زبدة التفاسير الجزء ١

مؤلف: فتح الله بن شكر الله الشريف الكاشاني
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-03-7
الصفحات: 639
مؤلف: فتح الله بن شكر الله الشريف الكاشاني
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-03-7
الصفحات: 639
أي: مع الدهن، وكذلك قول الداعي للمعرس: بالرفاء والبنين، معناه: أعرست ملتبسا بالرفاء والبنين.
وإنّما قدّر المحذوف متأخّرا لأنّهم يبتدؤن بالأهمّ عندهم، ويدلّ على ذلك قوله:( بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها ) (١) ، وقوله:( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) فإنّه أهمّ وأدلّ على الاختصاص، وأدخل في التعظيم، وأوفق للوجود، لأنّ وجوده تعالى مقدّم على كلّ ما سواه، فينبغي أن يكون اسمه في اللفظ كذلك. وهذا وما بعده إلى آخر السورة مقول على ألسنة العباد ليعلموا كيف يتبرّك باسمه، ويحمد على نعمه، ويسأل من فضله.
وإنّما كسرت الباء ومن حقّ الحروف المفردة أن تفتح كـ «واو» العطف لاختصاصها بلزوم الحرفيّة والجرّ، بخلاف الكاف والواو واللام(٢) ، فكسرت لمشابهتها بلام الأمر ولام الجرّ داخلة على المظهر في لزوم الحرفيّة، وإن كانت الفتحة أولى بهما، ليتميّز لام الأمر عن لام التأكيد، فإنّهما يدخلان المضارع، ولام التأكيد مفتوح على أصله. ولام الجرّ يدخل المظهر والمضمر، فإذا دخل على المظهر يكون مكسورا ليتميّز عن لام الابتداء، فإنّهما يدخلان المظهر، ومفتوحا إذا دخل على المضمر، لأنّ لام الجرّ يدخل على المضمر إذا كان متّصلا، ولام الابتداء يدخل على المضمر إذا كان منفصلا، فيتحصّل التمييز بين لام الجرّ ولام الابتداء في المضمر بنفس المضمر، ولا يحتاج إلى الكسر.
وإنّما قيل: بسم الله، ولم يقل: بالله، لأنّ التبرّك والتيمّن والاستعانة بذكر اسمه، أو للفرق بين اليمين والتيمّن.
وأصل الاسم «سمو» عند البصريّين، فهو من الأسماء الّتي حذفت أعجازها
__________________
(١) هود: ٤١.
(٢) أي: لام الابتداء.
لكثرة الاستعمال، وبنيت أوائلها على السكون، وأدخل عليها مبتدأ بها همزة الوصل، لأنّ من دأبهم أن يبتدؤا بالمتحرّك ويقفوا على الساكن. ويشهد له تصريفه على: أسماء، وأسامي، وسمّى، وسمّيت. ومجيء «سمى» كـ «هدى» لغة فيه. والقلب بعيد غير مطّرد. واشتقاقه من «السموّ» لأنّه رفعة للمسمّى وشعار له. ومن «السّمة» عند الكوفيّين. وأصله: وسم، حذفت الواو وعوّضت عنها همزة الوصل ليقلّ إعلاله. وردّ: بأنّ الهمزة لم تعهد داخلة على ما حذف صدره في كلامهم. وفي لغاته: سم وسم.
والاسم غير المسمّى، لأنّه يتألّف من أصوات متقطّعة غير قارّة، ويختلف باختلاف الأمم والأعصار كالعربيّ القديم والجديد، ويتعدّد تارة كالألفاظ المترادفة، ويتّحد أخرى كالأسماء المشتركة، والمسمّى لا يكون كذلك.
ولم يكتب الألف على ما هو وضع الخطّ لكثرة الاستعمال. وطوّلت الباء عوضا عنها. وعن عمر بن عبد العزيز أنّه قال لكاتبه: طوّل الباء، وأظهر السينات، ودوّر الميم.
و «الله» أصله إله، فحذفت الهمزة وعوّض عنها حرف التعريف، ولذا قيل في النداء: يا الله بقطع الهمزة، كما يقال: يا إله، إلّا أنّه مختصّ بالمعبود بالحقّ، فإنّ الإله في أصله لكلّ معبود ثمّ غلب على المعبود بحقّ. ومعناه: أنّه الّذي يحقّ له العبادة لا غير.
واشتقاقه من أله إلاهة والوهة والوهيّة، بمعنى عبد، ومنه: تألّه، أي: صار إلها، واستأله أي: استعبد.
وقيل: من أله إذا تحيّر، إذ العقول تتحيّر في معرفته. وأصله: ولاه، فقلبت الواو همزة لاستثقال الكسر عليها. أو من: ألهت إلى فلان، أي: سكنت إليه، لأنّ القلوب تطمئنّ بذكره، والأرواح تسكن إلى معرفته. أو من: أله، إذا فرغ من أمر نزل
عليه. وآلهه غيره: أجاره، إذ العائذ يفزع إليه وهو يجيره. أو من: أله الفصيل، إذا أولع بامّه، إذ العباد مولعون بالتضرّع إليه في الشدائد.
وقيل: أصله: لاه، مصدر: لاه يليه ليها ولاها، إذا احتجب وارتفع، لأنّه تعالى محجوب عن إدراك البصر، ومرتفع على كلّ شيء وعمّا لا يليق.
وقيل: إله كـ: إعاء وإشاح، فإنّ أصلهما وعاء ووشاح. ويردّه الجمع على آلهة دون أولهة.
وقيل: هو اسم غير صفة، لأنّك تصفه فتقول: إله واحد، ولا تصف به فلا تقول: شيء إله. والأظهر أنّه وصف في أصله، لكنّه لـمّا غلب عليه بحيث لا يستعمل في غيره وصار كالعلم ـ مثل الثريّا والصعق ـ اجري مجراه في إجراء الوصف عليه، وامتناع الوصف به.
وقيل: أصله «لولاها» بالسريانيّة، فعرّب بحذف الألف الأخيرة وإدخال اللام عليه، وفخّم لامه إذا انفتح أو انضمّ ما قبله. وحذف ألفه لحن.
و «الرحمن» فعلان من: رحم، كغضبان من: غضب. والرحيم فعيل منه كعظيم. وفي الرحمن تأكيد من المبالغة ما ليس في الرحيم، ولذلك قيل: الرحمن بجميع الخلق، والرحيم بالمؤمنين خاصّة.
ورووا عن الصادقعليهالسلام أنّه قال: الرحمن اسم خاصّ بصفة عامّة، والرحيم اسم عامّ بصفة خاصّة.
وما روي عن عكرمة أنّه قال: الرحمن برحمة واحدة، والرحيم بمائة رحمة، فهو مقتبس من قول الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ للهعزوجل مائة رحمة، وأنّه أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسّمها بين خلقه، بها يتعاطفون ويتراحمون، وأخّر تسعا وتسعين لنفسه، يرحم بها عباده يوم القيامة.
وروي أنّ الله قابض هذه إلى تلك فيكملها مائة يرحم بها عباده يوم القيامة.
ولا يخفى أنّ الرحمن أبلغ من الرحيم، لأنّ زيادة البناء تدلّ على زيادة المعنى، كما في: قطع وقطّع، وكبار وكبّار. وزيادة المعنى في الرحمن بالنسبة إلى معنى الرحيم تارة باعتبار الكمّيّة، واخرى باعتبار الكيفيّة. فعلى الأوّل قيل: يا رحمن الدنيا، لأنّه يعمّ المؤمن والكافر، ورحيم الآخرة، لأنّه يخصّ المؤمن. وعلى الثاني قيل: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا، لأنّ النعم الاخرويّة كلّها جسام، وأمّا النعم الدنيويّة فجليلة وحقيرة.
وتقديم الرحمن على الرحيم، والقياس يقتضي الترقّي من الأدنى إلى الأعلى، إمّا لاختصاص إطلاقه عليه سبحانه كاختصاص لفظة «الله» به، لقوله تعالى:( قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ) (١) فصار كالعلم من حيث إنّه لا يوصف به غيره، لأنّ معناه: المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها، وذلك لا يصدق على غيره، لأنّ ما عداه مستفيض بلطفه وإنعامه، ولأنّ الرحمن دلّ على جلائل النعم وأصولها، وذكر الرحيم ليتناول ما خرج منها، فيكون كالتتمّة والرديف له. وإمّا لتقدّم رحمة الدنيا.
والرحمة في اللغة: رقّة القلب، وانعطاف يقتضي التفضّل والإحسان، ومنه: الرحم، لانعطافها على ما فيها، وأسماء الله تعالى إنما يؤخذ باعتبار الغايات الّتي هي أفعال دون المبادئ الّتي تكون انفعالات.
روي عن علي بن موسى الرضاعليهالسلام أنّه قال: إنّ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها.
وروي عن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال: إذا قال المعلّم للصبيّ: قل: بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله براءة للصبيّ، وبراءة لأبويه، وبراءة للمعلّم.
وعن ابن مسعود: من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ :
__________________
(١) الإسراء: ١١٠.
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، فإنّها تسعة عشر حرفا، ليجعل الله كلّ حرف جنّة من واحد منهم.
واعلم أنّ تخصيص تسميته سبحانه بهذه الأسماء دون سائر صفاته الاخرى ليعلم أنّ المستحقّ لأن يستعان به في مجامع الأمور هو المعبود الحقيقي الّذي هو مولى النعم كلّها؛ عاجلها وآجلها، جليلها وحقيرها، فيتوجّه بالتوجّه التامّ إلى جناب القدس، ويتمسّك بحبل التوفيق، ويشغل سرّه بذكره، والاستمداد به عن غيره، ويتشوّق بأن يحمد المنعم الحقيقي الّذي أعطى جميع نعم العاجلة والآجلة، ويقول :
( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري من نعمة وغيرها. والتعريف فيه للجنس، ومعناه الاشارة إلى ما يعرفه كلّ أحد من أنّ الحمد ما هو. وقيل: للاستغراق، إذ الحمد في الحقيقة كلّه له، إذ ما من خير إلّا هو موليه بوسط أو بغير وسط. وفيه إشعار بأنّه تعالى قادر حيّ مريد عالم، إذ الحمد لا يستحقّه إلّا من كان هذا شأنه.
والمدح هو الثناء على الجميل مطلقا، تقول: حمدت زيدا على علمه وكرمه، ولا تقول: حمدته على حسنه، بل مدحته. وقيل: هما أخوان.
وأمّا الشكر فعلى النعمة خاصّة، قولا وعملا واعتقادا. فالحمد باعتبار المورد أخصّ من الشكر، وباعتبار المتعلّق أعمّ.
ولمّا كان الحمد أشيع للنعمة وأدلّ عليها، لخفاء الاعتقاد، جعل رأس الشكر والعمدة فيه، كما قالصلىاللهعليهوآلهوسلم : الحمد رأس الشكر. فالمعنى في كونه رأس الشكر: أنّ الذكر باللسان أجلى وأوضح وأدلّ على مكان النعمة، وأشيع للثناء على موليها من الاعتقاد وعمل الجوارح. ونقيض الحمد الذمّ، ونقيض الشكر الكفران.
وإنّما عدل بـ( الْحَمْدُ ) عن النصب الّذي هو الأصل في كلامهم، على أنّه من
المصادر الّتي تنصب بأفعال مضمرة، كقولهم: شكرا وعجبا ونحو ذلك، إلى الرفع على الابتداء، للدلالة على ثبات المعنى واستقراره واستمراره، دون تجدّده. وحدوثه في نحو قولك: أحمد الله حمدا، ومنه قوله تعالى:( قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ ) (١) رفع السلام الثاني للدلالة على أنّ إبراهيمعليهالسلام حيّاهم بتحيّة أحسن من تحيّتهم، لأنّ الرفع دالّ على ثبات معنى السلام دون تجدّده. فمعنى( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) : الثناء الحسن الجميل، والمدح الكامل الجزيل، للمعبود المنعم لجلائل النعم.
( رَبِّ الْعالَمِينَ ) المربّي والمالك والمنشئ للخلائق والأمم. وهو في الأصل بمعنى التربية، وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا، ثمّ وصف به للمبالغة كالصوم والعدل. وقيل: هو نعت من: ربّه يربّه فهو ربّ. ولم يطلق الربّ إلّا في الله وحده، ويقيّد في غيره فيقال: ربّ الدار، وربّ الضيعة، وكقوله تعالى:( ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ ) (٢) .
والعالم اسم لـما يعلم به، كالخاتم والقالب، غلب فيما يعلم به الصانع، وهو كلّ ما سواه من الأجسام والجواهر والأعراض، فإنّها ـ لإمكانها وافتقارها إلى مؤثّر واجب الوجود لذاته ـ تدلّ على وجوده. وإنّما جمعه ليشمل ما تحته من الأجناس المختلفة. وغلّب العقلاء منهم فجمعه بالياء والنون، وإن كان اسما غير صفة، لدلالته على معنى العلم، فهو بمنزلة سائر أوصافهم.
وقيل: اسم وضع لذوي العلم من الملائكة والثقلين، وتناوله لغيرهم على سبيل الاستتباع.
وقيل: عنى به الناس هاهنا، فإنّ كلّ واحد منهم عالم، من حيث إنّه يشتمل على نظائر ما في العالم الكبير من الجواهر والأعراض، يعلم به الصانع كما يعلم بما
__________________
(١) هود: ٦٩.
(٢) يوسف: ٥٠.
أبدعه في العالم، ولذلك سوّى بين النظر فيهما وقال:( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) (١) . وفيه دليل على أنّ الممكنات كما هي مفتقرة إلى المحدث حال حدوثها فهي مفتقرة إلى المبقي حال بقائها.
ووجه إيثار هذه الصفة بين صفات الله تعالى بعد الحمد: أنّ العارف لـمّا رأى نعم الله تعالى على غيره واضحة، كما شاهد آثارها على نفسه لائحة، عرف أنّه ربّ الخلائق أجمعين، فينبغي أن يقول بعد ذلك: ربّ العالمين، ولـمّا رأى شمول فضله للمربوبين، وعموم رزقه للمرزوقين، فبالحريّ أن يقول بعده:( الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) . وقد مضى تفسيرهما.
قال الرمّاني(٢) : إنّه سبحانه ذكر في البسملة العبوديّة فوصل ذلك للتنبيه بذكر النعم الّتي يستحقّ بها العبادة، وهاهنا ذكر الحمد فوصله بذكر ما يستحقّ الحمد من النعم، فليس فيه تكرار.
واعلم أنّ العارف إذا رأى بعض العباد حامدا شكورا، وبعضهم كنودا كفورا، علم أن وراءهم يوما يثاب فيه الشكور ويعاقب فيه الكفور، فلزمه أن يقول بعد هذه الأوصاف الجميلة والنعوت الجليلة:( مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) . قرأه عاصم والكسائي ويعقوب، ويعضده قولهعزوجل :( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً ) (٣) . وقرأ الباقون:( ملك )، لقوله تعالى:( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) (٤) ، ولقوله:( مَلِكِ النَّاسِ ) (٥) ، ولما فيه من التعظيم.
__________________
(١) الذاريات: ٢١.
(٢) حكاه عنه الطبرسي في مجمع البيان ١: ٢٣.
(٣) الانفطار: ١٩.
(٤) غافر: ١٦.
(٥) الناس: ٢.
والمالك هو المتصرّف في الأعيان المملوكة كيف شاء، واشتقاقه من الملك. والملك هو المتصرّف بالأمر والنهي مشتقّ من الملك. ويوم الدين يوم الجزاء، ومنه: كما تدين تدان.
وأضاف اسم الفاعل إلى الظرف إجراء له مجرى المفعول به على الاتّساع، كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار، تقديره: يا سارق متاع أهل الدار في الليل. ومعناه: مالك الأمور يوم الدين، على طريقة جعل المتوقّع الّذي لا بدّ من وقوعه بمنزلة الواقع، ومثل ذلك قوله تعالى:( وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ ) (١) . أو: له الملك في هذا اليوم، على وجه الاستمرار. وعلى التقديرين تكون الإضافة حقيقيّة معدّة لوقوعه صفة للمعرفة، وإنّما تكون غير حقيقيّة إذا أريد باسم الفاعل الحال أو الاستقبال، فكان في تقدير الانفصال، كقولك: زيد مالك الساعة أو غدا، ولـمّا كان هاهنا بمعنى الماضي أو الاستمرار فكانت إضافة حقيقيّة تصلح أن تكون وصفا للمعرفة.
وقيل: الدين: الشريعة. وقيل: الطاعة. والمعنى: يوم جزاء الدين. وتخصيص اليوم بالإضافة إمّا لتعظيمه، أو لتفرّده تعالى بنفوذ الأمر فيه.
وهذه الأوصاف ـ الّتي هي كونه سبحانه ربّا مالكا للعالمين، لا يخرج منهم شيء من ملكوتيّته وربوبيّته، وكونه منعما بالنعم المتواترة الباطنة والظاهرة، وكونه مالكا للأمر كلّه في الدار الآخرة، بعد الدلالة على اختصاص الحمد في قوله:( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) ـ فيها دلالة باهرة على أنّ من كانت هذه صفاته لم يكن أحد أحقّ منه بالحمد والثناء، بل لا يستحقّه على الحقيقة سواه، فإن ترتّب الحكم على الوصف يشعر بعلّيته له. وإذا وصل العارف الطالب إلى هذا المقام علم أنّ له خالقا ورازقا رحيما، يحيي ويميت، ويبدئ ويعيد، وهو الحيّ الّذي لا يشبهه شيء، والإله الّذي
__________________
(١) الأعراف: ٤٤.
لا يستحقّ العبادة سواه.
ولـمّا صار الموصوف بهذا الوصف كالمدرك بالعيان، والمشاهد بالبرهان، فكأنّ المعلوم المميّز بتلك الصفات العظام صار عيانا، والمعقول مشاهدا، والغيبة حضورا، فقال: يا من هذا شأنه وهذه صفاته( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) أي: نخصّك بالعبادة في كلّ الحالات( وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ونخصّك بطلب المعونة في جميع المهمّات. فتقديم المفعول إنّما هو لقصد الاختصاص، ولهذا قال ابن عبّاس: معناه: نعبدك ولا نعبد غيرك.
واعلم أنّ «إيّا» ضمير منفصل للمنصوب، والكاف والهاء والياء اللاحقة به في «إيّاك» و «إيّاه» و «إيّاي» لبيان الخطاب والغيبة والتكلّم، ولا محلّ لها من الإعراب، كالتّاء في «أنت» والكاف في «أرأيتك»، إذ هي حروف عند المحقّقين، وليست بأسماء مضمرة كما قاله بعضهم. ومن عادة العرب التفنّن في الكلام، والعدول من أسلوب إلى آخر تنشيطا للسامع، فإنّ لكلّ جديد لذّة، ويسمّى هذا التفاتا. وهو قد يكون من الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى الخطاب، ومن الغيبة إلى التكلّم، كقوله تعالى:( حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ ) (١) ، وقوله:( وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ ) (٢) . والفائدة المختصّة به في هذا الموضع قد ذكرت آنفا.
والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلّل، ومنه: طريق معبّد أي: مذلّل، ولهذا لا تحسن إلّا لله سبحانه الّذي هو مولى أعظم النعم.
وقدّمت العبادة على الاستعانة ليتوافق رؤوس الآي، وليعلم منه أنّ تقديم الوسيلة على طلب الحاجة أدعى إلى الإجابة.
والضمير المستكنّ في الفعلين للقارىء ومن معه من الحفظة وحاضري
__________________
(١) يونس: ٢٢.
(٢) فاطر: ٩.
الجماعة، أو له ولسائر الموحّدين، فأدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم، وخلط حاجته بحاجتهم لعلّها تقبل ببركتها ويجاب إليها، ولهذا شرعت الجماعة. وكرّر الضمير للتنصيص على أنّه المستعان لا غير.
وأطلقت الاستعانة ليتناول كلّ مستعان فيه. والأحسن أن يراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة، لتلاؤم الكلام وأخذ بعضه بحجزة بعض، فيكون قوله :
( اهْدِنَا ) بيانا للمطلوب من المعونة، كأنّه قيل: كيف أعينكم؟ فقالوا:( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) . وعلى الأوّل يكون هذا إفرادا لـما هو المقصود الأعظم.
والهداية دلالة بلطف، ولذلك يستعمل في الخير، وقوله تعالى:( فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ ) (١) على التهكّم والاستهزاء. وأصلها أن يتعدّى باللام أو بـ «إلى»، كقوله:( يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (٢) ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (٣) فعومل معاملة اختار في قوله:( وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ ) (٤) .
والسراط ـ بالسين ـ الجادّة، من: سرط الشيء إذا ابتلعه، لأنّه يسترط المارّة إذا سلكوه، وبالصاد من قلب السين صادا لأجل الطاء، وهي اللغة الفصحى. وقرأ قنبل عن ابن كثير ورويس عن يعقوب بالسين، وحمزة بالإشمام، والباقون بالصاد.
والصراط المستقيم هو الدين الحقّ الّذي لا يقبل الله عن العباد غيره. وإنّما سمّي الدين صراطا لأنّه يؤدّي لمن يسلكه إلى الجنّة، كما أنّ الصراط يؤدّي لمن يسلكه إلى مقصده. والمعنى المراد من( اهْدِنَا ) : زدنا هدى بمنح الألطاف، كقوله تعالى:( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ) (٥) . ورووا عن أمير المؤمنين أنّ معناه: ثبّتنا.
__________________
(١) الصافّات: ٢٣.
(٢) الإسراء: ٩.
(٣) الشورى: ٥٢.
(٤) الأعراف: ١٥٥.
(٥) محمد: ١٧.
وهداية الله تنوّع أنواعا لا تحصى، لكنّها تنحصر في أجناس مترتّبة.
الأوّل: إفاضة القوى الّتي بها يتمكّن العبد من الاهتداء إلى مصالحه، كالقوّة العقليّة، والحواسّ الباطنة، والمشاعر الظاهرة.
والثاني: نصب الدلائل الفارقة بين الحقّ والباطل، والصلاح والفساد، وإليه أشار بقوله:( وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ ) (١) ، وقوله:( فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى ) (٢) .
والثالث: الهداية بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وعناه بقوله:( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ) (٣) ، وقوله:( إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (٤) .
والرابع: أن يكشف على قلوبهم السرائر، ويريهم الأشياء كما هي بالوحي أو الإلهام والمنامات الصادقة، وهذا مختصّ بالأنبياء والأولياء، وإليه أشار بقوله :
( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) (٥) ، وبقوله:( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٦) .
ثمّ أراد أن يبيّن سبحانه أنّ الصراط المستقيم هو طريق المؤمنين فقال على سبيل البدليّة:( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) وهو في حكم تكرير العامل، فكأنّه قال: اهدنا صراط الّذين أنعمت عليهم. وفائدة هذا البدل التوكيد، لـما فيه من التثنية والتكرير، والإشعار بأنّ الصراط المستقيم بيانه وتفسيره: صراط من خصّهم الله بعصمته، وأمدّهم بخواصّ نعمته، واحتجّ بهم على بريّته من الأنبياء والأولياء
__________________
(١) البلد: ١٠.
(٢) فصّلت: ١٧.
(٣) الأنبياء: ٧٣.
(٤) الإسراء: ٩.
(٥) الأنعام: ٩٠.
(٦) العنكبوت: ٦٩.
والصدّيقين والشهداء والصالحين، وهم الّذين ذكرهم الله تعالى في قوله:( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ ) (١) فيكون ذلك شهادة لصراطهم بالاستقامة على آكد الوجوه، كما تقول: هل أدلّك على أكرم الناس فلان؟ فيكون ذلك أبلغ في وصفه بالكرم من قولك: هل أدلّك على فلان الأكرم؟ لأنّك بيّنت كرمه مجملا أوّلا، ومفصّلا ثانيا، وأوقعت فلانا تفسيرا للأكرم فجعلته علما في الكرم، فكأنّك قلت: من أراد رجلا جامعا للكرم فعليه بفلان، فهو المعيّن لذلك لا غير.
وأطلق الإنعام ليشمل كلّ إنعام. والإنعام: إيصال النعمة، وهي في الأصل الحالة الّتي يستلذّها الإنسان، فأطلقت لـما يستلذّه من النعمة.
وقرأ حمزة «عليهم» بضمّ الهاء وإسكان الميم، نظرا إلى أصله المفرد وهو «هم». وكذلك: لديهم، وإليهم. وقرأ يعقوب بضمّ كلّ هاء قبلها ياء ساكنة، في التثنية والجمع المذكّر والمؤنّث، نحو: عليهما، وفيهما، وعليهم، وفيهم، وعليهنّ، وفيهنّ. وقرأ الباقون «عليهم» وأخواتها بالكسر أمنا من اللبس. وأهل الحجاز وصلوا الميم انضمّت الهاء قبلها أو انكسرت.
ونعم الله ـ وإن كانت لا تحصى، كما قال تعالى:( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها ) (٢) ـ تنحصر في جنسين: دنيويّ، وأخرويّ.
والأوّل قسمان: موهبي، وكسبي. والموهبي قسمان: روحانيّ، كنفخ الروح فيه، وإشراقه بالعقل وما يتبعه من القوى كالفهم والفكر والنطق. وجسمانيّ، كتخليق البدن والقوى الحالّة فيه، والهيئات العارضة له من الصحّة وكمال الأعضاء. والكسبيّ كتزكية النفس عن الرذائل، وتحليتها بالأخلاق الحسنة، وتزيين البدن بالهيئات المطبوعة، وحصول الجاه والمال.
__________________
(١) النساء: ٦٩.
(٢) النحل: ١٨.
والثاني: أن يعفو ما فرط عنه، ويرضى عنه، ويبوّئه في أعلى علّيّين مع الملائكة المقرّبين أبد الآبدين.
والمراد هنا هو القسم الأخير وما يكون وصلة إلى نيله، فإنّ ما عدا ذلك يشترك فيه المؤمن والكافر.
وروي عن ابن عبّاس أنّ المراد من( الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) هم الّذين كانوا أتباع موسى وعيسى ومطيعين لأوامرهما ونواهيهما. ويؤيّد ذلك قولهعزوجل بعد ذلك بدلا منه:( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) يعني: اليهود، لقوله تعالى:( مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ ) (١) ( وَلَا الضَّالِّينَ ) يعنى: النصارى، لقوله تعالى:( قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً ) (٢) . والمعنى: أنّ المنعم عليهم هم الّذين سلموا من غضب الله والضلال. ويحتمل أن يكون صفة له، وإن كان «غير» لا يقع صفة للمعرفة ولا يتعرّف بالإضافة إلى المعرفة، لأنّ( الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) لا تعيين فيه، كقوله :
... ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني
ولأنّ( الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) و( الضَّالِّينَ ) خلاف المنعم عليهم، فليس في «غير» إذن الإبهام الّذي أبى له أن يتعرّف، فتعيّن تعيّن الحركة من غير السكون.
والمعنى: أنّهم جمعوا بين نعمة العصمة وبين السلامة من غضب الله والضلالة. وقال الحسن: إنّ الله تعالى لم يبرئ اليهود عن الضلالة بإضافة الضلال إلى النصارى، ولم يبرئ النصارى عن الغضب بإضافة الغضب إلى اليهود، بل كلّ واحدة من الطائفتين مغضوب عليهم وضالّون، إلّا أنّ الله يخصّ كلّ فريق بسمة يعرف بها ويميّز بينه وبين غيره بها وإن كانوا مشتركين في صفات كثيرة.
وقيل: المراد بالمغضوب عليهم والضالّين جميع الكفّار، وإنّما ذكروا بالصفتين
__________________
(١، ٢) المائدة: ٦٠ و ٧٧.
لاختلاف الفائدتين.
ويتّجه أن يقال: المغضوب عليهم العصاة، والضالّون الجاهلون بالله تعالى، لأنّ المنعم عليهم من وفّق للجمع بين معرفة الحقّ لذاته والخير للعمل به، فكان المقابل له من اختلّ إحدى قوّتيه العاقلة والعاملة، والمخلّ بالعمل فاسق مغضوب عليه، لقوله تعالى في القاتل عمدا:( وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ ) (١) ، والمخلّ بالعلم جاهل ضالّ، لقوله تعالى:( فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ ) (٢) .
واعلم أنّ الغضب عبارة عن ثوران النفس لإرادة الانتقام، فإذا أسند إلى الله تعالى أريد به المنتهى والغاية على ما مرّ(٣) . فمعنى غضب الله: إرادة الانتقام منهم وإنزال العقاب بهم، وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده. ومحلّ «عليهم» الاولى نصب على المفعوليّة. ومحلّ «عليهم» الثانية رفع على الفاعليّة، و «لا» مزيدة لتأكيد ما في «غير» من معنى النفي، فكأنّه قال: لا المغضوب عليهم ولا الضّالين، ولذلك جاز: أنا زيدا غير ضارب، كما جاز: أنا زيدا لا ضارب، وإن امتنع: أنا زيدا مثل ضارب. وأصل الضلال الهلاك، ومنه:( وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) (٤) أي: أهلكها. والضلال في الدين هو الذهاب عن الحقّ.
وأعجب بضلالة أهل الخلاف أنّهم يقولون: «آمين» في آخر الفاتحة مع أنّهم لم يثبتوه في المصاحف، ويتركون البسملة في أوّلها وأوائل سائر سور القرآن مع أنّهم يثبتونها في مفاتيح جميع السور! وماذا إلّا الضلال بعد الحقّ، فهم خارجون عن الصراط المستقيم، داخلون في غضب الله، وآيسون عن رحمة الرحمن الرحيم، مستوجبون السخط والعذاب الأليم، كاليهود والنصارى وسائر أهل الجحيم.
__________________
(١) النساء: ٩٣.
(٢) يونس: ٣٢.
(٣) في ص: ٢٤.
(٤) محمّد: ٨.
(٢)
سورة البقرة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
( الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) )
مدنيّة إلّا آية، وهي قوله تعالى:( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ) (١) الآية، فإنّها نزلت بمنى في حجّة الوداع. وهي عند الكوفيّين مائتان وستّ وثمانون آية.
أبيّ، عن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم : من قرأ سورة البقرة فصلوات الله عليه ورحمته، واعطي من الأجر كالمرابط في سبيل الله سنة لا تسكن روعته. قال: يا أبيّ، مر المسلمين أن يتعلّموا سورة البقرة، فإنّ تعلّمها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة. قلت: يا رسول الله، ما البطلة؟ قال: السحرة.
وقال النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم : من قرأ البقرة وآل عمران جاء يوم القيامة تظلّانه على رأسه مثل الغمامتين أو مثل الغيابتين.
وروى سهل بن سعد قال: قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ لكلّ شيء سناما وسنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته نهارا لم يدخل في بيته شيطان ثلاثة أيّام، ومن قرأها في بيته ليلا لم يدخل في بيته شيطان ثلاث ليال.
__________________
(١) البقرة: ٢٨١.
وسئل النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم : أيّ سور القرآن أفضل؟ قال: البقرة؛ قيل: وأيّ آي البقرة أفضل؟ قال: آية الكرسي.
( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم ) اختلف في هذه الحروف المقطّعة المفتتح بها السور، فورد عن أئمّتناعليهمالسلام أنّها من المتشابهات الّتي استأثر الله بعلمها ولا يعلم تأويلها غيره.
وروت العامّة عن أمير المؤمنينعليهالسلام أنّه قال: إنّ لكلّ كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجّي.
وعن الشعبي: أنّ لله في كلّ كتاب سرّا، وسرّه في القرآن حروف التهجّي في أوائل السور.
وقال الأكثرون في ذلك وجوها :
منها: أنّها أسماء للسور يعرف كلّ سورة بما افتتحت به.
ومنها: أقسام أقسم الله تعالى بها، لكونها مباني كتبه، ومعاني أسمائه وصفاته، واصول كلام الأمم كلّها.
ومنها: مفاتيح أسماء اللهعزوجل وصفاته، لقول ابن عبّاس في «الم»: معناه: أنا الله أعلم، و( المر ) معناه: أنا الله أعلم وأرى، و( المص ) معناه: أنا الله أعلم وأفصل. والكاف من( كهيعص ) من كافي، والهاء من هادي، والياء من حكيم، والعين من عليم، والصاد من صادق.
ومنها: أنّ كلّ حرف منها يدلّ على مدّة قوم وآجال آخرين بحساب الجمل، كما قاله أبو العالية متمسّكا بما روي أنّهصلىاللهعليهوآلهوسلم لـمّا أتاه اليهود تلا عليهم «الم» البقرة فحسبوه وقالوا: كيف ندخل في دين مدّته إحدى وسبعون سنة؟! فتبسّم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا: فهل غيره؟ فقال: المص والر والمر. فقالوا: خلطت علينا فلا ندري بأيّها نأخذ، فإنّ تلاوته إيّاها بهذا الترتيب عليهم وتقريرهم على استنباطهم
دليل على ذلك.
ومنها: أنّ المراد بها أنّ هذا القرآن الّذي عجزتم عن معارضته من جنس هذه الحروف الّتي تتحاورون بها في خطبكم وكلامكم، فإذا لم تقدروا عليه فاعلموا أنّه من عند الله، لأنّ العادة لم تجر بأنّ الناس يتفاوتون في القدر هذا التفاوت العظيم.
وعند المحقّقين أنّ هذه الفواتح وغيرها من الألفاظ الّتي يتهجّى بها أسماء مسمّياتها حروف الهجاء الّتي ركّبت منها الكلم. وحكمها أن تكون موقوفة كأسماء الأعداد، تقول: ألف لام ميم، كما تقول: واحد اثنان ثلاثة، فإذا وليتها العوامل أعربت فقيل: هذه ألف، وكتبت لاما، ونظرت إلى ميم.
ثمّ إنّه سبحانه ذكرها مفردة وثنائيّة وثلاثيّة ورباعيّة وخماسيّة، إيذانا بأنّ المتحدّى به مركّب من كلماتهم الّتي أصولها كلمات مفردة ومركّبة من حرفين فصاعدا إلى خمسة، وتنبيها على أنّ المتلوّ عليهم كلام منظوم ممّا ينظمون به كلامهم، فلو كان من عند غير الله لـما عجزوا من أوّلهم إلى آخرهم ـ مع تظاهرهم وقوّة فصاحتهم ـ عن الإتيان بما يدانيه، وإشعارا بأنّ أوّل ما يقرع الأسماع مستقلّ بنوع من الإعجاز، فإنّ النطق بأسماء الحروف مختصّ بمن خطّ ودرس، فأمّا من الامّي الّذي لم يخالط الكتاب فمستبعد مستغرب خارق للعادة كالكتابة والتلاوة، سيّما وقد راعى في ذلك ما يعجز عنه الأديب الأريب الفائق في فنّه، وهو أنّه إذا تأمّلت ما أورده الله تعالى في الفواتح من هذه الأسماء وجدتها نصف أسامي حروف المعجم أربعة عشر اسما إن لم تعدّ الألف فيها حرفا برأسها، وهي: الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون، في تسع وعشرين سورة على عدد حروف المعجم إذا عدّ فيها الألف.
ثمّ إذا نظرت في هذه الأربعة عشر وجدتها مشتملة على أنصاف أنواع
الحروف. بيان ذلك: أنّ فيها من المهموسة نصفها: الصاد والكاف والهاء والسين والحاء، ومن المجهورة نصفها: الألف واللام والميم والراء والعين والطاء والقاف والياء والنون، ومن الشديدة نصفها: الألف والطاء والكاف والقاف، ومن الرخوة نصفها: اللام والراء والميم والصاد والهاء والعين والسين والحاء والياء والنون، ومن المطبقة نصفها: الصاد والطاء، ومن المنفتحة نصفها: الألف واللام والميم والراء والكاف والهاء والعين والسين والحاء والقاف والياء والنون، ومن المستعلية نصفها :
القاف والصاد والطاء، ومن المنخفضة نصفها: الألف واللام والميم والراء والكاف والهاء والياء والعين والسين والحاء والنون، ومن حروف القلقلة نصفها: القاف والطاء.
ثم إذا استقريت الكلم وتراكيبها رأيت الحروف الّتي ألغى الله ذكرها من هذه الأنواع المعدودة مكثورة بالمذكورة(١) ، فسبحان الّذي دقّت في كلّ شيء حكمته! وقد علمت أنّ معظم الشيء وجلّه ينزّل منزلة كلّه، وهو المطابق للطائف التنزيل واختصاراته، فكأنّ اللهعزوجل عدّد على العرب الألفاظ الّتي منها تراكيب كلامهم إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لهم وإلزام الحجّة إيّاهم.
وممّا يدلّ على أنّه تعمّد بالذكر من حروف المعجم أكثرها وقوعا في تراكيب الكلم، أنّ الألف واللام لـمّا تكاثر وقوعهما فيها جاءتا في معظم هذه الفواتح مكرّرتين، وهي فواتح سورة البقرة، وآل عمران، والروم، والعنكبوت، ولقمان، والسجدة، والأعراف، والرّعد، ويونس، وإبراهيم، وهود، ويوسف، والحجر.
وأنّه ذكر ثلاث مفردات، وهي: «ق» «ن»(٢) «ص» في ثلاث سور، لأنّها توجد في الأقسام الثلاثة: الاسم والفعل والحرف.
وأربع ثنائيّات، وهي: «طه» و «يس» و «طس» و «حم» لأنّها تكون في
__________________
(١) أي مغلوبة بالكثرة، أي المذكورة غالبة على غير المذكورة، ومنه: كاثرة، أي غالبة بالكثرة.
(٢) وهي في مفتتح سورة القلم:( ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ) .
الحرف بلا حذف كـ «بل»، وفي الفعل بحذف كـ «قل»، وفي الاسم بغير حذف كـ «من»، وبحذف كـ «دم» في تسع سور، لوقوع الثنائي في كلّ واحد من الأقسام الثلاثة على ثلاثة أوجه: الفتحة والضمّة والكسرة. ففي الأسماء: من وإذ وذو. وفي الأفعال: قل وبع وخف. وفي الحروف: إن ومن ومذ.
وثلاث ثلاثيّات، وهي: «الم» و «الر» و «طسم» لمجيئها في الأقسام الثلاثة في ثلاث عشرة سورة، فإنّ سور( الم ) ستّ، و( الر ) خمس، و( طسم ) اثنان، تنبيها على أنّ اصول الأبنية المستعملة ثلاثة عشر، عشرة منها للأسماء، وثلاثة للأفعال.
ورباعيّتين، وهما:( المص ) و( المر ) .
وخماسيّتين، وهما:( كهيعص ) و( حم عسق ) تنبيها على أنّ لكلّ منهما أصلا كجعفر وسفرجل، وملحقا كقردد وحجنفل. ولم تعدّ بأجمعها في أوّل القرآن، لـما فيه من إعادة التحدّي، وتكرير التنبيه، والمبالغة فيه.
ولمّا كانت أبنية المزيد لا تتجاوز عن السباعيّة ذكر من الزوائد العشرة الّتي تجمعها «اليوم تنساه» سبعة أحرف منها تنبيها على ذلك.
وقيل في مفتتح هذه السورة: إنّ الألف من أقصى الحلق وهو مبدأ المخارج، واللام من طرف اللسان وهو وسطها، والميم من الشفة وهي آخرها، جمع بينها تنبيها على أنّ العبد ينبغي أن يكون أوّل كلامه وأوسط كلامه وآخر كلامه ذكر الله.
وقيل: إنّ الألف إشارة إلى الله، واللام إلى جبرئيل، والميم إلى محمد. فيكون المعنى: أنّ الله سبحانه نزّل بواسطة جبرئيل إلى محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم .
( ذلِكَ الْكِتابُ ) . وهو مصدر سمّي به المفعول للمبالغة، أو فعال بني للمفعول كاللباس، ثم اطلق على المنظوم عبارة قبل أن يكتب لأنّه ممّا يكتب. وأصل الكتب الجمع، ومنه: الكتيبة.
وقيل: «ذلك» إشارة إلى «الم» إن أوّل بالمؤلّف من هذه الحروف أو فسّر بالسورة أو القرآن، فإنّه لـمّا تكلّم به وتقضّى أو وصل من المرسل إلى المرسل إليه صار متباعدا فأشير إليه بما يشار به إلى البعيد. وتذكيره متى أريد بـ «الم» السورة لتذكير الكتاب، فإنّه خبره أو صفته الّذي هو هو. أو إلى الكتاب، فيكون صفته. والمراد به الكتاب الموعود إنزاله بقوله:( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) (١) ، أو في الكتب المتقدّمة.
فإن جعلت هذه الحروف المقطّعة أسماء الله أو القرآن أو السور كان لها حظّ من الإعراب، إمّا الرفع على الابتداء، أي: المؤلّف من هذه الكلمات متحدّي به، أو الخبر، أي: هذا المتلوّ المتحدّى به مؤلّف من هذه الكلمات، أو النصب بتقدير فعل القسم ونزع الخافض على طريقة: الله لأفعلنّ بالنصب، فإنّ أصله أقسم بالله، فنزع الخافض واعمل فعل القسم فيه، أو الجرّ على إضمار حرف القسم.
وإن أبقيتها على معانيها، فإن قدّرت بالمؤلّف من هذه الحروف كان في حيّز الرفع بالابتداء أو الخبر على ما مرّ. وإن جعلتها مقسما بها يكون كلّ كلمة منها منصوبا بنزع الخافض، أو مجرورا بتقدير حرف الجرّ على اللغتين في: الله لأفعلنّ، وتكون جملة قسميّة بالفعل المقدّر له.
وإن جعلتها أبعاض كلمات أو أصواتا منزّلة منزلة حرف التنبيه، لم يكن لها محلّ من الإعراب، كالجمل المبتدأة والمفردات المعدودة.
وقال في جوامع البيان: إن جعلت( الم ) اسما للسورة ففيه وجوه: أحدها: أن يكون( الم ) مبتدأ، و( ذلِكَ ) مبتدأ ثانيا، والكتاب خبره، والجملة خبر المبتدأ الأوّل. فيكون المعنى: أنّ ذلك هو الكتاب الكامل الّذي يستأهل أن يسمّى كتابا، كأنّ ما سواه من الكتب ناقص بالإضافة إليه، كما تقول :
__________________
(١) المزّمّل: ٥.
أهل مصر والشام غير واحد. وقد روى عن ولده جماعة(١) . يقال : توفى سنة سبع وأربعين ومائة ، وكان جده «حيويل بن ناشرة»(٢) . شهد فتح مصر. ولهم بقية بمصر اليوم(٣) .
* ذكر من اسمه «قيس» :
١٠٨٥ ـ قيس بن ثور بن مازن بن خيثمة السّكونىّ(٤) : يكنى أبا بكر. له رواية عن أبى بكر الصديق(٥) ، وشهد فتح مصر ، ثم انتقل إلى «حمص» ، فسكنها(٦) . وهو والد عمرو بن قيس(٧) .
١٠٨٦ ـ قيس بن الحارث المرادى ، ثم الكعبى : له إدراك ، وقدم من اليمن فى خلافة عمر بن الخطاب ، وتفقّه إلى أن صار يفتى فى زمانه ، وقدم مع عمرو بن العاص ، فشهد
__________________
(١) الإكمال ٢ / ٣٦ (ذكر معنى ذلك ابن يونس). وفى (تهذيب الكمال) ٢٣ / ٥٨٢ : روى عن أبيه ، والزهرى ، ويزيد بن أبى حبيب ، وأبى قبيل ، وأبى الزبير المكى. روى عنه حيوة بن شريح ، ورشدين بن سعد ، وابن لهيعة ، والليث. وأضاف ابن حجر فى (تهذيب التهذيب) ٨ / ٣٣٣ : روى عنه الأوزاعى ، وسعيد بن عبد العزيز.
(٢) ترجم له ابن يونس ـ من قبل ـ فى باب (الحاء) برقم (٣٧٥).
(٣) تهذيب الكمال ٢٣ / ٥٨٣ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٣٤ (لم يذكر اليوم).
(٤) كذا لقّب فى (مختصر تاريخ دمشق) : ٢١ / ٩٣. وقال : ولقب بالكندى ، ولقب والده ب (الكندى السّكونى). وقد ضبط السمعانى لقب (السكونى) بالحروف ، وقال : السّكون بطن من كندة. (الأنساب) ٣ / ٢٧٠.
(٥) وقد ورد فى (الإصابة) ٥ / ٥٣١ : أنه هاجر على عهد أبى بكر الصديق مع وفد ، فتلقاهم أبو بكر ب (الحرّة) ، فرأوه مخضوب الرأس واللحية.
(٦) مختصر تاريخ دمشق ٢١ / ٩٤ (قال أبو سعيد بن يونس) ، والإصابة ٥ / ٥٣١ (ذكره أبو سعيد ابن يونس).
(٧) مختصر تاريخ دمشق ٢١ / ٩٤. وابنه هذا المشار إليه ، يكنى أبا ثور. وهو شامى حمصى. روى عن جده (مازن بن خيثمة) الصحابى ، وابن عمرو ، ومعاوية. ووفد على معاوية مع أبيه ، وروى عنه. روى عن النعمان بن بشير أيضا. روى عنه معاوية بن صالح ، والأوزاعى ، وسعيد ابن عبد العزيز. ثقة ، توفى سنة ١٤٠ ه. (تهذيب التهذيب ٨ / ٨٠ ـ ٨١). وأخيرا ، راجع المزيد عن المترجم له (قيس بن ثور) فى (مختصر تاريخ دمشق) ٢١ / ٩٣ ، ومنه ومن أخباره السابقة فى (الإصابة) يترجح أنه أسلم فى عهد الرسولصلىاللهعليهوسلم ، فله إدراك ، لكنه لم يهاجر إلا بعد وفاته (فى عهد أبى بكر).
فتح مصر(١) . روى عن عمر بن الخطاب(٢) . روى عنه سويد بن قيس ، وقيل : شديد بن قيس بن ثعلبة. روى عنه (أيضا)(٣) بكر بن سوادة(٤) . وهو الذي فتح القرية بصعيد مصر المعروفة ب «القيس» ، فنسبت إليه(٥) .
١٠٨٧ ـ قيس بن الحجّاج بن خلىّ(٦) بن معد يكرب الحميرى(٧) الكلاعىّ ، ثم السّلفىّ(٨) : يروى عن أبى عبد الرحمن الحبلىّ ، وحنش بن عبد الله السّبائىّ. روى عنه عبد الرحمن بن شريح ، وعمرو بن الحارث ، وخالد بن حميد ، والليث بن سعد ، وعبد الله بن لهيعة ، وعبد الله بن عيّاش ، ونافع بن يزيد ، وعبد الأعلى بن الحجّاج(٩) . يقال : توفى سنة تسع وعشرين ومائة ، وكان رجلا صالحا(١٠) .
١٠٨٨ ـ قيس بن ربيعة بن عامر المرادى : له إدراك. شهد فتح مصر(١١) .
__________________
(١) الأنساب ٥ / ٧٩ (له إدراك. ولم يذكر أنه قدم من اليمن) ، والإصابة ٥ / ٥٣١ (قاله أبو سعيد ابن يونس).
(٢) الأنساب ٥ / ٧٩ (قاله أبو سعيد بن يونس) ، والخطط ١ / ٢٠٤.
(٣) إضافة من لدنّى تتلاءم مع السياق.
(٤) حرفت بكر إلى (عسكر) فى : (المصدر السابق).
(٥) السابق (قال ابن يونس).
(٦) كذا فى (تهذيب الكمال) ٢٤ / ١٩ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٤٨. وحرفت فى (مخطوط تاريخ دمشق) ١٤ / ٤٣٨ إلى (خولى). ثم عاد ، فحرّفها ابن عساكر ـ فيما ينقل عن ابن يونس ـ إلى (حلى). وأخيرا ، فقد حرّفت إلى (مولى) فى مخطوط (الكمال فى معرفة الرجال) للمقدسى ٥ / ق ٥٦.
(٧) كذا فى (تهذيب التهذيب) ٨ / ٣٤٨. وفى (تهذيب الكمال) ٢٤ / ١٩ : معدى كرب.
(٨) ورد فى (السابق) : وقيل : الصنعانى (من صنعاء دمشق). وعلّق المزى : والصحيح أنه مصرى.
(٩) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٤٣٩ (بسنده إلى أبى عبد الله بن منده ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس).
(١٠) السابق ، ومخطوط الكمال ٥ / ق ٥٦ (وآخر سنة الوفاة ، عن وصفه بالصلاح ، قال أبو سعيد ابن يونس) ، وتهذيب الكمال ٢٤ / ٢٠ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٤٨ (قال ابن يونس). ويلاحظ أنه سبقت الترجمة لجدّ المترجم له (خلىّ بن معد يكرب) فى باب (الخاء) رقم (٤١٩).
(١١) الإصابة ٥ / ٥٣٤ (ذكره ابن يونس).
١٠٨٩ ـ قيس بن سعد بن عبادة بن دليم(١) بن حارثة بن أبى حزيمة(٢) بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن سعادة بن كعب بن الخزرج الأنصارى(٣) : شهد فتح مصر ، واختط بها دارا(٤) . وولى على مصر لعلىّ بن أبى طالب فى سنة ست وثلاثين ، وعزله عنها سنة سبع وثلاثين(٥) . روى عنه عبد الله بن مالك الجيشانى ، وعمرو بن الوليد بن عبدة السّهمىّ(٦) .
١٠٩٠ ـ قيس بن سمىّ بن أزبر(٧) بن عدى(٨) بن مالك بن سلمة بن أيدعان بن سعد ابن تجيب التجيبى(٩) : شهد فتح مصر ، وله رواية عن عمرو بن العاص. روى عنه سويد بن قيس التجيبى(١٠) . وهو جد حيوة بن الرّقاع بن عبد الملك بن قيس ، صاحب الدار بمصر ، وعقبه بإفريقية(١١) .
١٠٩١ ـ قيس بن أبى العاص بن قيس بن عدىّ(١٢) بن سعيد(١٣) بن سهم القرشى
__________________
(١) حرفت إلى (دليهم) فى (تهذيب التهذيب) ٨ / ٣٥٣.
(٢) كذا ضبطها ابن ماكولا بالحروف : ج ٣ / ١٤٠ من كتاب (الإكمال).
(٣) أورد ابن عساكر نسبه كاملا فى (مخطوط تاريخ دمشق) ١٤ / ٤٥٠. وذكر ابن ماكولا نسب والده (سعد) فى (الإكمال) ٣ / ١٤١. واكتفى ابن حجر فى نسبه بالوقوف عند (دليم الأنصارى الخزرجى). (الإصابة) ٥ / ٤٧٣.
(٤) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٤٥٠ (ولم يذكر دارا) ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ١٠٣ (قال ابن يونس) ، والإصابة ٨ / ٤٧٣ (شرحه).
(٥) سير النبلاء ٣ / ١٠٣ ، والإصابة ٥ / ٤٧٣ (ثم كان أميرها لعلىّ). وورد فى (الولاة) ، للكندى ص ٢٠ ـ ٢٢ : أنه دخل مصر واليا ، مستهل ربيع الأول ٣٧ ه ، وعزل فى الخامس من رجب ٣٧ ه (بعد ٤ أشهر ، و ٥ أيام).
(٦) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٤٥٠. راجع تفاصيل ترجمته فى : (الاستيعاب ٣ / ١٢٨٩ ـ ١٢٩٣ ، وأسد الغابة ٤ / ٤٢٤ ـ ٤٢٧).
(٧) كذا ورد فى (الإكمال) ١ / ٥٢. وفى (الإصابة) ٥ / ٥٣٥ : الأزهر.
(٨) كذا فى (الإكمال) ١ / ٥٢. وفى (الإصابة) ٥ / ٥٣٥ : عمر.
(٩) ورد النسب كاملا فى (الإكمال) ١ / ٥٢. ووقف ابن حجر عند (سلمة التجيبى). (الإصابة) ٥ / ٥٣٥.
(١٠) الإكمال ١ / ٥٢ (ذكر ابن يونس) ، والإصابة ٥ / ٥٣٥ (شرحه).
(١١) زيادة فى (المصدر السابق).
(١٢) كذا فى (أسد الغابة) ٤ / ٤٣٢ ، والإصابة ٥ / ٤٨٦. وفى مخطوط (رفع الإصر ـ نسخة دار الكتب المصرية) : ق ٢١٠ ، قال : قيس بن عبد قيس بن عدى.
(١٣) الإصابة ٥ / ٤٨٦. وفى (أسد الغابة) ٤ / ٤٣٢ : سعد بن سهم. ووقف ابن حجر فى (مخطوط رفع الإصر) ورقة ٢١٠ عند (سعيد).
السهمى(١) : شهد فتح مصر ، واختط بها دارا(٢) ، وهو أول قاض قضى بمصر ، ويقال : له صحبة. وهو من مسلمة الفتح. وقيل : شهد حنينا ، والطائف. وأعقب ذرية بمصر(٣) .
روى ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب : أن عمر كتب إلى عمرو بن العاص أن يتولى قيس بن أبى العاص القضاء على مصر. قال يزيد : فهو أول قاض فى الإسلام.
قال ابن لهيعة : فقضى يسيرا ، ثم مات(٤) .
١٠٩٢ ـ قيس بن عدىّ اللخمى : له إدراك ، وشهد فتح مصر ، وكان طليعة عمرو بن العاص(٥) .
١٠٩٣ ـ قيس بن ملجم بن عمرو بن يزيد المرادى : له إدراك ، وكان قد قدم المدينة ، هو وأخوه عبد الرحمن. وعمّر فى عهد عمر. وشهد قيس فتح مصر ، وله ذكر(٦) .
١٠٩٤ ـ قيس بن نخرة(٧) الصّدفىّ : له إدراك ، وشهد فتح مصر(٨) .
١٠٩٥ ـ قيس بن يسار بن مسلم الكنانىّ : يقال : إنه صحب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، وقاتل معه فى(٩) وقاتل أيام الردّة. دخل إفريقية غازيا مع عقبة بن نافع ، وقيل : إنه دخلها قبل ذلك سنة سبع وعشرين مع عبد الله بن سعد. وهو جد «أبى محرز القاضى»(١٠) .
__________________
(١) ورد هذا النسب فى (الإصابة) ٥ / ٤٨٦. وفى (أسد الغابة) ٤ / ٤٣٢ : لم يذكر القرشى السهمى.
(٢) السابق ، ومخطوط رفع الإصر ق ٢١٠ ، وذكر ابن حجر فى (الإصابة) ٥ / ٤٨٧ ، رواية عن سعيد بن عفير : أن قيسا اختط دارا بحذاء دار ابن رمّانة.
(٣) مخطوط رفع الإصر ق ٢١٠ ، والإصابة ٥ / ٤٨٦ (قال أبو سعيد بن يونس).
(٤) السابق ٥ / ٤٨٧ (وأخرجه ابن يونس من طريق ابن لهيعة). وفى (أسد الغابة) ٤ / ٤٣٢ : ولى قضاء مصر لعمر بن الخطاب (رواه ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب. قاله ابن يونس). وورد فى كتاب (القضاة) للكندى ص ٣٠١ ، من طريق الحارث بن عثمان بن قيس بن أبى العاص : أن جده (قيسا) ـ المترجم له هنا ـ مات فى ربيع الأول سنة ٢٣ ه. وكان قد ولى أول سنة ٢٣ ه (فيكون قد قضى فى منصبه ثلاثة أشهر).
(٥) الإصابة ٥ / ٥٣٦ (ذكره ابن يونس).
(٦) السابق ٥ / ٥٤١ (شرحه). وزاد : نزيل الكوفة ، أخو عبد الرحمن قاتل علىّ.
(٧) أوله نون مضمومة ، وبعدها خاء معجمة ساكنة (الإكمال ١ / ١٩١).
(٨) الإصابة ٥ / ٥٤١ (ذكره ابن يونس).
(٩) بياض فى الأصل المحقق عليه (رياض النفوس) للمالكى (ط. مؤنس ١ / ٦١ ، وط. بيروت ١ / ٩٦).
(١٠) المصدر السابق (قال أبو سعيد ، وغيره). وذكر المحقق : أنه لا ذكر له فى مصادر
* ذكر من اسمه «قيسبة» :
١٠٩٦ ـ قيسبة(١) بن كلثوم بن حباشة(٢) بن هدم بن عامر بن خولىّ بن وائل الكندىّ(٣) : كان له قدر فى الجاهلية(٤) . وفد على النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم ) ، وشهد فتح مصر. وكان اختطّ بعض المسجد ، فلما بنى الجامع سلّم خطّته ، فزيدت فى المسجد ، وعوّض عنها ، فأبى أن يقبل. وفى ذلك يقول الشاعر لابنه عبد الرحمن :
وأبوك سلّم داره وأباحها |
لجباه قوم ركّع وسجود(٥) |
* ذكر من اسمه «قيصر» :
١٠٩٧ ـ قيصر بن أبى غزيّة : مولى تجيب ، وينسب إلى ولاء معاوية بن حديج(٦) .
__________________
تراجم الصحابة. والقاضى المذكور هو (محمد بن عبد الله بن قيس بن يسار بن مسلم الكنانى). من أصحاب الإمام مالك. ولّاه (إبراهيم بن الأغلب) القضاء على كره منه ، وأشرك معه فيه (أسد بن الفرات) ، فكانا معا على قضاء (إفريقيّة). توفى سنة ٢١٤ ه. (راجع تفاصيل ترجمته فى : (طبقات علماء إفريقية وتونس) ، لأبى العرب ص ١٦٦ ـ ١٦٧ ، ورياض النفوس (ط. بيروت) ١ / ٢٧٤ ـ ٢٨٠ ، والديباج المذهب ٢ / ٣٢٥.
(١) ضبطها ابن حجر فى (الإصابة) ٥ / ٥١٣.
(٢) ذكر ابن ماكولا أنها بضم الحاء المهملة ، والشين المعجمة (الإكمال) ٣ / ١٩٣. ووردت بضم الحاء فى (تبصير المنتبه) ١٠ / ٣٩٨.
(٣) ورد النسب كاملا فى (الإصابة) ٥ / ٥١٣.
(٤) قال ابن حجر فى (المصدر السابق) بعد ذلك : ثم ذكر ـ أى : ابن يونس ـ له قصة ، ولم يوردها ابن حجر. ثم ذكر أنه وفد على الرسولصلىاللهعليهوسلم إلخ. قال (أى : ابن يونس) : وذكر بقية الترجمة.
(٥) الترجمة بكاملها فى (السابق) ، نقلا عن ابن يونس.
(٦) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ٢١ / ٨٢ (قال أبو سعيد بن يونس).
باب الكاف
* ذكر من اسمه «كثير» :
١٠٩٨ ـ كثير(١) : له صحبة. روى ابن وهب ، عن حيوة بن شريح ، قال : سألت عقبة بن مسلم عن الوضوء مما مسّت النار. فقال : إن كثيرا ـ وكان من أصحاب النبيصلىاللهعليهوسلم ـ يقول : كنا عند النبيصلىاللهعليهوسلم ، فوضع الطعام لنا فأكلنا ، ثم أقيمت الصلاة فصلّينا ، ولم يتوضأ(٢) . الحديث معلول(٣) .
١٠٩٩ ـ كثير بن إياس الدّولى المصرىّ(٤) : يروى عن الليث ، ونافع بن يزيد ، ومفضّل بن فضالة. توفى سنة تسع عشرة ومائتين(٥) .
١١٠٠ ـ كثير بن قليب(٦) بن موهب الصّدفىّ الأعرج : له إدراك. شهد فتح مصر(٧) .
__________________
(١) قال ابن عبد البر : كثير الأزدى. روى عنه عقبة بن مسلم التجيبى. سكن مصر ، ويعد فى أهلها. (الاستيعاب ٣ / ١٣٠٩). وقال ابن الأثير : ذكر ابن منده ، وأبو نعيم عنه : كثير بن أبى كثير. وعلّق بأنه هو المذكور فى (الاستيعاب) ، فكلاهما واحد. (أسد الغابة) ٤ / ٤٥٧. وقال ابن حجر فى (الإصابة) ٥ / ٥٧٤ : غير منسوب.
(٢) السابق ٥ / ٥٧٤ (رجاله ثقات). وقد ورد الحديث بالإسناد الذي ساقه ابن يونس فى (مسند أحمد) ٤ / ١٩٠ ، لكن رواه الصحابى (ابن جزء) ، وبلفظ مقارب. وورد فى (فتوح مصر) لابن عبد الحكم ص ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، من طريق ابن لهيعة ، عن سليمان بن زياد ، عن ابن جزء ، قال : أكلنا مع رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فى المسجد شواء ، ثم أقيمت الصلاة ، فمسحنا أيدينا بالحصباء ، ثم قمنا ، فصلّى ولم يتوضأ.
(٣) الإصابة ٥ / ٥٧٤ (ذكر ابن يونس). وعلّق ابن حجر قائلا : كأنه أشار إلى الاختلاف فيه على (عقبة بن مسلم) ، فإنه روى عنه من غير وجه (عن عبد الله بن الحارث بن جزء ، بدل الصحابى كثير).
(٤) بضم الدال. ولعلها نسبة إلى الدّول بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن على بن بكر بن وائل. وفى رأى آخر : أن الدول امرأة من بنى كنانة ، وهم رهط أبى الأسود الدؤلى (راجع الإكمال ج ٣ ص ٣٤٧ ـ ٣٤٨).
(٥) تاريخ الإسلام ١٥ / ٣٥٧ (ذكره ابن يونس).
(٦) قال ابن ماكولا : أوله قاف مضمومة ، وآخره باء معجمة بواحدة (الإكمال) ٧ / ٧٠. وضبطها محقق (تهذيب الكمال) بفتح القاف. (ج ٢٤ / ١٤٦).
(٧) الإصابة ٥ / ٦٣٨ (ذكره ابن يونس).
يروى عن أبى فاطمة ، وعقبة بن عامر. روى عنه الحارث بن يزيد(١) . روى سعيد بن أبى مريم عن ابن لهيعة ، قال : حدثنا الحارث بن يزيد ، عن كثير الأعرج الصدفى ، قال : سمعت أبا فاطمة ـ وهو معنا بذى الصوارى ـ يقول : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «يا أبا فاطمة ، أكثر من السجود ؛ فإنه ليس من مسلم يسجد لله سجدة ، إلا رفعه الله بها درجة»(٢) .
١١٠١ ـ كثير بن ميسرة المصرى : يروى عن عمر بن الخطاب. روى عنه الحارث بن يعقوب(٣) .
١١٠٢ ـ كثير بن نجيح المصرى : يكنى أبا الخير. رأى عيسى بن المنكدر ، وعبد الله ابن عبد الحكم. وسأل أصبغ بن الفرج مسائل. قال لى : ولدت سنة أربع ومائتين. مات فى رمضان سنة إحدى وثلاثمائة ، وكان رجلا صالحا ، قارب المائة(٤) .
__________________
(١) الإكمال ٧ / ٧٠ ، وتهذيب الكمال ٢٤ / ١٤٦ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٨٠ (ولم ينسبه أيهم إلى ابن يونس ، لكنه له كما يتضح من إسناد الحديث الآتى).
(٢) ذكر المزى أن ابن يونس روى هذا الحديث فى ترجمة (الصحابى المذكور) من رواية سعيد بن أبى مريم ، عن ابن لهيعة (تهذيب الكمال ٢٤ / ١٤٨). قال ابن حجر فى (تهذيب التهذيب) ٨ / ٣٨٠ : وكذا رواه ابن يونس فى (تاريخه) من طريقه ، وقال : هو (كثير بن قليب بن موهب). وعلّق ابن حجر بقوله : الحديث المذكور معروف من رواية (كثير بن مرّة الحضرمى ، عن أبى فاطمة). هذا ، وقد مال المزى إلى تخطئة ابن يونس ، وأنه ذكر شخصا واحدا على أنه شخصان ، جعل أحدهما فى (تاريخ المصريين) ـ وأشار إليه ابن عساكر فيما يذكر المزى ـ وأخطأ فى تسمية أبيه (قليب بن موهب) ، بينما هو كثير بن مرة. وعاد ، فذكره فى كتاب (الغرباء الذين قدموا مصر) ، وذكر أن جماعة من أهل مصر رووا عنه ، وقال : الحديث محفوظ من رواية (كثير بن مرة ، عن أبى فاطمة). (تهذيب الكمال ٢٤ / ١٤٨ ـ ١٤٩). ويرى ابن حجر فى (تهذيب التهذيب) ٨ / ٣٨١ ـ وهو الراجح عندى ـ أن ابن يونس فرّق بينهما ، فجعل هذا بنسبه المذكور فى المصريين ، ووضع (كثير بن مرة) فى (تاريخ الغرباء) ، ولم يذكر أنه صدفى ، ولا أعرج. وأخيرا ، فالحديث المذكور ورد من طرق أخرى بلفظ مقارب مع زيادات فى (المعجم الكبير) للطبرانى ج ٢٢ / ٣٢٢ (أحاديث أرقام ٨١٠ ـ ٨١٢).
(٣) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥١٨ (بسنده إلى أبى عبد الله بن منده ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس). ثم قال ابن عساكر ـ فيما أرى ـ : كذا قال. وواصل تعليقه بأنه يبعد أن يكون من سمع من عمر بن الخطاب ، يغزو زمن عمر بن عبد العزيز. وهو ـ بذلك ـ يشكك فى صحة ما ورد فى رواية أخرى (غير منقولة عن ابن يونس) ، تذكر أنه قدم على عمر بن عبد العزيز بعد العود من القسطنطينية.
(٤) تاريخ الإسلام ٢٣ / ٧٢ (قال ابن يونس).
* ذكر من اسمه «كريب» :
١١٠٣ ـ كريب بن أبرهة بن الصّبّاح بن لهيعة بن معدى كرب الأصبحىّ(١) : يكنى أبا رشدين. أمه كبشة بنت عيدان بن ربيعة بن عيدان الحضرمى(٢) . شهد فتح مصر(٣) ، واختط بجيزة فسطاط مصر(٤) . وأدركت(٥) قصره بالجيزة قائما(٦) بحاله معروفا مشهورا ، إلى بعد الثلاثمائة(٧) ، حتى هدمه ذكا(٨) الأعور (أمير كان على مصر) ونقل عمده
__________________
(١) هكذا اكتفى ـ فيما يبدو ـ ابن يونس بما أورد من نسبه فيما نقله ابن عساكر عنه فى ترجمة له ، بسنده إلى (أبى عبد الله بن منده ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس) ١٤ / ٥٤١ ـ ٥٤٢ (من مخطوط تاريخ دمشق). وكذلك أورده ابن منظور فى (مختصر تاريخ يونس) ٢١ / ١٦٧. بينما جاء ابن حجر بنسب آخر فى أواخره (فيما أرى) هو : (كريب بن أبرهة بن الصباح بن مرثد ابن يكنف الأصبحى). (الإصابة) ٥ / ٦٤١. وقد ذكر نسبه الكامل ـ من قبل ـ ابن يونس فى ترجمة (ابن ابن أخى المترجم له ، وهو والى مصر أيوب بن شرحبيل بن أكسوم بن أبرهة) رقم (١٦١). هذا ، وقد اقتصر ابن عبد البر ، وابن الأثير فى ذكر نسبه على (كريب بن أبرهة). (الاستيعاب ٣ / ١٣٣٢ ، وأسد الغابة ٤ / ٤٧١). ويلاحظ ـ أخيرا ـ أن ابن حجر ترجم بعده فى (الإصابة) ٥ / ٦٤٣ لشخص آخر : يسمى (كريب بن الصبّاح الحميرىّ) ، وهو الذي كان فى صفوف معاوية فى (صفين) ، وبارزه ثلاثة من جيش علىّ فقتلهم ، ثم خرج إليه علىّ ، فقتله.
(٢) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢ ، ومختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ (قال أبو سعيد بن يونس).
(٣) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢ ، ومختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٥١٥ (شرحه) ، والإصابة ٥ / ٦٤٢ (قال ابن يونس).
(٤) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢ ، ومختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ ، والإصابة ٥ / ٦٤٢ (واختط بالجيزة). راجع تفصيل خططه ، وإخوته الثلاثة : (أبى شمر ، ومعدى كرب ، ويكسوم) فى الجيزة بمصر ، وأخرى آلت إليهم بالتوارث بعد مصاهرتهم بنى وعلة بالفسطاط (فتوح مصر) ص ١١٣.
(٥) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢ ، ومختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٥١٥. وفى (الإصابة) ٥ / ٦٤٢ : ولم يزل قصره بها.
(٦) إضافة فى (مختصر ابن منظور) ٢١ / ١٦٧.
(٧) إضافة فى (الإصابة) ٥ / ٦٤٢.
(٨) فى مختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٥١٥ : (ذكاء). وفى كتاب (الولاة) ، للكندى ص ٢٧٣ ـ ٢٧٦ : (ولى ذكا مصر فى صفر سنة ٣٠٣ ه ، وتوفى أميرا عليها فى ربيع الآخر ٣٠٧ ه).
وطوبه ، فابتنى به القيساريّة الجديدة(١) المعروفة ب «قيسارية ذكا» ، يباع فيها البزّ(٢) . روى كريب بن أبرهة ، عن أبى ريحانة ، ومرّة بن كعب البهزىّ. روى عنه من أهل مصر والشام غير واحد ، منهم : الهيثم بن خالد التجيبى ، وشعبة الشّعبانىّ ، وثوبان بن شهر الأشعرى ، وغيرهم(٣) . وولى كريب لعبد العزيز بن مروان أمير مصر(٤) رابطة الإسكندرية ، وكان شريفا بمصر فى أيامه(٥) . توفى كريب بن أبرهة سنة خمس وسبعين(٦) .
حدثنا محمد بن أبى عدى ، حدثنا أسد بن سعيد بن كثير بن عفير ، حدثنى أبى ، حدثنا أبو أمية مخرمة بن يحيى ، عن مخرمة بن بكير ، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشجّ ، قال : قدمت مصر فى أيام عبد العزيز بن مروان ، فرأيت كريب بن أبرهة قد خرج من عنده ـ يعنى : عبد العزيز بن مروان ـ وتحت ركابه خمسمائة من حمير يسيرون(٧) .
__________________
(١) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢ (بعدها لفظة بالمدان ، التى لم أقف على مقصودها ، فأسقطتها ؛ لاعتقادى أنها زائدة ، ولا معنى لها ، والسياق لا يتأثر بها) ، ومختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ ، وفى (تاريخ الإسلام) ٥ / ٥١٥ : وبنى عوضه.
(٢) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢ ، ومختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ (حرف إلى البزر) ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٥١٥.
(٣) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢. وورد عدد من أساتيذ ، وتلاميذ المترجم له فى (الاستيعاب ٣ / ١٣٣٢ ، وأسد الغابة ٤ / ٤٧١).
(٤) إضافة فى (تاريخ الإسلام) ٥ / ٥١٥.
(٥) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢ ، ومختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٥١٥ ، والإصابة ٥ / ٦٤٢. وذكر ابن عبد الحكم أن خطّته بمصر فى دار فى طرف زقاق القناديل ، مما يلى سوق بربر ، وتعرف ب (دار النخلة). (فتوح مصر ١١١).
(٦) مخطوط تاريخ دمشق ١٤ / ٥٤٢ ، ومختصر ابن منظور ٢١ / ١٦٧ ، وتاريخ الإسلام ٥ / ٥١٥ ، والإصابة ٥ / ٦٤٣.
(٧) مخطوط تاريخ دمشق بسنده كاملا ١٤ / ٥٤٢. وذكر ابن عبد الحكم الرواية فى (فتوح مصر) ص ١١٣ ، عن ابن عفير ، بإسناد ابن يونس نفسه (ولم يذكر : يسيرون). وفى (الإصابة) ٥ / ٦٤٢ : (يسعون). وفى (الاستيعاب ٣ / ١٣٣٢) ، (وأسد الغابة) ٤ / ٤٧١ : فى صحبته نظر ، ولم نجد له رواية إلا عن الصحابة (حذيفة ، وأبى الدرداء ، وأبى ريحانة). روى عنه كبار التابعين الشاميين ، مثل : كعب ، ومرّة بن كعب ، وسليم بن عامر. وفى (فتوح مصر) ص ١١٣ ، والإصابة ٥ / ٦٤٣ : له إدراك. سمع خطبة عمر بالجابية ، ولم يدرك معناها.
* ذكر من اسمه «كعب» :
١١٠٤ ـ كعب الأقطع : رجل من أصحاب النبيصلىاللهعليهوسلم ، قطعت يده يوم اليمامة. روى عمرو بن الحارث ، عن بكر بن سوادة : أن زياد بن نافع ، حدّثه عن كعب ـ وكان من أصحاب النبيصلىاللهعليهوسلم ، قطعت يده يوم اليمامة ـ أن صلاة الخوف بكل طائفة ركعة وسجدتان(١) .
١١٠٥ ـ كعب بن عاصم الصّدفىّ : شهد فتح مصر. ذكروه فى كتبهم (يعنى : فى فتح مصر)(٢) .
١١٠٦ ـ كعب بن عدىّ بن عمرو بن ثعلبة بن عدىّ بن ملكان(٣) بن عذرة بن زيد اللّات : وهو الذي يقال له : التّنوخىّ ؛ لأن ملكان بن عوف حلفاء «تنوخ» ، وهم العباد ـ بكسر المهملة ، وتخفيف الموحّدة ـ بالحيرة(٤) . كان أحد وفد أهل الحيرة إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، ولم يسلم ، وأسلم زمن أبى بكر. وكان شريك عمر فى الجاهلية فى تجارة البزّ(٥) . روى ابن وهب ، أخبرنى عبد الرحمن بن شريح ، عن يزيد بن عمرو ، عن أبى ثور الفهمىّ ، قال : كان كعب العبادى عقيدا(٦) لعمر بن الخطاب فى الجاهلية ، فقدم الإسكندرية ، فوافق لهم عيدا ، يكون على رأس مائة سنة ، فهم مجتمعون. فحضر معهم حتى إذا فرغوا ، قام فيهم من يناديهم : أيها الناس ، أيكم أدرك عيدنا الماضى ، فيخبرنا أيهما أفضل؟ فلم يجبه أحد حتى ردّد فيهم ، فقال : اعلموا أنه ليس أحد يدرك عيدنا المقبل ـ مما لم يدرك هذا العيد ـ من شهد العيد الماضى. وكان هذا العيد ـ عندهم ـ معروفا بالإسكندرية إلى بعد الثلاثمائة(٧) .
__________________
(١) الإصابة ٥ / ٦١٤ (ذكره ابن يونس ، وأخرجه من طريق عمرو بن الحارث. وعلّق ابن حجر : أظن فى إسناده انقطاعا ، فقد علّقه البخارى من طريق زياد بن نافع ، عن أبى موسى الغافقى ، عن جابر بن عبد الله).
(٢) الإصابة ٥ / ٦٤٧ (قال ابن يونس).
(٣) راجع ـ فى ضبطه ـ كتاب (الإكمال) لابن ماكولا ٧ / ٢٨٨.
(٤) نسبه ابن منده ، عن ابن يونس (الإصابة ٥ / ٦٠١. قال : (وهكذا قال ابن يونس فى تاريخ مصر). وذكر النسب نفسه ابن الأثير فى (أسد الغابة) ٤ / ٤٨٢ (ولم ينسبه إلى ابن يونس).
(٥) الإصابة ٥ / ٦٠٣ (قال ابن حجر : ذكر ابن يونس هذا النص فى بداية الترجمة).
(٦) عقيد : حليف ، وشريك. (اللسان ، مادة : ع. ق. د) ج ٤ / ٣٠٣١.
(٧) حاولت جاهدا تخير مكان هذه الرواية داخل الترجمة ، بما يتوافق مع موضوعها. وأعتقد أن
وقدم الإسكندرية سنة خمس عشرة رسولا من عمر إلى المقوقس. وشهد فتح مصر ، واختطّ بها. وكان ولده يأخذون العطاء فى بنى عدىّ بن كعب ، حتى نقلهم أمير مصر فى زمن «يزيد بن عبد الملك» إلى ديوان قضاعة. وولده بمصر من عبد الحميد بن كعب ابن علقمة بن كعب بن عدىّ. وله بمصر حديث من طريق إبراهيم بن أبى داود البرلسىّ ، أنه قرأ فى كتاب «عمرو ابن الحارث» بخطه ، حدثنى يزيد بن أبى حبيب ، أن ناعما(١) حدّثه ، عن كعب بن عدى ، قال : كان أبى أسقفّ الحيرة. فلما بعث محمد ، قال : هل لكم أن يذهب نفر منكم إلى هذا الرجل ، فتسمعوا من قوله ؛ لا يموت غدا ، فتقولوا : لو أنّا سمعنا من قوله ، وقد كان على حق؟ فاختاروا أربعة فبعثوهم ، فقلت لأبى : أنا أنطلق معهم. قال : وما تصنع؟! قلت : أنظر.
فقدمنا على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فكنا نجلس إليه ، إذا صلّى الصبح ، فنسمع كلامه والقرآن ، ولا ينكرنا أحد. فلم نلبث إلا يسيرا حتى مات ، فقال الأربعة : لو كان أمره حقا ، لم يمت. انطلقوا. فقلت : كما أنتم ، حتى تعلموا من يقوم مكانه ، فينقطع هذا الأمر أم يتم؟ فذهبوا ، ومكثت أنا لا مسلما ، ولا نصرانيا. فلما بعث أبو بكر جيشا إلى اليمامة ، ذهبت معهم. فلما فرغوا ، مررت براهب(٢) فوقع فى قلبى الإيمان ، فآمنت حينئذ ، فمررت على الحيرة ، فعيّرونى ، فقدمت على عمر ـ وقد مات أبو بكر ـ فبعثنى إلى المقوقس ، فقدمت عليه بكتابه بعد وقعة اليرموك ، ولم أعلم بها. فقال لى :
__________________
ابن حجر أشار إلى الترتيب العام لعناصر الترجمة لدى ابن يونس ، وهو ما التزمنا بإيراده. أما الجزئيات ، فلم يشر إليها ابن حجر بتفاصيلها من حيث الترتيب. والتعليق الذي قاله ابن يونس آخر الرواية يتناسق مع قول ابن حجر فى بدايتها : أورد ابن منده فى ترجمته قصة له ، تتضمن رواية أبى ثور الفهمى عنه ، أخرجها من طريق ابن وهب ، ثم ذكرها (الإصابة ٥ / ٦٠٥). وهذا يعنى أن ابن منده نقلها عن مؤرخنا ، الذي علّق عليها ، وصدّر تعليقه ب (قال ابن يونس).
(١) هو ناعم بن أجيل المصرى الفقيه ، وستأتى ترجمته فى (تاريخ المصريين) لابن يونس ، فى باب (النون) ، بإذن الله.
(٢) لم يسرد ابن حجر ـ فيما نقله عن ابن يونس من رواية يزيد بن أبى حبيب ـ ما دار بين المترجم له والراهب ، واختزل ذلك بقوله : فذكر قصة معه. (الإصابة) ٥ / ٦٠٣ (وعلى كل ، فما وقع بينهما سيأتى فى رواية ابن عفير ، وإن كنا لا نجزم أنها فى هذه الجزئية بالذات تتوافق تماما مع رواية يزيد).
علمت أن الروم قتلت العرب ، وهزمتهم؟ قلت : لا. قال : ولم؟ قلت : لأن الله وعد نبيهصلىاللهعليهوسلم ليظهره على الدين كله ، وليس يخلف الميعاد. قال : فإن العرب قتلت الروم ـ والله ـ قتلة عاد ، وإن نبيكم صدق. ثم سألنى عن وجوه الصحابة ، فأهدى لهم. وقلت له : إن العباس عمّه حىّ ، فتصله؟(١) .
هكذا وجدته فى الدّرج والرّق ، الذي حدثنى به محمد بن موسى ، عن ابن أبى داود ، عن كتاب عمرو بن الحارث(٢) .
روى سعيد بن كثير(٣) بن عفير ، حدثنى عبد الحميد بن كعب بن علقمة بن كعب بن عدىّ التنوخى ، عن عمرو بن الحارث ، عن ناعم بن أجيل ـ بالجيم مصغرا ـ عن كعب ابن عدى ، قال : أقبلت فى وفد من أهل الحيرة إلى النبيصلىاللهعليهوسلم ، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا ، ثم انصرفنا إلى الحيرة ، فلم نلبث أن جاءتنا وفاة رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فارتاب أصحابى ، وقالوا : لو كان نبيا ، لم يمت. فقلت : فقد مات الأنبياء قبله ، فثبتّ على الإسلام ، ثم خرجت أريد المدينة ، فمررت براهب كنا لا نقطع أمرا دونه. فعجت إليه ، فقلت : أخبرنى عن أمر أردته ، لقح(٤) فى صدرى منه شىء. قال : ائت باسمك من
__________________
(١) الإصابة ٥ / ٦٠٢ ـ ٦٠٣ (ويلاحظ أن ابن حجر فى نقله رواية ابن يونس ، عن يزيد بن أبى حبيب وصل إلى إرسال عمر المترجم له إلى المقوقس بعد موت أبى بكر. ولم يذكر ما وقع بنصه ، واختصره بقوله : فذكره نحوه (أى : نحو رواية ابن عفير ، التى ساقها ابن حجر سلفا). من هنا نقلنا رواية هذه الجزئية لدى ابن عفير ، باعتباره قدرا مشتركا بين الروايتين.
(٢) السابق ٥ / ٦٠٤ (وصدّر تعليق ابن يونس هذا بقوله : وتبع ابن ـ لا ابن ، كما ضبطها المحقق خطأ ـ يونس أبو عبد الله بن منده ، وأخرج الحديث ـ أى : تلك الرواية ـ عن ابن يونس ، من طريق يزيد بن أبى حبيب المذكورة ، وقال : قال ابن يونس (ثم ساق تعليقه). وهناك لفظتان وردتا فى التعليق هما : أ ـ الدّرج : الذي يكتب فيه. (القاموس المحيط ، باب الجيم فصل الدال) ١ / ١٨٦. أما بالتحريك (الدّرج) : الطريق. ومنه قولهم : رجع درجه ، وأدراجه : أى : من حيث جاء ، ورجع فى الأمر الذي كان قد ترك. (المعجم الوسيط) ١ / ٢٨٧. وعلى ذلك ، فالمعنى الأول مرتبط بتسكين الراء ، ولا يجوز تحريكها ؛ لأن هذا يدخل الكلمة فى معنى آخر غير مراد هنا (ومن هنا لا يصح ما فهمه محقق الإصابة من أنها يجوز فيها التحريك ، ج ٥ ص ٦٠٤ هامش ١). ب ـ الرّق : بفتح ويكسر ، وهو الجلد الرقيق يكتب فيه. والجمع : رقوق (القاموس المحيط ، باب القاف ـ فصل الراء ٣ / ٢٢٩).
(٣) حرّفت فى (الإصابة) ٥ / ٦٠١ إلى (حبير). والصواب ما ذكرت.
(٤) لقح يلقح لقحا : هاج فى نفسى بعد سكون. ومنه : حرب لاقح : شديدة. ومنه قولهم : إن لى لقحة تخبرنى عن لقاح الناس ، أى : تخبرنى عن نفوسهم. (وهو يطلق على الخبير بالناس). (اللسان ، ل. ق. ح) ٥ / ٤٠٥٩ ، و (المعجم الوسيط) ٢ / ٨٦٧.
الأشياء ، فأتيته بكعب. قال : ألقه فى هذا الشّعر (لشعر أخرجه) ، فألقيت الكعب فيه ، فإذا بصفة النبيصلىاللهعليهوسلم كما رأيته ، وإذا موته فى الحين الذي مات فيه ، فاشتدّت بصيرتى فى إيمانى. فقدمت على أبى بكر ، فأعلمته وأقمت عنده ، ووجّهنى إلى المقوقس ، ورجعت ، ثم وجّهنى عمر أيضا ، فقدمت عليه بكتابه بعد وقعة اليرموك ، ولم أعلم بها. فقال لى : علمت أن الروم قتلت العرب ، وهزمتهم؟ قلت : لا. قال : ولم؟ قلت : لأن الله وعد نبيهصلىاللهعليهوسلم ليظهره على الدين كله ، وليس بمخلف الميعاد. قال : فإن العرب قتلت الروم ـ والله ـ قتلة عاد ، وإن نبيكم قد صدق. ثم سألنى عن وجوه الصحابة ، فأهدى لهم. وقلت له : إن العباس عمه حىّ ، فتصله؟(١) . الصواب ما فى الكتاب لم يسمعه عمرو من ناعم(٢) .
١١٠٧ ـ كعب بن علقمة بن كعب بن عدى التنوخى المصرى : يكنى أبا عبد الحميد. رأى عبد الله بن الحارث بن جزء الزّبيدىّ. روى عن مرثد اليزنى ، وعبد الرحمن بن جبير ، وعبد العزيز بن مروان. روى عنه ابن لهيعة ، والليث ، وحيوة بن شريح(٣) . توفى سنة سبع وعشرين ومائة ، فيما يقال. وقال يحيى بن بكير : مات سنة ثلاثين ومائة(٤) .
١١٠٨ ـ كعب بن يسار بن ضنّة(٥) بن ربيعة بن قزعة بن عبد الله بن مخزوم بن غالب
__________________
(١) الإصابة ٥ / ٦٠١ ـ ٦٠٢ (أوردت هذه الرواية ؛ لقول ابن حجر بعد إيراده رواية ابن يونس من طريق يزيد : ثم أخرج ابن يونس رواية سعيد بن عفير).
(٢) هذا تعليق ابن يونس على شىء من سند رواية ابن عفير ، وفيه يرى أن عمرو بن الحارث لم يسمع من ناعم ، بل يوجد وسيط بينهما هو (يزيد بن أبى حبيب). وهذا صحيح. ويلاحظ أن (من ناعم) حرفت إلى (ابن ناعم) ، وهو غير مفهوم (السابق ٥ / ٦٠٣).
(٣) تهذيب الكمال (٢٤ / ١٨٣ ـ ١٨٤ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٩١). وانتقيت ذلك وفق منهج ابن يونس المعهود.
(٤) تهذيب الكمال ٢٤ / ١٨٤ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٩١ (قال ابن يونس).
(٥) يسمى (كعب بن يسار بن ضنة). (الإكمال ٥ / ٢١٥ ـ ٢١٦) ، وأحيانا ينسب إلى جده (كعب ابن ضنة). (السابق ٥ / ٢١٦). ضنة : بكسر الضاد ، وبالنون فى (السابق) ٥ / ٢١٤ ـ ٢١٥ ، وكذلك فعل ابن حجر فى (التبصير) ٣ / ٨٥٤ (شكّلت النون بالشدة). وقال ابن حجر فى (الإصابة) ٥ / ٦١٣ : بمعجمة ، ونون ثقيلة (ضنّة). وحرفت فى (الاستيعاب) ٣ / ١٣٢٦ إلى (ضبة).
ابن قطيعة(١) بن عبس(٢) العبسىّ : هو صحابى شهد فتح مصر ، واختط بها ، وولى قضاءها(٣) . من أهل مصر(٤) ، وله بها عقب ، وقبور ولده بها ، وعليها بلاطة رخام ، فيها نسبهم كذلك ، وفيها أنه ابن بنت خالد بن سنان(٥) . أدرك كبار الصحابة(٦) . قال سعيد ابن عفير : وهو أول من استقضى بمصر فى الإسلام ، وكان قاضيا فى الجاهلية(٧) . روى الضحاك بن شرحبيل : أن عمار بن سعد التجيبى(٨) أخبرهم أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص : أن يجعل كعب بن ضنة على القضاء ، فأرسل إليه عمرو. فقال كعب : لا والله ، لا ينجيه الله من الجاهلية ، ثم يعود فيها أبدا بعد إذ نجّاه الله منها. فتركه عمرو(٩) .
* ذكر من اسمه «كنانة» :
١١٠٩ ـ كنانة بن بشر بن غياث بن عوف بن حارثة بن قتيرة بن حارثة بن تجيب التّجيبىّ : شهد فتح مصر ، وقتل بفلسطين سنة ست وثلاثين ، وكان ممن قتل عثمان(١٠) .
__________________
(١) كذا بالتصغير فى (الإكمال) ٧ / ١٢٠ (وهو بطن من عبس).
(٢) حرّف فى (مخطوط رفع الإصر) ق ٢١٠ إلى (عيسى). قال ابن حجر عن النسب الوارد فى (المصدر السابق) : نسبه أبو سعيد بن يونس. راجع مزيدا من النسب فى (أسد الغابة) ج ٤ ص ٤٩٠.
(٣) مخطوط معرفة الصحابة ، لأبى نعيم ، والإصابة ، ٥ / ٦١٣ (ويقال : إنه ولى القضاء بها. قال ابن يونس) ، ومخطوط رفع الإصر ق ٢١٠ (لم يذكرها عن ابن يونس).
(٤) الإكمال ٥ / ٢١٦ ، وتبصير المنتبه ٣ / ٨٥٤ (قاله ابن يونس).
(٥) مخطوط رفع الإصر ق ٢١٠ (قال أبو سعيد بن يونس). وتقول فيه عبس : تنبّأ فى الفترة بين محمد ، وعيسى (فتوح مصر) ص ٢٢٩.
(٦) الإكمال ٥ / ٢١٦ (أدرك الكبار من الصحابة) ، وتبصير المنتبه ٣ / ٨٥٤ (قال ابن يونس). ويلاحظ أن ابن ماكولا لم ينسب ما قال إلى ابن يونس ، ولم يحدد هولاء الصحابة.
(٧) مخطوط معرفة الصحابة ، لأبى نعيم ، ومخطوط رفع الإصر ق ٢١٠.
(٨) حرّف فى (السابق : ق ٢١١) إلى (عمار بن ياسر التجيبى).
(٩) الإصابة ٥ / ٦١٣ (أخرجه ـ أى : ابن يونس من طريق الضحّاك بن شرحبيل) ، ومخطوط رفع الإصر ق ٢١٠ ـ ٢١١ (أسند ابن يونس ، وأبو عمر). ذكر ابن الأثير تلميذ (الضحاك ابن شرحبيل) ، الذي نقل عنه تلك الرواية (حيوة بن شريح). (أسد الغابة ٤ / ٤٩٠). وأضاف ابن عبد الحكم قبل (حيوة) تلميذا آخر ، نقل عنه (عبد الله بن يزيد المقرئ). (فتوح مصر) ١١١ ، ٢٣٠ ، ٣١٥.
(١٠) الإصابة ٥ / ٦٥٤ (قال ابن يونس). قال ابن حجر : ذكرته ؛ لأن الذهبى ذكر عبد الرحمن بن ملجم ؛ لأن له إدراكا. وينبغى أن ينزّه عنهما كتاب الصحابة.
* ذكر من اسمه «كهمس» :
١١١٠ ـ كهمس(١) بن معمر بن محمد بن معمر بن حبيب : يكنى أبا القاسم. كان أبوه بصريا ، وولد هو بمصر ، وكان عاقلا. وكانت القضاة تقبله. حدّث عن محمد بن رمح ، وعيسى بن حمّاد زغبة ، وسلمة بن شبيب ، ونحوهم. توفى فى يوم الاثنين لأربع خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثلاثمائة(٢) .
* ذكر من اسمه «الكوثر» :
١١١١ ـ الكوثر بن الأسود القنوىّ(٣) : أرسله مروان بن محمد مع عثمان بن أبى نسعة الخثعمىّ إلى الأسود بن نافع ، لما سوّد بالإسكندرية(٤) ، فانهزم عنها ، وهرب إلى «صالح بن علىّ»(٥) .
__________________
(١) ضبط هذا الاسم فى ترجمة (كهمس بن الحسن التميمى) بالشكل (التقريب) : ٢ / ١٣٧.
(٢) الخطط ٢ / ١٦٠ (قال ابن يونس).
(٣) وردت النسبة مضبوطة بالشكل فى (الأنساب) ٤ / ٥٥٥ ، وقال : نسبة إلى القناة ، وهى الرمح ، لكنه لم يعرّف به ضمن المنتسبين إلى تلك النسبة.
(٤) أى : لبس السّواد (شعار العباسيين) ، ودعا إلى دولتهم ، وذلك أواخر عهد الأمويين.
(٥) الإكمال ٧ / ١٣٧ (قاله ابن يونس).
باب اللام
* ذكر من اسمه «لبيد» :
١١١٢ ـ لبيد بن عقبة التجيبى : عداده فى الصحابة. شهد فتح مصر ، ولا تعرف له رواية(١) .
* ذكر من اسمه «لصيب» :
١١١٣ ـ لصيب بن خيثم بن حرملة(٢) : شهد فتح مصر ، ولا تعرف له رواية(٣) .
* ذكر من اسمه «لقيط» :
١١١٤ ـ لقيط بن عدىّ اللخمى ، ثم الأجذومى : من بنى خشينة(٤) . وهو جد سويد ابن حيّان بن لقيط(٥) . له ذكر فى الصحابة. روى عنه سويد. ولا يعرف له مسند(٦) ، وعداده فى أهل مصر(٧) . شهد فتح مصر ، وكان صاحب كمين عمرو بن العاص ، لما افتتح عمرو الإسكندرية(٨) .
__________________
(١) أسد الغابة ٤ / ٥١٨ (قاله أبو سعيد بن يونس).
(٢) كذا فى (الإصابة) ٥ / ٦٨٣. وفى (أسد الغابة) ٤ / ٥٢١ : لصيت بن جشم بن حرملة.
(٣) السابق (قاله ابن يونس). وفى (الإصابة) ٥ / ٦٨٣ : نقل ابن منده هذا ، عن ابن يونس ، وزاد : له ذكر فى الصحابة. وهذه الزيادة ما رأيتها فى كتاب (ابن يونس).
(٤) ضبطها ابن ماكولا بالحروف فى (الإكمال) ٢ / ١٠٥ ، ٤٧٢ ، وقال : هى قبيلة. قال ابن قديد ، عن أبى قرّة فى كتاب (الرايات) : ثم راية خشينة. وقد درس د. البرى أوضاع (خشينة) فى مصر ، وذكر أنها بطن من قضاعة. (القبائل العربية فى مصر) ص ١٩١ ، ٢٣٧.
(٥) الإكمال ٢ / ١٠٥ ، ٤٧٢. وفى (أسد الغابة) ٤ / ٥٢٥ (لم يذكر اسم لقيط) ، وكذلك فى (الإصابة) ٥ / ٦٨٨.
(٦) أسد الغابة ٤ / ٥٢٥. وفى (الإصابة) ٥ / ٦٨٨ : مستند.
(٧) أسد الغابة ٤ / ٥٢٥ (قال أبو سعيد بن يونس) ، والإصابة ٥ / ٦٨٨ (ذكره ابن منده ، عن ابن يونس).
(٨) الإكمال ٢ / ١٠٥ (ذكره ابن يونس) ، ٢ / ٤٧٢ (شرحه) ، والإصابة ٥ / ٦٨٨ (قال ابن يونس : ذكر ذلك سعيد بن عفير).
١١١٥ ـ لقيط بن ناشرة : له إدراك. قديم ، له ذكر فى «الأخبار» ، وشهد فتح مصر(١) .
* ذكر من اسمه «لقيم» :
١١١٦ ـ لقيم(٢) بن سرح التّنوخىّ : له إدراك. شهد فتح مصر(٣) .
* ذكر من اسمه «لهيعة» :
١١١٧ ـ لهيعة الحضرمى : ذكره معروف فى التابعين(٤) . روى عنه محمد بن عبد الله التّيمىّ(٥) . مات سنة مائة(٦) . روى محمد بن عبد الله التيمى ، عن لهيعة الحضرمى : أن النبيصلىاللهعليهوسلم نام يوما ، وعنده بعض نسائه ، فرأت وجهه يتلوّن ، ثم إنه أسفر. فلما استيقظ ، قالت : يا رسول الله ، لقد رأيت ما نالك ـ اليوم ـ ما لم أكن أرى! قال : إن الذي رأيت منى أنى رأيت الصّراط ، فمرّ أبو بكر ، فما كاد يخلص حتى ظننت لا يخلص ، ثم خلص ؛ فلذلك أسفر وجهى(٧) .
١١١٨ ـ لهيعة بن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان الحضرمى ، ثم الأعدولى المصرى : يكنى أبا عكرمة فيما يقال. أمه أم حيوة. ويقال : أم حمزة بنت شديد بن عبيد المنهلىّ. ومنهل بطن من حضرموت. وأخواه لأمه : عكرمة ، وطلحة ابنا أسد بن حريث بن ذهل بن أسلم بن الليث بن قيس بن الحارث(٨) . يقال : إنه كان ممن طلع مع
__________________
(١) الإصابة ٥ / ٦٩٤ (ذكره ابن يونس).
(٢) بالتصغير (السابق) ٥ / ٦٩٤.
(٣) السابق (ذكره ابن يونس).
(٤) السابق ٥ / ٦٩٧ (ذكره ابن يونس).
(٥) حرّف لقب (التّيمى) إلى (التّميمى) فى (المصدر السابق). وهو محمد بن عبد الله بن أبى عتيق ، محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق القرشى التّيمىّ المدنى. روى عن أبيه ، ونافع مولى ابن عمر ، والزهرى. روى عنه يحيى بن أيوب المصرى ، وحماد بن سلمة ، ومحمد بن إسحاق. حديثه عند البخارى مقرون. (تهذيب التهذيب ٩ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧). وفى (التقريب) ٢ / ١٨٠ : مقبول الرواية.
(٦) الإصابة ٥ / ٦٩٧ (قال ابن يونس).
(٧) أسد الغابة ٤ / ٥٢٦. أسفر الصبح : انكشف ، وأضاء إضاءة. والمقصود : تهلّل وجهه ، وأشرق سرورا. ولم أقف على الحديث المذكور فيما تيسر لى من كتب السنّة.
(٨) تهذيب الكمال ٢٤ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ (قال أبو سعيد بن يونس).
سفيان بن وهب إلى المغرب سنة ثمان وسبعين ، ومات سنة مائة(١) . يروى عن سفيان ابن وهب الخولانى. روى عنه يزيد بن أبى حبيب ، وزبّان بن فائد ، ومحمد بن عبد الله التّيمىّ(٢) .
١١١٩ ـ لهيعة بن عيسى بن لهيعة بن عقبة بن فرعان بن ربيعة بن ثوبان الحضرمى ، ثم الأعدولى المصرى : أمه أمة العزيز بنت عيّاش بن عقبة. ويكنى أبا عكرمة. أخذ عن عمه. روى عنه ولده عيسى ، وسعيد بن عفير ، ويحيى بن بكير ، وغيرهم. وولّاه عبّاد ابن محمد قضاء مصر أيام الفتنة الواقعة بين(٣) الأمين والمأمون. وكان عباد يدعو للمأمون ، فأراد أن يولى عبد الله بن وهب القضاء ، فاستتر. فولى لهيعة بن عيسى ، وكان فى أول يوم من شعبان سنة ست وتسعين(٤) .
١١٢٠ ـ لهيعة بن مخمر(٥) بن نعيم بن سلامة اليحصبىّ : من الأفنوش. بطن من يحصب. له إدراك. شهد فتح مصر(٦) .
* ذكر من اسمه «ليث» :
١١٢١ ـ ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمىّ المصرى : يكنى أبا الحارث. مولى عبد الرحمن بن خالد بن مسافر. وقيل : مولى بنى فهم لآل خالد بن ثابت(٧) بن ظاعن
__________________
(١) تهذيب الكمال ٢٤ / ٢٥٣ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤١١ (قال ابن يونس).
(٢) ذكرت ذلك ؛ استئناسا بالمعهود من منهج مؤرخنا (ابن يونس) ، ونقلته عن (الأنساب) ١ / ١٨٦ (دون نسبة إلى ابن يونس) ، وقال : محمد بن عبيد الله التميمى ، وكذا حرّف فى (تهذيب الكمال) ٢٤ / ٢٥٣ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤١١ (محمد بن عبيد الله التيمى ، ومحمد بن عبيد الله التميمى ، على التوالى). والصواب فى نسب هذا العلم ما ذكرته آنفا فى (هامش ٥ ، ص ٤١٧). ويلاحظ أنه سبقت الترجمة لابن المترجم له (عبد الله) فى باب (العين) ، رقم (٧٦٦).
(٣) حرفت من الناسخ إلى (بعد) ، وذلك فى (مخطوطة رفع الإصر) ق ٢١١.
(٤) أى : ومائة (من رجال المائة الثانية). (المصدر السابق : قاله ابن يونس). وهو حفيد المذكور فى الترجمة السابقة. ذكر الكندى : أنه ولى القضاء للمرة الأولى (١٩٦ ـ ١٩٨ ه). (القضاة : ص ٤١٧ ـ ٤٢٠). وللمرة الثانية (١٩٩ ـ ٢٠٤ ه). (السابق : ص ٤٢١ ـ ٤٢٦).
(٥) كذا ضبطه ابن يونس بالحروف ، كما ذكر ابن ماكولا فى (الإكمال) ٧ / ٢٢٦.
(٦) الإصابة ٥ / ٦٩٥ (قال ابن يونس).
(٧) حرّفت إلى (ناشر) فى كتاب (الرحمة الغيثية) لابن حجر ص ٣.
الفهمىّ(١) ، ثم من بنى كنانة بن عمرو بن القيس. وكان اسمه فى ديوان مصر فى موالى بنى كنانة من فهم(٢) . وأهل بيته يقولون : نحن من الفرس من أهل أصبهان. وليس لما قالوه من ذلك عندنا صحة(٣) . يعنى : كونهم من الفرس. فأما إن أصلهم من أصبهان ، فروى عن الليث أنه قال مثل ذلك(٤) . روى عمرو بن أبى الطاهر بن السّرح ، سمعت ابن بكير يقول : سعد والد الليث كان من موالى قريش ، ثم افترض من بنى فهم ، فنسب إليهم ، وتبعه الليث بعده(٥) . والمشهور أنه فهمىّ ، وفهم من قيس عيلان. ولد بقرقشندة (قرية على نحو أربعة فراسخ من مصر)(٦) .
حدثنا أحمد بن محمد بن الحارث ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن شعيب ، عن أبيه ، قال : قيل لليث : إنّا نسمع منك الحديث غير مكتوب فى كتبك ، أمتع الله بك. فقال : ليس كل ما فى صدرى فى كتبى ؛ لأننى لو كتبت ما فى صدرى ، ما وسعه هذا المركب(٧) . توفى الإمام الليث بن سعد (رضى الله عنه) فى سنة خمس وسبعين ومائة(٨) .
وقد انفرد الغرباء عن الليث بأحاديث ليست عند المصريين ، عنه(٩) . فمنها : حديث مروان بن محمد ، عن الليث ، عن يزيد بن عمرو المعافرى ، عن أبى ثور الفهمى ، ليس
__________________
(١) تهذيب الكمال ٢٤ / ٢٥٥ ، والرحمة الغيثية ص ٣.
(٢) السابق : ٣.
(٣) تهذيب الكمال ٢٤ / ٢٥٦ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤١٢.
(٤) الرحمة الغيثية : ص ٣. وزاد : أن عيسى بن حمّاد سمع الليث يقول : إن أصلهم من أصبهان ، وأوصى بأهلها خيرا. وقد رجّح القلقشندى فى (صبح الأعشى) ٣ / ٤٠٠ رأى ابن يونس ؛ لأنه أثبت ، وهو مصرى ، أهل البلد أخبر بحال بلدهم. ويضاف ـ إلى ذلك ـ أنه قريب من زمن الليث ، فبه أدرى. ويجوز أن يكون من أصل أصبهانى ، ثم نزل آباؤه قلقشندة ، وولد بها ، وسكنها ، فنسب إليها (وهذا احتمال راجح قوى فى نظرى).
(٥) الرحمة الغيثية : ص ٣ (قال ابن يونس فيما أخرجه من طريق عمرو بن أبى الطاهر).
(٦) تهذيب الكمال ٢٤ / ٢٥٦ ، وصبح الأعشى ٣ / ٣٩٩ (ذكر ابن يونس فى تاريخه) ، وسمّاها (قلقشندة).
(٧) سير أعلام النبلاء ٨ / ١٥٣ (ذكره بهذا السند) ، وتاريخ الإسلام ١١ / ٣٠٦ (السند نفسه. رواها أبو سعيد بن يونس).
(٨) الانتصار (القسم الأول ص ٢١). (قال ابن يونسرحمهالله ). وأضاف صاحب (صبح الأعشى) ج ٣ / ٤٠٠ : توفى نصف شعبان ١٧٥ ه ، وصلى عليه موسى بن عيسى الهاشمى أمير مصر للرشيد.
(٩) تهذيب التهذيب ٨ / ٤١٥ (قال ابن يونس).
بمصر عند المصريين. ومنها : حديث قتيبة بن سعيد ، عن الليث ، عن يزيد بن أبى حبيب ، عن الطّفيل ، عن معاذ بن جبل (حديث الصلاة) ليس بمصر أيضا. وأحاديث أخرى(١) للغرباء ، عن الليث ليست بمصر(٢) .
١١٢٢ ـ ليث بن عاصم بن العلاء بن مغيث بن الحارث بن عامر الخولانىّ ، ثم الجدادى(٣) : الجديدة قبيلة من خولان ، وهم ولد رازح بن مالك بن خولان. وإنما سمّوا ب «الجديدة» أن رازحا لمّا شاب خضب ، فكان إذا أعاد الخضاب ، تقول خولان : جدّد ، فسمّى الجديدة. ومن ولد رازح بن مالك بن خولان(٤) بمصر إلى اليوم ، وهم ولد أبى رحب. حدثنى بذلك أحمد بن على بن رازح بن رحب فى إسناد له عن آبائه. حدثنى بهذا الحديث ـ أيضا ـ أشياخ من خولان ، عن آبائهم ، ومن أدركوا من أشياخهم ، عن آبائهم. وهم يقولون إذا نسبوا إلى هذه القبيلة : الجدادىّ(٥) . يكنى أبا الحسن. من أهل مصر. يروى عن الحسن بن ثوبان. حدّث عنه عبد الله بن وهب ، وإدريس بن يحيى(٦) . توفى يوم السبت ـ أول يوم من صفر ـ سنة اثنتين وثمانين ومائة. حدثنى بوفاته هذه أبو بكر أحمد بن على بن رازح بن رحب(٧) . وليث بن عاصم هذا أخو أبى رحب العلاء ابن عاصم ، وهو أسنّ من أبى رحب ، وكان إمام المسجد قبل أخيه «أبى رحب»(٨) .
١١٢٣ ـ ليث بن عاصم بن كليب بن خيار(٩) بن جبر(١٠) بن أسعد القتبانىّ
__________________
(١) فى (تهذيب الكمال) ٢٤ / ٢٧١ : أخر. ولعل الصواب ما أوردته بالمتن.
(٢) المصدر السابق ٢٤ / ٢٧١ (قاله أبو سعيد بن يونس).
(٣) ضبط بالحروف فى (الإكمال) ٢ / ٢٦٨ ، والأنساب ٢ / ٢٨. وبالحاء فى (تهذيب الكمال ٢٤ / ٢٩٠ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤٢٠).
(٤) فى (الأنساب) ٢ / ٢٨ : قتيبة. وغيّرتها ؛ لتوافق النسب المذكور.
(٥) السابق (قال أبو سعيد بن يونس المصرى).
(٦) الإكمال ٢ / ٢٦٨ (قاله ابن يونس).
(٧) السابق (ذكر وفاته فى مستهل صفر) ، وتهذيب الكمال ٢٤ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ (قال أبو سعيد بن يونس) ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤٢٠ (قال ابن يونس : توفى فى صفر سنة ١٨٢ ه).
(٨) الإكمال ٢ / ٢٦٨ ، وتهذيب الكمال ٢٤ / ٢٩١ (وصلى بالناس فى الجامع. قال أبو سعيد) ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤٢٠ (قال ابن يونس). وفيه حرّفت رحب إلى (وهب). وفى (الإكمال) ٢ / ٢٦٨ : صحّفت إلى (رجب) بالجيم.
(٩) حرفت إلى (جبار) فى (تهذيب التهذيب) ٨ / ٤١٩.
(١٠) حرفت إلى (خير) فى (تهذيب الكمال) ٢٤ / ٢٨٨.