زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام0%

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام مؤلف:
المحقق: معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 135

  • البداية
  • السابق
  • 135 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 15365 / تحميل: 3938
الحجم الحجم الحجم
زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

زاد المبلغ الى بيت الله الحرام

مؤلف:
الناشر: جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
العربية

محاور الموضوع:

اعلم أيّها الواقف على أعتاب البيت العتيق، أنّك دنوت من البقعة المباركة، والّتي انفرَدَت بميزات ثمانية، هي:

١- مكان لقبول الأعمال: فينبغي تصفية النيّة والوجه الخالص لله تعالى، حيث قال: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا(١) .

في موضعٍ آخر: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(٢) .

٢- مكان للعبادة والطاعة: قال تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ(٣) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِنّ لِلَّهِ تَباركَ وَتَعَالى حَوْلَ الْكَعْبَةِ مئةً وَعِشْرينَ رَحْمَةً، مِنْها سِتّونَ لِلطّائِفيَنَ، وَأَرْبَعونَ لِلْمُصلِّينَ، وَعِشْرونَ للِنّاظِرينَ"(٤) .

٣- مكانٌ مبارك: قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّ-نَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ(٥) .

عن الإمام الصّادقعليه‌السلام : "إنّ اللهَ اختارَ مِنَ كُلِّ شَيْءٍ شَيْئاً،

____________________

١- البقرة، ١٢٧.

٢- المائدة ٢٧.

٣- البقرة، ١٢٥.

٤- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٢٤٠.

٥- آل عمران، ٩٦-٩٧.

٤١

اختارَ مِنَ الأَرْضِ مَوْضِعَ الْكَعْبَةِ"(١) .

٤- مكان لقيام النّاس: قال تعالى: ﴿جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ(٢) ، سئل أبو عبد الله عن الآية فقال: "جَعَلَها اللهُ لِدينِهِمْ وَمَعايِشِهِمْ"(٣) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لا يزالُ الدّينُ قائِماً ما قامَتِ الْكَعْبَةُ"(٤) .

وعن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : "فَرَضَ اللهُ الإيمانَ تَطْهيراً مِنَ الشّركِ........... والْحَجَّ تَقْوَيِةً للدّينِ"(٥) .

وجاء في خطبة السيّدة الزهراءعليها‌السلام : "..... وَالْحَجَّ تَشْييداً للدّينِ"(٦) .

٥- مكانٌ لكتابة الحسنات ومَحْو السيئات: فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "مَنْ نَظَرَ إِلى الْكَعْبَةِ لَمْ يَزَلْ يُكْتَبُ لَهُ حَسَنَةٌ وَيُمْحَى عَنْهُ سَيِّئَةٌ حَتَّى يَصْرِفَ بِبَصَرِهِ"(٧) .

وعنه أيضاًعليه‌السلام أنّه قال: "هَيْهُنا يُخْسَفُ بِالأَخابِث"(٨) .

٦-مكان لاختبار النّاس: عن الإمام عليِّعليه‌السلام : "ألّا تَرَوْنَ

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٧٧.

٢- المائدة، ٩٧.

٣- الوسائل، ج١١، ص٦٠.

٤- الكافي، ج٤، ص٢٧١.

٥- عيون الحكم والمواعظ، ص٣٦١.

٦- وسائل الشيعة، ج١، ص١٤.

٧- الكافي، ج٤، ص٢٤٠.

٨- الوسائل، ج٩، ص٤٩.

٤٢

اللهَ سُبْحانَهَ اخْتَبَرَ الأَوّلينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ وَالآخِرينَ مِنْ هذا العالَمِ بِأَحْجارٍ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ وَلا تُبْصِرُ وَلا تَسْمَعُ فَجَعَلَها بَيْتَهُ الحرامَ الّذي جَعَلَهُ للنّاسِ قِياماً"(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "هذا البيتُ اسْتَعْبَدَ اللهُ بِهِ خَلْقَهُ لِيَخْتَبِرَ طاعَتَهُمْ في إتيانه، فَحَثَّهُمْ عَلى تَعْظيمِهِ وَزِيارَتِهِ، وَجَعَلَهُ مَحَلّ أَنْبِيائِهِ وَقْبِلَةً لِلْمُصَلّينَ إِلَيْهِ، فَهُوَ شُعْبَةًٌ مِنَ رِضْوانِهِ، وَطَريقٌ يُؤَدّي إِلى غُفْرانِهِ......."(٢) .

٧- مكان للرحمة: "....... جَعَلَهُ اللُه سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَوَصْلَةً إِلى جَنَّتِهِ"(٣) .

٨- مكان مثابة وآمان: قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً(٤) .

وفي آية أخرى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذَا بَلَدًا آمِنًا(٥) .

____________________

١- نهج البلاغة، الخطبة القاصعة، ١٩٢.

٢- الكافي، ج٤، ص١٩٨.

٣- موسوعة أحاديث أهل البيت، ج١، ص٤٣٣.

٤- البقرة، ١٢٥.

٥- البقرة، ١٢٦.

٤٣

٤٤

المحاضرة الثامنة:

الطواف في الحجّ

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"وَطُفْ بِقَلْبِكَ مَعَ الْمَلائِكَةِ حَوْلَ الْعَرْشِ، كَطَوافِكَ مَعَ الْمُسْلِمينَ بِنَفْسِكَ حَوْلَ الْبَيْتِ".

الهدف

تعريف الحجيج بأسرار منسك الطواف حول البيت، وثوابه، ومضامين أدعيته، ودلالات صلاة ركعتين بعده.

تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ(١)

____________________

١- الحجّ ٢٩.

٤٥

محاور الموضوع

طوافك بالبيت الحرام عزيزي الحاجّ، ينبغي أن يكون طوافاً بقلبك، لا بجسدك حول الحضرة الربوبيّة المتمثّلة بالكعبة الشريفة. وأن تبدأ بالذكر، وتختم به، مقرّاً بأنّ الله هو المبدأ والمعاد، والأوّل والآخر، وإليه تُرجع كلّ الأمور.

ثواب الطواف

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "وَطُفْ بِقَلْبِكَ مَعَ الْمَلائِكَةِ حَوْلَ الْعَرْشِ، كَطَوافِكَ مَعَ الْمُسْلِمينَ بِنَفْسِكَ حَوْلَ الْبَيْتِ"(١) .

وعنه سلام الله عليه أيضاً، قوله: "مَنْ طافَ في الْبَيْتِ طَوْفاً واحِداً كَتَبَ اللهُ لَهُ سِتَّةَ آلافٍ حَسَنَةٍ وَمَحا عَنْهُ سِتَّةَ آلافِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ سِتَّةَ آلافِ دَرَجَةٍ"(٢) .

وقفةٌ مع مضامين أدعية الأشواط

لعلّ ما ينبغي على الحاجّ استحضارُه، والتوجُّه إليه، وطلبه من الله تعالى، مستخلصٌ من مضامينِ أدعيةِ الأشواط، والّتي هي كالآتي:

- دعاء الشوط الأوّل: الإقرار بالربوبيّة لله تعالى، فقد ورد في الدّعاء: "اللَّهُمَّ أَسْأَلَكَ باسمِكَ الّذي يُمْشى بِهِ عَلَى طَلَلِ الماءِ

____________________

١- عبدالله شبّر، الأخلاق، ص٧١.

٢- الكافي، ج٤، ص٤١٢.

٤٦

كَما يُمشَى بِهِ على جَدَدِ الأَرضِ، وأسألك باسمك الّذي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الّذي تَهْتَزُّ لَهُ أَقْدامُ مَلائِكَتِكَ..."(١) .

- دعاء الشوط الثاني: الإقرار بالعبوديّة، حين يقول: "اللَّهُمَّ إنّي إِلَيْكَ فَقيرٌ، وَإِنّي خائِفٌ مُسْتَجيرٌ، فَلا تُغَيِّرْ جِسْمي وَلا تُبَدِّلْ اسِمْي، سائِلُكَ فَقيرُكَ مِسْكينُكَ بِبابِكَ..."(٢) .

- دعاء الشوط الثالث: طلب الجنّة والعافية، والرزق الحلال، حيث نقول: "اللَّهُمَّ أَدْخِلْني الجنّة وَأَجِرْني مِنَ النّارِ بِرَحْمَتِكَ، وَعافِني مِنَ السَّقَمِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنَ الرّزْقِ الْحَلالِ..."(٣) .

- دعاء الشوط الرابع: وفيه طلب العافية في الدّنيا والآخرة، حيث تردّد: "... وارْزُقَنا العافِيَةَ، وتَمَامَ العافِيَةِ، وَشُكْرَ العافِيَةِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ"(٤) .

- دعاء الشوط الخامس: حيث الإقرار بالنبوّة والإمامة. "...الْحَمْدُ لِلَّهِ الّذي بَعَثَ مُحَمّداً نَبِيّاً وَجَعَلَ عَلِيّاً إِماماً..."(٥) .

- دعاء الشوط السادس: ستطلب قبول الأعمال وغفران معصية السرّ في دعائك: "اللَّهُمَّ إِنّ عَمَلي ضَعيفٌ فَضاعِفْهُ لي

____________________

١- المقنع، الشيخ الصدوق، ص٢٥٦.

٢- الهداية، الشيخ الصدوق، ص٢٢٦.

٣- التحفة السنيّة، السيّد عبد الله الجزائري، ص١٨٧.

٤- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج١، ص١٩٠.

٥- منتهى المطلب العلّامة الحلّي، ج٢، ص ٦٩٥.

٤٧

وَاغْفِرْ لي ما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنّي وَخَفِيَ عَلَى خَلْقِكَ..."(١) .

- دعاء الشوط السابع: وفيه نختم بطلب الرحمة والمغفرة: "اللَّهُمَّ إنّ عِنْدي أَفْواجاً مِنْ ذُنوبِ وأفواجاً مِنْ خَطايا، وَعِنْدَكَ أَفْواجٌ مِنْ رَحْمَةٍ وَأَفْواجٌ مِنْ مَغْفِرَةٍ..."(٢) .

صلاة الطواف

لعلّ السرّ في الصلاة ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ، والتي أشار إليها القرآن بقوله: ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى(٣) ، في عدّة أمور:

١- الوفاء لتضحياته العظيمة في تشريع الحجّ: قال تعالى: ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(٤)

٢- الإعتقاد بنبوّته وصوابيّة النهج الذي كان عليه: قال تعالى: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إلّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(٥) .

٣- إثبات الترابط بين دعوات الأنبياء: وبالأخصّ مع أبي الأنبياء إبراهيمعليه‌السلام ، وأنّ الرسالات كلّها رسالة واحدة هي رسالة

____________________

١- كتاب الحجّ، السيّد الخوئي، ج٥، ص٤٨٧.

٢- كلمة التقوى، الشيخ محمّد أمين زين الدين، ج٣، ص٣٦٩.

٣- البقرة، ١٢٥.

٤- إبراهيم، ٣٧.

٥- البقرة، ١٣٠.

٤٨

الإسلام. قال تعالى: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النّاس(١) .

٤- جهاده ضد المشركين وتحطيمه للأصنام: قال تعالى: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إلّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ(٢) .

____________________

١- الحجّ، ٧٨.

٢- الأنبياء، ٥٧ - ٥٨.

٤٩

المحاضرة التاسعة:

الصفا والمروة

عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام :

"وهرول هرولةَ من هواك وتبرِّيَاً من حولك وقوّتك".

الهدف:

بيان البعد الروحيّ لحركة السعي بين الصفا والمروة، وعلّة تشريع هذا المنسك، والنيّة التي ينبغي أن يعقدها الحاجّ.

تصدير الموضوع:

قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ(١) .

____________________

١- البقرة، ١٥٨.

٥٠

محاور الموضوع:

السعي بين الصفا والمروة في فناء البيت، يضاهي تردّد العبد بفناء الدار جائياً وذاهباً، إظهاراً للخلوص في الخدمة، ورجاءً للملاحظة بعين الرحمة، وليتذكّر في تردّده التردّد بين الكّفتين، ناظراً إلى الرجحان والنقصان، مردَّداً بين العذاب والغفران(١) .

علّة تشريع السعي

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "جُعِلَ السّعْيُ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مَذَلَّةً لِلْجَبَّارينَ"(٢) . فالمراد من هرولة الحاجّ بين الصفا والمروة أن يقتل في نفسه الكِبَرَ والتّجَبُّرَ والغرور، وسواها من الأخلاق الذميمة التي تحول بينه وبين القرب من الله عزّ وجلّ.

وعنهعليه‌السلام : "الجبّارونَ أَبْعَدُ النّاس عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ"(٣) .

أجر السعي بين الصفا والمروة

عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: "قالَ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ: إِذا سَعَيْتَ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوةَ كانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ أَجرُ مَنْ حَجَّ ماشِياً مِنْ بِلادِهِ، وَمِثْلَ أَجْرِ مَن أعَتَقَ سَبْعينَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ"(٤) .

____________________

١- جامع السعادات، ج٣، ص٣٩٢.

٢- الوسائل، ج٩، ص٥٥.

٣- ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص٢٢٢.

٤- الوسائل، ج١٣، ص٤٧١، باب١، ح١٥.

٥١

نيّة السعي (بين الخوف والرجاء)

فقد ورد في رواية الشلبيّ: ثمّ قالعليه‌السلام له: "أَسَعَيْتَ بَيْنَ الصّفا وَالْمَرْوَةَ، وَمَشَيْتَ وَتَرَدَّدْتَ بَيْنَهُما؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ لَهُ: نَوَيْتَ أَنَّكَ بَيْنَ الرّجاءِ وَالْخَوْفِ؟ قالَ: لا، قالَ: فَما سَعَيْتَ، وَلا مَشَيْتَ، وَلا تَرَدَّدْتَ بَيْنَ الصّفا وَالْمَرْوَةِ!"(١) .

فإشعار الحاجّ قلبه هاتين النيّتين، أي نيّة الخوف ونيّة الرجاء، بحيث لا يَقْنَطُ من رحمة الله، ولا يستهين بعقابه من الأمور، التي ينبغي أن تبقى ملازمةً للإنسان المتديّن، لا سيّما للحاجّ أثناء أدائه لفريضة الحجّ.

وعن الحسين بن أبي سارة قال: سمعت أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام يقول: "لا يكونُ العَبدُ مُؤمِناً حَتَّى يَكونَ خائِفاً راجِياً، وَلاَ يكونَ خَائِفاً راجِياً حَتَّى يَكونَ عامِلاً لِما يُحِبُّ وَيَرْجو"(٢) . فملاك الخوف من الله أن يحذر الإنسان المعصية ويجتنبها، كما أن ملاك الرجاء أن يعمل لما يحبّ، ويرجو من الله.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "أُرْجُ اللهَ رَجاءً لا يُجَرِّئُكَ عَلى مَعْصِيَتِهِ، وَخَفِ اللهَ خَوْفاً لا يُؤْيِسْكَ مِنْ رَحْمَتِهِ"(٣) .

وَعَنْهَعليه‌السلام في روايةٍ يؤكِّد فيها أنّ المؤمن يسير مُتوازِناً بين

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٢٦٢.

٢- ميزان الحكمة، ج١- ص٨٢٧.

٣- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص٦٥.

٥٢

الخوف والرجاء، قال: "كانَ أبي يقولُ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إلّا وَفي قَلْبِهِ نورانِ، نورُ خيفةٍ ونورُ رَجاءٍ، لَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلَى هذا، وَلَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلى هذا"(١) .

____________________

١- مشكاة الأنوار، الطبرسي، ص٢١٥.

٥٣

المحاضرة العاشرة:

الوقوف بعرفة

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"واعترف بالخطايا بعرفات، وجدّد عهدَكَ عندَ الله بوحدانِيّته".

الهدف:

بيان سرّ الوقوف بعرفة، وفضائل هذا اليوم، وبعض المستحبّات التي ينبغي على الحاجّ القيام بها.

تصديرالموضوع:

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "الحَجُّ عَرَفَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ"(١) .

____________________

١- تذكرة الفقهاء، العلّامة الحلّي، ج٨، ص١٧١.

٥٤

محاور الموضوع:

إنّ سرَّ الوقوف بعرفة، يكمن في أنّ الحاجّ عندما يرى اجتماع الخلق على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وطوائفهم وسعيهم، أن يذكر ازدحام الخلق يوم القيامة، فيخلص النيّة، ويبتهل الى الله بقلب خاشع، ونفس خاضعة لله تعالى.

فضائل يوم عرفة:

ليوم عرفة فضائل عديدة، نذكر أهمّها:

١- يوم للإقرار بالذنوب: فإنّ الإقرار بالذنب يستبطن العبوديّة لله، والاعتراف بالتقصير، والخروج عن الصراط المستقيم. فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "لا واللهِ ما أرادَ اللهُ مِنَ العبدِ إلّا خُصْلَتَيْنِ: أَنْ يُقِرُّوا بِالنِّعَمِ فَيِزيدَهُمْ، وَبِالذُّنوبِ فَيَغْفُرها لَهُمْ"(١) .

وعنهعليه‌السلام : "واللهِ ما يَنْجو مِنَ الذّنْبِ إلّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ"(٢) .

٢- يوم للتوبة والاستغفار: ورد في الروايات، أنّ وجه تسمية صحراء عرفات بهذا الاسم، يعود إلى أنّ آدم اعترف فيها بذنبه، وتاب إلى ربّه، واستغفره فتاب عليه(٣) .

٣- عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إنّ الله - عزّ وجلّ - يفرحُ بتوبةِ

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص ٤٢٦.

٢- شرح أصول الكافي،المازندراني، ج١٠، ص١٥٧.

٣- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص٢٤٩.

٥٥

عبدِهِ المؤمنِ إِذا تابَ كَما يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِضالَّتِهِ إِذا وَجَدَها"(١) .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "التَائِبُ مِنَ الذّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ"(٢) .

٤- يوم مشهود: عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النّاس وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ(٣) ، قالعليه‌السلام : "المشهودُ يومُ عرفةَ والمجموعُ لهُ النّاس يومَ القيامةِ"(٤) .

٥- يوم لاستجابة الدعاء: عن الإمام الرّضاعليه‌السلام : قال: "كان أبو جعفرٍعليه‌السلام يقولُ: ما مِنْ برٍّ وَلا فاجِرٍ يَقِفُ بِجِبالِ عَرَفاتُ فَيَدْعو اللهَ إلّا اسْتَجابَ اللهُ لَهُ، أَمّا البرُّ فَفِي حَوائِجِ الدّنْيا وَالآخِرَةِ، وَأَمّا الفاجِرُ فَفي أَمْرِ الدُّنْيا"(٥) .

٦- يومٌ للغفران: "عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عندما سُئِلَ أيُّ أَهلِ عرفاتَ أعظمُ جُرْماً؟، قال: المُنْصَرِفُ من عرفاتَ وَهَوَ يَظُنُّ أَنَّ اللهَ لَمْ يْغَفْرَ لَهُ"(٦) .

٧- يوم لتعميم الفضل: روي أنّ الإمام عليَّ بن الحسينعليه‌السلام سمع في يوم عرفة سائلاً يسأل النّاس، فقال له: "وَيْحَكَ أَغَيْرُ اللهِ تَسْأَلُ في هذا الْيَوْمِ، إِنَّه لَيُرْجى ما في بُطونِ الحَبالَى في هذا الْيَوْمِ أَنْ يَكونَ سَعيداً"(٧) .

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٣٦.

٢- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٣٥.

٣- هود ١٠٣.

٤- الوسائل، ج١٠، ص٢٣.

٥- مستدرك الوسائل، ج١٠، ص٦٤، ح٦.

٦- وسائل الشيعة، ج١٣، ص٥٤٧، باب١٨،إحرام الحجّ، ح٢.

٧- جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج١٩، ص٦٠.

٥٦

عن الإمام عليّعليه‌السلام : "إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: العُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفّارَةُ ما بَيْنَهُما، والحجَّةُ المُتَقَبَّلَةُ ثَوَابُها الجنّة، وَمِنَ الذُّنوبِ ذُنوبٌ لا تُغْفَرُ إلّا بِعَرفاتَ"(١) .

٨- يومُ عيد: ورد في مفاتيح الجنان: "وهو عيد من الأعياد العظيمة، وإن لم يسمّى عيداً، وهو يومٌ دعا الله فيه عباده إلى طاعته وعبادته، وبسط لهم موائدَ إحسانه وجوده، والشيطانُ فيه ذليلٌ حقيرٌ طريدٌ غضبان أكثرُ من أيِّ وقتٍ سواه".

مستحبّات الوقوف بعرفة

١- الطهارة طيلة الوقت.

٢- الغسل عند الزوال.

٣- التفرّغ للدعاء والإبتهال.

٤- الجمع بين صلاتي الظهرين بأذانين وإقامتين.

٥- الدعاء بالمأثور خاصّةً دعاء الإمام الحسينعليه‌السلام يوم عرفة.

٦- الصوم.

٧- أن يصلّي ركعتين بعد فريضة العصر وقبل أن يبدأ بأدعية يوم عرفة.

____________________

١- دعائم الإسلام، القاضي المغربي، ج١، ص٢٩٤.

٥٧

المحاضرة الحادية عشرة:

ذكر الله

قال تعالى:

﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ

الهدف

التركيز على استحباب الذكر أثناء القيام بكافّة المناسك، وثوابه لا سيّما في منى والمشعر الحرام.

تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ(١) .

____________________

١- البقرة، ١٩٨.

٥٨

محاور الموضوع

الذكر

الذكر إحدى أهمّ وسائل الإرتباط بالله تعالى، وقد أكدّت الروايات أنّه لذّة المحبيّن وشيمة المتّقين، وسجيّة كلّ محسن، ومسرّة كلّ متّقً، ولذلك ينبغي إيلاؤه اهتماماً خاصّاً، والإكثار منه. قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا(١) .

حقيقة الذكر

ورد عن الإمام عليّعليه‌السلام : "وَاذْكُرْهُ ذِكَراًكامِلاً يُوافِقُ فيه قَلْبُكَ لِسانَكَ، وَيُطابِقُ إِضْمارُكَ إْعِلانَكَ، وَلَنْ تَذْكَرَهُ حَقيقَةَ الذِّكْرِ حَتَّى تَنْسَى نَفْسَكَ في ذِكْرِكَ وَتَفْقِدَها في أَمْرِكَ"(٢) .

بركات الذكر

١- محبّة الله: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللهِ أَحَبّهُ".

٢ - السعادة في الحياة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "اذكرُوا اللهَ ذِكْراً خالِصاً تَحْيوُا بِهِ أفضلَ الحياةِ وَتَسْلُكُوا بِهِ طُرُقَ النَّجاةِ".

٣- طُمَأنينة النفس: قال تعالى: ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(٣) .

هذه الطمأنينة التي تؤدّي إلى الفوز بالجنّة: قال تعالى: ﴿يَا

____________________

١- الأحزاب: ٤١.

٢- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٣.

٣- الرعد، ٢٨.

٥٩

أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي(١) .

موانع ذكر الله

١- الأموال والأولاد: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(٢) .

٢- الشيطان: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ(٣) .

٣ - عدم غضّ البصر: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "لَيْسَ في الجَوارِحِ أَقَلُّ شُكْراً مِنَ العَيْنِ فَلا تُعْطوها سُؤْلَها فَتَشَغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللِهِ"(٤) .

٤ - اتّباع الشهوة: عن الإمام عليٍّعليه‌السلام : "لَيْسَ في المعاصي أَشَدُّ مِنَ اتِّباعِ الشَّهْوَةِ فَلا تَطيعوها فَتَشْغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ"(٥) .

٥ - التحدّث عن النّاس: عن الإمام عليعليه‌السلام : "مَنِ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ النّاس قَطَعَهُ اللهُ سُبْحانَهُ عَنْ ذِكْرِهِ"(٦) .

____________________

١- الفجر: ٢٧.

٢- المنافقون: ٩.

٣- المائدة:٩١.

٤- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٥- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج١١، ص٣٤٧.

٦- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٦٠