العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته9%

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 607

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68308 / تحميل: 5567
الحجم الحجم الحجم
العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

العبّاس ابوالفضل ابن أمير المؤمنين عليه السلام سماته وسيرته

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ولحقتموه وهو غدا خارج طالب بثأره وحقه، وتراث آبائه، وإقامة دين الله، وما يمنعكم من نصرته ومؤازرته، إنّني خارج من وجهي هذا إلى الكوفة للقيام بأمر الله، والذب عن دينه والنصر لأهل بيته، فمَن كانت له نيّة في ذلك، فليلحق بي...).

واستجابت له الزيدية وغيرهم، واتجه أبو السرايا بجيوشه نحو الكوفة.

وأمّا محمد فقد أعلن الثورة في نفس اليوم الذي ثار فيه أبو السرايا، وقد التفت حوله الجماهير الحاشدة، وظل محمد يترقّب بفارغ الصبر قدوم أبي السرايا عليه، وقد طالت الأيام حتى يئس منه أصحابه، ولاموا محمداً على الاستعانة به، واغتمّ محمد لتأخّره عنه، وبينما هم في قلق واضطراب إذ طلعت عليهم جيوش أبي السرايا، ففرح محمد وسرّ سروراً بالغاً، ولـمّا قرب منه قام إليه محمد واعتنقه، وبقي معه أياماً ثم اتجه معه صوب الكوفة، فلمّا انتهى إليها استقبله أهلها استقبالاً رائعاً، وأظهروا الفرحة الكبرى بقدومه، وبايعوه بالإجماع(1) .

واحتلت جيوش أبي السرايا الكوفة، ونهبوا جميع ما في قصر الفضل بن عيسى والي الكوفة، ولم يرغب بذلك أبو السرايا فأصدر أوامره المشدّدة إلى الجيش بالكف عن السلب والنهب وإرجاع المنهوبات إلى أهلها.

وأرسل الحسن بن سهل حاكم العراق من قبل المأمون ثلاثة آلاف فارس بقيادة زهير بن الحسن لحرب أبي السرايا، ولـمّا انتهت إلى الكوفة التحمت مع جيوش أبي السرايا، فانهزم الجيش العباسي شرّ هزيمة، واستولى جيش أبي السرايا على جميع أمتعته(2) ، وقد انتصر أبو السرايا انتصاراً رائعاً، وسرى والخوف والرعب في نفوس العباسيين، وأيقن الكثيرون منهم أنّ الثورة قد نجحت، وأنّ مصيرهم في خطر عظيم.

وفاة الزعيم محمد:

ومن المؤسف حقاً أنّ الزعيم الكبير محمد بن إبراهيم قد توفّي، وذهبت معظم المصادر التأريخية إلى أنّه توفّي وفاة طبيعية، وعزت بعض المصادر وفاته إلى أبي السرايا فقد دسّ إليه سمّاً فاغتاله، ليتخلص منه، وأكبر الظن أنّه توفّي حتف أنفه، ولم يكن

____________________

(1) مقاتل الطالبيين (ص 533).

(2) مقاتل الطالبيين.

١٨١

لأبي السرايا أي ضلع فيها؛ لأنّ الثورة كانت في بدايتها، وليس من الممكن بأي حال من الأحوال أن يقدم أبو السرايا على اغتياله في تلك الظروف الحرجة التي لم يتيقن فيها بنجاح ثورته.

ومهما يكن من أمر فإنّ أبا السرايا قام بتجهيز الجثمان الطاهر فغسّله وأدرجه في أكفانه، وحملوه في غلس الليل البهيم إلى (الغري ) فدفنوه فيه(1) ورجعوا إلى الكوفة، وفي الصبح جمع أبو السرايا الناس، ونعى إليهم الزعيم الكبير محمد وعزاهم بوفاته، فارتفعت الأصوات بالبكاء، والتفت إليهم قائلاً: (ولقد أوصى أبو عبد الله إلى شبيهه، ومَن اختاره وهو أبو الحسن علي بن عبيد الله، فإن رضيتم به فهو الرضي، وإلاّ فاختاروا لأنفسكم).

وساد الوجوم في جميع قطعات الجيش، ولم ينبس أحد ببنت شفة وانبرى العلوي محمد بن محمد بن زيد، وهو غلام حدث السن، فخاطب العلويين قائلاً: (يا آل علي إنّ دين الله لا ينصر بالفشل، وليست يد هذا الرجل - يعني أبا السرايا - عندنا بسيئة، وقد شفى الغليل وأدرك الثأر).

والتفت إلي علي بن عبيد الله، فقال له: (ما تقول: يا أبا الحسن، فقد وصانا بك، أمدد يدك نبايعك).

وأضاف يقول: (إنّ أبا عبيد الله - رحمه الله - قد اختار، فلم يعدم الثقة في نفسه ولم يألوا جهدا في حق الله الذي قلّده، وما رد وصيته تهاوناً بأمره ولا ادع هذا نكولاً عنه، ولكن أتخوّف أن اشتغل به عن غيره، ممّا هو أحمد وأفضل عاقبة، فامض رحمك الله لأمرك، واجمع شمل بني عمّك، فقد قلدناك الرياسة علينا، وأنت الرضي عندنا الثقة في أنفسنا).

ثم التفت إلى أبي السرايا فقال له: (ما ترى أرضيت به؟).

وسارع أبو السرايا قائلاً: (رضاي من رضاك وقولي من قولك).

____________________

(1) مقاتل الطالبيين.

١٨٢

وجذبوا يد محمد بن محمد فبايعوه، وقام محمد في الوقت بعزم ثابت فنظم شؤون حكومته، وبعث عمّاله إلى الأقطار الإسلامية التي فتحها أبو السرايا، وهذه المناطق التي بعث إليها عماله:

1 - الكوفة: وقد ولّى عليها إسماعيل بن علي.

2 - اليمن: وقد ولّى عليها إبراهيم نجل الإمام موسى بن جعفر.

3 - الأهواز: وقد جعل عليها زيد بن موسى.

4 - البصرة: وقد استعمل عليها العباس بن محمد.

5 - مكة: وقد جعل عليها والياً الحسن بن الحسن الأفطس.

6 - واسط: وقد جعل عليها جعفر بن محمد بن زيد وجعل على شرطته روح بن الحجاج، وأسند القضاء إلى عاصم بن عامر.

وضربت النقود بالكوفة، وكتب عليها الآية الكريمة( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ) وأخذت الثورة تتسع في مناطق العالم الإسلامي، فقد سئم المسلمون من الحكم العباسي، واستجابوا بفرح وسرور إلى الحكم العلوي.

وأدرك العباسيون الخطر الذي يهدد حياتهم وزوال سلطانهم، فقد مُني والي العراق الحسن بن سهل بهزيمة ساحقة، فكتب إلى طاهر بن الحسين لينضم إليه إلى قتال أبي السرايا، ولكن كتبت إليه رقعة فيها هذه الأبيات، وقد أخفى صاحبها اسمه وهي:

قناع الشك يكشفه اليقينُ

وأفضل كيدك الرأي الرصينُ

تثبّت قبل ينفذ فيك أمر

ويهيج لشره داء دفينُ

أتندب طاهراً لقتال قومٍ

بنصرتهم وطاعتهم يدينُ

سيطلقها عليك معقلات

تصر ودونها حرب زبونُ

ويبعث كامناً في الصدر منه

ولا يخفى إذا ظهر المصونُ

فشأنك واليقين فقد أنارت

معالمه وأظلمت الظنونُ

ودونك ما تريد بعزم رأي

تدبّره ودع ما لا يكونُ

ولـمّا قرأ الحسن هذه الأبيات رجع عن رأيه، وكتب إلى هرثمة بن أعين يسأله التعجيل في القدوم إليه، وأوفد لمقابلته السندي بن شاهك، وكانت بين الحسن

١٨٣

وهرثمة شحناء وتنافر، فلمّا التقى به السندي، وناوله الكتاب، فقرأه، وقال: (نوطئ نحن الخلافة، ونمهّد لهم أكنافها، ثم يستبدّون بالأمور ويستأثرون بالتدبير علينا، فإذا انفتق عليهم فتق بسوء تدبيرهم وإضاعتهم الأمور، أرادوا أن يصلحوه بنا، لا والله، ولا كرامة حتى يعرف أمير المؤمنين - يعني المأمون - سوء آثارهم وقبيح أفعالهم).

وتباعد عنه السندي، ويئس منه، ووردت عليه رسالة من المنصور بن المهدي، فلمّا قرأها استجاب، وقفل راجعاً إلى بغداد، فلمّا صار إلى (النهروان ) خرج البغداديون إلى استقباله، وفي طليعتهم الوجوه وقادة الجيش، وحينما رأوه ترجّلوا جميعاً، ونزل في داره، وأمر الحسن بن سهل بدواوين الجيش فنقلت إليه ليختار من الرجال ما شاء، وأطلقت إليه بيوت الأموال، وأخذ هرثمة يجمع الجيوش ويعد العدة لمناجزة أبي السرايا، ولـمّا كملت جيوشه وكان عددهم ثلاثين ألف مقاتل ما بين فارس وراجل زحف بهم نحو الكوفة واجتاز على(المدائن) فاستولى عليها، وهزم عاملها،

ثم زحف نحو(الكوفة) ، والتقى جيشه بجيش أبي السرايا، فالتحما ودارت بينهما معارك رهيبة، وقد قتل من أصحاب أبي السرايا خلق كثير، وقد انهارت قواه العسكرية، ولم يعد قادراً على حماية(الكوفة) التي هي عاصمته، فهرب نحو(القادسية) ثم منها إلى(السوس) فأغلق أهلها عليه الأبواب، وطلب أبو السرايا منهم أن يفتحوها له ففتحوها، ووقعت الحرب بينهم وبين أهالي السوس فانهزم أبو السرايا قاصداً(خراسان) ، فنزل قرية يقال لها(برقانا) فخرج إليهم عاملها فاجتمع بهم، وأعطاهم الأمان فاستجابوا له، وفي نفس الوقت أرسلهم إلى الحسن بن سهل، وكان مقيماً بالمدائن، فلمّا انتهوا إليه أمر بقتل أبي السرايا، فقتل، ثم أمر بصلب رأسه في الجانب الشرقي من بغداد، كما أمر بصلب بدنه في الجانب الغربي من بغداد(1)، وكانت المدّة بين خروجه وقتله عشرة أشهر(2) .

وانتهت بذلك هذه الحادثة الخطيرة، وقد قتل فيها ما يقرب من مائتي ألف مقاتل، وممّا لا شبهة فيه أنّ هذه الثورة وأمثالها كانت ناجحة من سوء السياسة

العباسية التي لم تألوا جهداً في ظلم الناس وإرغامهم على الذلّ والعبودية للحكم العباسي.

____________________

(1) حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 403 - 406 نقلاً عن مقاتل الطالبيين وغيره.

(2) تأريخ الطبري 10 / 231 تأريخ ابن الأثير 5 / 177.

١٨٤

وعلى أيّ حال فان الحياة السياسة في عصر الإمامعليه‌السلام كانت مضطربة وبشعة، فقد شاعت الاضطرابات، وانتشر التمرّد على الحكم العباسي في معظم البلاد الإسلامية.

التنكيل بالعلويين:

ومن أقسى المحن التي عاناها السادة العلويون في العصور العباسية الأولى، والتي شاهد بعضها الإمام الرضاعليه‌السلام هو التنكيل القاسي بالعلويين فقد عمد العباسيون بشكل سافر إلى اضطهادهم وتصفيتهم جسدياً.

وكان أول مَن أوقع الفتنة بين العلويين والعباسيين هو المنصور الدوانيقي(1) وهو القائل: (قتلت من ذريّة فاطمة ألفاً أو يزيدون، وتركت سيدهم ومولاهم وإمامهم جعفر بن محمد)(2) .

لقد قتل هذا العدد من أبناء رسول الله (ص) ليجعلهم ذخراً له يقدمهم إلى الله تعالى، والى جدّهم رسول الله (ص)، وهو الذي ترك لولده خزانة رؤوس العلويين، وعلّق بكل رأس ورقة كتب فيها اسم العلوي، وقد حوت رؤوس شيوخ وأطفال وشباب(3) .

وقال للإمام الصادقعليه‌السلام : (لأقتلنك ولأقتلن أهلك حتى لا أُبقي على الأرض منكم قامة سوط)(4) .

وقال أبو القاسم الرسي عندما هرب من المنصور إلى (السند):

لم يروه ما أراق البغي من دمنا

في كل أرض فلم يقصر من الطلبِ

وليس يشفي غليلاً في حشاه سوى

أن لا يرى فوقها ابنا لبنت نبي(5)

إنّ ما اقترفه المنصور من إراقة دماء أبناء النبي (ص) من أسوأ الصفحات في

____________________

(1) تأريخ الخلفاء للسيوطي (ص 261)، مروج الذهب 4 / 222.

(2) الأدب في ظل التشيّع (ص 68).

(3) تأريخ الطبري 10 / 446.

(4) المناقب 3 / 357.

(5) النزاع والتخاصم للمقريزي (51).

١٨٥

تأريخ الدولة العباسية كما يقول السيد أمير علي(1) .

وفي عهد الهادي عانت الأسرة العلوية الخوف والإرهاب، فقد أخافهم خوفاً شديداً، وألح في طلبهم، وقطع أرزاقهم، وأعطياتهم إلى الآفاق بطلبهم(2) وهو صاحب (واقعة فخ ) الشبيهة بكارثة كربلاء في مآسيها، فقد بلغ عدد الرؤوس التي أرسلت إليه مائة ونيفاً، وسبى الأطفال والنساء، وقتل السبي حتى الأطفال(3) .

وأمّا في عهد الرشيد فقد عانى العلويون أشد وأقسى ألوان الظلم يقول الفخري: (لم يكن - أي الرشيد - يخاف الله وأفعاله بأعيان آل علي وهم أولاد بنت نبيه لغير جرم(4) وقد أقسم على تصفيتهم وتصفية شيعتهم، يقول: (حتام أصبر على آل بني أبي طالب والله لأقتلنهم ولأقتلن شيعتهم)(5) وقد أوعز إلى عامله على يثرب بأن يضمن العلويون بعضهم بعضاً(6) وهو الذي هدم قبر سيد الشهداء وريحانة رسول الله (ص) الإمام الحسين، وقطع السدرة التي كان يستظل تحتها الزائرون وقد قام بذلك عامله على الكوفة موسى بن عيسى العباسي(7) .

ومن أعظم ما اقترفه من (الإثم) اغتياله لإمام المسلمين وسيد المتقين الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام بعدما قضى في سجونه حفنة من السنين.

ويصف دعبل الخزاعي في قصيدته العصماء التي رثى بها الإمام الرضاعليه‌السلام ما عاناه العلويون من القتل والسجن والتعذيب من العباسيين يقول:

وليس حي من الأحياء نعلمه

من ذي يمان ومن بكر ومن مضرِ

إلاّ وهم شركاء في دمائهم

كما تشارك أيسار على جزرِ

قتلاً وأسراً وتحريقاً ومنهبةً

فعل الغزاة بأهل الروم والخزرِ

أرى أمية معذورين إن فعلوا

ولا أرى لبني العباس من عذرِ(8)

____________________

(1) مختصر تأريخ العرب (ص 18).

(2) تأريخ اليعقوبي 3 / 136.

(3) حياة الإمام موسى بن جعفر.

(4) الآداب السلطانية (ص 20).

(5) الأغاني 5 / 225.

(6) الولاة والقضاة (ص 198).

(7) أمالي الشيخ (ص 330).

(8) ديوان دعبل.

١٨٦

ويقول منصور النمري:

آل النبي ومَن يحبهم

يتطامنون مخافة القتل

أمن النصارى واليهود وهم

من أمّة التوحيد في أزل

وعرض الشاعر الكبير ابن الرومي في قصيدته التي رثى بها الشهيد الخالد يحيى إلى محن العلويين، وما جرى عليهم من صنوف التعذيب، يقول:

ألا أيهذا الناس طال ضريركم

بآل رسول الله فاخشوا أو ارتجوا

أكل أوانٍ للنبي محمّدٍ

قتيل زكي بالدماء مضرّجُ

تبيعون فيه الدين شرّ أئمّةٍ

فللّه دين الله قد كاد يمرجُ(1)

إلى أن قال:

بني المصطفى كم يأكل الناس شلوكم

لبلواكم عمّا قليل مفرّجُ(2)

أما فيهم راعٍ لحقّ نبيّه

ولا خائف من ربّه يتحرّجُ(3)

وقد عرض أحرار الشعراء إلى ما عانوه السادة من الخطوب والمحن من أئمة الظلم والجور في كثير ممّا نظموه، وقد ذكرنا القسم الكثير منه في مؤلّفاتنا عن أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، مَن أراد الوقوف عليه فليراجعها، ونختم هذا البحث بالرسالة الآتية فقد عرضت ما جرى على العلويين.

رسالة الخوارزمي:

وكشف الخوارزمي في رسالته التي بعثها إلى أهالي (نيشابور) ما جرى على السادة العلويين من ضروب المحن والبلاء التي يعانيها غيرهم وننقل بعض ما جاء منها قال:

(فلما انتهكوا - أي بني أمية - ذلك الحريم، واقترفوا ذلك الاثم العظيم غضب الله عليهم، وانتزع الملك منهم، فبعث عليهم (أبا مجرم) لا أبا مسلم فنظر لا نظر الله إليه إلى صلابة العلوية، والى لين العباسية فترك تقاه واتبع هواه، وباع آخرته بدنياه، بقتله عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وسلّط طواغيت

____________________

(1) أراد بشر الأئمّة العباسيين، ويمرج: أي يفسد ويضطرب.

(2) الشلو: العضو، والمراد قتل أبنائهم.

(3) مقاتل الطالبين (ص 646).

١٨٧

خراسان، وأكراد أصفهان، وخوارج سجستان على آل أبي طالب يقتلهم تحت كل حجر ومدر، ويطلبهم في كل سهل وجبل، حتى سلط الله عليه أحب الناس إليه فقتله كما قتل الناس في طاعته، وأخذه بما أخذ الناس في بيعته، ولم ينفعه أن أسخط الله برضاه، وإن ركب ما لا يهواه، وخلت إلى الدوانيقي الدنيا فخبط فيها عسفاً، وتقضي فيها جوراً وحيفاً، وقد امتلأت سجونه بأهل بيت الرسالة، ومعدن الطيب والطهارة، وقد تتبع غائبهم وتلقط حاضرهم حتى قتل عبد الله بن محمد بن عبد الله الحسني بـ‍ (السند)، على يد عمر بن هشام الثعلبي، فما ظنّك بمَن قرب متناولة عليه ولان مسّه على يديه... وهذا قليل في جنب ما قتله هارون منهم، وفعله موسى قبله بهم، فقد عرفتم ما توجّه على الحسن - والصحيح الحسين - بن علي بـ‍ (فخ) من موسى، وما اتفق على علي بن الأفطس الحسيني من هارون، وما جرى على أحمد بن علي الزيدي، وعلى القاسم بن علي الحسيني من حبسه، وعلى غسان بن حاضر الخزاعي حين أخذ من قبله، والجملة أنّ هارون مات وقد حصد شجرة النبوّة، واقتلع غرس الإمامة وأنتم أصلحكم الله أعظم نصيباً في الدين من الأعمش فقد شتموه ومن شريك فقد عزلوه، ومن هشام بن الحكم فقد أخافوه ومن على بن يقطين فقد اتهموه...)

وعرض بعد هذا إلى بني أمية، ثم عرض ثانياً لبني العباس قائلاً:

وقل في بني العباس فإنّك ستجد بحمد الله مقالاً: وجل في عجائبهم فإنّك ترى ما شئت مجالاً.

يجبي فيؤهم فيفرق على الديلمي، والتركي، ويحمل إلى المغربي والفرغاني، ويموت إمام من أئمّة الهدى، وسيد من سادات بيت المصطفى فلا تتبع جنازته، ولا تجصص مقبرته، ويموت (ظراط) لهم أو لا عجب أو مسخرة، أو ضارب فتحضر جنازته العدول والقضاة، ويعمر مسجد التعزية عنه القواد والولاة ويسلم فيهم من يعرفونه دهرياً، أو سوفسطائياً، ولا يتعرضون لـمَن يدرس كتاباً فلسفيا ومانوياً، ويقتلون مَن يعرفونه شيعياً، ويسفكون دم مَن سمّى ابنه عليّاً.

ولو لم يقتل من شيعة أهل البيت غير المعلّى بن خنيس قتيل داود بن علي، ولو لم يحبس فيهم غير أبي تراب المروزي لكان ذلك جرحاً لا يبرأ، وثائرة لا تطفأ، وصدعاً لا يلتئم، وجرحاً لا تلتحم.

١٨٨

وكفاهم أنّ شعراء قريش قالوا في الجاهلية أشعاراً، يهجون بها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ويعارضون فيها أشعار المسلمين فحملت أشعارهم، ودوّنت أخبارهم، ورواها الرواة، مثل: الواقدي، ووهب بن منبه التميمي، ومثل الكلبي، والشرقي بن القطامي، والهيثم بن عدي، ودأب بن الكناني، وإنّ بعض شعراء الشيعة يتكلم في ذكر مناقب الوحي، بل ذكر معجزات النبي (ص) فيقطع لسانه، ويمزّق ديوانه، كما فعل بعبد الله بن عمار البرقي، وكما أريد بالكميت بن زيد الأسدي، وكما نبش قبر منصور بن الزبرقان النميري، وكما دمر على دعبل بن علي الخزاعي، مع رفقتهم من مروان بن أبي حفصة اليمامي، ومن علي بن الجهم الشامي، ليس إلاّ لغلوهما في النصب، واستبحابهما مقت الرب، حتى أنّ هارون بن الخيزران وجعفر المتوكل على الشيطان لا على الرحمن كانا لا يعطيان مالاً، ولا يبذلان نوالاً إلاّ لـمَن شتم آل أبي طالب، ونصر مذهب النواصب مثل: عبد الله بن مصعب الزبيري ووهب بن وهب البختري، ومن الشعراء مثل: مروان بن أبي حفصة الأموي، فأما في أيام جعفر فمثل بكار بن عبد الله الزبيري، وأبي السمط بن أبي الجون الأموي وابن أبي الشوارب العبشمي.

وعرّج بعد هذا الكلام على بني أمية وما اقترفوه من ظلم العلويين، ثم أستأنف الكلام عن العباسيين فقال: وما هذا بأعجب من صياح شعراء بني العباس على رؤوسهم بالحق وإن كرهوه، وبتفصيل من نقصوه وقتلوه، قال منصور بن الزبرقان على بساط هارون:

آل النبي ومَن يحبهم

يتطامنون مخافة القتل

أمن النصارى واليهود وهم

من أمّة التوحيد في أزل

وقال دعبل وهو صنيعة بني العباس وشاعرهم(1) :

ألم تر أنّي مذ ثمانين حجّة

أروح وأغدو دائم الحسراتِ

أرى فيئهم في غيرهم متقسّماً

وأيديهم من فيئهم صفراتِ

وقال على بن العباس الرومي وهو مولى المعتصم:

تأليت أن لا يبرح المرء منكم

يشل على حر الجبين فيعفج

____________________

(1) لم يكن دعبل الخزاعي صنيعة بني العباس، وإنّما هو صنيعة أهل البيت وشاعرهم، وعانى في سبيلهم المصاعب والكوارث.

١٨٩

كذاك بنو العباس تصبر منكم

ويصبر للسيف الكمي المدجج

لكل أوان للنبي محمّدٍ

قتيل زكي بالدماء مضرّج

وقال إبراهيم بن العباس الصولي: وهو كاتب القوم وعاملهم في الرضا لما قربه المأمون:

يمن عليكم بأموالكم

وتعطون من مئة واحدا

وكيف لا ينتقضون قوماً يقتلون بني عمّهم جوعاً وسغباً، ويملأون ديار الترك والديلم فضة وذهباً، يستنصرون المغربي والفرغاني ويجنون المهاجري والأنصاري، ويولون أنباط السود وزارتهم وتلف العجم والطماطم قيادتهم، ويمنعون آل أبي طالب ميراث أمّهم، وفيء جدّهم، يشتهي العلوي الأكلة فيحرمها، ويقترح على الأيام الشهوة فلا يطعمها، وخراج مصر والأهواز، وصدقات الحرمين والحجاز تصرف إلى ابن مريم المديني، وإلى إبراهيم الموصلي، وابن جامع السهمي، والى زلزل الضارب، وبرصوما الزامر، وإقطاع بختيشوع النصراني قوت أهل بلد، وجاري بغا التركي والافشين الاشروسني، كفاية أمة ذات عدد.

والمتوكل زعموا يتسرى باثني عشر ألف سرية، والسيد من سادات أهل البيت يتعفّف بزنجية أو سندية، وصفوة مال الخراج مقصورة على أرزاق الصفاعنة، وعلى موائد المخاتنة، وعلى طعمة الكلابين، ورسوم القرادين، وعلى مخارق وعلوية المغني، زرزر، وعمر بن بانة المهلبي، ويبخلون على الفاطمي بأكلة أو شربة، ويصارفونه على دانق وجبة، ويشترون العوادة بالبدر، ويجرون لها ما يفي برزق عسكر.

والقوم الذين أحلّ لهم الخمس، وحرمت عليهم الصدقة، وفرضت لهم الكرامة والمحبة، يتكفّفون ضرّاً، ويهلكون فقراً، ويرهن أحدهم سيفه، ويبيع ثوبه، وينظر إلى فيئه بعين مريضة، ويشتد على دهره بنفس ضعيفة، ليس له ذنب إلاّ أنّ جدّه النبي (ص)، وأبوه الوصي، وأمّه فاطمة، وجدّته خديجة، ومذهبه الإيمان، وإمامه القرآن، وحقوقه مصروفة إلى القهرمانة والمفرطة وإلى المغمزة، والى المزررة، وخمسه مقسوم على نقار الديكة الدمية، والقردة، وعلى رؤوس اللعبة واللعبة، وعلى مرية الرحلة.

(وماذا أقول في قوم حملوا الوحوش على النساء المسلمات وأجروا العبادة وذويه الجرايات، وحرثوا تربة الحسينعليه‌السلام بالفدان، ونفوا زوّاره إلى البلدان وما

١٩٠

أصف من قوم هم نطق السكارى في أرحام القيان؟ وماذا يقال في أهل بيت منهم

البغا، وفيهم راح التخنيث وغدا، وبهم عرف اللواط؟ كان إبراهيم ابن المهدي مغنياً، وكان المتوكل مؤنثاً موضعاً، وكان المعتز مخنثاً، وكان ابن زبيدة معتوهاً مفركاً، وقتل المأمون أخاه، وقتل المنتصر أباه، وسمّ موسى ابن المهدي أمّه، وسمّ المعتضد عمّه).

وعرض بعد هذا إلى مصائب الأمويين، ثم ختم كلامه بعيوب العباسيين قائلاً: (وهذه المثالب مع عظمها وكثرتها، ومع قبحها وشنعها، صغيرة وقليلة في جنب مثالب بني العباس الذين بنوا مدينة الجبارين، وفرّقوا في الملاهي والمعاصي أموال المسلمين...)(1) .

لا أكاد أعرف وثيقة سياسية جامعة مثل هذه الوثيقة فقد ألـمّت بأحوال ملوك العباسيين، وحكت سوء سياستهم، التي منها قسوتهم البالغة على السادة العلويين، وحرمانهم من جميع حقوقهم الطبيعية، حتى بلغت بها الضائقة إلى حد لا يطاق، في حين أنّ الأموال الطائلة كانت تنفق على الشهوات، وعلى العابثين والمغنّين والماجنين وأهل البيت ومَن يمت إليهم من شيعتهم، لا يجدون الرغيف ولا الستر، ولا غير ذلك من مستلزمات الحياة.

كما حكت هذه الوثيقة أموراً بالغة الأهمية والخطورة، ولا نحتاج إلى بيانها فهي واضحة في مدلولها.

مع الواقفية:

من الأحداث التي جرت في عصر الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأزعجته إلى حدٍّ بعيد هي انتشار مذهب (الواقفية) بين صفوف الشيعة، فقد ذهب القائلون بالوقف: إلى أنّ الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام حي ولم يمت، ولا يموت، وأنّه رفع إلى السماء كما رفع المسيح بن مريم، وأنّه هو القائم المنتظر الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وزعموا أنّ الذي في سجن السندي بن شاهك ليس هو الإمام موسىعليه‌السلام ، وإنّما شبّه وخيّل إلى الناس أنّه هو... ولا بد

____________________

(1) حياة الإمام الرضا (ص 100 - 106) نقلاً عن رسائل الخوارزمي.

١٩١

من وقفة قصيرة للحديث عن يعض شؤون هذه العصابة:

1 - سبب الوقف:

أمّا سبب الوقف فيعود إلى أنّ الإمام الكاظمعليه‌السلام حينما كان في سجن هارون نصب وكلاء له لبعض الحقوق الشرعية التي كانت ترد إليه من الشيعة، وقد اجتمعت أموال كثيرة عند بعض الوكلاء، فكان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار، فلمّا توفّي الإمام الكاظمعليه‌السلام جحدوا موته، واشتروا بالأموال التي عندهم الضياع والدور، وقد طلبها الإمام الرضاعليه‌السلام منهم فأنكروا موت أبيه، وأبوا من تسليمها له(1) .

2 - انتشار الوقف:

وانتشرت أفكار (الواقفية) بسبب الدعاة، فقد بذلوا الأموال الطائلة بسخاء لشراء الضمائر، وإضلال الناس فقد روى يونس بن عبد الرحمن قال: (مات أبو إبراهيم موسىعليه‌السلام وليس من قومه أحد إلاّ وعنده المال الكثير، وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته طمعاً في الأموال، فكان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار، فلمّا رأيت ذلك، وتبيّنت الحق، وعرفت من أمر أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ما عرفت تكلّمت ودعوت الناس إليه، فبعثا إليّ، وقالا: ما يدعوك إلى هذا؟ إن كنت تريد المال فنحن

نعينك، وضمنا لي عشرة آلاف دينار، وقالا: كفّ، فأبيت، وقلت لهما، إنّا روينا عن الصادقينعليهم‌السلام أنّهم قالوا: إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب نور الإيمان، وما كنت لأدع الجهاد في أمر الله على كل حال، فناصباني، وأضمرا لي العداوة(2) .

بمثل هذه الأساليب والخدع انتشر مبدأ الوقف، ولكنّه ما لبث أن تحطّم، وانكشف زيفه، وظهر دجل دعاته.

شجب الامام للواقفية:

وأنكر الإمام الرضا عليه لسلام على دعاة الواقفية ما ذهبوا إليه، فقد كتب

____________________

(1) البحار 2 / 308.

(2) البحار 12 / 308.

١٩٢

إليه بعض شيعته يسأله عنهم فأجابهعليه‌السلام : (الواقف حائد عن الحق، ومقيم على سيئة إن مات لها كانت جهنّم مأواه وبئس المصير)(1) .

وسأله بعض الشيعة عن جواز إعطاء الزكاة لهم فنهاه عن ذلك، وقال: إنّهم كفّار مشركون زنادقة(2) ، ووفد محمد بن الفضيل على الإمام الرضا عليه السلام، فقال للإمام يخبره بحال زعماء الوقف:

(جعلت فداك، إنّي خلفت ابن أبي حمزة، وابن مهران وابن أبي سعيد - وهم زعماء الواقفية - أهل الدنيا عداوة لله تعالى...)

فأجابه الإمام:

(ما ضرك مَن ضلّ إذا اهتديت، إنّهم كذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكذبوا فلاناً، وفلاناً، وكذبوا جعفر وموسىعليهما‌السلام ، ولي بآبائي أسوة...).

فانبرى محمد قائلاً:

(إنّك قلت لابن مهران: أذهب الله نور قلبك، وأدخل الفقر بيتك...).

فقال الإمام عليه السلام:

(كيف حاله، وحال إخوانه؟).

فأخبره محمد باستجابة دعائه، وأنّهم معانون البؤس والفقر قائلاً: (يا سيدي، هم بأشد حال مكروبون ببغداد، لم يقدر الحسين أن يخرج إلى العمرة...).

لقد تميّز موقف الإمامعليه‌السلام بالشدّة والصرامة تجاه هؤلاء الذين ساقتهم الأطماع إلى التمرّد على الحق، وجحود الإمام.

الإمام مع الحسين بن مهران:

أمّا الحسين بن مهران فهو من أعلام الواقفية، وكان يكتب إلى الإمام الرضاعليه‌السلام بلهجة تنمّ عن نفاقه وعدم إيمانه، فكان يأمر الإمام وينهاه، وقد تخلّى بذلك عن نواميس الأدب، فلم يرع مقام الإمام، وقد كتب إليه الإمام برسالة، وأمر أصحابه باستنساخها؛ لئلاّ يسترها ابن مهران، وهذه صورة الكتاب بعد البسملة:

____________________

(1) حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 207.

(2) البحار 12 / 909.

١٩٣

(عافانا الله، وإيّاك، جاءني كتابك تذكر فيه الرجل الذي عليه الخيانة والغبن، وتقول: احذره، وتذكر ما تلقاني به، وتبعث إليّ بغيره، فاحتججت، فأكثرت، وزغمت عليه أمراً، وأردت الدخول في مثله... تقول: إنّه عمل في أمري بعقله وحيلته، نظراً فيه لنفسه، وإرادة أن تميل إليه قلوب الناس، ليكون الأمر بيده، وإليه يعمل فيه برأيه، ويزعم أنّي طاوعته فيما أشار به عليّ، وهذا أنت تشير عليّ فيما يستقيم عندك في العقل والحيلة بعدك (بغيرك) لا يستقم الأمر إلاّ بأحد الأمرين:

إمّا قبلت الأمر على ما كان يكون عليه، وإمّا أعطيت القوم ما طلبوا، وقطعت عليهم، وإلاّ فالأمر عندنا معوج، والناس غير مسلمين ما في أيديهم من مالي وذاهبون به، فالأمر ليس بعقلك، ولا لحيلتك يكون، ولا نفعل الذي نحلته بالرأي والمشورة، ولكنّ الأمر إلى الله عزّ وجل وحده لا شريك له، يفعل في خلقه ما يشاء، مَن يهدي الله فلا مضل له، ومَن يضلله فلا هادي له ولن تجد له ولياً مرشداً.

فقلت: واعمل في أمرهم، وأحيل فيه، وكيف الحيلة، والله يقول:

( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) وقوله: عزّ وجل( وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ) فلو تجيبهم فيما سألوا عنه استقاموا وسلموا، وقد كان منّي ما أمرتك، وأنكرت وأنكروا من بعدي، ومد لي لقائي، وما كان ذلك منّي إلاّ رجاء الإصلاح لقول أمير المؤمنينعليه‌السلام :

(اقتربوا أو سلوا فإنّ العلم يفيض فيضاً) وجعل يمسح بطنه ويقول: (ما مُلئ طعام ولكن ملأته علماً، والله ما آية نزلت في بر ولا بحر، ولا سهل ولا جبل إلاّ أنا أعلمها، وأعلم في مَن نزلت) وقول أبي عبد اللهعليه‌السلام : (إلى الله أشكو أهل المدينة إنّما أنا فيهم كالشعرة ما انتقل، يريدونني أن لا أقول الحق: (والله لا أزال أقول الحق حتى أموت) فلمّا قلت حقاً أريد به حقن دمائكم، وجمع أمركم على ما

كنتم عليه أن يكون سرّكم مكتوماً عندكم غير فاشٍ في غيركم.

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (سر أسرّه الله إلى جبرئيل، وأسرّه جبرئيل إلى محمد، وأسرّه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي، وأسرّه علي إلى مَن شاء).

ثم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : ثم أنتم تحدثون به في الطريق، فأردت

١٩٤

حيث مضى صاحبكم أن ألف أمركم عليكم لئلاّ تضعوه في غير موضعه، ولا تسألوا عنه غير أهله، فتكونون في مسألتكم إيّاهم هلكتم، فكم مَن دعا إلى نفسه، ولم يكن داخلاً، ثم قلتم: لا بد إذا كان ذلك منه يثبت على ذلك، ولا يتحوّل عنه إلى غيره قلت: لأنّه كان من التقية، والكفّ أولى، وأمّا إذا تكلّم فقد لزمه الجواب فيما يسأل عنه، وصار الذي كنتم تزعمون أنّكم تدعون به، فإنّ الأمر مردود إلى غيركم وأنّ الفرض عليكم إتباعهم فيه إليكم فصيرتم ما استقام في عقولكم وآرائكم، وصحّ به القياس عندكم بذلك لازماً لـمّا زعمتم من أن لا يصح أمرنا، زعمتم حتى يكون ذلك علي لكم.

فإن قلتم: إن لم يكن كذلك لصاحبكم فصار الأمر أن وقع إليكم نبذتم أمر ربّكم وراء ظهوركم فلو اتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، وما كان بد من أن تكونوا كما كان من قبلكم قد أخبرتم أنّها السنن والأمثال القذّة بالقذّة.

وما كان يكون ما طلبتم من الكف أولاً ومن الجواب آخراً شفاء لصدوركم ولا ذهاب شكّكم، وما كان بد من أن يكون ما قد كان منكم، ولا يذهب عن قلوبكم حتى يذهبه الله عنكم، ولو قدر الناس كلهم على أن يحبونا ويعرفوا حقّنا، ويسلموا لأمرنا فعلوا، ولكنّ الله يفعل ما يشاء ويهدي إليه مَن أناب.

فقد أجبتك في مسائل كثيرة فانظر أنت ومَن أراد المسائل منها وتدبّرها، فإن لم يكن في المسائل شفاء، وقد مضى إليكم منّي ما فيه حجّة ومعتبر.

وكثرة المسائل معتبة عندنا مكروهة، إنّما يريد أصحاب المسائل المحنة ليجدوا سبيلاً إلى الشبهة والضلال ومَن أراد لبساً لبس الله عليه، ووكله إلى نفسه، ولا ترى أنت وأصحابك أنّي أجبت فذاك إليّ وإن شئت صممت فذاك إليّ لا ما تقوله أنت وأصحابك، لا تدرون كذا وكذا، بل لا بد من ذلك إذ نحن منه على يقين، وأنتم منه في شك)(1) .

وانتهت هذه الرسالة التي بعثها الإمام إلى الحسين بن مهران، وقد احتوت على أمور غامضة، بالإضافة إلى تقطع فصولها، وعدم ترابطها، وأكبر الظن أنّه قد حذف

____________________

(1) الكشي معجم رجال الحديث 6 / 104 - 107.

١٩٥

منها ما يوجب ربطها، وإيضاح المقصود منها.

وعلى أي حال فقد عبّرت هذه الرسالة عن محنة الإمامعليه‌السلام وآلامه من الواقفية الذين غرتهم الدنيا.

2 - الحسين بن عمر:

قال: سمعت يحيى بن أكثم (قاضي سامراء)، بعدما جهدت به، وناظرته، وحاورته، وواصلته، وسألته عن علوم آل محمد، فقال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرأيت محمد بن علي الرضاعليه‌السلام ، يطوف به، فناظرته في مسائل عندي، فأخرجها إلي، فقلت له: والله إني أريد أن أسألك مسألة، وإني والله لأستحيي من ذلك!

فقال لي: أنا أخبرك، قبل أن تسألني، تسألني عن الإمام.

فقلت: هو والله هذا! فقال: أنا هو.

فقلت: علامة؟

فكان في يده عصا، فنطقت وقالت: (إن مولاي إمام هذا الزمان وهو الحجة!)(1) .

وروي الحسين بن عمر بن يزيد، قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام ، وأنا يومئذ واقف، وقد كان أبي سأل أباه عن سبع مسائل، فأجابه في ست، وأمسك عن السابعة، فقلت: (والله لأسألنه عما سأل أبي أباه، فإن أجاب بمثل فسألته، فأجاب بمثل جواب أبيه في المسائل الست، فلم يزد في الجواد واوا ولا ياء، وأمسك عن السابعة.

وقد كان أبي قال لأبيه: إني احتج عليك عند الله يوم القيامة، أنك زعمت أن عبد الله لم يكن إماما، فوضععليه‌السلام يده على عنقه ثم قال له: نعم أحتج علي بذلك عند الله عز وجل، فما كان فيه من اثم فهو في رقبتي الخ(2) .

3 - الوشاء:

روى الوشاء قال: أتيت خراسان، وأنا من الواقفية، وقد حملت معي قناعا،

____________________

(1) أصول الكافي 1 / 353.

(2) أصول الكافي 1 / 353.

١٩٦

وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم، ولم اعرف مكانه فلما قدمت، ونزلت في بعض منازلها لم أشعر إلا ورجل مدني من بعض مولديها، فقال لي أبو الحسن الرضا يقول لك: ابعث إليّ الثوب الوشي الذي عندك، فقلت: ومَن أخبر أبا الحسن بقدومي؟

وأنا قدمت آنفاً، وما عندي ثوب وشي، فرجع إليه، وأخبره فعاد إليّ، فقال لي: يقول لك: هو في موضع كذا وكذا، فطلبته حيث قال فبعثت به إليه(1) وكان ذلك سبباً لهدايته.

هؤلاء بعض المؤمنين الذين هداهم الله، ورجعوا عن الوقف ودانوا بإمامة الإمام الرضاعليه‌السلام .

مشكلة خلق القرآن:

من الأحداث المهمّة في عصر الإمامعليه‌السلام هي مسألة خلق القرآن، فقد اختلف العلماء فيها اختلافاً كثيراً، وعانى منهم جماعة سخط الدولة ونقمتها، وغضب الجمهور.

لقد نشأت هذه الفكرة في آواخر الدولة الأموية، وكان أول مَن ابتدعها الجعد بن درهم معلم مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، فهو أول مَن تكلّم بها، وقد حرّر وشرح فصولها وأذاعها في دمشق، فطلبته السلطة فهرب منها ثم نزل الكوفة، فتعلم منه الجهم بن صفوان الذي تنسب إليه الطائفة الجهمية(2) ويقول ابن الأثير: إنّ هشام بن عبد الملك قبض على الجعد وأرسله مخفوراً إلى خالد القسري أمير العراق وأمره بقتله، فحبسه خالد ولم يقتله فبلغ الخبر هشاماً فكتب إليه يلومه ويعزم عليه بقتله، فأخرجه خالد من الحبس في وثاقه، فلمّا صلّى العيد يوم الأضحى قال في آخر خطبته: انصرفوا وضحوا يقبل الله منكم، فاني أريد أن أضحي اليوم بالجعد، فإنّه يقول: ما كلّم الله موسى، ولا اتخذ الله إبراهيم خليلاً، تعالى الله عمّا يقول الجعد: ثم نزل وذبحه(3) .

وظلّت هذه الفكرة بعد مقتل الجعد تحت الخفاء، وفي طي الكتمان إلى دور

____________________

(1) أصول الكافي 1 / 354.

(2) سرح العيون (ص 159).

(3) عصر المأمون 1 / 395.

١٩٧

هارون وعند ما ظهر أمر المعتزلة، وانتشرت أفكارهم، أعلنوا القول بخلق القرآن، وكان من أهم الداعين إلى ذلك بشر المريسي، وقد ألّف فيها عدة كتب، وبلغ خبره هارون، فقال: والله لأن أظفرني الله به لأقتلنه قتلة ما قتلتها أحداً، ولـمّا بلغ بشر ذلك توارى واختفى طيلة حكم هارون(1) .

ولـمّا ولي الحكم المأمون نشطت الحركة، وأخذت الفكرة بالنمو والاتساع وتبنى المأمون القول بخلق القرآن، وحمل الناس على القول بها فمَن خالفها تعرّض للنقمة والعذاب.

وتعتبر هذه المسألة من أهم الأحداث الخطيرة التي حدثت في عصر الإمامعليه‌السلام ، وقد تعرّض لبسطها وإيضاح جوانبها الفلاسفة من المعتزلة وغيرهم، وهي ترتبط ارتباطاً وثيقا بالكلام النفسي فهي من فروعه، وبحوثه، ولولا خوف الإطالة لتحدثنا عنها بالتفصيل(2) .

الكذب على الأئمّة:

وشاع افتعال الأحاديث والكذب على الأئمةعليهم‌السلام في عصر الإمام الرضاعليه‌السلام ، وغيره من سائر العصور، وذلك للحط من شأنهم، والتقليل من أهميتهم، ومن بين تلك الأحاديث ما نقله أبو الصلت فقد قال للإمام الرضا: (يا بن رسول الله ما شيء يحكيه الناس عنكم؟).

وسارع الامام قائلاً:

(ما هو؟).

(يقولون: إنكم تدعون أن الناس عبيد لكم...).

فأنكر الإمام ذلك، وتبرّأ منه وقال: (اللّهمّ فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تشهد بأنّي لم أقل ذلك قط، ولا سمعت أحداً من آبائي قاله، وأنت العالم بما لنا من المظالم عند هذه الأمّة وإنّ هذه منها.

____________________

(1) النجوم الزاهرة 1 / 147.

(2) حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 213.

١٩٨

ثم التفت إلى أبي الصلت فقال له:

(يا عبد السلام إذا كان الناس كلهم عبيدنا على ما يقولون: فعلى مَن نبيعهم؟ يا عبد السلام أمنكر أنت لما أوجب الله عزّ وجل لنا من الولاية كما ينكره

غيرك...).

وعلّق العلاّمة السيد هاشم معروف الحسني (رحمه الله) على هذه الرواية بقوله: لقد أنكر الإمام على السائل ذلك الاتهام الذي أراد أعداؤهم من خلاله التشنيع عليهم، وعدّه من جملة المظالم التي ارتكبتها الأمة بحقهم؛ لأنّ نسبة ذلك لهم يعني أنّهم يخالفون سنن الإسلام، ونصوص القرآن التي لا ترى فضلاً لأحد إلاّ بالتقوى(1) .

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن عصر الإمام الرضا، وقد ذكرنا بحثاً مفصّلاً عن

هذا العصر في كتابنا (حياة الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ) ولا نكرّر ما ذكرناه.

____________________

(1) سيرة الأئمة الاثني عشر 2 / 359.

١٩٩

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

ـ ٥ ـ

تراجم بعض الأعلام المشاهير من ذرّيّة العبّاس عليه السلام

عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

وقد مرّ ذكره وسيأتي مكرّراً ، والّذي ينبغي ذكره هنا وهو ما لم يذكر في مصادر ترجمته ، ما نقل عن محمّد بن سليمان (عن محمّد بن عُبَيْد الله)(١) قال : «وَجَدْتُ في كُتُب جدّي عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام»(٢) .

أقول : وهذا يدلّ على أنّهُ كانت عندهُ تلك الكُتُبُ إنْ لم يكنْ هو المُؤلِّفُ لها.

وقال التستري : في ولد العبّاس جمعٌ ممدوحون ، فمنهم ابنه «عُبَيْد الله» فعن الزُبير بن بكّار : إنّه كان من العلماء(٣) .

إبراهيم بن محمّد بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله (٤) بن العبّاس عليه السلام :

قال أبو الفرج الأصفهاني : قُتل إبراهيم بن محمّد بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله

__________________

(١) ما بين القوسين من طبعة مؤسسة زيد.

(٢) درر الأحاديث اليحيوية ، في الخاتمة التي ذكر فيها ترجمة الهادي صاحب الأحاديث (ص ١٧٣) من طبعة مؤسسة زيد ، و(ص ١٩٤) من الأعلمي.

(٣) التّستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

(٤) كذا الصواب ، وفي المطبوع : عبد الله.

٣٢١

ابن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ. واُمّه اُمّ ولد. قتله طاهر بن عَبْد الله في وقعة كانت بينه وبين الكوكبيّ بقزوين(١) .

إسماعيل (٢) بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن الحسين بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

وهو إسماعيل بن عَبْد الله بن عُبَيد الله بن الحسين بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ ابن أبي طالب عليه السلام وكانت تحته أمّةُ الله بنت أحمد بن عيسى بن زيد.

وأحمد هو المختفي بن عيسى مؤتم الأشبال ابن زيد ، كان عالماً فقيهاً كبيراً زاهداً ، واُمّه عاتكة بنت الفضل بن عَبْد الرحمن بن العبّاس بن الحرب ، الهاشميّة ، ومولده سنة ثمان وخمسين ومِائة ، ووفاته سنة أربعين ومِائتين ، وعَمِيَ في آخر عمره ، وكان قد بقيَ في دار الخلافة منذُ تَسَلَّمَهُ الهادي ، ولمّا مات الهادي كان عند الرشيد إلى أن كبرَ فخرجَ ، وأُخِذَ وجُبَّ ، فخلص واختفى ، إلى أن ماتَ بِالبصرة ، وقد جاوزَ الثمانين ، فلذلك سُمّي المُختفي.

قال شيخنا أبو نصر البخاري : طلبهُ المُتوكّلُ فوُجِدَ في بيت ختنه بالكوفة وقد نزل الماء في عينيه فخلّى سبيله(٣) .

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطالبيّين (ص ٤٣٤).

(٢) لعلّه إسماعيل بن عبد الله بن الحسن بن عُبيد الله بن الحسن بن عُبيد الله بن العبّاس بن علي ابن أبي طالب عليه السلام.

(٣) عمدة الطالب : ٣٩٨.

٣٢٢

ـ حمزة بن القاسم بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

قال النّجاشيّ : أبو يعلى ، ثقةٌ جليلُ القدر ، من أصحابنا ، كثيرُ الحديث ، له «كتاب مَن رَوى عن جعفر بن محمّد عليه السلام من الرجال» وهو كتابٌ حسنٌ ، وكتاب (التّوحيد) وكتاب (الزيارات والمناسك) كتاب (الردّ على محمّد بن جعفر الأسديّ). أخبرنا الحُسين بن عُبَيْد الله ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد القلانِسيّ ، عن حمزة بن القاسم ، بجميع كتبه(١) .

أقول : هذا هو المنسوب إليه المرقد المعروف في العراق في قرية تعرف باسم (الحمزة الغربيّ) التابع لناحية (المدحتيّة) في قضاء (الهاشميّة) من مدينة (الحلّة).

وقد فصَّلَ الكلام عن هذا السيّد الشريف في كتاب (المثل الأعلى في ترجمة ابي يعلى) للشيخ الأردوباديّ(٢) .

داود بن محمّد بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

قال أبو الفرج : قتله إدريس بن موسى بن عَبْد الله بن موسى ، بِيَنْبُع(٣) .

__________________

(١) النّجاشي ، الرّجال (١٠١ ـ ١٠٢).

(٢) وقد طبع الدكتور السيّد جودت القزوينيّ هذا الكتاب محقّقاً ومعلّقاً عليه باستدراكاتٍ قيّمةٍ في لندن عام ١٩٩٢ م وأدرجه الشيخ محمّد عليّ السالكيّ في كتاب «أمّ البنين سلام الله عليها». وطبعه السيّد حسن الأمين في ملاحق دائرة المعارف الشيعية الجزء (٢٧). وكتب الدكتور القزويني كتاباً بعنوان «الحمزة الغربيّ» أورد فيه رأياً آخر ، لابدّ من مراجعته.

(٣) مقاتل الطّالبييّن / ٤٥٤.

٣٢٣

ـ العبّاس بن الحسن بن عُبَيْد الله بن عبّاس ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أبو الفضل ، العلويّ ، المدنيّ :

قال الذهبيّ : قدم بغداد في دولة الرشيد ، وبقي في صُحبته ، ثمّ صحبَ بعدَه وَلَدَهُ المأمون ، وكان شاعراً بليغاً مُفوّهاً ، حتّى قيل : إنّه أشعر آل أبي طالب كلّهم(١) .

وذكره الصّفديّ ، وقال ك توفّي سنة ثلاث وتسعين ومائة(٢) .

وعن الخطيب : كان فاضلاً شاعراً فصيحاً ، وله إخوة علماء فضلاء : محمّد ، وعبيد الله ، والفضل ، وحمزة ـ ـ ـ إلى آخره(٣) .

عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

قال الخطيب البغداديّ : من أهل مدينة رسول الله ، قدم بغداد غير مرّةٍ ، وولّاه المأمون القضاء بالحِجاز ، ثمّ عزله ، وببغداد كانت وفاته.

أخبرنا الأزهريّ ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، حدّثنا أحمد بن سليمان الطّوسيّ ، حدّثنا الزّبير بن بكّار ، قال :

وَلَدُ الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

العبّاسُ : كان في صحابة أمير المؤمنين هارون.

ومحمّدٌ : لا بقيّة له.

وأُمّهما أُمّ ولد.

__________________

(١) تاريخ الإسلام للذهبي (٤ / ١١٣٥) رقم ١٤٨.

(٢) الوافي بالوفيّات (١٦ / ٦٤٨ رقم ٦٨٨).

(٣) التستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

٣٢٤

وعُبَيْد الله : كان طاهرُ بن الحسين استعمله على وفد أهل المدينة الّذين أوفدهم العبّاس بن موسى بن عيسى إلى أمير المؤمنين المأمون بخراسان ، فزاده فيهم طاهر بن الحسين ، واستعمله عليهم ؛ فلمّا شخص أمير المؤمنين المأمون إلى بغداد ؛ ولّاه المدينة ومكّة وعكّ ، وقضاءهنّ ، وكان عليها سنين ، ثمّ عزله عنها ، فقدم عليه بغداد ، فمات بها في زمن أمير المؤمنين المأمون.

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلويّ ـ حديثاً ـ قال : سمعت محمّد بن يوسف الجعفريّ يقول : ما رأيتُ أحداً في مجلسٍ كان أهيبَ ولا أهْيَأَ ولا أَمْرَأَ من عُبَيْد الله بن حسن(١) .

عُبَيْد الله بن عليّ بن إبراهيم بن الحَسَن بن عُبَيْد الله بن العبّاس :

قال التستريّ : أبو عليّ. فعن ابن الجوزيّ : إنّه كان عالماً فاضلاً جواداً ، طافَ الدُنيا ، وجمع كُتُباً تُسمّى «الجعفريّة» فيها فقهُ أهل البيت عليهم السلام قدمَ بَغداد فأقام بِها وحّدَّثّ ، ثُمّ سافر إلى مصر ؛ فتُوفّي بها سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. وقال الخطيب : كان يمتنع من التحديث ، ثمّ حدّث وكتبت عنه وعن البغداديّين وكانت عنده كتبٌ تُسمّى «الجعفريّة» فيها فقهٌ على مذهب الشّيعة(٢) .

عُبيد الله بن موسى العلويّ العبّاسيّ :

روى النّعمانيّ في غيبته(٣) عن البندنجي ، عنه ، والظّاهر إماميّته(٤) .

__________________

(١) تاريخ بغداد (١٠ / ٣١٣ ـ ٣١٤).

(٢) التّستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

(٣) الغيبة للنّعمانيّ : (ص ٥٢ ح ٣) و(ص ٥٣ ح ٤) و(ص ٥٤ ح ٥ و ٧).

(٤) التّستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

٣٢٥

عليّ بن الحسين بن عليّ بن حمزة :

روى أبو الفرج عنه ، عن عمّه محمّد بن عليّ بن حمزة(١) .

عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس عليه السلام :

وثّقه النّجاشيّ وقال : روى نسخة عن الكاظم عليه السلام وذكر أيضاً ابنه محمّد بن عليّ بن حمزة الشاعر(٢) وسيأتي ذكر ابنه محمد.

عليّ بن محمّد بن عُبَيْد الله بن عَبْد الله بن عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس [قَمَر أهل البيت] ابن أمير المؤمنين [صلوات الله وسلامه عليهم] :

من نُجباء الناشئين في أيّام الهادي [إلى الحقّ من أئمّة الزيديّة] صلوات الله عليه ، ذي المقامات الشهيرة بين يديه ، وأَحَد الشُهداء مع الهادي ، كان يكتبُ كتابه عليه السلام بِنَجْران ، فنُقِلَ من المعركة حيّاً إلى خيوان ، وتُوُفِّيَ بِها ، وقبرُهُ مَشْهورٌ مَزورٌ(٣) .

الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن أمير المؤمنين عليه السلام :

الشاعرُ الخطيبُ المكنّى أبا العبّاس ، وله ولد بقمّ وطبرستان ، ولأبي العبّاس الفضل هذا في جدّه العبّاس السّقّاء ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :

__________________

(١) التّستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله (ص ١٣٨ ـ ١٤٠). وانظر أمالي الطوسي ص ٥٧٠ ح ١١٨٠.

(٢) التستري ، تواريخ النبيّ صلى الله عليه وآله والآل عليهم السلام (ص ١٣٨ ـ ١٤٠).

(٣) كذا في (ص ١٥) من كتاب (سيرة الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين ت ٢٩٨) المطبوع بتحقيق الدكتور سهيل زكّار السوريّ ، دار الفكر ، بيروت سنة ١٤٠١.

٣٢٦

إنِّي لأَذْكُرُ لِلعبّاسِ موقِفَهُ

بِكربلاءَ وهامُ القومِ تُخْتَطَفُ

يحمي الحسينَ ويسقيهِ على ظَمَأٍ

ولا يُولّي ولا يَثني فيَخْتَلِفُ

فلا أرى مشهداً يوماً كمشهدِهِ

معَ الحسين عليهِ الفضلُ والشّرفُ

أكرِمْ بِهِ مشهداً بانَتْ فضائِلُهُ

وما أضاعَ لهُ أفعالَهُ خلفُ(١)

ويقول في جدّه عليه السلام أيضاً :

أحقُّ النّاسِ أنْ يُبكى عليهِ

إذا(٢) أبكى الحسينَ بِكربلاءِ

أخوهُ وابنُ والِدِهِ عليٍّ

أبُو الفضلِ المُضرّجُ بِالدّماءِ

ومَنْ واساهُ لا يَثنيهِ شيءٌ

وجاءَ لَهُ على عَطَشٍ بِماءِ(٣)

قال الأمين : هو شاعرٌ معاصرٌ للمتوكّل الّذي مات سنة ٢٤٧ هـ واُمّه جعفريّة ، وأبوه محمّد بن الفضل من الشعراء المعاصرين للمأمون العبّاسيّ(٤) .

محمّد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس :

ونجم النّاجِمُ بِالبصرة ، فخرج إليه عليّ بن زيد ومعه جماعة من الطالبيِّين ، منهم : محمّد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن

__________________

(١) المجدي ، / ٢٣٢ = مثله السّماوي ، إبصار العين ، / ٣١ ؛ الأمين ، أعيان الشّيعة ، ٨ / ٤٠١. والأبيات الأوّل والثّاني والرّابع في «معجم الشّعراء» للمرزبانيّ (ص ١٨٤) وفيه :

أكرم به سيّداً بانت فضيلته

وما أضاع له كسب العلا خلف

(٢) ذكر أرباب المقاتل : فتىً أبكى ـ ـ ـ إلى آخره.

(٣) القاضي النعمان ، شرح الأخبار ، (٣ / ١٩٣). وذكر ذلك في تاريخ بغداد (١٢ / ١٣٦) والمقاتل ص ٨٤ ، فهم يؤيّدون المؤلّف في نسبتها إلى الشاعر المذكور.

(٤) ذكره في أعيان الشّيعة (٤٢ / ٢٨٢).

٣٢٧

العبّاس بن عليّ بن أبي طالب. وأُمّه لُبابة بنتُ مُحمّد بن إبراهيم بن الحسن ابن عُبَيْد الله(١) .

محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن الحسين بن عُبيد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

يكنّى أبا إسماعيل شاعرٌ يُكثرُ الافتخار بِآبائه رِضوانُ اللهِ عليهم ، وكان في أيّام المُتوكّل وبقي بعده دهراً ، وهو القائل :

إنّي كَريمٌ مِن أكَارِم سادَةٍ

أَكُفُّهُمُ تَنْدَى بِجَزلِ المَواهِبِ

هُمُ خَيرُ مَنْ يَحْفَى وأكْرَمُ ناعِلٍ

وذِرْوَةُ هُضْبِ الغُرِّ مِن آلِ غالِبِ

هُمُ المَنُّ والسَلْوى لِدانٍ بِوُدِّهِ

وكَالسُمِّ في حَلْقِ العَدُوِّ المُجانِبِ

وله :

وجَدّيْ وَزيْرُ المُصْطَفى وابنُ عَمِّهِ

عَلِيٌّ شِهابُ الحَرْبِ في كُلِّ مَلْحمِ

أَلَيْس بِبَدْرٍ كانَ أوّلَ قاحِمٍ

يُطِيْرُ بِحَدِّ السَيْفِ هامَ المُقحّمِ

وأوّلَ مَنْ صَلّى ووَحّدَ رَبّهُ

وأَفْضلَ زُوّارِ الحَطيْمِ وزَمْزَمِ

وصاحِبَ يَوْمِ الدَوْحِ إِذْ قامَ أَحْمَدٌ

فَنادى بِرَفْعِ الصَوْتِ لا بِتَهَمْهُمِ

جَعَلْتُكَ مِنّيْ يا عَلِيُّ بِمَنْزِلٍ

كَهارُونَ مِنْ مُوسَى النَجِيِّ المُكَلَّمِ

فَصَلّى عَلَيْهِ اللهُ ما ذَرَّ شارِقٌ

وأَوْفتْ حَجُوْنَ البَيتِ أَرْكُبُ مُحْرِمِ(٢)

كذا في طبعة عبد الستّار فرّاج من «معجم الشعراء» للمرزبانيّ.

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٤٣٦).

(٢) معجم الشعراء للمرزباني.

٣٢٨

لكنّ الدكتور فاروق اسليم ، محقّق «معجم» المرزبانيّ سنة ١٤٢٥ من دار صادر في لبنان ، ذكر أنّ (الترجمة والشعر) هما لشخصٍ علويٍّ آخر ، هو : «محمّد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب» مُستدلّا على ذلك بما جاء في كتاب (المحمّدون من الشعراء) للقفطيّ ، و(الوافي بالوفيات) للصفديّ ، وهذان ينقلانِ عن المرزبانيّ مُبارةً.

أقول : وقد بحثتُ عن المذكور باسم «محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن الحسين بن عبّد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب» في من انتسب إلى أبي الفضل العبّاس عليه السلام فلمْ أجدْ له ذكراً. مع أنّ في هذه السلسلة من التصحيف والتحريف ما ذكره المحقّق د. فاروق اسليم.

فالصوابُ ما أثبته هذا المحقّق في طبعته القيّمة.

محمّد بن حمزة بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

قتله محمّدُ بن طغج في بُستانٍ له ، في خلافة المكتفي العبّاسي.

قال أبو الفرج : حدّثني أحمد بن محمّد المسيّب ، قال : كان محمّد بن حمزة من رجالات بني هاشم ، وكان إذا ذكر ابن طغج لا يؤمّره ويثلبه ، ويستطيل عليه إذا حضر مجلسه ، فاحتال ابنُ طغج على غلامٍ لبعض الرجّالة ، فسترهُ ، ثمّ أعلم صاحبه أنّه في دار محمّد بن حمزة ، وغرّاهُ به ، فاستغوى جماعةً من الرجّالة ، فكبسوهُ ـ وهو في بستانٍ ـ فقطّعوهُ

٣٢٩

بِالسكاكين ، وبقي عامّة يومه مطروحاً في البستان ، وهم يتردّدون إليه ؛ فيضربُونه بِسُيوفهم ، هيبةً لهُ وخوفاً أنْ يكون حيّاً أو به رمقٌ فيلحقهم ما يكرهون(١) .

محمّد بن عَبْد الله بن محمّد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله ابن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

كانَ أُخِذَ في أيّام عليّ بن محمّد صاحب البصرة ، فحُبِسَ ومات في خلافة المُعتضد في حبسهِ(٢) .

محمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ الأخباريّ الشاعر :

روى عنه عَبْد الرّحمن بن أبي حاتم ووثّقه. وتوفّي سنة تسعين ومأتين أو ما دونها. ومن شعره :

لو كنتُ من أمري على ثقةٍ

لصبرتُ حتّى ينتهي أمري

لكنْ نوائبُه تُحرّكُني

فاذكُرْ وُقِيتَ نوائبَ الدَهرِ

واجعلْ لِحاجَتِنا وإنْ كَثُرَتْ

أشغالُكُمْ حَظّاً من الذكْرِ

والمرؤُ لا يَخْلُوْ على عقب الْـ

ـأيّامِ من ذَمٍّ ومن شُكْرِ(٣)

وقد مرّ ذكره في المجديّ مع ذكر هذا الشعر له ، والعمدة ، وقد ذكر المرزبانيّ ترجمته ، وقال : شاعرٌ راويةٌ عالمٌ ، يروي كثيراً من أخبار أهله وبني عمّه ، ولقيه جماعةٌ من شيوخنا وحدّثونا عنه ، ومات في سنة سبعٍ

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٤٤٨).

(٢) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٤٤٥).

(٣) الصفديّ ، الوافي بالوفيّات (٤ / ١٠٦ ـ ١٠٧ رقم ١٥٩٠).

٣٣٠

وثمانين ومائتين ، وهو القائل يُعاتب رجلاً ـ ـ ـ ثمّ أورد الشعر(١) .

وقال أبو الفرج : حدّثني حُكيم بن يحيى ، قال : كان الحسين بن الحسين بن زيد شيخَ بني هاشم وذا قعددهم ، وكانت الأموالُ تُحمل إليه من الآفاق. قال : فاجتمعنا يوماً عند جدّك أبي الحسن محمّد بن أحمد الأصبهانيّ ، وجماعة من الطالبيّين ، فيهم الحسين بن الحسين بن زيد بن عليّ ، ومحمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ العبّاسي ، وأبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ ؛ فقال جدّك للحسين : يا أبا عَبْد الله ، أنتَ أقْعَدُ وُلد رسول الله صلى الله عليه وآله كلّهم ، وأبو هاشم أقْعَدُ وُلد جعفر ، وأنْتُما شيخا آل رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل يدعو لهما بالبقاء.

قال : فنفسَ مُحمّدُ بنُ عليّ بن حمزة ذلك عليهما ؛ فقال له : يا أبا الحسن ، وما ينفعُهما من القُعدُد في هذا الزمان ، ولو طلبا عليه من أهل العصر باقةَ بقلٍ ما أُعْطَياها!. قال : فغضبَ الحُسينُ بنُ الحسين من ذلك ، ثمّ قال : لِيَ تَقولُ هذا؟ فواللهِ ما اُحِبُّ أنّ نَسبي أَبْعَدُ مِمّا هُوَ بِأبٍ واحدٍ ؛ يُبعدُني من رسول الله صلى الله عليه وآله وأنّ الدُنْيا بحذافيرِها لِيَ!!(٢) .

وقال الخطيبُ البغداديّ : محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسين بن عُبَيد الله ابن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب ، أبو عَبْد الله العلويّ : كان أحدَ الأدباء الشُعراء العُلماء برواية الأخبار ، وحدّثَ عن أبيه ، وعن عَبْد الصّمد

__________________

(١) معجم الشعراء (ص ٤٧٦ برقم ٨٩٩).

(٢) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٤٤٦ ـ ٤٤٧).

٣٣١

ابن موسى الهاشميّ ، والحسن بن داود بن عَبْد الله الجعفريّ ، وأبي عثمان المازنيّ ، والعبّاس بن الفرج الريّاشيّ ، وعمر بن شبّة النُميريّ. روى عنه : محمّد بن عَبْد الملك التاريخيّ ، ووكيع القاضيّ ، ومحمّد بن مخلد.

وقال ابن أبي حاتم الرازيّ : سمعتُ منه وهو صدوق.

أخبرنا أبو الفرج أحمد بن محمّد بن عمر المعدّل إملاءً : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عليّ الكاتب : حدّثنا محمّد بن خالد وكيع : حدّثنا محمّد بن عليّ بن حمزة : حدّثني عَبْد الصمد بن موسى : حدّثني عَبْد الوهّاب بن محمّد بن إبراهيم : حدّثني عَبْد الصمد بن عليّ ، عن أبيه ، عن عَبْد الله بن عبّاس ، قال : «إذا أسف اللهُ على خلقٍ من خلقه ؛ فلم يعجل لهم النِقمةَ بمثل ما أهْلَكَ به الأُممَ من الريح وغيرها ؛ خَلَقَ لهم خَلقاً يُعذّبُهم لا يعرفون اللهَ عزّ وجلّ». قرأتُ في كتاب محمّد بن مخلد بخطّه : سنةَ ستٍّ وثمانين ومِائتين ، فيها ماتَ أبو عَبْد الله العلويّ ، محمّد بن عليّ بن حمزة. أخبرنا السِمسار : أخبرنا الصفّار : حدّثنا ابن قانع : أنّ محمّد بن عليّ ابن حمزة ماتَ في سنة سبع وثمانين ومائتين(١) .

وقال ابن حجر العسقلانيّ : محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب ، الهاشميّ ، أبو عَبْد الله العلويّ البغداديّ.

روى عن أبيه ، وعُمر بن شَبَّة النُميريّ ، والعبّاس بن فرج الرياشيّ ،

__________________

(١) الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، (٣ / ٦٣).

٣٣٢

وأبي عثمان المازنيّ النحويّ ، والحسن بن داود الجعفريّ وغيرهم.

وعنه : محمّد بن خلف ، ووكيع القاضي ، ومحمّد بن عَبْد الملك التاريخيّ ، وأبو محمّد ابن أبي حاتم ، وأبو الحسين عمر بن الحسن الأشنانيّ ، ومحمّد بن مخلد الدوريّ. قال ابن أبي حاتم : صدوقٌ ثقةٌ. وقال الخطيب : كان أحد الأدباء العلماء برواية الأخبار(١) .

وقال العلّامة الحلّيّ : محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عُبَيْد الله ابن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أبو عَبْد الله ، ثقةٌ ، عينٌ في الحديث ، صحيحُ الاعتقاد(٢) .

وقال الحسن بن داود الحلّيّ : محمّد بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله(٣) بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب ، أبو عبد الله (دي ، كر [كش(٤) ]) له إيصال مكاتبة(٥) وفي داره حصلت أُمّ صاحب الأمر بعد وفاة الحسن عليه السلام(٦) .

وفي (مختصر إثبات الرجعة) ما نصّه : حدّثنا محمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ ابن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال : سمعتُ أبا محمّد عليه السلام : قد ولد وليّ الله وحجّته على عباده ، وخليفتي

__________________

(١) ابن حجر ، تهذيب التّهذيب (٩ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣).

(٢) العلّامة الحليّ الخلاصة (ص ١٥٦ رقم ١٠٦).

(٣) ب : عبد الله.

(٤) مصحّف عن جش.

(٥) ألف ، ج : اتصال.

(٦) ابن داود ، الرجال (ص ٣٢٥ رقم ١٤٢٦ رقم ١٤٢٦).

٣٣٣

من بعدي ، مختوناً ، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر ، وغسّلته عمّتي حكيمة بنت محمّد بن عليّ الرضا عليهم السلام.

فسأل محمّدُ بن عليّ بن حمزة ، عن أُمّه عليه السلام؟؟؟

قال : أُمّه «مليكة» الّتي يُقال لها في بعض الأيّام : «سوسن» ، وفي بعضها «ريحانة» وكان «صقيل» و«نرجس» أيضاً من أسمائها(١) .

وقال المامقاني : عنونه النجاشيّ رحمه الله وقال : ـ ـ ـ ـ له كتاب (مقاتل الطّالبيّين) أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد القلانسيّ ، قال : حدّثنا حمزة بن القاسم عن عمّه محمّد بن عليّ بن حمزة(٢) . وله ذكر في الحديث عن العهد الّذي عقدهُ المأمونُ للإمام الرِضا عليه السلام قال أبو الفرج : أخبرني ببعضه عليّ بن الحسين بن عليّ بن حمزة ، عن عمّه محمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ(٣) .

موسى بن محمّد بن إسماعيل بن عُبَيد الله بن العبّاس :

عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ذكر اسمه ، قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم ، قال : أخبرنا موسى بن محمّد بن إسماعيل بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ بن أبي طالب ، قال : حدّثني جعفر بن زيد بن موسى ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قالوا : جاءت أُمُّ أسلم يوماً إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وهو في منزل أُمّ سلمة ،

__________________

(١) الفضل بن شاذان : مختصر إثبات الرجعة (ص ٢١٢ رقم ١١) وعنه : الحرّ العاملي ، وسائل الشّيعة (٣ / ٥٧٠ رقم ٦٨٣).

(٢) المامقاني ، تنقيح المقال ، (٣ ـ ١ / ١٥٥).

(٣) مقاتل الطّالبيّين (٣٧٤ ـ ٣٧٥).

٣٣٤

فسألتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت : خرج في بعض الحوائج والساعة يجيىء ، فانتظرته عند اُمّ سلمة حتّى جاء صلى الله عليه وآله.

فقالت اُمّ أسلم : بأبي أنتَ وأُمّي يا رسول الله ، إنّي قد قرأتُ الكتب وعلمتُ كلّ نبيٍّ ووصيٍّ ، فموسى كان له وصيٌّ في حياته ، ووصيٌّ بعد موته ، وكذلك عيسى ، فمنْ وصيُّك؟ يا رسول الله؟

فقال لها : يا أُمّ أسلم! وصيِّ في حياتي وبعد مماتي واحدٌ ، ثمّ قال لها : يا أُمّ أسلم! مَنْ فَعَلَ فِعْلي هذا ؛ فهوَ وَصِيّي. ثمّ ضرب بيده إلى حصاةٍ من الأرض ، ففَرَكَها بإصبعه ؛ فجعلها شبه الدقيق ، ثمّ عَجَنَها ، ثمّ طبعها بخاتمه ، ثمّ قال : مَنْ فَعَلَ فِعْلي هذا فهو وصيّي في حياتي وبعد مماتي.

[قالت :] فخرجتُ من عنده ، فأتيتُ أمير المؤمنين عليه السلام فقلتُ : بأبي أنت وأُمّي ، أنت وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله؟.

قال : نعم ، يا أُمّ أسلم! ثمّ ضرب بيده إلى حصاةٍ ففَرَكَها ، فجعلها كهيئة الدقيق ، ثمّ عَجَنَها وخَتَمَها بخاتمه ، ثمّ قال : يا أُمّ أسلم! مَنْ فَعَلَ فِعلي هذا ؛ فهو وصيّي.

فأتيتُ الحسنَ عليه السلام ـ وهو غُلام ـ فقلتُ له : يا سيّدي! أنتَ وصيّ أبيك؟

فقال : نعم ، يا أمّ أسلم ، وضرب بيده وأخذ حصاةً ، ففعل بها كفعلهما.

فخرجتُ من عنده ، فأتيتُ الحسينَ عليه السلام ـ وإنّي لمُستَصْغِرةٌ لِسِنِّهِ ـ فقلتُ له : بأبي أنت وأُمّي ، أنت وصيّ أخيك؟

٣٣٥

فقال : نعم ، يا أُمّ أسلم ، إيتيني بحصاةٍ ، ثمّ فعل كفعلهم.

فعمّرتْ أُمّ أسلم حتّى لحقتْ بعليّ بن الحسين بعد قتل الحسين عليه السلام في منصرفه ، فسأَلَتْهُ : أنت وصيّ أبيك؟

فقال : نعم ، ثمّ فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين(١) .

نفيسة بنت عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

عن الزبير قال : فولد عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب : أبا جعفر عَبْد الله ، ونفيسة ، وأُمّهما : أُمّ أبيها بنت عَبْد الله بن معبد بن العبّاس ، وأُمّها أُمّ محمّد بنت عُبَيْد الله بن العبّاس.

كانت نفيسة بنت عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب عند عَبْد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب ، فولدت له : عليّاً ، وعبّاساً ، خرج عليّ بن عَبْد الله بن خالد بدمشق وغلب عليها ، وأمير المؤمنين المأمون بخراسان(٢) .

__________________

(١) الكافي (١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦) رقم ١٥ من الأصول ، كتاب الحجّة ، باب ما يفصل به بين دعوى المحقّ والمبطل في أمر الإمامة.

(٢) ابن عساكر ، تاريخ دمشق (٧٤ / ١٠٦ ـ ١٠٧ رقم ٩٧٧).

٣٣٦

ـ ٦ ـ

ما ورد في (موسوعة أنساب آل البيت النبوي)(١)

من أنساب ذرّية العبّاس عليه السلام في الجزء الثاني الفصل الخامس :

عقب العبّاس السقّاء ابن الإمام عليّ بن أبي طالب

أعقب العبّاس السقّاء ابن الإمام علي من خمسة رجال(٢) .

أمّا الرجال فهم : الفضل ، والحسن ، والحسين ، وحمزة ، وأبو محمّد الأمير عبيد الله.

أمّا الفضل بن العبّاس السقّاء : فأُمّه وأُمّ عبيد الله هي : لبابة بنت عبيد الله(٣) بن العبّاس بن عبد المطّلب ، وأخوهما لأُمّهما : القاسم بن الوليد ابن عتبة بن أبي سفيان ، وأُختهما لأُمّهما : نفيسة بنت زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب.

__________________

(١) للمؤرّخ النسّابة السيّد فتحي عبد القادر أبو السعود سلطان الصيادي الرفاعي الحسيني ، ولقد رأينا إيراد ما جاء في هذا الكتاب ؛ لكونه أحدث ما جمع من انتسب إلى سيّدنا أبي الفضل عليه السلام.

ولقد وقفنا فيه على بعض النقائص!!! فننبّه القُرّآءَ الكرامَ إلى مراجعة ما ورد فيه بِحَذَرٍ.

(٢) لقّب عقبه بالعبابسة تمييزاً لهم عن العبّاسيين عقب العبّاس بن عبد المطّلب.

(٣) في الموسوعة (عبد الله) وهو غلطٌ بالإجماع من محقّقي الفنّ ، والصواب (عبيد الله) كما أثبتنا في المتن.

٣٣٧

أمّا الحسن بن العبّاس السقّاء : فأعقب من رجلين هما : حمزة ، والعبّاس.

أمّا حمزة بن الحسن : فمن عقبه : محمّد بن علي بن حمزة المذكور ، وكان محدّثاً ثقة ، مات عام ٢٨٧ هـ.

أمّا العبّاس بن الحسن : فكان من صحابة الرشيد ، ومن عقبه : الفضل ابن محمّد بن عبد الله بن العبّاس المذكور ، الّذي كان مع الحسن بن زيد بطبرستان ، ثمّ هرب منه ، فأراد الحسن بن زيد قتله ، فآواه موسى بن مهران الكردي. وكان الفضل المذكور شاعراً ، كثير الهجو للحسن بن زيد(١) .

أمّا الحسين بن العبّاس السقّاء : فمن بنيه : عبيد الله بن الحسين ، الّذي ولي مكّة والمدينة للمأمون العبّاسيّ(٢) .

أمّا حمزة بن العبّاس السقّاء : فكان شاعراً ، أعقب من ابنه أبي الطيّب محمّد ، وله عقب.

عقب أبي محمّد الأمير ، عبيد الله بن العبّاس السقّاء ابن الإمام عليّ

كان أبو محمّد الأمير عبيد الله : ورعاً ، ديّناً ، شجاعاً ، أيّام بني العبّاس ، ومات وله ٥٥ سنة.

وأعقب ولدين هما : أبو جعفر عبد الله ، وأبو محمّد الحسن.

__________________

(١) قلائد الذهب في جمهرة أنساب العرب ، مرجع سابق (ص ٤٨).

(٢) قلائد الذهب في جمهرة أنساب العرب ، مرجع سابق (ص ٤٨).

٣٣٨

أمّا أبو محمّد ، الحسن ابن الأمير عبيد الله :

فكان أميراً بينبع ، ثمّ صار ملك الملوك بمكّة ، والمدينة ، والحجاز ، روى الحديث ، وعاش ٦٧ سنة.

وله من المعقبين سبعة : علي ، ومحمّد(١) وأبو القاسم حمزة الأكبر الشبيه ، وعبيد الله الأصغر الثاني ، وأبو الفضل العبّاس ، وإبراهيم جردقة ، وأبو جفنة(٢) الفضل.

أمّا علي ابن الأمير أبي محمّد الحسن : فكان يلقّب «حشايا» ، وأعقب أربعة رجال هم : الحسن ، وأحمد الأكبر ، وأحمد الأصغر ، ومحمّد الزاكي الّذي أعقب ولدين هما : علي ، وأحمد (انقرضا)(٣) .

أمّا أبو جفنة الفضل ابن الأمير أبي محمّد الحسن :

فكان لسناً فصحياً ، شديد الدين ، عظيم الشجاعة ، وكان أحد سادات بني هاشم يقال له «ابن الهاشمية» ،

وكان محتشماً عند الخلفاء ، أعقب ثمانية رجال ، وبنتاً واحدة اسمها فاطمة.

أمّا الرجال فهم : علي ، وأحمد ، وعبد الله ، وسليمان ، لم يذكر لهم عقب.

وجعفر ، والعبّاس الأصغر ، ومحمّد الخطيب الشاعر ، والعبّاس الأكبر.

__________________

(١) ذكرهما صاحب المجدي (ص ٢٣١).

(٢) في المجدي في أنساب الطالبيين (أبو حنفنة) (ص ١٦٩).

(٣) الشجرة المباركة في أنساب الطالبية (ص ٢٣٢).

٣٣٩

أمّا جعفر بن أبي جفنة الفضل : فأعقب بينبع ، ومصر ، وأعقب من ابنه الفضل وحده.

أمّا محمّد الخطيب الشاعر ابن أبي جفنة الفضل : فأعقب عدّة بنين منهم : أبو العبّاس الفضل الشاعر الخطيب ، ومن شعره :

إنّي سأذكر للعبّاس موقفه

بكربلاء وهام الطّفّ تختطفُ

يحمي الحسين ويسقيه على ظمأ

ولا يُوَلّي ولا يثني فيختلفُ

فلا أرى مشهداً يوماً كمشهده

مع الحسين عليه الفضل والشرف

أكرم به مشهداً بانت فضائله

وما أضاع له أفعاله خَلَفُ(١)

أعقب أبو العبّاس الفضل الشاعر المذكور ؛ بقم ، وطبرستان ، وبروجرد. ومن عقبه ببروجرد : أبو محمّد عبد الله بن أبي العبّاس الفضل ، المذكور.

أمّا العبّاس الأكبر ابن أبي جفنة الفضل : فأعقب بينبع ، وأعقب أربعة رجال هم : عبد الله ، والفضل ، ومحمّد ، وعبيد الله ، ويقال لعقبهم «بنو الصندوق»(٢) .

عقب أبي القاسم حمزة الشبيه الأكبر ابن أبي محمّد الحسن بن أبي محمّد الأمير عبيد الله

كان أبو القاسم ، حمزة الشبيه : يشبه الإمام علي بن أبي طالب ، وكان ذا

__________________

(١) ويروى :

أكرمْ به سيّداً بانَتْ فضيلتُهُ

وما أضاعَ له كَسْبُ العُلا خَلَفُ

(٢) الفخري في أنساب الطالبيين (ص ١٦٩).

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607