مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ١

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام0%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 531

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مؤلف: الشيخ عزيز الله العطاردي
تصنيف:

الصفحات: 531
المشاهدات: 47329
تحميل: 3382


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 531 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47329 / تحميل: 3382
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء 1

مؤلف:
العربية

نصرنا ، والطلب بحقّنا ، فسألت الله أن يحسن لنا الصنع ، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الاجر ، وقد شخصت إليكم من مكّة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذى الحجّة يوم التروية ، فاذا قدم عليكم رسولى فاكمشوا أمركم وجدّوا ، فانّى قادم عليكم فى أيّامى هذه إن شاء الله ؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكان مسلم بن عقيل قد كان كتب الى الحسين ، قبل أن يقتل لسبع وعشرين ليلة أمّا بعد ، فانّ الرائد لا يكذب أهله ، إنّ جميع أهل الكوفة معك ، فأقبل حين تقرأ كتابى ، والسلام عليك ، قال : فأقبل الحسين بالصبيان والنسا ، معه لا يلوى على شيء ، وأقبل قيس بن مسهر الصيداوى ، الى الكوفة بكتاب الحسين ، حتّى اذا انتهى الى القادسية أخذه الحصين بن تميم ، فبعث به الى عبيد الله بن زياد.

فقال له عبيد الله : اصعد الى القصر ، فسبّ الكذّاب ابن الكذّاب ؛ فصعد ثمّ قال : أيّها الناس ، إنّ هذا الحسين بن على خير خلق الله ، ابن فاطمة بنت رسول الله ، وأنا رسوله إليكم ، وقد فارقته بالحاجز ، فأجيبوه ، ثمّ لعن عبيد الله بن زياد وأباه ، واستغفر لعلىّ بن أبى طالب ، قال : فأمر به عبيد الله ابن زياد أن يرمى به من فوق القصر ، فرمى به ، فتقطّع فمات(١) .

٤ ـ لقائهعليه‌السلام مع زهير بن القين

٢١ ـ قال المفيد : حدّث جماعة من فزارة وبجيلة قالوا كنّا مع زهير بن القين البجلى حين أقبلنا من مكّة فكنّا نساير الحسينعليه‌السلام ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن ننازله فى منزل ، فاذا سار الحسينعليه‌السلام ونزل منزلا لم نجد بدّا من أن ننازله ، فنزل

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٤.

٤٤١

الحسينعليه‌السلام فى جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدّ ، من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسينعليه‌السلام حتّى سلّم ثمّ دخل.

فقال يا زهير بن القين إنّ أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام بعثنى إليك لتأتيه ، فطرح كلّ انسان منّا ما فى يده ، حتّى كأن على رءوسنا الطّير ، فقالت له امرأته : سبحان الله أيبعث إليك ابن رسول الله ، ثمّ لا تأتيه لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه فأمر بفسطاطه وثقله ورحله ومتاعه فقوّض وحمل الى الحسينعليه‌السلام ثمّ قال لامرأته : أنت طالق الحقى بأهلك ، فانّى لا أحبّ أن يصيبك بسببى إلّا خيرا.

ثمّ قال لاصحابه من أحبّ منكم أن يتّبعنى والّا فهو آخر العهد إنّى سأحدّثكم حديثا ، انّا غزونا البحر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الفارسى رحمة الله عليه : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، وأصبتم من الغنائم قلنا نعم ، فقال اذا أدركتم ، سيّد شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معهم ، ممّا أصبتم اليوم من الغنائم ، فأمّا أنا فأستودعكم الله ، قالوا ثمّ والله ما زال فى القوم مع الحسين حتّى قتل(١) .

٢٢ ـ قال ابن طاوس : ثمّ سارعليه‌السلام ، فحدث جماعة من بنى فزارة وبجيلة قالوا كنّا مع زهير بن القين لما أقبلنا من مكّة ، فكنّا نساير الحسينعليه‌السلام حتّى لحقناه ، فكان إذا أراد النزول ، اعتزلناه ، فنزلنا ناحية ، فلمّا كان فى بعض الايّام نزل فى مكان لم نجد بدّا من أن ننازله فيه ، فبينا نحن نتغدّى من طعام لنا ، اذا أقبل رسول الحسين حتّى سلّم ، ثمّ قال يا زهير بن القين انّ أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام بعثنى إليك لتأتيه فطرح كلّ انسان منا ما فى يده ، حتّى كأنّما على رءوسنا الطير.

__________________

(١) الارشاد : ٢٠٣.

٤٤٢

فقالت له زوجته وهى دلهم بنت عمرو : سبحان الله أيبعث إليك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ لا تأتيه ، فلو أتيته فسمعت من كلامه ، فمضى إليه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه ، فحوّل الى الحسينعليه‌السلام ، وقال لامرأتة أنت طالق فانّى لا أحبّ أن يصيبك بسببى الاخير وقد عزمت على صحبة الحسينعليه‌السلام لأفديه بنفسى وأقيه بروحى.

ثمّ أعطاها ما لها وسلمها الى بعض بنى عمّها ليوصلها الى أهلها ، فقامت إليه ، وبكت وودّعته ، وقالت كان الله عونا ومعينا خار الله لك ، أسألك أن تذكرنى فى القيامة عند جدّ الحسينعليه‌السلام فقال لاصحابه : من أحبّ أن يصحبنى وإلّا فهو آخر العهد منّى به(١) .

٢٣ ـ قال الفتّال النيسابوريّ : حدّث جماعة من فزارة وبجيلة ، قالوا : كنّا مع زهير بن القين البجلى ، حين أقبلنا من مكّة وكنّا نساير الحسينعليه‌السلام ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن ننازله ، فاذا نزل الحسينعليه‌السلام فى جانب ونزلنا فى جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدى من طعام لنا ، اذا قبل رسول الحسين حتّى سلم ، ثمّ دخل فقال يا زهير بن القين البجلى ، إنّ أبا عبد الله بعثنى إليك لتأتينّه فطرح كلّ انسان منّا ما فى يده ، حتّى كأنّ على رءوسنا الطير.

فقالت له امرأته سبحان الله أيبعث إليك ابن رسول الله ، ثمّ لم تأته ، لو أتيته فسمعت من كلامه ، ثمّ انصرفت فأتاه زهير بن القين فما لبث أن جاء مستبشرا أشرق وجهه ، فأمر فسطاطه فقوّض ، وحمل الى الحسينعليه‌السلام ، ثمّ قال لامرأته أنت طالق الحقي بأهلك فانّى لا أحبّ أن يصيبك بسببى الّا خير.

ثمّ قال لاصحابه من أحبّ منكم أن يتّبعنى ، والّا فهو آخر العهد ، انّى

__________________

(١) اللهوف : ٣١.

٤٤٣

سأحدّثكم حديثا غزونا البحر(١) .

ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الفارسى رضى الله عنه : أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم ، فقلنا نعم ، فقال : اذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم ، معهم ، ممّا أصبتم اليوم من الغنائم ، فأمّا أنا فاستودعكم الله قالوا : ثمّ والله ما زال فى القوم مع الحسين حتّى قتل رحمة الله عليه(٢) .

٢٤ ـ قال الدينورى : ثمّ سار حتّى انتهى الى ذرود ، فنظر الى فسطاط مضروب فسأل عنه ، فقيل له : هو لزهير بن القين ، وكان حاجّا أقبل من مكّة يريد الكوفة ، فأرسل إليه الحسين ، أن ألقنى أكلّمك ، فأبى أن يلقاه ، وكانت مع زهير زوجته ، فقالت له : سبحان الله ، يبعث إليك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا تجيبه ، فقام يمشى الى الحسينعليه‌السلام .

فلم يلبث أن انصرف ، وقد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه فقلع ، وضرب الى لزق فسطاط الحسين. ثمّ قال لامرأته : أنت طالق ، فتقدّمى مع أخيك حتّى تصلى الى منزلك ، فانّى قد وطّنت نفسى على الموت مع الحسينعليه‌السلام ، ثمّ قال لمن كان معه من أصحابه: من أحب : منكم الشهادة فليقم ، ومن كرهها فليتقدّم ، فلم يقم معه منهم أحد ، وخرجوا مع المرأة وأخيها حتّى لحقوا بالكوفة(٣) .

٢٥ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : فحدّثنى السدى ، عن رجل من بنى فزارة ، قال : لما كان زمن الحجّاج بن يوسف كنا فى دار الحارث بن أبى ربيعة التي فى التمارين ، التي أقطعت بعد زهير بن القين ، من بنى عمرو بن يشكر من بجيلة ، وكان

__________________

(١) والظاهر انه بلنجر كما يأتى فى حديث أبى مخنف

(٢) روضة الواعظين : ١٥٣.

(٣) الاخبار الطوال : ٢٤٦.

٤٤٤

أهل الشام لا يدخلونها ، فكنا مختبئين فيها ، قال : فقلت للفزارى : حدّثنى عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن على ، قال : كنّا مع زهير بن القين البجلى حين أقبلنا من مكّة نساير الحسين ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره فى منزل.

فاذا سار الحسين تخلّف زهير بن القين ، واذا نزل الحسين تقدّم زهير ، حتّى نزلنا يومئذ ، فى منزل لم نجد بدّا من أن ننازله فيه فنزل الحسين فى جانب ، ونزلنا فى جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا ، إذ أقبل رسول الحسين حتّى سلم ، ثمّ دخل فقال : يا زهير بن القين ، إنّ أبا عبد الله الحسين بن على بعثنى إليك لتأتيه ، قال : فطرح كلّ إنسان ما فى يده حتّى كأننا على رءوسنا الطير(١) .

٢٦ ـ عنه قال أبو مخنف : فحدّثتنى دلهم بنت عمرو ، امرأة زهير بن القين ، قالت: فقلت له : أيبعث إليك ابن رسول الله ، ثمّ ، لا تأتيه! سبحان الله! لو أتيته فسمعت من كلامه! ثمّ انصرفت ؛ قالت : فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه ؛ قالت : فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه ، فقدّم ، وحمل الى الحسين ، ثمّ قال لامرأته : أنت طالق ، الحقى بأهلك ، فانّى لا أحبّ أن يصيبك من سببى الّا خير.

ثمّ قال لاصحابه ، من أحبّ منكم أن يتّبعنى والّا فانّه آخر العهد ، إنّى سأحدّثكم حديثا ، غزونا بلنجر ، ففتح الله علينا ، وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الباهلى(٢) : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، وأصبتم من الغنائم! فقلنا : نعم ، فقال لنا : اذا أدركتم شباب آل محمّد ، فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معهم منكم ، بما أصبتم من الغنائم ، فأمّا أنا فانّى أستودعكم الله ، قال : ثمّ والله ما زال فى أوّل القوم حتّى قتل(٣)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٦.

(٢) هو سلمان الفارسى لا الباهلى وغزوة بلنجر معروف فى الفتوح وكتب السيرة

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٦.

٤٤٥

٥ ـ لقائهعليه‌السلام مع عبد الله بن سليمان

٢٧ ـ قال المفيد : روى عبد الله بن سليمان والمنذر ابن المشمعلّ الاسديان ، قالا لمّا قضينا حجّنا ، لم تكن لنا همّة الّا اللحاق بالحسينعليه‌السلام فى الطريق ، لننظر ما يكون من أمره ، فأقبلنا ترقل بنانا قتانا مسرعين ، حتّى لحقناه بزرود ، فلمّا دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حتّى رأى الحسينعليه‌السلام ، فوقف الحسينعليه‌السلام ، كانّه يريده ، ثمّ تركه ومضى ومضينا نحوه.

فقال أحدنا لصاحبه : اذهب بنا الى هذا لنسأله ، فانّ عنده خبر الكوفة فمضينا حتّى انتهينا ، إليه ، فقلنا السلام عليكم ، فقال وعليكم السلام ، قلنا ممّن الرجل قال أسدىّ قلنا له ونحن أسديان ، فمن أنت ، قال أنا بكر بن فلان وانتسبنا له ، ثمّ قلنا له أخبرنا عن النّاس ورائك ، قال نعم لم أخرج من الكوفة ، حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة ورأيتهما يجران بارجلهما فى السوق.

فاقبلنا حتّى لحقنا الحسينعليه‌السلام ، فسايرناه ، حتّى نزل الثعلبيّة ممسيا فجئناه حين نزل ، فسلّمنا عليه فردّ علينا السلام ، فقلنا له رحمك الله ان عندنا خبرا ان شئت حدّثناك علانية وإن شئت سرّا فنظر إلينا والى أصحابه ثمّ قال مادون هؤلاء سرّ ، فقلنا له أرأيت الراكب الّذي استقبلته عشىّ أمس قال : نعم وقد أردت مسألته فقلنا قد والله استبرأنا لك خبره ، وكفيناك مسألته وهو امرؤ منّا ذو رأى وصدق وعقل.

انّه حدّثنا انّه لم يخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم وهانى ورآهما يجرّان فى السوق بأرجلهما ، فقال انّا لله وانّا إليه راجعون رحمة الله عليهما يردّد ذلك مرارا ،

٤٤٦

فقلنا لهننشدك الله فى نفسك وأهل بيتك الّا انصرفت من مكانك ، هذا فانّه ليس لك بالكوفة ناصر ، ولا شيعة ، بل نتخوّف أن يكونوا عليك ، فنظر الى بنى عقيل ، فقال ما ترون فقد قتل مسلم ، فقالوا والله لا نرجع حتّى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق.

فأقبل علينا الحسينعليه‌السلام وقال لا خير فى العيش بعد هؤلاء ، فعلمنا انّه قد عزم رأيه على المسير ، فقلنا له خار الله لك ، فقال : رحمكما الله ، فقال له أصحابه إنّك والله ما أنت مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع ، فسكت ثمّ انتظر حتّى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه أكثروا من الماء فاسقوا وأكثروا ثمّ ارتحلوا(١) .

٢٨ ـ قال أبو الفرج : فلمّا صار فى بعض الطريق لقيه أعرابيان من بنى أسد ، فسألهما عن الخبر ، فقالا له : يا ابن رسول الله إن قلوب النّاس معك وسيوفهم عليك فارجع ، واخبراه بقتل ابن عقيل وأصحابه فاسترجع الحسينعليه‌السلام ، فقال له بنو عقيل: لا نرجع والله أبدا أو ندرك ثأرنا أو نقتل بأجمعنا ، فقال لمن كان لحق به من الاعراب : من كان منكم يريد الانصراف عنّا فهو فى حلّ من بيعتنا ، فانصرفوا عنه وبقى فى أهل بيته ونفر من أصحابه(٢)

٢٩ ـ قال الدينورى : قالوا : ولمّا رحل الحسين من زرود ، تلقّاه رجل من بنى أسد ، فسأله عن الخبر ، فقال : لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل ، وهانى ابن عروة ، ورأيت الصبيان يجرّون بأرجلهما ، فقال : انّا لله وانّا إليه راجعون ، عند الله نحتسب أنفسنا ، فقال له : أنشدك الله يا ابن رسول الله فى نفسك ، وأنفس أهل بيتك ، هؤلاء الذين نراهم معك ، انصرف الى موضعك ، ودع المسير الى الكوفة

__________________

(١) الارشاد : ٢٠٤.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٧٣.

٤٤٧

فو الله ما لك بها ناصر.

فقال بنو عقيل ـ وكانوا معه ـ : مالنا فى العيش بعد أخينا مسلم حاجة ، ولسنا مراجعين حتّى نموت. فقال الحسين : «فما خير فى العيش بعد هؤلاء» وسار(١) .

٣٠ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى أبو جناب الكلبى ، عن عدى بن حرملة الاسدى ، عن عبد الله بن سليم ، والمذرى بن المشمعل الاسديين ، قالا : لما قضينا حجّنا لم يكن لنا همّة الّا اللّحاق بالحسين فى الطريق ، لننظر ما يكون من أمره وشأنه ، فأقبلناه ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتّى لحقناه بزرود ، فلمّا دنونا منه اذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين ، قالا : فوقف الحسين كأنّه يريده ، ثمّ تركه ، ومضى ومضينا نحوه.

فقال أحدنا لصاحبه ، اذهب بنا الى هذا ، فلنسأله ، فان كان عنده خبر الكوفة علّمناه ، فمضينا حتّى انتهينا إليه ، فقلنا : السلام عليك ، قال : وعليكم السلام ورحمة الله ، ثمّ قلنا : فمن الرجل؟ قال : أسدىّ : قلنا : فنحن أسديان ، فمن أنت؟ قال : أنا بكير بن المثعبة ، فانتسبنا له ، ثمّ قلنا : أخبرنا عن الناس وراءك ؛ قال : نعم ، لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة ، فرأيتهما يجرّان بأرجلهما فى السوق.

قالا : فأقبلنا حتّى لحقنا بالحسين ، فسايرناه حتّى نزل الثعلبيّة ممسيا ، فجئناه حين نزل ، فسلّمناه عليه فردّ علينا ، فقلنا له : يرحمك الله ، إنّ عندنا خبرا فان شئت حدّثنا علانية ، وان شئت سرّا ، قال : فنظر الى أصحابه وقال : مادون هؤلاء سرّ ، فقلنا له : أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس؟ قال : نعم ، وقد أردت مسألته ، فقلنا : قد استبرأنا لك خبره ، وكفيناك مسألته ، وهو امرؤ من أسد منّا ، ذو رأى و

__________________

(١) الاخبار الطوال : ٢٤٧.

٤٤٨

صدق ، وفضل وعقل.

إنّه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة ، وحتّى رآهما يجرّان فى السوق بأرجلهما ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون رحمة الله عليهما ، فردّد ذلك مرارا ، فقلنا : ننشدك الله فى نفسك ، وأهل بيتك الا انصرفت ، من مكانك هذا ، فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أن تكون عليك! قال : فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبى طالب(١) .

٣١ ـ عنه : قال أبو مخنف : حدّثنى عمر بن خالد ، عن زيد بن علىّ بن حسين ، وعن داود بن علىّ بن عبد الله بن عباس ، إنّ بنى عقيل ، قالوا : لا والله لا نبرح حتّى تدرك ثارنا ، أو نذوق ما ذاق أخونا(٢) .

٦ ـ لقائه مع يحيى بن شداد

٣٢ ـ الحافظ ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد ، أنبأنا محمد بن هبة الله ، قالا : أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب ، أنبأنا أبو بكر يعنى الحميرى ، أنبأنا سفيان ، أنبأنا شهاب بن حراش ، عن رجل من قومه ، قال : كنت فى الجيش الذي بعثهم عبيد الله بن زياد الى الحسين بن على ، وكانوا أربعة آلاف ، يريدون الديلم ، فصرفهم عبيد الله بن زياد إلى حسين بن على ، فلقيت حسينا فرأيته أسود الرأس واللحية.

فقلت له : السلام عليك يا أبا عبد الله ، فقال : وعليك السلام ـ وكانت فيه

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٧.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٧.

٤٤٩

غنّة ـ فقال : لقد بانت منكم فينا سلة منذ الليلة ـ يعنى سرق. قال شهاب : فحدثت به زيد بن علىّ فأعجبه وكانت فيه غنّة. قال سفيان : وهى فى الحسينيّين.

٣٣ ـ عنه أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقى ، أنبأنا الحسن بن علىّ ، أنبأنا محمّد ابن العبّاس ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن الفهم ، أنبأنا محمّد بن سعد ، أنبأنا علىّ بن محمّد عن حباب بن موسى ، عن الكلبى ، عن يحيى بن شدّاد الأسدي قال مرّ بنا الحسين بالثعلبيّة ، فخرجت إليه مع أخى فاذا عليه جبّة صفراء لها جيب فى صدرها ، فقال له أخى : إنّى أخاف عليك من قلّة أنصارك فضرب بالسوط على عيبة قد حقبها خلفه ، وقال : هذه كتب وجوه أهل المصر(١) .

٧ ـ الحسينعليه‌السلام يخبر عن شهادته

٣٤ ـ الحافظ ابن عساكر : قال ابن سعد : أنبأنا موسى بن اسماعيل ، أنبأنا جعفر ابن سليمان ، عن يزيد الرشك ، قال : حدّثنى من شافه الحسين ، قال : رأيت ابنية مضروبة بفلاة من الارض فقلت : لمن هذه؟ قالوا : هذه لحسين ، قال : فأتيته فاذا شيخ يقرأ القرآن ، قال : والدموع تسيل على خدّيه ولحيته! قال : فقلت : بأبى أنت وأمى يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنزلك هذه البلاد والفلاة الّتي ليس بها أحد؟ فقال : هذه كتب أهل الكوفة ، إلىّ ولا أراهم الّا قاتلى ، فاذا فعلوا ذلك لم يدعو الله حرمة الّا انتهكوها ، فيسلّط الله عليهم من يذلّهم ، حتّى يكونوا أذلّ من فرم الامة يعنى مقنعتها(٢)

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٠٩.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢١١.

٤٥٠

٣٥ ـ عنه قال ابن سعد : أنبأنا علىّ بن محمّد ، عن الحسن بن دينار ، عن معاوية ابن قرّة قال : قال الحسين : والله ليعتدنّ علىّ كما اعتدت بنو اسرائيل فى السبت(١) .

٣٦ ـ عنه قال : وأنبأنا علىّ بن محمّد ، عن جعفر بن سليمان الضبعى ، قال : قال الحسينعليه‌السلام : والله لا يدعونى حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفى! فاذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ من فرم الامة(٢) .

٨ ـ اخبارهعليه‌السلام عن شهادة مسلم

٣٧ ـ قال المفيد : فسار حتّى انتهى الى زبالة ، فاتاه خبر عبد الله ابن يقطر ، فاخرج إلى الناس كتابا فقرأه عليهم.

بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد ، فانّه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل ، وهانى بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف ، فلينصرف فى غير حرج ليس معه زمام.

فتفرّق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتّى بقى فى أصحابه الّذين جاءوا معه من المدينة ، ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه ، وإنمّا فعل ذلك ، لأنّهعليه‌السلام علم انّ الاعراب الذين اتّبعوه ، إنمّا اتّبعوه وهم يظنّون أنّه يأتى بلدا قد استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه الّا وهم يعلمون على ما يقدمون ، فلمّا كان السحر أمر أصحابه فاستقوا ماء واكثروا(٣)

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢١١.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢١١.

(٣) الارشاد : ٢٠٥.

٤٥١

٣٨ ـ قال الطبرسى : لمّا بلغ الثعلبيّة ونزل ، أتاه خبر قتل مسلم بن عقيل ، وهانى بن عروة ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون رحمة الله عليهما ، يردّد ذلك مرارا وقيل له : ننشدك الله يا ابن رسول الله انصرف من مكانك هذا ، فانّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أن يكونوا عليك ، فنظر الى بنى عقيل فقال : ما ترون؟ فقالوا : لا والله لا نرجع حتّى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق ، فقال الحسين : لا خير فى العيش بعد هؤلاء.

ثمّ أخرج الى الناس كتابا فيه : أمّا بعد فقد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل ، وهانى بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف فى غير حرج ، فليس عليه زمام ، فتفرّق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا ، حتّى بقى فى أصحابه الّذين جاءوا معه ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه ، وإنّما فعل ذلك لانّه علم أنّ الأعراب الّذين اتّبعوه يظنّون ، أنّه يأتى بلدا قد استقام عليه ، فكره أن يسيروا معه إلّا وهم يعلمون على ما يقدمون(١) .

٣٩ ـ قال الفتال : وقع الخبر عند الحسين ، بقتل مسلم بن عقيل وهانى ، فقال : انّا لله وانّا إليه راجعون ، رحمة الله عليهما يردّد ذلك مرارا ، فقيل له ننشدك الله فى نفسك وأهل بيتك ؛ إلّا انصرفت من مكانك هذا ، فانّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف ، أن يكونوا عليك فنظر الى بنى عقيل ، وقال : ما ترون فقد قتل مسلم بن عقيل ، قالوا والله لا نرجع حتّى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق فاقبل الحسينعليه‌السلام وقال لا خير فى العيش بعد هؤلاء.

فاذا كان السّحر ، فقال لفتيانه وغلمانه أكثروا من الماء ، فاستقوا وأكثروا ، ثمّ ارتحلوا ، فساروا حتّى انتهى الى زبالة ، فاتاه خبر عبد الله بن يقطر ، فاخرج الى

__________________

(١) اعلام الورى : ٢٢٨.

٤٥٢

الناس كتابا فقرأه عليهم.

بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد فقد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وخذلتنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج ليس عليكم ، ذمام فتفرّق النّاس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتّى بقى أصحابه الّذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممّن انضمّوا إليه ، وإنمّا فعل ذلكعليه‌السلام ، لأنّه علم أنّ الاعراب الّذين اتّبعوه وهم يظنّون انّه يأتى بلدا قد استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه الّا وهم يعلمون على ما يقدمون(١) .

٤٠ ـ قال ابن طاوس : ثمّ سار الحسينعليه‌السلام حتّى بلغ زبالة ، فأتاه فيها خبر مسلم بن عقيل ، فعرف بذلك جماعة ممّن تبعه فتفرّق عنه أهل الأطماع والارتياب ، وبقى معه أهله وخيار الأصحاب.

قال الراوى : وارتجّ الموضع بالبكاء والعويل ، لقتل مسلم بن عقيل ، وسالت الدموع كلّ مسيل ، ثمّ انّ الحسينعليه‌السلام سار قاصدا لما دعاه الله إليه فلقيه الفرزدق الشاعر فسلم عليه وقال :

يا ابن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة ، وهم الّذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل ، وشيعته ، قال فاستعبر الحسينعليه‌السلام باكيا ثمّ قال رحم الله مسلما فلقد صار الى روح الله وريحانه وجنّته ورضوانه ، أمّا انّه قد قضى ما عليه وبقى ما علينا ثمّ أنشأ يقول :

فان تكن الدنيا تعدّ نفيسة

فانّ ثواب الله أعلى وأنبل

وإن تكن الأبدان للموت أنشئت

فقتل امرئ بالسيف فى الله أفضل

وان تكن الازراق قسما مقدّرا

فقلّة حرص المرء فى السعى أجمل

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٥٣.

٤٥٣

وان تكن الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل(١) .

٤١ ـ قال الدينورى : قالوا : لما رحل الحسين من زرود ، تلقاه رجل من بنى أسد ، فسأله عن الخبر ، فقال : لم أخرج من الكوفة حى قتل مسلم بن عقيل ، وهانى ابن عروة ، ورأيت الصبيان يجرّون بأرجلهما ، فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، عند الله نحتسب أنفسنا ، فقال له : أنشدك الله يا ابن رسول الله فى نفسك ، وأنفس أهل بيتك ، هؤلاء ، الذين نراهم معك ، انصرف الى موضعك ، ودع المسير الى الكوفة ، فو الله مالك بها ناصر ، فقال بنو عقيل ـ وكانوا معه ـ مالنا فى العيش بعد أخينا مسلم حاجة ، ولسنا براجعين حتّى نموت. فقال الحسين : فما خير فى العيش بعد هؤلاء وسار(٢) .

٤٢ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : عن أبى جناب الكلبى ، عن عديّ بن حرملة ، عن عبد الله بن سليم والمذرى بن المشمعل الاسديين ، قالا فنظر إلينا الحسين فقال : لا خير فى العيش بعد هؤلاء ؛ فعلمنا أنّه قد عزم له رأيه على المسير ؛ قالا : فقلنا : خار الله لك! قالا : فقال : رحمكما الله! قالا : فقال له بعض أصحابه : إنّك والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع ، قال الاسديان : ثمّ انتظر حتّى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه ، أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا ، ارتحلوا وساروا حتّى انتهوا الى زبالة(٣)

__________________

(١) اللهوف : ٣٢.

(٢) الاخبار الطوال : ٢٤٧.

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٨.

٤٥٤

٩ ـ اخبارهعليه‌السلام عن شهادة عبد الله بن يقطر

٤٣ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى أبو على الانصارى ، عن بكر بن مصعب المزنى ، قال : كان الحسين لا يمرّ بأهل ما ، الا اتّبعوه حتّى اذا انتهى الى زبالة سقط إليه مقتل أخيه من الرّضاعة عبد الله بن يقطر ، وكان سرّحه الى مسلم ابن عقيل من الطريق ، وهو لا يدرى أنّه قد أصيب ، فتلقّاه خيل الحصين بن تميم بالقادسيّة ، فسرّح به الى عبيد الله بن زياد ، فقال اصعد فوق القصر ، فالعن الكذّاب ابن الكذّاب ، ثمّ انزل حتّى أرى فيك رأيى!

قال : فصعد ، فلمّا أشرف على الناس ، قال : أيّها النّاس ، انّى رسول الحسين بن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة ، ابن سميّة الدعى. فأمر به عبيد الله فألقى من فوق القصر الى الأرض ، فكسرت عظامة ، وبقى به رمق ، فأتاه رجل يقال له : عبد الملك بن عمير اللخمى فذبحه ، فلمّا عيب ذلك عليه قال : إنما اردت أن أريحه(١) .

٤٤ ـ عنه قال هشام : حدّثنا أبو بكر بن عياش ، عمّن أخبره قال : والله ما هو عبد الملك بن عمير الذي قام إليه فذبحه ، ولكنّه قام إليه رجل جعد طوال ، يشبه عبد الملك بن عمير ، قال : فأتى ذلك الخبر حسينا وهو بزبالة ، فاخرج للناس كتابا فقرأ عليهم:

بسم الله الرحمن الرحيم : أمّا بعد فانّه قد أتانا خبر فظيع ، قتل مسلم بن عقيل

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٨.

٤٥٥

وهانى بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف ، ليس عليه من ذمام.

قال : فتفرق الناس عنه تفرّقا ، فاخذوا يمينا وشمالا ، حتّى بقى فى أصحابه الّذين جاءوا معه من المدينة ، وإنمّا فعل ذلك لأنّه ظنّ إنمّا اتبعه الاعراب لأنّهم ظنّوا أنّه يأتى بلدا قد استقامت له طاعه أهله فكره أن يسيروا معه الّا وهم يعلمون على ما يقدمون ، وقد علم انّهم اذا بيّن لهم لم يصحبه إلّا من يريد مواساته والموت معه ، قال : فلمّا كان من السحر أمر فتياه فاسقوا الماء وأكثروا ، ثمّ صار حتّى مرّ ببطن العقبة فنزل بها(١) .

١٠ ـ لقائهعليه‌السلام مع عمرو بن لوذان

٤٥ ـ قال المفيد : ثمّ سار حتّى مرّ ببطن العقبة ، فنزل عليها ، فلقيه شيخ من بنى عكرمة يقال له عمرو بن لوذان ، فسئله أين تريد ، فقال له الحسينعليه‌السلام الكوفة فقال الشيخ : انشدك لما انصرفت ، فو الله ما تقدم الّا على الأسنة وحدّ السيوف ، وانّ هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مئونة القتال ، ووطئوا لك الاشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا.

فامّا على هذه الحال الّتي تذكر ، فانّى لا أرى لك أن تفعل ، فقال له يا عبد الله ليس يخفى علىّ الرّأى ، وإنّ الله تعالى لا يغلب على أمره ، ثمّ قالعليه‌السلام والله لا يدعونى حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفى ، فاذا فعلوا سلّط الله عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ فرق الامم(٢)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٨.

(٢) الارشاد : ٢٠٥ واعلام الورى : ٢٢٩.

٤٥٦

٤٦ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : فحدّثنى لوذان أحد بنى عكرمة ، أنّ أحد عمومته سأل الحسينعليه‌السلام أين تريد؟ فحدّثه ، فقال له : إنّى أنشدك الله لمّا انصرفت فو الله لا تقدّم الا على الاسنّة وحدّ السيوف ، فانّ هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مئونة القتال ، ووطّئوا لك الأشياء ، فقدمت عليهم ، كان ذلك رأيا ، فأمّا على هذه الحال التي تذكرها فانّى لا أرى لك أن تفعل. قال : فقال له : يا عبد الله ، إنّه ليس يخفى علىّ الرأى ما رأيت ، ولكنّ الله لا يغلب على أمره ؛ ثمّ ارتحل منها(١)

١١ ـ لقائهعليه‌السلام مع رسول ابن الاشعث

٤٧ ـ قال الدينورى : فلمّا وافى زبالة وافاه بها رسول محمّد بن الاشعث ، وعمر بن سعد بما كان سأله مسلم أن يكتب به إليه من أمره ، وخذلان أهل الكوفة إيّاه ، بعد أن بايعوه ، وقد كان مسلم سأل محمّد بن الاشعث ذلك ، فلمّا قرأ الكتاب استيقن بصحة الخبر ، وأفظعه قتل مسلم بن عقيل ، وهانى ابن عروة.

ثمّ أخبره الرسول بقتل قيس بن مسهر رسوله الّذي وجّهه من بطن الرمّة ، وقد كان صحبه قوم من منازل الطريق ، فلمّا سمعوا خبر مسلم ، وقد كانوا ظنّوا أنّه يقدم على أنصار ، وعضد تفرّقوا عنه ، ولم يبق معه الّا خاصّته(٢)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٩٩.

(٢) الاخبار الطوال ٢٤٧.

٤٥٧

١٢ ـ لقائهعليه‌السلام مع رجل من

بنى عكرمة

٤٨ ـ قال الدينورى : فسار حتّى انتهى الى بطن العقيق ، فلقيه رجل من بنى عكرمة ، فسلّم عليه ، وأخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية الى العذيب رصدا له ، ثمّ قال له : انصرف بنفسى أنت ، فو الله ما تسير الّا إلى الأسنّة والسيوف ، ولا تتكلنّ على الذين كتبوا لك ، فانّ أولئك أول الناس مبادرة الى حربك ، فقال له الحسين : قد ناصحت وبالغت ، فجزيت خيرا ، ثمّ سلّم عليه ، ومضى حتّى نزل بشراة وبات بها ، ثمّ ارتحل وسار(١) .

١٣ ـ كلامهعليه‌السلام مع بحير الاسدى

٤٩ ـ الحافظ ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندى ، أنبأنا أبو بكر بن الطبرى ، أنبأنا أبو الحسين ابن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب ، أنبأنا أبو بكر الحميدى ، حدّثنى سفيان ، حدّثنى رجل من بنى أسد ، يقال له : بحير ـ بعد الخمسين والمائة ـ وكان من أهل الثعلبيّة ولم يكن فى الطريق رجل أكبر منه ، فقلت له : مثل من كنت حين مرّ بكم حسين بن على؟ قال : غلام أيفعت قال : فقام إليه أخ لى كان أكبر منى يقال له زهير.

__________________

(١) الاخبار الطوال ٢٤٨

٤٥٨

قال : أى ابن بنت رسول الله : انّى أراك فى قلّة من الناس ، فأشار الحسينعليه‌السلام بسوط فى يده هكذا فضرب حقيبة ، وراءه فقال ها إن هذه مملوءة كتبا. فكأنّه شد من منة أخى(١) ، قال سفيان : فقلت له : ابن كم أنت؟ قال : ابن ستّ عشرة ومائة ، قال سفيان ، وكنا استودعناه طعاما لنا ومتاعا ، فلمّا رجعنا طلبناه منه ، فقال : ان كان طعاما فلعلّ الحىّ قد أكلوه. فقلنا انّا لله ذهب طعامنا! فاذا هو يمزح معى فاخرج إلينا طعامنا ومتاعنا(٢) .

٥٠ ـ عنه أخبرنا عاليا أبو يعقوب الهمدانيّ ، أنبأنا أبو الحسين ابن المهتدى بالله وأخبرناه أبو غالب ابن البناء ، أنبأنا أبو الغنائم ابن المأمون ، قالا : أنبأنا أبو القاسم ابن حبابة ، أنبأنا أبو القاسم البغوى ، أنبأنا يحيى بن الربيع ، أنبأنا سفيان قال : حدّثنى أعرابى ، يقال له بحير من أهل الثعلبية قال : قلت له : ابن كم أنت؟ قال : ابن ستّ عشرة ومائة سنة. قلت له : ابن كم كنت حين مرّ.

قال أبو غالب : حين قتل الحسين بن على؟ قال : غلام قد أيفعت ، قال وكان فى قلّة من النّاس ، وكان أخى أسنّ منّى فقال له أخى : يا ابن بنت رسول الله أراك فى قلّة من الناس ، فقال بالسوط وأشار به الى حقيبة الرحل : هذه خلفى مملوءة كتبا(٣)

١٤ ـ صوت الهاتف وعلى بن الحسين الاكبر

٥١ ـ قال ابن شهرآشوب : فلمّا نزل الحسينعليه‌السلام بالخزيميّة ، قالت زينب يا

__________________

(١) كذا فى الاصل.

(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢٠٩.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ٢٠٩.

٤٥٩

أخى سمعت فى ليلتى هاتفا يهتف :

ألا يا عين فاحتفلى بجهدي

ومن يبكى على الشهداء بعدى

إلى قوم تسوقهم المنايا

بمقدار إلى انجاز وعد

فلمّا وصل إلى الثعلبيّة جعل يقول : باتوا نياما والمنايا تسرى فقال علىّ بن الحسين الاكبر : ألسنا على الحقّ قال بلى قال : إذا والله ما نبالى(١) .

٥٢ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى : ثمّ سار حتّى نزل الثعلبية وقت الظهيرة ، فوضع رأسه فرقد ، ثمّ استيقظ فقال : قد رأيت هاتفا يقول : أنتم تسرعون ، والمنايا تسرع بكم ، إلى الجنّة ، فقال له : ابنه علىّ يا أبه فلسنا على الحقّ ، فقال بلى يا بنىّ ، والله الّذي إليه مرجع العباد فقال يا أبه إذن لا نبالى بالموت ، فقال الحسينعليه‌السلام جزاك الله يا بنىّ خير ما جزا ولدا عن والده(٢) .

٥٣ ـ قال أبو الفرج : قال أبو مخنف : فحدّثنى عبد الرحمن بن جندب ، عن عتبة بن سمعان الكلبى ، قال : لمّا ارتحلنا من قصر ابن مقاتل ، وسرنا ساعة خفق رأس الحسين خفقه ، ثمّ انتبه فأقبل يقول : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون» و «الحمد لله ربّ العالمين» مرّتين ، فأقبل إليه علىّ بن الحسين وهو على فرس فقال له : يا أبت جعلت فداك ممّ استرجعت؟ وعلام حمدت الله؟

قال الحسين : يا بنىّ إنّه عرض لى فارس على فرس ، فقال : القوم يسيرون والمنايا تسرى إليهم ، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا ، فقال : يا أبتاه لا أراك الله سوء أبدا ألسنا على الحقّ؟ قال : بلى والّذي يرجع إليه العباد ، فقال : يا أبت فاذا لا نبالى قال : جزاك الله خير ما جزى ولد عن والده(٣)

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٣.

(٢) اللهوف : ٣٠.

(٣) مقاتل الطالبيين : ٧٤.

٤٦٠