شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

سلسة زاد المبلغ زاد المبلغ في شهر الله

٢- أن تضعيف العمل الجماعيّ هو تضعيف لكافّة الأفراد.

٣- عدم جواز إفشاء أسرار العمل الجماعيّ، فعن الإمام عليعليه‌السلام : "أنجح الأمور ما أحاط به الكتمان"(١)

٤- ضرورة التكامل والتماسك وعدم السماح بالخلل أو زعزعة الصفّ الجماعيّ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ﴾(٢) .

وفي الحديث الشريف: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى"(٣) .

٥- عدم التنازع: قال تعالى: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾(٤) .

____________________

١- عيون الحكم والمواعظ، علي الواسطي، ص١٢٣.

٢- الصف،

٣- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٤، ص٢٨٣٧.

٤- الآية الانفال ٤٦.

المحاضرة الخامسة عشرة:

السعي للرزق الحلال عبادة

الهدف:

حثّ الناس على التكسب من الحلال وإن قلّ وبيان الفضل في ذلك وتجنب التكسب بالحرام وإن كثر.

تصدير الموضوع:

"ولا تسلبني صالح ما أنعمت به عليّ وارزقني من فضلك رزقا واسعاً حلالاً طيباً".

المدخل

إنّ طلب الرزق الحلال فريضةٌ أوجبها الله تبارك وتعالى على كلّ مسلم ومسلمة، وحثّ على القيام بها وعدم التواكل أو التراخي في ذلك، وذلك إحياءً للمجتمع ونبذاً للفقر وطلباً للعيش الهانىء والكريم.

محاورالموضوع:

الرزق من الله

من الضروري بدايةً الإيمان أنّ الرزق من الله، وهو الذي يرزق عباده جميعاً سواء العاصي منهم أو المطيع.

قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ ﴾(١) .

قال تعالى: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا ﴾(٢) .

الرزق مقسوم

وكما أنّ الله تعالى يرزقهم يؤكد القرآن الكريم أنّ الله هو الذي يقسّم الأرزاق بين العباد، إنّ التفاوت في رزق الناس أمر ضروري، وإلّا لوقع الظلم والفساد.

قال تعالى: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ﴾(٣) .

قال تعالى: ﴿وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ ﴾(٤) .

____________________

١- سبأ ٣٦،

٢- هود، ٦.

٣- الشورى، ٢٧.

٤- النحل، ٧١.

علّة التفاوت في الرزق

وأمّا في علّة ذلك فأمران: الإختبار وتربية النفوس على الفضائل، فقد ورد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "وقدّر الأرزاق فكثّرها وقلّلها، قسّمها على الضيق والسعة، فعدل فيها ليبتلي من أراد، بميسورها ومعسورها، ويختبر بذلك الشكر والصبر من غنيّها وفقيرها"(١) .

فضيلة طلب الحلال

١- أفضل العبادة: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :"العبادة عشرة أجزاء تسعة منها في طلب الحلال"(٢) .

٢- له أجر المجاهد: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله"(٣) .

٣- من أهل الخير: عن الصادقعليه‌السلام : "لا خير في من لا يحب جمع المال من حلال فيكفّ به وجهه، ويقضي به دينه"(٤) .

٤- استحقاقه المغفرة: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "من بات كالّاً من طلب الحلال بات مغفوراً له"(٥) .

____________________

١- نهج البلاغة، ج١، ص١٧٧.

٢- نور الافهام في علم الكلام، السيد اللواسي، ص٣٣٣.

٣- فقه الرضا، ابن بابويه، ص٢٠٨.

٤- الكافي، ج٥، ص٧٢.

٥- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج١٢، ص١٣.

بعض ما يُنزل الرزق ويزيده

١- برّ الأرحام: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "من حسن برّه أهل بيته زيد في رزقه"(١) .

٢- الخلق الحسن: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "حسن الخلق يزيد في الرزق"(٢) .

٣- مواساة الإخوان: عن الإمام عليعليه‌السلام : "مواساة الأخ في الله يزيد في الرزق"(٣) .

٤- الصدقة: عن الإمام عليعليه‌السلام : "استنزلوا الرزق بالصدقة"(٤) .

٥- الدعاء بظهر الغيب: عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "عليك بالدعاء لإخوانك بظهر الغيب فإنّه يهيل الرزق"(٥) .

٦- صفاء النيّة: عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "من حسنت نيّته زيد في رزقه"(٦) .

وممّا ورد في دعاء مكارم الأخلاق حول طلب الرزق: "اللهم صلّي

____________________

١- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٠٧٣.

٢- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٢، ص١٠٧٣.

٣- روضة الواعظين، النيسابوري، ص٤٥٥.

٤- الكافي، ج٤، ص١٠.

٥- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج٧، ص١٠٨.

٦- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج١، ص٥١.

على محمّد وآل محمّد وصن وجهي باليسار، ولا تبتذل جاهي بالإقتار، فاسترزق أهل رزقك، وأستعطي شرار خلقك، فأفتتن بحمد من أعطاني، وأُبتلى بذمّ من منعني، وأنت من دونهم وليّ الإعطاء والمنع"(١) .

____________________

١- الصحيفة السجادية، الامام زين العابدين، ص١١٥.

المحاضرة السادسة عشرة:

القناعة

الهدف

إبراز أهميّة القناعة وضرورتها في الحياة، وجمال الإتّصاف بها.

تصدير الموضوع

"أعوذ بك من نفس لا تقنع وبطن لا يشبع وقلب لا يخشع"(١) .

المدخل

لا شكّ أنّ للقناعة دوراً كبيراً في لجم غرائز النفس ومشتهياتها، وأنّه لولاها تغدو حياة الإنسان مريرة شاقّة لا يستطيع الإنسان أن يملكها أو يتحكّم بها.

____________________

١- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص١٠٥.

والقناعة تعني ترويض النفس على الإكتفاء بالمسائل الضرورية والتي لا يمكن الإستغناء عنها، وكبح جماحها عمّا سوى ذلك.

شكا رجل إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه يطلب فيصيب فلا يقنع، وتنازعه نفسه إلى ما هو أكثر منه، وقال: علّمني شيئاً أنتفع به، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : "إن كان ما يكفيك يغنيك فأدنى ما فيها يغنيك، وإن كان ما يكفيك لا يغنيك فكلّ ما فيها لا يغنيك"(١) .

محاور الموضوع

القناعة في القرآن

والقرآن الكريم يربّي الإنسان على عدم الطمع بما في أيدي الغير فيقول: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا ﴾(٢) .

سئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن قوله تعالى: ﴿ومَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾(٣) فقال: "هي القناعة "(٤) .

____________________

١- الوافي، ج٣، ص٧٩.

٢- طه، ١٣١.

٣- النحل، ٩٧.

٤- نهج البلاغة، الحكم، ٢٢٩

آثار القناعة في الروايات

١- القناعة غنى: عن الإمام الباقرعليه‌السلام : "من قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس"(١) .

أوحى الله إلى داوودعليه‌السلام : "وضعت الغنى في القناعة والناس يطلبونه في كثرة المال فلا يجدونه"(٢) .

٢- العيش الهنيء: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "القناعة أهنأ عيش"(٣) .

وعنهعليه‌السلام : "أنعم الناس عيشاً من منحه الله القناعة وأصلح له زوجه"(٤) .

٣- هون الحساب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :" إقنع بما أوتيته يخف عليك الحساب"(٥) .

٤- صلاح النفس: عن الإمام عليعليه‌السلام :" أعون شيء على صلاح النفس القناعة"(٦) .

____________________

١- الوافي، ج٣، ص٧٩.

٢- بحار الأنوار، ٧٨،ص٤٥٣،

٣- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٣، ص٢٦٣٩.

٤- عيون الحكم والمواعظ، علي الواسطي، ص١٢٤.

٥- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج٣، ص٢٦٣٨.

٦- غرر الحكم، ص٣١٩١.

القناعة صفة الأنبياء

مما ورد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : "ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوّة في عزائمهم، وضَعِفَةً فيما ترى الأعين من حالاتهم، مع قناعةٍ تملأ القلوب والعيون غنى، وخصاصة تملاء الأبصار والأسماع أذى"(١) .

عليّعليه‌السلام المثل الأعلى في القناعة

جسّد الإمام عليعليه‌السلام المثل الأعلى في القناعة بالكفاف والرضا بأبسط العيش، فقد ورد عنهعليه‌السلام : "وأيم الله - يميناً استثني فيها بمشيئة الله - لأروضنّ نفسي رياضةً تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً"(٢) .

وممّا كان يحاسب أصحابه وولاته إذا خرج أحدهم عن حدّ القناعة ما كتبه الى شُريح عندما بلغه أنّه اشترى داراً في عهده: "اشترى هذا المغترّ بالأمل، من هذا المزعج بالأجل هذه الدار بالخروج من عزّ القناعة، والدخول في ذلّ الطلب والضراعة"(٣) .

____________________

١- نهج البلاغة، خطبة ١٩٢.

٢- نهج البلاغة، كتاب ٤٥.

٣- نهج البلاغة، كتاب٣.

المحاضرة السابعة عشرة:

موانع استجابة الدعاء

الهدف

أهميّة بناء علاقة قويّة مع الله من خلال الدعاء، وأنّه باب استنزال النعم الإلهيّة.

تصدير الموضوع

"أدعوك يا سيدي بلسان قد أخرسه ذنبه، ربّ أناجيك بقلب قد أوبقه جرمه، أدعوك يا ربّ راهباً راغباً راجياً خائفاً، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت، وإذا رأيت كرمك طمعت".

المدخل

الدعاء هو الباب الذي فتحه الله لعباده لمناجاته وطلب حوائجهم منه، وهو ميزان اهتمام الله بهم ورعايته لهم كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ﴾(١) .

____________________

١- الفرقان ٧٧.

محاور الموضوع

أهميّة الدعاء

عن الإمام الرضاعليه‌السلام : "عليكم بسلاح الأنبياء، قيل: وما سلاح الأنبياء: قال: الدعاء"(١) .

وعنهعليه‌السلام :"عليكم بالدعاء فإنّ فيه شفاء من كلّ داء"(٢) .

وعنهعليه‌السلام : "ألا أدلّكم على شيءٍ لم يستثن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قلت: بلى، قال: الدعاء يرد القضاء وقد أبرم إبراما"(٣) .

وأمّا ما يستحبّ الدعاء به في هذا الشهر فقولك: "وارزقنا حجّ بيتك وزيارة قبر نبيّك صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليه وعلى أهل بيته إنّك قريب مجيب"(٤) .

بعض ما يمنع استجابة الدعاء

الذنب: عن الإمام الباقرعليه‌السلام :"إنّ العبد يسأل الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها الى أجل قريب أو وقت بطيء، فيذنب العبد ذنباً فيقول الله

____________________

١- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.٧، ص٣٩.

٢- جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج ١٥، ص٢١٣.

٣- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.٧، ص٣٧.

٤- مصباح المتهجد، النشيخ الطوسي، ص٥٨٧.

تبارك وتعالى للملك: لا تقض حاجته واحرمه إياها، فإنّه تعرّض لسخطي واستوجب الحرمان منّي"(١) .

عدم حضور القلب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "لا يقبل الله دعاء قلب ساه"(٢) .

عدم معرفة الله يقيناً: قال قوم للإمام الصادقعليه‌السلام : "ندعو الله فلا يُستجاب لنا؟ قال: لأنّكم تدعون من لا تعرفونه"(٣)

ومّما يستحبّ للداعي أن يفعله

١- يستحبّ للداعي أن يكون على طهارة، وأن يبدأ بالبسملة والثناء على الله ثمّ الصلاة على النبيّ وآله وأن يقرّ بذنبه ويعترف به بين يدي الله تعالى:

"الهي إن كان قد دنا أجلي، ولم يقرّبني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف إليك بذنبي وسائل عللي"(٤) .

"الحمد لله الذي أدعوه فيجيني وإن كنت بطيئاً حين يدعوني"(٥) .

"الحمد لله الذي لا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب دعائي"(٦) .

____________________

١- الكبائر من الذنوب، حسين الشاكري، ص٩٩.

٢- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.٧، ص٥٣.

٣- التوحيد، الشيخ الصدوق، ص٢٨٩.

٤- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص٥٩٣.

٥- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص٥٨٢.

٦- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص٥٨٢.

٢- التضرّع والخوف أثناء الدعاء: "أدعوك يا ربّ راهباً راغباً راجياً خائفاً"(١) .

٣- الدعاء في السرّاء والضرّاء: أوحى الله إلى داوودصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :" أذكرني في أيام سرّائك حتى أستجيب لك في أيام ضرّائك"(٢) .

٤- أن لا يستصغر أمراً ولا يستعظم أمراً على الدعاء: أي أن يدعو في القضايا الصغيرة التي تواجهه كما يدعو الله في القضايا الكبيرة.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "عليكم بالدعاء فإنّكم لا تقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، فإنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار"(٣) .

٥- عدم الإستعجال: بمعنى التسليم المطلق للمصلحة والحكمة الإلهيّة " ولعلّ الذي أبطأ عنّي هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور"(٤) .

____________________

١- المصباح، الكفعمي، ص٥٩.

٢- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج ٢، ص٨٧١.

٣- جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج ١٥، ص١٩٩

٤- مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص٥٦٤.

المحاضرة الثامنة عشرة:

مراتب العبادة

الهدف

التأكيد على أنّ التقرّب إلى الله بالطاعات والعبادات هو علّة الخلق التي لولاها لخرج الإنسان عن معنى وجوده وأصل دوره في الحياه.

تصدير الموضوع

"لا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك، فانّ قوماً آمنوا بألسنتهم ليحقنوا دماءهم فأدركوا ما أمّلوا، وإنّا آمنّا بك بألسنتنا وقلوبنا لتعفوا عنّا فأدركنا ما أمّلنا".

المدخل

العبادة في جوهرها الحقيقيّ هي إقرارٌ من العبد بالعبودية لله تبارك وتعالى، وبالتالي فهي إقرارٌ بربوبيّته، والعبادات على اختلافها في الشكل

والشرائط والأركان هي مظاهر هذه الحقيقة، والإنسان غير العابد بطبيعة الحال متمردٌ على ربوبية الله غير مقرّ بها.

محاور الموضوع

علّة العبادة

عن الإمام الرضاعليه‌السلام من حديث طويل له يقول: "فإنّ قال -أي السائل-فلم تعبّدهم؟ قيل: لئلا يكونوا ناسين لذكره ولا تاركين لأدبه ولا لاهين عن أمره ونهيه، إذ كان فيه صلاحهم وقوامهم، فلو تركهم بلا تعبّد لطال عليهم الأمد فقست قلوبهم"(١) .

ويتضح من ذلك أنّ العبادة إنّما شرّعها الله لمصلحة الإنسان وكماله كما قال تعالى عندما أمرنا بذبح الأضحيات: ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ﴾(٢) ، وإذا كانت العبادة لمصلحة الإنسان وكماله فلا ينبغي أن تكون أمراً هامشيّاً في حياة الإنسان، بل ينبغي أن تكون أمراً أساسيّاً ومتجذّراً في سلوكه.

فقد روي عن الإمام عليعليه‌السلام : "ليس في البرق الخاطف مستمتع

____________________

١- علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج١، ص٢٥٦.

٢- جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج ٨، ص٥٢٥.

لمن يخوض في الظلمة"(١) . فتماماً كما أنّ التائه في ظلام الليل لا يمكنه الإستنارة بالبرق الخاطف ليسترشد طريقه كذلك لا يمكن للإنسان أن يرتقي بعبادته ما لم تكن أمراً ضروريّاً في حياته.

العلاقة مع العبادة

أي أنّ العبادة التي نؤديّها لا ينبغي أن تكون لمجرّد إسقاط التكليف والقيام بالواجب، وإنّما ينبغي أن تكون علاقة شوق وميل ومحبّة وعشق.

فقد ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها وأحبّها بقلبه وباشرها بجسده، وتفرّغ لها، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا على يسر أم على عسر"(٢) .

وورد أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام عندما استمهل القوم من عصر التاسع من المحرّم الى صبيحة العاشر منه، وأراد بذلك أن يمضي ليله في العبادة، فإنّه قال لأخيه العباس: "قل لهم أن يمهلونا الى الصباح فإنّي أريد أن أمضي الليل في الصلاة، فإنّه يعلم أنّي أحبّها".

____________________

١- موسوعة أحاديث أهل البيت، الشيخ هادي النجفي، ج١١، ص١٥.

٢- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.١، ص٨٣.

أهميّة العبادة

إنّ من شأن العبادة أن ترفع الإنسان الى أعلى مراتب الكمال، ففي حديث قدسي: "يا بن آدم أنا حيّ لا أموت أطعني فيما أمرتك أجعلك حيّاً لا تموت، يا بن آدم أنا أقول للشيء كن فيكون أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشيء كن فيكون"(١) .

مراتب العبادة

عن الإمام عليعليه‌السلام :"إنّ قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد، وإنّ قوماً عبدوه شكراً فتلك عبادة الأحرار"(٢) .

ما يفسد العبادة

وإفسادها بمعنى عدم ترتب الحسنات والثواب من الله عليها فيذهب جهده هباءً وتعبه سدى.

فقد ورد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل"(٣) .

____________________

١- جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج١، ص٨٦.

٢- وسائل الشيعة (آل البيت)، المؤلف: الحر العاملي، ج.١، ص٦٣.

٣- جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج١٧، ص٢٦.

وورد في الحديث: "إنّ لله ملكاً ينادي على بيت المقدس: من أكل حراماً لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا"(١) .

____________________

١- جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج١٧، ص٢٦.

المحاضرة التاسعة عشرة:

الرحمة الإلهيّة

الهدف:

توجيه الناس إلى أنّ الرحمة الإلهيّة هي الطمع الأكبر الذي يرجوه كلّ إنسان، وأنّها مفتاح النجاة الذي من دونه تقصر أعمالنا عن بلوغها.

تصدير الموضوع:

"وكيف نستكثر أعمالاً نقابل بها كرمك، بل كيف يضيق على المذنبين ما وسعهم من رحمتك، يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة".

المدخل

"لست أتكل في النجاة من عقابك على أعمالنا، بل بفضلك علينا"(١) .

____________________

١- المصباح، الشيخ الكفعمي، ص٥٩١.