العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته9%

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 607

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68379 / تحميل: 5574
الحجم الحجم الحجم
العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

ـ ٥ ـ

تراجم بعض الأعلام المشاهير من ذرّيّة العبّاس عليه السلام

عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

وقد مرّ ذكره وسيأتي مكرّراً ، والّذي ينبغي ذكره هنا وهو ما لم يذكر في مصادر ترجمته ، ما نقل عن محمّد بن سليمان (عن محمّد بن عُبَيْد الله)(١) قال : «وَجَدْتُ في كُتُب جدّي عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام»(٢) .

أقول : وهذا يدلّ على أنّهُ كانت عندهُ تلك الكُتُبُ إنْ لم يكنْ هو المُؤلِّفُ لها.

وقال التستري : في ولد العبّاس جمعٌ ممدوحون ، فمنهم ابنه «عُبَيْد الله» فعن الزُبير بن بكّار : إنّه كان من العلماء(٣) .

إبراهيم بن محمّد بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله (٤) بن العبّاس عليه السلام :

قال أبو الفرج الأصفهاني : قُتل إبراهيم بن محمّد بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله

__________________

(١) ما بين القوسين من طبعة مؤسسة زيد.

(٢) درر الأحاديث اليحيوية ، في الخاتمة التي ذكر فيها ترجمة الهادي صاحب الأحاديث (ص ١٧٣) من طبعة مؤسسة زيد ، و(ص ١٩٤) من الأعلمي.

(٣) التّستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

(٤) كذا الصواب ، وفي المطبوع : عبد الله.

٣٢١

ابن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ. واُمّه اُمّ ولد. قتله طاهر بن عَبْد الله في وقعة كانت بينه وبين الكوكبيّ بقزوين(١) .

إسماعيل (٢) بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن الحسين بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

وهو إسماعيل بن عَبْد الله بن عُبَيد الله بن الحسين بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ ابن أبي طالب عليه السلام وكانت تحته أمّةُ الله بنت أحمد بن عيسى بن زيد.

وأحمد هو المختفي بن عيسى مؤتم الأشبال ابن زيد ، كان عالماً فقيهاً كبيراً زاهداً ، واُمّه عاتكة بنت الفضل بن عَبْد الرحمن بن العبّاس بن الحرب ، الهاشميّة ، ومولده سنة ثمان وخمسين ومِائة ، ووفاته سنة أربعين ومِائتين ، وعَمِيَ في آخر عمره ، وكان قد بقيَ في دار الخلافة منذُ تَسَلَّمَهُ الهادي ، ولمّا مات الهادي كان عند الرشيد إلى أن كبرَ فخرجَ ، وأُخِذَ وجُبَّ ، فخلص واختفى ، إلى أن ماتَ بِالبصرة ، وقد جاوزَ الثمانين ، فلذلك سُمّي المُختفي.

قال شيخنا أبو نصر البخاري : طلبهُ المُتوكّلُ فوُجِدَ في بيت ختنه بالكوفة وقد نزل الماء في عينيه فخلّى سبيله(٣) .

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطالبيّين (ص ٤٣٤).

(٢) لعلّه إسماعيل بن عبد الله بن الحسن بن عُبيد الله بن الحسن بن عُبيد الله بن العبّاس بن علي ابن أبي طالب عليه السلام.

(٣) عمدة الطالب : ٣٩٨.

٣٢٢

ـ حمزة بن القاسم بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

قال النّجاشيّ : أبو يعلى ، ثقةٌ جليلُ القدر ، من أصحابنا ، كثيرُ الحديث ، له «كتاب مَن رَوى عن جعفر بن محمّد عليه السلام من الرجال» وهو كتابٌ حسنٌ ، وكتاب (التّوحيد) وكتاب (الزيارات والمناسك) كتاب (الردّ على محمّد بن جعفر الأسديّ). أخبرنا الحُسين بن عُبَيْد الله ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد القلانِسيّ ، عن حمزة بن القاسم ، بجميع كتبه(١) .

أقول : هذا هو المنسوب إليه المرقد المعروف في العراق في قرية تعرف باسم (الحمزة الغربيّ) التابع لناحية (المدحتيّة) في قضاء (الهاشميّة) من مدينة (الحلّة).

وقد فصَّلَ الكلام عن هذا السيّد الشريف في كتاب (المثل الأعلى في ترجمة ابي يعلى) للشيخ الأردوباديّ(٢) .

داود بن محمّد بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

قال أبو الفرج : قتله إدريس بن موسى بن عَبْد الله بن موسى ، بِيَنْبُع(٣) .

__________________

(١) النّجاشي ، الرّجال (١٠١ ـ ١٠٢).

(٢) وقد طبع الدكتور السيّد جودت القزوينيّ هذا الكتاب محقّقاً ومعلّقاً عليه باستدراكاتٍ قيّمةٍ في لندن عام ١٩٩٢ م وأدرجه الشيخ محمّد عليّ السالكيّ في كتاب «أمّ البنين سلام الله عليها». وطبعه السيّد حسن الأمين في ملاحق دائرة المعارف الشيعية الجزء (٢٧). وكتب الدكتور القزويني كتاباً بعنوان «الحمزة الغربيّ» أورد فيه رأياً آخر ، لابدّ من مراجعته.

(٣) مقاتل الطّالبييّن / ٤٥٤.

٣٢٣

ـ العبّاس بن الحسن بن عُبَيْد الله بن عبّاس ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أبو الفضل ، العلويّ ، المدنيّ :

قال الذهبيّ : قدم بغداد في دولة الرشيد ، وبقي في صُحبته ، ثمّ صحبَ بعدَه وَلَدَهُ المأمون ، وكان شاعراً بليغاً مُفوّهاً ، حتّى قيل : إنّه أشعر آل أبي طالب كلّهم(١) .

وذكره الصّفديّ ، وقال ك توفّي سنة ثلاث وتسعين ومائة(٢) .

وعن الخطيب : كان فاضلاً شاعراً فصيحاً ، وله إخوة علماء فضلاء : محمّد ، وعبيد الله ، والفضل ، وحمزة ـ ـ ـ إلى آخره(٣) .

عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

قال الخطيب البغداديّ : من أهل مدينة رسول الله ، قدم بغداد غير مرّةٍ ، وولّاه المأمون القضاء بالحِجاز ، ثمّ عزله ، وببغداد كانت وفاته.

أخبرنا الأزهريّ ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا أحمد بن سليمان الطّوسيّ ، حدّثنا الزّبير بن بكّار ، قال :

وَلَدُ الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

العبّاسُ : كان في صحابة أمير المؤمنين هارون.

ومحمّدٌ : لا بقيّة له.

وأُمّهما أُمّ ولد.

__________________

(١) تاريخ الإسلام للذهبي (٤ / ١١٣٥) رقم ١٤٨.

(٢) الوافي بالوفيّات (١٦ / ٦٤٨ رقم ٦٨٨).

(٣) التستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

٣٢٤

وعُبَيْد الله : كان طاهرُ بن الحسين استعمله على وفد أهل المدينة الّذين أوفدهم العبّاس بن موسى بن عيسى إلى أمير المؤمنين المأمون بخراسان ، فزاده فيهم طاهر بن الحسين ، واستعمله عليهم ؛ فلمّا شخص أمير المؤمنين المأمون إلى بغداد ؛ ولّاه المدينة ومكّة وعكّ ، وقضاءهنّ ، وكان عليها سنين ، ثمّ عزله عنها ، فقدم عليه بغداد ، فمات بها في زمن أمير المؤمنين المأمون.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلويّ ـ حديثاً ـ قال : سمعت محمّد بن يوسف الجعفريّ يقول : ما رأيتُ أحداً في مجلسٍ كان أهيبَ ولا أهْيَأَ ولا أَمْرَأَ من عُبَيْد الله بن حسن(١) .

عُبَيْد الله بن عليّ بن إبراهيم بن الحَسَن بن عُبَيْد الله بن العبّاس :

قال التستريّ : أبو عليّ. فعن ابن الجوزيّ : إنّه كان عالماً فاضلاً جواداً ، طافَ الدُنيا ، وجمع كُتُباً تُسمّى «الجعفريّة» فيها فقهُ أهل البيت عليهم السلام قدمَ بَغداد فأقام بِها وحّدَّثّ ، ثُمّ سافر إلى مصر ؛ فتُوفّي بها سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. وقال الخطيب : كان يمتنع من التحديث ، ثمّ حدّث وكتبت عنه وعن البغداديّين وكانت عنده كتبٌ تُسمّى «الجعفريّة» فيها فقهٌ على مذهب الشّيعة(٢) .

عُبيد الله بن موسى العلويّ العبّاسيّ :

روى النّعمانيّ في غيبته(٣) عن البندنجي ، عنه ، والظّاهر إماميّته(٤) .

__________________

(١) تاريخ بغداد (١٠ / ٣١٣ ـ ٣١٤).

(٢) التّستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

(٣) الغيبة للنّعمانيّ : (ص ٥٢ ح ٣) و(ص ٥٣ ح ٤) و(ص ٥٤ ح ٥ و ٧).

(٤) التّستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

٣٢٥

عليّ بن الحسين بن عليّ بن حمزة :

روى أبو الفرج عنه ، عن عمّه محمّد بن عليّ بن حمزة(١) .

عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس عليه السلام :

وثّقه النّجاشيّ وقال : روى نسخة عن الكاظم عليه السلام وذكر أيضاً ابنه محمّد بن عليّ بن حمزة الشاعر(٢) وسيأتي ذكر ابنه محمد.

عليّ بن محمّد بن عُبَيْد الله بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس [قَمَر أهل البيت] ابن أمير المؤمنين [صلوات الله وسلامه عليهم] :

من نُجباء الناشئين في أيّام الهادي [إلى الحقّ من أئمّة الزيديّة] صلوات الله عليه ، ذي المقامات الشهيرة بين يديه ، وأَحَد الشُهداء مع الهادي ، كان يكتبُ كتابه عليه السلام بِنَجْران ، فنُقِلَ من المعركة حيّاً إلى خيوان ، وتُوُفِّيَ بِها ، وقبرُهُ مَشْهورٌ مَزورٌ(٣) .

الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن أمير المؤمنين عليه السلام :

الشاعرُ الخطيبُ المكنّى أبا العبّاس ، وله ولد بقمّ وطبرستان ، ولأبي العبّاس الفضل هذا في جدّه العبّاس السّقّاء ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

__________________

(١) التّستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله (ص ١٣٨ ـ ١٤٠). وانظر أمالي الطوسي ص ٥٧٠ ح ١١٨٠.

(٢) التستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

(٣) كذا في (ص ١٥) من كتاب (سيرة الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين ت ٢٩٨) المطبوع بتحقيق الدكتور سهيل زكّار السوريّ ، دار الفكر ، بيروت سنة ١٤٠١.

٣٢٦

إنِّي لأَذْكُرُ لِلعبّاسِ موقِفَهُ

بِكربلاءَ وهامُ القومِ تُخْتَطَفُ

يحمي الحسينَ ويسقيهِ على ظَمَأٍ

ولا يُولّي ولا يَثني فيَخْتَلِفُ

فلا أرى مشهداً يوماً كمشهدِهِ

معَ الحسين عليهِ الفضلُ والشّرفُ

أكرِمْ بِهِ مشهداً بانَتْ فضائِلُهُ

وما أضاعَ لهُ أفعالَهُ خلفُ(١)

ويقول في جدّه عليه السلام أيضاً :

أحقُّ النّاسِ أنْ يُبكى عليهِ

إذا(٢) أبكى الحسينَ بِكربلاءِ

أخوهُ وابنُ والِدِهِ عليٍّ

أبُو الفضلِ المُضرّجُ بِالدّماءِ

ومَنْ واساهُ لا يَثنيهِ شيءٌ

وجاءَ لَهُ على عَطَشٍ بِماءِ(٣)

قال الأمين : هو شاعرٌ معاصرٌ للمتوكّل الّذي مات سنة ٢٤٧ هـ واُمّه جعفريّة ، وأبوه محمّد بن الفضل من الشعراء المعاصرين للمأمون العبّاسيّ(٤) .

محمّد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس :

ونجم النّاجِمُ بِالبصرة ، فخرج إليه عليّ بن زيد ومعه جماعة من الطالبيِّين ، منهم : محمّد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن

__________________

(١) المجدي ، / ٢٣٢ = مثله السّماوي ، إبصار العين ، / ٣١ ؛ الأمين ، أعيان الشّيعة ، ٨ / ٤٠١. والأبيات الأوّل والثّاني والرّابع في «معجم الشّعراء» للمرزبانيّ (ص ١٨٤) وفيه :

أكرم به سيّداً بانت فضيلته

وما أضاع له كسب العلا خلف

(٢) ذكر أرباب المقاتل : فتىً أبكى ـ ـ ـ إلى آخره.

(٣) القاضي النعمان ، شرح الأخبار ، (٣ / ١٩٣). وذكر ذلك في تاريخ بغداد (١٢ / ١٣٦) والمقاتل ص ٨٤ ، فهم يؤيّدون المؤلّف في نسبتها إلى الشاعر المذكور.

(٤) ذكره في أعيان الشّيعة (٤٢ / ٢٨٢).

٣٢٧

العبّاس بن عليّ بن أبي طالب. وأُمّه لُبابة بنتُ مُحمّد بن إبراهيم بن الحسن ابن عُبَيْد الله(١) .

محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن الحسين بن عُبيد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

يكنّى أبا إسماعيل شاعرٌ يُكثرُ الافتخار بِآبائه رِضوانُ اللهِ عليهم ، وكان في أيّام المُتوكّل وبقي بعده دهراً ، وهو القائل :

إنّي كَريمٌ مِن أكَارِم سادَةٍ

أَكُفُّهُمُ تَنْدَى بِجَزلِ المَواهِبِ

هُمُ خَيرُ مَنْ يَحْفَى وأكْرَمُ ناعِلٍ

وذِرْوَةُ هُضْبِ الغُرِّ مِن آلِ غالِبِ

هُمُ المَنُّ والسَلْوى لِدانٍ بِوُدِّهِ

وكَالسُمِّ في حَلْقِ العَدُوِّ المُجانِبِ

وله :

وجَدّيْ وَزيْرُ المُصْطَفى وابنُ عَمِّهِ

عَلِيٌّ شِهابُ الحَرْبِ في كُلِّ مَلْحمِ

أَلَيْس بِبَدْرٍ كانَ أوّلَ قاحِمٍ

يُطِيْرُ بِحَدِّ السَيْفِ هامَ المُقحّمِ

وأوّلَ مَنْ صَلّى ووَحّدَ رَبّهُ

وأَفْضلَ زُوّارِ الحَطيْمِ وزَمْزَمِ

وصاحِبَ يَوْمِ الدَوْحِ إِذْ قامَ أَحْمَدٌ

فَنادى بِرَفْعِ الصَوْتِ لا بِتَهَمْهُمِ

جَعَلْتُكَ مِنّيْ يا عَلِيُّ بِمَنْزِلٍ

كَهارُونَ مِنْ مُوسَى النَجِيِّ المُكَلَّمِ

فَصَلّى عَلَيْهِ اللهُ ما ذَرَّ شارِقٌ

وأَوْفتْ حَجُوْنَ البَيتِ أَرْكُبُ مُحْرِمِ(٢)

كذا في طبعة عبد الستّار فرّاج من «معجم الشعراء» للمرزبانيّ.

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٤٣٦).

(٢) معجم الشعراء للمرزباني.

٣٢٨

لكنّ الدكتور فاروق اسليم ، محقّق «معجم» المرزبانيّ سنة ١٤٢٥ من دار صادر في لبنان ، ذكر أنّ (الترجمة والشعر) هما لشخصٍ علويٍّ آخر ، هو : «محمّد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب» مُستدلّا على ذلك بما جاء في كتاب (المحمّدون من الشعراء) للقفطيّ ، و(الوافي بالوفيات) للصفديّ ، وهذان ينقلانِ عن المرزبانيّ مُبارةً.

أقول : وقد بحثتُ عن المذكور باسم «محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن الحسين بن عبّد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب» في من انتسب إلى أبي الفضل العبّاس عليه السلام فلمْ أجدْ له ذكراً. مع أنّ في هذه السلسلة من التصحيف والتحريف ما ذكره المحقّق د. فاروق اسليم.

فالصوابُ ما أثبته هذا المحقّق في طبعته القيّمة.

محمّد بن حمزة بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

قتله محمّدُ بن طغج في بُستانٍ له ، في خلافة المكتفي العبّاسي.

قال أبو الفرج : حدّثني أحمد بن محمّد المسيّب ، قال : كان محمّد بن حمزة من رجالات بني هاشم ، وكان إذا ذكر ابن طغج لا يؤمّره ويثلبه ، ويستطيل عليه إذا حضر مجلسه ، فاحتال ابنُ طغج على غلامٍ لبعض الرجّالة ، فسترهُ ، ثمّ أعلم صاحبه أنّه في دار محمّد بن حمزة ، وغرّاهُ به ، فاستغوى جماعةً من الرجّالة ، فكبسوهُ ـ وهو في بستانٍ ـ فقطّعوهُ

٣٢٩

بِالسكاكين ، وبقي عامّة يومه مطروحاً في البستان ، وهم يتردّدون إليه ؛ فيضربُونه بِسُيوفهم ، هيبةً لهُ وخوفاً أنْ يكون حيّاً أو به رمقٌ فيلحقهم ما يكرهون(١) .

محمّد بن عَبْد الله بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله ابن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

كانَ أُخِذَ في أيّام عليّ بن محمّد صاحب البصرة ، فحُبِسَ ومات في خلافة المُعتضد في حبسهِ(٢) .

محمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ الأخباريّ الشاعر :

روى عنه عَبْد الرّحمن بن أبي حاتم ووثّقه. وتوفّي سنة تسعين ومأتين أو ما دونها. ومن شعره :

لو كنتُ من أمري على ثقةٍ

لصبرتُ حتّى ينتهي أمري

لكنْ نوائبُه تُحرّكُني

فاذكُرْ وُقِيتَ نوائبَ الدَهرِ

واجعلْ لِحاجَتِنا وإنْ كَثُرَتْ

أشغالُكُمْ حَظّاً من الذكْرِ

والمرؤُ لا يَخْلُوْ على عقب الْـ

ـأيّامِ من ذَمٍّ ومن شُكْرِ(٣)

وقد مرّ ذكره في المجديّ مع ذكر هذا الشعر له ، والعمدة ، وقد ذكر المرزبانيّ ترجمته ، وقال : شاعرٌ راويةٌ عالمٌ ، يروي كثيراً من أخبار أهله وبني عمّه ، ولقيه جماعةٌ من شيوخنا وحدّثونا عنه ، ومات في سنة سبعٍ

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٤٤٨).

(٢) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٤٤٥).

(٣) الصفديّ ، الوافي بالوفيّات (٤ / ١٠٦ ـ ١٠٧ رقم ١٥٩٠).

٣٣٠

وثمانين ومائتين ، وهو القائل يُعاتب رجلاً ـ ـ ـ ثمّ أورد الشعر(١) .

وقال أبو الفرج : حدّثني حُكيم بن يحيى ، قال : كان الحسين بن الحسين بن زيد شيخَ بني هاشم وذا قعددهم ، وكانت الأموالُ تُحمل إليه من الآفاق. قال : فاجتمعنا يوماً عند جدّك أبي الحسن محمّد بن أحمد الأصبهانيّ ، وجماعة من الطالبيّين ، فيهم الحسين بن الحسين بن زيد بن عليّ ، ومحمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ العبّاسي ، وأبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ ؛ فقال جدّك للحسين : يا أبا عَبْد الله ، أنتَ أقْعَدُ وُلد رسول الله صلى الله عليه وآله كلّهم ، وأبو هاشم أقْعَدُ وُلد جعفر ، وأنْتُما شيخا آل رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل يدعو لهما بالبقاء.

قال : فنفسَ مُحمّدُ بنُ عليّ بن حمزة ذلك عليهما ؛ فقال له : يا أبا الحسن ، وما ينفعُهما من القُعدُد في هذا الزمان ، ولو طلبا عليه من أهل العصر باقةَ بقلٍ ما أُعْطَياها!. قال : فغضبَ الحُسينُ بنُ الحسين من ذلك ، ثمّ قال : لِيَ تَقولُ هذا؟ فواللهِ ما اُحِبُّ أنّ نَسبي أَبْعَدُ مِمّا هُوَ بِأبٍ واحدٍ ؛ يُبعدُني من رسول الله صلى الله عليه وآله وأنّ الدُنْيا بحذافيرِها لِيَ!!(٢) .

وقال الخطيبُ البغداديّ : محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسين بن عُبَيد الله ابن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب ، أبو عَبْد الله العلويّ : كان أحدَ الأدباء الشُعراء العُلماء برواية الأخبار ، وحدّثَ عن أبيه ، وعن عَبْد الصّمد

__________________

(١) معجم الشعراء (ص ٤٧٦ برقم ٨٩٩).

(٢) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٤٤٦ ـ ٤٤٧).

٣٣١

ابن موسى الهاشميّ ، والحسن بن داود بن عَبْد الله الجعفريّ ، وأبي عثمان المازنيّ ، والعبّاس بن الفرج الريّاشيّ ، وعمر بن شبّة النُميريّ. روى عنه : محمّد بن عَبْد الملك التاريخيّ ، ووكيع القاضيّ ، ومحمّد بن مخلد.

وقال ابن أبي حاتم الرازيّ : سمعتُ منه وهو صدوق.

أخبرنا أبو الفرج أحمد بن محمّد بن عمر المعدّل إملاءً : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عليّ الكاتب : حدّثنا محمّد بن خالد وكيع : حدّثنا محمّد بن عليّ بن حمزة : حدّثني عَبْد الصمد بن موسى : حدّثني عَبْد الوهّاب بن محمّد بن إبراهيم : حدّثني عَبْد الصمد بن عليّ ، عن أبيه ، عن عَبْد الله بن عبّاس ، قال : «إذا أسف اللهُ على خلقٍ من خلقه ؛ فلم يعجل لهم النِقمةَ بمثل ما أهْلَكَ به الأُممَ من الريح وغيرها ؛ خَلَقَ لهم خَلقاً يُعذّبُهم لا يعرفون اللهَ عزّ وجلّ». قرأتُ في كتاب محمّد بن مخلد بخطّه : سنةَ ستٍّ وثمانين ومِائتين ، فيها ماتَ أبو عَبْد الله العلويّ ، محمّد بن عليّ بن حمزة. أخبرنا السِمسار : أخبرنا الصفّار : حدّثنا ابن قانع : أنّ محمّد بن عليّ ابن حمزة ماتَ في سنة سبع وثمانين ومائتين(١) .

وقال ابن حجر العسقلانيّ : محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب ، الهاشميّ ، أبو عَبْد الله العلويّ البغداديّ.

روى عن أبيه ، وعُمر بن شَبَّة النُميريّ ، والعبّاس بن فرج الرياشيّ ،

__________________

(١) الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، (٣ / ٦٣).

٣٣٢

وأبي عثمان المازنيّ النحويّ ، والحسن بن داود الجعفريّ وغيرهم.

وعنه : محمّد بن خلف ، ووكيع القاضي ، ومحمّد بن عَبْد الملك التاريخيّ ، وأبو محمّد ابن أبي حاتم ، وأبو الحسين عمر بن الحسن الأشنانيّ ، ومحمّد بن مخلد الدوريّ. قال ابن أبي حاتم : صدوقٌ ثقةٌ. وقال الخطيب : كان أحد الأدباء العلماء برواية الأخبار(١) .

وقال العلّامة الحلّيّ : محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله ابن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أبو عَبْد الله ، ثقةٌ ، عينٌ في الحديث ، صحيحُ الاعتقاد(٢) .

وقال الحسن بن داود الحلّيّ : محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله(٣) بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب ، أبو عبد الله (دي ، كر [كش(٤) ]) له إيصال مكاتبة(٥) وفي داره حصلت أُمّ صاحب الأمر بعد وفاة الحسن عليه السلام(٦) .

وفي (مختصر إثبات الرجعة) ما نصّه : حدّثنا محمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ ابن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : سمعتُ أبا محمّد عليه السلام : قد ولد وليّ الله وحجّته على عباده ، وخليفتي

__________________

(١) ابن حجر ، تهذيب التّهذيب (٩ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣).

(٢) العلّامة الحليّ الخلاصة (ص ١٥٦ رقم ١٠٦).

(٣) ب : عبد الله.

(٤) مصحّف عن جش.

(٥) ألف ، ج : اتصال.

(٦) ابن داود ، الرجال (ص ٣٢٥ رقم ١٤٢٦ رقم ١٤٢٦).

٣٣٣

من بعدي ، مختوناً ، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر ، وغسّلته عمّتي حكيمة بنت محمّد بن عليّ الرضا عليهم السلام.

فسأل محمّدُ بن عليّ بن حمزة ، عن أُمّه عليه السلام؟؟؟

قال : أُمّه «مليكة» الّتي يُقال لها في بعض الأيّام : «سوسن» ، وفي بعضها «ريحانة» وكان «صقيل» و«نرجس» أيضاً من أسمائها(١) .

وقال المامقاني : عنونه النجاشيّ رحمه الله وقال : ـ ـ ـ ـ له كتاب (مقاتل الطّالبيّين) أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد القلانسيّ ، قال : حدّثنا حمزة بن القاسم عن عمّه محمّد بن عليّ بن حمزة(٢) . وله ذكر في الحديث عن العهد الّذي عقدهُ المأمونُ للإمام الرِضا عليه السلام قال أبو الفرج : أخبرني ببعضه عليّ بن الحسين بن عليّ بن حمزة ، عن عمّه محمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ(٣) .

موسى بن محمّد بن إسماعيل بن عُبَيد الله بن العبّاس :

عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ذكر اسمه ، قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم ، قال : أخبرنا موسى بن محمّد بن إسماعيل بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ بن أبي طالب ، قال : حدّثني جعفر بن زيد بن موسى ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قالوا : جاءت أُمُّ أسلم يوماً إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وهو في منزل أُمّ سلمة ،

__________________

(١) الفضل بن شاذان : مختصر إثبات الرجعة (ص ٢١٢ رقم ١١) وعنه : الحرّ العاملي ، وسائل الشّيعة (٣ / ٥٧٠ رقم ٦٨٣).

(٢) المامقاني ، تنقيح المقال ، (٣ ـ ١ / ١٥٥).

(٣) مقاتل الطّالبيّين (٣٧٤ ـ ٣٧٥).

٣٣٤

فسألتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت : خرج في بعض الحوائج والساعة يجيىء ، فانتظرته عند اُمّ سلمة حتّى جاء صلى الله عليه وآله.

فقالت اُمّ أسلم : بأبي أنتَ وأُمّي يا رسول الله ، إنّي قد قرأتُ الكتب وعلمتُ كلّ نبيٍّ ووصيٍّ ، فموسى كان له وصيٌّ في حياته ، ووصيٌّ بعد موته ، وكذلك عيسى ، فمنْ وصيُّك؟ يا رسول الله؟

فقال لها : يا أُمّ أسلم! وصيِّ في حياتي وبعد مماتي واحدٌ ، ثمّ قال لها : يا أُمّ أسلم! مَنْ فَعَلَ فِعْلي هذا ؛ فهوَ وَصِيّي. ثمّ ضرب بيده إلى حصاةٍ من الأرض ، ففَرَكَها بإصبعه ؛ فجعلها شبه الدقيق ، ثمّ عَجَنَها ، ثمّ طبعها بخاتمه ، ثمّ قال : مَنْ فَعَلَ فِعْلي هذا فهو وصيّي في حياتي وبعد مماتي.

[قالت :] فخرجتُ من عنده ، فأتيتُ أمير المؤمنين عليه السلام فقلتُ : بأبي أنت وأُمّي ، أنت وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله؟.

قال : نعم ، يا أُمّ أسلم! ثمّ ضرب بيده إلى حصاةٍ ففَرَكَها ، فجعلها كهيئة الدقيق ، ثمّ عَجَنَها وخَتَمَها بخاتمه ، ثمّ قال : يا أُمّ أسلم! مَنْ فَعَلَ فِعلي هذا ؛ فهو وصيّي.

فأتيتُ الحسنَ عليه السلام ـ وهو غُلام ـ فقلتُ له : يا سيّدي! أنتَ وصيّ أبيك؟

فقال : نعم ، يا أمّ أسلم ، وضرب بيده وأخذ حصاةً ، ففعل بها كفعلهما.

فخرجتُ من عنده ، فأتيتُ الحسينَ عليه السلام ـ وإنّي لمُستَصْغِرةٌ لِسِنِّهِ ـ فقلتُ له : بأبي أنت وأُمّي ، أنت وصيّ أخيك؟

٣٣٥

فقال : نعم ، يا أُمّ أسلم ، إيتيني بحصاةٍ ، ثمّ فعل كفعلهم.

فعمّرتْ أُمّ أسلم حتّى لحقتْ بعليّ بن الحسين بعد قتل الحسين عليه السلام في منصرفه ، فسأَلَتْهُ : أنت وصيّ أبيك؟

فقال : نعم ، ثمّ فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين(١) .

نفيسة بنت عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

عن الزبير قال : فولد عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب : أبا جعفر عَبْد الله ، ونفيسة ، وأُمّهما : أُمّ أبيها بنت عَبْد الله بن معبد بن العبّاس ، وأُمّها أُمّ محمّد بنت عُبَيْد الله بن العبّاس.

كانت نفيسة بنت عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عند عَبْد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب ، فولدت له : عليّاً ، وعبّاساً ، خرج عليّ بن عَبْد الله بن خالد بدمشق وغلب عليها ، وأمير المؤمنين المأمون بخراسان(٢) .

__________________

(١) الكافي (١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦) رقم ١٥ من الأصول ، كتاب الحجّة ، باب ما يفصل به بين دعوى المحقّ والمبطل في أمر الإمامة.

(٢) ابن عساكر ، تاريخ دمشق (٧٤ / ١٠٦ ـ ١٠٧ رقم ٩٧٧).

٣٣٦

ـ ٦ ـ

ما ورد في (موسوعة أنساب آل البيت النبوي)(١)

من أنساب ذرّية العبّاس عليه السلام في الجزء الثاني الفصل الخامس :

عقب العبّاس السقّاء ابن الإمام عليّ بن أبي طالب

أعقب العبّاس السقّاء ابن الإمام علي من خمسة رجال(٢) .

أمّا الرجال فهم : الفضل ، والحسن ، والحسين ، وحمزة ، وأبو محمّد الأمير عبيد الله.

أمّا الفضل بن العبّاس السقّاء : فأُمّه وأُمّ عبيد الله هي : لبابة بنت عبيد الله(٣) بن العبّاس بن عبد المطّلب ، وأخوهما لأُمّهما : القاسم بن الوليد ابن عتبة بن أبي سفيان ، وأُختهما لأُمّهما : نفيسة بنت زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب.

__________________

(١) للمؤرّخ النسّابة السيّد فتحي عبد القادر أبو السعود سلطان الصيادي الرفاعي الحسيني ، ولقد رأينا إيراد ما جاء في هذا الكتاب ؛ لكونه أحدث ما جمع من انتسب إلى سيّدنا أبي الفضل عليه السلام.

ولقد وقفنا فيه على بعض النقائص!!! فننبّه القُرّآءَ الكرامَ إلى مراجعة ما ورد فيه بِحَذَرٍ.

(٢) لقّب عقبه بالعبابسة تمييزاً لهم عن العبّاسيين عقب العبّاس بن عبد المطّلب.

(٣) في الموسوعة (عبد الله) وهو غلطٌ بالإجماع من محقّقي الفنّ ، والصواب (عبيد الله) كما أثبتنا في المتن.

٣٣٧

أمّا الحسن بن العبّاس السقّاء : فأعقب من رجلين هما : حمزة ، والعبّاس.

أمّا حمزة بن الحسن : فمن عقبه : محمّد بن علي بن حمزة المذكور ، وكان محدّثاً ثقة ، مات عام ٢٨٧ هـ.

أمّا العبّاس بن الحسن : فكان من صحابة الرشيد ، ومن عقبه : الفضل ابن محمّد بن عبد الله بن العبّاس المذكور ، الّذي كان مع الحسن بن زيد بطبرستان ، ثمّ هرب منه ، فأراد الحسن بن زيد قتله ، فآواه موسى بن مهران الكردي. وكان الفضل المذكور شاعراً ، كثير الهجو للحسن بن زيد(١) .

أمّا الحسين بن العبّاس السقّاء : فمن بنيه : عبيد الله بن الحسين ، الّذي ولي مكّة والمدينة للمأمون العبّاسيّ(٢) .

أمّا حمزة بن العبّاس السقّاء : فكان شاعراً ، أعقب من ابنه أبي الطيّب محمّد ، وله عقب.

عقب أبي محمّد الأمير ، عبيد الله بن العبّاس السقّاء ابن الإمام عليّ

كان أبو محمّد الأمير عبيد الله : ورعاً ، ديّناً ، شجاعاً ، أيّام بني العبّاس ، ومات وله ٥٥ سنة.

وأعقب ولدين هما : أبو جعفر عبد الله ، وأبو محمّد الحسن.

__________________

(١) قلائد الذهب في جمهرة أنساب العرب ، مرجع سابق (ص ٤٨).

(٢) قلائد الذهب في جمهرة أنساب العرب ، مرجع سابق (ص ٤٨).

٣٣٨

أمّا أبو محمّد ، الحسن ابن الأمير عبيد الله :

فكان أميراً بينبع ، ثمّ صار ملك الملوك بمكّة ، والمدينة ، والحجاز ، روى الحديث ، وعاش ٦٧ سنة.

وله من المعقبين سبعة : علي ، ومحمّد(١) وأبو القاسم حمزة الأكبر الشبيه ، وعبيد الله الأصغر الثاني ، وأبو الفضل العبّاس ، وإبراهيم جردقة ، وأبو جفنة(٢) الفضل.

أمّا علي ابن الأمير أبي محمّد الحسن : فكان يلقّب «حشايا» ، وأعقب أربعة رجال هم : الحسن ، وأحمد الأكبر ، وأحمد الأصغر ، ومحمّد الزاكي الّذي أعقب ولدين هما : علي ، وأحمد (انقرضا)(٣) .

أمّا أبو جفنة الفضل ابن الأمير أبي محمّد الحسن :

فكان لسناً فصحياً ، شديد الدين ، عظيم الشجاعة ، وكان أحد سادات بني هاشم يقال له «ابن الهاشمية» ،

وكان محتشماً عند الخلفاء ، أعقب ثمانية رجال ، وبنتاً واحدة اسمها فاطمة.

أمّا الرجال فهم : علي ، وأحمد ، وعبد الله ، وسليمان ، لم يذكر لهم عقب.

وجعفر ، والعبّاس الأصغر ، ومحمّد الخطيب الشاعر ، والعبّاس الأكبر.

__________________

(١) ذكرهما صاحب المجدي (ص ٢٣١).

(٢) في المجدي في أنساب الطالبيين (أبو حنفنة) (ص ١٦٩).

(٣) الشجرة المباركة في أنساب الطالبية (ص ٢٣٢).

٣٣٩

أمّا جعفر بن أبي جفنة الفضل : فأعقب بينبع ، ومصر ، وأعقب من ابنه الفضل وحده.

أمّا محمّد الخطيب الشاعر ابن أبي جفنة الفضل : فأعقب عدّة بنين منهم : أبو العبّاس الفضل الشاعر الخطيب ، ومن شعره :

إنّي سأذكر للعبّاس موقفه

بكربلاء وهام الطّفّ تختطفُ

يحمي الحسين ويسقيه على ظمأ

ولا يُوَلّي ولا يثني فيختلفُ

فلا أرى مشهداً يوماً كمشهده

مع الحسين عليه الفضل والشرف

أكرم به مشهداً بانت فضائله

وما أضاع له أفعاله خَلَفُ(١)

أعقب أبو العبّاس الفضل الشاعر المذكور ؛ بقم ، وطبرستان ، وبروجرد. ومن عقبه ببروجرد : أبو محمّد عبد الله بن أبي العبّاس الفضل ، المذكور.

أمّا العبّاس الأكبر ابن أبي جفنة الفضل : فأعقب بينبع ، وأعقب أربعة رجال هم : عبد الله ، والفضل ، ومحمّد ، وعبيد الله ، ويقال لعقبهم «بنو الصندوق»(٢) .

عقب أبي القاسم حمزة الشبيه الأكبر ابن أبي محمّد الحسن بن أبي محمّد الأمير عبيد الله

كان أبو القاسم ، حمزة الشبيه : يشبه الإمام علي بن أبي طالب ، وكان ذا

__________________

(١) ويروى :

أكرمْ به سيّداً بانَتْ فضيلتُهُ

وما أضاعَ له كَسْبُ العُلا خَلَفُ

(٢) الفخري في أنساب الطالبيين (ص ١٦٩).

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

الصلاة وغيرها، وهم الذين لم يظلموا فاطمة، ولم يسكتوا أمام تلك الأحداث، ولم يكن موقفهم موقف المتفرّج الذي لم يتأثّر بالحوادث.

لقد حضروا في تلك الساعة المتأخّرة من تلك الليلة خائفين مترقّبين، إذ قد تقرّر إجراء تلك المراسم ليلاً وسرّاً، واستغلال ظلمة الليل مع رعاية الهدوء والسكوت، كل ذلك لأجل تنفيذ وصايا السيدة فاطمة الحكيمة.

لقد حضروا، وهم: سلمان، عمّار بن ياسر، أبو ذر الغفاري، المقداد، حذيفة، عبد الله بن مسعود، العباس بن عبد المطّلب، الفضل بن العباس، عقيل، الزبير، بريدة، ونفر من بني هاشم، وشيّعوا جثمان فاطمة الزهراء البنت الوحيدة التي تركها الرسول الأقدس بين أُمّته، وكأنّها امرأة غريبة خاملة فقيرة في المدينة، لا يعرفها أحد، وكأنّها لم تكن لها تلك المنزلة الرفيعة والشخصية المثالية.

هؤلاء هم المشتركون في تشييع جنازة سيّدة نساء العالمين.

وتقدّم الإِمام عليعليه‌السلام وصلَّى بهم على حبيبة رسول الله، قائلاً: اللّهمّ إنّي راضٍ عن ابنة نبيّك، اللّهمّ إنّها قد أوحشت فآنسها، اللّهمّ إنّها قد هُجِرت فَصِلها، اللّهمّ إنّها قد ظُلِمت فاحكم لها وأنت خير الحاكمين(1) .

ثم صلَّى ركعتين ورفع يديه إلى السماء فنادى: هذه بنت نبيّك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور.

فأضاءت الأرض ميلاً في ميل.

صلّى الإِمام عليعليه‌السلام عليها، إذ إنّها كانت معصومة، فيجب أن يصلّي عليها المعصوم، فالصلاة على الميت دعاء له بالرحمة. وأمّا بالنسبة للمعصوم فالدعاء له أي الصلاة على جثمانه فهو من واجب المعصوم.

____________________

(1) الخصال للصدوق، عن الإمام الباقرعليه‌السلام .

٥٢١

هذا من الناحية الشرعية، وأمّا من ناحية العقل والحكمة فإنّ السيدة فاطمة الزهراء، مع جلالة قدرها وعظم شأْنها، ذهبت إلى دار رئيس الدولة يومذاك مطالبة بحقّها، فكان موقف الرئيس معها كما عرفت.

ثم حضرت في المسجد وخطبت تلك الخطبة فلم تجد الإِسعاف لا من الحاضرين في المسجد، ولا من رئيس الدولة، وقد مرّ عليك أنّ عليّاًعليه‌السلام كان يحملها إلى بيوت المهاجرين والأنصار يستنجدهم لنصرة الزهراء فلم يجد منهم إلاَّ الجفاء.

والكارثة التي حدثت عند باب بيتها تركت في جسمها آثاراً تدوم وتدوم ولا تزول.

ومواقف المسلمين اتجاه ابنة الرسول كان لها أثر عميق في نفس السيدة فاطمة لكونها إهانة صريحة لها، وظلماً مكشوفاً واعتداءً مقصوداً، وإهداراً لكرامتها، وتضييعاً لمقامها الأسمى.

وليست هذه الأمور من القضايا التي تنسى أو تضيع، فلا بدّ من تنبيه المعتدين على فظاعة عملهم وتسجيل ذلك في سجلّ التاريخ، وذلك عن طريق الاستنكار والتعبير عن الاستيلاء العميق عن تلك الأعمال.

وإنّ بنود الوصية ترمز إلى أنّ الزهراء عاشت بعد أبيها ناقمة وغاضبة على أولئك الأفراد، واستمرّت النقمة والغضب حتى الموت وبعد الموت وإلى يوم يبعثون.

فلا ترضى السيدة فاطمة أن يشيّعها تلك العصابة، ولا أن يصلُّوا على جنازتها ولا يشهدوا دفنها، ولا يعرفوا قبرها.

٥٢٢

فاطمة الزهراء في مثواها الأخير

لقد قرأت أنّ السيدة فاطمةعليها‌السلام أوصت الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بأن يدفنها ليلاً، وأن لا يُعلم أحداً بموضع قبرها، بل يبقى قبرها مخفيّاً من يوم وفاتها إلى يوم الفصل الذي كان ميقاتاً، ليجلب هذا العمل إنتباه المسلمين، وعلى الأخصّ الحجّاج والمعتمرين الذين يزورون قبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في المدينة المنوّرة، ومراقد الأئمّة في البقيع، ويتساءلون عن قبرها فلا يجدون لذلك أثراً ولا خبراً.

فالقبر كان ولا زال مجهولاً عند المسلمين بسبب اختلاف المؤرّخين والمحدّثين فهناك أحاديث تصرّح بدفنها في البقيع، وهناك روايات أنّها دُفنت في حجرتها وعند توسيع المسجد النبوي الشريف صار قبرها في المسجد.

فإن صحّ هذا القول فإنّ صُوَر القبور التي صوَّرها الإِمام في البقيع كان لغرض المغالطة، وصرف الأنظار عن مدفنها الحقيقي.

وإن كان الإِمام قد دفنها في البقيع فالقبر كان ولا يزال مجهولاً.

وعلى كل تقدير: لقد حفروا القبر للسيدة فاطمة، حفروا مرقداً لتلك الزهرة الزهراء، واللؤلؤة النوراء، وتقدّم أربعة رجال وهم علي والعباس والفضل بن العباس ورابع(1) - يحملون ذلك الجسد النحيف(2) .

____________________

(1 و 2) مستدرك الوسائل باب الدفن.

٥٢٣

ونزل عليعليه‌السلام إلى القبر لأنّه وليّ أمرها، وأولى الناس بأُمورها، واستلم بضعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأضجعها في لحدها، ووضع ذلك الخد الذي طالما تعفَّر بين يدي الله تعالى في حال السجود، ذلك الخد الذي كان يقبّله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ليلة قبل أن ينام.

وضع ذلك الخد على تراب القبر وقال: يا أرض أستودعكِ وديعتي، هذه بنت رسول الله.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال: إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام لما وضع فاطمة بنت رسول الله في القبر قال: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله محمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

سلَّمتك أيّتها الصّدّيقة إلى مَن هو أولى بك منّي، ورضيت لك بما رضي الله تعالى لك.

ثم قرأ:( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى‏ ) (1) .

لا يستطيع العقل أن يدرك، ولا يستطيع القلم أن يصف الحالة التي كان عليعليه‌السلام يعيشها تلك اللحظات، ومدى تأثير الأحزان على قلبه.

ثم خرج من القبر، بعد أن أشرج اللِّبن، وتقدّم الحاضرون ليهيلوا التراب على تلك الدرّة النبويّة.

دفنوها، ودفنوا أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

(1) مصباح الأنوار / بيت الأحزان ص 156.

٥٢٤

دفنوا أوّل شهيدة من آل محمد.

لقد دفنوا كتلة من المواهب والفضائل.

لقد أخفوا في بطون التراب الحوراء الإِنسيّة.

وسوّى عليعليه‌السلام قبرها، وكأنّه في تلك المراحل كان جرحه حارّاً، فلا يشعر بالألم، والإنسان قد يصاب بجراح أو كسر فلا يشعر بالألم في وقته، وبعد مضي لحظات يشتد به الوجع، ويتركه يصرخ ويصيح.

كان جثمان السيدة فاطمة نصب عين علي في تغسيلها وتكفينها والصلاة عليها ودفنها، والآن قد غابت الزهراء عن الأبصار، واختفت عن الأعين.

لقد حان أن يشعر الإمام علي بألم المصاب، ويشتد به الوجع أشد ما يمكن.

كانت تلك اللحظات الحرجة من تلك الليلة مؤلمة ومشجية؛ فلقد كان قلب الإِمام مضغوطاً عليه بسبب المصيبة.

لقد ماتت فاطمة الزهراء شهيدة الاضطهاد، قتيلة الظلم والاعتداء.

وفَقَدَ الإِمام بفقدها شريكة حياته، وأحبّ الناس إليه وإلى رسول الله.

فَقَدَ سيدةً في ريعان شبابها، ومقتبل عمرها، ونضارة حياتها.

فَقَدَ سيدةً انسجمت معه ديناً ودنيا وآخرة.

فَقَدَ زوجةً شاركته في مصائب حياته ومرارتها بكل صير.

فَقَدَ حوراء ليست من مستويات نساء الدنيا.

سوف لا يجد الإِمام على وجه الأرض مثلها عصمة ونزاهة وتقوى وعلماً وكمالاًَ وشرفاً، وفضائل ومكارم وغيرها.

فلا يمكن له أن يتسلّى بامرأة أُخرى.

٥٢٥

وممّا زاد في المصيبة، وضاعف في أبعاد الكارثة أنّ السيدة أوصت إلى زوجها أن يكون تشييع جثمانها ليلاً وسرّاً، وبإخفاء قبرها بحيث لا يكون لقبرها أثر ولا علامة.

شكوى إلى رسول الله

ولهذا هاجت به الأحزان لما نفض يده من تراب القبر فأرسل دموعه على خديه وحوّل وجهه إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال:

السلام عليك يا رسول الله عنّي (1) .

السلام عليك عن ابنتك وزائرتك (2) .

والبائتة في الثرى ببقعتك.

والمختار الله لها سرعة اللحاق بك.

قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري.

وعفى عن سيّدة نساء العالمين تجلّدي (3) .

إلاَّ أنّ في التأسّي لي بسُنَّتك في فرقتك موضع تعزّ (4).

فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك.

بعد أن فاضت نفسك (5) بين نحري وصدري.

وغمّضتك بيدي.

____________________

(1) وفي نسخة: السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك.

(2) وفي نسخة: السلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرّة عينك وزائرتك.

(3) وفي نسخة: وضعف عن سيّدة النساء.

(4) وفي نسخة: بسنّتك، والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع التعزّي.

(5) وفي نسخة: على صدري.

٥٢٦

وتولَّيت أمرك بنفسي.

بلى (1) وفي كتاب الله لي أنعم القبول.

إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

قد استُرجعتِ الوديعة.

وأخُذت الرهينة.

واختلست الزهراء (2) .

فما أقبح الخضراء والغبراء.

يا رسول الله!!

أمّا حزني فَسَرمد.

وأمّا ليلي فمسهَّد.

وهمٌّ لا يبرح من قلبي (3) .

أو (4) يختار الله لي دارك التي أنت فيها (5) مقيم.

كمدٌ مقيّح، وهمٌّ مهيّج.

سرعان ما فَرَّق الله بيننا.

وإلى الله أشكو.

وستنبئك ابنتك بتضافر (6) أُمّتك عليَّ.

وعلى هضمها حقّها.

فأحفها السؤال.

____________________

(1) وفي نسخة: نعم.

(2) وفي نسخة: اختلصت واختلست.

(3) وفي نسخة: لا يبرح الحزن من قلبي.

(4) وفي نسخة: إلى أن يختار.

(5) وفي نسخة: بها.

(6) وفي نسخة: بتظاهر.

٥٢٧

واستخبرها الحال.

فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً.

وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.

والسلام عليكما (1) يا رسول الله.

سلام مودّع.

لا سئم ولا قالٍ (2) .

فإن أنصرف فلا عن ملالة.

وإن أُقم فلا عن سوء ظن (3) لما وعد الله الصابرين.

واهاً واها!!

والصبر أيمن وأجمل.

ولولا غلبة المستولين علينا.

لجعلتُ المقام عند قبرك لزاماً.

والتلبث عنده عكوفاً (4) .

ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة.

فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً؟!!

ويهتضم حقّها قهراً؟!!

ويُمنع إرثها جهراً؟!!

ولم يَطُل منك العهد (5) .

____________________

(1) وفي نسخة: سلام عليك.

(2) وفي نسخة: لا قالٍ ولا سئم.

(3) وفي نسخة: ظنّي.

(4) وفي نسخة: لجعلت المقام واللبث لزاماً معكوفاً.

(5) وفي نسخة: ولم يتباعد العهد.

٥٢٨

ولم يخلِق منك الذكر.

فإلى الله - يا رسول الله - المشتكى.

وفيك - يا رسول الله - أجمل العزاء.

فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته (1) .

وروي أنّ عليّاًعليه‌السلام - لما ماتت فاطمةعليها‌السلام وفرغ من جهازها ودفنها - رجع إلى البيت فاستوحش فيه وجزع جزعاً شديداً، ثم انشأ يقول:

أرى عِلل الدنيا عليَّ كثيرةً

وصاحبها حتى الممات عليلُ

لكلّ اجتماعٍ من خليلين فرقةٌ

وكلّ الذي دون الفراق قليلُ

وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ

دليلٌ على أن لا يدوم خليلُ (2)

وروي عن الإمام جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: لما ماتت فاطمة كان علي يزور قبرها كلَّ يوم، واقبل ذات يوم فانكبّ على القبر وانشأ يقول:

مالي مررتُ على القبور مسلّماً

قبر الحبيب فلم يردَّ جوابي (3)

____________________

(1) الكافي للكليني، والمجالس للمفيد، والأمالي للشيخ، ونهج البلاغة للرضي.

(2 و 3) الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي ص 148.

٥٢٩

مُحاوَلاَت فَاشِلَة

وأصبح الصباح من تلك الليلة فأقبل الناس ليشيّعوا جنازة السيدة فاطمة فبلغهم الخير أنّ عزيزة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد دُفنت ليلاً وسرّاً.

وكان عليعليه‌السلام قد سوّى في البقيع صُوَر قبور سبعة أو أكثر، وحيث إنّ البقيع كان في ذلك اليوم وإلى يومنا هذا مقبرة أهل المدينة، ولهذا أقبل الناس إلى البقيع يبحثون عن قبر السيدة فاطمة، فأشكل عليهم الأمر، ولم يعرفوا القبر الحقيقي لسيّدة نساء العالمين، فضجّ الناس، ولام بعضهم بعضاً، وقالوا: لن يخلف نبيّكم إلاَّ بنتاً واحدة، تموت وتُدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها، ولا تعرفوا قبرها؟!!

فلقي المقداد أبا بكر وقال له: إنّا قد دفنّا فاطمة البارحة.

فقال عمر: يا أبا بكر ألم أقل لك إنّهم يريدون دفنها سرّاً؟

فقال المقداد: إنّ فاطمة أوصت هكذا، حتى لا تصلَّيا عليها(1) .

فجعل عمر يضرب المقداد على رأسه ووجهه، واجتمع الناس وأنقذوه منه.

فوقف المقداد أمامهم وقال:

(إنّ ابنة رسول الله ماتت والدم يجري من ضلعها وظهرها، بسبب الضرب والسوط الذي ضربتموها، وقد رأيت ما صنعتم بعلي، فلا عجب

____________________

(1) بحار الأنوار ج43 ص199.

٥٣٠

إذا ضربتموني)(1) .

فقال العباس: إنّها أوصت أن لا تصلَّيا عليها.

فقال عمر: لا تتركون - يا بني هاشم - حسدكم القديم علينا أبداً!!

فقال عقيل: وأنتم - واللهِ - لأشدّ الناس حسداً، وأقدم عداوة لرسول الله وأهل بيته.

ضربتموها بالأمس، وفارقت الدنيا، وظهرها بدم، وهي غير راضية عنكما(2) .

ثم قال رجال السلطة: هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلّي عليها، ونزور قبرها.

أرادوا تنفيذ هذه الخطّة كي يزيّفوا الخطّة التي خططتها السيدة فاطمة في وصاياها، وأن يحبطوا المساعي التي بذلها الإمام عليعليه‌السلام في إخفاء القبر، وحرمان بعض الناس عن درك ثواب الصلاة على جنازة السيدة فاطمة.

وإلاَّ فما معنى نبش القبر لأجل الصلاة على الميت؟

أكانوا يظنّون أنّ عليّاً دفن فاطمة بلا صلاة؟

هل من المعقول أن يظن أحد ذلك؟

وأيّ إسلامٍ وأيّ دين وشريعة يبيح نبش قبر ميت قد صلّى عليه وليّه بأحسن وجه وأكمل صورة، صلَّى عليه بتصريح ووصيّة منه؟!

إنّني أعتقد أنّ الذي جرّأهم على هذه المجازفة وخرق الآداب وتحطيم المعنويات هو استضعافهم لأمير المؤمنينعليه‌السلام فكأنّهم قد نسوا أو

____________________

(1) كامل البهائي لعماد الدين الطبري ج 1 ص 312.

(2) المصدر السابق ص 313.

٥٣١

تناسوا سيف الإِمام علي وبطولاته في جبهات القتال، وشجاعته التي شهد بها أهل السماء والأرض.

إن كان الإِمام أمير المؤمنين لم يجرّد سيفه في تلك الأحداث والمآسي التي حدثت من بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأجل توحيد كلمة المسلمين، وعدم تفرّقهم عن الدين، فليس معنى ذلك أن يسكت عن كل شيء وأن يصبر على كل عظيمة ورزية.

وبعبارة أُخرى: إن كان عليعليه‌السلام مأْموراً بالصبر في موارد معيّنة ومواطن محدودة فلا يعني ذلك أن يتحمّل كل إهانة ويسكت عليها.

وصل إلى الإِمام خبر المؤامرة التي يوشك أن تُنفّذ، وكان للإمامعليه‌السلام قباء أصفر يلبسه في الحروب؛ لأنّ الملابس الفضفاضة الطويلة العريضة لا تناسب القتال وإنّما تتطلّب الحرب ملابس تساعد على سرعة الحركة والأعمال الحربية، وكان ذلك القباء من ملابس عليعليه‌السلام الخاصة للحروب.

لبس الإِمام القباء الأصفر، وحمل سيفه ذا الفقار وقد احمرّت عيناه ودرّت أوداجه من شدّة الغضب، وقصد نحو البقيع.

سبقت الأخبار عليّاً إلى البقيع، ونادى مناديهم: هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه، يقسم بالله: لئن حُوِّل من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر.

تلقّى الناس هذا التهديد بالقبول والتصديق؛ لأنّهم عرفوا أن عليّاً صادق القول، قادر على ما يقول.

ولكنّ عمر استخفّ بهذا التهديد والإِنذار وقال: ما لك يا أبا الحسن! والله لننبشنّ قبرها ولنصلِّين عليها!!

٥٣٢

فضرب الإمام بيده إلى جوامع ثوب الرجل وهزّه، ثم ضرب به الأرض، وقال له: يا بن السوداء! أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتدّ الناس عن دينهم، وأما قبر فاطمة فوالذي نفس علي بيده: لئن رُمتَ وأصحابك شيئاً من ذلك لأسقينّ الأرض من دمائكم!!

فقال أبو بكر: يا أبا الحسن بحق رسول الله وبحق مَن فوق العرش إلاَّ خلَّيت عنه، فإنّا غير فاعلين شيئاً تكرهه.

فخلّى عنه وتفرّق الناس، ولم يعودوا إلى ذلك(1) .

وبقيت وصايا السيدة فاطمة باقية ونافذة المفعول حتى اليوم وبعد اليوم.

____________________

(1) بحار الأنوار ج 43. باب ما وقع عليها من الظلم.

٥٣٣

الإمام علي في تأبين السيّدة الزهراء

إن كانت العادة والإنسانية قد قضت برثاء الميت، فإنّ السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام تستحق الرثاء بعد وفاتها كما تستحق الثناء في حياتها وبعد مماتها.

والرثاء تعبير عن الشعور، وإظهار التوجُّع والتأسُّف على الفقيد، وبيان تأثير مصيبة فقده على الراثي.

وانطلاقاً من هذا المفهوم فإنّه يجدر بالإمام عليّعليه‌السلام أن يرثي السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ويبثّ آلامه النفسية من تلك الفاجعة المؤلمة، فالإمام يشعر بألم المصائب أكثر من غيره؛ لأنّه يقدّر فقيدته حق قدرها، وتأثير الصدمة في نفسه أقوى وأكثر، فلا عجب إذا هاجت أحزانه فقال مخاطباً لسيّدة النساء فاطمة العزيزة بعد وفاتها قائلاً:

نفسي على زفراتها محبوسة

يا ليتها خرجت مع الزفراتِ

لا خير بعدكِ في الحياة وإنّما

أبكي مخافة أن تطول حياتي

وقوله:

أرى علل الدنيا عليَّ كثيرة

وصاحبها حتى الممات عليلُ

ذكرت أبا ودِّي فبتُّ كأنّني

بردِّ الهموم الماضيات وكيلُ

لكل اجتماعٍ من خليلين فرقة

وكلُّ الذي دون الفراق قليلُ

وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ

دليلٌ على أن لا يدوم خليلُ

وقوله:

فراقكِ أعظم الأشياء عندي

وفقدك فاطم أدهى الثكولِ

٥٣٤

سأبكي حسرة وأنوح شجواً

على خِلِّ مضى أسنى سبيلِ

ألا يا عين جودي وأسعديني

فحزني دائم أبكي خليلي

وقال:

حبيب ليس يعدله حبيبُ

وما لسواه في قلبي نصيبُ

حبيب غاب عن عيني وجسمي

وعن قلبي حبيبي لا يغيبُ

وقوله مخاطباً للسيدة فاطمة بعد وفاتها:

مالي وقفت على القبور مسلِّماً

... قبر الحبيب فلم يردّ جوابي

أحبيب ما لك لا تردّ جوابنا

أنسيت بعدي خلَّة الأحبابِ (1)

وفي كتاب الأنوار العلوية(2) ما ملخّصه:

لما ماتت فاطمةعليها‌السلام احتجب الإمام أمير المؤمينعليه‌السلام في منزله عن الناس، وصار لا يخرج إلاّ للصلاة وزيارة قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال عمار: فمضيتُ إلى دار سيدي ومولاي أمير المؤمنين، فاستأذنت عليه، فاذن لي، فلمّا دخلت عليه وجدته جالساً جلسة الحزين الكئيب والحسن عن يمينه، والحسين عن شماله، وهو ينظر إلى الحسين ويبكي.

فلم أملك نفسي دون أن أخذتني العبرة، وبكيت بكاءً شديداً، فلمّا سكن نشيجي قلت:

سيّدي أتأذن لي بالكلام؟

قال: تكلَّم يا أبا اليقظان.

قلت: سيّدي أنتم تأمرون الناس بالصبر على المصيبة، فما هذا الحزن الطويل...؟

____________________

(1) بحار الأنوار ج 43 ص 216.

(2) للعلاّمة البحّاثة الشيخ جعفر النقدي ص 306.

٥٣٥

فالتفت إليَّ وقال: (يا عمّار إنّ العزاء عن مثل مَن فقدته لعزيز، إنّي فقدتُ رسولَ الله بفقد فاطمة.

إنّها كانت لي عزاء وسلوة.

كانت إذا نطقت ملأت مسامعي بصوت رسول الله.

وإذا مشت لم تخرم مشيته.

وإنّي ما أحسستُ بفراق رسول الله إلاّ بفراقها.

وإنّ أعظم ما لقيتُ من مصيبتها: أنّي لما وضعتُها على المغتسل وجدتُ ضلعاً من أضلاعها مكسوراً، وجنبها قد اسودَّ من ضرب السياط، وكانت تخفي ذلك عليَّ مخافة أن يشتدّ حزني، وما نظرت عيناي إلى الحسن والحسين إلاّ وخنقتني العبرة، وما نظرت إلى زينب باكية إلاّ وأخذتني الرقَّة عليها...).

٥٣٦

تاريخ وفاتهاعليها‌السلام

ليس من العجيب أن يختلف المؤرِّخون في تاريخ وفاتها ومقدار عمرها كما اختلفوا في تاريخ ولادتها قبل البعثة أو بعدها، وهكذا الاختلاف في مقدار مكثها في الحياة بعد وفاة أبيها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فاليعقوبي يروي أنّها عاشت بعد أبيها ثلاثين أو خمسة وثلاثين يوماً، وهذا أقلّ ما قيل في مدّة بقائها بعد الرسول.

وقول آخر: أربعون يوماً.

وقول ثالث: خمسة وسبعون وهو الأشهر.

ورابع: خمسة وتسعون يوماً وهو الأقوى وهناك أقوال لا يعبأ بها كالقول بأنّها عاشت بعد أبيها ستّة أشهر أو ثمانية أشهر وهذا أكثر ما قيل في مكثها بعد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهناك أحاديث واردة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام كانت ولا تزال مورد الاعتبار والاعتماد.

ففي كتاب (دلائل الإمامة) للطبري الإمامي بإسناده عن الأمام الصادقعليه‌السلام : أنّها قُبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه، سنة إحدى عشرة من الهجرة.

وفي البحار ج43 عن جابر بن عبد الله: وقُبض النبي ولها يومئذٍ ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر.

٥٣٧

أيضاً عن الإمام محمد بن عليّ الباقرعليه‌السلام : وتوفيت ولها ثمانية عشرة سنة وخمسة وسبعون يوماً.

وروى الكليني هذا القول في الكافي.

وعلى كل تقدير فإنّ عشرات الآلاف من المجالس والمآتم تقام في البلاد الشيعية بمناسبة وفاة السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام في المساجد والبيوت والمجامع، ويطعمون الطعام في يوم وفاتها بكل سخاء، وتسمّى تلك الأيام بـ (الفاطميّة ) فيرقى الخطباء المنابر ويتحدّثون عن السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام وعن حياتها الزاخرة بالفضائل والمناقب والمواقف المشرِّفة، ويختمون كلامهم بذكر بعض مصائبها وآلامها.

٥٣٨

أوْقَافُهَا وَصَداقَاتُهاعليها‌السلام

كان لها سبعة بساتين وقفتها على بني هاشم وبني المطلب، وجعلت النظر فيها والولاية لعليّعليه‌السلام مدة حياته، وبعده للحسن وبعده للحسينعليهما‌السلام وبعده للأكبر من ولدها، وكان كتاب الوقف موجوداً عند الإمام الباقرعليه‌السلام كما في كتاب الكافي للكليني، صورة الكتاب هكذا:

(بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحوائطها السبعة: العواف، والذلال، والبرقة، والمبيت، والحسنى، والصافية، وما لأُمّ إبراهيم إلى عليّ بن أبي طالب، فإن مضى فإلى الحسن، فإن مضى فإلى الحسين، فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من وُلدي.

شهد الله على ذلك والمقداد بن الأسود والزبير بن العوام وكتب عليّ بن أبي طالب).

وتسأل: كيف وصلت هذه البساتين السبع إلى السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ؟

لقد ذكر السمهودي(1) أنّ مخيرق اليهودي - كان من أحبار يهود بني النضير - أسلم وقُتل يوم أحد، وأوصى ببساتينه السبع إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأوقفها النبي سنة سبع من الهجرة على خصوص فاطمةعليها‌السلام وكان يأخذ منها لأضيافه وحوائجه.

وأوصت لأزواج النبي لكل واحدة منهن اثنتا عشر أوقية، ولنساء بني هاشم مثل ذلك، ولأُمامة بنت أبي العاص بشيء(2) .

____________________

(1) تاريخ المدينة ج2 ص152.

(2) دلائل الإمامة.

٥٣٩

فاطمة الزهراءعليها‌السلام يومَ المحشر

إن كان بعض المسلمين لم يراعوا حرمة سيّدة نساء العالمين في حياتها، وأذاقوها أنواع الذل والهوان، وقابلوها بالاعتداء والكبت، ولم يرقبوا فيها كرامتها ولا كرامة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم).

ولم يحفظوا فيها كلام الله تعالى حيث أنزل آيات بيّنات في حقّها وحق زوجها وولديها سيّدي شباب أهل الجنّة، كآيات التطهير والمباهلة وسورة هل أتى وآية المودّة في القربى.

وكأنَّهم لم يسمعوا وصيّة أبيها في حقّها حيث قال: (المرء يُحفظ في وُلده) وقوله: (فاطمة بضعة منّي، مَن آذاها فقد آذاني) وأمثال ذلك من الكلمات التي أوصى بها الرسول أُمَّته بحق ابنته الوحيدة فاطمة الزهراء.

ولم ينصروها حينما استنجدت بهم واستنصرتهم فلم يسعفوها، ولم يتكلّم منهم متكلّم.

فإنّ الله تعالى قد حفظ لفاطمة الزهراءعليها‌السلام مقامها، ولم يبخس من حقّها شيئاً، فلقد ذكرها في كتابه المجيد، وأحلَّها محلاًّ لم تدركه أيّة أُنثى في العالم، وقد جعلها الله سيّدة نساء العالمين.

وبعد هذا كلّه فإنّ الله تعالى سيُظهر عظمتها لأهل العالم كلّهم في يوم القيامة.

في ذلك اليوم الذي يحشر فيه الظالمون ووجوههم مسودّة.

في ذلك اليوم الذي يعضّ الظالم على يديه.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607