دروس في بناء المجلس الحسيني

دروس في بناء المجلس الحسيني 37%

دروس في بناء المجلس الحسيني مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 158

  • البداية
  • السابق
  • 158 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23821 / تحميل: 5241
الحجم الحجم الحجم
دروس في بناء المجلس الحسيني

دروس في بناء المجلس الحسيني

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

يبعد المستمعين عن الخطيب ومحاضرته، وحتى يتماسك الموضوع، ويخرج المستمع بوضوح في الرؤية.بل ولكي يبقى روّاد المجالس الحسينية مستذكرين للمطالب الأساسية في الموضوع، عبر تذكرهم القصص والشواهد التاريخية والأدبية.ولهذا كان لا بد من الاهتمام بالمصادر التي توفّر هذه الشواهد وسيأتي الحديث عنها.إن أفضل ما يمكن للخطيب أن ينطلق منه القرآن الكريم؛ الذي عالج كل ما يحتاجه الإنسان، حيث أكد على الأخلاق والآداب وقصص الأنبياء ومختلف شؤون الحياة، هذا في المجالس العامة.أما بالنسبة لمجالس المناسبات أي التي تعقد في ذكريات المعصومينعليهم‌السلام .فإنها تعتمد على أمور:

١- العنوان

فإن على الخطيب أن يختار العنوان الملائم للمناسبة، ففي استشهاد الإمام عليعليه‌السلام يختار الخطيب آية قرآنية نزلت في حقّهعليه‌السلام أو حديثاً في حقه أو كلمة من كلماتهعليه‌السلام .وفي استشهاد الزهراءعليها‌السلام يجب أن يختار الخطيب قولاً للسيدة الزهراءعليها‌السلام أو مقطعاً من خطبتها أو قولاً لأمير المؤمنين أو قولاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقهاعليها‌السلام أو قول لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحسنعليه‌السلام أو الحسينعليه‌السلام في مناسبات الحسنينعليهما‌السلام .إن مجالس استشهاد المعصومينعليهم‌السلام ينبغي أن يبدأ بحديث أو بآية قرآنية تتعلق بأهل البيتعليهم‌السلام مثلاً الآية التي تقول﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا أو آية المباهلة أو الإطعام وذلك حسب المناسبة.أما في

٦١

المجالس العامة فإن أفضل ما يبدأ الخطيب به هو القرآن الكريم كما ذكرنا ذلك، لأن القرآن له جاذبية خاصة وقوة وتأثير خاص في النفوس.

إذاً الخطيب حُرٌّ بأن يختار العنوان الذي يراه مناسباً، لكن أفضل العناوين القرآن الكريم، ومع اتساع مجالسنا وحضور مسلمين من كل المذاهب، فإن القرآن هو أفضل ما يمكن أن يوحِّد المسلمين.

٢- التمهيد

هذا ما يتعلق بالعنوان، وبعد ذلك على الخطيب أن يبدأ بالتمهيد فإذا كان موضوعه حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يأتي بعنوان ينطلق بآية فيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر مثل قوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} وبذا يهيئ الخطيب ذهن المستمع للموضوع الذي يريد أن يتحدث عنه.ثم لا بد بعد ذكر العنوان من تمهيد مناسب ينبّه المستمعين إلى المحاضرة، كأن يقول مثلاً كتمهيد لموضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن الإسلام جاء هبة ونعمة من الله تعالى لكي يسعد هذا الإنسان، إذا اتبع قيم الإسلام ومفاهيمه ومبادئه فإنه يعيش في سعادة الدنيا قبل سعادة الآخرة، ولهذا فإن الإمام عليعليه‌السلام يقول في كتابه إلى مالك الأشتر لمّا ولاّه على مصر، في حق الشريعة: واعلم أنه لا يسعد أحد إلا بإتباعها ولا يشقى إلا مع جحودها ونكرانها.

والشريعة الإسلامية جاءت لخير الإنسان، ولهذا فإنها قد وضعت عدة أمور لكي تحافظ على هذا المجتمع المسلم ولكي تؤسس السعادة

٦٢

له، ومن هذه الأمور التي وضعتها يأتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

هذه الأسطر نموذج عن تمهيد مقترح لموضوع حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكمثل آخر لتمهيد آخر تقول مثلاً: أن الإسلام سعى إلى أن يربى الإنسان المسلم على أن يكون ذا حسّ بالمسؤولية وعلى أن يكون شاعراً بالمسؤولية الملقاة عليه، لأن الإنسان أساساً هو خليفة الله في أرضه، والإنسان مخلوق مسؤول وهو يختلف عن بقية الحيوانات ففيه جانب العقل وجانب الشهوة.والإسلام جاء ليركز مفهوم المسؤولية في ذهن الإنسان المسلم ويربيه على أن يكون له حسٍّ اجتماعي مسؤول،ومنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وهذا أسلوب آخر لتمهيد حول نفس الموضوع، إذن فعلى الخطيب جهد الإمكان أن يبدأ بتمهيد قبل أن يدخل في صلب الموضوع.وأما مصادر التمهيد فإنها تأتي من كثرة المطالعة، وكثرة القراءة وكثرة الاهتمام بالفقه الإسلامي ومتابعة الثقافة الإسلامية،التي تؤدي إلى نضوج عقلي وذهني ومستوى من الفهم الإسلامي والثقافة الإسلامية العامة ومن خلالها يستطيع الخطيب أن يهيئ لكل موضوع تمهيداً.والتمهيد يجب أن يكون قصيراً وفيه جاذبية، تهيئ المستمع للمحاضرة بحيث لا يستوعب المحاضرة، كما وينبغي أن تكون نفس المحاضرة فيها جاذبية بحيث تستقطب أذهان المستمعين وتجذب استماعهم، كما ألمحنا إلى ذلك.

إن التمهيد هو أول إطلالة على المستمع، وقد يكون التمهيد عبارة

٦٣

عن خبر أو عن قصة، أو مأخوذة عن مجلة أو جريدة، أو فكرة مستلّة من كتاب أو أي أمر يشدّ الناس إلى المحاضرة وبما يناسب موضوعها.

فلو أردنا طرق موضوع يتحدث عن الجوار وعن الجيران مثلاً فإنه يمكن أن يقال كتمهيد أن المجتمعات الغربية فقدت الكثير من العلاقات الإنسانية، حيث ذكرت بعض الصحف والمجلات، أن هناك جاراً في النرويج لم يتعرف على جارهِ خلال اثنين وعشرين سنة وهما يركبان نفس الحافلة ويرجعان طوال هذه المدة الطويلة وهو جار له في منطقته كذلك.إن هذا الخبر يشد المستمع إلى المحاضرة، وننطلق منه لنؤكد كيف أن الإسلام أكد على مسألة حسن الجوار، بالرجوع إلى الآية الكريمة المتعلقة بالجوار.وبعد هذا التمهيد تكون المحاضرة قد توفرت لديها عوامل استماع الناس وشدهم إليها.

وبعد اختيار التمهيد نسأل عن كيفية كتابة المحاضرة، وكيفية تهيئة الموضوع؟

وما هي الشروط التي يجب أن تتوافر في المحاضرة حتى يصل الخطيب بها إلى مستوى بحيث يجذب وينفع ويفيد الآخرين.

هذا ما سنتوقف عنده في درسنا القادم إن شاء الله.

ولا بد أن نؤكد هنا، أن الخطيب يكون في حاجة ماسة جداً إلى حسن البيان وإلى الأسلوب الأدبي، لأن الخطابة لا تكتمل بأخذ دروس في علم الخطابة، حيث تعطى قواعد عامة بل هي توجه ذاتيّ عند الإنسان إلى حدّ كبير، حينما يكون عنده رغبة خاصة واستعداد فعليه أن يسعى لتنميتهما وتقويتهما، وتأتي دورات الخطابة الحسينية

٦٤

كأسلوب لتوجيه القدرات الذاتية، ولذلك يقال: إذا أردت أن تنجح في عملك عليك أن تكون محبّاً لهذا العمل عاشقاً له، فكيف إذا كان هذا العمل ذا أبعاد رسالية وشرعية، حيث يمس عقائد الإنسان المسلم وفكر أهل البيتعليهم‌السلام ويتناول تفسير القرآن.إنها مسؤولية كبيرة، فعلى الخطيب أن يتعب نفسه ويجهد تفكيره وعقله، تعباً كثيراً ويحضّر تحضيراً مستمّراً، حتى يمكن أن يعطي العطاء النافع والعطاء المفيد، قال تعالى في كتابه العزيز﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ .

٦٥

الدرس التاسع:

كيفية ترتيب موضوع محاضرة المنبر الحسيني ١

تحدثنا في دروسنا السابقة عن نشوء المنبر الحسيني، وكيفية وصوله إلى هذا المستوى الذي عليه الآن.

وبروز مجموعة من الخطباء الذين رفعوا من شأن المنبر الحسيني ووسعوا من دائرة معالجاته واهتماماته ثم تحدثنا عن هيكلية المنبر الحسيني والفقرات التي تتألف منها الخطابة الحسينية، وهي المقدمة- القصيدة- الموضوع- الانتقال (التخلص)- الدعاء، ثم بينّا كيفية كتابة البحث حيث لا يُطلب فقط الإقتصار على الأشعار الرثائية والجانب المأساوي في واقعة كربلاء، بل أن المطلوب كذلك أن يقوم الخطيب بطرح الموضوع الذي ينمّي العقل، ثم يأتي دور العاطفة التي تحتاج إلى من يؤجهها ويوجِّهها بحيث يجعلها منسجمة مع أجواء كربلاء وبما يُهذِّب النفس وبما يناسب مع كرامة أهل البيتعليهم‌السلام .

أن الموضوع ولكي يتم كُلَّه ويكون بمستوى جيّد يقسم إلى أقسام كما مرّ بنا:

١- العنوان وأفضله الآية القرآنية الكريمة، حيث ستكون مضامينها وأبعادها هي مادة المحاضرة، وعلى الخطيب أن يطّلع على التفاسير التي تشكّل المادة الأساسية لمحاضرته التي تتناول آية قرآنية

٦٦

كريمة، وهنا يمكن أن نسأل:

ما هي التفاسير التي يمكن أن يستفيد منها الخطيب في هذا الباب؟

إن هناك عدة تفاسير للقرآن الكريم منها تفاسير قديمة وأخرى تفاسير حديثة.

ومن التفاسير القديمة مجمع البيانپ للطبرسي (للشيعة) ومن تفاسير السنة ..التفسير الكبير (للفخر الرازي) والذي كان له أثر كبير على منهج الشيخ الوائلي كما مرّ بنا في درس سابق.فعندما يأخذ الخطيب آية لها عدة تفاسير فإنها تفتح له عدة آفاق في كتابة المحاضرة.

أما التفاسير الحديثة:

فبالنسبة إلى تفاسير السنة يوصى بتفسير في ظلال القرآن لسيد قطب ففيه صياغة أدبية في تفسير كل آية وهي مما تغني وتنمي الجانب الأدبي، وهو شيء مهم في عموم الخطابة ولا سيما الخطابة الحسينية.فكلما كان الخطيب متألقاً في أسلوبه الأدبي، ويستخدم الألفاظ والمفردات الأدبية المناسبة، فإن تأثّر المستمع يكون أمراً واضحاً مؤكَّداً.

ومن كتب التفسير الشيعية الحديثة تفسير الميزان للسيد محمد الطباطبائي، ولكن الأنسب لمحاضرات المنبر الحسيني هو تفسير الأمثل للشيخ ناصر مكارم شيرازي، إن تفسير الأمثل هو مجموعة تفاسير مختارة ويعطي عدة آراء.وبالنسبة لخطيب المنبر الحسيني فإن هذا التفسير يمكن أن يعتمد عليه ولو في بداية حياته الخطابية

٦٧

ثم يتوسع مع توسعه في الخطابة الحسينية.

هذه التفاسير وغيرها ترفع من مستوى الخطيب وتحسّن من أدائه، ويبدأ إبداع الخطيب وجهده الذاتي حينما يبدأ بعرض الموضوع وعرض الفكرة، وفيها يتضح إذا كان مميزاً أم لا، وإذا كان مطّلعاً أم لا.وللتذكير، فقد قلنا في درسنا السابق أن (التمهيد) يأتي بعد عنوان المحاضرة وهذا التمهيد قد يحصل من تفاسير القرآن نفسها.ولكنه يأتي في الأساس من خلال الثقافة الإسلامية العامة.كتب الثقافة الإسلامية العامة والمجلات وأي مصدر للأفكار، حيث يقوم الخطيب بعملية اقتناص للأفكار والنقاط التي تجذب المستمعين إلى المحاضرة وتشدّهم إليها.

ونورد مثالاً آخر كما ذكرنا أمثلة سابقة في درس سابق عن التمهيد.فإذا أردنا أن نتطرق إلى موضوع الإنفاق مثلاً فيمكن أن نقول كتمهيد، من فكرة وردت في بعض الكتب الإسلامية، تقول: إن مكافحة الفقر في الإسلام يساهم فيها الفرد المسلم كما تسهم بها الدولة.

ولا يقتصر فيه على الدولة فقط كما في الأنظمة الغربية، وهذا يمكن أن يكون تمهيداً لموضوع الإنفاق في الإسلام، وخلال التمهيد يكون المجال واسعاً أمام الخطيب لجذب الجمهور، ثم تأتي مهمة الموضوع، ويأتي بالبحث نفسه، وهو مادة الموضوع وهذه المادة يجب أن تكون على شكل نقاط جهد الإمكان لكي يتم تفاعل الجمهور مع المحاضرة أولاً، وتعينه على التذكر وعدم النسيان من جهة أخرى،

٦٨

إضافة إلى بروز المحاضرة بأسلوب علمي وشيق من جهة ثالثة.

عندما تكون المحاضرة ضمن نقاط، فإن الموضوع يكتسب نهجاً علمياً نافعاً، وهي تعين نفس الخطيب على التذكر ومتابعة المحاضرة، كما أن هذه النقاط وعندما يستمع لها الجمهور فإنه سينجذب نحو الخطيب كما قلنا يجب على خطيب المنبر الحسيني أن يحسن فن المتابعة الجماهيرية لمحاضراته، عليه أن يحمل دائماً همّ محاضرته حتى يوفّق للنجاح والتأثير.

أما إذا كان طرح الموضوع يتم بصيغة سرديّة ودون طرحه ضمن نقاط، فإنه قد يحصل تنافر وشرود ونسيان وملل، فعلى الخطيب أولاً أن يركز الموضوع في ذهنه بالذات على شكل نقاط.نقطة أولى ونقطة ثانية ونقطة ثالثة، وهي النقاط التي نستفيدها من التفاسير والكتب الإسلامية والثقافية العامة، التي ينبغي على الخطيب أن يقرأها في متابعة لكل شيء يفيده.

إذن، فقد بدأنا الموضوع أو المحاضرة بعنوان وبعد العنوان اخترنا تمهيداً مناسباً للمحاضرة استفدناه من عموم ثقافتنا ومطالعاتنا، ثم يأتي دور صلب المحاضرة التي ذكرنا أنه يفضَّل كونها ضمن نقاط، وهي التي نستفيدها من التفاسير التي تعطينا عدة معانٍ للآية أو نطرح أمامنا أكثر من بُعدٍ للآية القرآنية المباركة، فعلى سبيل المثال لو كان عنوان المحاضرة حول الإنفاق، فيمكن أن تكون المحاضرة حول أنواع الإنفاق، إذ يمكن أن ينظر إلى الإنفاق بعدة أنواع: منه الإنفاق المالي ومنه الإنفاق العلمي، و الإنفاق بالنفس وبالروح من أجل الله عزّ

٦٩

وجل، ثم يأتي إلى بيان كل نقطة، فإذا ذكر الإنفاق المالي فإن على الخطيب أن يهيئ حول هذه النقطة ما يبينّها ويشرحها مسندة بالنصوص المناسبة المطلوبة، ويرصّع كل نقطة بما يمتلك من شواهد مثل بيت شعر مناسب أو قصة ملائمة لنقطة البحث هذه.

ونؤكد؛ أنه يجب أن تكون المقطوعة الشعرية أو القصة متناسبة مع كل بعد أو معنى من أبعاد ومعاني الآية، فالمهم أن يشبع البحث بتنوع أدواته، بحيث يكون المجلس مائدة متنوعة؛ فيجد الإنسان أن نفسه تُقبل على هذه المائدة، كما يُقبل المدعو على الطعام فهو حينما يرى المائدة متنوعة فإن نفسه تقبل عليها، فكذلك المستمع عندما يستمع إلى الخطيب وهو مرة يأتي بقصة ومرة بحديث ومرة بشعر ومرة يقوم بإجراء مقارنة وتارة بإحصائية أو دراسة حديثة، فحينها يشعر المستمع، أن عند الخطيب عطاءً متنوعاً وفائدة متعددة، فينجذب إليه وتتم الاستفادة ومن ثمّ التربية والإعداد، وهكذا يؤدي المنبر الحسيني رسالته التربوية المطلوبة.

يجب أن لا نُغفل النصوص، وخاصة الأحاديث الشريفة عن المعصومينعليهم‌السلام ، حيث تقوم بدور كبير في تركيز المفهوم وتقوية النقاط وشد المستمع.

ومن الكتب المميزة والميسرة، في تهيئة الأحاديث المناسبة لمختلف المواضيع في هذا الباب؛ كتاب ميزان الحكمة، وهو كتاب رائع ومبوب لعناوين وموضوعات كثيرة التي يمكن أن يستفيد منها الخطيب، والموضوعات الواردة هي حسب الحروف الأبجدية، وقد تكون

٧٠

الأحاديث بذاتها، هي التي تفتح للخطيب أبواباً جديدة في المحاضرة.أحاديث معينة في موضوع معين تفتح آفاقاً جديدة لم تكن قد اكتشفها الخطيب من قبل، أحاديث وروايات تغني الآية الكريمة بحثاً وأبعاداً ومعانٍ فكما أن كتب التفسير تضع بين يدي الخطيب عدة آراء وأبعاد لكل آية بما تفتح أمامه مجالات الإبداع والتألّق، فإن وفرة الأحاديث عن أي موضوع من الموضوعات تفتح بدورها آفاقاً أخرى ومجالات جديدة تضاف إلى ما يستفاد من آراء المفسرين، إضافة إلى هذه الأحاديث والروايات تشكل شواهد مهمة لكلِ رأي أو بعد تفسيري نأخذ به.والكتاب من تأليف الشيخ محمدي ري شهري.وهو كتاب نافع جداً ولا يستغني عنه خطيب أو محاضر أو مؤلف كذلك.

إن مسؤولية خطيب المنبر الحسيني كبيرة ومتعددة، حيث ينهض الخطيب بمهمات كبيرة جداً.ويمكن لك أن تقدر عظم هذه المسؤولية في تلك التجمعات الحاشدة في مواسم الخطابة الحسينية في محرم وصفر وشهر رمضان، أو حينما يدعى الخطيب إلى جالية إسلامية مغتربة تستمع إلى محاضراته بكل نهم ولهفة.فخطيب المنبر الحسيني لا يمكن أن يحدد مصادر الخطابة الحسينية بنحو معين من المؤلفات، إذ أن كل شيء يمكن أن ينفعه في مجالسه من المجلات والكتب والقصص، مصدر يوفر المعلومة النافعة التي يمكن للخطيب أن يوظّفها في المحاضرة، ومن خلالها يستطيع الخطيب أن يوصل رسالته.وأذكر هنا كلمة لأحد أساتذة المنبر الحسيني وهو المرحوم العلامة السيد عبد الزهراء الحسيني حينما قال له أحد الخطباء:

٧١

لقد نضبت محاضراتي ولا أجد ما أتحدث عنه!! فقال له السيد الحسينيرحمه‌الله : يمكن لك أن تتحدث في موضوعات من آدمعليه‌السلام إلى عبد الكريم قاسم.الذي كان رئيساً للعراق آنذاك.نعم فمساحة الخطابة الحسينية واسعة ومتعددة.

وعلى الخطيب أن يتعب ليله ونهاره باستمرار فهو في همٍّ وتوثّب لا يهدأ، يقنص كل شاردة وواردة يمكن أن تعينه ذات يوم على محاضرة من محاضراته، أو جلاء فكرة من الأفكار التي يريد طرحها.

وعوداً إلى مثالنا السابق.عندما تحدثنا عن الإنفاق وأن له عدة جوانب، هناك إنفاق بالمال والعلم وبالنفس حيث يوظّف ما عنده من أحاديث وأفكار وأشعار وقصص في كل جانب من جوانب الإنفاق التي ذكرها والتي ينبغي أن تكون ضمن نقاط كما أسلفنا.ثم يقول في نهاية مجلسه أن الإمام الحسينعليه‌السلام جسَّد كل أنواع العطاء هذه يوم عاشوراء، أنفق كل أمواله في سبيل الله، ونشرعليه‌السلام للناس من علمه وما ترك شيئاً من ما عنده من أقوال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حق أهل البيتعليهم‌السلام إلا وأخبر الناس به.

وعندما رأى الإمام الحسينعليه‌السلام أن الناس لم يستفيدوا من العلم ومن الحجج الدامغة نزل عندئذٍ إلى الميدان بسيفه ليعطي نفسه الزكية فداءً لدينه.وهكذا يعرِّج على كربلاء وآلامها.إن على الخطيب أن يستنفر طاقات نفسه بأن يهيئ المحاضرة التي تكون حاوية للأمور المهمة والنافعة ويرصّع محاضرته بالشواهد المناسبة من النصوص والأدب والتاريخ.

٧٢

ونؤكد على ضرورة أن يكون الموضوع مؤلفاً من عدة نقاط، ونعود ونذكّر بأن إيراد النقاط فيها فوائد عدة:

١- تجعل الجمهور يتابع المحاضرة مع الخطيب.

٢- النقاط نفسها تعين الخطيب على التذكر.

٣- ترفع حالة السأم وتشد الجمهور تجاه الخطيب.

ثمّ يتبارى الخطباء في كثرة ما عندهم من معلومات وكثرة ما عندهم من ثقافة.

إنّ خطيب المنبر الحسيني لا يمكن أن تحدَّد ثقافته بمصدر معين، كل شيء نافع هو مما يعني الخطيب بما يزوده من معلومات.فحتى إذا لم يستفد منها في وقته، فقد يأتي الوقت المناسب لذلك.

ولهذا على كل خطيب أن يكون لديه دفتر خاص يجعله معه، ويرافقه أينما يذهب ويدون فيه كل شيء، فقد تقرأ بيتاً من الشعر وأنت في الشارع، أو تقفز إلى ذهنك فكرة، فعليك تسجيلها في دفترك هذا، فهذا الدفتر يكون للخطيب نِعْمَ الـمُعين وهو مفيد جداً له.هذا الدفتر الجيبي مما يلازم الخطيب الناجح بل إن المطلوب من كل إنسان يسعى لأن يفيد الناس، فإن عليه أن يدوّن ويسجّل كل شيء يمكن الإستفادة منه ولو مستقبلاً؛ كما يجب عليه الإحتفاظ والاستفادة من الكتب الأدبية لحفظ النصوص والأشعار والشواهد الأدبية.وكذا يقال عن المؤلفات التاريخية والثقافية العامة.

ولا نحتاج إلى تأكيد أهمية الكتب والمصادر التي تشكل القاعدة الأساسية لثقافة كل خطيب حسيني، وهي كتب المقاتل؛ الجديدة منها

٧٣

والقديمة.فالتي تعتبر ذات أثر كبير في الأهمية والخصوصية في ثقافة ومعلومات خطيب المنبر الحسيني لأن مادة المقاتل تعتبر الركن الأساسي الذي بني عليه المنبر الحسيني في نشوئه وكل مراحل تطوره، كما أن لكتب المقاتل من جهة والبحوث والدراسات والمؤلفات في ثورة الحسينعليه‌السلام من جهة أخرى أهمية كبيرة لا فقط في تهيئة (التخلص) أو (المصيبة) بل وفي صلب أبحاث المحاضرات التي تتلى في مجالس عاشوراء.

٧٤

الدرس العاشر:

كيفية ترتيب موضوع محاضرة المنبر الحسيني ٢

لقد قلنا أن أهم المصادر التي يمكن أن يعتمد عليها خطيب المنبر الحسيني في تهيئة الموضوع هي كتب التفاسير وكتب الأحاديث الشريفة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيتعليهم‌السلام وما كتبه العلماء والمفكرون والمؤلفون الإسلاميون من مؤلفات ودراسات تناولت الأبعاد المتنوعة للفكر الإسلامي ومدرسة أهل البيتعليهم‌السلام .إضافة إلى بعض المصادر التي تهيئ ما يسمى بالشواهد الأدبية والتأريخية من قصص وشعر وروايات، وبما يتلائم وفقرات الموضوع.

- ولقد ذكرنا أن الآية القرآنية: هي أفضل عنوان للمحاضرة في هذا المجال يمكن أن نستفيد من كتاب (المعجم المفهرس لآيات القرآن الكريم) للكاتب محمد فؤاد عبد الباقي هو كتاب مهم بالنسبة للخطيب حيث يتم من خلاله استخراج الآية وموقعها في القرآن الكريم بيسر ودقة.

- أما بالنسبة للمحاضرة: حيث يتم الاستفادة من كتب التفسير كما ذكرنا آية قرآنية وهي تعين كثيراً في هذا المجال وتفتح أمام الخطيب مجالات للإبداع والتألّق.وهناك كتب تفسير كثيرة ولعل من أنسبها للخطيب تفسير (الأمثل) لمؤلفه الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حيث أن هذا الكتاب يذكر لكل آية كريمة عدة آراء تعين الخطيب على

٧٥

وضع هيكلية نافعة لمحاضراته.

إن لكل كتاب تفسير ميزة، فبعضها لها اتجاه أدبي وبعضها لها اتجاه فلسفي وبعضها فيها اتجاه لغوي حسب اتجاه المفسرين واختصاصهم، ولهذا فإن من الأفضل لموضوع المحاضرة يجب أن يكون مشتملاً على آراء المفسرين من كافة الاختصاصات، حيث ينظر، كل واحد إلى الآية من بعد حتى تعطي الآية أبعاداً مختلفة بتعدد طرق الإستفادة منها.وعلى الخطيب مراعاة البيئة والمستوى الثفافي والتعليمي لدى الغالبية العظمى لروّاد مجالسه.

ثم يأتي دور أحاديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيت ولعل أفضل كتاب هو كتاب (ميزان الحكمة) وهو كتاب رائع جداً ومبوّب حسب الموضوعات كما سبق بيانه.

إذ فيه الأحاديث والروايات التي يحتاجها الخطيب ويُركّز على كل فقرة تُستفاد من الآية الكريمة وكل هذا إلى الآن ليس كافياً، وإنما يحتاج الخطيب إلى شواهد وقصص وأبيات شعر، ويحتاج إلى فكرة معينة، لطيفة معينة، حكمة معينة، وهذه تُأخذ من كتب تُعنى بالشواهد الأدبية والتأريخية (قصص وأشعار).وهي غير محددة بمصدر، وليس لها كتاب خاص إذ يمكن الاستفادة من كل شيء نافع ومفيد، حيث يمكن أن يستفيد الخطيب من برنامج إذاعة أو يستفيد من برنامج تلفزيون أو يستفيد من جريدة، من مجلّة، من بيت شعر مكتوب في الشارع فيسجله، حكمة يسمعها يسجلها.لكن هناك كتب تعتبر منجماً لهذه الشواهد إذ تكون حاوية للعديد من هذه الأمور ومن

٧٦

هذه الكتب (كتاب المستطرف في كل فن مستظرف)، المبوّب حسب الموضوعات في طبعته الجديدة.

ويمكن الاستفادة من كتب الكشاكيل مثل كشكول البهائي أو كشكول البحراني وبقية المصنفات التي صنعت بإسلوب كتاب الكشول.ويمكن أن نستفيد منها كمصادر للشواهد.

كما نذكر كتاب (العقد الفريد) لابن عبد ربّه الأندلسي، وكتاب (محاضرات الأدباء) للراغب الاصفهاني والبيان والتبيين للجاحظ وغيرها.وكما نعلم فإن على عاتق الخطيب الحسيني تقع مهمة إفهام المستمع للأفكار والمفاهيم المطروحة، لذلك نجد الخطيب في همٍّ دائم ونشاط مستمر.إن الخطابة مهمة شاقة ومتعبة ويجب أن يكون لدى الخطيب الناجح دفتر خاص يحتوي على عدة حقول يرتب فيها الشواهد التي اقتنصها واستخرجها من مختلف المصادر والمراجع ولكي تسهل مراجعته لهذه الشواهد فإن من الأفضل له أن يجعلها ضمن حقول وأقسام فالحقل الأول مثلاً يكتب فيه كل ما يتعلق بالقرآن الكريم وشؤونه، والحقل الثاني يخصص للسيرة، والثالث للأخلاق، والرابع للحِكَم، والحقل الخامس للمواعظ، وهكذا.إن هذا الكتاب يسمى (المجموعة) وهو على شكل كشكول مبوّب.ولدى كل خطيب من خطباء المنبر الحسيني، وربما غيرهم كذلك، مجموعة أو عدة مجموعات خاصة به يدّخر فيها نفائس ما يحصل عليه من شواهد أدبية وتاريخية وغيرها.

وعندما يريد الخطيب أن يعالج موضوعاً ما، فإنه يرجع فيه إلى

٧٧

دفتره الخاص، هذا الدفتر الذي يعرفه الخطباء بـ (المجموعة) ولهذا لا يمكن أن يعتمد الخطيب على كتاب واحد في الشواهد.

وبالعودة إلى المصادر فإن من مصادر الشواهد: (كتاب الغدير) وهو أحد عشر مجلداً (للعلامة الأميني) يحتوي على أحاديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الغدير وكل ما قيل في الغدير شعراً وترجمة الشاعر وفيه مواضيع يستفيد منها الخطيب في مجالات مختلفة، تراجم، عقائد، أدب، تاريخ وغيرها.

كما لا يستغني الخطيب عنه كتاب (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد ويحتوي الكتاب مجموعات من نقاط أدبية وتاريخية رائعة.

ومنها كتاب (حياة الحيوان الكبرى) للدميري وهو من الكتب الرائعة، فيه قصص وشعر وبشكل رائع وغريب، وهو مخزن للأشعار والقصص والطرائف فهو يأخذ حيواناً ما: مثل الخفاش، ثم يأتي بحديث يذكر منه الخفّاش كأن يقول أنه من طيور الليل فيذكر أنواع طيور الليل وما قيل فيها من قصص وشعر وأدب، وعن قصص وشعر حول الخفّاش يذكرها ويذكر كذلك تأويل ما معنى رؤية الخفاش في النوم.وسمعت الدكتور الشيخ الوائلي يقول:أنه قد قرأ كتاب حياة الحيوان الكبرى خمس مرات وهو متلهف أن يقرأه أكثر من ذلك.

ونذكّر أن أكثر ما يستفيد منه الخطيب كتب التفسير، والتفسير هو المتكفل بصياغة هيكلية المحاضرة ثم تأتي مرحلة استخراج الأحاديث المناسبة للآية، وما فسرت به، ويأتي بعد ذلك دور البحث عن الشواهد من قصص وأشعار التي يمكن أن توضِّح كل فكرة وكل نقطة.

٧٨

وتعريجاً على موضوع الإنفاق الذي ذكر كمثل في درس سابق حينما نأخذ الآية الكريمة التي تقول﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ، وفيها أن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى المستوى الرائع إلا إذا أنفق مما أحب، هي فكرة جيدة يجب البحث عن قصة أو حادثة معينة وقعت مع إنسان مؤمنّ لكي تكون توضيحاً للموضوع ودعماً له، حتى يتفاعل الجمهور مع الفكرة.لهذا يستطيع الخطيب أن يأخذ نظرة عامة عن كيفية كتابة البحث كيفية كتابة المحاضرة كيفية تهيئة أدوات كل شيء موجود وعليه بعد ذلك البناء.

من الحكمة أن يعرف الخطيب كيف يرتب وينسّق معلوماته وشواهده حتى يكون هناك إنتاج جميل ويكون هناك منزل رائع وبناء يبهر الأنظار، ويستفيد الناس منه.هذه الخطوة أساسية في مسألة كتابة موضوع البحث والمحاضرة.إن التفاسير موجودة، والأحاديث متوفرة.والشواهد والقصص متناثرة في مصادرها، والأفكار مبثوثة في الكتب، وأجهزة الإعلام، والخطيب الحسيني الناجح هو من يسعى بجهد في جمع هذه المعلومات، ثم صياغتها وطرحها بأفضل أسلوب وأروعه.

إن مشكلة بعض الخطباء، أنهم لا يستطيعون أن يميزوا ما بين ما هو نافع للناس وما هو غير نافع، فليس كل ما يُقرأ في الكتب يتكلم به على المنبر؛ هذا خطأ كبير قد يقع فيه بعض الخطباء لا سيما المبتدئين منهم، لأن عالم الكتب شيء وعالم المنبر والخطابة شيء آخر ولعل من أبرز الأمثلة في هذه المسألة، ما يذكر من أمور تتعلق بسيرة الإمام

٧٩

الحسينعليه‌السلام ، وأبرز رموز واقعة الطف، وما جاء فيها من أخبار وآثار وروايات وتفسيرات- ولهذا فقد يقرأ الخطيب رواية قد تكون غير محققّة أو مما يثير استغراباً أو ممّا يحتاج للتفسير والتوضيح، فإذا ذكرها على المنبر ببراءة واسترسال وإذا بالانتقادات توجّه إليه، وقد يتطور الأمر إلى أكثر من ذلك.ولهذا على الخطيب مهمات لا يُبتلى بها غيره.

إن مهمة الخطيب الحسيني مهمة كبيرة عليه أن يستعين بالله عز وجل وبركات الإمام الحسينعليه‌السلام لنجاح مهمته وأداء مسؤوليته.

هذه معلومات عامة عن كيفية كتابة محاضرة في منبر الإمام الحسينعليه‌السلام ومن المهم جداً في توظيف الشواهد المطلوبة أن يعد كل خطيب دفتراً(مجموعة) ويفضل الدفتر الذي تقطع أطرافه لوضع عناوين تثبت فيها الشواهد الأدبية والتاريخية ويمكن أن يقسم هذا الدفتر أو المجموعة كما سبق أن بينّا إلى عدة أبواب:

١- القرآن: حيث يذكر فيه كل ما يتعلق بالقرآن من أقوال وقصص وأشعار وأبحاث وإحصاءات.فإذا كانت عندك محاضرة حول القرآن الكريم مثل الإعجاز أو تلاوة القرآن أو التدبر فيه أو أي علم من علوم القرآن، لجئت إلى هذا الباب فأخذت الشاهد المناسب.

٢- السيرة: ويذكر في هذا الباب كل ما يتعلق بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام من قصص وأحاديث منتقاة وأحداث ومواقف وأشعار.حيث تأخذ من هذا الباب ما يغني محاضرتك إذا كانت حول سيرتهعليه‌السلام ، أو تأخذ من هذا الباب ما يقوي محاضرتك ويدعمها في موضوعات أخلاقية أو تربوية أو فكرية أخرى.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وبمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة شمعون من عيسى، إلا أنه لا نبي بعدي.

يا علي، أنت وصيي وخليفتي، فمن جحد وصيتك وخلافتك فليس مني ولست منه، وأنا خصمه يوم القيامة.

يا علي، أنت أفضل أمتي فضلا، وأقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأوفرهم حلما، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفا.

يا علي أنت الامام بعدي والامير، وأنت الصاحب بعدي والوزير، ومالك في أمتي من نظير.

يا علي، أنت قسيم الجنة والنار، بمحبتك يعرف الابرار من الفجار، ويميز بين الاشرار والاخيار، وبين المؤمنين والكفار(١) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله

______________

(١) بحار الانوار ٣٧: ٢٥٤/١.

١٠١

[ ١٢ ]

المجلس الثاني عشر

وهو يوم الثلاثاء

لثلاث بقين من شعبان سنة سبع وستين وثلاثمائة

٧٨/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا نظر إلى هلال شهر رمضان، استقبل القبلة بوجهه، ثم قال: اللهم أهله علينا بالامن والايمان، والسلامة والاسلام، والعافية المجللة، والرزق الواسع، ودفع الاسقام، وتلاوة القرآن، والعون على الصلاة والصيام، اللهم سلمنا لشهر رمضان وسلمه لنا وتسلمه منا حتى ينقضي شهر رمضان وقد غفرت لنا.

ثم يقبل بوجهه على الناس فيقول: يا معشر المسلمين، إذا طلع هلال شهر رمضان غلت مردة الشياطين، وفتحت أبواب السماء وأبواب الجنان وأبواب الرحمة، وغلقت أبواب النار، واستجيب الدعاء، وكان لله عزّوجلّ عند كل فطر عتقاء يعتقهم من النار، ونادى مناد كل ليلة: هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ اللهم أعط كل منفق خلفا، وأعط كل ممسك تلفا، حتى إذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون أن اغدوا إلى

١٠٢

جوائزكم، فهو يوم الجائزة.

ثم قال أبوجعفر عليه السلام: أما والذي نفسي بيده، ما هي بجائزة الدنانير والدراهم(١) .

٧٩/٢ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم المعاذي، قال: حدّثنا أحمد بن حيويه(٢) الجرجاني المذكر، قال: حدّثنا أبوإسحاق إبراهيم بن بلال(٣) ، قال: حدّثنا أبومحمّد، قال: حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن كرام، قال: حدّثنا أحمد بن عبدالله، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، قال: حدّثنا معاوية بن إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس: ما لمن صام شهر رمضان وعرف حقه؟ قال: تهيأ - يا بن جبير - حتى أحدثك بما لم تسمع أذناك، ولم يمر على قلبك، وفرغ نفسك لما سألتني عنه، فما أردته هو علم الاولين والآخرين.

قال سعيد بن جبير: فخرجت من عنده، فتهيأت له من الغد، فبكرت إليه مع طلوع الفجر، فصليت الفجر، ثم ذكرت الحديث، فحول وجهه إلي، فقال: اسمع مني ما أقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: لو علمتم ما لكم في رمضان لزدتم لله تعالى ذكره شكرا، إذا كان أول ليلة غفر الله عزّوجلّ لامتي الذنوب كلها، سرها وعلانيتها، ورفع لكم ألفي ألف درجة، وبنى لكم خمسين مدينة. وكتب الله عزّوجلّ لكم يوم الثاني بكل خطوة تخطونها في ذلك اليوم عبادة سنة، وثواب نبي، وكتب لكم صوم سنة. وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم الثالث بكل شعرة على أبدانكم قبة في الفردوس من درة بيضاء، في أعلاها اثنا عشر ألف بيت من النور، وفي أسفلها اثنا عشر ألف بيت، في كل بيت ألف سرير، على كل سرير حوراء، يدخل عليكم كل يوم ألف ملك، مع كل ملك هدية. وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم الرابع في جنة الخلد سبعين ألف

______________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢: ٥٩/٢٥٦، ثواب الاعمال: ٦٤، بحار الانوار ٩٦: ٣٦٠/٢٧.

(٢) في نسخة: حبويه.

(٣) في نسخة: هلال.

١٠٣

قصر، في كل قصر سبعون ألف بيت، في كل بيت خمسون ألف سرير، على كل سرير حوراء، بين يدي كل حوراء ألف وصيفة، خمار إحداهن خير من الدنيا وما فيها. وأعطاكم الله يوم الخامس في جنة المأوى ألف ألف مدينة، في كل مدينة سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف مائدة، على كل مائدة سبعون ألف قصعة، في كل قصعة ستون ألف لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضا.

وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم السادس في دار السلام مائة ألف مدينة، في كل مدينة مائة ألف دار، في كل دار مائة ألف بيت، في كل بيت مائة ألف سرير من ذهب، طول كل سرير ألف ذراع، على كل سرير زوجة من الحور العين، عليها ثلاثون ألف ذؤابة منسوجة بالدر والياقوت، تحمل كل ذؤابة مائة جارية. وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم السابع في جنة النعيم ثواب أربعين ألف شهيد، وأربعين ألف صديق. وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم الثامن عمل ستين ألف عابد وستين ألف زاهد. وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم التاسع ما يعطي ألف عالم وألف معتكف وألف مرابط. وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم العاشر قضاء سبعين ألف حاجة، ويستغفر لكم الشمس والقمر والنجوم والدواب والطير والسباع وكل حجر ومدر، وكل رطب ويابس، والحيتان في البحار، والاوراق على الاشجار.

وكتب الله عزّوجلّ لكم يوم أحد عشر ثواب أربع حجات وعمرات، كل حجة مع نبي من الانبياء، وكل عمرة مع صديق أو شهيد. وجعل الله عزّوجلّ لكم يوم اثني عشر أن يبدل الله سيئاتكم حسنات ويجعل حسناتكم أضعافا، ويكتب لكم بكل حسنة ألف ألف حسنة. وكتب الله عزّوجلّ لكم يوم ثلاثة عشر مثل عبادة أهل مكة والمدينة، وأعطاكم الله بكل حجر ومدر ما بين مكة والمدينة شفاعة، ويوم أربعة عشر فكأنما لقيتم آدم ونوحا وبعدهما إبراهيم وموسى، وبعدهما داود وسليمان، وكأنما عبدتم الله عزّوجلّ مع كل نبي مائتي سنة. وقضى لكم عزّوجلّ يوم خمسة عشر حوائج من حوائج الدنيا والآخرة وأعطاكم الله عزّوجلّ ما يعطي أيوب، واستغفر لكم حملة العرش، وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم القيامة أربعين نورا: عشرة عن يمينكم،

١٠٤

وعشرة عن يساركم وعشرة أمامكم، وعشرة خلفكم.

وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم ستة عشر، إذا خرجتم من القبر، ستين حلة تلبسونها وناقة تركبونها، وبعث الله إليكم غمامة تظلكم من حر ذلك اليوم. ويوم سبعة عشر يقول الله عزّوجلّ: إني قد غفرت لهم ولآبائهم، ورفعت عنهم شدائد يوم القيامة. وإذا كان يوم ثمانية عشر أمر الله تبارك وتعالى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش والكروبيين أن يستغفروا لامة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى السنة القابلة، وأعطاكم الله عزّوجلّ يوم القيامة ثواب البدريين. فإذا كان يوم التاسع عشر لم يبق ملك في السماوات والارض إلا استأذنوا ربهم في زيارة قبوركم كل يوم، ومع كل ملك هدية وشراب. فإذا تم لكم عشرون يوما بعث الله عزّوجلّ إليكم سبعين ألف ملك يحفظونكم من كل شيطان رجيم، وكتب الله عزّوجلّ لكم بكل يوم صمتم صوم مائة سنة، وجعل بينكم وبين النار خندقا، وأعطاكم ثواب من قرأ التوراة والانجيل والزبور والفرقان، وكتب الله عزّوجلّ لكم بكل ريشة على جبرئيل عليه السلام عبادة سنة، وأعطاكم ثواب تسبيح العرش والكرسي، وزوجكم بكل آية في القرآن ألف حوراء. ويوم أحد وعشرين يوسع الله عليكم القبر ألف فرسخ، ويرفع عنكم الظلمة والوحشة، ويجعل قبوركم كقبور الشهداء، ويجعل وجوهكم كوجه يوسف بن يعقوب عليهما السلام. ويوم اثنين وعشرين يبعث الله عزّوجلّ إليكم ملك الموت، كما يبعث إلى الانبياء. ويدفع عنكم هول منكر ونكير، ويدفع عنكم هم الدنيا وعذاب الآخرة. ويوم ثلاثة وعشرين تمرون على الصراط مع النبيين و الصديقين والشهداء، وكأنما أشبعتم كل يتيم من امتي، وكسوتم كل عريان من امتي. ويوم أربعة وعشرين لا تخرجون من الدنيا حتى يرى كل واحد منكم مكانه من الجنة، ويعطى كل واحد منكم ثواب ألف مريض وألف غريب خرجوا في طاعة الله عزّوجلّ، وأعطاكم ثواب عتق ألف رقبة من ولد إسماعيل. ويوم خمسة وعشرين بنى الله عزّوجلّ لكم تحت العرش ألف قبة خضراء، على رأس كل قبة خيمة من نور، يقول الله تبارك وتعالى: يا امة محمّد، أنا ربكم وأنتم عبيدي وإمائي، استظلوا بظل عرشي في هذه القباب،

١٠٥

وكلوا واشربوا هنيئا، فلا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون. يا امة محمّد، وعزتي وجلالي لابعثنكم إلى الجنة يتعجب منكم الاولون والآخرون، ولا توجن كل واحد منكم بألف تاج من نور، ولاركبن كل واحد منكم على ناقة خلقت من نور، وزمامها من نور، وفي ذلك الزمام ألف حلقة من ذهب، وفي كل حلقة ملك قائم عليها من الملائكة، بيد كل ملك عمود من نور حتى يدخل الجنة بغير حساب.

وإذا كان يوم ستة وعشرين ينظر الله إليكم بالرحمة، فيغفر الله لكم الذنوب كلها إلا الدماء والاموال، وقدس بيتكم كل يوم سبعين مرة من الغيبة والكذب والبهتان، ويوم سبعة وعشرين فكأنما نصرتم كل مؤمن ومؤمنة وكسوتم سبعين ألف عار، وخدمتم ألف مرابط، وكأنما قرأتم كل كتاب أنزله الله عزّوجلّ على أنبيائه، ويوم ثمانية وعشرين جعل الله لكم في جنة الخلد مائة ألف مدينة من نور، وأعطاكم الله عزّوجلّ في جنة المأوى مائة ألف قصر من فضة، وأعطاكم الله عزّوجلّ في جنة الفردوس مائة ألف مدينة، في كل مدينة ألف حجرة، وأعطاكم الله عزّوجلّ في جنة الجلال مائة ألف منبر من مسك، في جوف كل منبر ألف بيت من زعفران، في كل بيت ألف سرير من در وياقوت، على كل سرير زوجة من الحور العين، فإذا كان يوم تسعة وعشرين أعطاكم الله عزّوجلّ ألف ألف محلة، في جوف كل محلة قبة بيضاء، في كل قبة سرير من كافور أبيض، على ذلك السرير ألف فراش من السندس الاخضر، فوق كل فراش حوراء عليها سبعون ألف حلة، وعلى رأسها ثمانون ألف ذؤابة، كل ذؤابة مكللة بالدر والياقوت، فإذا تم ثلاثون يوما كتب الله عزّوجلّ لكم بكل يوم مر عليكم ثواب ألف شهيد وألف صديق، وكتب الله عزّوجلّ لكم عبادة خمسين سنة، وكتب الله عزّوجلّ لكم بكل يوم صوم ألفي يوم، ورفع لكم بعدد ما أنبت النيل درجات، وكتب الله عزّوجلّ لكم براءة من النار، وجوازا على الصراط، وأمانا من العذاب.

وللجنة باب يقال له: الريان، لا يفتح ذلك إلى يوم القيامة، ثم يفتح للصائمين والصائمات من امة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثم ينادي رضوان خازن الجنة: يا امة محمّد،

١٠٦

هلموا إلى الريان، فتدخل امتي في ذلك الباب إلى الجنة، فمن لم يغفر له في شهر رمضان، ففي أي شهر يغفر له! ولا حول ولا قوة إلا بالله(١) .

وصلّى الله على محمّد وآله

٨٠/٣ - وفي هذا اليوم أيضا حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمة الله)، قال: حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثنا جعفر بن سلمة، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى العبسي، قال: حدّثنا مهلهل العبدي، قال: حدّثنا كديرة(٢) بن صالح الهجري، عن أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لعلي عليه السلام كلمات ثلاث، لان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها، سمعته يقول: اللهم أعنه واستعن به، اللهم انصره وانتصر به، فإنه عبدك وأخو رسولك.

ثم قال أبوذر رحمه الله: أشهد لعلي بالولاء والاخاء والوصية.

وقال كديرة بن صالح: وكان يشهد له بمثل ذلك سلمان الفارسي، والمقداد وعمار، وجابر بن عبدالله الانصاري، وأبو الهيثم بن التيهان، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وأبو أيوب صاحب منزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهاشم بن عتبة المرقال، كلهم من أفاضل أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم(٣) .

وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله الطاهرين

______________

(١) فضائل الاشهر الثلاثة: ٨١/٦٣، ثواب الاعمال: ٦٨، بحار الانوار ٩٦: ٣٥١/٢٣.

(٢) في نسخة: كريزة، وفي اخرى: كريرة (في الموضعين)، والصواب ما أثبتناه، انظر: ميزان الاعتدال ٤: ١٩٨/٨٨٣٧، التاريخ الكبير للبخاري ٧: ٢٤١/١٠٣٢، الاكمال ٧: ١٢٩.

(٣) بحار الانوار ٢٢: ٣١٨/٣.

١٠٧

[ ١٣ ]

المجلس الثالث عشر

وهو يوم الجمعة

غرة شهر رمضان من سنة سبع وستين وثلاثمائة

٨١/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه الفقيه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن الحسين، عن محمّد بن جمهور، وعن(١) محمّد بن زياد، عمن سمع محمّد بن مسلم الثقفي يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهم السلام يقول: إن لله تعالى ملائكة موكلين بالصائمين، يستغفرون لهم في كل يوم من شهر رمضان إلى آخره، وينادون الصائمين كل ليلة عند إفطارهم: أبشروا - عباد الله - فقد جعتم قليلا وستشبعون كثيرا، بوركتم وبورك فيكم، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان نادوهم: أبشروا - عباد الله - فقد غفر الله لكم ذنوبكم، وقبل توبتكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون(٢) .

٨٢/٢ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الكوفي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، عن أبي

______________

(١) في نسخة: محمّد بن جمهور عن.

(٢) فضائل الاشهر الثلاثة: ٧٢/٥٢، بحار الانوار ٩٦: ٣٦١/٢٨.

١٠٨

الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن شهر رمضان شهر عظيم، يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، ويرفع فيه الدرجات، من تصدق في هذا الشهر بصدقة غفر الله له، ومن أحسن فيه إلى ما ملكت يمينه غفر الله له، ومن حسن فيه خلقه غفر الله له، ومن كظم فيه غيظه غفر الله له، ومن وصل فيه رحمه غفر الله له.

ثم قال عليه السلام: إن شهركم هذا ليس كالشهور، إنه إذا أقبل إليكم أقبل بالبركة والرحمة، وإذا أدبر عنكم أدبر بغفران الذنوب، هذا شهر الحسنات فيه مضاعفة، وأعمال الخير فيه مقبولة، من صلى منكم في هذا الشهر لله عزّوجلّ ركعتين يتطوع بهما غفر الله له.

ثم قال عليه السلام: إن الشقي حق الشقي من خرج عنه هذا الشهر ولم تغفر ذنوبه، فحينئذ يخسر حين يفوز المحسنون بجوائز الرب الكريم(١) .

٨٣/٣ - حدّثنا محمّد بن الحسن رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا العباس بن معروف، عن محمّد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: من كبر الله تبارك وتعالى عند المساء مائة تكبيرة، كان كمن أعتق مائة نسمة(٢) .

٨٤/٤ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، قال: حدثني محمّد ابن حمران، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهم السلام، أنه قال: من سبح الله كل يوم ثلاثين مرة دفع الله تبارك وتعالى عنه سبعين نوعا من البلاء أدناها الفقر(٣) .

٨٥/٥ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا أحمد بن

______________

(١) فضائل الاشهر الثلاثة: ٧٣/٥٣، عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٣/٤٦، بحار الانوار ٩٦: ٣٦١/٢٩.

(٢) ثواب الاعمال: ١٦٣، بحار الانوار ٨٦: ٢٥٢/١٧.

(٣) بحار الانوار ٩٣: ١٧٨/٨.

١٠٩

محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن عمرو بن نهيك، عن سلام المكي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: أتى رجل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقال له شيبة الهذلي(١) ، فقال: يا رسول الله، إني شيخ قد كبرت سني، وضعفت قوتي عن عمل كنت قد عودته نفسي من صلاة وصيام وحج وجهاد، فعلمني - يا رسول الله - كلاما ينفعني الله به، وخفف علي يا رسول الله. فقال: أعدها. فأعادها ثلاث مرات، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما حولك شجرة ولا مدرة إلا وقد بكت من رحمتك، فإذا صليت الصبح فقل عشر مرات: سبحان الله العظيم وبحمده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله عزّوجلّ يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم.

فقال: يا رسول الله، هذا للدنيا، فما للآخرة؟ قال: تقول في دبر كل صلاة: اللهم اهدني من عندك، وأفض علي من فضلك، وانشر علي من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك.

قال: فقبض عليهن بيده ثم مضى، فقال رجل لابن عباس: ما أشد ما قبض عليها خالك! فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أما إنه إن وافى بها يوم القيامة، لم يدعها متعمدا، فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يدخلها من أيها شاء(٢) .

٨٦/٦ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمّد ابن زياد، عن أبان وغيره، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: من ختم صيامه بقول صالح أو عمل صالح تقبل الله منه صيامه. فقيل له: يا بن رسول الله، ما القول الصالح؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، والعمل الصالح: أخراج الفطرة(٣) .

______________

(١) كذا في النسخ وثواب الاعمال، وفي التهذيب: شيبة الهذيل، ولم نجده، وفي الخصال: قبيصة بن مخارق الهلالي.

(٢) ثواب الاعمال: ١٥٩، الخصال: ٢٢٠/٤٥، التهذيب ٢: ١٠٦/٤٠٤، بحار الانوار ٨٦: ١٩/١٨.

(٣) التوحيد: ٢٢/١٦، معاني الاخبار: ٢٣٥/١، بحار الانوار ٩٦: ١٠٣/١، ويأتي في المجلس (٢١) =

١١٠

٨٧/٧ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي أيوب سليمان بن مقبل المديني، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهم السلام، قال: من جالس لنا عائبا، أو مدح لنا قاليا، أو واصل لنا قاطعا، أو قطع لنا واصلا، أو والى لنا عدوا، أو عادى لنا وليا فقد كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم(١) .

٨٨/٨ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: طوبى لمن طال عمره وحسن عمله فحسن منقلبه إذ رضي عنه ربه عزّوجلّ، وويل لمن طال عمره وساء عمله، فساء منقلبه إذ سخط عليه ربه عزّوجلّ(٢) .

٨٩/٩ - حدّثنا الحسين(٣) بن أحمد بن إدريس رحمه الله، قال: حدثني أبي، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن زياد، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أحسن فيما بقي من عمره، لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه، ومن أساء فيما بقي من عمره أخذ بالاول والآخر(٤) .

٩٠/١٠ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعلى بن محمّد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن عبدالله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن

______________

= حديث (٩).

(١) بحار الانوار ٢٧: ٥٢/٤.

(٢) بحار الانوار ٧١: ١٧١/٢، و ٧٧: ١١٣/٣.

(٣) في نسخة: الحسن.

(٤) بحار الانوار ٧٧: ١١٣/٤.

١١١

عليا وصيي وخليفتي، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، ومن ناوأهم فقد ناوأني، ومن جفاهم فقد جفاني، ومن برهم فقد برني، وصل الله من وصلهم، وقطع من قطعهم، ونصر من أعانهم، وخذل من خذلهم، اللهم من كان له من أنبيائك ورسلك ثقل وأهل بيت، فعلي وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا(١) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله

______________

(١) بشارة المصطفى: ١٦، بحار الانوار ٣٥: ٢١٠/١١، و ٣٧: ٣٥/٢.

١١٢

[ ١٤ ]

المجلس الرابع عشر

وهو يوم الثلاثاء

الخامس من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة

٩١/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمّد بن مروان، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام يقول: إن لله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء وطلقاء من النار إلا من أفطر على مسكر، فإذا كان آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه(١) .

٩٢/٢ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدثني أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن سيف بن عميرة، عن عبيد الله بن عبدالله، عمن سمع أبا جعفر الباقر عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما حضر شهر رمضان، وذلك لثلاث بقين من شعبان، قال لبلال: ناد

______________

(١) ثواب الاعمال: ٦٥، فضائل الاشهر الثلاثة: ٧٤/٥٤، التهذيب ٤: ١٩٣/٥٥١، أمالي الطوسي: ٤٩٧/١٠٩١، بحار الانوار ٩٦: ٣٦٢/٣٠.

١١٣

في الناس، فجمع الناس، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن هذا الشهر قد حضركم، وهو سيد الشهور، فيه ليلة خير من ألف شهر، تغلق فيه أبواب النيران، وتفتح فيه أبواب الجنان، فمن أدركه فلم يغفر له فأبعده الله، ومن أدرك والديه فلم يغفر له فأبعده الله، ومن ذكرت عنده فلم يصل علي فلم يغفر له فأبعده الله(١) .

٩٣/٣ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم، قال: حدّثنا عليّ بن سعيد العسكري، قال: حدّثنا الحسين بن عليّ بن الاسود العجلي، قال: حدّثنا عبد الحميد بن يحيى أبويحيى الحماني(٢) ، قال: حدّثنا أبوبكر الهذلي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير، وأعطى كل سائل(٣) .

٩٤/٤ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدثني عثمان بن عيسى، عن العلاء ابن المسيب، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال الحسن بن عليّ عليهما السلام لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا أبه، ما جزاء من زارك؟ فقال: من زارني أو زار أباك أو زارك أو زار أخاك، كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة حتى أخلصه من ذنوبه(٤) .

______________

(١) ثواب الاعمال: ٦٥، فضائل الاشهر الثلاثة: ٧٤/٥٥، التهذيب ٤: ١٩٢/٥٤٩، بحار الانوار ٩٦: ٣٦٢/٣١.

(٢) كذا في النسخ، ولم نجده بهذا العنوان، فلعله عبد الحميد بن عبد الرحمن، أبويحيى الحماني، المذكور في تهذيب الكمال ١٦: ٤٥٢/٣٧٢٥ وتهذيب التهذيب ٦: ١٢٠/٢٤١، ولعل الجمع بين (بن يحيى) و (أبو يحيى) من مواضع الجمع بين الشئ وبدل النسخة الشائع نظيره في التحريفات.

(٣) فضائل الاشهر الثلاثة: ٧٥/٥٦، من لا يحضره الفقيه ٢: ٦١/٢٦٣، بحار الانوار ٩٦: ٢٦٣/٣٢.

(٤) كامل الزيارات: ١١/٢، ٥، و: ١٤/١٨، الكافي ٤: ٥٤٨/٤، ثواب الاعمال: ٨٢، علل الشرائع: ٤٦٠/٥، بحار الانوار ١٠٠: ١٤٠/٧ - ١١، و: ١٤١/١٢، ١٣.

١١٤

٩٥/٥ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لكل شئ ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان(١) .

٩٦/٦ - حدّثنا الحسين بن أحمد رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: الحافظ للقرآن العامل به، مع السفرة الكرام البررة(٢) .

٩٧/٧ - حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن محمّد بن مروان، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار، والقنطار خمسون ألف مثقال ذهب، والمثقال أربعة وعشرون قيراطا، أصغرها مثل جبل احد، وأكبرها ما بين السماء والارض(٣) .

٩٨/٨ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن حسان، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: من أوتر بالمعوذتين و( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) قيل له: يا عبدالله،

______________

(١) الكافي ٢: ٤٦١/١٠، ثواب الاعمال: ١٠٣، معاني الاخبار: ٢٢٨/١، بحار الانوار ٩٢: ٢١٣/٩، و ٩٦: ٣٨٦/١، ٢.

(٢) الكافي ٢: ٤٤١/٢، ثواب الاعمال: ١٠١، بحار الانوار ٩٢: ١٧٧/١.

(٣) ثواب الاعمال: ١٠٣، معاني الاخبار: ١٤٧/٢، بحار الانوار ٩٢: ١٩٦/٢.

١١٥

أبشر فقد قبل الله وترك(١) .

٩٩/٩ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبدالله بن ميمون، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به، وإنه ليستعفر لطالب العلم من في السماء ومن في الارض، حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الانبياء، إن الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر(٢) .

١٠٠/١٠ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله، قال: حدّثنا أبوعبدالله الجاموراني، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة(٣) .

١٠١/١١ - حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: أخبرني عليّ بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع وثلاثمائة، قال: حدثني أبي، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي، أنت أخي ووزيري وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وأنت صاحب حوضي، من أحبك أحبني، ومن أبغضك أبغضني(٤) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله

______________

(١) ثواب الاعمال: ١٢٩، بحار الانوار ٨٧: ١٩٤/١.

(٢) بصائر الدرجات: ٢٣/٢، ثواب الاعمال: ١٣١، بحار الانوار ١: ١٦٤/٢.

(٣) ثواب الاعمال: ١٣٢، الخصال: ٥/١٢، بحار الانوار ١: ١٩٩/٢.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٣/٤٧، بحار الانوار ٨: ١٩/٥، و ٣٩: ٢١١/١، و ٤٠: ٤/٧.

١١٦

[ ١٥ ]

المجلس الخامس عشر

وهو يوم الجمعة

الثامن من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة

١٠٢/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي، قال: حدّثنا جعفر بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عبدالله بن المغيرة الكوفي، قال: حدّثنا جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لاصحابه: ألا أخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى. قال: الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه(١) ، ولكل شئ زكاة وزكاة الابدان الصيام(٢) .

١٠٣/٢ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن موسى الكمنداني(٣) ، قال:

______________

(١) الوتين: عرق في القلب يغذي جسم الانسان بالدم النقي.

(٢) الكافي ٤: ٦٢/٢، فضائل الاشهر الثلاثة: ٧٥/٥٧، من لا يحضره الفقيه ٢: ٤٥/١٩٩، بحار الانوار ٦٣: ٢٦١/١٤٠، و ٩٣: ٢٧٦/١.

(٣) في نسخة: الكميداني، وفي اخرى: الكمذاني، والصواب ما أثبتناه، وسيأتي في الحديث (١) من المجلس (٨٩) بعنوان الكمنداني أيضا، قال في معجم البلدان ٤: ٤٨٠، كمندان: اسم قم في أيام الفرس، =

١١٧

حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحسين، عن محمّد بن عبيد، عن عبيد بن هارون، قال: حدّثنا أبويزيد، عن حصين، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع عنكم به البلاء، وأما الاستغفار فتمحى به ذنوبكم(١) .

١٠٤/٣ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن(٢) بن موسى، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال وكرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي: العبث في الصلاة، والرفث في الصوم، والمن بعد الصدقة، وإتيان المساجد جنبا، والتطلع في الدور، والضحك بين القبور(٣) .

١٠٥/٤ - حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبدالله بن المغيرة، عن عمرو الشامي، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) (٤) فغرة الشهور شهر الله عزّوجلّ، وهو شهر رمضان،

______________

= فلما فتحها المسلمون اختصروا اسمها قما وكذا عنونه التستري في القاموس ٧: ٦٦، والسيد الخوئي في معجم رجال الحديث ١٢: ١٩١/٨٥٣٤، وقال: هو أحد العدة الذين يروي محمّد بن يعقوب عنهم عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وفي رجال النجاشي طبعة دار الاضواء ٢: ٣٣٧/١٠٧٨ في ترجمة أبيه ذكره بعنوان الكمداني أيضا.

(١) الكافي ٤: ٨٨/٧، فضائل الاشهر الثلاثة: ٧٦/٥٩، بحار الانوار ٩٦: ٣٧٨/٢.

(٢) في النسخ: الحسين، والصواب الحسن، وهو الحسن بن موسى الخشاب، انظر: معجم رجال الحديث ٥: ١٤١/٣١٥٣، الخصال، الكافي ٤: ٢٢/١، و ٨٩/١١، التهذيب ٤: ١٩٥/٥٥٩.

(٣) المحاسن: ١٠/٣١، من لا يحضره الفقيه ١: ١٢٠/٥٧٥، الخصال: ٣٢٧/١٩، بحار الانوار ٨١: ٦١/٣٥، و ٨٤: ٢٣٨/١٩.

(٤) التوبة ٩: ٣٦.

١١٨

وقلب شهر رمضان ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشهر بالقرآن(١) .

١٠٦/٥ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن القاسم بن محمّد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص ابن غياث، قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: أخبرني عن قول الله عزّوجلّ:( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (٢) ، كيف أنزل القرآن في شهر رمضان، وإنما أنزل القرآن في مدة عشرين سنة، أوله وآخره؟ فقال عليه السلام: أنزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثم أنزل من البيت المعمور في مدة عشرين سنة(٣) .

١٠٧/٦ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله، قال: حدّثنا عبد العزيز ابن يحيى، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا، قال: حدّثنا محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ستدفن بضعة مني بأرض خراسان، لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله عزّوجلّ له الجنة، وحرم جسده على النار(٤) .

١٠٨/٧ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: أخبرنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال: إن بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة، فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفح في الصور. فقيل له: يا بن رسول الله، وأية بقعة هذه؟ قال: هي بأرض طوس، وهي والله روضة من رياض الجنة، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم،

______________

(١) الكافي ٤: ٦٥/١، فضائل الاشهر الثلاثة: ٨٧/٦٦، بحار الانوار ٩٧: ١١/١٣.

(٢) البقرة: ٢: ١٨٥.

(٣) تفسير القمي ١: ٦٦، فضائل الاشهر الثلاثة: ٨٧/٦٧، بحار الانوار ٩٧: ١١/١٤.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٢٥٥/٤، بحار الانوار ٤٩: ٢٨٤/٣، و ١٠٢: ٣١/١.

١١٩

وكتب الله تبارك وتعالى له بذلك ثواب ألف حجة مبرورة وألف عمرة مقبولة، وكنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة(١) .

١٠٩/٨ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: والله ما منا إلا مقتول شهيد. فقيل له: فمن يقتلك يا بن رسول الله؟ قال: شر خلق الله في زماني، يقتلني بالسم، ثم يدفنني في دار مضيعة(٢) وبلاد غربة، ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عزّوجلّ له أجر مائة ألف شهيد ومائة ألف صديق ومائة ألف حاج ومعتمر ومائة ألف مجاهد، وحشر في زمرتنا، وجعل في الدرجات العلى من الجنة رفيقنا(٣) .

١١٠/٩ - حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرضا عليه السلام: أبلغ شيعتي أن زيارتي تعدل عند الله عزّوجلّ ألف حجة.

قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: ألف حجة؟ قال: إي والله، وألف ألف حجة لمن زاره عارفا بحقه(٤) .

١١١/١٠ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم رحمه الله، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٢٥٥/٥، بحار الانوار ١٠٢: ٣١/٢.

(٢) أي دار ضياع وانقطاع.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٢٥٦/٩، من لا يحضره الفقيه ٢: ٣٥١/١٦٠٩، بحار الانوار ٤٩. ٢٨٣/٢، و ١٠٢: ٣٢/٢.

(٤) كامل الزيارات: ٣٠٦/٩، ثواب الاعمال: ٩٨، عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٢٥٧/١٠، من لا يحضره الفقيه ٢: ٣٤٩/١٥٩٩، بشارة المصطفى: ٢٢، بحار الانوار ١٠٢:٣٣/٤ - ٦، ويأتي في المجلس (٢٥) الحديث (٣).

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158