مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام10%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77946 / تحميل: 4612
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

ميمون ، أنبأنا محمّد بن عبد الوهاب ، أنبأنا معتمر بن سليمان ، عن قرّة بن خالد ، عن الحسن عن أنس ، أنه قال : لم تر عينى ـ أو لم تر عيناى ـ يوما مثل يوم أتى برأس الحسين فى طست إلى ابن زياد ، فجعل ينكت فاه ويقول : إن كان لصبيحا إن كان لقد خضب(١) .

٢٩ ـ باب ما جرى لأهل بيتهعليه‌السلام فى الكوفة

١ ـ الصدوق حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل ،رحمه‌الله قال حدثنا على ابن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه عن محمّد بن سنان ، عن أبى الجارود ، زياد بن المنذر عن عبد الله بن الحسين عن أمه فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام قال دخلت الغانمة علينا الفسطاط وأنا جارية صغيرة وفى رجلى خلخالان من ذهب فجعل رجل يفض الخلخالين من رجلى وهو يبكي فقلت ما يبكيك يا عدوّ الله فقال كيف لا أبكى وأنا أسلب ابنة رسول الله فقلت لا تسلبنى قال أخاف ان يجئ غيرى فيأخذه قالت وانتهبوا ما فى الابنية حتى كانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا(٢) .

٢ ـ عنه حدثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرحمه‌الله قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصرى ، قال أخبرنا محمّد بن زكريا قال : حدثنا أحمد بن محمّد بن يزيد ، قال : حدّثنا أبو نعيم قال : حدّثنى حاجب عبيد الله بن زياد أنه لما جئ يرأس الحسين أمر فوضع بين يديه فى طست من ذهب وجعل يضرب بقضيب فى يده على ثناياه ويقول لقد أسرع الشيب إليك يا أبا عبد الله فقال رجل من القوم مه فانى رأيت رسول الله يلثم حيث تضع قضيبك فقال يوم بيوم بدر.

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ٢٥٨.

(٢) أمالي الصدوق : ٩٩.

٢٢١

ثمّ أمر بعلىّ بن الحسينعليه‌السلام فغلّ وحمل مع النسوة والسبايا الى السجن وكنت معهم فما مررنا بزقاق إلّا وجدناه ملاء رجالا ونساء يضربون وجوههم ويبكون فحبسوا فى سجن وطبق عليهم ثم ان ابن زياد لعنه الله دعا بعلى بن الحسينعليه‌السلام والنسوة وأحضر رأس الحسينعليه‌السلام وكانت زينب ابنة علىعليه‌السلام فيهم فقال ابن زياد : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب احاديثكم.

فقالت زينبعليه‌السلام الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا انما يفضح الله الفاسق ويكذب الفاجر قال كيف رأيت صنع الله بكم أهل البيت قالت كتب إليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتتحاكمون عنده فغضب ابن زياد لعنه الله عليها وهمّ بها فسكن منه عمرو بن حريث فقالت زينب يا ابن زياد حسبك ما ارتكبت منا فلقد قتلت رجالنا وقطعت أصلنا وأبحت حريمنا وسبيت نساءنا وذرارينا فان كان ذلك للاشتفاء فقد اشتفيت فامر ابن زياد بردهم ، الى السجن وبعث البشاير الى النواحى بقتل الحسين.

٣ ـ قال المفيد : سرّح عمر بن سعد من يومه ذلك وهو يوم عاشوراء برأس الحسينعليه‌السلام مع خولى بن يزيد الأصبحى وحميد بن مسلم الأزدى إلى عبيد الله بن زياد ، وأمر برءوس الباقين من أصحابه وأهل بيته فقطعت وكانوا اثنين وسبعين رأسا وسرّح بها مع شمر بن ذى الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج ، فأقبلوا حتّى قدموا بها على ابن زياد وأقام بقيّة يومه واليوم الثّانى الى زوال الشّمس ثمّ نادى فى النّاس بالرّحيل وتوجّه الى الكوفة ومعه بنات الحسينعليه‌السلام وأخواته ومن كان معهنّ من النّساء والصّبيان وعلىّ بن الحسينعليهما‌السلام فيهم وهو مريض بالذرب وقد اشفى.

لمّا رحل ابن سعد خرج قوم من بنى أسد كانوا نزولا بالغاضريّة الى الحسينعليه‌السلام وأصحابه فصلّوا عليهم ودفنوا الحسينعليه‌السلام حيث قبره الآن ودفنوا ابنه علىّ

٢٢٢

ابن الحسين الأصغر عند رجله وحفروا للشّهداء من أهل بيته وأصحابه الّذين صرعوا حوله ممّا يلى رجلى الحسينعليه‌السلام وجمعوهم فدفنوهم جميعا معا ودفنوا العبّاس بن علىّعليهما‌السلام فى موضعه الّذي قتل فيه على طريق الغاضريّة ، حيث قبره الآن ، ولمّا وصل رأس الحسينعليه‌السلام ووصل ابن سعد من غد يوم وصوله ومعه بنات الحسينعليه‌السلام وأهله.

جلس ابن زياد للنّاس فى قصر الأمارة وأذن للنّاس اذنا عاما وأمر باحضار الرّاس فوضع بين يديه وجعل ينظر إليه ويتبسّم وفى يده قضيب يضرب به ثناياه ، وكان الى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو شيخ كبير فلمّا رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له ارفع قضيبك عن هاتين الشّفتين فو الله الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليهما ما لا أحصيه ثمّ انتحب باكيا.

فقال له ابن زياد أبكى الله عينيك أتبكي لفتح الله ولو لا انّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار الى منزله وادخل عيال الحسينعليه‌السلام على ابن زياد فدخلت زينب اخت الحسينعليه‌السلام فى جملتهم متنكرة وعليها ارذل ثيابها فمضت حتّى جلست ناحية من القصر وحفّت بها إماؤها فقال ابن زياد من هذه الّتي انحازت فجلست ناحية ومعها نسائها فلم تجبه زينب فأعاد ثانية يسأل عنها.

فقال له بعض إماؤها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأقبل عليها ابن زياد ، فقال لها الحمد لله الّذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم فقالت زينبعليهما‌السلام : الحمد لله الّذي أكرمنا بنبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وطهّرنا من الرجس تطهيرا إنمّا يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا ، والحمد لله ، فقال ابن زياد كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك قالت كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم

٢٢٣

وسيجمع الله بينك وبينهم ، فتحاجّون إليه وتختصمون عنده فغضب ابن زياد واستشاط.

فقال عمرو بن حريث ايّها الأمير انّها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ولا تذمّ على خطائها فقال لها ابن زياد قد شفى الله نفسى من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك فرّقت زينبعليها‌السلام وبكت وقالت له لعمرى لقد قتلت كهلى وأبرت أهلى وقطعت فرعى واجتثثت أصلى فان يشفك هذا فقد شفيت فقال لها ابن زياد هذه سجّاعة ولعمرى لقد كان أبوها سجّاعا شاعرا فقالت ما للمرأة والسّجاعة انّ لى عن السّجاعة لشغلا ولكن صدرى نفث لما قلت.

عرض عليه علىّ بن الحسينعليهما‌السلام فقال له من أنت فقال أنا علىّ بن الحسينعليه‌السلام ، فقال أليس قد قتل الله علىّ بن الحسين ، فقال له علىّعليه‌السلام قد كان لى أخ يسمّى عليّا قتله النّاس فقال ابن زياد بل الله قتله ، فقال على بن الحسينعليهما‌السلام الله يتوفّى الأنفس حين موتها فغضب ابن زياد وقال وبك جرأة وفيك بقيّة للرّد علىّ اذهبوا به ، فاضربوا عنقه فتعلّقت به زينب عمّته وقالت :

يا ابن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته وقالت والله لا أفارقه فان قتلته فاقتلنى معه فنظر ابن زياد إليها وإليه ثمّ قال عجبا للرّحم ، والله انّى لأظنّها ودّت انّى قتلتها معه دعوه فانّى أراه لما به ثمّ قام من مجلسه حتّى خرج من القصر ودخل المسجد فصعد المنبر فقال : الحمد لله الّذي أظهر الحقّ وأهله ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه وقتل الكذّاب ابن الكذّاب وشيعته(١) .

٤ ـ قال المفيد : أخبرنى أبو عبد الله محمّد بن عمران المرزبانى ، قال : حدثني أحمد بن محمّد الجوهرى ، قال : حدّثنا محمّد بن مهران ، قال : حدّثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقى ، عن عمر بن عبد الواحد ، عن إسماعيل بن راشد عن حذلم بن

__________________

(١) الارشاد : ٢٢٧.

٢٢٤

سيّر ، قال قدمت الكوفة فى المحرم سنة احدى وستين عند منصرف على بن الحسينعليه‌السلام بالنسوة من كربلاء ومعهم الأجناد يحيطون بهم وقد خرج الناس للنظر إليهم ، فلما أقبل بهم على الجمال بغير وطإ جعل نساء أهل الكوفة يبكين ويندبن.

فسمعت على بن الحسينعليه‌السلام وهو يقول بصوت ضئيل وقد نهكته العلة وفى عنقه الجامعة ويده مغلولة الى عنقه ألا إنّ هؤلاء النسوة يبكين فمن قتلنا قال : ورأيت زينب بنت علىعليه‌السلام ولم أر خفرة قط أنطق منها كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنينعليه‌السلام قال وقد أومأت الى الناس أن اسكتوا فارتدّت الأنفاس وسكنت الأصوات ، فقالت.

الحمد لله والصلاة على أبى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل والخذل فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنة فما مثلكم إلا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ، تتخذون ايمانكم دخلا بينكم ، الا وهل فيكم إلا الصلف النطف والصدر الشنف خوارون فى اللقاء عاجزون عن الاعداء ناكثون للبيعة مضيعون للذمة «فبئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفى العذاب أنتم خالدون» أتبكون اى والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا.

فلقد فزتم بعارها وشنارها ولن تغسلوا دنسها عنكم أبدا فبسلل خاتم الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملا ذخيرتكم ومفزع نازلتكم وأمارة محجتكم ومدرجة حجتكم خذلتم وله قتلتم ألا ساء ما تزرون فتعسا ونكسا فلقد خاب السعى وتربت الأيدى وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة ويلكم أتدرون أىّ كبد لمحمد فريتم وأىّ دم له سفكتم وأى كريمة له أصبتم لقد جئتم شيئا ادّا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا.

لقد أتيتم بها خرماء شوهاء طلاع الأرض والسماء أفعجبتم أن قطرت السماء

٢٢٥

دما ولعذاب الآخرة أخزى فلا يستخفنكم المهل فانه لا يحضره البدار ولا يخاف عليه فوت الثار كلا ان ربك لبالمرصاد ، قال ثم سكتت فرأيت الناس حيارى قد ردّوا أيديهم فى أفواههم ورأيت شيخا قد اخضلت لحيته وهو يقول كهولهم خير الكهول ونساؤهم خير النساء اذا عدو انسل لا يخيب ولا يخزى(١)

٥ ـ قال الطبرسى : ثمّ نادى ابن سعد فى الناس بالرّحيل وتوجّه نحو الكوفة ومعه بنات الحسين وأخواته ومن كان معه من النساء والصبيان وعلىّ بن الحسين فيهم وهو مريض بالذّرب وقد أشفى ، فلما رحل ابن سعد خرج قوم من بنى أسد كانوا نزولا بالغاضريّة إلى الحسين وأصحابه فصلّوا عليهم ودفنوا الحسين حيث قبره الآن ودفنوا ابنه علىّ بن الحسين الأصغر عند رجليه وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الّذين صرعوا حوله حفيرة ممّا يلى رجله فجمعوهم ودفنوهم جميعا معا ودفنوا العبّاس بن علىّ فى موضعه الّذي قتل فيه على طريق الغاضريّة حيث قبره الآن.

لما وصل رأس الحسينعليه‌السلام ووصل ابن سعد من غد يوم وصوله جلس ابن زياد فى قصر الإمارة وأذن للنّاس إذنا عامّا وأمر بإحضار الرأس فوضع بين يديه فجعل ينظر إليه ويتبسّم وبيده قضيب يضرب به ثناياه وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله وهو شيخ كبير ، فقال : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين فو الله الّذي لا إله غيره لقد رأيت شفتى رسول الله ما لا أحصيه يترشفهما ثمّ انتحب باكيا ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينك أتبكى لقدرة الله ولو لا أنّك شيخ كبير وقد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك.

فنهض زيد بن أرقم وصار إلى منزله وادخل عيال الحسينعليه‌السلام على ابن زياد ، فدخلت زينب اخت الحسين فى جماعتهم. عليها أرذل ثيابها فمضت حتّى

__________________

(١) أمالي المفيد : ١٩٨.

٢٢٦

جلست ناحية من القصر وحفّت بها إماؤها ، فقال ابن زياد : من هذا الّتي انحازت ومعها نساؤها؟ فلم تجبه زينب فأعادها ثانية وثالثة فقال له بعض إماؤها : هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله ، فأقبل عليها ابن زياد وقال : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.

فقالت زينب : الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمّدعليه‌السلام وطهّرنا من الرجس تطهيرا ، إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا فقال ابن زياد : كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟ قالت : كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم يوم القيامة فتحاجّون إليه وتختصمون عنده ، فغضب ابن زياد ، واستشاط فقال عمرو بن حريث : إنّها امرأة والمرأة لا تؤخذ بشيء من منطقها ، فقال لها ابن زياد : لقد شفى الله نفسى من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك ، فرقّت زينب وبكت وقالت :

لعمرى لقد قتلت كهلى وأبرت أهلى ، وقطعت فرعى فإن يشفيك هذا فقد اشتفيت ، فقال ابن زياد : هذه سجّاعة ولعمرى لقد كان أبوها سجّاعا ، فقالت : ما للمرأة والسّجاعة وإن لى عن السجاعة لشغلا ولكن صدرى نفثت بما قلت. وعرض عليه علىّ بن الحسينعليهما‌السلام فقال له : من أنت؟ قال : أنا علىّ بن الحسين قال : أليس قد قتل الله علىّ بن الحسين؟ فقال : كان لى أخ يسمّى عليّا فقتله النّاس ، قال ابن زياد : بل قتله الله ، فقال علىّ بن الحسينعليهما‌السلام :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) .

فغضب ابن زياد وقال : لك جرأة على جوابى وفيك بقيّة للرّدّ علىّ اذهبوا واضربوا عنقه ، فتعلّقت به زينب عمّته فقالت : يا ابن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته وقالت : والله لا أفارقه فإن قتلته فاقتلنى معه ، فنظر ابن زياد إليها ساعة وقال : عجبا للرّحم والله لأظنّها ودّت انّى قتلتها معه ، دعوه فإنّى أراه لما به مشغول ،

٢٢٧

ثمّ قام من مجلسه ، ولما أصبح ابن زياد بعث برأس الحسينعليه‌السلام فدير به فى سكك الكوفة وقبائلها.

فروى عن زيد بن أرقم أنّه قال : مرّ به علىّ وهو على رمح وأنا فى غرفة فلمّا حاذانى سمعته يقرأ :( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ) فقفّ والله شعرى وناديت : رأسك يا ابن رسول الله أعجب وأعجب ، فلما فرغ القوم من الطواف به ردّوه إلى باب القصر فدفعه ابن زياد إلى زحر بن قيس ودفع إليه رءوس أصحابه وسرّحه إلى يزيد بن معاوية وأنفذ معه جماعة من أهل الكوفة حتّى وردوا بها إلى يزيد بن معاوية بدمشق ، فقال يزيد : قد كنت اقنع وأرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين أما لو أنّى كنت صاحبه لعفوت عنه؟!(١)

٦ ـ قال ابن شهرآشوب : من كلام لزينب بنت علىعليه‌السلام يا أهل الكوفة ويا أهل الختر والختل والخذل والمكر ، فلا رقأت الدّمعة ولا هدأت الزّفرة إنمّا مثلكم كمثل الّتي نقضت غزلها من بعد قوّة انكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم ، هل فيكم إلا الصّلف والعجب والشّنف والكذب وملق الاماء وغمز الاعداء كمرعى على دمنة أو كقصّة على ملحودة ألا بئس ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفى العذاب انتم خالدون حتّى انتهى كلامها الى قولها ألا ساء ما قدّمتم لانفسكم وساء ما تزرون ليوم بعثكم.

فتعسا تعسا ونكسا نكسا لقد خاب السّعى وتبّت الأيدى وخسرت الصّفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذّلة والمسكنة ، أتدرون ويلكم أىّ كبد لمحمّد فريتم وأىّ عهد نكثتم وأىّ كريمة أبرزتم واىّ دم له سفكتم( لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ) لقد جئتم بها شوهاء خرقاء طلاع الارض والسّماء أفعجبتم ان تمطر السماء دما ولعذاب الآخرة أخزى و

__________________

(١) اعلام الورى : ٢٤٦.

٢٢٨

هم لا ينصرون ، فلا يستخفنّكم المهل فانّهعزوجل لا يحقره البدار ولا يخشى عليه فوت ثار كلّا انّ ربّك لناولهم بالمرصاد ثمّ انشات تقول :

ما ذا تقولون ان قال النبيّ لكم

ما ذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتى وبأهلى بعد مفتقدى

منهم أسارى وقتلى ضرّجوا بدم

ان كان هذا جزائى إذ نصحت لكم

ان تخلفونى بسوء في ذوى رحمى(١)

٧ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى ولما انفصل عمر بن سعد لعنه الله عن كربلا خرج قوم من بنى أسد فصلّوا على تلك الجثث الطواهر المرملة بالدماء ودفنوها على ما هى الآن عليه ، وسار ابن سعد بالسبى ، فلما قاربوا الكوفة اجتمع اهلها للنظر إليهنّ ، قال الراوى : فاشرفت امرأة من الكوفيات فقالت من أىّ الاسارى أنتنّ ، فقلن نحن أسارى آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلت المرأة من سطحها فجمعت لهنّ ملاء وأزرا ومقانع وأعطتهن فتغطّين ، قال الراوى وكان مع النساء على بن الحسينعليه‌السلام قد نهكنه العلة والحسن بن الحسن المثنى وكان قد واسى عمه وامامه فى الصبر على ضرب السيوف وطعن الرّماح وقد اثخن بالجراح(٢) .

٨ ـ روى مصنّف كتاب المصابيح أن الحسن المثنى قتل بين يدى عمّه الحسينعليه‌السلام فى ذلك اليوم سبعة عشر نفسا واصابه ثمانية عشر جراحة فوقع فأخذه خاله أسماء بن خارجة فحمله الى الكوفة وداواه حتى برأ وحمله الى المدينة وكان معهم أيضا زيد وعمرو ولد الحسن السبطعليهم‌السلام فجعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون فقال على بن الحسينعليهما‌السلام تنوحون وتبكون من أجلنا فمن ذا الذي قتلنا.

٩ ـ عنه قال بشير بن خزيم الأسدي ونظرت الى زينب بنت علىّ يومئذ ولم أر خفرة والله أنطق منها كانها تفرع من لسان أمير المؤمنين على بن ابى طالبعليه‌السلام

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢٢٦

(٢) اللهوف : ٦٣.

٢٢٩

وقد أومأت الى الناس ان اسكتوا فارتدّت الأنفاس وسكنت الأجراس ثم قالت الحمد لله والصلاة على أبى محمّد وآله الطيبين الأخيار أما بعد يا اهل الكوفة يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنّة إنّما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم.

الأهل فيكم الا الصلف والنطف والصدر الشنف وملق الاماء وغمز الأعداء او كمرعى على دمنة أو كفصة لمن على ملحودة «ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفى العذاب أنتم خالدون» أتبكون وتنتحبون اى والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا وانى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم ومنار حجتكم ومدرة سنتكم ألا ساء ما تزرون وبعدا لكم وسحقا

فلقد خاب السعى وتبت الأيدى وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة ويلكم يا أهل الكوفة أتدرون أىّ كيد لرسول الله فريتم وأىّ كريمة له أبرزتم واىّ دم له سفكتم وأىّ حرمة له انتهكتم ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء فقماء خرقاء شوهاء كطلاع الارض أو ملاء السماء أفعجبتم أن مطرت السماء دما ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون فلا يستخفنكم المهل فانّه لا يحفزه البدار ولا يخاف فوت الثار وإنّ ربكم لبالمرصاد(١)

١٠ ـ عنه قال الراوى فو الله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون وقد وضعوا أيديهم فى أفواههم ورأيت شيخا واقفا الى جنبى يبكى حتى اخضلّت لحيته وهو يقول بأبى أنتم وأمى كهولكم خير الكهول وشبابكم خير الشباب ونسائكم

__________________

(١) اللهوف : ٦٤.

٢٣٠

خير النساء ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبرى.(١) .

١١ ـ عنه روى زيد بن موسى قال حدثني أبى عن جدّىعليهم‌السلام قال خطبت فاطمة الصغرى بعد آن وردت من كربلاء فقالت الحمد لله عدد الرمل والحصا وزنة العرش الى الثرى أحمده وأو من به وأتوكّل عليه وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ اولاده ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل ولا تراب.

اللهم انّى أعوذ بك أن أفترى عليك الكذب أو أن أقول عليك خلاف ما أنزلت عليه من أخذ العهود لوصيه على بن ابى طالبعليه‌السلام المسلوب حقه المقتول من غير ذنب كما قتل ولده بالأمس فى بيت من بيوت الله فيه معشر مسلمة بالسنتهم تعسا لرءوسهم ما دفعت عنه ضيما فى حياته ولا عند مماته حتى قبضته إليك محمود النقيبة طيب العريكة معروف المناقب ، مشهور المذاهب ، لم تأخذه فيك اللهم لومة لائم وعذل عاذل هديته اللهم للاسلام صغيرا وحمدت مناقبه كبيرا.

لم يزل ناصحا لك ولرسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قبضته إليك زاهدا فى الدنيا غير حريص عليها راغبا فى الآخرة مجاهدا لك فى سبيلك رضيته فاخترته فهديته الى صراط مستقيم.

أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل المكر والغدر والخيلاء فانا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسنا ، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا فنحن عيبة علمه ووعاء حكمته على الأرض فى بلاده لعبادة أكرمنا الله بكرامته وفضلنا بنبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله على كثير ، ممن خلق تفضيلا بينا فكذبتمونا ورأيتم قتالنا حلالا وأموالنا نهبا كأننا أولاد ترك وكابل كما قتلتم جدّنا بالامس وسيوفكم تقطر من دمائنا

__________________

(١) اللهوف : ٦٥.

٢٣١

أهل البيت لحقد متقدم لذلك عيونكم وفرحت قلوبكم على افتراء الله ومكر مكرتم والله خير الماكرين.

فلا تدعونكم أنفسكم الى الجذل بما أصبتم من دمائنا ونالت أيديكم من أموالنا فان ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة فى كتاب من قبل أن نبرئها ان ذلك على الله يسير( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) تبا لكم فانتظروا اللعنة والعذاب فكان قد حلّ بكم وتواثرت من السماء نقمات فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون فى العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ألا لعنة الله على الظالمين.

ويلكم أتدرون أية يد طاعنتنا منكم وأية نفس نزعت الى قتالنا أم بأيّة رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا والله قست قلوبكم وغلظت أكبادكم وطبع على أفئدتكم وختم على سمعكم وبصركم وسول لكم الشيطان وأملى لكم وجعل على بصركم غشاوة فانتم لا تهتدون فتبا لكم يا أهل الكوفة أى تراث لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبلكم ، وذحول له لديكم بما عندتم بأخيه على بن أبى طالب جدّى وبنيه وعترته الطيبين الاخيار فافتخر بذلك مفتخر وقال :

نحن قتلنا عليا وبنى على

بسيوف هندية ورماح

وسبينا نسائهم سبى ترك

ونطحناهم فأى نطاح

بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وطهّرهم الله وأذهب عنهم الرجس فاكظم واقع كما أقعى ابوك فانما لكلّ امرئ ما كسب وما قدمت يداه أحسدتمونا ويلا لكم على ما فضلنا الله

فما ذنبنا ان جاش دهرا بحورنا

وبحرك ساج ما يوارى الدعا مصا

ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، ومن لم يجعل الله له

٢٣٢

نورا فما له من نور(١)

١٢ ـ عنه ، قال وخطبت أمّ كلثوم بنت علىّعليه‌السلام فى ذلك اليوم من وراء كلّتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت يا أهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نسائه ونكبتموه فتبا لكم وسحقا ويلكم أتدرون أىّ دواه دهتكم وأى وزر على ظهوركم حملتم وأىّ دماء سفكتموها وأىّ كريمة أصبتموها وأىّ صبية سلبتموها وأىّ اموال انتهبتموها ، قتلتم خير رجالات بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ونزعت الرحمة من قلوبكم ، ألا ان حزب الله هم الفائزون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت :

قتلتم أخى صبرا فويل لأمكم

ستجزون نارا حرّها يتوقد

سفكتم دماء حرم الله سفكها

وحرمها القرآن ثم محمد

ألا فابشروا بالنار انكم غدا

لفى سقر حقا يقينا تخلدوا

وانى لا بكى فى حياتى على أخى

على خير من بعد النبيّ سيولد

(٢) بدمع غريز مستهل مكفكف

على الخد مني دائما ليس يجمد

قال الراوي فضج الناس بالبكاء والنوح ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رءوسهنّ وخمشن وجوههن وضربن خدودهنّ ودعون بالويل والثبور وبكى الرجال ونتفوا لحاهم فلم ير باكية وباك اكثر من ذلك اليوم.

ثم ان زين العابدينعليه‌السلام أو ماء الى الناس ان اسكتوا فقام قائما فحمد الله واثنى عليه وذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم صلّى عليه ، ثم قال أيها الناس من عرفنى فقد عرفنى ومن لم يعرفنى فانا أعرّفه بنفسى أنا على بن الحسين بن على بن ابى طالبعليهم‌السلام ، أنا ابن من انتهكت حرمته وسلبت نعمته ، وانتهب ماله وسبى عياله أنا ابن المذبوح

__________________

(١) اللهوف : ٦٥.

(٢) كذا فى الاصل.

٢٣٣

بشطّ الفرات من غير ذحل ولا ترات أنا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخرا ، أيها الناس فانشدكم الله هل تعلمون انكم كتبتم الى أبى وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه فتبا لما قدمتم لانفسكم وسوءة لرأيكم بأية عين تنظرون الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اذ يقول لكم قتلتم عترتى وانتهكتم حرمتى فلستم من امتى.

قال الراوى فارتفعت الاصوات من كل ناحية ويقول يعضهم لبعض هلكتم وما تعلمون فقالعليه‌السلام رحم الله أمرا قبل نصيحتى وحفظ وصيتي فى الله وفى رسوله وأهل بيته فان لنا فى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسوة حسنة فقالوا بأجمعهم نحن كلّنا يا ابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك زاهدين فيك ولا راغبين عنك فمرنا بأمرك يرحمك الله فانا حرب لحربك وسلم لسلمك لناخذن يزيد لعنه الله ونبرأ ممن ظلمك.

فقالعليه‌السلام هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم أتريدون أن تأتوا الىّ كما أتيتم الى آبائى من قبل كلا وربّ الراقصات فان الجرح لما يندمل قتل أبى صلوات الله عليه بالأمس وأهل بيته ومعه ولم ينسى ثكل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وثكل أبى وبنى أبى وجده بين لهاتى ومرارته بين حناجرى وحلقى وغصصه تجرى من فراش صدرى ومسئلتى ان تكونوا لا لنا ولا علينا ثم قال :

لا غرو إن قتل الحسين فشيخه

قد كان خيرا من حسين وأكرم

فلا تفرحوا يا اهل كوفان بالذى

اصيب حسين كان ذلك أعظم

قتيل بشط النهر روحى فدائه

جزاء الذي أرداه نار جهنم

٢٣٤

ثم قال رضينا منكم رأسا برأس فلا يوم لنا ولا يوم علينا(١)

١٣ ـ عنه قال الراوى ثم ان ابن زياد جلس فى القصر للناس واذن اذنا عاما وجيء برأس الحسينعليه‌السلام فوضع بين يديه وادخل نساء الحسينعليه‌السلام وصبيانه إليه فجلست زينب بنت علىعليه‌السلام متنكرة فسأل عنها فقيل زينب بنت علىعليه‌السلام فأقبل إليها فقال الحمد لله الذي فضحكم وأكذب احدوثتكم.

فقالت إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا فقال ابن زياد كيف رأيت صنع الله بأخيك واهل بيتك فقالت ما رأيت إلّا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن يكون الفلج يومئذ هبلتك امك يا ابن مرجانة.

قال الراوى فغضب ابن زياد وكانه همّ بها فقال له عمرو بن حريث انها امراة والمرأة لا تؤخذ بشيء من منطقها فقال لها ابن زياد لقد شفى الله قلبى من طاغتيك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك فقالت لعمرى لقد قتلت كهلى وقطعت فرعى واجتثثت أصلى فان كان هذا شفاك فقد اشتفيت فقال ابن زياد هذه سجاعة ولعمرى لقد كان أبوك شاعرا سجاعا فقالت يا ابن زياد ما للمرأة والسجاعة ، ثم التفت ابن زياد الى على بن الحسينعليهما‌السلام فقال من هذا فقيل على بن الحسين فقال أليس قد قتل الله على بن الحسين.

فقال علىعليه‌السلام قد كان لى أخ يقال له علىّ بن الحسين قتله الناس ، فقال بل الله قتله فقال على( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها ) فقال ابن زياد ألك جرأة على جوابى اذهبوا به فاضربوا عنقه فسمعت به عمته زينب فقالت يا ابن زياد انك لم تبق منّا أحدا فان كنت عزمت على قتله فاقتلنى معه ،

__________________

(١) اللهوف : ٦٦.

٢٣٥

فقال علىعليه‌السلام لعمته اسكتى يا عمة حتى اكلمه ثم أقبلعليه‌السلام فقال أبا القتل تهدّدنى يا ابن زياد ما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة.

ثم أمر ابن زياد بعلى بن الحسينعليه‌السلام وأهله فحملوا الى دار جنب المسجد الأعظم فقالت زينب بنت علىعليه‌السلام لا يدخلنّ عربية إلّا أم ولد أو مملوكة فانهن سبين كما سبينا ثم أمر ابن زياد برأس الحسينعليه‌السلام فطيف به فى سكك الكوفة ويحقّ لى ان أتمثل هنا بابيات لبعض ذوى العقول يرثى بها قتيلا من آل الرسول :

رأس ابن بنت محمّد ووصيه

للناظرين على قناة يرفع

والمسلمون بمنظر وبمسمع

لا منكر منهم ولا متفجع

كحلت بمنظرك العيون عماية

وأصمّ رزءك كل اذن تسمع

أيقظت أجفانا وكنت لها كرى

وانمت عينا لم تكن بك تهجع

ما روضة إلّا تمنت أنها

لك حفرة ولخط قبرك مضجع(١)

١٤ ـ قال الفتال : ارسل ابن زياد لعنه الله الى أمّ كلثوم بنت الحسين صلوات الله عليه فقال : الحمد لله الذي قتل رجالكم فكيف ترين ما فعل لله بكم فقالتعليها‌السلام يا ابن زياد لئن قرّت عينك بقتل الحسينعليه‌السلام فطالما قرّت عين جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله به وكان يقبّله ويلثم شفتيه ويضعه على عاتقه يا ابن زياد أعدّ لجده جوابا فانّه خصمك غدا(٢) .

قال حاجب عبيد الله بن زياد لعنهم الله لما جئ برأس الحسينعليه‌السلام امر فوضع بين يديه فى طشت من ذهب وجعل يضرب بقضيب فى يده على ثناياه ، ويقول لقد أسرع الشيب إليك يا أبا عبد الله فقال رجل من القوم مه فانّى رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يلثم حيث تضع قضيبك فقال يوم بيوم بدر ثم أمر بعلىّ بن الحسينعليه‌السلام فغلّ وحمل مع السّبايا والنّسوة الى السّجن وكنت معهم فما مررنا بزقاق الّا

__________________

(١) اللهوف : ٦٩.

(٢) روضة الواعظين : ١٦٣.

٢٣٦

وجدناه ملأن رجالا ونساء يضربون وجوههم ويبكون فحبسوا فى سجن وضيّق عليهم.

ثم انّ ابن زياد لعنه الله دعا بعلىّ بن الحسينعليهما‌السلام والنّسوة وأحضر رأس الحسين صلوات الله عليه وكانت زينب ابنة علىّ فيهم فقال ابن زياد لعنه الله : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحاديثكم فقالت زينبعليها‌السلام : الحمد لله الّذي اكرمنا بمحمّد وطهّرنا تطهيرا انما يفضح الله الفاسق ويكذب الفاجر قال : كيف رأيت صنع الله بكم أهل البيت قال : كتب عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم ، فيتحاكمون عنده فغضب ابن زياد لعنه الله وهمّ بها فسكّن منه عمرو بن حريث.

فقالت زينب يا ابن زياد وحسبك ما ارتكبت منّا فلقد قتلت رجالنا وقطعت أملنا وأبحت حريمنا وسبيت نساءنا وذرارينا فان كان ذلك للاشتفاء فقد اشتفيت ، فأمر ابن زياد بردّهم الى السّجن وبعث البشاير الى النّواحى بقتل الحسين(١) .

١٥ ـ قال الدينورى : أمر عمر بن سعد بحمل نساء الحسين وأخواته وبناته وجواريه وحشمه فى المحامل المستورة على الإبل. وكانت بين وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين قتل الحسين خمسون عاما.

قالوا : ولما أدخل رأس الحسينعليه‌السلام على ابن زياد فوضع بين يديه جعل ابن زياد ينكت بالخيزرانة ثنايا الحسين ، وعنده زيد بن أرقم ، صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له : مه ، ارفع قضيبك عن هذه الثنايا ، فلقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يلثمها ، ثم خنقته العبرة ، فبكى. فقال له ابن زياد : ممّ تبكى؟ أبكى الله عينيك ، والله لو لا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك.

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٦٣

٢٣٧

قالوا : وكانت الرءوس قد تقدم بها شمر بن ذى الجوشن أمام عمر بن سعد ، قالوا : واجتمع أهل الغاضريّة فدفنوا أجساد القوم ، وروى عن حميد بن مسلم قال : كان عمر بن سعد لى صديقا ، فأتيته عند منصرفه من قتال الحسين ، فسألته عن حاله ، فقال : لا تسأل عن حالى ، فإنه ما رجع غائب إلى منزله بشر مما رجعت به ، قطعت القرابة القربية ، وارتكبت الأمر العظيم.(١)

١٦ ـ روى ابو منصور الطبرسى : عن زيد بن موسى بن جعفر ، عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال : خطبت فاطمة الصغرىعليها‌السلام بعد ان ردّت من كربلاء فقالت : الحمد لله عدد الرمل والحصى ، وزنة العرش الى الثرى ، أحمده واومن به وأتوكل عليه ، وأشهد ان لا إله الله ، وحده لا شريك له ، وأنّ اولاده ذبحوا بشطّ الفرات من غير ذحل ولا تراث ، اللهم انى أعوذ بك ان أفترى عليك الكذب ، وأن أقول خلاف ما أنزلت عليه من أخذ العهود لوصيه على بن أبى طالبعليه‌السلام .

المسلوب حقه ، المقتول من غير ذنب ، كما قتل ولده بالأمس فى بيت من بيوت الله وبها معشر مسلمة بألسنتهم ، تعسا لرؤوسهم! ما دفعت عنه ضيما فى حياته ولا عند مماته ، حتى قبضته إليك محمود النقيبة ، طيب الضريبة ، معروف المناقب ، مشهور المذاهب ، لم تأخذه فيك لومة لائم ، ولا عذل عاذل ، هديته يا ربّ للإسلام صغيرا ، وحمدت مناقبه كبيرا ، ولم يزل ناصحا لك ولرسولك صلواتك عليه وآله حتى قبضته إليك ، زاهدا فى الدنيا غير حريص عليها ، راغبا فى الآخرة مجاهدا لك فى سبيلك ، رضيته فاخترته ، وهديته الى طريق مستقيم.

أما بعد يا أهل الكوفة! يا أهل المكر والغدر والخيلاء ، إنّا أهل بيت ابتلانا الله بكم ، وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسنا ، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا ، فنحن عيبة علمه ، ووعاء فهمه وحكمته ، وحجته فى الأرض فى بلاده لعباده ، أكرمنا الله

__________________

(١) الاخبار الطوال : ٢٥٩.

٢٣٨

بكرامته ، وفضّلنا بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله على كثير من خلقه تفضيلا ، فكذبتمونا ، وكفرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالا ، وأموالنا نهبا ، كأنا أولاد الترك أو كابل ، كما قتلتم جدنا بالأمس ، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد متقدم ، قرت بذلك عيونكم ، وفرحت به قلوبكم ، اجتراء منكم على الله ، ومكرا مكرتم والله خير الماكرين.

فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ونالت أيديكم من أموالنا ، فإنّ ما أصابنا من المصائب الجليلة ، والرزايا العظيمة فى كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحبّ كل مختال فخور ، تبا لكم! فانتظروا اللّعنة والعذاب ، فكأن قد حلّ بكم ، وتواترت من السماء نقمات فيسحتكم بما كسبتم ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثم تخلدون فى العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين.

ويلكم أتدرون أية يد طاعنتنا منكم ، أو أية نفس نزعت إلى قتالنا ، أم بأية رجل ، مشيتم إلينا ، تبغون محاربتنا؟! قست قلوبكم ، وغلظت أكبادكم ، وطبع على أفئدتكم وختم على سمعكم وبصركم ، وسوّل لكم الشيطان وأملى لكم ، وجعل على بصركم غشاوة فانتم لا تهتدون ، تبا لكم يا أهل الكوفة! كم تراث لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبلكم ، وذحوله لديكم ، ثم غدرتم بأخيه على بن أبى طالبعليه‌السلام جدّى ، وبنيه عترة النبيّ الطيبين الأخيار وافتخر بذلك مفتخر فقال :

نحن قتلنا عليا وبنى

علىّ بسيوف هندية ورماح

وسبينا نساءهم سبى ترك

ونطحناهم فأىّ نطاح

فقالت : بفيك أيها القائل الكثكث ولك الأثلب افتخرت بقتل قوم زكّاهم الله وطهّرهم ، وأذهب عنهم الرجس ، فاكظم واقع كما أقعى أبوك ، وإنما لكل امرئ ما قدّمت يداه ، حسدتمونا ويلا لكم على ما فضلنا الله.

فما ذنبنا ان جاش دهر بحورنا

وبحرك ساج لا يوارى الدعامصا

٢٣٩

ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. قال : فارتفعت الأصوات بالبكاء وقالوا : حسبك يا بنت الطّيّبين! فقد أحرقت قلوبنا ، وأنضجت نحورنا ، وأضرمت أجوافنا ، فسكتت عليها وعلى أبيها وجدها السلام(١) .

١٧ ـ عنه باسناده عن خديم بن شريك الأسدي قال : لما أتى على بن الحسين زين العابدين بالنسوة من كربلاء وكان مريضا ، واذا نساء اهل الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب والرجال معهن يبكون ، فقال زين العابدينعليه‌السلام ـ بصوت ضئيل وقد نهكته العلة ـ ان هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم ، فأومأت زينب بنت على بن أبى طالبعليهما‌السلام الى الناس بالسكوت.

قال حذيم الأسدي : لم أر والله خفرة قط انطق منها ، كأنها تنطق وتفرغ على لسان علىعليه‌السلام ، وقد أشارت الى الناس بان انصتوا فارتدّت الانفاس ، وسكنت الأجراس ، ثم قالت ـ بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : أمّا بعد يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر ، والخذل أفلا رقأت العبرة ولا هدأت الزفرة ، انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم هل فيكم إلّا الصلف والعجب ، والشنف ، والكذب ، وملق الاماء وغمز الأعداء أو كمرعى على دمنة أو كفضة على ملحودة ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم ان سخط الله عليكم وفى العذاب انتم خالدون.

أتبكون اخى؟ أجل والله فابكوا فانكم أحرى بالبكاء فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا ، فقد أبليتم بعارها ، ومنيتم بشنارها ولن ترحضوها أبدا وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة ، وسيد شباب أهل الجنة ، وملاذ حربكم ، ومعاذ حزبكم ومقر سلمكم ، وآسى كلمكم ومفزع نازلتكم ، والمرجع إليه عند مقاتلتكم ومدرة حججكم ومنار محجتكم ، ألا ساء ما قدمت لكم

__________________

(١) الاحتجاج : ٢ / ٢٧.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

ولو انفصل الولد ميّتاً ، لم تجب قيمته ؛ لأنّا لا نعلم حياته قبل ذلك. ولأنّه لم يحل بينه وبينه ، وإنّما يجب التقويم لأجل الحيلولة.

إذا ثبت هذا ، فإنّ المشتري إن كان عالماً بالغصبيّة ، فالولد رقٌّ لمولاه ، ولا يرجع بالثمن على البائع ولا بما غرمه.

ويحتمل عندي رجوعه بالثمن إن(١) كان باقياً ، أمّا إذا تلف فلا.

وإن كان جاهلاً ، فإنّه يرجع بالثمن الذي دفعه وبما غرمه ممّا لا نفع في مقابلته ، كقيمة الولد.

وهل يرجع بما حصل له في مقابلته نفع ، كاُجرة الخدمة والسكنى والعقر؟ إشكال ينشأ من إباحة البائع له بغير عوض ، ومن استيفاء عوضه.

وتفصيل هذا أن يقال : إن علم المشتري بالغصب ، لم يرجع ؛ لأنّه قد أباح البائع إتلاف ماله بغير عوض ، وبه قال الشافعي(٢) .

والتحقيق ما قلناه من الرجوع مع قيام العين لا مع التلف.

وأمّا إذا لم يعلم المشتري بالغصب ، فعلى ثلاثة أضرب.

ضَرْبٌ : لا يرجع به عليه قولا واحدا ، وهو قيمتها إن تلفت في يده ، أو أرش البكارة إن تلفت في يده ، أو بدل جزء منها إن تلف في يده ، لأنّ المشتري دخل مع الغاصب على أن يكون ضامنا لذلك بالثمن ، فإذا ضمنه ، لم يرجع به ، وبه قال الشافعي(٣) .

و ضَرْبٌ : يرجع به قولاً واحداً ، وهو ما إذا ولدت في يده منه ورجع‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « إذا » بدل « إن ».

(٢) الوسيط ٣ : ٤١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٠.

(٣) الوسيط ٣ : ٤١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣١٦ - ٣١٧.

٣٤١

عليه بقيمة الولد ، فإنّه يرجع به على الغاصب ؛ لأنّه دخل معه على أن لا يكون الولد مضموناً عليه ، ولم يحصل من جهته إتلاف ، بل المتلف الشرع بحكم بيع الغاصب منه ، وبه قال الشافعي(١) .

الثالث : ما اختلف فيه ، وهو مهرها واُجرة منفعتها ، فهنا إشكال‌ تقدّم.

وللشافعي قولان :

ففي القديم : يرجع ؛ لأنّه دخل في العقد على أن يتلفه بغير عوض فقد غرّه.

وقال في الجديد : لا يرجع - وبه قال أبو حنيفة وأصحابه - لأنّه غرم ما استوفى به له ، فلم يرجع به(٢) .

ولو أمسكها ولم يستخدمها وتلفت المنفعة تحت يده ، ففي الرجوع للشافعي وجهان :

أحدهما : أنّه يرجع باُجرتها ؛ لأنّه لم يستوف بدل ما غرم ، ودخل في العقد على أن لا يضمنها.

والثاني : لا يرجع ؛ لأنّ تلفها تحت يده بمنزلة إتلافها(٣) .

مسألة ١٥٣ : يصحّ بيع الحامل بحُرٍّ ؛ لأنّها مملوكة‌ ، وحُرّيّة الحمل لا تُخرج الرقّيّة عن الملكيّة ، فيصحّ بيعها ؛ لوجود المقتضي السالم عن المعارض.

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٤٢٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٠.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٥ : ٢٤٣ - ٢٤٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٧٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥١.

(٣) الوسيط ٣ : ٤٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٧٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥١.

٣٤٢

مسألة ١٥٤ : العبد المرتدّ إمّا أن يرتدّ عن فطرة أولا‌ ، فإن لم يكن عن فطرة ، صحّ بيعه ؛ لأنّه مملوك لا يجب قتله في الحال ، ويمكن بقاؤه بردّه إلى الإسلام ، فصحّ(١) بيعه ، كالقاتل.

وأمّا إن كانت عن فطرة ، ففي جواز بيعه إشكال ينشأ من تضادّ الأحكام ؛ إذ وجوب القتل ينافي جواز البيع ، ومن بقاء الملكيّة.

أمّا المرتدّة فإنّه يجوز بيعها مطلقاً ، سواء كانت عن غير فطرة أو عنها ؛ لعدم وجوب قتلها بالارتداد. ووجوب الحبس - إن أثبتناه في حقّها - لا ينافي الملكيّة والانتفاع.

وكذا يجوز بيع المريض المأيوس من بُرْئه لفائدة الإعتاق ، أمّا ما لا يستقرّ فيه الحياة فالأقوى بطلان بيعه وعتقه.

مسألة ١٥٥ : من اشترى جاريةً من وليّ اليتيم ، صحّ الشراء‌ ، وجاز له نكاحها واستيلادها عملاً بالمقتضي السالم عن المعارض ، وقول الكاظمعليه‌السلام وقد سُئل في رجل ترك أولاداً صغاراً ومماليك غلماناً وجواري ولم يُوص فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية يتّخذها اُمّ ولد؟ وما ترى في بيعهم؟

فقال : « إن كان لهم وليّ يقوم بأمرهم باع عليهم وينظر لهم كان مأجوراً فيهم » قلت : فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتّخذها اُمّ ولد؟ قال : « لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيّم لهم الناظر لهم فيما يصلحهم فليس لهم أن يرجعوا فيما صنع القيّم لهم الناظر فيما يصلحهم »(٢) .

مسألة ١٥٦ : إذا اشترى الإنسان ثلاث جوارٍ ثمّ دفعهنّ إلى البيّع‌ وقوّم‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : فيصحّ.

(٢) الكافي ٥ : ٢٠٨ / ١ ، الفقيه ٤ : ١٦١ - ١٦٢ / ٥٦٤ ، التهذيب ٧ : ٦٨ - ٦٩ / ٢٩٤ بتفاوت وزيادة فيها.

٣٤٣

عليه كلّ جارية بقيمة معيّنة ، وقال له : بع هؤلاء الجواري ولك نصف الربح ، فباع البيّع جاريتين وأحبل المالكُ الثالثةَ ، لم يكن عليه شي‌ء فيما أحبل ، وكان عليه للبيّع اُجرة مثل عمله فيما باع.

وقال الشيخ في النهاية : يكون عليه فيما باع نصف الربح(١) ؛ تعويلاً على رواية أبي علي بن راشد ، قال : قلت له : إنّ رجلاً اشترى ثلاث جوارٍ قوّم كلّ واحدة بقيمة فلمـّا صاروا إلى البيّع جعلهنّ بثمنٍ ، فقال للبيّع : لك عليَّ نصف الربح ، فباع جاريتين بفضل على القيمة وأحبل الثالثةَ ، قال : « يجب عليه أن يعطيه نصف الربح فيما باع ، وليس عليه فيما أحبل شي‌ء »(٢) .

وهذه الرواية غير مسندة إلى إمام.

وتُحمل هذه الرواية على ما إذا عيّن قدر الربح ، وكان القول على سبيل الجعالة.

____________________

(١) النهاية : ٤١٤.

(٢) التهذيب ٧ : ٨٢ / ٣٥٢.

٣٤٤

٣٤٥

الفصل الثاني

في الثمار‌

وفيه مطلبان :

الأوّل : في أنواعها. وهي ثلاثة :

الأوّل : في ثمرة النخل.

إذا باع ثمرة النخل ، فلا يخلو إمّا أن يكون قبل ظهورها أو بعده. فإن كان قبل ظهورها فلا يخلو إمّا أن يبيعها منفردةً أو منضمّةً إلى الغير إمّا الاُصول أو ثمرة سنة اُخرى ، أو غيرهما.

فإن باعها منفردةً ، لم يصحّ إجماعاً ؛ لأنّه غير موجود ولا معلوم الوجود ، ولا يمكن تسليمه ، ولا يُعلم حقيقته ولا وصفه ، فكان كبيع الملاقيح والمضامين ، بل هو هو في الحقيقة.

وروت العامّة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الثمار حتى تزهي ، قيل : يا رسول الله وما تزهي؟ قال : « حتى تحمّر »(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سُئل عن رجل اشترى بستاناً فيه نخل ليس فيه غير بُسْر أخضر ، فقال : « لا ، حتى يزهو » قلت : وما الزهو؟ قال : « حتى يتلوّن »(٢) .

وإن باعها منضمّةً إلى الأصول ، فالوجه عندي : البطلان ، إلّا أن يجعل‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٠١ ، سنن النسائي ٧ : ٢٦٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٠ ، الموطّأ ٢ : ٦١٨ / ١١.

(٢) الكافي ٥ : ١٧٦ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٨٤ / ٣٥٩ ، الاستبصار ٣ : ٨٦ / ٢٩٤.

٣٤٦

انضمامها على سبيل التبعيّة فلا يضرّ فيها الجهالة ، كأساسات الحيطان واُصول الأشجار ، أمّا إذا جُعلت جزءاً مقصوداً من المبيع ، ففيه الإشكال ، يقتضي النصّ الجواز.

وإن باعها منضمّةً إلى شي‌ء غير الثمرة ، فإنّه يجوز. وينبغي أن يكون ذلك على سبيل التبعيّة لا الأصالة ؛ لما تقدّم ، لكنّ إطلاق النصّ يقتضي إطلاق الجواز.

روى سماعة قال : سألته عن بيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طلعها؟ فقال : « لا ، إلّا أن يشتري معها شيئاً غيرها رطبةً أو بقلاً ، فيقول : أشتري منك هذه الرطبة وهذا النخل وهذا الشجر بكذا وكذا ، فإن لم تخرج الثمرة كان رأس مال المشتري في الرطبة والبقل »(١) .

والوجه عندي : المنع. وهذه الرواية مع ضعف سندها لم تُسند إلى إمامٍ ، فلا تعويل عليها.

وإن باعها منضمّةً إلى ثمرة سنة اُخرى ، فلا يخلو إمّا أن تكون السنة الاُخرى سابقةً ثمرتها موجودة أو لا حقة ، فإن كانت سابقةً ، صحّ إجماعاً.

وإن كانت لا حقةً أو كانت سابقةً لم تخرج ، جاز أيضاً ؛ لما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سُئل عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين أو أربع سنين ، قال : « لا بأس به يقول : إن لم يخرج في هذه السنة أخرج في قابل »(٢) .

وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام عن شراء‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٧٦ / ٧ ، الفقيه ٣ : ١٣٣ / ٥٧٨ ، التهذيب ٧ : ٨٤ / ٣٦٠ ، الإستبصار ٣ : ٨٦ - ٨٧ / ٢٩٥.

(٢) الكافي ٥ : ١٧٥ / ٢ ، الفقيه ٣ : ١٣٢ / ٥٧٦ ، التهذيب ٧ : ٨٥ / ٣٦٤ ، الاستبصار ٣ : ٨٧ / ٢٩٩.

٣٤٧

النخل ، فقال : « كان أبي يكره شراء النخل قبل أن تطلع ثمرة السنة ، ولكن السنتين والثلاث ، كان يقول : إن لم يحمل في هذه السنة حمل في السنة الاُخرى »(١) .

ويحتمل قويّاً : المنع ؛ لأنّه مبيع غير مشاهد ولا معلوم الوصف والقدر ، فيكون باطلاً ؛ للغرر. ولأنّه كبيع الملاقيح والمضامين. ويُحمل قولهعليه‌السلام : « إن لم يخرج في هذه السنة » أي إن لم تدرك ، أو أراد إن لم تخرج في بعض السنة المتأخّرة عن سنة البيع.

ويؤيّد هذا : ما رواه أبو الربيع الشامي عن الصادقعليه‌السلام قال : « كان الباقرعليه‌السلام يقول : إذا بِيع الحائط فيه النخل والشجر سنة واحدة فلا يباعنّ حتى تبلغ ثمرته ، وإذا بِيع سنتين أو ثلاثاً فلا بأس ببيعه بعد أن يكون فيه شي‌ء من الخضرة »(٢) وتعليق الحكم على وصفٍ يقتضي نفيه عند عدمه.

مسألة ١٥٧ : ولو باع الثمرة بعد ظهورها قبل بدوّ صلاحها‌ ، فإمّا أن يبيعها منفردةً أو منضمّةً ، فإن باعها منفردةً ، فإمّا أن يبيعها بشرط القطع أو بشرط التبقية أو مطلقاً.

فإن باعها بشرط القطع ، صحّ البيع إجماعاً ؛ لأنّ مع شرط القطع يظهر أنّ غرض المشتري هو الحِصْرم والبلْح وأنّه حاصل.

وإن باعها بشرط التبقية ، فالأقوى عندي : الجواز ؛ لعموم( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٣) السالم عن صلاحيّة المعارض للمعارضة ؛ لأنّ المعارض ليس إلّا تجويز العاهة والتلف عليها ، لكن ذلك التجويز متطرّق إلى غير الثمار ،

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٨٧ / ٣٧٣ ، الاستبصار ٣ : ٨٦ / ٢٩٢.

(٢) الفقيه ٣ : ١٥٧ - ١٥٨ / ٦٩٠ ، التهذيب ٧ : ٨٧ / ٣٧٢ ، الإستبصار ٣ : ٨٦ / ٢٩٣.

(٣) البقرة : ٢٧٥.

٣٤٨

كالحيوان وشبهه ، فلو كان مانعاً من بيع الثمرة ، لكان مانعاً من بيع الحيوان ؛ والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدّم مثله. ولأنّه مال مملوك طاهر منتفع به فجاز بيعه. ولأنّه يجوز بيعه بشرط القطع إجماعاً ، فجاز بشرط التبقية ، كما لو باعه بعد بدوّ الصلاح بشرط التبقية.

ولما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سُئل عن الرجل يشتري الثمرة المسمّاة من أرض فتهلك تلك(١) الأرض كلّها ، فقال : « اختصموا في ذلك إلى رسول الله ٦ فكانوا يذكرون ذلك فلمـّا رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرّمه ، ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم »(٢) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمع ضوضاء(٣) ، فقال : ما هذا؟ فقيل : تبايع الناس بالنخل فقعد(٤) النخل العام ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما إذا فعلوا فلا تشتروا النخل العام حتى يطلع فيه شي‌ء. ولم يحرّمه »(٥) .

ومَنَع جماعة(٦) من علمائنا هذا البيع - وهو مذهب الفقهاء الأربعة(٧) -

____________________

(١) في الكافي والفقيه : ثمرة تلك.

(٢) الكافي ٥ : ١٧٥ / ٢ ، الفقيه ٣ : ١٣٢ / ٥٧٦ ، التهذيب ٧ : ٨٥ / ٣٦٤ ، الاستبصار ٣ : ٨٧ / ٢٩٩.

(٣) الضوضاة : أصوات الناس وجلبتهم. الصحاح ٦ : ٢٤١٠ « ضوا ».

(٤) في « ق ، ك » : ففقد. وقعدت النخلة : حملت سنة ولم تحمل اُخرى. القاموس المحيط ١ : ٣٢٨ « قعد ».

(٥) الكافي ٥ : ١٧٤ - ١٧٥ / ١ ، التهذيب ٧ : ٨٦ / ٣٦٦ ، الاستبصار ٣ : ٨٨ / ٣٠١.

(٦) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ٤١٤ - ٤١٥ ، والمبسوط ٢ : ١١٣ ، والخلاف ٣ : ٨٥ ، المسألة ١٤٠ ، والمحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢ : ٥٢ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٢٥٠.

(٧) بداية المجتهد ٢ : ١٤٩ ، المعونة ٢ : ١٠٠٥ ، التلقين ٢ : ٣٧٣ ، الحاوي الكبير ٥ : =

٣٤٩

للحديث(١) الذي رواه العامّة أوّلاً ، وما رواه الخاصّة أيضاً ، وقد سبق(٢) .

وأيضاً ما رواه سليمان بن خالد عن الصادقعليه‌السلام قال : « لا يشترى(٣) النخل حولاً واحداً حتى يطعم إن كان يطعم ، وإن شئت أن تبتاعه سنتين فافعل »(٤) .

وسأل الحسنُ بن علي الوشّاء الرضاعليه‌السلام : هل يجوز بيع النخل إذا حمل؟ فقال : « لا يجوز بيعه حتى يزهو » قلت : وما الزهو جعلت فداك؟

قال : « يحمرّ ويصفرّ وشبه ذلك »(٥) .

والجواب : حمل النهي على الكراهة ؛ جمعاً بين الأدلّة خصوصاً وقد نصّ الإمامعليه‌السلام على ذلك.

وإن باعها مطلقاً ولم يشترط القطع ولا التبقية ، فالأقوى عندي : الجواز - وبه قال أبو حنيفة(٦) - لأنّه لو شرط القطع ، جاز إجماعاً ، ولو شرط التبقية ، جاز على الأقوى ، والإطلاق لا يخلو عنهما ، فكان الجواز أقوى. ولما تقدّم من الأدلّة. ولأنّ القطع تفريغ ملك البائع ونقل المبيع‌

____________________

= ١٩٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٦ و ٣٤٧ ، الوسيط ٣ : ١٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٠ ، المغني ٤ : ٢١٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٣١.

(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٣٤٥ ، الهامش (١).

(٢) في ص ٣٤٥.

(٣) في المصدر : « لا تشتر ».

(٤) التهذيب ٧ : ٨٨ / ٣٧٤ ، الاستبصار ٣ : ٨٥ / ٢٩٠.

(٥) الكافي ٥ : ١٧٥ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٨٥ / ٣٦٣ ، الإستبصار ٣ : ٨٧ / ٢٩٨.

(٦) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٢ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٧ ، بداية المجتهد ٢ : ١٤٩ ، المعونة ٢ : ١٠٠٦ ، المغني ٤ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٣١.

٣٥٠

عنه ، وليس ذلك شرطاً في البيع.

ومَنَع جماعة(١) من أصحابنا إطلاقَ البيع هنا - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق(٢) - لأنّ الإطلاق يقتضي التبقية ، وهو منهيّ عنها.

ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أطلق النهي عن بيع الثمرة قبل بدوّ صلاحها(٣) ، وهذا يقتضي النهي عن بيع مطلق. ولأنّ النقل في الثمار إنّما يكون عند بلوغ الثمرة في العرف والعادة ، فينصرف إليه مطلق البيع كإطلاق الثمن مع العرف في نقد(٤) البلد ، فإنّه ينصرف إليه.

والجواب : لا نسلّم النهي عن التبقية. وما ورد(٥) عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك فقد بيّنّا أنّه للكراهة. ونحن نسلّم عود الإطلاق إلى التبقية ، ونمنع التحريم فيها ؛ لما بيّنّا من جواز اشتراطها.

تذنيب : إذا باعها مطلقاً ، وجب على البائع الإبقاء مجّاناً إلى حين أخذها عرفاً‌ ، كما فيما بعد بدوّ الصلاح.

وقال أبو حنيفة : المطلق يقتضي القطع في الحال ، فهو بمنزلة ما لو شرط القطع عنده ، ولهذا جوّز المطلق ؛ لأنّ بيعه قبل بدوّ الصلاح بشرط‌

____________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ٢ : ١١٣ ، والخلاف ٣ : ٨٥ ، المسألة ١٤٠ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٢٥٠.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٠ ، الوسيط ٣ : ١٨١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٢ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٢ - ٢١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٦ و ٣٤٧ ، بداية المجتهد ٢ : ١٤٩ ، المعونة ٢ : ١٠٠٦ ، التلقين ٢ : ٣٧٣ ، المغني ٤ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٣١.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٠١ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٦٧ / ٥٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٦٢ - ٢٦٣ ، الموطّأ ٢ : ٦١٨ / ١٠ ، مسند أحمد ٢ : ٧٠ ، ٤٥١١ ، و ١٧٠ / ٥٢٧٠.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « إطلاق » بدل « نقد ».

(٥) في الطبعة الحجريّة : وما روي.

٣٥١

التبقية عنده باطل(١) .

وإن باعها قبل بدوّ الصلاح منضمّةً إلى شي‌ء أو إلى ثمرة سنة اُخرى ، فإنّه يجوز إجماعاً منّا ؛ لرواية يعقوب بن شعيب - الصحيحة - عن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا كان الحائط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا بأس ببيعه جميعاً »(٢) .

مسألة ١٥٨ : لو باع بستاناً بدا صلاح بعضه ولم يَبْدُ صلاح الباقي‌ ، فعلى ما اخترناه نحن يجوز ؛ لأنّا جوّزنا بيع ما لم يَبْدُ صلاحه منفرداً فمنضمّاً إلى ما بدا صلاحه أولى.

أمّا القائلون بالمنع من علمائنا فإنّه يجوز عندهم أيضاً ؛ لأنّ العاهة قد اُمنت فيما بدا صلاحه ، فجاز بيعه ، وما لم يَبْدُ صلاحه يجوز بيعه منضمّاً إليه تبعاً ، كما لو باعه مع الزرع.

ولما رواه يعقوب بن شعيب - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : « إذا كان الحائط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا بأس ببيعه جميعاً »(٣) .

وهل يشترط اتّحاد البستان؟ قال الشيخ : نعم ، بمعنى أنّه لو كان بستان قد بدا صلاحه والبستان الآخر لم يَبْدُ صلاح شي‌ء منه ، لم يجز بيعهما صفقةً واحدة. ولو كان بعض نخل البستان الواحد قد بدا صلاحه والبعض الآخر لم يَبْدُ صلاحه ، جاز بيعه أجمع في عقدٍ واحد(٤) .

وهذا القول لا اعتبار به عندنا.

والشافعي فصّل هنا ، فقال : إن كانت النخلة واحدةً بأن بدا صلاح‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٥ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩١ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٧ ، المغني ٤ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٣١ - ٢٣٢.

(٢و٣) الكافي ٥ : ١٧٥ / ٥ ، التهذيب ٣ : ٨٥ / ٣٦٢ ، الاستبصار ٣ : ٨٧ / ٢٩٧.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١١٤.

٣٥٢

بعض طلعها وبعضه لم يَبْدُ صلاحه ، جاز بيع ثمرتها أجمع صفقةً واحدة ؛ لعسر التمييز والفرق بينهما. وإن تعدّد النخل وكان بعضه قد بدا صلاحه دون البعض ، فإن كان البستان واحدا وضمّ أحدهما إلى الآخر في الصفقة ، جاز ، كما في النخلة الواحدة وإن كان ما بدا صلاحه نخلة واحدة.

وإن أفرد ما بدا صلاحه بالبيع ، صحّ إجماعاً. وإن أفرد ما لم يَبْدُ صلاحه بالبيع ، ففي اشتراط شرط القطع وجهان ، سواء اتّحد نوع النخل أو اختلف :

أحدهما : أنّه يشترط ، إذ ليس في المبيع شي‌ء قد بدا صلاحه ، فيتبعه في عدم شرط القطع.

والثاني : أنّه لا يشترط ، ويكون ما لم يَبْدُ صلاحه تابعاً لما بدا ؛ لدخول وقت بدوّ الصلاح ، فكأنّه موجود بالفعل.

ولو اختلف نوع الثمرة - كالبرني والمعقلي - في البستان الواحد فأدرك نوع دون آخر وباعهما صفقةً واحدة ، ففي الجواز وجهان أحدهما : أنّه يجوز ؛ لأنّه إذا كان يضمّ بعضٍ النوع إلى بعض آخر ضمّ نوعٍ إلى نوع آخر من جنسه كالزكاة. والثاني : لا يضمّ ؛ لأنّه قد يتباعد إدراكهما ، فصارا كالجنسين.

ولو اختلف جنس الثمرة فكان أحدهما رطباً والآخر عنبا وبدا صلاح أحد الجنسين وضمّهما في البيع ، وجب شرط القطع فيما لم يَبْدُ صلاحه منهما ، ولا يتبع أحد الجنسين الآخرَ. وإن تعدّد البستان فبدا صلاح أحدهما دون الآخر ، فإنّه لا يتبع أحدهما الآخر(١) ، بل يجب شرط القطع فيما لم يَبْدُ صلاحه - وبه قال أحمد - لأنّه إنّما جعل ما لم يَبْدُ صلاحه تابعاً في‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : فإنّه لا يتبعه أحدهما.

٣٥٣

البستان الواحد ؛ لما فيه من اشتراك الأيدي والتضرّر به ، أمّا ما كان في قراح آخر فوجب أن يعتبر بنفسه(١) .

وقال مالك : يجوز ضمّ أحد البستاين إلى الآخر وإن أدرك أحدهما خاصّة دون البستان الآخر من غير شرط القطع إذا كان مجاوراً له وكان الصلاح معهوداً لا منكراً(٢) .

وربما نُقل(٣) عنه الضبط في المجاور ببساتين البلدة الواحدة ؛ لأنّ الغرض الأمن من العاهة ، وما جاوره بمنزلة ما في هذا القراح.

مسألة ١٥٩ : لو كان الذي بدا صلاحه من النخل لواحدٍ وما لم يَبْدُ صلاحه لآخر‌ ، فباع مالك ما لم يَبْدُ صلاحه ثمرة ملكه ، جاز عندنا مطلقاً وعند جماعة من علمائنا والجمهور بشرط القطع.

وللشافعي قول آخر ، وهو : أنّه فصّل فقال : لا يخلو إمّا أن يكونا معاً في بستانٍ واحد أو نخل كلّ واحد منهما في بستان منفرد.

فإن كانا في بستان واحد ، فوجهان مع اتّحاد المالك على ما تقدّم.

وأمّا مع تعدّده فقولان :

أحدهما : طرد الوجهين هنا.

والثاني : القطع بالمنع ؛ إذ لا يتعدّى حكم أحد المالكين إلى الآخر ، فيجب شرط القطع.

وإن كانا في بستانين ، فقولان :

____________________

(١) اُنظر العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢١١ - ٢١٢.

(٢) بداية المجتهد ٢ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٥ ، المغني ٤ : ٢٢٣.

(٣) كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٩.

٣٥٤

أحدهما : القطع بأنّه لا عبرة به ، ولا نظر إلى بدوّ الصلاح في بستان غير البائع.

والثاني : أنّه إذا لم يفرق فيما إذا بدا فيه الصلاح من ذلك البستان ولم يدخل في البيع بين أن يكون ملك البائع أو ملك غيره ، فقياسه أن لا يفرق فيما بدا فيه الصلاح في بستانٍ آخر أيضاً إذا لم يشترط اتّحاد البستان(١) .

مسألة ١٦٠ : إذا باعه الثمرة قبل بدوّ الصلاح بشرط القطع ، جاز‌ إجماعاً على ما تقدّم ، ويجب الوفاء به على المشتري ( إذا لم يشترطه )(٢) على البائع.

ولو تراضيا على الترك جاز إجماعاً منّا ، وبه قال الشافعي(٣) ، وكان بدوّ الصلاح بمنزلة كبر العبد الصغير.

وقال أحمد : يبطل البيع وتعود الثمرة إلى البائع(٤) . وليس(٥)

ولو أبقاه المشتري ولم ينكر البائع أو أنكر ، فعلى المشتري اُجرة المثل عن مدّة الإبقاء.

تذنيب : لا فرق بين ما إذا اشترط القطع في مقطوع ينتفع به أو لا ينتفع به‌ ؛ عملاً بالأصل ، فلو شرط القطع فيما لا منفعة فيه - كالجوز والكُمَّثْرى - جاز.

وقال بعض الشافعيّة : لا يجوز البيع بشرط القطع إلّا إذا كان المقطوع‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٢.

(٢) بدل ما بين القوسين في « ق ، ك » : إلّا أن يشترطه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٠.

(٤) المغني ٤ : ٢٢١ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٢٣ - ٢٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٧.

(٥) كذا في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة. والظاهر : « ليس بجيّد ».

٣٥٥

ممّا ينتفع به ، كالحِصْرم واللوز(١) .

مسألة ١٦١ : لو كانت الأشجار للمشتري فباع الثمرة عليه بأن يبيع الشجرة من إنسان بعد ظهور الثمرة‌ ويُبقي الثمرة له ثمّ يبيع الثمرة من مشتري الشجرة ، أو يوصي بالثمرة لإنسان ثمّ يبيع الموصى له الثمرة من الوارث ، لم يشترط اشتراط القطع عندنا ؛ لما مرّ.

وأمّا المشترطون فقد اختلفوا هنا.

فقال أكثر الشافعيّة : إنّه يشترط شرط القطع في صحّة البيع ؛ لشمول الخبر ، وللمعنى أيضاً ؛ فإنّ المبيع هو الثمرة ، ولو تلفت لم يبق في مقابلة الثمن شي‌ء لكن يجوز له الإبقاء ، ولا يلزمه الوفاء بالشرط هنا ؛ إذ لا معنى لتكليفه قطع ثماره من أشجاره(٢) .

وقال بعضهم : لا حاجة إلى شرط القطع ؛ لأنّه يجمعهما ملك مالكٍ واحد ، فأشبه ما لو اشتراهما معاً(٣) .

ولو باع الشجرة وعليها ثمرة مؤبّرة ، بقيت للبائع ، فلا حاجة إلى شرط القطع ؛ لأنّ المبيع هو الشجرة وليست متعرّضةً للعاهات ، والثمرة مملوكة بحكم الدوام.

ولو كانت الثمرة غير مؤبّرة فاستثناها البائع لنفسه ، صحّ عندنا ، ولم يجب شرط القطع.

وللشافعيّة وجهان :

أحدهما : نعم ؛ لأنّ الثمار والحال هذه مندرجة لو لا الاستثناء ، فكان كملكٍ مبتدأ.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٠.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٠.

٣٥٦

وأصحّهما عندهم : أنّه لا يجب ؛ لأنّه في الحقيقة استدامة ملك ، فعلى هذا له الإبقاء إلى وقت الجذاذ. ولو صرّح بشرط الإبقاء ، جاز ، وعلى الأوّل لا يجوز(١) .

مسألة ١٦٢ : لو باع الثمار مع الاُصول قبل بدوّ الصلاح من غير شرط القطع ، جاز إجماعاً ؛ لقولهعليه‌السلام : « مَنْ باع نخلاً بعد أن تؤبّر فثمرتها للبائع إلّا أن يشترط المبتاع »(٢) دلّ على أنّه لو اشترطها ، كانت للمشتري ، وذلك هو بيع الثمرة مع الاُصول. ولأنّ الثمرة هنا تتبع الأصل ، والأصل غير معرّض للعاهة. ويحتمل في التابع(٣) ما لا يحتمل في غيره إذا اُفرد بالتصرّف ، كالحمل في البطن ، واللبن في الضرع ، والسقف مع الدار وأساسات الحيطان.

ولو شرط بائع الأصل والثمرة قطع الثمرة قبل بدوّ الصلاح ، لم يجز ؛ لتضمّنه الحجر عليه في ملكه.

مسألة ١٦٣ : لو باع الثمرة بعد بدوّ صلاحها ، جاز مطلقاً وبشرط القطع إجماعاً‌ ؛ للأصل السالم عن معارضة تطرّق الآفة.

ولو باعها حينئذٍ بشرط التبقية ، جاز عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(٤) - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الثمرة حتى‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١١.

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٨ / ٣٤٣٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٤٦ / ١٢٤٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٧ ، مسند الحميدي ٢ : ٢٧٧ / ٦١٣.

(٣) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : البائع. والصحيح ما أثبتناه.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٦ ، التلقين ٢ : ٣٧٢ ، المعونة ٢ : ١٠٠٦ ، المغني ٤ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٦٣.

٣٥٧

تزهي(١) ، وقد ثبت أنّه إنّما نهى عنه قبل أن تزهي عن بيعٍ يتضمّن التبقية ؛ لأنّه يجوز شرط القطع عند أبي حنيفة مطلقاً(٢) ، فثبت أنّ الذي أجازه هو الذي نهى عنه(٣) .

ولأنّ النقل والتحويل يجوز في البيع بحكم العرف ، فإذا شُرط جاز ، كما لو شرط أن ينقل الطعام من ملك البائع حسب الإمكان ، فإنّه يجوز.

ولأنّ النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ، والحكم بعد الغاية يخالف الحكم قبلها.

ثمّ عند الإطلاق يجوز الإبقاء [ إلى ](٤) أوان الجذاذ ؛ للعرف. وشرط التبقية تصريح بما هو من مقتضيات العقد.

وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يجوز بشرط التبقية ، ويجب القطع في الحال في صورة الإطلاق ، إلّا أنّ محمّداً يقول : إذا تناهى عظم الثمرة ، جاز فيها شرط التبقية ؛ لأنّ هذا شرط الانتفاع بملك البائع على وجه لا يقتضيه العقد ، كما لو شرط تبقية الطعام في منزله(٥) .

والجواب : نسلّم الملازمة ، ونمنع بطلان التالي ، وما لا يقتضيه العقد يجوز اشتراطه إذا لم يُناف العقد ولا الشرع. وشَرْطُ تبقية الطعام في منزله جائز عندنا.

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٠١ ، سنن النسائي ٧ : ٢٦٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٠ ، الموطّأ ٢ : ٦١٨ / ١١.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٥ ، المغني ٤ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٦٣ - ٢٦٤.

(٣) كذا ورد قوله : « وقد ثبت نهى عنه » في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة ، فلا حظ.

(٤) أضفناها لأجل السياق.

(٥) المغني ٤ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٦٣ - ٢٦٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩٣ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٦.

٣٥٨

مسألة ١٦٤ : يجوز عندنا بيع الثمار بعد بدوّ صلاحها مع ما يحدث بعدها في تلك السنة أو سنة أخرى‌ - وبه قال مالك(١) - لما تقدّم(٢) من قول الصادقعليه‌السلام وقد سُئل عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين أو أربع سنين : « لا بأس به » وإذا جاز(٣) ذلك قبل بدوّ الصلاح فبعده أولى.

ومَنَع الشافعي منه(٤) وليس بجيّد.

مسألة ١٦٥ : حدّ بدوّ الصلاح في ثمرة النخل تغيّر اللون من الخضرة‌ - التي هي لون البَلَح - إلى الحمرة أو الصفرة - وهو قول أكثر الجمهور(٥) - لما رواه العامّة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « حتى تزهي » قيل : يا رسول الله وما تزهي؟ قال : « حتى تحمرّ أو تصفرّ »(٦) .

وفي حديثٍ آخر : « حتى تحمارّ أو تصفارّ »(٧) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « حتى يزهو » قلت : وما الزهو؟ قال : « حتى يتلوّن »(٨) .

وعن الرضاعليه‌السلام : « حتى يزهو » قال الراوي : قلت : وما الزهو جُعلت فداك؟ قال : « يحمرّ ويصفرّ وشبه ذلك »(٩) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٦.

(٢) في ص : ٣٤٦.

(٣) في « ق ، ك » : أجاز.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٩.

(٥) المغني ٤ : ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠١ - ٣٠٧.

(٦) أورده الماوردي في الحاوي الكبير ٥ : ١٩٤ ، والرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٠.

(٧) صحيح البخاري ٣ : ١٠١ ، المغني ٤ : ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٣١٠.

(٨) الكافي ٥ : ١٧٦ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٨٤ / ٣٥٩ ، الاستبصار ٣ : ٨٦ / ٢٩٤.

(٩) الكافي ٥ : ١٧٥ / ٣ ، الفقيه ٣ : ١٣٣ / ٥٨٠ ، التهذيب ٧ : ٨٥ / ٣٦٣ ، الاستبصار ٣ : ٨٧ / ٢٩٨.

٣٥٩

وحكي عن بعض الفقهاء أنّه قال : بدوّ الصلاح في الثمار بطلوع الثريّا(١) ؛ لأنّ ابن عمر روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة ، فقال له عثمان بن عبد الله بن سراقة : متى ذلك؟ قال : إذا طلع الثريّا(٢) .

والجواب : هذه التتمّة من قول ابن عمر لا من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلا عبرة به ، وإنّما قال ذلك بناء على عادة أهل تلك البلاد أنّ طلوع الثريّا إنّما يكون عند بلوغ الثمرة ، وإلّا فهو مختلف في البلاد. والغرض ببلوغ الثمرة زوال الغرر الحاصل من تطرّق العاهة ، وذلك يحصل ببلوغها لا بطلوع الثريّا.

الثاني : في ثمرة الأشجار.

مسألة ١٦٦ : لا يجوز بيع ثمرة الشجرة(٣) قبل ظهورها عاماً واحداً‌ إجماعاً ، لأنّها معدومة ، فكانت كبيع الملاقيح والمضامين ، إذ لا فرق بينهما ، فإنّ كلّ واحد منهما نماء وثمرة مستكنّ في أصله لم يبرز إلى الخارج.

وهل يجوز بيعها قبل ظهورها عامين؟ الأقوى عندي : المنع ، وقد تقدّم البحث فيه في ثمرة النخل ، والخلاف هنا كما هو ثمّ.

وكذا لو باع الثمرة قبل ظهورها منضمّة إلى شي‌ء آخر.

مسألة ١٦٧ : ويجوز بيع ثمرة الشجرة(٤) بعد ظهورها وإن لم يَبْدُ صلاحها سنة‌ ، وبعده بشرط القطع ومطلقاً وبشرط التبقية ؛ لما مرّ.

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٥١.

(٢) مسند أحمد ٢ : ١٤٦ / ٥٠٨٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٠.

(٣و٤) في « ق ، ك ‍» : الشجر.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571