القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ٢

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 672

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 672
المشاهدات: 41710
تحميل: 5191


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41710 / تحميل: 5191
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 2

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

[خاتمة الباب]

ثمّ إنّي أختم الباب بما ذكره آية الله الشيخ جعفر التستري حيث عدَّ له صلوات الله عليه خمسين خصلة، ونحن نذكر عدّة منها، مع ما نذكر مضافاً إليها ما ورد من الآسرار والثواب لزيارته صلوات الله عليه.

منها: قال رحمه الله: إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قد ضمن أن يزور من زاره يوم القيامة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ضمنت على الله وحقّ عليّ أن أزور من زاره فآخذ بعضده فاُنجيه من أهوال القيامة وشدائده حتّى اُصيره في الجنّة».(١)

ومنها: قال رحمه الله: روي عنه عليه السلام أنّه قال بعد قوله: «من زارني [فى حياته](٢) زرته بعد وفاته... وإن وجدته في النار أخرجته»(٣) ثمّ قال رحمه الله: فهذا آخر حالة للزائرين(٤) وأعظمهم ذنباً.(٥)

ومنها : إنّ الله خلق مكّة واتّخذها حرماً قبل دخول الأرض، ولكن قد ورد في كربلا عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قال:

اتّخذ الله أرض كربلا حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وأنّه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض

____________________

(١) الخصائص الحسينيّة: ١٥٩، مع إختلاف يسير، البحار: ١٢٣/١٠٠ ح ٣٠ (نحوه).

(٢) من البحار.

(٣) البحار: ١٦/١٠١ ح ١٩.

(٤) في الخصائص: فهذا آخر حالة خلاص لأدنى الزائرين.

(٥) الخصائص الحسينيّة: ١٦٥.

٣٢١

وسيّرها رفعت، كما هي بتربتها نورانيّة صافية.

فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنّة، وأفضل مسكن في الجنّة لايسكنها إلّا النبيّون والمرسلون - أو قال: أولوا العزم من الرسل - فإنّها(١) لتزهر بين رياض الجنّة كما يزهر الكواكب الدرّي بين الكواكب لأهل الأرض، يغشى نورها أبصار أهل الجنّة جميعاً، وهي تنادي:

أنا أرض الله المقدّسة الطيّبة المباركة الّتي تضمّنت سيّدالشهداء وسيّد شباب أهل الجنّة.(٢)

ومنها : إنّ مكّة قد تكلّمت وتفاخرت بكرامة الله لها فقالت: من مثلي وقد بني بيت الله على ظهري [و] يأتيني الناس من كلّ فجّ عميق [وجعلت حرم الله وأمنه]، [ولكربلاء فضل [على] ذلك أنّها لمّا تفاخرت](٣) أوحى الله إليها: أن كفّي وقرّي عيناً ما فضل، ما فضّلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلّا بمنزلة الأبرة غمست(٤) في البحر فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضّلتك، ولولا من تضمّنته أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الّذي به افتخرت، فقرّي واستقرّي وكوني دنيّاً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولامستكبر لأرض كربلاء وإلّا سُخت بك(٥) وهويت بك في نارجهنّم.(٦)

ومنها : جعله مقناطيس الأفئدة تجذب القلوب إليه من المواضع البعيدة،

____________________

(١) في الكامل والخصائص: وإنّها

(٢) كامل الزيارات: ٤٥١ ح٥، عنه البحار: ١٠٨/١٠١ح ١٠، الخصائص الحسينيّة: ٢٤٠.

(٣) ليس في الكامل والبحار.

(٤) في البحار: غرست.

(٥) سُخت بك: خسفت بك.

(٦) كامل الزيارات: ٤٤٩ ح٢، عنه البحار: ١٠٦/١٠١ح٣، مع إختلاف في الألفاظ، الخصائص الحسينيّة:٢٤٠.

٣٢٢

فالقلوب مشتاقة إليه وإلى أهله لقوله:( فَاجْعَلْ أَفْئِدَهً مِنَ الناسِ تَهْوى إلَيْهِم ) (١) والحسين عليه السلام مقناطيس قلوب الشيعة، فترى لقلوبهم ميلاً مخصوصاً به عليه السلام، بل ممتازاً عن محبّة غيره من الأئمّة عليهم السلام وهذا أمر وجداني.(٢)

أقول : وها أنا أذكر أيضاً عدّة من الأسرار الواردة في حقّه صلوات الله عليه:

ومنها : ما روى ابن قولويه في الكامل بأسانيده المفصّلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان الحسين بن عليّ عليهما السلام ذات يوم في حجر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم [يلاعبه] ويضاحكه فقالت عائشة: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أشدّ إعجابك بهذا الصبيّ؟!

فقال لها: ويلك وكيف لا اُحبّه ولا اُعجب به، وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني؟ أما إنّ اُمّتي ستقتله، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجّة من حججي.

قالت: يا رسول الله، حجّة من حججك؟ قال: نعم، [و](٣) حجّتين من حججي. قالت: يا رسول الله، حجّتين من حججك؟ قال: نعم، وأربعة.

قال: ولم تزل(٤) تزاده ويزيد ويضعّف حتّى بلغ تسعين حجّة من حجج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأعمارها.(٥)

ومنها : ما روى هو قدس سره أيضاً عن الصادق عليه السلام أنّه قال للمفضّل أو لجابر - كما في المزار الكبير ومزار ابن طاووس قدس سره -: كم بينك وبين قبر الحسين عليه السلام؟

[قال:] قلت: بأبي أنت واُمّي، يوم وبعض يوم آخر. قال: فتزوره؟ فقال: نعم.

قال: فقال: ألا اُبشّرك ألا اُفرّحك ببعض ثوابه؟ قلت: بلى جعلت فداك.

____________________

(١) إبراهيم: ٣٧.

(٢) الخصائص الحسينيّة: ٢٢٨.

(٣) ليس في الكامل.

(٤) في الكامل والبحار: فلم تزل.

(٥) كامل الزيارات: ١٤٣ ح١، عنه البحار: ٢٦٠/٤٤ ح١٠١.

٣٢٣

قال: فقال [لي]: إنّ الرجل منكم ليأخذ في جهازه ويتهيّأ لزيارته فيتباشر به أهل السماء، فإذا خرج من باب منزله راكباً أو ماشياً وكّل الله به ألف آلاف(١) ملك من الملائكة يصلّون عليه حتّى يوافي قبر الحسين عليه السلام.

يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن عليّ عليهما السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات، فإنّ لك بكلّ كلمة كفلاً من رحمة الله - ثمّ ذكر الكلمات إلى آخرها - [ثمّ تسعي فلك بكلّ قدم رفعتها أووضعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله فإذا سلّمت على القبر فالتمسه بيدك وقل:

السلام عليك يا حجّة الله في سمائه وأرضه].

ثمّ تمضي إلى صلاتك(٢) ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، واعتق ألف رقبه، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل.

فإذا انقلبت من عند قبر الحسين عليه السلام ناداك مناد ولو سمعت مقالته لأقمت عمرك عند قبر الحسين عليه السلام، وهو يقول: طوبى لك أيّها العبد قد غنمت وسلّمت، [و] قد غفر لك ما سلف، فاستأنف العمل.

فإن هو مات من عامه أو في ليلته أو يومه لم يل قبض روحه إلّا الله، وتقبل الملائكة معه، ويستغفرون له ويصلّون عليه حتّى يوافي منزله، وتقول الملائكة: يا ربّ، هذا عبدك [و] قد وافى قبر ابن نبيّك صلى الله عليه وآله وسلم وقد وافي منزله فأين نذهب؟

فيناديهم النداء من السماء: يا ملائكتي، قفوا بباب عبدي، فسبّحوا وقدّسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم يتوفّى.

قال: فلا يزالون ببابه إلى يوم يتوفّى، يسبّحون الله ويقدّسونه ويكتبون ذلك في حسناته، فإذا توفّي شهدوا جنازته وكفنه وغسله والصلاة عليه، ويقولون: ربّنا وكّلتنا بباب عبدك وقد توفّي فأين نذهب؟

____________________

(١) في الكامل والبحار: أربعة آلاف.

(٢) في الكامل: صلواتك.

٣٢٤

فيناديهم: يا ملائكتي، قفوا بقبر عبدي فسبّحوا وقدّسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم القيامة.(١)

والكلمات هي الزيارة العاشرة المذكورة في التحفة للمجلسي رحمه الله.

ومنها : ما روى اُستاذ شيخي في المستدرك، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن أورمة، عن أبي عبد الله المؤمن، عن عبد الله بن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:

إنّ للَّه في كلّ يوم وليلة مائة ألف لحظة إلى الأرض يغفر لمن يشاء منه ويعذّب من يشاء منه، ويغفر لزائري قبر الحسين بن عليّ عليهما السلام خاصّة ولأهل بيتهم ولمن يشفع له يوم القيامة كائناً من كان.

[قال:](٢) قلت: و إن كان رجلاً قد استوجب(٣) النار؟ قال: وإن كان، ما لم يكن ناصباً(٤) .(٥)

ومنها : ما رواه أيضاً فيه: عن حكيم بن داود، عن سلمة، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عمّن ذكره، عن داود بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

إنّ فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم تحضر زوّار(٦) قبر إبنها الحسين عليه السلام فتستغفر لهم [ذنوبهم].(٧)

____________________

(١) كامل الزيارات: ٣٧٤ ح٥، عنه البحار: ١٦٣/١٠١ح٨، مصباح الزائر: ٢٥٢، عنه البحار: ٢٢٩/١٠١ ح٣٦.

(٢) ليس في الكامل والبحار.

(٣) في الكامل: قد استوجبه.

(٤) في الكامل والبحار: ناصبيّاً.

(٥) كامل الزيارات: ٣١١ ح٤، عنه البحار: ٢٧/١٠١ ح٣٥، المستدرك: ٢٣٨/١٠ ح ١١٩٢٣.

(٦) في الكامل: لزوّار.

(٧) كامل الزيارات: ٢٣١ ح٩، عنه البحار: ٥٥/١٠١ ح١٤، المستدرك: ٢٤١/١٠ ح ١١٩٣١ مابين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

٣٢٥

ومنها : ما رواه أيضاً فيه: بأسانيده المفصّلة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: زائر الحسين عليه السلام مشفّع يوم القيامة لمائة رجل، كلّهم قد وجبت لهم النار ممّن كان في الدنيا من المسرفين.(١)

ومنها : ما رواه أيضاً فيه: بأسانيده المفصّلة، عن بعض أصحابنا قال:

من سرّه أن ينظر إلى الله يوم القيامة(٢) ، وتهون(٣) عليه سكرة الموت(٤) وهول المطّلع(٥) فليكثر زيارة قبر الحسين عليه السلام، فإنّ زيارة الحسين عليه السلام زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.(٦)

ومنها : ما روى محمّد بن المشهدي في مزاره قال: وروي:

أنّ الله تعالى يخلق من عرق زوّار قبر الحسين عليه السلام من كلّ عرق سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه السلام إلى أن تقوم الساعة.(٧)

ومنها : حدّثني بعض أحبّتي من أهل العلم عمّن كان يثقه من العلماء السالفين أنّه رأى في المنام:

أنّ القيامة قد قامت وحشر الناس على أصناف وقام يسأل من الله سبحانه وتعالى عن مقام كلّ صنف صنف، وما أعدّ الله تبارك وتعالى لهم من الثواب إلى أن سأل عن مقام الشهداء وشوهد عليه كذا وكذا حتّى أن سأل عن سيّدهم

____________________

(١) كامل الزيارات: ٣٠٩ ح٢، عنه البحار: ٧٧/١٠١ ح٣٦، المستدرك: ٢٥٣/١٠ ح ١١٩٥٥.

(٢) قال العلّامة المجلسي رحمه الله: المراد بالنظر إلى الله، النظر إلى رحمته وكرامته، أو إلى أوليائه، أو غاية معرفته بحسب وسع المرء وقابليّته، (البحار: ٨١/٢٣ ذ ح ١٧).

(٣) هان الشيء عليه هوناً: تسهل.

(٤) سكرة الموت: شدّته الّتي تغلبه وتغيّر فهمه وعقله.

(٥) قال الطريحي رحمه الله: في الدعاء: أعوذ بك من هول المطّلع - بتشديد الطّاء المهملة والبناء للمفعول -:

أمر الآخرة وموقف القيامة الّذي يحصل الإطّلاع عليه بعد الموت (مجمع البحرين: ٥٥/٢).

(٦) كامل الزيارات: ٢٨٢ ح١، عنه البحار: ٧٧/١٠١ ح٣٤.

(٧) البحار: ٣٥٧/١٠١ ح٣.

٣٢٦

سيّدالشهداء صلوات الله عليه فجاء الخطاب من الله سبحانه وتعالى: إنّ له مقاماً عندي لايعلمه إلّا أنا وإيّاه ولايطّلع عليه أحد.

ومنها : سألني بعض أحبّتي من أهل الحديث والتأليف ما السرّ في تقدير ثواب زيارته عليه السلام بالحجّ في كثير من الروايات؟

فأجبت: إنّ بني اُميّة وأعداء الدين قد كسروا قلبه سلام الله عليه وأخرجوه من مكّة قبل يوم عرفة بأيّام وقد قلّب الله حقيقة الحجّ وجعل ثواب زيارته أضعاف ثواب الحجّ رغماً على اُنوف شانئه(١) ومعاديه.

ونحمد الله جلّ وعلا على إعلاء كلمته وازدياده سنة بعد سنة وادحاض(٢) كلمة الباطل من الأوّلين والآخرين.

ومنها : سألني بعض الخطباء من أهل الأدب عن أسرار مهاجرة سيّد المجاهدين والشهداء عليه السلام بأهاليه إلى الطفّ وتضحيته برضيعه مع علمه بأنّه يقتل؟

فأجبت بأنّ كلّ قانون له مقام وإحترام يجب على أهله تقديسه وإتّباعه وإحتفاظه، والناس تقرّبهم في ذلك على مراتب ثلاث: أعلاها من أفدى نفسه لحفظ هذا الأصل الشريف، وأدناها من لم يبال به، وبينهما متوسّطات، ولأجل ذلك أنّ الشعب والحكومات العالميّة يقدرون أهل الخدمة لذلك على مراتب خدمته.

هذا في قانون دنيوي أصل محفوظ وممّالاينكر من أحد، فكيف إذا كان القانون من الله جلّ وعلا كالقرآن المجيد والحافظ له كسيّد المجاهدين الأبرار الّذي هاجر بأهاليه إلى الطفّ حيث بيّن بعمله المقدّس عظمة الدين والقانون وبطلان غير المستحقّين والمستأهلين؟

____________________

(١) شَنَأه شَنْئاً وشنآناً: أبغضه وتجنّبه.

(٢) أدحض الحجّة: أبطلها.

٣٢٧

وصارت نهضته المقدّسة علّة محدثة للدين، وكأنّه أحياه بعد موته واندراسه بتضحية نفسه الكريمة العزيزة ومهجة(١) أعزّة أهاليه وأصحابه.

ولمّا كانت هذه النهضة الشريفة الوحيدة مشرفة لإنكار المرتابين المتغرضين - كسبيل إنكار بعض إمرة سيّد الموحّدين أميرالمؤمنين صلوات الله عليه يوم الغدير مع ما لها من الإشتهار بمرئى ومسمع آلاف من الرجال والنساء - فاحتاجت تلك العلّة إلى ضميمة علّة اُخرى مبقية لإحتفاظ هذه العلّة والنهضة الفريدة على سبيل الدوام والإستمرار، ولا تكاد تصان وتحفظتلك الخدمة العزيزة والعلّة المحدثة إلّا بقيام المحبّين بالعزاءات والقراءات بإقامة ذكراهم بجميع أنحائها، وهي الحقيقة العلّة المبقية لهذه النهضة الشريفة والمكملة لها.

فأصبح قوام الدين حينئذ بنهضتين:

الاُولى : نهضته المقدّسة الوحيدة الفريدة القائمة بنفسه العزيزة وعيالاته وأطفاله وأصحابه.

الثانية : تلك النهضات القادسة الطاهرة القائمة بالعزاءات والقراءات المذكورات المثبتات لهذه النهضة.

ولأجل ذلك يجب على كلّ أهل الدين، بل على كلّ بشر، القيام بتلك الاُمور الّتي هي المظاهر الإلهيّة وحياة أمر الأئمّة عليهم السلام، وكون هذا القيام إشارة إلى الأسف والأسى عمّا فاتهم من الجهاد بين يديه وتشييداً لدعوتهم وتأييداً لأحقّيتهم بالأمر ممّن دفعهم عن المقام المجعول لهم من الله سبحانه وتعالى، وتشكّراً لحقوقهم وصلة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأولاده الطيّبين الطاهرين وسروراً لهم عليهم السلام.

ولذا كانوا عليهم السلام يحثّون الناس على القيام بمثل هذه الاُمور بقولهم عليهم السلام:

«فإنّ في اجتماعكم ومذاكراتكم إحياء أمرنا، وخير الناس بعدنا(٢) من ذاكر

____________________

(١) المُهجَة: دم القلب.

(٢) في البحار: من بعدنا.

٣٢٨

بأمرنا ودعا(١) إلى ذكرنا».(٢)

وفي خبر آخر: «هل العيش إلّا هذا».

وفي آخر: «شيعتنا منّا ومضافون إلينا فلهم معنا قرابة خاصّة، رضوا بنا أئمّة، ورضينا بهم شيعة، يحزنهم حزننا، ويسرّهم سرورنا، ونحن نطّلع على أحوالهم، ونتألّم لتألّمهم».

وعن أبي محمّد الحسن عليه السلام: «من أحبّنا بقلبه، وأخدمنا بيده ولسانه فهو معنا في الغرفة الّتي نحن فيها».(٣)

فالنصرة لهم لاتختصّ بمورد خاصّ، بل كلّ ما فيه تثبيت دعوتهم ولفت الأنظار إلى ما منحهم الباري جلّ وعلا من الخلافة الكبرى، فإنّه نصرة لهم.

ولايستشكل بها بإستلزام بعض أقسامها بنحو اللهو، لكونها في مقام الإبكاء والحزن وهوخارج عن موضوعه تخصّصاً.

وأمّا علمه عليه السلام بأنّه سيقتل.

فنقول : إنّ التكاليف الشرعيّة بالنسبة إليه عليه السلام مقصورة على ما يعلمه بالعلوم الظاهريّة دون العلوم الغيبيّة، فالحسين صلوات الله عليه لمّا ظهر له بذل الطاعة من أهل الكوفة وكاتبه وجوههم مرّة بعد اُخرى طائعين غير مكرهين ومبتدئين غير مجيبين لم يسعه في الظاهر إلّا الخروج والقيام في إعلاء دين الله وكلمته وإبقائه.

فيجب شرعاً وعقلاً شكر هذا الإحسان مستمرّاً بإقامة ذكرى إمامنا المظلوم الشهيد بجميع أنحائها كي نشاركه ونقدّسه ممتثلاً بقول الله سبحانه وتعالى:( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) (٤) .

____________________

(١) في البحار (ج ٧٤): عاد.

(٢) بشارة المصطفى: ١١٠، عنه البحار: ٣٥٤/٧٤ ح ٣١و ٢٠٠/١ ح٨ عن أمالي المفيد.

(٣) البحار: ١٠١/٢٧ ح ٦٤ مع إختلاف يسير.

(٤) الرحمن: ٦٠.

٣٢٩

مضافاً إلى أنّها من أعظم شعار الدين وأجلاها( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١) ولاتنافي ما ذكرنا الرواية المرويّة في الكافي بأنّ أفعالهم عليهم السلام كلّها معهودة من الله تعالى(٢) بداهة أنّ عهد الحكيم المطلق عين الحكمة ومطلقها.

____________________

(١) الحجّ: ٣٢.

(٢) الكافي: ٢٨٠/١ ح٢.

٣٣٠

الباب السادس

في ذكر قطرة من بحر [مناقب]

عين رسول الثقلين زين العابدين عليّ بن الحسين

عليه صلوات المصلّين

٩٧٣/١ - في كتاب المناقب للقاضي نعمان : قيل: إنّ الحسن بن الحسن بن عليّ وقف على عليّ بن الحسين عليهما السلام فأسمعه، [وشتمه وعنده جماعة]، فسكت عليّ بن الحسين عليهما السلام ولم يجبه [بحرف، وكان معه رجال من أصحابه فساءهم ذلك وغمّهم](١) فبعد أن مضى الحسن قال لهم عليّ بن الحسين صلوات الله عليه(٢) : قد سمعتم ما قال هذا الرجل؟

قالوا: [نعم](٣) سمعنا [وساءنا ما سمعناه] ذلك ولقد كنّا نحبّ أن تقول له [ونقول له](٤) .

فتلا صلّى الله عليه:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ

____________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: فلمّا مضى قال لمن معه.

(٣، ٤) ليس في المصدر.

٣٣١

الْمُحْسِنِينَ ) (١) .

ثمّ قال: اُحبّ أن تقوموا معي إلى منزله حتّى تسمعوا ردّي عليه، فإنّي(٢) لم ينبغ(٣) أن أردّ عليه في مجلسي. فقام القوم معه وهم يرون أنّه يستنصف منه، فلمّا أتى إلى منزله استأذن عليه فخرج إليه [الحسن وهو يرى ذلك](٤) [وظنّ أنّه إنّما جاء لينتصف منه، فبدأه] فواثبه بالكلام.

فقال: على رسلك يا أخي، قد سمعت ما قلت [لي](٥) في مجلسي ونحن في مجلسك، فاسمع ما أقول لك:

إن كان الّذي قلت لي كما قلت فإنّي أسأل الله أن يغفره لي، وإن لم يكن ذلك كما قلت، فأنا(٦) أسأل الله أن يغفره لك.

فاستحيى(٧) الحسن وقام إليه فقبّل رأسه ومابين عينيه، وقال: بل قلت فيك [و الله] ما ليس فيك، واستغفره وأعتذر إليه.(٨)

٩٧٤/٢ - وفيه : قيل: إنّ مولى لعليّ بن الحسين عليهما السلام كان يعمّر له(٩) ضيعة، فجاء ليطلعها فأصاب فيها فساداً، فقرعه بسوط كان بيده قرعة واحدة ومضى.

ثمّ أرسل إليه فظنّ أنّه يريد عقوبته، فوجد السوط بين يديه. فقال: يا هذا؛ حملني الغضب على أن ضربتك فخذ السوط واقتصّ منّي.

فقال: يا مولاي؛ و الله إن ظننت إلّا أنّك تريد عقوبتي وإنّي لاستحقّ ذلك فكيف اقتصّ ذلك منك؟

فقال: ويحك اقتصّ منّي، فقال: يا مولاي معاذ الله أنت في حلّ وسعه، فكرّر

____________________

(١) آل عمران: ١٣٤.

(٢) في المصدر: فإنّه.

(٣) في المصدر زيادة: لي.

(٤، ٥) ليس في المصدر.

(٦) في المصدر: فإنّي.

(٧) في المصدر: فاستحى.

(٨) شرح الأخبار: ٢٥٧/٣ ح ١١٥٧، وأورد المجلسي رحمه الله في البحار: ٥٤/٤٦ ح١ (نحوه).

(٩) في المصدر: يتولّى له عمارة.

٣٣٢

ذلك عليه والمولى يحلّله، فلمّا لم يره يقتصّ منه قال:الضيعة صدقة عليك وأعطاه إيّاها.(١)

وكان عليه السلام يتصدّق بكسوة الشتاء إذا انقضى الشتاء، وبكسوة الصيف إذا انقضى الصيف.(٢)

٩٧٥/٣ - في الثاقب في المناقب : عن الزهري قال: كان لي أخ في الله تعالى وكنت شديد المحبّة له، فمات في جهاد الروم، فاغتبطت وفرحت أن استشهد وتمنّيت أنّي كنت استشهدت معه، فنمت ذات ليلة فرأيته في منامي، فقلت له: ما فعل بك ربّك؟

فقال: غفر الله لي بجهادي وحبّي محمّداً وآل محمّد، وزادني في الجنّة مسيرة مائة ألف عام من كلّ جانب من الممالك بشفاعة عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما.

فقلت له: قد اغتبطت أن استشهدت بمثل ما أنت عليه [قال: أنت] فوقي من مسيرة ألف ألف عام. فقلت: بماذا؟

فقال: ألست تلقى عليّ بن الحسين عليهما السلام في كلّ جمعة مرّة وتسلّم عليه، وإذا رأيت وجهه صلّيت على محمّد وآل محمّد ثمّ تروي عنه وتذكر في هذا الزمان النكد(٣) - زمان بني اُميّة - فتعرّض للمكروه ولكن الله يقيك؟

فلمّا انتبهت قلت: لعلّه أضغاث أحلام، فعاودني النوم فرأيت ذلك الرجل يقول:أشككت؟ لاتشكّ فإنّ الشكّ كفر، ولاتخبر بمارأيت أحداً، فإنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام يخبرك بمنامك هذا كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبابكر بمنامه في

____________________

(١) شرح الأخبار: ٢٦٢/٣ ح ١١٤٦، نقل المولّف رحمه الله منه باختصار، وأورد ابن شهراشوب في المناقب: ١٥٨/٤ (نحوه)، عنه البحار: ٩٦/٤٦ ضمن ح ٨٤.

(٢) شرح الأخبار: ٢٦٣/٣ ح ١١٦٧، مع إختلاف يسير، المناقب: ١٥٤/٤ (نحوه)، عنه البحار: ٩٠/٤٦ ضمن ح ٧٧.

(٣) نَكِدَ نَكَداً ونَكاداً: الشوم.

٣٣٣

طريقه من الشام.

فانتبهت وصلّيت فإذا رسول عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما فصرت إليه فقال: يا زهري، رأيت البارحة كذا وكذا، المنامَيْن جميعاً على وجههما.(١)

٩٧٦/٤ - في كتاب الإستخارات للسيّد بن طاووس قدس سره : روى رضوان الله عليه بأسانيده عن الزهري قال: دخلت مع عليّ بن الحسين عليهما السلام على عبدالملك بن مروان.

قال: فاستعظم عبدالملك ما رأى من أثر السجود بين عيني عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال: يا أبامحمّد؛ لقد تبيّن(٢) عليك الإجتهاد، ولقد سبق لك من الله الحسنى، وأنت بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قريب النسب، وكيد السبب، وإنّك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك، ولقد اُوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك إلّا من مضى من سلفك، وأقبل عبدالملك يثني عليه ويفرطه.(٣)

قال: فقال عليّ بن الحسين عليهما السلام: كلّما ذكرته ووصفته من فضل الله سبحانه وتأييده وتوفيقه، فأين شكره على ما أنعم يا أميرالمؤمنين؟! كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقف في الصلاة حتّى تورّم(٤) قدماه، ويظمأ في الصيام حتّى يعصب(٥) فوه. فقيل [له]: يا رسول الله؛ ألم يغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟(٦) فيقول صلى الله عليه وآله وسلم:

____________________

(١) الثاقب في المناقب: ٣٦٢ ح٤.

(٢) في المصدر والبحار: بيّن.

(٣) أفْرَطَ: جاوز الحدّ والقدر في قول أو فعل، وفي المصدر: ويقرظه؛ قرّظ فلاناً: مَدحه وأثنى عليه، وفي البحار: ويطريه، أطرأهُ، أحسن الثناء عليه وبالغ فيه.

(٤) في المصدر والبحار: يرم. ورم، يرم، وَرَماً وتَوَرَّمَ:انتفخ.

(٥) العصب: جفاف الريق في الفم.

(٦) إشارة إلى قوله تعالى:( لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّـهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) (الفتح: ٢).

٣٣٤

أفلا أكون عبداً شكوراً؟

الحمد للَّه على ما أبلى وأولى(١) ، وله الحمد في الآخرة والاُولى، و الله لو تقطّعت أعضائي، وسالت مُقلتاي على صدري، لن أقوم للَّه جلّ جلاله بشكر عشر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمة الّتي لايحصيها العادّون، ولايبلغ حدّ نعمة منها جميع حمد الحامدين، لا و الله أو يراني الله(٢) لايشغلني شيء عن شكره وذكره في ليل ولا نهار، ولا سرّ ولا علانية.

ولولا أنّ لأهلي عليَّ حقّاً ولسائر الناس من خاصّهم وعامّهم عليّ حقوقاً لايسعني إلّا القيام بها حسب الوسع والطاقة [حتّى] أؤدّيها إليهم لرميت بطرفي إلى السماء، وبقلبي إلى الله، ثمّ لا أردّهما(٣) حتّى يقضي الله على نفسي وهو خير الحاكمين.

وبكى عليه السلام وبكى عبدالملك، وقال: شتّان بين عبد طلب الآخرة وسعى لها سعيها، وبين من طلب الدنيا من أين جاءته(٤) ما له في الآخرة من خلاق.

ثمّ أقبل يسأله عن حاجاته وعمّا قصد له فشفّعه فيمن شفّع ووصله بماله.(٥)

٩٧٧/٥ - في أمالي الشيخ أبي عليّ بن الشيخ الطوسي قدس سره : قال: روي أنّه قيل لزين العابدين صلوات الله عليه: كيف أصبحت، [يابن رسول الله]؟

قال عليه السلام: أصبحت مطلوباً بثمان: الله تعالى يطلبني بالفرائض، والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بالسنّة، والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة، والشيطان بالمعصية(٦) ، والحافظان

____________________

(١) في المصدر والبحار: ما أولى وأبلى.

(٢) قال العلّامة المجلسي رحمه الله: كلمة «أو» في قوله: أو يراني الله، بمعنى إلى أن، أو إلّا أن، أي: لا و الله، لا أترك الإجتهاد إلى أن يراني الله على تلك الحال.

(٣) في البحار: لم أرددهما.

(٤) في المصدر: أجابته.

(٥) فتح الأبواب: ١٧١ - ١٧٠، عنه البحار: ٥٦/٤٦ ح١٠.

(٦) في المصدر والبحار: باتّباعه.

٣٣٥

بحفظ العمل واللسان(١) ، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب.(٢)

٩٧٨/٦ - عن أبي حمزة الثمالي قال : قال عليّ بن الحسين عليهما السلام: خرجت فاعتمدت على حايطي هذا فإذا رجل ينظر في وجهي عليه ثوبان أبيضان، فقال: يا عليّ بن الحسين؛ ما لي أراك كئيباً حزيناً؟ أعلى الدنيا؟ فهو رزق حاضر يأكل منه البرّ والفاجر.

فقلت: ما على الدنيا حزني وإنّ القول لكما تقول.

قال: فعلى الآخرة حزنك؟ فهو وعد صادق يحكم به ملك قاهر.

فقلت: ولا على الآخرة حزني وإنّ القول لكما تقول.

قال لي: فعلى ما حزنك يا عليّ بن الحسين؟

فقلت: لما أتخوّف من فتنة ابن الزبير، فضحك.

ثمّ قال: يا عليّ بن الحسين؛ فهل رأيت أحداً خاف الله فلم ينجه؟ فقلت: لا،

قال: رأيت أحداً سأل الله فلم يعطه؟ فقلت:لا.

فقال: يا عليّ بن الحسين؛ فهل رأيت أحداً توكّل على الله فلم يكفه؟ فقلت: لا. فنظرت فلم أر أحداً.(٣)

٩٧٩/٧ - روى عن الباقر عليه السلام قال : قال عليّ بن الحسين عليهما الصلاة والسلام: مرضت مرضاً شديداً، فقال لي أبي عليه السلام: ما تشتهي؟

فقلت: أشتهي أن أكون ممّن لا أقترح على ربّي(٤) سوى ما يدبّره لي.

____________________

(١) في المصدر والبحار: بصدق العمل.

(٢) أمالي الطوسي: ٦٤١ ح ١٦ المجلس الثاني والثلاثون، عنه البحار: ٦٩/٤٦ ح ٤٢.

(٣) الكافي: ٦٣/٢ ح٢، مع إختلاف يسير في الألفاظ، وأورده في الخرائج: ٢٦٩/١ ح ١٣، عنه البحار: ١٤٥/٤٦ ح١، ورواه في التوحيد: ٣٧٣ح ١٧، وإرشاد المفيد: ٢٥٨، عنه البحار: ١٤٨/٧١ ح ٤٣.

(٤) في البحار: على الله ربّي.

٣٣٦

فقال لي: أحسنت ضاهيت(١) إبراهيم الخليل صلوات الله عليه حيث قال له جبرئيل عليه السلام: هل من حاجة؟ فقال: لا أقترح(٢) على ربّي، بل حسبي الله ونعم الوكيل.(٣)

٩٨٠/٨ - في ربيع الأبرار للزمخشري : روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: للَّه من عباده خيرتان: فخيرته من العرب قريش، ومن العجم فارس، وكان يقول عليّ بن الحسين عليه السلام: أنا ابن الخيرتين، لأنّ جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واُمّه بنت يزدجرد الملك، وأنشأ أبوالأسود:

وإنّ غلاماً بين كسرى وهاشم

لأكرم من نيطت عليه التمائم(٤)

بيان : ناطه: علّقه، والتمائم: جمع تميمة، وهي خرزات كانت العرب تعلّقها على أولادهم يتّقون بها العين، أو الأعمّ منها ومن العوذ.

٩٨١/٩ - في العلل للشيخ الصدوق قدس سره :بأسانيده المفصّلة عن جابر الجعفي قال: قال أبوجعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام:

إنّ أبي عليّ بن الحسين عليهما السلام ما ذكر للَّه عزّوجلّ نعمه عليه(٥) إلّا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عزّوجلّ فيها سجود إلّا سجد، ولا دفع الله عزّوجلّ عنه سوءاً يخشاه، أو كيد كايد إلّا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلّا سجد، ولا وفّق لإصلاح بين اثنين إلّا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده، فسمّى السجّاد لذلك.(٦)

____________________

(١) يقال: ضاهيته، إذا فعلتَ مثل فعله.

(٢) اقترح الرأي: أعدّه وقدّمه للبحث.

(٣) دعوات الراوندي: ١٦٨ ح ٤٦٨، عنه البحار:٦٧/٤٦ ح ٣٤.

(٤) البحار: ٤/٤٦ ضمن ح٤.

(٥) في المصدر: ما ذكر نعمة الله عليه.

(٦) علل الشرائع: ٢٣٢/١ ح١، البحار: ٦/٤٦ ح ١٠.

٣٣٧

٩٨٢/١٠ - في الخرائج للقطب الراوندي قدس سره : روي عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لمّا قدمت ابنة(١) يزدجرد بن شهريار - آخر ملوك الفرس وخاتمتهم(٢) - على عمر وأدخلت المدينة استشرفت لها عذارى المدينة وأشرق المجلس بضوء وجهها ورأت عمر فقالت: أمر وزان(٣) ، فغضب عمر، وقال: شتمتني هذه العلجة(٤) وهمّ بها.

فقال له عليّ عليه السلام: ليس لك إنكار على ما لاتعلمه، فأمر أن ينادي عليها.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: لايجوز بيع بنات الملوك وإن كنّ كافرات(٥) ، ولكن أعرض عليها أن تختار رجلاً من المسلمين حتّى تتزوّج منه، وتحسب صداقها عليه من عطائه من بيت المال يقوم مقام الثمن.

فقال عمر: أفعل، وعرض عليها أن تختار، فجائت(٦) فوضعت يدها على منكب الحسين عليه السلام فقال لها [لها] عليه السلام: « چه نام داری ای کنیزک »؟ يعني: ما اسمك(٧) يا صبيّة؟ قالت: « جهان شاه »(٨) .

فقال عليه السلام: [بل](٩) شهربانويه؟ قالت: [« خواهرم شهربانویه ». أي:] تلك اُختي. قال:« راست گفتی » أي: صدقت.

ثمّ التفت إلى الحسين عليه السلام فقال [له]: احتفظ بها وأحسن إليها، فستلد لك خير أهل الأرض في زمانه بعدك، وهي اُمّ الأوصياء الذريّة الطيّبة، فولدت عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام.

____________________

(١) في المصدر: لمّا قدموا ببنت.

(٢) في المصدر: وخاتمهم.

(٣) في المصدر: أفيروزان، وفي البحار: آه بيروز باد هرمز.

(٤) العلج - بالكسر فالسكون وجيم في الآخر -: الرجل الضخم من كفّار العجم، وبعضهم يطلقه على الكافر مطلقاً. (مجمع البحرين: ٢٣٠/٢.

(٥) في المصدر: وإن كانوا كافرين.

(٦) فجالت، خ والبحار، وجال جَوْلة: إذا دار.

(٧) في المصدر: أي: أيش اسمك.

(٨) في المصدر زيادة: بارخذاه.

(٩) ليس في المصدر.

٣٣٨

ويروى أنّها ماتت في نفاسها به، وإنّما اختارت الحسين عليه السلام لأنّها رأت فاطمة عليها السلام [بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم في النوم]، وأسلمت قبل أن يأخذها عسكر المسلمين.

ولها قصّة [عجيبة] وهي أنّها قالت: رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين [علينا] كأنّ محمّداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل دارنا وقعد مع(١) الحسين عليه السلام وخطبني له وزوّجني [أبي] منه.

فلمّا أصبحت كان ذلك يؤثّر في قلبي وما كان لي خاطر(٢) غير هذا.

فلمّا كان في الليلة الثانية رأيت فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وعليها [و] قد أتتني وعرضت عليّ الإسلام فأسلمت. ثمّ قالت: إنّ الغلبة تكون للمسلمين وأنّك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين عليه السلام سالمة لا يصيبك بسوء أحد.

قالت: وكان من الحال أنّي خرجت إلى المدينة ما مسّ يدي إنسان(٣) .(٤)

٩٨٣/١١ - في كفاية الأثر في النصوص على الأئمّة الإثنى عشر للشيخ أبي القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ الخزّاز القمّي: محمّد بن وهبان، عن أحمد بن محمّد الشرقي، عن أحمد بن الأزهر، عن عبداالرزّاق، عن معمّر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال:

كنت عند الحسين بن عليّ عليهما السلام إذ دخل عليّ بن الحسين الأصغر، فدعاه الحسين عليه السلام وضمّه إليه ضمّاً؛ وقبّل ما بين عينيه.

ثمّ قال: بأبي أنت؛ ما أطيب ريحك وأحسن خلقك؟!

فتداخلني من ذلك، فقلت: بأبي أنت واُمّي يابن رسول الله؛ إن كان ما نعوذ

____________________

(١) في المصدر: ومعه.

(٢) في المصدر: خاطب.

(٣) في المصدر: أن اُخرجت إلى المدينة.

(٤) الخرائج: ٧٥٠/٢ ح ٦٧، عنه البحار: ١٠/٤٦ ح٢١، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

٣٣٩

بالله أن نراه فيك فإلى من؟

قال: [إلى] عليّ إبني هذا، هو الإمام وأبوالأئمّة، قلت: يا مولاي؛ هو صغير السنّ؟

قال: نعم؛ إنّ ابنه محمّد يؤتمّ به وهو ابن تسع سنين. ثمّ يطرق،(١) . قال: ثمّ يبقر العلم بقراً.(٢)

٩٨٤/١٢ - في كتاب كمال الدين : ابن عصام، عن الكليني، عن عليّ بن محمّد عن محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام، عن أبيه جعفر بن محمّد عليهما السلام، عن أبيه محمّد بن عليّ عليهما السلام:

إنّ حبابة الوالبيّة دعا لها عليّ بن الحسين عليهما السلام فردّ الله عليها شبابها، وأشار إليها بإصبعه فحاضت لوقتها، ولها يومئذ مائة سنة وثلاث عشرة سنة.(٣)

أقول : وسيأتي حديث في حبابة الوالبيّة: إنّ الباقر عليه السلام أعاد شبابها أيضاً(٤) .

ويمكن أن يوافق بينهما إمّا بحمل هذا الخبر إلى زوال مرتبة من الشباب وذاك بزوال مرتبة اُخرى، وإمّا نقول بزوال شبابها بعد مدّة وعوده أيضاً بدعاء الباقر عليه السلام ثانياً.

٩٨٥/١٣ - في المناقب : كتاب الإرشاد الزهري، قال سعيد بن المسيّب: كان الناس لايخرجون من مكّة حتّى يخرج عليّ بن الحسين عليهما السلام، فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلّى ركعتين سبّح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر إلّا سبّحوا معه، ففزعت منه فرفع رأسه، فقال: يا سعيد؛ أفزعت؟

____________________

(١) قال العلّامة المجلسي رحمه الله: ثمّ يطرق أي:يسكت ولايتكلّم حتّى يصير إماماً وبعده يبقر العلم بقراً.

(٢) كفاية الأثر: ٢٣٥ - ٢٣٤، عنه البحار: ١٩/٤٦ ح٨.

(٣) كمال الدين: ٥٣٧/٢ ح٢، عنه البحار: ٢٧/٤٦ ح١٣، وأورد ابن شهراشوب في المناقب: ١٣٥/٤، مع إختلاف يسير.

(٤) راجع الصفحة: ٣٥٥ ح ١٠٠٢ من هذا المجلّد.

٣٤٠