١) نسبه صاحب تحف العقول الى الصادق «ع».

- المؤلف -

٤٥٠

بالسم شتى قبورهم مشردين عن الاوطان مشتتين في ابلدان تأمن الناس وهم خائفون وتنام وهم ساهرون.

مشردين عن الاوطان ضاق بهم رحب الفضا بين مقتول ومأسور

المجلس الخامس

مما جاء في استماع الباقر «ع» للشعر ومعرفته به واجازته عليه ان الكميترحمه‌الله أتى المدينة فانشد الباقر «ع» قصيدته التي يقول فيها (من لقب ميتم مستهام) فأنصت له فلما بلغ الى قوله

أخلص الله لي هواي فما اغ رق نزعا ولا تطيش سهامي

قال له الباقر «ع» قل (فقد اغرق نزعا ولا تطيش سهامي) فقال يا مولاي انت أشعر مني بهذا المعنى (وعرض) عليه مالاً فلم يقبل وقال والله ما قلت فيكم شيئاً أريد به عرض الدنيا ولا أقبل عليه عوضاً اذا كان لله ولرسوله فقال له فلك ما قال رسول الله «ص» لحسان لا زلت مؤيداً بروح القدس ما ذببت عنا اهلا لبيت فقال جعلني الله فداك ثم لم يبق في اهل البيت الا من حمل اليه شيئاً فلم يقبل منهم شيئاً (وفي رواية) انه قال ولكن تكرمني بقميص من قمصك فاعطاه «قال» :

٤٥١

من لقلب ميتم مستهام غير ما صبوة ولا أحلام

طارقات ولا ادكار غوان واضحات الخدود كالآرام

بل هواي الذي أجن وأبدي لبني هاشم أجل الأنام

القريبين من ندى والبعيدين من الجور في عرى الأحكام

و المصيبين باب ما اخطأ النا س ومرسى قواعد الاسلام

والحماة الكماة في الحرب اذ لف ضراماً وقودها بضرام

لكثيرين طيبين من النا س وبرين صادقين كرام

للذرى فالذرى من للنسب الثا قب بين القمقام فالقمقام

فضلوا الناس في الحديث حديثا وقديماً في الأول القدام

ومفيدين متلفين مسامي ج مراجيح في الخميس اللهام

ومداريك للذحول متاريك وان أحفظوا لعور الكلام

لا حباهم تحل للمنطق الشغب ولا للطام يوم اللطام

أريحيين أبطحيين كالأن جم ذات الأنوار والأعلام

غالبيين هاشميين في العلم ربوا من عطية الأعلام

أسد حرب غيوث جدب بها ليل مقاويل غير ما ابرام

لا مهاذير في الندي مكائير ولا مصمتون بالافحام

سادة ذادة عن الخرد البيض اذا اليوم صار كالأيام

ساسة لا كمن يرى رعية النا س سواء ورعية الأنعام

والمصيبون والمجيبون للدء وة والمحزرون فضل الترامي

فهم الأقربون من كل خير وهم الأبعدون من كل ذام

لا أبالي وقد حفظت رسول الله فيهم ملامة اللوام

٤٥٢

وما زال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واهل بيته يستنشدون الأشعار في مدائحهم ومراثيهم ويجيزون عليها ويدعون لقائلها ويبشرونه بثواب الآخرة ويبكون عند سماع مراثيهم من أوليائهم ومحبيهم (فمن) أولئك الشعراء السيد الحميري فانه استأذن على الصادق «ع» فأمر بايصاله وأقعد حرمه خلف ستر فاستنشده فأنشده قوله :

امرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكية

يا اعظما لا زلت من وطفاء ساكبة روية

واذا مررت بقبره فأطل به وقف المطية

وابك المطهر للمطهر والمطهرة النقية

كبكاء معولة أتت يوماً لواحدها المنية

قال فرأيت دموع جعفر بن محمد تنحدر على خديه وارتفع الصراخ من داره حتى امره بالامساك فامسك.

اذا العين قرت في الحياة وانتم تخافون في الدنيا فاظلم نورها

المجلس السادس

مما جاء في كيفية وفاة الامام محمد الباقر «ع» ما روي (عن) الرضاعليه‌السلام قال قال ابو جعفر الباقر «ع» حين احتضر اذا

٤٥٣

أنامت فاحفروا لي وشقوا لي شقاً فان قيل لكم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحد له فقد صدقوا (اقول) وذلك لأنه «ع» رأى ان الشق أصلح له من بعض الوجوه من اللحد فأمرهم به وان كان اللحد أفضل (وروى) الكليني بسنده عن الصادق «ع» انه قال ان ابي استودعني ما هنالك (يعني ما كان محفوظاً عنده من الكتب والسلاح وآثار الأنبياء وودائمهم) فلما حضرته الوفاة قال ادع لي شهوداً فدعوت أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال اكتب هذا ما اوصى به يعقوب بنيه يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون وأوصى محمد بن علي الى جعفر بن محمد وأمره ان يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه يوم الجمعة وان يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع وان يحل عنه اطهاره عند دفنه ثم قال للشهود انصرفوا رحمكم الله فقلت له يا أبت ما كان في هذا بأن يشهد عليه فقال يا بني كرهت ان تغلب وان يقال انه لم يوص اليه فأردت ان تكون لك الحجة أراد ان يعلمهم انه وصيه وخليفته والامام من بعده (وفي رواية) ان الصادقعليه‌السلام قال ان أبي قال لي ذات يوم في مرضه يا بني ادخل اناساً من قريش من اهل المدينة حتى اشهدهم فادخلت عليه اناساً منهم فقال يا جعفر اذا أنامت فغسلني وكفني وارفع قبري أربع أصابع ورشه بالماء فلما خرجوا قلت يا أبت لو أمرتني بهذا صنعته ولم ترد ان ادخل عليك قوماً تشهدهم فقال يا بني أردت ان لا تنازع (وروي) انه «ع» اوصى بثمانمائة درهم لمأتمه وكان يرى

٤٥٤

ذلك من السنة لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال اتخذوا لآل جعفر طعاماً فقد شغلوا (وعن الصادق ع) قال كتب ابي في وصيته ان اكفنه في ثلاثة اثواب احدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة وثوب آخر وقميش فقلت لأبي لم تكتب هذا فقال اخاف ان يغلبك الناس وان قالوا كفنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل وعممني بعمامة وليس تعد العمامة من الكفن انما يعد ما يلف به الجسد (وعن الصادق ع) أنه أتى أباه الباقرعليه‌السلام ليلة قبض وهو يناجي فأومأ اليه بيده ان تأخر فتأخر حتى فرغ من المناجاة ثم أتاه فقا يا بني ان هذه الليلة التي اقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الصدوق وابن طاوس سمه ابراهيم بن الوليد ابن يزيد(١) وفي الفصول المهمة يقال انه مات بالسم في زمن ابراهيم ابن الوليد بن عبد الملك (وفي رواية) انه سم في سرج فركب عليه فنزل متورماً فأمر باكفان له وكان فيها ثوب ابيض احرم فيه فقال اجعلوه في اكفاني وعاش ثلاثا ثم مضى لسبيله صابراً محتسباً مظلوماً شهيداً مسموماً.

تقسمهم ريب المنون فلا ترى لهم عقوة مغشية الحجرات

لهم كل يوم تربة بمضاجع ثوت في نواحي الأض مفترقات

____________________

(١) لا يخفى انه «ع» توفي ملك هشام بن عبد الملك لا في ملك ابراهيم بن الوليد الا ان يكون المراد ان ابراهيم سمه في ملك هشام.

- المؤلف -

٤٥٥

(مراثي الامام محمد الباقرعليه‌السلام )

قال السيد صالح النجفي الشهير بالقزوينيرحمه‌الله من قصيدة :

يا زعيما لكل قاص ودان وعليما بكل خاف وبادي

طالما قد أريتهم معجزات مرغمات معاطس الحساد

يا اماماً آياته كرزايا ه جسام لا تنتهي بعداد

وفقيداً أجرى العيوم وأورى أبداً في القلوب قدح زناد

ومقيماً للعلم سوق رواج بان عنه فسوقه في كساد

عجباً للردى عليك تعدى بعد ما كان ملقي الانقياد

عجبا للبلاد بعدك قرت وبها انهد شامخ الأطواد

عجبا للبحار فاضت بمد بعد ما غاص دائم الامداد

عجبا للورى وقد غبت عنها للهدى تهتدي وانت الهادي

عجبا للصباح اسفر لم لا شق وجداً عموده بسواد

عجبا للوجود بعدك باق وله كنت علة الايجاد

هل درى هاشم بابناه أودت بحسا السم غيلة والحداد

ام درى احمد تذاد ذراريه وتدنى منه ذراري المذاد

ام درى حيدر من الآل قادت آل مروان كل صعب القياد

ام درى المجتبى محمد أضحى من هشام مشرداً في البلاد

ام درى المستضام نال هشام منه ما لم تنله آل زياد

ام درى المبتلى العليل بما قا سى ابنه من مضاضات واضطهاد

٤٥٦

ام درى الدين ان ارجاس مروا ن أمادوا للدين كل عماد

بابي من عليه اقلع غادي المزن وجداً وجف زرع الوادي

من يفيد الوفاد رفداً وقد الويت عنهم واخيبة الوفاد

بأبي من عليه حق الرسل الله عط الأكباد لا الأبرار

بابي من عليه اعولت الاملاك حزناً فوق الطباق الشداد

بابي من تردت الشرعة البي ضاء شجوا له ثياب الحداد

بابي من عليه زهر المعالي آذنت بالخمود بعد اتقاد

بابي من بكت عليه بنو الآ مال من رائح اليها وغادي

من عوادي الزمان كنت مجيرا كيف جارت عليك منه العوادي

محلت بعدك البلاد وكانت سحب جدواك خصب كل بلاد

لم تجد بعدك الغوادي بقطر انما منك تستمد الغوادي

انت كهفي المنيع يوم التقاضي وإمامي الشفيع يوم التنادي

وعصامي الذي اليه مآلي وعمادي الذي عليه اعتمادي

وقال علي بن عيسى بن ابي الفتح الاربلي صاحب كشف الغمة :

يا راكباً يقطع جوز الفلا على امون جسرة ضامر

عرج على طيبة وانزل بها وقف مقام الضارع الصاغر

وقبل الأرض وسف تربها واسجد على ذاك الثرى الطاهر

وعج على ارض البقيع الذي ترابه يجلو قذى الناظر

وبلغن عني سكانه تحية كالمثل السائر

قوم هم الغاية في فضلهم فالأول السابق كالآخر

٤٥٧

وأشرقت في المجد احسابهم اشراق نور القمر الباهر

وبخلوا الغيث ويوم الوغى راعوا جنان الأسد الخادر

بدا بهم نور الهدى مشرقا وميز البر من الفاجر

وقال المؤلف عفا الله عن جرائمه مذيلا لها

واذر دموع العين فيها دما على ضريح السيد الباقر

على إمام ما جرى ذكره في خاطري الا جرى ناظري

على إمام لم يدع رزؤه صبراً لجلد في الورى صابر

على إمام هد ركن الهدى مصابه بالقاصم الفاقر

وبدر تم في الثرى غائب ونحر علم في الثرى غائر

وقال علي بن عيسى الاربليرحمه‌الله :

إمام حق فاق في فضله ال أعالم من باد ومن حاضر

ما ضر قوماً غصبوا حقه والظلم من شنشنة الجائر

لو حكوه فقضى بينهم ابلج مثل القمر الزاهر

جرى على سنة آبائه جري الجواد السابق الضامر

وجاء من بعد بنوه على آثاره الوارد كالصادر

يا اقبراً منها البقيع اغتدى يسمو سنام الفلك الدائر

سقاك يا اقبر رب السما من الحيا بالصيب الماطر

لا ينقضي وجدي ولا حسرتي لساكني مربعك العاطر

٤٥٨

وقال الشيخ ابراهيم بن يحيى العاملي الطيبيرحمه‌الله من قصيدة :

سرعان ما زال الشباب وظله عني وكيف يدوم ظل الطائر

واشقوتاه لقد ملأت صحيفتي بجرائر وصغائر وكبائر

لكن رجائي بالمهيمن محوها ووسيلتي حب الامام الباقر

الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر ابن الطاهر

خير المحاتد محتد يفتر عن سلف تتابع كابراً عن كابر

هو حجة الله الامام محمد وأبر باد في الأنام وحاضر

هو ذلك المولى الذي اهدى له الهادي شريف سلامه مع جابر

هو ذلك النور الالهي الذي يغنيك عن نور الصباح السافر

فضل كمنبلج الصباح وهمة اوفت على فلك النجوم الدائر

ويد اذا انتجع المؤمل رفدها حشدت عليه بكل نوء ماطر

جل الذي أولاه مستن العلى فالنجم يرمقه بطرف حاسر

مولى أعاد العدل وهو مصرع غضا على رغم الزمان الجائر

وقال المؤلف عفا الله عن جائمه ذيلا لها :

جلت مصيبته على كل الورى فالكل بات لها بطرف ساهر

يذرى الدموع على مصيبة سيد من آل أحمد بذ كل مفاخر

لله اي مصيبة جلت فلا يلفى لها في الكون بعض نظائر

ذهبت بركن الدين مصباح الهدى غوث المؤمل والامام الطاهر

الصبر عز لها فكم من جازع تهفو جوانحه ولا من صابر

* * *

٤٥٩

(ابو عبدا لله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام )

المجلس الاول

الامام بعد محمد الباقر وسادس أئمة المسلمين وخلفاء الله في ال عالمين ولده جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام .

ولد جعفر الصادق «ع» بالمدينة يوم الجمعة او الاثنين عند طلوع الفجر سابع عشر ربيع الاول وقيل غرة رجب سنة ثلاث وثمانين من الهجرة وقيل سنة ثمانين وتوفي بها يوم الاثنين في شوال وقيل منتصف رجب سنة ثمان وأربعين ومائة وله خمس وستون سنة او ثمان وستون اقام مع جده علي بن الحسين اثنتي عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة وقيل خمس عشرة سنة ومع ابيه بعد جده تسع عشرة سنة وبعد ابيه أربعاً وثلاثين سنة وهي مدة اقامته (وكانت) مدة امامته بقية ملكهشام بن عبد الملك وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك ويزيد بن الوليد بن عبد الملك الملقب بالناقص وابراهيم بن الوليد ومروان بن محمد الحمار والسفاح وتوفي بعد مضي عشرة سنين من ملك المنصور العباسي (ودفن) بالبقيع

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767