المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء ٥

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة0%

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 767

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
تصنيف:

الصفحات: 767
المشاهدات: 86402
تحميل: 4377


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 767 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 86402 / تحميل: 4377
الحجم الحجم الحجم
المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة

المجالسُ السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة الجزء 5

مؤلف:
العربية

٦٠١

الرضا «ع» في تلك القرية وكان السبب في سم المأمون للرضا «ع» امور قوى بعضها بعضا «روى» الصدوق بسنده ان المأمون لما اراد ان ياخذ البيعة لنفسه بامرة المؤمنين وللرضا «ع» بولاية العهد وللفضل بن سهل بالوزارة امر بثلاثة كراسي فنصب لهم فلما قعدوا عليها أذن للناس فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بايمانهم على ايمان الثلاثة من اعلى الابهام الى الخنصر ويخرجون حتى بايع في آخر الناس فتى من الانصار فصفق بيمينه من الخنصر الى اعلى الابهام فتبسم ابو الحسن الرضا «ع» ثم قال كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة من عقدها قال ابو الحسن «ع» عقد البيعة هو من اعلى الخنصر الى اعلى الابهام فتبسم ابو الحسن الرضا «ع» ثم قال كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى فانه بايعنا بعقدها فقال المامون وما فسخ البيعة من عقدها قال ابو الحسن «ع» عقد البيعة هو من اعلى الخنصر الى اعلى الابهام وفسخها من اعلى الابهام الى اعلى الخنصر فماج الناس في ذلك وامر المامون باعادة الناس الى البيعة على ما وصفه ابو الحسن «ع» وقال الناس كيف يستحق الامامة من لا يعرف عقد البيعة ان من علم لأولى بها ممن لا يعلم فحمله ذلك على ما فعله من سمه (وروى) الصدوق في العيون عن احمد بن علي

صح النقل في ذلك فالروايات لا تدفع بالاستبعاد مع انه لا استبعاد فكم قتل الملوك آباءهم وابناءهم واخوانهم وقتلوا الانبياء والرسل والاولياء والصلحاء خوفا على الملك ولا يمتنع من المامون ان ينقلب عما حصل منه من اكرام الرضا «ع» ومعرفة حقه مع تشيعه لحسد اوغاية من الغايات التي تعرض لامثاله والله اعلم

- المؤلف -

٦٠٢

الأنصاري قال سالت ابا صلت الهروي فقلت كيف طابت نفس المامون بقتل الرضا مع اكرامه ومحبته له وما جعل له من ولاية العهد بعده فقال ان المامون انما كان يكرمه ويحبه لمعرفته بفضله وجعل له ولاية العهد من بعده ليري الناس انه راغب في الدنيا فيسقط محله من نفوسهم فلما لم يظهر منه في ذلك للناس الا ما زاد به فضلا عندهم ومحلا في نفوسهم جلب عليه المتكلمين من البلدان طمعا في ان يقطعه واحد منهم فيسقط محله عند العلماء وبسببهم يشتهر نقصه عند العامة فكان لا يكلمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصائبين والبراهمة والملحدين والدهرية ولا خصم من فرق المسلمين المخالفين له الا قطعه والزمه الحجة وكان الناس يقولون والله انه اولى بالخلافة من المامون فكان اصحاب الاخبار يرفعون ذلك اليه فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده له (وروى) الصدوق ان الرضا «ع» كان لا يحابي المامون في حق وكان يجيبه بما يكره في اكثر احواله فيغيظه ذلك ويحقده عليه ولا يظهره له فلما اعيته الحيلة في امره اغاله فقتله بالسم (وقال) الصدوق كان متى ما ظهر للمامون من الرضا «ع» فضل علم وحسن تدبير حسده على ذلك وحقد عليه حتى ضاق صدره فقتله بالسم ومضى الى رضوان الله تعالى وكرامته (وقال المفيد) عليه الرحمة كان الرضا «ع» يكثر وعظ المامون اذا خلابه ويخوفه الله ويقبح له ما يرتكبه من خلافه وكان المامون يظهر قبول ذلك منه ويبطن كراهيته واستثقاله (ودخل) الرضا «ع» يوما عليه

٦٠٣

فرآه يتوضا للصلاة والغلام يصب الماء على يديه فقال لا تشرك يا امير المؤمنين بعبادة ربك احدا فصرف المامون الغلام وتولى تمام وضوئه بنفسه وزاد ذلك في غيظه ووجده (وكان) الرضا «ع» يزري على الحسن والفضل ابني سهل عند المامون اذا ذكرهما ويصف له مساويهما وينهاه عن الاصغاء الى قولهما وعرفا ذلك منه فجعلا يحطبان عليه عند المامون ويذكر ان له عنه ما يبعده منه ويخوفانه من حمل الناس عليه فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه وعمل على قتله فاتفق انه اكل هو والمامون يوما طعاما فاعتل منه الرضا «ع» واظهر المامون تمارضا (وقال ابو الفرج الاصبهاني) فلما ثقل تمارض المامون واظهر انهما اكلا عنده جميعا طعاما ضارا فمرصا ولم يزل الرضا «ع» يعجبه العنب فاخذ له منه شيء فجعل في اقماعه الابر المسمومة وتركت اياما وكان ذلك من لطيف السم ث منزعت منه وجيء به اليه فاكل منه وهو في علته التي تقدم ذكرها فقتله (وعن) عبد الله بن بشير خادم المامون قال امرني المامون ان اطول اظافري على العادة ولا اظهر ذلك لا حد ففعلت ثم استدعاني فاخرج الي شيئاً يشبه التمر الهندي وقال لي اعجن هذا بيديك جميعا ففعلت ثم دخل على الرضا «ع» فقال له المامون ما خبرك قال ارجوا ان اكون صالحا قال له انا اليوم بحمد الله

٦٠٤

ايضا صالح فهل جاءك احد من المترفقين (يعني الأطباء) في هذا اليوم قال لا فغضب المامون وصاح على غلمانه ثم قال للرضا «ع» خذ ماء الرمان الساعة فانه ما لا يستغنى عنه (قال) عبد الله بن بشير ثم دعاني فقال ائتنا برمان فاتيته به فقال لي اعصره بيديك ففعلت فسقاه المامون الرضا «ع» بيده فكان ذلك سبب وفاته ولم يلبث الا يومين حتى توفي.

(وفي رواية) ان المامون قال لبعض من في خدمته طول أظافرك ولا تقلمها قال فطولتها حتى استحييت من الناس من طولها فحضرته يوماً فدعا بمزود مختوم فامرني بفضه وادخال يدي فيه وتقليب الدواء الذي فيه ففعلت وكان فيه شيء مطحون مثل الذريرة البيضاء فامتلت أظفاري منه ثم قال قم بنا فلم أدر ما يريد فدخل من باب كان بينه وبين دار الرضا وكان قد أنزله في دار معه تلاصق داره وكان الرضا «ع» يحم فجلس عنده وسأله عن خبره ثم قال له الصواب ان تمص رماناً أو تشرب ماءه فقال ما بي اليه حاجة فاقسم عليه ليفعلن وكان في بستان الدار شجرة رمان حامل فامر الخادم فقطف منها رمانة ثم قال لي تقدم فقشرها وفتها فقلت في نفسي انا لله وانا اليه راجعون هذه والله المصيبة العظمى ففتت الرمانة في جام بلور أحضره الخادم ودعا بملعقة فناوله من يده ثلاث ملاعق فلما رفع اليه الرابعة قال له حسبك قد أتيت على ما احتجت اليه وبلغت مرادك فنهض المامون فلم يمس يومنا حتى ارتفع الصراخ (وفي رواية) ان المامون

٦٠٥

قال لغلام له فت هذا بيدك لشيء آخرجه من برنية ففته في صينية ثم قال كن معي ولا تغسل يدك وركب الى الرضا «ع» وقال المامون لذلك لغلام هات من ذلك الرمان وكان في شجرة في بستان في دار الرضا «ع» فقطف منه ث مقال اجلس ففته ففت منه في جام فامر بغسله ثم قال للرضا «ع» مص منه شيئاً فقال حتى يخرج أمير المؤمنين فقال لا والله الا بحضرتي ولولا خوفي ان يرطب معدتي لمصصته معك فمص منه ملاعق وخرج المامون (قال الراوي) فما صليت العصر حتى قام الرضا «ع» خمسين مجلساً وزاد الأمر في الليل فاصبح «ع» ميتاً فكان آخر ما تكلم به قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل الى مضاجعهم وكان امر الله قدراً مقدوراً (وعن) أبي الصلت الهروي انه قال دخلت على الرضا «ع» وقد خرج المامون من عنده فقال لي يا أبا الصلت قد فعلوها (أي سقوني السم) وجعل يوحد الله ويمجده (وعن) ياسر الخادم قال لما كان بيننا وبين طوس سبعة منازل اعتل ابو الحسن الرضا «ع» فدخلنا طوس وقد اشتدت به العلة فبقينا بطوس اياما فكان المامون ياتيه في كل يوم مرتين فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفاً في ذلك اليوم فقال لي بعد ما صلى الظهر يا ياسر أكل الناس شيئاً قلت يا سيدي من يأكل ها هنا مع ما أنت فيه فانتصب «ع» ثم قال هاتوا المائدة ولم يدع من حشمه أحداً الا أقعده معه على المائدة يتفقد واحداً واحداً فلما أكلوا قال ابعثوا الى النساء بالطعام فحمل الطعام

٦٠٦

الى النساء فلما فرغوا من الأكل أغمي عليه وضعف فوقعت الصيحة وجاءت جواري المامون ونساؤه حافيات حاسرات ووقعت الوجبة بطوس وجاء المامون حافياً حاسراً يضرب على رأسه ويقبض على لحيته ويتاسف ويبكي وتسيل الدموع على خديه فوقف على الرضا «ع» وقد أفاق فقال يا سيدي والله ما أدري أي المصيبتين أعظم علي فقدي لك وفراقي اياك أو تهمة الناس لي اني اغتلتك وقتلتك فرفع الرضا «ع» طرفه اليه ثم قال احسن يا أمير المؤمنين معاشرة أبي جعفر فان عمرك وعمره هكذا وجمع بين سبابتيه فلما كانت تلك الليلة قضى بابي هو وأمي غريباً شهيداً مسموماً صابراً محتسباً بعد ما ذهب من الليل بعضه فلما أصبح الصباح اجتمع الخلق وقالوا هذا قتله واغتاله (أي المامون) وقالوا قتل ابن رسول الله وأكثروا والجلبة وكان محمد بن جعفر عم الرضا «ع» استامن الى المامون وجاء الى خراسان (وعلى رواية المفيد) ان المامون استدعاه الى خراسان حين استدعى الرضا «ع» فقال له المامون يا أبا جعفر اخرج الى الناس وأعلمهم ان أبا الحسن لا يخرج اليوم وكره ان يخرجه فتقع الفتنة فقال لهم محمد بن جعفر ذلك كفتفرقوا وغسل ابو الحسن «ع» في الليل ودفن (وفي رواية) ان المامون كتم موت الرضا «ع» يوماً وليلة ثم أنفذ الى محمد بن جعفر الصادق وجماعة آلأ أبي طالب الذين كانوا عنده فلما حضروا نعاه اليهم وبكى وأظهر حزنا شديداً وتوجداً وأراهم اياه صحيح البدن وقال يعز علي يا أخي ان أراك في هذه

٦٠٧

الحال قد كنت أؤمل ان اقدم قبلك فابى الله الا ما أراد ثم أمر بتغسيله وتكفينه وتحنيطه وخرج مع جنازته يحملها (وفي رواية) مشى خلف جازته حافياً حاسراً يقول يا أخي لقد ثلم الاسلام بموتك وغلب القدر تقديري فيك ، حتى انتهى الى الموضع الذي فيه قبره الآن فدفنه فيه في القبة اليت فيها قبر أبيه الرشيد في قبلته (وفي رواية) انه شق لحد الرشيد فدفنه معه وقال أرجو ان ينفعه الله تعالى بقربه ولكن دعبل الخزاعي يقول :

قبران في طوس خير الناس كلهم وقبر شرهم هذا من العبر

ما ينفع الرجس من قرب الزكي وما له يداه فخذ ما شئت أو فذر

هيهات كل امرئ رهن بما كسبت له يداه فخذ ما شئت أو فذر

وتلك القبة في دار حميد بن قحطبة الطائي في قرية يقال لها سنا اباد من قرى طوس.

الا ايها القبر الغريب محله بطوس عليك الساريات هتون

* * *

يا أرض طوس تجاوزت السماء علا اذ لابن موسى الرضا ضمنت جثمانا

سقاك يا طوس وسمي الحيا وهمى في أجرعيك وروى الرند والبانا

٦٠٨

(مراثي الرضاعليه‌السلام )

قال دعبل الخزاعي :

يا حسرة تتردد وعبرة ليس تنفد

على علي بن موسى بن جعفر بن محمد

وقال أيضاً :

وعاثت بنو العباس في الدين عيثة تحكم فيها ظالم وظنين(١)

وسموا رشيداً ليس فيم لرشدة وها ذاك مأمون وذاك أمين

فما قبلت بالرشد منهم رعاية ولا لولي بالأمانة دين

الا أيها القبر الغريب محله بطوس عليك الساريات هتون

شككت فما أدري أمسقي شربة فأبكيك أم ريب الردى فيهون(٢)

وأيهما ما قلت ان قلت شربة وان قلت موت انه ليقين

أيا عجباً منهم يسمونك الرضا ويلقاك منهم كلحة وغضون(٣)

____________________

(١) الظنين بالظاء المتهم وبالضاد البخيل

(٢) أي لا أدري أسقيت السم أم كان موتك حتف الأنف

(٣) جمع غضن كفلس وفلوس وهو كل تثن في ثوب أو جلد أو درع والأغضن الكاسر عينه خلقة أو عداوة أو كبراً.

- المؤلف -

٦٠٩

وقال علي بن أبي عبد الله الخوافي

يا أرض طوس سقاك الله رحمته ماذا حويت من الخيرات يا طوس

طابت بقاعك في الدنيا وطيبها شخص ثوى بسنا اباد مرموس

شخص عزيز على الاسلام مصرعه في رحمة الله مغمور ومغموس

يا قبره أنت قبر قد تضمنه حلم وعلم وتطهير وتقديس

فخراً فانك مغبوط بجثته وبالملائكة الأطهار محروس

غابت ثمانية منكم وأربعة ترجى مطالعها ما حنت العيس

حتى متى يظهر الحق المنير بكم فالحق في غيركم داج ومطموس

وقال محمد بن حبيب الضبي

قبر بطوس به أقام امام حتم اليه زيارة ولمام

قبر أقام به السلام واذ غدا تهدى اليه تحية وسلام

قبر سنا أنواره يجلو العمى وبتربه تستدفع الأسقام

قبر يمثل للعيون محمداً ووصيه والمؤمنون قيام

خشع العيون لذا وذاك مهابة في كنهها تتحير الأفهام

قبر اذا حل الوفود بربعه رحلوا وحطت عنهم الآثام

الله عنه له لهم متقبل وبذلك نهم جفت الأقلام

ان يغن عن سقي الغمام فانه لولاه لم يسق البلاد غمام

قبر علي إبن موسى حله بثراه يزهو الحل والاحرام

من زاره في الله عارف حقه فالمس منه على الجحيم حرام

ومقامه لا شك يحمد في غذ وله بجنات الخلود مقام

٦١٠

وله بذاك الله أوفى ضامن قسما اليه تنتهي الأقسام

يا ابن النبي وحجة الله التي هل للصلاة وللصيام قيام

أنتم ولاة الدين والدنيا ومن لله فيه حرمة وذمام

ما الناس الا من أقر بفضلكم والجاحدون بهائم وسوام

يرعون في دنياكم وكأنهم في جحدهم إنعامكم أنعام

يا ليت شعري هل بقائمكم غداً يغدو بكفي للقراع حسام

تطفي يداي به غليلا فيكم بين الحشى لم يرو منه أوام

ولقد تهيبجني قبوركم اذا هاجت سواي معالم وخيام

من كان يغرم بامتداح ذوي الغنى فبمدحكم لي صبوة وغرام

والى أبي الحسن الرضا أهديتها مرضية تلتذها الأفهام

خذها عن الضبي عبدكم الذي هانت عليه فيكم الألوام

ان اقض حق الله فيك فان لي حق القرى للضيف اذ يعتام

من كان بالتعليم أدرك حبكم فمحبتي اياكم الهام

وقال اشجع بن عمرو السلمي الشاعر المشهور وهو معاصر للرضا (ع) ويقال انها لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد :

يا صاحب العيس يجدي في أزمتها إسمع وأسمع غداً يا صاحب العيس

اقر السلام على قبر بطوس ولا تقر السلام ولا النعمى على طوس

فقد أصاب قلوب المؤمنين بها روع وأفرخ فيها روع ابليس

إختلست واحد الدنيا وسيدها فاي مختلس منا ومخلوس

٦١١

ولو بدا الموت حتى يستدير به لاقى وجود رجال دونه شوس

ان المنايا أنالته مخالبها ودونه عسكر جم الكراديس

أوفى عليه الردى في خيس أشبله والموت يلقي أبا الأشبال في الخيس

ما زال مقتبساً من نور والده الى النبي ضياء غير مقبوس

في منبت نهضت فيه فروعهم بشاهق في بطاح الملك مغروس

لا يوم أولى بتخريق الجيوب ولا لطم الخدود ولا جدع المعاطيس

من يوم طوس الذي ثارت بروعته لنا النعاة وأفواه القراطيس

حقاً بأن الرضا أودى الزمان به ما يطلب الموت الا كل منفوس

بمطلع الشمس وافته منيته ما كان يوم الردى عنه بمحبوس

يا نازلا جدثا في غير منزله ويا فريسة يوم غير مفروس

لبست ثوب البلى اعزز علي به لبساً جديداً وثوبا غير ملبوس

صلى عليك الذي قد كنت تعبده تحت الهواجر في تلك الأماليس(١)

أسكنك الله داراً غير زائلة في منزل برسول الله مأنوس

وقال السيد صالح النجفي المعروف بالقزويني

يا أرض طوس تجاوزت السماء علا اذ لابن موسى الرضا ضمنت جثمانا

سقاك يا طوس وسمي الحيا وهمى في أجرعيك وروى الرندو البانا

فكم أجرت طريداً أم ميتجئاً وكم أغثث صريخاً ظل حيرانا

لتهن طوس بأن أضحت معالمها للشمس برجاً وللاملاك أوطانا

____________________

(١) جمع امليس وهي الفلاة ليس بها نبات

- المؤلف -

٦١٢

فيا عريباً قضى بالسم منفرداً أبكى الأعادي وأصمى الانس والجانا

أقام في يثرب عصراً وأشخصه المأمون قسراً الى أقصى خراسانا

كم من أذى وعناء منه كابده في القرب والبعد حتى حينه حانا

ولاه عهداً ولم يقبل ولايته طوعاً وأعرب عن مكنون ما صانا

تضوع الكون من ذكرى مكارمه مسكا وكان له روحاً وريحانا

يا مفجع العرب في توقيع رحلته ومودع ال قلب بالتوديع نيرانا

وجعت جدك والأهلين تخبرهم لذاك آخر عهدي فيكم كانا

فهل درى البيت بيت الله ان هدمت منه عتاة بني العباس أركانا

وهل درت هاشم ان ابن سيدها قضى غريباً مروع القلب حرانا

وهل درت يثرب ألوت نضارتها وسامها الدهر بعد العز نقصانا

وهل درى من به كوفان قد فخرت بما انطوى من فخار في خراسانا

وهل درى الكرخ ما في طوس من نوب جلت وقوعاً وما منها الرضا عانى

وهل درى من بسامراء ان غدرت أعداؤهم بالرضا ظلماً وعدوانا

فلتبكه الأرض حزنا والسماء دما والأنس والجن والأملاك أشدانا

تشفي معاجزك الأعمى الأصم لهم فكيف كانوا بها صماً وعميانا

٦١٣

وقال المؤلف عفا الله عن جرائمه

حي طوساً لابارح الغيث طوسا في ثراها الهدى غدا مرموسا

أرض قدس طابت وطاب ثراها بضريح الرضا علي بن موسى

وبه قد سمت على هامة النجم سناء وقدست تقديسا

أي بدر قد غيبوا بسنا آباد يجلو الدجنة الحنديسا

أرض طوس حويت كنزاً ثميناً من بني المصطفى وعلقا نفيسا

رزؤه شك في حشى الدين سهما والى الحشر جرحه ليس يومى

يومه في الزمان كان عظيما في قلوب الأنام أذكى وطيسا

يومه أحزن السماوات والأرض جميعاً وكان يوماً عبوسا

أي رزء حتى القيامة ابقى في حشة الدين لوعة ورسيسا

أي رزء أبكى عيون النبيين وقد سر وقعه ابليسا

يا مجداً يطوي الفلاة بحرف في سراها لا تعرف التعريسا

تسبق الريح والبروق اذا ما غلست في مسيرها تغليسا

أقر مني السلام قبراً بطوس وأطلل لثمه اذا جئت طوسا

واخلع النعل في ثراه ففيه مع سنا نور أحمد نار موسى

كل من زاره أصاب رضا الله وفي عفوه غدا مغموسا

آل بيت النبي أنتم ولاة الخلق من حاد عنكم نال بؤسا

أنتم القوم قد هدمتم بنا الكفر وأسستم الهدى تأسيسا

وقال علي بن عيسى الاربلي صاحب كشف الغمة

أيها السائر المجد قف العيس اذا ما حللت في أرض طوسا

٦١٤

والثم الأرض ان رأيت ثرى مشهد خير الورى علي بن موسى

قل سلام الاله في كل وقت يتلقى ذاك المحل النفيسا

منزل لم يزل به ذاكر لله يتلو التسبيح والتقديسا

ما عسى ان يقال في مدح قوم أسس الله مجدهم تأسيسا

ما عسى ان يقال في مدح قوم قدس الله ذكرهم تقديسا

هم هداة الورى وهم أكرم النا س أصولاً شريفة ونفوسا

ان عرت أزمة تندوا غيوثا أو دجت شبهة تبدوا شموسا

كرموا مولداً وطابوا أصولا وزكوا محمداً وطالوا غروسا

يا علي الرضا أبثك وجداً غادر القلب من جواه وطيسا

مذهبي فيكك مذهبي وبقلبي لك حب أبقى جوى ورسيسا

لا أرى داءه بغيرك يشفى لا ولا جرحه بغيرك يوسى

قد تمسكت منكم بولاء ليس يلقسى القشيب منه دريسا

أترجى به النجاة اذا ما خاف غيري في الححشر ضراً وبؤسا

من عددنا من الورى كان مرؤو سا ومنكم من عد كان رئيسا

فغدا العاملون مثل الذنابى وغدوتم للعالمين رؤوسا

وقال الشيخ عبد الحسين بن الشيخ أحمد شكر العراقي

لله رزء هد أركان الهدى من بعده قل للرزايا هوني

حطمت قناة الشرع حزنا بعده وبكت بقاني الدمع عين الدين

لله يوم لابن موسى زلزل السبع الطباق فأعولت برنين

يوم به أضحى الرضا متجرعاً سما بكاس عداوة وضغون

٦١٥

وبطوس قبر ضم أي معظم أبكى الأمين عليه أي خؤون

لله مفتقد عليه تجلب الدين الحنيف بذلة وبهون

يا ضامن الجنات يدخل من يشا فيها ومن قد شاء في سجين

(أبو جعفر محمد بن علي الجوادعليه‌السلام )

المجلس الاول

الامام بعد علي الرضا وتاسع أئمة المسلمين وخليفة الله في العالمين وثاني المحمدين ولده محمد الجواد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام .

ولد محمد الجوادعليه‌السلام بالمدينة ليلة الجمعة او يومها في التاسع عشر م شهر رمضان او في النصف منه او العاشر من رجب وتدل بعض الادعية المأثورة على ولادته في رجب سنة خمس وتسعين ومائة (وقبض) ببغداد شهيداً بالسم على بعض الاقوال يوم السبت او الثلاثاء في اواخر ذي القعدة او الحادي عشر منه او لست اولخمس خلون من ذي الحجة او في اواخره سنة عشرين ومئتين وله خمس وعشرين سنة وأهشر او شهران وثمانية عشر يوما

٦١٦

او وثلاثة اشهر واثنان وعشرون او اثنا عشر يما على حسب اختلاف الاقوال والروايات في تاريخ المولد والوفاة (ودفن) ببغداد في الجانب الغربي في مقابر قريش في ظهر جده موسى بن جعفر (وكان) عمره يوم وفاة ابيه سبع سنين واربعة اشهر ويومين او تسع سنينو أشهراً وعاش بعد ابيه سبع عشرة سنة او ثمان عشرة سنة الا عشرين يوما وهي مدة امامته وخلافته هي بقية ملك المأمون وشيء من ملك المعتصم وتوفي في اول ملك المعتصم(١) (وامه) ام ولد نوبية يقال لها شبيكة(٢) وقيل مريسية يقال لها درة ثم سماها الرضاعليه‌السلام خيزران (وروي) انها كاننت من أهل بيت مارية القبطية وقيل اسمها ريحانة وتكنى ام الحسن والظاهر انها سميت بجميع تلك الاسماء كما هي العادة في الجواري (وكنيته) ابو جعفر الثاني لأن جده محمد الباقر يكنى ايضا بابي جعفر الاول (لقبه) الجواد والتقي والمنتجب والمرتضى والقانع وغيرها وأشهر ألقابه الجواد (نقش خاتمه) نعم القادر الله (شاعره) حماد (بوابه) عمرو بن الفرات وقيل عثمان بن سعيد السمان (له) من الاولاد اربعة علي الهادي وموسى وفاطمة وامامة.

خير الرجال رجالهم ونساؤهم ان عد أهل الخير خير نساء

____________________

(١) وقيل في ملك الواثق والظاهر انه اشتباه نشأ من صلاة الواثق عليه

(٢) وفي بعض الكتب سكينة والظاهر انه تصحيف سبيكة.

- المؤلف -

٦١٧

المجلس الثاني

(اما صفته في خلقه وحيلته) ففي الفصول المهمة صفته ابيض معتدل ويدل قول ابن ابي دؤاد الآتي في المجلس السابع هذا الاسود على انه كان أسمر شديد السمرة وفي المناقب كان شديد الادمة.

(وأما صفته في الاقه واطواره) ففي اعلام الورى للطبرسي كانعليه‌السلام قد بلغ في وقته من الفضل والعلم والحكم والآداب مع صغر سنه منزلة لم يساره فيها احد من دوي الاسنان من السادة وغيرهم ولذلك كان المأمون مشغوفابه لما رأى من علو رتبته وعظيم منزلته في جميع الفضال فزوجه ابنته وكان متوفراً على اعظامه وتوقيره وتبجيله.

(وأما صفته في لباسه) ففي الكافي بسنده عن ابي جعفر (والظاهر انه الجواد) انا معشر آل محمد نلبس الخز واليمنة. وروى الصدوق عن علي بن مهزيار رأيت ابا جعفر الثاني (الجواد) يصلي في جبة خز وكساني جبة خز وذكر انه لبسها على بدنه وصلى فيها.

مطهرون نقيات ثيابهم تجري الصلاة عليهم اينما ذكروا

٦١٨

المجلس الثالث

قال المفيد عليه الرحمة كان الامام بعد الرضا علي بن موسى ابنه محمد بن علي المرتضى بالنص عليه والاشارة من ابيه اليه وتكامل الفضل فيه (فمن) روى النص عن ابي الحسن الرضا على ابنه ابي جعفرعليه‌السلام بالامامة ، علي بن جعفر الصادقعليه‌السلام ، وصفوان بن يحيى ، ومعمر بن خلاد ، والحسين بن يسار ، وابن ابي نصر البزنطي ، وابن قياما الواسطي ، والحسن بن الجهم ، وابو يحيى الصنعاني ، والخيزراني ، ويحية بن حبيب الزيات ، في جماعة كثيرة يطول بذكره الكلام ثم ذكر المفيد رواية كل واحد من هؤلاء الثلاثة باسناده عن الكليني صاحب الكافي وقال صفوان بن يحيى قلت للرضاعليه‌السلام قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك ابا جعفر فكنت تقول يهب الله لي غلاما فقد وهب الله لك وأقر عيوننا به فلا أرانا الله يومك فان كان كون فالى من فاشار بيده الى ابي جعفر وهو قائم بين يديه (وقال معمر بن خلاد) سمعت الرضاعليه‌السلام وذكر شيئاً فقال ما حاجتكم الى ذلك هذا ابو جعفر قد اجلسته مجلسي وصيرته مكاني وقال انا اهل بيت يتوارث اصاغرنا عن اكابرنا القذة بالقذة(١) (وقال ابو يحيى الصنعاني)

____________________

(١) بضم القاف وفتح الذال المعجمة المشدة ريش السهم لأن

٦١٩

كنت عند أبي الحسن «ع» فجيء بابنه ابي جعفر وهو صغير فقال هذا المولود الذي لم يولد مولود اعظم على شيعتنا بركة منه (وروي الخيراني) عن ابيه قال كنت واقفا بين يدي ابي الحسن الرضا «ع» بخراسان فقال قائل يا سيدي ان كان كون فالى من قال الى ابي جعفر ابني فكأن القائل استصغر سن ابي جعفر فقال ابو الحسن «ع» ان الله سبحانه بعث عيسى بن مريم رسولا نبيا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه ابو جعفر (وقال يحيى ابن حبيب الزيات) اخبرني من كان عند ابي الحسن «ع» جالسا فلما نهض القوم قال لهم ابو الحسن الرضا «ع» القوا ابا جعفر فسلموا عليه واحدثوا به عهداً فلما نهض القوم التفت الي فقال يرحم اله المفضل انه كان ليقنع بدون هذا.

شرف تتابع كابراً عن كابر كالرمح انبوبا على انبوب

المجلس الرابع

روي ان يحيى بن اكثم سأل ابا جعفر محمد بن علي الجواد

السهم خشبة في رأسها حديدة فالحديد تسمى ريشا يقال حذو القذة بالقذة مثل يضرب لشيئين يتساويان ولا يتفاوتان اصلا وذلك انها تقدر كل واحدة من القذذ على قدر صاحبها وتقطع.

- المؤلف -

٦٢٠