مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام10%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77937 / تحميل: 4607
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا»(١) .

١٨ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز مسلم بن عوسجة مرتجزا :

إن تسألوا عنّى فانّى ذو لبد

من فرع قوم فى ذرى بنى أسد

فمن بغانا حائد عن الرشد

وكافر بدين جبّار صمد

فقاتل حتّى قتله مسلم الضبابى وعبد الرحمن البجلى(٢) .

١٩ ـ قال ابن طاوس : ثمّ خرج مسلم بن عوسجة فبالغ فى قتال الاعداء ، وصبر على أهوال البلاء ، حتّى سقط الى الأرض وبه رمق فمشى إليه الحسينعليه‌السلام ، ومعه حبيب بن مظاهر ، فقال له الحسينعليه‌السلام : رحمك الله يا مسلم «منهم( مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) ودنا منه حبيب وقال عزّ علىّ مصرعك يا مسلم أبشر بالجنّة فقال له مسلم قولا ضعيفا بشّرك الله.

ثمّ قال له حبيب لو لا أننى أعلم انى فى الاثر لأحببت أن توصى الىّ بكلّ ما أهمك فقال له مسلم فانى اوصيك بهذا وأشار إلى الحسينعليه‌السلام ، فقاتل دونه حتّى تموت ، فقال له حبيب لأنعمنّك عينا ثمّ مات رضوان الله عليه(٣) .

٢٠ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى الحسين بن عقبة المرادى ، قال الزبيدى : إنّه سمع عمرو بن الحجّاج حين دنا من أصحاب الحسين ، يقول : يا أهل الكوفة ، الزموا طاعتكم وجماعتكم ، ولا ترتابوا فى قتل من مرق من الدين ، وخالف الامام ، فقال له الحسين : يا عمرو بن الحجّاج ، أعليّ تحرّض الناس؟ أنحن مرقنا وأنتم ثبتم عليه؟ أما والله لتعلمنّ لو قد قبضت أرواحكم ، ومتّم على

__________________

(١) اعلام الورى : ٢٤١.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٨.

(٣) اللهوف : ٤٦.

٦١

أعمالكم ، أيّنا مرق من الدّين ، ومن هو أولى بصلى النار! قال : ثمّ إنّ عمرو بن الحجّاج حمل على الحسين فى ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات ، فاضطربوا ساعة ، فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي أوّل أصحاب الحسين.

ثمّ انصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، وارتفعت الغبرة ، فاذا هم به صريع ، فمشى إليه الحسين فاذا به رمق ، فقال : رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة ،( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) ودنا منه حبيب بن مظاهر ، فقال : عزّ علىّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنّة فقال له مسلم قولا ضعيفا : بشرك الله بخير! فقال له حبيب : لو لا انّى أعلم أنّى فى أثرك لا حق بك من ساعتى هذه ، لأحببت أن توصينى بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك فى كلّ ذلك بما أنت أهل له فى القرابة والدين ، قال : بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين ـ أن تموت دونه ، قال : أفعل وربّ الكعبة.

قال : فما كان بأسرع من أن مات فى أيديهم ، وصاحت جارية له فقالت : يا ابن عوسجاه! يا سيّداه! فتنادى أصحاب عمرو بن الحجّاج : قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي ، فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه : ثكلتكم أمهاتكم! إنمّا تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلّلون أنفسكم لغيركم ، تفرحون أن يقتل مثل مسلم ابن عوسجة! أما والّذي أسلمت له لربّ موقف له قد رأيته فى المسلمين كريم! لقد رأيته يوم سلق آذربيجان قتل ستّة من المشركين قبل أن تتامّ خيول المسلمين ، أفيقتل منكم مثله ، وتفرحون! قال : وكان الّذي قتل مسلم بن عوسجة مسلم بن عبد الله الضبّابى وعبد الرحمن بن أبى خشكارة البجلى(١)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٣٥.

٦٢

٣ ـ شهادة حبيب بن مظاهر الاسدى

٢١ ـ روى الطبرى عن أبى مخنف أن زهير بن القين فى رجال من أصحابه حمل على شمر بن ذى الجوشن وأصحابه ، فكشفهم عن البيوت حتّى ارتفعوا عنها ، فصرعوا أبا عزّة الضّبابى فقتلوه ، فكان من أصحاب شمر ، وتعطّف الناس عليهم فكثروهم ، فلا يزال الرجل من أصحاب الحسين قد قتل ، فاذا قتل منهم الرجال والرّجلان تبيّن فيهم ، وأولئك كثير لا تبيّن فيهم ما يقتل منهم ، قال : فلمّا رأى ذلك أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدى قال للحسين.

يا أبا عبد الله ، نفسى لك الفداء! إنّى أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، ولا والله لا تقتل حتّى اقتل دونك إن شاء الله ، وأحبّ أن ألقى ربّى وقد صلّيت هذه الصلاة الّتي دنا وقتها ، قال : فرفع الحسين رأسه ثمّ قال : ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلّين الذاكرين نعم ، هذا أوّل وقتها ، ثمّ قال : سلوهم أن يكفّوا عنّا حتّى نصلّى ، فقال لهم الحصين بن تميم : إنّها لا تقبل.

فقال له حبيب بن مظاهر : لا تقبل زعمت الصلاة من آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تقبل وتقبل منك يا حمار! قال : فحمل عليهم حصين بن تميم ، وخرج إليه حبيب بن مظاهر ، فضرب وجه فرسه بالسيف ، فشبّ ووقع عنه ، وحمله أصحابه فاستنقذوه ، وأخذ حبيب يقول :

أقسم لو كنّا لكم أعدادا

أو شطركم ولّيتم أكتادا

يا شرّ قوم حسبا وادا

قال وجعل يقول يومئذ :

أنا حبيب وأبى مظاهر

فارس هيجاء وحرب تسعر

٦٣

أنتم أعدّ عدّة وأكثر

ونحن أوفى منكم وأصبر

ونحن أعلى حجّة وأظهر

حقّا وأتقى منكم وأعذر

قاتل قتالا شديدا ، فحمل عليه رجل من بنى تميم فضربه بالسيف على رأسه فقتله ـ وكان يقال له : بديل بن صريم من بنى عقفان ـ وحمل آخر من بنى تميم فطعنه فوقع ، فذهب ليقوم ، فضربه الحصين بن تميم ، على رأسه بالسيف ، فوقع ، ونزل إليه التميمى فاحتزّ رأسه ، فقال له الحصين : إنّى لشريكك فى قتله ، فقال الآخر : والله ما قتله غيرى ، فقال الحصين : اعطنيه أعلّقه فى عنق فرسى كيما يرى الناس ويعلموا أنى شركت فى قتله.

ثمّ خذه أنت بعد فامض به الى عبيد الله بن زياد ، فلا حاجة لى فيما تعطاه على قتلك إياه. قال : فأبى عليه ، فأصلح قومه فيما بينهما على هذا ، فدفع إليه رأس حبيب ابن مظاهر ، فجال به فى العسكر قد علّقه فى عنق فرسه ، ثمّ دفعه بعد ذلك إليه ، فلمّا رجعوا الى الكوفة أخذ الآخر رأس حبيب فعلقه فى لبان فرسه ، ثمّ أقبل به إلى ابن زياد فى القصر ، فبصر به ابنه القاسم بن حبيب ، وهو يومئذ قد راهق ، فأقبل مع الفارس لا يفارقه ، كلّما دخل القصر دخل معه ، وإذا خرج خرج معه ، فارتاب به.

فقال مالك يا بنىّ تتبعنى! قال : لا شيء ، قال : بلى ، يا بنىّ أخبرنى ، قال له : إنّ هذا الرأس الذي معك رأس أبى ، أفتعطينيه حتّى أدفنه؟ قال : يا بنىّ لا يرضى الامير أن يدفن ، وأنا أريد أن يثيبنى الأمير على قتله ثوابا حسنا ، قال له الغلام : لكنّ الله لا يثيبك على ذلك إلّا أسوأ الثواب ، أما والله لقد قتلت خيرا منك وبكى ، فمكث الغلام حتّى اذا أدرك لم يكن له همّة إلّا اتّباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرّة فيقتله بأبيه.

فلمّا كان زمان مصعب بن الزبير وغزا مصعب باجميرا ، دخل عسكر مصعب فاذا قاتل أبيه فى فسطاطه ، فأقبل يختلف فى طلبه والتماس غرّته ، فدخل عليه وهو

٦٤

قائل نصف النهار فضربه بسيفه حتّى برد(١) .

٢٢ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنى محمّد بن قيس ، قال : لما قتل حبيب بن مظاهر ، هدّ ذلك حسينا وقال عند ذلك ، أحتسب نفسى وحماة أصحابى(٢) .

٢٣ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز حبيب بن مظاهر الأسدي ، قائلا :

إنّى حبيب وأبى مظاهر

فارس هيجاء وحرب تسعر

وأنتم عند العديد أكثر

ونحن أعلى حجّة وأقهر

فقتل اثنين وستّين رجلا قتله الحصين بن نمير ، وعلّق رأسه فى عنق فرسه ثمّ صلّى الحسينعليه‌السلام بهم الظّهر ، صلاة شدّة الخوف(٣) .

٤ ـ شهادة زهير بن القين

٢٤ ـ قال المفيد : فحمل عليهم زهير بن القين فى عشرة رجال من أصحاب الحسينعليه‌السلام ، فكشفوهم عن البيوت وعطف عليهم شمر بن ذى الجوشن ، فقتل من القوم وردّ الباقين إلى مواضعهم ، وكان القتل يبيّن فى أصحاب الحسينعليه‌السلام لقلّة عددهم ولا يتبيّن فى أصحاب عمر بن سعد لكثرتهم ، واشتدّ القتال والتحم وكثر القتل والجراح فى أصحاب أبى عبد الله الحسينعليه‌السلام ، إلى أن زالت الشمس ، فصلّى الحسينعليه‌السلام بأصحابه صلاة الخوف(٤) .

٢٥ ـ قال الفتال : ثمّ خرج زهير بن القين البجلى ، وهو يقول مخاطبا للحسينعليه‌السلام .

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٣٩.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٠.

(٣) المناقب : ٢ / ٢١٩.

(٤) الارشاد : ٢٢٢.

٦٥

اليوم نلقا جدك النبيّا

وحسنا والمرتضى عليّا

فقتل منهم تسعة عشر رجلا ثمّ صرع وهو يقول :

أنا زهير وأنا ابن القين

أذبّكم بالسيف عن حسين(١)

٢٦ ـ قال ابن طاوس : حضرت صلاة الظهر ، فأمر الحسينعليه‌السلام زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفى ، أن يتقدّما أمامه بنصف من تخلّف معه ، ثمّ صلّى بهم صلاة الخوف ، فوصل الى الحسينعليه‌السلام سهم ، فتقدّم سعيد بن عبد الله الحنفى ، ووقف يقيه بنفسه ما زال ولا تخطّى ، حتّى سقط إلى الارض ، وهو يقول : اللهمّ العنهم لعن عاد وثمود ، اللهمّ ابلغ نبيّك عنى السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فانّى أردت ثوابك فى نصر ذرّية نبيّك ثمّ قضى نحبه رضوان الله عليه فوجد به ثلاثة عشر سهما سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح(٢) .

٢٧ ـ قال اليعقوبى : خرج زهير بن القين على فرس له فنادى : يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله نذار ، عباد الله ولد فاطمة أحقّ بالودّ والنصر من ولد سميّة ، فان لم تنصروهم ، فلا تقاتلوهم ، أيّها الناس إنّه ما أصبح على ظهر الأرض ابن بنت نبى إلّا الحسين فلا يعين أحد على قتله ولو بكلمة إلّا نغصه الله الدنيا وعذبه أشدّ عذاب الآخرة ثمّ تقدّموا رجلا رجلا حتّى بقى وحده ما معه أحد من أهله ولا ولده ولا أقاربه(٣) .

٢٨ ـ قال المقرم : وخرج بعده زهير بن القين فوضع يده على منكب الحسين وقال مستأذنا :

أقدم هديت هاديا مهديا

فاليوم ألقى جدّك النبيا

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٦٠.

(٢) اللهوف : ٤٨.

(٣) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢١٣.

٦٦

وحسنا والمرتضى عليا

وذا الجناحين الفتى الكميّا

وأسد الله الشهيد الحيا

فقال الحسين : وأنا ألقاهما على أثرك وفى حملاته يقول :

أنا زهير وأنا ابن القين

أذودكم بالسيف عن حسين

فقتل مائه وعشرين ، ثمّ عطف عليه كثير بن عبد الله الشعبى ، والمهاجرين أوس ، فقتلاه ، فوقف الحسين وقال : لا يبعدنّك الله يا زهير ، ولعن قاتليك لعن الّذين مسخوا قردة وخنازير(١) .

٢٩ ـ قال الطبرى : وقاتل زهير بن القين قتالا شديدا ، وأخذ يقول :

أنا زهير وأنا ابن القين

أذودهم بالسيف عن حسين

قال وأخذ يضرب على منكب حسين ويقول :

أقدم هديت هاديا مهديا

فاليوم ألقى جدّك النبيا

وحسنا والمرتضى عليا

وذا الجناحين الفتى الكميّا

وأسد الله الشهيد الحيّا

قال : فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبى ومهاجر بن أوس فقتلاه(٢) .

٥ ـ شهادة حنظلة بن اسعد

٣٠ ـ قال المفيد وتقدّم حنظلة بن أسعد الشبامى بين يدى الحسينعليه‌السلام ، فنادى يا أهل الكوفة( يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ ) يا قوم لا تقتلوا حسينا( فَيُسْحِتَكُمْ ) الله( بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ

__________________

(١) مقتل الحسين : ٢٨١.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤١.

٦٧

مَنِ افْتَرى ) ثمّ تقدّم فقاتل حتّى قتل رحمة الله عليه(١) .

٣١ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى وجاء حنظلة بن اسعد الشبامى فوقف بين يدى الحسين يقيه السهام ، والرماح والسيوف بوجهه ونحره ، وأخذ ينادى( يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ، وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ ) يا قوم لا تقتلوا حسينا( فَيُسْحِتَكُمْ ) الله( بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى ) ثمّ التفت الى الحسينعليه‌السلام فقال له أفلا نروح الى ربّنا ، ونلحق باخواننا فقال : بلى رح الى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا يبلى ، فتقدّم فقاتل قتال الابطال وصبر على احتمال الأهوال حتّى قتل رضوان الله عليه(٢) .

٣٢ ـ قال الطبرى : جاء حنظلة بن أسعد الشبامىّ فقام بين يدى حسين ، فأخذ ينادى :( يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ، وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ. يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) يا قوم لا تقتلوا حسينا( فَيُسْحِتَكُمْ ) الله( بِعَذابٍ (وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى ) .

فقال له حسين : يا ابن أسعد ، رحمك الله ، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين! قال : صدقت ، جعلت فداك! أنت أفقه منّى وأحقّ بذلك ، أفلا نروح الى الآخرة ونلحق بأخواتنا؟ فقال : رح إلى خير من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا يبلى ، فقال : السلام عليك أبا عبد الله ، صلى الله عليك و

__________________

(١) الارشاد : ٢٢٢.

(٢) اللهوف : ٤٧.

٦٨

على أهل بيتك ، وعرّف بيننا وبينك فى جنّته ، فقال : آمين آمين ، فاستقدم فقاتل حتّى قتل(١) .

٦ ـ شهادة شوذب مولى شاكر

٣٣ ـ قال المفيد : تقدّم بعده شوذب مولى شاكر فقال : السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته استودعك الله ثمّ قاتل حتّى قتل رحمة الله عليه(٢) .

٧ ـ شهادة عابث بن شبيب

٣٤ ـ قال المفيد : وتقدّم عابس بن شبيب الشاكرى ، فسلّم على الحسينعليه‌السلام وودّعه وقاتل حتّى قتل(٣) .

٣٥ ـ قال المقرّم : أقبل عابس بن أبى شبيب الشاكرى على شوذب مولى شاكر ، وكان شوذب من الرجال المخلصين وداره مألفا للشيعة يتحدّثون فيها فضل أهل البيت ، فقال : يا شوذب ما فى نفسك أن تصنع؟ قال : اقاتل معك حتّى اقتل فجزاه خيرا وقال له: تقدّم بين يدى أبى عبد اللهعليه‌السلام حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك وحتّى أحتسبك ، فان هذا يوم نطلب فيه الأجر ، بكلّ ما نقدر عليه ، فسلم شوذب على الحسين وقاتل حتّى قتل.

فوقف عابس امام أبى عبد اللهعليه‌السلام ، وقال : ما أمسى على ظهر الأرض

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٣.

(٢) الارشاد : ٢٢٢.

(٣) الارشاد : ٢٢٢.

٦٩

قريب ولا بعيد أعزّ علىّ منك ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك بشيء أعزّ علىّ من نفسى لفعلت ، السلام عليك أشهد أنى على هداك وهدى أبيك ومشى نحو القوم مصلتا سيفه وبه ضربة على جبينه فنادى ألا رجل فاحجموا عنه لأنّهم عرفوه أشجع الناس.

فصاح عمر بن سعد : ارضخوه بالحجارة فرمى بها فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره وشدّ على الناس وانّه ليطرد أكثر من مائتين ثمّ تعطفوا عليه من كلّ جانب فقتل فتنازع ذووا عدّة فى رأسه ، فقال ابن سعد : هذا لم يقتله واحد وفرّق بينهما بذلك(١) .

٣٦ ـ قال الطبرى : جاء عابس بن أبى شبيب الشاكرى ، ومعه شوذب مولى شاكر ، فقال : يا شوذب ، ما فى نفسك أن تصنع؟ قال : ما أصنع! أقاتل معك دون ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى أقتل ، قال : ذلك الظنّ بك ، فتقدّم بين يدى أبى عبد الله حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه ، وحتّى أحتسبك أنا ، فانّه لو كان معى الساعة أحد أنا أولى به منّى بك لسرّنى أن يتقدّم بين يدى حتّى أحتسبه ، فان هذا يوم ينبغى لنا أن نطلب الأجر فيه بكلّ ما قدرنا عليه ، فانّه لا عمل بعد اليوم ، وإنمّا هو الحساب.

قال : فتقدّم فسلّم على الحسين ، ثمّ مضى فقاتل حتّى قتل. ثمّ قال عابس بن أبى شبيب : يا أبا عبد الله ، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ علىّ ولا أحبّ الىّ منك ، ولو قدرت على أن أنفع عنك الضّيم والقتل بشيء أعزّ علىّ من نفسى ودمى لفعلته ، السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد الله أنى على هديك وهدى أبيك ، ثمّ مشى بالسيف مصلتا نحوهم وبه ضربة على جبينه(٢)

__________________

(١) مقتل الحسين : ٢٨٧.

(٢) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٣.

٧٠

٣٧ ـ عنه قال أبو مخنف حدّثنى نمير بن وعلة ، عن رجل من بنى عبد ، من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم ، قال : لما رأيته مقبلا عرفته وقد شاهدته فى المغازى ، وكان أشجع الناس ، فقلت : أيّها الناس ، هذا الأسد الأسود ، هذا ابن أبى شبيب ، لا يخرجنّ إليه أحد منكم ، فأخذ ينادى : ألا رجل لرجل! فقال عمر بن سعد : ارضخوه بالحجارة ، قال : فرمى بالحجارة من كلّ جانب فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ، ثمّ شدّ على الناس ، فو الله لرأيته يكرد أكثر من مأتين من الناس ، ثمّ إنّهم تعطّفوا عليه من كلّ جانب فقتل.

قال : فرأيت رأسه فى أيدى رجال ذوى عدّة ، هذا يقول : أنا قتلته ، وهذا يقول : أنا قتلته ، فأتوا عمر بن سعد فقال : لا تختصموا ، هذا لم يقتله انسان واحد ، ففرّق بينهم بهذا القول(١) .

٨ ـ شهادة يزيد بن الحصين

٣٨ ـ قال الفتال : فبلغ العطش من الحسينعليه‌السلام وأصحابه فدخل عليه رجل من شيعته يقال له يزيد بن الحصين الهمدانيّ ، فقال : يا ابن رسول الله أتأذن لى أن أخرج إليهم فأكلّمهم ، فاذن له فخرج إليهم فقال : يا معشر الناس إنّ اللهعزوجل بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحقّ بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا ، وهذا ماء الفرات يقع فيه خنازير السواد ، وكلابها وقد حيل بينه وبين ابنه فقالوا يا يزيد فقد اكثرت الكلام فاكفف عنّا فو الله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله فقال الحسينعليه‌السلام : اقعد يا يزيد(٢)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٤.

(٢) روضة الواعظين : ١٥٩.

٧١

٩ ـ شهادة برير بن الخضير

٣٩ ـ قال الفتال : ثمّ برز من بعده برير بن الخضير الهمدانيّ ، وكان أقرأ أهل زمانه ، وهو يقول :

أنا برير وأبى خضير

لا خير فيمن ليس فيه خير

فقتل منهم ثلثين رجلا ثمّ قتل رضوان الله عليه(١) .

٤٠ ـ قال ابن شهرآشوب : فقال الحسينعليه‌السلام لبرير : احتجّ عليهم ، فتقدّم إليهم ووعظهم فضحكوا منه ورشقوه(٢) .

٤١ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى : وخرج برير بن خضير وكان زاهدا عابدا فخرج إليه يزيد بن المغفل ، فاتفقا على المباهلة إلى الله تعالى فى أن يقتل المحقّ منها المبطل وتلاقيا فقتله برير ولم يزل يقاتل حتّى قتل رضوان الله عليه(٣) .

٤٢ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى يوسف بن يزيد عن عفيف بن زهير بن أبى الأخنس ، وكان قد شهد مقتل الحسين قال : وخرج يزيد بن معقل من بنى عميرة بن ربيعة وهو حليف لبنى سليمة من عبد القيس ، فقال : يا برير بن خضير ، كيف ترى الله صنع بك! قال : صنع الله والله بى خيرا ، وصنع الله بك شرّا ، قال : كذبت ، وقبل اليوم ما كنت كذّابا ، هل تذكر وأنا أماشيك فى بنى لوذان وأنت تقول : إنّ عثمان بن عفان كان على نفسه مسرفا ، وإنّ معاوية بن أبى سفيان ضالّ مضلّ ، وإنّ إمام الهدى والحقّ علىّ بن أبى طالب؟

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٦٠.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٦.

(٣) اللهوف : ٢٥.

٧٢

فقال له برير : أشهد أنّ هذا رأيى وقولى ، فقال له يزيد بن معقل ، فانّى أشهد أنّك من الضالّين ، فقال له برير بن خضير ، هل لك فلأباهلك ، ولندع الله أن يلعن الكاذب وأن يقتل المبطل ، ثمّ أخرج فلأبارزك ، قال : فخرجا فرفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب ، وأن يقتل المحقّ المبطل ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه ، فاختلفا ضربتين ، فضرب يزيد بن معقل برير بن خضير ضربة خفيفة لم تضرّه شيئا ، وضربه برير بن خضير ضربة قدّت المغفر ، وبلغت الدماغ ، فخرّ كأنّما هوى من حالق ، وانّ سيف ابن خضير لثابت فى رأسه.

فكأنّى أنظر إليه ينضنضه من رأسه ، وحمل عليه رضى بن منقذ العبدىّ ، فاعتنق بريرا ، فاعتركا ساعة ، ثمّ إنّ بريرا قعد على صدره فقال رضى أين أهل المصارع والدفاع؟ قال : فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدى ، ليحمل عليه ، فقال : إنّ هذا برير بن خضير القارى الذي كان يقرئنا القرآن فى المسجد ، فحمل عليه بالرمح حتّى وضعه فى ظهره ، فلمّا وجد مسّ الرمح برك عليه فعضّ بوجهه ، وقطع طرف أنفه ، فطعنه كعب ابن جابر حتّى القاه عنه ، وقد غيّب السنان فى ظهره.

ثمّ أقبل عليه يضربه بسيفه حتّى قتله ، قال عفيف : كأنّى أنظر إلى العبدى الصريع قام ينفض التراب عن قبائه ، ويقول : أنعمت علىّ يا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبدا ، قال : فقلت : أنت رأيت هذا؟ قال : نعم ، رأى عينى وسمع أذنى ، فلمّا رجع كعب بن جابر ، قالت له امرأته ، أو أخته النوار بنت جابر ، أعنت على ابن فاطمة ، وقتلت سيّد القراء ، لقد أتيت عظيما من الامر ، والله لا اكلّمك من رأسى كلمة أبدا(١)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٣١.

٧٣

١٠ ـ شهادة مالك بن انس الكاهلى

٤٢ ـ قال الفتال : برز مالك ابن أنس الكاهلى وهو يقول :

قد علمت كاهلها ودودان

والخندفيّون وقيس عيلان

بأنّ قومى قصم الاقران

يا قوم كونوا كاسود الجان

آل علىّ شيعة الرّحمن

وآل حرب شيعة الشيطان

فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثمّ قتل رحمة الله عليه(١) .

٤٣ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز مالك بن أنس الكاهلى ، وقال :

آل علىّ شيعة الرّحمن

وآل حرب شيعة الشيطان

فقتل أربعة عشر رجلا(٢) .

١١ ـ شهادة يزيد زياد بن المهاصر

٤٤ ـ قال الفتال : وبرز من بعده يزيد زياد بن مهاجر أو مهاصر الكندى فحمل عليهم وأنشأ يقول :

أنا زياد وأبى مهاصر

أشجع من ليس القرين الحادر

يا ربّ انّى للحسين ناصر

ولابن سعد تارك مهاجر

فقتل منهم تسعة ثمّ قتل رضوان الله عليه(٣) .

__________________

(١) روضة الواعظين : ١٦١.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٨.

(٣) روضة الواعظين : ١٦١.

٧٤

٤٥ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى فضيل بن خديج الكندى أنّ يزيد بن زياد ، وهو أبو الشعثاء الكندىّ من بنى بهدلة جثا على ركبتيه بين يدى الحسين ، فرمى بمائة سهم ما سقط منها خمسة أسهم ، وكان راميا فكان كلّما رمى قال : أنا ابن بهدلة ، فرسان العرجلة ، ويقول حسين : اللهمّ سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنّة ، فلمّا رمى بها قام فقال : ما سقط منها إلّا خمسة أسهم ، ولقد تبيّن لى أنى قد قتلت خمسة نفر ، وكان فى أوّل من قتل ، وكان رجزه يومئذ :

أنا يزيد وأبى مهاصر

أشجع من ليث بغيل خادر

يا ربّ انّى للحسين ناصر

ولابن سعد تارك وهاجر

وكان يزيد بن زياد بن المهاصر ممّن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين ، فلمّا ردّوا الشروط على الحسين مال إليه فقاتل معه حتّى قتل(١) .

١٢ ـ شهادة وهب بن وهب

٤٦ ـ قال الفتال : برز وهب بن وهب وكان نصرانيّا أسلم على يد الحسينعليه‌السلام هو وامّه فاتبعوه إلى كربلا فركب فرسا وتناول بيده عود الفسطاط ، فقاتل وقتل من القوم سبعة أو ثمانية ثمّ استوسر ، فاتى عمر بن سعد لعنه الله فامر بضرب عنقه ، ورمى به إلى عسكر الحسينعليه‌السلام ، فاخذت امّه سيفه وبرزت فقال لها الحسينعليه‌السلام : يا أمّ وهب اجلسى فقد وضع الله الجهاد عن النساء ، انّك وابنك مع جدّى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فى الجنّة(٢) .

٤٧ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز وهب بن عبد الله الكلبى وهو يرتجز :

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٥.

(٢) روضة الواعظين : ١٦١.

٧٥

إن تنكرونى فانا ابن الكلب

سوف ترونى وترون ضربى

وحملتى وصولتى فى الحرب

أدرك ثارى بعد ثارى صحبى

وأدفع الكرب امام الكرب

ليس جهادى فى الوغى باللعب

فلم يزل يقاتل حتّى قتل منهم جماعة ثمّ قال لامّه يا امّاه أرضيت أم لا فقالت ما أرضى أو تقتل بين يدى الحسين فرجع قائلا :

إنّى زعيم لك أمّ وهب

بالطعن فيهم تارة والضّرب

ضرب غلام موقن بالرب

حتّى يذوق القوم مرّ الحرب

أنّى امرؤ ذو مرّة وغضب

حسبى إلهى من عليم حسبى

فلم يزل حتّى قتل تسعة عشر فارسا واثنى عشر راجلا ثمّ قطعت يمينه واخذ اسيرا(١) .

١٣ ـ شهادة عمرو بن خالد

٤٨ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز عمرو بن خالد الازدى قائلا :

اليوم يا نفسى الى الرحمن

تمضين بالروح وبالريحان

اليوم تجزين على الإحسان

ما خطّ فى اللوح لدى الديّان

لا تجزعى فكلّ حىّ فان(٢)

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٧.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٧.

٧٦

١٤ ـ شهادة خالد بن عمرو

٤٩ ـ ثمّ برز خالد بن عمرو وهو يقول :

صبرا على الموت بنى قحطان

كيما تكونوا فى رضى الرّحمن

ذى المجد والعزّة والبرهان

وذو العلى والطول والاحسان

فى قصر درّ حسن البنيان(١) .

١٥ ـ شهادة سعد بن حنظلة

٥٠ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز سعد بن حنظلة التميمى مرتجزا :

صبرا على الاسياف والأسنّة

صبرا عليها لدخول الجنّة

وحور عين ناعمات منّة

يا نفس للرّاحة فاجهدنّه

وفى طلاب الخير فارغبنّه(٢)

١٦ ـ شهادة عبد الله المذحجى

٥١ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز عبد الله المذحجى قائلا :

قد علمت سعد وحىّ مذحج

إنّى لدى الهيجاء غير مخرج

اعلوا بسيفى هامة المدجّج

واترك القرن لدى التعرّج

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٧.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٧.

٧٧

فريسة الذّئب الأذلّ الأعرج(١) .

١٧ ـ شهادة عبد الرحمن اليزني

٥٢ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز عبد الرّحمن بن عبد الله اليزني قائلا :

أنا ابن عبد الله من آل يزن

دينى على دين حسين وحسن

أضربكم ضرب فتى من اليمن

أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن(٢)

١٨ و ١٩ و ٢٠ ـ شهادة مجمع بن عبد الله ، وسعد مولى عمرو بن خالد وجابر بن الحارث

٥٣ ـ قال الطبرى : أمّا الصيداوى عمرو بن خالد ، وجابر بن الحارث السلمانىّ ، وسعد مولى عمرو بن خالد ، ومجمع بن عبد الله العائذى ، فانّهم قاتلوا فى أوّل القتال ، فشدّوا مقدمين بأسيافهم على الناس ، فلمّا وغلوا عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم ، وقطعوهم من أصحابهم غير بعيد ، فحمل عليهم العبّاس بن علىّ فاستنقذهم ، فجاءوا قد جرحوا ، فلمّا دنا منهم عدوّهم شدّوا بأسيافهم فقاتلوا فى أوّل الآمر حتّى قتلوا فى مكان واحد(٣)

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٨.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٨.

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٦.

٧٨

٢١ ـ شهادة سويد بن عمرو

٥٤ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى عبد الله بن عاصم ، عن الضحّاك ابن عبد الله المشرقىّ ، قال : لما رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا ، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ، ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبى المطاع الخثعمى وبشير بن عمرو الحضرمى ، قلت له : يا ابن رسول الله ، قد علمت ما كان بينى وبينك ، قلت لك : أقاتل عنك ما رأيت مقاتلا ، فاذا لم أر مقاتلا فأنا فى حلّ من الانصراف ، فقلت لى : نعم ، قال : فقال : صدقت ، وكيف لك بالنجاء! إن قدرت على ذلك فأنت فى حلّ.

قال فأقبلت الى فرسى وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر ، أقبلت بها حتّى أدخلتها فسطاطا لأصحابنا بين البيوت ، وأقبلت أقاتل معهم راجلا ، فقتلت يومئذ بين يدى رجلين ، وقطعت يد آخر ، وقال لى الحسين يومئذ مرارا ، لا تشلل لا يقطع الله يدك ، جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا أذن لى استخرجت الفرس من الفسطاط ، ثمّ استويت على متنها ، ثمّ ضربتها حتّى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم.

فأفرجوا لى ، واتبعنى منهم خمسة عشر رجلا حتّى انتهيت إلى شفية ، قرية قريبة من شاطئ الفرات ، فلمّا لحقونى عطفت عليهم ، فعرفنى كثير بن عبد الله الشعبىّ وأيّوب بن مشرح الخيوانىّ وقيس بن عبد الله الصائدىّ ، فقالوا : هذا الضحّاك بن عبد الله المشرقى ، هذا ابن عمّنا ، ننشدكم الله لما كففتم عنه! فقال ثلاثة نفر من بنى تميم كانوا معهم : بلى والله لنجيبنّ إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبّوا من الكفّ عن صاحبهم ، قال : فلمّا تابع التميميّون أصحابى كفّ الآخرون ، قال : فنجّانى

٧٩

الله(١) .

٥٥ ـ قال المقرم : لما أثخن بالجراح سويد بن عمرو بن أبى المطاع سقط لوجهه وظنّ أنّه قتل ، فلمّا قتل الحسين وسمعهم يقولون قتل الحسين ، أخرج سكينة كانت معه فقاتل بها وتعطفوا عليه ، فقتلوه وكان آخر من قتل من الأصحاب بعد الحسينعليه‌السلام (٢) .

٢٢ ـ ٢٣ ـ شهادة مالك بن عبد وسيف بن الحارث

٥٦ ـ روى الطبرى عن أبى مخنف : قال : وجاء الفتيان الجابريان : سيف بن الحارث بن سريع ، ومالك بن عبد بن سريع ، وهما ابنا عمّ ، وأخوان لأمّ ، فأتيا حسينا فدنوا منه وهما يبكيان ، فقال : أى ابنى أخى ، ما يبكيكما؟ فو الله إنّى لأرجو أن تكونا عن ساعة قريرى عين ، قالا : جعلنا الله فداك! لا والله ما على أنفسنا نبكى ، ولكنّا نبكى عليك ، نراك قد أحيط بك ، ولا نقدر على أن نمنعك ، فقال : جزاكما الله يا بنى أخى بوحدكما من ذلك ومواساتكما ايّاى بأنفسكما أحسن جزاء المتّقين(٣) .

٢٤ ـ شهادة عبد الله وعبد الرحمن ابنا عروة

٥٧ ـ قال الطبرى : فلمّا رأى أصحاب الحسين أنّهم قد كثروا ، وأنّهم لا

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٤.

(٢) مقتل الحسين : ٢٩٢.

(٣) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٢.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله: ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه.

ثم قام آخر فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب في وجهه - فقال:

ماذا تريدون من علي؟ - ثلاث مرات - إنّ علياً مني وأنا منه، وهو وليُّ كلّ مؤمن بعدي»(١) .

أقول:

ورجال هذه الأسانيد مذكورون في الكتاب، إلّا رجال الطريق الثالث:

فأمّا ( بشر بن موسى ) فقد قال:

الخطيب: « كان ثقة أميناً عاقلاً ركيناً »(٢) .

الدارقطني: « ثقة ».

وكان أحمد بن حنبل: يكرمه.

__________________

(١). المعجم الكبير ١٨ / ١٢٨.

(٢). تاريخ بغداد ٧ / ٨٦.

١٤١

ووصفه الذهبي بـ « الإمام الحافظ الثقة المعمّر »(١) .

وأمّا ( الحسن بن المتوكّل ) فهو: الحسن بن علي بن المتوكّل البغدادي.

ترجم له الخطيب وقال: « كان ثقة »(٢) .

وأمّا (خالد ) فهو: خالد بن أبي يزيد القرني.

ذكره الخطيب حيث قال: « خالد بن أبي يزيد - وقيل: خالد بن يزيد.

والصواب: ابن أبي يزيد - وهو خالد المزرقي، والقطربلي، والقرني روى عنه: محمّد بن الحسين البرجلاني وبشر بن موسى، والحسن بن علي بن المتوكل، وغيرهم

ولم يكن به بأس »(٣) .

* * *

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٥٢.

(٢). تاريخ بغداد ٧ / ٣٦٩.

(٣). تاريخ بغداد ٨ / ٣٠٤.

١٤٢

* وقال الحافظ الطبراني:

« حدثنا عبدالوهاب بن رواحة الرامهرمزي، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حد ثنا حسن بن عطيّة، قال حدّثنا سعّاد بن سليمان، عن عبدالله بن عطاء، عن عبدالله بن بريدة عن علي قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد، كلّ واحدٍ منهما وحده، وجمعهما فقال: إذا اجتمعتما فعليكم علي. قال: فأخذا يميناً ويساراً، فدخل علي فأبعد، فأصاب سبياً، فأخذ جاريةً من السبي.

قال بريدة: وكنت من أشدّ الناس بغضاً لعلي.

فأتى رجل خالد بن الوليد، فذكر أنه قد أخذ جاريةً من الخمس، فقال: ما هذا؟ ثم جاء آخر، ثم جاء آخر ثم تتابعت الأخبار على ذلك.

فدعاني خالد فقال: يا بريدة، قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فكتب إليه.

فانطلقت بكتابه. حتى دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخذ الكتاب بشماله - وكان كما قال الله عزّ وجلّ لا يقرأ ولا يكتب - فقال: وكنت إذا تكلّمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي فتكلّمت.

فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي.

فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غضب غضباً لم أره غضب مثله إلّا

١٤٣

يوم قريظة والنضير. فنظر إليَّ فقال:

يا بريدة، أحبَّ عليّاً، فإنما يفعل ما يؤمر به.

قال: فقمت وما من الناس أحد أحبَّ إليَّ منه »(١) .

أقول:

أمّا ( عبدالوهاب بن رواحة ) فهو:

من مشايخ الطبراني. قال السمعاني: « وعبدالوهاب بن رواحة الرامهرمزي، يروي عن أبي كريب محمّد بن العلاء الهمداني الكوفي. روى عنه سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني »(٢) .

وأمّا ( أبو كريب ) فهو: محمّد بن العلاء الهمداني الكوفي.

من رجال الصحاح الستّة.

ومن مشايخ: الذهلي، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وعبدالله، وأبي يعلى، ومطيّن، والفريابي، وابن خزيمة، وآخرين.

وأمّا (الحسن بن عطيّة ) وسائر رجال السّند، فتراجمهم موجودة في الكتاب فيما تقدم ويأتي.

* * *

__________________

(١). المعجم الأوسط ٥ / ٤٢٥.

(٢). الأنساب - الرامهرمزي.

١٤٤

* وقال الحافظ أبو نعيم الإصبهاني:

« حدثنا عبدالله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبدالله، ثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنيّة، عن الحكم، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن بريدة، قال:

غزوت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوةً، فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكرت عليّاً، فتنقّصته، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغيّر وقال:

يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟

قلت: بلى يا رسول الله.

قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

رواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن الفضل، مثله.

حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك، ثنا عبدالله بن أحمد، حدّثني أبي، ثنا روح، ثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً إلى خالد بن الوليد ليقسّم الخمس - وقال روح مرّةً: ليقبض الخمس - قال: فأصبح علي ورأسه يقطر. قال فقال خالد لبريدة:

ألا ترى ما يصنع هذا؟

١٤٥

قال: فلما رجعت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبرته بما صنع علي. قال: فكنت أبغض علياً.

قال: فقال: يا بريدة، أتبغض عليّاً؟

قال: قلت: نعم.

قال: فلا تبغضه.

وقال: روح مرةً: فأحبّه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك »(١) .

أقول:

ورجال هذا السند إلى « سعيد بن جبير » كلّهم أئمة مشاهير، ترجمنا لهم في الكتاب، و« سعيد » غنيّ عن التعريف.

* * *

__________________

(١). معرفة الصحابة ٣ / ١٦٣.

١٤٦

* وقال الحافظ أبو نعيم الإصبهاني:

« حدّثناه القاضي أبو أحمد العسّال، ثنا القاسم بن يحيى بن نصر(١) ، ثنا لوين، ثنا أبو معشر البراء، عن علي بن سويد بن منجوف، عن ابن بريدة عن أبيه:

إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بعث عليّاً

فذكر نحوه ».

أقول:

أمّا ( أبو أحمد العسّال ) فقد ترجمنا له.

وأمّا ( أحمد بن القاسم بن نصر ) فقد

قال الذهبي: « أحمد بن القاسم. أخو أبي الليث.

سمع محمّد بن سليمان لويناً و

حدّث عنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو حفص الكتاني.

وثّقه الخطيب »(٢) .

وأمّا ( لوين ) فقد ترجمنا له.

__________________

(١). كذا، والصحيح: أحمد بن القاسم بن نصر.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٦٦، وانظر تاريخ الخطيب: ٤ / ٣٥٢.

١٤٧

وأمّا (أبو معشر البراء ) فهو: يوسف بن يزيد.

من رجال مسلم والبخاري.

وروى عنه جماعة من الأكابر.

قال الحافظ ابن حجر: صدوق ربما أخطأ(١) .

وأمّا (علي بن سويد بن منجوف ) فهو:

من رجال البخاري

وروى عنه: شعبة، والقطّان، وحمّاد بن زيد، والنضر بن شميل، وغيرهم قال عبدالله عن أبيه: ما أرى به بأساً.

وقال ابن معين: ثقة.

وقال أبو داود: ثقة.

وقال الدارقطني: ثقة.

وقال النسائي: لا بأس به.

وذكره ابن حبان في الثقات(٢) .

وأما ترجمة (ابن بريدة ) فمذكورة في الكتاب.

* * *

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١١ / ٣٧٨ - ٤٥١، تقريب التهذيب ٢ / ٣٨٣.

(٢). تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩١.

١٤٨

* وقال الحافظ أبو نعيم:

« حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد.

ح وحدثنا أبو عمرو ابن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا بشر بن هلال وعبدالسلام بن عمرو.

قالوا: ثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين، قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، واستعمل عليهم علياً - كرّم الله وجهه - فأصاب علي جاريةً، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي.

قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ، بدؤا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسلَّموا عليه ثم انصرفوا.

فلمـّا قدمت السرية، سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم فقال: يا رسول الله. ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا. فأعرض عنه.

حتى قام الرابع، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع وكذا وكذا؟

١٤٩

فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ - ثلاث مرات.

ثم قال: إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو ولي كلّ مؤمن بعدي »(١) .

أقول:

أما (أبو نعيم الاصبهاني ) فغني عن التعريف.

أمّا (سليمان بن أحمد ) فهو: أبو القاسم الطبراني.

وهو غني عن التعريف كذلك.

وأمّا (معاذ بن المثنى ):

قال الخطيب: « سكن بغداد، وحدّث بها عن: محمّد بن كثير العبدي، ومسّدد روى عنه: أحمد بن علي الأبار، ويحيى بن صاعد، ومحمّد بن مخلد، وإسماعيل بن علي الخطبي، وعبدالباقي بن قانع، وأبو بكر الشافعي، وعمر بن مسلم، وجعفر بن الحكم المؤدب، وغيرهم. وكان ثقة.

مات سنة ٢٨٨ »(٢) .

وقال الذهبي: « معاذ بن المثنى، أبو المثنّى: ثقة متقن، عنه: أبو بكر الشافعي، وجعفر المؤدب، والطبراني، وآخرون، عاش ثمانين سنة. توفي سنة ٢٨٨ »(٣) .

__________________

(١). حلية الأولياء ٦ / ٢٩٤.

(٢). تاريخ بغداد ١٣ / ١٣٦.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٢٧.

١٥٠

وأمّا (مسدد ) فهو: مسدّد بن مسرهد البصري:

وهو من رجال: البخاري، وأبي داود، والترمذي، والنسائي:

قال الحافظ: « ثقة حافظ »(١) .

وأمّا (أبو عمرو ابن حمدان ) فهو: مسند خراسان، محمّد بن أحمد الحيري، المتوفى سنة ٣٧٦.

قال الذهبي: « الإمام المحدّث الثقة، النحوي البارع، الزاهد العابد، مسند خراسان، أبو عمرو مناقبه جمّة وتفرّد بالرواية عن طائفة

قال الحاكم: وكان من القرّاء والنحويين، وسماعاته صحيحة، رحل به أبوه، وصحب الزهاد، وأدرك أبا عثمان والمشايخ

وقال الحافظ محمّد بن طاهر المقدسي: كان يتشيّع.

قال الذهبي: تشيّعه خفيف كالحاكم »(٢) .

وأمّا ( الحسن بن سفيان ) فقد:

قال الحاكم: « كان محدّث خراسان في عصره، مقدّماً في الثبت والكثرة والفهم والفقه والأدب.

وقال أبو حاتم ابن حبان: كان ممن رحل وصنف وحدّث، على تيقّظ مع صحة الديانة والصّلابة في السنّة.

وقال ابن أبي حاتم: كتب إليَّ وهو صدوق.

وقال الذهبي: « الإمام الحافظ الثبت »(٣) .

__________________

(١). تقريب التهذيب ٢ / ٢٤٢.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥٦.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٥٧.

١٥١

وأمّا (بشر بن هلال ) فهو:

من رجال: مسلم، والترمذي، والنسائي، وأبي داود، وابن ماجة.

وثّقه ابن حبان، والنسائي، وأبو علي الجياني.

وقال أبو حاتم: صدوق.

ووثّقه الحافظ ابن حجر(١) .

وأمّا (عبدالسلام بن عمرو ).

فلم أعرفه الآن.

وأمّا (جعفر بن سليمان ).

و (يزيد الرشك ).

و (مطرف ).

فقد تقدمت تراجمهم في الكتاب.

وأمّا (عمران بن حصين ).

فهو الصحابي الجليل.

فظهر: صحّة الطريق الأوّل.

وكذا الطريق الثاني، وإنْ كان فيه: « عبدالسلام بن عمرو » ولم أعرفه، - ولعلّ هناك سهواً - لوثاقة « بشر بن هلال » كما هو واضح

هذا، وقد روى الذهبي هذا الخبر بإسناده عن أبي نعيم بالطريق الأوّل، كما سيأتي، ثم قال: « تابعه: قتيبة، وبشر بن هلال، وعفان » فأسقط « عبدالسلام ابن عمرو ».

* * *

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ٤٠٤. تقريب التهذيب ١ / ١٠٢.

١٥٢

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبدالله بن أحمد، حدّثني أبي، نا ابن نمير، نا أجلح الكندي، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي ابن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا التقيتم فعلي على الناس، وإنْ افترقتما فكلّ واحدٍ منكما على جنده. قال: فلقينا نبي زبيد من أهل اليمن، فاقتتلنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذراري، فاصطفى علي امرأةً من السبي لنفسه.

قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخبره بذلك.

فلمـّا أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم دفعت الكتاب، فقرئ عليه.

فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فقلت: يا رسول الله، هذا مكان العائذ. بعثتني مع رجلٍ وأمرتني أنْ أطيعه، فبلّغت ما اُرسلت به.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تقع في علي، فإنّه منّي وأنا منه،

١٥٣

وهو وليّكم بعدي »(١) .

أقول:

أمّا (أبو القاسم هبة الله بن الحصين )

و (أبو علي ابن المذهب )

فقد ترجمنا لهم.

وكذا (أحمد بن جعفر ) وهو القطيعي.

وترجمة (عبدالله بن أحمد ) فما فوقه، موجودة في الكتاب.

فالسند صحيح بلا كلام.

* * *

__________________

(١). تاريخ دمشق ٤٢ / ١٩٠.

١٥٤

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« وأخبرتنا به اُم المجتبى العلويّة قالت: قرىء على إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى، أنا الحسن بن عمر بن شقيق الجرمي، نا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبدالله بن الشخير، عن عمران بن حصين قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، فاستعمل عليهم عليّاً، قال: فمضى علي في السرية، فأصاب علي جاريةً، فأنكر ذلك عليه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي.

قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ، بدأوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه، ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم.

قال: فلما قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

قال: فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

١٥٥

فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من عليّ؟ إنّ علياً مني وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمن بعدي »(١) .

أقول:

أمّا (اُم المجتبى ) فهي: فاطمة العلوية بنت ناصر الإصبهانية. توفيت سنة ٥٣٣.

وهي شيخة إبن عساكر والسمعاني. قال السمعاني في مشيخته: « امرأة علويّة معمرة، كتبت عنها باصبهان، وماتت في سنة ٥٣٣ ».

وأمّا (إبراهيم بن منصور ) فهو سبط بحرويه، المترجم له في الكتاب.

و (أبو بكر بن المقرىء ) ترجمنا له كذلك.

وسائر الرواة عرفتهم في رواية ( أبي يعلى الموصلي )

* * *

__________________

(١). تاريخ ابن عساكر ٤٢ / ١٩٨ - ١٩٩.

١٥٦

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن عبدالملك، أنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرىء، نا أبو يعلى، نا أبو خيثمة زهير بن حرب، نا أبو الجواب، نا عمّار بن زريق، عن الأجلح، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي ابن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا اجتمعتما فعلي على الناس، وإذا افترقتما فكلّ واحدٍ منكما على حدة. قال: فلقينا بني زبيد من اليمن، فقاتلناهم، فظهر المسلمون على الكافرين، فقتلوا المقاتلة وسبوا الذرية، واصطفى علي جاريةً من الفيء، فكتب معي خالد يقع في علي، وأمرني أنْ أنال منه.

قال: فلما أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأيت الكراهية في وجهه. فقلت: هذا مكان العائذ يا رسول الله، بعثتني مع رجلٍ وأمرتني بطاعته، فبلَّغت ما أرسلني، قال:

يا بريدة، لا تقع في علي، علي مني وأنا منه، وهو وليّكم بعدي ».

أقول:

هذا من الأسانيد الصحيحة لحديث الولاية:

(أبو عبدالله الحسين بن عبدالملك )

و (أبو القاسم إبراهيم بن منصور )

١٥٧

و (أبو بكر المقرىء )

ترجمنا لهم.

وأما (أبو يعلى ) فغني عن التعريف.

وأمّا (زهير بن حرب ) فقد ذكرنا ترجمته.

وأمّا (أبو الجواب ) فهو: الأحوص بن الجواب:

من رجال: مسلم، وأبي داود، والنسائي، والترمذي.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

وكذا قال غيرهما(١) .

وأمّا (عمار بن زريق ) فهو:

من رجال: مسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة.

قال ابن معين وأبو زرعة وابن المديني: ثقة.

وقال أبو حاتم والنسائي والبزار: لا بأس به.

وقال أحمد: كان من الأثبات(٢) .

وأمّا ( الأجلح ) فقد أثبتنا وثاقته بالتفصيل.

وأمّا ( عبدالله بن بريدة ) فهو:

من رجال الصحاح الستة(٣) .

وأما ( بريدة ) فهو: ابن الحصيب الصّحابي.

* * *

__________________

(١). تهذيب الكمال ٢ / ٢٨٩.

(٢). تهذيب التهذيب: ٧ / ٣٥٠.

(٣). تقريب التهذيب: ١ / ٤٠٣.

١٥٨

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا عاصم بن الحسن، أنا عبدالواحد ابن محمّد، أنا أبو العباس بن عقدة، أنا أحمد بن يحيى، نا عبدالرحمن - هو ابن شريك - نا أبي، عن الأجلح، عن عبدالله بن بريدة قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع علي جيشاً، ومع خالد بن الوليد جيشاً، إلى اليمن، وقال: إن اجتمعتم فعلي على الناس، وإن تفرّقتم فكلّ واحدٍ منكما على حدة. فلقينا القوم، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذريّة، وأخذ علي امرأةً من ذلك السبي. قال: فكتب معي خالد بن الوليد - وكنت معه - إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينال من علي، ويخبره بالذي فعل، وأمرني أنْ أنال منه. فقرأت عليه الكتاب ونلت من علي. فرأيت وجه نبي الله متغيّراً، فقلت: هذا مقام العائذ، بعثتني مع رجلٍ وأمرتني بطاعته، فبلَّغت ما اُرسلت به. فقال:

يا بريدة، لا تقعنَّ في علي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليّكم بعدي »(١) .

أقول:

أمّا ( أبو القاسم ابن السمرقندي ) فقد عرفته في الكتاب.

__________________

(١). تاريخ دمشق ٤٢ / ١٩٣.

١٥٩

وأمّا (عاصم بن الحسن ) فكذلك.

وأمّا (عبدالواحد بن محمّد ) فهو « أبو عمر بن مهدي » وقد ترجمنا له أيضاً.

وأمّا (أبو العباس ابن عقدة ) فكذلك.

وأمّا (أحمد بن يحيى ) فهو: أحمد بن يحيى بن زكريا الأودي، أبو جعفر الكوفي الصوفي العابد.

روى عنه: النسائي، والبزّار، وابن عقدة، وابن أبي داود، وابن أبي حاتم، والبخاري في التاريخ، ومطيّن، والحكيم الترمذي، وجماعة.

قال أبو حاتم: ثقة.

ووثقه ابن حبان.

وقال النسائي: لا بأس به.

وقال الحافظ: « ثقة »(١) .

وأمّا ( عبدالرحمن بن شريك ) فقد

قال الحافظ: « صدوق يخطىء »(٢) .

وأمّا ( أبوه ) فهو: شريك بن عبدالله:

من رجال البخاري - في التعاليق - ومسلم والأربعة.

وثّقه يحيى بن معين قائلاً: هو ثقة ثقة.

وقال العجلي: كوفي ثقة وكان حسن الحديث.

__________________

(١). تهذيب الكمال ١ / ٥١٧، تقريب التهذيب ١ / ٢٨.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٨٤.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571