زبدة التفاسير الجزء ٦

زبدة التفاسير12%

زبدة التفاسير مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
تصنيف: تفسير القرآن
ISBN: 964-7777-08-6
الصفحات: 645

  • البداية
  • السابق
  • 645 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 24401 / تحميل: 4951
الحجم الحجم الحجم
زبدة التفاسير

زبدة التفاسير الجزء ٦

مؤلف:
الناشر: مؤسسة المعارف الاسلامية
ISBN: ٩٦٤-٧٧٧٧-٠٨-٦
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

اكتب: هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله أهل مكّة.

فهمّ المسلمون أن يأبوا ذلك ويبطشوا عليهم كما مرّ، فأنزل الله السكينة عليهم، فتوقّروا وتحلّموا.

ولـمّا ذمّ الكفّار بالحميّة، ومدح المؤمنين بلزوم الكلمة والسكينة، بيّن علمه ببواطن سرائرهم وما ينطوي عليه عقد ضمائرهم، فقال :

( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ) بالتوفيق وإعطاء اللطف. وهي كلمة: بسم الله الرحمن الرحيم ومحمّد رسول الله، فاختارها لهم. أو كلمة الشهادة. وعن الحسن: هي الوفاء بالعهد، والثبات عليه. وإضافة الكلمة إلى التقوى، لأنّها سببها وأساسها.

أو كلمة أهلها.( وَكانُوا أَحَقَّ بِها ) من غيرها، وأولى بالهداية من غيرهم( وَأَهْلَها ) ومستأهلها( وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) فيعلم أهل كلّ شيء وييسّره له.

( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ

٤٠١

وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩) )

روي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى قبل خروجه إلى الحديبية، كأنّه وأصحابه قد دخلوا مكّة آمنين وقد حلقوا وقصّروا، فقصّ الرؤيا على أصحابه، ففرحوا واستبشروا، وحسبوا أنّهم داخلوها في عامهم. وقالوا: إنّ رؤيا رسول الله حقّ. فلمّا تأخّر ذلك قال عبد الله بن أبيّ وعبد الله بن نفيل ورفاعة بن الحارث: والله ما حلقنا، ولا قصّرنا، ولا رأينا المسجد الحرام. فنزلت :

( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا ) أي: صدّقه في رؤياه، ولم يكذّبه. فحذف الجارّ وأوصل الفعل، كقوله تعالى:( ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) (١) ( بِالْحَقِ ) ملتبسا به، فإنّ ما رآه كائن لا محالة في وقته المقدّر، وهو العام القابل. وهو إمّا متعلّق بـ «صدق» أي: صدّقه فيما رأى، وفي كونه وحصوله صدقا ملتبسا بالحقّ، أي: بالغرض الصحيح والحكمة البالغة. وذلك ما فيه من الابتلاء والتمييز بين المؤمنين المخلصين، وبين من في قلبه مرض نفاق.

ويجوز أن يتعلّق بالرؤيا حالا منها، أي: صدّقه الرؤيا ملتبسة بالحقّ، على معنى أنّها لم تكن من أضغاث الأحلام.

ويجوز أن يكون «بالحقّ» قسما. إمّا بالحقّ الّذي هو نقيض الباطل. أو بالحقّ الّذي هو من أسمائه تعالى.

__________________

(١) الأحزاب: ٢٣.

٤٠٢

( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ) يعني: العام المقبل. وهو جواب القسم. وعلى الأوّل جواب قسم محذوف.( إِنْ شاءَ اللهُ ) تعليق للعدة بالمشيئة، تعليما للعباد أن يقولوا في عداتهم مثل ذلك، متأدّبين بأدب الله، ومقتدين بسنّته. أو إشعارا بأنّ بعضهم لا يدخل، لموت أو غيبة. والمعنى: لتدخلنّ جميعا إن شاء الله، ولم يمت منكم أحدا. أو حكاية لـما قاله ملك الرؤيا أو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه.

( آمِنِينَ ) حال من الواو، والشرط معترض( مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) أي: محلّقا بعضكم، ومقصّرا آخرون( لا تَخافُونَ ) حال مؤكّدة، أو استئناف، أي: لا تخافون بعد ذلك.

( فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا ) من الحكمة( فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ ) من دون دخولكم المسجد الحرام، أو فتح مكّة( فَتْحاً قَرِيباً ) وهو فتح خيبر، ليستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسّر الموعود.

( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى ) ملتبسا بالدليل الواضح والحجّة الساطعة.

وقيل: بالقرآن، أو بسببه، أو لأجله.( وَدِينِ الْحَقِ ) وبدين الإسلام( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) ليغلبه على جنس الدين كلّه. يريد الأديان المختلفة، من المشركين والجاحدين وأهل الكتاب. وذلك بنسخ ما كان حقّا، وإظهار فساد ما كان باطلا. أو بتسليط المؤمنين على أهله، إذ ما من أهل دين إلّا وقد قهرهم المسلمون. وفيه تأكيد لـما وعده من الفتح. قيل: إنّ تمام ذلك عند خروج المهديّعليه‌السلام ، فلا يبقى في الأرض دين سوى دين الإسلام.( وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً ) على أنّ ما وعده كائن لا محالة. أو على نبوّته بإظهار المعجزات.

( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ) جملة مبيّنة للمشهود به. ويجوز أن يكون «رسول الله» صفة و «محمّد» خبر محذوف. أو مبتدأ( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) معطوف عليه، وخبرهما( أَشِدَّاءُ ) جمع شديد( عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ ) جمع رحيم( بَيْنَهُمْ ) . والمعنى: أنّهم

٤٠٣

يغلظون على من خالف دينهم، ويتراحمون فيما بينهم، كقوله:( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ ) (١) .

وعن الحسن: بلغ من تشدّدهم على الكفّار أنّهم كانوا يتحرّزون من ثياب المشركين أن تلزق بثيابهم، ومن أبدانهم أن تمسّ أبدانهم. وبلغ من تراحمهم فيما بينهم أنّه كان لا يرى مؤمن مؤمنا إلّا صافحه وعانقه. ومن حقّ المؤمنين في كلّ زمان أن يراعوا هذا التشدّد وهذا التعطّف، فيتشدّدوا على من ليس على ملّتهم ودينهم ويتحاموه، ويعاشروا إخوتهم في الإيمان، متعطّفين بالبرّ والصلة، وكفّ الأذى، والمعونة، والأخلاق الكريمة.

( تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ) لأنّهم مشتغلون بالصلاة في أكثر أوقاتهم( يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً ) يلتمسون بذلك زيادة نعمة من الله، ويطلبون مرضاته( سِيماهُمْ ) علامتهم( فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) يريد السمة الّتي تحدث في جبهة السجّاد من كثرة السجود. فعلى، من: سامه إذا أعلمه. و( مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) بيانها. أو حال من المستكن في الجارّ. وكان عليّ بن الحسين يقال له: ذو الثفنات، لأنّ كثرة سجوده أحدثت في مواقعه منه أشباه ثفنات(٢) البعير.

وقيل: السيماء هو صفرة الوجه من خشية الله.

وعن الحسن: إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى.

وعن سعيد بن المسيّب: ندى الطهور، وتراب الأرض.

وعن عكرمة وسعيد بن جبير وأبي العالية: هو التراب على الجباه، لأنّهم يسجدون على التراب لا على الأثواب.

__________________

(١) المائدة: ٥٤.

(٢) ثفنات جمع ثفنة. وهي من البعير: ما يقع على الأرض من أعضائه إذا استناخ وغلظ، كالركبتين.

٤٠٤

وعن عطاء: استنارت وجوههم من طول ما صلّوا بالليل، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار».

روي عن ابن عبّاس وعطيّة معناه: علامتهم يوم القيامة أن تكون مواضع سجودهم أشدّ بياضا.

وقال شهر بن حوشب: يكون مواضع سجودهم كالقمر ليلة البدر.

( ذلِكَ ) إشارة إلى الوصف المذكور، أو إشارة مبهمة يفسّرها «كزرع»( مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ) صفتهم العجيبة الشأن المذكورة فيها( وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ) عطف عليه، أي: ذلك مثلهم في الكتابين. وقوله:( كَزَرْعٍ ) تمثيل مستأنف، أو تفسير( أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) فراخه. يقال: أشطأ الزرع إذا فرّخ(١) . وقرأ ابن كثير وابن عامر برواية ابن ذكوان: شطأه بفتحات. وهو لغة.( فَآزَرَهُ ) فقوّاه. من المؤازرة، وهي المعاونة. أو من الإيزار، وهي الإعانة. وقرأ ابن عامر برواية ابن ذكوان: فئازره، كأجر في: آجر.

( فَاسْتَغْلَظَ ) فصار من الدقّة إلى الغلظة( فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ ) فاستقام على قصبه. جمع ساق. وعن ابن كثير: سؤقه بالهمزة. وقيل: مكتوب في الإنجيل: سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر.

( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ) بغلظه وكثافته وو قوّته وحسن منظره. وهو مثل ضربه الله لبدء أمر الإسلام، وترقّيه في الزيادة يوما فيوما إلى أن قوي واستحكم، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام وحده، ثمّ قوّاه الله بمن آمن معه، كما يقوّي الطاقة الأولى من الزرع ما يحتفّ بها ممّا يتولّد منها. فكثر المؤمنون، واستحكم دين الإسلام، فترقّى أمرهم بحيث أعجب الناس.

__________________

(١) الشطء والشطأ: ورق الزرع. وفرّخ الشجر: نبتت فراخه. والفراخ جمع الفرخ: ما يخرج في أصول الشجر من صغار الورق.

٤٠٥

قال الواحدي: «الزرع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والشطء أصحابه، والمؤمنون حوله. وكانوا في ضعف وقلّة، كما يكون أوّل الزرع دقيقا ثمّ غلظ وقوي وتلاحق، كذلك المؤمنون في بدء الإسلام قليلون، ثمّ بعضهم عاون بعضا في نصرة دين الله، حتّى استغلظوا واستووا على أمرهم»(١) .

( لِيَغِيظَ بِهِمُ ) بتوافرهم وتظاهرهم واتّفاقهم على إطاعة الله( الْكُفَّارِ ) وهذا علّة لتشبيههم بالزرع في نمائهم وترقّيهم في الزيادة والقوّة. أو لقوله:( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) فإنّ الكفّار لـمّا سمعوا بما أعدّ لهم في الآخرة، من مغفرة الذنوب والثواب العظيم والنعيم المقيم، مع ما يعزّهم به في الدنيا، غاظهم ذلك. و «منهم» للبيان، كقوله:( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) (٢) .

__________________

(١) تفسير الوسيط ٤: ١٤٧.

(٢) الحجّ: ٣٠.

٤٠٦

(٤٩)

سورة الحجرات

مدنيّة. وعن ابن عبّاس: إلّا آية قوله:( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ ) (١) . وهي ثماني عشرة آية بالإجماع.

أبيّ بن كعب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «من قرأ سورة الحجرات، أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من أطاع الله ومن عصاه».

الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «من قرأ سورة الحجرات في كلّ ليلة أو في كلّ يوم، كان من زوّار محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١) )

ولـمّا ختم الله سبحانه سورة الفتح بذكر نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، افتتح هذه السورة أيضا بذكره، وما يختصّ به من الإجلال والإعظام، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا ) أي: لا تقدّموا أمرا ،

__________________

(١) الحجرات: ١٣.

٤٠٧

فحذف المفعول ليذهب الوهم إلى كلّ ما يمكن. أو ترك ليقصد توجّه النهي إلى نفس التقدمة، فيكون المقصود نفي التقدّم رأسا، كأنّه قيل: لا تقدّموا على التلبّس بهذا التقدّم، ولا تجعلوه منكم بسبيل. ويجوز أن يكون من: قدّم بمعنى: تقدّم، كوجّه وبيّن بمعنى: توجّه وتبيّن، كأنّه قيل: لا تتقدّموا. ومنه: مقدّمة الجيش لمتقدّميهم. ويؤيّده قراءة يعقوب: لا تقدموا.

( بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) أمامهما. مستعار لـما بين الجهتين المسامتتين ليمين الإنسان وشماله قريبا منه. فسمّيت الجهتان يدين لكونهما على سمت اليدين مع القرب منهما توسّعا، كما يسمّى الشيء باسم غيره إذا جاوره وداناه. فهو من باب تسمية الشيء باسم ما يجاوره. وفي ضمن هذه الاستعارة فائدة جليلة ليست في الكلام الحقيقي. وهي: تصوير الهجنة والشناعة فيما نهوا عنه من الإقدام على أمر من الأمور دون الاحتذاء(١) على أمثلة الكتاب والسنّة. والمعنى: لا تقطعوا أمرا قبل أن يحكما به ويأذنا فيه.

وقيل: المراد بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وذكر الله تعظيم له، وإشعار بأنّه من الله بمكان ومزيد تقرّب يوجب إجلاله. فهذا يجري مجرى قولك: سرّني زيد وحسن حاله، وأعجبني عمرو وكرمه.

( وَاتَّقُوا اللهَ ) في التقديم، أو مخالفة الحكم( إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ ) لأقوالكم( عَلِيمٌ ) بأفعالكم، وحقّ مثله أن يتّقى عمّا نهاه.

عن ابن عبّاس: نهوا بهذه الآية أن يتكلّموا قبل كلامه، أي: إذا كنتم جالسين في مجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسئل عن مسألة، فلا تسبقوه بالجواب حتّى يجيب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوّلا.

وعن السدّي معناه: لا تسبقوه بقول ولا فعل حتّى يأمركم به.

__________________

(١) احتذى مثال فلان وعلى مثاله: اقتدى وتشبّه به.

٤٠٨

وقال الحسن: نزل في قوم ذبحوا الأضحية قبل صلاة العيد، فأمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالإعادة.

وقيل: معناه: لا تقدّموا أعمال الطاعة قبل الوقت الّذي أمر الله ورسوله به، حتّى إنّه قيل: لا يجوز تقديم الزكاة قبل وقتها.

وقيل: معناه: لا تمكّنوا أحدا يمشي أمام رسول الله، بل كونوا تبعا له، وأخّروا أقوالكم وأفعالكم عن قوله وفعله.

والأولى حمل الآية على الجميع، فإنّ كلّ شيء كان خلافا لله ورسوله إذا فعل فهو تقديم بين يدي الله ورسوله، وذلك ممنوع منه.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣) إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) )

ولـمّا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند الله من المكان الّذي لا يخفى، ومن أحظاه الله بهذه الأثرة، واختصّه بهذا الاختصاص القويّ، كان أدنى ما يجب له من التهيّب والإجلال أن يخفض بين يديه الصوت، ويخافت له بالكلام، نهى عباده أن يرفعوا

٤٠٩

أصواتهم فوق صوت نبيّه المكرّم لديه نهاية القصوى، ورسوله المقرّب بين يديه غاية الزلفى، فقال :

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ) أي: إذا كلّمتموه وكلّمكم فلا تجاوزوا أصواتكم عن صوته عند المكالمة، لأنّ فيه أحد شيئين: إمّا نوع استخفاف به، فهو الكفر، وإمّا سوء الأدب، فهو خلاف التعظيم المأمور به. وتكرير النداء استدعاء مزيد الاستبصار، أو تجديده عند كلّ خطاب وارد. والمبالغة في الاتّعاظ، لئلّا يفتروا ويغفلوا عن تأمّلهم. والدلالة على استقلال المنادى له، وهو النهي عن رفع الصوت، وزيادة الاهتمام به.

( وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ ) أي: جهرا مثل جهر بعضكم( لِبَعْضٍ ) أي: إذا كلّمتموه وهو صامت فلا تبلغوا به الجهر الدائر بينكم، بل اجعلوا أصواتكم أخفض، بحيث يكون كلامه عاليا لكلامكم، وجهره باهرا لجهركم، حتّى تكون مزيّته عليكم لائحة، وسابقته واضحة، محاماة على التعظيم، ومراعاة للأدب. فالصوت الّذي لا يستلزم سوء الأدب وتأذّي النبيّ لا يكون منهيّا عنه، كرفعه منهم في حرب، أو مجادلة معاند، أو إرهاب عدوّ، وما أشبه ذلك. ففي الحديث أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال للعبّاس بن عبد المطّلب لـمّا انهزم الناس يوم حنين: «اصرخ بالناس». وكان العبّاس أجهر الناس صوتا. يروى أنّ غارة أتتهم يوما فصاح العبّاس: يا صباحاه، فأسقطت الحوامل لشدّة صوته.

وقيل: معناه: ولا تخاطبوه باسمه وكنيته كما يخاطب بعضكم بعضا، وخاطبوه بالنبيّ والرسول، لـما روي عن أبي حمزة الثمالي، عن عكرمة، عن ابن عبّاس: أنّ الآية نزلت في نفر من بني العنبر كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصاب من ذراريهم، فأقبلوا في فدائهم، فقدموا المدينة ودخلوا المسجد، وعجلوا أن يخرج إليهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجعلوا يقولون: يا محمّد اخرج إلينا.

٤١٠

وقال محمد بن إسحاق: نزلت في وفد تميم. وهم: عطارد بن حاجب بن زرارة، في أشراف من بني تميم، منهم: الأقرع بن حابس، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهثم، وقيس بن عاصم، في وفد عظيم. فلمّا دخلوا المسجد نادوا رسول الله من وراء الحجرات: أن اخرج إلينا يا محمّد. فآذى ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخرج إليهم. فقالوا: جئناك لنفاخرك، فائذن لشاعرنا وخطيبنا.

فقال: قد أذنت.

فقام عطارد بن حاجب فقال: الحمد لله الّذي جعلنا ملوكا، الّذي له الفضل علينا، والّذي وهب لنا أموالا عظاما نفعل بها المعروف، وجعلنا أعزّ أهل المشرق، وأكثر عددا وعدّة. فمن مثلنا في الناس؟ فمن فاخرنا فليعدّ مثل ما عددنا. ولو شئنا لأكثرنا من الكلام، ولكنّا نستحي من الإكثار. ثمّ جلس.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لثابت بن قيس بن شماس: قم فأجبه.

فقام فقال: الحمد لله الّذي السماوات والأرض خلقه، قضى فيهنّ أمره، ووسع كرسيّه علمه، ولم يكن شيء قطّ إلّا من فضله. ثمّ كان من فضله أن جعلنا ملوكا، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمهم نسبا، وأصدقهم حديثا، وأفضلهم حسبا. فأنزل عليه كتابا، وائتمنه على خلقه، فكان خيرة الله على العالمين. ثمّ دعا الناس إلى الإيمان بالله، فآمن به المهاجرون من قومه وذوي رحمه، أكرم الناس أحسابا، وأحسنهم وجوها. فكان أوّل الخلق إجابة واستجابة لله حين دعاه رسول الله نحن. فنحن أنصار رسول الله وردؤه(١) ، نقاتل الناس حتّى يؤمنوا. فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه، ومن نكث جاهدناه في الله أبدا، وكان قتله علينا يسيرا. أقول هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم.

ثمّ قام الزبرقان بن بدر ينشد. وأجابه حسّان بن ثابت.

__________________

(١) الردء: الناصر والعون.

٤١١

فلمّا فرغ حسّان بن قوله قال الأقرع: إنّ هذا الرجل خطيبه أخطب من خطيبنا، وشاعره أشعر من شاعرنا، وأصواتهم أعلى من أصواتنا.

فلمّا فرغوا أجازهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأحسن جوائزهم، وأسلموا. فنهاهم الله سبحانه عن أن ينادوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسمه.

( أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ ) كراهة أن تحبط. فيكون علّة للنهي. أو لأن تحبط، على أنّ النهي عن الفعل المعلّل باعتبار التأدية والعاقبة، لأنّه لـمّا كان بصدد الأداء إلى الحبوط كأنّه فعل لأجله، وكأنّه العلّة والسبب في إيجاده على سبيل التمثيل، كقوله تعالى:( لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا ) (١) . فإنّ في الجهر ورفع الصوت عنده أو ندائه باسمه استخفافا، وقد يؤدّي إلى الكفر المحبط، وذلك إذا انضمّ إليه قصد الإهانة وعدم المبالاة.( وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) أنّها محبطة.

والحبوط من: حبطت الإبل إذا أكلت الخضر، فنفخ بطونها، وربّما هلكت. والمفعول له ـ أعني: «أن تحبط» ـ متعلّق بالفعل الثاني عند البصريّين، مقدّر إضماره عند الفعل الأوّل، كقوله تعالى:( آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ) (٢) . وعند الكوفيّين بالعكس. وأيّهما كان ؛ فمرجع المعنى إلى أنّ الرفع والجهر كلاهما منصوص أداؤه إلى حبوط العمل.

واعلم أنّ المراد بحبوط العمل حبوط ثواب ذلك العمل، لا للأعمال الصالحة السابقة على هذا العمل، إذا لم يستلزم الكفر لقصد الاستخفاف والإهانة. والمعنى: أنّهم لو أوقعوا العمل على وجه تعظيم النبيّ وتوقيره لاستحقّوا الثواب، فلمّا فعلوه على خلاف ذلك الوجه استحقّوا العقاب.

__________________

(١) القصص: ٨.

(٢) الكهف: ٩٦.

٤١٢

روي عن أنس: أنّ ثابت بن قيس كان في أذنه وقر(١) ، وكان جهوريّا، فلمّا نزلت تخلّف عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فتفقّده ودعاه فسأله، فقال: يا رسول الله لقد أنزلت إليك هذه الآية، وإنّي رجل جهير الصوت، فأخاف أن يكون عملي قد حبط. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لست هناك، إنّك تعيش بخير وتموت بخير، وإنّك من أهل الجنّة».

ثمّ مدح سبحانه من يعظّم رسوله ويوقّره، فقال:( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ ) يخفضون( أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ) مراعاة للأدب إجلالا له، أو مخافة عن مخالفة النهي( أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ ) جرّبها( لِلتَّقْوى ) ومرّنها عليها. من قولك: امتحن فلان لأمر كذا، وجرّب له، ودرّب للنهوض به، فهو مضطلع به، غير وان(٢) عنه. والمعنى: أنّهم صابرون على التقوى، أقوياء على احتمال مشاقّها.

وقيل: وضع الامتحان موضع المعرفة، لأنّ تحقّق الشيء باختباره، كما يوضع الخبر موضعها. وحينئذ تكون اللام متعلّقة بمحذوف. فكأنّه قيل: عرفها كائنة للتقوى، خالصة لها. ويجوز أن تكون متعلّقة بالفعل باعتبار الأصل، إذ المعنى: ضرب الله قلوبهم بأنواع المحن والتكاليف الشاقّة لأجل التقوى. لأنّ حقيقة التقوى لا تعلم إلّا عند المحن والشدائد، والاصطبار على التقوى. أو أخلصها للتقوى، من قولهم: امتحن الذهب، إذا أذابه وميّز إبريزه(٣) من خبثه ونقّاه.

( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) لذنوبهم( وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) لغضّهم وسائر طاعاتهم.

واعلم أنّ هذه الآية بنظمها الّذي رتّبت عليه، من إيقاع الغاضّين أصواتهم اسما لـ «إنّ» المؤكّدة، وتصيير خبرها جملة من مبتدأ وخبر معرفتين معا، والمبتدأ اسم الإشارة، ثمّ استئناف الجملة المستودعة ما هو جزاؤهم على عملهم، وإيراد

__________________

(١) وقرت أذنه وقرا: ثقلت أو ذهب سمعه.

(٢) ونى يني: فتر وضعف وكلّ وأعيا، فهو: وان.

(٣) الإبريز: الذهب الخالص. وهي كلمة يونانيّة.

٤١٣

الجزاء نكرة مبهما أمره، ناظرة(١) في الدلالة على غاية الإحماد والاعتداد والارتضاء لـما فعل الّذين وقّروا رسول الله من خفض أصواتهم، وفي الإعلام بمبلغ عزّة رسول الله وقدر شرف منزلته. وفيها تعريض بعظيم ما ارتكب الرافعون أصواتهم، واستيجابهم ضدّ ما استوجب هؤلاء.

( إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ ) وهم الجفاة من بني تميم وأجلافهم( مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ ) من خارجها، خلفها أو قدّامها، فإنّ الوراء الجهة الّتي يواريها عنك الشخص بظلّه من خلف أو قدّام. و «من» ابتدائيّة، فإنّ المناداة من جهة الوراء. وفائدتها الدلالة على أنّ المنادى داخل الحجرة، إذ لا بدّ وأن يختلف المبتدأ والمنتهى.

والحجرات جمع حجرة. وهي القطعة من الأرض المحجورة بحائط يحوّط عليها. ولذلك يقال لحظيرة الإبل: حجرة. وهي فعلة بمعنى مفعول، كالغرفة والقبضة. والمراد حجرات نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانت لكلّ منهنّ حجرة. ومناداتهم من ورائها بأنّهم أتوها حجرة فنادوه من ورائها. أو بأنّهم تفرّقوا على الحجرات متطلّبين له، فأسند فعل الأبعاض إلى الكلّ.

وقيل: إنّ الّذي ناداه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، وفدا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . في سبعين رجلا من بني تميم وقت الظهيرة وهو راقد، فقالا: يا محمّد اخرج إلينا. وإنّما أسند إلى جميعهم، لأنّهم رضوا بذلك، أو أمروا به، أو لأنّه وجد فيما بينهم.

( أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) إذ العقل يقتضي حسن الأدب ومراعاة الحشمة، سيّما لمن كان بهذا المنصب. والإخبار عن أكثرهم بأنّهم لا يعقلون يحتمل أن يكون فيهم

__________________

(١) خبر «أنّ هذه الآية ...» في بداية الفقرة.

٤١٤

من قصد المحاشاة(١) المفهومة من قوله: «وأكثرهم». وأن يكون الحكم بقلّة العقلاء فيهم قصدا إلى نفي أن يكون فيهم من يعقل، فإنّ القلّة تقع موقع النفي في كلامهم.

وورود الآية على النمط الّذي وردت عليه فيه ما لا يخفى على الناظر، من بيّنات إكبار محلّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإجلاله.

منها: مجيئها على النظم المسجّل على الصائحين به بالسفه والجهل لـما أقدموا عليه.

ومنها: لفظ الحجرات، وإيقاعها كناية عن موضع خلوته ومقيله(٢) مع بعض نسائه.

ومنها: المرور على لفظها بالاقتصار على القدر الّذي تبيّن به ما استنكر عليهم. يعني: لم يصف الحجرات بأنّها موضع خلوة ومقيل، بل اقتصر على الحجرات.

ومنها: التعريف باللام دون الإضافة.

ومنها: أن شفع ذمّهم في خاتمة الآية باستجفائهم، واستركاك عقولهم، وقلّة ضبطهم لمواضع التمييز في المخاطبات، تهوينا للخطب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتسلية له، وإماطة لـما تداخله من إيحاش سوء أدبهم.

وهلمّ جرّا من أوّل السورة إلى آخر هذه الآية. فتأمّل كيف ابتدأ بإيجاب أن تكون الأمور الّتي تنتمي إلى الله ورسوله متقدّمة على الأمور كلّها، من غير حصر ولا تقييد. ثمّ أردف ذلك النهي عمّا هو من جنس التقديم، من رفع الصوت والجهر، كأنّ الأوّل بساط للثاني ووطاء لذكره. ثمّ ذكر ما هو ثناء على الّذين تحاموا ذلك فغضّوا أصواتهم، دلالة على عظيم موقعه عند الله. ثمّ جيء على عقب ذلك بما هو

__________________

(١) أي: التنزّه والابتعاد عن سوء الأدب.

(٢) المقيل: موضع القيلولة، أو النوم والاستراحة في الظهيرة.

٤١٥

أطمّ(١) وهجنته أتمّ، من الصياح برسول الله في حال خلوته ببعض حرماته من وراء الجدر، كما يصاح بأهون الناس قدرا، لينبّه على فظاعة ما أجروا إليه وجسروا عليه، لأنّ من رفع الله قدره عن أن يجهر له بالقول، حتّى خاطبه جلّة المهاجرين والأنصار بأخي السرار، كان صنيع هؤلاء من المنكر الّذي بلغ من التفاحش مبلغا. ومن هذا وأمثاله يقتطف ثمر الألباب، وتقتبس محاسن الآداب.

ثمّ أدّبهم الله تعالى بقوله:( وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا ) في محلّ الرفع على الفاعليّة، لأنّ المعنى: ولو ثبت صبرهم، فإنّ «أنّ» وإن دلّت بما في حيّزها على المصدر، دلّت بنفسها على الثبوت، ولذلك وجب إضمار الفعل. والصبر حبس النفس عن أن تنازع إلى هواها. قال الله تعالى:( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ) (٢) . وهاهنا المفعول محذوف. والتقدير: ولو ثبت حبسهم أنفسهم عمّا تنازع إلى هواها من المناداة وراء الحجرات( حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ ) أي: الصبر مغيّا بخروجه.

والمعنى: أنّ خروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غاية قد ضربت لصبرهم، فما كان لهم أن يقطعوا أمرهم دون الانتهاء إليها، فإنّ «حتّى» مختصّة بغاية الشيء في نفسه، ولذلك تقول: أكلت السمكة حتّى رأسها، ولا تقول: حتّى نصفها، بخلاف «إلى» فإنّها عامّة. وفي «إليهم» إشعار بأنّه لو خرج لا لأجلهم ينبغي أن يصبروا حتّى يفاتحهم بالكلام، أو يتوجّه إليهم.

( لَكانَ ) الصبر( خَيْراً لَهُمْ ) من الاستعجال، لـما فيه من حفظ الأدب وتعظيم الرسول الموجبين للثناء والثواب، والإسعاف بالمسؤول، إذ روي أنّهم وفدوا شافعين في أسارى بني العنبر كما مرّ، فأطلق النصف وفادى النصف، فلو أنّهم صبروا لأطلق كلّهم بغير فداء.

__________________

(١) أي: أعظم. والهجنة: العيب والقبح.

(٢) الكهف: ٢٨.

٤١٦

( وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) بليغ الغفران والرحمة، حيث اقتصر على النصح والتقريع لهؤلاء المسيئين للأدب، التاركين تعظيم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلن يضيق غفرانه ورحمته عن هؤلاء إن تابوا وأنابوا.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨) )

روي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخا عثمان لأمّه ـ وهو الّذي ولّاه عثمان الكوفة بعد سعد بن أبي وقّاص، فصلّى بالناس وهو سكران صلاة الفجر أربعا، ثمّ قال: هل أزيدكم؟ فعزله عثمان ـ مصدّقا ـ أي: آخذا للصدقة ـ إلى بني المصطلق، وكانت بينه وبينهم في الجاهليّة إحنة(١) ، فلمّا شارف ديارهم ركبوا مستقبلين له فرحين بقدومه، فحسبهم مقاتليه، فرجع وقال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد ارتدّوا ومنعوا الزكاة. فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهمّ أن يغزوهم. فوردوا وقالوا: نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله. فاتّهمهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعتمادا على قول الوليد، فقال: «لتنتهنّ أو لأبعثنّ إليكم رجلا هو عندي كنفسي، يقاتل

__________________

(١) الإحنة: الحقد والعداوة.

٤١٧

مقاتلتكم، ويسبي ذراريكم». ثمّ ضرب بيده على كتف عليّعليه‌السلام . وقيل: بعثه إليهم بعد رجوع الوليد، فوجدهم منادين بالصلوات متهجّدين، فسلّموا إليه الصدقات، فرجع. فنزلت :

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ) بخبر. وتنكير الفاسق والنبأ للتعميم، كأنّه قال: أيّ فاسق جاءكم بأيّ نبأ.( فَتَبَيَّنُوا ) فتطلّبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة، ولا تعتمدوا قول الفاسق، لأنّ من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الّذي هو نوع منه. والفسوق: الخروج من الشيء والانسلاخ منه. يقال: فسقت الرطبة عن قشرها. ومن مقلوبه: قفست البيضة، إذا كسرتها وأخرجت ما فيها. ومن مقلوبه أيضا: قفست الشيء، إذا أخرجته عن يد مالكه مغتصبا له عليه. ثمّ استعمل في الخروج عن القصد والانسلاخ من الحقّ.

وقرأ حمزة والكسائي: فتثبّتوا، أي: فتوقّفوا إلى أن يتبيّن لكم الحال. والتثبّت والتبيّن متقاربان. وهما: طلب الثبات والبيان والتعرّف.

ولـمّا كان رسول الله والّذين معه بالمنزلة الّتي لا يجسر أحد أن يخبرهم بكذب، وما كان يقع مثل ما فرط من الوليد إلّا في الندرة، قيل: إن جاءكم، بحرف الشكّ. وفيه أن على المؤمنين أن يكونوا على هذه الصفة، لئلّا يطمع فاسق في مخاطبتهم بكلمة زور.

واستدلّ بعضهم بالآية على وجوب العمل بخبر الواحد إذا كان عدلا، من حيث إنّ الله أوجب التوقّف في خبر الفاسق، فدلّ على أنّ خبر العدل لا يجب التوقّف فيه.

وهذا لا يصحّ، لأنّ دليل الخطاب لا يعوّل عليه عندنا وعند أكثر المحقّقين.

( أَنْ تُصِيبُوا ) كراهة إصابتكم( قَوْماً بِجَهالَةٍ ) جاهلين بحالهم( فَتُصْبِحُوا ) فتصيروا( عَلى ما فَعَلْتُمْ ) من إصابتهم بالخطإ( نادِمِينَ ) مغتمّين

٤١٨

غمّا لازما، متمنّين أنّه لم يقع، ولا يمكنكم تداركه. وتركيب الحروف الثلاثة في «ندم» دائر مع اللزوم والدوام، فإنّه عبارة عن غمّ يصحب الإنسان صحبة لها دوام ولزام، لأنّه كلّما تذكّر المتندّم عليه راجعه الغمّ. من الندام(١) ، وهو لزام الشريب ودوام صحبته. ومن مقلوباته: أدمن الأمر، أدامه. ومدن بالمكان، أقام به. ومنه: المدينة.

( وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ ) «أنّ» بما في حيّزه سادّ مسدّ مفعولي «اعلموا». وفائدة تقديم خبر «أنّ» على اسمها القصد إلى توبيخ بعض المؤمنين، على ما استهجن الله منهم من استتباع رأي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لآرائهم، فوجب تقديمه، لانصباب الغرض إليه.

وقوله:( لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ) لا يكون كلاما مستأنفا، لأنّه حينئذ لم يظهر للأمر فائدة. فلا بدّ أن يكون متّصلا بما قبله، حالا من أحد ضميري «فيكم». وهو المستتر المرفوع، أو البارز المجرور. وكلاهما مذهب سديد.

والمعنى: أنّ فيكم رسول الله على حالة يجب عليكم تغييرها. أو أنتم على حالة يجب عليكم تغييرها. وهي: أنّكم تريدون أن يتّبع رأيكم في الحوادث، ولو فعل ذلك لعنتّم، أي: لوقعتم في الجهد والهلاك. من العنت. يقال: فلان يتعنّت فلانا، أي: يطلب ما يؤدّيه إلى الهلاك.

وفائدة إيثار «يطيعكم» على: أطاعكم، الدلالة على أنّه كان في إرادتهم استمرار عمله على ما يستصوبونه، وأنّه كلّما عنّ لهم رأي في أمر كان معمولا عليه، بدليل قوله:( فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ ) ، كقوله: فلان يقري الضيف ويحمي الحريم، تريد: أنّه ممّا اعتاده ووجد منه مستمرّا.

وفيه إشعار بأنّ بعضهم أشار إليه بالإيقاع ببني المصطلق وتصديق قول

__________________

(١) نادم نداما فلانا على الشراب: جالسه عليه.

٤١٩

الوليد. وأنّ بعضهم كانوا يتصوّنون، ويزعهم(١) جدّهم في التقوى عن الجسارة على ذلك. وهم الّذين استثناهم بقوله:( وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ ) جعل الإيمان محبوبا إليكم، بأن أقام الأدلّة على صحّته، وبما وعد عليه من الثواب( وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) بالألطاف الداعية إليه( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ) بوجوه الألطاف الصارفة عنه.

والحاصل: أنّ هذا استدراك بصفة من لم يفعل ذلك منهم، إحمادا لفعلهم، وتعريضا بذمّ من فعل.

وقيل: استدراك ببيان عذرهم في استصواب الإيقاع ببني المصطلق. يعني: أنّهم من فرط حبّهم للإيمان وكراهتهم للكفر حملهم على ذلك لـمّا سمعوا قول الوليد.

ويؤيّد الأوّل( أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ) أي: أولئك المستثنون هم الّذين أصابوا الطريق السويّ من الرشد. وهو الاستقامة على طريق الحقّ مع تصلّب فيه. من الرشادة، وهي الصخرة.

وشريطة حرف الاستدراك ـ وهي: مخالفة ما بعدها لـما قبلها نفيا وإثباتا ـ وإن كانت منتفية لفظا، لكن حاصلة معنى، لأنّ الّذين حبّب إليهم الإيمان قد غايرت صفتهم صفة المقدّم ذكرهم، فوقعت «لكنّ» في حاقّ موقعها من الاستدراك.

ومعنى تحبيب الله وتكريهه: اللطف والإمداد بالتوفيق كما مرّ. فسبيله الكناية. وكلّ ذي لبّ وصاحب بصيرة لا يغبى(٢) عليه أنّ الرجل لا يمدح بغير فعله. وحمل الآية على ظاهرها يؤدّي إلى أن يثنى عليهم بفعل الله، وقد نفى الله هذا

__________________

(١) أي: يمنعهم ويكفّهم.

(٢) أي: لا يخفى عليه ولا يجهل. من: غبا الشيء عليه: لم يفطن له أو جهله.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

مثله(١) .

[ ١١٢٨٤ ] ١٠ - وبإسناده عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من قدم قبل التروية بعشرة أيّام وجب عليه إتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكّة، فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير، الحديث.

[ ١١٢٨٥ ] ١١ - وبإسناده عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن أهل مكة إذا زاروا، عليهم إتمام الصلاة؟ قال: نعم والمقيم بمكّة إلى شهر بمنزلتهم.

[ ١١٢٨٦ ] ١٢ - وبإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب قال: سأل محمّد بن مسلم أبا عبدالله(٢) ( عليه‌السلام ) وأنا أسمع عن المسافر، إن حدّث نفسه بإقامة عشرة أيّام قال: فليتمّ الصلاة، فان لم يدر ما يقيم يوماً أو أكثر فليعد ثلاثين يوماً ثمّ ليتمّ، وإن كان أقام يوماً أو صلاة واحدة، فقال له محمّد بن مسلم: بلغني أنّك قلت: خمساً، فقال: قد قلت ذلك، قال أبو أيّوب: فقلت أنا: جعلت فداك: يكون أقلّ من خمسة أيّام؟ قال: لا.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم(٣) .

أقول: حمل الشيخ حكم الخمسة على من كان بمكّة أو المدينة لما يأتي(٤) ، وجوّز حمله على الاستحباب، والأقرب الحمل على التقيّة لموافقته لكثير من العامة.

____________________

(١) مستطرفات السرائر: ٧٢ / ٥.

١٠ - التهذيب ٥: ٤٨٨ / ١٧٤٢، أورده في الحديث ٣ من الباب ٣ من هذه الأبواب.

١١ - التهذيب ٥: ٤٨٧ / ١٧٤١، أورده في الحديث ٦ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

١٢ - التهذيب ٣: ٢١٩ / ٥٤٨، الاستبصار ١: ٢٣٨ / ٨٤٩.

(٢) في التهذيب: أبا جعفر (عليه‌السلام ) - هامش المخطوط -.

(٣) الكافي ٣: ٤٣٦ / ٣.

(٤) يأتي في الحديث ١٦ من هذا الباب.

٥٠١

[ ١١٢٨٧ ] ١٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي بصير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إذا عزم الرجل أن يقيم عشراً فعليه إتمام الصلاة، وإن كان في شكّ لا يدري ما يقيم؟ فيقول: اليوم أو غداً، فليقصّر ما بينه وبين شهر، فإن أقام بذلك البلد أكثر من شهر فليتمّ الصلاة.

[ ١١٢٨٨ ] ١٤ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن عبد الصمد بن محمّد، عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إذا دخلت البلدة فقلت: اليوم أخرج أو غداً أخرج فاستتممت عشراً فأتمّ.

[ ١١٢٨٩ ] ١٥ - وفي رواية أُخرى بهذا الإِسناد: فاستتممت شهراً فأتمّ.

أقول: الرواية الأولى مخصوصة بمن نوى العشرة، والثانية بمن لم ينو، لما مضى(١) ويأتي(٢) .

[ ١١٢٩٠ ] ١٦ - وعنه، عن علي بن السندي، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن المسافر يقدم الأرض؟ فقال: إن حدّثته نفسه أن يقيم عشراً فليتمّ، وإن قال: اليوم أخرج أو غداً أخرج، ولا يدري فليقصّر ما بينه وبين شهر، فان مضى شهر فليتمّ، ولا يتمّ في أقلّ من عشرة إلّا بمكّة والمدينة، وإن أقام بمكّة والمدينة خمساً فليتمّ.

أقول: يأتي ما يدلّ على جواز الإِتمام بمكّة والمدينة من غير نيّة إقامة خمسة، بل على استحباب الإِتمام فيهما فلا إشكال هنا(٣) .

____________________

١٣ - التهذيب ٤: ٢٢٧: ٦٦٦.

١٤ - التهذيب ٣: ٢١٩ / ٥٤٧.

١٥ - الاستبصار ١: ٢٣٧ / ٨٤٨.

(١) مضى في الحديث ٣ و ٥ و ٩ و ١٢ و ١٣ من هذا الباب.

(٢) يأتي في الحديث ١٦ و ١٧ و ٢٠ من هذا الباب.

١٦ - التهذيب ٣: ٢٢٠ / ٥٤٩، والاستبصار ١: ٢٣٨ / ٨٥٠.

(٣) يأتي في الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

٥٠٢

[ ١١٢٩١ ] ١٧ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: إذا دخلت بلداً وأنت تريد المقام عشرة أيّام فأتمّ الصلاة حين تقدم، وإن أردت المقام دون العشرة فقصّر، وإن أقمت تقول: غداً أخرج وبعد غد، ولم تجمع على عشرة فقصّر ما بينك وبين شهر، فإذا أتمّ الشهر فأتمّ الصلاة، قال: قلت: إن دخلت بلداً أوّل يوم من شهر رمضان ولست أريد أن أُقيم عشراً؟ قال(١) : قصّر وأفطر، قلت: فإن مكثت كذلك أقول: غداً وبعد غد، فأفطر الشهر كلّه وأُقصّر؟ قال: نعم، هذا(٢) واحد، إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن وهب، نحوه(٣) .

[ ١١٢٩٢ ] ١٨ - وفي( عيون الأخبار) : عن تميم بن عبدالله بن تميم، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن رجاء بن أبي الضحّاك، أنّه صحب الرضا( عليه‌السلام ) من المدينة إلى مرو، وكان إذا أقام ببلدة عشرة أيّام صائماً لا يفطر، فإذا جنّ الليل بدأ بالصلاة قبل الإِفطار. الحديث.

[ ١١٢٩٣ ] ١٩ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) : عن عبدالله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الرجل قدم مكّة قبل التروية بأيّام، كيف يصلّي(٤) إذا كان وحده أو

____________________

١٧ - الفقيه ١: ٢٨٠ / ١٢٧٠، أورده في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب من يصح منه الصوم.

(١) في نسخة: فقال - هامش المخطوط -.

(٢) في التهذيب: هما - هامش المخطوط -.

(٣) التهذيب ٣: ٢٢٠ / ٥٥١.

١٨ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٨٢ / ٥، اورده بتمامه في الحديث ٢٤ من الباب ١٣ من أبواب اعداد الفرائض، وأورد قطعة منه في الحديث ٧ من الباب ١٨ من أبواب التعقيب، وقطعة منه في الحديث ٦ من الباب ٢ من أبواب سجدتي الشكر.

١٩ - قرب الإِسناد: ٩٩.

(٤) في المصدر: يصنع، وفي نسخة: يصلي.

٥٠٣

مع إمام، فيتمّ أو يقصّر؟ قال: يقصّر إلّا أن يقيم عشرة أيّام قبل التروية.

[ ١١٢٩٤ ] ٢٠ - الحسن بن محمّد الطوسي في( أماليه) عن أبيه، عن ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن عباد، عن عمه، عن أبيه، عن جابر، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، عن علي( عليه‌السلام ) قال: إذا كنت مسافراً ثمّ مررت ببلدة تريد أن تقيم بها عشرة أيّام فأتمّ الصلاة، وإن كنت تريد أن تقيم بها أقلّ من عشرة فقصّر، وإن قدمت وأنت تقول: أسير غداً أو بعد غد حتى تتمّ على شهر فأكمل الصلاة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) ، وينبغي أن يحمل الشهر هنا على ثلاثين يوماً لأنّه مجمل وهذا مبيّن.

١٦ - باب أنّ التقصير سفراً إنّما هو في الرباعيّات، وينقص من كلّ واحدة ركعتان، فلا يجوز في الصبح والمغرب، وتسقط نوافل الظهرين خاصّة

[ ١١٢٩٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن حذيفة بن منصور، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما‌السلام ) ، أنّهما قالا: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء.

ورواه البرقي في( المحاسن) كما مرّ (٣) .

____________________

٢٠ - أمالي الطوسي ١: ٣٥٧، أورده في الحديث ١٨ من الباب ١، وفي الحديث ١ من الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

(١) تقدم في الباب ١٢ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ١٧ و ٢٠ وفي الحديث ١٥ و ٢٧ و ٣٢ و ٣٤ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

الباب ١٦

فيه حديثان

١ - التهذيب ٢: ١٤ / ٣٤.

(٣) مرّ في الحديث ٢ من الباب ٢١ من أعداد الفرائض.

٥٠٤

[ ١١٢٩٦ ] ٢ - وعنه، عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء إلّا المغرب ثلاث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أعداد الفرائض والنوافل(١) وفي الأذان(٢) وغير ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) ، وتقدّم ما يدلّ على عدم سقوط نافلة المغرب والعشاء والصبح وصلاة الليل في السفر في أعداد الفرائض(٥) .

١٧ - باب أنّ من أتمّ في السفر عامداً وجب عليه الإِعادة في الوقت وبعده، ومن أتمّ ناسياً وجب عليه الإِعادة في الوقت لا بعده، ومن أتمّ جهلاً أو نوى الإِقامة وقصّر جهلاً لم يعد، وحكم من قصّر المغرب جاهلا ً

[ ١١٢٩٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبدالله

____________________

٢ - التهذيب ٢: ١٣ / ٣١، والاستبصار ١: ٢٢٠ / ٧٧٨، أورده أيضاً في الحديث ٣ من الباب ٢١ من أبواب أعداد الفرائض.

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢، وفي الحديثين ١٢ و ١٤ من الباب ١٣ وفي الباب ٢١، وفي الحديث ٣ من الباب ٢٢ وفي الباب ٢٣ من أبواب اعداد الفرائض.

(٢) تقدم في الحديث ٢ و ٣ و ٧ من الباب ٦ من أبواب الأذان والاقامة.

(٣) تقدم في الباب ١٨ من أبواب صلاة الجماعة، وفي الباب ١ من أبواب صلاة الخوف والمطاردة.

(٤) يأتي في الباب ٢٢، ٢٩ من هذه الأبواب.

(٥) تقدم في الباب ٢٤ و ٢٥ و ٢٩ من أبواب اعداد الفرائض.

الباب ١٧

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٣٥ / ٦.

٥٠٥

( عليه‌السلام ) عن رجل صلّى وهو مسافر فأتمّ الصلاة؟ قال: إن كان في وقت فليعد، وإن كان الوقت قد مضى فلا.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) .

وبإسناده عن سعد، عن محمّد بن الحسين، مثله(٢) .

[ ١١٢٩٨ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن سويد القلاء، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير،( عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ) (٣) قال: سألته عن الرجل ينسى فيصلّي في السفر أربع ركعات؟ قال: إن ذكر في ذلك اليوم فليعد، وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه.

ورواه الصدوق بإسناده عن أبي بصير، نحوه(٤) .

[ ١١٢٩٩ ] ٣ - وعنه، عن موسى بن عمر، عن علي بن النعمان، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إذا أتيت بلدة فأزمعت المقام عشرة أيّام فأتمّ الصلاة، فإن تركه رجل جاهلاً فليس عليه إعادة.

[ ١١٣٠٠ ] ٤ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبى نجران، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة ومحمّد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : رجل صلّى في السفر أربعاً، أيعيد أم لا؟ قال: إن كان قُرئت عليه آية التقصير وفسّرت له فصلّى أربعاً

____________________

(١) التهذيب ٣: ١٦٩ / ٣٧٢.

(٢) التهذيب ٣: ٢٢٥ / ٥٦٩، والاستبصار ١: ٢٤١ / ٨٦٠.

٢ - التهذيب ٣: ١٦٩ / ٣٧٣ و ٢٢٥ / ٥٧٠، والاستبصار ١: ٢٤١ / ٨٦١.

(٣) ما بين القوسين ليس في التهذيب - هامش المخطوط -

(٤) الفقيه ١: ٢٨١ / ١٢٧٥.

٣ - التهذيب ٣: ٢٢١ / ٥٥٢، أورده في الحديث ٤ من الباب ١٥ من هذه الأبواب.

٤ - التهذيب ٣: ٢٢٦ / ٥٧١، أورده في الحديث ٢ من الباب ٢٢ من أبواب صلاة المسافر.

٥٠٦

أعاد، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه.

ورواه الصدوق بإسناده عن زرارة ومحمّد بن مسلم مثله(١) .

[ ١١٣٠١ ] ٥ - ورواه العيّاشي في( تفسيره) بإسناده عنهما مثله، وزاد: والصلاة في السفر الفريضة ركعتان كلّ صلاة إلّا المغرب فإنّها ثلاث ليس فيها تقصير، تركها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في السفر والحضر ثلاث ركعات.

[ ١١٣٠٢ ] ٦ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : صلّيت الظهر أربع ركعات وأنا في سفر؟ قال: أعد.

[ ١١٣٠٣ ] ٧ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن امرأة كانت معنا(٢) في السفر وكانت تصلّي المغرب ركعتين ذاهبة وجائية، قال: ليس عليها قضاء.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسين بن سعيد، وبإسناده عن ابن أبي عمير، نحوه(٣) .

وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسين، مثله(٤) .

قال الشيخ: هذا خبر شاذّ لا عمل عليه، لأنّ المغرب لا تقصير فيها، فمن قصّر كانت عليه الإِعادة.

____________________

(١) الفقيه ١: ٢٧٨ / ١٢٦٦.

٥ - العياشي ١: ٢٧١ / ٢٥٤.

٦ - التهذيب ٢: ١٤ / ٣٣.

٧ - التهذيب ٣: ٢٢٦ / ٥٧٢، والاستبصار ١: ٢٢٠ / ٧٧٩.

(٢) في نسخة: معهم - هامش المخطوط -.

(٣) الفقيه ١: ٢٨٧ / ١٣٠٦ و ١٣٠٧.

(٤) التهذيب ٣: ٢٣٥ / ٦١٨.

٥٠٧

أقول: قد تقدّم ما يعارضه هنا(١) ، وفي أعداد الصلوات(٢) ، وفي الخلل الواقع في الصلاة(٣) ، وغير ذلك(٤) ، ويحتمل هذا الحمل على الاستفهام الإِنكاري، يعني عليها القضاء، وعلى عدم بلوغ المرأة، وعلى أنّ المراد بالمغرب نافلتها وغير ذلك.

[ ١١٣٠٤ ] ٨ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال) بإسناده عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) - في حديث شرائع الدين - قال: والتقصير في ثمانية فراسخ وهو بريدان، وإذا قصّرت أفطرت، ومن لم يقصّر في السفر لم تجز صلاته، لأنّه قد زاد في فرض الله عزّ وجلّ.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الصوم(٥) .

١٨ - باب أنّ من عزم على إقامة عشرة وصلّى تماماً ولو صلاة واحدة ثمّ رجع عن نيّة الإِقامة وجب عليه الإِتمام حتى يخرج، وإن رجع قبل ذلك وجب عليه التقصير

[ ١١٣٠٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد، عن أبي جعفر أحمد بن محمّد، عن الحسن ابن محبوب، عن أبي ولاّد الحنّاط قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي كنت نويت حين دخلت المدينة أن أُقيم بها عشرة أيّام

____________________

(١) تقدم في الحديث ٥ من هذا الباب، وفي الحديث ٢ من الباب ١٦ من هذه الأبواب.

(٢) تقدم في الحديث ١٢ و ١٤ من الباب ١٣ من أبواب اعداد الفرائض.

(٣) تقدم في الحديث ٧ من الباب ١، وفي الباب ٢ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

(٤) يأتي في الحديث ١٢ وفي الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

٨ - الخصال: ٦٠٤ / ٩.

(٥) يأتي في الباب ١ و ٢ من أبواب من يصح منه الصوم.

الباب ١٨

فيه حديثان

١ - التهذيب ٣: ٢٢١ / ٥٥٣، والاستبصار ١: ٢٣٨ / ٨٥١ وأورد ذيله في الحديث ٥ من الباب ١٥ من هذه الأبواب.

٥٠٨

وأُتمّ( الصلاة ثمّ بدا لي بعد أن اُقيم بها) (١) ، فما ترى لي، أُتمّ أم أُقصّر؟ قال: إن كنت دخلت المدينة و(٢) صلّيت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصّر حتى تخرج منها، وإن كنت حين دخلتها على نيّتك(٣) التمام فلم(٤) تصلّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار إن شئت فانو المقام عشراً وأتمّ، وإن لم تنو المقام(٥) فقصّر ما بينك وبين شهر، فإذا مضى لك شهر فأتمّ الصلاة.

ورواه الصدوق بإسناده عن أبي ولاّد، مثله(٦) .

[ ١١٣٠٦ ] ٢ - وعنه، عن أبي جعفر، عن محمّد بن خالد البرقي، عن حمزة بن عبدالله الجعفري قال: لما أن نفرت من منى نويت المقام بمكّة، فأتممت الصلاة حتى(٧) جاءني خبر من المنزل فلم أجد بدّاً من المصير إلى المنزل، ولم(٨) أدر أُتمّ أم أُقصّر، وأبو الحسن( عليه‌السلام ) يومئذ بمكة، فأتيته فقصصت عليه القصّة، قال لي(٩) : ارجع إلى التقصير.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن خالد البرقي(١٠) .

أقول: حمله الشيخ على أنّه يرجع إلى التقصير إذا سافر لا قبله، وجوّز حمله على الاتمام في النوافل لا الفرائض، وحمله الشهيد في( الذكرى) (١١) على أنّه أتمّ بمكّة قبل نيّة الإِقامة بعدها ذاهلاً عنها لما يأتي(١٢) من التخيير فيها بين القصر والتمام ويمكن الحمل على قصد إقامة دون العشرة.

____________________

(١) في الفقيه بدل ما بين القوسين: فأتم الصلاة ثم بدا لي أن لا اُقيم « هامش المخطوط ».

(٢) الواو من الفقيه « هامش المخطوط ».

(٣) في الفقيه زيادة: في - هامش المخطوط -.

(٤) في الفقيه: ( ولم ) ( هامش المخطوط ).

(٥) في الفقيه زيادة: عشراً - هامش المخطوط -.

(٦) الفقيه ١: ٢٨٠ / ١٢٧١.

٢ - التهذيب ٣: ٢٢١ / ٥٥٤، والاستبصار ١: ٢٣٩ / ٨٥٢.

(٧) في الفقيه: ثم، « هامش المخطوط ».

(١٠) الفقيه ١: ٢٨٣ / ١٢٨٦.

(٨) في الفقيه: فلم « هامش المخطوط ».

(١١) الذكرى: ٢٥٦.

(٩) كلمة ( لي ) من الفقيه، « هامش المخطوط »

(١٢) يأتي في الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

٥٠٩

١٩ - باب أنّ المسافر إذا نزل على بعض أهله وجب عليه التقصير مع اجتماع الشرائط

[ ١١٣٠٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن المسافر ينزل على بعض أهله يوماً وليلة؟ قال: يقصّر الصلاة.

[ ١١٣٠٨ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن سهل، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن رجل يسير إلى ضيعته على بريدين أو ثلاثة وممرّه على ضياع بني عمّه، أيقصّر ويفطر، أو يتمّ ويصوم؟ قال: لا يقصّر ولا يفطر.

أقول: يأتي وجهه(١) ، ويحتمل أن يكون المراد لا يقصّر ولا يفطر في ضيعته لا في الطريق، ويحتمل التقيّة وهو الأقرب.

[ ١١٣٠٩ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن داود بن الحصين، عن فضل البقباق، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن المسافر ينزل على بعض أهله يوماً أو ليلة أو ثلاثاً، قال: ما أُحبّ أن يقصّر الصلاة.

أقول: هذا محمول على وجود المنزل الذي استوطنه، أو على اختلال

____________________

الباب ١٩

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢١٧ / ٥٣٥، والاستبصار ١: ٢٣١ / ٨٤٢.

٢ - التهذيب ٣: ٢١١ / ٥١١، والاستبصار ١: ٢٢٩ / ٨١٣، وأورده في الحديث ١٦ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

(١) يأتي في الحديث ٣ من هذا الباب.

٣ - التهذيب ٣: ٢٣٣ / ٦٠٨، والاستبصار ١: ٢٣٢ / ٨٢٥.

٥١٠

بعض شرائط القصر، أو على استحباب نيّة الإِقامة أو على التقيّة، وقد حمله الشيخ على الاستحباب وفيه نظر لوجوب القصر وقد تقدّم ما يدل على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٢٠ - باب أنّ المسافر إذا نوى الإِقامة في أثناء الصلاة وجب عليه الإِتمام

[ ١١٣١٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن يقطين، أنّه سأل أبا الحسن( عليه‌السلام ) ( عن الرجل يخرج في السفر) (٣) ثمّ يبدو له في الإِقامة وهو في الصلاة؟ قال: يتمّ إذا بدت له الإِقامة.

محمّد بن يعقوب، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن يقطين، مثله(٤) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن علي، عن أبيه، مثله(٥) .

[ ١١٣١١ ] ٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سهل، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن الرجل يخرج في سفر [ ثم ](٦) تبدو له الإِقامة وهو في صلاته، أيتمّ أم يقصّر؟ قال: يتمّ إذا بدت له الإِقامة.

____________________

(١) تقدم في الباب ١٤ من هذه الأبواب، وتقدم ما ينافي ذلك ظاهراً في الباب ٧، وفي الحديث ٤ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الأبواب ١ و ٢ و ٤ من أبواب من يصح منه الصوم.

الباب ٢٠

فيه حديثان

١ - الفقيه ١: ٢٨٥ / ١٢٩٩، أورد ذيله في الحديث ١ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٣) في التهذيب والكافي: عن رجل خرج في سفره ( هامش المخطوط ).

(٤) الكافي ٣: ٤٣٥ / ٨.

(٥) التهذيب ٣: ٢٢٤ / ٥٦٤.

٢ - التهذيب ٣: ٢٢٤ / ٥٦٥.

(٦) أثبتناه من المصدر.

٥١١

أقول: وقد تقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً(١) .

٢١ - باب حكم من دخل عليه الوقت وهو حاضر فسافر أو بالعكس، هل يجب عليه القصر أم التمام؟

[ ١١٣١٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم - في حديث - قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس؟ فقال: إذا خرجت فصلّ ركعتين.

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى.

ثمّ قال: وروى الحسين بن سعيد، عن صفوان وفضالة عن العلاء، مثله(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم(٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٤) .

[ ١١٣١٣ ] ٢ - وعنه، عن صفوان ومحمّد بن سنان جميعاً، عن إسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : يدخل عليّ وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أُصلّي حتى أدخل أهلي؟ فقال: صلّ وأتمّ الصلاة، قلت:( فدخل

____________________

(١) تقدم في الباب ١٥ و ١٨ من هذه الأبواب.

الباب ٢١

فيه ١٤ حديث والفهرست ١٣

١ - التهذيب ٣: ٢٢٤ / ٥٦٦، والتهذيب ٢: ١٢ / ٢٧، أورد صدره في الحديث ١ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٢) الكافي ٣: ٤٣٤ / ١.

(٣) الفقيه ١: ٢٧٩ / ١٢٦٧.

(٤) التهذيب ٤: ٢٣٠ / ٦٧٦.

٢ - التهذيب ٢: ١٣ / ٢٩ و ٣: ١٦٣ / ٣٥٣ و ٣: ٢٢٢ / ٥٥٨، والاستبصار ١: ٢٤٠ / ٨٥٦.

٥١٢

عليّ) (١) وقت الصلاة وأنا في أهلي أُريد السفر فلا أُصلّي حتى أخرج؟ فقال: فصلّ وقصّر، فإن لم تفعل فقد خالفت( والله) (٢) رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )

ورواه الصدوق بإسناده عن إسماعيل بن جابر، مثله(٣) .

[ ١١٣١٤ ] ٣ - وعنه، عن النضر بن سويد، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، أنّه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر فأخّر الصلاة حتى قدم وهو يريد [ أن ](٤) يصلّيها إذا قدم إلى أهله، فنسي حين قدم إلى أهله أن يصلّيها حتى ذهب وقتها؟ قال: يصلّيها ركعتين صلاة المسافر، لأنّ الوقت دخل وهو مسافر، كان ينبغي له أن يصلّي عند ذلك.

[ ١١٣١٥ ] ٤ - وعنه، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثمّ يدخل بيته قبل أن يصلّيها؟ قال: يصلّيها أربعاً، وقال: لا يزال يقصّر حتى يدخل بيته.

[ ١١٣١٦ ] ٥ - وعنه، عن صفوان بن يحيى وفضالة بن أيّوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل

____________________

(١) في الفقيه: فيدخل عليّ ( هامش المخطوط ).

(٢) ليس في الفقيه ولا في الاستبصار ( هامش المخطوط ).

(٣) الفقيه ١: ٢٨٣ / ١٢٨٨.

٣ - التهذيب ٢: ١٣ / ٣٠ و ٣: ١٦٢ / ٣٥١ و ٣: ٢٢٥ / ٥٦٧ وأورده في الحديث ٣ من الباب ٦ من أبواب قضاء الصلوات.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٤ - التهذيب ٣: ١٦٢ / ٣٥٢، أورد ذيله في الحديث ٤ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٥ - لم نعثر على الحديث بهذا السند ولكن ورد في التهذيب ٢: ١٣ / ٢٨ بسند آخر وبأدنى تفاوت.

٥١٣

يدخل من سفره وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق؟ فقال: يصلّي ركعتين، وإن خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصلّ أربعاً.

وبإسناده عن سعد، عن أبي جعفر، عن علي بن حديد والحسين بن سعيد جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن محمّد بن مسلم، مثله(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن حريز، عن محمّد بن مسلم، مثله(٢) .

[ ١١٣١٧ ] ٦ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد بن عثمان، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا الحسن( عليه‌السلام ) يقول في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة، فقال: إن كان لا يخاف فوت(٣) الوقت فليتمّ، وإن كان يخاف خروج الوقت فليقصّر.

أقول: لا يبعد في هذا الحديث والذي قبله أن يكون المراد بالإِتمام: الصلاة في المنزل، وبالقصر: الصلاة في السفر.

[ ١١٣١٨ ] ٧ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، مثله.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحكم بن مسكين في كتابه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله(٤) .

[ ١١٣١٩ ] ٨ - وعنه، عن صفوان بن يحيى وفضالة بن أيّوب، عن العلاء بن

____________________

(١) التهذيب ٣: ٢٢٢ / ٥٥٧، والاستبصار ١: ٢٣٩ / ٨٥٣.

(٢) الفقه ١: ٢٨٤ / ١٢٨٩.

٦ - التهذيب ٣: ٢٢٣ / ٥٥٩، والاستبصار ١: ٢٤٠ / ٨٥٧.

(٣) ليس في التهذيب.

٧ - التهذيب ٣: ٢٢٣ / ٥٦٠، والاستبصار ١: ٢٤١ / ٨٥٨.

(٤) الفقيه ١: ٢٨٤ / ١٢٩٠.

٨ - التهذيب ٣: ١٦٤ / ٣٥٤.

٥١٤

رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) ، في الرجل يقدم من الغيبة فيدخل عليه وقت الصلاة، فقال: إن كان لا يخاف أن يخرج الوقت فليدخل وليتمّ، وإن كان يخاف أن يخرج الوقت قبل أن يدخل فليصلّ وليقصّر.

[ ١١٣٢٠ ] ٩ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله فسار حتى يدخل أهله فإن شاء قصّر، وإن شاء أتمّ، والإِتمام أحبّ إليّ.

أقول: يحتمل أن يكون المراد: إن شاء صلّى في السفر قصّر، أو إن شاء صبر حتى يدخل أهله وصلّى تماماً، ذكره العلاّمة في( المنتهى) (١) وحمل الحديث عليه، ويحتمل الحمل على التقيّة.

[ ١١٣٢١ ] ١٠ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن داود بن فرقد، عن بشير النبّال قال: خرجت مع أبي عبدالله( عليه‌السلام ) حتى أتينا الشجرة، فقال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا نبّال، قلت: لبّيك، قال: إنّه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلّي أربعاً أربعاً غيري وغيرك، وذلك أنّه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج.

أقول: ليس فيه أنّهما صليّا بعد الخروج، ويحتمل كونهما صليّا في المدينة.

محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، مثله(٢) .

____________________

٩ - التهذيب ٣: ٢٢٣ / ٥٦١، والاستبصار ١: ٢٤١ / ٨٥٩.

(١) المنتهى ١: ٣٩٦.

١٠ - التهذيب ٣: ٢٢٤ / ٥٦٣ و ١٦١ / ٣٤٩، والاستبصار ١: ٢٤٠ / ٨٥٥.

(٢) الكافي ٣: ٤٣٤ / ٣.

٥١٥

[ ١١٣٢٢ ] ١١ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل يدخل من سفره وقد دخل وقت الصلاة، قال: يصلّي ركعتين، وإن خرج إلى سفر وقد دخل وقت الصلاة فليصلّ أربعاً.

أقول: هذا أيضاً يحتمل أن يراد به الأمر بالصلاة في أوّل الوقت.

[ ١١٣٢٣ ] ١٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول: إذا زالت الشمس وأنت في المصر وأنت تريد السفر فأتمّ، فإذا خرجت بعد الزوال قصّر العصر.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن محمّد(١) ، وبإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا الحديثان اللذان قبله.

[ ١١٣٢٤ ] ١٣ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً عن كتاب جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أحدهما ( عليهما‌السلام ) ، أنّه قال في رجل مسافر نسي الظهر والعصر في السفر حتى دخل أهله، قال: يصلّي أربع ركعات.

[ ١١٣٢٥ ] ١٤ - وعنه، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) ، أنّه قال: لمن نسي الظهر والعصر وهو مقيم حتى يخرج قال: يصلّي أربع ركعات في سفره، وقال: إذا دخل على الرجل وقت صلاة وهو مقيم ثمّ سافر صلّى تلك الصلاة التي دخل وقتها عليه وهو مقيم أربع ركعات في سفره.

أقول: حمل الشيخ(٣) والصدوق(٤) ما تضمّن القصر لمن قدم بعد

____________________

١١ - الكافي ٣: ٤٣٤ / ٤، والتهذيب ٢: ١٣ / ٢٨.

١٢ - الكافي ٣: ٤٣٤ / ٢.

(١) التهذيب ٣: ٢٢٤ / ٥٦٢.

(٢) التهذيب ٣: ١٦١ / ٣٤٨، والاستبصار ١: ٢٤٠ / ٨٥٤.

١٣ - مستطرفات السرائر: ٤٦ / ٥.

١٤ - مستطرفات السرائر: ٤٦ / ٥.

(٣) التهذيب ٣: ٢٢٣ / ذيل الحديث ٥٥٨، والاستبصار ١: ٢٤٠ / ذيل الحديث ٨٥٦.

(٤) الفقيه ١: ٢٨٤ / ١٢٨٩.

٥١٦

دخول الوقت على خوف الفوت، وحكم الشيخ(١) في موضع آخر بالتخيير واستحباب الإِتمام، وفيما مرّ(٢) ما يدفع الوجهين، ولا يخفى قوّة ما دلّ على اعتبار وقت الأداء ورجحانه في الدلالة والسند والكثرة، وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أعداد الصلوات(٣) .

٢٢ - باب أنّ القصر في السفر فرض واجب لا رخصة إلّا في المواضع الأربعة، وحكم ما يفوت سفراً ثمّ يقضى حضرا ً أو وبالعكس، واقتداء المسافر بالحاضر وبالعكس

[ ١١٣٢٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قلت له: صلاة الخوف وصلاة السفر تقصّران جميعاً؟ قال: نعم، الحديث.

ورواه الشيخ كما مرّ(٤) .

[ ١١٣٢٧ ] ٢ - وبإسناده عن زرارة ومحمّد بن مسلم، أنّهما قالا: قلنا لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : ما تقول في الصلاة في السفر، كيف هي؟ وكم هي؟ فقال: إنّ الله عزّ وجلّ يقول:( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ) (٥) فصار التقصير في السفر واجباً كوجوب التمام في

____________________

(١) التهذيب ٣: ٢٢٣ / ذيل الحديث ٥٦٠، والاستبصار ١: ٢٤١ / ذيل الحديث ٨٥٨.

(٢) مرّ في الاحاديث ١ و ٢ و ٤ من هذا الباب.

(٣) تقدم في الباب ٢٣ من أبواب اعداد الفرائض.

الباب ٢٢

فيه ١٣ حديثاً

١ - الفقيه ١: ٢٩٤ / ١٣٤٢.

(٤) مرّ في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب صلاة الخوف والمطاردة.

٢ - الفقيه ١: ٢٧٨ / ١٢٦٦، والعياشي ١: ٢٧١ / ٢٥٤، وأورد ذيله في الحديث ٤ من الباب ١٧ من هذه الأبواب.

(٥) النساء ٤: ١٠١.

٥١٧

الحضر، قالا: قلنا له: إنّما قال الله عزّ وجلّ:( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ) ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك(١) ؟ فقال( عليه‌السلام ) : أو ليس قد قال الله عزّ وجلّ في الصفا والمروة:( فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) (٢) ألا ترون أنّ الطواف بهما واجب مفروض، لأنّ الله عزّ وجلّ ذكره في كتابه وصنعه نبيّه( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وكذلك التقصير في السفر شيء صنعه النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وذكره الله في كتابه، الحديث.

[ ١١٣٢٨ ] ٣ - قال: وقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : من صلّى في السفر أربعاً فأنا إلى الله منه بريء، يعني متعمّداً.

ورواه في( المقنع) مرسلاً، وأسقط قوله: يعني متعمّداً (٣) .

[ ١١٣٢٩ ] ٤ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : المتمّم في السفر كالمقصّر في الحضر.

[ ١١٣٣٠ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن رزارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سمّى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قوماً صاموا حين أفطر وقصّر: عصاة وقال: هم العصاة إلى يوم القيامة، وإنّا لنعرف أبناءهم وأبناء أبناءهم إلى يومنا هذا.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) .

ورواه الصدوق مرسلاً(٥) ، وبإسناده عن حريز، مثله(٦) .

____________________

(١) في المصدر زيادة: كما أوجب التمام في الحضر.

(٢) البقرة ٢: ١٥٨.

٣ - الفقيه ١: ٢٨١ / ١٢٧٣.

(٣) المقنع: ٣٨.

٤ - الفقيه ١: ٢٨١ / ١٢٧٤.

٥ - الكافي ٤: ١٢٧ / ٦، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

(٤) التهذيب ٤: ٢١٧ / ٦٣١.

(٥) الفقيه ١: ٢٧٨ / ١٢٦٦.

(٦) الفقيه ٢: ٩١ / ٤٠٦.

٥١٨

[ ١١٣٣١ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن صالح بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : خيار أُمّتي الذين إذا سافروا أفطروا وقصّروا، الحديث.

ورواه الصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب(١) .

ورواه في( المقنع) مرسلاً ولم يزد على ما ذكر (٢) .

[ ١١٣٣٢ ] ٧ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إنّ الله عزّ وجلّ تصدّق على مرضى أُمّتي ومسافريها بالتقصير والإِفطار، أيسرّ أحدكم إذا تصدّق بصدقة أن تردّ عليه؟

[ ١١٣٣٣ ] ٨ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من صلّى في سفره أربع ركعات فأنا إلى الله منه بريء.

ورواه الصدوق في( عقاب الأعمال) عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، مثله (٣) .

[ ١١٣٣٤ ] ٩ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الامالي) بإسناد تقدّم في إقامة العشرة (٤) عن سويد بن غفلة، عن علي وأبي بكر وعمر وابن عبّاس، أنّهم

____________________

٦ - الكافي ٤: ١٢٧ / ٤، وأورده بتمامه في الحديث ٦ من الباب ١ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

(١) الفقيه ٢: ٩١ / ٤٠٨.

(٢) المقنع: ٣٨.

٧ - الكافي ٤: ١٢٧ / ٢، وأورده في الحديث ٤ من الباب ١ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

٨ - التهذيب ٤: ٢١٨ / ٦٣٣.

(٣) عقاب الأعمال: ٣٢٩.

٩ - أمالي الطوسي ١: ٣٥٧، وأورد قطعة منه في الحديث ١٨ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٤) تقدم في الحديث ٢٠ من الباب ١٥ من هذه الأبواب.

٥١٩

قالوا: إذا سافرت في رمضان فصم إن شئت.

أقول: فتوى علي( عليه‌السلام ) هنا محمول على التقيّة، أو عدم بلوغ المسافر، أو نحو ذلك.

[ ١١٣٣٥ ] ١٠ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار) بإسناد تقدّم في إسباغ الوضوء (١) عن الرضا، عن آباءه (عليهم‌السلام ) قال: سئل محمّد بن علي( عليه‌السلام ) عن الصلاة في السفر؟ فذكر أنّ أباه كان يقصّر الصلاة في السفر.

[ ١١٣٣٦ ] ١١ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال: إنّ الله أهدى إليّ وإلى أُمّتي هديّة لم يهدها إلى أحدٍ من الأُمم كرامة من الله لنا، قالوا: وما ذلك يا رسول الله؟ قال: الإِفطار في السفر، والتقصير في الصلاة، فمن لم يفعل ذلك فقد ردّ على الله عزّ وجلّ هديّته.

[ ١١٣٣٧ ] ١٢ - وفي( العلل) و( عيون الأخبار) بأسانيد تأتي (٢) عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: وإنّما قصرت الصلاة في السفر لأنّ الصلاة المفروضة أوّلاً إنّما هي عشر ركعات، والسبع إنّما زيدت فيها بعد، فخفّف الله عنه تلك الزيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه وإقامته، لئلاّ يشتغل عمّا لا بدّ له منه من معيشته، رحمةً من الله تعالى

____________________

١٠ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٤٥ / ١٦٥.

(١) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٥٤ من أبواب الوضوء.

١١ - الخصال: ١٢ / ٤٣، وأورده عن العلل في الحديث ١٢ من الباب ١ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

١٢ - علل الشرائع: ٢٦٦ / ٩ الباب ١٨٢، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١١٢ / ١ الباب ٣٤.

(٢) يأتي في الفائدة الاولى من الخاتمة برمز ( ب ).

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645