شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

سلسة زاد المبلغ زاد المبلغ في شهر الله

المحاضرة الرابعة والعشرون:

الهداية

الهدف

التعريف بمعنى الهداية وكيفيّة سلوك سبلها والإستضاءة بنورها.

تصدير الموضوع

"يا غفّار بنورك اهتدينا وبفضلك أصبحنا وأمسينا".

المدخل

إنّ للهداية معنيين: الأول بمعنى الإيصال الى الغاية، والثاني هو إراءة الطريق المؤدية إلى الصلاح، كأن يسألك شخص عن قضيّة زواج أو شراكة مع شخصٍ آخر، أو تجارةٍ أو سفر وما شابه فتهديه إلى الصلاح والخير، ونحن مكلّفون بالثاني.

والمراد من الهداية الدينيّة إراءة الطريق المنجية في الآخرة وإنارتها

له، ويبقى على الإنسان حرّية وإرادة الإختيار. قال تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾(١)

محاور الموضوع

الهداية من الله:

لا شكّ أنّ الهادي لكافّة الكائنات إلى كمالها هو الله، بما أودع الكون من آيات وبما أفاض على الإنسان من قوى وقابليات ومواهب، ليسلك بها معارج الكمال، وما على الإنسان إلّا التفاعل والتجاوب مع هذه المودعات الإلهيّة.

ثواب الهداية:

عن سماعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : "قال: قلت له: قول الله عزّوجلّ: ﴿ومَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ و ﴿مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾؟ قال: من أخرجها من ضلال الى هدى فكأنما أحياها، ومن أخرجها من هدى الى ضلال فقد قتلها"(٢)

____________________

١- الانسان ٣.

٢- أصول الكافي، ج٢، ص٢١٠.

قال الإمام عليعليه‌السلام : "بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى اليمن، وقال لي: يا علي، لا تقابلنّ أحداً حتى تدعوه، وأيم الله لان يهدي الله على يديك رجلاً خيّر لك ممّا طلعت عليه الشمس وغربت"(١) .

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لا يتكلّم الرجل بكلمة حقّ يؤخذ بها إلّا كان له مثل أجر من أخذ بها، ولا يتكلّم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلّا كان له مثل وزر من أخذ بها"(٢)

لا تكن من هؤلاء فتحرم الهداية

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾(٣) .

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾(٤) .

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾(٥) .

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾(٦) .

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾(٧) .

____________________

١- بحار الأنوار،ج ٢١، ص ١٦٧.

٢- بحار الأنوار، ج٢، ص ١٩.

٣- القصص ٥٠

٤- المائدة ٦٧

٥- المنافقون ٦

٦- غافر ٢٨

٧- الزّمر ٣

من طرق الهداية

١- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴾(١) .

٢- السلوك العملي: فقد ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "كونوا دعاةً لنا بغير ألسنتكم"(٢) .

٣- الدعاء: قال تعالى: ﴿اهدِنَ----ا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾(٣) .

٤- التعاون والتعاضد: قال تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾(٤) .

____________________

١- ال عمران ١٠٣.

٢- حاشية مجمع الفائدة والبرهان، الوحيد البهبهاني، ص٢٤.

٣- الفاتحة، ٥.

٤- العصر، ٤ - ٥.

المحاضرة الخامسة والعشرون:

التعلّم والتفقّه

الهدف:

حثّ الناس على التعلّم والحضور في مجالس العلماء ومعرفة الأحكام والمسائل الأساسيّة، وما لذلك من ثواب وأجر كبير.

تصدير الموضوع:

"اللهم اعطني بصيرةً في دينك، وفهماً في علمك، وفقهاً في حكمك، وكفلين من رحمتك، وورعاً يحجزني عن معاصيك".

المدخل

اهتمّت الشريعة اهتماماً بالغاً بموضوع العلم حتى اعتبرته فريضة على كلّ مسلم ومسلمة، فبه تعمر البلاد ويعبد الله وتقضى حوائج الناس، وإنّ أدنى مقارنة بين الدول التي تهتمّ بالعلم وغيرها يكشف حجم الفرق في النتائج التي يعطيها الإهتمام بالعلم عن تركه.

عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "العلم رأس الخير كلّه والجهل رأس الشرّ كلّه"(١) .

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "قلب ليس فيه شيء من الحكمة كبيت خرب، فتعلّموا وعلّموا وتفقّهوا ولا تموتوا جهالاً، فإنّ الله لا يعذر على الجهل"(٢) .

محاور الموضوع:

الدعوة الى العلم والتفقّه

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لوددت أنّ أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقّهوا"(٣)

وعن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام : "لو يعلم الناس ما في العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج"(٤) .

____________________

١- بحار الأنوار، ج٧٧، ص١٧٥.

٢- كنز العمال، خ٢٨٧٥٠.

٣- أصول الكافي، ج١، ص٣١.

٤- أصول الكافي، ج١، ص٣٥.

مناقب العلم في القرآن

تناول القرآن الكريم مجموعة من الآثار والبركات التي ينعم بها أهل العلم ومنها:

١- علو الدرجات: قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾(١) .

٢- الإيمان: قال تعالى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ﴾.(٢)

٣- توحيد الله: قال تعالى: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَ-هَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ ﴾(٣) .

٤- البكاء والخشوع: قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ........... وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ ﴾(٤) .

٥- الخشية من الله: قال تعالى:﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾.(٥)

____________________

١- المجادلة ١١.

٢- آل عمران، آية ٧ ؟

٣- آل عمران، آية ١٨.

٤- الإسراء، من ١٠٧ الى ١٠٩.

٥- فاطر، آية ٢٨.

فضل العلم:

١- قربه من درجة النبوّة: فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "أقرب الناس من درجة النبوّة أهل العلم والجهاد"(١) .

٢- العلم أفضل من العبادة: فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "من خرج يطلب باباً من علم ليرد به باطلاً الى حقّ أو ضلالة الى هدى كان عمله ذلك كعبادة متعبّد أربعين عاماً"(٢) .

وعنهعليه‌السلام : "فضل العلم أحبّ الى الله من فضل العبادة"(٣) .

٣- العلم سبيل الى الجنّة: عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنّة"(٤) .

٤- عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "إنّ طالب العلم يستغفر له كلّ شيء حتى الحيتان في البحر"(٥) .

____________________

١- المحجة البيضاء، ج١، ص١٤.

٢- بحار الأنوار،ج١،ص١٨٢.

٣- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج٢٠، ص٣٥٨

٤- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٣، ص٢٠٧٣.

٥- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٣، ص٢٠٧٣.

المحاضرة السادسة والعشرون:

الإستعداد للموت

الهدف:

التذكير بأنّ الإنسان المؤمن العاقل هو الذي يستعدّ للموت وسكراته والقبر وأهواله والحياة الآخرة قبل فوات الأوان.

تصدير الموضوع:

"وما لي لا أبكي وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت".

المدخل

- الموت يقين لا شك فيه وواقع لا مفرّ منه وقضاء لا مردّ له وحقيقة لا ريب فيها، وقد ورد في دعاء الصباح: "فيا من توحّد بالعزّ والبقاء وقهر عباده بالموت والفناء"(١) .

____________________

١- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٩١، ص٢٤٦.

محاور الموضوع:

الإستعداد للموت

روي أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام رأى في أحد الأيام رجلاً قد مات ابنه وجزع لذلك جزعاً شديداً ونفذ صبره، فقال له الإمامعليه‌السلام : "جزعت للمصيبة الصغرى وغفلت عن المصيبة الكبرى، لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدّاً لما اشتدّ عليك جزعك، فمصابك بترك الاستعداد أعظم من مصابك بولدك"(١) .

الإستعداد للموت يعني المعرفة الحقّة بعقبات الموت وأهواله وعقباته ومنازله وحقيقة ما سيواجهه كلّ إنسان، ومعرفة الأمور التي تنجيه، وإستشعار نفسه التقصير الدائم والتفكير المستمر بالموت وما يستتبعه من عظائم الأمور.

الحرص على سلامة الدين

الإستعداد للموت يعني أن يبقى الإنسان على سلامة في دينه حتى إذا ما وافاه الموت في أي حين كان مستعّداً، وهذا ما سأل عنه الإمام عليعليه‌السلام بعدما أخبره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه ينبعث إليه أشقى الأوّلين

____________________

١- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج١، ص٨.

والآخرين فيضربه بالسيف على هامة رأسه فقال أمير المومنينعليه‌السلام "أو يكون ذلك في سلامة من ديني"(١) .

عليّ الأكبر عندما يسأل والده عندما قال: كأنّي بهاتف يقول القوم يسيرون والمنايا تسير معهم، سأله: أولسنا على الحقّ ؟ فقالعليه‌السلام : نعم، فقال علي الأكبر: إذن لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا.

بعض العقبات والأهوال التي وردت في الدعاء:

القدر المحتوم: وما لي لا أبكي وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت.

الجهل بمصيره: وما لي لا أبكي ولا أدري إلى ما يكون مصيري.

شدّة الاحتضار: فما لي لا أبكي أبكي لخروج نفسي.

أهوال القبر: أبكي لظلمة قبري ابكي لضيق لحدي.

المساءلة والمحاسبة: أبكي لسؤال منكر ونكير إيّاي.

البعث والنشور: أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً حاملاً ثقلي على ظهري.

الوحدة وانشغال الخلق عنه: أنظر مرة عن يميني وأخرى عن شمالي إذ الخلائق في شأن غير شأني(٢) .

____________________

١- إقبال الأعمال، السيد ابن طاووس، ج١، ص٢٧.

٢- الصحيفة السجادية (ابطحي)، الإمام زين العابدين، ص٢٢٦.

الأنس بالموت

إنّ الإستعداد للموت قد يرتقي الى درجة الأنس والرغبة في الإنعتاق من سجن الدنيا والبدن الى رحاب الرحمة الإلهيّة، وذلك عندما يصبح الموت معبراً للقاء الله والفوز برضوانه والنعيم الخالد.

عن الإمام عليعليه‌السلام :" والله لابن أبي طالب لآنس بالموت من الطفل الرضيع بثدي أمّه"(١) .

____________________

٥- نهج البلاغة، ج١، ص٤١.

المحاضرة السابعة والعشرون:

عاقبة الظلم

الهدف:

التعريف أنّ ظلم النفس والناس والعباد من أكبر الموبقات والأكثر افساداً لحياة الإنسان وآخرته.

تصدير الموضوع:

"فالآن من عذابك من يستنقذني، ومن أيدي الخصماء غداً من يخلّصني".

المدخل

الظلم بمعنى الجور، وهو تجاوز الحد، ويأتي بمعنى وضع الشيء في غير موضعه، وهو عنوان عامّ تندرج تحته كافّة الذنوب والخطايا لأنّها تجاوز لحدود الله تعالى، وقد توعّد الله الظالمين بالهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة.

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ ﴾(١) .

قال تعالى: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ﴾(٢) .

محاور الموضوع:

الظلم في كلمات عليعليه‌السلام

من كلامٍ لأمير المؤمنينعليه‌السلام : "والله لإن أبيت على حسك السعدان مسّهدا أو أُجرّ في الأغلال مصفّدا، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفس يُسرع الى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها"(٣) .

ومن كلامه أيضاً:" والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبها جلب شعيرة ما فعلته"(٤) .

وعنهعليه‌السلام : "من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده"(٥) .

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :" بين الجنّة والعبد سبع عقاب (أي عقبات)،

____________________

١- يونس، ١٣.

٢- النمل، ٥٢.

٣- نهج البلاغة، خطبة ٢٢٤،

٤- نهج البلاغة، ج٢، ص٢١٨.

٥- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٧٧٠.

أهونها الموت، قال أنس: قلت: فما أصعبها ؟ قال: الوقوف بين يدي الله عزّوجلّ إذ تعلّق المظلومون بالظالمين"(١) .

أنواع الظلم

عن الإمام عليعليه‌السلام : "ألا وإنّ الظلم ثلاثة: فظلمٌ لا يغفر، وظلمٌ لا يترك، وظلمٌ مغفور لا يُطلب، فأمّا الظلم الذي لا يُغفر فالشرك بالله، وأمّا الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، وأمّا الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد بعضهم بعضاً"(٢) .

أبشع الظلم

إنّ أبشع الظلم وأشدّه على الله ظلم الضعفاء والعاجزين، كظلم الحكّام لشعوبهم ومصادرة حقوقهم وفرض الحياة الشاقّة عليهم، وتكبيدهم ما لا يطيقون ومعاقبتهم بما لا يستحقّون.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "ما من مظلمةٍ أشدّ من مظلمةٍ لا يجد صاحبها عليها عوناً إلّا الله عزّوجلّ"(٣) .

____________________

١- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٧٧١.

٢- نهج البلاغة، الحكن ١٧٦.

٣- الكافي، ج٢، ص٣٣١.

عن الإمام عليعليه‌السلام : "من أفحش الظلم ظلم الكرام"(١) . كظلم أهل الخير والإيمان وظلم المجاهدين وأهل البرّ والعمل الصالح.

إيّاك وإعانة الظالم أو الإستقواء به

وإعانة الظالم من أكبر الكبائر وهي بمثابة الظلم نفسه، وقد توعّد الله مرتكبها بالنّار في الآخرة، قال تعالى: ﴿و لاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾(٢) .

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "من أعان ظالماً على ظلمه جاء يوم القيامة وعلى جبهته مكتوب آيسٌ من رحمة الله"(٣) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :" إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أين الظلمة وأعوانهم، من لاق لهم دواة أو ربط كيساً أو مدّ لهم قلم، فاحشروهم معهم"(٤) .

____________________

١- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٧٧٤.

٢- هود، ١١٣.

٣- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٧٧٩.

٤- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٧٧٨.

المحاضرة الثامنة والعشرون:

حصائد اللسان

الهدف:

التركيز على ضبط اللسان وعدم الإنسياق في منزلقات الكلام وإسفافاته.

تصدير الموضوع:

"ولك الحمد على بسط لساني، افبلساني هذا الكالّ اشكرك، أم بغاية جهدي في عملي أرضيك، وما قدر لساني يا ربّ في جنب شكرك".

المدخل

نعمة اللسان والبيان من أهمّ النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، بها تتعارف الناس وتتحاور وتتفاهم، ومن خلالها تُعرف شخصيّة المرء ومكنوناتها.

عن الإمام عليعليه‌السلام : "تكلّموا تعرفوا، فإنّ المرء مخبوء تحت لسانه"(١) .

تكمن أهميّة ضبط اللسان في كونه مفتاحاً لصلاح وإيمان المرء، كما أنّه مفتاح للشرّ ودخول النار، فقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :" لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه"(٢) .

محاور الموضوع:

ضوابط اللسان

تناولت أحاديث الرسول وأهل بيت العصمة ضرورة التحكّم بهذه النعمة الإلهيّة، ووضعت جملة من الضوابط والقيود التي تنجي أصحابها من الأذى في الدنيا والنار في الآخرة، وهنا نورد ما جاء في رسالة الحقوق للإمام السجّادعليه‌السلام :"حقّ اللسان إكرامه عن الخنا، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبرّ بالناس، وحسن القول فيهم"(٣) .

١- ضبط اللسان: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : " وهل يُكبّ الناس في النار إلاّ حصائد ألسنتهم، قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما النجاة؟ قال: أملك عليك لسانك"(٤) .

____________________

١- نهج البلاغة، ج٤، ص٩٣.

٢- نهج البلاغة، ج٢، ص٩٤

٣- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.١٥، ص١٧٢

٤- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.١٢، ص١٩١

وورد عن الإمام عليعليه‌السلام : "لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه"(١) .

٢- عدم الكلام فيما لا يعنيك: قال الإمام الحسينعليه‌السلام يوماً لابن عباس: "لا تتكلمنّ فيما لا يعنيك فإنّي أخاف عليك الوزر، ولا تتكلّمن فيما يعنيك حتى ترى للكلام موضعا"(٢) .

من الآفات التي يعيشها مجتمعنا اليوم، والتي تحتاج الى معالجة وتوعية أنّ كثيراً من الناس يعتبرون أنّ كثرة الكلام، والمشاركة في أيّ حديث، والخوض في الجدال، وتعبئة السهرات والجلسات بلغو الكلام من الفضائل التي يُنظر الى صاحبها بإكبار وإعجاب، في حين أنّ كثرة الكلام باب الى كثرة الخطأ وكثرةالذنوب.

٣- مداومة المرء على جميل الكلام: "عوّد لسانك لين الكلام وبذل السلام يكثر محبّوك ويقلّ مبغضوك"(٣) .

٤- الإبتعاد عن الكلام المسيء: فمن الضروري للإنسان المؤمن اختيار ألفاظه ومفرداته وعباراته، وترك الكلام الجارح أو المبطّن أو الذي يحتمل التأويل.

____________________

١- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.١٥، ص٢٨١.

٢- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٥٧، ص١٢٧..

٣- عيون الحكم والمواعظ، علي بن محمد الليثي الواسطي، ص٣٤٠.

٥- الإبتعاد عن السبّ واللعن والشتم ولو مازحاً: ورد في الحديث: " ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء"(١) .

عذاب اللسان

وإنّما اشتدّ عذاب اللسان يوم القيامة، لما للكلام من آثار عظيمة وخطيرة قد تؤدّي الى بلاءات وكوارث بل وحروب ودمار.

عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "يعذّب الله اللسان بعذاب لا يعذّب به شيئاً من الجوارح، فيقول: يا ربّ عذّبتني بعذاب لم تعذّب به شيئاً من الجوارح؟ فيُقال له: خرجت منك كلمةٌ فبلغت مشارق الأرض ومغاربها، فسفك بها الدّم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام"(٢) .

____________________

١- جامع السعادات، محمد مهدي النراقي، ج١، ص٢٧٧.

٢- أصول الكافي، ج٢، ص١١٥.