زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام42%

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 135

  • البداية
  • السابق
  • 135 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17857 / تحميل: 5440
الحجم الحجم الحجم
زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

سلسلة زاد المبلغ

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

١

الكتاب: زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

إعداد: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني

الطبعة: الاول، تشرين١، ٢٠٠٩م ١٤٣٠ه

جميع حقوق الطبع محفوظة ©

٢

٣

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وأشرف الصلاة وأزكى السلام على رسول الرحمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين.

يعتبر موسم الحجّ من أهمّ المواسم العباديّة والروحيّة، التي يسعى فيها الإنسان المسلم لعتق رقبته وغفران ذنوبه، من خلال وفادته على الله - تبارك وتعالى - لأداء فريضة الحجّ، كما أنّ هذه الأيّام المباركة، فرصة جليلة وعظيمة، لنشر وتبليغ المفاهيم الدينيّة والأخلاقيّة. ومن هنا فإنّ المركز الإسلاميّ للتبليغ، عمد إلى نشر اصدار جديد تحت عنوان: "زاد المبلِّغ إلى بيت الله الحرام"، ليكون زاداً للإخوة العلماء والمبلّغين، الذين نذروا أنفسهم لخدمة حجّاج بيت الله الحرام وتعليمهم شرائط وأحكام هذه الفريضة، ودلالة مناسكها الثقافيّة والتربويّة.

وهذا الاصدار يقع ضمن سلسلة زاد المبلّغ والذي نأمل أن يلقى استحسان الأخوة المبلّغين من خلال الموضوعات التي تضمّنها وليساهم في ايجاد المادّة المناسبة والخطاب الثقافيّ الملائم لأجواء هذه الفريضة المباركة.

وقد اعتمدنا في هذا الاصدار تصديره برواية الشبليّ المرويّة عن الإمام السجّادعليه‌السلام ، ورواية معراج السعادة، لما تتضمّانه من معانٍ سامية في فهم فريضة الحجّ، ثمّ يلي هاتين الروايتين أربعة عشرة محاضرة، تتمحور حول دلالات المناسك والشعائر التي تُؤَدَّى في هذه الفريضة. وأفردنا ملحقاً موجزاً، لبعض الأماكن المقدّسة في مكّة والمدينة، والتي قد يسأل عنها المبلّغ في رحلات الحج، واختتمنا الكتاب بدعاء عرفة المستحبّ قراءته يوم عرفة، ونظراً لأهميّته وما يحتويه من مفاهيم ثقافيّة مهمّة.

وختاماً، نسأل الله أن يوفقنا وإيّاكم للعمل الصالح، وأن يتقبّل أعمالنا وأعمالكم، بأحسن القبول شاكرين للاخوة جميعاً، تعاونهم واهتمامهم، إنّه سميع مجيب.

المركز الإسلامي للتبليغ

٤

٥

رواية الشبلي:

الأبعاد والآداب المعنوية للحج

إنّ فريضة الحجّ معينٌ غنيٌ بالأبعاد والآداب المعنويّة والروحيّة، وللإطلالة على هذه الأبعاد المفضية إلى أسرارها، نورد روايتين تسلّطان الضوء عليها، بادئين بروايةٍ عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام المعروفة برواية الشبليّ، وهي التالية:

نقل السيّد عبد الله سبط المحدّث الجزائريّ في "شرح النخبة": وجدت في عدّة مواضع، أوثقها بخطّ بعض المشايخ الذين عاصرناهم مرسلاً، أنّه لمـّا رجع مولانا زين العابدينعليه‌السلام من الحجّ استقبله الشبليّ، فقالعليه‌السلام له: حججت يا شبليّ؟ قال: نعم يا ابن رسول الله، فقالعليه‌السلام : أنزلت الميقات، وتجرّدت عن مخيط الثياب، واغتسلت؟ قال: نعم، قالعليه‌السلام : فحين نزلت الميقات، نويت أنّك خلعت ثوب المعصية، ولبست ثوب الطاعة؟ قال: لا، قال: فحين تجرّدت عن مخيط ثيابك،

٦

نويت أنّك تجرّدت من الرياء والنفاق والدخول في الشبهات؟ قال: لا، قال: فحين اغتسلت، نويت أنّك اغتسلت من الخطايا والذنوب؟

قال: لا، قال: فما نزلت الميقات، ولا تجرّدت عن مخيط الثياب، ولا اغتسلت!

ثمّ قالعليه‌السلام : "تنظّفت، وأحرمت، وعقدت بالحجّ؟ قال: نعم، قال: فحين تنظّفت، وأحرمت، وعقدت الحج نويت أنّك تنظّفت بنورة التوبة الخالصة لله تعالى؟ قال:لا، قال: فحين أحرمت، نويت أنّك حرّمت على نفسك كلّ محرّم حرّمه الله - عزّ وجلّ -؟ قال: لا، قال: فحين عقدت الحجّ، نويت أنّك قد حللت كلّ عقد لغير الله؟ قال: لا، قال لهعليه‌السلام : ما تنظّفت، ولا أحرمت، ولا عقدت الحجّ!

قال لهعليه‌السلام : أَدَخَلْتَ الميقات، وصلّيت ركعتي الإحرام، ولبّيت؟ قال: نعم، قال: فحين دخلت الميقات، نويت أنّك بنيّة الزيارة؟ قال: لا، قال: فحين صلّيت الركعتين، نويت أنّك تقرّبت إلى الله بخير الأعمال من الصلاة، وأكبر حسنات العباد؟ قال: لا، قال: فحين لبّيت نويت أنّك نطقت لله سبحانه بكلّ طاعة وصمت عن كلّ معصية؟ قال: لا، قال لهعليه‌السلام : ما دخلت الميقات، ولا صلّيت، ولا لبّيت!

ثمّ قال لهعليه‌السلام : أدخلت الحرم، ورأيت الكعبة، وصلّيت؟ قال: نعم، قالعليه‌السلام : فحين دخلت الحرم نويت أنّك حرّمت على

٧

نفسك كلّ غيبة تستغيبها المسلمين من أهل ملّة الإسلام؟ قال: لا، قال: فحين وصلت مكّة، نويت بقلبك أنّك قصدت الله؟ قال: لا، قالعليه‌السلام : فما دخلت الحرم، ولا رأيت الكعبة، ولا صلّيت!

ثمّ قالعليه‌السلام : طِفْتَ بالبيت، ومسَسْتَ الأركان، وسَعَيْتَ؟ قال: نعم، قال: فحين سعيت، نويت أنّك هربت إلى الله، وعرف منك ذلك علّام الغيوب؟ قال: لا، قالعليه‌السلام : فما طفت بالبيت، ولا مسست الأركان، ولا سعيت!

ثمّ قال لهعليه‌السلام : صافحت الحجر، ووقفت بمقام إبراهيمعليه‌السلام ، وصلّيت به ركعتين؟ قال: نعم، فصاحعليه‌السلام صيحة كاد يفارق الدنيا، ثمّ قال: آهٍ آهٍ، من صافح الحجر الأسود فقد صافح الله تعالى، فانظر يا مسكين لا تضيِّع أجر ما عَظَمَ حرّمته، وتنقض المصافحة بالمخالفة، وقَبْضُ الحرام نظيرُ أهل الآثام.

ثمّ قالعليه‌السلام : نويت حين وقفت عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ، أنّك وقفت على كلَّ طاعة، وتخلّفت عن كلّ معصية؟ قال: لا، قال: فحين صلّيت فيه ركعتين نويت أنّك صلّيت بصلاة إبراهيمعليه‌السلام وأرغمت بصلاتك أنف الشيطان؟ قال: لا، قال له: فما صافحت الحجر الأسود، ولا وقفت عند المقام، ولا صلّيت فيه ركعتين!

ثمّ قالعليه‌السلام له: أَشْرَفْتَ على بئرِ زمزم، وشرِبتَ من مائها؟ قال: نعم، قال: نويت أنّك أشرفت على الطاعة، وغضضت

٨

طرفك عن المعصية؟ قال: لا، قالعليه‌السلام : فما أشرفت عليها، ولا شربت من مائها! ثمّ قالعليه‌السلام له: أسعيت بين الصفا والمروة، ومشيت وتردّدت بينهما؟ قال: نعم، قال له: نويت أنّك بين الرجاء والخوف؟ قال: لا، قال: فما سعيت، ولا مشيت، ولا تردّدت بين الصفا والمروة! ثمّ قال: أَخَرَجْتَ إلى مِنى؟ قال: نعم، قال: نويت أنّك آمنت النّاس من لسانك، وقلبك، ويدك؟ قال: لا، قال: فما خرجت إلى مِنى!

(ثمّ) قال له: أوقفت الوقفة بِعَرَفة، وَطَلْعت جبل الرّحمة، وعرفت وادي نَمِرَة، ودعوت الله سبحانه عند المَيْلِ والجَمَرَات؟ قال: نعم. قال: هل عرفت بموقفك بعرفة معرفة الله سبحانه أمر المعارف والعلوم، وعرفت قبض الله على صحيفتك واطّلاعه على سريرتك وقلبك؟ قال: لا، قالعليه‌السلام : نويت بطلوعك جبل الرحمة أنّ الله يرحم كلّ مؤمن ومؤمنة، ويتولّى كلّ مسلم ومسلمة؟ قال: لا، قال: فنويت عند نَمِرَة أنّك لا تأمر حتى تأتمر، ولا تزجر حتى تنزجِر؟ قال: لا، قال: عندما وقفت عند العلم والنمرات، نويت أنّها شاهدة لك على الطاعات، حافظة لك مع الحفظة، بأمر ربّ السماوات؟ قال: لا، قال: فما وقفت بعرفة، ولا طلعت جبل الرحمة، ولا عرفت نمرة، ولا دعوت، ولا وقفت عند النمرات!

ثمّ قالعليه‌السلام : مررت بين العلمين، وصلّيت قبل مرورك

٩

ركعتين، ومشيت بمزدلِفة، ولقطت فيها الحصى، ومررت بالمِشْعَرِ الحرام؟ قال: نعم، قال: فحين صلّيت ركعتين، نويت أنّها صلاة شكر في ليلة عشر، تنفي كلّ عسر وتيسِّر كلّ يسر؟ قال: لا، قال: فعندما مشيت بين العلَمين ولم تعدل عنهما يميناً وشمالاً، نويت أن لا تعدل عن دين الحقّ يميناً وشمالاً، لا بقلبك، ولا بلسانك، ولا بِجَوارِحِك؟ قال: لا، قال: فعندما مشيت بمزدلِفة، ولقطت منها الحصى، نويت أنّك رفعت عنك كلّ معصية وجهل، وثَبَتَّ كَلّ علم وعمل؟ قال: لا، قال: فعندما مررت بالمشعر الحرام، نويت أنّك أشعرت قلبك إشعار أهل التقوى، والخوف لله - عزّ وجلّ -؟ قال: لا، قال: فما مررت بالعلمين، ولا صلّيت ركعتين، ولا مشيت بالمزدلفة، ولا رفعت منها الحصى، ولا مررت بالمشعر الحرام!

ثمَّ قالعليه‌السلام له: وصلت منى، ورميت الجمرة، وحلقت رأسك، وذبحت هديك، وصلّيت في مسجد الخيف، ورجعت إلى مكّة، وطفت طواف الإفاضَة؟ قال: نعم، قال: فنويت عندما وصلت مِنى، ورميت الجمار، أنّك بلغت إلى مطلبك، وقد قضى ربّك لك كلّ حاجتك؟ قال: لا، قال: فعندما رميت الجمار، نويت أنّك رميت عدوّك إبليس، وغضبته بتمام حجّك النفيس؟ قال: لا، قال: فعندما حلقت رأسك، نويت أنّك تطهّرت من الأدناس ومن تبعة بني آدم وخرجت من الذنوب،

١٠

كما ولدتك أمّك؟ قال: لا، قال: فعندما صلّيت في مسجد الخيف، نويت أنّك لا تخاف إلّا الله - عزّ وجلّ - وذنبك ولا ترجو إلّا رحمة الله تعالى؟ قال: لا، قال: فعندما ذبحت هديك نويت أنّك ذبحت حنجرة الطمع بما تمسّكت به من حقيقة الورع، وأنّك اتبعت سنّة إبراهيمعليه‌السلام بذبح ولده، وثمرة فؤاده، وريحان قلبه، وأحييت سنّته، لمن بعده وقربه إلى الله تعالى لمن خلفه؟ قال: لا، قال: فعندما رجعت إلى مكّة، وطفت طواف الإفاضة، نويت أنّك أفضت من رحمة الله تعالى، ورجعت إلى طاعته وتمسّكت بودِّه، وأدَّيت فرائِضه، وتقرَّبت إلى الله تعالى؟ قال: لا، قال له زين العابدينعليه‌السلام : فّما وصلت مِنى، ولا رميت الجِمار، ولا حَلَقْتَ رأسك، ولا أدَّيت نُسكَكَ، ولا صلَّيت في مسجد الخيف، ولا طفت طواف الإفاضة، ولا تقرّبت، ارجع فإنّك لم تحجّ!

فَطَفِقَ الشّبليّ يبكي على ما فرّطه في حجّه، وما زال يتعلّم حتّى حجّ من قابل بمعرفة ويقين(١) .

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة - محمّد الريشهري - ص ٢٦٠ - ٢٦٤

١١

والرواية الثانية، هي المنسوبة للإمام جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام ، وهي التالية:

- إذا أردت الحجّ، فجرّد قلبك لله تعالى من كلّ شاغل، وحجاب كلّ حاجب، وفوّض أمورك كلّها إلى خالقك، وتوكّل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك وسكناتك، وسلّم لقضائه وحكمه وقدره، ودع الدنيا والراحة والخلق، وأخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين، ولا تعتمد على زادك وراحِلتِك، وأصحابك، وقوّتك وشبابك ومالك، مخافة أن يصيروا لك عدوّاً ووَبالاً، فإنَّ من ادَّعى رضا الله واعتمد على شيء، صيّره عليه عدوّاً ووَبالا، لِيعلم أنَّه ليس له قوّة، ولا حيلة، ولا لأحدٍ إلّا بعِصمة الله وتوفيقه، واستعدّ استعدادَ من لا يرجو الرجوع، وأحسن الصحبة، وراعِ أوقات فرائض الله وسنن نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما يجب عليك من الأدب والاحتمال، والصبر والشكر، والشفقة والسخاء، وإيثار الزاد على دوام الأوقات.

ثمّ اغسِل بماء التوبة الخالصة ذنوبك، وأَلبس كسوة الصدق والصفاء والخضوع والخشوع، وأَحْرِم من كلّ شيء يمنعُك عن ذكر الله، ويحجبُك عن طاعته، ولبِّ بمعنى إجابةٍ صافية زاكية لله - عزّ وجلّ - في دعوتك له، متمسّكاً بعروته الوثقى. وَطُفْ بقلبك مع الملائكة حول العرش، كطوافك مع المسلمين بنفسك حول البيت. وهرول هرولة من هواك وتَبَرِّيَاً من جميع

١٢

حولك وقوّتك، فاخْرُج من غفلتك وزلّاتك، بخروجك إلى مِنى، ولا تتمنّ ما لا يحلّ لك، ولا تستحقّه. واعترف بالخطايا بعرفات، وجدّد عهدك عند الله بوحدانيّته. وتقرّب إلى الله ذا ثقة بمزدلِفة، واصعَد بروحك إلى الملأ الأعلى بصعودك إلى الجبل. واذبح حُنْجُرَتَيْ الهوى والطمع عند الذبيحة.

وارمِ الشهوات والخساسة، والدناءة والذميمة، عند رَمْيِ الجمرات. واحلُقِ العيوب الظاهرة والباطنة بحلق رأسك. وادخل في أمان الله وكنفه وسَتْرِه وكَلاءَتِه، من متابعة مُرادِكَ بدخولكِ الحرم، وَزُرِ البيت متحقِّقاً، لتعظيم صاحبه ومعرفة جلاله وسلطانه، واستلِم الحَجَرَ رِضىً بِقِسْمَتِهِ وخضوعاً لعزّته. وودِّع ما سواه بطواف الوَداع. وصفِّ روحك، وسرَّك للقاء الله يوم تلقاه بوقوفك على الصفا. وكن ذا مروّةٍ من الله تَقِ أوصافك عند المروة، واستقِم على شروط حجّك هذا ووفاء عهدك، الذي عاهدت به مع ربّك، وأوجبته إلى يوم القيامة(١) .

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة - محمّد الريشهري - ص ٢٥٨ - ٢٦٠

١٣

المحاضرة الأولى:

فضل فريضة الحجّ وثوابها

عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: الصلاةُ، والصومُ، والزكاة، والحجُّ والولاية".

الهدف:

التعريف بمكانة هذه الفريضة، وبيان أهمّيتها ومكانتها في الدين، وفضلها والثواب المترتّب على أدائها.

تصدير الموضوع:

قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النّاس حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ(١) .

____________________

١- آل عمران، ٩٧.

١٤

إنّ الله تعالى جعل فريضة الحجّ في مقابل الكفر في إشارة إلى عظمة هذه الفريضة، وأنّها جوهر الإيمان ومَجْمَعُ العبادات.

محاور الموضوع:

الحجّ أحد أركان الدين

عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: الصلاةُ، والصومُ، والزكاة، والحجُّ والولاية"(١) .

وعن السيّدة الزهراءعليها‌السلام : "وجُعِلَ الحجُّ تشييداً للدّينِ"(٢) .

إنّ فريضة الحجّ هي الفريضة الوحيدة، التي أراها الله تعالى لرسوله رؤيةً، حيث مثّلها الملك الأمين جبرائيل تمثيلاً، قال تعالى: ﴿وَأَرِنا مناسِكَنا(٣) .

فضيلة الحجّ وآثاره

إنّ للحجّ فضائل وآثار، نذكر منها:

- إكرام الحاجّ بالمغفرة: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "الحاجُّ والمعتمرِ وَفْدُ اللهِ، وحقٌ على الله تعالى، أنّ يُكْرِمَ وفدَه، ويَحْبوهُ بالمغفرةِ"(٤) .

____________________

١- جامع أحاديث الشيعة، ج١، ص١٢٧.

٢- الموسوعة الفقهيّة الميسّرة، الشيخ الانصاري، ج١، ص٢٩.

٣- البقرة، ١٢٨.

٤- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروجردي، ج١٠، ص٤٤٧.

١٥

- سعادة الدنيا والآخرة: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "من أراد دنيا وآخرة، فَلْيَؤُمَّ هذا البيت، ما أتاه عبد فسأل الله دنياً، إلّا أعطاه منها أو سأل آخرة إلّا ادّخر له منها، أيّها النّاس عليكم بالحجّ والعمرة فتابعوا بينهما، فإنّهما يغسلانِ الذنوبَ، كما يغسلُ الماءُ الدَّرَنَ، وينفيانِ الفقرَ كما تنفي النارُ خَبَثَ الحديدِ"(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "عليكم بحجِّ البيتِ فَأَدْمِنوهُ، فإنَّ في إدمانِكُمُ الحجَّ دفعُ مكارِهِ الدّنيا عَنْكُمْ وأَهْوالُ يومِ القيامةِ"(٢) .

- تسكين القلوب: فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "الحجُّ تسكينُ القلوبَ"(٣) .

- عدم الفقر: وعنهعليه‌السلام أنّه قال: "الحجّ ينفي الفقر"(٤) .

- استجابة الدعاء: وفي موضع آخر، قالعليه‌السلام : "الحاجّ والمعتمرُ، وفدُ الله، إن سألوهُ أعطاهُم، وإن دعَوْهُ أجابَهُم، وإن شفعُوا شفَّعَهُمْ، وإن سكتوُا ابتَدَأَهُم، ويُعَوَّضونَ بالدِّرهَمِ ألفَ ألفَ دِرْهَمٍ"(٥) .

- صحّة البدن وسعة الرزق: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "كان عليّ بن الحسين يقول: حجُّوا واعتمرُوا، تصحُّ أجسامُكم وتتّسعُ أرزاقُكم، ويَصْلُحُ إيمانُكم، وتَكْفُوا مؤونةُ النّاس ومؤونةَ عيالاتِكُم"(٦) .

____________________

١- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروجردي، ج١٠، ص١٥٦.

٢- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص١٥٤.

٣- ميزان الحكمة، الريشهري، ج١، ص٥٣٤.

٤- ميزان الحكمة، الريشهري، ج١، ص٥٣٥.

٥- موسوعة أحاديث أهل البيت، الشيخ النجفي، ج٧، ص٣١٣.

٦- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروجردي، ج١٠، ص١٥٧.

١٦

- ترك الحجّ لا يعادَل بمال: "رُوِيَ أنّ إعرابيّاً التقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال له: يا رسول الله، إنّي خرجت أريد الحجّ ففاتَني، وأنا رجل ميِّلٌ (أي ذو مال وفير)، فمَرْنِي أن أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاجّ، قال: فالتفت إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أَنْظُرْ إِلى أبي قبيسٍ (جبل عالٍ في مكّة) فَلَوْ أَنَّ أَبا قبيسٍ لَكَ ذَهبةٌ حَمراءُ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللهِ، ما بَلَغْتَ ما يبلغُ الحاجُّ......"(١) .

- عدم المناظرة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "والله الله في بيتِ ربِّكم، لا تُخْلوه ما بقيتم، فإنَّه إن تُرِكَ لم تُناظَروا". ومعنى عدم المناظرة أنّ الله لا يُمْهِلْهُم قبل نزول العقوبة الإلهيَّة(٢) .

- خير من الدنيا: فقد ورد في الحديث الشريف: "حجّةٌ مقبولةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها"(٣) .

____________________

١- التهذيب، ج١، ص٤٤٧.

٢- الوسائل، ج٨، ص١٥.

٣- جامع أحاديث الشيعة، السيّد البروردي، ج١٠، ص١٥١.

١٧

المحاضرة الثانية:

آداب وأعمال المسجد الحرام

قال تعالى:

﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ

الهدف:

بيان مكانة مكّة، وبعض الأماكن المقدّسة فيها، وفضيلة الأعمال التي تستحبّ فيها، والثواب المترتّب عليها.

تصدير الموضوع:

قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ(١) .

____________________

١- آل عمران، ٩٦.

١٨

محاور الموضوع:

الأعمال المستحبّة في مكّة

١- الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن: فعن الإمام السجّادعليه‌السلام : "إنَّ تسبيحةَ بِمكّة يعدل خراج العراقين ينفق في سبيل الله"(١) .

٢- ختم القرآن: فقد ورد عن الإمام السجّادعليه‌السلام : "من خَتَمَ القرآنَ بمكّة، لم يَمُتْ حتّى يَرَى رسولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويرى مَنْزِلُه في الجنّة"(٢) .

٣- الشرب من ماء زمزم: فقد ورد في رواية الشلبيّ: ثمّ قالعليه‌السلام له: "أَشْرَفَتَ على بِئْرِ زمزمَ، وشربْتَ من مائِها؟ قال: نعم، قال: نَوَيْتَ أنّك أَشْرَفْتَ على الطّاعَةِ، وغَضَضْتَ طَرْفَك عن المعصِيةِ؟ قالَ: لا، قالعليه‌السلام : "فَما أشرفْتَ عَلَيها، ولا شَرِبْتَ من مائِها"(٣) .

ورُوي أنّه من ارتوى من ماء زمزم أحدث الله له به شفاء، وصرف عنه داء، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة(٤) .

٤- الإكثار من النظر الى الكعبة: فعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :"أنّ النظرّ إلى الكعبةِ حبّاً لَهَا يهدِمُ الخطايا هدماً"(٥) .

____________________

١- المحاسن، ج١، ص٦٨-٦٩.

٢- المحاسن، ج١، ص٦٨-٦٩.

٣- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٢٦٢.

٤- منتهى المطلب، العلّامة الحلّي، ج٢، ص٦٤٥.

٥- المحاسن، ج١، ص٦٨-٦٩.

١٩

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "من أيسرَ ما ينظر إلى الكعبة أن يعطيه اللهُ بكلِّ نظرةٍ حسنةً، ومحَا عنه سيّئةً، ورفعَ لهُ درجةً"(١) .

٥- الطواف حول الكعبة ثلاثمائة وخمس وستين مرّة، فإن لم يقدر فعشر كلّ يوم، فإن لم يقدر فإثنين وخمسين طوافا مدة بقائه في مكّة.

٦- أن يدعو عند دخوله الحرم بقوله: "اللَّهمَ إنّك قلْتَ من دخَلَه كانَ آمناً، فآمنيّ مِنْ عذابِ النار".

وعند خروجه يستحبّ أن يكبّر ثلاثاً، ويقول: "اللَّهمّ لا تُجْهِدْ بلاءَنا، ربَّنا ولا تُشَمِّت بنا أعداءنا، فإنّك أنتَ الضارُّ النافعُ"(٢) .

٧- يستحبّ أن يصلّي في كلّ زاوية من زوايا البيت المقدّس ففي الحديث: "الساجدُ بمكّة كالمتشحطِّ بدمِهِ في سبيلِ اللهِ"(٣) .

أماكن مباركة في مكّة:

في مكّة ستّ بقاع مباركة، على المرء أن لا يغفل عنها:

١- الحجر الأسود: ويستحبّ التبرّك به، وتقبيله، لما ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "أنّ الحجرَ الأسود يمين اللهَ في أرضِهِ، يصافحُ بها خلْقَهُ، كما يصافِحُ الرجلُ أخاهُ"(٤) .

____________________

١- المحاسن، ج١، ص٦٩.

٢- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة،ص٨٣.

٣- المحاسن، ج١، ص٦٨-٦٩.

٤- المحاسن، ج١، ص٦٥.

٢٠

الحكم، عن موسى بن بكر قال: قال لي أبوالحسن موسى( عليه‌السلام ) : من طلب هذا الرزق من حلّه، ليعود به على نفسه وعياله، كان كالمجاهد في سبيل الله الحديث.

[ ٢١٨٧٦ ] ٥ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إبن أبي عمير، عن عبدالله بن المغيرة، عن ابن فضيل(١) ، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من طلب الدنيا استعفافاً(٢) عن الناس، وسعياً(٣) على أهله، وتعطفاً على جاره، لقي الله عزّوجلّ يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال) مرسلاً نحوه (٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى(٥) وكذا الّذي قبله.

[ ٢١٨٧٧ ] ٦ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن إبن محبوب، عن أبي خالد الكوفي رفعه عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : العبادة سبعون جزءاً، أفضلها طلب الحلال.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(٦) .

____________________

= ٩، وقطعة منه في الحديث ٢ من الباب من أبواب الدَّين، وذيله في الحديث ٤ من الباب ٤٦ من أبواب المستحقين للزكاة.

٥ - الكافي ٥: ٧٨ / ٥.

(١) في التهذيب: محمّد بن الفضيل ( هامش المخطوط ).

(٢) في الثواب: استغناء ( هامش المخطوط ).

(٣) في المصدر: وتوسيعاً.

(٤) ثواب الأعمال: ٢١٥.

(٥) التهذيب ٦: ٣٢٤ / ٨٩٠.

٦ - الكافي ٥: ٧٨ / ٦.

(٦) التهذيب ٦: ٣٢٤ / ٨٩١.

٢١

[ ٢١٨٧٨ ] ٧ - وعنهم، عن سهل، عن الهيثمّ بن أبي مسروق، عن محمّد بن عمر بن بزيع، عن محمّد بن عائذ(١) ، عن كليب الصيداوي قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : ادع الله لي في الرزق فقد التأثت(٢) عليّ اموري، فأجابني مسرعاً: لا، اخرج فاطلب.

[ ٢١٨٧٩ ] ٨ - وعن أحمد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن صفوان، عن خالد بن نجيح قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أقرؤوا من لقيتم من أصحابكم السلام، وقولوا لهم: إن فلان بن فلان يُقرئكم السلام، وقولوا لهم: عليكم بتقوى الله، وما ينال به ما عند الله، إني والله ما آمركم إلا بما نأمر به أنفسنا، فعليكم بالجدّ والاجتهاد، وإذا صلّيتم الصبح فانصرفتم فبكروا في طلب الرزق واطلبوا الحلال، فإنّ الله سيرزقكم ويعينكم عليه.

[ ٢١٨٨٠ ] ٩ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عمّن ذكره، عن أبان، عن العلاء قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: أيعجز أحدكم إنّ يكون مثل النملة، فإنّ النملة تجرّ إلى جحرها.

[ ٢١٨٨١ ] ١٠ - وعن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن ابراهيم بن محمّد الثقفيّ، عن عليّ بن المعلّى، عن القاسم بن محمّد رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قيل له: ما بال

____________________

٧ - الكافي ٥: ٧٩ / ١١.

(١) في نسخة: أحمد بن عائذ ( هامش المخطوط ).

(٢) التأثت: اختلطت وأبطأت. « الصحاح - لوث - ١: ٢٩١ ».

٨ - الكافي ٥: ٧٨ / ٨.

٩ - الكافي ٥: ٧٩ / ١٠.

١٠ - الكافي ٥: ٧١ / ٣.

٢٢

أصحاب عيسى( عليه‌السلام ) كانوا يمشون على الماء، وليس ذلك في أصحاب محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ؟ فقال: إنّ أصحاب عيسى كفوا المعاش، وإنّ هؤلاء ابتلوا بالمعاش.

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله مثله(١) .

[ ٢١٨٨٢ ] ١١ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن عليّ بن إسماعيل، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذاً ضاق أحدكم فليعلم أخاه، ولا يعن على نفسه.

[ ٢١٨٨٣ ] ١٢ - وعنه، عن بنان بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، إذاً أعسر أحدكم فليخرج، ولا يغمّ نفسه وأهله.

[ ٢١٨٨٤ ] ١٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يخرج في الهاجرة في الحاجة قد كفاها(٢) ، يريد إنّ يراه الله يُتعب نفسه في طلب الحلال.

[ ٢١٨٨٥ ] ١٤ - قال: وقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إنّ الله يحبّ المحترف الأمين.

[ ٢١٨٨٦ ] ١٥ - وفي( معاني الأخبار) عن أبيه، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم، عن جعفر

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٢٧ / ٩٠١.

١١ - التهذيب ٦: ٣٢٩ / ٩١٠، والكافي ٤: ٤٩ / ١٣.

١٢ - التهذيب ٦: ٣٢٩ / ٩٠٩.

١٣ - الفقيه ٣: ٩٩ / ٣٨٣.

(٢) في المصدر: كُفيها.

١٤ - الفقيه ٣: ٩٥ / ٣٦٧، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٢٠ من أبواب ما يكتسب به.

١٥ - معاني الاخبار: ٣٦٦.

٢٣

ابن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : العبادة سبعون جزء وأفضلها جزءاً طلب الحلال.

وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بإسناده قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وذكر مثله(١) .

[ ٢١٨٨٧ ] ١٦ - وفي( الأمالي) عن جعفر بن عليّ بن الحسن، عن أبيه (٢) ، عن جدّه عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من بات كالّاً من طلب الحلال، بات مغفوراً له.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٥ - باب كراهة ترك طلب الرزق، وتحريمه مع الضرورة

[ ٢١٨٨٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن

____________________

(١) ثواب الأعمال: ٢١٥.

١٦ - أمالي الصدوق: ٢٣٨ / ٩.

(٢) في المصدر: عن جده الحسن بن علي.

(٣) تقدم ما يدلّ على بعض المقصود في الحديث ٨ من الباب ٩ من أبواب قواطع الصلاة، وفي الباب ١ وفي الأحايث ٤ و ٥ و ٦ و ٨ و ١٠ و ١١ من الباب ٢، وفي الحديث ١ من الباب ٣ من هذه الأبواب

(٤) يأتي في الحديث ٢ من الباب ١٤ من أبواب آداب التجارة، وفي الباب ٥ وفي الحديثين ٤ و ١١ من الباب ٦ وفي الأحاديث ١ و ٣ و ٥ من الباب ٧، وفي الأحاديث ٧ و ٨ و ١١ من الباب ٩، وفي البابين ١٥ و ٢٣ من هذه الأبواب

الباب ٥

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٧٧ / ٢.

٢٤

ابن أبي عمير، عن حسين بن عطية(١) ، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أرأيت لو أنّ رجلاً دخل بيته وأغلق بابه، أكان يسقط عليه شيء من السماء؟!

[ ٢١٨٨٩ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : رجل قال: لاقعدن في بيتي، ولأصلّين ولأُصومنّ ولأعبدن ربي، فأما رزقي فسيأتيني، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى(٢) .

وبإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ٢١٨٩٠ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي طالب الشعراني(٤) ، عن سليمان بن معلّى بن خنيس، عن أبيه، قال: سأل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل وأنا عنده، فقيل: أصابته الحاجة، قال: فما يصنع اليوم؟ قيل: في البيت يعبد ربه، قال: فمن أين قوته؟ قيل: من عند بعض إخوانه، فقال أبو عبدالله( عليه

____________________

(١) في نسخة: حسن بن عطية ( هامش المخطوط ) وكذلك الكافي.

٢ - الكافي ٥: ٧٧ /، وأورده عن السرائر في الحديث ٤ من الباب ٥٠ من أبواب الدعاء.

(٢) التهذيب ٦: ٣٢٣ / ٨٨٧.

(٣) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

٣ - الكافي ٥: ٧٨ / ٤.

(٤) في نسخة: أبي طالب الشواني ( هامش المخطوط ).

٢٥

السلام ): والله للذي يقوته أشد عبادة منه.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله مثله(١) .

[ ٢١٨٩١ ] ٤ - وعن علي، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن اسماعيل بن محمّد المنقري، عن هشام الصيدناني(٢) قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا هشام إنّ رأيت الصفين قد التقيا، فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ٢١٨٩٢ ] ٥ - وعنه، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد، عن شهاب بن عبد ربه قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إن ظننت أو بلغك أنّ هذا الامر كائن في غد، فلا تدعنّ طلب الرزق، وإنّ استطعت إنّ لا تكون كلّاً(٤) فافعل.

[ ٢١٨٩٣ ] ٦ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - قال: وفي غير آية من كتاب الله( إنّه لَا يُحِبُّ الـمُسرِفينَ ) (٥) ، فنهاهم عن الإِسراف، ونهاهم عن التقتير، لكن أمر بين أمرين، لا يعطي جميع ما عنده ثمّ يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له.

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٢٤ / ٨٨٩.

٤ - الكافي ٥: ٧٨ / ٧.

(٢) في نسخة من التهذيب: هشام الصيدلاني ( هامش المخطوط ).

(٣) التهذيب ٦: ٣٢٤ / ٨٩٢.

٥ - الكافي ٥: ٧٩ / ٩.

(٤) الكَلّ: الّذي لا يقوم باُمور حياته بل يُلقيها على غيره، وجَمْعَه كلول. انظر « لسان العرب - كلل - ١١: ٥٩٤ ».

٦ - الكافي ٥: ٦٧ / ١.

(٥) الأنعام ٦: ١٤١، الأعراف ٧: ٣١.

٢٦

وللحديث الذي جاء عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إنّ أصنافاً من أُمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم: رجل يدعو على والديه، ورجل يدعو على غريم ذهب له بماله فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه، ورجل يدعو على إمرأته وقد جعل الله عزّوجلّ تخلية سبيلها بيده، ورجل يقعد في بيته ويقول: يا ربّ أرزقني، ولا يخرج ولا يطلب الرزق، فيقول الله عزّوجلّ له: عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب والتصرف(١) في الارض، بجوارح صحيحة، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري، ولكيلا تكون كلّا على أهلك، فإنّ شئت رزقتك، وإنّ شئت قترت عليك، وأنت(٢) معذور عندي، ورجل رزقه الله مالاً كثيراً فأنفقه ثمّ أقبل يدعو: يا رب ارزقني، فيقول الله عزّوجلّ: ألم أرزقك رزقاً واسعاً، فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك، ولم تسرف، وقد نهيتك عن الاسراف؟ ورجل يدعو في قطيعة رحم.

[ ٢١٨٩٤ ] ٧ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله، عن محمّد بن عليّ، عن هارون بن حمزة، عن عليّ بن عبد العزيز قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ما فعل عمر بن مسلم؟ قلت: جعلت فداك أقبل على العبادة، وترك التجارة، فقال: ويحه أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له(٣) ، إنّ قوماً من أصحاب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لـمّا نزلت( وَمَن يتَّقِ الله يَجَعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحتَسِبُ ) (٤) أغلقوا الأبواب ، وأقبلوا على العبادة، وقالوا قد كفينا، فبلغ ذلك النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فأرسل اليهم فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟ فقالوا: يا رسول الله

____________________

(١) في المصدر: والضرب.

(٢) في المصدر زيادة: غير.

٧ - التهذيب ٦: ٣٢٣ / ٨٨٥.

(٣) في نسخة زيادة: دعوة ( هامش المخطوط ).

(٤) الطلاق ٦٥: ٢ - ٣.

٢٧

تكفّل(١) لنا بأرزاقنا، فأقبلنا على العبادة، فقال: إنّه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب.

ورواه الكلينيّ عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، مثله(٢) .

[ ٢١٨٩٥ ] ٨ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن هارون بن حمزة مثله، وقال: إنّي لابغض الرجل فاغراً فاه إلى ربّه، فيقول، ارزقني، ويترك الطلب.

[ ٢١٨٩٦ ] ٩ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن عمر بن يزيد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّي لأركب في الحاجة التي كفانيها الله، ما أركب فيها إلا لالتماس إنّ يرإنّي الله أُضحي في طلب الحلال، أما تسمع قول الله عزّوجلّ( فَإذا قُضِيَتِ الصّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأرض وَابتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ ) (٣) ؟ أرأيت لو أن رجلاً دخل بيتاً، وطيّن عليه بابه، وقال رزقي ينزل عليّ، كان يكون هذا؟ أما انّه يكون أحد الثلاثة الّذين لا يستجاب لهم دعوة، قلت: من هؤلاء؟ قال: رجل عنده المرأة فيدعو عليها فلا يستجاب له، لإنّ عصمتها في يده، ولو شاء أن يخلّي سبيلها، والرجل يكون له الحقّ على الرجل فلا يشهد عليه، فيجحده حقّه، فيدعو عليه فلا يستجاب له، لأنّه ترك ما اُمر به، والرجل يكون عنده الشيء فيجلس في بيته فلا ينتشر ولا يطلب ولا يلتمس الرزق، حتّى يأكله، فيدعو فلا يستجاب له.

____________________

(١) في نسخة زيادة: الله ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٥: ٨٤ / ٥.

٨ - الفقيه ٣: ١١٩ / ٥٠٩.

٩ - عدّة الداعي: ٨١.

(٣) الجمعة ٦٢: ١٠.

٢٨

أقول: وتقدم ما يدل على ذلك هنا(١) ، وفي الدعاء(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٦ - باب استحباب الاستعانة بالدنيا على الآخرة.

[ ٢١٨٩٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : نعم العون على تقوى الله الغنى.

ورواه الصدوق مرسلاً(٤) .

[ ٢١٨٩٨ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن صفوإنّ بن يحيى، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: نعم العون على الآخرة الدنيا.

[ ٢١٨٩٩ ] ٣ - وعن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن

____________________

(١) تقدم في الأبواب ١ و ٢ و ٤ من هذه الأبواب

(٢) تقدم في الأحاديث ٢ و ٣ و ٥ و ٧ من الباب ٥٠ من أبواب الدعاء.

(٣) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٦، وفي الباب ٧، وفي الحديثين ٣ و ٤ من الباب ١٧ من هذه الأبواب

الباب ٦

فيه ١١ حديثاً

١ - الكافي ٥: ٧١ / ١، وأورده عن الفقيه في الحديث ٣ من الباب ٢٨ من هذه الأبواب

(٤) الفقيه ٣: ٩٤ / ٣٥٧.

٢ - الكافي ٥: ٧٢ / ٩.

٣ - الكافي ٥: ٧٢ / ٨.

٢٩

أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: نعم العون الدنيا على الآخرة.

ورواه الصدوق بإسناده عن ذريح بن يزيد المحاربي، مثله(١) .

[ ٢١٩٠٠ ] ٤ - قال: وقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : إنّي أجدني أمقت الرجل متعذّر(٢) المكاسب، فيستلقي على قفاه ويقول: اللّهم ارزقني، ويدع إنّ ينتشر في الارض ويلتمس من فضل الله، فالذرة(٣) تخرج من جحرها تلتمس رزقها.

[ ٢١٩٠١ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ الاحمسي، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: نعم العون الدنيا على طلب الآخرة.

وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، مثله(٤) .

[ ٢١٩٠٢ ] ٦ - وعنهم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن أبي البختري رفعه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : اللهم بارك لنا في

____________________

(١) الفقيه ٣: ٩٤ / ٣٥٤.

٤ - الفقيه ٣: ٩٥ / ٣٦٦.

(٢) في المصدر: يتعذر عليه.

(٣) الذرة: هي أصغر النمل. « الصحاح - ذرر - ٢: ٦٦٣ ».

٥ - الكافي ٥: ٧٣ / ١٤.

(٤) الكافي ٥: ٧٣ / ١٥.

٦ - ٥: ٧٣ / ١٣، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٤٢ من أبواب آداب المائدة.

٣٠

الخبز(١) ، ولا تفرّق بيننا وبينه، فلولا الخبز(٢) ما صلّينا ولا صمنا ولا أدّينا فرائض ربّنا.

[ ٢١٩٠٣ ] ٧ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الإِثم.

ورواه الصدوق مرسلاً(٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله مثله(٤) .

[ ٢١٩٠٤ ] ٨ - وعنهم، عن سهل، عن إبن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن عدّة من أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : يصبح المؤمن أو يمسي على ثكل، خير له من إنّ يصبح ويمسي على حرب(٥) ، فنعوذ بالله من الحرب.

[ ٢١٩٠٥ ] ٩ - وعن الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن الربيع، في وصيّة المفضّل(٦) بن عمر - قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: استعينوا ببعض هذه على هذه، ولا تكونوا كلولاً على الناس.

[ ٢١٩٠٦ ] ١٠ - وعن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي

____________________

(١ و ٢) في نسخة: الحير ( هامش المخطوط ).

٧ - الكافي ٥: ٧٢ / ١١.

(٣) الفقيه ٣: ١٠١ / ٤٠١.

(٤) التهذيب ٦: ٣٢٨ / ٩٠٤.

٨ - الكافي ٥: ٧٢ / ١٢.

(٥) الحرب: ذهاب المال. « الصحاح - حرب - ١: ١٠٨ ».

٩ - الكافي ٥: ٧٢ / ٦.

(٦) في المصدر: في وصيته للمفضل.

١٠ - الكافي ٥: ٧٢ / ٧، وأورده وبإسناد آخر وعن الفقيه في الحديث ٥ من الباب ٢١ من أبواب النفقات.

٣١

عبدالله، عن أبي الخزرج الأنصاريّ، عن عليّ بن غراب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ملعون من ألقى كلّه على الناس.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله، مثله(١) .

[ ٢١٩٠٧ ] ١١ - عبدالله بن جعفر في( قرب الاسناد) عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: قلت له: إنّ الكوفة قد نبت بي(٢) ، والمعاش بها ضيق، وإنّما كان معاشنا ببغداد، وهذا الجبل قد فتح على الناس منه باب رزق، فقال: إنّ أردت الخروج فاخرج، فإنّها سنة مضطرب(٣) ، وليس للناس بدّ من طلب معاشهم، فلا تدع الطلب.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٢٧ / ٩٠٢.

١١ - قرب الإسناد: ١٦٤، وأورد نحوه في الحديث ١، وذيله في الحديث ٣ من الباب ١ من أبواب أحكام العقود.

(٢) في المصدر: تبت لي.

ونبأ بفلان منزله: إذاً لم يوافقه وكذا فراشه « الصحاح - نبأ - ٦: ٢٥٠٠ ».

(٣) في المصدر: مضطربة.

(٤) تقدم في الحديث ٥ من الباب ٢، وفي الأحاديث ١ و ٤ و ٥ من الباب ٤، وفي الحديث ٣ من الباب ٥ من هذه الأبواب

(٥) يأتي في الباب ٧، وفي الحديثين ١، و ٢ من الباب ٩، وفي الأحاديث ١ - ٤ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب

٣٢

٧ - باب استحباب جمع المال من حلال لأجل النفقة في الطاعات، وكراهة جمعه لغير ذلك

[ ٢١٩٠٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبدالله، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن الحارث بن بهرام، عن عمرو بن جميع قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: لا خير فيمن لا يحبّ جمع المال من حلال، يكفّ به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

ورواه في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه (٢) ، عن عبد الرحمن بن محمّد، مثله، وترك قوله: ويصل به رحمه(٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، نحوه(٤) .

[ ٢١٩٠٩ ] ٢ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلى، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: اسألوا الله الغنى في الدنيا والعافية، وفي الآخرة المغفرة والجنة.

____________________

الباب ٧

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٧٢ / ٥.

(١) الفقيه ٣: ١٠٢ / ٤٠٢.

(٢) في الثواب: أبي عبيدة.

(٣) ثواب الأعمال: ٢١٥ / ١.

(٤) التهذيب ٧: ٤ / ١٠.

٢ - الكافي ٥: ٧١ / ٤.

٣٣

[ ٢١٩١٠ ] ٣ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عبدالله بن أبي يعفور قال: قال رجل لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : والله إنا لنطلب الدنيا، ونحب إنّ نؤتاها(١) ، فقال: تحب إنّ تصنع بها ماذا؟ قال: أعود بها على نفسي وعيالي، وأصل بها، وأتصدق بها، وأحجّ وأعتمر، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

[ ٢١٩١١ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) وفي( عيون الأخبار) عن أحمد بن هارون الفامي، عن محمّد بن جعفر بن بطة، عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول: لا يجتمع المال إلا بخصال خمس: ببخل شديد، وأمل طويل، وحرص غالب، وقطيعة الرحم، وإيثار الدنيا على الآخرة.

[ ٢١٩١٢ ] ٥ - الحسن بن محمّد الطوسي في( مجالسه) عن أبيه، عن محمّد بن محمّد بن النعمان، عن أبي بكر بن الجعابي، عن أبي العباس بن عقدة، عن يحيى بن زكريا بن شيبان، عن محمّد بن مروان، عن عمر بن سيف الأزدي قال: قال لي أبو عبدالله جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) : لا تدع طلب الرزق من حلّه، فإنه عون لك على دينك، واعقل راحلتك وتوكّل.

____________________

٣ - الكافي ٥: ٧٢ / ١٠.

(١) في نسخة من التهذيب: نؤتى منها ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٢٧ / ٩٠٣.

٤ - الخصال: ٢٨٢ / ٢٩، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٧٦ / ١٣ وأورده في الحديث ١ من الباب ٣١ من أبواب النفقات.

٥ - أمالي الطوسي ١: ١٩٥.

٣٤

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٨ - باب وجود الزهد في الحرام دون الحلال

[ ٢١٩١٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: ما الزهد في الدنيا؟ قال: ويحك حرامها فتنكبه.

[ ٢١٩١٤ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله عن الجهم بن الحكم، عن إسماعيل بن مسلم قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال، ولا تحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا إنّ لا تكون بما في يدك أوثق منك بما عند الله عزّوجلّ.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله نحوه(٣) .

[ ٢١٩١٥ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن مالك بن عطية، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل قال: سمعت أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يقول: الزهد في الدنيا قصر الأمل، وشكر كلّ نعمة، والورع عن كلّ ما حرّم الله عزّوجلّ.

____________________

(١) تقدم في الأحاديث ١ و ٢ و ٤ و ٥ من الباب ٤ من هذه الأبواب

(٢) يأتي في الأحاديث ١ و ٢ و ٣ و ٤ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب

الباب ٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٧٠ / ١، والزهد: ٤٩ / ١٣٠، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٦١، ومثله عن معاني الأخبار في الحديث ١١ من الباب ٦٢ من أبواب جهاد النفس.

٢ - الكافي ٥: ٧٠ / ٢، وأورده عن معاني الأخبار في الحديث ١٣ من الباب ٦٢ من أبواب جهاد النفس.

(٣) التهذيب ٦: ٣٢٧: / ٨٨٩.

٣ - الكافي ٥: ٧١ / ٣، وأورده عن معاني الأخبار في الحديث ١٢ من الباب ٦٢ من أبواب جهاد النفس.

٣٥

[ ٢١٩١٦ ] ٤ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن اُذينة، عن أبان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) (١) يقول: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: منهومإنّ لا يشبعان: منهوم دنيا، ومنهوم علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحلّ الله له سلم، ومن تناولها من غير حلّها هلك، إلا إنّ يتوب ويراجع، ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجى، ومن أراد به الدنيا فهي حظه.

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن حمّاد بن عيسى نحوه(٢) .

[ ٢١٩١٧ ] ٥ - وعنه، عن حماد، عن إبراهيم بن محمّد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ما أعطى الله عبدا ثلاثين ألفاً وهو يريد به خيراً وقال: ما جمع رجل قط عشرة آلاف درهم من حل، إلا وقد يجمعها لاقوام، إذاً أعطى القوت، ورزق العمل فقد جمع الله له الدنيا والآخرة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في جهاد النفس(٣) ، وغيره(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

____________________

٤ - التهذيب ٦: ٣٢٨ / ٩٠٦.

(١) في المصدر: عليّاً (عليه‌السلام )

(٢) الكافي ١: ٣٦ / ١.

٥ - التهذيب ٦: ٣٢٨ / ٩٠٧.

(٣) تقدم في الأبواب ٢٢ و ٢٣ و ٦٢ من أبواب جهاد النفس.

(٤) تقدم في الأبواب ١ و ٢ و ٣ و ٧ و ٧٢ من أبواب أحكام الملابس، وفي الحديث ٢ من الباب ٤٠ من أبواب آداب السفر.

(٥) يأتي في الحديث ٣٣ من الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي، وفي الباب ١٢ من هذه الأبواب

٣٦

٩ - باب استحباب العمل باليد

[ ٢١٩١٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن سيف بن عميرة وسلمة بيّاع السابري جميعاً، عن أبي أُسامة زيد الشحام، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أعتق ألف مملوك من كدّ يده.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) .

[ ٢١٩١٩ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يضرب بالمرّ(٢) ويستخرج الارضين.

وكان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يمصّ النوى بفيه ويغرسه فيطلع من ساعته.

وإنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أعتق ألف مملوك من ماله وكد يده.

[ ٢١٩٢٠ ] ٣ - وبهذا الإسناد إنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: أوحى الله إلى داود( عليه‌السلام ) : إنّك نعم العبد، لولا إنك تأكل من بيت المال، ولا تعمل بيدك شيئاً، قال: فبكى داود( عليه‌السلام ) أربعين صباحاً فأوحى الله

____________________

الباب ٩

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٥: ٧٤ / ٤.

(١) التهذيب ٦: ٣٢٥ / ٨٩٥.

٢ - الكافي ٥: ٧٤ / ٢.

(٢) المر: المسحاة. « القاموس المحيط - مرر - ٢: ١٣٢ ».

٣ - الكافي ٥: ٧٤ / ٥.

٣٧

إلى الحديد: أن لن لعبدي داود، فألان الله عزّوجلّ له الحديد، فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمأة وستين درعاً، فباعها بثلاثمائة وستين ألفاً، واستغنى عن بيت المال.

ورواه الصدوق بإسناده عن شريف بن سابق(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله مثله(٢) .

[ ٢١٩٢١ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن عمار السجستاني، عن أبي عبدالله، عن أبيه (عليهما‌السلام ) أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وضع حجراً على الطريق يرد الماء عن أرضه، فوالله ما نكب بعيراً، ولا إنساناً حتّى الساعة.

[ ٢١٩٢٢ ] ٥ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اُذينة، عن زرارة(٣) : إنّ رجلاً أتى أبا عبدالله( عليه‌السلام ) فقال: إنّي لا أحسن إنّ أعمل عملاً بيدي، ولا أحسن إنّ أتجر وأنا محارف محتاج، فقال: إعمل فاحمل على رأسك، واستغن عن الناس، فإنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قد حمل حجراً على عنقه(٤) فوضعه في حائط من حيطانه، وإنّ الحجر لفي مكانه ولا يدري كم عمقه إلّا أنه ثمَّ(٥) .

[ ٢١٩٢٣ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن

____________________

(١) الفقيه ٣: ٩٨ / ٣٨١.

(٢) التهذيب ٦: ٣٢٦ / ٨٩٦.

٤ - الكافي ٥: ٧٥ / ٧.

٥ - الكافي ٥: ٧٦ / ١٤.

(٣) في المصدر زيادة: قال.

(٤) في المصدر: عاتقه.

(٥) في المصدر زيادة: [ بمعجزته ].

٦ - الكافي ٥: ٧٥ / ١٠.

٣٨

الجاموراني، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه قال: رأيت أبا الحسن( عليه‌السلام ) يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت: جعلت فداك أين الرجال؟ فقال: يا عليّ قد عمل باليد(١) من هو خير منّي ومن أبي في أرضه، فقلت: ومن هو؟ فقال: رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وأمير المؤمنين( عليه‌السلام ) وآبائي كلّهم، كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيين والمرسلين والاوصياء والصالحين.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، مثله(٢) .

[ ٢١٩٢٤ ] ٧ - وعنهم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليم(٣) ، عن جميل بن صالح، عن أبي عمرو الشيباني قال: رأيت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) وبيده مسحاة وعليه أزار غليظ يعمل في حائط له، والعرق يتصابّ عن ظهره، فقلت: جعلت فداك أعطني أكفك، فقال لي: إني أُحبّ أن يتأذّى الرجل بحرّ الشمس في طلب المعيشة.

[ ٢١٩٢٥ ] ٨ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنّي لاعمل في بعض ضياعي حتّى أعرق، وإنّ لي من يكفيني، ليعلم الله عزّوجلّ إنّي أطلب الرزق الحلال.

____________________

(١) في نسخة: بالبيل ( هامش المخطوط ).

(٢) الفقيه ٣: ٩٨ / ٣٨٠.

٧ - الكافي ٥: ٧٦ / ١٣.

(٣) في المصدر: القاسم بن سليمان.

٨ - الكافي ٥: ٧٧ / ١٥.

٣٩

[ ٢١٩٢٦ ] ٩ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال: أتيت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) وإذا هو في حائط له وبيده مسحاة وهو يفتح بها الماء، وعليه قميص شبه الكرابيس، كأنّه مخيط عليه من ضيقه.

[ ٢١٩٢٧ ] ١٠ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يحتطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة (عليها‌السلام ) تطحن وتعجن وتخبز.

[ ٢١٩٢٨ ] ١١ - وبإسناده عن الفضل بن أبي قرّة قال: دخلنا على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) (١) في حائط له فقلنا: جعلنا فداك دعنا نعمله لك، أو تعمله الغلمان، قال: لا، دعوني فإنّي أشتهي إنّ يرإنّي الله عزّوجلّ أعمل بيدي، وأطلب الحلال في أذى نفسي.

[ ٢١٩٢٩ ] ١٢ - وفي( معاني الأخبار) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( وَأَنَّه هُوَ أَغنَى وَأَقنَى ) (٢) قال: أغنى كل إنسان بمعيشته وأرضاه بكسب يده.

[ ٢١٩٣٠ ] ١٣ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه( عليه

____________________

٩ - الكافي ٥: ٧٦ / ١١.

١٠ - الفقيه ٣: ١٠٤ / ٤٢٧، وأورده في الحديث ١ من الباب ٢٠ من هذه الأبواب

١١ - الفقيه ٣: ٩٩ / ٣٨٢.

(١) في المصدر زيادة: وهو يعمل.

١٢ - معاني الأخبار: ٢١٤.

(٢) النجم ٥٣: ٤٨.

١٣ - قرب الإسناد: ٥٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135