تنزيه القران عن المطاعن

تنزيه القران عن المطاعن0%

تنزيه القران عن المطاعن مؤلف:
الناشر: دار النهضة الحديثة
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 501

تنزيه القران عن المطاعن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عماد الدين أبي الحسن عبد الجبّار بن أحمد
الناشر: دار النهضة الحديثة
تصنيف: الصفحات: 501
المشاهدات: 75703
تحميل: 3753

توضيحات:

تنزيه القران عن المطاعن
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75703 / تحميل: 3753
الحجم الحجم الحجم
تنزيه القران عن المطاعن

تنزيه القران عن المطاعن

مؤلف:
الناشر: دار النهضة الحديثة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ ) ما فائدة هذا التكرار؟ وجوابنا أنّ المراد بالاول أن يتقوا الله في حفظ ما فعلوا من الطاعات والمراد بالثاني ان يتقوا في جميع ما كلّفوا ولذلك قال( إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ) وأما معنى قوله تعالى( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) المراد أنه بتركهم طاعة الله خلاهم وخذلانهم ولذلك قال( أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) كيف يصح ذلك في الجبل وهو جماد؟ وجوابنا أنّ ذلك مثل ضربه الله تعالى لمن لا يتفكر في القرآن ولا يخشع عنده ولذلك قال تعالى( وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ ) ويمكن أن يقال إن المراد به أن الجبل لو كان حيا يصح أن يسمع ويتدبر لكان هذا حاله.

٤٢١

سورة الممتحنة

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) كيف يصحّ ان يستغفر له مع كفره؟ وجوابنا أنّ ذلك وعد منه وقد قال تعالى( وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ) وذلك يقتضي أنّ استغفاره كان بشرط وعلى وجه يحسن عليه ولو كان استغفاره مطلقا لـما قال( وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ ) فإن قيل فما معنى قوله تعالى من بعد( رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) قيل له أنهم سألوا ربهم أن يزيل عنهم الامور التي عندها يشمت الكفار بهم.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ ) كيف وصفهن بالمؤمنات قبل الهجرة وقبل القبول من الرسول صلّى الله عليه وسلم لانه قال( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الْكُفَّارِ ) ؟ وجوابنا أنّ المراد بذلك المظهرات للايمان الراغبات في ذلك فلا تناقض في هذا الكلام لأنّهن يظهرنه ويرغبن فيه ثمّ يدّعين ويختبرن فتعرف حالهن.

٤٢٢

سورة الصف

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ ) أنه جعلهم مع الكبيرة مؤمنين وذلك بخلاف قولكم. وجوابنا أنّه قد يكون مؤمنا وإن وعد بما لا يفعل إذا كان وعده خبرا عن عزمه فلا يكون كاذبا ولكنه إذا أطلق الوعد ولم يستثن ثمّ لم يفعل يقبح منه وقد حكي عن الحسن أنه قال المراد المنافقون أظهروا الايمان وحالهم هذه والاول أقرب وقوله تعالى من بعد( فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ ) فالمراد به عاقبهم على زيغهم على نحو قوله تعالى( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) .

٤٢٣

سورة الجمعة

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ) كيف يصح أن يزكّيهم قبل أن يظهر منهم القبول والطاعة؟ وجوابنا أنّ المراد ويزكيهم على الوجه الذي يحسن كما يتلو عليهم آياته على هذا الوجه ويجوز أن يراد به التزكية التي معها يجوز التكليف من عقل وتمييز وغيرهما ويجوز أن يريد ويدعوهم إلى ما يتزكون به ولذلك قال تعالى( وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) وقوله تعالى( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ) لا يدل إلاّ على أن النبوّة والكتاب من فضله فليس لأحد أن يتعلق بذلك.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( انْفَضُّوا إِلَيْها ) لم لم يقل إليهما؟ وجوابنا أنّ الكلام إذا دلّ على ذلك جاز مثله وقد قيل أنّ المراد التجارة لأنها المقصودة من اللهو الذي هو تابع لها فكأنه نبّه بذلك على ما ينفضون أجمع لاجله دون ما يختص به بعضهم دون بعض.

٤٢٤

سورة المنافقين

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) كيف يكونون كاذبين في هذه الشهادة التي هي حق؟ وجوابنا أنّ شهادتهم كالأخبار عن اعتقادهم ولم يكونوا معتقدين لذلك فصاروا كاذبين وقوله تعالى من بعد( اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً ) يدل على ذلك وأنهم أظهروا ما لا حقيقة له وقوله تعالى( فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) يدل على أن الافعال من قبلهم لأن الله تعالى إن كان خلق ذلك فيهم فكيف يصح كونهم صادّين أو ليس ذلك يوجب أنهم يصدّون الخالق الفاعل وذلك محال.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) كيف يصح في النبي صلّى الله عليه وسلم أن يكون استغفاره إذا وقع لا ينفع ولا يجاب إلى ملتمسه؟ وجوابنا أنّ المراد ما لم يقع وما لم يقع لو وقع فكيف يكون حاله فليس في ذلك أنه لا يجاب إلى ما يلتمس وبعد فانه يحتمل أن يستغفر لهم بشرط معلوم من حالهم خلاف ذلك لأن ذلك ورد في المنافقين فيجوز أن يريد استغفاره لهم على الظاهر فاذا علم الله تعالى نفاقهم علم أنه لا يغفر لهم ولا يكون في ذلك تركا لإجابته لأن طلب الغفران لهم إن كانوا على صفة ليس هم عليها.

٤٢٥

سورة التغابن

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) أما يدل ذلك على انه خلق الكافر كافرا وخلق المؤمن مؤمنا؟ وجوابنا أنّه ليس فيه إلا انه خلقهم ثمّ من بعد قسمهم فلا يدل إلا على أن فيهم كافرا ومؤمنا ثمّ الكلام في أنّ ذلك الايمان والكفر ممّن ليس في الظاهر ؛ وقال أويس عليه رحمة الله لو كان كما ذكروا لـما قال فمنكم كافر ومنكم مؤمن وقوله تعالى من بعد( خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ) يدل على ما نقوله من أنه خلقه لمنفعة العباد ولكي يطيعوا ووصفه تعالى ذلك اليوم بالتغابن يدل على أن المقصّر بالكفر والمعصية يعلم أنه كان يمكنه أن لا يقصر وقوله تعالى( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) يدل على ما نقوله من علامات يفعلها ليميز الملائكة المؤمنين من غيرهم.

٤٢٦

سورة الطلاق

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً ) أن ذلك يدل على ان الرجعة هو الذي يحدثها؟ وجوابنا أنه

تعالى لم يفسر الأمر والمراد عندنا الشهوة ومحبة القلب اللذان يدعوانه إلى الرجعة ويغتم لأجلهما بما فعل من الطلاق وقوله تعالى من بعد( قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) وقد تقدم ذكر المعنى وأن المراد حكمه في هذه الامور وقوله تعالى( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ ) المراد به من ضيّق عليه رزقه أمره بأن لا يبسط يده إلى ما لا يحلّ له بل ينفق مما آتاه من الخيرات.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ) كيف يصح ذلك وفي الناس من لا يجد اليسر بعد العسر؟ وجوابنا أنّه لا أحد ممّن ضيّق عليه الله تعالى إلا ويؤتيه يسرا بعد عسر من جهة أرزاق الدنيا أو من جهة ثواب الآخرة إذا صبر واحتسب.

٤٢٧

سورة التحريم

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) أليس ذلك يدل على ان الله تعالى يأمرهم ويكلّفهم وعندكم ان الآخرة ليست بدار تكليف؟ وجوابنا أنّه في الآخرة يجوز أن يأمر تعالى ولا يكون أمره تكليفا كما تقوله في قوله تعالى( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً ) وإنّما نمنع من ثبوت الأمر في حال التكليف ولا يكون تكليفا والله تعالى يأمر الملائكة الموكّلة بعذاب أهل النار بما يتلذذون به من عذاب أعداء الله فلا يعصون كما ذكره الله تعالى ولا يجوز في الأمر إذا كان بشيء يلتذّ به أن يكون تكليفا وفي هذه السورة أدلّة على قولنا منها قوله تعالى( قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً ) فلو لم يكن تصرف العبد من فعله لـما صح ان يقي نفسه وغيره ومنها قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ ) لأنه لا يجوز أن يقول لا تعتذروا ولهم عذر لأن ذلك سفه فالمراد لا تعتذروا فما عذر لكم ولو كان تعالى خلق الكفر في الكافر وأراده وأوجده فيه بالقدرة والارادة لكان ذلك من أوكد ممّا يعتذرون به ولكان لهم أن يقولوا لو أقدرتنا على الطاعة لفعلنا وإنّما أوتينا من جهة أنك لم تقدّرنا ولم تخلق فينا الايمان بل خلقت فينا ضدّه ومنها قوله تعالى( إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) فانه يدل على ان العمل من العبد والجزاء من الله تعالى.

٤٢٨

سورة الملك

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ ) كيف يصح في النجوم ان يجعلها رجوما للشّياطين وهي ثابتة أبدا في مكانها؟ وجوابنا أنّ المراد ما ينفصل منها ممّا يشاكلها فيصح بذلك إضافة الرجوم إليها.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أو اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ) أليس ذلك يدل على أنه الخالق لقولهم وسرهم؟ وجوابنا أنّ المراد ألا يعلم من خلق الصدر ما يودعون فيه من سر وجهر فكأنه بين انه عليم بذات الصدور ومقتدر عليها ومن هذا حاله لا تخفى عليه خافية وقوله من بعد( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ) لا يدل على أن السماء مكانه لأن المراد من في السماء ملكه وقدرته على الخسف والكسف وكذلك قال بعده( أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ) وقوله تعالى( أَوَلَمْ يَرَوْا إلى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ ) ربما تعلقوا به في انه الخالق فيهم الوقوف في الهواء. وجوابنا أنّ المراد أنه الفاعل في الهواء ما عنده يصح منها الطيران والوقوف.

٤٢٩

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ ) كيف يصح ذلك ومعلوم أن الماء المعين يخرجه من معه الآلة؟ وجوابنا أنّ المراد ان يصبحوا والماء قد غار ويبس وذلك يدل على انقطاع الماء في ذلك المكان ولا يعمل بالفأس إذا انتهى مكان الماء إلى هذا الحد وبعد فلولا أنه تعالى يمد بالماء لمكان الفأس لم تؤثر في ذلك.

٤٣٠

سورة ن

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ) كيف يصح أن يكلف في الآخرة بالسجود من لا يستطيعه؟ وجوابنا أنّ ذلك ليس بدعاء على وجه الأمر بل هو توبيخ وتبكيت لهم من حيث تركوا السجود وهم متمكنون ولذلك قال بعده( وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ ) ولو كان الأمر كما يقوله المجبرة لكان الدعاء في الدنيا والآخرة سواء في أنه إن خلق فيهم السجود صاروا ساجدين وإن لم يخلق كانوا تاركين وفي قوله تعالى من بعد( أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ) دلالة على أنه تعالى يكتب في اللوح المحفوظ الكثير من الغيوب وأما ذكر السّاق فالمراد به شدّة الامر كقوله تعالى( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) يعني الشدة بالشدة يوم القيامة.

[ مسألة ] وربما تعلق بعضهم بقوله( وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ) فقالوا إن العين حق. وجوابنا أنّ المراد النظر المكروه منهم عند قراءة القرآن عليهم يبين ذلك أن العين لو كانت حقا كما يقولون لكانت تؤثر فيما يعجب به ويعظم لا في خلافه.

٤٣١

سورة الحاقة

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ) كيف يصح ذلك ومن خوطبوا بذلك لم يحملوا في سفينة نوح؟ وجوابنا أنّ المراد حملنا من أنتم من نسله فهو بمنزلة قوله تعالى في سورة البقرة( وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ) والمراد من أنتم منهم ونجاتكم بنجاتهم.

[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى( فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ ) أليس ذلك خلاف قوله( لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ ) ؟ وجوابنا أنّه لا يمتنع في قوم أن لا طعام لهم إلا من ضريع ويجوز أن يكون المراد ليس لهم طعام إلا من ضريع ولا شراب إلا من غسلين وهو ما يسيل من صديدهم فسمّاه طعاما من حيث يستطعم.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) كيف جعله قول جبريل وهو كلام الله تعالى؟ وجوابنا أنّه إذا سمع منه جازت هذه الاضافة لانه منه علم ولولاه لم يعلم فاما قوله من قبل( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) فلا يصح أن يتعلق به المشبهة لأن العرش في السّماء مكان لعبادة الملائكة فيحملونه ويطوفون حوله ويضاف إلى الله تعالى من حيث خلقه كما يضاف العبد إلى الله تعالى وقوله تعالى( وَلَوْ تَقَوَّلَ

٤٣٢

عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) لا يصحّ تعلقهم به لاثبات اليمين له تعالى لأن المراد القدرة على ما بيناه في غير موضع وعلى هذا الوجه يقال إن فلانا يملك فلانا ملك يمين إذا أمكنه التصرف فيه وإن لم يكن له يمين وعلى هذا الوجه قال الشاعر :

إذا ما راية رفعت لمجد

تلقاها عرابة باليمين

يعني ببأس وقوة.

تنزيه القرآن (٣٨)

٤٣٣

سورة المعارج

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ) أليس ذلك يدل على جواز الصعود والنزول عليه؟ وجوابنا أنّ إضافة الشيء لغيره بهذا اللفظ قد تكون بأن يفعله وقد تكون بخلافه ولله تعالى معارج خلقها للملائكة ولذلك قال( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) فلا تعلق للقوم بذلك.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً ) كيف يصح وهو متناقض وكيف يصح القرب على الله تعالى؟ وجوابنا أنّ المراد يوم القيامة وقوله تعالى( يَرَوْنَهُ بَعِيداً ) بمعنى الظن( وَنَراهُ قَرِيباً ) بمعنى العلم وذلك لا يتناقض ولا يجوز أن تراد به الرؤية وذلك اليوم معدوم.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ) أليس يدل على أن هلعه من خلق الله تعالى؟ وجوابنا أنّ المراد انه خلق وهو على حد من الضعف يصيبه الهلع به عند الحوادث ولذلك قال تعالى بعده( إذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ) ما

٤٣٤

فائدة ذلك وهل هو تعلق بما وصفه من طمعهم وكيف يعلمون ممّا ذا خلقوا؟ وجوابنا أنّ ذلك ورد في الكفار الذين قال تعالى فيهم( فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ ) ولا يمتنع فيهم أنهم كانوا يعرفون مع كفرهم انهم خلقوا من نطفة وان ذلك الخلق من فعله تعالى فيصح قوله تعالى( إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ) في الجملة وفائدته أنه بين أنّ من خلق من ماء مهين لا يجوز أن يستوجب الجنة وإنّما يستوجبها لعلمه إذ الفضل يقتضي ذلك ويحتمل أن يريد خلقناهم مما يعملون من التكليف فكيف يصح أن يطمعوا فيما طمعوا فيه ولا أثر لهم فيه ولا عين.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ ) كيف يصح ذلك وقد ذكر في موضع( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) وفي موضع( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) ؟ وجوابنا أنّ المراد بالمشرق والمغرب جنس ذلك أو واحده في كل يوم والمراد بالمشرقين مشرق الشتاء ومشرق الصيف ومغربهما والمراد بالمشارق ما نعلمه من اختلاف المطالع في كل يوم فلا تناقض في ذلك.

٤٣٥

سورة نوح

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) ثمّ قال بعده( إِنَّ أَجَلَ اللهِ إذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ ) وهذا متناقض؟ وجوابنا أنّه لا تناقض في ذلك، لأن ذلك الأجل المقدّر الذي ضمنه إذا عبد الله تعالى وأطيع لا يتأخر وهذا الأجل عندنا مقدّر غير محقق لأنهم إذا لم يعبدوه فأجلهم هو المكتوب ولا تأثير يقع فيه. فان قيل فكيف قال تعالى( أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ) ومن عبد الله واتقاه استحق غفران كلّ ذنوبه؟ وجوابنا أنّ من قد تدخل زائدة كما تدخل للتبعيض وهي هاهنا زائدة ويحتمل أنه يريد ان الغفران يكون في هذا الجنس كما يقال باب من حديد وقوله تعالى من بعد( قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً ) المراد به تشدد القوم في الانكار والجحود والنفور من قبول الحق ولذلك قال تعالى( وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ) .

[ مسألة ] وربما تعلقت المشبهة بقوله تعالى( ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً ) ؟ وجوابنا في ذلك أن المراد ما لكم لا تعظمونه حق عظمته إذ الوقار الذي يظهر في الاجسام يستحيل عليه تعالى ولذلك قال تعالى بعده( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً ) فالمراد ما يتعلق بخلقه من شكر عباده.

٤٣٦

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً ) كيف يصح ذلك ونور القمر يكون على الأرض لا فيما بين السموات؟ وجوابنا أنّ المراد وجعل القمر بينهن وبين الارض نورا أو لـما جمع السماء أجمع بلفظة واحدة جاز في نور القمر وهو ينالها أيضا كما ينال الأرض ان يقول ذلك.

[ مسألة ] وربما سألوا في قوله تعالى( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) كيف يصح ذلك وأكثر أهل الأرض من الكفار وكيف يصح ان يظهر خلاف ما قدره الله تعالى من بقاء هؤلاء الكفار وكيف قال تعالى بعده( وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً ) والمولود لا يكون بهذا الوصف؟ وجوابنا أنّ مراد نوح7 الكفار الذين كانوا في زمنه ومن أعلمه الله أنه لو أبقاهم أبدا لم يؤمنوا فدعا الله تعالى عليهم بهذا الدعاء وأجاب الله دعوته بأن أغرقهم فأما قوله تعالى( وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً ) فالمراد من سيفجر ويكفر نبّه بذلك على أنه كما ان المعلوم أنهم لا يؤمنون فمن المعلوم أيضا أنه لا يكون في نسلهم مؤمنون.

٤٣٧

سورة الجن

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ ) كيف يصح ذلك؟ وجوابنا أنّ المراد ميلهم اليهم وإلى القبول منهم ومن أطاع غيره وعظمه يوصف بذلك كما قال تعالى( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) بأن أطاعوهم.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ ) كيف يصح ذلك مع انقضاض الكواكب والشّهب عليهم ومنعهم من ذلك؟ وجوابنا أنّ المراد طلبنا لمس السماء والقرب منها لتعرف الاخبار فلذلك قال بعده( فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً ) وذلك بيان منهم انهم منعوا من ذلك.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ) كيف يتعلق ما أمر به من ترك عبادة غير الله بأنّ المساجد لله؟ وجوابنا أنها مكان العبادة ومبنية لذلك فقال فلا تعبدوا فيها سوى الله.

٤٣٨

اللام لام العاقبة؟ فأما الكلام في الضلال والهدى فقد تقدم وقوله تعالى من بعد( فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ ) فالمراد به الذكر الذي هو الطاعة لأنه من قبيل ما لا يصح من العبد أن يشاءه إلا والله قد شاء منه وكلفه إياه.

٤٣٩

سورة القيامة

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) أنه اقوى دليل على أن الله تعالى يرى في الآخرة؟ وجوابنا أنّ من تعلق بذلك إن كان ممن يقول بأن الله تعالى جسم فإنا لا ننازعه في أنه يرى بل في أنه يصافح ويعانق ويلمس تعالى الله عن ذلك وإنّما نكلمه في انه ليس بجسم وان كان ممن ينفي التشبيه على الله فلا بد من أن يعترف بأن النظر إلى الله تعالى لا يصح لان النظر هو تقليب العين الصحيحة نحو الشيء طلبا لرؤيته وذلك لا يصح إلا في الاجسام فيجب أن يتأوّل على ما يصح النظر اليه وهو الثواب كقوله تعالى( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) فإنا تأولناه على أهل القرية لصحة المسألة منهم وبين ذلك ان الله ذكر ذلك ترغيبا في الثواب كما ذكر قوله( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ) زجرا عن العقاب فيجب حمله على ما ذكرناه وقوله من قبل( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ ) يدل على أنه لا عذر للعبد إذا هو عصى ربه ولو كان الكفر مخلوقا فيه لكان له أوكد العذر على ما قدمنا من قبل؟ وقوله تعالى من بعد( ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ) هو الذي يورده العلماء على جواز الاعادة وصحتها فانه تعالى إذا قدر على الاحياء أولا على هذا الحد الذي نجد الاحياء عليه فيجب ان يقدر على اعادة ذلك.

٤٤٠