مجالس الناشئة 1430هـ

مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: دواوين
الصفحات: 70
مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: دواوين
الصفحات: 70
سلسلة مجالس الناشئة
مجالس الناشئة
١٤٣٠ه
الكتاب: مجالس الناشئة
نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
إعداد: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الطبعة: الاولى، كانون٢، ٢٠٠٩م- ١٤٣٠ه
جميع حقوق الطبع محفوظة ©
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
قال أمير المؤمنينعليهالسلام : "إنِّما قَلْبُ الحَدَثِ كَالأَرْضِ الخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فيها مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ".
ها هي النهضة المباركة لسيّد الشهداء الإمام الحسينعليهالسلام تنبعث في أرواح المؤمنين وفي قلوب المتحرّرين من قيود الأنا الفرعونيّة.
وها هي النهضة المباركة لسيّد الشهداءعليهالسلام تأخذ بيد الناس نحو الصلاح والإستقامة، فقد خرج الإمام الحسينعليهالسلام طلباً للإصلاح في أمّة جدّه رسول الله المصطفىصلىاللهعليهوآلهوسلم حاملاً راية الهدى للأمّة جمعاء فكان الإسلام محمّديُّ الحدوث حسينيّ البقاء.
قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : "حسينٌ منّي وأنا من حسين".
وها هي أصوات المستضعفين تعلوا في كلّ أرجاء الدنيا صارخة يا لثارات الحسينعليهالسلام .
وصارخة: والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، وصارخة: لبيك يا حسين.
ونحن على طريق الإمام الحسينعليهالسلام ننظر إلى الأجيال الصاعدة وهي تتربّى في أحضان الروح المنتشرة في أجواء العالم المليء بالظلم والفساد والأفكار الشيطانيّة.
وفي ظلّ الغزو الثقافي الغربي نجد من واجبنا ومسؤوليتنا أن نقدِّم للشباب حديثي العهد كلّ الرعاية والاهتمام والثقافة الأصيلة.
ولهذا الغرض قام معهد سيّد الشهداءعليهالسلام للمنبر الحسيني بإعداد الإصدار الثالث من مجالس الناشئة بأسلوب مبسّط وسهل، بحيث تتناسب مع المستوى الفكري والنفسي لهذه المراحل من العمر، وقد سعينا جهداً بالابتعاد عن اللغة الصعبة والأشعار الشعبيّة وغيرها ممّا يصعب على هذا العمر استعابه بشكل مباشر.
وكلّ رجائنا من الخطباء المحترمين أن يضعوا الملاحظات ويوجِّهوا النقد البنّاء، على أمل الاستفادة لتطوير الكتاب في طبعات لاحقة.
والله تبارك وتعالى نسأل أن يجعل عملنا مقبولاً وأن يحشرنا في زمرة الحسينعليهالسلام وأصحاب الحسينعليهالسلام الذين بذلوا مهجهم دون الحسينعليهالسلام .
والله من وراء القصد
جمعية العارف الإسلامية الثقافية
اليوم الأول
الجهاد والشهادة
صلّى الله عليك يا مولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا غريب كربلاء وسليب العمامة والرداء، يا من دمه غسله والتراب كافور، يا ليتنا كنّا معكم سيّدي فنفوز فوزاً عظيماً.
القصيدة:
دَع دَمعَ عَينِكَ سَائِلاً فَمُحَرَّمُ |
قَد أقبَلَتْ أحزانُهُ تَتَجَسَّمُ |
|
شهرٌ حَرامٌ مَا رَعوا لإلهِهِ |
وَنَبِّيهِ حُرُمَاً وقَد كَتَبَ الدَّمُ |
|
هَيهاتَ أنْ تَرقَى الدُموعُ بِمُقلَةٍ |
رَأت المـُصابَ ومَن بِهِ قَد صُرِّمُوا |
|
ورَأت عَطَاشَى الطَفِّ فَوقَ صَعيدِه |
ما بَينَ مَقتولٍ قَضَى يَتَألَّمُ |
|
وحُماةُ دِينٍ أرخَصُوا أروَاحَهُم |
لإمامِ حَقٍ للهُداةِ يَعلَمُ |
|
ومُخَدَّراتٌ للرِسَالَةِ شُرِّدَت |
عَجَبَاً لِهَذا الكَونِ لا يَتَهَدَّمُ |
قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾(١) .
عن أمير المؤمنينعليهالسلام في نهج البلاغة: " الجهاد بابٌ من أبواب الجنّة فتحه الله لخاصّة أوليائه".
- فضل المجاهدين: قال تعالى: ﴿لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾(٢) .
فالإنسان المجاهد فضّله الله على غيره من الناس، ووعده بالأجر العظيم، بل الذي ينظر في بعض الروايات يجد أنّ المجاهد خير الناس، وصلاته أفضل من القاعد، ودعاؤه مستجاب عند الله.
صفات المجاهد:
هناك صفات لا بدّ أن تتوفّر في كلّ إنسان مجاهد، ومن هذه الصفات:
- الإخلاص لله عزّ وجلّ.
____________________
١- العنكبوت: ٦٩
٢- النساء: ٩٥
- الشجاعة والقوّة.
- الإيثار والتضحيّة.
هذه بعض صفات المجاهد الذي يقاتل في سبيل الله، وينتصر على كلّ حال فينال إحدى الحسنيين إمّا النصر أو الشهادة.
مقام وفضل الشهداء:
تعتبر الشهادة من نتائج الجهاد، فعادة ما يستشهد الإنسان أثناء عمله الجهادي. فما هو مقام هؤلاء الشهداء:
الشهادة هي أشرف الموت، كما ورد في الرواية: "أشرف الموت قتل الشهادة". وفي رواية أخرى:"فوق كلّ ذي برٍ برٌ حتى يقتل الرجل في سبيل الله فليس فوقه بر".
القرب من الله: يصل الشهيد إلى درجة يكون في جوار الله، كما قال تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾.
في جوار الأنبياء والأولياء: ﴿فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾.
ثمار الشهادة:
جاء في الحديث الشريف عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : " للشهيد سبع خصال:
١- أوّل قطرة من دمه مغفور له كلّ ذنب.
٢- يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين.
٣- يكسى كسوة من الجنّة.
٤- تبتدره خزنة الجنّة بكلّ ريح طيّبة.
٥- يرى منزله في الجنّة.
٦- يقال له إسرح في الجنّة حيث شئت...".
وأفضل الشهداء شهداء كربلاء، وذلك بحسب قول الإمام الحسينعليهالسلام بحقّهم: "فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي".
النعي:
فشهداء كربلاء اقتدوا بإمامهم الحسينعليهالسلام الذي ضحّى بالغالي والنفيس ليحفظ دين جدّهصلىاللهعليهوآلهوسلم . فها هو الإمام زين العابدينعليهالسلام يقع أسيراً، وها هي ربيبة بيت الوحي العقيلة زينبعليهاالسلام تسبى، وهل سمعنا
بامرأة هاشمية تسبى غير مولاتنا زينبعليهاالسلام ، هل هناك مصيبة تدمي قلب الزهراءعليهاالسلام أكثر من هذه المصيبة، سبي حبيبتها وفلذة كبدها الحوراء زينبعليهاالسلام نعم سبوا زينب من بلد إلى بلد، وضربوا متنها، ومنعوها من توديع الشهداء وحتى من وداع أخيها الحسينعليهالسلام .
نعم عزيز على أمير المؤمنينعليهالسلام ، وعلى الزهراءعليهاالسلام ، وعلى السجّادعليهالسلام أن يرى عمّته زينب مسبيّة في ديوان الطاغية يزيد.
وأعظَمُ مَا يُشجِي الغَيورَ دُخُولُهَا |
لاعلى مَجلِسٍ مَا فَارَقَ اللهوَ والخَمْرَ |
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون
والعاقبة للمتّقين.
اليوم الثاني
العلاقة مع القرآن
صلّى الله عليك يا مولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا غريب كربلاء وسليب العمامة والرداء، يا من دمه غسله والتراب كافور، يا ليتنا كنّا معكم سيّدي فنفوز فوزاً عظيماً.
القصيدة:
وقَفَ الحُسينُ مُسَلِّمَاً وَمُوَدِّعاً |
قَبرَ الرسولِ وسيِّدِ الأطهارِ |
|
وعلى الخُدودِ تَحدَّرت دمعاتُهُ |
يَشكُو الأسَى مِن صَولَةِ الكُفّارِ |
|
ناجاهُ يا جدَّاهُ يا خَيرَ الوَرَى |
كيفَ السَبيلُ لِطاعَةِ الغَفَّارِ |
|
وعلى البِلادِ تَسَلَّطَت فُجَّارُها |
والدينُ أضحَى لُعبةَ الأشرارِ |
|
ناداهُ مِن خَلفِ الغُيوبِ مُواسِياً |
وَلدي فَديتُكَ يا هُدى الأبرارِ |
|
قد شاء ربُكَ أن تكونَ مُجَدِّداً |
شَرعَ الرسولِ وقُدوةَ الأخيارِ |
|
صَبراً على حُكمِ الإلهِ وأمرِهِ |
لتكونَ دَوماً قِبلةَ الأحرارِ |
قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾(١) .
القرآن الثقل الأكبر:
قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : "إنّي تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض". فالتمسّك بالقرآن الكريم تمسّك بالثقل الذي أمرنا النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أن نتمسّك به لنصل إلى السعادة الحقيقيّة.
وتكمن أهميّة القرآن الكريم أنّه كلام الله عزّ وجلّ الذي أرسله لنا عبر أشرف الخلق رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما تكمن عظمة القرآن الكريم في أنّه نزل في أفضل الشهور- شهر رمضان-، وأفضل الليالي- ليلة القدر-.
فضل تلاوة القرآن الكريم:
إعلم أيّها العزيز أنّ الله تعالى وعد الإنسان الذي يقرأ القرآن ويتدبّر آياته أجراً عظيماً وقد ذكر تعالى ذلك في كتابه الكريم.
قال تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾(٢) .
____________________
١- إبراهيم: ١
٢- فاطر:٢٩
جاء عن النبيّ الأعظمصلىاللهعليهوآلهوسلم : "عدد درج الجنّة عدد آي القرآن، فإذا دخل صاحب القرآن الجنّة قيل له:اقرأ وإرقأ، لكلّ آية درجة، فلا تكون فوق حافظ القرآن درجة".
وعنهصلىاللهعليهوآلهوسلم : "إن أردتم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحسرة والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن، فإنّه كلام الرحمان وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان".
آداب تلاوة القرآن الكريم
توجد آداب على المسلم أن يلتزم بها حينما يريد قراءة القرآن وهي:
- الوضوء: قال تعالى: ﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾(١) .
- تنظيف الفم قبل التلاوة: عن النبيّ الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم : " نظّفوا طريق القرآن، قيل يا رسول الله: وما طريق القرآن؟ قالصلىاللهعليهوآلهوسلم : أفواهكم.
قيل: بماذا؟ قالصلىاللهعليهوآلهوسلم : بالسواك".
- البدء بالاستعاذة من الشيطان الرجيم: قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾(٢) .
____________________
١- الواقعة: ٧٩
٢- النحل: ٩٨
- القراءة بهدوء وتمعّن وخشوع وترتيل: قال تعالى:﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾(١) .
- الابتعاد عن الأصوات المنكرة والألحان الهزلية: عن النبيّ الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم : "إقرأوا القرآن بألحان العرب وأصواتهم، وإيّاكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر، فإنّه سيجيء من بعدي أقوام يُرجّعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانيّة، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة، وقلوب من يعجبه شأنهم".
- الإصغاء والإنصات وحضور القلب والخشوع والتدبر: قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾(٢) .
وقال تعالى:﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾(٣) .
الحسينعليهالسلام خرج لحفظ القرآن:
إنّ خروج الحسين كان لهدف عظيم وهو حفظ الإسلام، وممّا خرج
___________________
١- الأنفال:٢
٢- الأعراف:٢٠٤
٣- الحشر: ٢١
لحفظهعليهالسلام القرآن الكريم، فالإمام خرج ليحفظ دين جدّهصلىاللهعليهوآلهوسلم من الضلال والإنحراف، لأنّ يزيد وأمثاله قاموا بتفسير القرآن على غير حقيقته بحيث يناسب غاياتهم، وجعلوه طريقاً لمنافعهم الشخصيّة، لذلك ثار الإمام الحسين طالباً الإصلاح في أمّة جدّهصلىاللهعليهوآلهوسلم .
فالإمام الحسينعليهالسلام أراد بخروجه أن يحافظ على القرآن ويحفظ معانيه، فقدّم الغالي والنفيس في سبيل ذلك.
النعي:
وقبل أن يخرج من مدينة جدّه رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، زار الحسينعليهالسلام قبر جدّهصلىاللهعليهوآلهوسلم يشكو حاله وما أصابه من خذلان الناس، وراح يصلّي ويبكي، ويدعو الله، فوضع رأسه على قبر جدّهصلىاللهعليهوآلهوسلم فغفا، فرأى في المنام أنّ جدّه رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بين جماعة من الملائكة عن يمينه وعن يساره، وبين يديه، فضمّ الحسينعليهالسلام ، وقبَّل ما بين عينيه، وقالصلىاللهعليهوآلهوسلم : "حبيبي يا حسين، كأنّي أراك عن قريب مرمّلاً بدمائك، مذبوحاً بأرض كربلاء بين عصابة من أمّتي، وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى، وظمآن لا تروى، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة.. حبيبي يا حسين، إنّ أباك وأمّك وأخاك قدموا عليّ، وهم مشتاقون إليك، وإنّ لك
في الجنان لدرجات لا تناهلها إلّا بشهادتك".
نعم يا شيعة علي، ويا أحبّة المهديعليهالسلام ، إنّ الحسين لم يصل إلى هذا المقام إلّا بالشهادة، لذلك قتل في كربلاء ظمآناً عطشاناً، ذبيحاً وقد قطعوا رأسه عن بدنه، وتركوا جسمه على الثرى وهو مخضب بدمه.
ضُمَّني عندَكَ يا جَدّاهُ في هذا الضَريحِ |
علّني يا جَدُّ مِن بَلوَى زَماني أستَريحُ |
|
فَعَلا مِن دَاخِلِ القَبرِ بُكاءٌ ونَحيبُ |
ونِداءٌ بافتجاعٍ يا حبيبي يا حُسين |
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
وسيعلم الذين ظلموا آل محمّد أيّ منقلب ينقلبون
والعاقبة للمتّقين.
اليوم الثالث
إغاثة الملهوف
صلّى الله عليك يا مولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا غريب كربلاء و سليب العمامة والردا، يا من دمه غسله والتراب كافور، يا ليتنا كنّا معكم سيّدي فنفوز فوزاً عظيماً.
القصيدة:
وجهُ الصباحِ عَليَّ ليلٌ مظلمُ |
وربيعُ أيّامي عليَّ مُحرّمُ |
|
والليلُ يشهدُ لي بأنّي ساهرٌ |
إن طابَ للناسِ الرقادُ فهَوَّموا |
|
قلقاً تُقلّبُني الهُمومُ بمَضجَعِي |
ويَغَورُ فِكري في الزمانِ ويُتهِمُ |
|
ما خِلتُ أنَّ الدّهرَ مِن عادَاتِه |
تُروَى الكِلابُ بهِ ويَظمَى الضَيغَمُ |
|
مثلُ ابنُ فاطمةٍ يَبيتُ مُشَرَّداً |
ويَزيدُ في لَذَّاتِهِ مُتنعِّمُ |
|
خرجَ الحسينُ مِن المَدينةِ خَائِفاً |
كَخُروجِ مُوسى خَائِفاً يَتَكَتَمُ |
|
وقد انجَلَى عَن مَكّةَ وهوَ ابنُها |
وبهِ تَشَرَّفَتِ الحَطِيمُ وزَمزَمُ |