القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء ٢

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام0%

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 672

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله العلّامة السيّد أحمد المستنبط رحمة الله عليه
الناشر: سليمان زاده
تصنيف: الصفحات: 672
المشاهدات: 41706
تحميل: 5191


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41706 / تحميل: 5191
الحجم الحجم الحجم
القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام

القطرة من بحار مناقب النبيّ والعترة عليهم السلام الجزء 2

مؤلف:
الناشر: سليمان زاده
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم المدخل الّذي رأيت [صورة خطّه](١) .(٢)

٧٧٣/٥٦ - في تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام : قام ثوبان مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: بأبي أنت واُمّي يا رسول اللَّه، متى قيام الساعة؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: ما أعددت لها إذ تسأل عنها؟ قال: يا رسول اللَّه ما أعددت لها كثير عمل إلّا أنّي اُحبّ اللَّه ورسوله.

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: وإلى ماذا بلغ حبّك لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً إنّ في قلبي من محبّتك ما لو قطّعت بالسيوف، ونشرت بالمناشير، وقرضت بالمقاريض، واُحرقت بالنيران، وطحنت بأرحاء الحجارة كان أحبّ إليّ وأسهل عليَّ من أن أجد لك في قلبي غشّاً أو غلّاً(٣) أو بغضاً، [أو] لأحد من أهل بيتك وأصحابك.

وأحبّ الخلق إليَّ بعدك أحبّهم لك، وأبغضهم إليَّ من لايحبّك ويبغضك أو يبغض أحداً من أصحابك. يا رسول اللَّه، هذا ما عندي من حبّك وحبّ من يحبّك وبغض من يبغضك أو يبغض أحداً ممّن تحبّه، فإن قبل هذا منّي فقد سعدت، فإن اُريد(٤) منّي عمل غيره فما أعلم لي عملاً أعتمده وأعتدّ به غير هذا، اُحبّكم جميعاً أنت وأصحابك وإن كنت لا اُطيقهم في أعمالهم.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أبشر فإنّ المرء يوم القيامة مع من أحبّه.

يا ثوبان، لو كان عليك من الذنوب ملاء ما بين الثرى إلى العرش لانحسرت(٥) وزالت عنك بهذه الموالاة أسرع من انحدار الظلّ عن الصخرة الملساء المستوية إذا طلعت عليه الشمس ومن انحسار الشمس إذا غابت عنها

____________________

(١) ليس في الكافي والبحار.

(٢) الكافي: ٥٥٤/٤ ح٢، عنه البحار: ٥٥٣/٢٢ ح١٣.

(٣) في المصدر: دَغَلاً.

(٤) في الأصل: فإن أراد.

(٥) انحسرت: سقطت.

٨١

الشمس.(١)

أقول: انحسار الشمس، ذهاب شعاعها.

٧٧٤/٥٧ - في العيون : بالأسانيد الثلاثة(٢) عن الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ موسى سأل ربّه عزّوجلّ فقال: يا ربّ، اجعلني من اُمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. فأوحى اللَّه تعالى إليه: يا موسى، إنّك لاتصل إلى ذلك.

وروي أيضا في صحيفة الرضا صلوات اللَّه عليه وآله (مثله).(٣)

٧٧٥/٥٨ - في بصائر الدرجات : أحمد بن محمّد وأحمد بن إسحاق، عن القاسم بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: لمّا قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم هبط جبرئيل ومعه الملائكة والروح الّذين كانوا يهبطون في ليلة القدر.

قال: ففتح لأميرالمؤمنين عليه السلام بصره فرآهم في منتهى السماوات إلى الأرض يغسلون النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم معه، ويصلّون معه عليه، ويحفرون له، واللَّه، ما حفر له غيرهم حتّى إذا وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه، فتكلّم وفتح لأميرالمؤمنين عليه السلام سمعه فسمعه يوصيهم به فبكى، وسمعهم يقولون: لا نألوه جهداً، وإنّما هوصاحبنا بعدك إلّا أنّه ليس يعايننا ببصره بعد مرّتنا هذه، حتّى إذا مات أميرالمؤمنين عليه السلام رأى الحسن عليه السلام والحسين عليه السلام مثل ذلك الّذي رأى ورأيا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً يعين الملائكة مثل الّذي صنعوه بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

حتّى إذا مات الحسن عليه السلام رأى منه الحسين عليه السلام مثل ذلك، ورأى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعليّاً عليه السلام يعينان الملائكة حتّى إذا مات الحسين عليه السلام رأى عليّ بن الحسين عليهما السلام منه

____________________

(١) تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ٣٧٠ ح ٢٥٩، عنه البحار: ١٠٠/٢٧ ح ٦١.

(٢) راجع شرحها البحار: ٥١/١.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ٣١/٢ ح ٤٧، صحيفة الرضا عليه السلام: ٢٩، عنهما البحار: ٣٤٤/١٣ ح ٢٧، و٣٥٤/١٦ ح ٣٩، و٢٦٨/٢٦ ح٣.

٨٢

مثل ذلك، ورأى النبيّ وعليّاً والحسن عليهم السلام يعينون الملائكة، حتّى إذا مات عليّ بن الحسين عليهما السلام رأى محمّد بن عليّ عليهما السلام مثل ذلك، ورأى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعليّاً والحسن والحسين عليهم السلام يعينون الملائكة، حتّى إذا مات محمّد بن عليّ عليهما السلام رأى جعفر عليه السلام مثل ذلك، ورأى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعليّاً والحسن والحسين وعليّ بن الحسين عليهم السلام يعينون الملائكة، حتّى إذا مات جعفر عليه السلام رأى موسى عليه السلام منه مثل ذلك، هكذا يجري إلى آخرنا.(١)

٧٧٦/٥٩ - كتاب الأربعين عن الأربعين : للشيخ منتجب الدين أبي الحسن عليّ بن عبيداللَّه بن الحسن يروي عنه الشهيد قدس سره في حديث الثامن عشر من كتابه بأسانيده المفصّلة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ اللَّه تعالى خلق في السماء الرابعة أربعمائة ألف ملك، وفي السماء الخامسة ثلاثمائة ألف ملك، وفي السماء السادسة مائتي ألف ملك.

وخلق في السماء السابعة ملكاً رأسه تحت العرش ورجلاه تحت الثرى، وملائكة اُخر ليس لهم طعام ولاشراب إلّا الصلاة على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام والإستغفار لمحبّيه وشيعته ومواليه.(٢)

٧٧٧/٦٠ - في عدّة الداعي : عن سلمان الفارسي رضوان اللَّه تعالى عليه قال: سمعت محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنّ اللَّه عزّوجلّ يقول:

يا عبادي، أوليس من له إليكم حوائج كبار لاتجودون بها إلّا أن يتحمّل عليكم بأحبّ الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعهم، ألا فاعلموا أنّ أكرم الخلق

____________________

(١) بصائر الدرجات: ٢٢٥ ح ١٧، عنه البحار: ٥١٣/٢٢ ح١٣، و٢٨٩/٢٧ ح ٣. وقال المجلسي رحمه الله ذيل الحديث: لعلّ آخر الخبر من كلام الراوي أو الإمام عليه السلام على الإلتفات، أو المرويّ عنه غير الصادق عليه السلام فصحّف النسّاخ.

(٢) الأربعين: ٤٣ الحديث الثامن عشر. وروى ابن شاذان في مائة منقبة: ١٦٣ المنقبة ٨٨ (نحوه)، عنه البحار: ٣٤٩/٢٦ ح ٢٢.

٨٣

عليَّ وأفضلهم لديَّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأخوه عليّ عليه السلام ومن بعده الأئمّة الّذين هم الوسائل إلى اللَّه.

ألا فليدعني من همّته حاجة يريد نفعها أودهته داهية يريد كشف ضررها بمحمّد وآله الطيّبين الطاهرين أقضها له أحسن ما يقضيها من تستشفعون بأعزّ الخلق عليه.

فقال له قوم من المشركين والمنافقين - وهم المستهزؤن به -: يا أباعبداللَّه، فمالك لاتقترح على اللَّه بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة؟

فقال سلمان رضي الله عنه: دعوت اللَّه وسألته ما هو أجلّ وأنفع وأفضل من ملك الدنيا بأسرها، سألته بهم صلّى اللَّه عليهم أن يهب لي لساناً ذاكراً لتحميده وثنائه، وقلباً شاكراً لآلائه، وبدناً على الدواهي الداهية صابراً، وهو عزّوجلّ قد أجابني إلى ملتمسي من ذلك، وهو أفضل من ملك الدنيا بحذافيرها وما تشتمل عليه من خيراتها مائة ألف ألف مرّة.(١)

٧٧٨/٦١ - وفيه : روى جابر، عن أبي عبداللَّه عليه السلام: أنّ ملكاً من الملائكة سأل اللَّه أن يعطيه سمع العباد فأعطاه اللَّه، فذلك الملك قائم حتّى تقوم الساعة، ليس أحد من المؤمنين يقول: صلّى اللَّه على محمّد وأهل بيته وسلّم إلّا قال الملك: وعليك السلام.

ثمّ يقول الملك: يا رسول اللَّه، إنّ فلان يقرؤك السلام، فيقول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: السلام.(٢)

٧٧٩/٦٢ - قال السيّد المحدّث المتبحّر نعمة اللَّه الجزائري في الأنوار: روى أبوسعيد في كتاب الوفا لشرف المصطفى عن عليّ عليه السلام أنّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:

____________________

(١) عدّة الداعي: ١٥١، وتقدّم ص ٤٨ ح ٧٢٢.

(٢) البحار: ١٨١/١٠٠ ح٢، وتقدّم ص ٤٩ ضمن ح ٧٢٣.

٨٤

أكثروا عليَّ الصلاة، قلت: وهل تبلغك الصلاة بعد أن تفارقنا؟

قال: نعم. يا عليّ، إنّ اللَّه تبارك وتعالى وكّل بقبري ملكاً يقال له: صلصائيل وهو في صورة الديك، متن عرفه(١) تحت عرش الرحمان، ومخالبه(٢) في تخوم الأرض السابعة، له ثلاث أجنحة إذا نشرها، واحد [ها] بالمشرق، والآخر بالمغرب، والآخر منتشر على أرض قبري.

فإذا قال العبد: «اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد» لقطها(٣) كما يلقط الطير الحبّ، ثمّ يرفرف(٤) على قبري ويقول: يا محمّد، إنّ فلان بن فلان صلّى عليك وأقرأك السلام.

فيكتب له في رقّ من نور بالمسك الأذفر، ويرفع له عشرون ألف حسنة، ويمحى عنه عشرون ألف سيّئة، ويغرس له عشرون ألف شجرة.(٥)

٧٨٠/٦٣ - في الخصال للشيخ الصدوق قدس سره : أبوالحسن طاهر بن محمّد بن يونس، عن محمّد بن عثمان الهروي، عن أحمد بن نجدة، عن أبي بشر ختن المقري، عن معتمر(٦) بن سليمان، عن أنس بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: لكلّ نبيّ دعوة قد دعا بها وقد سأل سؤلاً(٧) وقد أخبأت(٨) دعوتي لشفاعتي لاُمّتي يوم القيامة.(٩)

____________________

(١) العُرْف: شعر عنق الفرس، لحمة مستطيلة في أعلى رأس الديك، المكان المرتفع، يقال:عرف الجبل ونحوه، لظهره وأعلاه.

(٢) مخالب: جمع المِخْلَب: الظُفْر.

(٣) لقطها: أخذها من الأرض.

(٤) يرفرف: يبسط جناحه.

(٥) الأنوار النعمانيّة: ١٣٢/١.

(٦) في المصدر: معمّر.

(٧) السؤل - بالضمّ -: ما يسأل.

(٨) أخبأت: أخفيت، حفظت، وفي المصدر: خبّأتُ.

(٩) الخصال: ٢٩/١ ح ١٠٣، عنه البحار: ٣٤/٨ ح١.

٨٥

٧٨١/٦٤ - في أمالي الشيخ أبي عليّ بن الشيخ الطوسي قدس سره : الحفّار، عن إسماعيل بن عليّ الدعبلي، عن محمّد بن إبراهيم بن كثير قال: دخلنا على أبي نؤاس الحسن بن هاني نعوده في مرضه الّذي مات فيه، فقال له عيسى بن موسى الهاشمي: يا أبا عليّ، أنت في آخر يوم من أيّام الدنيا وأوّل يوم من أيّام الآخرة وبينك وبين اللَّه هنات(١) فتب إلى اللَّه عزّوجلّ.

قال أبو نؤاس: سنّدوني(٢) فلمّا استوى جالساً قال: إيّاي تخوّفني(٣) باللَّه؟ وقد حدّثني حمّاد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: لكلّ نبيّ شفاعة، وأنا خبّأت شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي يوم القيامة، أفترى لا أكون منهم؟(٤)

٧٨٢/٦٥ - في العيون للشيخ الصدوق قدس سره : أحمد بن أبي جعفر البيهقي، عن عليّ بن جعفر المدني، عن عليّ بن محمّد بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام، عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:

إذا كان يوم القيامة ولّينا حساب شيعتنا، فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين اللَّه عزّوجلّ حكمنا فيها فأجابنا، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس استوهبناها فوهبت لنا، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنّا أحقّ من عفا وصفح.(٥)

يقول المؤلّف : إنّ مورد العفو والشفاعة في الخبر الشريف «حساب شيعتنا»

____________________

(١) هنات: شرور و فساد، يقال: في فلان هنات أي خصلات شرّ.

(٢) أسندوني، خ.

(٣) في المصدر: تخوّف.

(٤) أمالي الطوسي: ٣٨٠ ح ٦٦ المجلس الثالث عشر، عنه البحار: ٤٠/٨ ح ٢١، و٢٣٨/٤٩ ح٨، والمستدرك: ٣٦٥/١١ح٦.

(٥) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ٥٨/٢ ح ٢١٣، عنه البحار: ٤٠/٨ ح ٢٤، و٩٨/٦٨ ح ١، والبرهان:٤٥٥/٤ ح ٣.

٨٦

القاصرين، لاغيرهم من المقصّرين المتهتّكين حقوق الناس وأعراضهم، ومن البديهي خروج تلك الطوائف عنه، وإلّا يلزم الترخيص في دخول القبائح والمعاصي والهرج والمرج، وهو قبيح عقلاً.

٧٨٣/٦٦ - في البحار : قال أبوالحسن البكري اُستاد الشهيد الثاني رحمه الله في كتاب الأنوار: روى عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال:

كان اللَّه ولاشيء معه فأوّل ما خلق نور حبيبه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنّة والنار والملائكة وآدم وحوّا، بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام، فلمّا خلق اللَّه تعالى نور نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بقي ألف عام بين يدي اللَّه عزّوجلّ واقفاً يسبّحه ويحمده، والحقّ تبارك وتعالى ينظر إليه ويقول:

يا عبدي، أنت المراد والمريد، وأنت خيرتي من خلقي، وعزّتي وجلالي لولاك ما خلقت الأفلاك، من أحبّك أحببته، ومن أبغضك أبغضته.

فتلألأ نوره وارتفع شعاعه، فخلق اللَّه منه اثني عشر حجاباً، أوّلها حجاب [القدرة، ثمّ حجاب](١) العظمة، ثمّ حجاب العزّة، ثمّ حجاب الهيبة، ثمّ حجاب الجبروت، ثمّ حجاب الرحمة، ثمّ حجاب النبوّة، ثمّ حجاب الكبرياء، ثمّ حجاب المنزلة، ثمّ حجاب الرفعة، ثمّ حجاب السعادة، ثمّ حجاب الشفاعة [والكرامة](٢) .

ثمّ إنّ اللَّه تعالى أمر نور رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يدخل في حجاب القدرة، فدخل وهو يقول: «سبحان العليّ الأعلى»، وبقي على ذلك إثنى عشر ألف عام.

ثمّ أمره أن يدخل في حجاب العظمة، فدخل وهو يقول: «سبحان عالم السرّ وأخفى» أحد عشر ألف عام.

____________________

(٢) من البحار وليس في الأصل.

(٣) ليس في البحار.

٨٧

ثمّ دخل في حجاب العزّة وهو يقول: «سبحان الملك المنّان» عشرة آلاف عام، ثمّ دخل في حجاب الهيبة وهو يقول: «سبحان من هو غنيّ لايفتقر» تسعة آلاف عام.

ثمّ دخل في حجاب الجبروت وهو يقول: «سبحان الكريم الأكرم» ثمانية آلاف عام، ثمّ دخل في حجاب الرحمة وهو يقول: «سبحان ربّ العرش العظيم» سبعة آلاف عام.

ثمّ دخل في حجاب النبوّة وهو يقول: «سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون» ستّة آلاف عام، ثمّ دخل في حجاب الكبرياء وهو يقول: «سبحان العظيم الأعظم» خمسة آلاف عام.

ثمّ دخل في حجاب المنزلة وهو يقول: «سبحان العليم الكريم» أربعة آلاف عام، ثمّ دخل في حجاب الرفعة وهو يقول: «سبحان ذي الملك والملكوت» ثلاثة آلاف عام.

ثمّ دخل في حجاب السعادة وهو يقول: «سبحان من يزيل الأشياء ولايزول» ألفي عام، ثمّ دخل في حجاب الشفاعة وهو يقول: «سبحان اللَّه [العظيم](١) وبحمده سبحان اللَّه العظيم» ألف عام.

قال الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام: ثمّ إنّ اللَّه تعالى خلق من نور محمّد صلى الله عليه وآله وسلم عشرين بحراً من نور، في كلّ بحر علوم لايعلمها إلّا اللَّه تعالى، ثمّ قال لنور محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: أنزل في بحر العزّ، فنزل، ثمّ في بحر الصبر، ثمّ في بحر الخشوع، ثمّ في بحر التواضع، ثمّ في بحر الرضا، ثمّ في بحر الوفاء، ثمّ في بحر الحلم، ثمّ في بحر التقى، ثمّ في بحر الخشية، ثمّ في بحر الإنابة، ثمّ في بحر العمل، ثمّ في بحر المزيد، ثمّ في بحر الهدى، ثمّ في بحر الصيانة، ثمّ في بحر الحياء، حتّى تقلّب في

____________________

(١) ليس في البحار.

٨٨

عشرين بحراً.

فلمّا خرج من آخر الأبحر قال اللَّه تعالى: يا حبيبي، ويا سيّد رسلي، ويا أوّل مخلوقاتي، ويا آخر رسلي، أنت الشفيع يوم المحشر.

فخرّ النور ساجداً، ثمّ قام فقطرت منه قطرات كان عددها مائة ألف وأربعة وعشرين ألف قطرة، فخلق اللَّه تعالى من كلّ قطرة من نوره نبيّاً من الأنبياء.

فلمّا تكاملت الأنوار صارت تطوف حول نور محمّد صلى الله عليه وآله وسلم كما تطوف الحجّاج حول بيت اللَّه الحرام، وهم يسبّحون اللَّه ويحمدونه ويقولون: «سبحان من هو عالم لايجهل، سبحان من هو حليم لايعجل، سبحان من هو غنيّ لايفتقر» فناداهم اللَّه تعالى: تعرفون من أنا؟

فسبق نور محمّد صلى الله عليه وآله وسلم قبل الأنوار ونادى: «أنت اللَّه الّذي لا إله إلّا أنت، وحدك لاشريك لك، ربّ الأرباب وملك الملوك».

فإذاً بالنداء من قبل الحقّ: أنت صفيّي وأنت حبيبي وأنت خير خلقي، اُمّتك خير اُمّة اُخرجت للناس.

ثمّ خلق من نور محمّد صلى الله عليه وآله وسلم جوهرة، وقسّمها قسمين، فنظر إلى القسم الأوّل بعين الهيبة فصار ماء عذباً، ونظر إلى القسم الثاني بعين الشفقة فخلق منه العرش، فاستوى على وجه الماء، فخلق الكرسي من نور العرش، وخلق من نور الكرسي اللوح، وخلق من نور اللوح القلم، وقال له: اكتب توحيدي، فبقي القلم ألف عام سكران من كلام اللَّه تعالى، فلمّا أفاق قال: اكتب. قال: يا ربّ، وما أكتب؟ قال:اكتب: «لا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه».

فلمّا سمع القلم اسم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم خرّ ساجداً وقال: «سبحان الواحد القهّار سبحان العظيم الأعظم» ثمّ رفع رأسه من السجود وكتب: «لا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه».

ثمّ قال: يا ربّ، ومن محمّد الّذي قرنت اسمه باسمك وذكره بذكرك؟

٨٩

قال اللَّه تعالى له: يا قلم، فلولاه ما خلقتك، ولاخلقت خلقي إلّا لأجله، فهو بشير ونذير وسراج منير، وشفيع وحبيب، فعند ذلك انشقّ القلم من حلاوة ذكر محمّد صلى الله عليه وآله وسلم.

ثمّ قال القلم: السلام عليك يا رسول اللَّه، فقال اللَّه تعالى: وعليك السلام منّي ورحمة اللَّه وبركاته، فلأجل هذا صار السلام سنّة والردّ فريضة.

ثمّ قال اللَّه تعالى: اكتب قضائي وقدري وما أنا خالقه إلى يوم القيامة، [ثمّ خلق اللَّه ملائكة يصلّون على محمّد وآل محمّد، ويستغفرون لاُمّته إلى يوم القيامة].

ثمّ خلق اللَّه تعالى من نور محمّد صلى الله عليه وآله وسلم الجنّة، وزيّنها بأربعة أشياء: التعظيم والجلالة والسخاء والأمانة، وجعلها لأوليائه وأهل طاعته، ثمّ نظر إلى باقى الجوهرة بعين الهيبة، إلى آخره.

والحديث طويل اقتصرنا منه إلى موضع الحاجة.(١)

٧٨٤/٦٧ - الكافي : عن أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبداللَّه الصغير، عن محمّد بن إبراهيم الجعفري، عن أحمد بن عليّ بن محمّد بن عبداللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: إنّ اللَّه كان إذ لا كان، فخلق الكان والمكان، وخلق نور الأنوار الّذي نوّرت منه الأنوار، وأجرى فيه من نوره الّذي نوّرت منه الأنوار، وهو النور الّذي خلق منه محمّداً وعليّاً عليهما السلام فلم يزالا نورين أوَّلين، إذ لاشيء كوّن قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهّرين في الأصلاب الطاهرة، حتّى افترقا في أطهر طاهرين، في عبداللَّه وأبي طالب عليهما السلام.(٢)

أقول : قوله: «إذ لا كان» يعني لم يكن شيء من الممكنات، وكأنّه مصدر بمعنى الكائن كالقيل والقال، ولعلّ المراد بنور الأنوار أوّلاً نور النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذ هو

____________________

(١) البحار: ٢٨/١٥ ح ٤٨، و١٩٨/٥٧ ح ١٤٥.

(٢) الكافي: ٤٤١/١ ح٩، عنه البحار: ١٩٦/٥٧ ح ١٤٣.

٩٠

منوّر أرواح الخلائق بالعلوم والكمالات والهدايات والمعارف، بل سبب لوجود الموجودات وعلّة غائية لها.

وقوله: «أجرى فيه» أي: في نور الأنوار، «من نوره الّذي نوّرت منه الأنوار» أي:نور ذاته سبحانه من إفاضاته وهداياته الّتي نوّرت منها الأنوار كلّها حتّى نور الأنوار المذكور أوّلاً، «وهو النور» أي: نور الأنوار المذكور أوّلاً.

قوله: «إذ لا شيء كوّن قبلهما» أي: قبل نورهما الّذي خلقا منه، أو سوى ذلك النور أوّلاً شيء من ذوات الأرواح، «أطهر طاهرين» أي: في زمانهما.

٧٨٥/٦٨ - ورد في خبر : لمّا خلق اللَّه محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم سراجاً منيراً أشرق نوره حتّى ملأ العمق الأكبر يعني به عالم الإمكان.

(نظم)

وقد كان مجلى الذات نور محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

عليه سلام اللَّه في كلّ لحظة

وقد فتق اللَّه المهيمن نوره

ليظهر كلّ اسم وكلّ حقيقة

ومجلى صفات اللَّه روح محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وكان به أرواح كلّ البريّة

٧٨٦/٦٩ - قال الإمام العسكري عليه السلام : قال اللَّه تعالى: [واذكروا] يا بني إسرائيل( وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَـٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ) (٢) [«إذ قلنا» لأسلافكم:«ادخلوا] هذه القرية» وهي أريحا من بلاد الشام، وذلك حين خرجوا من التيه «فكلوا منها» من القرية «حيث شئتم رغداً» واسعاً، بلا تعب «وادخلوا الباب» باب القرية «سجّداً».

مثّل اللَّه عزّوجلّ على الباب مثال محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام وأمرهم أن يسجدوا [للَّه] تعظيماً لذلك المثال، ويجدّدوا على أنفسهم بيعتهما وذكر موالاتهما،

____________________

(١) البقرة: ٥٨.

٩١

وليذكروا العهد والميثاق المأخوذين عليهم لهما.

«وقولوا حطّة» أي قولوا: إنّ سجودنا للَّه تعالى تعظيماً لمثال محمّد وعلى عليهما السلام واعتقادنا لولايتهما حطّة لذنوبنا ومحو لسيّئآتنا.

قال اللَّه تعالى: «نغفر لكم» بهذا الفعل «خطاياكم» السالفة، ونزيل عنكم آثامكم الماضية «وسنزيد المحسنين» من كان منكم لم يقارف(١) الذنوب الّتي قارفها من خالف الولاية، وثبت على ما أعطى اللَّه من نفسه من عهد الولاية، فإنّا نزيدهم بهذا الفعل زيادة درجات ومثوبات، وذلك قوله عزّوجلّ: «وسنزيد المحسنين».(٢)

٧٨٧/٧٠ - في تفسير فرات : قال: حدّثني عليّ بن أحمد بن عتاب، معنعناً عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: ما بعث اللَّه نبيّاً إلّا أعطاه من العلم بعضه، ما خلا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فإنّه أعطاه من العلم كلّه، فقال:( تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٣) وقال:( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ ) (٤) وقال:( الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ ) (٥) ولم يخبر أنّ عنده [علم الكتاب] والمنّ(٦) لايقع من اللَّه على الجميع.

وقال لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم:( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (٧) فهذا الكلّ ونحن المصطفون.

وقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيما سأل [ربّه](٨) :( رَبِّ زِدْنى عِلْماً ) (٩) فهي الزيادة الّتي

____________________

(١) قارف الشيء: قاربه وخالطه.

(٢) تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ٢٥٩ ح ١٢٧، عنه تأويل الآيات: ٦٢/١ ح ٣٩، والبحار: ١٨٣/١٣ضمن ح ١٩، والبرهان: ١٠٢/١ صدر ح١.

(٣) النحل: ٨٩.

(٤) الأعراف: ١٤٥.

(٥) النمل: ٤٠.

(٦) في البحار: وَمن.

(٧) فاطر: ٣٢.

(٨) من البحار و ليس في المصدر.

(٩) طه: ١١٤.

٩٢

عندنا من العلم الّذي لم يكن عند أحدٍ من الأنبياء والأوصياء(١) ولا ذرّيّة [الأنبياء] غيرنا، فهذا(٢) العلم علمنا المنايا والبلايا وفصل الخطاب.(٣)

٧٨٨/٧١ - في الكافي : الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن منصور بن العبّاس، عن عليّ بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لمّا قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بات آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بأطول ليلة حتّى ظنّوا أن لاسماء تظلّهم ولا أرض تقلّهم، لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وتر(٤) الأقربين والأبعدين في اللَّه، فبينما هم(٥) كذلك إذ أتاهم آت لايرونه ويسمعون كلامه.

فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمةالله وبركاته، إنّ في اللَّه عزاء من كلّ مصيبة، ونجاة من كلّ هلكة، ودركاً لما فات( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) (٦) .

إنّ اللَّه اختاركم وفضّلكم وطهّركم وجعلكم أهل بيت نبيّه واستودعكم علمه، وأورثكم كتابه، وجعلكم تابوت علمه، وعصا عزّه، وضرب لكم مثلاً من نوره، وعصمكم من الزلل، وآمنكم من الفتن، فتعزّوا بعزاء اللَّه، فإنّ اللَّه لم ينزع منكم رحمته، ولن يزيل عنكم نعمته.

فأنتم أهل اللَّه عزّوجلّ الّذين بهم تمّت النعمة، واجتمعت الفرقة، وائتلفت الكلمة، وأنتم أولياؤه، فمن تولّاكم فاز، ومن ظلم حقّكم زهق، مودّتكم من اللَّه واجبة في كتابه على عباده المؤمنين، ثمّ اللَّه على نصركم إذا يشاء قدير، فاصبروا

____________________

(١) في المصدر: من الأوصياء والأنبياء وفي البحار: من أوصياء الأنبياء.

(٢) في البحار وبعض نسخ المصدر: فبهذا.

(٣) تفسير فرات: ١٤٥ ح ١١، عنه البحار: ٦٤/٢٦ ح ١٤٧، والبرهان: ٣٦/٢ ح١.

(٤) وَتَر فلاناً: قتل حَميمَة، أدركه بمكروه، أخزعه.

(٥) في المصدر: فبيناهم.

(٦) آل عمران: ١٨٥.

٩٣

لعواقب الاُمور فإنّها إلى اللَّه تصير، قد قبلكم اللَّه من نبيّه وديعة، واستودعكم أولياءَه المؤمنين في الأرض، فمن أدّى أمانته آتاه اللَّه صدقه.

فأنتم الأمانة المستودعة، ولكم المودّة الواجبة، والطاعة المفروضة، وقد قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وقد أكمل لكم الدين، وبيّن لكم سبيل المخرج، فلم يترك لجاهل حجّة، فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى اللَّه حسابه، واللَّه من وراء حوائجكم، واستودعكم اللَّه، والسلام عليكم.

فسألت أباجعفر عليه السلام ممّن(١) أتاهم التعزية؟ فقال: من اللَّه تبارك وتعالى.(٢)

يقول المؤلّف : هذه الزيارة ممّا يناسب أن يزار بها سيّدنا وإمامنا أميرالمؤمنين والأئمّة الطاهرين عليهم السلام بعنوان تسليتهم عن مصيبة هذا اليوم، وهو اليوم الثامن والعشرين من صفر.

____________________

(١) في بعض نسخ المصدر: من أين.

(٢) الكافي: ٤٤٥/١ ح ١٩، عنه البحار: ٥٣٧/٢٢ ح ٣٩.

٩٤

خاتمة الباب

نذكر فيها أمرين:

الأوّل : أبيات همزيّة لشرف الدين أبوعبداللَّه محمّد بن سعيد الدلاصي (البوصيري) ولقد حذفنا أواخرها أبياتاً خوفاً للإطناب وهي:

كيف ترقى(١) رقيّك(٢) الأنبياء

يا سماء ما طاولتها(٣) سماء

لم يساووك في علاك وقد حا

ل سنا(٤) منك دونهم وسناء

إنّما مثلوا صفاتك للنا

س كما مثل النجوم الماء

أنت مصباح كلّ فضل فما يصـ

ـدر إلّا عن ضوئك الأضواء

لك ذات العلوم من عالم الغيـ

ـب ومنها لآدم الأسماء

لم تزل في ضمائر الكون تختا

ر لك الاُمّهات والآباء

مامضت فترة من الرسل إلّا

بشّرت قومها بك الأنبياء

تتباهى بك العصور وتسموا

بك علياء بعدها علياء

وبدا للوجود منك كريم

من كريم آباؤه كرماء

نسب تحسب العلا بحلاه

قلدتها نجومها الجوزاء(٥)

حبّذا عقد سؤدد وفخار

أنت فيه اليتيمة العصماء

ومحيا كالشمس منك مضيء

أسفرت عنه ليلة غرّاء

ليلة المولد الّذي كان للديـ

ـن سرور بيومه وازدهاء

____________________

(١) ترقى: ترفع، تعلو، تصعد.

(٢) رقيّك: صعودك.

(٣) طاول في الشيء: غالبه وباراه.

(٤) السناء: العلوّ والارتفاع.

(٥) الجوزاء: نجم يقال: إنّها تعرّض في جوز السماء أي وسطها.

٩٥

وتوالت بشرى الهواتف أن قد

ولد المصطفى وحقّ الهناء(١)

وتداعى ايوان كسرى ولولا

آية منك ما تداعى البناء

وغدا كلّ بيت نار وفيه

كربة من خمودها وبلاء

وعيون للفرس غارت(٢) فهل كا

ن لنيرانهم بها إطفاء

مولد كان منه في طالع الكفـ

ـر وبال عليهمو ووباء

فهنيئاً به لآمنة الفضـ

ـل الّذي شرّفت به حوّاء

من لحوّاء إنّها حملت أحمد

أو أنّها به نفساء

يوم نالت بوضعه ابنة وهب

من فخار مالم تنله النساء

وأتت قومها بأفضل ممّا

حملت قبل مريم العذراء

شمتته الأملاك إذ وضعته

وشفتنا بقولها الشفاء

رافعاً رأسه وفي ذلك الرفـ

ـع إلى كلّ سؤدد إيماء

رافعاً طرفه السماء ومرمى

عين من شأنه العلوّ العلاء

وتدلت زهر النجوم إليه

فأضاءَت بضوئها الأرجاء(٣)

وتراءت قصور قيصر بالرو

م يراها من داره البطحاء

وبدت في رضاعه معجزات

ليس فيها عن العيون خفاء

إذ أبته ليتمه مرضعات

قلن مافي اليتيم عنّا غناء

فأتته من آل سعد فتاة

قد أبتها لفقرها الرضعاء

أرضعته لبانها فسقتها

وبنيها ألبانهنّ الشاء

أصبحت شوّلاً(٤) عجافاً(٥) وأمست

مابها شائل ولا عجفاء

أخصب العيش عندها بعد محل

إذ غدا للنبيّ منها غذاء

____________________

(١) التهنئة: خلاف التعزية.

(٢) غارت العين: إنخسفت.

(٣) الأرجاء: جوانب، نواحي.

(٤) شوّلت: لحقت بطونها بظهورها من الجوع.

(٥) عَجِفَ: هزل.

٩٦

يالها منّة لقد ضوعف الأجـ

ـر عليها من جنسها والجزاء

وإذا سخّر الإله اُناساً

لسعيد فإنّهم سعداء

حبّة أنبتت سنابل والعصـ

ـف لديه يستشرف الضعفاء

وأتت جدّه وقد فصلته

ولها من فصاله البرحاء(١)

إذ أحاطت به ملائكة اللَّه

فظنّت بأنّهم قرناء

ورأى وجدها به ومن الوجـ

ـد لهيب تصلى به الأحشاء

فارقته كرهاً وكان لديها

ثاوياً(٢) لايملّ منه الثواء

شقّ عن قلبه وأخرج منه

مضغة عند غسله سوداء

ختمته يمنى الأمين وقد أو

دع مالم يدع له أبناء

صان أسراره الختام فلا الفضـ

ـض ملمّ به ولا الإفضاء

ألف النسك والعبادة والخلـ

ـوة طفلاً وهكذا النجباء

وإذا حلّت الهداية قلباً

نشطت للعبادة الأعضاء

بعث اللَّه عند مبعثه الشهـ

ـب حراساً وضاق عنه الفضاء

تطرد الجنّ عن مقاعد للسمـ

ـع كما يطرد الذئاب الرعاء

فمحت آية الكهانة آيا

ت من الوحي مالهن انمحاء

ورأته خديجة والتقى والـ

ـزهد فيه سجيّة والحياء

وأتاها أنّ الغمامة والسر

ح أظلّته منهما أفياء

وأحاديث أن وعد رسول اللَّه

بالبعث حان منه الوفاء

فدعته إلى الزواج وما أحـ

ـسن ما يبلغ المنى الأذكياء

وأتاه في بيتها جبرئيل

ولذي اللب في الاُمور ارتياء

____________________

(١) البُرَحاء: الشدّة.

(٢) ثاوياً: مستقرّاً.

٩٧

فأماطت عنها الخُمُر(١) لتدري

أهوى الوحي أم هو الإغماء

فاختفى عند كشفها الرأس جبريـ

ـل فما عاد أو اعيد الغطاء

فاستبانت خديجة أنّه الكنـ

ـز الّذي حاولته والكيمياء

ثمّ قام النبيّ يدعو إلى اللَّه

وفي الكفر نجدة واباء

اُمماً اُشربت قلوبهم الكفـ

ـر فداء الضلال فيهم عياء

ورأينا آياته فاهتدينا

وإذا الحقّ جاء زال المراء

ربّ إنّ الهدى هداك وآيا

تك نور تهدى بها من تشاء

كم رأينا ماليس يعقل قد ألـ

ـهم ما ليس يفهم العقلاء

إذ أبي الفيل ما أتى صاحب الفيـ

ـل ولم ينفع الحجا والذكاء

والجمادات أفصحت بالّذي أخـ

ـرس عنه لأحمد الفصحاء

ويح قوم جفوا نبيّاً بأرض

ألفته ضبابها والظباء

وسلوه وحنَّ جذع إليه

وقلوه وودّه الغرباء

أخرجوه منها وآواه غار

وحمته حمامة ورقاء

وكفته بنسجها عنكبوت

ما كفته الحمامة الحصداء

فاختفى منهم على قرب مرآ

ة ومن شدّة الظهور الخفاء

ونحا المصطفى المدينة فاشتا

قت إليه من مكّة الانحاء

وتغنّت بمدحه الجنّ حتّى

طرب الإنس منه ذاك الغناء

فاقتفى أثره سراقة فاستهـ

ـوته في الأرض صافن جرداء

ثمّ ناداه بعد ما سيمت الخسف

وقد ينجد الغريق النداء

فطوى الأرض سائراً والسماوا

ت العلى فوقها له إسراء

فصف الليلة الّتي كان للمخـ

ـتار فيها على البراق استواء

____________________

(١) الخُمر: جمع الخِمار: ما يغطّى به الرأس.

٩٨

وترقى به إلى قاب قوسيـ

ـن وتلك السيادة القعساء(١)

رتب تسقط الأماني حسرى

دونها ماوراءهنّ وراء

ثمّ وافى يحدّث الناس شكراً

إذ أتته من ربّه النعماء

وتحدّى فارتاب كلّ مريب

أو يبقى مع السيول(٢) الغثاء(٣)

وهو يدعو إلى الإله وإن شق

عليه كفر به وازدراء

ويدلّ الورى على اللَّه بالتو

حيد وهو المحجّة البيضاء

فبما رحمة من اللَّه لانت

صخرة من ابائهم صماء

واستجابت له بنصر وفتح

بعد ذاك الخضراء والغبراء

وأطاعت لأمره العرب العر

باء والجاهليّة الجهلاء

وتوالت للمصطفى الآية الكبـ

ـرى عليهم والغارة الشعواء(٤)

وإذا ما تلا كتاباً من اللَّه

تلته كتيبة خضراء

وكفاه المستهزئين وكم ساء

نبيّاً من قومه استهزاء

ورماهم بدعوة من فناء الـ

ـبيت فيها للظالمين فناء

خمسة كلّهم اُصيبوا بداء

والردى من جنوده الادواء

فدهى الأسود بن مطلب أ

ي عمى ميّت به الأحياء

ودَهى الأسود بن عبد يغوث

أن سقاه كأس الردى استسقاء

وأصاب الوليد خدشة سهم

قصرت عنها الحيّة الرقطاء(٥)

وقضت شوكة على مهجة العا

ص فللّه النقعة الشركاء

____________________

(١) قَعِسَ فلان: مَنُع وعزَّ.

(٢) السيول: جمع السيل: الماء الكثير السائل.

(٣) الغُثاء: ما يجيء فوق السيل ممّا يحمل من الزبد والوسخ وغيره.

(٤) الشعواء: المنتشرة المتفرّقة.

(٥) الرُقْطَة: سواد يشوبه نقط بياض، ومنه «دجاجة رقطاء» و «حيّة رقطاء» (مجمع البحرين).

٩٩

وعلى الحرث القيوح وقد سا

ل بها رأسه وساء الوعاء

خمسة طهرت بقطعهم الأر

ض فكفّ الأذى بهم شلّاء

فديت خمسة الصحيفة بالخمـ

ـسة إن كان للكرام فداء

فتية بيّتوا على فعل خير

حمد الصبح أمرهم والمساء

يا لأمرأتاه بعد هشام

زمعة أنّه الفتى الأتاء

وزهير والمطعم بن عدي

وأبوالبختري من حيث شاء

نقضوا مبرم الصحيفة إذ شد

دت عليه من العدا الأنداء

أذكرتنا بأكلها أكل منسا

ة سليمان الأرضة الخرساء

وبها أخبر النبيّ وكم أخـ

ـرج خبأ له الغيوب خباء

لاتخل جانب النبيّ مضاما

حين مسّته منهم الأسواء

كلّ أمر ناب النبيّين فالشدّ

ة فيه محمودة والرخاء

لو يمسّ النظار هون من النا

ر لما اختير للنضار الصلاء

كم يدعن نبيّه كفّها اللَّه

وفي الخلق كثرة واجتراء

إذ دعا وحده العباد وأمست

منه في كلّ مقلة أقذاء

همّ قوم بقتله فأبى السيف

وفاء وفاءت الصفواء

وأبوجهل إذ رأى عنق الفحـ

ـل إليه كأنّه العنقاء

واقتضاه النبيّ دين الاراشـ

ـى وقد ساء بيعة والشراء

ورأى المصطفى أتاه بما لم

ينج منه دون الوفاء النجاء

هو ما قد رآه من قبل لكن

ما على مثله يعدّ الخطاء

وأعدت حمّالة الحطب الفهـ

ـر وجاءت كأنّها الورقاء

يوم جاءت غضبى تقول أفي مثلي

من أحمد يقال الهجاء

وتولّت وما رأته ومن أين

ترى الشمس مقلة عمياء

ثمّ سمّت له اليهوديّة الشا

ة وكم سام الشقوة الأشقياء

١٠٠