القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ٢

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 672

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 672
المشاهدات: 41715
تحميل: 5191


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41715 / تحميل: 5191
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 2

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

خلف، عن يونس، عن عمرو بن جميع قال: كنت عند أبي عبداللَّه عليه السلام مع نفر من أصحابه فسمعته وهو يقول: إنّ رحم الأئمّة عليهم السلام من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لتتعلّق بالعرش يوم القيامة، وتتعلّق بها أرحام المؤمنين تقول: يا ربّ، صل من وصلنا واقطع من قطعنا.

قال: فيقول اللَّه تبارك وتعالى: أنا الرحمان وأنت الرحم، شققت إسمك من إسمي، فمن وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته، ولذلك قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:الرحم شجنة(١) من اللَّه عزّوجلّ.(٢)

٧١٤/٤٢ - التوقيع الّذي خرج في من ارتاب في الحجّة المنتظر صلوات اللَّه عليه في الإحتجاج، عن الشيخ الموثّق أبي عمرو العمري رحمه الله(٣) قال: تشاجر ابن أبي غانم القزويني وجماعة من الشيعة في الخلف، فذكر ابن أبي غانم أنّ أبا محمّد عليه السلام مضى ولاخلف له، ثمّ إنّهم كتبوا في ذلك كتاباً وأنفذوه إلى الناحية، وأعلموه بما تشاجروا فيه.

فورد جواب كتابهم بخطّه صلّى اللَّه عليه وعلى آبائه:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

عافانا اللَّه وإيّاكم من الضلال والفتن، و وهب لنا ولكم روح اليقين، وأجارنا وإيّاكم من سوء المنقلب، إنّه أنهى(٤) إليّ ارتياب جماعة منكم في الدين، وما دخلهم من الشكّ والحيرة في ولاة أمرهم، فغمّنا ذلك لكم لا لنا، وساءنا فيكم لا

____________________

(١) الشجْنَة: الغصن المشتبك، الشجر الملتفّ، الشعبة من كلّ شيء.

(٢) معاني الأخبار: ٢٨٧ ح١، عنه البحار: ٢٦٥/٢٣ ح١١.

(٣) هو عثمان بن سعيد العَمْري أوّل النوّاب الأربعة. قال الشيخ الطوسي في الغيبة: ٢١ ٤، أمّا السفراء الممدوحين في زمان الغيبة: فأوّلهم من نصبه أبوالحسن عليّ بن محمّد العسكري وأبومحمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام وهو الشيخ الموثوق به أبو عمرو عثمان بن سعيد العَمْري رحمه الله.

(٤) أنهى: بلغ.

٤١

فينا، لأنّ اللَّه معنا فلا فاقة بنا إلى غيره، والحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنّا، ونحن صنائع ربّنا والخلق بعد صنائعنا.

يا هؤلاء، ما لكم في الريب تتردّدون، وفي الحيرة تنعكسون؟(١) أو ما سمعتم اللَّه عزّوجلّ يقول:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) ؟(٢) أو ما علمتم ما جاءَت به الآثار ممّا يكون ويحدث في أئمّتكم على الماضين والباقين [منهم عليهم السلام]؟ أو ما رأيتم كيف جعل اللَّه لكم معاقل تأوون إليها وأعلاماً تهتدون بها، من لدن آدم إلى أن ظهر الماضي عليه السلام كلّما غاب عَلم بدا عَلم وإذا أفل نجم طلع نجم، فلمّا قبضه اللَّه إليه ظننتم أنّ اللَّه أبطل دينه، وقطع السبب بينه وبين خلقه، كلّا ما كان ذلك ولايكون حتّى تقوم الساعة، ويظهر أمر اللَّه وهم كارهون.

وإنّ الماضي عليه السلام مضى سعيداً فقيداً على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل وفينا وصيّته وعلمه، ومنه خلفه ومن يسدّ مسدّه، ولا ينازعنا موضعه إلّا ظالم آثم، ولايدّعيه دوننا إلّا جاحد كافر.

ولولا أنّ أمر اللَّه لايغلب، وسرّه لايظهر ولايعلن، لظهر لكم من حقّنا ما تبهر(٣) منه عقولكم، ويزيل شكوككم، لكنّه ما شاء اللَّه كان، ولكلّ أجل كتاب. فاتّقوا اللَّه وسلّموا لنا، وردّوا الأمر إلينا، فعلينا الإصدار كما كان منّا الإيراد، ولاتحاولوا كشف ما غطّي عنكم، ولاتميلوا عن اليمين وتعدلوا إلى اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودّة على السنّة الواضحة، فقد نصحت لكم، واللَّه شاهد عليَّ وعليكم.

ولولا ما عندنا من محبّة صلاحكم(٤) ورحمتكم والإشفاق عليكم، لكنّا عن مخاطبتكم في شغل [- واللَّه -](٥) ممّا(٦) قد امتحنّا [به] من منازعة الظالم، العتلّ

____________________

(١) تنعكسون: تنقلبون.

(٢) النساء: ٥٩.

(٣) في الغيبة: تبين، وفي الإحتجاج: تبتزّ.

(٤) في الإحتجاج: صاحبكم.

(٥) ليس في المصادر.

(٦) في الغيبة: فيما.

٤٢

الضالّ، المتابع(١) في غيّه، المضادّ لربّه، المدّعي ما ليس له، الجاحد حقّ من افترض اللَّه طاعته، الظالم الغاصب،

وفي ابنة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لي اُسوة حسنة، وسيردي الجاهل رداءة عمله وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار، عصمنا اللَّه وإيّاكم من المهالك والأسواء والآفات والعاهات كلّها برحمته، فإنّه وليُّ ذلك والقادر على ما يشاء، وكان لنا ولكم وليّاً وحافظاً.

والسلام على جميع الأوصياء والأولياء والمؤمنين ورحمة اللَّه وبركاته، وصلّى اللَّه على محمّد النبيّ وآله وسلّم تسليماً.(٢)

٧١٥/٤٣ - الحديث السابع من الباب السابع الآتي في فضل مناقب الباقر عليه السلام فراجع إليه، وقد ذكر فيه عن حدّ الإمام وقال عليه السلام: حدّه عظيم، إلى آخر الحديث.(٣)

٧١٦/٤٤ - الوارد في قوله تعالى:( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (٤) عن عليّ بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثني أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نحن المثاني(٥) الّتي أعطاها اللَّه نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ونحن وجه اللَّه نتقلّب في الأرض بين

____________________

(١) في الإحتجاج والغيبة: المتتابع.

(٢) الإحتجاج: ٢٧٨/٢ و٢٧٩، غيبة الطوسي: ٢٨٥ ح ٢٤٥، عنهما البحار: ١٧٨/٥٣ ح٩، إلزام الناصب: ٤٣٨/١، الأنوار المضيئة: ١١٨.

(٣) يأتي ص ٣٥٧ ح ١٠٠٤ من هذا الكتاب.

(٤) الحجر: ٨٧.

(٥) قال الصدوق رحمه الله: قوله: «نحن المثاني» أي نحن الّذي قرننا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى القرآن، وأوصى بالتمسّك بالقرآن وبنا، وأخبر اُمّته إنّا لانفترق حتّى نرد حوضه.

وقيل: إنّ المراد بالسبع المثاني النبيّ والأئمّة وفاطمة عليهم السلام، فهم أربعة عشر، سبعة وسبعة لقوله: المثاني، فكلّ واحد من السبعة مثنى.

٤٣

أظهركم، عرفنا من عرفنا فأمامه اليقين، ومن جهلنا فأمامه السعير.(١)

وعن سماعة قال : قال أبوالحسن عليه السلام:( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (٢) قال: لم يعط الأنبياء إلّا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وهم السبعة(٣) الأئمّة الّذين يدور عليهم الفلك، والقرآن العظيم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.(٤)

أقول : اعتبار السبعة لايكون إلّا بعدّ الاسم المتكرّر منهم واحد، وهم عليّ عليه السلام والحسن والحسين ومحمّد وجعفر وموسى والمهدي صلوات اللَّه عليهم أجمعين.

ويحتمل أن يعتبر السبعة بعدّها مع فاطمة صلوات اللَّه عليها إمّا تغليبيّاً وإمّا بأخذ لفظة الأئمّة بالمعنى الأعمّ وهي المقتدى والحجّة، وعدّ اسم الحجّة عليه السلام ما يطابق اسم جدّه وهو محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.

٧١٧/٤٥ - الوارد في قوله تعالى :( وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ) (٥) عن محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد الأشعري ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ:( وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ) قال: نحن واللَّه الأسماء الحسنى(٦) الّتي لايقبل اللَّه من العباد [عملاً] إلّا بمعرفتنا.(٧)

____________________

(١) تفسير القمي: ٣٧٧/١، عنه البحار:١١٤/٢٤ ح١، العيّاشي: ٢٤٩/٢ ح٣٦، عنه البحار:١١٦/٢٤ ح٣ وعن التوحيد: ١٥٠ ح٦.

(٢) الحجر: ٨٧.

(٣) قال المجلسي رحمه الله: لعلّهم عليهم السلام سبعاً باعتبار أسمائهم، فإنّها سبعة وإن تكرّر بعضها، أو باعتبار أنّ انتشار أكثر العلوم كان من سبعة منهم، فلذا خصّ اللَّه هذا العدد منهم بالذكر.

(٤) العيّاشي: ٢٥١/٢ ح ٤١، عنه البحار: ١١٧/٢٤ ح٩، والبرهان: ٣٥٤/٢ ح ١٢.

(٥) الأعراف: ١٨٠.

(٦) قال في الوافي: كما أنّ الإسم يدلّ على المسمّى ويكون علامة له كذلك هم عليهم السلام أدلّاء على اللَّه، يدلّون الناس عليه سبحانه، وهم علامة لمحاسن صفاته وأفعاله وآثاره.

(٧) الكافي: ١٤٣/١ ح٤، عنه الوافي: ٤٩١/١ ح١، والبرهان: ٥٢/٢ ح٢، تأويل الآيات: ١٨٩/١ =

٤٤

وعن العيّاشي رحمه الله وكذا المفيد قدس سره في الإختصاص : عن الرضا عليه السلام قال: إذا نزلت بكم شدّة(١) فاستعينوا بنا على اللَّه عزّوجلّ وهو قوله:( وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ) قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام: نحن واللَّه، الأسماء الحسنى الّذي لايقبل من أحد إلّا بمعرفتنا.(٢)

وقال الطبرسي رحمه الله في سورة الحشر في تفسير قوله تعالى:( لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (٣) : وروى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إسم اللَّه الأعظم في ستّ آيات في آخر سورة الحشر.(٤)

____________________

= ح٣٦، وفيه ذيل الحديث: قد ورد عنهم صلوات اللَّه عليهم: أنّه ما سأل اللَّه تعالى أحد بهم إلّا استجاب اللَّه دعاءه.

(١) في الأصل والإختصاص: شديدة.

(٢) العيّاشي ٤٢/٢ ح ١١٩، عنه البحار: ٥/٩٤ ح٧، والبرهان: ٥٢/٢ ح٣. وأورده المفيد رحمه الله في الإختصاص: ٢٤٦ باختصار، عنه البرهان: ٥٢/٢ ح٤.

(٣) الحشر: ٢٤.

(٤) مجمع البيان: ٣٨/٦، وأخرجه المجلسي رحمه الله في البحار: ٢٢٤/٩٣ عن مهج الدعوات: ٣٩٥.

٤٥

الباب الأوّل

في ذكر قطرة

من بحر مناقب رسول الله صلّى الله عليه وآله

٧١٨/١ - في مناقب الديلمي : عمر بن قميت الليثي(١) قال: سمعت أبي وكان من أوعية العلم قال: لمّا حضرت ولادة آمنة بنت وهب اُمّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فتحت أبواب السماء ونزلت الملائكة، ولم يبق في الأرض ملك إلّا حضر ولادتها، وهم حافّون بها.

فلمّا ولدت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم امتلأت الدنيا نوراً وتباشرت به الملائكة في السماوات، وتنكّست(٢) الأصنام على وجوهها، وهو يقول:

ويل قريش جاءَهم الأمين، جاءَهم الصادق، جاءَهم الهدى، فلم يعلم ما يراد بذلك، وسمع من البيت صوتاً وهو يقول: الآن ردّ عليَّ نوري، الآن يجيء

____________________

(١) هكذا في الأصل، والّذي يوجد في الرجال عمرو بن عوف الليثي، وهو من أصحاب عليّ عليه السلام، راجع معجم رجال الحديث: ١٢١/١٣.

(٢) تنكّست: تقلّبت، جعلت أعلاها أسفلها.

٤٦

زوّاري، الآن طهروا من الأرجاس.

ثمّ أخذت الناس الزلزلة ثلاثة أيّام ولياليها، وكان هذا أوّل علامات رأتها قريش عند ولادتها صلوات اللَّه عليه وآله.

٧١٩/٢ - فيه : قال ابن عبّاس: سمعت أبي يحدّث عن مولده قال: لمّا ولد لأبي «عبداللَّه» رأينا في وجهه نوراً يزهر كنور الشمس، فقال: إنّ لهذا الغلام شأناً عظيماً رأيت في منامي كأنَّ قد خرج من منخره طائر أبيض، فطار حتّى بلغ المشرق والمغرب، ثمّ رجع حتّى سقط على سطح الكعبة فسجدت له قريش بأسرها. فبينما الناس يتأمّلونه إذ صار نوراً بين السماء والأرض، ثمّ امتدّ بين المشرق والمغرب فأوّل من دخل في ذلك النور حدث من ولد أبي طالب يقال له: عليّ عليه السلام، ورأيته يعلو معه ويزداد.

ثمّ رأيت الناس على أثر ذلك، فسألت كاهنة بعد انتباهي في بني مخزوم فقالت:يا عبّاس، لئن صدقت ليخرجنّ من صلبه ولد يكون أهل المشرق والمغرب تبعاً له، ويكون لابن عمّه الّذي سبق.(١)

٧٢٠/٣ - ورد في النبويّ المشهور صلى الله عليه وآله وسلم : أوّل ما خلق اللَّه نوري، ثمّ فتق منه نور عليّ عليه السلام. فلم نزل نتردّد في النور حتّى وصلنا حجاب العظمة في ثمانين ألف ألف سنة، ثمّ خلق الخلائق من نورنا، فنحن صنائع اللَّه والخلق بعد لنا صنائع.(٢)

____________________

(١) كمال الدين: ١٧٥/١ ح ٣٣، أمالي الصدوق: ٣٣٥ ح ٢ المجلس الخامس والأربعون، عنهما البحار: ٢٥٦/١٥ ح٨، روضة الواعظين: ٦٤، الخرائج: ١٠٦٧/٣ ح٤، وأورده ابن شهراشوب رحمه الله في المناقب: ٢٣/١ مختصراً.

(٢) ما وجدتها في الكتب، ولعلّ أراد بالمشهور صدر الحديث، وهو مرويّ في كثير من الأخبار.

وأمّا الجملة الأخيرة موجودة في نهج البلاغة بهذه العبارة: «فإنّا صنائع ربّنا والنّاس بعد صنائع لنا» عنه البحار: ٥٨/٣٣ ضمن ح٨، وتوجد ضمن توقيع الشريف عن صاحب الأمر عليه السلام: «نحن صنائع ربّنا، والخلق بعد صنائعنا» تقدّم ص ٤٢ ضمن ح ٧١٤ من هذا المجلّد.

٤٧

أقول : معنى كون الخلق صنائع لهم اُريد منه كونهم عللاً غائياً، ويشهد عليه خبر: «لولاك لما خلقت الأفلاك».(١)

٧٢١/٤ - في عدّة الداعي : قال الصادق عليه السلام: اشتدّت حال رجل من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقالت له امرأته: لو أتيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فسألته، فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فسمعه يقول: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه اللَّه، فقال الرجل: ما يعني صلى الله عليه وآله وسلم غيري، فرجع إلى امرأته فأعلمها، فقالت: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بشر فأعلمه، فأتاه، فلمّا رآه صلى الله عليه وآله وسلم قال: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أعطاه اللَّه حتّى فعل ذلك ثلاث مرّات.

ثمّ ذهب الرجل فاستعار فأساً(٢) ثمّ أتى الجبل فصعده وقطع حطباً، ثمّ جاء به فباعه بنصف مدّ من دقيق، ثمّ ذهب من الغد فجاء بأكثر منه فباعه، ولم يزل يعمل ويجمع حتّى اشترى فأساً، ثمّ جمع حتّى اشترى بكرين وغلاماً، ثمّ أثرى(٣) وحسنت حاله، فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمعه فقال صلى الله عليه وآله وسلم: قلت لك: من سألنا أعطيناه، ومن استغنى أغناه اللَّه.(٤)

٧٢٢/٥ - وفيه : عن سلمان الفارسي رضوان اللَّه عليه قال: سمعت محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم يقول:إنّ اللَّه عزّوجلّ يقول: يا عبادي، أوليس من له إليكم حوائج كبار لاتجودون بها إلّا أن يتحمّل عليكم بأحبّ الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعهم.

____________________

(١) أقول: ويحتمل أن يكون المراد أنّ اللَّه خلقهم مباشرة، وخلق الخلق بسببهم وبواسطتهم فيحتاج إليهم الناس ولايحتاجون إلى الناس، لاستغنائهم باللَّه عمّن سواه.

(٢) الفأس: آله ذات يد ملساء من الخشب وسنٍّ عريضة من الحديد يحفر بها ويعزق. يقال بالفارسيّة: «تيشه».

(٣) أثرى: كثر ماله. وفي الكافي: أيسر. واليسر: ضدّ العُسر.

(٤) عدّة الداعي: ٩٠، عنه البحار: ١٤/١٠٣ ح ٦٦، الكافي: ١٣٩/٢ ح٧، عنه البحار: ١٧٧/٧٣ ح١٩ وأخرجه في ١٠٨/٧٥ ح ١١ عن فقه الرضا عليه السلام.

٤٨

ألا فاعلموا، أنّ أكرم الخلق عليَّ وأفضلهم لديَّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأخوه عليّ عليه السلام ومن بعده الأئمّة الّذين هم الوسائل إليَّ(١) . ألا فليدعنى من همّته حاجة يريد نفعها(٢) أو دهته داهية يريد كشف ضررها بمحمّد وآله الطيّبين الطاهرين، أقضها له أحسن ما يقضيها من تستشفعون بأعزّ الخلق عليه.

فقال له قوم من المشركين والمنافقين وهم المستهزؤون به: يا أباعبداللَّه فما لك لاتقترح على اللَّه(٣) بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة؟

فقال سلمان: دعوت اللَّه وسألته ما هو أجلّ وأنفع وأفضل من ملك الدنيا بأسرها، سألته بهم صلّى اللَّه عليهم أن يهب لي لساناً ذاكراً لتحميده وثنائه، وقلباً شاكراً لآلائه، وبدناً على الدواهي [الداهية](٤) صابراً، وهو عزّوجلّ قد أجابني إلى ملتمسي من ذلك وهو أفضل من ملك الدنيا بحذافيرها وما تشتمل عليه من خيراتها مائة ألف ألف مرّة.(٥)

٧٢٣/٦ - وفيه : روى جابر، عن أبي عبداللَّه عليه السلام: أنّ ملكاً من الملائكة سأل اللَّه أن يعطيه سمع العباد فأعطاه اللَّه، فذلك الملك قائم حتّى تقوم الساعة ليس أحد من المؤمنين يقول: صلّى اللَّه على محمّد وأهل بيته وسلّم إلّا قال الملك: وعليك السلام.

ثمّ يقول الملك: يا رسول اللَّه، إنّ فلاناً يقرؤك السلام، فيقول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:و عليه السلام.(٦)

____________________

(١) في الأصل: إلى اللَّه.

(٢) في البحار: نجحها.

(٣) اقتَرَحْتُ عليه شيئاً: سألته إيّاه من غير رؤية.

(٤) ليس في الأصل، والداهية: الأمر المنكر العظيم. داهية دهواء: شديدة جدّاً.

(٥) عدّة الداعي: ١٥١، عنه البحار: ٢٢/٩٤ ح ٢٠، وأخرجه في ٣٦٩/٢٢ ح٩، عن تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ٦٨ ح ٣٥.

(٦) أمالي الطوسي: ٦٧٨ ح ١٦ المجلس السابع والثلاثون، عنه البحار: ١٨١/١٠٠ ح٢.

٤٩

قال أميرالمؤمنين عليه السلام: اُعطي السمع أربعة: النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والجنّة، والنار، والحور العين، فإذا فرغ العبد من صلاته فليصلّ على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ويسأل اللَّه الجنّة ويستجير باللَّه من النار، ويسأله أن يزوّجه من الحور العين، فإنّه من صلّى على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم سمعه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، رفعت دعوته، ومن سأل [اللَّه](١) الجنّة، قالت الجنّة: يا ربّ، أعط عبدك ما سأل، ومن استجار باللَّه من النار، قالت النار: يا ربّ أجر عبدك ممّا استجارك منه، ومن سأل اللَّه الحور العين، قلن: يا ربّ، أعط عبدك ما سأل.(٢)

٧٢٤/٧ - في تفسير الإمام عليه السلام (٣) : خالد، عن ابن محبوب، عن محمّد بن يسار(٤) عن أبي مالك الأسدي، عن إسماعيل الجعفي قال: كنت في المسجد الحرام قاعداً وأبوجعفر عليه السلام في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرّة، وإلى الكعبة مرّةً، ثمّ قال:( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) (٥) وكرّر ذلك - ثلاث مرّات - ثمّ التفت إليَّ فقال: أيّ شيء يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟

قلت: يقولون: أسرى به من المسجد الحرام [إلى المسجد الأقصى](٦) إلى بيت المقدّس.

فقال: ليس هو كما يقولون، ولكنّه أسرى به من هذه إلى هذه(٧) - وأشار بيده

____________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الخصال: ٦٣٠/٢ ضمن الحديث الأربعمائة، عنه البحار: ١٠٨/١٠ ضمن ح١، و١٩/٨٦ ح ١٧و٥٠/٩٤ ح ١٤. وروى الصدوق رحمه الله في الخصال: ٢٠٢/١ ح ١٧ (نحوه).

(٣) الظاهر أنّه تفسير القمي، وليس في تفسير الإمام.

(٤) في بعض نسخ المصدر: سيّار، وفي البرهان: سنان.

(٥) الإسراء: ١.

(٦) ليس في النوادر، والبحار والبرهان.

(٧) قال في هامش البحار: أراد عليه السلام أنّ إسراءه لم يكن مقصوراً على ذلك، بلى كان من الأرض إلى السماء، فكان إسراؤه أوّلاً إلى المسجد الأقصى، ثمّ منه إلى السماء.

٥٠

إلى السماء - وقال: ما بينهما حرم.

قال: فلمّا انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلّف عنه جبرئيل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:يا جبرئيل، أفي مثل هذا الموضع تخذلني؟ فقال: تقدّم أمامك فواللَّه، لقد بلغت مبلغاً لم يبلغه خلق(١) من خلق اللَّه قبلك، فرأيت نور ربّي(٢) وحال بيني وبينه السبحة.(٣)

قال: قلت: وما السبحة جعلت فداك؟ فأومأ بوجهه إلى الأرض وأومأ بيده إلى السماء، وهو يقول: جلال ربّي، جلال ربّي - ثلاث مرّات - قال: يا محمّد، قلت: لبّيك يا ربّ، قال: فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: سبحانك لاعلم لي إلّا ما علّمتني، قال: فوضع يده بين ثدييَّ فوجدت بردها بين كتفيّ قال: فلم يسألني عمّا مضى ولاعمّا بقي إلّا علمته فقال: يا محمّد، فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت:يا ربّ، في الدرجات والكفّارات والحسنات، فقال: يا محمّد، إنّه قد انقضت نبوّتك، وانقطع أكلك، فمن وصيّك؟

فقلت: يا ربّ، إنّي قد بلوت خلقك فلم أر في خلقك أحداً أطوع لي من عليّ عليه السلام، فقال: ولي يا محمّد، فقلت: يا ربّ إنّي قد بلوت خلقك فلم أر في خلقك أحداً أشدّ حبّاً لي من عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: ولي يا محمّد.

فبشّره بأنّه راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور لمن أطاعني، والكلمة [الباقية](٤) الّتي ألزمتها المتّقين، من أحبّه [فقد] أحبّني، ومن أبغضه [فقد] أبغضني، مع ما أنّي أخصّه بما لم أخصّ به أحداً.

فقلت: يا ربّ، أخي وصاحبي ووزيري ووارثي، فقال: إنّه أمر قد سبق، إنّه

____________________

(١) في المصدر: أحد.

(٢) في البحار: فرأيت ربّي، وقال المجلسي رحمه الله: المراد الرؤيه بالقلب، أو رأى عظمته.

(٣) أي حال بيني وبينه تنزّهه عن المكان والرؤية وإلّا فقد حصل غاية ما يمكن من القرب.

(٤) ليس في المصدر.

٥١

مبتلى ومبتلى به، مع ما أنّي قد نحلته ونحلته ونحلته ونحلته أربعة أشياء، عقدها بيده ولايفصح بها عقدها.(١)

بيان: المراد بالمسجد الأقصى: البيت المأمور، لأنّه أقصى المساجد.

قوله: «فرأيت نور ربّي» أي: بالقلب عظمته.

قوله: «السبحة»: تنزّهه وتقدّسه تعالى.

و«وضع اليد» كناية عن غاية اللطف والرحمة، وإفاضة العلوم والمعارف على صدره الأشرف.

و«البرد» كناية عن الراحة والسرور.

فهو صلوات اللَّه عليه محلّ وضع يد الرحمة ومن الرحمة، والرحمة منه، كما قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: «حسين منّي وأنا من حسين»(٢) ، وغذّته يد الرحمة، وربّي في حجر الرحمة ورضع من لسان الرحمة، ونبت لحمه ودمه من الرحمة، وجلده ما بين عيني الرحمة وريحانة الرحمة، ومجلسه صدر الرحمة، ومركبه كتف الرحمة ومرتحله على ظهر الرحمة، ومسيره بمشي الرحمة.

ومعدن خاصّ للرحمة، ومجمع لأسباب الرحمة، وجامع وسائل الرحمة ومنبع عيون الرحمة، ومشرع الواردين للرحمة، ومترع مناهل الرحمة، ومغرس حدائق الرحمة، ومظهر ثمرات الرحمة، ومنبت أغصان الرحمة، ومحرّك مواد الرحمة، وسحائب فيوض الرحمة وبه يتحصّل الكون في موضع العفو والرحمة والدخول في دائرة اتّساع الرحمة وبالرحمة عليه يتحقّق مكتوبيّة واسع الرحمة وهو الرحمة الموصولة والرحمة المرحومة.

٧٢٥/٨ - في الجعفريّات والأشعثيّات ، في باب فضل الهدية: بأسانيده عن

____________________

(١) تفسير القمي: ٢٤٣/٢، عنه البحار: ٣٧٢/١٨ ح ٧٩، والبرهان: ٦٣/٤ ح٤، وروى الطبري رحمه الله في نوادر المعجزات: ٦٦ ح ٣١ (نحوه).

(٢) البحار: ٢٦١/٤٣ ح١.

٥٢

عليّ بن أبي طالب عليه السلام: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم اُهديت له هدية وعنده جلساؤه، فقال: أنتم شركائي فيها.(١)

٧٢٦/٩ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى : بأسانيده المفصّلة عن عليّ ابن موسى الرضا، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:

يا عليّ، إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة اللَّه عزّوجلّ، وأخذت أنت بحجزتي وأخذ ولدك بحجزتك، وأخذ شيعة ولدك بحجزتهم، فترى أين يؤمر بنا؟(٢)

٧٢٧/١٠ - وفيه : بأسانيده المفصّلة عن أبي ذرّ الغفاري رحمه الله قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وقد ضرب كتف عليّ بن أبي طالب عليه السلام بيده وقال: يا عليّ، من أحبّنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج(٣) ، شيعتنا أهل البيوتات والمعادن(٤) والشرف، ومن كان مولده صحيحاً، وما على ملّة ابراهيم عليه السلام إلّا نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها برآء، وإنّ للَّه ملائكة يهدمون سيّئات شيعتنا كما يهدم القوم(٥) البنيان.(٦)

٧٢٨/١١ - في الثاقب في المناقب : عن عبدالرزّاق، عن معمّر الزبيري، عن سعيد بن المسيّب قال: إنّ السماء طشت(٧) على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ليلاً.

____________________

(١) الجعفريّات: ١٥٣.

(٢) بشارة المصطفى: ١٣٦، عنه البحار: ١٣٤/٦٨ ح ٦٩، صحيفة الرضا عليه السلام: ٩٢ ح ٢٥، عنه البحار: ١٠٤/٦٨ ح ١٧، وروى الصدوق رحمه الله في التوحيد: ١٦٥ ح٢، ومعاني الأخبار: ١٤ ح٩ (نحوه)، وأخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام: ١٠٦، وفي المناقب: ٢٩٦ ح ٢٨٩.

(٣) العِلج: الرجل الضخم من كفّار العجم.

(٤) قال المجلسي رحمه الله: المراد بأهل البيوتات والمعادن القبائل الشريفة والأنساب الصحيحة.

(٥) في أمالي المفيد: القدوم، وهو بفتح القاف: آلة ينحت بها الخشب.

(٦) بشارة المصطفى: ١٠٢، أمالي الطوسي: ١٩٠ ح ٢٤ المجلس السابع، أمالي المفيد: ١٦٩ ح٤، عنها البحار: ٢٣/٦٨ ح ٤١، فضائل الشيعة: ٥٣ ح٩، كشف الغمّة: ٣٩٠/١.

(٧) طشت السماء: أي أتت بالمطر.

٥٣

فلمّا أصبح قال لعلي عليه السلام: انهض بنا إلى العقيق ننظر إلى حسن الماء في حفر الأرض.

[قال على عليه السلام: فاعتمد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم على يدي فمضينا، فلمّا وصلنا إلى العقيق نظرنا إلى صفاء الماء في حفر الأرض].

قال عليّ عليه السلام: يا رسول اللَّه، لو أعلمتني من الليل لاتّخذت لك سفرة من الطعام، فقال: يا عليّ، إنّ الّذي أخرجنا إليه لايضيّعنا، وبينا نحن وقوف إذ نحن بغمامة قد أظلّتنا ببرق ورعد حتّى قربت منّا، فألقت بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم سفرة عليها رمّان لم تر العيون مثلها على كلّ رمّانة ثلاثة أقشار: قشر من اللؤلؤ وقشر من الفضّة، وقشر من الذهب.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم لي: قل: بسم اللَّه وكُل يا عليّ، هذا أطيب من سفرتك، فكسرنا من الرمّان، فإذا فيه ثلاثة ألوان من الحبّ: حبّ كالياقوت الأحمر وحبّ كاللؤلؤ الأبيض وحبّ كالزمرّد الأخضر، فيه طعم كلّ شيء من اللذة، فلمّا أكلت ذكرت فاطمة عليها السلام والحسن والحسين عليهما السلام فضربت بيدي إلى ثلاث رمّانات، فوضعتهن في كمّي، ثمّ رفعت السفرة.

ثمّ انقلبنا نريد منازلنا فلقينا رجلان من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال أحدهما:من أين أقبلت يا رسول اللَّه؟ قال: من العقيق، قال: لو أعلمتنا لاتّخذنا لك سفرة تصيب منها، فقال: إنّ الّذي أخرجنا لم يضيّعنا، وقال الآخر: يا أبا الحسن، إنّي أجد منكما رائحة طيّبة، فهل كان عندكم ثَمّ طعام؟ فضربت يدي إلى كمّي لاُعطيهما رمّانة فلم أر في كمّي شيئاً، فاغتممت لذلك.

فلمّا افترقنا ومضى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى منزله وقربت من باب فاطمة عليها السلام وجدت في كمّي خشخشة، فنظرت فإذا الرمّان في كمّي، فدخلت وألقيت رمّانة إلى فاطمة عليها السلام والاُخريين إلى الحسن والحسين عليهما السلام، ثمّ خرجت إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فلمّا رآني قال: يا أبا الحسن، تحدّثني أم اُحدّثك؟ فقلت: حدّثني يا رسول اللَّه، فإنّه

٥٤

أشفى للغليل، فأخبر بما كان، فقلت: يا رسول اللَّه، كأنّك كنت معي.(١)

٧٢٩/١٢ - وفيه : عن حنش بن المعتمر، عن عليّ عليه السلام أنّه قال: دعاني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فوجّهني إلى اليمن لاُصلح بينهم، فقلت: يا رسول اللَّه، إنّهم قوم كثير ولهم سنّ وأنا شابّ حدث.

قال: يا عليّ، إذا صرت بأعلى عقبه [أفيق](٢) فناد بأعلى صوتك: يا شجر يا مدر يا ثرى، محمّد رسول اللَّه يقرؤكم السلام.

قال: فذهبت فلمّا صرت بأعلى عقبة أفيق أشرفت على أهل اليمن، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي، مشرعون(٣) رماحهم مشهرون(٤) أسنّتهم(٥) ، متنكّبون قسيّهم(٦) شاهرون سلاحهم، فناديت بأعلى صوتي: يا شجر يا مدر يا ثرى محمّد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقرؤكم السلام.

[قال:](٧) فلم يبق شجر ولا مدر ولا ثرى إلّا ارتجّ بصوت واحد: وعلى محمّد رسول اللَّه السلام وعليك السلام، فاضطربت قوائم القوم وارتعدت ركبهم(٨) فوقع السلاح من أيديهم، وأقبلوا إليّ مسرعين فأصلحت بينهم وانصرفت [عنهم].(٩)

____________________

(١) الثاقب في المناقب: ٥٨ ح ٢٩.

(٢) أفيق: قرية بين حوران والغور، ولها عقبة ينحدر منها إلى غور الاُردن.

(٣) مشرعون: مسدّدون.

(٤) وفي منتخب البصائر وأمالي الصدوق: مسوون، وفي الروضة: مصوبون.

(٥) أسنّة - جمع السنان -: نصل الرمح.

(٦) تنكّب قوسه: ألقاه على منكبه، وقسيّ جمع القوس.

(٧) من مختصر البصائر.

(٨) في الأصل: فاضطرب القوم وارتعدت قوائمهم وركبهم.

(٩) الثاقب في المناقب: ٦٨ ح ٥٠، بصائر الدرجات: ٥٠٣ ح٧، مختصر البصائر: ١٤، الخرائج: =

٥٥

٧٣٠/١٣ - وفيه : عن نافع، عن ابن عمر قال: جاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم [قوم] فشهدوا على رجل بالزور أنّه سرق جملاً، فأمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقطعه، فولّى الرجل وهو يقول:

«اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد حتّى لايبقى من الصلاة شيء، وبارك على محمّد وآل محمّد حتّى لايبقى من البركات شيء، وارحم على محمّد وآل محمّد حتّى لايبقى من الرحمة شيء، وسلّم على محمّد وآل محمّد حتّى لايبقى من التسليم شيء».(١)

قال: فتكلّم الجمل وقال: يا رسول اللَّه، إنّه بريء من سرقتي، فأمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بردّه وقال: يا هذا، ماقلت آنفاً؟ قال: قلت: اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وذكر كلامه من الدعاء.

قال: كذلك نظرت إلى ملائكة [اللَّه] يخوضون سبل المدنية حتّى كادت تحول بيني وبينك لتردنّ عليَّ الحوض يوم القيامة، ووجهك أشدّ بياضاً من الثلج.(٢)

____________________

= ٤٩٢/٢ ح٦، أمالي الصدوق: ٢٩٣ ح١ المجلس الأربعون، روضة الواعظين: ١١٦، قصص الأنبياء: ٢٨٥ ح ٣٨٠، المناقب: ٣٢٧/٢ و٣٢٨، وأخرجه في البحار: ٣٧١/١٧ ح ٢٣ عن الأمالي والبصائر والخرائج، وفي ٣٦٢/٢١ ح٦ عن البصائر، وفي ٢٥٢/٤١ ح ١١ عن مختصر البصائر.

(١) أقول: ذكر المجلسي رحمه الله في البحار: ٦٧/٩٠ روايتين مع ملخّص قصّتها حول هذه الصلوات وكيفيّة الصلوات تختلف فيها، وأنا أذكرهما لمزيد الفائدة.

الرواية الاُولى: اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد حتّى لاتبقى صلاة، اللهمّ وبارك على محمّد وآل محمّد حتّى لاتبقى بركة، اللهمّ وسلّم على محمّد وآل محمّد حتّى لايبقى سلام، اللهمّ وارحم محمّداً وآل محمّد حتّى لاتبقى رحمة.

الرواية الثانية: اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد حتّى لايبقى من صلواتك شيء، وارحم محمّداً وآل محمّد حتّى لايبقى من رحمتك شيء، وبارك على محمّد وآل محمّد حتّى لايبقى من بركاتك شيء، وسلّم على محمّد وآل محمّد حتّى لايبقى من سلامك شيء.

(٢) الثاقب في المناقب: ٧٤ ح ٥٨.

٥٦

٧٣١/١٤ - وفيه : عن يزيد بن أبي حبيب قال: أقبلت امرأة ومعها ابن لها، وهو ابن شهر حتّى جاءت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فاكفهرّت(١) عليه بوجهها، فقال الغلام من حجرها: السلام عليك يا رسول اللَّه، السلام عليك يا محمّد بن عبداللَّه.

قال: فأنكرت الاُمّ ذلك من إبنها.

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: وما يدريك أنّي رسول اللَّه، وأنّي محمّد بن عبداللَّه؟ فقال:علّمنيه ربّ العالمين والروح الأمين جبرئيل عليه السلام، وهو قائم على رأسك ينظر إليك، فقال جبرئيل عليه السلام: هذا تصديق لك بالنبوّة، ودلالة لنبوّتك كي يؤمن بك بقيّة قومك.

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: ما اسمك يا غلام؟ قال: سمّوني عبدالعزّى وأنا به كافر فسمّني يا رسول اللَّه، قال: أنت عبداللَّه. قال: يا رسول اللَّه، اُدع [اللَّه] عزّوجلّ أن يجعلني من خدمك في الجنّة.

فقال جبرئيل عليه السلام: اُدع اللَّه عزّوجلّ يعطيه ما قال(٢) ، فقال الغلام: السعيد من آمن بك، والشقيّ من كذّبك، ثمّ شهق شهقة فمات.

فأقبلت الاُمّ عليه وقالت: يا رسول اللَّه، فداك أبي واُمّي، لقد كنت مكذّبة بك إلى لدن ما رأيت من آيات نبوّتك، وأنا أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأشهد أنّك رسول اللَّه، يا أسفي على ما فات منّي.

فقال لها: أبشري، فوالّذي ألهمك الإيمان، إنّي لأنظر إلى حنوطك وكفنك مع الملائكة، فما برحت حتّى شهقت وفاضت نفسها، فصلّى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عليهما ودفنهما جميعاً.(٣)

____________________

(١) اكفهرّت: عبست.

(٢) في المصدر: ما سأل.

(٣) الثاقب في المناقب: ٨٢ ح ٦٦، وأورده ابن شهراشوب في المناقب: ١٠١/١ مع اختلاف يسير. عنه البحار: ٣٩٠/١٧ ح١.

٥٧

٧٣٢/١٥ - وفيه : عن عليّ عليه السلام أنّ أباجهل قال يوماً: أنا أقتل محمّداً ولو شاءت بنو عبدالمطّلب قتلوني به، قالوا: إنّك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفاً لاتزال تذكر به، قال: إنّه لكثير السجود حول الكعبة، فإذا جاء وسجد أخذت حجراً فشدخته(١) به.

فجاء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وطاف بالبيت اُسبوعاً، ثمّ صلّى فأطال في صلاته، وسجد وأطال في سجوده، فأخذ أبوجهل حجراً وأتاه من قبل رأسه، فلمّا أن قرب منه أقبل فحل من قبل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فاغراً فاه(٢) فلمّا رآه أبوجهل فزع وارتعدت يده، وطرح الحجر فشدخ رجليه، فرجع مدمياً متغيّراً لونه، يفيض عرقاً.

فقال أصحابه: ما رأيناك كاليوم! قال: ويحكم أعذروني، فإنّه أقبل من عنده فحل فاغراً فاه يكاد يبتلعني(٣) ، فرميت الحجر فشدخت رجلى.(٤)

٧٣٣/١٦ - وفيه : عن هند بنت الجون قالت: لمّا نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بخيمة اُمّ معبد توضّأ للصلاة، ومجّ(٥) ماءً في فيه على عوسجة(٦) يابسة، فاخضرّت وأنارت(٧) وظهر لي ورقها، وحسن حملها، وكنّا نتبرّك بها ونستشفي بها للمرضى، فلمّا توفّي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ذهبت بهجتها ونضارتها.

فلمّا قتل أميرالمؤمنين عليه السلام انقطع ثمرها، فلمّا كان بعد مدّة طويلة أصبحنا يوماً وإذا بها قد نبعت من ساقها دم عبيط(٨) وورقها ذابل(٩) يقطر منه مثل ماء

____________________

(١) شدخ: كسر، شجّ.

(٢) فغر فاه: فتحه.

(٣) في الأصل والبحار: يبلعني.

(٤) الثاقب في المناقب: ١١٠ ح ١٠٤، أخرجه المجلسي رحمه الله في البحار: ٢٨٥/١٧ ضمن حديث طويل.

(٥) مجّ الماء من فمه: رمى به.

(٦) عوسجة: واحدة العوسج: جنس الشجرات من فصيلة الباذنجانيات، أغصانه شائكة وأزهاره مختلفة الألوان.

(٧) أنارت: أخرجت النَور وهو الورد الأبيض (لسان العرب: ٢٤٣/٥).

(٨) دمٌ عبيطٌ: طريّ.

(٩) ذبل النبات: ذهبت نضارته.

٥٨

اللحم، فعلمنا أنّه حدث حدث عظيم، [فبتنا] ليلتنا مهمومين فزعين نتوقّع الداهية.

فلمّا أظلم الليل علينا سمعنا بكاءً وعويلاً من تحتها، ووجبة(١) شديدة وضجّة [ورجّه](٢) ، وصوت باكية تقول: يابن النبيّ، يابن الوصيّ، ويابن البتول، ويا بقيّة السادة الأكرمين، ثمّ كثرت الرنّات والأصوات، ولم أفهم كثيراً ممّا يقولون، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين عليه السلام ويبست الشجرة وجفّت وذهبت أثرها.(٣)

يقول مؤلّف القطرة : أورد هذا الخبر الزمخشري بأدنى تفاوت في بعض ألفاظه في ربيع الأبرار من الباب الثامن، ثمّ قال: والعجب لِمَ لم يشهر أمر هذه الشجرة كما اشتهر أمر الشاة في قصّة هي من أعلام القصص.(٤)

ونقلها أيضاً ابن شهراشوب قدس سره بأدنى تفاوت من كتاب أمالي الحاكم النيسابوري وهو من أعيان علماء العامّة.(٥)

أقول : لاغرو في سبب إخفائها لكونها ممّا تدلّ على مناقب أميرالمؤمنين والحسين عليهما السلام أيضاً، وذكرنا الحديث من ربيع الأبرار في المجلّد الثاني من كتابنا دلائل الحقّ.

٧٣٤/١٧ - في صحيفة الرضا صلوات اللَّه عليه: بإسناده قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:أتاني ملك فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكّة ذهباً؟

قال: فرفع رأسه إلى السماء، فقال: يا ربّ أشبع يوماً فأحمدك وأجوع يوماً

____________________

(١) الوَجْبَةُ: صوت الساقط.

(٢) الرجَّةُ: رجّة القوم: اختلاط أصواتهم.

(٣) الثاقب في المناقب: ١١١ ح ١٠٧.

(٤) ربيع الأبرار: ٢٨٥/١، عنه كشف الغمّة: ٢٤/١.

(٥) المناقب: ١٢٢/١، عنه البحار: ٤١/١٨.

٥٩

فأسألك.(١)

٧٣٥/١٨ - روى المحدّث البحراني: عن ابن أبي يعفور، [عن أبي حمزة] عن الباقر عليه السلام قال: قال له رجل: كيف سمّيت الجمعة [جمعة]؟

قال: إنّ اللَّه عزّوجلّ جمع فيها خلقه لولاية محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ووصيّه في الميثاق، فسمّاه يوم الجمعة لجمعة خلقه فيه.(٢)

٧٣٦/١٩ - الثاقب في المناقب : عن عليّ عليه السلام قال: اجتمع آل ذُريح في عيد لهم فجاءتهم بقرة لهم فصاحت: يا آل ذريح، أمر نجيح، مع رجل يصيح، بصوت فصيح فجاء بلا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه، عجّلوا بلا إله إلّا اللَّه تدخلوا الجنّة.

قال: فواللَّه، ما شعرنا بآل ذريح إلّا قد أقبلوا إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يطلبونه حتّى أسلموا.

وروى هذا الخبر أطول من ذلك.

وروى: أنّ القوم أحضروا ثوراً ليذبحوه، فقال ذلك.(٣)

وقد رواه أيضاً أحمد في مسنده.

وروى الصدوق قدس سره : بإسناده عن عبدالرحمان بن كثير، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال:كانت بقرة في نخل لبني سالم من الأنصار، فقالت: يا ذُريح عمل نجيح(٤) صالح(٥) يصيح بلسان عربيّ فصيح بأن لا إله إلّا اللَّه ربّ العالمين، ومحمّد رسول

____________________

(١) صحيفة الرضا عليه السلام: ١١٦ ح ٧٦، عيون أخبار الرضا عليه السلام: ٢٩/٢ ح ٣٦، عنهما البحار: ٢٢٠/١٦ح ١٢.

(٢) الكافي: ٤١٥/٣ ح ٧، عنه البرهان: ٣٣٤/٤ ح٧، والوسائل: ٦٤/٥ ح٧، ورواه الشيخ رحمه الله في التهذيب: ٣/٣ ح٤ والفتّال رحمه الله في روضة الواعظين: ٣٣١.

(٣) الثاقب في المناقب: ٧٥ ح ٥٩، البحار: ٤٠٨/١٧ ح ٣٣ مع اختصار.

(٤) قال المجلسي رحمه الله: «عمل نجيح» خبر مبتدء محذوف، أي ما أدلّكم عليه عملٌ يوجب النجح والظفر بالمطلوب، والنجيح: الصواب من الرأي.

(٥) صائح، خ.

٦٠