زبدة التفاسير الجزء ١

زبدة التفاسير9%

زبدة التفاسير مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-03-7
الصفحات: 639

  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 9126 / تحميل: 3765
الحجم الحجم الحجم
زبدة التفاسير

زبدة التفاسير الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
ISBN: ٩٦٤-٧٧٧٧-٠٣-٧
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

يوم أعطي من المخافة ضيما

والمنايا يرصدنني أن أحيدا

وفي كامل ابن الأثير ، عوضا عن (فلق) : (شفق) ، وفي تاريخ ابن عساكر (غبش) ، وفي الوفيات (غلس). والسّوام : طائر.

ومعنى البيتين : إذا كانت المنايا تحيط بي من كل جانب ، فألقي يدي إلى الضيم مخافة الموت ، فلن أكون بطلا يغير عند الصبح على الأعداء ، ولن أدعى يزيدا.

ترجمة محمّد بن الحنفية

كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يحب ابنه محمّد بن الحنفية حبا شديدا. وقد روي عنه أنه قال : من أحبني فليحبّ ابني محمدا. وقد ذكر علماء الرجال أن المحمّدين الثلاثة وهم : ابن الحنفية وابن أبي بكر وابن أبي حذيفة ، كانوا يساوقون في الدرجة.

ولقد كان محمّد بن الحنفية معذورا في تركه النصرة لأخيه وإمامه في كربلاء ، لأنه كان مبتلى بمرض شديد في ذلك الوقت. وما تضمنته الأخبار من حيث حسن نصيحته لأخيه والبكاء الشديد لأجله ، وحصول الغشية بعد الغشية له مرارا لأجل فراقه ، يكشف عن قوة إيمانه ، وعن سرّ ما قاله أمير المؤمنينعليه‌السلام في شأنه.

٤٧٢ ـ نساء بني عبد المطلب يجتمعن للنياحة ويطلبن من الحسينعليه‌السلام عدم السفر :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢٨)

وأقبلت نساء بني عبد المطلب ، فاجتمعن للنياحة لمّا بلغهن أن الحسينعليه‌السلام يريد الشخوص من المدينة ، حتّى مشى فيهن الحسينعليه‌السلام ، فقال : أنشدكنّ الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ورسوله. قالت له نساء بني عبد المطلب : فلمن نستبقي النياحة والبكاء؟ فهو عندنا كيوم مات فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن ورقية وزينب وأم كلثوم!. جعلنا الله فداك من الموت ، يا حبيب الأبرار من أهل القبور.

٤٢١

٤٧٣ ـ أم سلمة ترجو الحسينعليه‌السلام عدم السفر ، وجوابه لها :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٥٢)

وقالت أم سلمة [إحدى زوجات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] : لا تحزنّي بخروجك إلى العراق ، فإني سمعت جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «يقتل ولدي الحسين بأرض العراق ، في أرض يقال لها كربلا ، وعندي تربتك في قارورة دفعها إليّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال الحسينعليه‌السلام : يا أماه وأنا أعلم أني مقتول مذبوح ظلما وعدوانا. وقد شاءعزوجل أن يرى حرمي ورهطي مشرّدين ، وأطفالي مذبوحين مأسورين مقيّدين ، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا. قالت أم سلمة : وا عجبا فأنى تذهب وأنت مقتول؟. قالعليه‌السلام : يا أماه إن لم أذهب اليوم ذهبت غدا ، وإن لم أذهب في غد ذهبت بعد غد ، وما من الموت والله بدّ ، وإني لأعرف اليوم الّذي أقتل فيه ، والساعة التي أقتل فيها ، والحفرة التي أدفن فيها كما أعرفك ، وأنظر إليها كما أنظر إليك. وفي

(لواعج الأشجان) ص ٢٩ : وأعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي».وإن أحببت يا أماه أن أريك مضجعي ومكان أصحابي. فطلبت منه ذلك ، فأراها تربته وتربة أصحابه(١) . ثم أعطاها من تلك التربة ، وأمرها أن تحتفظ بها في قارورة ، فإذا رأتها تفور دما تيقنت قتلهعليه‌السلام وفي اليوم العاشر من المحرم بعد الظهر ، نظرت إلى القارورتين فإذا هما تفوران دما(٢) .

وفي (لواعج الأشجان) ص ٢٩ : ثم أشار إلى جهة كربلا ، فانخفضت الأرض حتّى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده. فعند ذلك بكت أم سلمة بكاء شديدا ، وسلّمت أمرها إلى الله تعالى.

__________________

(١) مدينة المعاجز ، ص ٢٤٤.

(٢) الخرايج والجرايح للقطب الراوندي في باب معجزاته ؛ ومقتل العوالم ، ص ٤٧.

٤٢٢

ترجمة السيدة أم سلمة

(النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ، ج ١ ص ١٥٦)

وفي سنة ٦١ ه‍ توفيت أم المؤمنين (أم سلمة) واسمها هند بنت سهيل بن المغيرة المخزومية ، زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهي بنت عم أبي جهل ، وبنت عم خالد بن الوليد. بنى بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سنة ثلاث من الهجرة ، وكانت قبله عند الرجل الصالح أبي سلمة بن عبد الأسد ، وهو أخو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الرضاعة. وكانت من أجمل النساء ، وطال عمرها ، وعاشت ٨٤ سنة. وقد عاصرت وفاة الحسينعليه‌السلام وحزنت عليه وبكته بكاء كثيرا. وهي آخر زوجات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاة ، توفيت سنة ٦١ ه‍ ، وصلّى عليها سعيد بن زيد ، ودفنت بالبقيع.

٤٧٤ ـ منزلة أم سلمة :

(العيون العبرى لابراهيم الميانجي ، ص ٢١)

اسمها هند ، زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . كانت قبل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند أبي سلمة المخزومي. وحالها في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين والزهراء والحسنينعليهم‌السلام أشهر من أن يذكر. وهي أفضل أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد خديجةعليها‌السلام .

في (كفاية الأثر) عن شداد بن أوس : أنه بعد ما قاتل مع عليعليه‌السلام يوم الجمل أتى المدينة. قال : فدخلت على أم سلمة. قالت : من أين أقبلت؟. قلت : من البصرة. قالت : مع أي الفريقين كنت؟. قلت : يا أمّ المؤمنين إني توقّفت عن القتال إلى انتصاف النهار ، فألقى الله في قلبي أن أقاتل مع عليعليه‌السلام . قالت : نعم ما عملت ، لقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «من حارب عليا حاربني ، ومن حاربني حارب الله». قلت : فترين أن الحق مع عليعليه‌السلام ؟. قالت : أي والله ، عليّ مع الحق والحق معه. والله لقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إن لأمتي فرقة وخلفة ، فجامعوها إذا اجتمعت ، فإذا افترقت فكونوا من النمط الأوسط ، ثم ارقبوا

٤٢٣

أهل بيتي ، فإن حاربوا فحاربوا ، وإن سالموا فسالموا ، وإن زالوا فزالوا معهم ، فإن الحق معهم حيث كانوا». قلت : فمن أهل بيته الذين أمرنا بالتمسك بهم؟. قالت :هم الأئمة بعده كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عدد نقباء بني إسرائيل : علي وسبطاي وتسعة من صلب الحسينعليه‌السلام . أهل بيته هم المطهرون والأئمة المعصومون. قلت : أما والله هلك الناس إذ قالت :( كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) (٣٢) [الروم : ٣٢].

ومن فضائل أم سلمة رضي الله عنها تسليم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليها تربة الشهداء في خبر القارورة المشهور.

ومنها : إيداع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندها الكتاب الّذي كتبه ، فيه أسماء أهل الجنة وأسماء أهل النار.

ومنها : إيداع أمير المؤمنينعليه‌السلام عندها الكتب. فعن الإمام الحسينعليه‌السلام أنه قال : إن الكتب كانت عند أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فلما سار إلى العراق استودعها أم سلمة رضي الله عنها. فلما مضى كانت عند الحسنعليه‌السلام ، فلما مضى كانت عند الحسينعليه‌السلام .

ومنها : إيداع الحسينعليه‌السلام لدى المضي إلى العراق عندها كتب علم أمير المؤمنينعليه‌السلام وذخائر النبوة وخصائص الإمامة. فلما قتلعليه‌السلام ورجع علي بن الحسينعليه‌السلام دفعتها إليه.

٤٧٥ ـ وصية الحسينعليه‌السلام لأخيه محمّد بن الحنفية قبيل مغادرته المدينة ، وفيها يبيّن سبب خروجه وهو الإصلاح والأمر بالمعروف :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٨)

ثم دعا الحسينعليه‌السلام بدواة وبياض ، وكتب فيها هذه الوصية لأخيه محمّد :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمّد بن علي المعروف بابن الحنفية :

إن الحسين بن عليعليهما‌السلام يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، جاء بالحق من عند الحق. وأن الجنة والنار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور.

إني لم أخرج أشرا(١) ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت أطلب

__________________

(١) أشر : كفرح لفظا ومعنى.

٤٢٤

الإصلاح في أمّة جدّي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمّد وسيرة أبي علي بن أبي طالب(١) . فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا صبرت حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين.

هذه وصيتي إليك يا أخي ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب.والسلام عليك وعلى من اتبع الهدى ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم(٢) .

ثم طوى الكتاب وختمه بخاتمه ، ودفعه إلى أخيه محمّد بن الحنفية.

ثم ودّعه وخرج في جوف الليل يريد مكة بجميع أهله ، وذلك لثلاث ليال مضين من شهر شعبان سنة ٦٠ ه‍ (لعله يقصد أن وصوله كان في هذا التاريخ).

يقول الدينوري في (الأخبار الطوال) ص ٢٢٨ :

لم يبق في المدينة عند رحيل الحسينعليه‌السلام بأهله غير محمّد بن الحنفية. أما ابن عباس فقد كان خرج إلى مكة قبل ذلك بأيام.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٤٢١ :

وعن سكينة بنت الحسينعليها‌السلام قالت : لما خرجنا من المدينة ما كان أحد أشدّ خوفا منا أهل البيت.

__________________

(١) مقتل المقرم ، ص ١٥٦ نقلا عن مقتل العوالم ، ص ٥٤ ؛ وكذلك في مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٤١. وفي المنتخب للطريحي زيادة (وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين).

(٢) غير خاف مغزى السبط المقدس من هذه الوصية ، فإنه أراد الهتاف بغايته الكريمة من نهضته المقدسة ، وتعريف الملأ نفسه ونفسيته ومبدأ أمره ومنتهاه ، ولم يبرح يواصل هذا بأمثاله إلى حين شهادته ، دحضا لما كان الأمويون يموّهون على الناس بأن الحسينعليه‌السلام خارج على خليفة وقته ، يريد شقّ العصا وتفريق الكلمة واستهواء الناس إلى نفسه ، لنهمة الحكم وشره الرئاسة ، تبريرا لأعمالهم القاسية في استئصال آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولم يزلعليه‌السلام مترسلا كذلك في جميع مواقفه هو وآله وصحبه حتّى دحروا تلك الأكذوبة ، ونالوا أمنيتهم في مسيرهم ومصير أمرهم.

٤٢٥

الطريق المؤدية من المدينة إلى مكة

قال الإمام الحسينعليه‌السلام وهو خارج من المدينة المنوّرة :

( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٢١) [القصص : ٢١]

وقالعليه‌السلام حين وافى مكة المكرمة :

( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ ) (٢٢) [القصص: ٢٢]

٤٢٦

خروج الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة

[الأحد ٢٨ رجب سنة ٦٠ ه‍]

قال تعالى :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ) [النساء : ١٠٠]

٤٧٦ ـ المنازل من المدينة إلى مكة :

(البلدان لليعقوبي)

نذكر فيما يلي المنازل التي يمرّ بها المسافر من المدينة إلى مكة. قال اليعقوبي :ومن المدينة إلى مكة عشر مراحل عامرة آهلة : فأولها [ذو الحليفة] ومنها يحرم الحاج إذا خرجوا من المدينة ، وهي على أربعة أميال من المدينة

(الميل : ٨ / ١ كم). ومنها إلى [الحفيرة] وهي منازل بني فهر من قريش. وإلى [ملل] وهي في هذا الوقت منازل قوم من ولد جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام . وإلى [السيّالة] وبها قوم من ولد الحسن بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام . وإلى [الرّوحاء] وهي منازل مزينة. وإلى [الرّويثة] وبها قوم من ولد عثمان بن عفان وغيرهم من العرب. وإلى [العرج]. وإلى [سقيا بني غفار] وهي منازل بني كنانة. وإلى [الأبواء] وهي منازل أسلم. وإلى [الجحفة] وبها قوم من بني سليم ، وغدير خم من الجحفة على ميلين عادل عن الطريق. وإلى [قديد] وبها منازل خزاعة. وإلى [عسفان]. وإلى [مرّ الظهران] وهيمنازل كنانة. وإلى [مكة المكرّمة] حرسها الله.

٤٧٧ ـ خروج الحسينعليه‌السلام من المدينة ونزوله في مكة :

(تاريخ دمشق لابن عساكر ، الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢٠٠)

وخرج الحسينعليه‌السلام وعبد الله بن الزبير من ليلتهما إلى مكة. فقدما مكة ، فنزل الحسينعليه‌السلام دار العباس بن عبد المطلب ، ولزم ابن الزبير الحجر.

٤٧٨ ـ من كلام للحسينعليه‌السلام قاله لعبد الله بن مطيع العدوي بعد أن حذّره من الاغترار بأهل الكوفة :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٩)

فبينا الحسين كذلك بين مكة والمدينة في موضع يقال له [الشريفة] إذ استقبله عبد

٤٢٧

الله بن مطيع العدوي ، فقال له : أين تريد يا أبا عبد الله ، جعلني الله فداك؟. فقال :أما في وقتي هذا فإني أريد مكة ، فإذا صرت إليها استخرت الله في أمري بعد ذلك.فقال له عبد الله بن مطيع : خار الله لك يابن رسول الله فيما قد عزمت عليه ، غير أني أشير عليك بمشورة فاقبلها مني. فقال له الحسينعليه‌السلام : وما هي يابن مطيع؟.فقال : إذا أتيت مكة فاحذر أن يغرّك أهل الكوفة ، فإن فيها قتل أبوك وطعن أخوك بطعنة كادت أن تأتي على نفسه فيها ، فالزم الحرم فأنت سيد العرب في دهرك هذا.وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٤ ط نجف : «ولن يعدلوا بك أحدا ، ويأتيك الناس من كل جانب». فو الله لئن هلكت ليهلكن أهل بيتك بهلاكك.

وفي (لواعج الأشجان) للسيد الأمين ، ص ٣٤ : لا تفارق الحرم فداك عمي وخالي ، فوالله لئن هلكت لنسترقنّ بعدك.

وجاء في (مقتل الحسين) لأبي مخنف ص ١٦ : ثم إن الحسين توجه سائرا حتّى جاوز [الشريفة] فاستقبله عبد الله بن مطيع القرشي ، وقال له : جعلت فداك ، إني أنصحك ، إذا دخلت مكة فلا تبرحنّ منها ، فهي حرم الله والأمان للناس. فأقم فيها وتألّف أهلها ، وخذ البيعة على كل من دخلها من الناس ، وعدهم العدل وارفع الجور عنهم ، وأقم فيها خطباء تخطب وتذكّر على المنابر شرفك ، وتشرح فضلك ، ويخبرونهم بأن جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأباك علي بن أبي طالب ، وأنك أولى بهذا الأمر من غيرك. إياك أن تذكر الكوفة فإنها بلد مشؤوم قتل فيها أبوك ، ولا تبرح من حرم الله تعالى ، فإن معك أهل الحجاز واليمن كلها ، وسيقدم إليك الناس من الآفاق وينصرفون إلى أمصارهم ، وادعهم إلى بيعتك. فاقبل نصيحتي وسر مسددا ، فو الله إن قبلت لترشدن. فقال الحسينعليه‌السلام : جزاك الله عني كل خير ، فإني قابل نصيحتك.

٤٧٩ ـ من كلام للحسينعليه‌السلام وهو خارج من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٩)

وخرج الحسينعليه‌السلام في جوف الليل يريد مكة في جميع أهل بيته ، وذلك لثلاث ليال مضين من شعبان سنة ٦٠ ه‍.

(كذا في مقتل الخوارزمي) ، أما في مقتل المقرّم ص ١٥٧ فجاء نقلا عن تاريخ الطبري ج ٦ ص ١٩٠ ما نصه :

٤٢٨

«وخرج الحسين من المدينة متوجها نحو مكة ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب ودخل مكة يوم الجمعة لثلاث مضين من شعبان». وهو الأصح كما ذكر العلامة الأمين في (لواعج الأشجان) في حاشية صفحة ٢٩.

فلزم الطريق الأعظم ، فجعل يسير وهو يتلو هذه الآية :( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٢١) [القصص : ٢١]. فقال له ابن عمه مسلم بن عقيل : يابن رسول الله ، لو عدلنا عن الطريق وسلكنا غير الجادة كما فعل عبد الله بن الزبير ، كان عندي خير رأي ، فإني أخاف أن يلحقنا الطلب. فقال له الحسينعليه‌السلام : لا والله يابن عم لا فارقت هذا الطريق أبدا ، أو أنظر إلى أبيات مكة ، ويقضي الله في ذلك ما يحب ويرضى.

يقول السيد جعفر الحلي :

خرج الحسين من المدينة خائفا

كخروج موسى خائفا يتكتمّ

وقد انجلى عن مكة وهو ابنها

وبه تشرّفت الحطيم وزمزم

٤٨٠ ـ الملائكة تعرض على الحسينعليه‌السلام المساعدة :

(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٢٧)

ذكر المفيد في كتابه (مولد النبي) بإسناده إلى الإمام الصادقعليه‌السلام قال : لما سار أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام من مكة ليدخل المدينة ، لقيته أفواج من الملائكة المسوّمين والمردفين ، في أيديهم الحراب ، على نجب من نجب الجنة. فسلّموا عليه ، وقالوا : يا حجة الله على خلقه بعد جده وأبيه وأخيه ، إن اللهعزوجل أمدّ جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنا في مواطن كثيرة ، وإن الله أمدّك بنا. فقال لهم : الموعد حفرتي وبقعتي التي أستشهد فيها وهي كربلاء ، فإذا وردتها فأتوني. فقالوا : يا حجة الله ، إن الله أمرنا أن نسمع لك ونطيع ، فهل تخشى من عدوّ يلقاك فنكون معك؟.فقالعليه‌السلام : لا سبيل لهم عليّ ولا يلقوني بكريهة أو أصل إلى بقعتي.

٤٨١ ـ مسلمو الجن يعرضون على الحسينعليه‌السلام مساعدته ونصرته :

(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٩)

وأتته أفواج مسلمي الجن ، فقالوا : يا سيدنا نحن من شيعتك وأنصارك ، فمرنا بأمرك وما تشاء ، فلو أمرتنا بقتل كل عدوّ لك وأنت بمكانك لكفيناك ذلك. فجزاهم الحسين خيرا وقال لهم : أو ما قرأتم كتاب الله المنزل على جدي رسول الله :( أَيْنَما

٤٢٩

تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ ) [النساء : ٧٨]. وقال سبحانه :( قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ ) (١٥٤) [آل عمران : ١٥٤]. وإذا أقمت مكاني فبماذا يبتلى هذا الخلق المتعوس ، وبماذا يختبرون؟. ومنذا يكون ساكن حفرتي بكربلاء؟ وقد اختارها الله يوم دحي الأرض ، وجعلها معقلا لشيعتنا ومحبينا ، تقبل أعمالهم وصلواتهم وتجاب دعاؤهم ، وتكون لهم أمانا في الدنيا والآخرة. ولكن تحضرون يوم السبت وهو يوم عاشوراء ، الّذي في آخره أقتل ولا يبقى بعدي مطلوب من أهلي ونسبي وإخوتي وأهل بيتي ، ويسار برأسي إلى يزيد.فقالت الجن : نحن والله يا حبيب الله وابن حبيبه ، لو لا أنّ أمرك طاعة ، وأنه لا يجوز مخالفتك ، لقتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك. فقال لهمعليه‌السلام : نحن والله أقدر عليهم منكم ، ولكن( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ) [الأنفال : ٤٢].

٤٨٢ ـ ديار علي والحسينعليهما‌السلام مقفرة :

(الإمام الحسين يوم عاشوراء طبع مؤسسة البلاغ ، ص ٥٨)

ها هي ديار علي والحسين والزهراءعليهم‌السلام قد أمسى عليها ليل الفراق ، وأحاطتها وحشة البعد والغربة. لقد نأى الحسينعليه‌السلام ، وأمست المدينة موحشة ، تبكي سيدها الراحل ، والقلوب يعتصرها الأسى ، والنفوس يفترسها الألم ، ويحوطها الخوف والوجل.

٤٣٠

على طريق الشهادة : من المدينة إلى مكة إلى كربلاء

٤٣١

الفصل الثالث عشر

في مكة المكرّمة

[الجمعة ٣ شعبان سنة ٦٠ ه‍]

٤٨٣ ـ من كلام للحسينعليه‌السلام لما وافى مكة المكرمة :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٨٩)

وسارعليه‌السلام حتّى وافى مكة (يوم الجمعة لثلاث مضين من شعبان) فيكون مقامه في الطريق نحوا من خمسة أيام(١) . فلما نظر إلى جبالها من بعيد جعل يتلو هذه الآية :( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ ) (٢٢) [القصص :٢٢]. فنزل دار العباس بن عبد المطّلب(٢) . فأقام بمكة باقي شعبان وشهر رمضان وشوالا وذا القعدة وثماني ليال من ذي الحجة. حيث خرج إلى العراق يوم التروية ، وهو اليوم السابق ليوم عرفة.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٨ ط نجف :

وقال السدي : خرج الحسينعليه‌السلام من المدينة وهو يقرأ :( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ ) [القصص : ٢١]. فلما دخل مكة ، فقال له عمرو بن سعيد : ما أقدمك؟. فقال : عائذا بالله وبهذا البيت.

٤٨٤ ـ هدف الهجرة :

(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، ص ٦٩)

هاجر الحسينعليه‌السلام من دار الهجرة ، واتجه شطر البيت الحرام قبلة المسلمين ، وكانت غايته هناك أن يجتمع بوجهاء الناس وزعماء الأمة وأهل الرأي ، الذين قدموا إلى مكة للحج.

(أقول) : إضافة إلى أن الكعبة المشرّفة هي أكثر الأماكن أمنا ، فلها حرمتها

__________________

(١) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٣٤.

(٢) مقتل المقرم ، ص ١٥٨ عن تاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٢٨.

٤٣٢

الخاصة ، إذ لا يجوز فيها قتال ولا اعتداء. يقول تعالى عن البيت الحرام :( فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) (٩٧) [آل عمران : ٩٧].

وترى جانبا صورة عن حرم الكعبة المشرفة وأقسامه المختلفة.

٤٨٥ ـ أهل مكة يستبشرون بقدوم الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٩٠ ط نجف)

قال أحمد بن أعثم الكوفي : ولما دخل الحسينعليه‌السلام مكة فرح به أهلها فرحا شديدا ، وجعلوا يختلفون إليه غدوة وعشية.

وكان قد نزل بأعلى مكة ، وضرب هناك فسطاطا ضخما ، ونزل عبد الله ابن الزبير داره ب (قيقعان)[وهو موقع غرب مكة عند الحجون]. ثم تحوّل الحسينعليه‌السلام إلى دار العباس ، حوّله إليها عبد الله بن عباس.

وكان أمير مكة من قبل يزيد يومئذ عمرو بن سعيد بن العاص. (وفي رواية ابن أعثم) «عمر بن سعد بن أبي وقاص» ، وهو اشتباه وتصحيف. فأقام الحسينعليه‌السلام مؤذّنا يؤذّن رافعا صوته ، فيصلي بالناس. وهاب عمرو بن سعيد أن يميل الحجّاج مع الحسينعليه‌السلام لما يرى من كثرة اختلاف الناس إليه من الآفاق ، فانحدر إلى المدينة ، وكتب بذلك إلى يزيد.

وفي (مقتل الحسين) المنسوب لأبي مخنف ، ص ١٧ : وقد كان عبد الله ابن الزبير سبقه إلى مكة ، ولزم الكعبة يصلي بالناس ويطوف البيت. وكان يأتي إلى الحسينعليه‌السلام ويجلس معه الجلسة الخفيفة.

ابن الزبير يمتعض من مجيء الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق للخوارزمي)

وكان الحسينعليه‌السلام أثقل خلق الله على عبد الله بن الزبير ، لأنه كان يطمع أن يتابعه أهل مكة. فلما قدم الحسينعليه‌السلام اختلفوا إليه [أي ترددوا عليه] وصلّوا معه. ومع ذلك فقد كان ابن الزبير يختلف إليه بكرة وعشية ، ويصلي معه.

وأقام الحسينعليه‌السلام بمكة باقي شهر شعبان وشهر رمضان وشوال وذي القعدة.وبمكة يومئذ عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب.

٤٣٣

(الشكل ٤) : مخطط الكعبة المشرّفة حرسها الله

٤٣٤

٤٨٦ ـ محاورة الحسينعليه‌السلام مع عبد الله بن عمر في مكة بشأن البيعة ليزيد ، ونصيحة ابن عمر له :(المصدر السابق)

فأقبلا جميعا ، وقد عزما أن ينصرفا إلى المدينة ، حتّى دخلا على الحسينعليه‌السلام . فقال عبد الله بن عمر :

يا أبا عبد الله ، اتّق الله رحمك الله الّذي إليه معادك ، فقد عرفت عداوة هذا البيت لكم ، وظلمهم إياكم. وقد ولي الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية ، ولست آمن أن يميل الناس إليه ، لمكان هذه الصفراء والبيضاء ، فيقتلونك ويهلك فيك بشر كثير ، فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «حسين مقتول ، فلئن خذلوه ولم ينصروه ليخذلنّهم الله إلى يوم القيامة». وأنا أشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس ، وتصبر كما صبرت لمعاوية من قبل ، فلعل الله أن يحكم بينك وبين القوم الظالمين. فقال له الحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الرحمن ، أنا أبايع يزيد وأدخل في صلحه ، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه وفي أبيه ما قاله؟!.

٤٨٧ ـ محاورة الحسينعليه‌السلام مع عبد الله بن عباس ، وبيان فضلهعليه‌السلام وما فعله به الناس :(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٩١)

فقال ابن عباس : صدقت يا أبا عبد الله ، قد قال النبي : «ما لي وليزيد ، لا بارك الله في يزيد ، فإنه يقتل ولدي وولد ابنتي الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فو الذي نفسي بيده لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه إلا خالف الله بين قلوبهم وألسنتهم». ثم بكى ابن عباس وبكى معه الحسينعليه‌السلام ، ثم قال له : يابن عباس أتعلم أني ابن بنت رسول الله؟. فقال : الله م نعم ، لا نعرف في الدنيا أحدا هو ابن بنت رسول الله غيرك ، وأنّ نصرك لفرض على هذه الأمة كفريضة الصيام والزكاة ، التي لا تقبل إحداهما دون الأخرى. فقالعليه‌السلام : يابن عباس فما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من وطنه وداره ، وموضع قراره ومولده ، وحرم رسوله ، ومجاورة قبره ومسجده ، وموضع مهاجرته ، وتركوه خائفا مرعوبا لا يستقر في قرار ، ولا يأوي إلى وطن ، يريدون بذلك قتله وسفك دمه ، وهو لم يشرك بالله شيئا ولا اتخذ دون الله وليا ، ولم يتغيّر عما كان عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفاؤه من بعده. فقال ابن عباس : ما أقول فيهم إلا أنهم كفروا بالله ورسوله ، لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى( يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً (١٤٢)مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ ) (١٤٣) [النساء : ١٤٢ ـ ١٤٣] فعلى مثل هؤلاء تنزل البطشة الكبرى.

٤٣٥

وأما أنت أبا عبد الله ، فإنك رأس الفخار : ابن رسول الله ، وابن وصيه ، وفرخ الزهراء نظيرة البتول ، فلا تظن يابن رسول الله بأن الله غافل عما يعمل الظالمون ، وأنا أشهد أن من رغب عن مجاورتك ومجاورة بنيك ، فما له في الآخرة من خلاق.

فقال الحسينعليه‌السلام : اللهم اشهد. فقال ابن عباس : جعلت فداك يابن رسول الله كأنك تنعى إليّ نفسك ، وتريد مني أن أنصرك ، فوالله الّذي لا إله إلا هو لو ضربت بين يديك بسيفي حتّى ينقطع ، وتنخلع يداي جميعا ، لما كنت أبلغ من حقك عشر العشير. وها أنا بين يديك فمرني بأمرك.

فقال ابن عمر : الله م عفوا ، ذرنا من هذا يابن عباس.

ترجمة عبد الله بن عباس

قال السيد إبراهيم الميانجي في (العيون العبرى) ص ٥٤ :

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهو حبر الأمة وعالمها ، دعا له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالفقه والحكمة والتأويل ، مقبول من الطرفين. وكان محبا لعليعليه‌السلام وتلميذه. حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنينعليه‌السلام أشهر من أن يخفى.

ولد في الشّعب قبل الهجرة بثلاث سنين ، ومات بالطائف سنة ٦٨ ه‍ في فتنة ابن الزبير ، وكان قد كفّ بصره في أواخر حياته وعمره سبعون سنة.

وصلى عليه محمّد بن الحنفية ، وضرب على قبره فسطاطا (انظر المعارف لابن قتيبة).وقال المسعودي في (مروج الذهب) : ذهب بصر ابن عباس لبكائه على علي بن أبي طالب والحسن والحسينعليه‌السلام ، وهو الّذي يقول :

إن يأخذ الله من عينيّ نورهما

ففي لساني وقلبي منهما نور

قلبي ذكي وعقلي غير مدّخل

وفي فمي صارم كالسيف مشهور

وقال مسروق كما في (التنقيح) : كنت إذا رأيت عبد الله بن عباس قلت :أجمل الناس ؛ فإذا حدّث قلت : أعلم الناس ؛ فإذا تكلم قلت : أفصح الناس!.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، عن عليعليه‌السلام قال :

لله درّ ابن عباس ، فإنه ينظر من ستر رقيق.

٤٣٦

ترجمة عبد الله بن الزبير بن العوّام

كان يكنّى أبا بكر وأبا حبيب. ولد بعد الهجرة بعشرين شهرا. طلب الخلافة لنفسه بالحجاز ، فسار إليه الحجّاج فحاصره بمكة خمسة أيام ، ثم أصابته رميّة فمات في البيت الحرام. وهو الكبش الّذي تنبّأ به أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه ستنتهك به حرمة البيت. وبعد أن قتل أمر بصلبه فصلب بمكة ، وكان ذلك سنة ٧٣ ه‍.

(انظر المعارف لابن قتيبة)

٤٨٨ ـ عداوة ابن الزبير لأهل البيتعليهم‌السلام :

(الدرجات الرفيعة للسيد علي خان الشيرازي ، ص ١٣٩)

عن سعيد بن جبير أن ابن عباس دخل على ابن الزبير ، فقال له ابن الزبير : إلام تؤنبّني وتعنّفني؟. فقال ابن عباس : إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

«بئس المسلم يشبع ويجوع جاره». وأنت ذلك الرجل. فقال ابن الزبير : والله إني لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة ، وتشاجرا.

فخرج ابن عباس من المدينة مكرها ، فأقام بالطائف حتّى مات.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٢٥١ :

وبقي عبد الله بن الزبير يجدّ في مناوأة محمّد بن الحنفية وعبد الله بن عباس وبقية أهل البيتعليهم‌السلام ، حتّى حبسهما إذ لم يجيباه إلى البيعة.

وحين تلاسن مع عبد الله بن عباس بعد مقتل المختار ، قال ابن الزبير له : لقد علمت أنك ما زلت لي ولأهل بيتي مبغضا ، ولا زلت لكم يا بني هاشم منذ نشأت مبغضا ، ولقد كتمت بغضكم أربعين سنة. فقال ابن عباس له : فازدد في بغضنا ، فوالله ما نبالي أحببتنا أم أبغضتنا!.

ثم خرج ابن عباس ومحمد بن الحنفية وأصحابهما من مكة إلى الطائف. فلم يزل ابن عباس بالطائف حتّى أدركته الوفاة ، فصلى عليه محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ودفنه هناك سنة ٦٨ ه‍ ، وهو ابن ٧٢ سنة.

٤٣٧

وبقي بعده محمّد في الطائف. وذكر القتيبي أن محمدا توفي أيضا بالطائف سنة ٨٢ ه‍ ، وهو ابن ٦٥ سنة.

٤٨٩ ـ محاورة الحسينعليه‌السلام مع عبد الله بن عمر ، وبيان أن الله سبحانه سينتقم من قتلته كما انتقم من بني إسرائيل :

(مقتل الخوارزمي ج ١ ص ١٩٢)

ثم أقبل ابن عمر على الحسينعليه‌السلام وقال له : مهلا أبا عبد الله عما أزمعت عليه ، وارجع معنا إلى المدينة ، وادخل في صلح القوم ، ولا تغب عن وطنك وحرم جدك ، ولا تجعل لهؤلاء القوم الذين لا خلاق لهم ، على نفسك حجة وسبيلا. وإن أحببت أن لا تبايع فإنك متروك حتّى ترى رأيك ، فإن يزيد ابن معاوية عسى ألا يعيش إلا قليلا ، فيكفيك الله أمره. فقال الحسينعليه‌السلام : أفّ لهذا الكلام أبدا ما دامت السموات والأرض. أسألك بالله يا أبا عبد الرحمن أعندك أني على خطأ من أمري هذا؟. فإن كنت على خطأ فردّني عنه ، فإني أرجع وأسمع وأطيع. فقال ابن عمر :الله م لا ، ولم يكن الله تبارك وتعالى ليجعل ابن بنت رسوله على خطأ [يعترف له بالعصمة] ، وليس مثلك في طهارته وموضعه من الرسول ، أن يسلّم على يزيد بن معاوية باسم الخلافة. ولكن أخشى أن يضرب وجهك هذا الجميل بالسيوف ، وترى من هذه الأمة ما لا تحب. فارجع معنا إلى المدينة ، وإن شئت أن لا تبايع فلا تبايع أبدا ، واقعد في منزلك. فقال له الحسينعليه‌السلام : هيهات يابن عمر ، إن القوم لا يتركوني ، إن أصابوني وإن لم يصيبوني ، فإنهم يطلبوني أبدا حتّى أبايع وأنا كاره أو يقتلوني.

ألا تعلم أبا عبد الرحمن أن من هوان هذه الدنيا على الله أن يؤتى برأس يحيى ابن زكريا إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل ، والرأس ينطق بالحجة عليهم ، فلم يضرّ ذلك يحيى بن زكريا بل ساد الشهداء ، فهو سيدهم يوم القيامة(١) .

وفي رواية ابن نما : «وإن رأسي يهدى إلى بغيّ من بغايا بني أمية».

ألا تعلم أبا عبد الرحمن أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى

__________________

(١) روى ابن شهراشوب في المناقب ، ج ٣ ص ٢٣٧ قصة مقتل يحيى بن زكريا ، وذكر قبلها : عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال : «خرجنا مع الحسينعليه‌السلام ، فما نزل منزلا ولا ارتحل عنه إلا وذكر يحيى بن زكريا».

٤٣٨

طلوع الشمس سبعين نبيا ، ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأنهم لم يصنعوا شيئا ، فلم يعجّل الله عليهم ، ثم أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر ذي انتقام(١) . فاتّق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعنّ نصرتي(٢) واذكرني في صلاتك ، فوالذي بعث جدي محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشيرا ونذيرا لو أن أباك عمر بن الخطاب أدرك زماني لنصرني كما نصر جدي ، ولقام من دوني كقيامه من دون جدي. يابن عمر فإن كان الخروج معي يصعب عليك ويثقل ، فأنت في أوسع العذر ، ولكن لا تتركنّ لي الدعاء في دبر كل صلاة ، واجلس عن القوم ، ولا تعجل بالبيعة لهم حتّى تعلم ما تؤول إليه الأمور.

وفي (المنتخب) للطريحي ، ص ٣٨٩ :

ثم قالعليه‌السلام : يا عبد الله ، اتّق الله ولا تدعنّ نصرتي ، ولا تركنن إلى الدنيا ، لأنها دار لا يدوم فيها نعيم ، ولا يبقى أحد من شرها سليم. متواترة محنها ، متكاثرة فتنها. أعظم الناس فيها بلاء الأنبياء ، ثم الأئمة الأمناء ، ثم المؤمنون ، ثم الأمثل فالأمثل.

٤٩٠ ـ وصية الحسينعليه‌السلام لابن عباس وذكره بخير ، وبيان إقامته في مكة :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٩٣)

ثم أقبل الحسينعليه‌السلام على ابن عباس رضي الله عنه وقال له : وأنت يابن عباس ابن عم أبي ، ولم تزل تأمر بالخير مذ عرفتك ، وكنت مع أبي تشير عليه بما فيه الرشاد والسداد. وقد كان أبي يستصحبك ويستنصحك ويستشيرك وتشير عليه بالصواب ، فامض إلى المدينة في حفظ الله ، ولا تخف عليّ شيئا من أخبارك ، فإني مستوطن هذا الحرم ومقيم به ، ما رأيت أهله يحبونني وينصرونني ، فإذا هم خذلوني استبدلت بهم غيرهم ، واستعصمت بالكلمة التي قالها إبراهيم يوم ألقي في النار : حسبي الله ونعم الوكيل ، فكانت النار عليه بردا وسلاما.

__________________

(١) ذكر المقرم في مقتله ، ص ١٥٥ نقلا عن مثير ابن نما واللهوف : ان عبد الله بن عمر طلب من الحسين البقاء في (المدينة) فأبى ، وقال : إن من هوان الدنيا

(٢) اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ١٧.

٤٣٩

فبكى ابن عباس وابن عمر ذلك الوقت بكاء شديدا ، وبكى الحسينعليه‌السلام معهما ، ثم ودّعهما. فصار ابن عباس وابن عمر إلى المدينة.

٤٩١ ـ عزل الوليد بن عتبة عن المدينة ، وضمّ مكة والمدينة بإمرة عمرو ابن سعيد بن العاص (الأشدق):

بعد أن بلغ يزيد تسامح الوليد بن عتبة مع الحسينعليه‌السلام وضعفه في التصرف في الأمور ، عزله عن المدينة وأقرّ عليها عمرو بن سعيد بن العاص المعروف (بالأشدق) والي مكة ، فأصبحت مكة والمدينة تحت إمرته ، فقدم المدينة في شهر رمضان سنة ٦٠ ه‍.

٤٩٢ ـ بشارات مشؤومة بقدوم الوالي الجديد إلى المدينة :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ، ج ٢ ص ٣)

قال : وذكروا أنه لما بويع يزيد بن معاوية ، خرج الحسينعليه‌السلام حتّى قدم مكة ، فأقام هو وابن الزبير.

قال : وقدم عمرو بن سعيد بن العاص في رمضان أميرا على المدينة وعلى الموسم ، وعزل الوليد بن عتبة. فلما استوى على المنبر رعف ، فقال أعرابي مستقبله : مه مه!. جاءنا والله بالدم. فتلقاه رجل بعمامته ، فقال : مه!. عمّ والله الناس. ثم قام يخطب ، فناوله آخر عصا لها شعبتان ، فقال الأعرابي : مه!. شعب والله أمر الناس. ثم نزل.

ترجمة عمرو بن سعيد (الأشدق)

قتله عبد الملك بن مروان بيده سنة ٧٠ ه‍. وذلك أنه بايع عبد الملك كرها ، فلما خرج عبد الملك إلى قتال الزبير خالفه عمرو إلى دمشق ، فغلب عليها وبايعه أهلها بالخلافة. وذكر الطبري أنه لما صعد المنبر خطب الناس فقال : إنه لم يقم أحد من قريش قبلي على هذا المنبر إلا زعم أن له جنة ونارا ، يدخل الجنة من أطاعه والنار من عصاه ، وإني أخبركم أن الجنة والنار بيد الله ، وأنه ليس إليّ من ذلك شيء ، وأن لكم عليّ حسن المواساة.

قال : فرجع عبد الملك وحاصره ، ثم خدعه وآمنه ، ثم غدر به فقتله. فيقال إنه ذبحه بيده. وكان عمرو أول من أسرّ البسملة في الصلاة مخالفة لابن الزبير ، لأنه كان يجهر بها (روى ذلك الشافعي وغيره بإسناد صحيح).

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

أو تعبّدا واستكانة. ويجوز أن يتعلّق بمحذوف، تقديره: ما وعدتنا منزلا على رسلك، أو محمولا عليهم. وقيل: معناه: على ألسنة رسلك.

( وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ ) بأن تعصمنا ـ بتوفيقك إيّانا ـ عمّا يقتضي الخزي( إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ) بإثابة المؤمن، وإجابة الداعي.

عن ابن عبّاس: الميعاد البعث بعد الموت.

وهذا القول منهم على وجه الانقطاع إلى الله، والتضرّع إليه والتعبّد، كما قال:( رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ ) (١) . وهو من باب اللجأ إلى الله والخضوع. وكما كان الأنبياءعليهم‌السلام يستغفرون مع علمهم أنّهم معصومون، يقصدون بذلك التذلّل لربّهم، والتضرّع واللجأ الّذي هو سيماء العبوديّة.

وتكرير «ربّنا» للمبالغة في الابتهال، والدلالة على استقلال المطالب وعلوّ شأنها.

روي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: «من حزنه أمر فقال خمس مرّات: ربّنا، أنجاه الله ممّا يخاف، وأعطاه ما أراد، وقرأ هذه الآيات».

روي الثعلبي في تفسيره بإسناده عن محمد بن الحنفيّة، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : «أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قام من الليل يتسوّك ثم ينظر إلى السماء ثم يقول:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ ) إلى قوله:( عَذابَ النَّارِ ) .

وعن ابن عمر: قلت لعائشة: أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فبكت وأطالت، ثم قالت: كلّ أمره عجب، أتاني في ليلتي فدخل في لحافي حتى ألصق جلده بجلدي، ثم قال: يا عائشة هل لك أن تأذنين لي الليلة في عبادة ربّي؟

فقلت: يا رسول الله إنّي لأحبّ قربك وأحبّ هواك، قد أذنت لك.

__________________

(١) الأنبياء: ١١٢.

٦٢١

فقام إلى قربة من ماء في البيت، فتوضّأ ولم يكثر صبّ الماء، ثم قام يصلّي، فقرأ من القرآن، وجعل يبكي حتى بلغ الدموع جفونه، ثم جلس فحمد الله وأثنى عليه، وجعل يبكي، ثم رفع يديه فجعل يبكي، حتى رأيت دموعه قد بلّت الأرض. فأتاه بلال يؤذنه بصلاة الغداة، فرآه يبكي، فقال: يا رسول الله أتبكي وقد غفر الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟

فقال: يا بلال أفلا أكون عبدا شكورا؟ ثم قال: ومالي لا أبكي وقد أنزل الله عليّ في هذه الليلة:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) . ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها.

وقد اشتهرت الرواية عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه لـمّا نزلت هذه الآيات قال: «ويل لمن لاكها بين فكّيه ولم يتأمّل ما فيها». وفي رواية: ولم يتأمّلها.

وورد عن الأئمّة من آل محمد صلوات الله عليه وعليهم الأمر بقراءة هذه الآيات الخمس وقت القيام بالليل للصلاة، وفي الضجعة بعد ركعتي الفجر.

وروي محمد بن عليّ بن محبوب، عن العبّاس بن معروف، عن عبد الله بن المغيرة، عن معاوية بن وهب، قال: «سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ وذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قال: كان يؤتى بطهور فيخمّر عند رأسه، ويوضع سواكه تحت فراشه، ثمّ ينام ما شاء الله، فإذا استيقظ جلس ثمّ قلّب بصره إلى السماء وتلا الآيات من آل عمران:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) الآيات، ثم يستاك ويتطهّر، ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءته، ركوعه وسجوده على قدر ركوعه، فيركع حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ويسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثمّ يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلّب بصره في السماء، ثمّ يستاك ويتطهّر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلّي الركعتين، ثمّ يخرج إلى الصّلاة».

٦٢٢

( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥) )

ولـمّا ذكر دعوة المؤمنين أخبر بإجابتها فقال:( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ) مطلوبهم. وهو أخصّ من: أجاب. ويعدّى بنفسه وباللام. يقال: استجاب له واستجابه( أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ ) أي: بأنّي لا أضيع( مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ) بيان عامل( بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) لأنّ الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر، أو لأنّهما من أصل واحد، أو لفرط الاتّصال والاتّحاد، أو للاجتماع والاتّفاق في الدين. وهي جملة معترضة بيّن بها شركة النساء مع الرجال فيما وعد للعمّال. روي أنّ أمّ سلمة قالت: يا رسول الله إنّي اسمع أنّ الله يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء! فنزلت هذه الآية.

وقوله:( فَالَّذِينَ هاجَرُوا ) تفصيل لأعمال العمّال وما أعدّ لهم من الثواب على سبيل المدح والتعظيم. والمعنى: فالّذين هاجروا الشرك أو الأوطان والعشائر للدين( وَأُخْرِجُوا ) وأخرجهم الكفّار( مِنْ دِيارِهِمْ ) الّتي ولدوا فيها ونشأوا( وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي ) يريد سبيل الدين. يعني: بسبب إيمانهم ومن أجله( وَقاتَلُوا ) الكفّار( وَقُتِلُوا ) في الجهاد.

وقرأ حمزة والكسائي بالعكس، لأنّ الواو لا توجب ترتيبا، فالمعطوف بالواو

٦٢٣

يجوز أن يكون أوّلا في المعنى وإن تأخّر في اللفظ. والثاني أفضل، فإنّ القتل المفهوم من «قتلوا» أفضل من القتال، فقدّم الأفضل في قراءتهما. أو لأنّ المراد: لـمّا قتل منهم قوم قاتل الباقون ولم يضعفوا. وشدّد ابن كثير وابن عامر «قتّلوا» للتكثير.

( لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ) لأمحونّها( وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) أي: من تحت أبنيتها وقصورها( ثَواباً ) أي: لأثيبنّهم بذلك إثابة( مِنْ عِنْدِ اللهِ ) تفضّلا منه، فهو مصدر مؤكّد( وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ ) حسن الجزاء على الطاعات ما لا يبلغه وصف واصف، ولا يدركه نعت ناعت، ممّا لا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. و «عنده» مثل: يختصّ به وبقدرته وفضله، لا يثيبه غيره، ولا يقدر عليه، كما يقول الرجل: عندي ما تريد، يريد اختصاصه به وإن لم يكن بحضرته.

( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨) )

روي أنّ مشركي العرب كانوا يتّجرون ويتنعّمون بها، فقال بعض المسلمين: إنّ أعداء الله في العيش الوسيع والرزق الرغيد، وقد هلكنا من الجوع، فنزلت:( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ) . الخطاب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمراد أمّته، أو تثبيته

٦٢٤

على ما كان عليه، لقوله:( فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ) (١) ، أو لكلّ أحد. والنهي في المعنى للمخاطب، وإنّما جعل للتقلّب تنزيلا للسبب منزلة المسبّب مبالغة.

والمعنى: لا تنظر إلى ما الكفرة عليه من السعة وإصابة حظوظ الدنيا، ولا تغترّ بظاهر ما ترى من تبسّطهم في مكاسبهم ومتاجرهم ومزارعهم.

( مَتاعٌ قَلِيلٌ ) خبر مبتدأ محذوف، أي: تقلّبهم متاع قليل في جنب ما فاتهم من نعيم الآخرة، أو في جنب ما أعدّ الله للمؤمنين من الثواب، أو هو قليل في نفسه، لزواله ونقصانه. وفي الحديث: «ما الدنيا في الآخرة إلّا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليمّ. فلينظر بم يرجع».

( ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ ) أي: ما مهّدوا لأنفسهم.

ثمّ أعلم الله سبحانه أنّ من أراد الله واتّقاه فله الجنّة، فقال:( لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ ) لفظ «لكن» للاستدراك، فيكون بخلاف المعنى المتقدّم. فمعناه: ليس للكفّار عاقبة خير، إنّما هي للمتّقين المؤمنين الّذين اتّقوا ربّهم بفعل الطاعات وترك المعاصي.( لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ ) . النزل والنزل ما يعدّ للنازل من طعام وشراب وصلة. وانتصابه على الحال من «جنّات»، والعامل فيها الظرف. وقيل: إنّه مصدر مؤكّد، والتقدير: أنزلوها نزلا.

( وَما عِنْدَ اللهِ ) لكثرته ودوامه( خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ ) ممّا يتقلّب فيه الفجّار، لقلّته وسرعة زواله.

عن ابن مسعود أنّه قال: ما من نفس برّة أو فاجرة إلّا والموت خير لها من الحياة. فأمّا الأبرار فقد قال الله تعالى:( وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ ) . وأمّا الفجّار فقد قال الله تعالى:( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ) (٢) . وإنّما يكون الموت خيرا للنفس الفاجرة إذا كانت تدوم على فجورها.

__________________

(١) القلم: ٨.

(٢) آل عمران: ١٧٨.

٦٢٥

( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩) )

روي عن ابن عبّاس وجابر بن عبد الله أنّه لـمّا مات النجاشي ملك الحبشة ـ واسمه أصحمة، وهو بالعربيّة: عطيّة ـ نعاه جبرئيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في اليوم الّذي مات فيه.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اخرجوا فصلّوا على أخ لكم مات بغير أرضكم.

قالوا: ومن؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : النجاشي.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى البقيع، وكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة، فأبصر سرير النجاشي وصلّى عليه.

فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلّي على علج(١) نصرانيّ حبشيّ لم يره قطّ، وليس على دينه، فنزلت:( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ ) . وإنّما دخلت اللام على الاسم للفصل بينه وبين «إن» بالظرف.

( وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) من القرآن( وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ ) من الكتابين( خاشِعِينَ لِلَّهِ ) مستكينين بالطاعة. وهو حال من فاعل «يؤمن». وجمعه باعتبار المعنى.( لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) لا يأخذون عوضا يسيرا على تحريف الكتاب، كما يفعله المحرّفون من أحبارهم.

__________________

(١) العلج: الرجل الضّخم القويّ من كفّار العجم، أو الكافر عموما.

٦٢٦

( أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) ما خصّ بهم من الأجر ووعدوه في قوله تعالى:( أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ ) (١) .( إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) لعلمه بالأعمال وما يستوجبه كلّ عامل من الجزاء، واستغنائه عن التأمّل والاحتياط. والمراد أنّ الأجر الموعود سريع الوصول، فإنّ سرعة الحساب تستدعي سرعة الجزاء.

قيل: نزلت هذه الآية في ابن سلام ومن آمن معه. وقيل: في أربعين من نجران، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم، كانوا على دين عيسىعليه‌السلام فأسلموا.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠) )

ولـمّا حكى الله تعالى أحوال المؤمنين والكافرين فيما تقدّم، حثّ بعد ذلك على الصبر على الطاعة ولزوم الدين والجهاد في سبيل الله، فقال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا ) على مشاق الطاعات، وما يصيبكم من الشدائد، وعن معاصيه( وَصابِرُوا ) وغالبوا أعداء الله بالصبر على شدائد الحرب، وأعدى عدوّكم في الصبر على مخالفة الهوى. وتخصيصه بعد الأمر بالصبر مطلقا لشدّته وصعوبته.( وَرابِطُوا ) أبدانكم وخيولكم في الثغور مترصّدين للغزو، وأنفسكم على الطاعة، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة». ولهذا روي عن عليٍّعليه‌السلام معناه: «انتظروا الصلاة واحدة بعد واحدة».

__________________

(١) القصص: ٥٤.

٦٢٧

وروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه سئل عن أفضل الأعمال فقال: «إسباغ الوضوء في السبرات(١) ، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط».

وما روي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: «معناه: اصبروا على المصائب، وصابروا على عدوّكم، ورابطوا عدوّكم» قريب من القول الأوّل.

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من رابط يوما وليلة في سبيل الله تعالى كان كعدل صيام شهر رمضان وقيامه، لا يفطر، ولا ينفتل عن صلاته إلّا لحاجة».

( وَاتَّقُوا اللهَ ) بالتبرّي عن القبائح والمعاصي، أو عمّا سواه( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) لكي تفلحوا وتفوزوا غاية الفلاح والفوز ببقاء الأبد. وأصل الفلاح البقاء، أي: تفلحوا بنعيم الأبد، أو الفوز بنيل المقامات الثلاثة، وهي: الصبر على مضض الطاعات، ومصابرة النفس في رفض العادات، ومرابطة السرّ على جناب الحقّ لترصّد الواردات، المعبّر عنها بالشريعة والطريقة والحقيقة.

فهذه الآية تتناول جماع ما يتناول التكليف، فإنّ قوله: «اصبروا» يتناول لزوم العبادات وتجنّب المحرّمات. و «صابروا» يتناول ما يتّصل بالغير، كمجاهدة الجنّ والإنس، وما هو أعظم منها من جهاد النفس. و «رابطوا» يدخل فيه الدفاع عن المسلمين والذبّ عن الدين. و «اتّقوا الله» يتناول الانتهاء عن جميع المناهي والزواجر، والائتمار بجميع الأوامر، ولذلك تبع ذلك الفلاح والنجاح.

تمّ تفسير الزهراوين بعون خالق الثقلين، وبالله التوفيق، وحسبنا الله، ونعم المولى ونعم النصير.

__________________

(١) السبرات جمع السبرة، وهي: الغداة الباردة.

٦٢٨

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

مقدمة التحقيق ٥

التفسير في اللغة ٥

التفسير في الاصطلاح ٦

مناهج التفسير ٩

من يفسر القرآن؟ ١١

ترجمة المؤلّف ١٤

إسمه ١٤

ولادته ونشأته ١٤

الاطراء والثناء عليه ١٤

مشائخه وتلاميذه ١٦

مؤلّفاته وآثاره القيمة ١٦

وفاته ومدفنه ١٩

التعريف بالكتاب ١٩

النسخة المعتمدة في التحقيق ٢٠

منهج التحقيق ٢١

شكر وتقدير ٢١

مقدمة المؤلف ٥

المقدمة الأولى: في عدد آي القرآن، والفائدة في معرفتها ٧

٦٢٩

المقدمة الثانية: في ذكر أسامي القراء المشهورين في الأمصار ٨

المقدمة الثالثة: في أن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعا مؤلفا مرتبا على ما هو عليه الآن ١٠

المقدمة الخامسة: في ذكر بعض ما جاء من الأخبار المشهورة في فضل القرآن وأهله ١١

سورة الفاتحة (١)

الآية: ١ ـ ٧ ١٥

سورة البقرة (٢)

الآية: ١ ـ ٣ ٣٥

الآية: ٤ ـ ٥ ٤٧

الآية: ٦ ـ ٧ ٥٠

الآية: ٨ ـ ١٦ ٥٧

الآية: ١٧ ـ ١٨ ٦٩

الآية: ١٩ ـ ٢٠ ٧٣

الآية: ٢١ ـ ٢٢ ٧٩

الآية: ٢٣ ـ ٢٤ ٨٦

الآية: ٢٥ ٩٢

الآية: ٢٦ ٩٨

الآية: ٢٧ ١٠٤

الآية: ٢٨ ـ ٢٩ ١٠٦

الآية: ٣٠ ١١١

الآية: ٣١ ـ ٣٣ ١١٦

٦٣٠

الآية: ٣٤ ١٢٠

الآية: ٣٥ ـ ٣٧ ١٢٥

الآية: ٣٨ ـ ٣٩ ١٣١

الآية: ٤٠ ـ ٤٢ ١٣٣

الآية: ٤٣ ـ ٤٤ ١٣٩

الآية: ٤٥ ـ ٤٧ ١٤٠

الآية: ٤٨ ١٤٣

الآية: ٤٩ ـ ٥٢ ١٤٤

الآية: ٥٣ ـ ٥٩ ١٤٩

الآية: ٦٠ ١٥٥

الآية: ٦١ ١٥٧

الآية: ٦٢ ١٦٠

الآية: ٦٣ ـ ٦٦ ١٦٢

الآية: ٦٧ ـ ٧١ ١٦٤

الآية: ٧٢ ـ ٧٣ ١٦٩

الآية: ٧٤ ١٧٠

الآية: ٧٥ ـ ٧٨ ١٧٢

الآية: ٧٩ ـ ٨٢ ١٧٥

الآية: ٨٣ ١٧٨

الآية: ٨٤ ـ ٨٦ ١٨١

الآية: ٨٧ ١٨٤

الآية: ٨٨ ١٨٧

الآية: ٨٩ ـ ٩١ ١٨٨

الآية: ٩٢ ـ ٩٣ ١٩١

٦٣١

الآية: ٩٤ ـ ٩٦ ١٩٣

الآية: ٩٧ ـ ٩٨ ١٩٦

الآية: ٩٩ ـ ١٠٣ ١٩٩

الآية: ١٠٤ ـ ١٠٥ ٢٠٦

الآية: ١٠٦ ٢٠٨

الآية: ١٠٧ ـ ١٠٨ ٢٠٩

الآية: ١٠٩ ـ ١١٠ ٢١١

الآية: ١١١ ـ ١١٢ ٢١٣

الآية: ١١٣ ٢١٥

الآية: ١١٤ ـ ١١٥ ٢١٦

الآية: ١١٦ ـ ١١٧ ٢١٨

الآية: ١١٨ ـ ١٢١ ٢٢٠

الآية: ١٢٢ ـ ١٢٣ ٢٢٣

الآية: ١٢٤ ٢٢٤

الآية: ١٢٥ ٢٢٨

الآية: ١٢٧ ـ ١٢٩ ٢٣٧

الآية: ١٣٠ ـ ١٣١ ٢٤١

الآية: ١٣٢ ـ ١٣٤ ٢٤٣

الآية: ١٣٥ ـ ١٣٦ ٢٤٦

الآية: ١٣٧ ـ ١٣٨ ٢٤٨

الآية: ١٣٩ ـ ١٤١ ٢٥١

الآية: ١٤٢ ٢٥٣

الآية: ١٤٣ ٢٥٤

٦٣٢

الآية: ١٤٤ ـ ١٤٦ ٢٥٨

الآية: ١٤٧ ـ ١٥٢ ٢٦١

الآية: ١٥٣ ـ ١٥٤ ٢٦٥

الآية: ١٥٥ ـ ١٥٧ ٢٦٧

الآية: ١٥٨ ٢٧٠

الآية: ١٥٩ ـ ١٦٠ ٢٧١

الآية: ١٦١ ـ ١٦٢ ٢٧٢

الآية: ١٦٣ ٢٧٣

الآية: ١٦٤ ٢٧٤

الآية: ١٦٥ ـ ١٦٧ ٢٧٨

الآية: ١٦٨ ـ ١٦٩ ٢٨١

الآية: ١٧٠ ـ ١٧١ ٢٨٣

الآية: ١٧٢ ـ ١٧٣ ٢٨٤

الآية: ١٧٤ ـ ١٧٦ ٢٨٦

الآية: ١٧٧ ٢٨٧

الآية: ١٧٨ ـ ١٧٩ ٢٩١

الآية: ١٨٠ ـ ١٨٢ ٢٩٥

الآية: ١٨٣ ـ ١٨٤ ٢٩٧

الآية: ١٨٥ ٣٠٠

الآية: ١٨٦ ٣٠٤

الآية: ١٨٧ ٣٠٧

الآية: ١٨٨ ٣١٠

الآية: ١٨٩ ٣١١

الآية: ١٩٠ ـ ١٩٤ ٣١٤

٦٣٣

الآية: ١٩٥ ٣١٧

الآية: ١٩٦ ـ ١٩٧ ٣١٩

الآية: ١٩٨ ـ ١٩٩ ٣٢٥

الآية: ٢٠٠ ـ ٢٠٣ ٣٢٩

الآية: ٢٠٤ ـ ٢٠٦ ٣٣٢

الآية: ٢٠٧ ٣٣٤

الآية: ٢٠٨ ـ ٢١٠ ٣٣٥

الآية: ٢١١ ـ ٢١٢ ٣٣٧

الآية: ٢١٣ ٣٣٨

الآية: ٢١٤ ٣٤٠

الآية: ٢١٥ ٣٤١

الآية: ٢١٦ ٣٤٢

الآية: ٢١٧ ٣٤٣

الآية: ٢١٨ ٣٤٥

الآية: ٢١٩ ـ ٢٢٠ ٣٤٦

الآية: ٢٢١ ٣٥١

الآية: ٢٢٢ ٣٥٣

الآية: ٢٢٣ ٣٥٥

الآية: ٢٢٤ ـ ٢٢٧ ٣٥٦

الآية: ٢٢٨ ٣٥٩

الآية: ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ٣٦٢

الآية: ٢٣١ ٣٦٧

الآية: ٢٣٢ ٣٦٨

الآية: ٢٣٣ ٣٧٠

٦٣٤

الآية: ٢٣٤ ٣٧٣

الآية: ٢٣٥ ٣٧٤

الآية: ٢٣٦ ٣٧٦

الآية: ٢٣٧ ٣٧٩

الآية: ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ٣٨٠

الآية: ٢٤٠ ٣٨٢

الآية: ٢٤١ ـ ٢٤٢ ٣٨٣

الآية: ٢٤٣ ـ ٢٤٥ ٣٨٤

الآية: ٢٤٦ ـ ٢٥١ ٣٨٨

الآية: ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ٣٩٧

الآية: ٢٥٤ ٣٩٩

الآية: ٢٥٥ ـ ٢٥٧ ٤٠١

الآية: ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ٤١٠

الآية: ٢٦٠ ٤١٤

الآية: ٢٦١ ـ ٢٦٦ ٤١٦

الآية: ٢٦٧ ـ ٢٧٢ ٤٢٢

الآية: ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ٤٢٦

الآية: ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ٤٢٨

الآية: ٢٧٧ ـ ٢٨١ ٤٣١

الآية: ٢٨٢ ٤٣٣

الآية: ٢٨٣ ٤٣٨

الآية: ٢٨٤ ٤٣٩

الآية: ٢٨٥ ٤٤٠

الآية: ٢٨٦ ٤٤٢

٦٣٥

سورة آل عمران (٣)

الآية: ١ ـ ٤ ٤٤٥

الآية: ٥ ـ ٦ ٤٤٩

الآية: ٧ ٤٥٠

الآية: ٨ ـ ٩ ٤٥٢

الآية: ١٠ ـ ١٣ ٤٥٤

الآية: ١٤ ٤٥٦

الآية: ١٥ ـ ١٧ ٤٥٨

الآية: ١٨ ـ ١٩ ٤٦٠

الآية: ٢٠ ٤٦٢

الآية: ٢١ ـ ٢٢ ٤٦٣

الآية: ٢٣ ـ ٢٥ ٤٦٤

الآية: ٢٦ ـ ٢٧ ٤٦٧

الآية: ٢٨ ٤٧٠

الآية: ٢٩ ـ ٣٠ ٤٧١

الآية: ٣١ ـ ٣٢ ٤٧٣

الآية: ٣٣ ـ ٤١ ٤٧٤

الآية: ٤٢ ـ ٤٣ ٤٨٢

الآية: ٤٤ ـ ٥١ ٤٨٤

الآية: ٥٢ ـ ٥٨ ٤٩١

الآية: ٥٩ ٤٩٥

الآية: ٦٠ ـ ٦٣ ٤٩٦

الآية: ٦٤ ٥٠٢

الآية: ٦٥ ـ ٦٨ ٥٠٤

الآية: ٦٩ ـ ٧١ ٥٠٦

٦٣٦

الآية: ٧٢ ـ ٧٤ ٥٠٧

الآية: ٧٥ ـ ٧٦ ٥٠٩

الآية: ٧٧ ـ ٧٨ ٥١١

الآية: ٧٩ ـ ٨٠ ٥١٣

الآية: ٨١ ـ ٨٩ ٥١٥

الآية: ٩٠ ـ ٩٢ ٥٢٠

الآية: ٩٣ ـ ٩٥ ٥٢٢

الآية: ٩٦ ـ ٩٧ ٥٢٥

الآية: ٩٨ ـ ٩٩ ٥٣٠

الآية: ١٠٠ ـ ١٠١ ٥٣١

الآية: ١٠٢ ـ ١٠٣ ٥٣٢

الآية: ١٠٤ ـ ١٠٩ ٥٣٥

الآية: ١١٠ ٥٣٩

الآية: ١١١ ـ ١١٢ ٥٤١

الآية: ١١٣ ـ ١١٥ ٥٤٢

الآية: ١١٦ ـ ١١٧ ٥٤٥

الآية: ١١٨ ـ ١٢٠ ٥٤٦

الآية: ١٢١ ٥٤٩

الآية: ١٢٢ ـ ١٢٩ ٥٥٤

الآية: ١٣٠ ـ ١٣٦ ٥٥٨

الآية: ١٣٧ ـ ١٣٨ ٥٦٤

الآية: ١٣٩ ـ ١٤١ ٥٦٥

الآية: ١٤٢ ـ ١٤٨ ٥٦٨

الآية: ١٤٩ ـ ١٥٢ ٥٧٣

الآية: ١٥٣ ٥٧٧

٦٣٧

الآية: ١٥٤ ـ ١٥٥ ٥٧٨

الآية: ١٥٦ ٥٨٢

الآية: ١٥٧ ـ ١٥٨ ٥٨٣

الآية: ١٥٩ ـ ١٦٠ ٥٨٤

الآية: ١٦١ ـ ١٦٣ ٥٨٦

الآية: ١٦٤ ٥٨٨

الآية: ١٦٥ ـ ١٦٨ ٥٨٩

الآية: ١٦٩ ـ ١٧١ ٥٩٢

الآية: ١٧٢ ـ ١٧٤ ٥٩٧

الآية: ١٧٥ ٦٠٠

الآية: ١٧٦ ـ ١٧٨ ٦٠١

الآية: ١٧٩ ٦٠٥

الآية: ١٨٠ ٦٠٦

الآية: ١٨١ ـ ١٨٢ ٦٠٨

الآية: ١٨٣ ـ ١٨٤ ٦١٠

الآية: ١٨٥ ٦١١

الآية: ١٨٦ ٦١٢

الآية: ١٨٧ ٦١٣

الآية: ١٨٨ ـ ١٨٩ ٦١٥

الآية: ١٩٠ ٦١٦

الآية: ١٩١ ـ ١٩٤ ٦١٧

الآية: ١٩٥ ٦٢٣

الآية: ١٩٦ ـ ١٩٨ ٦٢٤

الآية: ١٩٩ ٦٢٦

الآية: ٢٠٠ ٦٢٧

٦٣٨

الفهرس

فاتحة الكتاب ١٥

سورة البقرة ٣٥

سورة آل عمران ٤٤٥

فهرس الموضوعات ٦٢٩

٦٣٩