• البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23502 / تحميل: 4281
الحجم الحجم الحجم

حصن الأخيضر

من الآثار المهمّة التي تبعد عن مركز المدينة حوالي ٢٩ ميلاً ، أو ما يُقارب السبعة فراسخ بين كربلاء وشفاثة ، ويتكوّن حصن منيع ذي ثلاثة قصور متقاربة يحيط بهنّ سور عظيم لم يبقَ منه غير الأنقاض. ومن المؤسف حقّاً أنّه لم يُعرف تاريخه على وجه التدقيق ؛ وذلك لعدم وجود كتابة أو إشارات على جوانب القصر أو الحصن.

ولقد اختلفت آراء الباحثين حول زمن بناء الأخيضر ؛ فالمؤرّخون مجمعون على أنّه من مباني العرب في العصر الإسلامي ، غير أنّهم اختلفوا في تاريخ البناء وفي العصر الذي بُني فيه ، ولكنّ الرأي الأرجح هو أنّه من الآثار العربية الإسلاميّة ، ومن عمارات المنتصف الثاني من القرن الثاني الهجري ؛ اعتماداً على نوعية الريازة العامة في البناء ، ودراسة اللقى التي عثر عليها خلال التحرّيات الأثرية في الموقع ؛ حيث إنّ كلّها تعود للفترة الزمنية المذكورة.

قال ياقوت الحموي في مادة « دومة الجندل »: إنّ النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) صالح أكيدر على دومة الجندل وأمّنه ، وقرّر عليه وعلى أهله الجزية ، وكان نصرانياً فأسلم أخوه حربث فأقرّه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على ما في يده.

ونقض أكيدر الصلح بعد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فأجلاه عمر من دومة الجندل في مَنْ أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحيرة ، فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى فيها منازلاً سمّاها ( دومة ) ، وقيل: ( دوماء ) باسم حصنه بوادي القرى , فهو قائم يُعرف ، إلّا أنّه خراب.... إلخ(١) .

وأسند العلّامة المرحوم شكري الآلوسي رأيه هذا إلى قول ياقوت , فعقّب على ذلك قائلاً: إنّ كلمة ( الأخيضر ) محرّفة من اسم ( الأكيدر ) ، وهو اسم أمير من أمراء كنده أسلم في صدر الإسلام ، فالقصر يجب أن يكون شُيّد من

____________________

(١) معجم الياقوت - ياقوت الحموي ٢ / ١٠٦ , مادة ( دومة الجندل ).

١٢١

قبل الأمير المبحوث عنه قبل الإسلام.

غير أنّ ( موزيل ) لاحظ أنّ كلمة ( الأخيضر ) من ألقاب شخص معروف في التاريخ , وهو ( إسماعيل بن يوسف الأخيضر ) حاكم اليمامة على الكوفة من قبل القرامطة ( في أوائل القرن الرابع الهجري ، العاشر الميلادي ) ، فقال: إنّ الأخيضر يجب أن يكون ( دار الهجرة ) التي اُسست من قبل الحاكم المشار إليه(١) .

ويعقّب ماسينيون على رأي موزيل الذي ذكر أنّه بُني عام ٢٧٧ ، وذلك ليجعله عين دار الهجرة التي بناها ثوّار القرامطة في هذا العام بقوله: ولا شك في أنّه من المحتمل جدّاً أن يكون القرامطة قد أعادوا تشييده للالتجاء إليه ، ولكن لم تكن لديهم الوسائل بل لم يكن من شأنهم أن يبتنوا مثل هذا الحصن العظيم ليتحصّنوا فيه(٢) .

وقد لاحظ المستشرق ماسينيون عند زيارته الأخيضر أنّ ريازته تشابه الريازة الساسانية ، فاعتقد لذلك أنّه يجب أن يكون قد شُيّد من قبل معمار إيراني قبل العهد الإسلامي في العراق لأجل أحد ملوك الحيرة من اللخميين ، وقال: ربما كان ( قصر السدير ) الذي تغنّى به الشعراء هو الأخيضر نفسه.

وقد أيّد ( ديولافوا ) رأي ماسينيون من حيث الأساس ، واعتبر الأخيضر من المباني المشيّدة قبل الإسلام في أواخر القرن السادس للميلاد. وقرّرت المس بيل سكرتيرة دار الاعتماد البريطاني في بغداد لدى زيارتها الأخيضر سنة ١٩٠٩ م أنّه من المباني الإسلاميّة ؛ لأنّها اكتشفت المسجد ولاحظت المحراب ، ورجّحت أن يكون دومة الحيرة التي شيّدت في عهد الاُمويِّين.

أمّا ( موزيل وأسكار روتير وكره سويل ) فقد أيّدوا رأي المس بيل من حيث الأساس , فاعتبروا الأخيضر من المباني الإسلاميّة ، غير أنّهم اختلفوا في أمر تثبيت

____________________

(١) الأخيضر - الآثار القديمة في العراق / ٣٥ ( ١٩٣٧ م ).

(٢) دائرة المعارف الإسلاميّة ١ / ٥٣١ ( مادة أخيضر ).

١٢٢

تاريخ البناء بين أواخر القرن الأوّل وأوائل القرن الرابع للهجرة.

ولكن ( كره سويل ) لم يوافق على رأي المس بيل في اعتبار الأخيضر في عهد الاُمويِّين , بل قرّر أنّه من عهد العباسيِّين ، ورجّح أن يكون قد شُيّد في عهد عيسى بن موسى ابن أخ السفّاح والمنصور , وابن عمّ المهدي ولّي عهد المنصور ، وكان والياً على الكوفة.

وأمّا ( هو سفيلد ) فقال: يجب أن يكون من مباني أوائل القرن الثالث للهجرة ؛ لأنّه وجد شبهاً ريازة الأخيضر وريازة سامراء(١) .

ونشر البحّاثة توفيق الفكيكي بحثاً مسهباً في مجلة ( المقتطف ) المصرية باسم ( قصر الأخيضر في التاريخ ) عندما كان الحاكم المنفرد في كربلاء سنة ١٩٣٥ م - ١٩٣٦ م ، وقد اُعيد نشره في العدد الخاص من ملحق جريدة ( الأخبار ) البغدادية ، ويستخلص رأيه بالقول: إنّ قصر الأخيضر هو ( دومة الجندل ) ، وإنّ مشيّده هو ( أكيدر ) ، وإنّ عصر تشييده هو العصر الأوّل من تاريخ الإسلام ، وفي عهد الخليفة الأوّل من الخلفاء الراشدين , وليس هناك أية شبهة أو تضليل(٢) .

وهناك بحث موسّع آخر عن حصن الأخيضر وموقعه وأهميته التاريخيّة نقتبس منه ما يخصّ وصف القصر: يتألّف قصر الأخيضر من حصن كبير ، داخله قصر فخم ، وبجانبه بناية محصنة منفصلة عن البناية الأصلية.

الحصن مربع الشكل ، يبلغ طول كلّ ضلع من أضلاعه ١٧ متراً ، أمّا القصر فمستطيل الشكل يبلغ عرضه ٨٠ متراً وطوله ١١٠ متراً ، ويوجد في مدخل هذا القصر دهليز فخم يعلوه طاق مرتفع.

أمّا الجامع فيقع في الجهة الغربيّة من الدهليز ، وجدرانه الخارجية مجهّزة بسلسلة أبراج من جهاتها الأربعة ، والأبراج الكائنة في الزوايا تستوقف الأنظار أكثر من غيرها بطبيعة الحال ، غير أنّ البرجين الواقعين في وسط الجهتين الشرقيّة

____________________

(١) المصدر السابق.

(٢) قصر الأخيضر في التاريخ - للاُستاذ توفيق الفكيكي / ١٥ - ١٧ (ملحق العدد ١٣٢ - ١٠ الأخبار ١٩ تشرين الثاني ١٩٣٨ / ٢٦ رمضان ١٣٥٧ ه).

١٢٣

والغربيّة يحتويان على آثار معمارية أهم من جميعها(١) .

يتضح لنا ممّا تقدّم أنّ قصر الأخيضر من أهم الآثار التاريخيّة في العراق ، وقد اختلفت الآراء في سبب وجوده في هذه المنطقة العزلاء. وممّا ذكر عنه أنّه كان ملتقى لرؤوس إخوان الصفا فيه ، فكانوا يقصدونه من أجل اجتماعاتهم ويضعون رسائلهم.

والأخيضر يحتفظ بكثير من مزاياه ومن هندسته ومن معالمه ، وقد مهّد الطريق إليه من كربلاء مؤخراً ، وسهل النقل إليه في طريق معبّد ، وأصبح قبلة للسكان والسوّاح الأجانب وغير الأجانب. وفي الآونة الأخيرة بذلت الحكومة العراقية اهتماماً ملحوظاً في إصلاح بعض جوانب القصر ، وإعداد ما يلزم من رسائل كإنشاء دار للاستراحة توفّرت فيها المتطلبات الضرورية.

قلعة الهندي

أثر تاريخي يقع في الجنوب الشرقي من كربلاء على بعد ٤ كيلو مترات شيّده نوازش علي خان الكبير بن علي رضا خان النوّاب اللوهوري من القزلباش ، وذلك في عام ١٢٩٦ ه.

وكان هذا الرجل من الشخصيات المرموقة في الهند ومن الأثرياء ، ويُعرف بالنوّاب ، وبعد أن أتمّ بناء القلعة المذكورة سافر إلى سامراء وقضى فيها ردحاً طويلاً من الزمن في خدمة المرزا حسن الشيرازي العالم المبرز في عصره ، وعاد بعدها إلى كربلاء بعد وفاة السيد المجدّد الشيرازي ، ومكث فيها فترة من الزمن إلى أن وافاه الأجل ، ودُفن في مقبرة خاصة له في صحن الحسين , ولا تزال تُعرف القلعة المذكورة باسمه.

وعلى أثر سفر أسرة النوّاب المذكور إلى الهند أوكل أمر الأملاك العائدة لها إلى رئيس وكلائها , وهو محسن خان القندهاري الذي كان يمتّ بصلة إلى النوّاب المذكور ، والعقب منه في

____________________

(١) رسالة الأخيضر - تأليف عباس علوان الصالح , مطبعة الثقافة , كربلاء / ١٩٤١ م - ١٣٦٠ ه ، وانظر جريدة الغروب الكربلائية - السنة الأولى - تموز ١٩٣٥ م , فصل ( حصن الأخيضر ).

١٢٤

كربلاء يُعرف بآل النوّاب.

ومن هذه الأسرة المحترمة معاون دائرة الاستخبارات للشرق الأوسط في السفارة البريطانية ، كما كان نائباً للحاكم العسكري في كربلاء ، ومنهم النطاسي البارع الدكتور حسن أفضل نائب كربلاء الأسبق ، والدكتور مهدي هاشم النوّاب ، والمرحوم محمّد حسين خان سكرتير دار الاعتماد الشرقي في بغداد وغيرهم.

خان العطشان

ذكر الرحّالة الفرنسي تافرنيه ضمن رحلته للعراق في القرن السابع عشر الميلادي وصفاً مسهباً لهذا الخان نُقل إلى العربية ، وهذا نصّه: قد يكون هذا القصر الذي اكتشفه تافرنيه ( خان العطشان ) وهو بناء قديم ترى أطلاله ورسومه في البادية غربي الفرات على نحو من ثلاثين كيلو متراً من جنوب غربي كربلاء ، وهو على حدّ وصف رحّالتنا مبني بالآجر ، وما زالت كثير من جدرانه وأقواسه وبعض عقاداته ترى إلى يومنا هذا وإن كانت قد تشعّثت وتصدّعت. والذي نميل إليه أنّ لهذا البناء صلة بالموقدة ( الموجدة ) ، وهو منار يبعد عنه مسيرة ساعتين إلى الشمال الغربي.

إنّ هذه المباني التي ترى بقاياها منثورة في طفّ البادية كانت فيما مضى مسالح ومعاقل وحصوناً ومناور للدولة الفارسية تقيها شرّ هجمات دولة الروم. وقد وصفت الآنسة المس بيل خان العطشان وصفاً أثرياً دقيقاً في كتابها الموسوم , وعنيت بتخطيط البناء وتصوير بقاياه في اللوحات ٤٦ - ٥٢ من الكتاب المذكور.

أمّا أصل البناء وتاريخه فلم تتطرّق إليه المؤلّفة(١) .

____________________

(١) العراق في القرن السابع عشر - تافرنيه ، إعراب بشير فرنسيس , وكوركيس عواد / ١٣٣.

١٢٥

وفي رواية أخرى: إنّ موقع هذا القصر بين موقدة وبين الكوفة (قصر العطشان) المسمّى بهذا الاسم في العصر الحاضر ، وهذا القصر هو واسطة بين القصر الأوّل وبين الكوفة ؛ لإخبار مَنْ في الكوفة بالإنارة حسب العادة القديمة ، وسُمّي بالعطشان لانطماس منابع مائه(١) .

ويغلب على الظنّ أنّ هذا الخان ( قصر العطشان ) يعتبر من منشآت الدولة الصفوية ، وخير دليل على ذلك وجود ( تل مرعز ) على مقربة منه ، وهذا التل هو المكان الذي كانت تقف فيه قوافل الزوّار والمشاة لرؤية قبّة الروضة الحسينيّة المقدّسة ، وكان يُطلق عليه قديماً ( قبه نما)(٢) . على أنّ هناك قصوراً اُخرى لا تقلّ أهمية عن الآثار المذكورة , وهي: قصر شمعون ، وقصر العوينة ، وقصر موقدة(٣) . ويُقال: إنّها كانت قديماً معمورة بالسكان ، ولا تزال آثارها شاخصة للعيان اليوم.

وفي داخل مدينة كربلاء توجد آثار تاريخيّة أخرى جديرة بالاعتزاز والتقديس , منها قبور بعض رجال الفكر وأساطين العلم والأدب الذين أحيوا التراث العربي والإسلامي ، وخدموا الشريعة الإسلاميّة في فترات متباينة , منها قبر الشريف الرضي(٤) ، والشريف المرتضى ، ووالدهما في مدخل الروضة الحسينيّة خلف ضريح

____________________

(١) جريدة ( الندوة ) الكربلائية العدد ١٤ ( تموز / ١٩٤١ م ).

(٢) كلمة فارسية تعريبها موضع رؤية معالم المآذن عن بعد.

(٣) جريدة ( الندوة ) الكربلائية - العدد ١٤ , وانظر الدليل العراقي / ٦٨٧ , لسنة ١٩٣٩ م.

(٤) هو أبو الحسن محمّد بن أبي أحمد الطاهر ذي المنقبتين الحسين بن موسى بن محمّد بن موسى بن إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ). ولد سنة ٣٥٩ ه , مارس الشعر وهو ابن عشر , وبرع فيه وأجاد وفاق شعراء عصره. له ديوان حافل بكلّ بديع ، وتوفي بداره في الكرخ يوم الأحد في السادس من محرّم سنة ٤٠٦ ه ، ونُقل إلى مشهد الحسين (عليه‌السلام ) بكربلاء ودُفن عند قبر أبيه ، وقبرهما ظاهر معروف. ( عمدة الطالب / ٢١٠ ).

وجاء في كتاب النجوم =

١٢٦

الحسين (عليه‌السلام ) بستة أذرع.

فقد ذكر السيد حسن الصدر في كتابه ما نصّه: وأمّا في كربلاء فغير المستشهدين مع الحسين (عليه‌السلام ) , منهم إبراهيم الأصغر ابن الإمام الكاظم (عليه‌السلام ) , قبره خلف ظهر الحسين بستة أذرع ، وهو الملقّب بالمرتضى.

وهو المعقّب المكثر , جدّ السيد المرتضى والرضي , وجدّنا وجدّ أشراف الموسوية , معه جماعة من أولاده كموسى أبي السبحة وأولاده ، وجدّنا الحسين القطعي وجماعة من أولاده , في سردابين متّصلين خلف الضريح المقدّس.

كانت قبورهم ظاهرة ، ولمـّا عمّر الحرم [التعمير] الأخير محوا آثارهم , ومعهم قبر السيد المرتضى والسيد الرضي , وأبوهما وجدّهما

____________________

الزاهرة ٤ / ٢٤٠ , (فصل السنة العشرون من ولاية الحاكم منصور على مصر , وهي سنة ست وأربعمئة) ، وفيها توفي محمّد بن الحسين بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي‌الله‌عنه ).

الشريف أبو الحسن الرضي الموسوي , ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمئة ، كان عارفاً باللغة والفرائض والفقه والنحو ، وكان شاعراً فصيحاً ، عالي الهمّة متديناً ، إلّا أنّه كان مذهب القوم إماماً للشيعة هو وأبوه وأخوه.

ومن شعره من جملة أبيات:

ياصاحبيَّ قفا لي واقضيا وطراً

وحدّثانيَ عن نجدٍ بـأخبارِ

هَل رُوِّضَت قاعَةُ الوَعساءِ أَم مُطِرَت

خَميلَةُ الطَلحِ ذات البانِ وَالغارِ

وقد أكّد السيد حسن الصدر في قضية وفاة الشريف بقوله: وقد شرحت التفصيل في كتاب (تكملة أمل الآمل) في ترجمة السيد المرتضى ، وتعرّضت إلى تحقيق أنّ قبر السيد المرتضى وأخيه السيد الرضي في كربلاء ، وأنّ المكان المعروف في بلد الكاظميّة وقبرهما هو موضع دفنهما فيه أولاً , ثمّ نُقلا منها إلى كربلاء. ولا بأس بزيارتهما في هذا الموضع أيضاً ، وإنّما أبقوه وذلك لعظم شأنهما ( نزهة أهل الحرمين / ٧١ ).

أمّا الدكتور عبد الرزاق محي الدين فهو الآخر الذي أدلى برأيه قائلاً: إنّ تقليداً اُسريّاً لآل أبي أحمد يقضي في الغالب بدفن أفراد الأسرة في كربلاء ؛ فقد دُفن والد الشريفين النقيب أبو أحمد في داره ، ثمّ نقل إلى مشهد الحسين ( كربلاء ) ، وإنّ أختاً للشريفين نُقل جثمانها إلى كربلاء ، وإنّ زوجة الشريف المرتضى ماتت ببغداد ونُقل جثمانها إلى كربلاء ، فالملاحظ من تقاليد هذه الأسرة أن تتخذ مرقد الإمام الحسين (عليه‌السلام ) مدفناً لها. ( أدب المرتضى / ٧٧ - ٧٨ ).

١٢٧

موسى الأبرش(١) .

كما إنّ هناك قبوراً اُخرى في الحائر لفريق من أعلام العصر ؛ كقبر الميرزا شفيع خان رئيس الطريقة الشيخية ، وقبر السيد كاظم الرشتي صاحب الفرقة الكشفية ، وقبر حسين علي شاه رئيس الطريقة الصوفية ، وقبر مؤمن دده رئيس الطريقة البكتاشية(٢) ، وقبر السيد أحمد النقشبندي في تكية البكتاشية ، ومرقد الشيخ أحمد بن فهد الحلّي صاحب الكرامات ، وقبر الآقا باقر البهبهاني ، والسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ، وقبر الشيخ يوسف البحراني ، وقبر السيد محمّد المجاهد الطباطبائي ، وقبر الشاعر فضولي البغدادي ، وقبر الشيخ محمّد تقي الشيرازي وغيرهم كثيرون.

وبالإضافة إلى ذلك فتوجد قبور بعض الملوك الديالمة ( آل بويه ) في الصحن الحسيني الصغير الذي تهدّم في عهد متصرّف لواء كربلاء عبد الرسول الخالصي عام ١٩٤٨ م ، ومقبرة سلاطين آل قاجار قرب مرقد السيد إبراهيم المجاب.

ويوجد في أرجاء مدينة كربلاء بعض الأماكن والمراقد المقدّسة التي يتبرك بها الزوار ، ومنها هي:

مقام الحسين (عليه‌السلام ) وابن سعد

رمز هذا المكان إلى الموقع الذي اجتمع فيه الإمام الحسين (عليه‌السلام ) مع عمر بن سعد للمفاوضة ، موقعه في قطاع ( الچاچين ) المحرّفة عن كلمة ( دكاكين ) التي

____________________

(١) نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين - السيد حسن الصدر / ٤١.

(٢) انظر بستان السياحة - للحاج زين العابدين الشيرواني ( ١١٩٤ - ١٢٥٣ ه ) / ٤٩٢ ( مادة كربلاء ) ، وقد التبس الأمر على صاحب بستان السياحة في نسبته للميرزا شفيع خان كونه رئيس الفرقة الشيخية ، والصواب هو الميرزا شفيع خان الصدر الأعظم رئيس وزراء إيران الذي وصل جثمانه كربلاء يوم ١٩ رمضان سنة ١٢٣٤ ه.

١٢٨

هي اليوم عند باب البويبة(١) في محلّة باب السلالمة.

والمقام عبارة عن شبه حانوت خارج من جدار الدار المرقم ٣٢٢ / ٧٥ ، ويرجع تاريخ تشييده إلى سنة ١١١٣ ه كما هو موجود على الكُتيبة , وتمّ تجديده سنة ١٣٥٢ه - ١٩٣٤م , ثمّ جُدّد عام ١٣٧٨ ه - ١٩٥٢ م ، وهذا المقام يؤمّه الزائرون ليتبركوا به.

مقام تل الزينبيّة

يقع في الجهة الغربيّة من الصحن الحسيني بالقرب من باب الزينبيّة في مرتفع يُعرف بـ ( تل الزينبيّة ).

ويُقال: إنّ هذا التل كان يُشرف على مصارع القتلى في حادثة الطفّ , حيث كانت السيدة زينب الكبرى تتفقد حال أخيها الحسين (عليه‌السلام ) ، وإلى ذلك أشار الشاعر الشعبي المرحوم حسين الكربلائي بقوله:

روحي من الصبر ملّت و صاحتْ

ومثلها ما انسبت حرّة وصاحتْ

على ( التل ) اُوكفت (زينب ) وصاحتْ

نادت ياخوتي يهل الحميّه

وتيمّناً بها سمّي هذا الموضع باسمها.

والمقام عبارة عن شبك صغير من البرونز داخله أبيات كُتبت على القاشاني ، وتوجد في أعلاه أحجار من القاشاني مزيّنة بصور تمثّل معركة الطفّ ، وقد جدّد بناؤه أخيراً سنة ١٣٩٨ ه.

مقام الكفّ الأيمن للعباس (عليه‌السلام )

يقع بين محلتي باب بغداد وباب الخان ، وهذا المكان يمثّل موضع سقوط الكفّ الأيمن لأبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) أثناء بترها في معركة كربلاء كما تقول العامّة.

والمقام شباك من البرنز خارج من الدار المرقّمة

____________________

(١) البويبة: كلمة مصغرة من الباب ، ويُقال: إنّها كانت باب سور محلّة باب السلالمة قبيل هدمه.

١٢٩

١٨٣ / ٥ الواقعة في زقاق الصخاني ، وعلى جدار المقام نقش لطيف مؤرّخ سنة ١٣٢٤ ه ، وبيتان بالفارسية لم يذكر قائلهما. وقد نُقشت صورة ساعدين مقطوعين كُتب تحتها: هنا قُطعت يدا أبي الفضل العبّاس.

والمعروف أنّ هذا المقام شُيّد في أواسط القرن الثالث عشر الهجري على بقايا نهر كان يُعرف في حينه بنهر مقبرة العباس ، وقد يكون من بقايا نهر العلقمي.

مقام الكفّ الأيسر للعباس (عليه‌السلام )

يشاهد الزائر مقاماً آخر على بعد ٥٠ متراً من باب القبلة الصغرى لصحن العباس عند مدخل سوق باب الخان ، وهو عبارة عن مشبّك صغير من البرنز خارج من الدار المرقمة ٥٢/ ٥١ مزيّن بقطع من المرايا الصغيرة ، وعلى الشبّاك لوحات من الأدعية ، وفوق المشبّك أبيات شعرية نُقشت على القاشاني للشاعر الكربلائي المرحوم الشيخ محمّد السراج:

سل إذا ما شئت واسمع واعلمِ

ثمّ خذ منّي جواب المفهمِ

إنّ في هذا المقامِ انقطعتْ

يسرةُ العباس بحرِ الكرمِ

ها هنا يا صاح طاحت بعدما

طاحت اليمنى بجنب العلقمي

أجرِ دمعَ العينِ وابكيه أسىً

حقّ أن تبكي بدمعٍ من دمِ

وتوجد صورة كفّ فوق المشبّك المذكور.

ويُحكى أنّ هذا المقام شُيّد من قبل محمّد علي آل شنطوط في عام ١٣٢٧ ه ؛ وذلك إثر رؤيا رآها في منامه ، وهي أنّ الساعد الأيسر للعباس قُطع في هذا المكان ؛ ممّا دعاه إلى شقّ جدار داره في الصباح الباكر وأنشأ هذا المقام ؛ تخليداً لموقع سقوط الساعد.

مقام جعفر الصادق (عليه‌السلام )

كانت الأراضي التي يقع فيها هذا المقام تُعرف بالجعفريات ، وهي من موقوفات

١٣٠

الشيخ أمين الدين الخيرية ، وهي ضمن الأراضي والعقارات العائدة له في الحائر الحسيني ، ويرجع تاريخها إلى سنة ٩٠٤ ه(١) .

وقد شُيّد هذا المقام رمزاً تذكارياً من قبل الزعيم البكتاشي جهان دده ( كلامي ) ، الشاعر الصوفي الذي كان حيّاً سنة ٩٧٠ ه ، ويُعرف المكان هذا بشريعة الإمام جعفر بن محمّد ، وهو المكان الذي كان يغتسل فيه الإمام جعفر الصادق (عليه‌السلام ) في نهر الفرات قبيل زيارته للحائر(٢) ، وموقعه في أراضي الجعفريات على الشاطئ الغربي من نهر العلقمي(٣) , حيث يجد الزائر مزاراً مشهوراً عليه قبّة عالية من القاشاني تُحيط به البساتين ، والناس تقصده للزيارة والتبرّك وقضاء الحاجات.

وممّا يجدر ذكره أنّ هذا المقام كان المطاف الأخير للفرقة الإسماعيليّة المعروفة ( البهرة ) , حيث لم يكن يسمح لرجالها بالدخول إلى كربلاء لزيارة العتبات المقدّسة حتّى سنة ١٢٦٢ ه ، وذلك بعد وفاة العلّامة السيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط ؛ إذ أجاز العلّامة الشيخ زين العبادين المازندراني بإصدار فتوى للسماح لهم في الدخول إلى كربلاء.

كما إنّ المرحوم السيد يوسف السيد سليمان آل طعمة المتوفّى سنة ١٢٨٨ ه استحصل موافقة والي بغداد آنذاك ( السر عسكر عبدي باشا ) , حيث إنّ السلطة العثمانيّة الحاكمة إذ ذاك كانت هي الاُخرى تُساند المنع المذهبي.

والمقام المذكور يقع على طريق العربات المؤدّي إلى مدينة كربلاء عبر نهر الحسينيّة المار بقنطرة الحديبة ، وهو الطريق الرئيس بين بغداد وكربلاء.

مقام المهدي (عليه‌السلام )

موقعه على الضفة اليسرى من نهر الحسينيّة الحالي عند مدخل كربلاء على الطريق المؤدّي إلى مقام جعفر الصادق (عليه‌السلام ) ، وهو مزار مشهور عليه قبّة عالية ،

____________________

(١) مدينة الحسين - محمّد حسن الكليدار آل طعمة ٢ / ١٦٥.

(٢) تاريخ كربلاء - الدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة / ٨٢.

(٣) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء - السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة / ٨٢.

١٣١

وقد سُمّي هذا المقام التذكاري تيمّناً باسم الإمام المهدي المنتظر (عليه‌السلام ).

جدّده المرحوم الحاج حمزة الخليل , وذلك عام ١٣٧٨ ه ، وأرّخ تجديده الشاعر الكربلائي المعاصر السيد مرتضى الوهاب بأبيات كُتبت بالقاشاني على جبهة المقام ، وهي:

شاد للقائمِ إذ ضحّى الخليل

بـيت قدس فيه بردٌ وسلامُ

واعتنى ( الحمزة ) في تجديده

فاستوى منه عمادٌ ورخامُ

مذ تجلّى نورُه أرّخته

( ضاء للمهديِّ ركنٌ ومقامُ)

١٣٧٨ه

وهناك مقامات اُخرى في مواضع مختلفة من أزقّة المدينة شيّدت تبرّكاً لاستلهام ذكرى الأئمّة الأطهار (عليهم‌السلام ) بوحي من العقيدة.

١٣٢

الفصل الرابع: الاُسر العلميّة والأدبيّة

الاُسر العلميّة

يطّلع القارئ في هذا الفصل على تاريخ الاُسر العلميّة الشهيرة في كربلاء قديماً وحديثاً ، وكنت قد ثبتها في الطبعة الأولى من كتابي هذا حسب استيطانها التاريخي ، وفي هذه الطبعة رغبت أن يكون ترتيب الاُسر حسب حروف المعجم ، ومستنداً في ذلك إلى المصادر المطبوعة والمخطوطة التي عثرت عليها ، بالإضافة إلى المستندات والوثائق القديمة ، مع ذكر أسماء أعلام كلّ اُسرة.

آل الإسترابادي

إحدى اُسر العلم المعروفة التي ينتهي نسبها إلى الإمام الحسين بن علي (عليه‌السلام ) ، استوطنت كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري ، ومن مشاهيرها العالم الفاضل السيد مصطفى ابن السيد حسين ابن السيد محمّد ابن السيد علي ابن السيد سميع ابن

١٣٣

السيد مير عبد المجيد من سلالة زيد بن علي بن الحسين (عليه‌السلام ) ، ومنها العلّامة الخطيب السيد حسن ابن السيد علي ابن السيد مصطفى الإسترابادي المذكور ( ١٢٨٣ - ١٣٦٦ ه ) ، كان فاضلاً جليلاً بليغاً في الوعظ والإرشاد ، له قريحة وقّادة ، وبديهة سريعة في المنظم ، توفي يوم ٢٥ ربيع الأول سنة ١٣٦٦ ه ، وأرّخ وفاته الخطيب السيد علي بن الحسين الهاشمي بقوله:

محافل الطفّ وأعوادُها

تنعى خطيباً كان فردَ الزمنِ

وتنشد الأعلامُ تاريخه

( بيومه نذكر فقدَ الحسن ِ)

١٣٦٦ ه

وأعقب ثلاثة أولاد هم من أهل الفضل والكمال:

١ - السيد محمّد علي (١٣١٠ - ١٣٧٥ ه ) , كان ذكياً فطناً ، قوي الحافظة ، فصيحاً جريئاً في الخطابة.

٢ - السيد محمّد مهدي , وهو اليوم أحد الخطباء الأجلاء ، واسع العلم ، كبير الهمّة.

٣ - السيد محمّد , وهو فاضل جليل ، يتكسّب بالتجارة ، ولم يزل شغوفاً بمطالعة الكتب.

آل الأمير السيد علي الكبير

من الأسر العلميّة التي تُعرف بآل الأمير السيد علي الكبير(١) ، ينتهي نسبها إلى زيد الشهيد ابن الإمام السجاد علي بن الحسين (عليه‌السلام ) ، تفرّعت منها عوائل كثيرة , منها عائلة العلّامة السيد محمّد علي هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستاني(٢) ،

____________________

(١) راجع بشأن تفصيل تاريخ هذه الاُسرة مجلة ( المرشد ) البغدادية ج ٩ المجلد ٤ جمادى الثانية ١٣٤٨ ه - تشرين الثاني ١٩٢٩ م.

(٢) عالم جليل ، وشاعر مبدع ، اُسند إليه منصب وزارة المعارف يوم ٢٧ أيلول سنة ١٩٢١ م عند تشكيل وزارة عبد الرحمن النقيب الثانية ، وكان أحد رجالات الثورة العراقية. له مؤلّفات قيّمة , منها: نهضة الحسين ، الهيئة والإسلام ، جبل قاف ، الدلائل والمسائل ، ما هو نهج البلاغة ؟ =

١٣٤

نسبة لمصاهرته بأسرة السادة آل الشهرستاني. وكان جدّه الأعلى الأمير السيد علي الكبير من جهابذة أعلام عصره ، تتلمذ على الشيخ آقا باقر البهبهاني ( المؤسس الوحيد ) ، والشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق ، والسيد نصر الله الفائزي الحائري مدرّس الطفّ.

وإنّ الذي هاجر إلى كربلاء واستوطنها في القرن الثاني عشر الهجري هو السيد منصور والد الأمير السيد علي الكبير ، ومن ذرّيته السيد حسين بن محسن بن مرتضى ابن الأمير السيد علي الكبير ( ١٢٤٦ - ١٣١٩ ) ، كان عالماً تقيّاً ورعاً ، وهو والد العلّامة السيد محمّد علي هبة الدين الحسيني.

آل البحراني

اُسرة علمية ذات شرف باذخ ومجد شامخ ، استوطنت كربلاء في مطلع القرن الثاني عشر الهجري ، تنتسب إلى الفقيه الكبير السيد عبد الله البلادي البحراني المدفون في بهبهان من ذرّيّة السيد إبراهيم المجاب بن محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ).

وأبرز أعلام(١) هذه السلالة في كربلاء السيد عبد الله ابن السيد محمّد البحراني المتوفّى بكربلاء سنة ١٢١٠ ه ، وهو اُستاذ الشيخ خلف بن عسكر الحائري ، ومنها السيد محسن ابن السيد عبد الله المذكور المولود بكربلاء سنة ١٢٠٤ ه , والمتوفى بها سنة ١٣٠٦ ه ، وهو صهر العلّامة الشيخ خلف بن عسكر الحائري ، ومنها السيد محمّد ابن السيد محسن المذكور المولود بكربلاء سنة ١٢٦٢ ه ،

____________________

= وغيرها ، كما وله مخطوطات كثيرة ، أصدر مجلة العلم في النجف عام ١٩١٠ م ، وهي أوّل مجلة عربية ظهرت في العراق ، توفي بالكاظميّة مساء يوم الإثنين ٢٧ شوال ١٣٨٦ ه - ٦ شباط ١٩٦٧ م. وأعقب عدّة أولاد , منهم المحامي السيد جواد الشهرستاني , وهو أديب فاضل ، وكاتب مطبوع ، ساهم في كثير من الحلبات الأدبيّة.

(١) راجع كتاب ( الفقيه الطاهر ) ( كربلاء ١٣٨٥ ه ) , وفيه عرض مسهب لأعلام اُسرة آل البحراني.

١٣٥

والمتوفّى بها يوم ١٢ ذي القعدة سنة ١٣٥٥ ه ، وأرّخ وفاته السيد ميرزا هادي الخراساني بقوله:

محمّدٌ زيد في الفردوس إكراما

به حاز غفراناً تأرّخ ( عاما )

١٣٥٥ ه

وأعقب ولده السيد محمّد طاهر , المولود بكربلاء سنة ١٣٠٢ ه والمتوفّى بها يوم ٦ صفر سنة ١٣٨٤ ه ، كان فاضلاً جليلاً ، له مكانته السامية في النفوس ، وقد أدركته يقيم الجماعة في المشهد الحسيني.

والعقب منه في أولاده الأربعة , وهم: السيد محمّد علي ، والسيد عماد الدين ، وهما يُقيمان الجماعة في الصحن الشريف الحسيني ، والسيد علاء ، والسيد محمّد باقر (حفظهم الله).

آل البهبهاني

بيت علم ومجد انحدر من سلالة الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ) ، استوطن كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري ، تسلسل منه أعلام أجلاّء , هم: السيد حسين(١) ابن السيد إبراهيم ابن السيد حسن ابن السيد زين العابدين البهبهاني الموسوي الحائري ، المقتول في المدينة المنوّرة سنة ١٣٠٠ ه.

كان من أعلام كربلاء المشاهير يقيم الجماعة في مسجده المعروف باسمه عند باب صحن العباس (عليه‌السلام ) ، وابنه السيد إبراهيم , المتوفّى في نيف وثلاثمئة وألف ، والسيد كاظم ابن السيد حسين المذكور , المتوفّى سنة ١٣٤٥ه ، والسيد صادق , المتوفّى سنة ١٣٣٣ ه ، والسيد محمّد علي , المتوفّى سنة ١٣٥٠ ه ، والسيد محمّد رضا ، والسيد مهدي ابن السيد كاظم البهبهاني وهو اليوم من أفاضل العلماء.

آل الحكيم

من الاُسر المعروفة في المجد والشرف ، استوطنت كربلاء في القرن الثاني

____________________

(١) الكرام البررة - للشيخ آقا بزرك الطهراني ١ / ٣٧٥.

١٣٦

عشر الهجري ، امتهنت الطبّ ، اشتهر منها السيد مهدي ابن السيد خليل ابن السيد إبراهيم بن محمود بن عبد العزيز بن عمران بن جعفر بن إدريس من سلالة السيد عبد الله ابن الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ) (كما في مشجرة نسبه التي أطلعنا عليها ).

كانت له خزانة كتب فيها طائفة حسنة من المخطوطات الطبيّة , وتوفي سنة ١٣١٨ ه ، وأعقب أربعة أولادهم: السيد أحمد ، والسيد حسين ، والسيد محمّد علي ، والسيد حسن الذي امتهن مهنة أبيه , ومن ذرّيّته اليوم الخطيب الفاضل الأديب السيد محمّد علي صدر الدين ابن السيد حسن ابن السيد مهدي المذكور صاحب مجلة ( رسالة الشرق) الكربلائيّة.

آل الخطيب

اُسرة عربية معروفة تنتسب إلى عشيرة جشعم(١) النازحة من الحجاز ، استوطنت كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري. لها من الآثار الأرض المعروفة بالخطيبية(٢) ، نبغ فيها: الشيخ محمّد ابن الحاج داود بن خليل بن حسين بن نصير , المولود سنة ١٣٠١ ه , والمتوفّى يوم ١٧ رجب سنة ١٣٨٠ ه.

كان فاضلاً جليلاً ، تتلمذ على الشيخ غلام حسين المرندي ، والسيد محمّد البحراني ، والشيخ جعفر الهر. وله تصانيف خطّية ومكتبة ومدرسة دينية انتقلت عمادتها بعد وفاته إلى نجله الشيخ عبد الحسين الخطيب.

ومن هذه الأسرة الدكتور حسن ابن الشيخ محمّد المذكور الذي يتولّى منصب القضاء في البصرة ، وله مؤلّفات مطبوعة , أهمها:

____________________

(١) العلّامة الخطيب - منشورات مدرسة الإمام الخطيب الدينية في كربلاء ( كربلاء ١٩٦٢ م ).

(٢) أوقفها نصير بن حارث بن زيد الخطيب على أولاده الذكور ، تقع في مقاطعة باب الطاق ، ومساحتها ٢٤ دونماً و٢١ أولك و٥٠ متراً بموجب القرار الابتدائي للتسوية المؤرخ ٥/ ٧ / ١٩٤٥ ، وأرضها أميرية موقوفة وقفاً غير صحيح ، وأشجارها ملك صرف ووقف صحيح ذوي.

١٣٧

١ - قانون الإصلاح الزراعي.

٢ - مقارنة قانون العمل العراقي بالقانون الفرنسي.

ومنها الدكتور محمّد سعيد ابن الشيخ محمّد المذكور ، والمحامي صادق ابن الشيخ محمّد المذكور ، والمحامي محمّد رضا ، وعلي نجلي الشيخ محمّد المذكور ، وآخرون غيرهم.

آل خير الدين

اُسرة علمية تبوّأت مكانة رفيعة الشأن بالعلم والفضل والأدب ، يرجع نسبها إلى الإمام موسى الكاظم (عليه‌السلام ) ، نبتت أرومتها في كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري.

ومن أعلام هذه السلالة السيد محمّد علي ابن السيد نوازش علي آل خير الدين الموسوي الهندي الحائري , ومنها السيد حسين(١) ابن السيد محمّد علي المذكور , المتوفّى يوم ٢٠ جمادى الثانية سنة ١٣٥٨ ه , ومنها السيد محمّد علي ابن السيد حسين ابن السيد محمّد علي المذكور ، وهو من مشاهير علماء كربلاء ، ولد في كربلاء يوم ٥ رمضان سنة ١٣١٣ ه - كما حدّثني نفسه - , ودرس الفقه والأصول على والده ، ثمّ سافر إلى النجف وأمضى فيها ثلاث سنوات درس فيها على يد السيد أبي الحسن الأصفهاني ، والشيخ ميرزا حسين النائيني ، والسيد آقا ضياء العراقي ، ثمّ عاد إلى مسقط رأسه واختصّ بالبحث والتدريس.

وكان إلى وقت قريب يُقيم الجماعة في صحن العباس ، وتوفي يوم ٢٦ ربيع الأول سنة ١٣٩٤ ه. كان فاضلاً جليلاً مصنّفاً , حسن الشعر ، [يملك] خزانة كتب ورثها عن آبائه.

وأعقب عدّة أولاد , هم: السيد محمّد الذي قام مقام والده في صلاة الجماعة ، والسيد حسن المحامي ، والسيد حسين ، والسيد رضا.

آل الرشتي

وهي من الاُسر العلميّة والأدبيّة الشهيرة ، يرجع استيطانها كربلاء إلى أوائل

____________________

(١) نقباء البشر في القرن الرابع عشر - للشيخ آقا بزرك الطهراني ٢ / ٦٣٢.

١٣٨

القرن الثالث عشر الهجري ، تسلسل منها أعلام ساهموا في بناء المجد العلمي ، وشاركوا في تدعيم الأدب الكربلائي.

ومن أبرز أعلامها السيد كاظم ابن السيد قاسم الحسيني الرشتي , المتوفّى سنة ١٢٥٩ه , وكان فاضلاً تقياً ، ومصنّفاً ماهراً ؛ ونظراً لبروزه ونبوغه في الإرشادات الدينية لقّب عقبة بآل الرشدي.

ومنها السيد حسن ابن السيد كاظم المذكور , كان فاضلاً أديباً ، رأيت تقريضه لكتاب ( شواهد الغيب ) ، وترك ولداً اسمه ( آقا بزرك ) توفّي بهمدان , ومنها السيد أحمد ابن السيد كاظم المذكور , كان عالماً أديباً يقيم الجماعة في محل والده في الصحن الشريف الحسيني ، وقُتل في حادثة معروفة عام ١٢٩٥ ه ، وله ديوان شعر مخطوط.

ومن شعره قوله مؤرّخاً وفاة السيد رضا الرفيعي سادن الروضة الحيدرية المقتول سنة ١٢٨٥ ه:

أما ترى الجنان قد زُخرفتْ

مذ حلَّ فيها خازنُ المرتضى

لذلكم رضوانُ مستبشراً

ناداه أرّخ ( مرحباً بالرضا )

١٢٨٥ ه

ومن تآليفه كتاب ( شواهد الغيب ) الذي فرغ من نسخه عصرية يوم الجمعة ثاني شهر ربيع الأول سنة ١٢٧٤ ه. وقد حذا حذوه نجله السيد قاسم الرشتي , المتوفّى في شهر ذي الحجة ١٣٦٠ ه عن عمر ٥٨ سنة ، وأعقب ثلاثة أولاد , هم: السيد محمّد مهدي ، والسيد أحمد وفي ، والسيد فيضي.

آل سلطان

إحدى الأسر العلميّة التي تنتسب إلى عشائر (زبيد) من فخذ يُقال له: (الأكرع)(١) . نزحت من الحلّة في القرن الثاني عشر الهجري على عهد جدّها الأعلى

____________________

(١) عشائر العراق - عباس العزاوي ٢ / ٤٨.

١٣٩

( سلطان ) ، وبرز فيها علماء أفاضل لهم شأن وسمعة ، ونالوا حظّاً وافراً من العلوم الروحية ، كان منهم:

١ - الحاج محمّد علي ابن الحاج حسن سلطان الحائري ، من أجلاّء حملة العلم والفضل ، وهو الذي تولّى غسل العلّامة الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق , المتوفّى سنة ١١٨٦ ه ، وله رسالة في الطهارة والصلاة ، شرحها ولده الشيخ حسن(١) .

٢ - الشيخ حسن ابن الحاج محمّد علي سلطان ، عالم متبحّر ورع ، كان مشهوراً بالتقوى ، معاصراً للشيخ خلف بن عسكر الزوربعي المتوفّى بطاعون سنة ١٢٤٦ ه ، وله شرح رسالة الطهارة والصلاة لوالده توجد في مكتبة العلّامة الشيخ محمّد حسين الأعلمي بكربلاء ، وقد عدّه المولى حسين المحيط في جوانب بعض مسائله من أعوان الشيخ أحمد الإحسائي كما عدّه الشيخ خلف المذكور(٢) .

٣ - الشيخ أحمد ابن الشيخ محمّد علي سلطان ، عالم فاضل جليل من أرباب الفضيلة ، وجد بخطّه كتاب ( أساس الأصول ) , تأليف العلّامة السيد دلدار علي النقوي , المتوفّى ١٢٣٥ ه , كتبه في ١٢١٤ ه(٣) . وقد وجدت ختمه في ورقة بيع دار في محلّة آل فائز مؤرّخة غرّة ذي القعدة سنة ١٢٥١ ه.

٤ - الشيخ خلف ابن الشيخ حسن ابن الشيخ محمّد علي سلطان ، كان من فقهاء عصره الأعلام ، استكتب لنفسه ( الذكرى ) للشهيد وذلك في سنة ١٢٢٧ ه ، وله عليها تعاليق تدلّ على علوّ كعبه في الفضل ، وكانت وفاته بعد هذا التاريخ(٤) .

____________________

(١) الكواكب المنتثرة - للشيخ آقا بزرك الطهراني ( مخطوط ) / ١٤٣.

(٢) الكرام البررة - للشيخ آقا بزرك الطهراني ١ / ٣٤٣.

(٣) المصدر السابق ١ / ٩٩.

(٤) المصدر السابق ٢ / ٤٩٩.

١٤٠