مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ١

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام0%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 531

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مؤلف: الشيخ عزيز الله العطاردي
تصنيف:

الصفحات: 531
المشاهدات: 47328
تحميل: 3382


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 531 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47328 / تحميل: 3382
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء 1

مؤلف:
العربية

تشاء فلو أمرتنا بقتل كلّ عدوّ لك وأنت بمكانك لكفيناك ذلك فجزاهم خيرا وقال لهم.

أما قرأتم كتاب الله المنزل على جدّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فى قوله :( قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ ) ، فاذا أقمت فى مكانى فيهم يمتحن هذا الخلق المتعوس ، وبما ذا يختبرون ومن ذا يكون ساكن حفرتى ، وقد اختارها الله تعالى لى يوم دحا الارض وجعلها معقلا لشيعتنا ومحبّينا تقبل أعمالهم وصلواتهم ، ويجاب دعاؤهم ، وتسكن شيعتنا فتكون لهم امانا فى الدنيا وفى الآخرة ولكن تحضرون يوم السبت وهو يوم عاشورا.

فى غير هذه الرواية يوم الجمعة الذي فى آخره اقتل ، ولا يبقى بعدى مطلوب من أهلى ونسبى واخوانى وأهل بيتى ويسار رأسى الى يزيد بن معاوية ، لعنهما الله فقالت الجنّ نحن والله يا حبيب الله واين حبيبه لو لا أنّ أمرك طاعة وأنّه لا يجوز لنا مخالفتك ، لخالفناك ، وقتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك ، فقال لهمعليه‌السلام : ونحن والله أقدر عليهم منكم ، ولكن ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حىّ عن بينة.

ثمّ ثار حتّى مر بالتنعيم فلقى هناك عيرا تحمل هدية ، قد بعث بها بحير بن ريسان الحميرى عامل اليمن ، الى يزيد بن معاوية ، فاخذ الهدية ، لأنّ حكم امور المسلمين إليه ، وقال لأصحاب الجمال من أحبّ أن ينطلق معنا الى العراق ، وفيناه كراه ، وأحسنا معه صحبته ، ومن يحب أن يفارقنا أعطينا كراه ، بقدر ما قطع من الطريق ، فمضى معه قوم وامتنع آخرون(١) .

١٣ ـ قال أبو الفرج : قالوا : وكان مسلم قد كتب الى الحسينعليه‌السلام بأخذ البيعة

__________________

(١) اللهوف : ٢٨.

٤٢١

له ، واجتماع الناس عليه وانتظارهم إيّاه ، فأزمع الشخوص ، الى الكوفة ، ولقيه عبد الله بن الزبير ، فى تلك الأيّام ولم يكن شيء أثقل عليه ، من مكان الحسين بالحجاز ، ولا أحبّ إليه من خروجه الى العراق طمعا فى الوثوب بالحجاز ، وعلما بأنّ ذلك لا يتمّ له الّا بعد خروج الحسينعليه‌السلام ، فقال له : على أىّ شيء عزمت يا أبا عبد الله؟.

فأخبره ، برأيه فى اتيان الكوفة وأعلمه بما كتب به مسلم بن عقيل إليه ، فقال له ابن الزبير : فما يحبسك فو الله لو كان لى مثل شيعتك بالعراق ما تلوّمت فى شيء ، وقوى عزمه ، ثمّ انصرف. وجاء به عبد الله بن عبّاس ، وقد أجمع رأيه على الخروج ، وحققه فجعل يناشده فى المقام ، ويعظم عليه القول فى ذمّ أهل الكوفة وقال له : انّك تأتى قوما قتلوا أباك وطعنوا أخاك وما أراهم الّا خاذليك.

فقال له : هذه كتبهم معى وهذا كتاب مسلم باجتماعهم ، فقال له ابن عبّاس : أما إذا كنت لا بدّ فاعلا فلا تخرج أحدا من ولدك ، ولا حرمك ، ولا نسائك ، فخليق ان تقتل وهم ينظرون إليك كما قتل ابن عفان ، فأبى ذلك ولم يقبله ، قال : فذكر من حضره يوم قتل وهو يلتفت الى حرمه واخوته وهنّ يخرجن من اخبيتهنّ جزعا ، لقتل من يقتل معه وما يرينه به ، ويقول : لله درّ ابن عبّاس فيما أشار علىّ به قال : فلمّا أبى الحسين قبول رأى ابن عبّاس ، قال له : والله لو أعلم أنى إذا تشبثت بك ، وقبضت على مجامع ثوبك وادخلت يدى فى شعرك ، حتّى يجتمع الناس علىّ وعليك ، كان ذلك نافعى لفعلته ، ولكن أعلم أنّ الله بالغ أمره ، ثمّ أرسل عينيه فبكى ، وودّع الحسين وانصرف. ومضى الحسين لوجهه ولقى ابن عباس بعد خروجه عبد الله ابن الزبير فقال له :

يا لك من قبرة بمعمر

خلّالك الجوّ فبيضى واصفرى

ونقرى ما شئت أن تنقرى

هذا الحسين خارجا فاستبشرى

٤٢٢

فقال قد خرج الحسين وخلت لك الحجاز(١) .

١٤ ـ قال الدينورى : قالوا : ولمّا ورد كتاب مسلم بن عقيل ، على الحسينعليه‌السلام : إنّ الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعنى من أهل الكوفة ، ثمانية عشر ألف رجل ، فاقدم فانّ جميع الناس معك ، ولا رأى لهم فى آل أبى سفيان ، فلمّا عزم على الخروج ، وأخذ فى الجهاز بلغ ذلك عبد الله بن عبّاس ، فأقبل حتّى دخل على الحسينعليه‌السلام فقال : يا ابن عمّ ، قد بلغنى أنّك تريد المسير الى العراق.

قال الحسين : أنا على ذلك. قال عبد الله : أعيذك بالله يا ابن عمّ من ذلك. قال الحسين : قد عزمت ، ولا بدّ من المسير ، قال له عبد الله : أتسير الى قوم طردوا أميرهم عنهم ، وضبطوا بلادهم؟ فان كانوا فعلوا ذلك فسر إليهم ، وإن كانوا إنّما يدعونك إليهم ، وأميرهم عليهم ، وعمّا له يجبونهم ، فانّهم إنّما يدعونك الى الحرب ، ولا آمنهم أن يخذلوك كما خذلوا أباك وأخاك.

قال الحسين يا ابن عمّ ، سأنظر فيما قلت ، وبلغ عبد الله بن الزبير ما يهمّ به الحسين ، فأقبل حتّى دخل عليه ، فقال له : لو أقمت بهذا الحرم ، وبثثت رسلك فى البلدان ، وكتبت الى شيعتك بالعراق ، أن يقدموا عليك ، فاذا قوى أمرك ، نفيت عمّال يزيد عن هذا البلد ، وعلىّ لك المكانفة والمؤازرة ، وان عملت بمشورتى طلبت هذا الامر بهذا الحرم ، فانّه مجمع أهل الآفاق ، ومورد أهل الاقطار لم يعدمك باذن الله إدراك ما تريد ، ورجوت أن تناله.

قالوا : ولما كان فى اليوم الثالث عاد عبد الله بن عبّاس الى الحسين ، فقال له : يا ابن عمّ لا تقرب أهل الكوفة ، فانّهم قوم غدرة ، وأقم بهذه البلدة ، فانّك سيّد أهلها ، فان أبيت فسر الى أرض اليمن ، فان بها حصونا وشعابا ، وهى أرض طويلة

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٧٢.

٤٢٣

عريضة ، ولأبيك فيها شيعة ، فتكون عن الناس فى عزله ، وتبث دعاتك فى الآفاق ، فانّى أرجو إن فعلت ذلك أتاك الذي تحبّ فى عافية.

قال الحسينعليه‌السلام : يا ابن عمّ ، والله انّى لأعلم أنّك ناصح مشفق ، غير أنى قد عزمت على الخروج ، قال ابن عبّاس : فان كنت لا محالة سائرا ، فلا تخرج النساء والصبيان ، فانّى لا آمن أن تقتل كما قتل ابن عفان ، وصبيته ينظرون إليه ، قال الحسين : يا ابن عمّ ، ما أرى الّا الخروج بالأهل والولد ، فخرج ابن عبّاس من عند الحسن فمرّ بابن الزبير ، وهو جالس ، فقال له : قرّت عينك يا ابن الزبير بخروج الحسين. ثمّ تمثّل :

خلّالك الجوّ ، فبيضى واصفرى

ونقرّى ، ما شئت أن تنقرى

قالوا : ولمّا خرج الحسين من مكّة اعترضه صاحب شرطة أميرها ، عمرو بن سعيد بن العاص فى جماعة من الجند ، فقال : إنّ الامير يأمرك بالانصراف ، فانصرف ، والا منعتك ، فامتنع عليه الحسين ، وتدافع الفريقان ، واضطربوا بالسياط ، وبلغ ذلك عمرو بن سعيد ، فخاف أن يتفاقم الامر ، فأرسل الى صاحب شرطه ، يأمره بالانصراف.

قالوا : ولما فصل الحسين بن على من مكّة سائرا ، وقد وصل الى التنعيم لحق عيرا مقبلة من اليمن ، عليهما ورس وحنّاء ، ينطلق به الى يزيد بن معاوية ، فأخذها وما عليها.

قال لأصحاب الابل : من أحبّ منكم أن يسير معنا الى العراق ، أوفيناه كراه وأحسنا صحبته ؛ ومن أحبّ أن يفارقنا من هاهنا ، أعطيناه من الكرى بقدر ما قطع من الأرض. ففارقه قوم ، ومضى معه آخرون(١)

__________________

(١) الاخبار الطوال : ٢٤٣.

٤٢٤

١٥ ـ قال الطبرى قال هشام عن أبى مخنف : حدّثنى الصقعب بن زهير ، عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومى ، قال : لمّا قدمت كتب أهل العراق الى الحسين ، وتهيأ للمسير الى العراق ، أتيته فدخلت عليه وهو بمكّة ، فحمدت الله وأثنيت عليه ، ثمّ قلت : أمّا بعد ، فانّى أتيتك يا ابن عمّ لحاجة أريد ذكرها لك نصيحة ، فان كنت ترى أنّك تستنصحنى والّا كففت عمّا أريد أن أقول :

فقال : قل ، فو الله ما أظنّك بسيئ الرأى ، ولا هو للقبيح من الامر والفعل ، قال : قلت له : إنّه قد بلغنى انّك تريد المسير الى العراق ، وإنّى مشفق عليك من مسيرك ، انّك تأتى بلدا فيه عمّاله وأمراؤه ، ومعهم بيوت الاموال ، وإنّما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار ، ولا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ، ومن أنت أحبّ إليه ممّن يقاتلك معه.

فقال الحسين : جزاك الله خيرا يا ابن عمّ ، فقد والله علمت أنّك مشيت بنصح ، وتكلّمت بعقل ، ومهما يقض من أمر يكن ، أخذت برأيك أو تركته ، فأنت عندى أحمد مشير ، وأنصح ناصح ، قال : فانصرفت من عنده فدخلت على الحارث ابن خالد بن العاص بن هشام ، فسألنى : هل لقيت حسينا؟ فقلت له : نعم ، قال : فما قال لك ، وما قلت له؟ قال : فقلت له : قلت كذا وكذا ، وقال كذا وكذا ، فقال : نصحته وربّ المروة الشهباء ، أما وربّ البنية إنّ الرأى لما رأيته ، قبله أو تركته ، ثمّ قال :

ربّ مستنصح يغشّ ويردى

وظنين بالغيب يلفى نصيحا(١)

١٦ ـ عنه قال أبو مخنف : وحدّثنى الحارث بن كعب الوالبىّ ، عن عقبة بن سمعان ، أنّ حسينا لما أجمع المسير الى الكوفة ، أتاه عبد الله بن عباس ، فقال : يا ابن

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٢.

٤٢٥

عمّ إنّك قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق ، فبيّن لى ما أنت صانع؟ قال : إنّى قد أجمعت المسير فى أحد يومىّ هذين إن شاء الله تعالى ، فقال له ابن عبّاس : فانّى أعيذك بالله من ذلك ، أخبرنى رحمك الله! أتسير الى قوم قد قتلوا أميرهم ، وضبطوا بلادهم ، ونفوا عدوّهم؟

فان كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم ، وان كانوا إنمّا دعوك إليهم وأميرهم عليه قاهر لهم ، وعمّاله تجيء بلادهم ، فانّهم إنمّا دعوك الى الحرب والقتال ، ولا آمن عليك أن يغرّوك ويكذّبوك ، ويخالفوك ويخذلوك ، وأن يستنفروا إليك فيكونوا أشدّ الناس عليك ، فقال له حسين : وانّى أستخير الله وأنظر ما يكون. قال : فخرج ابن عبّاس من عنده ، وأتاه ابن الزبير فحدّثه ساعة ، ثمّ قال :

ما ادرى ما تركنا هؤلاء القوم وكفّنا عنهم ، ونحن أبناه المهاجرين ، وولاة هذا الامر دونهم! خبرنى ما تريد أن تصنع؟ فقال الحسين : والله لقد حدّثت نفسى باتيان الكوفة ، ولقد كتب الىّ شيعتى بها وأشراف أهلها ، وأستخير الله ، فقال له ابن الزبير : أما لو كان لى بها مثل شيعتك ما عدلت بها ، قال : ثمّ انّه خشى أن يتّهمه فقال : أما انّك لو أقمت بالحجاز. ثمّ أردت هذا الامر هاهنا ما خولف عليك إن شاء الله ، ثمّ قام فخرج من عنده.

فقال الحسين : ها إنّ هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز الى العراق وقد علم انّه ليس له من الامر معى شيء وأنّ الناس لم يعدلوه بى فودّ أنى خرجت منها لتخلو له قال : فلمّا كان من العشىّ أو من الغد أتى الحسين عبد الله بن العبّاس ، فقال : يا ابن عمّ انّى أتصبر ولا أصبر ، إنى أتخوّف عليك فى هذا الوجه الهلاك ، والاستيصال ، إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنّهم ، أقم بهذا البلد فانّك سيّد أهل الحجاز.

فان كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عدوّهم ، ثمّ

٤٢٦

أقدم عليهم ، فان أبيت إلّا أنّ تخرج ، فسر الى اليمن ، فانّ بها حصونا وشعابا ، وهى أرض عريضة طويلة ، ولأبيك بها شيعة وأنت عن الناس فى عزلة ، فتكتب الى الناس وترسل وتبثّ دعاتك ، فانّى أرجو أن يأتيك عند ذلك الذي تحبّ فى عافية.

فقال له الحسين : يا ابن عمّ انّى والله لأعلم أنّك ناصح مشفق ولكنّى قد أزمعت وأجمعت على المسير ، فقال له ابن عبّاس : فان كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك ، فو الله انّى لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه ، ثمّ قال ابن عبّاس : لقد أقررت عين ابن الزبير بتخليتك ايّاه والحجاز والخروج منها ، وهو اليوم لا ينظر إليه أحد معك ، والله الذي لا إله إلّا هو أعلم أنّك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتّى يجتمع علىّ وعليك الناس ، أطعتنى ، لفعلت ذلك ، قال : ثمّ خرج ابن عبّاس من عنده فمرّ بعبد الله بن الزبير ، فقال :

قرّت عينك يا ابن الزبير! ثمّ قال :

يا لك من قبّرة بمعمر

خلّا لمك الجوّ فبيضى واصفرى(١)

ونقرّى ما شئت أن تنقّرى

هذا حسين يخرج الى العراق وعليك بالحجاز(١) .

١٧ ـ عنه قال أبو مخنف : قال أبو خباب يحيى بن أبى حيّة ، عن عديّ بن حرملة الأسدي ، عن عبد الله بن سليم ، والمذرى بن المشمعل الاسديين ، قالا : خرجنا حاجّين ، من الكوفة حتّى قدمنا مكّة ، فدخلنا يوم التروية ، فاذا نحن بالحسين وعبد الله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين حجر والباب ، قالا : فتقربنا منهما فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين : ان شئت أن تقيم أقمت فولّيت

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٣.

٤٢٧

هذا الامر فآزرناك وساعدناك ، ونصحنا لك وبايعناك.

فقال له الحسين : انّ أبى حدّثنى أن بها كبشا يستحلّ حرمتها فما أحبّ أن أكون أنا ذلك الكبش فقال له ابن الزبير : فأقم ان شئت وتولّينى أنا الامر ، فتطاع ولا تعصى ، فقال : وما اريد هذا أيضا قالا : ثمّ انّهما أخفيا كلامهما دوننا ، فما زالا يتناجيان حتّى سمعنا دعاء الناس رائحين متوجّهين الى منى عند الظهر قالا : فطاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة ، وقصّ من شعره وحلّ من عمرته ، ثمّ توجّه نحو الكوفة وتوجّهنا ، نحو الناس الى منى(١) .

١٨ ـ عنه قال أبو مخنف : عن أبى سعيد عقيصى ، عن بعض أصحابه ، قال : سمعت الحسين بن على وهو بمكّة ، وهو واقف مع عبد الله بن الزبير ، فقال له ابن الزبير الىّ يا ابن فاطمة ، فأصغى إليه فساره قال : ثمّ التفت إلينا الحسين ، فقال : أتدرون ما يقول ابن الزبير؟ فقلنا : لا ندرى جعلنا الله فداك ، فقال : قال : أقم فى هذا المسجد أجمع لك الناس ، ثمّ قال الحسين : والله لأن أقتل خارجا منها بشبر أحبّ الىّ من أن أقتل داخلا منها بشبر ، وأيم الله لو كنت فى حجر هامّة ، من هذا الهوامّ ، لاستخرجونى حتّى يقضوا فىّ حاجتهم ، وو الله ليعتدنّ علىّ كما اعتدت اليهود فى السبت(٢) .

١٩ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنى الحارث بن كعب الوالبى ، عن عقبة بن سمعان ، قال : لما خرج الحسين من مكة اعترضه رسل عمرو بن سعيد بن العاص عليهم يحيى بن سعيد ، فقالوا له : انصرف أين تذهب ، فأبى عليهم ومضى وتدافع الفريقان ، فاضطربوا بالسياط ، ثمّ انّ الحسين وأصحابه امتنعوا امتناعا قويّا ، ومضى الحسينعليه‌السلام على وجهه فنادوه يا حسين ألا تتقى الله تخرج من الجماعة و

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٤.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٥.

٤٢٨

تفرق بين هذه الامة ، فتأول حسين قول اللهعزوجل :( لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) .

قال : ثمّ انّ الحسين ، أقبل حتّى مرّ بالتنعيم ، فلقى بها عيرا قد أقبل بها من اليمن ، بعث بها بحير بن ريسان الحميرى الى يزيد بن معاوية وكان عامله على اليمن ، وعلى العير الورس والحلل ، ينطلق بها الى يزيد ، فأخذها الحسين فانطلق بها ، ثمّ قال لاصحاب الابل : لا أكرهكم من أحبّ أن يمضى معنا الى العراق أو فينا كراءه ، واحسنا صحبته ، ومن أحبّ أن يفارقنا من مكاننا ، هذا أعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الارض ، قال : فمن فارقه منهم حوسب ، فأوفى حقّه ، ومن مضى منهم معه أعطاه كراءه وكساه(١) .

٢٠ ـ قال أبو مخنف : حدّثنى الحارث بن كعب الوالبى ، عن علىّ بن الحسين ابن علىّ بن أبى طالب ، قال : لمّا خرجنا من مكّة كتب عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الى الحسين بن على مع ابنيه ، عون ومحمّد : أمّا بعد فانّى أسألك بالله لما انصرفت حين تنظر فى كتابى ، فانّى مشفق عليك من الوجه الذي توجّه له ، أن يكون فيه هلاكك ، واستئصال أهل بيتك ان هلكت اليوم طفئ نور الارض فانّك علم المهتدين ورجا ، المؤمنين فلا تعجل بالسير فانّى فى أثر الكتاب والسلام. قال وقام عبيد الله بن جعفر. الى عمرو بن سعيد بن العاص ، فكلّمه ، وقال : اكتب الى الحسين كتابا تعجل له فيه الأمان ، وتمنّيه فيه البرّ والصلة ، وتوثق له فى كتابك ، وتسأله الرجوع ، لعلّه يطمئنّ الى ذلك فيرجع ، فقال عمرو بن سعيد : اكتب ما شئت وأتنى به حتّى أختمه ، فكتب عبد الله بن جعفر الكتاب ، ثمّ أتى به عمرو بن سعيد ، فقال له : اختمه وابعث به مع أخيك يحيى بن سعيد فانّه أحرى أن

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٥.

٤٢٩

تطمئن نفسه إليه ويعلم أنه الجدّ منك ففعل.

كان عمرو بن سعيد. عامل يزيد بن معاويه على مكّة ، قال : فلحقه يحيى وعبد الله بن جعفر ، ثمّ انصرفا بعد أن أقرأه يحيى الكتاب ، فقالا : أقرأناه الكتاب وجهدنا به وكان ممّا اعتذر به إلينا أن قال : انّى رأيت رؤيا فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمرت فيها بأمر أنا ماض له علىّ كان أولى ، فقالا : فما تلك الرؤيا؟ قال : ما حدثت أحدا بها وما أنا محدّث بها حتّى ألقى ربّى قال : كان كتاب عمرو بن سعيد الى الحسين بن على :

بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن سعيد الى الحسين بن على ، أمّا بعد فانّى أسأل الله أن يصرفك عمّا يوبقك ، وأن يهديك لما يرشدك ؛ بلغنى أنّك قد توجّهت الى العراق ، وانّى أعيذك بالله من الشقاق ، فانّى أخاف عليك فيه الهلاك ، وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر ، ويحيى بن سعيد ، فأقبل الىّ معهما ، فانّ لك عندى الأمان ، والصلة والبرّ ، وحسن الجوار لك ، الله علىّ بذلك شهيد وكفيل ، ومراع ووكيل ؛ والسلام عليك.

قال : وكتب إليه الحسين : أمّا بعد : فانّه لم يشاقق الله ورسوله من دعا الى اللهعزوجل وعمل صالحا ، وقال إنّنى من المسلمين ، وقد دعوت الى المكان والبرّ والصلة ، فخير الامان أمان الله ، ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه فى الدنيا فنسأل الله مخافة فى الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة ، فان كنت نوبت بالكتاب صلتى وبرّى ، فجزيت خيرا فى الدنيا والآخرة ، والسلام(١)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٧.

٤٣٠

٣٦ ـ باب ما جرى لهعليه‌السلام بين مكّة

والقادسية

١ ـ لقائهعليه‌السلام مع الفرزدق

١ ـ قال المفيد : روى عن الفرزدق الشاعر ، انّه قال : حججت بأمّى فى سنة ستّين ، فبينا أنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم ، اذ لقيت الحسين بن علىعليهما‌السلام ، خارجا من مكّة ، مع أسيافه وأتراسه ، فقلت : لمن هذا القطار ، فقيل للحسين بن علىعليهما‌السلام ، فأتيته فسلّمت عليه وقلت له أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحبّ بابى أنت وأمّى يا ابن رسول الله ما أعجلك عن الحجّ فقال لو لم أعجّل لاخذت. ثمّ قال لى من أنت قلت امرؤ من العرب ، فلا والله ما فتشنى عن أكثر من ذلك.

ثمّ قال لى : أخبرنى عن النّاس خلفك ، فقلت الخبير سئلت قلوب الناس معك ، وأسيافهم عليك ، والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء فقال : صدقت لله الأمر ، وكلّ يوم هو فى شأن ، أن نزل القضاء بما نحبّ ونرضى ، فنحمد الله على نعمائه ، وهو المستعان على أداء الشكر ، وان حال القضاء دون الرّجاء فلم يبعد من كان الحقّ نيّته ، والتّقوى سريرته ، فقلت له : أجل بلغك الله ما تحبّ ، وكفاك ما تحذر وسألته عن أشياء عن نذور ومناسك فأخبرنى بها وحرّك راحلته

٤٣١

وقال : السلام عليك ، ثمّ افترقنا(١) .

٢ ـ قال ابن شهرآشوب : فلمّا بلغ ذات عرق ، رأى الفرزدق الشاعر ، فسأل الخبر فقال : قلوب الناس معك وسيوفهم مع بنى اميّة ، قال : صدقت يا أخا تيم وانّ الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد(٢) .

٣ ـ قال ابن طاوس : ثمّ سار حتّى بلغ ذات عرق ، فلقى بشر بن غالب ، وأراد من العراق ، فسأله عن أهلها فقال : خلّفت القلوب معك ، والسيوف مع بنى أميّة ، فقال : صدق أخو بنى أسد ، إنّ الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد(٣) .

٤ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف ، عن أبى جناب ، عن عدى بن حرملة ، عن عبد الله بن سليم والمذرى ، قالا : أقبلنا حتّى انتهينا الى الصفاح ، فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر ، فواقف حسينا فقال له : أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحبّ ، فقال له الحسين : بيّن لنا نبأ الناس خلفك ، فقال له الفرزدق : من الخبير سألت ، قلوب الناس معك ، وسيوفهم مع بنى أميّة ، والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء.

فقال له الحسين : صدقت ، لله الامر ، والله يفعل ما يشاء ، وكلّ يوم ربّنا فى شأن ، إن نزل القضاء بما نحّب فنحمد الله على نعمائه ، وهو المستعان على أداء الشكر ، وان حال القضاء دون الرجاء ، فلم يعتد من كان الحقّ نيّته ، والتقوى سريرته ، ثمّ حرّك الحسين راحلته فقال : السلام عليك ؛ ثمّ افترقا(٤) .

٥ ـ عنه قال هشام ، عن عوانة بن الحكم ، عن لبطة بن الفرزدق بن غالب ، عن أبيه ، قال : حججت بأمّى ، فأنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم فى أيّام الحجّ ، وذلك فى سنة ستين ، إذ لقيت الحسين بن على خارجا من مكّة معه أسيافه وتراسه ،

__________________

(١) الارشاد : ٢٠١ واعلام الورى : ٢٢٧.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٣.

(٣) اللهوف : ٣٠.

(٤) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٦.

٤٣٢

فقلت : لمن هذا القطار؟ فقيل : للحسين بن على ، فأتيته فقلت : بأبى وأمّى يا ابن رسول الله! ما أعجلك عن الحجّ؟ فقال : لو لم أعجل لأخذت.

قال : ثمّ سألنى : ممّن أنت؟ فقلت له : امرؤ من العراق ، قال : فو الله ما فتّشنى ، عن أكثر من ذلك ، واكتفى بها منّى ، فقال : أخبرنى عن الناس خلفك؟ قال : فقلت له :

القلوب معك ، والسيوف مع بنى اميّة ، والقضاء بيد الله ، قال : فقال لى : صدقت ؛ قال : فسألته عن أشياء ، فأخبرنى بها من نذور ومناسك ، قال : وإذا هو ثقيل اللسان من برسام أصابه بالعراق.

قال : ثمّ مضيت فاذا بفسطاط مضروب فى الحرم ، وهيئة حسنة ، فأتيته فاذا هو لعبد الله بن عمرو بن العاص ، فسألنى ، فأخبرته بلقا ، الحسين بن على ، فقال لى : ويلك! فهلا اتّبعته ، فو الله ليملكنّ ، ولا يجوز السلاح فيه ولا فى أصحابه ، قال : فهممت والله أن ألحق به ، ووقع فى قلبى مقالته ، ثمّ ذكرت الأنبياء وقتلهم ، فصدّنى ذلك عن اللحاق بهم.

فقدمت على أهلى بعسفان ، قال : فو الله انّى لعندهم إذ أقبلت عير قد امتارت من الكوفة ، فلمّا سمعت بهم خرجت فى آثارهم حتّى اذا اسمعتهم الصوت وعجلت عن اتيانهم صرخت بهم ، ألا ما فعل الحسين بن على؟ قال : فردّوا على : ألا قد قتل قال : فانصرفت وأنا ألعن عبد الله بن عمرو بن العاص(١) .

٦ ـ قال الدينورى : ثمّ سار حتّى إذا انتهى الى الصفّاح ، لقيه هناك الفرزدق الشاعر ، مقبلا من العراق ، يريد مكّة ، فسلّم على الحسين ، فقال له الحسين : كيف خلّفت الناس بالعراق؟ قال : خلّفتهم وقلوبهم معك ، وسيوفهم عليك. ثمّ ودّعه(٢)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٣٨٦.

(٢) الاخبار الطوال : ٢٤٥.

٤٣٣

٧ ـ قال الجاحظ : لقى الحسينعليه‌السلام ، الفرزدق ، فسأله عن الناس فقال : القلوب معك ، والسيوف عليك ، والنصر فى السماء(١) .

٨ ـ الحافظ ابن عساكر : قال ابن سعد : أنبأنا عبد الله بن الزبير الحميدى ، أنبأنا سفيان بن عيينة ، حدّثنى لبطة بن الفرزدق ، وهو فى الطواف ، وهو مع ابن شبرمة قال : أخبرنا أبى قال : خرجنا حجّاجا فلمّا كنا بالصفاح اذا نحن بركب عليهم اليلامق ومعهم الدرق ، فلمّا دنوت منهم إذا أنا بحسين بن على فقلت : أى أبو عبد الله قال : فقال : يا فرزدق ما وراؤك؟ قال : قلت أنت أحبّ الناس الى الناس ، والقضاء فى السماء ، والسيوف مع بنى اميّة.

قال : ثمّ دخلنا مكّة فلمّا كنّا بمنى قلت له لو أتينا عبد الله بن عمرو ، فسألناه عن حسين ، وعن مخرجه ، فأتينا منزله بمنى فاذا نحن بصبية له سود مولّدين يلعبون قلنا لهم : أين أبوكم؟ قالوا : فى الفسطاط يتوضّأ. فلم يلبث أن خرج علينا من فسطاطه فسألناه عن حسين؟ فقال : أما إنّه لا يحيك فيه السلاح!

قال : فقلت له : تقول هذا فيه ، وأنت الذي قاتلته وأباه؟ فسبّنى فسببته! قال ثمّ خرجنا حتّى أتينا ماء لنا يقال له : «تعشار» فجعل لا يمرّ بنا أحد الّا سألناه عن حسين حتّى مرّ بنا ركب ، فناديناهم ، ما فعل حسين بن على؟ قالوا : قتل. فقلت : فعل الله بعبد الله بن عمرو وفعل(٢) .

٩ ـ قال ابن عبد ربه : ولقى الحسين بن على رضوان الله عليهما ، الفرزدق فى مسيره الى العراق ، فسأله عن الناس ، فقال : القلوب معك ، والسيوف عليك ، والنّصر فى السّماء(٣)

__________________

(١) البيان والتبيين : ٢ / ١٨٩.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٠٥.

(٣) العقد الفريد : ٢ / ٢٦٨.

٤٣٤

١٠ ـ قال سبط ابن الجوزى : أما الحسينعليه‌السلام : فانّه خرج من مكّة ، سابع ذى الحجة سنة ستّين ، فلمّا وصل بستان بنى عامر ، لقى الفرزدق الشاعر ، وكان يوم التروية ، فقال له الى أين يا ابن رسول الله ما أعجلك عن الموسم ، قال لو لم أعجل لاخذت أخذا ، فأخبرنى يا فرزدق عمّا ورائك فقال تركت الناس بالعراق قلوبهم معك وسيوفهم مع بنى أميّة فاتّق الله فى نفسك وارجع.

فقال له : يا فرزدق إنّ هؤلاء ، قوم لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد فى الارض ، وابطلوا الحدود ، وشربوا الخمور ، واستأثروا فى أموال الفقراء والمساكين ، وأنا أولى من قام بنصرة دين الله ، واعزاز شرعه ، والجهاد فى سبيله ، لتكون كلمة الله هى العلياء ، فأعرض عنه الفرزدق وسار(١) .

٢ ـ لقائهعليه‌السلام مع عبد الله بن مطيع

١١ ـ قال الدينورى : سار الحسينعليه‌السلام من بطن الرمة ، فلقيه عبد الله بن مطيع ، وهو منصرف من العراق ، فسلّم على الحسين ، وقال له : بأبى أنت وأمّى يا ابن رسول الله ، ما أخرجك من حرم الله وحرم جدّك؟ فقال : انّ أهل الكوفة كتبوا الىّ يسألوننى أن أقدم عليهم ، لما رجوا من احيا ، معالم الحقّ ، واماتة البدع ، قال له ابن مطيع : أنشدك الله أن لا تأتى الكوفة ، فو الله لئن أتيتها لتقتلنّ ، فقال الحسينعليه‌السلام :( لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا ) ثمّ ودّعه ومضى(٢) .

١٢ ـ قال الطبرى ثمّ أقبل الحسين سيرا الى الكوفة ، فانتهى الى ماء من مياه

__________________

(١) تذكره الخواص : ٢٤٠.

(٢) الاخبار الطوال : ٢٤٦.

٤٣٥

العرب ، فاذا عليه عبد الله بن مطيع العدوىّ وهو نازل هاهنا ، فلمّا رأى الحسين ، قام إليه ، فقال : بأبى أنت وأمّى يا ابن رسول الله! ما أقدمك! واحتمله فأنزله ، فقال له الحسين : كان من موت معاوية ما قد بلغك ؛ فكتب الىّ أهل العراق يدعوننى الى أنفسهم ، فقال له عبد الله بن مطيع : أذكّرك الله يا ابن رسول الله وحرمة الاسلام أن تنتهك!

أنشدك الله فى حرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنشدك الله فى حرمة العرب فو الله لئن طلبت ما فى أيدى بنى أميّة ليقتلنّك ، ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحدا أبدا ، والله انّها لحرمة الاسلام تنتهك ، وحرمة قريش وحرمة العرب ، فلا تفعل ، ولا تأت الكوفة ، ولا تعرّض لبنى اميّة ، قال : فأبى الّا أن يمضى ؛ قال : فأقبل الحسين حتّى كان بالماء فوق زرود(١) .

٣ ـ ارسال قيس بن مسهر الى الكوفة

١٣ ـ قال المفيد : ولمّا بلغ الحسينعليه‌السلام الحاجز ، من بطن الرمة ، بعث قيس بن مسهر الصيداوى ويقال بل بعث أخاه من الرضاعة عبد الله ابن يقطر الى الكوفة ، ولم يكن علم بخبر ابن عقيلرحمه‌الله وكتب معه إليهم.

بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن على الى اخوانه من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم ، فانّى أحمد إليكم الله الّذي لا إله الّا هو ، امّا بعد فانّ كتاب

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٥.

٤٣٦

مسلم بن عقيل جاءني يخبر فيه بحسن رأيكم واجتماع ملاءكم على نصرنا ، والطلب بحقّنا ، فسئلت الله أن يحسن لنا الصنيع ، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الاجر ، وقد شخصت إليكم من مكّة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذى الحجّة يوم التروية ، فاذا قدم عليكم رسولى ، فانكمشوا فى أمركم ، وجدّوا فانّى قادم عليكم فى أيّامى هذه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كان مسلم كتب إليه قبل أن يقتل بسبع وعشرين ليلة ، كتب إليه أهل الكوفة انّ لك هنا مائة ألف سيف ، ولا تتأخر ، فأقبل قيس بن مسهر الى الكوفة بكتاب الحسينعليه‌السلام ، حتّى اذ انتهى الى القادسية أخذه الحصين بن نمير ، فبعث به الى عبيد الله بن زياد ، فقال له عبيد الله بن زياد : اصعد فصبّ الكذّاب الحسين بن علىعليهما‌السلام ، فصعد قيس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال.

أيّها الناس انّ هذا الحسين بن على خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا رسوله إليكم ، فأجيبوه ، ثمّ لعن عبيد الله بن زياد وأباه واستغفر لعلىّ بن أبى طالب وصلّى عليه ، فأمر عبيد الله أن يرمى به من فوق القصر ، فرموا به فتقطّع ، وروى انّه وقع الى الأرض مكتوفا فتكسرت عظامه ، وبقى به رمق ، فجاء رجل يقال له عبد الملك بن عمير اللخمى فذبحه ، فقيل له فى ذلك وعيب عليه فقال أردت أن أريحه(١) .

١٤ ـ قال الطبرسى : ولمّا بلغ الحسينعليه‌السلام بطن الرمة بعث عبد الله بن يقطر ، وهو أخوه من الرّضاعة ، وقيل : بل بعث قيس بن مسهّر الصيداوى ، الى أهل الكوفة ، ولم يكن علم بخبر مسلم ، وكتب معه إليهم كتابا ، يخبرهم فيه بقدومه ، ويأمرهم بالانكماش فى الامر ، فأخذه الحصين بن نمير ، وبعث به الى عبيد الله بن

__________________

(١) الارشاد : ٢٠٢.

٤٣٧

زياد ، فقال له عبيد الله بن زياد : اصعد وسبّ الكذّاب الحسين بن على.

فصعد وحمد الله واثنى عليه ، وقال : أيّها الناس هذا الحسين بن على خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا رسوله إليكم ، فأجيبوه ، ثمّ لعن ابن زياد ، فأمر به فرمى من فوق القصر ، فوقع على الارض وانكسرت عظامه وأتاه رجل فذبحه وقال: أردت أن أريحه(١)

١٥ ـ قال الفتال : ولمّا بلغ الحسينعليه‌السلام الحاجز من بطن الرمة ، بعث قيس بن مسهّر الصيداوى ويقال بعث أخاه من الرضاعة عبد الله بن يقطر ، الى أهل الكوفة مع كتاب فأخذه الحصين بن نمير بالقادسية ، فبعث به الى ابن زياد ، فقال له ابن زياد : اصعد فسبّ الكذّاب الحسين بن على ، فصعد قيس فحمد الله تعالى واثنى عليه.

ثمّ قال أيّها الناس انّ هذا الحسين خير ، خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليهم ، وأنا رسوله إليكم ، فاجيبوه ، ثمّ لعن ابن زياد وأباه ، فامر عبيد الله أن يرمى من فوق القصر ، فرمى به فتكسّرت عظامه وبقى به رمق فأتاه رجل يقال له عبد الملك بن عمير اللخمى فذبحه فقيل له فى ذلك وعيب عليه ، فقال أردت أن أريحه(٢) .

١٦ ـ قال ابن شهرآشوب : فلمّا بلغ الحاجر من بطن الدوية ، بعث قيس بن مسهّر الصيداوى ، الى أهل الكوفة ، يخبرهم بمجيئه فأخذه الحصين بن نمير فى القادسية ، وبعث به الى ابن زياد ، فقال له ابن زياد : اصعد القصر ، فسبّ الكذّاب ابن الكذّاب ، فصعد فأثنى على الله وعلى رسوله وعلى أهل بيته ولعن زياد او ابنه فرمى به من فوق القصر فمات(٣)

__________________

(١) اعلام الورى : ٢٢٨.

(٢) روضة الواعظين : ١٥٢.

(٣) المناقب : ٢ / ٢١٣.

٤٣٨

١٧ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى وكتب الحسينعليه‌السلام كتابا الى سليمان بن صرد الخزاعى ، والمسيّب بن نجبة ورفاعة بن شداد ، وجماعة من الشيعة بالكوفة ، وبعث به مع قيس بن مصهّر الصيداوى ، فلمّا قارب دخول الكوفة ، اعترضه الحصين بن نمير ، صاحب عبيد الله بن زياد لعنه الله ، ليفتشه فاخرج قيس الكتاب ومزّقه ، فحمله الحصين بن نمير ، الى عبيد الله بن زياد ، فلمّا مثل بين يديه ، قال له : من أنت قال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين على بن أبى طالبعليه‌السلام وابنه قال فلمّا ذا خرقت الكتاب.

قال لئلا تعلم ما فيه قال وممّن الكتاب والى من؟ قال : من الحسينعليه‌السلام ، الى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسمائهم ، فغضب ابن زياد وقال والله لا تفارقنى ، حتّى تخبرنى باسماء هؤلاء القوم ، أو تصعد المنبر فتعلن الحسين بن على وأباه وأخاه والّا قطعتك اربا اربا ، فقال قيس أمّا القوم فلا أخبرك بأسمائهم ، وأمّا لعن الحسينعليه‌السلام وأبيه وأخيه فأفعل.

فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأكثر من الترحم على علىّ والحسن ، والحسين ، صلوات الله عليهم ، ثمّ لعن عبيد الله بن زياد وأباه ، ولعن عتاة بنى أميّة عن آخرهم ، ثمّ قال أيّها الناس أنا رسول الحسينعليه‌السلام إليكم ، وقد خلفته بموضع كذا فأجيبوه ، فأخبر ابن زياد بذلك ، فأمر بإلقائه من أعالى القصر فالقى من هناك فمات فبلغ الحسينعليه‌السلام موته فاستعبر بالبكاء.

ثمّ قال اللهم اجعل لنا وشيعتنا منزلا كريما واجمع بيننا وبينهم فى مستقرّ من رحمتك انك على كلّ شيء قدير وروى أنّ هذا الكتاب كتبه الحسينعليه‌السلام من الحاجز وقيل غير ذلك(١)

__________________

(١) اللهوف : ٣٢.

٤٣٩

١٨ ـ قال الدينورى : ومضى الحسينعليه‌السلام ، حتّى اذا صار ببطن الرمة ، كتب الى أهل الكوفة «بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن على الى اخوانه من المؤمنين بالكوفة ، سلام عليكم ، أمّا بعد ، فان كتاب مسلم بن عقيل ورد علىّ باجتماعكم لى : وتشوّفكم الى قدومى ، وما أنتم عليه منطوون من نصرنا ، والطلب بحقّنا ، فأحسن الله لنا ولكم الصنيع ، وأصابكم على ذلك بأفضل الذخر ، وكتابى إليكم من بطن الرمة ، وأنا قادم عليكم ، وحثيث السير إليكم ، والسلام».

ثمّ بعث بالكتاب مع قيس بن مسهر ، فسار حتّى وافى القادسيّة ، فأخذه حصين بن نمير ، وبعث به الى ابن زياد ، فلمّا أدخل عليه أغلظ لعبيد الله ، فأمر به أن يطرح من أعلى سور القصر الى الرحبة ، فطرح ، فمات(١) .

١٩ ـ قال سبط ابن الجوزى : قال هشام بن محمّد : كان الحسين ، قد بعث قيس ابن مسهر الى مسلم بن عقيل ، ليستعلم خبره قبل أن يصل إليه ، فأخذه ابن زياد ، وقال له قم فى الناس واشتم الكذاب يعنى الحسين ، فقام على المنبر وقال : أيّها الناس انّى تركت الحسين بالحاجز وأنا رسوله إليكم ، لتنصروه ، فلعن الله الكذاب ابن الكذّاب ابن زياد فطرح من القصر فمات(٢) .

٢٠ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : وحدّثنى محمّد بن قيس ، أنّ الحسين أقبل حتّى اذا بلغ الحاجز من بطن الرّمة ، بعث قيس بن مسهر الصيداوى الى أهل الكوفة ، وكتب معه إليهم :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن على الى اخوانه من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم ، فانى أحمد إليكم الله الذي لا إله الّا هو ، أمّا بعد ، فانّ كتاب مسلم بن عقيل جاءنى يخبرنى فيه بحسن رأيكم ، واجتماع ، ملئكم ، على

__________________

(١) الاخبار الطوال : ٢٤٥.

(٢) تذكرة الخواص : ٢٤٥.

٤٤٠