مجالس الناشئة 1426هـ

مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: دواوين
الصفحات: 85
مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: دواوين
الصفحات: 85
سلسلة مجالس الناشئة
مجالس الناشئة
١٤٢٦هـ
الكتاب: مجالس الناشئة١٤٢٦هـ
نشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
إعداد: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الطبعة: الأولى، ك١، ٢٠٠٥م-١٤٢٥هـ
جميع حقوق الطبع محفوظة ©
المقدمة
الحمد لله الذين منّ علينا بنعمة الموالاة لنبيه وآل نبيه صلوات الله عليهم، فجعلهم الشموس الطالعة، والأقمار المنيرة، والأنجم الزاهرة، وأعلام الدين وقواعد العلم، صالحاً بعد صالح، وصادقاً بعد صادق، وسبيلاً بعد سبيل، فقال فيهم:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾.
وجعل أجر نبيه محمد صلواته عليه وعليهم مودتهم في كتابه.
فقال: ﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾.
وقال: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ﴾.
وقال: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَ مَنْ شَاء أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾.
والحمد لله الذي من علينا من بينهم بسفينة النجاة، ومصباح الهدى، الإمام الحسين ابن علي عليهما السلام الذي أُمرنا بإحياء ذكره وإقامة أمره، تعظيماً لحقه.
وبعد،
أثر انعقاد المؤتمر العاشورائي الأول للناشئة في العام ٢٠٠٣م والذي انبثق عنه قرار إعداد كتاب خاص بمجالس الناشئة، أخذ معهد سيد الشهداءعليهالسلام على عاتقه مهمة إعداد الكتاب (فكان النموذج الأول لمجالس الأطفال والناشئة ) مع ما اعتراه من ثغرات وملاحظات عملاً استثناياً، قنن ونظم للمرة الأولى عملية تقديم المادة العاشورائية.
بعد التقييم المتراكم من المناطق والخطباء وذوي الاختصاص التربوي، تقرر إدخال تعديلات جذرية على عملية إعداد الكتيب المذكور وتصديره بحلة جديدة لجهة المضمون والشكل مراعين في عملية إعداد الكتيب الأمور التالية:
١- التركيز على مفهوم العلاقة العاطفية، الإنسانية، الأخلاقية بالإمام الحسينعليهالسلام - التربية بالقدوة - في معالجة أحداث عاشوراء وطرحها على مسامع الناشئة حيث تم ربط كل قيمة تربوية مطلوب ترسيخها في شخصية النشء بشخصية الإمام الحسينعليهالسلام .
٢- عدم التعرض لأمور تشوش ذهن النشء (معقول ولا معقول) بسبب عجز الطفل عن تبرير الغيبيات.
٣- عدم تحويل كربلاء إلى مجرد تراجيديا خالية من المفاهيم والقيم والأهداف (البكاء للبكاء) بحيث لا تبدو حياة الإمام الحسينعليهالسلام حياة مأساوية مختصرة بصور البكاء والتفجيع عليه قبل ولادته وبعدها وحتى شهادتهعليهالسلام .
٤- تجنب الإشارة إلى معرفة الإمام الحسينعليهالسلام بخبر شهادته قبل خروجه إلى الشهادة وأن يتم إفهام الطفل بأن الهدف كان الإصلاح.
٥- تقديم مادة لمجموعة من القراء الملمين ببعض الأسس التربوية التي تمكنهم من مخاطبة النشء بلغة بسيطة مفهومة وخالية من المثالب التربوية.
٦- تبسيط لغة الكتيب، حيث قام المعهد بمساعدة أحد الشعراء (الحاج يحيى شرارة) بإعداد قصائد شعرية بسيطة اللغة والتعابير وغير مطوّلة، تتناسب أوزانها مع أطوار العزاء لتكون بديلاً عن القصائد القديمة المشهورة والتي تقف لغتها حائلاً أمام تلقي المستمع لمفاهيمها ومعانيها.
٧- تحديد هدف وأغراض كل محاضرة من محاضرات الكتيب ووضع مخطط تفصيلي لكل مجلس يبيّن (مناسبة المجلس - عنوان الموضوع المتناسب معها - المشكلات التربوية والمسلكيّة المطلوب التركيز عليها ومعالجتها - النقاط الرئيسية للموضوع)، على أن يترك للقارئ الاختصار والتوسع تبعاً للظروف.
٨- تم اختيار عناوين المحاضرات والمشاكل التربوية المراد تناولها فيها عبر الرجوع إلى العلوم التربوية التي تحدد المشاكل الأخلاقية والمسلكية الأبرز التي يواجهها النشء في المرحلة العمرية الممتدة من (٧-١٤) سنة.
٩- حاولنا إضافة قصة تربوية مفيدة على هامش كل مجلس يمكن للخطيب الاستعانة بها لترسيخ أو استنتاج المفاهيم المراد إيصالها للناشئة تسهيلاً لعملية التحضير وتأطيراً لها.
ختاماً،
لا يمكنها القول بأن ما أُنجز كان تاماً على المستوى التربوي، بل نحتاج دائماً إلى التطوير وإعادة النظرن وهذا يلزمنا جميعاً بالمشاركة في عملية التقييم وتقديم المقترحات الهادفة والبنّاءة والتي يمكن أن تساهم في إعادة التخطيط للمادة الثقافية العاشورائية المتعلقة بالناشئة.
لذا كلنا أمل بأن يتم نقل تقييم المعنيين (الناشئة - خطباء مجالس الناشئة - مدراس مجالس الناشئة) والمشرفين على هذه العملية التربوية الحساسة، بكل أمانة وصدق، لتضاف إلى مقترحات وتقديرات التربويين المختصين، فينتج عنها عمل ينشد الكمال ولا يصل إليه بكل حال.
والله من وراء القصد.
مخطط المجلس الأول
المناسبة:
ذكرى عاشوراء ومعانيها
عنوان الموضوع المناسب:
لماذا نبكي على الحسينعليهالسلام ؟
المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:
من فروع الدين: الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعداء الله
النقاط الرئيسية للموضوع:
١. سبب البكاء على الإمام الحسينعليهالسلام حب النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله له ومواساتنا لهصلىاللهعليهوآلهوسلم .
٢. ما هو سبب حب النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله للإمام الحسينعليهالسلام ؟
٣. الإنسان الصالح محبوب من الله والناس.
٤. الإمام الحسينعليهالسلام جسد كل الصفات الخيرة التي يحبها الله.
٥. إنسان بصفات وأخلاق الإمام الحسينعليهالسلام يستحق حب الأمة وتعظيمها.
المجلس الأول
لماذا نبكي على الإمام الحسينعليهالسلام ؟
صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..
القصيدة:
مني العزا لعلي للزهراء |
في ذكرى مقتل سيد الشهداءِ |
|
إن العزاء فريضة يأتي بها |
من كان في الدنيا من الشرفاءِ |
|
نبكي الحسين وليس ضعفاً إنما |
نبكي له حباً وصفو ولاءِ |
|
فهو الذي خط الإباء وسنه |
بعزيمة وشهادة ودماء |
|
وفدى لنا شرع الإله بنفسه |
وبأهله وبصحبه النجباءِ |
|
حتى أعاد الدين دين "محمد" |
لم يستجب لمشيئة الطلقاء |
|
ومضى إلى المجد المبين مخلدا |
في زمرة الأحرار والسعداء |
|
يا ليتني في كربلا كنت الذي |
أفدي الحسين بمهجتي ودمائي |
|
لأكون من جند الحسين وحزبه |
الفائزين بجنة ورخاء |
الموضوع
أيها الأعزاء
لماذا يجتمع الشيعة يا ترى في كل عام ومع الأول من شهر محرم ليقيموا مراسم العزاء والبكاء واللطم ولبس السواد؟ كل ذلك لأجل إحياء ذكرى إمام من أئمتنا هو الإمام الحسين بن علي عليهما السلام وما يدفعنا الى ذلك انما هو الحب الذين نكنه اتجاه هذا الإمام العظيم، الحب الذي أمرنا به الله والنبي الأعظمصلىاللهعليهوآله .
الإمام الحسينعليهالسلام الذي نجتمع لأجل أن نحي ذكراه في موسم عاشوراء هو حفيد رسول اللهصلىاللهعليهوآله الذي قال عنه وعن أخيه الإمام الحسنعليهالسلام بأنهما:
"سيدا شباب أهل الجنة".
وقال عنهما بأنهما ريحانتاه من الدنيا وقال عنه:
"حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً".
والذي أخذ النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله يوماً بيده ويد أخيه الإمام الحسنعليهالسلام وقال:
"من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة".
ولكن هل تعرفون لماذا أحب النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله الإمام الحسينعليهالسلام وأمرنا بحبه؟
هل لأن الإمام الحسينعليهالسلام هو ابن بنته؟
كلا، وإنما لأن الله تعالى يحب الإمام الحسينعليهالسلام وقد أمر النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم بحبه.
ولكن يا ترى لماذا كان الإمام الحسينعليهالسلام محبوباً من الله تعالى؟ ولماذا يكون أي انسان محبوباً من الله عز وجل؟
والجواب على هذه التساؤلات هو أن الإنسان الصالح والمحسن يكون محبوباً من الله ومحبوباً من الناس.
وهكذا كان الإمام الحسينعليهالسلام منذ نعومة أظافره، فهو إمام معصوم لم يرتكب ذنباً ولا خطأً في حياته كلها على الإطلاق، كانعليهالسلام كثير العبادة والصلاة ومنكباً على تلاوة القرآن بشكل دائم وفي الوقت نفسه كان محسناً في أهل بيته كريم الأخلاق والصفات محمود الأفعال..
أما مع الناس فكان تعامله كريماً ومحباً للمساكين والضعفاء من الناس يحنو عليهم وجلس بجانبهم ويهتم بمساعدتهم وقضاء حوائجهم.
وأما مع الطغاة والظالمين فكان شديداً قاسياً وثائراً معترضاً حتى ضحى بنفسه وبأهل بيته وخيار أصحابه ليسود العدل والصلاح في الدنيا بعيداً عن الظلم والمنكرات والمفاسد.
نعم لقد أمرنا النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله بحب الإمام الحسينعليهالسلام لأن الإمام الحسين كان مثالاً حياً للإسلام هذا الدين الذي يحمل السعادة والخير والهداية للإنسان.
إن إنساناً بصفات وأخلاق الإمام الحسينعليهالسلام يستحق من الإنسانية جمعاء الحب والتعظيم والإجلال.
المجلس
وإنسان بصفات الإمام الحسينعليهالسلام اعتاد الفقراء والمساكين على القدوم إلى باب داره لطلب الإحسان والمساعدة وكان من شدة أخلاقهعليهالسلام يخجل من النظر إلى وجه الفقير وهو يطلب المساعدة كي لا يرى ذل السؤال في عينيه ولذا كان يقدم مساعداته وهو واقفٌ خلف باب الدار.
وبعد حادثة كربلاء وشهادة الإمام الحسينعليهالسلام جاء رجل إلى المدينة ولم يكن على علم بما جرى وعلى عادته جاء إلى دار الإمام الحسينعليهالسلام يريد أن يطلب منه المساعدة. وقف على الباب، طرق بيده حلقة الباب، خرجت امرأةٌ من الباب، ماذاتريد يا شيخ؟، سلم عليها وردتعليهالسلام ، سألها عن الإمام الحسينعليهالسلام .
قالت: هو غائب.
سألها عن أبي الفضل العباس؟
قالت: هو غائب.
سألها عن علي الأكبر؟
قالت: هو غائب.
قال لها متى يعودون؟
عندها انفجرت بالبكاء، فهي لم ترد أن تقول له بأنهم لن يعودوا أبدا لأنهم مقتولين مذبوحين عند شط الفرات.
قصة وعبرة
ملابس العيد
روي أن الحسن والحسين عليهما السلام دخلا يوم عيد إلى حجرة جدهما رسول اللهصلىاللهعليهوآله فقالا يا جداه اليوم يوم العيد وقد تزين أولاد العرب بألوان اللباس، ولبسوا جديد الثياب وليس لنا ثوب جديد وقد توجهنا لذلك إليك فتأمل النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله حالهما وبكى ولم يكن عنده في البيت ثياب يليق بهم، ولا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما فدعا ربه وقال: إلهي اجبر قلبهما وقلب أمهما فنزل جبرئيل ومعه حلتان بيضاوان من حلل الجنة فسر النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله وقال لهما يا سيدي شباب أهل الجنة خذا أثوابا خاطها خياط القدرة على قدر طولكما فلما رأيا الخلع بيضاً قالا يا جداه كيف هذا وجميع صبيان العرب لابسون ألوان الثياب؟ فأطرق النبي ساعة متفكرا في أمرهما، فقال جبرئيل يا محمد طب نفسا وقر عينا إن صابغ صبغة الله عز وجل يقضي لهما هذا الأمر ويفرح قلوبهما بأي لون شاءا فأمر يا محمد بإحضار الطست والإبريق فأحضرا، فقال جبرئيل يا رسول الله أنا أصب الماء على هذه الخلع وأنت تفركهما بيدك فتصبغ لهما بأي لون شاءا فوضع النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله حلة الحسنعليهالسلام في الطست فأخذ جبرئيل يصب الماء ثم أقبل النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله على الحسنعليهالسلام وقال له يا قرة عيني بأي لون تريد حلتك فقال أريدها خضراء ففركها النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله بيده في ذلك الماء، فأخذت بقدرة الله لونا أخضر فائقا كالزبرجد الأخضر. فأخرجها النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله وأعطاها الحسنعليهالسلام فلبسها، ثم وضع حلة الحسينعليهالسلام في الطست وأخذ جبرئيل يصب الماء فالتفت النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله نحو الحسينعليهالسلام وكان له من العمر خمس سنين وقال له يا قرة عيني أي لون تريد حلتك فقال الحسين يا جد أريدها حمراء ففركها النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر فلبسها الحسينعليهالسلام فسر النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله بذلك وتوجه الحسن والحسين عليهما السلام إلى أمهما فرحين مسرورين.
فبكى جبرئيلعليهالسلام لما شاهد تلك الحال فقال النبي يا أخي جبرئيل في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي وتحزن فبالله عليك إلا ما أخبرتني، فقال جبرئيل اعلم يا رسول الله أن اختيار ابنيك على اختلاف اللون فلا بد للحسن أن يسقوه السم ويخضر لون جسده من عظم السم ولا بد للحسين أن يقتلوه ويذبحوه ويخضب بدنه من دمه فبكى النبي الأعظمصلىاللهعليهوآله وزاد حزنه لذلك.
مخطط المجلس الثاني
المناسبة:
خروج الإمام الحسينعليهالسلام من المدينة
عنوان الموضوع المناسب:
لماذا ثار الإمام الحسينعليهالسلام
المشكلات المطلوب علاجها والتركيز عليها:
صراع الأنبياءعليهمالسلام والأولياء مع الظالمين (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
النقاط الرئيسية للموضوع:
١. ما هو هدف ثورة الإمام الحسينعليهالسلام ؟
٢. كيف كان يريد يزيد للمجتمع الإسلامي أن يكون؟
٣. مخططات يزيد تتعارض مع وجود الإسلام.
٤. عندما يكون الإسلام في خطر يتوجب على المسلم أن يضحي.
٥. الإمام الحسين ضحى بنفسه وكل ما يملك لأجل بقاء الإسلام.
٦. نبكي على الإمام الحسينعليهالسلام وفاءً لتضحياته في سبيل الإسلام.
الليلة الثانية
لماذا ثار الإمام الحسينعليهالسلام ؟
صلى الله عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله، يا مظلوم كربلا ومسلوب العمامة والردا، لعن الله الظالمين لكم، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..
القصيدة:
وقف الحسين مسلماً ومودعاً |
قبر الرسول وسيد الأطهارِ |
|
وعلى الخدود تحدرت دمعاته |
يشكو الأسى من صولة الكفارِ |
|
ناجاه يا جداه يا خير الورى |
كيف السبيل لطاعة الغفارِ |
|
وعلى البلاد تسلطت فجارها |
والدين أضحى لعبة الأشرارِ |
|
ناداه من خلف الغيوب مواسياً |
ولدي فديتك يا هدى الأبرارِ |
|
قد شاء ربك أن تكون مجدداً |
شرع الرسول وقدوة الأخيارِ |
|
صبراً على حكم الإله وأمره |
لتكون دوماً قبلة الأحرارِ |
الموضوع
أيها الأعزاء
تصادف في هذه الأيام، أي من اليوم الأول من شهر محرم وإلى العاشر منه ذكرى عاشوراء، أي ذكرى شهادة حفيد رسول اللهصلىاللهعليهوآله وابن أمير المؤمنين عليعليهالسلام وسيدة النساء فاطمة الزهراءعليهاالسلام .
والسؤال الذي يجب علينا أن نسأله في هذه الذكرى هو لماذا استشهد الإمام الحسينعليهالسلام ؟ وفي سبيل أي هدف ضحى بنفسه وبعائلته وأصحابه الذين لم يتجاوز عددهم المئة شخص مقابل ثلاثين ألف محارب من الجيش الأموي الذي كان بمواجهته؟
والجواب الصحيح على هذا السؤال هو أن ثورة الإمام الحسينعليهالسلام كانت من أجل حفظ الإسلام من التشويه ومن أجل حفظ كل مظاهر الخير والصلاح في المجتمع والحياة والقضاء على كل مظاهر الشر والفساد والسوء في المجتمع والحياة.
فيزيد المجرم، شارب الخمر وقاتل الأبرياء ومرتكب أنواع المفاسد والمنكرات والاعتداءات على حياة الناس وحقوقهم، كان يريد للمجتمع الإسلامي أن يتحول إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف وينتشر فيها الجوع والفقر والمفاسد والسرقات والاعتداء على أعراض الناس والرقص والغناء وغير ذلك من المظاهر الخطيرة التي تتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ولذا وقف الإمام الحسينعليهالسلام في وجه هذا المخطط اليزيدي ليواجهه وليحفظ بذلك كل معاني الخير الصلاح في المجتمع الإسلامي والإنساني.
ولذا وقف ليقول للناس "ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه، فيرغب المؤمن بلقاء الله، فاني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا (شقاءً)".
ولذلك خرج الإمام الحسينعليهالسلام وثار في مواجهة الخط الأموي واليزيدي وجيشه الهائل بهذا العدد القليل من الأنصار، لأجل أن يحفظ الدين ولأجل أن تبقى الصلاة والصوم والصدقة والحج وأعمال الخير في الحياة، فقدم كل ما يملك لأجلنا ولأجل بقاء الخير في حياتنا ومجتمعنا وبيوتنا ونحن لأجل ذلك كله ووفاءً منا لتضحيات الإمام الحسينعليهالسلام نجتمع في كل عام لنحي ذكراه ونبكي عليه ونؤكد له أننا سنكون دائماً إلى جانبه في مواجهة الظلم والفساد والشر في الحياة.
ومن أجل ذلك كله أيها الأعزاء خرج الإمام الحسينعليهالسلام في هذه الأيام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ومنها إلى العراق لمواجهة المخططات الشريرة ليزيد حيث جرت معركته التاريخية معه.
المجلس
وقبل خروجهعليهالسلام ذهب إلى قبر جده الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآله وودعه وذهب إلى قبر أمه الزهراءعليهاالسلام فودعها وذهب إلى قبر أخيه الإمام الحسنعليهالسلام فودعه.
وقد كانت قافلة الإمام الحسينعليهالسلام كبيرة ً عندما خرج من المدينة ولكن يا ترى كيف كانت هذه القافلة عندما عادت إليها، كانت قافلة من النساء تلبسن السواد وكان بينهم رجل واحد فقط هو الإمام السجادعليهالسلام الذي لم يستشهد في كربلاء لأنه كان مريضاً لا يقوى على القتال.
نعم لقد كانت قافلة من الحزن والبكاء ولبس السواد وعندما وصلت إلى أطراف المدينة صاحت عقيلة الهاشميين السيدة زينبعليهاالسلام مخاطبة جدها الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآله :
مدينة جدنا لا تقبلينا |
بالآهات والأحزان جينا |
|
خرجنا بالآهلين جمعاً |
رجعنا لا أهل ولا بنينَ |
قصة وعبرة
أنصار الحق
أصدر (عبيد الله بن زياد) أوامره لقائد جيشه (عمر بن سعد) بالزحف على مخيم الإمام الحسينعليهالسلام ، وكان ذلك يوم التاسع من المحرم، فأرسل إليهم الإمام الحسينعليهالسلام أن يمهلوه ذلك اليوم قائلاً:
"إنا نريد أن نصلي لربنا الليلة ونستغفره، فهو يعلم أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه، وكثرة الدعاء والاستغفار".
وفي تلك الليلة جمع الحسينعليهالسلام أصحابه وخطب فيهم قائلاً:
"أما بعد..فاني لا أعلم أصحاباً ولا أهل بيت أبر وأوفى من أصحابي وأهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً خيراً، ألا وإن القوم لا يريدون أحداً غيري، وإني قد أذنت لكم بالانصراف.. هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وتفرقوا في سواده وانجوا بأنفسكم..".
فقال له أهل بيته: "أنفعل ذلك لنبقى بعدك، لا أرانا الله ذلك أبداً".
ثم تكلم أصحابه وقالوا: "والله لا نفارقك يا أبا عبد الله، حتى نكسر في صدورهم رماحنا، ونضربهم بسيوفنا.. ولو لم يكن معنا سلاحٌ نقذفهم بالحجارة حتى نموت معك".
فارتاح الإمام الحسينعليهالسلام لإخلاص أصحابه، وشكرهم وبشرهم بالشهادة والجنة، ثم انطلق مع أصحابه يناجون الله بالصلاة والدعاء والاستغفار.