القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ٢

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 672

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 672
المشاهدات: 41716
تحميل: 5191


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41716 / تحميل: 5191
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 2

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يدي، فأهوى بيده إلى رمل كان عليه جالساً فناولني منه كفّاً، وقال: إتّسع بهذا يا أباهاشم، واكتم ما رأيت.

فجئت به معي، ورجعنا فأبصرته فإذا هو ذهب أحمر يتّقد كالنيران(١) .

فدعوت صائغاً إلى منزلي [وقلت له: اسبك لي هذا، فسبكه] وقال [لي]: ما رأيت ذهباً أجود منه، [وهو] كهيئة الرمل، [قال:](٢) فمن أين لك هذا؟ فما رأيت أعجب منه!

قلت: هذا شيء كان عندنا قديماً يذخر(٣) لنا عجائزنا على طول الأيّام.(٤)

١١١٨/٣ - وفيه : عنه أيضاً قال: حججت سنة [حجّ فيها بغا]، [فقال:](٥) لمّا صرت إلى المدينة [صرت](٦) إلى باب أبي الحسن عليه السلام فوجدته راكباً في استقبال [بغا] فسلّمت عليه فقال: إمض بنا إذا شئت، فمضيت معه حتّى خرجنا من المدينة، فلمّا أصحرنا [التفت] إلى غلامه وقال: إذهب فانظر في أوائل العسكر، ثمّ قال: أنزل بنا يا أباهاشم.

قال: فنزلت وفي نفسي أن أسأله شيئاً، وأنا أستحيي منه، واُقدّم واُؤخّر.

قال: فعمل بسوطه في الأرض خاتم سليمان، فنظرت فإذا في الآخر الأحرف مكتوب: «خذ» و في الآخر [«اكتم»، وفي الآخر] «اعذر»، ثمّ اقتلعه بسوطه وناولنيه، فنظرت فإذا نقرة صافية فيها أربعمائة مثقال.

فقلت: بأبي وأمّي، لقد كنت شديد الحاجة إليها، وأردت كلامك واُقدّم

____________________

(١) في المصدر: فإذا هو يتّقد كالنيران ذهباً أحمر.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: تدّخره.

(٤) الثاقب في المناقب: ٥٣٢ ح١، وأورد الراوندي في الخرائج: ٦٧٣/٢ ح ٣ (نحوه)، عنه البحار:١٣٨/٥٠ ح ٢٢، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٥، ٦) ليس في المصدر.

٤٦١

واُؤخّر واللَّه يعلم حيث يجعل رسالاته(١) ، ثمّ ركبنا.(٢)

١١١٩/٤ - وفيه : الحسن بن محمّد بن جمهور العمي، [قال:] سمعت من سعيد الصغير الحاجب قال: دخلت على سعيد بن صالح الحاجب فقلت: يا أباعثمان، قد صرت من أصحابك - وكان [سعيد] يتشيّع - فقال: هيهات، فقلت: بلى واللَّه. فقال:وكيف ذلك؟

قلت: بعثني المتوكّل وأمرني أن أكبس(٣) على عليّ بن محمّد بن الرضا عليهم السلام فأنظر ما يفعل، ففعلت ذلك فوجدته يصلّي، فبقيت قائماً حتّى فرغ، فلمّا انفتل(٤) من صلاته أقبل عليّ وقال: يا سعيد، لايكفّ عنّي جعفر [- أي المتوكّل الملعون-] حتّى يقطع إرباً إرباً، إذهب واعزب، وأشار بيده [الشريفة].

فخرجت مرعوباً ودخلني من هيبته ما لا أحسن أن أصفه، فلمّا رجعت إلى المتوكّل سمعت الصيحة والواعية، فسألت عنه، فقيل: قتل المتوكّل، فرجعنا وقلت بها(٥) .(٦)

١١٢٠/٥ - وفيه : الحسن بن محمّد بن عليّ قال: جاء رجل إلى عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام وهو يبكي وترتعد فرائصه، فقال: يابن رسول اللَّه، إنّ فلاناً - يعني الوالي - أخذ ابني واتّهمه بموالاتك، فسلّمه إلى حاجب من حجّابه وأمره أن يذهب به إلى موضع كذا فيرميه من أعلى جبل هناك ثمّ يدفنه في أصل الجبل.

فقال عليه السلام: فما تشاء؟ فقال: ما يشاء الوالد الشفيق لولده.

قال: إذهب فإنّ إبنك يأتيك غداً إذا أمسيت ويخبرك بالعجب من إفتراقه(٧)

____________________

(١) في المصدر: واللَّه أعلم حيث يجعل رسالته.

(٢) الثاقب في المناقب: ٥٣٢ ح٢.

(٣) كبس على فلان، أو دار فلان: هجم عليه واحتاط به.

(٤) انفتل: انصرف.

(٥) أي: بالإمامة.

(٦) الثاقب في المناقب: ٥٣٩ ح ٣.

(٧) في المصدر: من أمره.

٤٦٢

فانصرف الرجل فرحاً.

فلمّا كان عند ساعة من آخر النهار غداً إذا [هو] بإبنه قد طلع عليه في أحسن صورة [قد رآ فسرّه] وقال: يا بنيّ أخبرني، فقال: يا أبت، إنّ فلاناً الحاجب صار بي إلى أصل ذلك الجبل فأمسى عنده إلى هذا الوقت يريد أن يبيت هناك ثمّ يصعدني من غداة إلى [أعلى] الجبل ويدهدهني(١) لبئر حفر لي قبراً في هذه الساعة، فجعلت أبكي وقوم موكّلون بي يحفظونني.

فأتاني جماعة عشرة لم أر أحسن منهم وجوهاً، وأنظف منهم ثياباً، وأطيب منهم روائح، والموكّلون بي لايرونهم، فقالوا لي: ما هذا البكاء والجزع [والتطاول والتضرّع]؟

فقلت: ألا ترون قبراً محفوراً وجبلاً شاهقاً، وموكّلين لايرحمون يريدون [أن] يدهدهوني منه ويدفنوني فيه؟

قالوا: بلى، أرأيت لو جعلنا الطالب مثل المطلوب فدهدهناه من الجبل ودفنّاه في القبر، أتحرر نفسك فتكون خادماً لقبر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم؟ قلت: بلى واللَّه.

فمضوا إلى الحاجب فتناولوه وجرّوه وهو يستغيث ولايسمع به أصحابه ولايشعرون [به]، ثمّ صعدوا به [إلى] الجبل ودهدهوه [منه]، فلم يصل إلى الأرض حتّى تقطّعت أوصاله، فجاء أصحابه فضجّوا عليه بالبكاء واشتغلوا عنّي.

فقمت وتناولني العشرة، فطاروا بي إليك في هذه الساعة، وهم وقوف ينتظرونني ليمضوا بي إلى قبر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لأكون خادماً، ومضى.

وجاء الرجل إلى عليّ بن محمّد عليهما السلام فأخبره، ثمّ لم يلبث إلّا قليلاً حتّى جاء الخبر بأنّ قوماً أخذوا ذلك الحاجب فدهدهوه من ذلك الجبل ودفنه أصحابه في ذلك القبر، وهرب ذلك الصبي(٢) الّذي كان يريدون أن يدفنوه(٣) في ذلك القبر،

____________________

(١) دَهْدَهَ الحجر: دحرجه.

(٢) في المصدر: الرجل.

(٣) في المصدر: كان أراد أن يدفنه.

٤٦٣

فجعل عليّ بن محمّد عليهما السلام يقول [للرجل: إنّهم] لايعلمون ما نعلم، ويضحك.(١)

١١٢١/٦ - وفيه : زرافة حاجب المتوكّل، قال: وقع رجل مشعبذ(٢) من ناحية الهند إلى المتوكّل يلعب لعب الحقّة [و] لم ير مثله، وكان المتوكّل لعّاباً، وأراد أن يُخجل عليّ بن محمّد بن الرضا عليهما السلام فقال لذلك الرجل: إن أخجلته أعطيتك ألف دينار.

قال: تقدّم بأن يخبز رقاقاً واجعلها على المائدة وأقعدني إلى جنبه، ففعل(٣) وأحضر عليّ بن محمّد عليهما السلام للطعام، وجعل له مسورة(٤) عن يساره، وكان عليها صورة أسد، وجلس اللاعب إلى جنب المسورة، فمدّ عليّ بن محمّد عليهما السلام يده إلى رقاقة فطيّرها ذلك الرجل، [فى الهواء] ومدّيده إلى اُخرى، فطيّرها [ذلك الرجل ومدّ يده إلى اُخرى فطيّرها]، فتضاحك الجميع.

فضرب [عليّ بن محمّد] عليهما السلام يده المباركة الشريفة على تلك الصورة [الّتي في] المسورة [و] قال: خذيه، فابتلعت الرجل، وعادت كما كانت إلى المسورة.

فتحيّر الجميع ونهض أبوالحسن [عليّ بن محمّد] عليهما السلام [يمضي](٥) ، وقال [له] المتوكّل: سألتك إلّا جلست ورددته. قال: واللَّه لاتراه بعدها، [أ] تسلّط أعداء اللَّه على أولياء اللَّه، وخرج من عنده [فلم ير الرجل بعد ذلك].(٦)

١١٢٢/٧ - في مروج الذهب: قال المسعودي : حدّثني محمّد بن الفرج - بمدينة جرجان في المحلّة المعروفة بغسان - قال: حدّثني أبودعامة قال: أتيت عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى عليهم السلام عائداً في علّته الّتي كانت وفاته بها [فى هذه

____________________

(١) الثاقب في المناقب: ٥٤٣ ح٣ مع إختلاف يسير.

(٢) شَعْبَذَ، شعبذة: مهر في الإحتيال وأرى الشيء على غير حقيقته، معتمداً على خداع الحواس.

(٣) في المصدر: فقعدوا.

(٤) المِسْوَر: متّكأ من جلد.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) الثاقب في المناقب: ٥٥٥ ح ١٥، وأورده في الصراط المستقيم: ٢٠٣/٢ ح٧ باختصار.

٤٦٤

السنة](١) فلمّا هممت بالانصراف قال لي: يا أبا دعامة، قد وجب [عليّ] حقّك أفلا اُخبرك(٢) بحديث تسرّ به؟ قال: فقلت له: ما أحوجني إلى ذلك يابن رسول اللَّه.

قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ. قال: حدّثني أبي عليّ بن موسى، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: [يا عليّ،] اكتب. قال: قلت: وما أكتب؟ قال: اكتب:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الإيمان ما وقّر في القلوب(٣) ، وصدّقته الأعمال، والاسلام ما جرى على اللسان، وحلّت به المناكحة.

قال أبو دعامة: فقلت: يا بن رسول اللَّه، ما أدري واللَّه أيّهما أحسن؟ الحديث أم الإسناد؟

فقال: إنّها لصحيفة بخطّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام وإملاء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم نتوارثها صاغراً عن كابر.(٤)

١١٢٣/٨ - في الخرائج للقطب الراوندي : روي عن محمّد بن الحسن بن الأشتر العلوي، قال: كنت مع أبي بباب المتوكّل - وأنا صبيّ - في جمع [من] الناس ما بين طالبي إلى عباسي إلى جندي إلى غير ذلك، وكان إذا جاء أبوالحسن عليه السلام ترجّل الناس كلّهم حتّى يدخل.

فقال بعضهم لبعض: لم نترجّل لهذا الغلام؟ وما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا ولا

____________________

(١) ليس في البحار.

(٢) في البحار: ألا اُحدّثك.

(٣) أي: ثبت وسكن.

(٤) البحار: ٢٠٨/٥٠ ضمن ح ٢٢.

٤٦٥

بأسنّنا ولا بأعلمنا(١) ؟ فقالوا: واللَّه لاترجّلنا له.

فقال لهم أبو هاشم: واللَّه لترجّلنّ له صغاراً وذلّة إذا رأيتموه، فما هو إلّا أن أقبل وبصروا به فترجّل له الناس كلّهم.

فقال لهم أبوهاشم: أليس زعمتم أنّكم لاتترجّلون له؟ فقالوا: واللَّه، ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجّلنا.(٢)

١١٢٤/٩ - وفيه: روي عن أحمد بن عيسى الكاتب، قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم كأنّه نائم في حجري، وكأنّه دفع إليّ كفّاً من تمر عدده خمس وعشرون تمرة.

قال: فما لبثت إلّا وأنا(٣) بأبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما السلام ومعه قائد، فأنزله في حجرتي وكان القائد يبعث ويأخذ من العلف من عندي فسألني يوماً: كم لك علينا؟قلت: لست آخذ منك شيئاً [من ثمنه](٤) .

فقال لي: أتحبّ(٥) أن تدخل إلى هذا العلوي فتسلّم عليه؟ قلت: لست أكره ذلك.

فدخلت فسلّمت عليه، وقلت له: إنّ في هذه القرية كذا وكذا من مواليك فإن أمرتنا بحضورهم فعلنا، قال: لاتفعلوا. قلت: فإنّ عندنا تموراً جياداً فتأذن لي أن أحمل لك بعضها. فقال: إن حملت شيئاً يصل(٦) إليّ، ولكن احمله إلى القائد فإنّه سيبعث إليّ منه.

____________________

(١) في المصدر: ولا أكبر منّا سنّاً ولا أعلمنا.

(٢) الخرائج: ٦٧٥/٢ ح ٧، عنه البحار: ١٣٧/٥٠ ح ٢٠.

(٣) في المصدر: فما لبثت حتّى أقدم.

(٤) من المصدر.

(٥) في المصدر: أفتحبّ.

(٦) في المصدر: لم يصل.

٤٦٦

فحملت إلى القائد أنواعاً من التمر، وأخذت نوعاً جيّداً في كُمّي وسكرجة(١) من زبد فحملته إليه، ثمّ جئت فقال [لي] القائد: أتحبّ أن تدخل على صاحبك؟ قلت: نعم.

فدخلت فإذا قدّامه من ذلك التمر الّذي بعثت به إلى القائد، فأخرجت التمر الّذي كان معي والزبد، فوضعته بين يديه، فأخذ كفّاً من تمر فدفعه إليّ، وقال: لو زادك رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لزدناك، فعددته فإذا هي كما رأيت في النوم لم يزد ولم ينقص.(٢)

١١٢٥/١٠ - وفيه : روى أبو محمّد البصري، عن أبي العبّاس خال شبل كاتب إبراهيم بن محمّد، قال: كنّا أجرينا ذكر أبي الحسن عليه السلام فقال لي: يا أبا محمّد، لم أكن في شيء من هذا الأمر، وكنت أعيب على أخي وعلى أهل هذا القول عيباً شديداً بالذمّ والشتم إلى أن كنت في الوفد الّذين أوفد المتوكّل إلى المدينة في إحضار أبي الحسن عليه السلام فخرجنا إلى المدينة.

فلمّا خرج وصرنا في بعض الطريق وطوينا(٣) المنزل وكان منزلاً صائفاً(٤) شديد الحرّ، فسألناه أن ينزل، فقال: لا، فخرجنا ولم نطعم ولم نشرب، فلمّا اشتدّ الحرّ والجوع والعطش فبينما(٥) ونحن إذ ذلك في أرض ملساء(٦) لا نرى شيئاً ولا ظلّاً(٧) ولا ماءاً نستريح، فجعلنا نشخص بأبصارنا(٨) نحوه.

____________________

(١) السُكُرُّجَة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم.

(٢) الخرائج: ٤١١/١ ح ١٦، عنه البحار: ١٥٣/٥٠ ح ٣٩.

(٣) طَوَى الأرض والبلاد: قطعها وجازها.

(٤) في بعض نسخ المصدر: وكان يوماً صائفاً.

(٥) في المصدر: والعطش فينا.

(٦) المَلَس: المكان المستوي لانبات به.

(٧) في المصدر والبحار: ولا ظلَّ.

(٨) شخص بصره: فتح عينيه ولم يطرف بهما.

٤٦٧

قال: وما لكم أحسبكم جياعاً وقد عطشتم؟، فقلنا: إي واللَّه، يا سيّدنا [و] قد عيينا. قال: عرّسوا(١) وكلوا واشربوا.

فتعجّبت من قوله، ونحن في صحراء ملساء لا نرى فيها شيئاً نستريح إليه، ولانرى ماءاً ولا ظلّاً.

فقال: ما لكم؟ عرّسوا، فابتدرت إلى القطار لاُنيخ(٢) .

ثمّ التفتّ وإذا أنا بشجرتين عظيمتين تستظلّ تحتهما عالم من الناس، وإنّي لأعرف موضعهما أنّه أرض براح قفراء(٣) وإذا بعين تسيح(٤) على وجه الأرض أعذب ماء وأبرده.

فنزلنا وأكلنا وشربنا واسترحنا، وإنّ فينا من سلك ذلك الطريق مراراً، فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب، وجعلت أحدّ النظر إليه وأتأمّله طويلاً وإذا نظرت إليه تبسّم وزوى(٥) وجهه عنّي.

فقلت في نفسي: واللَّه لأعرفنّ هذا كيف هو؟ فأتيت من وراء الشجرة فدفنت سيفي ووضعت عليه حجرين وتغوّطت في ذلك الموضع، وتهيّأت للصلاة.

فقال أبوالحسن عليه السلام: استرحتم؟ قلنا: نعم. قال: فارتحلوا على اسم اللَّه فارتحلنا.

فلمّا أن سرنا ساعة رجعت على الأثر فأتيت الموضع فوجدت الأثر والسيف كما وضعت والعلامة، وكأنّ اللَّه لم يخلق ثَمَّ شجرة ولا ماءاً ولا ظلالاً ولا بللاً

____________________

(١) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

(٢) أناخ الجمل: أبركه.

(٣) في المصدر: براح قفر. والبَراح: المتّسع من الأرض، لازرع فيه ولاشجر، والقَفْر: الخلاء من الأرض لا ماء فيه ولاناس ولا كلأ.

(٤) ساح الماء: سالَ وجَرى.

(٥) زوى وجهه: نحاه.

٤٦٨

فتعجّبت [من ذلك](١) ورفعت يديّ إلى السماء فسألت اللَّه الثبات على المحبّة والإيمان به والمعرفة منه، وأخذت الأثر فلحقت القوم.

فالتفت إليّ أبوالحسن عليه السلام وقال: يا أبا العبّاس فعلتها؟ قلت: نعم يا سيّدي، لقد كنت شاكّاً، و [لقد] أصبحت [و] أنا عند نفسي من أغنى الناس [بك] في الدنيا والآخرة.

فقال: هو كذلك، هم معدودون(٢) معلومون لا يزيد رجل ولا ينقص.(٣)

١١٢٦/١١ - في كمال الدين للصدوق قدس سره: ابن الوليد، عن سعد، عن جعفر بن محمّد بن الحسن بن الفرات، عن صالح بن محمّد بن عبداللَّه بن محمّد بن زياد عن اُمّه فاطمة ابنة [محمّد بن] الهيثم، قالت: كنت في دار أبي الحسن [عليّ بن محمّد العسكري] عليه السلام في وقت الّذي ولد فيه جعفر، فرأيت أهل الدار قد سرّوا به [فصرت إلى أبي الحسن عليه السلام فلم أره مسروراً بذلك] فقلت [له]: يا سيّدي ما لي أراك غير مسرور [بهذا المولود]؟

فقال: يهوّن عليك أمره، فإنّه سيضلّ خلقاً كثيراً.(٤)

١١٢٧/١٢ - عن عليّ بن محمّد النوفلي، قال: سمعته عليه السلام يقول:

إسم اللَّه الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، وإنّما كان عند آصف منه حرف واحد، فتكلّم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبا، فتناول عرش بلقيس حتّى صيّره إلى سليمان، ثمّ بسطت له الأرض في أقلّ من طرفة عين، وعندنا منه إثنان

____________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) قال العلّامة المجلسي رحمه الله: «هم معدودون» أي: الشيعة وأنت كنت منهم.

(٣) الخرائج: ٤١٥/١ ح ٢٠، عنه البحار: ١٥٦/٥٠ ح ٤٥، وما بين المعقوفتين من المصدر.

(٤) كمال الدين: ٣٢١/١ ذح ٢، عنه البحار: ٢٣١/٥٠ ح ٥، وأورد الإربلى في كشف الغمّة: ٣٨٥/٢ مع إختلاف يسير، عنه البحار: ١٧٦/٥٠ ضمن ح ٥٥.

٤٦٩

وسبعون حرفاً، وحرف واحد عند اللَّه عزّوجلّ استأثر به في علم الغيب.(١)

١١٢٨/١٣ - في المناقب : أبو محمّد الفحّام بالإسناد عن سليمة(٢) الكاتب قال: قال خطيب - يلقّب بالهريسة - للمتوكّل: ما يعمل أحد بك ما تعمله بنفسك في عليّ بن محمّد عليهما السلام، فلا في الدار إلّا من يخدمه، ولا يتعبونه يشيل(٣) الستر لنفسه.

فأمر المتوكّل بذلك فرفع صاحب الخبر أنّ عليّ بن محمّد عليهما السلام دخل الدار فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه الستر، فهبّ هواء فرفع الستر حتّى دخل وخرج.

فقال: شيلوا له الستر بعد ذلك فلا نريد أن يشيل له الهواء.(٤)

١١٢٩/١٤ - قال المسعودي في مروج الذهب : سعي إلى المتوكّل بعليّ بن محمّد [الجواد] عليهما السلام أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنّه عازم على الوثوب بالدولة.

فبعث إليه جماعة من الأتراك، فهجموا داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصا، وهو متوجّه إلى اللَّه تعالى يتلو آيات من القرآن.

فحمل على حاله تلك إلى المتوكّل وقالوا له: لم نجد في بيته شيئاً ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة، وكان المتوكّل [جالساً] في مجلس الشرب، فدخل عليه والكأس في يد المتوكّل.

____________________

(١) كشف الغمّة: ٣٨٥/٢، عنه البحار: ١٧٦/٥٠ ضمن ح ٥٥.

(٢) في المصدر والبحار: سلمة.

(٣) شالَهُ شَيْلاً: رفعه.

(٤) المناقب: ٤٠٦/٤، عنه البحار: ٢٠٣/٥٠ ح ١٢.

٤٧٠

فلمّا رآه هابه(١) وعظّمه وأجلسه إلى جانبه، وناوله الكأس الّتي كانت في يده فقال عليه السلام: واللَّه ما يخامر لحمي ودمي قطّ، فاعفني، فأعفاه.

فقال: أنشدني شعراً، فقال عليه السلام: إنّي قليل الرواية للشعر، فقال: لابدّ فأنشده عليه السلام وهو جالس عنده:

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم

غُلب الرجال فلم تنفعهم القلل

واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم

وأسكنوا حفراً يا بئسما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد دفنهم

أين الأساور والتيجان والحُلل

أين الوجوه الّتي كان منعّمة

من دونها تضرب الأستار والكلل؟

فأفصح القبر عنهم حين سائله

تلك الوجوه عليها الدود تنتقل(٢)

قد طال ما أكلوا دهراً وقد شربوا

وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد اُكلوا

قال: فبكى المتوكّل حتّى بلّت لحيته دموع عينيه، وبكى الحاضرون، ودفع إلى عليّ عليه السلام أربعة آلاف دينار، ثمّ ردّه إلى منزله مكرماً.

وقال الكراجكي قدس سره في الكنز : فضرب المتوكّل بالكأس الأرض وتنغّص(٣) عيشه في ذلك اليوم.(٤)

١١٣٠/١٥ - في الصراط المستقيم: نزل عليه السلام عن الفرس ليكتب كتاباً، فصهل(٥) ثلاثاً فقال له الإمام عليه السلام بالفارسيّة: إذهب إلى موضع كذا فبُل ورُث وعُد، ففعل.

قال أحمد بن هارون: فوسوس إليَّ الشيطان، فقال الإمام عليه السلام: لا يعظّم عليك

____________________

(١) هابَه هَيْباً: أجلّه وعظّمه.

(٢) في البحار: تقتتل.

(٣) نغّض فلاناً: كدّر عيشه.

(٤) البحار: ٢١١/٥٠ ذ ح ٢٤.

(٥) صَهَل الفرس صَهيلاً: صوّت، والصهيل: صوت الفرس مثل النهيق.

٤٧١

إنّما أعطى اللَّه آل محمّد عليهم السلام أكبر ممّا أعطى داود وسليمان.(١)

١١٣١/١٦ - كشف الغمّة: للعالم النحرير بهاء الدين عليّ بن عيسى الإربلي من دلائل الحميري: عن فتح بن يزيد الجرجاني قال: ضمّني وأبا الحسن عليه السلام الطريق حين منصرفي من مكّة إلى خراسان، وهو صائر إلى العراق فسمعته وهو يقول:

من اتّقى اللَّه يتّقى، ومن أطاع اللَّه يطاع.

قال: فتلطفت في الوصول إليه فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام، وأمرني بالجلوس وأوّل ما ابتدأني به أن قال:

يا فتح، من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فأيقن أن يحلّ به الخالق سخط المخلوق، وإنّ الخالق لايوصف إلّا بما وصف به نفسه، وأنّي يوصف الخالق الّذي يعجز الحواسّ أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار عن الإحاطة به.

جلّ عمّا يصفه الواصفون، وتعالى عمّا ينعته الناعتون، نأى في قربه، وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيّف الكيف فلا يقال: كيف، وأيّن الأين فلايقال: أين، إذ هو منقطع الكيفيّة والأينيّة.

هو الواحد [الأحد](٢) الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فجلّ جلاله.

بل كيف(٣) يوصف بكنهه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وقد قرنه الجليل بإسمه، وشركه في عطائه، وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته؟ إذ يقول:( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ) (٤) .

____________________

(١) الصراط المستقيم: ٢٠٤/٢ ح ١٢.

(٢) ليس في البحار.

(٣) في المصدر: أم كيف.

(٤) التوبة: ٧٤.

٤٧٢

وقال: يحكي قول من ترك طاعته وهو يعذّبه بين أطباق نيرانها وسرابيل قطرانها( يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّـهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) (١) .

أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله؟ حيث قال:( أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (٢) ، وقال:( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ ) (٣) ، وقال:( إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا ) (٤) ، وقال:( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (٥) .

يا فتح، كما لايوصف الجليل جلّ جلاله، والرسول [و] الخليل، وولد البتول فكذلك لايوصف المؤمن المسلّم لأمرنا، فنبيّنا أفضل الأنبياء، وخليلنا أفضل الأخلّاء، وصيّه(٦) أكرم الأوصياء، وإسمهما أفضل الأسماء، وكنيتهما أفضل الكنى وأحلاها(٧) ، لو لم يجالسنا إلّا كفو لم يجالسنا أحد، ولولم يزوّجنا إلّا كفو لم يزوّجنا أحد.

أشدّ الناس تواضعاً، أعظمهم حلماً، وأنداهم كفّاً، وأمنعهم كنفاً، ورث عنهما أوصياؤهما علمهما، فاردد إليهم الأمر، وسلّم إليهم، أماتك اللَّه مماتهم، وأحياك حياتهم، إذا شئت(٨) رحمك اللَّه.

قال فتح: فخرجت فلمّا كان عن الغد(٩) تلطفّت في الوصول إليه فسلّمت عليه فردّ [عليّ](١٠) السلام، فقلت: يابن رسول اللَّه، أتأذن في مسألة اختلج في صدري

____________________

(١) الأحزاب: ٦٦.

(٢) النساء: ٥٩.

(٣) النساء: ٨٣.

(٤) النساء: ٥٨.

(٥) النحل: ٤٣.

(٦) في المصدر: ووصيّنا.

(٧) في المصدر: وأجلاها.

(٨) إذا شئت يعني: إذا شئت أن تخرج فاخرج.

(٩) في المصدر: كان من الغد، وفي البحار: كان الغد.

(١٠) ليس في البحار.

٤٧٣

أمرها ليلتي؟

قال: سل، وإن شرحتها فلي، وإن أمسكتها فلي، فصحّح نظرك، وتثبّت في مسألتك، وأصغ إلى جوابها سمعك، ولا تسأل مسألة تعنت(١) واعتن بما تعتنى به فإنّ العالم والمتعلّم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحه، منهيّان عن الغشّ.

وأمّا الّذي اختلج في صدرك [ليلتك](٢) فإن شاء العالم أنبأك، إنّ اللَّه لم يظهر على غيبة أحداً إلّا من ارتضى من رسول(٢) فكلّ ما كان عند الرسول كان عند العالم، وكلّ ما اطّلع عليه الرسول فقد اطّلع أوصياءَه عليه لئلّا(٣) تخلو أرضه من حجّة يكون معه علم يدلّ على صدق مقالته، وجواز عدالته.

يا فتح، عسى الشيطان أراد اللبس عليك فأوهمك في بعض ما أودعتك وشكّكك في بعض ما أنبأتك حتّى أراد إزالتك عن طريق اللَّه، وصراطه المستقيم فقلتَ: متى أيقنت أنّهم كذا فهم أرباب. معاذ اللَّه، إنّهم مخلوقون مربوبون مطيعون للَّه، داخرون(٥) راغبون، فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به.

فقلت له: جعلت فداك، فرّجت عنّي وكشفت ما لبّس الملعون عليّ بشرحك فقد كان أوقع بخلدي(٦) أنّكم أرباب.

قال: فسجد أبوالحسن عليه السلام وهو يقول في سجوده: راغماً لك يا خالقي،

____________________

(١) في المصدر: تعيّنت، وفي البحار: تعنيت.

(٢) ليس في البحار.

(٣) إشارة إلى قوله تعالى:( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ) الآية، الجنّ: ٢٦، ٢٧.

(٤) في البحار: كيلا.

(٥) دَخَرَ، دُخوراً: صغر وذلّ وهان.

(٦) في المصدر والبحار: في خلدي، والخَلَد: البال والنَفْس.

٤٧٤

داخراً خاضعاً، قال: فلم يزل كذلك حتّى ذهب ليلي.

ثمّ قال: يا فتح، كدت أن تهلك وتهلّك، وما ضرّ عيسى عليه السلام إذا هلك من هلك(٢) إذا شئت فقم(٣) رحمك اللَّه.

قال: فخرجت وأنا فرح بما كشف اللَّه عنّي من اللبس بأنّهم هم، وحمدت اللَّه على ما قدرت عليه.

فلمّا كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متّكىء وبين يديه حنطة مقلوّة يعبث بها، وقد كان أوقع الشيطان في خلدي أنّه لاينبغي أن يأكلوا ويشربوا إذ كان ذلك آفة، والإمام غير مأوف.(٣)

فقال: إجلس يافتح، فإنّ لنا بالرسل اُسوة كانوا يأكلون ويشربون، ويمشون في الأسواق، وكلّ جسم مغذوّ بهذا إلّا الخالق الرازق، لأنّه جسّم الأجسام، وهو لم يجسّم ولم يحد بثنائه(٤) ، ولم يتزايد ولم يتناقص، مبرّء من ذاته ما ركّب في ذات من جسّمه.

الواحد الأحد الصمد الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، منشىء الأشياء، مجسّم الأجسام، وهو السميع العليم، اللطيف الخبير، الرؤف الرحيم تبارك وتعالى عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً.

لو كان كما وصف لم يعرف الربّ من المربوب، ولا الخالق من المخلوق ولا المنشى ء من المنشأ، [و] لكنّه فرّق بينه وبين من جسّمه، وشيّأ الأشياء إذ كان لايشبهه شيء يرى، ولا يشبه شيئاً.(٥)

____________________

(١) في بعض نسخ البحار: إذا هلك النصارى.

(٢) في البحار: انصرف إذا شئت، إذا شئت فاذهب، خ. وفي المصدر: فاذهب.

(٣) في البحار: غير ذي آفة.

(٤) لم يجز خ، وفي المصدر: ولم يجز ابتناه، وفي البحار: ولم يجزّء بتناه.

(٥) كشف الغمّة: ٣٨٨ - ٣٨٦/٢، عنه البحار: ١٧٧/٥٠ ح ٥٦.

٤٧٥

خاتمة الباب

ثمّ إنّي أختم الباب بذكر أمرين:

الأوّل: قصيدة لمحمّد بن إسماعيل بن صالح الصيمري - ذكرها في المقتضب - يرثي بها مولانا أبا الحسن الثالث عليه السلام ويعزّي ابنه أبا محمّد عليه السلام، أوّلها:

الأرض حزناً(١) زلزلت زلزالها

وأخرجت من جزع أثقالها

يعدّد الأئمّة وتكمّلهم بالخلف عليه السلام وذلك قبل ميلاده عليه السلام:

عشر نجوم أفلت في فلكها

ويطلع اللَّه لنا أمثالها

بالحسن الهادي أبي محمّد

تدرك أشياع الهدى آمالها

وبعده من يرتجى طلوعه

يظلّ جوّاب الفلا جوالها(٢)

ذو الغيبتين المطوّل(٣) الحقّ الّتي

لايقبل اللَّه من استطالها

يا حجج الرحمان إحدى عشرة

آلت بثاني عشرها مآلها(٤) .(٥)

الثاني: في المهج: عن اليسع بن حمزة القمي، قال: أخبرني عمرو بن مسعدة - وزير المعتصم الخليفة - أنّه جاء عليّ بالمكروه الفظيع حتّى تخوّفته على إراقة دمي وفقر عقبي، فكتبت إلى سيدي أبي الحسن العسكري عليه السلام أشكوا إليه ما حلّ بي.

فكتب إليّ: لا روع عليك ولا بأس، فادع اللَّه بهذه الكلمات يخلّصك اللَّه

____________________

(١) في البحار: خوفاً.

(٢) في المصدر: جزالها، وفي البحار: أجزالها.

(٣) في المصدر والبحار: الطول.

(٤) في المصدر: ما آلها.

(٥) المقتضب: ٥٢ و ٥٣، عنه البحار: ٢١٤/٥٠ ضمن ح ٢٦.

٤٧٦

وشيكاً(١) ممّا وقعت فيه، ويجعل لك فرجاً، فإنّ آل محمّد عليهم السلام يدعون بها عند إشراف البلاء، وشهور(٢) الأعداء، وعند تخوّف الفقر، وضيق الصدر.

قال اليسع بن حمزة: فدعوت اللَّه بالكلمات الّتي كتب إليّ سيّدي بها في صدر النهار، فواللَّه ما مضى شطره حتّى جاءني رسول عمرو بن مسعدة فقال لي: أجب الوزير.

فنهضت ودخلت عليه. فلمّا بصر بي تبسّم إليّ وأمر بالحديد ففكّ عنّي والأغلال فحلّت منّي، وأمرني(٣) بخلعة من فاخر ثيابه، وأتحفني بطيب، ثمّ أدناني وقرّبني وجعل يحدّثني ويعتذر إليّ، وردّ عليّ جميع ما [كان] استخرجه منّي وأحسن رفدي، وردّني إلى الناحية الّتي كنت أتقلّدها وأضاف إليها الكورة(٤) الّتي تليها.

قال: وكان الدعاء:

«يا من تحلّ بأسمائه عقد المكاره، ويا من يُفلّ بذكره حدّ الشدائد، ويا من يُدعى بأسمائه العظام من ضيق المخرج إلى محلّ الفرج، ذلّت بقدرتك(٥) الصعاب، وتسبّبت بلطفك الأسباب، وجرى بطاعتك القضاء، ومضت على ذكرك(٦) الأشياء، فهي بمشيّتك دون قولك مؤتمرة، وبإرادتك دون وحيك منزجرة.

وأنت المرجوّ للمهمّات، وأنت المفزع للملمّات، لايندفع منها إلّا ما دفعت ولاينكشف منها إلّا ما كشفت، وقد نزل بي من الأمر ما [قد](٧) فدحني ثقله، وحلّ بي منه ما بهضني(٨) حمله، وبقدرتك أوردت عليّ ذلك، وبسلطانك وجّهته إليّ،

____________________

(١) الوشيك: يقال: خرج وشيكاً: سريعاً.

(٢) في المصدر والبحار: وظهور.

(٣) في المصدر: أمر لي.

(٤) في المصدر: الكرة.

(٥) في المصدر والبحار: لقدرتك.

(٦) ذلك خ، وكذا في البحار.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) في البحار: بهظني.

٤٧٧

فلا مُصدر لما أوردت، ولا ميسّر لما عسّرت، ولا صارف لما وجّهت، ولا فاتح لما أغلقت، ولا مغلق لما فتحت، ولا ناصر لمن خذلت إلّا أنت، صلّ على محمّد وآل محمّد.

وافتح لي باب الفرج بطَوْلك، واصرف عنّي سلطان الهمّ بحولك، وأنلني حسن النظر فيما شكوت، وارزقني حلاوة الصنع فيما سألتك، وهب لي من لدنك فرجاً وَحِيّاً، واجعل لي من عندك مخرجاً هنيئاً، ولا تشغلني بالإهتمام عن تعاهد فرائضك، واستعمال سنّتك، فقد ضقت بما نزل بي ذرعاً، وامتلأت بحمل ماحدث عليّ جزعاً، وأنت القادر على كشف ما بُليت به، ودفع ما وقعت فيه، فافعل ذلك بي، وإن كنت غير مستوجبه منك، يا ذاالعرش العظيم، وذا المنّ الكريم، فأنت قادر يا أرحم الراحمين، آمين يا ربّ العالمين.(١)

____________________

(١) مهج الدعوات: ٣٢٦ - ٣٢٤، عنه البحار: ٢٢٤/٥٠ ح ١٢ (قطعة) و ٢٢٩/٩٥ ح ٢٧.

٤٧٨

الباب الثالث عشر

في ذكر قطرة من بحر

مناقب الإمام الحادي عشر وسبط سيّد البشر

ووالد الخلف المنتظر وشافع المحشر الرضيّ الزكيّ

أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكرى عليهما السلام

١١٣٢/١ - في الثاقب في المناقب: عن أبي هاشم الجعفري، قال: ركب أبومحمّد عليه السلام يوماً إلى الصحراء، وركبت معه فبينا نسير وهو قدّامي وأنا خلفه، إذ عرض لي فكر في دين كان عليّ، فجعلت اُفكّر في أيّ وجه يكون قضاؤه.

فالتفت إليّ وقال: اللَّه يقضيه، ثمّ انحنى على قربوس سرجه، فخطّ بسوطه خطّة في الأرض، وقال: يا أبا هاشم، إنزل فخذ واكتم.

فنزلت فإذا بسبيكة ذهب، قال: فوضعتها في خفّي وسرنا، فعرض لي الفكر [فقلت:] إن كان فيها تمام الدين، وإلّا فإنّي أرضي صاحبه بها، ويجب أن ننظر الآن في وجه نفقة الشتاء، وما نحتاج إليه من كسوة وغيرها.

فالتفت إليّ ثمّ انحنى ثانية، وخطّ بسوطه خطّة مثل الاُولى، ثمّ قال: إنزل فخذ واكتم.

٤٧٩

فنزلت فإذا سبيكة مثل الاُولى إلّا أنّها فضّة(١) ، فجعلتها في خفي الآخر، وسرنا يسيراً ثمّ انصرف إلى منزله، وانصرفت إلى منزلي، وجلست وحسبت ذلك [الدين]، وعرفت مبلغه، ثمّ وزنت سبيكة الذهب فخرجت بقسط ذلك الدين، [فإذا دارت](٢) مازادت ولانقصت.

ومن تأمّل ذلك عرف أنّ ذلك يزيد على ما أخبر عيسى عليه السلام(٣) بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم(٤) ، واللَّه الموفّق.(٥)

١١٣٣/٢ - روى ابن بابويه رضي الله عنه: عن أحمد بن إسحاق الوكيل القمي رضي الله عنه قال:دخلت على أبي محمّد عليه الصلاة والسلام فقلت: جعلت فداك، إنّي مغتمّ بشيء يصيبني في نفسي، وقد أردت أن أسأل أباك فلم يتّفق لي ذلك.

فقال: ما هو؟ فقلت: يا سيّدي روي لنا عن آبائك عليهم الصلاة والسلام أنّ نوم الأنبياء على أقفيتهم، ونوم المؤمنين على أيمانهم، ونوم المنافقين على شمائلهم، ونوم الشياطين على وجوههم.

فقال: كذلك، فقلت: يا سيّدي فإنّي أجهد أن أنام على يميني فلايمكنني ولايأخذني النوم عليها.

فسكت ساعة، ثمّ قال: يا أحمد، اُدن منّي، فدنوت منه، فقال: يا أحمد، أدخل يدك تحت ثيابك، فأدخلتها فأخرج يده من تحت ثيابه، وأدخلها تحت ثيابي ومسح بيده اليمنى على جانبي اليسرى، وبيده اليسرى على جانبي الأيمن ثلاث مرّات.

قال أحمد: فما أقدر أن أنام على يساري منذ فعل عليه الصلاة والسلام ذلك بي.(٦)

____________________

(١) في المصدر: بسبيكة فضّة.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: أخبرنا.

(٤) في المصدر: في بيوتكم.

(٥) الثاقب في المناقب: ٢١٧ ح ٢٠.

(٦) دعوات الراوندي: ٧٠ ح ١٦٩، عنه البحار: ١٩٠/٧٦ ح ٢١.

٤٨٠