القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ٢

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 672

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 672
المشاهدات: 41698
تحميل: 5191


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41698 / تحميل: 5191
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 2

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

علم فستر وبطن فخبر، وملك فقهر، وعُصي فغفر، [وعُبد فشكر](١) وحكم فعدل [وتكرّم وتفضّل](٢) لم يزل ولن يزول، ليس كمثله شيء، وهو [قبل كلّ شيء، و](٣) بعد كلّ شيء، ربٌّ متعزّز بعزّته، متمكّن بقوّته، متقدّس بعلوّه، متكبّر بسموّه.

ليس يدركه بصر، ولم يحط به نظر، قويٌّ منيع، بصيرٌ سميع، رؤوف رحيم، عجز عن وصفه من يصفه(٤) وضلّ عن نعته من يعرفه(٥) قرب فبعد، وبعد فقرب، يجيب دعوة من يدعوه، ويرزقه ويحبوه(٦) ذو لطف خفيّ، وبطش(٧) قويّ، ورحمة موسعة، وعقوبة موجعة، رحمته جنّة عريضة مونقة(٨) ، وعقوبته جحيم ممدودة موبقة(٩) .

وشهدت ببعث محمّد رسوله وعبده وصفيّه، ونبيّه و نجيّه(١٠) وحبيبه وخليله، بعثه في خير عصر وحين فترة وكفر، رحمة لعبيده، ومنّة لمزيده، ختم به نبوّته، وشيَّد(١١) به حجَّته فوعظ ونصح وبلغ وكدح(١٢) ، رؤوف بكلّ مؤمن، رحيم [سخيٌّ] رضيٌّ وليٌّ زكيٌّ، عليه رحمة وتسليم، وبركة وتكريم، من ربّ غفور رحيم، قريب مجيب.

وصّيتكم معشر من حضرني بوصيّة ربّكم، وذكّرتكم بسنّة نبيّكم(١٣) فعليكم برهبة تسكن قلوبكم، وخشية تذري(١٤) دموعكم، وتقيّة تنجيكم قبل يوم يبليكم

____________________

(١ - ٣) من البحار.

(٤) في البحار: وصفه.

(٥) في البحار: عرفه.

(٦) يحبوه: يعطي عبده بلا مكافاة.

(٧) البَطْش: الأخذ بشدّة وعنف.

(٨) مونقة: حسنة، جميلة.

(٩) موبقة: مهلكة.

(١٠) ليس في البحار، وفي شرح النهج: نجيبه.

(١١) شيّد: أحكم.

(١٢) كدَح: سعى بجهد وتعب.

(١٣) سنّة نبيّكم: ما صدر منه صلى الله عليه وآله وسلم من قول وفعل.

(١٤) تذري: تسيل.

٢٤١

ويذهلكم(١) يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته، وخفّ وزن سيّئته، ولتكن مسألتكم وتملّقكم مسألة ذلّ وخضوع، وشكر وخشوع، بتوبة(٢) ونزوع(٣) وندم ورجوع.

وليغتنم كلّ مغتنم منكم صحّته قبل سقمه، وشيبته قبل هرمه(٤) وسعته قبل فقره، وفرغته قبل شغله، وحضره قبل سفره [قبل تكبّر وتهرّم وتسقم](٥) يملّه(٦) طبيبه، ويعرض عنه حبيبه، وينقطع عمره، ويتغيّر عقله.

ثمّ قيل: هو موعوك(٧) وجسمه منهوك(٨) ثمّ جُدَّ في نزع(٩) شديد، وحضره كلّ قريب وبعيد، فشخص بصره(١٠) وطمح نظره(١١) ورشح(١٢) جبينه، وعطف(١٣) عرينه(١٤) وسكن حنينه(١٥) وحزنته نفسه، وبكته عرسه(١٦) وحفر(١٧) رمسه(١٨) ويُتم منه ولده، وتفرّق عنه عدده، وقُسم جمعة(١٩) وذهب بصره وسمعه، ومدّد وجُرّد و

____________________

(١) ذَهَله:نسيه وغفل عنه.

(٢) في البحار: وتوبة.

(٣) النزوع: الكفّ عن الشيء.

(٤) قبل هرمه: بلوغه أقصى الكبر.

(٥) في البحار: وحياته قبل [موته، قبل] يهن ويهرم، ويمرض ويسقم.

(٦) يملّه: يضجر منه.

(٧) الموعوك: المحموم، الحمّى اشتدّت عليه.

(٨) المنهوك: المهزول الشديد.

(٩) نَزَع: أشرف على الموت.

(١٠) شخص بصره: فتح عينيه ولم يطرف بهما متأمّلاً أو منزعجاً.

(١١) طمح نظره: ارتفع ببصره.

(١٢) رشح: عرق.

(١٣) عطف: مال وانحنى، وفي البحار: خُطفت، أي: ضَمُرت.

(١٤) عرينه: أنفه.

(١٥) حنينه: صوته.

(١٦) عرسه: زوجته.

(١٧) في البحار: حضر.

(١٨) رمسه: قبره.

(١٩) جمعُه: ماجمعه من مال وعقار.

٢٤٢

عُرّي وغُسّل ونُشّف(١) .

وسُجّي(٢) وبُسط له وهُيّئ، ونُشر عليه كفنه، وشُدّ منه ذقنه(٣) وقُمّص وعُمّم ووُدّع وسُلّم وحُمّل فوق سرير، وصُلّى عليه بتكبير [بغير سجود وتعفير](٤) ونقل من دور مزخرفة، وقصور مشيّدة، وحجر [منضّدة، وفرش](٥) منجّدة(٦) .

وجُعل في ضريح ملحود(٧) وضيّق مرصود(٨) بلبن منضود(٩) مسقّف بجلمود(١٠) وهيل عليه حفره(١١) وحشى(١٢) عليه مدره، وتحقّق حضره(١٣) ونسي خبره، ورجع عنه وليّه وصفيّه، ونديمه ونسيبه.

وتبدّل به قرينه وحبيبه، فهو حشو قبر، ورهين قفر(١٤) يسعى بجسمه(١٥) دود قبره، ويسيل صديده(١٦) من منخره، يسحق برمّته(١٧) لحمه(١٨) وينشف دمه،

____________________

(١) نَشِفَ: جفّ.

(٢) سَجَّى الميّت: غطّاه.

(٣) الذقن: مجتمع اللحيين من أسفلهما.

(٤و ٥) من البحار.

(٦) منجّدة: مزيّنة.

(٧) ملحود: محفور، اللَحْد: الشقّ يكون في جانب القبر للميّت.

(٨) مرصود: مراقب.

(٩) منضود: ضمّ بعضه إلى بعض.

(١٠) بجلمود: بصخر.

(١١) في البحار: عفره.

(١٢) في بعض المصادر: حُثِيَ أي: صبّ عليه.

(١٣) في سائر المصادر: حَذَره أي: تحرّزه.

(١٤) قفر: مكان خلا من الناس والماء والكلأ، وفي البحار: رهين حشر.

(١٥) يسعى بجسمه: يمشي ويعدو على جسمه، وفي البحار: يدبّ في جسمه.

(١٦) صديده: القيح المختلط بدمه.

(١٧) برمّته: بجملة.

(١٨) في البحار: وتسحق تربته لحمه، وفي المصباح: يُسحق ثوبه ولحمه، وفي بعض المصادر:يسحق تربة لحمه.

٢٤٣

ويرمّ(١) عظمه، حتّى يوم حشره فنشره(٢) من قبره حين ينفخ في صور، ويدعى بحشر(٣) ونشور، فثمَّ بُعثرت قبور(٤) وحُصّلت سريرة صدور.

وجيء بكلّ نبيّ وصدّيق وشهيد، وتوحّد للفصل(٥) قدير، بعبده خبير بصير فكم من زفرة تغنيه(٦) [وحسرة تنضيه](٧) في موقف مهول(٨) ومشهد جليل بين يدي ملك عظيم، بكلّ صغيرة وكبيرة عليم، فحينئذ يُلجمُه عرقه، ويحصره(٩) قلقه.

[فعبرته] غير مرحومة، وصرخته غير مسموعة، وحجّته غير مقبولة، [وبرزت صحيفته، وتبيّنت جريرته، و](١٠) نظر في سوء عمله، وشهدت عليه عينه بنظره، ويده ببطشه، ورجله بخطوه، وفرجه بلمسه، وجلده بمسّه [ويهدّده منكر ونكير، وكشف له حيث يصير](١١) .

فسلسل جيده، وغلّت يده، وسيق فسحب(١٢) وحده، فورد جهنّم بكرب وشدّة(١٣) فظلَّ يعذّب في جحيم، ويسقى شربة من حميم، تشوي وجهه، وتسلخ

____________________

(١) يَرِمُّ: بُلي.

(٢) في البحار: فينشره، وفي المصباح: فيُنشَر.

(٣) في البحار وبعض المصادر: لحشر.

(٤) بعثرت قبور: انتثرت ونبشت.

(٥) الفصل: القضاء بين الحقّ والباطل.

(٦) في المصباح: تُضنيه، أي تهزله وتضعفه.

(٧) من المصباح وبعض المصادر، وليس في الأصل.

(٨) في البحار: مهيل.

(٩) في البحار: يخفره، وفي المصباح: يحفزه، أي يشتدّ به.

(١٠) من البحار: وفي الأصل: نشر صحيفته.

(١١) من البحار، وليس في الأصل.

(١٢) في البحار: يسحب.

(١٣) في البحار: بكره شديد.

٢٤٤

جلده، وتضربه زبنتية بمقمع من حديد، ويعود جلده بعد نضجه كجلد جديد، يستغيث فتعرض عنه خزنة جهنّم، ويستصرخ فيلبث حقبة بندم.

نعوذ بربّ قدير من شرّ كلّ مصير(١) ونسأله عفو من رضي عنه، ومغفرة من قبله، فهو وليُّ مسألتي، ومنجح طلبتي، فمن زُحزح(٢) عن تعذيب ربّه جُعل في جنّته بقربه(٣) وخُلّد في قصور مشيّدة، ومُلّك بحور عين وحفدة(٤) وطيف عليه بكؤوس(٥) وسكن حظيرة قدس، وتقلّب في نعيم، وسُقي من تسنيم وشرب من عين سلسبيل ومزج له بزنجبيل مختّم(٦) بمسك وعبير(٧) مستديم للملك(٨) مستشعر للسرور، يشرب من خمور في روض مغدق(٩) ليس يصدع من شربه، وليس ينزف [لبّه].

هذه منزلة من خشي ربّه، وحذّر نفسه معصيته، وتلك عقوبة من جحد مشيئته(١٠) وسوّلت له نفسه معصيته(١١) ، فهو قول فصل(١٢) وحكم عدل وخير(١٣)

____________________

(١) مصير: تحوّل من حالة إلى اُخرى.

(٢) زُحْزح: تباعد.

(٣) في الأصل: في جنّة بعزّته.

(٤) حفدة: جمع حافد، الأعوان والخدم.

(٥) كؤوس: جمع كأس، وهو إناء بما فيه من الشراب.

(٦) في البحار: مختوم.

(٧) في البحار وفي بعض المصادر: عنبر.

(٨) في المصباح: للحبور.

(٩) مغدق: مخصب.

(١٠) في البحار: من عصى مُنشئه.

(١١) في البحار: معصية مبدئه.

(١٢) قول فصل: حقّ ليس بباطل.

(١٣) خبر، خ.

٢٤٥

قصص قصّ، ووعظ [به] نصّ، تنزيل من حكيم حميد(١) نزل به روح قدس مبين على قلب نبيّ مهتد رشيد، صلّت عليه رسل سفرة مكرمون بررة.

عذت بربّ عليم رحيم كريم من شرّ كلّ عدوّ لعين رجيم، فليتضرّع متضرّعكم، وليبتهل مبتهلكم، وليستغفر كلّ مربوب منكم لي ولكم، حسبي ربّي وحده.(٢)

البيان : فصيلة الرجل: رهطه الأدنون، و«كدح»: سعى سعياً فيه تعب.

و«فرغته»: الواحدة من الفراغ، «سجّى» الميّت: بسط عليه ردائه.

و«زبنيته» على وزن عقربة: واحد الزبانية، وهم عند العرب الشّرط، سمّي بعض الملائكة به لدفعهم أهل النار إليها، وقيل: واحد الزبانية، زباني، قال بعضهم: زابن، وقيل: هو جمع لا واحد له، نحو: أبابيل وعباديد.

و«تسنيم»: عين في الجنّة، سمّي بذلك لأنّه يجري من فوق الغرف والقصور.

و«السلسبيل»: عين في الجنّة ليس ينزف ولايخمر كما يخمر شارب الخمر في الدنيا.

ثمّ ارتجل خطبه اُخرى خالية من النقط وهي على نسختين:

الاُولى : الحمد للَّه الملك المحمود، المالك الودود، مصوِّر كلّ مولود، ومآل(٣) كلّ مطرود، ساطح(٤) المهاد(٥) وموطد(٦) الأطواد(٧) ومرسل الأمطار،

____________________

(١) إلى هنا في البحار: ٣٤٢/٧٧ ح ٢٨.

(٢) المناقب: ٤٨/٢، الخرائج: ٧٤٠/٢ ح ٥٦، الصراط المستقيم: ٢٢٢/١، ورواها الكنجي الشافعي في كفاية الطالب: ٣٩٣، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ١٤٠/١٩ والفيروزآبادي في فضائل الخمسة: ٢٥٦/٢، والكفعمي في المصباح: ٩٦٨، والسيّد ميرجهاني رحمه الله في مصباح البلاغة: ٢٨/١.

(٣) مآل: ملجأ.

(٤) ساطح: باسط، يقال: سطح اللَّه الأرض، وفي القرآن المجيد:( وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) ، الغاشية: ٢٠.

(٥) المِهاد: الأرض المنخفضة.

(٦) وَطَده: ثبته وقوّاه.

(٧) الأطواد: الجبال.

٢٤٦

ومسهل الأوطار(١) عالم الأسرار ومدركها، ومدمّر الأملاك ومهلكها، ومكوّر الدهور(٢) ومكرّرها، ومورد الاُمور ومصدرها، عمّ سماحه(٣) وكمل ركامه(٤) وهمل(٥) وطاوع السؤال والأمل، وأوسع الرمل وأرمل.

أحمده حمداً ممدوداً، وأوحده كما وحّد الأوّاه(٦) وهو اللَّه لا إله للاُمم سواه ولا صادع(٧) لما عدّله وسوّاه، أرسل محمّداً علماً للإسلام، وإماماً للحكّام، مسدّدا ًللرعاء(٨) ومعطّل أحكام ودّ وسواع(٩) أعلم وعلم وحكم وأحكم، وأصّل الاُصول ومهد، وأكّد الموعود(١٠) وأوعد، أوصل اللَّه له الإكرام، وأودع روحه السلام، ورحم آله وأهله الكرام، ما لمع رائل(١١) وملع(١٢) دال، وطلع هلال وسمع أهلال.

إعملوا رعاكم اللَّه أصلح الأعمال، واسلكوا مسالك الحلال، واطرحوا الحرام ودعوه، واسمعوا أمر اللَّه وعوه، وصلوا الأرحام وراعوها، وعاصوا الأهواء

____________________

(١) الأوطار: الحاجات.

(٢) الأمور، خ، مكوّر الدهور، في القرآن المجيد:( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) ، الزمر:٥ أي أدخل هذا في هذا.

(٣) سماحه: جوده، عطاؤه.

(٤) الركام: ما اجتمع من الأشياء وتراكم بعضه فوق بعض، يقال: ركام من رمل وركام من سحاب.

(٥) همل: فاض وسال.

(٦) الأوّاه: كثير الدعاء والبكاء، وفي القرآن المجيد:( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) ، التوبة: ١١٤.

(٧) صَدَعَ الأمر: بيّنه وجهر به، وفي القرآن المجيد:( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ) . الحجر: ٩٤.

(٨) للرعام، خ.

(٩) وَدّ وسُواع: إسمان لصنمين، وفي القرآن العزيز:( وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا ) نوح: ٢٣.

(١٠) الموعود: يوم القيامة.

(١١) لمع رائل: لمع: ضرع الناقة، الرأل: ولد النعام.

(١٢) ملع دال: ملع الفصيل اُمّه، أي: رضعها، الدأل: ابن آوى، الذئب.

٢٤٧

واردعوها، وصاهروا أهل الصلاح والورع، وصارموا(١) رهط اللهو والطمع ومصاهركم(٢) أطهر الأحرار مولداً، وأسراهم سؤدداً، وأحلاهم مورداً.

وهاهو أمّكم(٣) وحلّ حرمكم، مملكاً عروسكم المكرمة، وماهر لها كما مهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اُمّ سلمة، وهو أكرم صهر أودع الأولاد، وملك ما أراد وما سها مملكه ولا وهم، ولا وكس(٤) ملاحمه(٥) ولا وصم(٦) سأل اللَّه(٧) لكم احماد(٨) وصاله ودوام إسعاده، وألهم كلا إصلاح حاله والإعداد لمآله ومعاده، وله الحمد السرمد والمدح لرسوله أحمد صلى الله عليه وآله وسلم.(٩)

البيان : الرائل: كواكب.

وفي القاموس: ملع من أملعت الناقة وامتلعت مرت مسرعة، وفيه: دال من دأل دألاً، وهو مشيه فيها ضعف أو عدد متقارب، أو مشى نشيط.

الثانية: في المناقب : روى الكلبي عن أبي صالح، وأبو جعفر بن بابويه، بإسناده عن الرضا عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام: أنّ أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ارتجل إلى خطبة اُخرى من غير النقط الّتي أوّلها:

الحمد للَّه أهل الحمد ومأواه، و [له] أوكد الحمد وأحلاه، وأسرع الحمد وأسراه وأطهر الحمد وأسماه، وأكرم الحمد وأولاه، إلى آخرها.

وقد أوردتهما في المخزون المكنون.(١٠)

أقول : لم يصل إلينا كتاب المخزون المكنون.

____________________

(١) صارموا: قاطعوا.

(٢) مصاهركم: المتزوّج منكم.

(٣) أمّكم: جاءكم.

(٤) وكس: نقض.

(٥) ملاحم: جمع ملحمة، وهي الوقعة العظيمة.

(٦) الوصم:العيب، والعار.

(٧) في الأصل: أسأل اللَّه.

(٨) احماد: الغاية ومبلغ الجهد.

(٩) فضائل آل الرسول عليهم السلام لمؤلّفه حسون الدلفي: ٦.

أقول: جمع هاتين الخطبتين الاُستاذ على محمّد على دخيّل في رسالة وفسّر لغاتها المشكلة، فراجع.

(١٠) المناقب: ٤٨/٢.

٢٤٨

العاشرة: روي عن الصادق عليه السلام أنّه ذكر أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: يابن مارد، من زار جدّي عارفاً بحقّه كتب اللَّه له بكلّ خطوة حجّة مقبولة وعمرة مبرورة.

يابن مارد، واللَّه، ما يطعم اللَّه النار قدماً تغبَّرت في زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام ماشياً كان أو راكباً.

يابن مارد، اكتب هذا الحديث بماء الذهب.(١)

الحادي عشر: في تفسير الإمام عليه السلام في تفسير قوله تعالى:( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّـهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) (٢) .

قال موسى بن جعفر صلوات اللَّه عليهما: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا اعتذر هؤلاء بما اعتذروا، تكرّم عليهم بأن قبل ظواهرهم ووكّل بواطنهم إلى ربّهم، لكنّ جبرئيل عليه السلام أتاه فقال:

يا محمّد، [إنّ] العليّ الأعلى يقرأ عليك(٣) السلام ويقول لك: أخرج هؤلاء المردة الّذين اتّصل بك عنهم في عليّ عليه السلام ونكثهم لبيعته وتوطينهم نفوسهم على مخالفتهم عليّاً ليظهر(٤) من العجائب ما أكرمه اللَّه به من طواعية(٥) الأرض والجبال والسماء له وسائر ما خلق اللَّه لما أوقفه موقفك وأقامه مقامك، ليعلموا أنّ وليّ اللَّه عليّاً عليه السلام غنيٌّ عنهم، وأنّه لايكفُّ عنهم انتقامه إلّا بأمر اللَّه الّذي له فيه وفيهم التدبير الّذي هو بالغه، والحكمة(٦) الّتي هو عامل بها، وممض لما يوجبها.

فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجماعة الّتي اتّصل به عنهم ما اتّصل في أمر عليّ عليه السلام والمواطاة على مخالفته بالخروج.

____________________

(١) فرحة الغري: ٧٥، عنه البحار: ٢٦٠/١٠٠ ح ١٠، والوسائل: ٢٩٤/١٠ ح٣.

(٢) البقرة: ١٠.

(٣) في البحار: يقرؤك.

(٤) في الأصل: أن يظهر.

(٥) في الأصل: طاعة.

(٦) في البحار: الّذي بالغه بالحكمة.

٢٤٩

فقال لعليّ عليه السلام - لمّا استقرّ عند سفح(١) بعض جبال المدينة -: يا عليّ، إنّ اللَّه عزّوجلّ أمر هؤلاء بنصرتك ومساعدتك، والمواظبة على خدمتك والجدّ في طاعتك، فإن أطاعوك فهو خير لهم، يصيرون في جنان اللَّه ملوكاً خالدين ناعمين وإن خالفوك فهو شرّ لهم، يصيرون في جهنّم خالدين معذّبين.

ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتلك الجماعة: اعلموا، أنّكم إن أطعتم عليّاً عليه السلام سعدتم وإن خالفتم(٢) شقيتم وأغناه اللَّه عنكم بمن سيريكموه وبما سيريكموه.

[ثمّ] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عليّ، سل ربّك بجاه محمّد وآله الطيّبين الّذين أنت بعد محمّد سيّدهم، أن يقلّب لك هذه الجبال ما شئت، فسأل ربّه تعالى ذلك فانقلبت فضّة، ثمّ نادته الجبال: يا عليّ، يا وصيّ رسول ربّ العالمين، إنّ اللَّه قد أعدّنا لك إن أردت إنفاقنا في أمرك، فمتى دعوتنا أجبناك لتمضي فينا حكمك(٣) وتنفذ فينا قضاءَك.

ثمّ انقلبت ذهباً أحمر كلّها، وقالت مقالة الفضّة، ثمّ انقلبت مسكاً وعنبراً وعبيراً وجواهر ويواقيت، وكلّ شيء منها ينقلب إليه يناديه: يا أباالحسن يا أخا رسول اللَّه، نحن مسخّرات لك، اُدعنا متى شئت [لتنفقنا فيما شئت نجبك ونتحوّل لك إلى شئت.

ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أرأيتم قد أغنى اللَّه عزّوجلّ عليّاً - بما ترون - عن أموالكم؟]

ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [يا عليّ،] سل اللَّه عزّوجلّ بمحمّد وآله الطيّبين الّذين أنت سيّدهم بعد محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقلّب لك أشجارها رجالاً شاكين

____________________

(١) في البحار: صفح.

(٢) في المصدر: خالفتموه.

(٣) في الأصل: أمرك.

٢٥٠

السلاح(١) وصخورها اُسوداً ونموراً وأفاعي.

فدعا اللَّه عليّ عليه السلام بذلك، فامتلأت تلك الجبال [والأرضون](٢) والهضبات(٣) وقرار الأرض من الرجال الشاكين السلاح الّذين [لا] يفي واحد منهم عشرة آلاف من الناس المعهودين ومن الاُسود والنمور والأفاعي حتّى طبقت تلك الجبال والأرضون والهضبات بذلك كلّ ينادي:

يا عليّ يا وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ها نحن سخّرنا اللَّه لك، وأمرنا بإجابتك كلّما دعوتنا إلى اصطلام كلّ من سلّطتنا عليه، فمتى شئت فادعنا نجبك، وبما شئت فأْمرنا به نطعك.(٤)

يا عليّ يا وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إنّ لك عنداللَّه من الشأن العظيم ما لو سألت اللَّه أن يصيّر لك أطراف الأرض وجوانبها هيئة واحدة كصرّة كيس(٥) لفعل، أو يحطّلك السماء إلى الأرض لفعل، أو ينقل(٦) لك الأرض إلى السماء لفعل، أو يقلّب لك ما في بحارها الاُجاج ماء عذباً أو زئبقاً أو باناً، أو ما شئت من أنواع الأشربة والأدهان لفعل.

ولو شئت أن يجمّد البحار، أو يجعل سائر الأرض مثل البحار لفعل، فلا يحزنك تمرّد هؤلاء المتمرّدين، وخلاف هؤلاء المخالفين فكأنّهم بالدنيا قد انقضت عنهم كأن لم يكونوا فيها، وكأنّهم بالآخرة إذا وردت عليهم كأن لم يزالوا فيها.

____________________

(١) في المصدر: شاكي الأسلحة، وفي البحار: شاكين الأسلحة.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: الهضاب، وكذا ما بعده.

(٤) في الأصل: وتأمرنا به نطيعك.

(٥) في نسخة من المصدر: كصورة كبش، كضوة كيس. خ ل.

(٦) في المصدر والبحار: يرفع.

٢٥١

يا عليّ، إنّ [الّذي] أمهلهم مع كفرهم وفسقهم في تمرّدهم(١) عن طاعتك هو الّذي أمهل فرعون ذا الأوتاد، ونمرود بن كنعان، ومن ادّعى الإلهيّة من ذوي الطغيان، وأطغى الطغاة إبليس رأس الضلالات، ما خلقت أنت وهم لدار الفناء، بل خلقتم لدار البقاء ولكنّكم تنقلون من دار إلى دار، ولا حاجة بربّك إلى من يسوسهم ويرعاهم، [و] لكنّه أراد تشريفك عليهم، وإبانتك بالفضل فيهم، ولو شاء لهداهم.

قال: فمرضت قلوب القوم لمّا شاهدوا من ذلك(٢) مضافاً إلى ما كان من مرض أجسامهم(٣) له ولعليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال اللَّه عند ذلك:( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) أي قلوب هؤلاء المتمرّدين الشاكّين الناكثين لما اُخذت عليهم من بيعة عليّ عليه السلام( فَزَادَهُمُ اللَّـهُ مَرَضًا ) بحيث تاهت له قلوبهم جزاء بما أريتهم من هذه الآيات والمعجزات( وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) [محمّداً ويكذبون] فى قولهم: إنّا على البيعة والعهد مقيمون.(٤)

الثاني عشر: يروي السيّد نعمة اللَّه قدس سره في الأنوار : قال عليه السلام لشيعته: إذا أتتني صحيفة سيّئاتكم فلتكن صحيفة قابلة للإصلاح يعني أن يكون كالكتاب الّذي فيه غلط لا أن يكون كلّه غلطاً، فإنّه لايقبل الإصلاح.

____________________

(١) في الأصل: وفسوقهم وتمرّدهم.

(٢) في المصدر: لما شاهدوه من ذلك.

(٣) في بعض نسخ المصدر: حسدهم.

(٤) تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ١١٤ ح ٦٠، عنه البحار: ١٤٤/٣٧ ضمن ح ٣٦، والبرهان: ٦٠/١ح١، ومدينة المعاجز: ٤٣٤/١ ح ٢٩٤.

٢٥٢

الثالث عشر: الشيخ الطوسي قدس سره في أماليه : عن جماعة، عن أبي المفضّل عن جعفر بن محمّد الموسوي، عن عبيداللَّه بن أحمد بن نهيك، عن عبداللَّه بن جبلّة، عن حميد بن شعيب الهمداني، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال:لمّا احتضر أميرالمؤمنين عليه السلام جمع بنيه حسناً وحسيناً عليهما السلام وابن الحنفيّة والأصاغر من ولده فوصّاهم، وكان في آخر وصيّته: يا بنيَّ، عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنّوا إليكم وإن فقدتم بكوا عليكم، الخبر.(١)

الرابع عشر: في فضائل ابن شاذان قدس سره والروضة : بالإسناد عن الأصبغ قال: قال لي أميرالمؤمنين عليه السلام - في الضربة الّتي كانت وفاته فيها -: اقعد فما أراك تسمع منّي حديثاً بعد يومك هذا، إعلم يا أصبغ، إنّي أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عائداً كما جئت الساعة، فقال: يا أباالحسن، اخرج فناد في الناس: الصلاة جامعة واصعد المنبر، وقم دون مقامي بمرقاة، وقل للناس:

ألا من عقّ والديه فلعنة اللَّه عليه، ألا من أبق من مواليه فلعنة اللَّه عليه، ألا من ظلم أجيراً اُجرته فلعنه اللَّه عليه.

يا أصبغ، ففعلت ما أمرني به حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فقام من أقصى المسجد رجل فقال: يا أباالحسن، تكلّمت بثلاث كلمات وأوجزتهنّ فاشرحهنّ لنا، فلم أردّ جواباً حتّى أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت ما كان من الرجل.

قال الأصبغ: ثمّ أخذ بيدي عليه السلام وقال: يا أصبغ، أبسط يدك، فبسطت يدي فتناول إصبعاً من أصابع يدي، وقال: يا أصبغ، كذا تناول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إصبعاً من أصابع يدي، كما تناولت إصبعاً من أصابع يدك.

____________________

(١) أمالي الطوسي: ٥٩٥ ح٦ المجلس السادس والعشرون، عنه البحار: ٢٤٧/٤٢ ح ٥٠و١٦٣/٧٤ ح ٢٦.

٢٥٣

ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا أباالحسن، ألا وإنّي وأنت أبوا هذه الاُمّة فمن عقّنا فلعنة اللَّه عليه، ألا وإنّي وأنت موليا هذه الاُمّة فعلى من أبق عنّا لعنة اللَّه، ألا وإنّي وأنت أجيرا هذه الاُمّة، فمن ظلمنا اُجرتنا فلعنة اللَّه عليه، ثمّ قال: آمين.

قال الأصبغ: ثمّ اُغمي عليه، ثمّ أفاق فقال لي: أقاعد أنت يا أصبغ؟ قلت: نعم يا مولاي، قال: أزيدك حديثاً آخر؟ قلت: نعم، زادك اللَّه من مزيدات الخير.

قال عليه السلام: يا أصبغ، لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض طرقات المدينة وأنا مغموم قد تبيّن الغمّ في وجهي، فقال لي: يا أباالحسن، أراك مغموماً، ألا اُحدّثك بحديث لاتغتمّ بعده أبداً؟ قلت: نعم.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نصب اللَّه منبراً يعلو منابر النبيّين والشهداء، ثمّ يأمرني اللَّه أصعد فوقه، ثمّ يأمرك اللَّه أن تصعد دوني بمرقاة، ثمّ يأمر اللَّه ملكين فيجلسان دونك بمرقاة، فإذا استقللنا على المنبر لايبقى أحد من الأوّلين والآخرين إلّا حضر، فينادي الملك الّذي دونك بمرقاة:

معاشر الناس، ألا من عرفنى فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا اُعرّفه بنفسي أنا رضوان خازن الجنان، ألا إنّ اللَّه بمنّه وكرمه وفضله وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنّة إلى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وإنّ محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم [قد] أمرني أن أدفعها إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فاشهدوا لي عليه.

ثمّ يقوم ذلك الّذي تحت ذلك الملك بمرقاة منادياً يسمع أهل الموقف:

معاشر الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا اُعرّفه بنفسي، أنا مالك خازن النيران، ألا إنّ اللَّه بمنّه وفضله وكرمه وجلاله قد أمرني أن أدفع مفاتيح النار إلى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأنّ محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم قد أمرني أن أدفعها إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فاشهدوا لي عليه، فأخذ مفاتيح الجنان والنيران.

ثمّ قال: يا عليّ، فتأخذ بحجزتي، وأهل بيتك يأخذون بحجزتك، وشيعتك

٢٥٤

يأخذون بحجزة أهل بيتك.

قال: فصفقت بكلتا يديّ، وإلى الجنّة يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: إي وربّ الكعبة.

[قال الأصبغ: فلم أسمع من مولاي غير هذين الحديثين، ثمّ توفّي صلوات اللَّه عليه](١) .(٢)

الخامس عشر: روى البرسي رحمه الله: وروي عن الحسن بن عليّ عليهما السلام أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال للحسن والحسين عليهما السلام: إذا وضعتماني في الضريح فصلّيا ركعتين قبل أن تهيلا(٣) عليَّ التراب، وانظرا ما يكون.

فلمّا وضعاه في الضريح المقدّس فعلا ما اُمرا به ونظرا، وإذا الضريح مغطّى بثوب من سندس، فكشف الحسن عليه السلام ممّا يلي وجه أميرالمؤمنين عليه السلام فوجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآدم عليه السلام وإبراهيم عليه السلام يتحدّثون مع أميرالمؤمنين عليه السلام وكشف الحسين عليه السلام ممّا يلي رجليه، فوجد الزهراء وحوّا ومريم وآسية عليهنّ السلام ينحن على أميرالمؤمنين عليه السلام ويندبنه.(٤)

أقول : ولا غرو في ذلك بعد ورود الأخبار الكثيرة الدالّة على ظهورهم بعد موتهم في أجسادهم المثاليّة.

السادس عشر: في إثبات الوصيّة للمسعودي قدس سره : روي أنّ ابن عبّاس قال -

____________________

(١) من البحار.

(٢) الروضة: ٢٢ و٢٣، عنه البحار: ٤٤/٤٠ ح ٨٢، وأورد الشيخ في أماليه: ١٢٣ ح٤ المجلس الخامس، والمفيد أيضاً في أماليه: ٣٥١ ح٣ (نحوه)، عنهما البحار: ٢٠٤/٤٢ ح ٨.

(٣) تهيلا: تصبّا.

(٤) البحار: ٣٠١/٤٢.

٢٥٥

في صبيحة اليوم الّذي قتل فيه أميرالمؤمنين عليه السلام -: إنّي رأيت البارحة في منامي كأنّ جبل أبي قبيس قد انهدّ وتقطّع وسقط حوالي الكعبة وأظلمت الكعبة ومكّة وما حولهما من غبار الجبل، حتّى لم ير الناس بعضهم بعضاً.

قال: فقلت: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، ما أخوفني أن يكون ذلك لشيء قد نال أميرالمؤمنين عليه السلام قال: فورد الخبر بقتله في تلك الليلة الّتي رأيت فيها هذه الرؤيا.(١)

____________________

(١) إثبات الوصيّة:١٥٣.

٢٥٦

الباب الثالث:

في ذكر قطرة من بحر مناقب

رضيعة الوحي والتنزيل وفاطمة العلم

والشرف الجليل اُمّ الأئمّة الطاهرين

سيّدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء

عليها صلوات المصلّين

٨٩٠/١ - روى جابر بن عبداللَّه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّما سمّاها فاطمة الزهراء لأنّ اللَّه عزّوجلّ خلقها من [نور] عظمته، فلمّا أشرقت أضاءت السماوات والأرض بضوء نورها، وغشيت أبصار الملائكة وخرّت الملائكة للّه ساجدين، وقالوا: إلهنا وسيّدنا ما هذا النور؟

فأوحى اللَّه إليهم: هذا نور من نوري، أسكنته في سمائي، وخلقته من عظمتي، اُخرجه من صلب نبيّ من أنبيائي، اُفضّله على جميع الأنبياء، واُخرج من ذلك النور أمّة يقومون بأمري [ويهدون إليّ خلقي، وأجعلهم خلفاء في

٢٥٧

أرضي].(١)(٢)

أقول : ورواه في كتاب مصباح الأنوار، وفيه: أئمّة.

٨٩١/٢ - قدر المهر ، روى المنهال [بن عمرو]، عن [أبي] ذرّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ضجّت الملائكة إلى اللَّه فقالوا: إلهنا وسيّدنا، أعلمنا ما مهر فاطمة عليها السلام(٣) لنعلم ونتبيّن أنّها أكرم الخلق عليك.

فأوحى اللَّه [تعالى] إليهم: ملائكتي وسكّان سماواتي، اُشهدكم أنّ مهر فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم نصف الدنيا.(٤)

٨٩٢/٣ - في كتاب الألفين للعلاّمة قدس سره : عن يزيد بن عبدالملك النوفلي، عن أبيه، عن جدّه قال(٥) : دخلت على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبدأتني بالسلام، ثمّ قالت: [ما غدابك؟ قلت: طلب البركة، قالت: أخبرني] أبي وهو ذا: من سلّم عليه وعليّ ثلاثة أيّام [أوجب اللَّه له](٦) الجنّة.

قال: قلت لها: في حياته وحياتك أو بعد موته وموتك؟ قالت: في حياتنا، وبعد موتنا.(٧)

٨٩٣/٤ - في مصباح الأنوار في فضائل إمام الأبرار : عن أبي عبداللَّه جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ فاطمة عليها السلام لتشفع يوم القيامة فيمن أحبّها وتولّاهم وأحبّ ذرّيّتها وتولّاهم ويشفعها اللَّه فيهم ويدخلهم الجنّة

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في البحار: يهدون إلى حقّي، وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي.

(٢) مصباح الأنوار: ٢٢٣ (مخطوط)، علل الشرائع: ١٧٩/١، عنهماالبحار: ١٢/٤٣ ح٥.

(٣) في بعض نسخ المصدر وفي الأصل: مهرها.

(٤) دلائل الإمامة: ٩١ ح ٢٥، نوادر المعجزات: ٩٠ ح٩.

(٥) في الأصل: قال علي عليه السلام.

(٦) في الأصل: فله الجنّة.

(٧) المناقب: ٣٦٥/٣ مع إختلاف في الألفاظ، عنه البحار: ١٨٥/٤٣ ضمن ح ١٧، التهذيب: ٩/٦ح ١١، عنه البحار: ١٩٤/١٠٠ ح ٩، والوسائل: ٢٨٧/١٠ ح١، مزار المفيد: ١٥٤ ح٦.

٢٥٨

بشفاعتها.(١)

يقول المؤلّف : نقلت الحديث من نسخة خطّية عتيقة، لعلّها كتبت منذ ثلاثمائة سنة أو أزيد.

٨٩٤/٥ - وفيه : عن أبي جعفر عليه السلام قال: لمّا ولدت فاطمة بنت محمّد عليهما السلام أوحى اللَّه تبارك وتعالى إلى ملك فانطلق(٢) لسان محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فسمّاها فاطمة، ثمّ قال:إنّي فطمتك بالعلم، وفطمتك عن الطمث.

ثمّ قال أبوجعفر عليه السلام: واللَّه، لقد فطمها اللَّه تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث [بالميثاق].(٣)

٨٩٥/٦ - وفيه: عن أميرالمؤمنين عليه السلام عن فاطمة عليها السلام قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا فاطمة، من صلّى عليك غفر اللَّه له، وألحقه بي حيث كنت من الجنّة.(٤)

٨٩٦/٧ - وفيه : نقلت من الجزء الأوّل من كتاب الفردوس لابن شيرويه في باب الألف بالإسناد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

أوّل شخص يدخل الجنّة فاطمة عليها السلام، مثلها في هذه الاُمّة مثل مريم بنت عمران في بني إسرائيل.(٥)

____________________

(١) مصباح الأنوار: (مخطوط) وفي حديث آخر تقول فاطمة عليها السلام: إلهي وسيّدي ذرّيّتي وشيعتي، وشيعة ذرّيّتي، ومحبّي ومحبّ ذرّيّتي فإذا النداء من قبل اللَّه جلّ جلاله: أين ذرّيّة فاطمة وشيعتها؟ والحديث طويل... راجع البحار: ٢١٩/٤٣ ح ١.

(٢) في الكافي: فأنطق به.

(٣) مصباح الأنوار: ٢٢٧ (مخطوط)، الكافي: ٤٦٠/١ ح٤، علل الشرائع: ١٧٩ ح٤، عنه البحار:١٣/٤٣ ح ٩.

(٤) مصباح الأنوار: ٢٢٨ (مخطوط)، عنه البحار: ١٩٤/١٠٠ ح ١٠، والمستدرك: ٢١١/١٠ ح٢.

(٥) فردوس الديلمي: ٦٩/١ ح ٨٣، عنه البحار: ٧٠/٣٧ س١، الفصول المهمّة: ١٢٧، مصباح الأنوار: ٢٣٠ (مخطوط)، المناقب: ١١٠/٣.

٢٥٩

٨٩٧/٨ - فيه : عن عبداللَّه بن الحسن، عن أبيه، عن جدّه عليه السلام: أنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا احتضرت نظرت نظراً حادّاً ثمّ قالت:

السلام على جبرئيل، السلام على رسول اللَّه، اللهمّ مع رسولك، اللهمّ في رضوانك وجوارك ودارك دارالسلام.

ثمّ قالت:أترون ما أرى؟ فقيل لها: ما ترى؟ قالت: هذه مواكب أهل السماوات، وهذا جبرئيل وهذا رسول اللَّه، ويقول: يا بنيّة، أقدمي فما أمامك خير لك.(١)

٨٩٨/٩ - وفيه : عن زيد بن عليّ عليه السلام: أنّ فاطمة لمّا احتضرت سلّمت على جبرئيل وعلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسلّمت على ملك الموت، وسمعوا حسَّ الملائكة، ووجدوا رائحة طيّبة كأطيب ما يكون من الطيب.(٢)

٨٩٩/١٠ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى : بأسانيده المفصّلة عن أبي عبداللَّه عليه السلام، عن أبيه، عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- في حديث طويل -: إنّ اللَّه قد وكّل بفاطمة عليها السلام رعيلاً من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن يسارها(٣) وهم معها في حياتها وعند قبرها بعد موتها، يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.

فمن زارني بعد وفاتي فكأنّما زارني في حياتي، ومن زار فاطمة عليها السلام فكأنّما زارني، ومن زار عليّ بن أبي طالب عليه السلام فكأنّما زار فاطمة عليها السلام، ومن زار الحسن والحسين عليهما السلام فكأنّما زار عليّاً عليه السلام ومن زار ذرّيّتهما فكأنّما زارهما.(٤)

٩٠٠/١١ - وفيه: قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرضا عليه السلام قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ عليهم السلام

____________________

(١) مصباح الأنوار: ٢٦١ (مخطوط)، عنه البحار: ٢٠٠/٤٣ ضمن ح ٣٠.

(٢) مصباح الأنوار: ٢٦٢ (مخطوط)، عنه البحار: ٢٠٠/٤٣ ضمن ح ٣٠.

(٣) في المصدر: شمالها.

(٤) بشارة المصطفى: ١٣٩، عنه البحار: ١٢٢/١٠٠ ح ٢٨.

٢٦٠