المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة7%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94213 / تحميل: 5954
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ومن هذه الظلمات : حبّ المصلحة الشخصيّة ، وحبّ الذات وهو النفس ، و... التي تعتبر ظلمات فرديّة وخُلُقيّة.

وتوجد ظلمات اجتماعيّة ، مثل : الظلم والتفرقة وغيرهما.

إنّ لفظة ( الظلم ) مأخوذة من مادة ( الظلمة ) وتبيّن نوعاً من الظلمة المعنوية والاجتماعيّة ، وإنّ القرآن وسائر الكتب السماوية تتعهّد بالنضال من أجل رفع الظلمات ، يقول القرآن مخاطباً موسى بن عمرانعليه‌السلام :( ... أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ... ) ( سورة إبراهيم : آية : ٥ )

هذه الظلمة هي ظلمة ظلم فرعون والفراعنة ، والنور هو نور الحرِّيّة والعدالة ، وإنّ النقطة التي لاحظها المفسّرون هي أنّ القرآن يذكر الظلمات دائماً بصيغة الجمع ، ومع الألف واللام ؛ لكي تفيد الاستغراق وتشمل جميع أنواع الظلمات ، في الوقت الذي يذكر النور بصيغة الإفراد ويعني : إنّ الصراط المستقيم طريق واحد لا غير.

٤١

إلاّ أنّ طرق الضلال والانحراف متعدّدة ، نقرأ في آية الكرسي مثلاً :

( ... اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

وبهذا الترتيب يُبيّن القرآن هدفه وهو : تحطيم قيود الجهل والضلال والظلم ، والفساد الخلقي والاجتماعي ، وفي كلمة واحدة : القضاء على الظلمات ، والهداية نحو العدل والخير والنور.

التعرّف على لغة القرآن

الموضوع الآخر هو التعرّف على لغة القرآن وتلاوته.

يتصوّر البعض أنّ الغرض من تلاوة القرآن ينحصر في قراءة القرآن لأجل الثواب ، دون أنْ يدرك شيئاً من معانيه.وهؤلاء يقرؤون القرآن باستمرار ، ولكن إذا سُئلوا مرّة واحدة : إنّكم هل تعرفون معنى ما تقرؤون ؟ يعجزون عن الإجابة.

إنّ قراءة القرآن من هذه الناحية - وهي أنّها مقدّمة لإدراك معاني القرآن - ضروريّة وحسنة ، ولكن ليس فقط لأجل اكتساب الثواب.

٤٢

وهناك أيضا خصائص لإدراك معاني القرآن لا بدّ من ملاحظتها.إنّ ما يلزم حصوله للقارئ - وهو يريد الاستفادة من كثير من الكتب - هو مجموعة الأفكار الجديدة التي ليس لها وجود قبل ذلك في الذهن.وإنّ الذي يعمل ويتحرّك هنا هو العقل وقوّة التفكير لدى القارئ ليس غير.

وبالنسبة للقرآن ، فلا ريب بضرورة مطالعته بهدف دراسته وتعلّمه ، يُصرّح القرآن في هذا المجال بقوله :

( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ( سورة ص : آية : ٢٩).

إحدى مسؤوليّات القرآن هي التعليم والتذكير ، ومن هذه الجهة يخاطِب القرآن عَقْلَ الإنسان ويتحدّث معه بالاستدلال والمنطق ، غير أنّ للقرآن لغة أخرى ، والمخاطب فيها ليس العقل ، بل المخاطب هو القلب ، وهذه اللغة الثانية تُسمّى :( الإحساس ) .

وإنّ الذي يريد أنْ يتعرّف على القرآن ويأنس به ،

٤٣

عليه أنْ يتعرّف على هاتَين اللغتَين ويستفيد منهما معاً ، وأنّ تفكيك هاتَين اللغتَين يؤدِّي إلى بروز الخطأ والاشتباه ، ويسبّب الضرر والخسران.

إنّ ما نُسمّيه بالقلب : هو عبارة عن شعور عظيم وعميق جدّاً في باطن الإنسان ، ويسمّونه أحياناً( إحساس الوجود ) ، أي إحساس رابطة الإنسان مع الوجود المطلق.

فالذي يعرف لغة القلب ويخاطب الإنسان بها ، يُحرّك الإنسان من أعماق وجوده ، وعندئذٍ لا يبقى الفكر الإنساني تحت التأثير فحسب ، بل ويتأثّر كلّ وجوده.

وربّما استطعنا أنْ نضرب الموسيقى مثلاً كنموذج عن لغة الإحساس ، فإنّ الأقسام المختلفة للموسيقى تشترك في جهة واحدة ، وهي علامتها مع الإحساسات الإنسانيّة.تُهيِّج الموسيقى روح الإنسان وتغرقها في عالم خاص من الإحساس ، وبالطبع ، فإنّ ضروب الهيجانات والأحاسيس تختلف مع اختلاف أنواع الموسيقى ، فربّما ارتبط أحد أنواع الموسيقى مع الشعور بالفتوّة والشجاعة ، فيتحدّث بهذه اللغة مع الإنسان.

٤٤

لقد رأيتم الأناشيد والمعزوفات العسكريّة ، تُنْشَد وتُعْزَف في ميادين القتال ، ونرى أحياناً مدى تأثير هذه الأناشيد وقوّتها ، بحيث تجعل الجندي الذي لا يخرج من خندقه خوفَ الأعداء تجعله يتقدّم إلى الأمام بكلّ اندفاع ، ويحارب الأعداء رغم الهجوم الثقيل للعدو.

وهناك نوع آخر من الموسيقى يرتبط مع الشهوة و ( الشعور الجنسي ) ، فيعرّض الإنسان إلى الخمول والانقياد نحو الشهوات ، ويدعوه ليستسلم للفساد.

وقد لوحظ أنّ تأثير الموسيقى كبير في هذا المجال ، وربّما لم يستطع أيّ شيء آخر أنْ يؤثر إلى هذا الحد في القضاء على جدران العفّة والأخلاق ، وبالنسبة إلى سائر الغرائز و الأحاسيس أيضاً، عندما يُقال شيء بلسان هذه الأحاسيس - بواسطة لغة الموسيقى أو بأيّ وسيلة أخرى - فإنّه يمكن أنْ يُوضع تحت المراقبة والنَظَارة.

إنّ الشعور الديني والفطرة الإلهيّة من أسمى الغرائز والأحاسيس لدى كلّ إنسان ، وإنّ علاقة القرآن مع هذا

٤٥

الإحساس الشريف علاقة أسمى وأعلى ( ١ ) ( لقد بُحث كثيراً حول هذا الشعور الديني في شرق العالم وغربه.وننقل هنا باختصار أقوال بعض العلماء المعروفين في العالم ، والحديث الأوّل لاينشتاين أنّه يتحدّث عن الدين في إحدى مقالاته ويقول : بأنّه يعتقد بأنّ العقيدة والمذهب بصورة عامّة ثلاثة أنواع :

-مذهب الأخلاق : وهو الدين الذي يبتني على المصالح الخُلُقيّة.

-ثمّ يذكر مذهباً آخر ويسمّيه مذهب الوجود : وهذا التعبير هو ما نطلق عليه ( القلب ).

ويعتقد اينشتاين :

أنّ هذا المذهب - في الحقيقة - يريد أنْ يقول بأنّه تحصل - في فترةٍ ما - حالةٌ معنويّة وروحيّة للإنسان حيث يخرج فجأة - في تلك الحالة - من هذه النفس المحدودة والمحاطة بالآمال والأُمنيات الحقيرة ، والمفصولة عن الآخرين ، وهكذا عن عالم الوجود الطبيعي الذي أصبح حصاراً له ، ويتحرّر من هذا السجن ، وعند ذلك يجلس ليراقب كلّ الوجود فيجد الوجود كحقيقة واحدة ، ويرى بوضوح تلك العظمة والشموخ والجلالة لما وراء هذا الموجودات ، ويتذكّر حقارة نفسه ، وعندئذٍ يريد أنْ يرتبط بكلّ الوجود.

إنّ تعبير اينشتاين هذا يذكّرنا بقصّة همّام عندما سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن صفات المؤمن ، فأجابه الإمام جواباً موجزاً جامعاً ،

٤٦

حيث قال :( يا همّام اتّقِ الله وأحسن ، إنّ الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون ) ، ولكنّ همّام لم يقتنع بهذا الجواب ، ويطلب توضيحاً أكثر عن كيفية المعاشرة وطريقة العبادة في الصباح والمساء ، و... ، عندئذٍ يبدأ الإمام عليعليه‌السلام بذكر صفات المؤمن ويرسم حوالي ١٣٠ خطّاً من خطوط المتّقين ، ويقول ضمن ذلك :

( لولا الآجال التي كتب الله تعالى لهم ، لم تستقرّ أرواحهم في أبدانهم طرفة عين ).

هذه هي نفس الحالة التي يشير إليها اينشتاين ، ويقول : إنّ الإنسان المتديّن يرى نفسه مسجوناً فيما يشبه السجن ، وكأنّه يريد أنْ يطير من قفص البدن ويحصل على كلّ الوجود مرّة واحدة.وقد جاءت هذه الحقيقة في كلمات أمير المؤمنينعليه‌السلام بصورة أوضح وأكمل ، فمِن وجهة نظر الإمامعليه‌السلام نرى المؤمن كأنّه جمع كلّ الوجود في بدنه المادّي ، وعلى هذا الأساس يخرّ من قالبه مرّة واحدة ليحرّر روحه.وقد ذكروا في قصّة همّام هذه النقطة وهي أنّه عندما أتمّ الإمام كلامه ، شهق همّام شهقة وخرج من قالبه (المادّي).

وبمناسبة الشعور المعنوي للبشر ، هناك حديث لطيف إلى ( إقبال ) يقول فيه :

لا يوجد في هذا القول لغز ولا سر ، وهو إنّ الدعاء بمثابة وسيلة إشراقيّة نفسيّة ، عمل حيوي عادي ، بواسطته تُكتشف الجزيرة الصغيرة لشخصيّة مكانها في قطعة أكبر من العالم.

٤٧

القرآن بنفسه يوصينا أنْ نقرأه بصوت حسن لطيف.

وبهذا النداء السماوي يتحدّث القرآن مع الفطرة الإلهيّة للإنسان ويسخّرها ، ( كان الأئمّة - ع - يقرؤون القرآن بتلك اللهفة التي ما أنْ يسمعهم المارّة حتّى يضطرّون إلى الوقوف ، والاستماع والتأثير والبكاء ).

القرآن عندما يصف نفسه يتحدّث

٤٨

بلسانين :

فتارةً : يعرّف نفسه بأنّه كتاب التفكّر والمنطق والاستدلال.

وتارةً : أخرى بأنّه كتاب الإحساس والعشق.وبعبارة أخرى فالقرآن ليس - إذاً - للعقل والفكر فحسب ، بل هو غذاء للروح أيضاً.

يؤكّد القرآن كثيراً على الموسيقى الخاصّة به ، الموسيقى التي لها تأثير أكثر من كلّ موسيقى أخرى ، في إثارة الأحاسيس العميقة والمتعالية للإنسان.

يأمر القرآن المؤمنين بأنْ يقضوا بعض أوقات الليل بتلاوة القرآن ، وأنْ يُرَتّلوا القرآن في صلواتهم عندما يتوجّهون إلى الله ، وفي خطابٍ للرسول يقول :

( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ) ( سورة المزمل : آية : ١ - ٣ ).

* الترتيل :

الترتيل : قراءة القرآن بحيث تخرج الكلمات من الفم بسهولة واستقامة ( مفردات الراغب ) يعني : قراءة القرآن ، بحيث لا تكون سرعة خروج الكلمات كبيرة ، فلا تُفهم الكلمات ، ولا

٤٩

تكون متقطّعة فتنفصم علاقاتها ، يقول : قراءة القرآن بتأنٍّ في الوقت الذي تلاحظ محتوى الآيات بدقّة.

وفي الآية الأخيرة لتلك السورة يدعونا أنْ لا ننسى العبادة في حال من الأحوال اليوميّة ، وحتّى في الأوقات التي نحتاج لنوم أكثر ، مثل أوقات الجهاد أو الأعمال التجاريّة اليوميّة : قال تعالى :

( ... عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً... ) (سورة المزمل : آية : ٢٠ ).

الشيء الوحيد الذي كان سبباً للنشاط واكتساب القوّة الروحيّة والحصول على الخلوص وصفاء الباطن بين المسلمين ، هو موسيقى القرآن.

فالنداء السماوي للقرآن أوجد في مدّة قصيرة من المتوحّشين ( الجاهلين ) ، في شبه الجزيرة العربيّة شعباً مؤمناً مستقيماً ، استطاعوا أنْ يحاربوا أكبر القوى الموجودة في ذلك العصر ويقضوا عليها.

٥٠

فالمسلمون لم يتّخذوا القرآن كتاب درس وتعليم فحسب ، بل كانوا ينظرون إليه بمثابة غذاء للروح ومنبع لاكتساب القوّة وازدياد الإيمان.فكانوا يقرؤون القرآن بكل إخلاص في الليل ( يشير الإمام السجادعليه‌السلام إلى هذه النقطة بقوله في دعاء ختم القرآن : ( واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنساً ) ، ويناجون ربّهم تضرّعاً وخفية ، وفي الصباح يهاجمون الأعداء كالأسود البواسل ، والقرآن ينتظر مثل ذلك منهم ، يقول مخاطباً النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ) ( سورة الفرقان : آية : ٥٢ ).

قف في وجوههم وجاهدهم بسلاح القرآن واطمئن بالنصر.وقصّة حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّح صدْق هذه الحقيقة ، إنّه يقوم وحيداً ودون أي ناصر ، في حين يحمل القرآن في يده ، ولكنّ هذا القرآن يصبح كلّ شيء له ، يجهّز له الجيوش ، ويَعدّ له الأسلحة والتجهيزات الحربيّة ، وأخيرا فإنّه يدعو العدوّ إلى الاستسلام والخضوع أمامه.

٥١

يدعو الأعداء ليستسلموا أمام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبهذا يصادق على الوعد الإلهي ( وفي زماننا أيضاً ، تحقّق هذا الوعد الإلهي الحقّ مرّة أخرى ، وجاء رجل من سلالة رسول الله - الإمام الخميني - مستنداً إلى القرآن والأيمان كجدِّه العظيم ، وهزم جيش الكفر والباطل أكبر هزيمة )

عندما يعتبر القرآنُ لغتَه لغة القلب ، فإنّ غرضاً من هذا القلب هو الذي ينسجم مع آيات الله ويتصفا ويثور.تختلف أيضاً عن لغة الأنغام والأناشيد العسكريّة ، التي تُعزف في الجيش لتحيِّي فيهم الحماسة البطوليّة.إنّها تلك اللغة التي تصنع من البدويّين العرب مجاهدين قيل في حقِّهم :

( حملوا بصائرهم على أسيافهم ) أولئك الذين وضعوا أفكارهم النَيِّرة ومعارفهم ومعنويّاتهم على سيوفهم ، ويستخدمون سيوفهم في طريق هذه الأفكار والعقائد.

إنّهم لم يهتمّوا بمصالحهم الشخصيّة وأمورهم الفرديّة.وبالرغم من أنّهم لم يكونوا معصومين ، بل

٥٢

ويخطئون أيضاً ، إلاّ أنّهم المصاديق الحقيقيّة للقائمين في الليل ، والصائمين في النهار ( قائم الليل وصائم النهار ) ، كانوا في علاقة مستمرّة مع أعماق الوجود ، تقضي لياليهم في العبادة وأيّامهم في الجهاد ( يصف أمير المؤمنين - ع - المتّقين في خطبة تُعرف باسم المتّقين ( خطبة ١٩٣ من نهج البلاغة ) ، وبعد أنْ يذكر أقوالهم ومعاملاتهم ، يشرح أحوالهم في الليل ويقول :

( أَمّا الليل فصافّون أقدامهم تَالِين لأجزاء القرآن ، يرتّلونها ترتيلاً ، يُحزِنون به أنفسهم ، ويستشرون به دواء دائهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طعماً ، وتطلّعتْ نفوسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نُصْب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم... ).

يؤكّد القرآن كثيراً على هذه النقطة التي تعتبر من خصائصه ، وهي أنّه كتاب القلب والروح ، كتاب يُثير النفوس ويسيل الدموع ويهزّ القلوب ، ويعتبر القرآنُ هذه الميزة صادقة حتّى بالنسبة لأهل الكتاب.

يصف مجموعة منهم بأنّهم إذا تُلي عليهم القرآن تحصل لهم حالة خضوع وخشوع ، ويقولون أنّهم آمنوا بما في الكتاب ، وأنّه حقٌّ كلّه ، يقولون ذلك وتزداد حالتهم خشوعاً باستمرار.

٥٣

ويؤكّد في آية أخرى أنّ المسيحيّين من أهل الكتاب ، أقرب إلى المسلمين من اليهود والمشركين، كما في تعالى :

( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى... ) ( سورة المائدة : آية : ٨٢ ).

ثمّ يصِف القرآن جماعة من المسيحيّين الذين آمنوا بعد أنْ سمعوا القرآن بقوله :

( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) ( سورة المائدة : آية : ٨٣ ).

وفي مكان آخر ، وعندما يتحدّث عن المؤمنين ، يقول في وصْفهم :

( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ... ) ( س--ورة الزمر : آية : ٢٣).

في هذه الآيات وفي آيات أخرى كثيرة :

( ... إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) ( سورة مريم : آية : ٥٨ ) ، والآيات الأولى من سورة الصف ، يوضّح

٥٤

القرآن أنّه ليس كتاباً علميّاً وتحليليّاً محضاً ، بل إنّه في الوقت الذي يستخدم الاستدلال المنطقي ، يتحدّث مع إحساس الإنسان وذوقه ولطائف روحه ويؤثّر عليه.

المخاطبون في القرآن

من النقاط الأخرى التي لا بدّ أنْ تُسْتَنْبَط من القرآن ، في البحث حول المعرفة التحليليّة للقرآن ، هي تعيين المخاطَبين في القرآن.

وردتْ كثيراً في القرآن تعابير مثل :( ... هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) ،( هُدىً وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) و( لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً... ) ، هنا يمكن طرح هذا الإشكال ، وهو أنّ الهداية لا تلزم للمتّقين ؛ لأنّهم أنفسهم متّقون.

ومن جانب آخر نرى القرآن هكذا يُعرّف نفسه :

( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ) ( سورة ص : آية : ٨٧ ) ، ( وهذه الآية من الآيات العجيبة في القرآن ، عندما نزلت الآية كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكّة ، وكان يتحدّث مع أهالي إحدى القرى ، كان عجيباً للناس أنْ يروا رجلاً وحيداً يقول بكلّ طمأنته إنّكم سوف تسمعون نبأ هذه الآية فيها بعد ، سوف تسمعون قريباً ماذا يصنع هذا الكتاب مع العالَم خلال فترة قصيرة ).

وفي آية أخرى يخاطب الله رسولَه قائلاً :

٥٥

( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) ( سورة الأنبياء : آية : ١٠٧).

وسوف نذكر شرحاً مفصّلاً عن هذا الموضوع في مبحث : التأريخ في القرآن.إلاّ أنّه لا بدّ من القول هنا بإيجاز :

في الآيات التي يخاطب القرآن جميع أبناء العالم ، يريد - في الواقع - أنْ يقول : بأنّ القرآن لا يختصّ بقوم وجماعة خاصّة ، كل مَن يتوجّه نحو القرآن يحصل على النجاة.

وأمّا في الآيات التي يتحدّث فيها عن أنّه كتاب هداية للمؤمنين والمتّقين ، يريد أنْ يوضّح هذه النقطة ، وهي أنّه مَن الذي يسير نحو القرآن في النهاية ؟ ومَن هم الذين يبتعدون عنه ؟

لا يذكر القرآن عن شعب خاص وقبيلة معيّنة ، على أساس أنّهم هم المعتقدون به والتابعون له، ولا يقول إنّ القرآن يُعتبر كتاب شعب خاص.

٥٦

القرآن - خلافاً لسائر المبادئ - لم يهتم بمصالح طبقة خاصّة ، ولم يقل - مثلاً - : إنّه جاء لتأمين مصالح طبقة ما ، ولم يقل - أيضاً - : إنّ هدفه الوحيد هو مساندة العمّال أو الدفاع عن حقوق الفلاّحين.

يؤكّد القرآن عندما يتحدّث عن نفسه : أنّه كتاب لبسْط العدالة ، يقول عن الأنبياء :

( ... وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ... ) ( سورة الحديد : آية : ٢٥).

يريد القرآن القسط والعدل لكلّ المجتمع البشري ، وليس لقوم أو طبقة أو قبيلة خاصّة.ولكي يجذب الناس إلى نفسه لم يشر إلى العصبيّات القومية مثل النازيّة.

وخلافاً لمبادئ أخرى كالماركسية مثلاً ، لا يستند على مصالحهم ومنافعهم الشخصيّة ، ليثيرهم عن هذا الطريق ؛ لأنّه في هذه الحالة لا يستهدف العدل والحق لاتّباعه ، بل يستهدف وصوله إلى منافعهم وطلباتهم الشخصيّة.

٥٧

وكما أنّ القرآن يعتقد بأصالة الوجدان العقلي للإنسان ، فإنّه يعتقد له أيضاً أصالة وجدانيّة وفطريّة ، وعلى أساس فطرة طلب الحقّ والعدل يدعوهم إلى الحركة والثورة ؛ ولهذا فإنّ رسالته لا تنحصر بطبقة العمّال أو الفلاحين أو المحرومين أو المستضعفين.

يخاطِب القرآن الظالمين والمظلومين بأنْ يتّبعوا الحق ، يبلّغ موسىعليه‌السلام رسالتَه إلى بني إسرائيل ، وإلى فرعون أيضاً ، ويدعوهم جميعاً إلى الإيمان بالله والسير في رسالته.

ودعوته لرؤساء قريش ، في الوقت تكون إثارة الأفراد ضدّ أنفسهم ، ورجوعهم عن مسيرة الضلال ، وهي أنّ رجوع وإنابة المترَفين والمتنعِّمين أصعب بكثير من رجوع المحرومين والمظلومين.

الفريق الثاني يتحرّكون في مسير العدالة باقتضاء طباعهم.وأمّا الفريق الأوّل فعليه أنْ يمتنع عن مصالحه

٥٨

الشخصيّة والاجتماعيّة ، ويدوس برجليه على ميوله وأهوائه.

يقول القرآن : بأنّ أتباعه هم الذين طَهُرَتْ نفوسُهم وزَكَتْ أرواحُهم ، وهؤلاء اتبعوا القرآن على أساس مطالبة الحق والعدل ، التي هي في فطرة كلّ إنسان ، ولم يتّبعوا ما تقتضيه مصالحهم وميولهم المادِّيَّة والزخارف الدنيويّة.

٥٩

الفصل الثالث

* فطرة القرآن عن العقل.

* دلائل حجِّيَّة العقل.

* الدعوة إلى التعقّل من قِبل القرآن.

* الاستفادة من نظام العلّة والمعلول.

* فلسفة الأحكام.

* النضال مع انحرافات العقل.

* مواطن الخطأ من وِجهة نظر القرآن.

* نظرة القرآن عن القلب.

* تعريف القلب.

* خصائص القلب.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

٥٠١

٥٠٢

ومما جاء في كرم الصادق «ع» وسخائه ما رواه الشيخ في الامالي بسنده انه دخل اشجع السلمي على الصادق (ع) عد عن العله واذكر ما جئت له فقال :

البسك الله منه عافية في نومك المعتري وفي ارقك

يخرج من جسمك السقام كما يخرج ذل السؤال من عنقك

فقال يا غلام ايش معك قال اربعمائة درهم قال اعطها لاشجع فاخذها وشكر وولى فقال ردوه فقال يا سيدي سألت فاعطيت واغنيت فلم رددتني قال حدثني ابي عن ابآئه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال خير العطاء ما ابقي نعمة باقية وان الذي اعطيتك لا يبقي لك نعمة باقية وهذا خاتمي فان اعطيت بع عشرة الاف درهم والا فدع الي وقت كذا اوفك اياها

سماؤه بالجود هطالة وسيبه هامي الحيا دافق

وكل ذي فضل بافضاله فضله م عترف ناطق

امثل هنذا الامام العظيم في فضله وعبادته وشدة خوفه من الله تعالى وكرم اخلاقه وكرمه وسخائه يجحد حقه ويزال عن مقامه ويقدم علي ه ابو الدوانيق ويحال بينه وبين حقه ومنصب ابيه وجده الى ان قضى صابرا محتسبا مغلوبا حقه مغلوبا على امره

لميحفظوا المختار في اولاده وسواهم من احمد لم يولد

٥٠٣

المجلس الثامن

مما جاء عن الصادقعليه‌السلام من المواعظ والحكم انه قال اذا انعم الله عليك بنعمة فاحببت بقاءها فاكثر من الحمد والشكر فان الله تعالى يقول ولئن شكرتم لازيدنكم واذا اتبطأت الرزق فاكثر من الاستغفار فان الله تعالى يقول استغفروا ربكم الاية ويجعل لكم جنات ف الاخرة ويجعل لكم انهاراواذا احزنك امر فاكصر من قول لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فانها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة (وقالعليه‌السلام ) لا يتم المعروف الا بثلاث تعجيله وتصغيره وستره (واوصى) ولده الكاظمعليهما‌السلام فقال يا بني من قنع بما قسم الله له استغنى ومن مد عينيه الى ما في يد غيره مات فقيرا ومن لم يرض بما قسم الله له الهم ربه في قضائه ومن استصغر زلة نعسه استصغر (استعظم خ ل) زلة غيره يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت غورته ومن سل سيف البغي قتل به ومن حفر لاخيه بئرا سقط فيها ومن داخل السفهاء حقر ومن خالط العلماء وقر ومن دخل مداخل السوء اتهم يا بني قل الحق وانم كان مرا لك وعليك وايالك والنميمة فانها تزرع الشحناء في قلوب الرجال واذا طلبت الجود فعليك بمعادنه ( ووقع الذباب على وجه المنصور فذبه فعاد ثم ذبه فعاد حتى

٥٠٤

اضجره وكان عنده جعفر بن محمد فقال يا ابا عبد الله لم خلق الله الذباب قال ليذل به الجبابرة فسكت (وقالعليه‌السلام ) من لم يغضب من الجفوة لم يشكر النعمة (وكان) يقعد عند الصادقعليه‌السلام رجل من اهل السواد ففقده في بعض الايام فسأل عنه فقال رجل يريد ان يبتقصه انه نبطي فقال الصادقعليه‌السلام اصل الرجل عقله وحسبه دينه وكرمه تقواه والناس في آدم مستوون فخجل الرجل (وقالعليه‌السلام ) عزت السلامة فان تكن في شيء قيوشك ان تكون في الخمول فان يم يوجد الخمول ففي التخلي وليس الخمول فان لم يوجد التخلي ففي الصمت والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشتغل بها عن الناس (وقالعليه‌السلام ) ان الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيوصله الله تعالى الى ثلاث وثلاثين سنة وان الرجل ليقطع رحمة وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فيصيرها الله تعالى الى ثلاث سنين (وقالعليه‌السلام ) ما كل من راى شيئا قدر عليه ولا كل من قدر على شيء وفي له ولا كل من وفق اصاب له موضعا فاذا اجتمعت النية والقدرة والتوفيق والاصابة فهناك السعادة (وقالعليه‌السلام ) تاخير التوبة اغترار وطول التسويف حيرة والاعتداء على الله هلكة والاصرار على الذنب امن من مكر الله (وقالعليه‌السلام ) اربعة اشياء القليل منها كثير النار والعداوة والفقر والمرض (وقال ع) صحبة عشرين يوما قرابة (وقال ع) كفارة عمل السلطان الاحسان الى الاخوان (وقال ع) اذا دخلت منزل اخيك فاقبل الكرامة ما عدا الجلوس في الصدر

٥٠٥

(وقال ع) البنات حسنات والبنون نعم والحسنات يثاب عليهن والنعم مسؤول عنهن (وقال ع) من لم ستح من العيب ويرعوي عند الشيبويخشى الله بظهر الغيب فلا خير فيه (وكان ع) يقول في دعائه اللهم انك بما انت اهله من العفر اولى مني بما انا اهله من العقوبة (وقال ع) من اكرمك فاكرمه ومن استخف بك فاكرم نف سك عنه (وقال ع) منع الجود سوء الظن بالمعبود (وقال ع) ان عيال المرء اسراؤه فمن انعم الله عليه بنعمة فيوسع على اسرائه فان لم يفعل اوشك ان تزول تلك النعمة عنه (وقال ع) ثلاثة لايزيد الله بها الرجل المسلم الا عز الصفح عمن ظلمه والاعطاء لمن حرمه والصلة لمن قطعه (وقال ع) حفظ الرجل بعد وفاته في تركته كرم (وقال ع) المؤمن ااذا غضب لم يخرجه غصبه عن حق واذا رضي لم يدخله رضاه في باطل (وقال ع) ما من مؤمن ادخل على قوم سرورا الا خلق الله من ذلك السرور ملكا يعبدج الله تعالى ويحمده ويمجده فاذا صار المؤمن في لحده اتاه ذلك السرور الذي ادخله على اولئك فيقول انا اليوم اونس وحشتك والقنك حجتك واثبتك بالقول الثابت واشهد بك مشاهد القيامة واشفع بك الى ربك واريك منزلتك نم الجنة (وكان) رجل تاحر يختلف الى الصادق فجاء بعد حين وقد ذهب ماله فجعل يشكوا اليه فانشده الصادق (ع) :

فلا تجزع اذا اعسرت يوما فقد ايسرت في الزمن الطويل

ولا تيأس فان اليأس كفر لعل الله يغني عن قليل

٥٠٦

ولا تظن بربك ظن سوء فان الله اولى بالجميل

وفي حلية الاولياء عنهعليه‌السلام : استنزلوا الرزق بالصدقة وحصنوا اموالكم بالزكاة. وما عال من اقتصد والتدبير نصف العيش والتودد نصف العقل وقلة العيال احد اليسارين ومن احزن والديه فقد عقهما. لا زاد معيشته رزقه الله ومن بذر معيشته حرمه الله. لا زاد افضل من التقوى ولا شيء احسن من اصمت ولا عدو اضر من الجهل. ولا داء ادوى من الكذب. اذا بلغك عن اخيك شيء يسوؤك فلا تغتم فانه ان كان كما يقول كانت عقوبة عجلت وان كان على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها.

وفي تحف العقول ثلاثة من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى : من اذا محدث واذا وعد اخلف واذا ائتمن خان احذر من الناس ثلاثة الخائن والظلوم والتمام لان من خان لك خانك ومن ظلم لك سيظلمك ومن نم عليك. ثلاث يحجزن المرة عن طلب المعالي قصر الهمة وقلة الحياء وضعف الراي. ثلاثة لا يعذر المرء فيها مشاورة ناصح ومدارات حاسد والتحبب الى الناس. كل ذي صنعة مضطر الى ثلاث خلال يجتلب بها المكسب ان يكون حاذقا بعمله مؤديا للامانة ي ه مستميلا لمن استعمله. ثلاثة تدل على عقل فاعلها الرسول والهدية والكتاب. من لم تكن فيه ثلاث خصال لم ينفعه الايمان حلم يرد به جهل الجاهل وورع يحجزه عن طلب المجارم وخلق يداري به الناس. ان شئت ان

٥٠٧

تكرم فلن وان شئت ان تهان فاخشن. نت فرط تورط. ومن خاف العاقبة تثبت فيما لايعلم. من هجم على امر بغير علم جدع انف نفسه. ان قدرت ان لا تعرف فافعل. ان قدرت ان تخرج من بيتك فافعل وان عليك في خروجك ان لا تغتاب ولا تكذب ولا تخسد ولا تراثي ولا تتصنع ولا تداهن. لا تثقن باخيك كل الثقة فان سرعة الاسترسال لا تستقال. فوت الحاجة خير من طلبها من غير اهلها. بروا آباءكم يبركم ابناؤكم. انظر منهو دونك في المقدرة ةلا تنظر الى منهو فوقك فان ذلك اقنع لك. لا ورع انفع من تجنب محارم الله والكف عن اذى المؤمنين واغتيابهم ولا عيش اهنأ من حسن الخلق. ولا مال انفع من القناعة باليسير المجزي. ولا جهل اضر من العجب. تصافحوا فاها تذهب بالسخيمة (العداوة). من ملك نفسه اذا غضب واذا رغب واذا رهب واذا اشتهى حرم الله جسده على النار. لا يتبع الرجل بعد موته الا ثلاث خصال صدقة اجراها لله في حياته فهي تجري بعد موته وسنة هدى يعمل بها. وول صالح يدعو له. فالم افضل من الف عابد زاهد والف مجتهد. تدخل يدك في فم التنين الى المرفق خير الك من طلب الحوائج الى من لم تكن له. احب اخواني الي من اهدى الي عيوبي. ثلاث لم يجعل الله لاحد فيهن رخصة بر الوالدين يرين كانا او فاجرين ووفاء بالعهد للبر والفاجر واداء الامانة الى البر والفاجر. لا خير في صحبة نم لم ير لك مثل الذي يرى لنفسه. من غضب عليك من

٥٠٨

اخوانك ثلاث مرات فلم يقل فيك مكروها فاعده لنفسك من رقف نفسه مواقف التحمة فلا يلومن من اساء به الظن ومن كتم سره كانت الخير ة فلي يده وكل حديث جاوز اثنين فاش. ضع امر اخيك على احسنهه ولا تظنن بكلمة خرجت من اخيك سوءا وانت تجد لها في لخير محملا وعليك باخوان الصدق فهم عدة عند الرجاء وجنة عند البلاء وشاور في حديثك الذين يخافون الله واحب الاخوان على قدر التقوى واتق شرار النساء وكن من خيارهن على حذر. لا يبلغ احدكم حقيقة الايمان حتى يحب ابعد الخلق منه في الله ويبغض اقرب الخلق منه في الله. لا تذهب الحشمة بينك وبين اخيك وابق منها فان ذهاب الحشمة ذهاب الحياء وبقاء الحشمة بقاء المودة. وقيل له خلوت بالعقيق وتعجلت الوحدة فقال لو ذقت حلاوة الوحدة الراحة نم مدارات الناس.

وفي نثر الدرر للابي قال «ع» لايزال العز قلقا حتى ياتي دارا قد استشعر اهلها اليأس مما في ايدي الناس فيوطنها.

امثل هذا الامام العظيم في علمه وفضلة وزهده وورعه ومواعظه وحكمه يحمل مرارا الى المنصور الدوانيقي من الحجاز الى العراق وفي كل مرة يتهدده ويروم قتله ولكن الله تعالى يدفعه عنه ولم يزل كذلك الى الى ان قضى نحبه ولقي ربه صابرا محتسبا مغصوبا حقه مغلوبا على امره.

٥٠٩

بابي من اقسام حيا وميتا عمد الدين والهدى فاستقاما

المجلس التاسع

مما جاء في كيفية وفاة الصادق «ع» ما روي عن الكاظم «ع» انه قال لما حضرت ابي الوفاة قال لي يا بني انه لا ينال شعاعتنا من اشتخف بالصلاة (وعن) ابي بصير قال حخلت على ام حميدة اعزيها بابي عبد الله فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت يا ابا محمد لو رايت ابا عبد الله عند الموت لرايت عجبا فتح عينينه ثم قال اجمعةا لي كل من بيتي وبينه قرابة فلم نترك احدا الا جمعناه فنظر اليهم ثم قال ان شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة (وعن سالمة) مولاته قال كنت عند ابي عبد الله جعفر بن محمد عليهمنا السلام حين حضرته الوفاة واغمي عليه فلما افاق قال اعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الافطس(١) سبعين دينارا واعطوا فلانا كذا وفلانا كذا فقلت اتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد ان يقتلك قال تريدين ان لا اكون من الذين قال الله عظ وجل والذين

____________________

(١) الافطس لقب الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو مساو للصادق «ع» في تعدد النسب

- المؤلف -

٥١٠

يصون ما امر الله به ان يوصل ويخشونه ربهم ويخافون سوء الحساب نعم يا سالمة ان الله خلق الجنة فطيبها وطيب ريحها ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم (وقال الكفعمي) انه عيه السلام توفي مسموما في عنب (وفي الفصول المهمة) يقال ان جعفر الصادقعليه‌السلام منات بالسم في ايام المنصور (وفي تذكرة الخواص ) قيل انه مات مسموما (وعن ابن بابويه) سمه المنصور (وعن ابن طاوس) في الاقبال في ادعية شهر رمضان وضاعف العذاب على من شرك في دمه وهو المنصور (فلما) توفي كفنه الكاظمعليه‌السلام في ثوبين شطويين نسبة الى شطا ف ية بمصر(١) كان يحرم فيهما وفي قميص من قمصه ويف عمامة كانت لعلي بن الحسين «ع» وفي برد اشتراه الكاظم «ع» باربعين دينارا (وروي) انه لماقبض الباقر امر الصادق بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض الصادق ثم امر الكاظم بمثل ذلك في بيت الصادق صلوات الله عليهم حتى خرج به الى اعراق (قال الراوي) ثم لا ادري ما كان (وروى)

____________________

(١) تنسب اليها الثياب الشطوية وهي ضرب من الكتان سميت باسم شطا من قرابة المقوقس الذي كان ملكا على مصر عند الفتح الاسلامي اسلم شطا واستشهد فدفن بها ذكرها في الصحاح بدون هاء وقال في القاموس شطاة بالهاء ووهم الجوهري وفي تاج العروس المسموع على السنة اهلها خلقا عن سلف بغير هاء وهي احدى قرى دمياط.

- المؤلف -

٥١١

الكليني بسنده عن ايب ايوب قال بعث الي ابو جعفر المنصور في جوف الليل فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب فلما سلمت عليه رمى الكتاب الي وهو يبكي وقال هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا ان جعفر بن محمد قد مات فانا لله وانا اليه راجعون ثلاثا واين مثل جعفر ثم قال لي اكتب فكتبت صدر الكتاب ثم قال اكتب ان كان اوصى الى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه فرجع الجواب اليه انه اوصى الى خمسة احدهم ابو جعفر المنصور ليس الى قتل هؤلاء سبيل (وروي) انه اتى اعرابي الى ابي حمزة الثمالي فقال له توفي جعفر الصادق فشهق شهقة واغمي عليه فلما افاق قال هل اوصى الى احد قيل نعم اصى الى ابنيه عبد الله وموسى وابي جعفر المنصور فضحك وقال الحمد لله الذي هدانا الى الهدى وبين لنا عن الكبير وكدلنا على اصغير واخفى عن امر عظيم فسئل عن قوله فقال بين لنا عيوب الكبير(١) ودل على الصغير(٢) لاضافته اياه وكتم

____________________

(١) يعني عبد الله الافطح فعلمنا انه ليس بامام لما نراه فيه من العيوب والامام لا عيوب فيه.

(٢) يعني اضافته الى الاوصياء وجعله من جملتهم فعلم انه هو الوصي الحقيقي لكمال فضله.

- المؤلف -

٥١٢

الوصية للمنصور(١) لانه لو سأل المنصور عن الوصي لقيل انت.

بابي من بكى عليه المعادي والموالي له بكاء الايامى

بابي من اقسام حيا وميتا عمد الين والهدى فاستقاما

بابي من عليه جبريل حزنا في السماوات مأتما قد اقاما

(مراثي الصادقعليه‌السلام )

قال السيد صالح النجفي المفروف بالقزويني في رثائه «ع» من قصيدة :

حي حيا بالابرقين اقاما وارع فيه للقاطنين الذماما

الى ان قال :

فدع الغايات فالعمر ولى واله عنها واقر التصابي السلاما

وانب صادقا وقدم شفيعا جعفر الصادق الامام الهماما

____________________

(١) لا يخفى ما في العبارة ولعل الصواب وكتم الامر بالوصية للمنصور.

- المؤلف -

٥١٣

من سنا وجهه امد الداري وندى كفه امد الغماما

مصدر العلم منتهى الحلم باب الله والعروة التي لا انفصاما

علة الكون من به الارض قامت والسموات والوجود استقاما

شمس قدس بدت فجلت دجى الكفر ودلت على الرشاد الاناما

سيد جده دنى فتدلى قاب قوسين منزلا لن يراما

يا مقيما للدين اقوى براهين على الحق مثلها لن يقاما

يوم بغي المنصور اذا حضر النطع وقد ناول الربيع الحساما

ولعمري بالصل لو لم ترعه ولك لم يرع حرمة وذماما

والذي نم رمت منه يمينا اوردته قبل الحمام الحماما

* * *

يا بدورا قد غالها احسف لكن لم تزل في الهدى بدورا تماما

حاولت نقصها العدى فابى الرحمن الا تنورها الاتماما

حر قلبي لسادة ازكياء في الطوامير خلدوا اعظواما

ارهقوا الطفل والمراهق منهم بالملمات يقظة ومناما

ارضعوا طفلهم لبان الرزايا واعدوا له الحسام فطاما

قتلوهم وما رعوا لرسول الله الا في آله وذماما

يا جبالا حلما تفوق الرواسي وسجالا نعمى تعم الاناما

وليوثا غلبا اذا طاشت الاحلام في الروع لم تطش احلاما

لم يمت حتف انفه من امام منكم عاش بينهم مستضاما

٥١٤

ما كفاها قتل الوصي وشبليه وابنائهم اماما اماما

والتعدي على الميامين حتى لم تغادر من تابعيهم هماما

ورمت جعفرا رزايا ارتنا بأبيه تلك الرزايا الجساما

بابي من بني النبي اماما جرعته بنو الطليق الحماما

بابي من اقامه الله للعلم وللحلم غاربا وسناما

بابي من بكى عليه المعادي والموالي له بكاء الايامى

بابي من اقام حيا وميتا عمد الدين والهدى فاستقاما

بابي من عليه جبريل حزنا في السماوات مأتما قد اقاما

يا حمى الدين ان فقدك اورى في حشى الدين جذوة وضراما

ومن المؤمنين اسهر طرفا ومن الكاشحين طرفا اناما

كنت للدبن مظهرا ومنارا ولاهليه جنة وعصاما

كان بنت الهدى بهديك معمو را وقد سامه الضلال انهداما

لامقام لاهل يثرب فيها يوم ابكيت يثربا والمقاما

ايها البدء والختام لهذا الكون طبتم بداية وختاما

ان تساموا ضيما فعمل قليل يدرك الثأر ثائر لن يضاما

ملك تخضع الملوك لديه واليه يلقي الزمان الزماما

علم الهدى به الله يمحو كل غي ويمحق الاثاما

وبه الله يملا الارض عدلا وبه يكشف الكروب العظاما

محييا دين جده محكما بالبيض والسمر شرعه احكاما

حي مولى جبريل جهرا ينادي في السماوات باسمه اعظاما

بك يا كافي المهمات لذنا فرقا فكفنا الطغاة الطغاما

٥١٥

نشتكيهم اليك في كل يوم فالى م نشكو اليك اليم

* * *

وقال المؤلف عفا الله عن جرائمه

تبكي العيون بدمعها المتورد حزنا لثاو في بقيع الغرقد

تبكي العيون دما مبرز من الاحمد مثله لم يفقد

اي النواظر لا تفيض دموعها حزنا لمأتم جعفر بن محمد

للصادق الصديق بحر العلم مصباح الهدى والعابد المتهجد

رزء له اركان دين محمد هدت وناب الحزن قلب محمد

رزء اصاب المسلمين بذلة وهوى له بيت العلى والسؤدد

رزء له تبكي شريعة احمد وتنوح معولة بقلب مكمد

عم الضلال لفقد هاديها وقد فقد الرشاد بها لفقد المرشد

رزء تهون له المصائب كلها رزء له غاض الندى وخلا الندي

رزء بقلب الدين اثبت سهمه ورمى حشاشة قلب كل موجد

ثلم الهدى والدين منه ثلمة حتى القيامة ثلمها لم يسدد

ماذا جنت ال الطليق وما الذي جرت على الاسلام من صنع ردي

كم انزلت مر البلاء بجعفر نجم الهدى مأمون شرعة احمد

كم شردته عن مدينة جده ظلما تجشمه السرى في فدفد

كم قد رأى المنصور منه عجائبا ورأى الهدى لكنه لم يهتد

هيهات ما المنصور منصور بما يأتي ولا هو للهدى بمسدد

لم يحفظوا المختار في اولاده وسواهم من احمد لم يولد

٥١٦

لم يكف ما صنعت بهم اعداؤهم زمن الحياة ومنا اعتداه المعتدي

حتى غدت بعد الممات خوارج في الظلم بالماضين منهم تقتدي

هدمت ضرائح فوقهم قد شيدت معقودة من فوق اشرف مرقد

(ابو الحسن موسى بن جعفر الكاظمعليهما‌السلام )

المجلس الاول

الامام بعد جعفر الصادق وسابع ائمة المسلين وخلفاء الله في العامين ولده موسى الكاظم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام .

(ولد) الامام موسى بن جعفر بالابواء(١) موضع بين مكة والمدينة يوم الاحد سابع صفر سنة ثمان وعشرين وقيل تسع وعشرين ومائة (واولم) الصادق «ع» بعد ولادته فاطعم الناس ثلاثا.

( وقبض ) ببغداد شهيدا بالسم في حبس السندي بن شاهك يوم

____________________

(١) بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة.

- المؤلف -

٥١٧

الجمعة لست او لخمس بقين من رجب (وقيل) لست او لخمس خلون منه سنة ثلاث وثمانين ومائة على المشهور (وقيل) سنة احدى وثمانين وقيل سنة ست وثمانين وقيل سنة ثمان وثمانين وهو ابن خمس وخمسين سنة او اربع وخمسين سنة على المشهور (وقيل) سبع وخمسين وقيل ثمان ونخمسين وقيل ستين ودفن ببغداد في الجانب الغربي في المقبرة المعروفة بمقابر قريش بباب التين فصار يعرف بعد دفنه بباب الخوائج (قال المفيد) وكانت هذه المقبرة لبني هاشم والاراف من الناس قديما (وكان مقامه مع ابيه عشرين سنة او تسع عشرة سنة وبعد ابيه خمسا وثلاثين سنة وهي مدة امامته (وكانت) مدة امامته بقية ملك النمصور وملك ابنه محمد المهدي وملك موسى الهادي بن محمد المهدي (وتوفي) بعد مضي خمس عشرة سنة من ملك هارون الرشيد بن المهدي (وامه) لم ولد يقال لها حميدة البربرية ابنة صاعد ويقال انها اندلسية وتلقب بالمصفاة (وفي رواية) ان الصادقعليه‌السلام لقبها بذلك فقال حميدة مصفاة من الادناس كسبيكة الذهب ما زالت الاملاىك تحرسها حتى اديت الي كرامة من الله لي والحجة من بعدي (واشهر) كناه ابو ابراهيم وابو الحسن ويقال له ابو الحسن الماضي وابو الحسن الاول (ويعرف) بالكاظم لما كظمه من الغيظ وصبر على ما فعله الظالمون به حتى مضى قتيلا في حبسهم ومعنى الكاظم الممتلئ خوفا وحزنا (وفي الفصول المهمة) هو المعروف عند اهل العراق بباب الحوائج لنجح قضاء

٥١٨

حوائج المتوسلين به (وي تذكرة الخواص) سمي الكاظم لانه كان اذا بلغه عن احد شيء بعث اليه بمال (ونقش خاتمه) حسبي الله (وقيل) الملك لله وحده (وفي رواية) انه كان فيه وردة وهلال في اعلاه (شاعره) السيد الحميري (بوابه) محمد بن الفضل وكان له من الاولاد عشورن ذكرا وعشرون انثى كما في تذكرة الخواص (وفي الارشاد) سبعة وثلاثون ما بين ذكر وانثى (وقيل) ثمانية وثلاثون(١) وهم ١- علي الرضا ٢- ابراهيم ٣- العباس ٤- القاسم لامهات اولاد ٥- اسماعيل ٦- جعفر ٧- هارون ٨- الحسن لام ولد ٩- احمد ١٠- محمد مختلف في ه ١١- حمزة لام ولد ١٢- عبد الله ١٣- اسحاق ١٤- عبد الله ١٥- زيد ١٦ - الحسن ١٧- الفضل ١٨- الحسين ١٩- سليمان لامهات اولاد ٢٠ - فاطمة الكبرى ٢١- فاطمة الصغرى ٢٢- رقية ٢٣- حكيمة ٢٤- ام ابيها ٢٥- رقية الصغرى ٢٦- كلثوم او كلثم او ام كلثوم ٢٧- ام جعفر ٢٨- لبابة ٢٩- زينب ٣٠- خديجة ٣١- علية ٣٢- آمنة ٣٣- حسنة ٣٤ - بريهة ٣٥- عائسشة ٣٦ - ام سلمة ٣٧- ميمونة ٣٨- ام كلثوم لامهات اولاد

____________________

(١) فذكروا معهم محمد الذي ذكرنا في امتن انه مختلف فيه ويوجد تفاوت كثير في اسمائهم بين ما في تذكرة الخواص والارشاد وما ذكرناه مطابق لما في الارشاد

- المؤلف -

٥١٩

خير الفروع فروعهم واصولهم خير الاصول

امثل هذا الامام العظيم امام اهل البيت في عصره ووارث علوم آبائه وجده ينقل من حبس الى حبس تارة في حبس عيسى ابن جعفر وتارة في حبس الفضل بن الربيع وتارة في حبس الفضل ابن يحيى وتارة في حبس السندي بن شاهك حتى مضت عليه اربع سنوات او سبع سنوات وهو محبوس ثم مات في حبس السندي بن شاهك مسموما غريبا مظلوما صابرا محتسبا.

لهفي لموسى بهم طالت بليته وقد اقام بهم خمسا وخمسينا

المجلس الثاني

(اما صفته في خلقه وحليته) فكان اسمر شديد السمرة كث اللحية اي كثير شعرها وفي مناقب ابن شهر اشوب ازهر الا في القيظ لحرارة مزاجه والمراد بالازهر المتلالئ لا الابيض لانه كان اسمر كما سمعت.

(واما صفته في اخلاقه واطواره) ففس عمدة الطالب كان عظيم الفضل رابط الجاش واسع العطاء وفي ارشاد المفيد : كان اعبد اهل زمانه وازهدهم وافقههم واسخاهم كفا واكرمهم

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767