الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء14%

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-465-169-3
الصفحات: 528

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 528 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71388 / تحميل: 4876
الحجم الحجم الحجم
الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
ISBN: ٩٦٤-٤٦٥-١٦٩-٣
العربية

الحسين بطلة كربلاء

العلامة الشيخ محمد جواد مغنية

١

بسم الله الرحمن الرحيم

٢

٣
٤

فهرس الموضوعات

المجالس الحسينيّة

مقدّمة ١٣

الشّيعة ويوم عاشوراء ١٩

مودّة أهل البيت ٢٧

رضا الله رضانا أهل البيت ٤٣

روح النّبي والوصي ٤٧

خروج الإمام بأهله ٥٣

ما ذنب أهل البيت ٥٩

ما هذا البكاء ٧٩

من أخلاق الإمام زين العابدينعليه‌السلام ٨٣

حبّ الله والرّسول ٩١

عداء في الله ٩٩

هذا كتاب الله ١٠٣

يوم الطّفّ يوم الفصل ١٠٩

٥

يوم الفتح ١١٧

بدر والطّفّ ١٢٣

إنّه ابن عليّعليه‌السلام ١٢٩

لا عذّب الله أمّي ١٣٧

الإستهانة بالموت ١٤٥

أنتم مؤمنون ١٥١

أولوا العزم ١٥٧

أمضي على دين النّبيّ ١٦١

لا عمل بعد اليوم ١٦٥

ما أحبّ الباطل شابّا ولا كهلا ١٧١

السّيّدة زينب رمز لشيء عميق الدّلالة ١٧٧

الإمام الصّادقعليه‌السلام ١٩١

نسبه : ١٩٧

وصفه الجسمي : ١٩٧

تسميّته بالصّادق : ١٩٧

صفاته النّفسيّة : ١٩٨

علومه : ٢٠٠

الحسينعليه‌السلام عمره ، وأولاده ، والشّهداء من أهله ٢٠٥

مولده : ٢٠٥

عمره الشّريف : ٢٠٦

٦

أولاده : ٢٠٦

الشّهداء من أقاربه : ٢٠٩

مطلّقة الحسين وزوّجة يزيد : ٢١١

يزيد ٢١٣

ولادته وشكله : ٢١٥

مهنته : ٢١٦

حكمه ومشاريعه : ٢١٧

وفاته : ٢١٩

يزيد والمستعمرون : ٢٢٠

مشهد الحسينعليه‌السلام ٢٢٣

معاوية ٢٢٩

عقيل ومعاوية ٢٤٥

مع بطلة كربلاء

مقدّمة ٢٥٩

نسب السّيّدة زينب ٢٦١

عليّ : ٢٦١

إسلام أبي طالب : ٢٦٦

فاطمة بنت أسد ٢٧٧

الإنتساب إلى النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ٢٨١

٧

في بيت فاطمة ٢٨٥

جعفر الطّيّار ٢٩٧

بيت أبي طالب ٢٩٧

إسلامه : ٢٩٨

أخلاقه : ٢٩٩

منزلته عند الله ورسوله : ٣٠٠

الهجرة إلى الحبشة : ٣٠١

استشهاده : ٣٠٤

عبد الله بن جعفر : ٣٠٧

الزّواج ٣٠٩

شرف المصاهرة : ٣٠٩

حياتها الزّوجيّة : ٣١٠

أولادها : ٣١١

وضع الأحاديث والأخبار : ٣١٥

المصائب والأحزان ٣٢١

نوايا يزيد ٣٣١

الحسين ومعاوية : ٣٣١

فكتب معاوية إلى الحسين : ٣٣٢

فوران الحقد : ٣٣٥

الخروج بالنّساء : ٣٤٣

٨

في الكوفة والشّام ٣٤٩

الدّعوة لأهل البيت ٣٦٣

صور من كربلاء ٣٧١

بكاء ابن سعد ٣٧١

ابتسام الحسين ٣٧٤

المرتزقة : ٣٧٦

في طريق الشّام ٣٨١

القربان : ٣٨١

شأن أهل البيت ٣٨٢

تكريت ٣٨٥

لينا ٣٨٥

جهينة ٣٨٥

معرّة النّعمان ٣٨٦

كفر طاب ٣٨٦

حمص ٣٨٦

بطبك ٣٨٦

أدب الشّيعة ٣٨٩

قبر السّيّدة ٣٩٥

٩

مقالات في أهل البيت

الحسين ومعنى الإستشهاد ٤٠١

السّيّدة زينب ٤٠٥

ثأر الله ٤١١

يسأل ابنته في العيد ٤١٧

أهل البيت ٤١٩

أصغر البنات ٤٢٠

الإمام عليّ ٤٢٣

الحسن ٤٢٧

الحسين ٤٢٩

أمّ العواجز ٤٣١

لحظات في نور أمّ هاشم ٤٣٣

كتاب للإمام جعفر الصّادق ٤٣٧

معنى الإحتفال بمولد السّيّدة ٤٣٩

خلافة النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن بات على فراشه ٤٤٥

الشّعب المصري وآل البيت ٤٥٧

حقّ الجماعة يغلب حقّ النّفس! ٤٥٩

نظرة والنّبيّ ٤٦١

فهرس الآيات ٤٦٥

فهرس الأحاديث ٤٧٧

فهرس المصادر ٤٨٩

١٠

المجالس الحسينيّة

١١
١٢

المقدّمة

ابتديء بسم الله وبحمده ، واصلّي على النّبيّ وآله ، والسّلام على سبطه الشّهيد أبي عبد الله الحسين إمام الهدى والعروة الوثقى.

وبعد ، فقد اعتاد الباحثون أن ينظروا إلى يوم الحسينعليه‌السلام على أنّه امتداد للصّراع بين هاشم واميّة ، وأنّه نتيجة لحوادث متتابعة ، منها محاربة أبي سفيان جدّ يزيد للرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله جدّ الحسين ، ومنها محاربة معاوية أبي يزيد للإمام عليّعليه‌السلام أبي الحسين ، ومنها وقوف الحسين حائلا بين يزيد وزينب زوّجة عبد الله بن سلّام ، إلى غير ذلك(١) .

وسواء أكان يوم الحسين من ثمرات التّخاصم بين الآباء والأجداد ، أم بين الأولاد والأحفاد فإنّ الإمام الصّادقعليه‌السلام قد أوضح سبب ذا العداء بقوله : «نحن وآل أبي سفيان تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله. وقالوا كذب الله»(٢) .

وهذه الصّفحات تقدّم الأرقام على هذه الحقيقة ، وإنّ العداء بينهما إنّما هو

__________________

(١) انظر ، الإتحاف بحبّ الأشراف الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشّبراوي : ٤٤٩ ، بتحقّيقنا ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٢١٧ ، النّصائح الكافية لمن يتولى معاوية : ١٢٩ ، ومن أراد المزيد فعليه مطالعة (دراسة عن أرينب بنت إسحاق) لعبد الله بن حسّون العليّ ، مطبعة الزّهراء سنة (١٩٥٠ ه‍ ٢).

(٢) انظر ، مجمع الزّوائد : ٧ / ٢٣٩ ، مسند البزّار : ٢ / ١٩١ ح ٥٧١ ، وقعة صفّين لنصر بن مزاحم : ٣١٨ ، معاني الأخبار : ٢٤٦ ، النّصائح الكافية لمن يتولى معاوية : ٤٦ ، المعيار والموازنة : ١٤٥.

١٣

عداء بين الكفر الّذي يتمثّل في الأمويّين ، وبين الإيمان الّذي يتجسّم في أهل البيتعليهم‌السلام ، وذكرت مع كلّ رقم جملة تناسبه ممّا حدث يوم الطّفّ ، عسى أن يتلو الموالون لأهل البيت بعض صفحات الكتاب في المجالس الحسينيّة ، لأشارك في الثّواب ، والحسنات من أحيا أمرهم ، وعظّم شعائرهم. قال الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

«أللهمّ صلّ على محمّد وآله ، واشغل قلوبنا بذكرك عن كلّ ذكر ، وألسنتنا بشكرك عن كلّ شكر ، وجوارحنا بطاعتك عن كلّ طاعة فإن قدّرت لنا فراغا من شغل فاجعله فراغ سلامة لا تدركنا فيه تبعة ، ولا تلحقنا فيه سأمة ، حتّى ينصرف عنّا كتّاب السّيّئات بصحيفة خالية من ذكر سيّئاتنا ، ويتولّى كتّاب الحسنات عنّا مسرورين بما كتبوا من حسناتنا ...»(١) .

لا شيء أسوأ أثرا ، وأكثر ضررا من الفراغ ، هذا فقير عاطل عن العمل لا يجد وسيلة تدر عليه ثمن الرّغيف ، فيجرم ، ويحتال بكلّ طريقة للحصول على العيش ، وذاك غني كسول يقتل وقته ونفسه بإدمان الشّراب ، والإفراط في أنواع الملذّات ، وثالث يقبض راتبا ، أو يملك عقارا ، أو يجد كفيلا يؤمّن له الحياة ، ويتّسع وقته لأكثر من الأكل والنّوم ، ولا شيء يؤهله لغير الأكل والنّوم ، فيملأ فراغه بالقال ، والإشتغال بهذا طويل ، وذاك قصير

وإذا عرفنا ما في الفراغ من مفاسد عرفنا السّر في قول الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

«اللهمّ صلّ على محمّد وآله ، واشغل قلوبنا بذكرك عن كلّ ذكر ، وألسنتنا

__________________

(١) انظر ، الصّحيفة السّجاديّة : ١٦٥ ، الدّعاء الحادي عشر ، (دعاؤه بخواتم الخير). بتحقّيقنا.

١٤

بشكرك عن كلّ شكر ، وجوارحنا بطاعتك عن كلّ طاعة فإن قدّرت لنا فراغا من شغل فاجعله فراغ سلامة لا تدركنا فيه تبعة ، ولا تلحقنا فيه سأمة ، حتّى ينصرف عنّا كتّاب السّيّئات بصحيفة خالية من ذكر سيّئاتنا ، ويتولّى كتّاب الحسنات عنّا مسرورين بما كتبوا من حسناتنا ...».

خاف الإمام من الفراغ ؛ لأنّه يؤدي بصاحبه إلى المحرمات ، والموبقات ، فسأل الله أن قدّر له شيئا منه أن يجعله فراغ سلامة لا فراغ تهلكة. فراغ المؤمن الّذي يشغل قلبه ولسانه بذكر الله عن عيوب النّاس ، وعن كلّ ذكر ، وجوارحه بطاعة الرّحمن عن طاعة الشّيطان.

إنّ المجرم لا يشعر باللّذة في ذكر الله ، ومرضاته ، بل لا شيء أثقل عليه من ذلك ، تماما كالمريض الّذي يجد العسل مرّ المذاق ، ومن استحوذ عليه الشّيطان لا يطمئن قلبه إلى ذكر الله وشكره ، ولا تسكن نفسه إلّا الى الحرام ، والمنكرات ، ولا يرتاح ضميره إلّا بعيوب النّاس ، وأكل لحومهم

إنّ الحصول على مرضاة الله سهل يسير ، والسّبيل إلى طاعته يجدها الغنيّ والفقير ، والقويّ والضّعيف ؛ لأنّها ليست سلعة تحتاج إلى مال ، ولا عملا شاقّا يفتقر إلى قوّة ، إنّها طهارة النّفس ، وتنزيه اللّسان عن الغيبة والكذب ، أنّها الشّغل بذكر الله عن كلّ ذكر ، وبشكره عن كلّ شكر ، فمن حمد الله مخلصا فهو مطيع ، ومن قال حقّا فله الأجر والثّواب ، ومن اثنى على الصّالحين ، وأحبّ عملهم كان معهم ، وأي شيء أيسر من الكلام ، وتحريك اللّسان؟!

أجل ، لا شيء أسهل عليك من أن ترضي الرّقيب الّذي عناه الله بقوله : ما

١٥

( يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) (١) . ترضيه بترك الإساءة إلى خلقه ، وبكلمة طيّبة يسجلها لك كتاب الحسنات ، ويدّخرونها ليوم ينادي فيه النّاس :( وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) (٢) .

إنّ تعاليم أهل البيت لا تنحصر بعلم دون علم ، وفضائلهم لا تختص بالكمال في جهة دون جهة ، ومبائهم ليست لزمان دون زمان ، أنّهم كالقرآن النّاطق الّذي فيه تبيان كلّ شيء ، فالمجال ، إذن ، يتّسع للعارف الّذي قدّر له شيء من فراغ أن يملأه بنشر فضائلهم ، وبثّ تعاليمهم ، وإحياء ما تركوه للإنسانيّة من تراث. فهذه المجلّدات ، في فقههم ، ومناقبهم ، واخلاقهم ، وأحاديثهم ، ومناجاتهم ، لا يبلغها الإحصاء ، وهي ميسورة لكلّ طالب ، فبدلا من أن يقتل الوقت بكلام لا طائل تحته يستطيع أن يحدّث ، أو يكتب في جهادهم ، ونصرتهم للحقّ وأهله ، وفي فلسفتهم في الحياة ، وفقههم ، وأخلاقهم ، وأن يفكّر ، ويطيل التّفكير في أدعيتهم ، وكلامهم الّذي كانوا يناجون به خالق الكائنات. يستطيع أن يقتبس ما شاء ، ومتى شاء من أنوارهم الّتي لا تبلغ إلى نهاية ، ولا تحدّ بلفظ.

وأي شيء أفضل من الحديث عن العترة الطّاهره ومناقبهم؟! وأي علم أجدى ، وأنفع من علومهم ومواعظهم؟! أنّها تذكر الله ، وتبعث على طاعته ، والبعد عن معصته ، أنّها كالغيث تحيي النّفوس بعد موتها ، وتجعلها مع الخالدين والأنبياء والصّالحين ، وبمقدار ما يبلغ الإنسان من علوم أهل البيت يبلغ حدّه من العظمة والخلود.

__________________

(١) سورة ق : ١٨.

(٢) القصص : ٦٥.

١٦

إنّ عظمة الكليني ، والطّوسي ، والمفيد ، والحلّي ، والمجلسي ، والشّهيد ، والأنصاري وغيرهم وغيرهم ، لا مصدر لها إلّا علوم أهل البيت ، وإلّا لأنّهم عرفوا شيئا من آثارهم ، لقد وجد في كلّ عصر أقطاب من الشّعية تنحني الرّؤوس إجلالا لقدرهم مقامهم ، ويرتبط تأريخ العلوم بتأريخهم ، ولا سرّ إلّا مدرسة أهل البيت وهدايتهم ، وحكمتهم ولولاها لم يكونوا شيئا مذكورا.

وبالتالي ، فإنّ تأريخ الإماميّة في عقيدهم ، وفقههم وأدبهم هو تأريخ الولاء لأهل البيت ، وهذه كتبهم ومؤلفاتهم تزخر بأقوال الرّسول ومناقب الأئمّة الأطهار من أبنائه ، وإنّ في هذه الصّفحات ذكرا لآل الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد شغلت أمدا من عمري ، ولا أعرّفها بأكثر من ذلك.

و( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا ـ لو لايتهم ـوَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (١) .

__________________

(١) الأعراف : ٤٣.

١٧
١٨

الشّيعة ويوم عاشوراء

لماذا يهتّم الشّيعة هذا الإهتمام البالغ بذكرى الحسين ، ويعلنون الحداد عليه ، ويقيمون له عشرة أيّام متوالية من كلّ عام؟ هل الحسين أعظم ، وأكرم على الله من جدّه محمّد ، وأبيه عليّ؟! وإذا كان الحسين إماما فأنّ جدّه خاتم الأنبياء ، وأباه سيّد الأوصياء! لماذا لا يحيي الشّيعة ذكرى النّبيّ ، والوصيّ ، كما يفعلون بذكرى الحسين؟!.

الجواب : أنّ الشّيعة لا يفضلون أحدا على الرّسول الأعظم. أنّه أشرف الخلق دون استثناء ، ويفضلون عليّا على النّاس بإستثناء الرّسول ، فقد ثبت عندهم أنّ عليّا قال مفاخرا : «أنا خاصف النّعل»(١) . أي مصلح حذاء الرّسول. وقال : «لقد

__________________

(١) انظر ، المعجم الكبير : ٦ / ٢٦٩ ح ٦١٨٤ ، تأريخ مدينة دمشق : ٤٢ / ٤٣ ، شرح النهج لابن أبي الحديد : ١٣ / ٢٢٨ ، بشارة المصطفى : ١٤٠ ، لسان الميزان : ٣ / ٢٨٣ ، ينابيع المودّة : ٨٢ و ١٢٩ ، الإصابة : ٧ / ٢٩٤ و ٣٥٤ ح ١٤٠٧٨ ، كنز العمّال : ١١ / ٦١٦ ح ٣٢٩٩٠ ، ميزان الإعتدال : ٢ / ٢١٢ ، أرجح المطالب لعبيد الله الأمر تسري : ٢٣ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٠٢ ، المصنّف : ٧ / ٥٠٣ و : ٨ / ٣٥٠ ، الآحاد والمثاني : ١ / ١٤٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ١١٧ ، نظم درّر السّمطين : ٨٢ ، إكمال الكمال : ٧ / ١٢٧ ، كنز العمّال : ١٣ / ١٤٤ ، اسد الغابة : ٤ / ١٨ ، تهذيب الكمال : ٢٠ / ٤٨٠ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ١ / ٣٨ ، المسترشد في الإمامة لمحمّد ابن جرير الطّبريّ : ٣٥٤ ، مناقب أمير المؤمنين لمحمّد بن سليمان الكوفي : ١ / ٢٦٣ و ٢٩٤ ، مناقب

١٩

رأينا يوم بدر ونحن نلوذ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو أقربنا إلى العدوّ ، وكان من أشد النّاس يومئذ بأسا»(١) . وقال : «دخلت على رسول الله وكانت له هيبة وجلال ، فلمّا قعدت بين يديه أفحمت ، فو الله ما استطعت أن أتكلّم»(٢) .

أجل ، أنّ الشّيعة الإماميّة يعتقدون أنّ محمّدا لا يوازيه عند الله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، وأنّ عليّا خليفته من بعده ، وخير أهله ، وصحبه ، وإقامة عزاء الحسين مظهر لهذه العقيدة ، وعمل مجسّم لها ، وتتضح هذه الفكرة إذا عرفنا هاتين الحقّيقتين.

__________________

آل أبي طالب : ٣ / ٢٥ ، ذخائر العقبى : ٥٨ ، مناقب أهل البيت : ٤٠ ، الاستيعاب بهامش الإصابة : ٣ / ٤٦ ، و : ٤ / ١٧٤٤ ح ٣١٥٧ ، مسند البزار : ٩ / ٣٤٢ ح ٣٨٩٨ ، أمثال الحديث : ١ / ٦٨ ، البيان والتّعريف : ٢ / ١١٠ و ١١١ ، فيض القدير : ٤ / ٣٥٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٢٣ / ٧٩ ، ميزان الاعتدال في نقد الرّجال : ٣ / ٤ ح ٢٥٩ و ٩٣ ح ٤٣٠٠ ، لسان الميزان : ٢ / ٤١٣ ح ١٧٠٤ و : ٣ / ٢٨٢ ح ١١٩٠ ، العلل المتناهية : ١ / ٢٤٠ ح ٣٨٣ ، كشف الخفاء : ١ / ٢٨٨ ح ٥٩٦.

فهو أمير المؤمنين ، ويعسوب الدّين والمسلمين ، ومبير الشّرك والمشركين ، وقاتل النّاكثين والقاسطين والمارقين ، ومولى المؤمنين ، وشبه هارون ، والمرتضى ، ونفس الرّسول ، وأخوه ، وزوج البتول ، وسيف الله المسلول ، وأبو السّبطين ، وأمير البررة ، وقاتل الفجرة ، وقسيم الجنّة والنّار ، وصاحب اللّواء ، وسيّد العرب ، وخاصف النّعل ، وكاشف الكرب ، والصّدّيق الأكبر ، وأبو الرّيحانتين ، وذو القرنين ، والهادي ، والفاروق ، والدّاعي ، والشّاهد ، وباب المدينة ، والولي ، والوصي ، وكشّاف الكرب ، وقاضي دين الرّسول ، ومنجز وعده إلخ.

(١) انظر ، مسند أحمد : ١ / ٨٦ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٢ ، المصنّف للكوفي : ٧ / ٥٧٨ ، نظم درّر السّمطين : ٦٢ ، كنز العمّال : ١٠ / ٣٩٧ ح ٢٩٩٤٣ ، تأريخ دمشق : ٤ / ١٤ ، البداية والنّهاية : ٣ / ٣٤٠ ، الشّفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ١١٦ ، السّيرة النّبويّة لابن كثير : ٢ / ٤٢٥ ، سبل الهدى والرّشاد : ٤ / ٤٦.

(٢) انظر ، ذخائر العقبى : ٢٧ ، كنز العمّال : ١٣ / ٦٨٣ ح ٣٧٧٥١ ، البداية والنّهاية : ٣ / ٤١٨ ، المناقب للخورزمي : ٣٣٥ ، الذّرّيّة الطّاهرة : ١ / ٦٣ ح ٩٢ ، مستدرك سفينة البحار : ١٠ / ٥٧٩.

٢٠

المكاتَب يتصرّف في بيعه وشرائه بنفسه ، فصحّ أن يوكّل فيه.

وأمّا المرأة فعندنا يصحّ أن توكّل في النكاح ، خلافاً للشافعيّة(١) .

وكذا يصحّ عندنا توكيل الفاسق في تزويج ابنته - خلافاً للشافعيّة في أحد القولين(٢) - لأنّ الفاسق عندنا له ولاية النكاح.

ولا يصحّ توكيل السكران كسائر تصرّفاته ، عندنا.

مسألة ٦٥٥ : شرطنا في الموكّل أن يكون متمكّناً من المباشرة إمّا بحقّ الملك أو الولاية ليدخل فيه توكيل الأب أو الجدّ له في النكاح والمال. ويخرج عنه توكيل الوكيل ، فإنّه ليس بمالكٍ ولا وليّ ، وإنّما يتصرّف بالإذن.

نعم ، لو مكّنه الموكّل من التوكيل لفظاً أو دلّت عليه قرينة ، نفذ.

والعبد المأذون ليس له أن يوكّل فيما أذن له مولاه فيه ؛ لأنّه إنّما يتصرّف بالإذن.

وكذا العامل في المضاربة إنّما يتصرّف عن الإذن لا بحقّ الملك ولا الولاية.

وفي توكيل الأخ والعمّ ومَنْ لا يجبر في النكاح للشافعيّة وجهان يعودان في النكاح ؛ لأنّه من حيث إنّه لا يعزل كالوليّ ، ومن حيث إنّه لا يستقلّ كالوكيل(٣) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٥٠٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٦ ، الوسيط ٣ : ٢٨١ ، الوجيز ١ : ١٨٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٢ ، منهاج الطالبين : ١٣٤ ، المغني ٧ : ٣٣٧.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٥٠٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٦ ، و ٢ : ٣٧ ، بحر المذهب ٨ : ١٥٢ ، الوسيط ٣ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٥ : ١١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١١ ، البيان ٦ : ٣٦٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٢.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٦ ، البيان ٦ : ٣٦٠ ، الوسيط ٣ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٦ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٠.

٢١

وعندنا لا ولاية له ، ولا مدخل له في النكاح أ لبتّة ، فلا يصحّ له أن يوكّل فيه.

وللمحجور عليه بالفلس أو السفه أو الرقّ أن يوكّلوا فيما لهم الاستقلال [ به ](١) من التصرّفات ، فيصحّ من العبد أن يوكّل فيما يملكه دون إذن سيّده ، كالطلاق والخُلْع.

وكذا المحجور عليه لسفهٍ لا يوكّل إلّا فيما لَه فعله ، كالطلاق والخُلْع وطلب القصاص.

والمفلس له التوكيل في الطلاق والخُلْع وطلب القصاص والتصرّف في نفسه ، فإنّه يملك ذلك ، وأمّا ماله فلا يملك التصرّف فيه.

وأمّا ما لا يستقلّ أحدهم بالتصرّف فيه فيجوز مع إذن الوليّ والمولى.

ومَنْ جوّز التوكيل بطلاق(٢) امرأة سينكحها وبيع(٣) عبد سيملكه فقياسه تجويز توكيل المحجور عليه بما سيأذن له فيه الوليّ(٤) .

وكلّ هذا عندنا باطل.

ومَنْ مَنَع من بيع الأعمى وشرائه من العامّة جوّز له أن يوكّل فيه ؛ للضرورة.

وإذا نفذ توكيل الوكيل ، فمنصوبه وكيل الموكّل أم وكيل الوكيل؟ فيه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى.

فإذا جعلناه وكيلاً للوكيل ، لم يكن من شرط التوكيل كون الموكّل مالكاً للتصرّف بحقّ الملك أو الولاية.

____________________

(١) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٢) في « ج ، ر » : « في طلاق ».

(٣) الظاهر : « أو بيع ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٠ - ٥٣١.

٢٢

مسألة ٦٥٦ : الوكالة جائزة في كلّ ما يصحّ دخول النيابة فيه‌ من البيع والشراء والمحاكمة ومطالبة الحقوق ممّن هي عليه وإثباتها ، عند علمائنا كافّة مع حضور الموكّل وغيبته وصحّته ومرضه - وبه قال ابن أبي ليلى ومالك وأحمد والشافعي وأبو يوسف ومحمّد(١) - لأنّ الخصومة تصحّ فيها النيابة ، فكان له الاستنابة فيها من غير رضا خصمه لدفع المال الذي عليه إذا كان غائباً أو مريضاً. ولأنّ الخصومة حقّ تجوز النيابة فيه ، فكان لصاحبه الاستنابة بغير رضا خصمه ، كحالة غيبته أو مرضه.

ولأنّ الصحابة أجمعوا عليه ، فإنّ العامّة رووا أنّ عليّاًعليه‌السلام وكّل عقيلاً وقال : « ما قضي له فلي ، وما قضي عليه فعلَيَّ »(٢) ، ووكّل [ عبد الله ](٣) بن جعفر أيضاً وقال : « إنّ للخصومة قحماً ، وإنّ الشيطان ليحضرها ، وإنّي أكره أن أحضرها »(٤) . والقحم : المهالك. واشتهر ذلك بين الصحابة ، ولم ينكره أحد ، فكان إجماعاً.

____________________

(١) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٠٧ / ١٠٣١ ، بداية المجتهد ٢ : ٣٠١ ، التلقين ٢ : ٤٤٥ - ٤٤٦ ، الذخيرة ٨ : ٦ و ٨ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٩٤ ، المعونة ٢ : ١٢٣٧ ، المغني ٥ : ٢٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠٦ - ٢٠٧ ، التنبيه : ١٠٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٥ ، بحر المذهب ٨ : ١٤٩ و ١٥٣ ، الوسيط ٣ : ٢٧٨ ، الوجيز ١ : ١٨٨ ، البيان ٦ : ٣٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٥٣ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٢٨ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٢ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٣٦ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٧ / ١٧٤١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٥ ، المغني ٥ : ٢٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠٧ ، سنن البيهقي ٦ : ٨١.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عبد الرحمن ». والصحيح ما أثبتناه كما في المصادر.

(٤) نفس المصادر في الهامش (٢)

٢٣

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ وكّل رجلاً على إمضاء أمر من الأُمور فالوكالة ثابتة أبداً حتى يُعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها »(١) وهو من ألفاظ العموم.

وقال أبو حنيفة : للخصم أن يمتنع من مخاصمة الوكيل ومحاكمته إذا كان الموكّل حاضراً ؛ لأنّ حضوره مجلسَ الحكم ومخاصمته حقٌّ لخصمه عليه ، فلم يكن له نقله إلى غيره بغير رضا خصمه ، كالدَّيْن يكون عليه(٢) .

والفرق : إنّ الحوالة إسقاط الحقّ عن ذمّته ، فلا يملكه ، وهنا الوكالة نيابة عنه ، فهو بمنزلة توكيله في تسليم الحقّ الذي عليه. ولأنّ الحاجة قد تدعو إلى التوكيل ، فإنّه قد لا يُحسن الخصومة ، أو [ يترفّع ](٣) عنها ، فإنّه يكره للإنسان أن يباشر الخصومة بنفسه ، بل ينبغي لذوي المروءات وأهل المناصب الجليلة التوكيل في محاكماتهم إذا احتاجوا إليها.

مسألة ٦٥٧ : ولا فرق في ذلك بين الطلاق وغيره عند أكثر علمائنا(٤) . وللشيخرحمه‌الله قولٌ : إنّه إذا وكّل الإنسان غيره في أن يطلّق عنه امرأته وكان غائباً ، جاز طلاق الوكيل ، وإن كان شاهداً لم يجز طلاق الوكيل(٥) .

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٧ ، الهامش (٢)

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٢٨ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٥٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٣٦ - ١٣٧ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ٧ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٧ / ١٧٤١ ، بحر المذهب ٨ : ١٥٣ ، الوسيط ٣ : ٢٧٨ ، البيان ٦ : ٣٥٥ ، الذخيرة ٨ : ٨ ، المعونة ٢ : ١٢٣٧ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٠٧ / ١٠٣١ ، المغني ٥ : ٢٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠٧.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يرتفع ». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٤) منهم : ابن إدريس في السرائر ٢ : ٨٣ ، والمحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢ : ١٩٧ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٣١٩.

(٥) النهاية : ٣١٩.

٢٤

ولا وجه له ، والمعتمد : جواز طلاق الوكيل في حضرة الموكّل وغيبته.

وللفاسق أن يوكّل غيره في إيجاب العقد على ابنته وفي قبول النكاح عن ابنه.

وللشافعيّة فيهما وجهان(١) .

وبعض العامّة فرّق بين القبول عن ابنه والإيجاب عن ابنه والإيجاب عن ابنته ، فجوّز الأوّل ، ومَنَع الثاني(٢) .

وليس للكافر ولاية التزويج لابنته المسلمة ، فليس له أن يوكّل فيه ؛ لقوله تعالى :( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٣) .

وكذا ليس للمُحْرم أن يوكّل في شراء الصيد ولا في عقد النكاح إيجاباً وقبولاً.

مسألة ٦٥٨ : التوكيل على أقسام ثلاثة :

الأوّل : أن يأذن الموكّل لوكيله في التوكيل ، فيجوز له أن يوكّل إجماعاً ؛ لأنّه عقد أذن له فيه ، فكان له فعله ، كالتصرّف المأذون فيه.

الثاني : أن ينهاه عن التوكيل ، فليس له أن يوكّل إجماعاً ؛ لأنّ ما نهاه عنه غير داخل في إذنه ، فلم يجز له فعله ، كما لو لم يوكّله.

الثالث : أطلق(٤) الوكالة. وأقسامه ثلاثة :

أحدها : أن يكون العمل ممّا يترفّع(٥) الوكيل عن مثله ، كالأعمال الدنيئة في حقّ أشراف الناس المترفّعين(٦) عن فعل مثلها في العادة ، كما‌ لو وكّله في البيع والشراء ، والوكيل ممّن لا يبتذل بالتصرّف في الأسواق ، أو

____________________

(١) بحر المذهب ٨ : ١٥٢ ، البيان ٦ : ٣٦٠ و ٣٦١.

(٢) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٣) النساء : ١٤١.

(٤) في « ج » : « إطلاق ».

(٥و٦) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يرتفع المرتفعين ». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

٢٥

يعجز عن عمله ؛ لكونه لا يُحسنه ، فله التوكيل فيه ؛ لأنّ تفويض مثل هذا التصرّف إلى مثل هذا الشخص لا يقصد منه إلّا الاستنابة ، وهو قول علمائنا أجمع وأكثر الشافعيّة(١) .

ولهم وجهٌ آخَر : إنّه لا يوكّل ؛ لقصور اللفظ(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ [ العمل ] إذا كان ممّا لا يعمله [ الوكيل ] عادةً(٣) انصرف الإذن إلى ما جرت العادة من الاستنابة فيه.

الثاني : أن يكون العمل ممّا لا يترفّع(٤) الوكيل عن مثله ، بل له عادة بمباشرته إلّا أنّه عملٌ كثير منتشر لا يقدر الوكيل على فعل جميعه فيباشره بنفسه ، ولا يمكنه الإتيان بالكلّ ؛ لكثرتها ، فعندنا يجوز له التوكيل ، ولا نعلم فيه مخالفاً.

وله أن يوكّل فيما يزيد على قدر الإمكان قطعاً ، وفي قدر الإمكان إشكال أقربه ذلك أيضاً ؛ لأنّ الوكالة اقتضت جواز التوكيل فيه ، فجازت في جميعه ، كما لو أذن له في التوكيل فيه بلفظٍ.

وللشافعيّة ثلاثة طرق :

أصحّها عندهم : إنّه يوكّل فيما يزيد على قدر الإمكان.

وفي قدر الإمكان وجهان :

أحدهما : يوكّل فيه أيضاً ؛ لأنّه ملك التوكيل في البعض ، فيوكّل في الكلّ ، كما لو أذن صريحاً.

____________________

(١و٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٥ : ١١٩ - ١٢٠ ، البيان ٦ : ٣٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٤ ، منهاج الطالبين : ١٣٥.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لأنّ الوكيل إذا كان ممّا لا يعمله عادةً ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لا يرتفع ». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

٢٦

وأصحّهما عندهم : أنّه لا يوكّل في القدر المقدور عليه ؛ لأنّه لا ضرورة إليه ، بل يوكّل في الزائد خاصّةً ؛ لأنّ التوكيل إنّما جاز لأجل الحاجة ، فاختصّ بما دعت إليه الحاجة ، بخلاف وجود إذنه فيه ؛ لأنّه مطلق.

والثاني : إنّه لا يوكّل في قدر الإمكان ، وفيما يزيد عليه وجهان.

والثالث : إطلاق الوجهين في الكلّ(١) .

قال الجويني : والخلاف على اختلاف الطرق نظراً إلى اللفظ أو(٢) القرينة ، وفي القرينة تردّد في التعميم والتخصيص(٣) .

الثالث : ما عدا هذين القسمين ، وهو ما أمكنه فعله بنفسه ولا يترفّع عنه ، فقد قلنا : إنّه لا يجوز له أن يوكّل فيه إلّا بإذن الموكّل ؛ لأنّه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمّنه إذنه ، فلم يجز ، كما لو نهاه. ولأنّ التوكيل استئمان ، فإذا استأمنه(٤) فيما يمكنه النهوض به ، لم يكن له أن يولّيه مَنْ لم يأتمنه عليه ، كالوديعة ، وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين.

وقال في الأُخرى : يجوز له أن يوكّل - وبه قال ابن أبي ليلى إذا مرض أو غاب - لأنّ الوكيل له أن يتصرّف بنفسه ، فملكه نيابةً للموكّل(٥) .

[ و ] الأوّل أولى. ولا يشبه الوكيل المالك ، فإنّ المالك يتصرّف في‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٤.

(٢) في « ث ، خ » : « و» بدل « أو ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٦.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « استئمار استأمره ». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه.

(٥) الفقه النافع ٣ : ١٢٤٠ / ٩٩٥ ، بحر المذهب ٨ : ١٦٦ ، البيان ٦ : ٣٦٨ ، المغني ٥ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١٠.

٢٧

ملكه كيف شاء ، بخلا ف الوكيل.

لا يقال : للوصي أن يوكّل وإن كان الموصي لم يأذن له في التوكيل.

لأنّا نقول : إنّ الوصي يتصرّف بولايةٍ ؛ لأنّه يتصرّف فيما لم ينص له على التصرّف فيه ، والوكيل لا يتصرّف إلّا فيما نصّ له عليه ، كذلك التوكيل. ولأنّ الوصي لا يملك أن يوصي إلى غيره ، كذا أيضاً الوكيل ينبغي أن لا يملك أن يوكّل غيره ، أمّا إذا أذن له الموكّل في التوكيل ، فإنّه يجوز له أن يوكّل ؛ لأنّ التوكيل عقد أُذن له فيه ، فكان كما لو أُذن له في البيع.

مسألة ٦٥٩ : إذا وكّله بتصرّفٍ وقال له : افعل ما شئت ، لم يقتض ذلك الإذنَ في التوكيل ؛ لأنّ التوكيل يقتضي تصرّفاً يتولّاه بنفسه ، وقوله : « اصنع ما شئت » لا يقتضي التوكيل ، بل يرجع إلى ما يقتضيه التوكيل من تصرّفه بنفسه ، وهذا أصحّ قولَي الشافعيّة.

وفي الثاني : إنّه له التوكيل - وبه قال أحمد ، واختاره الشيخرحمه‌الله في الخلاف(١) - لأنّه أطلق الإذن بلفظٍ يقتضي العموم في جميع ما شاء ، فيدخل في عمومه التوكيل(٢) .

وهو ممنوع.

مسألة ٦٦٠ : كلّ وكيلٍ جاز له التوكيل فليس له أن يوكّل إلّا أمينا ؛ لأنّه لا نظر للموكّل في توكيل مَنْ ليس بأمين ، فيفيد جواز التوكيل فيما فيه الحظّ والنظر ، كما أنّ الإذن في البيع يفيد البيع بثمن المثل ، إلّا أن يعيّن له الموكّل مَنْ يوكّله ، فيجوز ، سواء كان أميناً أو لم يكن ؛ اقتصاراً على مَنْ نصّ عليه‌

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٣٤٣ ، المسألة ٨.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٥ : ١١٩ - ١٢٠ ، البيان ٦ : ٣٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٧ ، المغني ٥ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠٩.

٢٨

المالك ، ولأنّ الما لك قطع نظره بتعيينه.

ولو وكّل أميناً فصار خائناً ، فعليه عزله ؛ لأنّ تركه يتصرّف في المال مع خيانته تضييعٌ وتفريطٌ على المالك ، والوكالة تقتضي استئمان أمين ، وهذا ليس بأمين ، فوجب عزله.

وللشافعيّة وجهان في أنّه هل له عزله؟(١) .

مسألة ٦٦١ : إذا أذن له أن يوكّل ، فأقسامه ثلاثة :

الأوّل : أن يقول له : وكِّل عن نفسك ، فَفَعَل ، كان الثاني وكيلاً للوكيل ينعزل بعزل الأوّل إيّاه‌ ؛ لأنّه نائبه ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : لا ينعزل ؛ لأنّ التوكيل فيما يتعلّق بحقّ الموكّل حقٌّ للموكّل ، وإنّما حصّله بالإذن ، فلا يرفعه إلّا بالإذن(٢) .

ويجري هذا الخلاف في انعزاله بموت الأوّل وجنونه(٣) .

والأصحّ : الانعزال.

ولو عزل الموكّل الأوّلَ ، انعزل. وفي انعزال الثاني بانعزاله هذا الخلاف بين الشافعيّة(٤) .

ولو عزل الأوّل الثاني ، فالأقرب الانعزال ؛ لأنّه وكيله - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة - كما ينعزل بموته وجنونه.

والثاني : لا ينعزل ؛ لأنّه ليس بوكيلٍ من جهته(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٥١٨ - ٥١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٨ ، بحر المذهب ٨ : ١٦٨ ، الوسيط ٣ : ٢٩٢ ، حلية العلماء ٥ : ١١٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١٥ ، البيان ٦ : ٣٦٧ - ٣٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٥.

(٢ و ٣) بحر المذهب ٨ : ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٥.

(٥) بحر المذهب ٨ : ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٥.

٢٩

والأصل في ذلك أنّ ا لثاني وكيل الوكيل كما [ لو ](١) صرّح [ به ] ٢ في التوكيل ، أو وكيل الموكّل ، ومعنى كلامه : أقم غيرك مقام نفسك؟

والأصحّ أنّه وكيل الوكيل ، لكن إذا كان وكيل الوكيل ، كان فرعُ الفرع فرعَ أصل الأصل ، فينعزل بعزله.

الثاني : لو قال : وكِّل عنّي ، فوكَّل عن الموكّل ، فالثاني وكيلٌ للموكّل ، كما أنّ الأوّل وكيل الموكّل ، وليس لأحدهما عزل الآخَر ، ولا ينعزل أحدهما بموت الآخَر ولا جنونه ، وإنّما ينعزل أحدهما بعزل الموكّل ، فأيّهما عزل انعزل.

الثالث : لو قال : وكّلتُك بكذا وأذنتُ لك في توكيل مَنْ شئتَ ، أو : في أن توكّل وكيلا ، أو : في أن توكّل فلاناً ، ولم يقل : عنّي ، ولا عن نفسك ، بل أطلق ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّه كالصورة الأُولى - وهو أن يكون وكيلاً عن الوكيل - لأنّ المقصود من الإذن في التوكيل تسهيل الأمر على الوكيل.

وأصحّهما عندهم : إنّه كالصورة الثانية يكون وكيلاً عن الموكّل ؛ لأنّ التوكيل تصرّف يتولّاه بإذن الموكّل ، فيقع عنه(٣) .

وإذا جوّزنا للوكيل أن يوكّل في صورة سكوت الموكّل عنه ، فينبغي أن يوكّل عن موكّله.

ولو وكّله عن نفسه ، فللشافعيّة وجهان ؛ لأنّ القرينة المجوّزة للتوكيل كالإذن في مطلق التوكيل(٤) .

مسألة ٦٦٢ : يجوز للوصي أن يوكّل وإن لم يفوّض الموصي إليه‌

____________________

(١و٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٣و٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٥.

٣٠

ذلك بالنصوصيّة ؛ لأ نّه يتصرّف بالولاية ، كالأب والجدّ ، لكن لو منعه الموصي من التوكيل ، وجب أن يتولّى بنفسه ، وليس له أن يوكّل حينئذٍ ؛ لقوله تعالى :( فَمَنْ بَدَّلَهُ ) (١) الآية.

ويجوز للحاكم أن يوكّل عن السفهاء والمجانين والصبيان مَنْ يتولّى الحكومة عنهم ، ويستوفي حقوقهم ، ويبيع عنهم ويشتري لهم ، ولا نعلم فيه خلافاً.

البحث الثالث : في الوكيل

مسألة ٦٦٣ : كما يشترط في الموكّل التمكّن من مباشرة التصرّف للموكّل فيه بنفسه ، يشترط في الوكيل التمكّن من مباشرته بنفسه‌ ، وذلك بأن يكون صحيحَ العبارة فيه ، فلا يصحّ للصبي ولا للمجنون أن يكونا وكيلين في التصرّفات ، سواء كان الصبي مميّزاً ، أو لا ، وسواء بلغ عشر سنين أو خمسة أشبار ، أو لا ، وسواء كان في المعروف ، أو لا.

وعلى الرواية(٢) المسوّغة تصرّفاتِ الصبي إذا بلغ عشر سنين في المعروف والوصيّة يحتمل جواز وكالته فيما يملكه من ذلك.

لكنّ المعتمد الأوّل.

ولو جُنّ الوكيل أو الموكّل أو أُغمي على أحدهما ، بطلت الوكالة ؛ لخروجه حينئذٍ عن التكليف ، وسقوط اعتبار تصرّفه وعبارته في شي‌ء ألبتّة. وقد استثني في الصبي الإذن في الدخول إلى دار الغير والملك في إيصال الهديّة.

وفي اعتبار عبارته في هاتين الصورتين للشافعيّة وجهان ، فإن جاز‌

____________________

(١) البقرة : ١٨١.

(٢) تقدّم تخريجها في ص ١٩ ، الهامش (٣)

٣١

فهو وكيل من جهة الآ ذن والـمُهْدي(١) .

وإذا(٢) قلنا : إنّ تجويزهما على سبيل التوكيل ، فلو أنّه وكّل غيره فيه ، فقياس الشافعيّة أنّه على الخلاف في أنّ الوكيل هل يوكّل؟ فإن جاز ، لزم أن يكون الصبي أهلاً للتوكيل أيضاً(٣) .

وقال أبو حنيفة وأحمد : يجوز أن يكون الصبيّ وكيلاً في البيع والشراء وغير ذلك من أنواع التصرّفات إذا كان يعقل ما يقول ، ولا يحتاج إلى إذن وليّه ؛ لأنّه يعقل ما يقول ، فجاز توكيله ، كالبالغ(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّه غير مكلّف ، فلا يصحّ تصرّفه ، كالمجنون.

والفرق بينه وبين البالغ ظاهرٌ ؛ فإنّ البالغ مكلّف ، بخلافه.

إذا عرفت هذا ، فيستحبّ أن يكون الوكيل تامَّ البصيرة فيما وكّل فيه ، عارفاً باللغة التي يحاور بها.

مسألة ٦٦٤ : يجوز للمرأة أن تتوكّل في عقد النكاح إيجاباً وقبولاً عندنا ؛ لأنّ عبارتها في النكاح معتبرة ، بخلاف الـمُحْرم ، فإنّه لا يجوز أن يتوكّل فيه إيجاباً ولا قبولاً ، وبه قال أبو حنيفة(٥) .

وقال الشافعي : لا يجوز للمرأة أن تكون وكيلةً في النكاح إيجاباً ولا قبولاً ، كالـمُحْرم ؛ لأنّهما مسلوبا العبارة في النكاح ، فلا يتوكّلان فيه كما لا يوكّلان(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٢.

(٢) في « ث » : « فإن ». وفي « خ » والطبعة الحجريّة : « فإذا » بدل « وإذا ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٢.

(٤) مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٧٠ / ١٧٤٤ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٩ - ١٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٧ ، المغني ٥ : ٢٠٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠٤.

(٥) الوجيز ١ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٧.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٦ ، بحر المذهب ٨ : ١٥٢ ، الوجيز ١ : ١٨٩ ، حلية =

٣٢

ونحن نمنع ذلك في ال نكاح على ما يأتي.

ويجوز توكيل المطلّقة الرجعيّة في رجعة نفسها وتوكيل امرأةٍ أُخرى ، خلافاً للشافعيّة ؛ لأنّ الفرج - عندهم - لا يستباح بقول النساء ، ومنعوا من توكيل المرأة في الاختيار للنكاح إذا أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة(١) .

وكلّ هذا عندنا جائز.

وكذا يجوز توكيل المرأة في الاختيار للفراق لما زاد على أربع.

وللشافعيّة وجهان ، أحدهما : المنع ؛ لأنّه يتضمّن اختيار الأربع للنكاح(٢) .

مسألة ٦٦٥ : يجوز تعدّد الوكيل في الشي‌ء الواحد ، ووحدته‌ ، ولا نعلم فيه خلافاً ، فإذا وكّل اثنين في تصرّفٍ بأن جَعَل لكلّ واحدٍ منهما الانفراد بالتصرّف ، فله ذلك ؛ لأنّه مأذون له فيه. وإن منعه من الانفراد ، لم يكن له التفرّد. وإن أطلق ، فكذلك لا ينفرد أحدهما ؛ لأنّه لم يأذن له في ذلك ، وإنّما يتصرّف فيما أذن له فيه موكّلُه ، وبه قال الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي(٣) .

مسألة ٦٦٦ : يجوز أن يتوكّل العبد في الشراء لنفسه أو لغيره.

وللشافعيّة وجهان(٤) .

____________________

= العلماء ٦ : ٣٢٣ ، البيان ٦ : ٣٦٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٢ ، منهاج الطالبين : ٢٠٦.

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٣.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١٥ ، البيان ٦ : ٣٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥١ ، المغني ٥ : ٢١٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٠ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣١ ، بدائع الصنائع ٦ : ٣٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٤٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٦٣.

(٤) الوسيط ٣ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٢٩ ، البيان ٦ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز =

٣٣

وفي توكّله في قبول النكاح بغير إذن السيّد وجهان :

أحدهما : المنع ، كما لا يقبل لنفسه بغير إذن السيّد.

وأصحّهما عندهم : الجواز(١) .

والحقّ ذلك إن لم يمنع شيئاً من حقوق السيّد ، وإنّما لم يجز قبوله لنفسه ؛ لما يتعلّق به من المهر ومُؤن النكاح.

وكذا يصحّ أن يتوكّل في طرف الإيجاب لصحّة عبارته ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : المنع ؛ لأنّه لا يزوّج ابنته فأولى أن لا يزوّج بنت غيره(٢) .

والفرق : إنّه إنّما لم يَلِ أمر ابنته ؛ لأنّه لا يتفرّغ للبحث والنظر ، وهنا قد تمّ البحث والنظر من جهة الموكّل.

ويوكّل المحجور عليه بالسفه في [ طرفي ](٣) النكاح ، كتوكيل العبد ، وتوكيل الفاسق في إيجاب النكاح إذا سلبنا الولاية بالفسق ، ونحن لا نسلبه الولاية.

ولا خلاف في جواز قبوله بالوكالة.

والمحجور عليه بالفلس يتوكّل فيما لا يلزم ذمّته عُهْدة ، وكذا فيما‌

____________________

= ٤ : ٣٧٤ ، و ٥ : ٢١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٠ و ٥٣٢ ، المغني ٥ : ٢٤٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١١ - ٢١٢.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥٦ ، بحر المذهب ٨ : ١٥٢ ، الوسيط ٣ : ٢٨٢ ، حلية العلماء ٥ : ١١٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢١١ ، البيان ٦ : ٣٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٢.

(٢) بحر المذهب ٨ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٧ - ٢١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٢.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « طريق ». والصحيح ما أثبتناه.

٣٤

يلزم على أصحّ وجهي الشافعيّة ، كما يصحّ شراؤه على الصحيح(١) .

ويجوز توكّل المرأة في طلاق زوجة الغير - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) - كما يجوز أن يفوّض الزوج طلاق زوجته إليها ، ويوكّلها في طلاق نفسها.

مسألة ٦٦٧ : كلّ مَنْ لا يملك التصرّف في شي‌ء لنفسه لا يصحّ أن يتوكّل فيه‌ ، كالكافر في تزويج مسلمةٍ ، والمـُحْرم في شراء صيدٍ ، والطفل والمجنون في الحقوق كلّها.

وللمكاتَب أن يتوكّل بجُعْلٍ ؛ لأنّه من اكتسابه للمال وإن لم يأذن له مولاه ؛ لأنّه ليس له منعه من الاكتساب بأنواع وجوهه.

وأمّا بغير جُعْلٍ فإن لم يمنع شيئاً من حقوق السيّد ، فالأقرب : الجواز ، كما قلناه في العبد ، وإلّا افتقر إلى إذن السيّد ؛ لأنّ منافعه كأعيان ماله ، وليس له بذل عين ماله بغير عوضٍ ، فكذا منافعه.

وليس للعبد المأذون له في التجارة التوكّل في شي‌ء يمنع بعض حقوق سيّده بغير إذنه ؛ لأنّ الإذن في التجارة لا يتناول التوكّل.

مسألة ٦٦٨ : مدار الوكالة بالنسبة إلى الإسلام والكفر على ثمان مسائل تبطل فيها وكالة الذمّيّ على المسلم ، وهي صورتان : أن يتوكّل الذمّيّ للمسلم على المسلم ، أو للكافر على المسلم ، عند علمائنا أجمع ؛ لقوله تعالى :( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٣) .

____________________

(١) البيان ٦ : ٣٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٣.

(٢) بحر المذهب ٨ : ١٥٢ ، البيان ٦ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٣.

(٣) النساء : ١٤١.

٣٥

ويكره أن يتوكّل الم سلم للذمّي ، عند علمائنا أجمع. ولم يذكر ذلك أحد من العامّة ، بل أطلقوا القول بأنّ المسلم إذا وكّل ذمّيّاً أو مستأمناً أو مرتدّاً أو حربيّاً ، صحّ التوكيل فيما يصحّ تصرّف الكافر فيه ؛ لأنّ العدالة غير مشروطة فيه ، فكذلك الدين ، كالبيع(١) .

ولأنّ كلّ ما صحّ أن يتصرّف فيه لنفسه ودخلته النيابة ولم يشترط فيه العدالة ، لم يعتبر فيه الدين ، كما لو كان الوكيل فاسقاً ، فإنّه يجوز.

فإن وكّل الكافر مسلماً ، جاز ، وكان أولى.

وإن وكّل المسلم مرتدّاً ، جاز ؛ لأنّ ردّته لا تؤثّر في تصرّفه ، وإنّما تؤثّر في ماله.

مسألة ٦٦٩ : لو وكّل المسلم مسلماً ثمّ ارتدّ الوكيل ، لم تبطل وكالته ، سواء لحق بدار الحرب أو لا ؛ لأنّه يصحّ تصرّفه لنفسه ، فلم تبطل وكالته ، كما لو لم يلحق بدار الحرب. ولأنّ الردّة لا تمنع ابتداء وكالته ، فلم تمنع استدامتها ، كسائر الكفر.

وقال أبو حنيفة : إن لحق بدار الحرب ، بطلت وكالته ؛ لأنّه صار منهم(٢) .

ولا دلالة فيه ؛ لجواز أن يكون الوكيل حربيّاً.

ولو ارتدّ الموكّل ، لم تبطل الوكالة فيما له التصرّف فيه ، وتبطل فيما ليس للمرتدّ التصرّف فيه.

وللشافعي أقوال ثلاثة ، إن قلنا : يزول ملكه أو قلنا : لا يزول ولكن‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢١٥.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣٦ ، بدائع الصنائع ٦ : ٣٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٥٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٦٤ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١١ ، الفقه النافع ٣ : ١٢٤١ / ٩٩٦.

٣٦

لا يصحّ تصرّفه ، لم تصح وكالته فيه. وإن قلنا ببقاء ملكه وتصرّفه فيه نافذ ، صحّ أن يوكّل فيه ، وإن قلنا : إنّه موقوف ، فالوكالة موقوفة(١) .

ولو وكّل المرتدّ مسلماً في التصرّفات الماليّة ، يبنى على انقطاع ملكه وبقائه ، إن قطعناه لم تصح ، وإن أبقيناه صحّ. وإن قلنا : إنّه موقوف فكذلك التوكيل.

فلو وكّله مرتدّاً أو ارتدّ الوكيل ، لم يقدح في الوكالة ؛ لأنّ التردّد في تصرّفه لنفسه ، لا لغيره.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه يبنى على أنّه [ هل ](٢) يصير محجوراً عليه؟ إن قلنا : نعم ، انعزل عن الوكالة ، وإلّا فلا(٣) .

البحث الرابع : فيما فيه التوكيل

والنظر في شرائطه ، وهي ثلاثة :

الأوّل : أن يكون مملوكاً للموكِّل.

الثاني : أن يكون قابلاً للنيابة.

الثالث : أن يكون ما به التوكيل معلوماً ولو إجمالاً.

النظر الأوّل : أن يكون مملوكاً للموكّل

يشترط فيما تتعلّق الوكالة به أن يكون مملوكاً للموكِّل ، فلو وكَّل غيره بطلاق زوجةٍ سينكحها [ أو بيع عبد ](٤) سيملكه ، أو إعتاق رقيق سيشتريه ،

____________________

(١) البيان ٦ : ٤٠٩ - ٤١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٣.

(٢) إضافة من « العزيز شرح الوجيز ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٣.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أو عبداً ». والصحيح ما أثبتناه.

٣٧

أو قضاء دَيْنٍ يستد ينه ، أو تزويج امرأة إذا انقضت عدّتها أو طلّقها زوجها ، وما أشبه ذلك ، لم يصح ؛ لأنّ الموكّل لا يتمكّن من مباشرة ذلك بنفسه ، فلا تنتظم إنابة غيره فيه ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

والثاني : إنّه صحيح ، ويكتفى بحصول الملك عند التصرّف ، فإنّه المقصود من التوكيل(١) .

وقال بعض الشافعيّة : الخلاف عائد إلى أنّ الاعتبار بحال التوكيل أم بحال التصرّف؟(٢) .

ولو وكّله في شراء عبدٍ وعتْقِه ، أو في تزويج امرأة وطلاقها ، أو في استدانة دَيْنٍ وقضائه ، صحّ ذلك كلّه ؛ لأنّ ذلك مملوك للموكِّل.

النظر الثاني : في قبول متعلّق الوكالة النيابة

مسألة ٦٧٠ : الضابط فيما تصحّ فيه النيابة وما لا تصحّ أن نقول : كلّ ما تعلّق غرض الشارع بإيقاعه من المكلّف مباشرةً ، لم تصح فيه الوكالة ، وأمّا ما لا يتعلّق غرض الشارع بحصوله من مكلّفٍ معيّن ، بل غرضه حصوله مطلقاً ، فإنّه تصحّ فيه الوكالة.

وذلك ؛ لأنّ التوكيل تفويض وإنابة ، فلا يصحّ فيما لا تدخله النيابة ، كالطهارة مع القدرة لا يصحّ التوكيل فيها ؛ لأنّ غرض الشارع تعلَّق بإيقاعها من المكلّف بها مباشرةً ، وهي عبادة محضة لا تتعلّق بالمال. ولأنّ محلّها متعيّن ، فلا ينوب غيره منابه.

نعم ، عند الضرورة تجوز الاستنابة في غَسْل الأعضاء ، والاستنابة في‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٠٥.

٣٨

صبّ الماء على أعضائه ؛ لأنّ إيصال الماء إلى أعضائه واجب عليه ، فيجوز أن يستنيب فيه.

وتجوز الاستنابة في إزالة النجاسة عن بدنه وثوبه مع القدرة ، لا في النيّة ، حتى لو غسله ساهياً أو مجنوناً مع نيّة العاجز ، صحّ. ولو غسله ناوياً مع غفلة العاجز ، بطل.

وكذا الصلاة الواجبة لا تصحّ فيها النيابة ما دام حيّاً ، فإذا مات ، جازت الاستنابة فيها ، كالحجّ ، عند علمائنا.

وكذا الاستنابة في ركعتي الطواف إجماعاً ، وفي فعل الصلاة المنذورة عند أحمد في إحدى الروايتين(١) .

ومَنَع الجمهور من الاستنابة في الصلاة إلّا صلاة ركعتي الطواف(٢) .

وأمّا الصوم فلا يصحّ دخول النيابة فيه ما دام حيّاً ، فإذا مات صحّ أن يصوم عنه غيره بعوضٍ ومجّاناً.

وللشافعي قولان فيما لو مات فصام عنه وليُّه(٣) .

والاعتكاف لا تدخله النيابة بحال ، وبه قال الشافعي(٤) . وعن أحمد‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٠٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٠٨.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٩٧ ، بحر المذهب ٨ : ١٥٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ١٨٢ ، البيان ٦ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٢٣.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤٩٧ ، التنبيه : ٦٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ١٩٤ ، بحر المذهب ٨ : ١٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ١٨٠ - ١٨١ ، و ٤ : ٢١٠ ، الوسيط ٢ : ٥٥١ ، الوجيز ١ : ١٠٥ ، البيان ٦ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٣ : ٢٣٧ ، و ٥ : ٢٠٦ ، روضة الطالبين ٢ : ٢٤٦ ، و ٣ : ٥٢٣ ، منهاج الطالبين : ٧٧ ، المجموع ٦ : ٣٦٨.

(٤) بحر المذهب ٨ : ١٥٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ١٨١ ، البيان ٦ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٣ : ٢٣٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٢٤٦ ، المجموع ٦ : ٣٧٢.

٣٩

روايتان (١) .

وأمّا الزكاة فتجوز النيابة في أدائها ، فيؤدّيها عنه غيره.

وكذا كلّ ما يتعلّق(٢) بالمال من الصدقات الواجبة والمندوبة والخُمْس ، فإنّه يجوز التوكيل في قبض ذلك كلّه وتفريقه.

ويجوز للمُخرج التوكيل في إخراجها وتفريقها ودفعها إلى مستحقّها ، ويستنيب الفقراء والإمام أيضاً في تسلّمها(٣) من أربابها ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث عُمّاله لقبض الصدقات وتفريقها ، وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن :

« أعلمهم أنّ عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتُردّ في فقرائهم فإن هُمْ أطاعوك بذلك فإيّاك وكرائم أموالهم ، واتّق دعوة المظلوم ، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب »(٤) .

وأمّا الحجّ فتجوز النيابة فيه إذا يئس المحجوج عنه من الحجّ بنفسه بزمانةٍ ، عند الشيخ(٥) رحمه‌الله وعند الشافعي وأكثر العامّة(٦) ، أو بموتٍ إجماعاً. وكذا العمرة وكثير من أفعال الحجّ ، كطواف النساء والرمي.

وكذا تجوز النيابة في ذبح الضحايا والهدايا ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أناب فيه.

____________________

(١) المغني ٥ : ٢٠٧.

(٢) في النسخ الخطّيّة : « تعلّق ».

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « تسليمها ». والمثبت هو الصحيح.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٥٨ - ١٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٨ / ١٧٨٢ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٠٥ / ١٥٨٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١ / ٦٢٥ ، المغني ٥ : ٢٠٦ - ٢٠٧.

(٥) الخلاف ٢ : ٢٤٨ ، المسألة ٦.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٨ ، و ٦ : ٤٩٧ ، بحر المذهب ٨ : ١٥٠ ، الوسيط ٢ : ٥٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٤٤ - ٢٤٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٤٩ ، البيان ٦ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٣ : ٣٠٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٢٨٧ - ٢٨٨ ، المجموع ٧ : ٩٤ و ١٠٠ ، المغني ٣ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528