الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء7%

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-465-169-3
الصفحات: 528

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء
  • البداية
  • السابق
  • 528 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71390 / تحميل: 4877
الحجم الحجم الحجم
الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

الحسين عليه السلام وبطلة كربلاء

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
ISBN: ٩٦٤-٤٦٥-١٦٩-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

يمجدونه ، ويشيدون بأعماله الإصلاحيّة ، بخاصّة الأب لا مانس(١) فقد أطنب وأشاد بسمو أفكاره ومشاريعه الإنسانيّة ، وألّف فيه وفي أبيه معاوية كتابا ضخما قدّمه إلى قومه المستعمرين ، ليختاروا عملاء من العرب ، والمسلمين أمثال يزيد ينصّبونهم حكّاما على قومهم ، وحراسا لمصالح الإستعمار ، يمدونهم بالقوّة والسّلاح ، لينكّلوا بالمصلحين ، ويكيدوا للإسلام ، ويعملوا على هدمه ، وتقويض شعائره.

__________________

(١) لا مانس مستشرق فرنسي ، وهو أصدق مثال للمستشرق الطّاعن على الإسلام ، ورجاله ، والمبغض للقرآن ، ومحمّد وآله. يقول عن فاطمة سيّدة النّساء : كانت بنتا مقلقة مزعجة تثير الشّغب والإضطراب. أمّا معاوية وولده يزيد فمن المصطفين الأخيار ، ويا ليت جميع حكّام الشّرق في صفاتهما وأخلاقهما حتّى يطمئن الإستعمار «ولا يبيتن إلّا هاديء البال».

عمل بنظريّة جولد تسهير في الحديث ، وبيّن فيه بأنّه من الخيال لأنّه مأخوذ من الأصل القرآني ، ثمّ قال بأنّ السّيرة أيضا هي من الخيال كما جاء في كتابه حياة محمّد والسّيرة ، ثمّ تهجّم على فاطمة في كتابه الموسوم (فاطمة وبنات محمّد). ترجمة كتبه إلى اللّغة العربيّة ، والإنجليزيّة ، والألمانيّة.

«المترجم الدّكتور مسلم فداء حسين». من الهيئة العلميّة في زهراء عليها‌السلام آكاديمي.

٢٢١
٢٢٢

مشهد الحسين

كان مصرع الحسينعليه‌السلام بدء نهاية الحكم الأموي ، إذ هو السّبب الأكبر لظهور الدّعوة إلى آل البيت النّبوي ، وانتشارها في أرجاء العالم الإسلامي ، حتّى اسفرت عن زوال تلك الدّولة وقيام دولة بني العبّاس. لأنّ العرب والمسلمين على السّواء اعتبروا هذا الحادث عدوانا أثيما على بيت النّبوّة ولذلك أصبح سهل كربلاء بقعة مقدّسة ، كثرت حولها المؤلّفات والأشعار والقصّص. وممّا رواه الإمام السّادس أنّ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «أنّ الملائكة حملت ترابا مقدّسا من القدس إلى كربلاء قبل ألف سنة ليكون قبرا»(١) . وقيل : «أنّ الإمام عليّ رضى الله عنه تحدّث عن قداسة المكان فقال : «أنّ مئتي نبي ومئتي مندوب للأنبياء ومئتين من أبناء الأنبياء يودون أن يدفنوا هنا»(٢) .

فليس بغريب إذن أن يصبح الموضع الّذي دفن فيه جسد سيّد الشّهداء مزارا ، يحجّ إليه النّاس للتّبرك به ، وتأدية واجب الإحترام له. واسم كربلاء أطلق أصلا

__________________

(١) انظر ، قريب من هذا في مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٧٦ ، الإصابة : ١ / ٦٨ و : ٨ / ٢٦٧ ، و : ٥ / ٢٣١ ، مسند أحمد : ٦ / ٣٩٩ ، تأريخ دمشق : ١٣ / ٦٢ ح ٦٣١ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٧٩ و ١٨٧ ، الصّواعق المحرقة : ١٩٢ ح ٢٨ و ٢٩ ، المناقب لأحمد : ٢ / ٧٧٠ ح ١٣٥٧.

(٢) انظر ، مجلّة العالم عدد حزيران سنة «١٩٥٩ م». (منهقدس‌سره ). لم أعثر على هذا النّص.

٢٢٣

على القسم الشّرقي من حدائق النّخل الّتي تحيط بالبلدة الّتي نمت وازدهرت بسرعة ، إلّا أنّنا نجد لها ذكرا في المراجع التّأريخيّة الأولى. وأوّل ما قرأنا عنها أنّ الخليفة العبّاسي المتوكّل أمر ـ عام (٨٥٠ ميلادي ـ) بإغراق المنطقة وهدم البيوت والأبنية الموجودة فيها وحرث الأرض كلّها ، وفرض عقوبات صارمة على الحجّاج القادمين إليها كي يمنع زيارتها(١) . لكنّ البلدة ما لبثت أن عادت

__________________

(١) عن عبد الله بن دانية الطّوري ، قال : حججت سنة (٢٤٧ ه‍) سبع وأربعين ومئتين ، فلمّا صدرت من الحجّ وصرت إلى العراق زرت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب على حال خيفة من السلطان ، ثمّ توجهت إلى زيارة الحسين ، فإذا هو قد حرث أرضه ، وفجّر فيها الماء ، وأرسلت الثّيران ، والعوامل في الأرض فبعيني وبصري كنت أرى الثّيران تساق في الأرض فتنساق لهم حتّى إذا جاءت القبر حادت عنه يمينا وشمالا ، فتضرب بالعصي ، الضّرب الشّديد فلا ينفع ذلك ، ولا تطأ القبر بوجه ، فما أمكنني الزّيارة ، فتوجهت إلى بغداد وأنا أقول : تالله إن كانت أميّة قد أتت الأبيات جواد شبّر في أدب الطّفّ :١ / ٣٢٧ ، الطّبعة الأولى ـ بيروت ١٣٨٨ ه‍ ـ ١٩٦٩ م.

إذن لم يكتف المتوكل بتنكيل الأحياء ، حتّى اعتدى على قبور الأموات ، فهدم قبر الحسين عليه‌السلام وما حوله من المنازل والدّور ، ومنع النّاس من زيارته ، ونادى مناديه من وجدناه عند قبر الحسين حبسناه في المطبق ـ سجن تحت الأرض.

وينسب هذا الشّعر إلى عبد الله بن دانية ، كما جاء في مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٢١ ، أمالي الشّيخ الطّوسي : ٣٢٩. قال هذا الشّعر وهو لا يعلم في قتل المتوكل ، فوصل إليه الخبر في تلك اللّيلة.

انظر ، الكامل في التّأريخ : ٧ / ٥٥ ، مقاتل الطّالبيين : ١٣٠ و ٤٢٨.

وكان المتوكل يقرّب عليّ بن جهم ؛ لأنّه كان يبغض عليّا أمير المؤمنين ، وكان أبي الجهم هذا مأبونا : سمعه يوما أبو العيناء يطعن على الإمام ، فقال له : إنّك تطعن عليه ، لأنّه قتل الفاعل والمفعول من قوم لوط ، وأنت أسفلهما. انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١ / ٣٦٣ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١٦ و ٢١٥ طبعة آخر.

وأبلغ ما قرأت عن هذه الجرأة والتّضحية : إنّ الأديب العالم المعروف بابن السّكّيت كان يوما في مجلس المتوكل المبغض المعلن بالعداء للإمام أمير المؤمنين ، فقال لابن السّكّيت (هو الشّيخ الأديب ـ

٢٢٤

للظهور ثانية ، واعتقد الشّيعة أنّ المشهد لم يتأثر أبدا بالماء وظل على حاله. وبعد قرن من الزّمن كتب ابن حوقل عن المشهد الّذي بني فوق ضريح الحسينعليه‌السلام فوصفه بأنّه غرفة واسعة تعلوها قبّة ، لها باب في كلّ من جهاتها

__________________

ـ يعقوب بن إسحاق الدّورقي ، الأهوازي الشّهير بابن السّكّيت ، وكان عالما بنحو الكوفيين ، وعلم القرآن ، واللّغة ، والشّعر ، راوية ثقة ، أخذ عن البصريين ، والكوفيين ، كالفرّاء ، وأبي عمرو الشّيباني ، والأثرم ، وابن الأعرابي ، له تصانيف كثيرة في النّحو ، ومعاني الشّعر ، وتفسير دواوين الشّعر ، منها تهذيب الألفاظ ، وإصلاح المنطق ، قتله المتوكل بعد أن سل لسانه من قفاه فماترحمه‌الله يوم الاثنين لخمس خلون من رجب سنة أربع وأربعين ومئتين ، بعد إن كانت ولادته سنة (١٨٦ ه‍).

انظر ، بغية الوعاة : ٤١٨ ، وبغية الطّالب لابن العديم : ٨ / ٣٧٦٨ ، شذرات الذّهب : ٢ / ١٠٦ ، تأريخ دمشق : ١٨ / ٣١٧ ، ذيل تأريخ بغداد : ٥ / ٦ ، البداية والنّهاية : ١١ / ٢٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١٢ / ١٩ ، وفيات الأعيان : ٦ / ٣٩٩.

وابن السّكّيت هذا هو القائل :

يصاب الفتى من عثرة بلسانه

وليس يصاب المرء من عثرة الرّجل

فعثرته في القول تؤدّي برأسه

وعثرته في الرّجل تبرا على مهل

وكان عند المتوكل مخنث يدعى عبّادة ، فيشد على بطنه مخدّة ، ويرقص بين يدي المتوكل ، والمغنون يغنون : اقبل البطين خليفة المسلمين وهم يعنون عليّا أمير المؤمنين ، والمتوكل يشرب ويضحك ، وفعل ذلك يوما ، وابنه المنتصر حاضر ، فقال لأبيه : أنّ الّذي يحكيه هذا الكلّب ويضحك منه النّاس هو ابن عمّك ، وشيخ أهل بيتك ، وبه فخرك ، فكلّ أنت لحمه إذا شئت ، ولا تطعم هذا الكلّب وأمثاله ، فقال المتوكل للمغنين : غنّوا.

غار الفتى لابن عمّه

رأس الفتى في حر أمه

انظر ، الكامل في التّأريخ : ٧ / ٥٥ ، إكمال الكمال ، لابن ماكولا : ٦ / ٢٨ ، تأريخ دمشق : ٢٦ / ٢٢١.

وسمعه يوما يشتم فاطمة بنت الرّسول ، فسأل أحد الفقهاء ، فقال له : قد وجب عليه القتل إلّا أنّه من قتل أباه لم يطل عمره.

فقال المنتصر : لا ابالي إذا أطعت الله بقتله أن لا يطول عمري ، فقتله ، فعاش بعده سبعة أشهر.

انظر ، أمالي الشّيخ الطّوسي : ٣٢٨ ح ١٠٢ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٣٢١ ، المجدي في أنساب الطّالبين : ٣٧٢ ، كتاب العبر للذّهبي : ١ / ٤٤٩.

٢٢٥

الأربع. وبعد مئتي سنة (٩٧٩ م ـ ٩٨٠ م) هاجم البلدة فريق من الأعراب جاءوا من عين التّمر ، وخرّبوا المشهد وغيره من الأماكن ، فصبّ عليهم بنو بويه ـ وهم شيعيون ـ جام غضبهم وعاقبوهم ومن رافقهم أقسى عقوبة ، وأسرع عضد الدّولة(١) فأعاد بناء كربلاء وبسط عليها الحماية(٢) .

وفي ربيع الأوّل سنه (٤٠٧ ه‍ أو ١٠١٦ م) شبّ حريق في البناء فتهدّمت القبّة والأروقة واحترقت. وفي سنة (٤١٤ ه‍) أمر الحسين بن الفضل ببناء سور حول كربلاء. ومن ذلك الوقت تشابه تأريخ النّجف الأشرف وكربلاء إلى حدّ بعيد ، فاحترمها الأتراك الّذين احتلوا العراق ، وزار ملك شاة سنة (٤٧٩ ه‍ أو ١٠٨٦ م) المشهدين وفرّق الصّدقات والأموال. ونجت البلدتان من غزو المغول.

__________________

(١) عضد الدّولة البويهي (٣٢٤ ـ ٣٧٤ ه‍) فنا خسرو ، ابن الحسن الملقّب ركن الدّولة ابن بويه الدّيلمي ، أبو شجاع : أحد المتغلبين على الملك في عهد الدّولة العبّاسيّة بالعراق. تولى ملك فارس ، ثمّ ملك الموصل وبلاد الجزيرة. وهو أوّل من خطب له على المنابر بعد الخليفة ، وأوّل من لقّب في الإسلام «شاهنشاه. قال الزّمخشري في ربيع الأبرار : وصف رجل عضد الدّولة فقال : وجه فيه ألف عين ، وفم فيه ألف لسان ، وصدر فيه ألف قلب. كان شديد الهيبة ، جبّارا عسوفا ، أديبا ، عالما بالعربية ، ينظم الشّعر ، نعته الذّهبي بالنّحوي ، وصنّف له أبو عليّ الفارسي (الإيضاح) و (التّكملة). كما صنّف له أبو إسحاق الصّابي كتاب (التّاجي) في أخبار بني بويه ، ولقّبه بتاج الملّة ومدحه فحول الشّعراء كالمتنبي والسّلامي. قال الذّهبي : أظهر بالنّجف قبرا زعم أنّه قبر الإمام عليّعليه‌السلام وبنى عليه المشهد وأقام مأتم عاشوراء. انظر ، الكامل في التّأريخ : الجزآن ٨ و ٩ ، بغية الوعاة : ٣٧٤ ، البداية والنّهاية : ١١ / ، ٢٩٩ ، الأعلام : ٥ / ١٥٦.

(٢) هذا من أعمال عضد الدّولة نقلناه من كتاب «الحضارة الإسلاميّة في القرن الرّابع الهجري» لآدم متز ، تعريب الأستاذ محمّد عبد الهادي أبي ريدة. وانظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢٠ / ٤٢ ، إعجاز القرآن للباقلاني : ١٩ ، تأريخ بغداد : ١ / ١٢١ ، ميزان الإعتدال : ٤ / ٢٦ ، سير أعلام النّبلاء : ١٥ / ١٢١ ، المنتظم : ٧ / ١٠٤.

٢٢٦

وفي سنة (١٣٠٣ م) زار الخان غازي كربلاء وحمل معه هدايا غالية الثّمن ، وشقّ «أرغون» قناة من نهر الفرات إلى البلدة أطلق عليها فيما بعد اسم نهر الحسينيّة. وجاء العثمانيون إلى الحكم فحافظوا على المشهدين ، وزار سليمان القانوني ضريح الحسين وأمر بتجديد حفر القناة ، وتوسيعها ، وزراعة الأراضي المحيطة بالبلدة ، وكانت الأوامر تصدر إلى الولاة في بغداد بأن يراعوا كربلاء ويعلوا بأبنيتها. وجدّد مراد الرّابع سنة (٩٩١ ه‍ أو ١٥٨٣ م) بناء الضّريح والمشهد وما حولهما من الزّوايا.

وعادت النّجف وكربلاء إلى حكم الشّيعة إذ انتزعها «عبّاس الكبير»(١) من الحكم العثماني ، فأعاد بناء المشهدين على الشّكل الّذي نراه في الوقت الحاضر. وفي سنة (١٧٤٣ م) شيّد نادر شاه(٢) قبّة مشهد الحسين ، وصادر في الوقت ذاته الأوقاف الّتي خصّص ريعها للأئمّة. وتوالت الهدايا من الأمراء ، والأغنياء الشّيعيّين من كل مكان. وفي أواخر القرن الثّامن عشر زين مؤسّس أسرة قاجار المالكة في إيران القبّة ، والمنارة بالذّهب.

ويقع ضريح الحسينعليه‌السلام في باحة مساحتها (٣٥٤ قدما ـ ٢٧٠ قدما(٣) تحيط بها الإيوانات والحجرات ، وجدرانها محلّاة بحجارة ذات لون أزرق نقشت عليها جميع آيات القرآن الكريم بأحرف بيضاء. ومساحة المشهد ذاته (١٥٦ ـ ١٣٨)

__________________

(١) انظر ، كتاب «تأريخ إيران» لمكاريوس : ١٥٣ طبعة سنة (١٨٩٨ م).

(٢) انظر ، تأريخ الشّعوب الإسلاميّة لبروكلمان ، معجم المؤلّفين : ٩ / ٦٠ ، الأنوار العلوية : ٤٢٠ ، أعيان الشّيعة : ٤٤ / ٢٧٠ ، الذّريعة : ٥ / ٦٣ و : ٢٦ / ١٥٢ ، معادن الجواهر للسّيّد الأمين : ج ٢ ، وتأريخ الشّيعة للشّيخ المظفر.

(٣) القدم ثلاثون سانتمتر ونصف على التّقريب. (منهقدس‌سره ).

٢٢٧

قدما ، ويتألّف من عمارة قائمة الزّوايا لها قاعة خارجيّة مذهّبة تحف بها ممرّات أعدّت للطواف. وفي منتصف الغرفة المركزيّة المقبّبة توجد «صندوقة الحسين» وحولها مشبكان ، الخارجي مصنوع على شكل مشربية من الفضّة ، والدّاخلي من الذّهب. وفي هذين المشبكين يلقي المخلصون هداياهم من النّقود والمجوهرات ، ويفتحان مرّة في السّنّة لجمع هذه الهدايا بحفلة ضخمة. وهناك ضريح ثان دفن فيه عليّ الأكبر ابن الحسينعليه‌السلام .

وفي كربلاء مشهد كبير ثان للعبّاس بن عليّ ، وهو يشبه في نسق بنائه وحجمه وتعدد الأروقة والغرف فيه مشهد الحسين. والفرق الوحيد هو أنّ للثّاني مآذن وللأوّل مئذنتين ، كما أنّ قبّته غير مغطاة بصفائح الذّهب والسّبب في ذلك هو أنّ نادر شاه رأى (وهو يعتزم بناء المشهدين) العبّاس في منامه ، فقال له : «أنا أصغر سنّا من الحسين ، وما أنا إلّا قلامة ظفر لسيّدي. ولذلك وجب أن تجعل فرقا في البناء بين مقام السّيّد ومقام العبد». ويعتقد الزّوار أنّ النّقمة تحل بكلّ من يحلف كاذبا عند ضريح العبّاس.

وفرش داخل المشهدين بالسّجاجيد العجيبة النّفيسة ، وزين أبدع زينة تثير الإعجاب والرّوعة ، وتصعب على الواصف.

لقد مضى على مصرع سيّد الشّهداء الحسين بن عليّ رضي الله عنه (١٣١٧ سنة)(١) ، وما زال الألوف يزورون مشهده للتّبرك به ، وتقديم واجب الإحترام للمدفون فيه ، وتجديد ذكرى الفاجعة الّتي حدثت في العاشر من شهر المحرّم سنة (٦١ ه‍).

__________________

(١) وضع الشّيخ مغنيّة هذا الكتاب عام (١٣٧٨ ه‍). ونحن الآن في سنة (١٤٢٦ ه‍). المحقّق.

٢٢٨

معاوية

حاول بعض الشّيوخ أن ينزّه معاوية بن أبي سفيان عن الجرائم بل ألّف ابن حجر كتابا للذّب عنه ، اسماه «تطهير الجنان واللّسان عن الخطور والتّفوه بثلب سيّدنا معاوية بن أبي سفيان»(١) . وقال آخر : «قل ما تشاء عن يزيد ولا

__________________

(١) التّأريخ في كلّ يوم يكشف لنا منقبة من مناقب هذا الصّعلوك! وهذا التّقويم لمعاوية ليس من الشّيعة حتّى تقول هذا من مفتريات الشّيعة ، بل إنّ الأعجب هنالك إعتراف صريح من قبل مؤرّخيكم ممّن يخلط بين الحقّ ، والباطل بعد إطلاعه على أحاديث الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك أقوال بعض الصّحابة ، والتّابعين ، بل حتّى من مستشاري معاوية نفسه ، وبطانته ، بأنّ معاوية ملعون على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أمر المصطفى الأمجد ، والّذي لا ينطق عن الهوى :( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ) ، المسلمين إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ، و... و... ثمّ بعد هذا الإطلاع يقول بكلّ صلافة ووقاحة أنّ سيّدنا معاوية دسّ السّم لسيّدنا الحسن ، بواسطة جعدة بنت الأشعث ، واشترك سيّدنا معاوية بسّم الأشتر ، و... ثمّ يقول : قتل سيّدنا يزيد سيّدنا الحسين ، وهكذا يستمر في هذه الخزعبلات ، والتّرهات ، ثمّ يدّعى بأنّه من المؤرّخين المنصفّين المحايدين وها هو عبد الله بن بديل يقول في معاوية : «إنّ معاوية ادّعى ما ليس له ، ونازع الأمر أهله ، ومن ليس مثله ...».

انظر ، وقعة صفّين : ٢٣٤ ، طبعة القاهرة ، تأريخ الطّبريّ : ٦ / ٩ ، ابن الأثير : ٣ / ١٢٨ ، الإستيعاب : ١ / ٣٤٠ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٤٨٣ و : ٤ / ١١ و ١٧ ، المقاتل : ٤٣ ، وأنساب الأشراف : ١ / ٤٠٤ ، ابن كثير : ٨ / ٤١ ، تأريخ الخلفاء : ١٣٨ ، الإصابة ترجمة الحسن ، ابن قتيبة: ١٥٠ ، الصّواعق : ٨١ ، مروج الذّهب بهامش الكامل : ٢ / ٣٥٣ ، ٦ / ٥٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٢٢٦ ، أسماء المغتالين من الأشراف : ٤٤ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٥ ، ابن الأثير : ٢ / ١٩٧ ، وابن ـ

٢٢٩

تزيد»(١) .

والحقيقية أنّ يزيد سيئة من سيئات معاوية ، وأنّ الابن لم يأت بمنكر إلّا أتى الأب بما هو أعظم وأخطر ، بل أنّ معاوية أحدث بدعا لا يعرفها يزيد ولا غير يزيد. وإليك الأرقام.

تأمّر يزيد على المسلمين بالقهر والغلبة ، وكذلك أبوه معاوية تأمّر عليهم من غير مشورتهم ، وعلى غير رضا من المهاجرين والأنصار ، وحارب يزيد الحسين في كربلاء ، وقتله وقتل أصحابه ، وحارب معاوية عليّا في صفّين ، وقتل عمّار بن ياسر الصّحابي الجليل(٢) ، وسمّ الحسن(٣) ، ومالك الأشتر(٤) ، وعبد الرّحمن بن

__________________

ـ شحنة بهامش ابن الأثير : ١١ / ١٣٢ ، تأريخ الدّول الإسلاميّة : ١ / ٥٣ ، تذكرة الخواصّ : ٦٢ ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٩٤ ، الإستيعاب : ١ / ٣٨٩ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطي : ٧٤ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٧٦.

(١) تقدّم التّعليق على مخازي يزيد.

(٢) انظر ، صحيح البخاريّ : ١ / ١٢٢ و ٢ / ٣٠٥ ، صحيح مسلم : ٤ / ٢٢٣٥ ، صحيح التّرمذي :٥ / ٦٦٩ ، مسند أحمد : ٢ / ١٦١ و ١٦٤ ، و : ٤ / ١٩٧ ، و : ٦ / ٢٨٩ ، حلية الأولياء : ٤ / ١١٢.

(٣) انظر ، مروج الذّهب : ٢ / ١٣٩ طبعة بيروت ، المغتالين من الأشراف : ٣٩ ، وتأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٣٩ طبعة بيروت ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٢٩ ، والطّبريّ في تأريخه : حوادث سنة (٣٨ ـ ٣٩ ه‍) ، تهذيب الكمال : ٢٧ / ١٢٦ رقم ٥٧٣١ ، التّأريخ الكبير للبخاري : ٧ / ٣١١ ، وتأريخ الصّغير : ١ / ٨٧ ، الثّقات لابن حبّان : ٢ / ٢٩٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٤ / ٣٥ ، تأريخ مدينة دمشق : ٥٦ / ٣٧٦ و ٣٩١ ، الأنساب : ٥ / ٤٧٦ ، نظرات في الكتب الخالدة لحامد حفني : ١٦١ ، شيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبو ريّة : ١٧٩ ، ولكن بعض المصادر نسبت القول إلى عمرو بن العاص.

العسل الّذي كان يدس فيه السّم ، وقتل به الإمام الحسن ريحانة رسول الله انظر ، المقاتل : ٤٣ ، وأنساب الأشراف : ١ / ٤٠٤ ، وابن أبي الحديد في شرح النّهج : ٤ / ١١ و ١٧ ، ابن كثير : ٨ / ٤١ ، تأريخ الخلفاء : ١٣٨ ، الإصابة ترجمة الحسن ، ابن قتيبة : ١٥٠ ، الصّواعق : ٨١ ، المسعودي في ـ

٢٣٠

خالد ابن الوليد ، وقتل حجر بن عدي ، وأصحابه في مرج عذراء(١) ، ومحمّد بن أبي بكر(٢) ، وذبح جيش يزيد بقيادة عمر بن سعد أطفال الحسين ، وكذلك ذبح

__________________

ـ مروج الذّهب بهامش الكامل : ٢ / ٣٥٣ ، ٦ / ٥٥ ، وتهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٢٢٦ ، وأسماء المغتالين من الأشراف : ٤٤ ، وتأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٥ ، وابن الأثير : ٢ / ١٩٧ ، وابن شحنة بهامش ابن الأثير : ١١ / ١٣٢ ، تأريخ الدّول الإسلاميّة : ١ / ٥٣ ، تذكرة الخواصّ : ٦٢ ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٩٤ ، الإستيعاب : ١ / ٣٨٩ ، تأريخ الخلفاء للسّيوطى : ٧٤ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٧٦ ،

(٤) انظر ، مروج الذّهب : ٢ / ١٣٩ طبعة بيروت ، المغتالين من الأشراف : ٣٩ ، وتأريخ اليعقوبي :٢ / ١٣٩ طبعة بيروت ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٢٩ ، والطّبريّ في تأريخه : حوادث سنة (٣٨ ـ ٣٩ ه‍) ، تهذيب الكمال : ٢٧ / ١٢٦ رقم ٥٧٣١.

(١) هو حجر بن عديّ الأبرد الكندي الملقّب بحجر الخير ، وكان من فضلاء الصّحابة ، وفد إلى النّبيّ وشهد القادسية ، وقد قتله معاوية صبرا ، ويقال : إنّه أوّل من قتل صبرا في الإسلام ، قتل معه ستة من أصحابه ، وهم : شريك بن شدّاد الحضرمي ، وصيفي بن فسيل الشّيباني ، وقبيصة بن ضبيعة العبسي ، ومحرز بن شهاب السّعدي ، وكدام بن حيّان العنزي ، وعبد الرّحمن بن حسّان العنزي. وكان حجر ثقة عينا ولم يرو عن غير عليّ شيئا ، وهو الّذي افتتح مرج عذراء ، وكان شريفا في قومه مطاعا ، آمرا بالمعروف ، صالحا عابدا يلازم الوضوء ، وبارا بأمّه ، كثير الصّلاة والصّيام.

انظر ، ترجمته في شرح نهج البلاغة : ١٥ / ١٠٠ ، طبقات ابن سعد : ٦ / ١٥١ و ١٥٤ ، المستدرك : ٣ / ٤٦٨ ، الاستيعاب : ١ / ١٣٤ الرّقم ٥٤٨ ، طبعة حيدر آباد ، اسد الغابة : ١ / ٣٨٥ ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ٣٠٥ التّرجمة رقم ٣١٤ ، تأريخ الذّهبي : ٣ / ٢٧٦ ، تأريخ ابن كثير : ٨ / ٥٠ ، الإصابة : ١ / ٣١٥ ، تأريخ الطّبريّ : ٢ / ١١١ ـ ١٤٩ و ٥ / ٢٧٧ ، تأريخ ابن الأثير : ٣ / ٤٠٣ و ٤٠٤ ، وقعة صفّين : ١٠٣ ، مروج الذّهب : ٣ / ٣ ـ ٤ ، تهذيب الكمال : ٥ / ٤٨٥ الرّقم ١١٤١ ، المعارف لابن قتيبة : ٣٣٤ ، الأغاني : ١٦ / ١٠ ، تأريخ دمشق : ٢ / ٣٧٩ ، مسند أحمد : ٤ / ٤٢١ ، والمعجم الكبير للطّبراني : ١ / ٤٢٧ ، والعقد الفريد : ٤ / ٣٤٥ ، وتهذيب ابن عساكر : ٧ / ٢٠٦ ، وصفوة الصّفوة : ١ / ٢٣٨ ، وسيرة ابن هشام : ٤ / ١٧٩.

(٢) انظر ، تذكرة خواصّ الأمّة : ١١٤ طبعة النّجف ، التّمهيد والبيان : ٢٠٩ ، الأغاني : ٢١ / ٩ ، الإشتقاق : ٣٧١ ، الطّبريّ ، وابن الأثير ، وابن كثير في ذكر حوادث سنة (٣٦ ه‍) ، الإصابة حرف الميم : ـ

٢٣١

عسكر معاوية بقيادة بسر بن أرطأة القثم وعبد الرّحمن طفلي عبيد الله بن العبّاس في حجر أمّهما(١) .

وشرب يزيد الخمر ، ولبس الحرير والدّيباج ، وشرب معاوية الخمر أيّام حكمه في الشّام(٢) ، ولبس الحرير والدّيباج ، وشرب بآنية الذّهب والفضّة ، وركب السّروج المحّلاة بهما ، وأباح يزيد مدينة الرّسول ، وأرسل معاوية بسرا إلى المدينة فأخافها ، وقتل منها خلقا كثيرا(٣) ، وحين رأى يزيد رأس الحسين

__________________

ـ ٣ ق ٢ / ٤٥١ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٢٨ ، الفتوح لابن أعثم : ١ / ٤٧٢ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٥٥ وما بعدها ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٥٤١ رقم ٥٠٩٧ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٣ / ١٩٠.

(١) هو بسر بن أرطاة ، كان من شيعة معاوية ، أحد فراعنة الشّام ، وكان من أهل الرّدّة وقد دعا عليه عليّعليه‌السلام عند ما بلغه أنّه يقتل الصّبيان فقالعليه‌السلام : «اللهمّ أسلب دينه ، ولا تخرجه من الدّنيا حتّى تسلبه عقله ، فأصابه ذلك وفقد عقله. وقالوا : دخل المدينة فخطب النّاس ، وشتمهم يومئذ وتوعّدهم وقال : شاهت الوجوه. ولمّا دخل ثقل عبيد الله بن العبّاس ، وفيه ابنان له صغيران ، فذبحهما بيده بمدية كانت معه ، ثمّ انكفأ راجعا إلى معاوية. فقالت له إمرأة له : يا هذا قتلت الرّجال ، فعلام تقتل هذين؟ والله ما كانوا يقتلون في الجاهليّة والإسلام ، والله يا ابن أرطاة إنّ سلطانا لا يقوم إلّا بقتل الصّبي الصّغير ، والشّيخ الكبير ، ونزع الرّحمة ، وعقوق الأرحام لسلطان سوء.

انظر ، كتاب الغارات برواية ابن أبي الحديد : ٢ / ٣ ـ ١٤ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٤١ ، تهذيب التّهذيب : ١ / ٤٣٦ ، تأريخ دمشق : ٣ / ٢٢٢ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٧١ ، الفتوح لإبن أعثم : ٢ / ٣٩ و ٩٢ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ١٢٣ و ١٤٨ و ١٥٠ ، الاسيعاب : ٦٤ ـ ٦٧ ، وقعة صفّين : ٤٦٢ ط ٢ سنة ١٣٨٢ ه‍ وطبعة ٢ تحقّيق عبد السّلام هارون المؤسّسة العربيّة الحديثة ، تهذيب ابن عساكر : ٣ / ٢٢٠ ، تأريخ الطّبريّ : ٦ / ٨٠ ، و : ٤ / ٢٠ وما بعدها طبعة أخرى.

(٢) انظر ، فقد جاء في مسند أحمد : ٥ / ٣٤٧ ، «عن عبد الله بن بريدة الأسلمي قال : دخلت أنا وأبي على معاوية بن أبي سفيّان فأجلسنا على الفرش ، ثمّ أتينا بالطّعام فأكلنا ، ثمّ أتينا بالشّراب فشرب معاوية ، ثمّ ناول أبي ، قال : ما شربته منذ حرمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

(٣) انظر ، مروج الذّهب ، المسعودي. (منهقدس‌سره ).

٢٣٢

فرح واستبشر ، وأنشد «ليت أشياخي ببدر شهدوا» ، وحين جاء نعي الحسن لمعاوية أظهر الفرح والسّرور ، ورفع صوته بالتّكبير.

وتشاء الصّدف أن يتم شبه الابن بالأب من جميع الوجوه ، ذلك أنّه عند ما كبّر معاوية معلنا الإبتهاج بموت الحسن سمعته فاخته بنت فرضة ابن عمرو بن نوفل ، فدخلت عليه ، وقالت : ما الّذي بلغك فسررت؟

قال : موت الحسن. فصاحت ، وبكت ، وقالت : يموت الحسن سيّد المسلمين وابن رسول الله ، فتظهر الشّماتة(١) ؟! وهكذا فعلت هند بنت عبد الله بن عامر مع يزيد حين أدخلوا الرّأس ، والسّبايا ؛ وسبّ معاوية عليّا ، لأنّه يحمل علم الله والرّسول ، وداس يزيد ظهر الحسين وصدره بسنابك الخيل ، لأنّ فيه علم الله والرّسول(٢) .

وتفرّد معاوية ببدع وأحداث لم يشاركه فيها أحد ، حتّى ولده يزيد ، فلقد حوّل الخلافة الإسلاميّة إلى ملك يتوارثه السّفهاء والغلمان(٣) ، وألحقّ ابن

__________________

(١) انظر ، مروج الذّهب : ٢ / ٣٠٥ ، الإستيعاب : ١ / ٣٧٤ ، كفاية الطّالب : ٢٦٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٤١ الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٣٢٣ هامش رقم «٣».

(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣١٤ ، والكامل في التّأريخ : ٣ / ٢٨٤.

(٣) ذكر ذلك صاحب مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٥ / ١٦٥ ـ ١٦٦. وأضاف صاحب كتاب الأغاني : ٦ / ٣٥٥ والإستيعاب : ٦٩٠ ، والنّزاع والتّخاصم للمقريزي : ٢٠ طبعة النّجف.

«وروى العقاد في آخر كتاب عثمان : «أنّ أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت إليه الخلافة ، وقال له : «قد صارت إليك بعد تيم وعديّ ـ أي أبي بكر وعمر ـ فأدرها كالكرة ، واجعل أوتاها بني أميّة ، فإنّما هو الملك ، ولا أدري ما جنّة ولا نار». انظر ، الاستيعاب : ٤ / ١٦٧٩ ، والمطبوع بهامش الإصابة : ٤ / ٨٧ ، شرح الأخبار : ٢ / ٥٢٨ ، مناقب أهل البيت لحيدر الشّيرواني : ٤٠٧ ، النّزاع ـ

٢٣٣

السّفاح بغير أبيه الشّرعي ، كما فعل مع زياد ابن أبيه(١) ، وخذل عثمان ، ثمّ نشر قميصه مطالبا بدمه ، وأعطى عهودا للحسن ، ثمّ نكث وأخلف. ودفن الأحياء تحت التّراب ، فقد دفن زياد ابن أبيه عبد الرّحمن بن حسّان العنزي حيّا بأمر معاوية(٢) ، ودبّر المكايد للتّفرقة بين المرء وزوّجه ، كما فعل مع عبد الله بن سلّام وزوّجته زينب بنت إسحاق(٣) ، وسنّ سبّ الصّلحاء والأولياء على المنابر(٤) ، ووهب مصر لابن العاص ثمنا لغدره وخيانته ، وكذب على الله ورسوله ، وشجع

__________________

ـ والتّخاصم : ٦٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢ / ٤٥ و : ٩ / ٥٣ و : ١٥ / ١٧٥ ، التّذكرة الحمدونية : ٩ / ١٧١ ح ٣٨٠ ، تأريخ الطّبري : ١١ / ٣٥٧ ولكن بلفظ : «تلقفوها تلقف الكرة». مروج الذّهب : ٦ / ٤٠٧ ، تقوية الإيمان : ١٩٧ ، تأريخ ابن عساكر : ٦ / ٤٠٧.

(١) انظر ، تأريخ الطّبريّ : ٤ / ٢٠٢ و : ١١ / ٣٥٧ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢٣٧ ، ومسند أحمد : ٤ / ٤٢١ ، وقعة صفّين : ٢٤٦ ، والمعجم الكبير : ١ / ٤٢٧ ، العقد الفريد : ٤ / ٣٤٥ ، الاسيعاب : ٤١٢ ، واسد الغابة : ٣ / ١٠٦ ، تهذيب ابن عساكر : ٧ / ٢٠٦ ، الإصابة : ٢ / ٢٦٠ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٢٢٢ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٢٣٨ ، سيرة ابن هشام : ٤ / ١٧٩.

(٢) تقدّمت تخريجاته.

(٣) انظر ، القصّة كاملة في الإتحاف بحبّ الأشراف ، الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر الشّبراوي ، بتحقيقنا : ٤٤٦ ، ومعاوية بن أبي سفيان في الميزان ، عبّاس محمود العقاد : ١٥٩ ، شيخ المضيرة أبو هريرة ، الشّيخ محمود أبو ريّه : ٢٣٥ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٢١٧ ، دراسة عن أرينب بنت إسحاق ، عبد الله بن حسون العلي ، مطبعة الزّهراء سنة ١٩٥٠ ه‍ ، وكمامة الزّهر وفريدة الدّهر ، لابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون طبعت بمصر سنة ١٣٤٠ ه‍.

(٤) قال جاهل متعصب : أنّ الشّيعة كفّار ، لأنّهم يسبّون بعض الصّحابة. ونقول في جوابه : أنّ هذه النّسبة رواية لم تثبت ، ولكن سبّ معاوية عليّا على المنابر ثابت بشهادة التّأريخ ، ومع ذلك لا تقول بكفره ، فإن كان السّب يوجب الكفر فمعاوية كافر ، وإن كان لا يوجب الكفر فالشّيعة مسلمون ، وإن صحّ أنّهم يسبّون ، فإمّا أن تقول بإسلامهما معا وإمّا بكفرهما معا ، والتّفكيك جزهل وتعصب. (منهقدس‌سره ).

٢٣٤

على وضع الأحاديث عن الرّسول الأعظم(١) .

في ذات يوم صعد المنبر ، وقال :

«أيّها النّاس أنّ رسول الله قال : أنّك ستلي الخلافة من بعدي ، فاختر الأرض المقدّسة ، فإنّ فيها الأبدال ، وقد اخترتكم ، فالعنوا أبا تراب(٢) ثمّ كتب كتابا ،

__________________

(١) انظر ، الطّبري في تأريخه : ٧ / ١٣ ، الفتوح لابن أعثم : ٥ / ٣٠٠ ، التّنبيه والأشراف : ٦٤ ، مروج الذّهب : ٣ / ٧١ ، طبقات ابن سعد : ٥ / ٢١٥ ، فتح الباري : ١٣ / ٧٠ ، كتاب المحن : ١ / ١٥٥ ، وفاء الوفاء : ١ / ١٣١ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٣٥ ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٥٨ ، الأخبار الطّوال : ٢٦٥ ، فتح الباري : ١٣ / ٧٠ ، تأريخ خليفة بن خيّاط : ١٨٣ ، تأريخ مدينة دمشق : ٥٨ / ١٠٥.

(٢) قال الشّيخ أبو زهرة في كتاب المذاهب الإسلاميّة : ٥١ : «كتبت أمّ سلمة زوّج الرّسول إلى معاوية كتابا تقول له فيه : أنّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم ، وذلك أنّكم تلعنون عليّ بن أبي طالب ومن أحبّه وأشهد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحبّه».

وفي مسند أحمد ، وصحيح البخاري ، ومسلم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم خيبر : أنّي دافع الرّاية غدا إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار ، لا يرجع حتّى يفتح الله له ، ثمّ دفعها إلى عليّ. بعد أن كان قد أخذها كل من أبي بكر ، وعمر ورجع ، ولم يفتح له. (منه قدس‌سره).

انظر ، شواهد التّنزيل : ٢ / ٤٥٩ ، فرائد السّمطين : ١ ب ٣١ ح ١١٧ / ١٥٥ طبعة بيروت ، تأريخ دمشق : ٢ / ٣٤٨ و ٤٤٢ و ٤٤٣ ح ٨٥١ الطّبعة الثّانية ح ٩٥٩ ، لسان الميزان : ١ / ١٧٥ ، أنساب الأشراف : ٢ / ١٠٣ و ١١٣ ، أحمد بن حنبل : ح ٧٢ / ٤٦ طبعة قم ، كفاية الطّالب : ب ٦٢ / ٢٤٤ و ٢٤٦ ، كنوز الحقائق : ٨٢ و ٩٢ و ١٣١ ، المناقب للخوارزمي : ٦٢ و ١٨٧ فصل ١٧ ح ١١ فصل ٩ ، نور الأبصار : ٧٠ و ١٠١ ، الصّواعق المحرقة : ٩٦ و ١٦١.

انظر ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٣١ ، و : ٧ / ١٧ ، بشارة المصطفى : ١٦٣ ، تفسير الطّبريّ : ٦ / ١٨٦ ، و : ١٢ / ٦٥٧ ، وذخائر العقبى : ٨٨ و ١٠٢ ، وروح المعاني : ٣٠ / ٢٠٧ طبعة مصر ، وتأريخ بغداد : ٧ / ٤٢١ ، المسترشد في إمامة أمير المؤمنين : ٣٥٤ ، ينابيع المودّة : ٦٢ و ٧٤ و ٢٧٠ طبعة اسلامبول و : ٧١ و ٨٤ و ٣٦١ و ٣٦٢ طبعة الحيدريّة ، و : ١ / ١٩٦ و ٢٢٣ طبعة اسوة ، و : ٢ / ٣٥٧ و ٤٥٢ طبعة اسوة ، تذكرة الخواصّ : ١٨ ، فتح القدير للشّوكاني : ٥ / ٤٧٧ ، إسعاف الرّاغبين بهامش نور الأبصار : ١٧٢ ، جواهر العقدين : ٢ / ٢١٩ ، الصّواعق المحرقة : ١٦١ ب ١١ فصل ١

٢٣٥

وقرأ النّاس ، وفيه هذا كتاب أمير المؤمنين معاوية صاحب وحي الله الّذي بعث محمّدا نبيّا ، وكان أميّا لا يقرأ ولا يكتذب فاصطفى له من أهله وزيرا كاتبا أمينا ، فكان الوحي ينزل على محمّد وأنا أكتبه ، وهو لا يعلم ما أكتب ، فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه»(١) .

وولّى معاوية أبا هريرة على مدينة الرّسول ، لأنّه وضع حديثا كاذبا ، وهو : «أنّ لكلّ نبي حرما ، وأنّ حرمي بالمدينة ما بين عير وثور ، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين ، وأشهد بالله أنّ عليّا أحدث فيها»(٢) .

__________________

(١) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢ / ٧٢.

(٢) لا نريد التّعليق على هذه الرّواية الّتي يرويها الدّوسي الّذي كان يدلس في الأحاديث ، بل نرجع القارىء الكريم أن يدرس حياة الدّوسي في كتاب شيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبو ريّة ، والبداية والنّهاية ، وانظر ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٤ / ٦٧ ، مسند عليّ للسّيوطي : ١ / ١٨٠ ح ٥٦٥ ، كنز العمّال : ١٧ / ١٠٦ و : ١٢ / ٢٤٢ ح ٣٤٨٦٤ ، تأريخ دمشق : ٢٣ / ٢١٨ ، سير أعلام النّبلاء : ٤ / ٣٧٧ ، فتوح البلدان : ١ / ٦ ح ٢٠. تأريخ رواية هذا الإفتراء متأخر عن غزوة بسر للمدينة واستخلافه أبا هريرة بعده! عليّ الّذي قال عنه الرّسول : «يا عليّ ، لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبّك منافق». عليّ في منطق أبي هريرة قد أحدث في المدينة ، أمّا معاوية الّذي مات على غير سنة محمّد ـ بشهادة عبد الله بن عمر معاوية هذا صان مدينة الرّسول ، ومنع عنها البدع ، والأحداث بشهادة بسر وخليفته أبي هريرة. انظر ، كنز العمّال : ١١ / ٥٩٨ ح ٣٢٨٧٨ و ٣٣٠٢٨ ، و : ١٣ / ١٧٨ ح ٣٦٢٩ ، الصّواعق المحرقة : ١٢٢ ، كفاية الطّالب : ٦٨ ، شرح الأخبار : ١ / ١٥٢ ح ٨٩ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٤٢ ح ١١٤ ، اسد الغابة : ٣ / ٦٠٢ طبعة بيروت ، المصنّف لابن أبي شيبة : ١٢ / ٥٧ ، سنن التّرمذي : ٥ / ٣٠٦ ح ٣٨١٩ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٣٣ ، فتح الباري : ١ / ٦٠ ، تحفة الأحوذي : ١٠ / ١٦٤ ، السّنن الكبرى : ٥ / ١٣٧ ح ٨٤٨٧ و : ٦ / ٥٣٤ ح ١١٧٤٩ ، الرّياض النّضرة : ٢ / ٢١٤ ، خصائص النّسائي : ١٠٥ ، مسند أبي يعلى : ١ / ٢١٥ ، المعجم الأوسط : ٢ / ٣٣٧ ، و : ٥ / ٨٧ ، مسند ـ

٢٣٦

فجاء شاب من أهل الكوفة ، فجلس إلى أبي هريرة وقال له : يا أبا هريرة ، أنشدك الله ، أسمعت رسول الله يقول لعليّ بن أبي طالب : «أللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه؟ فقال : اللهمّ نعم. فقال الشّاب : أشهد بالله لقد واليت عدوّه ، وعاديت ولّيه»(١) .

وبذل معاوية لسّمرة بن جندب(٢) مئة ألف درهم ليروي عن النّبيّ أنّ هذه

__________________

ـ أحمد : ٦ / ٢٩٢ ح ٢٦٥٥٠ ، سنن النّسائي : ٨ / ١١٦ ، تأريخ دمشق : ٢ / ١٩٠ ، الغارات : ٢ / ٥٢٠ ، مسند الحميدي : ١ / ٣١ ح ٥٨ طبعة المدينة المنوّرة ، مناقب أمير المؤمنين للكوفي : ٢ / ٤٦٩ ح ٩٦٣ ، كشف الخفاء : ٢ / ٣٨٢ ح ٣١٨١ ، شواهد التّنزيل : ١ / ٤٧٧ ح ٥٠٩ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٥ / ٣١٩ ح ٨٣١٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١٢ / ٤٣٧ ، تهذيب الكمال : ١٥ / ٢٣٢ ، تأريخ بغداد : ٢ / ٢٩ ، تهذيب الأسماء : ١ / ٨٨ ، فضائل الصّحابة لأحمد بن حنبل : ٢ / ٦١٩ ح ١٠٥٩ و ١١٦٩.

(١) كتاب «أضواء على السّنّة المحمّديّة» للأستاذ محمود أبو ريّة : ١٩١ طبعة (١٩٥٨ م) ، وهذا الكتاب جديد وفريد في بابه ، لا غنى عنه للفقيه والمحدّث ، ولا لأي كان يريد أن يأخذ الدّين من معدنه ، فقد أثبت المؤلّف بالأرقام والبرهان أنّ الصّحاح السّتة الّتي تعتمد السّنّة على أحاديثها لم تتّخذ المقايّيس العلميّة لتميّيز الأحاديث الكاذبة من الصّحيحة ، وأنّ الكثير من رجال الصّحاح لا يجوز الأخذ بحديثهم بخاصّة أبا هريرة الّذي كذّبه عليّ ، وعمر ، وعثمان ، وعائشة ، وأنّي أشعر بالرّغبة الملحة في تلخيصه بفصل مستقل في بعض مؤلّفاتي ، وعسى أن تسنح الفرصة. (منهقدس‌سره ).

(٢) هو سمرة بن جندب بن هلال بن جريح الفزاري ، استعمله ابن زياد على شرطته في البصرة والكوفة ، واستعمله معاوية على ولاية البصرة ثمّ عزله ، فقال : لعن الله معاوية والله لو أطعت الله كما أطعته ما عذبني أبدا ، مات سنة (٥٨ أو ٥٩ ه‍).

انظر ، الإصابة : ٢ / ٧٨ ، اسد الغابة : ٢ / ٣٥٤ ، الجرح والتّعديل : ٤ / ١٥٤ ، شذرات الذّهب : ١ / ٦٥ ، تهذيب التّهذيب : ٤ / ٢٣٦.

وروي عن حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد بن خالد ، قال : كنت إذا أتيت أبا هريرة سألني عن سمرة بن جندب ، وإذا أتيت سمرة بن جندب سألني عن أبي هريرة. فقلت : يا أبا هريرة ما أراك تسألني إلّا عن

٢٣٧

الآية :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ ) (١) نزلت في عليّ بن أبي طالب ، وأنّ آية :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (٢) نزلت في قاتله ابن ملجم ، فلم يقبل

__________________

ـ سمرة ، وأرى سمرة يسألني عنك؟ فقال : إذا والله أخبرك ولا أكتمك ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: اخركم موتا في النّار». انظر ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٩٦.

وعن محمّد بن قيس الأسدي ، قال : سمعت الشّعبي يقول : سمعت أبا عمر يقول : قال ، قال عمر بن الخطّاب ، وهو يخطب على المنبر : «لعن الله سمرة بن جندب كان أوّل من اتجر في الخمر في الإسلام ولا يحلّ من البيع إلّا ما يحل أكله».

انظر ، الغارات : ٢ / ٩٤١ ، تأريخ الطّبري : حوادث سنة ٥٣ ، طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ه‍ ، أو ص : ١٦٢ ، وابن الأثير حوادث سنة ٥٣ أو ص : ١٨٣ وحوادث سنة ٥٤ ص : ١٩٦ و : ٣ / ١٩٥ ، الإصابة: ٣ / ١٥٠ ، مجمع الزّوائد : ٨ / ٢٩٠ ، جزء أشيب لأبي عليّ الحسن بن موسى الأشيب (شيخ الإمام أحمد ابن حنبل) : ٥٨ ، طبعة دار علوم الحديث ، الإمارات العربية المتحدة ، الطّبعة الأولى سنة ١٤١٠ ه‍.

وعن ابن عدي ، قال قدمت المدينة ، فجلست إلى أبي هريرة ، فقال : ممّن أنت؟ قلت : من أهل البصرة ، قال : ما فعل سمرة بن جندب؟ قلت : هو حيّ ، قال : ما أحد أحبّ إليّ طول حياة منه ، قلت : ولم ذاك؟ قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ليّ ، وله ، ولحذيفة بن اليمان : آخركم موتا في النّار».

انظر ، المعرفة والتّأريخ : ٣ / ٣٥٦.

وعن أبي النّضرة عن أبي هريرة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعشرة من أصحابه : آخركم موتا في النّار ، فيهم سمرة بن جندب ، قال أبو النّضرة ، فكان سمرة بن جندب آخرهم موتا. والخلاصة سمرة بن جندب باع دينه بدنياه وآثر العاجلة على الآخرة إذ ارتكب الكذب والبهتان.

انظر ، المعجم الأوسط : ٦ / ٢٠٨ و : ٧ / ١٧٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ٧٨ ، التّأريخ الصّغير : ١ / ١٣٣ ، تهذيب الكمال : ١٢ / ١٣٣ ، و : ٣٤ / ٢٥٧ ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ١٨٤ ، تهذيب التّهذيب : ٤ / ٢٠٧ و : ١٢ / ٢٠٠ ، البداية والنّهاية : ٦ / ٢٥٣ ، البيهقيّ في الدّلائل : ٦ / ٤٥٩ ، الشّفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ٣٣٩.

(١) البقرة : ٢٠٤.

(٢) البقرة : ٢٠٧.

٢٣٨

سمرة بالمئة ألف ، فبذل له مئتي ألف ، فلم يقبل ، فبذل ثلاثمئة ألف فلم يزقبل ، فبذل له أربعمئة ألف فقبل ، وروى كذبا وافتراء(١) !

عليّ الّذي قال له الرّسول : «يا عليّ ، لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبّك منافق»(٢) .

__________________

(١) لا نريد التّعليق على هذا الكلام مرّة ثانية ، والّتي أطبق المؤرّخون على أنّها نزلت في عليّعليه‌السلام ، وسبق وأن دللنا على ذلك بالمصادر الّتي ذكرناها سابقا ، كالطّبري : / ١٢٢ و ٦١٦٤ ، شواهد التّنزيل للحاكم الحسكاني : ١ / ١٢٣ ح ١٣٣ وما بعده ، والثّعلبي في الكشف والبيان : ١ / ١١٧ ، والرّازي في تفسيره : ٢ / ١٥٢ ، وغيرهم كثير.

فلاحظ بعض مخازي سمرة في ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة : ١ / ٧٨٩ طبعة الحديثه ببيروت ، والشّرح المختار المذكور : ٧٩٢ ، فإذا كانت المقارنة من هذا الباب فلا عتب ، ولا استدلال. انظر ، المناقب لابن شهر آشوب : ٢ / ٥٨ ، المسترشد في إمامة أمير المؤمنين : ٤٣٣ ، الخصائص لابن البطريق : ٩٨ ، كشف اليقين : ٩٠ ، بحار الأنوار : ٣٨ / ٢٨٩ ، و : ٣٦ / ٤٨ و ٤٩ ، إعلام الورى : ١٩١ ، الطّرائف : ٣٣ ، العمدة : ٣٤٠ ، دلائل الصّدق : ٢ / ٥٣٨ ، الشّافي للسّيّد المرتضى : ٤ / ٢٥ ، الغدير : ٢ / ٤٨ ، تذكرة الخواصّ لسّبط ابن الجوزي : ٤٠ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٣٣ ، الطّرائف لابن طاووس : ٤٠٧ ، اختيار معرفة الرّجال : ١ / ١٣٠ ، كفاية الطّالب : ١١٥ ينابيع المودّة : ١٠٥.

(٢) انظر ، كنز العمّال : ١١ / ٥٩٨ ح ٣٢٨٧٨ و ٣٣٠٢٨ ، و : ١٣ / ١٧٨ ح ٣٦٢٩ ، الصّواعق المحرقة: ١٢٢ ، كفاية الطّالب : ٦٨ ، شرح الأخبار : ١ / ١٥٢ ح ٨٩ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٤٢ ح ١١٤ ، اسد الغابة : ٣ / ٦٠٢ طبعة بيروت ، المصنّف لابن أبي شيبة : ١٢ / ٥٧ ، سنن التّرمذي : ٥ / ٣٠٦ ح ٣٨١٩ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٣٣ ، فتح الباري : ١ / ٦٠ ، تحفة الأحوذي : ١٠ / ١٦٤ ، السّنن الكبرى : ٥ / ١٣٧ ح ٨٤٨٧ و : ٦ / ٥٣٤ ح ١١٧٤٩ ، الرّياض النّضرة : ٢ / ٢١٤ ، خصائص النّسائي : ١٠٥ ، مسند أبي يعلى : ١ / ٢١٥ ، المعجم الأوسط : ٢ / ٣٣٧ ، و : ٥ / ٨٧ ، مسند أحمد : ٦ / ٢٩٢ ح ٢٦٥٥٠ ، سنن النّسائي : ٨ / ١١٦ ، تأريخ دمشق : ٢ / ١٩٠ ، الغارات : ٢ / ٥٢٠ ، مسند الحميدي : ١ / ٣١ ح ٥٨ طبعة المدينة المنوّرة ، مناقب أمير المؤمنين للكوفي : ٢ / ٤٦٩ ح ٩٦٣ ، كشف الخفاء : ٢ / ٣٨٢ ح ٣١٨١ ، شواهد التّنزيل : ١ / ٤٧٧ ح ٥٠٩ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٥ / ٣١٩ ح ٨٣١٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١٢ / ٤٣٧ ، تهذيب الكمال : ١٥ / ٢٣٢ ، تأريخ بغداد : ٢ / ٢٩ ، تهذيب الأسماء : ١ / ٨٨ ، فضائل الصّحابة لأحمد بن حنبل : ٢ / ٦١٩ ح ١٠٥٩ و ١١٦٩.

٢٣٩

وقال : «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ»(١) ، وقال يوم خيبر : «سأعطي الرّاية إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار ، ثمّ أعطاها لعليّ»(٢) . عليّ هذا خصم لله ، وابن ملجم من الّذين اشتروا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله!

وليس بعجب ولا غريب أن يفتري معاوية وسمرة الكذب على الله ، فالأوّل عدوّ الدّين ، والثّاني باع دينه للشّيطان ، ولكن العجب من الّذين يقدّسون معاوية وسمرة ، ويؤمنون بعد التهما لا لشيء إلّا لصحبتهما. فقد قرّر الكثير من شيوخ السّنّة في كتب الحديث والأصول أنّ جميع الصّحابة عدول لا يجوز نقدهم ولا تجريهم «واعتبروهم جميعا معصومين من الخطأ والسّهو والنّسيان»(٣) .

معاوية معصوم عن الخطأ حتّى ولو تعمد الكذب على الله والرّسول ، وسمرة عادل ، وإن باع دينه للشّيطان ، أمّا عليّ ، والحسن ، والحسين فغير معصومين ،

__________________

(١) هكذا روي الحديث : «الحقّ مع عليّ ، وعليّ مع الحقّ لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».

انظر ، صحيح التّرمذي : ٥ / ٢٩٧ ح ٣٧٩٨ و : ١٢ / ١٢٦ ، وجامع التّرمذي : ٢ / ٢١٣ ، التّفسير الكبير للفخر الرّازي : ١ / ٢٠٥ ، فيض القدير : ٦ / ٣٥٦ ، مجمع الزّوائد : ٧ / ٢٣٥ و : ٩ / ١٣٤ ، تأريخ بغداد : ١٤ / ٣٢١ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٧٨ ، شرح الأخبار للقاضي النّعمان المغربي : ٢ / ٦٠ ، ربيع الأبرار للزّمخشري : ١ / ٨٢٨ ، فرائد السّمطين : ١ / ١٧٧ ح ١٣٨ ، المناقب لابن المغازلي : ١١٧ و ٢٤٤ ، والمستدرك : ٣ / ١٩ و ١٢٤ ، العقد الفريد : ٣ / ١٠٨ الطّبعة الثّالثة ، تأريخ ابن عساكر ترجمة الإمام عليّ : ٣ / ١١٩ ح ١١٦٢ و : ٤٢ / ٤٤٩ ، كنز العمّال : ١١ / ٦٠٣ ح ٣٢٩١٢ ، أنساب الأشراف : ٢ / ٢٨١ الطّبعة الأولى ، فضل آل البيت للمقريزي : ٦٠ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ لابن دمشق : ١ / ٣٤٣ ، الملل والنّحل : ١ / ١٠٣.

(٢) تقدّمت تخريجاته.

(٣) انظر ، كتاب «الأضواء على السّنّة المحمّديّة» : ٣٢٢. (منهقدس‌سره ).

٢٤٠

وإن كانوا أهل بيت الرّسول ، بل ولو ضحّوا في سبيل الإسلام بالأرواح ، والعيال ، والأطفال! لقد أنكر بعض الكتّاب على الشّيعة قولهم بعصمة من زكّاهم القرآن ، وطهّرهم من الرّجس ، ولم ينكر على بعض السّنّة القول بعدالة الصّحابة الّذين هم على شاكلة معاوية وسمرة!

معاوية عادل ، لأنّه بذل الأموال ، والمناصب لوضع الأحاديث في القدح بأخي الرّسول في الدّنيا والآخرة! ومعاوية مؤمن ، لأنّه شجّع الإفتراء على الله ، وأمر بوضع أحاديث في فضائله مثل «كتب معاوية آية الكرسي بقلم من ذهب جاء به جبرائيل هديّة له من فوق العرش»(١) . وهذا الحديث المفترى هو المصدر الوحيد لكتابة معاوية للوحي(٢) .

سئل النّسائي وهو في دمشق عن فضائل معاوية. فقال : ألا يرضى معاوية رأسا برأس ، حتّى يفضّل(٣) ؟!».

وإذا وجد في الصّحابة مثل سمرة بن جندب ، وأبي هريرة ، وابن العاصّ يقبضون ، ويكذبون فإنّ فيهم من يناصر الحقّ ، ولا تستهويه الأموال ، والمناصب فلقد وقف جماعة لمعاوية وجابهوه بالحقيقة ، وصارحوه بمثالبه ومروقه من

__________________

(١) انظر ، سير أعلام النّبلاء : ٣ / ١٢٩ ، شرح الأخبار : ٢ / ١١١ هامش رقم «٤».

(٢) انظر ، كتاب الأضواء على السّنّة المحمّديّة : ٨١١ ، والنّصائح الكافية لمن يتولّى معاوية : ١٧٢ طبعة (١٩٤٨ م). (منهقدس‌سره ). انظر ، تلخيص الحبير : ٤ / ١٨٨ ، الإكمال لابن ماكولا : ١ / ٥٢٦.

(٣) ذهب النّسائي إلى دمشق ، وهو أحد أصحاب الصّحاح السّتة عند السّنّة ، فقيل له : حدثنا عن فضائل معاوية ، فقال : أما يرضى معاوية رأسا برأس ، حتّى يفضل؟! وقال : لا أعرف له فضيلة إلّا لا أشبع الله بطنه ، فداسوه بالأرجل ، ومات بسبب ذلك. انظر ، العبر : ٣ / ٢٨ ، البداية والنّهاية : ١١ / ٣١٧ ، وفيّات الأعيان : ١ / ٥٩ ، أنساب الأشراف : ١ / ٥٣٢ ، صحيح مسلم : ٨ / ٢٧ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٣٦٥ ، مسند الطّيالسي : ح ٢٧٤٦ ، شيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبو ريّة : ٢٠٤.

٢٤١

الدّين ؛ وأقوالهم مثبتة في كتب السّير والتّأريخ ، لو جمعت لجاءت في مجلّد ضخم ، وإليك بعضها :

كتب معاوية إلى سعد بن وقّاص يستحثه على الطّلب بدم عثمان فردّ عليه سعد : «أنّ عليّا أحقّ بالخلافة من غيره ، لأنّه شارك غيره في محاسنه ، ولم يشاركه أحد في محاسنه»(١) . وكتب قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري إلى معاوية جوابا له عن كتابه : «أمّا بعد فأنت وثن ابن وثن دخلت في الإسلام كرها ، وخرجت منه طوعا»(٢) .

وقالت له أروى بنت الحارث بن عبد المطّلب : «لقد كفرت النّعمة ، وتسميّت بغير اسمك ، وأخذت غير حقّك بلا بلاء كان منك ولا من أبيك بعد أن كفرتم بما جاء به محمّد ، فأتعس الله منكم الجدود ، وأضرع منكم الخدود حتّى ردّ الله الحقّ إلى أهله ، وكانت كلمة الله هي العليا ، ونبيّنا هو المنصور على كلّ من ناواه ، ولو كره المشركون ، فكنّا أهل البيت أعظم النّاس في هذا الدّين بلاء ، وعن أهله غناء وقدرا حتّى قبض الله نبيّه مغفورا ذنبه مرفوعة منزلته ، شريفا عند الله مرضيّا ، فوثب علينا بعده تيم وعدي ، وبنو اميّة ، فأنت منهم تهدي بهداهم ، وتقصد بقصدهم ، فصرنا فيكم بحمد الله أهل البيت بمنزلة قوم موسى وآل فرعون يذبّحون أبنآءهم ويستحيون نسآءهم ، وصار سيّدنا فيكم بعد نبيّنا بمنزلة هرون

__________________

(١) انظر ، الإمامة والسّياسة : ١ / ١٤٤ ، فتح الباري : ١٣ / ٥٧ ، قريب منه.

(٢) انظر ، مقاتل الطّالبيّين : ٤٣ ، الكامل للمبرد : ١ / ٣٠٩ ، البيان والتّبيّين : ٢ / ٦٨ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٦٣ ، عيون الأخبار لابن قتيبة : ٢ / ٢١٣ ، مروج الذّهب : ٢ / ٦٢ ، شيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبو ريّة : ٩٤ ، مقتل الخوارزمي : ٢٥٨ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ٢ / ٣٦ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٦ / ٤٣.

٢٤٢

من موسى ، حيث يقول :( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (١) ، فلم يجتمع بعد رسول الله شمل ، ولم يسهل وعث ، وغايتنا الجنّة ، وغايتكم النّار»(٢) .

__________________

(١) الأعراف : ١٥٠.

(٢) انظر ، العقد الفريد : ١ / ٤٥٧ ، بلاغات النّساء : ٢٧ ، محادثات النّساء : ٨٣ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ٢ / ٢٤٩ ، النّصائح الكافية لمن يتولى معاوية : ٣٦ ، مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٣٥٠.

٢٤٣
٢٤٤

عقيل ومعاوية

كان لأبي طالب ـ واسمه عبد مناف(١) ـ ستة أولاد : أربعة ذكور وابنتان ، طالب ، وعقيل ، وجعفر ، وعليّ ، وأمّ هاني ، وجمانة وأمّهم جميعا فاطمة بنت أسد ، وطالب أسنّ من عقيل بعشر سنين ، وعقيل أسنّ من جعفر بعشر سنين ، وجعفر أسنّ من عليّ بعشر سنين(٢) .

وليس فيما لدي من المصادر ذكر لجمانة سوى أنّها أختّ الإمام عليّ ، وأمّا أمّ هاني ، واسمها فاخته فقد أسلمت ، وتزوّجها هبيرة بن أبي لهب بن عمرو ،

__________________

(١) ويلقّب بأبي البطحاء لأنّهم استقوا به سقيا فكنّوه بذلك ، وهو شيبة بن هاشم ، وهو عمرو بن عبد مناف. انظر ، ذخائر العقبى ، الطّبري : ١٧١ ، المعارف لابن قتيبة تحقّيق ثروة عكاشة : ١ / ١١٧ ، البداية والنّهاية : ٤ / ٢٥٥ ، تهذيب التّهذيب : ٢ / ٩٨ ، اسد الغابة : ١ / ٢٨٦ ، الإصابة : ١ / ٢٤٨ ، طبقات ابن سعد: ٤ / ٢٨ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٣ / ٤٠٧ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٢٠٨ ، الإستيعاب : ١ / ٨١ ، حلية الأولياء : ١ / ١١٤ ، معجم ما استعجم للبكري : ١ / ٧٧ ، صبح الأعشى للقلقشندي : ١ / ٣٥٥.

(٢) انظر ، سيرة النّبيّ لابن هشام : ٤ / ١٠٧٦ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٥٢١ ، عون المعبود : ٦ / ٢٢ ، مسند ابن راهويه : ٣ / ٧٣٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٣ / ٣٩ ، الجامع الصّغير : ٢ / ٥٠٥ ح ٧٩٧٧ ، كنز العمّال : ٧ / ٢٢٩ ح ١٨٧٤٥ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ٥ / ٥٩٣ ، المعارف : ٢٠٣ ، ينابيع المودّة : ١ / ٤٦٧ هامش ٨ ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمة لابن الصّباغ المالكي : ١ / ١٧٣ ، بتحقّيقنا ، اسد الغابة لابن الأثير : ١ / ٣٤١ طبعة مصر ، السّيرة لابن إسحاق : ٢٢٦ ، صحيح البخاري : ٥ / ٢٤.

٢٤٥

وولدت له أولادا(١) ، ومات وهو مشرك ، وعن ابن عبّاس أنّ النّبيّ دخل يوم الفتح على أمّ هاني ، وكان جائعا ، فقالت : يا رسول الله أنّ أصهارا لي قد لجؤا إليّ ، وأنّ أخي عليّا لا تأخذه في الله لومة لائم ، وأخاف أن يعلم بهم ، فيقتلهم ، فجعل من دخل دار أمّ هاني آمنا.

فقال رسول الله : «أجرنا من أجارت أمّ هاني»(٢) .

ثمّ قال لها : هل عندك من شيء نأكله؟.

فقالت : ليس عندي إلّا كسر يابسة ، واستحي أقدّمها لك.

قال : هلمي بهنّ ؛ ولمّا أتته بكسر الخبز ، وضعهنّ بالماء والملح

وقال لها : هل من إدام؟

قالت : ما عندي إلّا شيء من خلّ ، فصبّه النّبيّ على طعامه. وأكل منه ، ثمّ حمد الله ، وقال : نعم الإدام الخلّ ، يا أمّ هاني ، لا يفتقر بيت فيه خلّ(٣) .

واسلم جعفر قبل هجرة الرّسول إلى المدينة ، وهاجر مع جماعة من المسلمين إلى الحبشة ، وكان النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله شديد الحبّ له ، فقد قال له يوما :

__________________

(١) انظر ، كتاب العقد الفريد : ٥ / ٣١٣ طبعة ١٩٥٣ م ، و : ٥ / ٨٧.

(٢) انظر ، المستدرك على الصّحيحين : ٤ / ٥٩ ح ٦٨٧٥ ، مجمع الزّوائد : ٦ / ١٧٦ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ١١٠٢ ح ٣٣١٨ ، المعجم الأوسط : ٧ / ٨٧ ح ٦٩٣٤ ، المعجم الكبير : ٢٤ / ٤١٨ ح ١٠١٨ و ١٠٥٥ ، شعب الإيمان : ٥ / ١٠١ ح ٥٩٤٤ ، فيض القدير : ٥ / ٤٢٤ ، حلية الألياء لأبي نعيم : ٨ / ٣١٣ ، نصب الرّاية : ٤ / ٣١ ، الطّبقات الكبرى لابن سعد : ٨ / ٣٣.

(٣) أراد النّبيّ أن يهوّن على ابنة عمّه ، كي لا يدخل في روعها أنّها قصّرت بحقّه ، وأن يعطي درسا عامّا لجميع النّاس بأنّ كلّ ما تيسّر من الطّعام فهو خير خلّا كان أو غيره ، وإنّما ذكر الخلّ بالخصوص ؛ لأنّه الميسور في ساعته تلك ، وغير بعيد أنّه لو لم يوجد عند أمّ هاني إلّا الملح لقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «نعم الأدام الملح». (منه قدس‌سره). انظر ، المصادر السّابقة.

٢٤٦

«أشبهت خلقي وخلقي»(١) ، وصادف قدوم جعفر من الحبشة يوم فزتح خيبر ، فتلقاه النّبيّ ، وقبّله بين عينيه ، وقال : «ما أدري بأيّهما أنا أشدّ فرحا بقدوم جعفر أو بفتح خيبر»(٢) . وقال له : حدّثني ببعض عجائب الحبشة.

فقال : نعم ، بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ، بينا أنا سائر في بعض طرقات الحبشة إذا بعجوز على رأسها مكتل ، فأقبل شاب يركض على فرس له ، فألقاه على وجهها ، وألقى المكتل على رأسها ، فاسترجعت قائمة ، واتبعته النّظر ، وهي تقول : الويل لك غدا إذا جلس الملك على كرسيه ، فاقتص للمظلوم من الظّالم. ، فجرت دموع رسول الله على لحيته مثل الجمان ، ثمّ قال : لا قدّس الله أمّة لا تأخذ للمظلوم حقّه من الظّالم(٣) .

وكان جعفر خير النّاس للمساكين ، يطعمهم ويكسوهم ، ويجلس إليهم يحدّثهم ويحدثونه ، حتّى كنّاه رسول الله أبا المساكين ، وكان النّاس يعرفونه

__________________

(١) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٩٦٠ ح ٢٥٥٢ و : ٣ / ١٣٥٩ ح ٣٥٠٤ و : ٤ / ١٥٥١ ح ٤٠٠٥ ، صحيح ابن حبّان : ١١ / ٢٢٩ ح ٤٨٧٣ و : ١٥ / ٥٢٠ ح ٧٠٤٦ ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٤ ، سنن التّرمذي : ٥ / ٦٥٤ ح ٣٧٦٥ ، مجمع الزّوائد : ٤ / ٣٢٤ و : ٩ / ٢٧٢ ، سنن البيهقي الكبرى : ٨ / ٥ ح ١٥٥٤٦ ، مسند أحمد : ١ / ٩٨ ح ٧٧٠.

(٢) انظر ، المصنّف لابن أبي شيبة : ٦ / ٢٨١ ح ٣٢٢٦ ، الآحاد والمثاني : ١ / ٢٧٦ ح ٣٦٣ ، المعجم الكبير : ٢ / ١٠٨ ح ١٤٦٩ ، شعب الإيمان : ٦ / ٤٧٧ ح ٦٩٦٨ ، فتح الباري : ١١ / ٥٢ ، تفسير القرطبي : ١٥ / ٢١٥ ، تفسير ابن كثير : ٣ / ٤٦٨ ، الطّبقات الكبرى : ٣ / ١٠٨ و : ٤ / ٣٥.

(٣) انظر ، الطّبقات الكبرى : ٣ / ١٠٨ و : ٤ / ٣٥ ، المعجم الأوسط : ٦ / ٣٣٥ ح ٦٠٠٩ و : ٥ / ٢٥٣ ح ٥٢٣٤ ، معجم الشّيوخ : ١ / ١٧١ و : ٦ / ٨١ ح ٧٥٤٩ ، السّنّة لابن عاصم : ١ / ٢٥٧ ح ٥٨٢ ، البيان والتّعريف : ٢ / ١٥٠ ، فيض القدير : ٥ / ٥٩.

٢٤٧

وينادونه بهذره الكنية(١) ، وقتل جعفر في غزاة مؤتة بالبلقاء سنة ثمان من الهجرة ، وثبت عن النّبيّ بطريق السّنّة والشّيعة أنّه قال : «رأيت جعفرا يطير بجناحين في الجنّة مع الملائكة»(٢) .

وتزوّج جعفر أسماء بنت عميس ، وكانت معه في الحبشة ، وولدت له هناك

__________________

(١) انظر ، سنن التّرمذي : ٥ / ٦٥٥ ح ٣٧٦٧ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ١٣٨١ ح ٤١٢٥ ، الآحاد والمثاني : ١ / ٢٧٧ ح ٣٦٥ ، شعب الإيمان : ٧ / ٤٣٧ ح ١٠٨٨٢ ، فتح الباري : ٩ / ٥٥٨ ، حلية الأولياء : ١ / ١١٧ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢١٧ ، تهذيب الكمال : ٥ / ٥٧ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٥١٨ ، الإصابة: ١ / ٤٨٦.

(٢) جعفر بن أبي طالب (عبد مناف) بن عبد المطّلب بن هاشم (ت ٨ ه‍) صحابي هاشمي من شجعانهم ، يقال له جعفر الطّيّار ، وهو أخو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وكان أسنّ من الإمام عليّعليه‌السلام بعشر سنين ، وهو من السّابقين إلى الإسلام. هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثّانية ، فلم يزل هناك إلى أن هاجر النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة. فقدم عليه جعفر وهو بخيبر سنة (٧ ه‍).

انظر ، تهذيب الكمال : ١٤ / ٣٦٩ ، الاستيعاب : ١ / ٢٤٢ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٣٩ ، الإصابة : ١ / ٤٨٧ ، تهذيب الأسماء : ١ / ١٥٥ ، تلخيص الحبير : ٣ / ٢١٤ ح ١٦٠٧ ، خلاصة البدر المنير : ٢ / ٢٢٣ ح ٢٠٦٩ ، التّرغيب والتّرهيب : ٢ / ٢٠٦ ح ٢١١٧ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ٢٧٣ ، المعجم الكبير : ٢ / ١٠٧ ح ١٤٦٧ و : ١١ / ٣٦٢ ح ١٢٠٢٠.

وفي صحيح البخاريّ : ٣ / ١٣٦٠ ح ٣٥٠٦ و : ٤ / ١٥٥٥ ح ٤٠١٦ ، أنّ ابن عمر كان إذا سلّم على ابن جعفر قال : السّلام عليك يا ابن ذي الجناحين) ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ٤٤ ح ٤٣٥٢ ، السّنن الكبرى : ٥ / ٤٧ ح ٨١٥٧ ، المعجم الكبير : ٢ / ١٠٩ ح ١٤٧٤ و : ١٢ / ٢٦٣ ح ١٣٠٥٥ ، فتح الباري : ٧ / ٧٦ ح ٣٥٠٦ و : ١٠ / ١٨٣ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢١٥ ، تهذيب الكمال : ٢ / ٨٣ ح ١٤٦ و : ٥ / ٥٥ ، الإصابة : ١ / ٤٨٧ ، خلاصة البدر المنير : ٢ / ٢٢٣ ح ٢٠٦٩ ، فضائل الصّحابة لأحمد بن حنبل : ٢ / ٨٨٨ ح ١٦٨٤ ، فضائل الصّحابة للنّسائي : ١ / ١٨ ح ٥٥.

وفي الحديث المرفوع أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بكى لمّا قتل جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام في مؤته ، قال : «المرء كثير بأخيه». انظر ، مسند الشّهاب : ١ / ١٤١ ح ١٨٦ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٤ / ٢٠٥ ح ٦٦٢٥ ، فيض القدير : ٢ / ٣٩٩ ، تهذيب الكمال : ١٤ / ٣٦٩ ، كشف الخفاء : ٢ / ٢٦٤ ح ٢٢٨٢ و ٢٧٩١.

٢٤٨

عبد الله ، ومحمّدا ، وعونا(١) ، ولمّا قتل عنها تزوّجها أبو بكر ، فولدت له محمّدا(٢) ، ولمّا توفّي أبو بكر تزوّجها أمير المؤمنين عليّ ، فولدت له يحيى ، وتوفّي في حياة أبيه ، ولا عقب له(٣) .

وأمّ أسماء بنت عميس هي هند بنت عوف بن الحارث الجرشي من جرش اليمن ، وكان لهند هذه أربع بنات :

١ ـ أسماء تزوّجها جعفر ، وأبو بكر ، وعليّ.

٢ ـ ميمونة تزوّجها رسول الله ، وهي آخر امرأة تزوّجها.

٣ ـ أمّ الفضل لبانة تزوّجها العبّاس بن عبد المطّلب ، وهي أمّ ولده عبد الله ، وعبيد الله ، والفضل ، ومعبد ، وقثم.

٤ ـ سلمى تزوّجها الحمزة بن عبد المطّلب(٤) .

__________________

(١) انظر ، ترجمة هؤلاء في جوامع السّيرة : ٢٨٢ ، والمعارف : ٢٠٥ ، اسد الغابة لابن الأثير : ١ / ٣٤١ طبعة مصر ، السّيرة لابن إسحاق : ٢٢٦ ، صحيح البخاريّ : ٥ / ٢٤.

(٢) انظر ، تذكرة خواصّ الأمّة : ١١٤ طبعة النّجف ، التّمهيد والبيان : ٢٠٩ ، الأغاني : ٢١ / ٩ ، الإشتقاق :٣٧١ ، الطّبريّ ، وابن الأثير ، وابن كثير في ذكر حوادث سنة (٣٦ ه‍) ، الإصابة حرف الميم : ٣ ق ٢ / ٤٥١ ، الاستيعاب : ٣ / ٣٢٨ ، الفتوح لابن أعثم : ١ / ٤٧٢ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٥٥ وما بعدها ، تهذيب الكمال : ٢٤ / ٥٤١ رقم ٥٠٩٧ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٢٦٤ و : ٣ / ١٩٠ ، شرح النّهج لمحمّد عبده : ١ / ١١٧.

(٣) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٦ / ١٤٢ ، مقاتل الطّالبيين : ١١ ، شرح معاني الآثار : ١ / ٤٨ ، لسان الميزان : ٧ / ٥٢٢ ، تقريب التّهذيب : ٢ / ٦٢٩ ، أنساب الأشراف : ٣٩٢ ، سبل الهدى والرّشاد : ٢ / ٥٢ ، تحفة الأحوذي : ٧ / ١٢٠ و : ٨ / ٥٢.

(٤) انظر ، اسد الغابة : ٧ / ١٥٧ و ٢٠٢ ، المعارف : ١٢٣ و ١٣٧ ، السّيرة لابن هشام : ٤ / ٢٨٣ ، الإصابة : ٧ / ٢٠٩ و : ٨ / ١٥٧ ، الإستيعاب : ٤ / ١٨١٣ ، الطّبقات الكبرى : ٨ / ٨٣ و ١١٢ و ٢٣٣ ، صحيح ـ

٢٤٩

فأحماء هذه الجرشية رسول الله ، وأمير المؤمنين ، والحمزة ، وجعفر ، والعبّاس ، وأبو بكر ، وقيل : من أحمائها الوليد بن المغيرة ، وأنّ أمّ خالد بن الوليد ابنة هذه الجرشية ، ولذا اشتهر أنّ الجرشية أكرم النّاس أحماء(١) .

أمّا عقيل ، ويكنى أبا يزيد فقد أخرجه المشركون يوم بدر لحرب الرّسول مكرها ، فأسره مع عمّه العبّاس رجل من الأنصار يدعى أبا بشر(٢) ، ورآه أخوه

__________________

ـ مسلم : كتاب الرّضاع : ١٠٦٥ ح ٤٩ ، صحيح البخاري : تفسير سورة الأحزاب : ٣ / ١١٨ وكتاب النّكاح : ٣ / ١٦٤ و ١٦٥ ، البداية والنّهاية : ٦ / ٣٩٠ ، جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ : ٢ / ١٢٢ ، تأريخ الطّبري : ٦ / ٢١ ، نسب قريش : ٤٠ ، جمهرة أنساب العرب : ٣٣ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ١٨٠ ، كنز العمّال : ٧ / ١٠٥ ، ميزان الإعتدال : ١ / ٩٧ ، سنن ابن ماجه : ٢٨٩ ، مستدرك الصّحيحين : ٣ / ١٧٦.

(١) انظر ، مقاتل الطّالبيّين : ١١ ، تهذيب الكمال : ٣٥ / ١٢٧.

(٢) انظر ، صحيح مسلم : ٣ / ١٤٠٨ ح ٨٦ ، سنن أبي داود : ٣ / ١٦٣ ح ٣٠١٢.

أمّا تشكيك الطّبري في : ٤ / ٢٢٦ من حضور العبّاس غزوة بدر فهو تشكيك في غير محله ولسنا بصدد مناقشة الطّبري وأمثاله حتّى أنّ ابن قتيبة في معارفه : ١٥٤ أوّل ما ذكر العبّاس بن عبد المطّلب ، وكذلك في سيرة ابن هشام : ٢٢ / ٣٢١ بل نورد الأحاديث الّتي وردت من قبلهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنّهي عن قتل العبّاس خاصّة ، وقتل بني هاشم عامّة. وكذلك نهى عن قتل أبي البختري بن هشام بن الحارث بن أسد ، مع ملاحظة أنّ نهيهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن قتل بني هاشم عامّة ونهيه عن قتل عمّه خاصّة تأكيد وتشديد ومبالغة لما عنده من العلم بأنّهم اخرجوا كرها ولم يؤذوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان يأمل توفيقهم وهدايتهم إلى الله تعالى ورسوله ومع ذلك فقد أبى ابن البختري عندما قال له المجذر بن زياد البلوي حليف الأنصار أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهانا عن قتلك ، فقال ابن البختري : أنا وصاحبي ـ جنادة بن مليحة من بني ليث؟ قال له : لا والله ما نحن بتاركي صاحبك وما أمرنا رسول الله إلّا بك وحدك فاختار القتال وقتله المجذر.

ومن أراد الإطّلاع على ذلك فليراجع المصادر مثل الكامل في التّأريخ : ٢ / ٨٩ ، والطّبري في تأريخه : ٢ / ٢٨٢ ، والصّحيح من سيرة النّبيّ الأعظم : ٣ / ١٧٢ ، والسّيرة النّبويّة لابن هشام : ـ

٢٥٠

__________________

ـ ٢ / ٢٨١ ، والسّيرة الحلبية : ٢ / ١٦٨ ، وشرح النّهج لابن أبي الحديد : ١٤ / ١٣٣ و ١٨٣ ، والبداية والنّهاية : ٣ / ٢٨٤ ، ومجمع البيان : ٤ / ٥٥٩ ، وغيرها.

أمّا أنّ العبّاس قد اسر فلا شكّ ولا ريب في ذلك ، وقد نصّ عليه كلّ من أرّخ وقعة بدر من أهل السّير والأخبار ، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله الّذي قال : سمعت تضوّر عمّي العبّاس في وثاقه فمنعني النّوم ، فقاموا إليه فأطلقوه فنام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

انظر ، ابن الأثير في الكامل : ٢ / ٨٩ ، وشرح النّهج لابن أبي الحديد : ١٤ / ١٨٢ ، وكنز العمّال : ٥ / ٢٧٢ ح ٥٣٩١ ، والصّحيح من سيرة النّبيّ الأعظم : ٣ / ٥٢٠ ، والبداية والنّهاية : ٣ / ٢٨٥ ، وصحيح مسلم : ٦ / ١٥٧ ، شواهد التّنزيل : ١ / ٥١١ ح ٥٤١ ، الماوردي : ٢ / ٤٦.

وذكره أيضا ابن قتيبة في المعارف : ١٥٥ ، قال العبّاس : يا رسول الله إنّ هذا والله أسرني بعد ما أسرني رجل أجلح من أحسن النّاس وجها ، على فرس أبلق ما أراه فى القوم ، فقال الأنصاري أنا أسرته يا رسول الله ، فقال : أسكت لقد أيّدك الله عزوجل بملك كريم ، فقال النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف أسرت العبّاس يا أبا اليسر ، قال : يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قطّ هيئته كذا وكذا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد أعانك عليه ملك كريم. وقال للعبّاس : افد نفسك ، وابني أخيك عقيل بن أبي طالب ، ونوفل بن الحارث ، وحليفك عتبة بن عمر ، فقال : يا رسول الله إنّي كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعلم باسلامك. فإن كان ما قلت فإنّ الله يجزيك.

ولذا نجد مفتي الشّافعيّة أحمد دحلان صاحب السّيرة النّبويّة : ١ / ٥٠٤ من هامش السّيرة الحلبية يدافع عن العبّاس ويقول : كان العبّاس يكتم إسلامه وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يطلعه على أسراره حين كان بمكّة ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أمره بالمكوث في مكّة ليكتب له أسرار قريش.

انظر ، صحيح البخاريّ : ٥ / ١٤٢ طبعة دار الفكر ، و : ٦ / ١٢٤ طبعة مطابع دار الشّعب ، و : ٣ / ١١٦ طبعة الخيرية بمصر ، و : ٥ / ٧٩ طبعة بمبي ، أسباب النّزول للسّيوطي بهامش تفسير الجلالين : ٤٤٢ طبعة بيروت ، تفسير القرطبي : ١٢ / ٢٥ ، وتفسير ابن كثير : ٣ / ٢١٢.

أمّا العاص بن سعيد بن العاص بن أميّة ، وعامر بن عبد الله ، ونوفل بن خويلد بن أسد ، ومسعود بن أميّة بن المغيرة ، وقيس بن الفاكه ، وعبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة ، والعاص بن منبه بن الحجّاج ، وحاجب بن السّائب ذكرهم الواقدي في المغازي : ١ / ٤٨ طبعة اكسفورد ، والبخاريّ في صحيحه : ٦ / ٩٨ ، وصحيح مسلم : ٨ / ٢٤٥ ، والطّبري في تأريخه : ٢ / ١٩٧ و ٢٦٩ ، وكنز العمّال : ٥ / ٢٧٣ ، ـ

٢٥١

عليّ مع الأسرى فتجاهله وحاد عنه ، فقال له عقيل : يا ابن أمّ والله لقد رأيت مكاني ، فتركه ولم يلتفت إليه ، وهو أخوه لأمّه وأبيه»(١) . وكان عقيل حاضر الذّهن سريع الجواب ، رآه النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مع الأسرى يوم بدر ، فقال له : يا أبا يزيد قتل أبو جهل. فقال له عقيل : إذن لا تنازعوني في تهامة(٢) . وأمر النّبيّ عمّه العبّاس أن يفدي نفسه ، وابن أخيه عقيلا ، فقال العبّاس : لا مال عندي. قال له النّبيّ : لقد تركت مالا عند أمّ الفضل ، وأوصيتها به. فقال : من أخبرك بهذا؟ قال جبرائيل عن الله. فقال العبّاس : ما علم بهذا أحد ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله(٣) . فرجع الأسرى ، كلّهم مشركون إلّا العبّاس ، وعقيل ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطّلب.

وكان النّبيّ يحبّ عقيلا. وقد صارحه بهذا الحبّ ، إذا قال له يوما ، «يا أبا يزيد إنّي أحبّك حبّين : حبّا لقرابتك منّي ، وحبّا لحبّ عمّي إيّاك»(٤) ، وكان عقيل فقيرا كثير العيال والأطفال لا يجد ما يسدّ حاجتهم الضّروريّة من المأكل والملبس ،

__________________

ـ والفلكي في الإبانة ، وشرح النّهج لابن أبي الحديد : ١٤ / ٢٠٨ ، والمغازي للواقدي : ١٤٣ ـ ١٥٣ طبعة آخر ، والسّيرة النّبويّة لابن هشام : ٢ / ٤٣٦ ، المعارف لابن قتيبة : ١٥٦.

(١) انظر ، مستدرك الحاكم : ٣ / ٢٤٦ ، السّنن الكبرى : ٦ / ٣٢٢ ، فتح الباري : ٦ / ١١٦.

(٢) انظر ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٤٣ ، المنتخب من ذيل المذيل للطّبري : ٣٠.

(٣) انظر ، مسند أحمد : ١ / ٣٥٣ ح ٣٣١٠ ، معتصر المختصر : ١ / ٣٤٣ ، دلائل النّبوّة للإصبهاني : ١ / ١٣٧ ح ١٥٠ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ١٤ ، سير أعلام النّبلاء : ٢ / ٨٢. وفدى العبّاس نفسه بمئة اوقية ، وفدى كلّ واحد من بني أخيه وحليفه بأربعين اوقية. انظر ، الأحكام السّلطانية للماوردي : ٤٦.

(٤) انظر ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ٦٦٧ ح ٦٤٦٤ ، الإستيعاب : ٣ / ١٠٧٨ ح ١٨٣٤ ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٤٣ ، مجمع الزّوائد : ٩ / ٢٧٣ ، المعجم الكبير : ١٧ / ١٩١ ح ٥١٠ ، سير أعلام النّبلاء : ١ / ٢١٩ ، الذّرّيّة الطّاهرة : ١ / ٢٧ ، فضائل الصّحابة لأحمد : ٢ / ٦٦٣ ح ١١٣١.

٢٥٢

ولمّا تولّى الإمام الخلافة قدم عليه يسترفده ، فعرض عليه الإمام عطاءه ، فقال : «إنّما أريد من بيت المال. فقال له الإمام : تقيم إلى يوم الجمعة ، فلمّا صلّى الجمعة قال له : ما تقول بمن خان هؤلاء؟ قال : بئس الرّجل. قال : إنّك امرتني أن أخونهم واعطيك»(١) . فخرج من عنده إلى الشّام(٢) .

ورحّب به معاوية ، وأعطاه مئة ألف درهم من مال المسلمين ، وقال للنّاس وعقيل حاضر : هذا أبو يزيد لو لا علمه بأنّي خير من أخيه ما تركه ، وأقام عندنا ، فقال عقيل : أخي خير لي في ديني ، وأنظر لنفسه منك ، وأنت خير لي في دنياي ، وأنظر لي من نفسك ، وقد آثرت دنياي ، وأسأل الله العفو»(٣) .

وقال له يوما : «غلبك أخوك على الثّروة.

قال : نعم ، وسبقني وإيّاك إلى الجنّة»(٤) .

وقال له : «أنّ فيكم للينا يا بني هاشم!

قال : أجل ، فينا لينا من غير ضعف ، وعزّا من غير عنف ، وأنّ لينكم يا معاوية غدر ، وسلمكم كفر.

__________________

(١) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ٩٢ ، الإمامة والسّيّاسة لابن قتيبة : ١ / ١٠١ ، نظرات في الكتب الخالدة للدّكتور حامد حنفي : ١٤٧ ، مجلّة رسالة الإسلام العدد (١٤) تنظيم الصّدقة في الإسلام لحامد حنفي داود.

(٢) لم يحقق في سند هذا القول ، وإلّا من خلال التّتبّع التّأريخي ، لم نعثر على نصّ يؤكّد ذهاب عقيل إلى معاوية قبل استشهاد الإمام عليّعليه‌السلام . انظر ، سبل الهدى والرّشاد : ١١ / ١١٥ ، الغارات : ١ / ٥٥٢ ، جواهر المطاب في مناقب الإمام عليّ لابن الدّمشقي : ٢ / ٢٢٩ ، العقد الفريد : ٤ / ٩٠ طبعة بيروت.

(٣) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ٩٣ ، الغارات : ١ / ٥٥٢ ، سبل الهدى والرّشاد : ١١ / ١١٥.

(٤) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ٩٣ ، الغارات : ٢ / ٥٥٢.

٢٥٣

فقال معاوية : ولا كلّ هذا يا أبا يزيد!»(١) .

وفي ذات يوم أقبل عقيل على معاوية ، وعنده عمرو ابن العاص فالتفت معاوية إلى ابن العاص ، وقال له : لأضحكنّك من عقيل ؛ ولمّا سلّم ، قال له معاوية : مرحبا بمن عمّه أبو لهب ـ مع العلم بأنّ أبا لهب عمّ النّبيّ كما هو عمّ عقيل وعليّ ـ فقال عقيل : وأهلا بمن عمّته حمّالة الحطب في جيدها حبل مّن مّسد ـ يشير إلى أمّ جميل العوراء زوّجة أبي لهب(٢) ، وهي أخت أبي سفيان وعمّة معاوية ـ فقال معاوية ما ظنّك بعمّك أبي لهب. فقال : إذا دخلت النّار ، فخذ على يسارك تجده مفترشا عمّتك حمّالة الحطب»(٣) .

وغدا يوما على معاوية ، وجلساؤه حوله ، فقال له معاوية : «يا أبا يزيد خبّرني عن عسكري وعسكر أخيك ، فقد وردت عليهما.

فقال عقيل : مررت بعسكر أخي فإذا ليل كليل رسول الله ، ونهار كنهاره ، ليس في القوم إلّا مصلّي لله أو قاريء للقرآن ، ومررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين الّذين نفروا برسول الله ليلة العقبة.

ثمّ قال : من هذا عن يمينك يا معاوية؟.

قال : هذا عمرو ابن العاص.

قال : هذا الّذي اختصم فيه ستة نفر ، فغلب عليه جزّار ، فمن الآخر؟

قال : الضّحاك بن قيس.

__________________

(١) انظر ، المصادر السّابقة.

(٢) انظر ، ترجمتها في غوامض الأسماء المبهمة : ١ / ١٩٠ ، فتح الباري : ٣ / ٩.

(٣) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ٩٣ ، الغارات : ٢ / ٥٥٣ ، أمالي السّيّد المرتضى : ٢٠٠.

٢٥٤

فقال : والله لقد كان أبوه يجيد خصي التّيوس ، فمن الآخر؟

قال : أبو موسى الأشعري.

قال : هذا ابن السّراقة.

فلمّا رأى معاوية أنّه قد أغضب جلساءه سأله معاوية عن نزفسه ليقول فيه ما قال فيهم ، ويخفف عنهم ، فقال له : ما تقول فيّ؟

قال : دعني منك.

قال : لتقولنّ.

قال : أتعرف حمامة؟.

قال : ومن حمامة؟.

قال : سلّ عنها؟.

فسأل عنها معاوية ، فقيل له : هي جدّته أمّ أبي سفيان كانت بغيّا في الجاهليّة ، وصاحبة راية تدل على مهنتها ، فقال معاوية لجلسائه قد ساويتكم وزدت ، فلا تغضبوا»(١) .

لقد اضطر عقيل للشّخوص إلى معاوية ، وأعطاه هذا كلّ ما يريد وفوق ما يريد ، وحاول بجميع خدعه وحيله أن يجد لنفسه مدخلا في قلب عقيل ، أو ينتزع منه كلمة باطل ترضيه وتغضب الله فلم يفلح ، بل على العكس ، فكان كلّما أراد شيئا من هذا أجابه عقيل بما يفضحه ويخزيه ، كما رأينا.

ولمّا بلغ عقيلا خذلان أهل الكوفة لأخيه كتب إليه يعرض نفسه وأولاده عليه ، وقال له فيما قال : «والله لا أحبّ أن أبقى في الدّنيا بعدك ، إنّ عيشا نعيشه

__________________

(١) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢ / ١٢٥ ، الغارات : ١ / ٦٥.

٢٥٥

بعدك لغير هنيء ولا مريء ولا نجيع»(١) . فأعفاه الإمام ، ولم يكلفه وأولاده حضور الحرب ، وكأنّ الإمامعليه‌السلام نظر بعين الغيب ، فادّخر أولاد أخيه إلى يوم ولده الحسين ، فقد قتل من ولد عقيل مع الحسين (١٣) شهيدا (٨) من أولاده و (٥) من أحفاده(٢) . توفّي عقيل سنة (٥٠) من الهجرة عن ست وتسعين سنة(٣) .

وصلّى الله على محمّد وآله ، وعلى عقيل وأولاده وأحفاده.

__________________

(١) انظر ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢ / ١١٩ ، الغارات : ٢ / ٤٣٠ ، المعيار والموازنة : ١٧٩ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٧٤.

(٢) تقدّمت تخريجاته. انظر ، الفصول المهمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٧٠ ، بتحقّيقنا.

(٣) انظر ، الطّبقات الكبرى : ٤ / ٢٨ ، الإصابة لابن حجر تحت الرّقم «٢٥٦٣٠» ، البيان والتّبيّين : ١ / ١٧٤ ، اسد الغابة : ٢ / ٥٦٠ تحت الرّقم «٣٧٢٦». وقيل : توفّي سنة «٦٠ ه‍».

٢٥٦

مع بطلة كربلاء

٢٥٧
٢٥٨

المقدّمة

بسم الله الرّحمن الرّحيم والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين.

وبعد :

فقد رغبت إليّ إحدى دور النّشر والتّوزيع أن أضع لها كتابا في «السّيّدة زينب بنت أمير المؤمنين» عليها وعلى آبائها أفضل الصّلاة والسّلام.

فقلت لصاحب الدّار : إنّ الّذين ألّفوا في هذا الموضوع لم يقصّروا ، ولم يتجافوا عن الغاية المنشودة من التّأليف بل بعض هؤلاء قد اجتذب إليه القرّاء ، واستقبلوا كتابه أحسن إستقبال.

فقال : أنّك كتبت في فضائل أبيها أمير المؤمنين ، مع أنّ غيرك كتب ، واجتذب إليه القرّاء.

فتوكلت على الله عزوجل ، وكتبت هذه الصّفحات ، وحاولت ما استطيع أن اضيف إلى ما كتبوا أشياء ، لها أهميتها ، على أن لا اضايق القاريء بذكر مطولات منقولة من هنا وهناك وإذا كتب البعض تملقا للجمهور ، أو رغبة في شيء يطلبه ، فإنّ هدفي الأوّل والأخير أن أوحي إلى القاريء الشّعور بعظمة السّيّدة ، وآل بيت الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٥٩

ومعلوم أنّ دور النّشر لا تستجيب لشيء إلّا للجمهور القاريء لذا تملكتني الغبطة بهذا الطّلب ، وقلت في نفسي : لم يبق أي مجال للسّكوت ما دام الطّلب قائما ، وحمدت الله سبحانه على أن يكون هذا الموضوع ، وما إليه مرغوبا ومفضلا عند القرّاء ، مع أنّ هذا اللّون من الكتب لا يعتمد على وسائل التّشويق والإغراء ، كما هي الحال في كتب الجنس والخلاعة ، والغرام والإجرام ـ إذن ـ فالدّافع الوحيد لإقبال القرّاء أنّ في أهل البيت سرّا ينبض بالحياة ويفيض بالخيرات ، وقوّة ذاتية تجذب إليها كلّ إنسان ، من حيث لا يدري.

هذا ، مع العلم بأنّ كلّ من كتب في فضائل أهل البيت ومناقبهم ، منذ البداية حتّى اليوم لم يتجاوز المرحلة الأولى ، ولن يتجاوزها ، مهما أطنب وأطال ولا أعرف أحدا عرض هذا الموضوع عرضا وافيا ، حتّى العلّامة المجلسي في بحاره وأنواره والسّر هو طبيعة الموضوع ، فإنّه أسمى وأعظم من أن تصل العقول إلى كنهه وحقيقته.

وقد سبق أن كتب خمسة كتب في أهل البيت وفضائلهم ـ ما عدا هذا الكتاب(١) وهي في مجموعها تعبّر عن عظمتهم تعبيرا جزئيّا ، أو قل : أنّها ليست تصويرا لتلك العظمة ، وإنّما هي مجرد إقرار واعتراف بمنزلتهم ومكانتهم وكذلك هذه الصّفحات إن هي إلّا إقرار واعتراف بعظمة بنت الوحي والنّبوّة.

والله سبحانه المسئول أن يجعل الوقت الّذي أمضيته في كتابتها أفضل أوقاتي كلّها ، أنّه خير مسئول ، وصلّى الله على محمّد وآله الطّيبين.

__________________

(١) هذا الكتاب هو الواحد بعد العشرين ، والسادس في الفضائل ، الخمسة تلك هي : «أهل البيت» ، «عليّعليه‌السلام والقرآن» ، «الشّيعة والحاكمون» ، «المجالس الحسينيّة» ، «فضائل الإمام عليّعليه‌السلام » ؛ (منهقدس‌سره ).

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528